- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل الحادي و العشرين الحرب و الملاحم
و قتال المنحرفين
|
|
مدخل : أيهما أهم تطهير الداخل أم الفتوحات ؟ :
|
|
كان عهد الخلفاء الذين سبقوا
الامام ( ع ) في الحكم فترة فتوحات اسلامية ،
بينما كانت خلافته فترة حروب داخلية ، فهل لهذا ميزة لغيره عليه ؟ |
|
( 183 ) تفادي
القتال و عدم البدء به
|
|
مدخل : |
|
كان
الامام علي ( ع ) و هو الذي لم
ينهزم في معركة قط ، لا يبدأ بالقتال حتى يدعو خصومه الى الحق ، و يقيم الحجة
عليهم ، و يذكرهم بآيات اللّه . فان أبوا بعد ذلك ، تباطأ عنهم حتى يبدؤوه
بالقتال . فعل ذلك مع اصحاب الجمل و أهل صفين و أصحاب النهروان . |
|
النصوص : |
|
من
كلام له ( ع ) و قد اشار عليه اصحابه
بالاستعداد للحرب بعد ارساله جريرا بن عبد اللّه البجلي الى معاوية ، و لم ينزل
معاوية على بيعته : إنّ استعدادي لحرب أهل الشّام و جرير عندهم ، إغلاق للشام و
صرف لأهله عن خير أرادوه . و لكن قد وقّتّ لجرير وقتا لا يقيم إلاّ مخدوعا أو
عاصيا . و الرّأي عندي مع الأناة ، فأرودوا ( أي سيروا
برفق ) ، و لا أكره لكم الإعداد . و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه ، و
قلبت ظهره و بطنه ، فلم أر لي فيه إلاّ القتال أو الكفر بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله . (
الخطبة 43 ، 101 ) و من
كلام له ( ع ) في صفين : فو اللّه ما
دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي ، و تعشو إلى ضوئي
. و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها ، و إن كانت تبوء بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و من كلام له ( ع ) قاله
للخوارج : و لكنّا إنّما اصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام ، على ما دخل
فيه من الزّيغ و الإعوجاج و الشّبهة و التّأويل . فإذا طمعنا في خصلة يلمّ اللّه
بها شعثنا و نتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا ، رغبنا فيها و أمسكنا عمّا
سواها . ( الخطبة 120 ، 231 ) و قال ( ع ) عن طلحة
و الزبير : و لقد استثبتهما قبل القتال ، و استأنيت بهما أمام الوقاع ،
فغمطا النّعمة ، و ردّا العافية . ( الخطبة 135 ، 249 ) و من كلام له ( ع ) و قد سمع قوما من أصحابه
يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم ، و ذكرتم
حالهم ، كان أصوب في القول ، و أبلغ في العذر ، و قلتم مكان سبّكم إيّاهم :
اللّهمّ أحقن دماءنا و دماءهم ، و أصلح ذات بيننا و بينهم ، و اهدهم من ضلالتهم
، حتّى يعرف الحقّ من جهله ، و يرعوي عن الغيّ و العدوان من لهج به . الخطبة 204 ، 398 ) و من وصية له ( ع ) وصى بها معقل بن قيس
الرياحي حين أنفذه الى الشام : و لا يحملنّكم
شنآنهم ( أي بغضهم ) على قتالهم ، قبل دعائهم و
الإعذار إليهم . الخطبة 251 ، 452 ) و من وصية له ( ع )
لعسكره قبل لقاء العدو بصفين : لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم . فإنّكم بحمد
اللّه على حجّة . و ترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم عليهم . ( الخطبة 253 ، 453 ) و قال ( ع ) لابنه
الحسن ( ع ) : لا تدعونّ إلى مبارزة . و إن دعيت إليها فأجب ، فإنّ
الدّاعي باغ ، و الباغي مصروع . ( 233 ح ، 608 ) |
|
( 184 ) قتال المخالفين
و تبريره
|
|
يراجع
المبحث ( 198 ) موقعة صفين . و من خطبة له ( ع ) عند خروجه لقتال أهل
البصرة : أما و اللّه إن كنت لفي ساقتها (
الضمير راجع الى الجاهلية ) حتّى تولّت بحذافيرها . ما عجزت و لا جبنت .
و إنّ مسيري هذا لمثلها ، فلأنقبنّ الباطل حتّى يخرج الحقّ من جنبه ( الخطبة 33 ، 88 ) و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه ، و قلّبت
ظهره و بطنه ، فلم أر لي فيه إلاّ القتال أو الكفر بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله . (
الخطبة 43 ، 101 ) من خطبة له يرد فيها على اصحابه و قد استبطؤوا
أمره بالقتال : و قد قلّبت هذا الأمر بطنه و
ظهره حتّى منعني النّوم ، فما وجدتني يسعني إلاّ قتالهم أو الجحود بما جاء به
محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فكانت معالجة
القتال أهون عليّ من معالجة العقاب ، و موتات الدّنيا أهون عليّ من موتات الآخرة
. ( الخطبة 54 ، 111 ) و من خطبة له ( ع ) : و ايم اللّه ، لقد كنت من ساقتها ( الضمير راجع الى الجاهلية ) حتّى تولّت بحذافيرها ،
و استوسقت في قيادها . ما ضعفت و لا جبنت ، و لا خنت و لا وهنت . و ايم اللّه
لأبقرنّ الباطل حتّى أخرج الحقّ من خاصرته . (
الخطبة102 ، 199 ) و قال ( ع ) عن أصحاب
الجمل : فقدموا على عاملي بها و خزّان بيت مال المسلمين و غيرهم من أهلها
. فقتلوا طائفة صبرا ، و طائفة غدرا . فو اللّه لو لم يصيبوا من المسلمين إلاّ
رجلا واحدا معتمدين لقتله ، بلا جرم جرّه ، لحلّ لي قتل ذلك الجيش كلّه ، إذ
حضروه فلم ينكروا ، و لم يدفعوا عنه بلسان و لا بيد . دع ما أنّهم قد قتلوا من
المسلمين مثل العدّة الّتي دخلوا بها عليهم . ( الخطبة
170 ، 307 ) و قال ( ع ) لأصحابه عن حرب اهل القبلة (
أصحاب الجمل ) : أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه فإنّها خير ما تواصى العباد به ، و خير عواقب الأمور عند
اللّه . و قد فتح باب الحرب بينكم و بين أهل القبلة ، و لا يحمل هذا العلم إلاّ
أهل البصر و الصّبر ، و العلم بمواضع الحقّ . فامضوا لما تؤمرون به . و قفوا عند
ما تنهون عنه . و لا تعجلوا في أمر حتّى نتبيّنوا ، فإنّ لنا مع كلّ أمر تنكرونه
غيرا . ( الخطبة 171 ، 308 ) و قال ( ع ) في
الخطبة القاصعة : ألا و قد أمرني اللّه بقتال أهل البغي و النّكث و
الفساد في الأرض . فأمّا النّاكثون فقد قاتلت ، و أمّا القاسطون فقد جاهدت ، و
أمّا المارقة فقد دوّخت . و أمّا شيطان الرّدهة (
الردهة : النقرة في الجبل ، و المقصود بالشيطان هنا ذو الثدية من رؤساء الخوارج
، وجد مقتولا في ردهة ) فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ، و رجّة
صدره . و بقيت بقيّة من أهل البغي . و لئن أذن اللّه في الكرّة عليهم لأديلنّ
منهم إلاّ ما يتشذّرني أطراف البلاد تشذرّا . ( الخطبة
190 ، 4 ، 372 ) و أمّا ما سألت عنه من رأيي في القتال ، فإنّ
رأيي قتال المحلّين ، حتّى ألقى اللّه ، لا يزيدني كثرة النّاس حولي عزّة ، و لا
تفرّقهم عني وحشة . و لا تحسبنّ ابن أبيك و لو أسلمه النّاس متضرّعا متخشّعا ، و
لا مقرّا للضّيم واهنا ، و لا سلس الزّمام للقائد ، و لا وطي ء الظّهر للرّاكب
المتعقّد ، و لكنّه كما قال أخو بني سليم : |
|
( 185 ) تذمر
الامام ( ع ) من أصحابه و تأنيبهم على بعض افعالهم
|
|
يراجع
المبحث التالي ( 186 ) حث الامام اصحابه
على القتال ، و انكاره تقاعسهم و أعذارهم . تراجع مباحث
الباب التاسع : المواعظ و الارشادات . قال ( ع ) متضجرا من تثاقل اصحابه عن الجهاد ،
و مخالفتهم له في الرأي ، بعد ان تواترت عليه الاخبار بتغلب بسر بن أبي أرطاة
على عامليه على اليمن : أنبئت بسرا قد
اطّلع اليمن . و إنّي و اللّه لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم ( أي ستكون لهم الدولة بدلكم ) ، باجتماعهم على باطلهم
، و تفرّقكم عن حقّكم ، و بمعصيتكم إمامكم في الحقّ ، و طاعتهم إمامهم في الباطل
، و بأدائهم الأمانة إلى صاحبهم و خيانتكم و بصلاحهم في بلادهم و فسادكم . فلو
ائتمنت أحدكم على قعب ( أي قدح ) لخشيت أن يذهب
بعلاقته ( أي ما يعلّق به ) . اللّهمّ إنّي قد
مللتهم و ملّوني و سئمتهم و سئموني ، فأبدلني بهم خيرا منهم ، و أبدلهم بي شرا
منّي . اللّهمّ مث ( أي أذب ) قلوبهم كما يماث
الملح في الماء . أما و اللّه لوددت أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم ،
هنالك لو دعوت أتاك منهم فوارس مثل أرمية الحميم (
الخطبة 25 ، 72 ) و قد بلغتم من كرامة اللّه تعالى لكم منزلة
تكرم بها إماؤكم ، و توصل بها جيرانكم ، و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه ، و لا
يدلكم عنده . و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة ، و لا لكم عليه إمرة . و قد ترون
عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون ، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون . و كانت أمور
اللّه عليكم ترد ، و عنكم تصدر ، و إليكم ترجع ، فمكّنتم الظّلمة من منزلتكم ، و
القيتم إليهم أزمّتكم ، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم . يعملون بالشّبهات ، و
يسيرون في الشّهوات . و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب ، لجمعكم اللّه لشرّ
يوم لهم . ( الخطبة 104 ، 203 ) لم يستضيئوا بأضواء الحكمة ، و لم يقدحوا
بزناد العلوم الثّاقبة . فهم في ذلك كالأنعام السّائمة و الصّخور القاسية . أين تذهب بكم المذاهب ، و تتيه بكم الغياهب ،
و تخدعكم الكواذب ؟ و من أين تؤتون ، و أنّي تؤفكون ؟ فلكلّ أجل كتاب ، و لكلّ
غيبة إياب . ( الخطبة 106 ، 206 ) و لكنّكم نسيتم ما ذكّرتم ، و أمنتم ما حذّرتم
، فتاه عنكم رأيكم ، و تشتّت عليكم أمركم . و لوددت أنّ اللّه فرّق بيني و بينكم
، و ألحقني بمن هو أحقّ بي منكم . . . أما و
اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال الميّال ، يأكل خضرتكم و يذيب شحمتكم ،
إيه أبا وذحة . ( الخطبة 114 ، 225 ) إنّ الشّيطان يسنّي لكم طرقه ، و يريد أن يحلّ
دينكم عقدة عقدة ، و يعطيكم بالجماعة الفرقة ، و بالفرقة الفتنة ، فاصدفوا عن
نزغاته و نفثاته ، و اقبلوا النّصيحة ممّن أهداها إليكم ، و اعقلوها على أنفسكم
. ( الخطبة 119 ، 230 ) أيّتها النّفوس المختلفة و القلوب المتشتّتة ، الشّاهدة أبدانهم ، و الغائبة
عنهم عقولهم ، أظأركم ( أي أعطفكم ) على الحقّ ،
و أنتم تنفرون عنه نفور المعزى من وعوعة الأسد . هيهات أن أطلع بكم سرار العدل ( السرار : الظلمة ، أي ان أطلع بكم شارقا يكشف عما عرض على
العدل من ظلمة ) ، أو أقيم اعوجاج الحقّ . (
الخطبة 129 ، 241 ) قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم ، و نبت
المرعى على دمنكم . و تصافيتم على حبّ الآمال ، و تعاديتم في كسب الأموال . لقد
استهام بكم الخبيث ، و تاه بكم الغرور ، و اللّه المستعان على نفسي و أنفسكم . ( الخطبة 131 ، 246 ) أيّها النّاس ،
لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ ، و لم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يطمع فيكم من
ليس مثلكم ، و لم يقو من قوي عليكم . لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل . و قال ( ع ) في الخطبة القاصعة : ألا و قد أمعنتم في البغي ، و أفسدتم في الأرض ، مصارحة
للّه بالمناصبة ، و مبارزة للمؤمنين بالمحاربة . (
الخطبة 190 ، 1 ، 360 ) ألا و إنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطّاعة .
و ثلمتم حصن اللّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة . فإنّ اللّه سبحانه قد امتنّ
على جماعة هذه الأمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة الّتي ينتقلون في ظلّها
، و يأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح
من كلّ ثمن ، و أجلّ من كلّ خطر . و اعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ، و
بعد الموالاة أحزابا . ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه ، و لا تعرفون من
الإيمان إلاّ رسمه . . . . فلا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة ، و لا تتحفّطوا منّي بما يتحفّظ به
عند أهل البادرة ، و لا تخالطوني بالمصانعة . . (
الخطبة 214 ، 412 ) جاهلكم مزداد ( أي يزداد في جهله ) ، و
عالمكم مسوّف ( أي يؤخر اعماله عن وقتها ) . ( 283 ح ، 623 ) |
|
( 186 ) تحريض
الامام ( ع ) أصحابه على الجهاد و القتال و انكاره تقاعسهم و أعذارهم
|
|
يراجع
المبحث السابق ( 185 ) تذمر الامام ( ع ) من أصحابه و تأنيبهم على بعض أفعالهم . و من خطبة له في
استنفار الناس الى أهل الشام و تأنيبهم و ذكر بعض مثالبهم : أفّ لكم لقد
سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة عوضا ؟ و بالذّلّ من العزّ خلفا
إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم دارت أعينكم ، كأنّكم من الموت في غمرة ، و من
الذّهول في سكرة . يرتج عليكم حواري فتعمهون ، و كأنّ قلوبكم مألوسة ( أي مجنونة ) فأنتم لا تعقلون . ما أنتم لي بثقة سجيس
اللّيالي ( سجيس بمعنى أبدا ) ، و ما أنتم بركن
يمال بكم ، و لا زوافر عزّ يفتقر إليكم . ما أنتم إلاّ كإبل ضلّ رعاتها ، فكلّما
جمعت من جانب انتشرت من آخر ، لبئس لعمر اللّه سعر نار الحرب أنتم تكادون و لا
تكيدون ، و تنتقص أطرافكم فلا تمتعضون . لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون .
غلب و اللّه المتخاذلون و أيم اللّه إنّي لأظنّ بكم أن لو حمس الوغى ( أي اشتد ) و استحرّ الموت ، قد انفرجتم عن ابن أبي
طالب انفراج الرّأس ( أي انفصاله عن البدن ) . و
اللّه إنّ امرءا يمكّن عدوّه من نفسه ، يعرق لحمه ، و يهشم عظمه ، و يفري جلده ،
لعظيم عجزه ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره . أنت فكن ذاك إن شئت ، فأمّا أنا فو
اللّه دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام ، و تطيح السّواعد و
الأقدام ، و يفعل اللّه بعد ذلك ما يشاء . ( الخطبة 34
، 90 ) من خطبة له ( ع )
خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر : و من خطبة له ( ع ) لما غلب اصحاب معاوية
أصحابه على شريعة الفرات بصفين و منعوهم الماء : و قال ( ع ) يخاطب
اصحابه يوم صفين حين أمر الناس بالصلح : و لقد كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقتل آباءنا و أبناءنا و
إخواننا و أعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلاّ إيمانا و تسليما ، و مضيّا على اللّقم ( أي جادة الطريق ) ، و صبرا على مضض الألم ، و جدا في
جهاد العدوّ . و لقد كان الرّجل منّا و الآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين
، يتخالسان أنفسهما ، أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرّة لنا من عدوّنا ، و
مّرة لعدوّنا منّا . فلمّا رأى اللّه صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت ، و أنزل علينا
النّصر ، حتّى استقرّ الإسلام ملقيا جرانه ( كناية عن
التمكن ) و متبوّئا أوطانه . و من كلام له ( ع ) في توبيخ بعض أصحابه : كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة ( أي الابل الفتية ) ، و الثّياب المتداعية ، كلّما
حيصت ( أي خيطت ) من جانب تهتّكت من آخر . كلّما
أطلّ عليكم منسر من مناسر أهل الشّام أغلق كلّ رجل منكم بابه ، و انجحر انجحار
الضّبّة في جحرها ، و الضّبع في وجارها ( أي بيتها )
. و من خطبة له ( ع ) في ذم أهل العراق ، و فيها
يوبخهم على ترك القتال ، و النصر يكاد يتم ، ثم تكذيبهم له : أمّا بعد يا أهل العراق ، فإنّما أنتم كالمرأة الحامل
حملت فلمّا أتمّت أملصت ( أي أسقطت ) و مات
قيّمها ( أي زوجها ) ، و طال تأيّمها ، و ورثها
أبعدها . و من خطبة له ( ع ) :
و لئن أمهل الظّالم فلن يفوت أخذه ، و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه ، و بموضع
الشّجى من مساغ ريقه . أما و الّذي نفسي بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ، ليس
لأنّهم أولى بالحقّ منكم ، و لكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم ، و إبطائكم عن حقّي
. و لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، و أصبحت أخاف ظلم رعيّتي . استنفرتكم
للجهاد فلم تنفروا ، و أسمعتكم فلم تسمعوا ، و دعوتكم سرّا و جهرا فلم تستجيبوا
، و نصحت لكم فلم تقبلوا . أشهود كغيّاب ، و عبيد كأرباب أتلو عليكم الحكم
فتنفرون منها ، و أعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها ، و أحثّكم على جهاد
أهل البغي ، فما آتي على آخر قولي حتّى أراكم متفرّقين أيادي سبأ . ترجعون إلى
مجالسكم و تتخادعون عن مواعظكم . و قال ( ع ) في
الصالحين من اصحابه : أنتم الأنصار على الحقّ ، و الإخوان في الدّين ، و
الجنن يوم البأس ، و البطانة دون النّاس . بكم أضرب المدبر ، و أرجو طاعة المقبل
. فأعينوني بمناصحة خليّة من الغشّ ، سليمة من الرّيب . فو اللّه إنّي لأولى
النّاس بالنّاس . ( الخطبة 116 ، 226 ) و من كلام له ( ع ) و
قد جمع الناس و حضهم على الجهاد فسكتوا مليا ، فقال عليه السلام : و من كلام له ( ع )
بعد ليلة الهرير ، و قد قام اليه رجل من اصحابه فقال : نهيتنا عن الحكومة
ثم أمرتنا بها ، فلم ندر أي الامرين أرشد ؟ فصفق عليه السلام احدى يديه على
الاخرى ثم قال : هذا جزاء من ترك العقدة . أما و اللّه لو أنّي حين أمرتكم بما
أمرتكم به حملتكم على المكروه الّذي يجعل اللّه فيه خيرا ، فإن استقمتم هديتكم ،
و إن اعوججتم قوّمتكم ، و إن أبيتم تداركتكم لكانت الوثقى . و لكن بمن و إلى من
؟ أريد أن أداوي بكم و أنتم دائي ، كناقش الشّوكة بالشّوكة ، و هو يعلم أنّ ضلعها
معها . اللّهمّ قد ملّت أطبّاء هذا الدّاء الدّويّ ، و كلّت النّزعة بأشطان
الرّكيّ . أين القوم الّذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه ، و قرؤوا القرآن فأحكموه ،
و هيجوا إلى الجهاد فولهوا و له اللّقاح إلى أولادها ، و سلبوا السّيوف أغمادها
، و أخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا ، و صفّا صفّا . بعض هلك ، و بعض نجا . ( الخطبة 119 ، 229 ) و من كلام له ( ع ) قاله لأصحابه في ساحة
الحرب بصفين : و أيّ امري ء منكم أحسّ من
نفسه رباطة جأش عند اللّقاء ، و رأى من أحد من إخوانه فشلا ، فليذبّ عن أخيه
بفضل نجدته الّتي فضّل بها عليه كما يذبّ عن نفسه . فلو شاء اللّه لجعله مثله .
إنّ الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ، و لا يعجزه الهارب . إنّ أكرم الموت
القتل . و الّذي نفس ابن أبي طالب بيده ، لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من ميتة
على الفراش في غير طاعة اللّه . و من كلام له ( ع )
في حث أصحابه على القتال : و أيم اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة ، لا
تسلموا من سيف الآخرة ، و أنتم لهاميم العرب ( أي
السابقون من العرب ) ، و السّنام الأعظم . إنّ في الفرار موجدة اللّه ( أي غضبه ) ، و الذّلّ اللاّزم ، و العار الباقي . و
إنّ الفارّ لغير مزيد في عمره ، و لا محجوز بينه و بين يومه . الرّائح إلى اللّه
كالظّمآن يرد الماء . الجنّة تحت أطراف العوالي . اليوم تبلى الأخبار . و اللّه
لأنا أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم . اللّهمّ فإن ردّوا الحقّ فافضض جماعتهم
، و شتّت كلمتهم ، و أبسلهم بخطاياهم ( أي اهلكهم )
. إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك ، يخرج منه النّسيم . و ضرب يفلق
الهام ، و يطيح العظام ، و يندر ( أي يسقط )
السّواعد و الأقدام . و حتّى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر ( جمع منسر و هي القطعة من الجيش تكون في المقدمة ) ،
و يرجموا بالكتائب تقفوها الحلائب ( جمع حلبة ، و هي
القطعة الحربية التي عددها من اربعة آلاف الى اثني عشر الفا ) ، و حتّى
يجرّ ببلادهم الخميس يتلوه الخميس ، و حتّى تدعق الخيول ( أي تطأ وطأ شديدا ) في نواحر أرضهم ( أي
متقابلاتها ) ، و باعنان مساربهم و مسارحهم . (
الخطبة 122 ، 233 ) و قال ( ع ) مخاطبا
الخوارج : لبئس حشّاش نار الحرب أنتم أفّ لكم لقد لقيت منكم برحا . يوما
أناديكم و يوما أناجيكم ، فلا أحرار صدق عند النّداء ، و لا إخوان ثقة عند
النّجاء . ( الخطبة 123 ، 235 ) و من
كلام له ( ع ) خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم : فمن استطاع عند ذلك أن
يعتقل نفسه على اللّه عزّ و جلّ ، فليفعل . فإن أطعتموني فإني حاملكم إن شاء
اللّه على سبيل الجنّة ، و إن كان ذا مشقّة شديدة و مذاقة مريرة . ( الخطبة 154 ، 273 ) أين المانع للذّمار ، و الغائر ( أي صاحب الغيرة على نسائه ) عند نزول الحقائق من أهل
الحفاظ . العار وراءكم و الجنّة أمامكم . ( الخطبة 169
، 306 ) و من خطبة له ( ع )
خطبها في الكوفة و هو عازم على الرجعة الى صفين : ألا إنّه قد أدبر
من الدّنيا ما كان مقبلا ، و أقبل منها ما كان مدبرا ، و أزمع التّرحال عباد
اللّه الأخيار ، و باعوا قليلا من الدّنيا لا يبقى ، بكثير من الآخرة لا يفنى .
ما ضرّ إخواننا الّذين سفكت دماؤهم و هم بصفّين ألاّ يكونوا اليوم أحياء ؟
يسيغون الغصص و يشربون الرّنق ( أي الكدر ) . قد
و اللّه لقوا اللّه فوفّاهم أجورهم ، و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم . فانفذوا على بصائركم ، و لتصدق نيّاتكم في
جهاد عدوّكم . فو الّذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لعلى جادّة الحقّ ، و إنّهم لعلى
مزلّة الباطل . أقول ما تسمعون ، و أستغفر اللّه لي و لكم . ( الخطبة 195 ، 386 ) و من خطبة له ( ع )
كان يستنهض بها أصحابه الى جهاد أهل الشام : اللّهمّ أيّما عبد من عبادك
سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة ، و المصلحة غير المفسدة ، في الدّين و الدّنيا
، فأبى بعد سمعه لها إلاّ النّكوص عن نصرتك ، و الإبطاء عن إعزاز دينك ، فإنّا
نستشهدك عليه يا أكبر الشّاهدين شهادة ، و نستشهد عليه جميع ما أسكنته أرضك و
سمواتك . ثمّ أنت بعد المغني عن نصره ، و الآخذ له بذنبه . ( الخطبة 210 ، 405 ) و من كلام له ( ع )
يحث به أصحابه على الجهاد : و اللّه مستأديكم شكره ، و مورّثكم أمره . و
ممهلكم في مضمار محدود ، لتتنازعوا سبقه ( يقصد بذلك
الجنة ) . فشدّوا عقد المآزر ( كناية عن الجد و
الاستعداد ) ، و اطووا فضول الخواصر . و لا تجتمع عزيمة و وليمة . ما
أنقض النّوم لعزائم اليوم ، و أمحى الظّلم لتذاكير الهمم . ( الخطبة 239 ، 440 ) و من كتاب له ( ع )
الى عبد اللّه بن العباس ، بعد مقتل محمد بن أبي بكر في مصر : و من كتاب له ( ع )
الى أهل مصر : ألا ترون إلى أصرافكم قد انتقضت ، و إلى أمصاركم قد افتتحت
، و إلى ممالككم تزوى ، و إلى بلادكم تغزى . انفروا رحمكم اللّه إلى قتال عدوّكم
، و لا تثّاقلوا إلى الأرض فتقرّوا بالخسف ( أي تقيموا
عليه ) ، و تبوؤوا بالذّلّ ( أي تعودوا به )
، و يكون نصيبكم الأخسّ . و إنّ أخا الحرب الأرق ( أي
ان صاحب الحرب لا ينام ) ، و من نام لم ينم عنه ، و السّلام . الخطبة 301 ، 549 ) |
|
( 187 ) حث
أصحابه على الاخاء و الالفة و الاتحاد و ذم التفرق
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و الزموا السّواد الأعظم فإنّ يد اللّه على
الجماعة ، و إيّاكم و الفرقة فإنّ الشّاذّ من النّاس للشّيطان ، كما أنّ الشّاذّ
من الغنم للذّئب . ( الخطبة 125 ، 237 ) . . . و
الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة ، و بنيت عليه أركان الطّاعة . ( الخطبة 149 ، 266 ) فإيّاكم و التّلوّن في دين اللّه ، فإنّ جماعة
فيما تكرهون من الحقّ ، خير من فرقة فيما تحبّون من الباطل . و إنّ اللّه سبحانه
لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممّن مضى ، و لا ممّن بقي . (
الخطبة 174 ، 317 ) فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء ( جمع ملأ ) مجتمعة ، و الأهواء مؤتلفة ، و القلوب
معتدلة ، و الأيدي مترادفة ، و السّيوف متناصرة ، و البصائر نافذة ، و العزائم
واحدة . ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين ، و ملوكا على رقاب العالمين . فإنّ اللّه سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه
الأمّة ، فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة ، الّتي ينتقلون في ظلّها ، و يأوون
إلى كنفها . بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح من كلّ ثمن
، و أجلّ من كلّ خطر . ( الخطبة 190 ، 4 ، 371 ) و عليكم بالتّواصل و التّباذل ، و إيّاكم و
التّدابر و التّقاطع . ( الخطبة 286 ، 512 ) |
|
( 188 )
تعاليم حربية و وصايا الامام ( ع ) لقواده
|
|
قال الامام علي ( ع
) : و قلت لكم : اغزوهم قبل أن
يغزوكم فو اللّه ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلاّ ذلّوا . الخطبة 27 ، 76 ) من كلام له ( ع )
قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين ، و فيه يعلم اصحابه فنون القتال و آدابه : من كلام له ( ع ) و قد شاوره عمر بن الخطاب في
الخروج الى غزو الروم بنفسه : « يراجع
في المبحث ( 152 ) عمر
بن الخطاب » . ( الخطبة 132 ، 246 ) من كلام له ( ع ) و قد استشاره عمر بن الخطاب
في الشخوص لقتال الفرس بنفسه : من كتاب له ( ع ) الى بعض أمراء جيشه : فإن عادوا إلى ظلّ الطّاعة فذاك الّذي نحبّ ، و إن توافت
الأمور بالقوم إلى الشّقاق و العصيان ، فانهد بمن أطاعك إلى من عصاك ، و استغن
بمن انقاد معك عمّن تقاعس عنك . فإنّ المتكاره (
المتثاقل بكراهة الحرب ) مغيبه خير من مشهده (
أي وجوده في الجيش يضر أكثر مما ينفع ) و قعوده أغنى من نهوضه . ( الخطبة 243 ، 445 ) من وصية له ( ع ) وصى
بها جيشا بعثه الى العدو : فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم ، فليكن معسكركم
في قبل الأشراف ( أي بجانب الجبال العالية ) ،
أو سفاح الجبال ، أو أثناء الأنهار . كيما يكون لكم ردءا ( أي عونا ) و دونكم مردّا . و لتكن مقاتلتكم من وجه
واحد أو اثنين . و اجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال (
أي أعاليها ) و مناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافة أو أمن
. و اعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم ، و عيون المقدّمة طلائعهم . و إيّاكم و
التّفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا ، من وصية له ( ع )
وصّى بها معقل بن قيس الرياحي حين أنفذه الى الشام في ثلاثة آلاف مقدمة له :
إتّق اللّه الّذي لا بد لك من لقائه ، و لا منتهى لك دونه . و لا تقاتلنّ إلا من
قاتلك . و سر البردين ( أي وقت ابتراد الارض و الهواء )
. و غوّر بالنّاس . و رفّه في السّير . من وصية له ( ع ) لعسكره قبل لقاء العدو بصفين
: لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم . فإنّكم بحمد اللّه على حجّة
، و ترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم عليهم . فإذا كانت الهزيمة بإذن
اللّه فلا تقتلوا مدبرا ، و لا تصيبوا معورا ( الذي
أمكن من نفسه و عجز عن حمايتها ) . و لا تجهزوا على جريح . و لا تهيجوا
النّساء بأذى ، و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم . فإنّهنّ ضعيفات القوى و
الأنفس و العقول ، إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ و إنّهنّ لمشركات ( هذا حكم الشريعة الاسلامية في حفظ اعراض النساء حتى
المشركات في الحرب ) . و إن كان الرّجل ليتناول المرأة في الجاهليّة
بالفهر ( حجر يدق به الجوز ) أو الهراوة ( العصا ) فيعيّر بها و عقبه من بعده . ( الخطبة 253 ، 453 ) و كان ( ع ) يقول
لأصحابه عند الحرب : لا تشتدّنّ
عليكم فرّة بعدها كرّة . و لا جولة بعدها حملة . و أعطوا السّيوف حقوقها . و
وطّئوا للجنوب مصارعها . و اذمروا أنفسكم ( أي حرضوها )
على الطّعن الدّعسيّ ( أي الشديد ) و الضّرب
الطّلحفيّ ( الشديد ايضا ) . و أميتوا الأصوات ،
فإنّه أطرد للفشل . فو الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة ، ما أسلموا و لكن
استسلموا ، و أسرّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه . ( الخطبة 255 ، 454 ) و من كتاب له ( ع )
الى أهل مصر ، لما ولى عليهم مالك الاشتر : فإن أمركم أن تنفروا فانفروا
، و إن أمركم أن تقيموا فأقيموا ، فإنّه لا يقدم و لا يحجم ، و لا يؤخّر و لا
يقدّم ، إلاّ عن أمري . ( الخطبة 277 ، 496 ) ألا و إنّ لكم عندي ألاّ أحتجز دونكم سرّا
إلاّ في حرب ، و لا أطوي دونكم أمرا إلاّ في حكم . (
الخطبة 289 ، 514 ) . و قال ( ع ) في عهده لمالك الاشتر : فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك للّه و لرسوله و لإمامك ،
و أنقاهم جيبا ، و أفضلهم حلما ، ممّن يبطي ء عن الغضب ، و يستريح إلى العذر ، و
يرأف بالضّعفاء ، و ينبو على الأقوياء ، و ممّن لا يثيره العنف ، و لا يقعد به
الضّعف . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) و ليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في
معونته ، و أفضل عليهم من جدته ، بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف أهليهم ،
حتّى يكون همّهم همّا واحدا في جهاد العدوّ ، فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك
. ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) من كتاب له ( ع ) الى
العمال الذين يطأ الجيش عملهم ( أي يمر بأراضيهم ) : من عبد اللّه عليّ
أمير المؤمنين إلى من مرّ به الجيش من جباة الخراج و عمّار البلاد . أمّا بعد ،
فإنّي قد سيّرت جنودا هي مارّة بكم إن شاء اللّه ، و قد أوصيتهم بما يجب للّه عليهم
من كفّ الأذى و صرف الشّذى ( أي الشر ) ، و أنا
أبرأ إليكم و إلى ذمّتكم من معرّة الجيش ( أي أذاه )
، إلاّ من جوعة المضطرّ ، لا يجد عنها مذهبا إلى شبعه . فنكّلوا من تناول منهم
شيئا ظلما عن ظلمهم ، و كفّوا أيدي سفهائكم عن مضارّتهم و التّعرّض لهم فيما
استثنيناه منهم . و أنا بين أظهر الجيش فارفعوا إليّ مظالمكم و ما عراكم ، ممّا
يغلبكم من أمرهم ، و ما لا تطيقون دفعه إلاّ باللّه و بي ، فأنا أغيّره بمعونة
اللّه ، إن شاء . ( الخطبة 299 ، 545 ) و قال ( ع ) لابنه
الحسن ( ع ) : لا تدعونّ إلى مبارزة ، و إن دعيت إليها فأجب . فإنّ
الدّاعي إليها باغ ، و الباغي مصروع . ( 233 ح ، 608 ) و في حديثه ( ع )
انه ودع جيشا يغزيه فقال : اعذبوا عن
النّساء ما استطعتم ( أي لا تشغلوا أنفسكم بذكرهن )
. ( 7 غريب كلامه 616 ) |
|
( 189 ) عقد
الصلح
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : |
|
الفصل الحادي و العشرين الحرب و الملاحم
و قتال المنحرفين
|
|
مدخل : أيهما أهم تطهير الداخل أم الفتوحات ؟ :
|
|
كان عهد الخلفاء الذين سبقوا
الامام ( ع ) في الحكم فترة فتوحات اسلامية ،
بينما كانت خلافته فترة حروب داخلية ، فهل لهذا ميزة لغيره عليه ؟ |
|
( 183 ) تفادي
القتال و عدم البدء به
|
|
مدخل : |
|
كان
الامام علي ( ع ) و هو الذي لم
ينهزم في معركة قط ، لا يبدأ بالقتال حتى يدعو خصومه الى الحق ، و يقيم الحجة
عليهم ، و يذكرهم بآيات اللّه . فان أبوا بعد ذلك ، تباطأ عنهم حتى يبدؤوه
بالقتال . فعل ذلك مع اصحاب الجمل و أهل صفين و أصحاب النهروان . |
|
النصوص : |
|
من
كلام له ( ع ) و قد اشار عليه اصحابه
بالاستعداد للحرب بعد ارساله جريرا بن عبد اللّه البجلي الى معاوية ، و لم ينزل
معاوية على بيعته : إنّ استعدادي لحرب أهل الشّام و جرير عندهم ، إغلاق للشام و
صرف لأهله عن خير أرادوه . و لكن قد وقّتّ لجرير وقتا لا يقيم إلاّ مخدوعا أو
عاصيا . و الرّأي عندي مع الأناة ، فأرودوا ( أي سيروا
برفق ) ، و لا أكره لكم الإعداد . و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه ، و
قلبت ظهره و بطنه ، فلم أر لي فيه إلاّ القتال أو الكفر بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله . (
الخطبة 43 ، 101 ) و من
كلام له ( ع ) في صفين : فو اللّه ما
دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي ، و تعشو إلى ضوئي
. و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها ، و إن كانت تبوء بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و من كلام له ( ع ) قاله
للخوارج : و لكنّا إنّما اصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام ، على ما دخل
فيه من الزّيغ و الإعوجاج و الشّبهة و التّأويل . فإذا طمعنا في خصلة يلمّ اللّه
بها شعثنا و نتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا ، رغبنا فيها و أمسكنا عمّا
سواها . ( الخطبة 120 ، 231 ) و قال ( ع ) عن طلحة
و الزبير : و لقد استثبتهما قبل القتال ، و استأنيت بهما أمام الوقاع ،
فغمطا النّعمة ، و ردّا العافية . ( الخطبة 135 ، 249 ) و من كلام له ( ع ) و قد سمع قوما من أصحابه
يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، و لكنّكم لو وصفتم أعمالهم ، و ذكرتم
حالهم ، كان أصوب في القول ، و أبلغ في العذر ، و قلتم مكان سبّكم إيّاهم :
اللّهمّ أحقن دماءنا و دماءهم ، و أصلح ذات بيننا و بينهم ، و اهدهم من ضلالتهم
، حتّى يعرف الحقّ من جهله ، و يرعوي عن الغيّ و العدوان من لهج به . الخطبة 204 ، 398 ) و من وصية له ( ع ) وصى بها معقل بن قيس
الرياحي حين أنفذه الى الشام : و لا يحملنّكم
شنآنهم ( أي بغضهم ) على قتالهم ، قبل دعائهم و
الإعذار إليهم . الخطبة 251 ، 452 ) و من وصية له ( ع )
لعسكره قبل لقاء العدو بصفين : لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم . فإنّكم بحمد
اللّه على حجّة . و ترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم عليهم . ( الخطبة 253 ، 453 ) و قال ( ع ) لابنه
الحسن ( ع ) : لا تدعونّ إلى مبارزة . و إن دعيت إليها فأجب ، فإنّ
الدّاعي باغ ، و الباغي مصروع . ( 233 ح ، 608 ) |
|
( 184 ) قتال المخالفين
و تبريره
|
|
يراجع
المبحث ( 198 ) موقعة صفين . و من خطبة له ( ع ) عند خروجه لقتال أهل
البصرة : أما و اللّه إن كنت لفي ساقتها (
الضمير راجع الى الجاهلية ) حتّى تولّت بحذافيرها . ما عجزت و لا جبنت .
و إنّ مسيري هذا لمثلها ، فلأنقبنّ الباطل حتّى يخرج الحقّ من جنبه ( الخطبة 33 ، 88 ) و لقد ضربت أنف هذا الأمر و عينه ، و قلّبت
ظهره و بطنه ، فلم أر لي فيه إلاّ القتال أو الكفر بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله . (
الخطبة 43 ، 101 ) من خطبة له يرد فيها على اصحابه و قد استبطؤوا
أمره بالقتال : و قد قلّبت هذا الأمر بطنه و
ظهره حتّى منعني النّوم ، فما وجدتني يسعني إلاّ قتالهم أو الجحود بما جاء به
محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فكانت معالجة
القتال أهون عليّ من معالجة العقاب ، و موتات الدّنيا أهون عليّ من موتات الآخرة
. ( الخطبة 54 ، 111 ) و من خطبة له ( ع ) : و ايم اللّه ، لقد كنت من ساقتها ( الضمير راجع الى الجاهلية ) حتّى تولّت بحذافيرها ،
و استوسقت في قيادها . ما ضعفت و لا جبنت ، و لا خنت و لا وهنت . و ايم اللّه
لأبقرنّ الباطل حتّى أخرج الحقّ من خاصرته . (
الخطبة102 ، 199 ) و قال ( ع ) عن أصحاب
الجمل : فقدموا على عاملي بها و خزّان بيت مال المسلمين و غيرهم من أهلها
. فقتلوا طائفة صبرا ، و طائفة غدرا . فو اللّه لو لم يصيبوا من المسلمين إلاّ
رجلا واحدا معتمدين لقتله ، بلا جرم جرّه ، لحلّ لي قتل ذلك الجيش كلّه ، إذ
حضروه فلم ينكروا ، و لم يدفعوا عنه بلسان و لا بيد . دع ما أنّهم قد قتلوا من
المسلمين مثل العدّة الّتي دخلوا بها عليهم . ( الخطبة
170 ، 307 ) و قال ( ع ) لأصحابه عن حرب اهل القبلة (
أصحاب الجمل ) : أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه فإنّها خير ما تواصى العباد به ، و خير عواقب الأمور عند
اللّه . و قد فتح باب الحرب بينكم و بين أهل القبلة ، و لا يحمل هذا العلم إلاّ
أهل البصر و الصّبر ، و العلم بمواضع الحقّ . فامضوا لما تؤمرون به . و قفوا عند
ما تنهون عنه . و لا تعجلوا في أمر حتّى نتبيّنوا ، فإنّ لنا مع كلّ أمر تنكرونه
غيرا . ( الخطبة 171 ، 308 ) و قال ( ع ) في
الخطبة القاصعة : ألا و قد أمرني اللّه بقتال أهل البغي و النّكث و
الفساد في الأرض . فأمّا النّاكثون فقد قاتلت ، و أمّا القاسطون فقد جاهدت ، و
أمّا المارقة فقد دوّخت . و أمّا شيطان الرّدهة (
الردهة : النقرة في الجبل ، و المقصود بالشيطان هنا ذو الثدية من رؤساء الخوارج
، وجد مقتولا في ردهة ) فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ، و رجّة
صدره . و بقيت بقيّة من أهل البغي . و لئن أذن اللّه في الكرّة عليهم لأديلنّ
منهم إلاّ ما يتشذّرني أطراف البلاد تشذرّا . ( الخطبة
190 ، 4 ، 372 ) و أمّا ما سألت عنه من رأيي في القتال ، فإنّ
رأيي قتال المحلّين ، حتّى ألقى اللّه ، لا يزيدني كثرة النّاس حولي عزّة ، و لا
تفرّقهم عني وحشة . و لا تحسبنّ ابن أبيك و لو أسلمه النّاس متضرّعا متخشّعا ، و
لا مقرّا للضّيم واهنا ، و لا سلس الزّمام للقائد ، و لا وطي ء الظّهر للرّاكب
المتعقّد ، و لكنّه كما قال أخو بني سليم : |
|
( 185 ) تذمر
الامام ( ع ) من أصحابه و تأنيبهم على بعض افعالهم
|
|
يراجع
المبحث التالي ( 186 ) حث الامام اصحابه
على القتال ، و انكاره تقاعسهم و أعذارهم . تراجع مباحث
الباب التاسع : المواعظ و الارشادات . قال ( ع ) متضجرا من تثاقل اصحابه عن الجهاد ،
و مخالفتهم له في الرأي ، بعد ان تواترت عليه الاخبار بتغلب بسر بن أبي أرطاة
على عامليه على اليمن : أنبئت بسرا قد
اطّلع اليمن . و إنّي و اللّه لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم ( أي ستكون لهم الدولة بدلكم ) ، باجتماعهم على باطلهم
، و تفرّقكم عن حقّكم ، و بمعصيتكم إمامكم في الحقّ ، و طاعتهم إمامهم في الباطل
، و بأدائهم الأمانة إلى صاحبهم و خيانتكم و بصلاحهم في بلادهم و فسادكم . فلو
ائتمنت أحدكم على قعب ( أي قدح ) لخشيت أن يذهب
بعلاقته ( أي ما يعلّق به ) . اللّهمّ إنّي قد
مللتهم و ملّوني و سئمتهم و سئموني ، فأبدلني بهم خيرا منهم ، و أبدلهم بي شرا
منّي . اللّهمّ مث ( أي أذب ) قلوبهم كما يماث
الملح في الماء . أما و اللّه لوددت أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم ،
هنالك لو دعوت أتاك منهم فوارس مثل أرمية الحميم (
الخطبة 25 ، 72 ) و قد بلغتم من كرامة اللّه تعالى لكم منزلة
تكرم بها إماؤكم ، و توصل بها جيرانكم ، و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه ، و لا
يدلكم عنده . و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة ، و لا لكم عليه إمرة . و قد ترون
عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون ، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون . و كانت أمور
اللّه عليكم ترد ، و عنكم تصدر ، و إليكم ترجع ، فمكّنتم الظّلمة من منزلتكم ، و
القيتم إليهم أزمّتكم ، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم . يعملون بالشّبهات ، و
يسيرون في الشّهوات . و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب ، لجمعكم اللّه لشرّ
يوم لهم . ( الخطبة 104 ، 203 ) لم يستضيئوا بأضواء الحكمة ، و لم يقدحوا
بزناد العلوم الثّاقبة . فهم في ذلك كالأنعام السّائمة و الصّخور القاسية . أين تذهب بكم المذاهب ، و تتيه بكم الغياهب ،
و تخدعكم الكواذب ؟ و من أين تؤتون ، و أنّي تؤفكون ؟ فلكلّ أجل كتاب ، و لكلّ
غيبة إياب . ( الخطبة 106 ، 206 ) و لكنّكم نسيتم ما ذكّرتم ، و أمنتم ما حذّرتم
، فتاه عنكم رأيكم ، و تشتّت عليكم أمركم . و لوددت أنّ اللّه فرّق بيني و بينكم
، و ألحقني بمن هو أحقّ بي منكم . . . أما و
اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال الميّال ، يأكل خضرتكم و يذيب شحمتكم ،
إيه أبا وذحة . ( الخطبة 114 ، 225 ) إنّ الشّيطان يسنّي لكم طرقه ، و يريد أن يحلّ
دينكم عقدة عقدة ، و يعطيكم بالجماعة الفرقة ، و بالفرقة الفتنة ، فاصدفوا عن
نزغاته و نفثاته ، و اقبلوا النّصيحة ممّن أهداها إليكم ، و اعقلوها على أنفسكم
. ( الخطبة 119 ، 230 ) أيّتها النّفوس المختلفة و القلوب المتشتّتة ، الشّاهدة أبدانهم ، و الغائبة
عنهم عقولهم ، أظأركم ( أي أعطفكم ) على الحقّ ،
و أنتم تنفرون عنه نفور المعزى من وعوعة الأسد . هيهات أن أطلع بكم سرار العدل ( السرار : الظلمة ، أي ان أطلع بكم شارقا يكشف عما عرض على
العدل من ظلمة ) ، أو أقيم اعوجاج الحقّ . (
الخطبة 129 ، 241 ) قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم ، و نبت
المرعى على دمنكم . و تصافيتم على حبّ الآمال ، و تعاديتم في كسب الأموال . لقد
استهام بكم الخبيث ، و تاه بكم الغرور ، و اللّه المستعان على نفسي و أنفسكم . ( الخطبة 131 ، 246 ) أيّها النّاس ،
لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ ، و لم تهنوا عن توهين الباطل ، لم يطمع فيكم من
ليس مثلكم ، و لم يقو من قوي عليكم . لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل . و قال ( ع ) في الخطبة القاصعة : ألا و قد أمعنتم في البغي ، و أفسدتم في الأرض ، مصارحة
للّه بالمناصبة ، و مبارزة للمؤمنين بالمحاربة . (
الخطبة 190 ، 1 ، 360 ) ألا و إنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطّاعة .
و ثلمتم حصن اللّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة . فإنّ اللّه سبحانه قد امتنّ
على جماعة هذه الأمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة الّتي ينتقلون في ظلّها
، و يأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح
من كلّ ثمن ، و أجلّ من كلّ خطر . و اعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ، و
بعد الموالاة أحزابا . ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه ، و لا تعرفون من
الإيمان إلاّ رسمه . . . . فلا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة ، و لا تتحفّطوا منّي بما يتحفّظ به
عند أهل البادرة ، و لا تخالطوني بالمصانعة . . (
الخطبة 214 ، 412 ) جاهلكم مزداد ( أي يزداد في جهله ) ، و
عالمكم مسوّف ( أي يؤخر اعماله عن وقتها ) . ( 283 ح ، 623 ) |
|
( 186 ) تحريض
الامام ( ع ) أصحابه على الجهاد و القتال و انكاره تقاعسهم و أعذارهم
|
|
يراجع
المبحث السابق ( 185 ) تذمر الامام ( ع ) من أصحابه و تأنيبهم على بعض أفعالهم . و من خطبة له في
استنفار الناس الى أهل الشام و تأنيبهم و ذكر بعض مثالبهم : أفّ لكم لقد
سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة عوضا ؟ و بالذّلّ من العزّ خلفا
إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم دارت أعينكم ، كأنّكم من الموت في غمرة ، و من
الذّهول في سكرة . يرتج عليكم حواري فتعمهون ، و كأنّ قلوبكم مألوسة ( أي مجنونة ) فأنتم لا تعقلون . ما أنتم لي بثقة سجيس
اللّيالي ( سجيس بمعنى أبدا ) ، و ما أنتم بركن
يمال بكم ، و لا زوافر عزّ يفتقر إليكم . ما أنتم إلاّ كإبل ضلّ رعاتها ، فكلّما
جمعت من جانب انتشرت من آخر ، لبئس لعمر اللّه سعر نار الحرب أنتم تكادون و لا
تكيدون ، و تنتقص أطرافكم فلا تمتعضون . لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون .
غلب و اللّه المتخاذلون و أيم اللّه إنّي لأظنّ بكم أن لو حمس الوغى ( أي اشتد ) و استحرّ الموت ، قد انفرجتم عن ابن أبي
طالب انفراج الرّأس ( أي انفصاله عن البدن ) . و
اللّه إنّ امرءا يمكّن عدوّه من نفسه ، يعرق لحمه ، و يهشم عظمه ، و يفري جلده ،
لعظيم عجزه ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره . أنت فكن ذاك إن شئت ، فأمّا أنا فو
اللّه دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام ، و تطيح السّواعد و
الأقدام ، و يفعل اللّه بعد ذلك ما يشاء . ( الخطبة 34
، 90 ) من خطبة له ( ع )
خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر : و من خطبة له ( ع ) لما غلب اصحاب معاوية
أصحابه على شريعة الفرات بصفين و منعوهم الماء : و قال ( ع ) يخاطب
اصحابه يوم صفين حين أمر الناس بالصلح : و لقد كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقتل آباءنا و أبناءنا و
إخواننا و أعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلاّ إيمانا و تسليما ، و مضيّا على اللّقم ( أي جادة الطريق ) ، و صبرا على مضض الألم ، و جدا في
جهاد العدوّ . و لقد كان الرّجل منّا و الآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين
، يتخالسان أنفسهما ، أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرّة لنا من عدوّنا ، و
مّرة لعدوّنا منّا . فلمّا رأى اللّه صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت ، و أنزل علينا
النّصر ، حتّى استقرّ الإسلام ملقيا جرانه ( كناية عن
التمكن ) و متبوّئا أوطانه . و من كلام له ( ع ) في توبيخ بعض أصحابه : كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة ( أي الابل الفتية ) ، و الثّياب المتداعية ، كلّما
حيصت ( أي خيطت ) من جانب تهتّكت من آخر . كلّما
أطلّ عليكم منسر من مناسر أهل الشّام أغلق كلّ رجل منكم بابه ، و انجحر انجحار
الضّبّة في جحرها ، و الضّبع في وجارها ( أي بيتها )
. و من خطبة له ( ع ) في ذم أهل العراق ، و فيها
يوبخهم على ترك القتال ، و النصر يكاد يتم ، ثم تكذيبهم له : أمّا بعد يا أهل العراق ، فإنّما أنتم كالمرأة الحامل
حملت فلمّا أتمّت أملصت ( أي أسقطت ) و مات
قيّمها ( أي زوجها ) ، و طال تأيّمها ، و ورثها
أبعدها . و من خطبة له ( ع ) :
و لئن أمهل الظّالم فلن يفوت أخذه ، و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه ، و بموضع
الشّجى من مساغ ريقه . أما و الّذي نفسي بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ، ليس
لأنّهم أولى بالحقّ منكم ، و لكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم ، و إبطائكم عن حقّي
. و لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، و أصبحت أخاف ظلم رعيّتي . استنفرتكم
للجهاد فلم تنفروا ، و أسمعتكم فلم تسمعوا ، و دعوتكم سرّا و جهرا فلم تستجيبوا
، و نصحت لكم فلم تقبلوا . أشهود كغيّاب ، و عبيد كأرباب أتلو عليكم الحكم
فتنفرون منها ، و أعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها ، و أحثّكم على جهاد
أهل البغي ، فما آتي على آخر قولي حتّى أراكم متفرّقين أيادي سبأ . ترجعون إلى
مجالسكم و تتخادعون عن مواعظكم . و قال ( ع ) في
الصالحين من اصحابه : أنتم الأنصار على الحقّ ، و الإخوان في الدّين ، و
الجنن يوم البأس ، و البطانة دون النّاس . بكم أضرب المدبر ، و أرجو طاعة المقبل
. فأعينوني بمناصحة خليّة من الغشّ ، سليمة من الرّيب . فو اللّه إنّي لأولى
النّاس بالنّاس . ( الخطبة 116 ، 226 ) و من كلام له ( ع ) و
قد جمع الناس و حضهم على الجهاد فسكتوا مليا ، فقال عليه السلام : و من كلام له ( ع )
بعد ليلة الهرير ، و قد قام اليه رجل من اصحابه فقال : نهيتنا عن الحكومة
ثم أمرتنا بها ، فلم ندر أي الامرين أرشد ؟ فصفق عليه السلام احدى يديه على
الاخرى ثم قال : هذا جزاء من ترك العقدة . أما و اللّه لو أنّي حين أمرتكم بما
أمرتكم به حملتكم على المكروه الّذي يجعل اللّه فيه خيرا ، فإن استقمتم هديتكم ،
و إن اعوججتم قوّمتكم ، و إن أبيتم تداركتكم لكانت الوثقى . و لكن بمن و إلى من
؟ أريد أن أداوي بكم و أنتم دائي ، كناقش الشّوكة بالشّوكة ، و هو يعلم أنّ ضلعها
معها . اللّهمّ قد ملّت أطبّاء هذا الدّاء الدّويّ ، و كلّت النّزعة بأشطان
الرّكيّ . أين القوم الّذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه ، و قرؤوا القرآن فأحكموه ،
و هيجوا إلى الجهاد فولهوا و له اللّقاح إلى أولادها ، و سلبوا السّيوف أغمادها
، و أخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا ، و صفّا صفّا . بعض هلك ، و بعض نجا . ( الخطبة 119 ، 229 ) و من كلام له ( ع ) قاله لأصحابه في ساحة
الحرب بصفين : و أيّ امري ء منكم أحسّ من
نفسه رباطة جأش عند اللّقاء ، و رأى من أحد من إخوانه فشلا ، فليذبّ عن أخيه
بفضل نجدته الّتي فضّل بها عليه كما يذبّ عن نفسه . فلو شاء اللّه لجعله مثله .
إنّ الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ، و لا يعجزه الهارب . إنّ أكرم الموت
القتل . و الّذي نفس ابن أبي طالب بيده ، لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من ميتة
على الفراش في غير طاعة اللّه . و من كلام له ( ع )
في حث أصحابه على القتال : و أيم اللّه لئن فررتم من سيف العاجلة ، لا
تسلموا من سيف الآخرة ، و أنتم لهاميم العرب ( أي
السابقون من العرب ) ، و السّنام الأعظم . إنّ في الفرار موجدة اللّه ( أي غضبه ) ، و الذّلّ اللاّزم ، و العار الباقي . و
إنّ الفارّ لغير مزيد في عمره ، و لا محجوز بينه و بين يومه . الرّائح إلى اللّه
كالظّمآن يرد الماء . الجنّة تحت أطراف العوالي . اليوم تبلى الأخبار . و اللّه
لأنا أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم . اللّهمّ فإن ردّوا الحقّ فافضض جماعتهم
، و شتّت كلمتهم ، و أبسلهم بخطاياهم ( أي اهلكهم )
. إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك ، يخرج منه النّسيم . و ضرب يفلق
الهام ، و يطيح العظام ، و يندر ( أي يسقط )
السّواعد و الأقدام . و حتّى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر ( جمع منسر و هي القطعة من الجيش تكون في المقدمة ) ،
و يرجموا بالكتائب تقفوها الحلائب ( جمع حلبة ، و هي
القطعة الحربية التي عددها من اربعة آلاف الى اثني عشر الفا ) ، و حتّى
يجرّ ببلادهم الخميس يتلوه الخميس ، و حتّى تدعق الخيول ( أي تطأ وطأ شديدا ) في نواحر أرضهم ( أي
متقابلاتها ) ، و باعنان مساربهم و مسارحهم . (
الخطبة 122 ، 233 ) و قال ( ع ) مخاطبا
الخوارج : لبئس حشّاش نار الحرب أنتم أفّ لكم لقد لقيت منكم برحا . يوما
أناديكم و يوما أناجيكم ، فلا أحرار صدق عند النّداء ، و لا إخوان ثقة عند
النّجاء . ( الخطبة 123 ، 235 ) و من
كلام له ( ع ) خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم : فمن استطاع عند ذلك أن
يعتقل نفسه على اللّه عزّ و جلّ ، فليفعل . فإن أطعتموني فإني حاملكم إن شاء
اللّه على سبيل الجنّة ، و إن كان ذا مشقّة شديدة و مذاقة مريرة . ( الخطبة 154 ، 273 ) أين المانع للذّمار ، و الغائر ( أي صاحب الغيرة على نسائه ) عند نزول الحقائق من أهل
الحفاظ . العار وراءكم و الجنّة أمامكم . ( الخطبة 169
، 306 ) و من خطبة له ( ع )
خطبها في الكوفة و هو عازم على الرجعة الى صفين : ألا إنّه قد أدبر
من الدّنيا ما كان مقبلا ، و أقبل منها ما كان مدبرا ، و أزمع التّرحال عباد
اللّه الأخيار ، و باعوا قليلا من الدّنيا لا يبقى ، بكثير من الآخرة لا يفنى .
ما ضرّ إخواننا الّذين سفكت دماؤهم و هم بصفّين ألاّ يكونوا اليوم أحياء ؟
يسيغون الغصص و يشربون الرّنق ( أي الكدر ) . قد
و اللّه لقوا اللّه فوفّاهم أجورهم ، و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم . فانفذوا على بصائركم ، و لتصدق نيّاتكم في
جهاد عدوّكم . فو الّذي لا إله إلاّ هو ، إنّي لعلى جادّة الحقّ ، و إنّهم لعلى
مزلّة الباطل . أقول ما تسمعون ، و أستغفر اللّه لي و لكم . ( الخطبة 195 ، 386 ) و من خطبة له ( ع )
كان يستنهض بها أصحابه الى جهاد أهل الشام : اللّهمّ أيّما عبد من عبادك
سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة ، و المصلحة غير المفسدة ، في الدّين و الدّنيا
، فأبى بعد سمعه لها إلاّ النّكوص عن نصرتك ، و الإبطاء عن إعزاز دينك ، فإنّا
نستشهدك عليه يا أكبر الشّاهدين شهادة ، و نستشهد عليه جميع ما أسكنته أرضك و
سمواتك . ثمّ أنت بعد المغني عن نصره ، و الآخذ له بذنبه . ( الخطبة 210 ، 405 ) و من كلام له ( ع )
يحث به أصحابه على الجهاد : و اللّه مستأديكم شكره ، و مورّثكم أمره . و
ممهلكم في مضمار محدود ، لتتنازعوا سبقه ( يقصد بذلك
الجنة ) . فشدّوا عقد المآزر ( كناية عن الجد و
الاستعداد ) ، و اطووا فضول الخواصر . و لا تجتمع عزيمة و وليمة . ما
أنقض النّوم لعزائم اليوم ، و أمحى الظّلم لتذاكير الهمم . ( الخطبة 239 ، 440 ) و من كتاب له ( ع )
الى عبد اللّه بن العباس ، بعد مقتل محمد بن أبي بكر في مصر : و من كتاب له ( ع )
الى أهل مصر : ألا ترون إلى أصرافكم قد انتقضت ، و إلى أمصاركم قد افتتحت
، و إلى ممالككم تزوى ، و إلى بلادكم تغزى . انفروا رحمكم اللّه إلى قتال عدوّكم
، و لا تثّاقلوا إلى الأرض فتقرّوا بالخسف ( أي تقيموا
عليه ) ، و تبوؤوا بالذّلّ ( أي تعودوا به )
، و يكون نصيبكم الأخسّ . و إنّ أخا الحرب الأرق ( أي
ان صاحب الحرب لا ينام ) ، و من نام لم ينم عنه ، و السّلام . الخطبة 301 ، 549 ) |
|
( 187 ) حث
أصحابه على الاخاء و الالفة و الاتحاد و ذم التفرق
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و الزموا السّواد الأعظم فإنّ يد اللّه على
الجماعة ، و إيّاكم و الفرقة فإنّ الشّاذّ من النّاس للشّيطان ، كما أنّ الشّاذّ
من الغنم للذّئب . ( الخطبة 125 ، 237 ) . . . و
الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة ، و بنيت عليه أركان الطّاعة . ( الخطبة 149 ، 266 ) فإيّاكم و التّلوّن في دين اللّه ، فإنّ جماعة
فيما تكرهون من الحقّ ، خير من فرقة فيما تحبّون من الباطل . و إنّ اللّه سبحانه
لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممّن مضى ، و لا ممّن بقي . (
الخطبة 174 ، 317 ) فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء ( جمع ملأ ) مجتمعة ، و الأهواء مؤتلفة ، و القلوب
معتدلة ، و الأيدي مترادفة ، و السّيوف متناصرة ، و البصائر نافذة ، و العزائم
واحدة . ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين ، و ملوكا على رقاب العالمين . فإنّ اللّه سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه
الأمّة ، فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة ، الّتي ينتقلون في ظلّها ، و يأوون
إلى كنفها . بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح من كلّ ثمن
، و أجلّ من كلّ خطر . ( الخطبة 190 ، 4 ، 371 ) و عليكم بالتّواصل و التّباذل ، و إيّاكم و
التّدابر و التّقاطع . ( الخطبة 286 ، 512 ) |
|
( 188 )
تعاليم حربية و وصايا الامام ( ع ) لقواده
|
|
قال الامام علي ( ع
) : و قلت لكم : اغزوهم قبل أن
يغزوكم فو اللّه ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلاّ ذلّوا . الخطبة 27 ، 76 ) من كلام له ( ع )
قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين ، و فيه يعلم اصحابه فنون القتال و آدابه : من كلام له ( ع ) و قد شاوره عمر بن الخطاب في
الخروج الى غزو الروم بنفسه : « يراجع
في المبحث ( 152 ) عمر
بن الخطاب » . ( الخطبة 132 ، 246 ) من كلام له ( ع ) و قد استشاره عمر بن الخطاب
في الشخوص لقتال الفرس بنفسه : من كتاب له ( ع ) الى بعض أمراء جيشه : فإن عادوا إلى ظلّ الطّاعة فذاك الّذي نحبّ ، و إن توافت
الأمور بالقوم إلى الشّقاق و العصيان ، فانهد بمن أطاعك إلى من عصاك ، و استغن
بمن انقاد معك عمّن تقاعس عنك . فإنّ المتكاره (
المتثاقل بكراهة الحرب ) مغيبه خير من مشهده (
أي وجوده في الجيش يضر أكثر مما ينفع ) و قعوده أغنى من نهوضه . ( الخطبة 243 ، 445 ) من وصية له ( ع ) وصى
بها جيشا بعثه الى العدو : فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم ، فليكن معسكركم
في قبل الأشراف ( أي بجانب الجبال العالية ) ،
أو سفاح الجبال ، أو أثناء الأنهار . كيما يكون لكم ردءا ( أي عونا ) و دونكم مردّا . و لتكن مقاتلتكم من وجه
واحد أو اثنين . و اجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال (
أي أعاليها ) و مناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافة أو أمن
. و اعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم ، و عيون المقدّمة طلائعهم . و إيّاكم و
التّفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا ، من وصية له ( ع )
وصّى بها معقل بن قيس الرياحي حين أنفذه الى الشام في ثلاثة آلاف مقدمة له :
إتّق اللّه الّذي لا بد لك من لقائه ، و لا منتهى لك دونه . و لا تقاتلنّ إلا من
قاتلك . و سر البردين ( أي وقت ابتراد الارض و الهواء )
. و غوّر بالنّاس . و رفّه في السّير . من وصية له ( ع ) لعسكره قبل لقاء العدو بصفين
: لا تقاتلوهم حتّى يبدؤوكم . فإنّكم بحمد اللّه على حجّة
، و ترككم إيّاهم حتّى يبدؤوكم حجّة أخرى لكم عليهم . فإذا كانت الهزيمة بإذن
اللّه فلا تقتلوا مدبرا ، و لا تصيبوا معورا ( الذي
أمكن من نفسه و عجز عن حمايتها ) . و لا تجهزوا على جريح . و لا تهيجوا
النّساء بأذى ، و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم . فإنّهنّ ضعيفات القوى و
الأنفس و العقول ، إن كنّا لنؤمر بالكفّ عنهنّ و إنّهنّ لمشركات ( هذا حكم الشريعة الاسلامية في حفظ اعراض النساء حتى
المشركات في الحرب ) . و إن كان الرّجل ليتناول المرأة في الجاهليّة
بالفهر ( حجر يدق به الجوز ) أو الهراوة ( العصا ) فيعيّر بها و عقبه من بعده . ( الخطبة 253 ، 453 ) و كان ( ع ) يقول
لأصحابه عند الحرب : لا تشتدّنّ
عليكم فرّة بعدها كرّة . و لا جولة بعدها حملة . و أعطوا السّيوف حقوقها . و
وطّئوا للجنوب مصارعها . و اذمروا أنفسكم ( أي حرضوها )
على الطّعن الدّعسيّ ( أي الشديد ) و الضّرب
الطّلحفيّ ( الشديد ايضا ) . و أميتوا الأصوات ،
فإنّه أطرد للفشل . فو الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة ، ما أسلموا و لكن
استسلموا ، و أسرّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه . ( الخطبة 255 ، 454 ) و من كتاب له ( ع )
الى أهل مصر ، لما ولى عليهم مالك الاشتر : فإن أمركم أن تنفروا فانفروا
، و إن أمركم أن تقيموا فأقيموا ، فإنّه لا يقدم و لا يحجم ، و لا يؤخّر و لا
يقدّم ، إلاّ عن أمري . ( الخطبة 277 ، 496 ) ألا و إنّ لكم عندي ألاّ أحتجز دونكم سرّا
إلاّ في حرب ، و لا أطوي دونكم أمرا إلاّ في حكم . (
الخطبة 289 ، 514 ) . و قال ( ع ) في عهده لمالك الاشتر : فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك للّه و لرسوله و لإمامك ،
و أنقاهم جيبا ، و أفضلهم حلما ، ممّن يبطي ء عن الغضب ، و يستريح إلى العذر ، و
يرأف بالضّعفاء ، و ينبو على الأقوياء ، و ممّن لا يثيره العنف ، و لا يقعد به
الضّعف . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) و ليكن آثر رؤوس جندك عندك من واساهم في
معونته ، و أفضل عليهم من جدته ، بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف أهليهم ،
حتّى يكون همّهم همّا واحدا في جهاد العدوّ ، فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك
. ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) من كتاب له ( ع ) الى
العمال الذين يطأ الجيش عملهم ( أي يمر بأراضيهم ) : من عبد اللّه عليّ
أمير المؤمنين إلى من مرّ به الجيش من جباة الخراج و عمّار البلاد . أمّا بعد ،
فإنّي قد سيّرت جنودا هي مارّة بكم إن شاء اللّه ، و قد أوصيتهم بما يجب للّه عليهم
من كفّ الأذى و صرف الشّذى ( أي الشر ) ، و أنا
أبرأ إليكم و إلى ذمّتكم من معرّة الجيش ( أي أذاه )
، إلاّ من جوعة المضطرّ ، لا يجد عنها مذهبا إلى شبعه . فنكّلوا من تناول منهم
شيئا ظلما عن ظلمهم ، و كفّوا أيدي سفهائكم عن مضارّتهم و التّعرّض لهم فيما
استثنيناه منهم . و أنا بين أظهر الجيش فارفعوا إليّ مظالمكم و ما عراكم ، ممّا
يغلبكم من أمرهم ، و ما لا تطيقون دفعه إلاّ باللّه و بي ، فأنا أغيّره بمعونة
اللّه ، إن شاء . ( الخطبة 299 ، 545 ) و قال ( ع ) لابنه
الحسن ( ع ) : لا تدعونّ إلى مبارزة ، و إن دعيت إليها فأجب . فإنّ
الدّاعي إليها باغ ، و الباغي مصروع . ( 233 ح ، 608 ) و في حديثه ( ع )
انه ودع جيشا يغزيه فقال : اعذبوا عن
النّساء ما استطعتم ( أي لا تشغلوا أنفسكم بذكرهن )
. ( 7 غريب كلامه 616 ) |
|
( 189 ) عقد
الصلح
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : |