- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل الخامس عشر شخصية الإمام علي بن
أبي طالب عليه السلام
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج : |
|
( 123 ) إيمان الامام علي ( ع ) باللّه و
رسوله
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج
البلاغة عن إيمان الامام علي ( ع ) : و ما أقول في رجل سبق الناس الى الهدى ، و آمن باللّه و عبده و كلّ من في
الارض يعبد الحجر ، و يجحد الخالق . لم يسبقه أحد الى التوحيد إلا السابق الى كل
خير محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم
. ذهب أكثر أهل الحديث الى أنه عليه السلام أول الناس اتباعا لرسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و إيمانا به . و قد قال ( ع ) :
أنا الصدّيق الاكبر ، و أنا الفاروق الاول ، أسلمت قبل إسلام الناس و صليت قبل
صلاتهم . |
|
النصوص :
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و إنّي لعلى
يقين من ربّي ، و غير شبهة من ديني . ( الخطبة 22 ، 67
) رضينا عن اللّه قضاءه ، و سلّمنا للّه أمره .
أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
؟ و اللّه لأنا أوّل من صدّقه ، فلا أكون أوّل من كذب عليه . ( الخطبة 37 ، 96 ) و قال ( ع ) بعد ذكر معاوية و أمره بسب علي (
ع ) : فأمّا السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة و لكم نجاة و أمّا
البراءة فلا تتبرّؤوا منّي ، فانّي ولدت على الفطرة ، و سبقت إلى الإيمان و
الهجرة . ( الخطبة 57 ، 113 ) أ بعد إيماني
باللّه ، و جهادي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
أشهد على نفسي بالكفر ( لقد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين ) . ( الخطبة 58 ، 113 ) و من خطبة له ( ع )
في ذم أهل العراق و قد وصموه بالكذب فيما أخبرهم به مما لا يعرفون : و إنّي لعلى بيّنة من ربّي ، و منهاج من نبيّي ، و إنّي لعلى الطّريق الواضح
ألقطه لقطا . ( الخطبة 95 ، 189 ) فو الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة ، إنّ
الّذي أنبئكم به عن النّبيّ الأميّ صلّى اللّه عليه و
آله ، ما كذب المبلّغ ، و لا جهل السّامع . (
الخطبة 99 ، 194 ) اللّهمّ إنّي أوّل من أناب ، و سمع و أجاب .
لم يسبقني إلاّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم بالصّلاة . ( الخطبة 129 ، 242 ) و قال ( ع ) في
الخطبة القاصعة عن ملازمته للنبي ( ص ) : و لقد كنت أتّبعه إتّباع الفصل ( أي ولد الناقة ) أثر أمّه . يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه
علما ، و يأمرني بالإقتداء به . و لقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه و لا
يراه غيري . و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خديجة و أنا ثالثهما . أرى
نور الوحي و الرّسالة ، و أشمّ ريح النّبوّة . ( الخطبة
190 ، 4 ، 374 )
ثم قال ( ع ) بعد أن
ذكر قصة الشجرة التي أمرها رسول اللّه ( ص ) بالمجي ء و الرجوع ففعلت : و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله ، أنّي لم أردّ على اللّه و لا
على رسوله ساعة قطّ . و لقد واسيته بنفسي في المواطن الّتي تنكص فيها الأبطال ،
و تتأخّر فيها الأقدام ، نجدة أكرمني اللّه بها . (
الخطبة 195 ، 386 ) فيا عجبا للدّهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع
بقدمي ، و لم تكن له كسابقتي ، الّتي لا يدلي أحد بمثلها ، إلاّ أن يدّعي مدّع
ما لا أعرفه ، و لا أظنّ اللّه يعرفه ، و الحمد للّه على كلّ حال . ( الخطبة 248 ، 448 ) تجادل الامام علي ( ع ) مع عثمان ، حتى جرى
ذكر أبي بكر و عمر ، فقال عثمان : أبو بكر و
عمر خير منك . فقال ( ع ) : أنّا خير منك و
منهما ، عبدت اللّه قبلهما ، و عبدته بعدهما . ( 66
حديد ) |
|
( 124 ) عصمة الامام علي ( ع ) علي مع الحق
و مع القرآن لا يفترقان
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و إنّ معي
لبصيرتي ، ما لبّست على نفسي ، و لا لبّس عليّ . (
الخطبة 10 ، 51 ) و اللّه ما كتمت
وشمة ( أي كلمة ) و لا كذبت كذبة ، و لقد نبّئت
بهذا المقام و هذا اليوم . ( الخطبة 16 ، 56 ) . . . و إنّي لعلى يقين من ربّي ، و غير شبهة من ديني . ( الخطبة 22 ، 67 ) و من خطبة له ( ع ) في ذم أهل العراق و قد وصموه بالكذب فيما
يخبرهم بما لا يعرفون : و لقد بلغني أنّكم تقولون : عليّ يكذب . قاتلكم
اللّه تعالى فعلى من أكذب ؟ و اعذروا من لا حجّة لكم عليه و هو أنا ألم أعمل فيكم
بالثّقل الأكبر ؟ ( أي القرآن ) و أترك فيكم
الثّقل الأصغر ( أي الحسن و الحسين عليهما السلام )
. ( الخطبة 85 ، 155 ) أيّها القوم . . . صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه . ( الخطبة 95 ، 189 ) و إنّي لعلى بيّنة من ربّي ، و منهاج من نبيّي . و إنّي
لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا . ( الخطبة 95 ، 189 ) و ليس أمري و
أمركم واحدا . إنّي أريدكم للّه ، و أنتم تريدونني لأنفسكم . ( الخطبة 134 ، 247 ) لن يسرع أحد قبلي
إلى دعوة حقّ ، و صلة رحم ، و عائدة كرم . ( الخطبة 137
، 251 ) لا يخالفون
الدّين و لا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق ، و صامت ناطق . ( الخطبة 145 ، 260 ) و الّذي بعثه
بالحقّ ، و اصطفاه على الخلق ، ما أنطق إلاّ صادقا . (
الخطبة 173 ، 311 ) قال (
ع ) في معرض حديثه عن النبي ( ص ) : و ما وجد لي كذبة في قول ، و لا خطلة في فعل . (
الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و إنّي لمن قوم
لا تأخذهم في اللّه لومة لائم . سيماهم سيما الصّدّيقين ، و كلامهم كلام الأبرار
. عمّار اللّيل و منار النّهار . متمسّكون بحبل القرآن ، يحيون سنن اللّه و سنن
رسوله . لا يستكبرون و لا يعلون ، و لا يغلّون و لا يفسدون . قلوبهم في الجنان ،
و أجسادهم في العمل . ( الخطبة 190 ، 4 ، 375 ) و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و
آله أنّي لم أردّ على اللّه و لا على رسوله ساعة قطّ . (
الخطبة 195 ، 386 ) فو الّذي لا إله
إلاّ هو ، إنّي لعلى جادّة الحقّ ، و إنّهم لعلى مزلّة الباطل . ( الخطبة 195 ، 386 ) فإنّي لست في
نفسي بفوق أن أخطي ء ، و لا آمن ذلك من فعلي ، إلاّ أن يكفي اللّه من نفسي ما هو
أملك به منّي ( يقصد بذلك العصمة التي كفاه اللّه بها
عن فعل السوء ، علما بأن الخطأ يجوز على النبي و الامام لو لم يؤيدهما اللّه
بالعصمة ) . ( الخطبة 214 ، 413 ) و لكن هيهات أن
يغلبني هواي . . . (
الخطبة 284 ، 506 ) ما كذبت و لا كذّبت ، و لا ضللت و لا ضلّ بي . ( 185 ح ، 600 ) إنّ اللّه تبارك و تعالى طهّرنا و عصمنا ، و جعلنا شهداء
على خلقه و حججا على عباده ، و جعلنا مع القرآن و جعل القرآن معنا ، لا نفارقه و
لا يفارقنا . ( مستدرك 183 ) |
|
( 125 ) الامام علي ( ع ) نبراس الهداية
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و اعذروا من لا
حجّة لكم عليه و هو أنا ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر (
أي القرآن ) ؟ و أترك فيكم الثّقل الأصغر ( أي
الحسن و الحسين عليهما السلام ) ؟ . طبيب دوّار بطبّه
، قد أحكم مراهمه ، و أحمى مواسمه . يضع ذلك حيث الحاجة إليه . لقد حملتكم على الطّريق الواضح الّتي لا يهلك عليها إلاّ
هالك ( يقصد بالهالك من تمكن الفساد من طبعه ) .
( الخطبة 117 ، 228 ) و لكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام ، على ما
دخل فيه من الزّيغ و الإعوجاج و الشّبهة و التّأويل . فإذا طمعنا في خصلة يلمّ
اللّه بها شعثنا ، و نتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا ، رغبنا فيها ، و أمسكنا
عمّا سواها . الخطبة 120 ، 231 ) و قال
( ع ) : أيّها النّاس ، إنّي قد بثثت لكم المواعظ الّتي وعظ
الأنبياء بها أممهم . و أدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء إلى من بعدهم . و أدّبتكم
بسوطي فلم تستقيموا . |
|
( 126 ) محبة الامام علي ( ع )
|
|
مدخل :
|
|
دلت الاخبار الشريفة على أنّ محبة الامام علي ( ع ) جزء من الايمان ، و أنه لا يحبه إلا مؤمن و لا
يبغضه الا منافق ، كقول النبي ( ص ) : « يا عليّ
لا يحبّك إلاّ مؤمن ، و لا يبغضك إلاّ منافق » . و كان الولد يعرف فيما اذا كان
ابن حلال من محبته لعلي ( ع ) فاذا أبغضه شك في أصله ، و
مصداق ذلك قول صفي الدين الحلى : |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن
يبغضني ما أبغضني ، و لو صببت الدّنيا بجمّاتها ( أي
بجليلها و حقيرها ) على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني . و ذلك أنّه
قضي فانقضى على لسان النّبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم أنّه قال « يا عليّ ، لا يبغضك مؤمن ، و لا يحبّك منافق » . ( 45 ح ، 574 ) و قال
( ع ) و قد توفي سهل بن حنيف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه من
صفين ، و كان أحب الناس اليه : لو أحبّني جبل
لتهافت ( أي لتساقط بعد ما تصدع ، و ذلك أن المحن و
المصائب لا تقع الا بالمتقين الابرار ، فتصدعهم كما تتصدع الجبال ) . ( 111 ح ، 585 ) و قال ( ع ) هلك فيّ رجلان : محبّ غال ، و مبغض قال . ( 117 ح ، 587 ) و قال
( ع ) يهلك فيّ رجلان : محبّ مفرط ، و
باهت مفتر ( من الافتراء ) . ( 469 ح ، 660 ) |
|
( 127 ) قضاء الامام ( ع ) و حسن رأيه
|
|
مدخل :
|
|
يقول عز الدين ابن ابي الحديد
صاحب شرح النهج مبينا بعض مناقب الإمام
علي عليه السلام : |
|
النصوص :
|
|
و من كلام له ( ع ) و قد شاوره عمر بن الخطاب
في الخروج الى غزو الروم بنفسه فنهاه عن ذلك : و من كلام له ( ع ) و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص
لقتال الفرس بنفسه : روي أنه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلي
الكعبة و كثرته ، فقال قوم : لو أخذته فجهزت
به جيوش المسلمين كان أعظم للاجر . و ما تصنع الكعبة بالحلي ؟ فهمّ عمر بذلك . و
سأل عليا ( ع ) ، فقال عليه السلام : إنّ القرآن
أنزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
و الأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين
الورثة في الفرائض . و روي أنه ( ع ) رفع اليه رجلان سرقا من مال اللّه ، أحدهما عبد من مال اللّه ، و
الآخر من عروض الناس ( أي عبد لأحد الناس )
. فقال عليه السلام : أمّا هذا فهو من مال اللّه و لا حدّ عليه ، مال اللّه أكل
بعضه بعضا ، و أمّا الآخر فعليه الحدّ الشّديد ،
فقطع يده . ( 271 ح ، 621 ) |
|
( 128 ) أجوبة الامام المسكتة و ردوده
السريعة
|
|
قال الامام علي ( ع ) : سئل ( ع ) عن المسافة ما بين المشرق و المغرب ، فقال ( ع ) :
مسيرة يوم للشّمس . ( 294 ح ، 626 ) و سئل ( ع ) : كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم ؟ فقال عليه السلام : كما يرزقهم على كثرتهم . فقيل :
كيف يحاسبهم و لا يرونه ؟ فقال عليه السّلام :
كما يرزقهم و لا يرونه . ( 300 ح ، 627 ) و هنأ بحضرته رجل رجلا بغلام ولد له فقال له : ليهنك
الفارس . فقال الإمام عليه السّلام : لا تقل ذلك
، و لكن قل : شكرت الواهب ، و بورك لك في الموهوب ، و بلغ أشدّه و رزقت برّه . ( 354 ح ، 636 ) و بنى رجل من عماله بناء فخما ، فقال
عليه السلام : أطلعت الورق ( أي الفضة )
رؤوسها إنّ البناء يصف لك الغنى . ( 355 ح ، 636 ) و قيل له ( ع ) لو سدّ على رجل باب بيته و ترك فيه ،
من اين كان يأتيه رزقه ؟ فقال عليه السّلام : من
حيث يأتيه أجله . ( 356 ح ، 637 ) و قال ( ع ) لبعض مخاطبيه و قد تكلم بكلمة عظيمة يستصغر مثله
عن قول مثلها : و قيل للأمام ( ع ) : لو غيرت شيبتك يا أمير المؤمنين
. فقال ( ع ) : الخضاب زينة ، و نحن قوم في
مصيبة ( يريد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و
سلم ) . ( 473 ح ، 661 ) و قيل له ( ع ) : كم بين السماء و الارض ؟ فقال : دعوة
مستجابة . ( مستدرك 164 ) |
|
( 129 ) علم الامام علي ( ع )
|
|
مدخل :
|
|
اختص الامام
علي بن أبي طالب ( ع ) من بين الصحابة رضوان
اللّه عليهم بالعلم الغزير ، الذي نقله عن النبي ( ص ) و
هو الذي ربّاه و أهّله للامامة . حتى قال فيه ( ص )
: « أنا مدينة العلم و عليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب » . و قال علي ( ع ) : |
|
النصوص :
|
|
يراجع
المبحث التالي ( 130 ) إخبار الامام ( ع ) بالمغيبات . أمّا بعد حمد اللّه ، و الثّناء عليه . أيّها
النّاس ، فإنّي فقأت عين الفتنة ، و لم يكن ليجتري ء عليها أحد غيري بعد أن ماج
غيهبها ، و اشتدّ كلبها . فاسألوني قبل أن تفقدوني ، فو الّذي نفسي بيده لا
تسألوني عن شي ء فيما بينكم و بين السّاعة ، و لا عن فئة تهدي مائة و تضل مائة ،
إلاّ أنبأتكم بناعقها و قائدها و سائقها ، و مناخ ركابها و محطّ رحالها ، و من
يقتل من أهلها قتلا ، و من يموت منهم موتا . . . (
الخطبة 91 ، 183 ) لو تعلمون ما أعلم ممّا طوي عنكم غيبه ، إذا
لخرجتم إلى الصّعدات ( أي لتركتم بيوتكم و همتم في الطرق من شدة الخوف ) . ( الخطبة 114 ، 225 ) تاللّه لقد علّمت تبليغ الرّسالات ، و إتمام
العدات ، و تمام الكلمات . ( الخطبة 118 ، 228 ) و قال ( ع ) بعد إخباره بثورة الزنج : أنا كابّ الدّنيا لوجهها ، و قادرها بقدرها ، و ناظرها
بعينها . ( الخطبة 126 ، 239 ) قال له بعض أصحابه :
لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك عليه السّلام ، و قال للرّجل و كان
كلبيّا : يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب ، و إنّما هو تعلّم من ذي علم . و إنّما
علم الغيب : علم السّاعة ، و ما عدّده اللّه سبحانه . .
. فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه ، و ما سوى ذلك فعلم
علّمه اللّه نبيّه ، فعلّمنيه . و دعا لي بأن يعيه صدري ، و تضطمّ ( أي تنضم ) عليه جوانحي (
الجوانح : هي الاضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر ) . الخطبة 126 ، 239 ) ربّ رحيم ، و دين قوم ، و إمام عليم . ( الخطبة 147 ، 261 ) و قال ( ع ) عن مدى
علمه بالمغيبات : و اللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه و
جميع شأنه لفعلت « تراجع تتمة الكلام في المبحث ( 130 )
الاخبار بالمغيبات » . ( الخطبة 173 ، 311 ) أيّها النّاس ، سلوني قبل أن تفقدوني ، فلأنا
بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض ، قبل أن تشغر برجلها فتنة ، تطأ في خطامها ،
و تذهب بأحلام قومها . ( الخطبة 187 ، 350 ) . . . و ليس
كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
من كان يسأله و يستفهمه . . . و كان لا يمرّ بي
من ذلك شي ء إلاّ سألته عنه و حفظته . ( الخطبة 208 ،
403 ) |
|
( 130 ) إخبار الامام ( ع ) بالمغيبات و ما
ستؤول اليه حال الناس
|
|
مدخل :
|
|
ذكرنا في المبحث السابق شيئا عن علم الامام علي ( ع ) . و قد أفردنا هذا المبحث لإخبار الامام ( ع ) بالمغيبات ، و هي تشمل الفتن التي ستكون من بعده
، و خاصة فتنة بني أمية . |
|
النصوص :
|
|
لما ظفر الامام ( ع )
باصحاب الجمل ، و قد قال له بعض اصحابه : وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما
نصرك اللّه به على أعدائك ، فقال له ( ع ) :
أهوى أخيك معنا ؟ قال
الامام ( ع ) يخاطب أهل البصرة : كأنّي
بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ( أي صدرها ) ، قد بعث
اللّه عليها العذاب من فوقها ، و من تحتها ، و غرق من في ضمنها . ( الخطبة 13 ، 53 ) و في رواية : و أيم اللّه لتغرقنّ بلدتكم حتّى كأنّي
أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة . و قال
( ع ) لما بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان ، و فيه يخبر الناس بما ستؤول اليه
أحوالهم : ألا و إنّ بليّتكم قد عادت
كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم . و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، و لتغربلنّ غربلة ، و لتساطنّ
سوط القدر ( أي كما يختلط الطعام في القدر عند غليانه ،
فينقلب أعلاه الى أسفله و أسفله الى أعلاه ) ، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم و
أعلاكم أسفلكم ، و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ( يقصد
معاوية و بني أمية ) ، و ليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا ( يقصد أهل البيت ) ، و اللّه ما كتمت وشمة ( أي كلمة ) ، و لا كذبت كذبة ، و لقد نبّئت بهذا
المقام و هذا اليوم . ( الخطبة 16 ، 55 ) من
كلام قاله ( ع ) بعد وقعة النهروان و قد تفرّس في جماعة من عسكره أنهم يتهمونه
فيما يخبرهم به من أنباء الغيب : رضينا عن
اللّه قضاءه ، و سلّمنا للّه أمره ، أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ؟ و اللّه لأنا أوّل من
صدّقه ، فلا أكون أوّل من كذب عليه . ( الخطبة 37 ، 96
) و قال ( ع ) فيما ينتظر الكوفة من الشدائد و الخطوب :
كأنّي بك يا كوفة تمدّين مدّ الأديم العكاظيّ ، تعركين بالنّوازل ، و تركبين
بالزّلازل . و إنّي لأعلم أنّه ما أراد بك جبّار سوءا إلاّ ابتلاه اللّه بشاغل ،
و رماه بقاتل . ( الخطبة 47 ، 104 ) إنّما بدء وقوع
الفتن أهواء تتّبع ، و أحكام تبتدع . يخالف فيها كتاب اللّه ، و يتولّى عليها
رجال رجالا ( أي يستعين عليها رجال برجال ) ،
على غير دين اللّه . فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين ( أي الطالبين للحقيقة ) . و لو أنّ الحقّ خلص من لبس
الباطل ، انقطعت عنه ألسن المعاندين . و لكن يؤخذ من هذا ضغث ، و من هذا ضغث ،
فيمزجان فهنالك يستولي الشّيطان على أوليائه ، و ينجو الّذين سبقت لهم من اللّه
الحسنى . ( الخطبة 50 ، 107 ) و قال ( ع ) ينبي ء بظهور رجل مذموم : و قال يخاطب الخارجين عليه : أما إنّكم ستلقون بعدي
ذلا شاملا ، و سيفا قاطعا ، و أثرة يتّخذها الظّالمون فيكم سنّة . ( الخطبة 58 ، 114 ) و قال ( ع ) في الخوارج : مصارعهم دون النّطفة ، و
اللّه لا يفلت منهم عشرة ، و لا يهلك منكم عشرة . (
الخطبة 59 ، 114 ) من كلام قاله ( ع ) لما قتل الخوارج ، فقيل له : يا
أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم . فقال : من خطبة له ( ع ) في ذم أهل العراق و قد وصموه بالكذب فيما
يخبرهم بما لا يعرفون : و من كلام له ( ع ) في مروان بن الحكم : أما و إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ( أي قصيرة المدة و كانت تسعة أشهر ) و هو أبو الأكبش
الأربعة ( يقصد احفاد مروان من ابنه عبد الملك ، و هم
الوليد و سليمان و يزيد و هشام ، و يقال أنه لم يتول الخلافة أربعة اخوة سوى
هؤلاء ) ، و ستلقى الأمّة منه و من ولده يوما أحمر . ( الخطبة 71 ، 129 ) حتّى يظنّ
الظّانّ أنّ الدّنيا معقولة على بني أميّة و كذب الظّان لذلك ، بل هي مجّة من
لذيذ العيش ، يتطعّمونها برهة ، ثمّ يلفظونها جملة (
كأنه ينبي ء بزوال الدولة الأموية سريعا على يد الدولة العباسى ) . ( الخطبة 85 ، 156 ) فاسألوني قبل أن
تفقدوني ، فو الّذي نفسى بيده لا تسألوني عن شي ء فيما بينكم و بين السّاعة ، و
لا عن فئة تهدي مائة و تضلّ مائة ، إلاّ أنبأتكم بناعقها و قائدها و سائقها ، و
مناخ ركابها و محطّ رحالها ، و من يقتل من أهلها قتلا ، و من يموت منهم موتا ، و
لو قد فقدتموني و نزلت بكم كرائه الأمور ، و حوازب الخطوب ، لأطرق كثير من
السّائلين ، و فشل كثير من المسؤولين ، و ذلك إذا قلّصت حربكم ، و شمّرت عن ساق
، و ضاقت الدّنيا عليكم ضيقا ، تستطيلون معه أيّام البلاء عليكم ، حتّى يفتح
اللّه لبقيّة الأبرار منكم . ( الخطبة 91 ، 183 ) و أيم اللّه
لتجدنّ بني أميّة لكم أرباب سوء بعدي ، كالنّاب الضّروس ( أي الناقة المسنة الشرسة ) : تعذم بفيها (
أي تعض ) ، و تخبط بيدها ، و تزبن برجلها ( أي
تضرب ) و تمنع درّها . لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم
، أو غير ضائر بهم . نحن أهل البيت منها بمنجاة ، و لسنا فيها بدعاة . ثمّ
يفرّجها اللّه عنكم كتفريج الأديم ( أي يزيل دولة بني
أمية و يشقهم عما أحاطوا به ، كما يسلخ الجلد عن اللحم ) ، بمن يسومهم
خسفا ، و يسوقهم عنفا ، و يسقيهم بكأس مصبّرة ، لا يعطيهم إلاّ السّيف ، و لا
يحلسهم ( أي لا يكسوهم ) إلاّ الخوف . فعند ذلك
تودّ قريش بالدّنيا و ما فيها لو يرونني مقاما واحدا ، و لو قدر جزر جزور ( أي و لو مدة ذبح البعير ) ، لأقبل منهم ما أطلب
اليوم بعضه فلا يعطونيه . ( الخطبة 91 ، 184 ) و اللّه لا يزالون ( أي بني أمية
) حتّى لا يدعوا للّه محرّما إلاّ استحلّوه ، و لا عقدا إلاّ حلّوه ، و
حتّى لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلاّ دخله ظلمهم ، و نبا به سوء رعيهم . و حتّى
يقوم الباكيان يبكيان : باك يبكي لدينه ، و باك يبكي لدنياه . و حتّى تكون نصرة
أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده . إذا شهد أطاعه ، و إذا غاب اغتابه ، و
حتّى يكون أعظمكم فيها عناء أحسنكم باللّه ظنّا . فإن أتاكم اللّه بعافية
فاقبلوا ، و إنّ ابتليتم فاصبروا ، فإنّ العاقبة للمتّقين . ( الخطبة 96 ، ؟ ؟ ؟ ) و قال ( ع ) يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان أحد ملوك بني
أمية البارزين : أيّها النّاس ، لا يجرمنّكم شقاقي ، و لا يستهوينّكم
عصياني ، و لا تتراموا بالأبصار عند ما تسمعونه منّي . فو الّذي فلق الحبّة ، و
برأ النّسمة ، إنّ الّذي أنبئكم به عن النّبيّ الأمّيّ صلّى
اللّه عليه و آله ما كذب المبلّغ ، و لا جهل السّامع . لكأنّي أنظر إلى
ضلّيل قد نعق بالشّام ( يقصد به عبد الملك بن مروان ) ،
و فحص براياته في ضواحي كوفان ( أي الكوفة ) .
فإذا فغرت فاغرته ( أي انفتح فمه ) ، و اشتدّت
شكيمته ، و ثقلت في الأرض وطأته ، عضّت الفتنة أبناءها بأنيابها ، و ماجت الحرب
بأمواجها ، و بدا من الأيّام كلوحها ، و من اللّيالي كدوحها . فإذا أينع زرعه و
قام على ينعه ، و هدرت شقاشقه و برقت بوارقه ، عقدت رايات الفتن المعضلة ، و
أقبلن كاللّيل المظلم ، و البحر الملتطم . هذا ، و كم يخرق الكوفة من قاصف ، و
يمرّ عليها من عاصف . و عن قليل تلتفّ القرون بالقرون ، و يحصد القائم ، و يحطم
المحصود . ( الخطبة 99
، 194 ) و قال ( ع ) عن حوادث البصرة المقبلة : فتن كقطع
اللّيل المظلم ، لا تقوم لها قائمة و لا تردّ لها راية . تأتيكم مزمومة مرحولة : يحفزها قائدها ، و يجهدها
راكبها . أهلها قوم شديد كلبهم ، قليل سلبهم . يجاهدهم في سبيل اللّه قوم أذلة
عند المتكبّرين ، في الأرض مجهولون ، و في السّماء معروفون . فويل لك يا بصرة
عند ذلك ، من جيش من نقم اللّه لا رهج له ( أي غبار ) و
لا حسّ ( أي جلبة و ضوضاء ) . و سيبتلى أهلك
بالموت الأحمر ، و الجوع الأغبر . ( الخطبة 100 ، 195 ) و ذلك زمان لا ينجو فيه إلاّ كلّ مؤمن نومة ( أي كثير النوم ، يريد به البعيد عن مخالطة الناس ) .
إن شهد لم يعرف ، و إن غاب لم يفتقد . أولئك مصابيح الهدى ، و أعلام السّرى ( أي السير في ليالي المشاكل ) . ليسوا بالمساييح ( جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم )
، و لا المذاييع ( أي الذين اذا سمعوا بفاحشة أذاعوها )
البذر ( جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه ) . أولئك
يفتح اللّه لهم أبواب رحمته ، و يكشف عنهم ضرّاء نقمته . فأقسم باللّه يا
بني أميّة ، عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم و في دار عدوّكم . ( الخطبة 103 ، 200
) و قال ( ع ) يحذر أصحابه من بني أمية : و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب ، لجمعكم اللّه
لشرّ يوم لهم ( أي يوم تقهرونهم فيه ) . ( الخطبة 104 ، 203 ) و قال
( ع ) عن فتنة بني أمية المقبلة : راية
ضلال قد قامت على قطبها ، و تفرّقت بشعبها ، تكيلكم بصاعها ، و تخبطكم بباعها .
قائدها خارج من الملّة قائم على الضّلّة فلا يبقى يومئذ منكم إلاّ ثقالة كثقالة
القدر ( الثفالة : ما يبقى في القدر من عكر ) ، أما و اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف ( أي الحجاج ) الذّيّال الميّال . يأكل خضرتكم و يذيب
شحمتكم . إيه أبا وذحة ( الوذحة هي الخنفساء ، و للحجاج
قصة معها ) . ( الخطبة 114 ، 225 ) من
كلام له ( ع ) فيما يخبر به عن الملاحم التي ستحدث في البصرة : يا أحنف ، كأنّي به و قد سار بالجيش الّذي لا يكون له
غبار و لا لجب ، و لا قعقعة لجم ، و لا حمحمة خيل . يثيرون الأرض بأقدامهم
كأنّها أقدام النّعام ( يومي بذلك الى صاحب الزنج )
. و قال للرجل و كان كلبيا ) : يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب . و إنّما هو تعلّم من ذي
علم . و إنّما علم الغيب علم السّاعة ، و ما عدّده اللّه سبحانه بقوله : إِنَّ
اللّهَ عِنْدَهُ عِلمُ السَّاعَةِ . . الآية . فيعلم اللّه سبحانه ما في الأرحام
من ذكر أو أنثى ، و قبيح أو جميل ، و سخيّ أو بخيل ، و شقيّ أو سعيد . و من يكون
في النّار حطبا ، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا . فهذا علم الغيب الّذي لا
يعلمه أحد إلاّ اللّه . و ما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه ، فعلّمنيه ، و دعا
لي بأن يعيه صدري ، و تضطمّ ( أي تنضم ) عليه جوانحي . (
الخطبة 126 ، ؟ ؟ ؟ ) و قال ( ع ) يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان : كأنّي به قد نعق بالشّام ، و فحص براياته في ضواحي كوفان
( أي الكوفة ) ، فعطف عليها عطف الضّروس ( أي الناقة السيئة الطبع ) ، و فرش الأرض بالرّؤوس .
قد فغرت فاغرته ، و ثقلت في الأرض وطأته . بعيد الجولة ، عظيم الصّولة . و اللّه
ليشرّدنّكم في أطراف الأرض ، حتّى لا يبقى منكم إلاّ قليل ، كالكحل في العين .
فلا تزالون كذلك ، حتّى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها . ( الخطبة 136 ، 250 ) و من كلام له ( ع ) في وقت الشورى : فاسمعوا قولي ، و
عوا منطقي ، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم ، تنتضى فيه السّيوف ، و
تخان فيه العهود ، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضّلالة ، و شيعة لأهل الجهالة .
( الخطبة 137 ، 251 ) و إنّه سيأتي
عليكم من بعدي زمان ليس فيه شي ء أخفى من الحقّ ، و لا أظهر من الباطل ، و لا
أكثر من الكذب على اللّه و رسوله . و ليس عند أهل ذلك الزّمان سلعة أبور من
الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته ، و لا أنفق ( أي أروج )
منه إذا حرّف عن مواضعه . و لا في البلاد شي ء أنكر من المعروف و لا أعرف من
المنكر . فقد نبذ الكتاب حملته ، و تناساه حفظته . فالكتاب يومئذ و أهله طريدان
منفيّان ، و صاحبان مصطحبان ، في طريق واحد لا يؤويهما مؤو . فالكتاب و أهله في
ذلك الزّمان في النّاس و ليسا فيهم ، و معهم و ليسا معهم . لأنّ الضّلالة لا
توافق الهدى و إن اجتمعا . فاجتمع القوم على الفرقة ، و افترقوا عن الجماعة ،
كأنّهم أئمة الكتاب و ليس الكتاب إمامهم . فلم يبق عندهم منه إلاّ اسمه ، و لا
يعرفون إلاّ خطّه و زبره ( أي كتابته ) . و من
قبل ما مثّلوا بالصّالحين كلّ مثلة ، و سمّوا صدقهم على اللّه فرية . و جعلوا في
الحسنة عقوبة السّيّئة . ( الخطبة 145 ، 258 ) و قال ( ع ) عن زمان الضلال المقبل و حال المؤمن فيه :
و أخذوا يمينا و شمالا ظعنا في مسالك الغيّ ، و تركا لمذاهب الرّشد فلا تستعجلوا
ما هو كائن مرصد و لا تستبطئوا ما يجي ء به الغد . فكم من مستعجل بما إن أدركه
ودّ أنّه لم يدركه . و ما أقرب اليوم من تباشير غد يا قوم هذا إبّان ورود كلّ
موعود ، و دنوّ من طلعة ما لا تعرفون . ألا و إنّ من أدركها منّا يسري فيها
بسراج منير ، و يحذو فيها على مثال الصّالحين . ليحلّ فيها ربقا ، و يعتق رقا ،
و يصدع شعبا ، و يشعب صدعا . في سترة عن النّاس ، لا يبصر القائف أثره ، و لو
تابع نظره . ثمّ ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين ( الحداد )
النّصل . تجلى بالتّنزيل ( أي القرآن ) أبصارهم
، و يرمى بالتفسير في مسامعهم ، و يغبقون ( أي يسقون )
كأس الحكمة بعد الصّبوح ( أي ما يشرب في الصباح )
. ( الخطبة 148 ، 262 ) و قال ( ع ) محذرا من الفتن المقبلة : ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت . أوّلهم قائد لآخرهم ، و آخرهم مقتد بأوّلهم . يتنافسون في
دنيا دنيّة ، و يتكالبون على جيفة مريحة . و عن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع
، و القائد من المقود . فيتزايلون بالبغضاء ، و يتلاعنون عند اللّقاء . ثمّ يأتي
بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف ، و القاصمة الزّحوف . و من خطبة له ( ع ) : فعند ذلك لا يبقى بيت مدر و لا وبر ، إلاّ و أدخله
الظّلمة ترحة ، و أولجوا فيه نقمة . فيومئذ لا يبقى لهم في السّماء عاذر ، و لا
في الأرض ناصر . أصفيتم بالأمر غير أهله ، و أوردتموه غير مورده . و
سينتقم اللّه ممّن ظلم ، مأكلا بمأكل ، و مشربا بمشرب ، من مطاعم العلقم ، و
مشارب الصّبر و المقر ( أي السم ) . و من كلام له ( ع ) الى عثمان : و إنّي أنشدك اللّه أن
لا تكون إمام هذه الأمّة المقتول ، فإنّه كان يقال : يقتل في هذه الأمّة إمام
يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة و يلبس أمورها عليها ، و يبثّ الفتن
فيها ، فلا يبصرون الحقّ من الباطل . يموجون فيها موجا ، و يمرجون فيها مرجا . ( الخطبة 162 ، 292 ) و قال ( ع ) عن فتنة بني أمية : افترقوا بعد ألفتهم ، و
تشتّتوا عن أصلهم . فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه . على أنّ اللّه تعالى
سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة ، كما تجتمع قزع الخريف . يؤلّف اللّه بينهم ، ثمّ
يجمعهم ركاما كركام السّحاب . ثمّ يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل
الجنّتين ، حيث لم تسلم عليه قارة ، و لم تثبت عليه أكمة ، و لم يردّ سننه رصّ
طود ، و لا حداب أرض . يزعزعهم اللّه في بطون أوديته ، ثمّ يسلكهم ينابيع في
الأرض . يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، و يمكّن لقوم في ديار قوم . و أيم اللّه
ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين ، كما تذوب الألية على النّار . أيّها
النّاس ، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ ، و لم تهنوا عن توهين البّاطل ، لم يطمع
فيكم من ليس مثلكم ، و لم يقومن قوي عليكم . لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل . و
لعمري ليضعّفنّ لكم التّيه من بعدي أضعافا ، بما خلّفتم الحقّ وراء طهوركم ، و
قطعتم الأدنى و وصلتم الأبعد . ( الخطبة 164 ، 300 ) و قال ( ع ) عن مدى علمه بالمغيبات : و اللّه لو شئت
أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه ( أي من أين يخرج
و يدخل ) و جميع شأنه لفعلت . و لكن أخاف أن تكفروا فيّ ( أي بسببي ) برسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله . ألا و إنّي مفضيه ( أي موصله
) إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه . و الّذي بعثه بالحقّ و اصطفاه على
الخلق ، ما أنطق إلاّ صادقا ، و قد عهد إليّ بذلك كلّه (
الفاعل المستتر راجع للنبي ) ، و بمهلك من يهلك ، و منجى من ينجو ، و مآل
هذا الأمر . و ما أبقى شيئا يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذنيّ و أفضى به إليّ .
( الخطبة 173 ، 311 ) . . ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم ، و انقطاع وصلكم
و استعمال صغاركم . ذاك حيث تكون ضربة السّيف على المؤمن أهون من الدّرهم من
حلّه ( لاختلاط المكاسب بالحرام ) . ذاك حيث
يكون المعطى ( أي الفقير ) أعظم أجرا من المعطي ( أي الغني المترف ) . ذاك حيث تسكرون من غير شراب .
بل من النّعمة و النّعيم . أيّها النّاس ،
سلوني قبل أن تفقدوني ، فلأنا بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض . قبل أن تشغر
برجلها فتنة تطأ في خطامها ، و تذهب بأحلام قومها . (
الخطبة 187 ، 350 ) و قال ( ع ) لمعاوية يتنبأ برفع المصاحف في صفين و الدعوة الى
التحكيم : فكأنّي قد رأيتك تضجّ من الحرب إذا عضّتك ضجيج الجمال بالأثقال
. و كأنّي بجماعتك تدعوني جزعا من الضّرب المتتابع ، و القضاء الواقع ، و مصارع
بعد مصارع إلى كتاب اللّه ، و هي كافرة جاحدة ، أو مبايعة حائدة . ( الخطبة 249 ، 450 ) و قال ( ع ) عن صفة آخر الزمان : يأتي على النّاس زمان لا يقرّب فيه إلاّ الماحل ، و لا
يظرّف فيه إلاّ الفاجر ، و لا يضعّف فيه إلاّ المنصف . يعدّون الصّدقة فيه غرما
، و صلة الرّحم منّا ، و العبادة استطالة على النّاس . فعند ذلك يكون السّلطان
بمشورة النّساء و إمارة الصّبيان و تدبير الخصيان . (
102 ح ، 582 ) يأتي على النّاس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلاّ رسمه ،
و من الإسلام إلاّ اسمه . إنّ لبني أميّة
مرودا ( أي مهلة ) يجرون فيه ، و لو قد اختلفوا
فيما بينهم ، ثمّ كادتهم الضّباع لغلبتهم ( أي لو
حاربتهم الضباع دون الاسود لقهرتهم ) . ( 464 ح
، 659 ) يأتي على النّاس
زمان عضوض ( أي شديد ) ، يعضّ الموسر فيه على ما
في يديه و لم يؤمر بذلك . قال اللّه سبحانه وَ لاَ تَنْسُوا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ
. تنهد فيه الأشرار و تستذلّ الأخيار . و يبايع المضطرّون ، و قد نهى رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع المضطرّين
. ( 468 ح ، 660 ) |
|
( 131 ) زهد الامام ( ع ) و تقواه
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن ابي الحديد المعتزلي في شرحه للنهج عن
زهد الامام ( ع ) : و أما الزهد في
الدنيا فهو سيد الزهاد ، و بدل الابدال ، و اليه تشد الرحال . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) قال
عبد اللّه بن العباس ( رض ) : دخلت على
أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار و هو يخصف
نعله ، فقال لي : ما قيمة هذه النعل ؟ فقلت : لا قيمة لها فقال ( ع ) : و اللّه لهي أحبّ إليّ من إمرتكم ، إلاّ
أن أقيم حقّا ، أو أدفع باطلا . ( الخطبة 33 ، 89 ) و من
كلام له ( ع ) لما عزموا على بيعة عثمان : لقد علمتم أنّي أحقّ النّاس بها من غيري ، و و اللّه لأسلمنّ ما سلمت أمور
المسلمين ، و لم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة . التماسا لأجر ذلك و فضله ، و
زهدا فيما تنافستموه من زخرفه و زبرجه . ( الخطبة 72 ،
129 ) و من كلام له ( ع ) في ذكر عمرو بن العاص : أما و
اللّه إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت ، و إنه ليمنعه من قول الحقّ نسيان
الآخرة . ( الخطبة 82 ، 149 ) و قال ( ع ) : و اللّه لقد رقّعت مدرعتي هذه حتّى
استحييت من راقعها . و لقد قال لي قائل : ألا
تنبذها عنك ؟ فقلت : أعزب عنّي ، فعند الصّباح يحمد القوم السّرى ( و هو السير
ليلا ) . ( الخطبة 158 ، 285 ) أيّها النّاس ،
إنّي و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها ، و لا أنهاكم عن معصية
إلاّ و أتناهى قبلكم عنها . ( الخطبة 173 ، 311
) و من كلام له ( ع ) في معاوية : و اللّه ما معاوية
بأدهى منّي ، و لكنّه يغدر و يفجر . و لو لا كراهية الغّدر لكنت من أدهى النّاس
. و لكن كلّ غدرة فجرة ، و كلّ فجرة كفرة . « و لكلّ غادر لواء يعرف به يوم
القيامة » . ( الخطبة 198 ، 394 ) و إنّ دنياكم
عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها . ما لعليّ و لنعيم يفنى ، و لذّة لا
تبقى . ( الخطبة 222 ، 427 ) من كتاب له ( ع ) الى عثمان بن حنيف الانصاري و كان عامله على
البصرة ، و قد بلغه أنه دعي الى وليمة قوم من أهلها ، فمضى اليها قوله :
أمّا بعد ، يا بن حنيف ، فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة
فأسرعت إليها . تستطاب لك الألوان ، و تنقل إليك الجفان و ما ظننت أنّك تجيب إلى
طعام قوم ، عائلهم مجفوّ ( أي محتاجهم مطرود ) و
غنيّهم مدعوّ . فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم ( قضم
: اكل بطرف اسنانه ) . فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، و ما أيقنت بطيب
وجوهه فنل منه . إليك عنّي يا
دنيا فحبلك على غاربك ، قد انسللت من مخالبك و أفلتّ من حبائلك ، و اجتنبت
الذّهاب في مداحضك . ( الخطبة 284 ، 508 ) أعزبي عنّي ( يا دنيا ) فو اللّه لا أذلّ لك فتستذلّيني ، و لا
أسلس لك فتقوديني . و أيم اللّه يمينا أستثني فيها بمشيئة اللّه لأروضنّ نفسي
رياضة تهشّ معها إلى القرص ( أي تفرح بالرغيف من شدة ما حرمته ) إذا قدرت عليه
مطعوما ، و تقنع بالملح مأدوما ، و لأدعنّ مقلتي كعين ماء ، نضب معينها ،
مستفرغة دموعها . أتمتلي ء السّائمة من رعيها فتبرك ؟ و تشبع الرّبيضة من عشبها
فتربض ؟ و يأكل عليّ من زاده فيهجع قرّت إذا عينه (
دعاء على نفسه ( ع ) بالموت ، الذي علامته سكون عينه ) إذا اقتدى بعد
السّنين المتطاولة ، بالبهيمة الهاملة و السّائمة المرعيّة . ( الخطبة 284 ، 509 ) و من
خبر ضرار بن حمزة الضبائي عند دخوله على معاوية و مسألته له عن أمير المؤمنين ،
قال : فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله ،
و هو قائم في محرابه قابض على لحيته ، يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين ،
و يقول : يا دنيا يا دنيا إليك عنّي . أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت ؟ لا حان حينك
، هيهات غرّي غيري ، لا حاجة لي فيك . قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير
، و خطرك يسير ، و أملك حقير . آه من قلّة الزّاد ، و طول الطّريق ، و بعد
السّفر ، و عظيم المورد . ( 77 ح ، 577 ) ورئي على الامام
إزار مرقوع فقيل له في ذلك ، فقال : يخشع له القلب ، و تذلّ به النّفس ، و يقتدي
به المؤمنون . إنّ الدّنيا و الآخرة عدوّان متفاوتان . . ( 103 ح ، 583 ) و اللّه لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق ( هو جزء من الحشا ) خنزير في يد مجذوم ( أي في يد شوهها الجذام ) . (
236 ح ، 609 ) |
|
( 132 ) الامام علي ( ع ) صوت العدالة
الانسانية
|
|
يراجع المبحث ( 212 ) و ( 213 ) وصايا الامام (
ع ) لعماله من كلام له ( ع ) فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان : و اللّه
لو وجدته قد تزوّج به النّساء ، و ملك به الإماء ، لرددته ، فإنّ في العدل سعة .
و من ضاق عليه العدل ، فالجور عليه أضيق . ( الخطبة 15
، 55 ) الذّليل عندي
عزيز حتّى آخذ الحقّ له ، و القويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه . ( الخطبة 37 ، 96 و لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، و أصبحت أخاف ظلم
رعيّتي . . أيّها القوم . . صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه . (
الخطبة 95 ، 188 ) لم تكن بيعتكم
إيّاي فلتة ، و ليس أمري و أمركم واحدا . إنّي أريدكم للّه و أنتم تريدونني
لأنفسكم . أيّها النّاس ، أعينوني على أنفسكم ، و ايم اللّه لأنصفنّ المظلوم من
ظالمه ، و لأقودنّ الظّالم بخزامته ، حتّى أورده منهل الحقّ و إنّ كان كارها . ( الخطبة 134 ، 247 ) و لا تظنّوا بي
استثقالا في حقّ قيل لي ، و لا التماس إعظام لنفسي ، فإنّه من استثقل الحقّ أن
يقال له ، أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه . و قال ( ع ) يتبرأ من الظلم : و اللّه لأن أبيت على
حسك السّعدان مسهّدا ( الحسك : الشوك . و اللّه لقد رأيت
عقيلا و قد أملق ( أي اشتد فقره ) ، حتّى
استماحني من برّكم ( أي استعطاني من قمحكم )
صاعا . و رأيت صبيانه شعث الشّعور ، غبر الألوان من فقرهم ، كأنّما سوّدت وجوههم
بالعظلم ( سواد يصبغ به ، و قيل النيلة ) . و
عاودني مؤكّدا ، و كرّر عليّ القول مردّدا ، فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه
ديني ، و أتّبع قياده مفارقا طريقتي . فأحميت له حديدة . ثمّ أدنيتها من جسمه
ليعتبر بها ، فضجّ ضجيج ذي دنف ( أي مرض ) من
ألمها . و كاد أن يحترق من ميسمها . فقلت له : ثكلتك الثّواكل يا عقيل . أتئنّ
من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، و تجرّني إلى نار سجرها ( أي أضرمها ) جبّارها لغضبه أتئنّ من الأذى و لا أئنّ
من لظى ؟ و أعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها (
نوع من الحلواء أهداها اليه الاشعث بن قيس ) ، و معجونة شنئتها ( أي كرهتها ) . كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيئها . و من وصية له ( ع ) للحسن و الحسين ( ع ) لما ضربه عبد الرحمن
بن ملجم ، قال : يا بني عبد المطّلب ، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين
خوضا ، تقولون : قتل أمير المؤمنين . ألا لا تقتلنّ بي إلاّ قاتلي . أنظروا إذا
أنا متّ من ضربته هذه ، فاضربوه ضربة بضربة ، و لا يمثّل بالرّجل ، فانّي سمعت
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول :
« إيّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور » . ( الخطبة 286
، 512 ) لما
بلغه ( ع ) اغارة أصحاب معاوية على الانبار ، فخرج بنفسه ماشيا حتى أتى النخيلة ، فادركه الناس ، و قالوا : يا أمير
المؤمنين نحن نكفيكهم . فقال : ما تكفونني أنفسكم ، فكيف تكفونني غيركم ، إن
كانت الرّعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها ، و إنّني اليوم لأشكو حيف رعيّتي ، كأنّني
المقود و هم القادة ، أو الموزوع ( أي المحكوم )
و هم الوزعة ( جمع وازع بمعنى الحاكم ) . ( الخطبة 261 ح ، 618 ) |
|
( 133 ) تواضع الامام ( ع ) و إنكاره
التملق له
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و
قال ( ع ) و قد لقيه
عند مسيره الى الشام دهاقين الانبار ، فترجلوا له و اشتدوا بين يديه . و قال ( ع ) لرجل
أفرط في الثناء عليه ، و كان له متّهما : أنا دون ما تقول و فوق ما في
نفسك . ( 83 ح ، 579 ) و قال ( ع ) و قد
مدحه قوم في وجهه : اللّهمّ إنّك أعلم بي من نفسي ، و أنا أعلم بنفسي
منهم . اللّهمّ اجعلنا خيرا ممّا يظنّون ، و اغفر لنا ما لا يعلمون . ( 100 ح ، 582 ) أقبل شخص
يمشي مع الإمام و الإمام راكب فقال له ( ع ) :
ارجع فإنّ مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي و مذلّة للمؤمن . ( 322 ح ، 631 ) |
|
( 134 ) جهاد الامام علي ( ع ) و شجاعته
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج :
أما شجاعته فانه أنسى الناس فيها ذكر من
كان قبله ، و محا ذكر من يأتي بعده . ما بارز احدا الا قتله ، و ما ضرب ضربة قط
فاحتاجت الى ثانية . و في الحديث : « كانت
ضرباته وترا » . و كانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و اللّه لا أكون كالضّبع : تنام على طول اللّدم ( الضرب
بشي ء ثقيل على الارض ) حتّى يصل إليها طالبها ، و يختلها راصدها ( يقصد الامام بذلك انه لا يخدع ) . و لكنّي أضرب
بالمقبل إلى الحقّ ، المدبر عنه . و بالسّامع المطيع ، العاصي المريب أبدا ،
حتّى يأتي عليّ يومي . ( الخطبة 6 ، 49 ) و إنّ
معي لبصيرتي : ما لبّست على نفسي و لا لبّس
عليّ . و أيم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه ( أي
لأملأن لهم حوضا هو حوض البلاء و الحرب ، أنا خبير به ) . و قال
( ع ) متبرما من أصحابه : يا أشباه الرّجال
و لا رجال . . . لقد ملأتم قلبي قيحا . . . و قال ( ع ) و قد ذكر بعثة النبي ( ص ) و هو سائر لقتال أهل
البصرة : أما و اللّه إن كنت لفي ساقتها ، حتّى تولّت بحذافيرها . ما
عجزت و لا جبنت ، و إنّ مسيري هذا لمثلها . ما لي و لقريش و اللّه لقد قاتلتهم كافرين ، و لأقاتلنّهم
مفتونين . و إنّي لصاحبهم بالأمس ، كما أنا صاحبهم اليوم و اللّه ما تنقم منّا
قريش إلاّ أنّ اللّه اختارنا عليهم ، فأدخلناهم في حيّزنا . فكانوا كما قال الأوّل : أدمت لعمري شربك المحض صابحا
و أكلك بالزّبد المقشّرة البجرا و نحن و هبناك العلاء و لم تكن عليا ، و حطنا
حولك الجرد و السّمرا ( الخطبة 33 ، 90 ) أنت فكن ذاك إن
شئت ، فأمّا أنا فو اللّه دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفيّة ، تطير منه فراش الهام
( العظام الرقيقة التي تلي القحف ) ، و تطيح
السّواعد و الأقدام . ( الخطبة 34 ، 92 ) أمّا قولكم : أكلّ ذلك كراهية الموت فو اللّه ما أبالي
دخلت إلى الموت أو خرج الموت إليّ . ( الخطبة 55 ، 111
) من كلام له ( ع ) لما خوّف من الاغتيال ، يفيد
توكله على اللّه : و إنّ عليّ من
اللّه جنّة حصينة ، فاذا جاء يومي انفرجت عنّي و أسلمتني . فحينئذ لا يطيش
السّهم ، و لا يبرأ الكلم . ( الخطبة 60 ، 115 )
و أيم اللّه لقد كنت من ساقتها (
أي الجاهلية ) حتّى تولّت بحذافيرها ، و استوسقت في قيادها . ما ضعفت و
لا جبنت ، و لا خنت و لا وهنت . و أيم اللّه لأبقرنّ الباطل حتّى أخرج الحقّ من
خاصرته . ( و قد مرت برواية أخرى ) . ( الخطبة 102 ، 199 ) و اللّه لو لا
رجائي الشّهادة عند لقائي العدوّ و لو قد حمّ لي لقاؤه لقرّبت ركابي ، ثمّ شخصت
عنكم ، فلا أطلبكم ما اختلف جنوب و شمال . ( الخطبة 117
، 227 ) إنّ الموت طالب
حثيث ، لا يفوته المقيم ، و لا يعجزه الهارب . إنّ أكرم الموت القتل و الّذي نفس
ابن أبي طالب بيده ، لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من ميتة على الفراش ، في غير
طاعة اللّه . ( الخطبة 121 ، 232 ) و اللّه لأنا
أشوق إلى لقائهم ، منهم إلى ديارهم . ( الخطبة 122 ،
233 ) و أيم اللّه
لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه ( هو حوض الموت يسقي الامام منه أعداءه ) لا يصدرون
عنه بريّ ، و لا يعبّون بعده في حسي ( أي يسقيهم كأسا
لا يتجرعون سواها ) . ( الخطبة 135 ، 248
) و إنّ أحبّ ما أنا لاق إليّ الموت . ( الخطبة 178 ، 322 ) و قال ( ع ) في الخطبة القاصعة : أنا وضعت في الصّغر بكلاكل العرب ، و كسرت نواجم قرون
ربيعة و مضر . ( الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) من كتاب له ( ع ) الى معاوية : . . . فأنا أبو حسن قاتل جدّك و أخيك و خالك شدخا يوم
بدر ( جد معاوية لأمه عتبة بن أبي ربيعة ، و خاله
الوليد بن عتبة ، و أخوه حنظلة بن أبي سفيان ) . و ذلك السّيف معي ، و
بذلك القلب ألقى عدوّي . ما استبدلت دينا ، و لا استحدثت نبيّا . و إنّي لعلى
المنهاج الّذي تركتموه طائعين ، و دخلتم فيه مكرهين . (
الخطبة 249 ، 450 ) و اللّه ما فجأني
من الموت وارد كرهته ، و لا طالع أنكرته . و ما كنت إلاّ كقارب ورد ، و طالب وجد
وَ مَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ . ( الخطبة
262 ، 459 ) و ذكرت أنّه ليس
لي و لإصحابي عندك إلاّ السّيف ، فلقد أضحكت بعد استعبار متى ألفيت بني عبد
المطّلب عن الأعداء ناكلين ، و بالسّيف مخوّفين ؟ . (
الخطبة 267 ، 471 ) فو اللّه لو لا طمعي عند لقائي عدوّي في الشّهادة ، و
توطيني نفسي على المنيّة ، لأحببت ألاّ ألقى مع هؤلاء يوما واحدا ، و لا ألتقي
بهم أبدا . ( الخطبة 274 ، 493 ) من كتاب له ( ع ) الى أخيه عقيل في ذكر جيش أنفذه الى بعض
الاعداء : فسرّحت إليه جيشا كثيفا من المسلمين ، فلمّا بلغه ذلك شمّر
هاربا و نكص نادما . فلحقوه ببعض الطّريق . و قد طفّلت الشّمس للإياب . فاقتتلوا
شيئا كلا و لا ( كناية عن السرعة ) . فما كان
إلاّ كموقف ساعة حتّى نجا جريضا ( مغموما ) بعد
ما أخذ منه بالمخنّق ، و لم يبق منه غير الرّمق . فلأيا بلأي مانجا و أمّا ما
سألت عنه من رأيي في القتال ، فإنّ رأيي قتال المحلّين ، حتّى ألقى اللّه ، لا
يزيدني كثرة النّاس حولي عزّة ، و لا تفرّقهم عنّي وحشة . و لا تحسبنّ ابن أبيك
و لو أسلمه النّاس متضرّعا متخشّعا ، و لا مقرّا للضّيم واهنا ، و لا سلس
الزّمام للقائد ، و لا وطي ء الظّهر للرّاكب المتعقّد ، و لكنّه كما قال أخو بني سليم : و كأنّي بقائلكم يقول « إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب ، فقد قعد به الضّعف عن
قتال الأقران ، و منازلة الشّجعان » . ألا و إنّ الشّجرة البرّية أصلب عودا ، و
الرّوائع الخضرة أرقّ جلودا ، و النّباتات البدوية أقوى وقودا و أبطأ خمودا . و
أنا من رسول اللّه كالصّنو من الصّنو ، و الذّراع من العضد . و اللّه لو تظاهرت
العرب على قتالي لما ولّيت عنها ، و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها . .
. ( الخطبة 284 ، 507 ) من كتاب له ( ع ) الى أهل مصر ، مع مالك الاشتر
لما ولاه امارتها : إنّي و اللّه لو
لقيتهم واحدا ، و هم طلاع الأرض كلّها ( أي يملؤون الارض ) ما باليت و لا
استوحشت ، و إنّي من ضلالهم الّذي هم فيه ، و الهدى الّذي أنا عليه ، لعلى بصيرة
من نفسي ، و يقين من ربّي . و إنّي إلى لقاء اللّه لمشتاق ، و حسن ثوابه لمنتظر
راج . و لكنّني آسى أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها و فجّارها ، فيتّخذوا مال
اللّه دولا . . ( الخطبة 301 ، 548 ) و من
كتاب له ( ع ) الى معاوية : و عندي السّيف
الّذي أعضضته بجدّك و خالك و أخيك في مقام واحد . (
الخطبة 303 ، 551 ) و قيل له ( ع ) : بأي شي ء غلبت الاقران ؟ فقال عليه السلام : ما لقيت رجلا إلاّ أعانني على نفسه
( يومي بذلك الى تمكن هيبته في القلوب ) . ( 318 ح ، 630 ) و اللّه ما خلعت
باب خيبر ، و دكدكت حصن يهود ، بقوّة جسمانيّة ، بل بقوّة إلهيّة . ( 626 حديد ) |
|
( 135 ) بعض خصائص الامام علي ( ع ) و
مآثره
|
|
يراجع المبحث ( 119 ) أهل البيت ( ع ) . فيا للّه و
للشّورى ، متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم ( أي
ابي بكر ) حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر . (
الخطبة 3 ، 41 ) و قال ( ع ) حين بلغه خبر الناكثين ببيعته : و اللّه
ما أنكروا عليّ منكرا ، و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا (
أي الانصاف و العدل ) . ( الخطبة 22 ، 67 ) أمّا بعد ، فإنّ
معصية النّاصح الشّفيق العالم المجرّب ( يشير الامام (
ع ) الى نفسه ) تورث الحسرة . . ( الخطبة 35 ،
93 ) و قال ( ع ) يذكر بعض فضائله بعد وقعة النهروان : فقمت
بالأمر حين فشلوا ( أي قام بالامر بالمعروف في خلافة
عثمان ) و تطلّعت حين تقبّعوا ( أي ظهر حين
اختبأ القوم خوفا ) ، و نطقت حين تعتعوا ، و مضيت بنور اللّه حين وقفوا .
و كنت أخفضهم صوتا ( كناية عن رباطة الجأش في الشدائد )
، و أعلاهم فوتا ( أي سبقا ) . فطرت بعنانها ، و
استبددت برهانها . كالجبل لا تحرّكه القواصف ، و لا تزيله العواصف . لم يكن لأحد
فيّ مهمز ( أي عيب ) ، و لا لقائل فيّ مغمز .
الذّليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له ، و القويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه .
رضينا عن اللّه قضاءه ، و سلّمنا للّه أمره ( هذا
الكلام قاله الامام عند ما تفرس في قوم من عسكره أنهم يتهمونه فيما يخبرهم به من
أنباء الغيب ) . أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم ؟ و اللّه لأنا أوّل من صدّقه ، فلا أكون أوّل
من كذب عليه . فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، و إذا الميثاق في عنقي
لغيري « يصف في هذا الكلام حال نفسه ( ع ) بعد وفاة
النبي ( ص ) . يبيّن فيه أنه مأمور بالرفق في طلب حقه في الخلافة ، فبايع
الخلفاء الذين قبله مكرها ، امتثالا لما أمره به النبي من الرفق ، و ايفاء بما
أخذ عليه النبي من الميثاق في ذلك » . ( الخطبة 37 ، 95
) و قال
( ع ) بعد ذكره معاوية و أمره بسب علي ( ع ) : فأمّا السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة و لكم نجاة . و أمّا البراءة فلا
تتبرّاؤا منّي . فإنّي ولدت على الفطرة ، و سبقت إلى الإيمان و الهجرة . ( الخطبة 57 ، 113 أنا حجيج
المارقين ، و خصيم النّاكثين المرتابين . ( الخطبة 73 ،
130 ) من كلام له ( ع ) حين منعه سعيد بن العاص حقه : إنّ بني أميّة ليفوّقونني ( اي
يعطونني من المال قليلا ) تراث محمّد صلّى اللّه عليه و آله تفويقا . و
اللّه لئن بقيت لهم لأنفضنّهم نفض اللّحّام الوذام التّربة
( الوذام : جمع وذمة و هي القطعة من الكرش أو الكبد تقع على التراب فتنفض )
. ( الخطبة 75 ، 131 ) و من
كلام له ( ع ) في الرد على عمرو بن العاص : عجبا لابن النّابغة يزعم لأهل الشّام أنّ فيّ دعابة ، و أنّي امرؤ تلعابة ،
أعافس و أمارس . لقد قال باطلا و نطق آثما . . .
أما و اللّه إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت ، و إنّه ليمنعه من قول الحقّ
نسيان الآخرة . ( الخطبة 82 ، 149 ) و اللّه ما أسمعكم الرّسول شيئا إلاّ و ها أنذا مسمعكموه
. ( الخطبة 87 ، 158 ) فاللّه اللّه أن
تشكوا إلى من لا يشكي شجوكم ( أي يقضي حاجاتكم الفاسدة
) ، و لا ينقض برأيه ما قد أبرم لكم ( أي أن
الامام لا يبرم الاحكام برأيه و انما بمقتضى الشرع ، لذلك فهو لا ينقض هذه
الاحكام ، لمجرد تنفيذ مآربكم ) . ( الخطبة 103
، 201 ) فلقد فلق لكم
الأمر فلق الخرزة و قرفه ( أي قشره ) قرف
الصّمغة ( لان الصمغة اذا قشرت لا يبقى لها أثر ) .
( الخطبة 106 ، 207 ) لن يسرع أحد قبلي
إلى دعوة حقّ ، و صلة رحم ، و عائدة كرم . ( الخطبة 137
، 251 ) و اللّه لا أكون
كمستمع اللّدم ( الضرب على الصدر و الوجه عند النياحة )
، يسمع النّاعي و يحضر الباكي ، ثمّ لا يعتبر ( الخطبة
146 ، 260 ) و لقد أحسنت
جواركم ، و أحطت بجهدي من ورائكم . و أعتقتكم من ربق الذّلّ ، و حلق الضّيم ،
شكرا منّي للبرّ القليل ، و إطراقا عمّا أدركه البصر ، و شهده البدن ، من المنكر
الكثير . ( الخطبة 157
، 280 . . . و إنّي لمن قوم لا تأخذهم في اللّه لومة لائم .
سيماهم سيما الصّدّيقين ، و كلامهم كلام الأبرار . عمّار اللّيل و منار النّهار
. متمسّكون بحبل القرآن . يحيون سنن اللّه و سنن رسوله . لا يستكبرون و لا يعلون
، و لا يغلّون و لا يفسدون . قلوبهم في الجنان و أجسادهم في العمل . ( الخطبة 190 ، 4 ، 375 ) من كتاب له ( ع ) الى معاوية جوابا : و أمّا قولك : إنّا بنو عبد مناف فكذلك نحن . و لا المهاجر
كالطّليق ( الطليق هو الاسير الذي اطلق بالفدية . و قد
كان معاوية و أبو سفيان من الطلقاء يوم فتح مكة ) . . . و في أيدينا بعد
فضل النّبوّة ، الّتي أذللنا بها العزيز ، و نعشنا بها الذّليل . ( الخطبة 256 ، 455 ) من كتاب له (
ع ) الى ابي موسى الاشعري في أمر التحكيم : و ليس رجل
فاعلم أحرص على أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم و ألفتها منّي . أبتغي بذلك حسن الثّواب و كرم المآب . و سأفي
بالّذي وأيت على نفسي ( أي وعدت ) . ( الخطبة 317 ، 564 ) و قيل له ( ع ) : كيف نجدك يا أمير المؤمنين ؟ فقال ( ع ) :
كيف يكون حال من يفنى ببقائه ، و يسقم بصحّته ، و يؤتى من مأمنه . ( 115 ح ، 586 ) و كان ( ع ) يقول : متى أشفي غيظي إذا غضبت ؟ أحين أعجز عن الإنتقام فيقال
لي لو صبرت ؟ أم حين أقدر عليه فيقال لي لو عفوت ؟ (
194 ح ، 602 ) ما أهمّني ذنب أمهلت بعده ، حتّى أصلّي ركعتين
، و أسأل اللّه العافية . ( 299 ح ، 626 ) |
|
( 136 ) وصية الامام « ع » و وفاته
|
|
قال الامام علي ( ع ) و قال ( ع ) قبيل وفاته : أيّها النّاس كلّ أمري ء لاق
ما يفرّ منه في فراره . و الأجل مساق النّفس ، و الهرب منه موافاته . كم أطردت
الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه إلاّ إخفاءه . هيهات علم مخزون . . . أنا بالأمس صاحبكم ، و أنا اليوم عبرة لكم ، و
غدا مفارقكم غفر اللّه لي و لكم إن تثبت الوطأة في هذه المزلّة فذاك ( يريد من المزلة معافاته من جراحه ) ، و إن تدحض
القدم فإنّا كنّا في أفياء أغصان ، و مهابّ رياح . و تحت ظلّ غمام . اضمحلّ في
الجوّ متلفّقها ( المتلفق : المنضم بعضه على بعض )
، و عفا في الأرض مخطّها ( يريد أن شأن الدنيا الزوال )
. و إنّما كنت جارا جاوركم بدني أيّاما ، و ستعقبون منّي جثّة خلاء : ساكنة بعد
حراك ، و صامتة بعد نطق . ليعظكم هدوّي ، و خفوت إطراقي و سكون أطرافي . فإنّه
أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ و القول المسموع . من
كلام له ( ع ) قاله قبل وفاته على سبيل الوصية ، لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم : وصيّتي لكم ألاّ تشركوا باللّه شيئا . و محمّد صلّى
اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنّته . أقيموا هذين العمودين ، و أوقدوا هذين
المصباحين ، و خلاكم ذمّ . و اللّه ما فجأني من الموت وارد كرهته ، و لا طالع أنكرته
. و ما كنت إلاّ كقارب ورد ، و طالب وجد وَ مَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ
لِلأَبْرارِ ( الخطبة 262 ، 459 ) من وصية له ( ع ) بما يعمل في أمواله ، كتبه بعد منصرفه من
صفين : هذا ما أمر به عبد اللّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله
، ابتغاء وجه اللّه ليولجه به الجنّة ، و يعطيه به الأمنة . من
وصية له ( ع ) لابنه الحسن ( ع ) بعد انصرافه من صفين : أمّا بعد ، فإنّ فيما تبيّنت من إدبار الدّنيا عنّي ، و
جموح الدّهر عليّ ، و إقبال الآخرة إليّ . ما يزعني عن ذكر من سواي ، و الإهتمام
بما ورائي . غير أنّي حيث تفرّد بي دون هموم النّاس همّ نفسي . فصدفني رأيي و
صرفني عن هواي ، و صرّح لي محض أمري . فأفضى بي إلى جدّ لا يكون فيه لعب ، و صدق
لا يشوبه كذب . و وجدتك ( يخاطب الحسن عليه السلام
) بعضي ، بل وجدتك كلّي ، حتّى كأنّ شيئا لو
أصابك أصابني . و كأنّ الموت لو أتاك أتاني . فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر
نفسي ، فكتبت إليك كتابي مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت . ( الخطبة 270 ، 1 ، 474 ) أي بنيّ ، إنّي لمّا رأيتني قد بلغت سنا ، و رأيتني أزداد
وهنا ، بادرت بوصيّتي إليك . و أوردت خصالا منها ، قبل أن يعجل بي أجلي دون أن
أفضي إليك بما في نفسي . أو أن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي . أو يسبقني إليك
بعض غلبات الهوى و فتن الدّنيا ، فتكون كالصّعب النّفور ( الفرس غير الذلل و غير الآنس ) . (
الخطبة 270 ، 1 ، 476 ) و اعلم
يا بنيّ أنّ أحبّ ما أنت آخذ به إليّ من وصيّتي ، تقوى اللّه و
الإقتصار على ما فرضه اللّه عليك ، و الأخذ بما مضى عليه الأوّلون من آبائك ، و
الصّالحون من أهل بيتك ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر ، و
فكّروا كما أنت مفكّر ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا و الإمساك عمّا
لم يكلّفوا ، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا ، فليكن طلبك ذلك
بتفهّم و تعلّم ، لا بتورّط الشّبهات و علق الخصومات . و أبدأ قبل نظرك في ذلك بالإستعانة
بالهك ، و الرّغبة إليه في توفيقك ، و ترك كلّ شائبة أولجتك في شبهة ، أو أسلمتك
إلى ضلالة . فإن أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع ، و تمّ رأيك فاجتمع ، و كان همّك في
ذلك همّا واحدا ، فانظر فيما فسّرت لك . و إن لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك ، و
فراغ نظرك و فكرك ، فاعلم أنّك إنّما تخبط العشواء و تتورّط الظّلماء ، و ليس
طالب الدّين من خبط أو خلط ، و الإمساك عن ذلك أمثل . (
الخطبة 270 ، 1 ، 477 ) . . . فإنّي لم آلك نصيحة . و إنّك لن تبلغ في النّظر
لنفسك و إن اجتهدت مبلغ نظري لك . ( الخطبة 270 ، 2 ،
479 ) و يختم
الامام ( ع ) وصيته لأبنه الحسن ( ع ) و هي تربو على 16 صفحة بهذا الدعاء : استودع اللّه دينك و دنياك . و اسأله خير القضاء لك في
العاجلة و الآجلة ، و الدّنيا و الآخرة ، و السّلام . (
الخطبة 270 ، 4 ، 490 ) من
وصية له ( ع ) للحسن و الحسين ( ع ) لما ضربه ابن ملجم لعنه اللّه : أوصيكما بتقوى اللّه ، و أن لا تبغيا الدّنيا و إن
بغتكما . و لا تأسفا على شي ء منها زوي عنكما . و قولا للحقّ ، و اعملا للأجر ،
و كونا للظّالم خصما و للمظلوم عونا . |
|
الفصل الخامس عشر شخصية الإمام علي بن
أبي طالب عليه السلام
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج : |
|
( 123 ) إيمان الامام علي ( ع ) باللّه و
رسوله
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج
البلاغة عن إيمان الامام علي ( ع ) : و ما أقول في رجل سبق الناس الى الهدى ، و آمن باللّه و عبده و كلّ من في
الارض يعبد الحجر ، و يجحد الخالق . لم يسبقه أحد الى التوحيد إلا السابق الى كل
خير محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم
. ذهب أكثر أهل الحديث الى أنه عليه السلام أول الناس اتباعا لرسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و إيمانا به . و قد قال ( ع ) :
أنا الصدّيق الاكبر ، و أنا الفاروق الاول ، أسلمت قبل إسلام الناس و صليت قبل
صلاتهم . |
|
النصوص :
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و إنّي لعلى
يقين من ربّي ، و غير شبهة من ديني . ( الخطبة 22 ، 67
) رضينا عن اللّه قضاءه ، و سلّمنا للّه أمره .
أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
؟ و اللّه لأنا أوّل من صدّقه ، فلا أكون أوّل من كذب عليه . ( الخطبة 37 ، 96 ) و قال ( ع ) بعد ذكر معاوية و أمره بسب علي (
ع ) : فأمّا السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة و لكم نجاة و أمّا
البراءة فلا تتبرّؤوا منّي ، فانّي ولدت على الفطرة ، و سبقت إلى الإيمان و
الهجرة . ( الخطبة 57 ، 113 ) أ بعد إيماني
باللّه ، و جهادي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
أشهد على نفسي بالكفر ( لقد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين ) . ( الخطبة 58 ، 113 ) و من خطبة له ( ع )
في ذم أهل العراق و قد وصموه بالكذب فيما أخبرهم به مما لا يعرفون : و إنّي لعلى بيّنة من ربّي ، و منهاج من نبيّي ، و إنّي لعلى الطّريق الواضح
ألقطه لقطا . ( الخطبة 95 ، 189 ) فو الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة ، إنّ
الّذي أنبئكم به عن النّبيّ الأميّ صلّى اللّه عليه و
آله ، ما كذب المبلّغ ، و لا جهل السّامع . (
الخطبة 99 ، 194 ) اللّهمّ إنّي أوّل من أناب ، و سمع و أجاب .
لم يسبقني إلاّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم بالصّلاة . ( الخطبة 129 ، 242 ) و قال ( ع ) في
الخطبة القاصعة عن ملازمته للنبي ( ص ) : و لقد كنت أتّبعه إتّباع الفصل ( أي ولد الناقة ) أثر أمّه . يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه
علما ، و يأمرني بالإقتداء به . و لقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه و لا
يراه غيري . و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و خديجة و أنا ثالثهما . أرى
نور الوحي و الرّسالة ، و أشمّ ريح النّبوّة . ( الخطبة
190 ، 4 ، 374 )
ثم قال ( ع ) بعد أن
ذكر قصة الشجرة التي أمرها رسول اللّه ( ص ) بالمجي ء و الرجوع ففعلت : و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله ، أنّي لم أردّ على اللّه و لا
على رسوله ساعة قطّ . و لقد واسيته بنفسي في المواطن الّتي تنكص فيها الأبطال ،
و تتأخّر فيها الأقدام ، نجدة أكرمني اللّه بها . (
الخطبة 195 ، 386 ) فيا عجبا للدّهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع
بقدمي ، و لم تكن له كسابقتي ، الّتي لا يدلي أحد بمثلها ، إلاّ أن يدّعي مدّع
ما لا أعرفه ، و لا أظنّ اللّه يعرفه ، و الحمد للّه على كلّ حال . ( الخطبة 248 ، 448 ) تجادل الامام علي ( ع ) مع عثمان ، حتى جرى
ذكر أبي بكر و عمر ، فقال عثمان : أبو بكر و
عمر خير منك . فقال ( ع ) : أنّا خير منك و
منهما ، عبدت اللّه قبلهما ، و عبدته بعدهما . ( 66
حديد ) |
|
( 124 ) عصمة الامام علي ( ع ) علي مع الحق
و مع القرآن لا يفترقان
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و إنّ معي
لبصيرتي ، ما لبّست على نفسي ، و لا لبّس عليّ . (
الخطبة 10 ، 51 ) و اللّه ما كتمت
وشمة ( أي كلمة ) و لا كذبت كذبة ، و لقد نبّئت
بهذا المقام و هذا اليوم . ( الخطبة 16 ، 56 ) . . . و إنّي لعلى يقين من ربّي ، و غير شبهة من ديني . ( الخطبة 22 ، 67 ) و من خطبة له ( ع ) في ذم أهل العراق و قد وصموه بالكذب فيما
يخبرهم بما لا يعرفون : و لقد بلغني أنّكم تقولون : عليّ يكذب . قاتلكم
اللّه تعالى فعلى من أكذب ؟ و اعذروا من لا حجّة لكم عليه و هو أنا ألم أعمل فيكم
بالثّقل الأكبر ؟ ( أي القرآن ) و أترك فيكم
الثّقل الأصغر ( أي الحسن و الحسين عليهما السلام )
. ( الخطبة 85 ، 155 ) أيّها القوم . . . صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه . ( الخطبة 95 ، 189 ) و إنّي لعلى بيّنة من ربّي ، و منهاج من نبيّي . و إنّي
لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا . ( الخطبة 95 ، 189 ) و ليس أمري و
أمركم واحدا . إنّي أريدكم للّه ، و أنتم تريدونني لأنفسكم . ( الخطبة 134 ، 247 ) لن يسرع أحد قبلي
إلى دعوة حقّ ، و صلة رحم ، و عائدة كرم . ( الخطبة 137
، 251 ) لا يخالفون
الدّين و لا يختلفون فيه ، فهو بينهم شاهد صادق ، و صامت ناطق . ( الخطبة 145 ، 260 ) و الّذي بعثه
بالحقّ ، و اصطفاه على الخلق ، ما أنطق إلاّ صادقا . (
الخطبة 173 ، 311 ) قال (
ع ) في معرض حديثه عن النبي ( ص ) : و ما وجد لي كذبة في قول ، و لا خطلة في فعل . (
الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و إنّي لمن قوم
لا تأخذهم في اللّه لومة لائم . سيماهم سيما الصّدّيقين ، و كلامهم كلام الأبرار
. عمّار اللّيل و منار النّهار . متمسّكون بحبل القرآن ، يحيون سنن اللّه و سنن
رسوله . لا يستكبرون و لا يعلون ، و لا يغلّون و لا يفسدون . قلوبهم في الجنان ،
و أجسادهم في العمل . ( الخطبة 190 ، 4 ، 375 ) و لقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و
آله أنّي لم أردّ على اللّه و لا على رسوله ساعة قطّ . (
الخطبة 195 ، 386 ) فو الّذي لا إله
إلاّ هو ، إنّي لعلى جادّة الحقّ ، و إنّهم لعلى مزلّة الباطل . ( الخطبة 195 ، 386 ) فإنّي لست في
نفسي بفوق أن أخطي ء ، و لا آمن ذلك من فعلي ، إلاّ أن يكفي اللّه من نفسي ما هو
أملك به منّي ( يقصد بذلك العصمة التي كفاه اللّه بها
عن فعل السوء ، علما بأن الخطأ يجوز على النبي و الامام لو لم يؤيدهما اللّه
بالعصمة ) . ( الخطبة 214 ، 413 ) و لكن هيهات أن
يغلبني هواي . . . (
الخطبة 284 ، 506 ) ما كذبت و لا كذّبت ، و لا ضللت و لا ضلّ بي . ( 185 ح ، 600 ) إنّ اللّه تبارك و تعالى طهّرنا و عصمنا ، و جعلنا شهداء
على خلقه و حججا على عباده ، و جعلنا مع القرآن و جعل القرآن معنا ، لا نفارقه و
لا يفارقنا . ( مستدرك 183 ) |
|
( 125 ) الامام علي ( ع ) نبراس الهداية
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و اعذروا من لا
حجّة لكم عليه و هو أنا ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر (
أي القرآن ) ؟ و أترك فيكم الثّقل الأصغر ( أي
الحسن و الحسين عليهما السلام ) ؟ . طبيب دوّار بطبّه
، قد أحكم مراهمه ، و أحمى مواسمه . يضع ذلك حيث الحاجة إليه . لقد حملتكم على الطّريق الواضح الّتي لا يهلك عليها إلاّ
هالك ( يقصد بالهالك من تمكن الفساد من طبعه ) .
( الخطبة 117 ، 228 ) و لكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام ، على ما
دخل فيه من الزّيغ و الإعوجاج و الشّبهة و التّأويل . فإذا طمعنا في خصلة يلمّ
اللّه بها شعثنا ، و نتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا ، رغبنا فيها ، و أمسكنا
عمّا سواها . الخطبة 120 ، 231 ) و قال
( ع ) : أيّها النّاس ، إنّي قد بثثت لكم المواعظ الّتي وعظ
الأنبياء بها أممهم . و أدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء إلى من بعدهم . و أدّبتكم
بسوطي فلم تستقيموا . |
|
( 126 ) محبة الامام علي ( ع )
|
|
مدخل :
|
|
دلت الاخبار الشريفة على أنّ محبة الامام علي ( ع ) جزء من الايمان ، و أنه لا يحبه إلا مؤمن و لا
يبغضه الا منافق ، كقول النبي ( ص ) : « يا عليّ
لا يحبّك إلاّ مؤمن ، و لا يبغضك إلاّ منافق » . و كان الولد يعرف فيما اذا كان
ابن حلال من محبته لعلي ( ع ) فاذا أبغضه شك في أصله ، و
مصداق ذلك قول صفي الدين الحلى : |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن
يبغضني ما أبغضني ، و لو صببت الدّنيا بجمّاتها ( أي
بجليلها و حقيرها ) على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني . و ذلك أنّه
قضي فانقضى على لسان النّبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم أنّه قال « يا عليّ ، لا يبغضك مؤمن ، و لا يحبّك منافق » . ( 45 ح ، 574 ) و قال
( ع ) و قد توفي سهل بن حنيف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه من
صفين ، و كان أحب الناس اليه : لو أحبّني جبل
لتهافت ( أي لتساقط بعد ما تصدع ، و ذلك أن المحن و
المصائب لا تقع الا بالمتقين الابرار ، فتصدعهم كما تتصدع الجبال ) . ( 111 ح ، 585 ) و قال ( ع ) هلك فيّ رجلان : محبّ غال ، و مبغض قال . ( 117 ح ، 587 ) و قال
( ع ) يهلك فيّ رجلان : محبّ مفرط ، و
باهت مفتر ( من الافتراء ) . ( 469 ح ، 660 ) |
|
( 127 ) قضاء الامام ( ع ) و حسن رأيه
|
|
مدخل :
|
|
يقول عز الدين ابن ابي الحديد
صاحب شرح النهج مبينا بعض مناقب الإمام
علي عليه السلام : |
|
النصوص :
|
|
و من كلام له ( ع ) و قد شاوره عمر بن الخطاب
في الخروج الى غزو الروم بنفسه فنهاه عن ذلك : و من كلام له ( ع ) و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص
لقتال الفرس بنفسه : روي أنه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلي
الكعبة و كثرته ، فقال قوم : لو أخذته فجهزت
به جيوش المسلمين كان أعظم للاجر . و ما تصنع الكعبة بالحلي ؟ فهمّ عمر بذلك . و
سأل عليا ( ع ) ، فقال عليه السلام : إنّ القرآن
أنزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
و الأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين
الورثة في الفرائض . و روي أنه ( ع ) رفع اليه رجلان سرقا من مال اللّه ، أحدهما عبد من مال اللّه ، و
الآخر من عروض الناس ( أي عبد لأحد الناس )
. فقال عليه السلام : أمّا هذا فهو من مال اللّه و لا حدّ عليه ، مال اللّه أكل
بعضه بعضا ، و أمّا الآخر فعليه الحدّ الشّديد ،
فقطع يده . ( 271 ح ، 621 ) |
|
( 128 ) أجوبة الامام المسكتة و ردوده
السريعة
|
|
قال الامام علي ( ع ) : سئل ( ع ) عن المسافة ما بين المشرق و المغرب ، فقال ( ع ) :
مسيرة يوم للشّمس . ( 294 ح ، 626 ) و سئل ( ع ) : كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم ؟ فقال عليه السلام : كما يرزقهم على كثرتهم . فقيل :
كيف يحاسبهم و لا يرونه ؟ فقال عليه السّلام :
كما يرزقهم و لا يرونه . ( 300 ح ، 627 ) و هنأ بحضرته رجل رجلا بغلام ولد له فقال له : ليهنك
الفارس . فقال الإمام عليه السّلام : لا تقل ذلك
، و لكن قل : شكرت الواهب ، و بورك لك في الموهوب ، و بلغ أشدّه و رزقت برّه . ( 354 ح ، 636 ) و بنى رجل من عماله بناء فخما ، فقال
عليه السلام : أطلعت الورق ( أي الفضة )
رؤوسها إنّ البناء يصف لك الغنى . ( 355 ح ، 636 ) و قيل له ( ع ) لو سدّ على رجل باب بيته و ترك فيه ،
من اين كان يأتيه رزقه ؟ فقال عليه السّلام : من
حيث يأتيه أجله . ( 356 ح ، 637 ) و قال ( ع ) لبعض مخاطبيه و قد تكلم بكلمة عظيمة يستصغر مثله
عن قول مثلها : و قيل للأمام ( ع ) : لو غيرت شيبتك يا أمير المؤمنين
. فقال ( ع ) : الخضاب زينة ، و نحن قوم في
مصيبة ( يريد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و
سلم ) . ( 473 ح ، 661 ) و قيل له ( ع ) : كم بين السماء و الارض ؟ فقال : دعوة
مستجابة . ( مستدرك 164 ) |
|
( 129 ) علم الامام علي ( ع )
|
|
مدخل :
|
|
اختص الامام
علي بن أبي طالب ( ع ) من بين الصحابة رضوان
اللّه عليهم بالعلم الغزير ، الذي نقله عن النبي ( ص ) و
هو الذي ربّاه و أهّله للامامة . حتى قال فيه ( ص )
: « أنا مدينة العلم و عليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت الباب » . و قال علي ( ع ) : |
|
النصوص :
|
|
يراجع
المبحث التالي ( 130 ) إخبار الامام ( ع ) بالمغيبات . أمّا بعد حمد اللّه ، و الثّناء عليه . أيّها
النّاس ، فإنّي فقأت عين الفتنة ، و لم يكن ليجتري ء عليها أحد غيري بعد أن ماج
غيهبها ، و اشتدّ كلبها . فاسألوني قبل أن تفقدوني ، فو الّذي نفسي بيده لا
تسألوني عن شي ء فيما بينكم و بين السّاعة ، و لا عن فئة تهدي مائة و تضل مائة ،
إلاّ أنبأتكم بناعقها و قائدها و سائقها ، و مناخ ركابها و محطّ رحالها ، و من
يقتل من أهلها قتلا ، و من يموت منهم موتا . . . (
الخطبة 91 ، 183 ) لو تعلمون ما أعلم ممّا طوي عنكم غيبه ، إذا
لخرجتم إلى الصّعدات ( أي لتركتم بيوتكم و همتم في الطرق من شدة الخوف ) . ( الخطبة 114 ، 225 ) تاللّه لقد علّمت تبليغ الرّسالات ، و إتمام
العدات ، و تمام الكلمات . ( الخطبة 118 ، 228 ) و قال ( ع ) بعد إخباره بثورة الزنج : أنا كابّ الدّنيا لوجهها ، و قادرها بقدرها ، و ناظرها
بعينها . ( الخطبة 126 ، 239 ) قال له بعض أصحابه :
لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك عليه السّلام ، و قال للرّجل و كان
كلبيّا : يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب ، و إنّما هو تعلّم من ذي علم . و إنّما
علم الغيب : علم السّاعة ، و ما عدّده اللّه سبحانه . .
. فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه ، و ما سوى ذلك فعلم
علّمه اللّه نبيّه ، فعلّمنيه . و دعا لي بأن يعيه صدري ، و تضطمّ ( أي تنضم ) عليه جوانحي (
الجوانح : هي الاضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر ) . الخطبة 126 ، 239 ) ربّ رحيم ، و دين قوم ، و إمام عليم . ( الخطبة 147 ، 261 ) و قال ( ع ) عن مدى
علمه بالمغيبات : و اللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه و
جميع شأنه لفعلت « تراجع تتمة الكلام في المبحث ( 130 )
الاخبار بالمغيبات » . ( الخطبة 173 ، 311 ) أيّها النّاس ، سلوني قبل أن تفقدوني ، فلأنا
بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض ، قبل أن تشغر برجلها فتنة ، تطأ في خطامها ،
و تذهب بأحلام قومها . ( الخطبة 187 ، 350 ) . . . و ليس
كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
من كان يسأله و يستفهمه . . . و كان لا يمرّ بي
من ذلك شي ء إلاّ سألته عنه و حفظته . ( الخطبة 208 ،
403 ) |
|
( 130 ) إخبار الامام ( ع ) بالمغيبات و ما
ستؤول اليه حال الناس
|
|
مدخل :
|
|
ذكرنا في المبحث السابق شيئا عن علم الامام علي ( ع ) . و قد أفردنا هذا المبحث لإخبار الامام ( ع ) بالمغيبات ، و هي تشمل الفتن التي ستكون من بعده
، و خاصة فتنة بني أمية . |
|
النصوص :
|
|
لما ظفر الامام ( ع )
باصحاب الجمل ، و قد قال له بعض اصحابه : وددت أن أخي فلانا كان شاهدنا ليرى ما
نصرك اللّه به على أعدائك ، فقال له ( ع ) :
أهوى أخيك معنا ؟ قال
الامام ( ع ) يخاطب أهل البصرة : كأنّي
بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ( أي صدرها ) ، قد بعث
اللّه عليها العذاب من فوقها ، و من تحتها ، و غرق من في ضمنها . ( الخطبة 13 ، 53 ) و في رواية : و أيم اللّه لتغرقنّ بلدتكم حتّى كأنّي
أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة ، أو نعامة جاثمة . و قال
( ع ) لما بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان ، و فيه يخبر الناس بما ستؤول اليه
أحوالهم : ألا و إنّ بليّتكم قد عادت
كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم . و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، و لتغربلنّ غربلة ، و لتساطنّ
سوط القدر ( أي كما يختلط الطعام في القدر عند غليانه ،
فينقلب أعلاه الى أسفله و أسفله الى أعلاه ) ، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم و
أعلاكم أسفلكم ، و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ( يقصد
معاوية و بني أمية ) ، و ليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا ( يقصد أهل البيت ) ، و اللّه ما كتمت وشمة ( أي كلمة ) ، و لا كذبت كذبة ، و لقد نبّئت بهذا
المقام و هذا اليوم . ( الخطبة 16 ، 55 ) من
كلام قاله ( ع ) بعد وقعة النهروان و قد تفرّس في جماعة من عسكره أنهم يتهمونه
فيما يخبرهم به من أنباء الغيب : رضينا عن
اللّه قضاءه ، و سلّمنا للّه أمره ، أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ؟ و اللّه لأنا أوّل من
صدّقه ، فلا أكون أوّل من كذب عليه . ( الخطبة 37 ، 96
) و قال ( ع ) فيما ينتظر الكوفة من الشدائد و الخطوب :
كأنّي بك يا كوفة تمدّين مدّ الأديم العكاظيّ ، تعركين بالنّوازل ، و تركبين
بالزّلازل . و إنّي لأعلم أنّه ما أراد بك جبّار سوءا إلاّ ابتلاه اللّه بشاغل ،
و رماه بقاتل . ( الخطبة 47 ، 104 ) إنّما بدء وقوع
الفتن أهواء تتّبع ، و أحكام تبتدع . يخالف فيها كتاب اللّه ، و يتولّى عليها
رجال رجالا ( أي يستعين عليها رجال برجال ) ،
على غير دين اللّه . فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين ( أي الطالبين للحقيقة ) . و لو أنّ الحقّ خلص من لبس
الباطل ، انقطعت عنه ألسن المعاندين . و لكن يؤخذ من هذا ضغث ، و من هذا ضغث ،
فيمزجان فهنالك يستولي الشّيطان على أوليائه ، و ينجو الّذين سبقت لهم من اللّه
الحسنى . ( الخطبة 50 ، 107 ) و قال ( ع ) ينبي ء بظهور رجل مذموم : و قال يخاطب الخارجين عليه : أما إنّكم ستلقون بعدي
ذلا شاملا ، و سيفا قاطعا ، و أثرة يتّخذها الظّالمون فيكم سنّة . ( الخطبة 58 ، 114 ) و قال ( ع ) في الخوارج : مصارعهم دون النّطفة ، و
اللّه لا يفلت منهم عشرة ، و لا يهلك منكم عشرة . (
الخطبة 59 ، 114 ) من كلام قاله ( ع ) لما قتل الخوارج ، فقيل له : يا
أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم . فقال : من خطبة له ( ع ) في ذم أهل العراق و قد وصموه بالكذب فيما
يخبرهم بما لا يعرفون : و من كلام له ( ع ) في مروان بن الحكم : أما و إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ( أي قصيرة المدة و كانت تسعة أشهر ) و هو أبو الأكبش
الأربعة ( يقصد احفاد مروان من ابنه عبد الملك ، و هم
الوليد و سليمان و يزيد و هشام ، و يقال أنه لم يتول الخلافة أربعة اخوة سوى
هؤلاء ) ، و ستلقى الأمّة منه و من ولده يوما أحمر . ( الخطبة 71 ، 129 ) حتّى يظنّ
الظّانّ أنّ الدّنيا معقولة على بني أميّة و كذب الظّان لذلك ، بل هي مجّة من
لذيذ العيش ، يتطعّمونها برهة ، ثمّ يلفظونها جملة (
كأنه ينبي ء بزوال الدولة الأموية سريعا على يد الدولة العباسى ) . ( الخطبة 85 ، 156 ) فاسألوني قبل أن
تفقدوني ، فو الّذي نفسى بيده لا تسألوني عن شي ء فيما بينكم و بين السّاعة ، و
لا عن فئة تهدي مائة و تضلّ مائة ، إلاّ أنبأتكم بناعقها و قائدها و سائقها ، و
مناخ ركابها و محطّ رحالها ، و من يقتل من أهلها قتلا ، و من يموت منهم موتا ، و
لو قد فقدتموني و نزلت بكم كرائه الأمور ، و حوازب الخطوب ، لأطرق كثير من
السّائلين ، و فشل كثير من المسؤولين ، و ذلك إذا قلّصت حربكم ، و شمّرت عن ساق
، و ضاقت الدّنيا عليكم ضيقا ، تستطيلون معه أيّام البلاء عليكم ، حتّى يفتح
اللّه لبقيّة الأبرار منكم . ( الخطبة 91 ، 183 ) و أيم اللّه
لتجدنّ بني أميّة لكم أرباب سوء بعدي ، كالنّاب الضّروس ( أي الناقة المسنة الشرسة ) : تعذم بفيها (
أي تعض ) ، و تخبط بيدها ، و تزبن برجلها ( أي
تضرب ) و تمنع درّها . لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم
، أو غير ضائر بهم . نحن أهل البيت منها بمنجاة ، و لسنا فيها بدعاة . ثمّ
يفرّجها اللّه عنكم كتفريج الأديم ( أي يزيل دولة بني
أمية و يشقهم عما أحاطوا به ، كما يسلخ الجلد عن اللحم ) ، بمن يسومهم
خسفا ، و يسوقهم عنفا ، و يسقيهم بكأس مصبّرة ، لا يعطيهم إلاّ السّيف ، و لا
يحلسهم ( أي لا يكسوهم ) إلاّ الخوف . فعند ذلك
تودّ قريش بالدّنيا و ما فيها لو يرونني مقاما واحدا ، و لو قدر جزر جزور ( أي و لو مدة ذبح البعير ) ، لأقبل منهم ما أطلب
اليوم بعضه فلا يعطونيه . ( الخطبة 91 ، 184 ) و اللّه لا يزالون ( أي بني أمية
) حتّى لا يدعوا للّه محرّما إلاّ استحلّوه ، و لا عقدا إلاّ حلّوه ، و
حتّى لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلاّ دخله ظلمهم ، و نبا به سوء رعيهم . و حتّى
يقوم الباكيان يبكيان : باك يبكي لدينه ، و باك يبكي لدنياه . و حتّى تكون نصرة
أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده . إذا شهد أطاعه ، و إذا غاب اغتابه ، و
حتّى يكون أعظمكم فيها عناء أحسنكم باللّه ظنّا . فإن أتاكم اللّه بعافية
فاقبلوا ، و إنّ ابتليتم فاصبروا ، فإنّ العاقبة للمتّقين . ( الخطبة 96 ، ؟ ؟ ؟ ) و قال ( ع ) يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان أحد ملوك بني
أمية البارزين : أيّها النّاس ، لا يجرمنّكم شقاقي ، و لا يستهوينّكم
عصياني ، و لا تتراموا بالأبصار عند ما تسمعونه منّي . فو الّذي فلق الحبّة ، و
برأ النّسمة ، إنّ الّذي أنبئكم به عن النّبيّ الأمّيّ صلّى
اللّه عليه و آله ما كذب المبلّغ ، و لا جهل السّامع . لكأنّي أنظر إلى
ضلّيل قد نعق بالشّام ( يقصد به عبد الملك بن مروان ) ،
و فحص براياته في ضواحي كوفان ( أي الكوفة ) .
فإذا فغرت فاغرته ( أي انفتح فمه ) ، و اشتدّت
شكيمته ، و ثقلت في الأرض وطأته ، عضّت الفتنة أبناءها بأنيابها ، و ماجت الحرب
بأمواجها ، و بدا من الأيّام كلوحها ، و من اللّيالي كدوحها . فإذا أينع زرعه و
قام على ينعه ، و هدرت شقاشقه و برقت بوارقه ، عقدت رايات الفتن المعضلة ، و
أقبلن كاللّيل المظلم ، و البحر الملتطم . هذا ، و كم يخرق الكوفة من قاصف ، و
يمرّ عليها من عاصف . و عن قليل تلتفّ القرون بالقرون ، و يحصد القائم ، و يحطم
المحصود . ( الخطبة 99
، 194 ) و قال ( ع ) عن حوادث البصرة المقبلة : فتن كقطع
اللّيل المظلم ، لا تقوم لها قائمة و لا تردّ لها راية . تأتيكم مزمومة مرحولة : يحفزها قائدها ، و يجهدها
راكبها . أهلها قوم شديد كلبهم ، قليل سلبهم . يجاهدهم في سبيل اللّه قوم أذلة
عند المتكبّرين ، في الأرض مجهولون ، و في السّماء معروفون . فويل لك يا بصرة
عند ذلك ، من جيش من نقم اللّه لا رهج له ( أي غبار ) و
لا حسّ ( أي جلبة و ضوضاء ) . و سيبتلى أهلك
بالموت الأحمر ، و الجوع الأغبر . ( الخطبة 100 ، 195 ) و ذلك زمان لا ينجو فيه إلاّ كلّ مؤمن نومة ( أي كثير النوم ، يريد به البعيد عن مخالطة الناس ) .
إن شهد لم يعرف ، و إن غاب لم يفتقد . أولئك مصابيح الهدى ، و أعلام السّرى ( أي السير في ليالي المشاكل ) . ليسوا بالمساييح ( جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم )
، و لا المذاييع ( أي الذين اذا سمعوا بفاحشة أذاعوها )
البذر ( جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه ) . أولئك
يفتح اللّه لهم أبواب رحمته ، و يكشف عنهم ضرّاء نقمته . فأقسم باللّه يا
بني أميّة ، عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم و في دار عدوّكم . ( الخطبة 103 ، 200
) و قال ( ع ) يحذر أصحابه من بني أمية : و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب ، لجمعكم اللّه
لشرّ يوم لهم ( أي يوم تقهرونهم فيه ) . ( الخطبة 104 ، 203 ) و قال
( ع ) عن فتنة بني أمية المقبلة : راية
ضلال قد قامت على قطبها ، و تفرّقت بشعبها ، تكيلكم بصاعها ، و تخبطكم بباعها .
قائدها خارج من الملّة قائم على الضّلّة فلا يبقى يومئذ منكم إلاّ ثقالة كثقالة
القدر ( الثفالة : ما يبقى في القدر من عكر ) ، أما و اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف ( أي الحجاج ) الذّيّال الميّال . يأكل خضرتكم و يذيب
شحمتكم . إيه أبا وذحة ( الوذحة هي الخنفساء ، و للحجاج
قصة معها ) . ( الخطبة 114 ، 225 ) من
كلام له ( ع ) فيما يخبر به عن الملاحم التي ستحدث في البصرة : يا أحنف ، كأنّي به و قد سار بالجيش الّذي لا يكون له
غبار و لا لجب ، و لا قعقعة لجم ، و لا حمحمة خيل . يثيرون الأرض بأقدامهم
كأنّها أقدام النّعام ( يومي بذلك الى صاحب الزنج )
. و قال للرجل و كان كلبيا ) : يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب . و إنّما هو تعلّم من ذي
علم . و إنّما علم الغيب علم السّاعة ، و ما عدّده اللّه سبحانه بقوله : إِنَّ
اللّهَ عِنْدَهُ عِلمُ السَّاعَةِ . . الآية . فيعلم اللّه سبحانه ما في الأرحام
من ذكر أو أنثى ، و قبيح أو جميل ، و سخيّ أو بخيل ، و شقيّ أو سعيد . و من يكون
في النّار حطبا ، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا . فهذا علم الغيب الّذي لا
يعلمه أحد إلاّ اللّه . و ما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه ، فعلّمنيه ، و دعا
لي بأن يعيه صدري ، و تضطمّ ( أي تنضم ) عليه جوانحي . (
الخطبة 126 ، ؟ ؟ ؟ ) و قال ( ع ) يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان : كأنّي به قد نعق بالشّام ، و فحص براياته في ضواحي كوفان
( أي الكوفة ) ، فعطف عليها عطف الضّروس ( أي الناقة السيئة الطبع ) ، و فرش الأرض بالرّؤوس .
قد فغرت فاغرته ، و ثقلت في الأرض وطأته . بعيد الجولة ، عظيم الصّولة . و اللّه
ليشرّدنّكم في أطراف الأرض ، حتّى لا يبقى منكم إلاّ قليل ، كالكحل في العين .
فلا تزالون كذلك ، حتّى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها . ( الخطبة 136 ، 250 ) و من كلام له ( ع ) في وقت الشورى : فاسمعوا قولي ، و
عوا منطقي ، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم ، تنتضى فيه السّيوف ، و
تخان فيه العهود ، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضّلالة ، و شيعة لأهل الجهالة .
( الخطبة 137 ، 251 ) و إنّه سيأتي
عليكم من بعدي زمان ليس فيه شي ء أخفى من الحقّ ، و لا أظهر من الباطل ، و لا
أكثر من الكذب على اللّه و رسوله . و ليس عند أهل ذلك الزّمان سلعة أبور من
الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته ، و لا أنفق ( أي أروج )
منه إذا حرّف عن مواضعه . و لا في البلاد شي ء أنكر من المعروف و لا أعرف من
المنكر . فقد نبذ الكتاب حملته ، و تناساه حفظته . فالكتاب يومئذ و أهله طريدان
منفيّان ، و صاحبان مصطحبان ، في طريق واحد لا يؤويهما مؤو . فالكتاب و أهله في
ذلك الزّمان في النّاس و ليسا فيهم ، و معهم و ليسا معهم . لأنّ الضّلالة لا
توافق الهدى و إن اجتمعا . فاجتمع القوم على الفرقة ، و افترقوا عن الجماعة ،
كأنّهم أئمة الكتاب و ليس الكتاب إمامهم . فلم يبق عندهم منه إلاّ اسمه ، و لا
يعرفون إلاّ خطّه و زبره ( أي كتابته ) . و من
قبل ما مثّلوا بالصّالحين كلّ مثلة ، و سمّوا صدقهم على اللّه فرية . و جعلوا في
الحسنة عقوبة السّيّئة . ( الخطبة 145 ، 258 ) و قال ( ع ) عن زمان الضلال المقبل و حال المؤمن فيه :
و أخذوا يمينا و شمالا ظعنا في مسالك الغيّ ، و تركا لمذاهب الرّشد فلا تستعجلوا
ما هو كائن مرصد و لا تستبطئوا ما يجي ء به الغد . فكم من مستعجل بما إن أدركه
ودّ أنّه لم يدركه . و ما أقرب اليوم من تباشير غد يا قوم هذا إبّان ورود كلّ
موعود ، و دنوّ من طلعة ما لا تعرفون . ألا و إنّ من أدركها منّا يسري فيها
بسراج منير ، و يحذو فيها على مثال الصّالحين . ليحلّ فيها ربقا ، و يعتق رقا ،
و يصدع شعبا ، و يشعب صدعا . في سترة عن النّاس ، لا يبصر القائف أثره ، و لو
تابع نظره . ثمّ ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين ( الحداد )
النّصل . تجلى بالتّنزيل ( أي القرآن ) أبصارهم
، و يرمى بالتفسير في مسامعهم ، و يغبقون ( أي يسقون )
كأس الحكمة بعد الصّبوح ( أي ما يشرب في الصباح )
. ( الخطبة 148 ، 262 ) و قال ( ع ) محذرا من الفتن المقبلة : ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت . أوّلهم قائد لآخرهم ، و آخرهم مقتد بأوّلهم . يتنافسون في
دنيا دنيّة ، و يتكالبون على جيفة مريحة . و عن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع
، و القائد من المقود . فيتزايلون بالبغضاء ، و يتلاعنون عند اللّقاء . ثمّ يأتي
بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف ، و القاصمة الزّحوف . و من خطبة له ( ع ) : فعند ذلك لا يبقى بيت مدر و لا وبر ، إلاّ و أدخله
الظّلمة ترحة ، و أولجوا فيه نقمة . فيومئذ لا يبقى لهم في السّماء عاذر ، و لا
في الأرض ناصر . أصفيتم بالأمر غير أهله ، و أوردتموه غير مورده . و
سينتقم اللّه ممّن ظلم ، مأكلا بمأكل ، و مشربا بمشرب ، من مطاعم العلقم ، و
مشارب الصّبر و المقر ( أي السم ) . و من كلام له ( ع ) الى عثمان : و إنّي أنشدك اللّه أن
لا تكون إمام هذه الأمّة المقتول ، فإنّه كان يقال : يقتل في هذه الأمّة إمام
يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة و يلبس أمورها عليها ، و يبثّ الفتن
فيها ، فلا يبصرون الحقّ من الباطل . يموجون فيها موجا ، و يمرجون فيها مرجا . ( الخطبة 162 ، 292 ) و قال ( ع ) عن فتنة بني أمية : افترقوا بعد ألفتهم ، و
تشتّتوا عن أصلهم . فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه . على أنّ اللّه تعالى
سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة ، كما تجتمع قزع الخريف . يؤلّف اللّه بينهم ، ثمّ
يجمعهم ركاما كركام السّحاب . ثمّ يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل
الجنّتين ، حيث لم تسلم عليه قارة ، و لم تثبت عليه أكمة ، و لم يردّ سننه رصّ
طود ، و لا حداب أرض . يزعزعهم اللّه في بطون أوديته ، ثمّ يسلكهم ينابيع في
الأرض . يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، و يمكّن لقوم في ديار قوم . و أيم اللّه
ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين ، كما تذوب الألية على النّار . أيّها
النّاس ، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ ، و لم تهنوا عن توهين البّاطل ، لم يطمع
فيكم من ليس مثلكم ، و لم يقومن قوي عليكم . لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل . و
لعمري ليضعّفنّ لكم التّيه من بعدي أضعافا ، بما خلّفتم الحقّ وراء طهوركم ، و
قطعتم الأدنى و وصلتم الأبعد . ( الخطبة 164 ، 300 ) و قال ( ع ) عن مدى علمه بالمغيبات : و اللّه لو شئت
أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه ( أي من أين يخرج
و يدخل ) و جميع شأنه لفعلت . و لكن أخاف أن تكفروا فيّ ( أي بسببي ) برسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله . ألا و إنّي مفضيه ( أي موصله
) إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه . و الّذي بعثه بالحقّ و اصطفاه على
الخلق ، ما أنطق إلاّ صادقا ، و قد عهد إليّ بذلك كلّه (
الفاعل المستتر راجع للنبي ) ، و بمهلك من يهلك ، و منجى من ينجو ، و مآل
هذا الأمر . و ما أبقى شيئا يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذنيّ و أفضى به إليّ .
( الخطبة 173 ، 311 ) . . ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم ، و انقطاع وصلكم
و استعمال صغاركم . ذاك حيث تكون ضربة السّيف على المؤمن أهون من الدّرهم من
حلّه ( لاختلاط المكاسب بالحرام ) . ذاك حيث
يكون المعطى ( أي الفقير ) أعظم أجرا من المعطي ( أي الغني المترف ) . ذاك حيث تسكرون من غير شراب .
بل من النّعمة و النّعيم . أيّها النّاس ،
سلوني قبل أن تفقدوني ، فلأنا بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض . قبل أن تشغر
برجلها فتنة تطأ في خطامها ، و تذهب بأحلام قومها . (
الخطبة 187 ، 350 ) و قال ( ع ) لمعاوية يتنبأ برفع المصاحف في صفين و الدعوة الى
التحكيم : فكأنّي قد رأيتك تضجّ من الحرب إذا عضّتك ضجيج الجمال بالأثقال
. و كأنّي بجماعتك تدعوني جزعا من الضّرب المتتابع ، و القضاء الواقع ، و مصارع
بعد مصارع إلى كتاب اللّه ، و هي كافرة جاحدة ، أو مبايعة حائدة . ( الخطبة 249 ، 450 ) و قال ( ع ) عن صفة آخر الزمان : يأتي على النّاس زمان لا يقرّب فيه إلاّ الماحل ، و لا
يظرّف فيه إلاّ الفاجر ، و لا يضعّف فيه إلاّ المنصف . يعدّون الصّدقة فيه غرما
، و صلة الرّحم منّا ، و العبادة استطالة على النّاس . فعند ذلك يكون السّلطان
بمشورة النّساء و إمارة الصّبيان و تدبير الخصيان . (
102 ح ، 582 ) يأتي على النّاس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلاّ رسمه ،
و من الإسلام إلاّ اسمه . إنّ لبني أميّة
مرودا ( أي مهلة ) يجرون فيه ، و لو قد اختلفوا
فيما بينهم ، ثمّ كادتهم الضّباع لغلبتهم ( أي لو
حاربتهم الضباع دون الاسود لقهرتهم ) . ( 464 ح
، 659 ) يأتي على النّاس
زمان عضوض ( أي شديد ) ، يعضّ الموسر فيه على ما
في يديه و لم يؤمر بذلك . قال اللّه سبحانه وَ لاَ تَنْسُوا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ
. تنهد فيه الأشرار و تستذلّ الأخيار . و يبايع المضطرّون ، و قد نهى رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع المضطرّين
. ( 468 ح ، 660 ) |
|
( 131 ) زهد الامام ( ع ) و تقواه
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن ابي الحديد المعتزلي في شرحه للنهج عن
زهد الامام ( ع ) : و أما الزهد في
الدنيا فهو سيد الزهاد ، و بدل الابدال ، و اليه تشد الرحال . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) قال
عبد اللّه بن العباس ( رض ) : دخلت على
أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار و هو يخصف
نعله ، فقال لي : ما قيمة هذه النعل ؟ فقلت : لا قيمة لها فقال ( ع ) : و اللّه لهي أحبّ إليّ من إمرتكم ، إلاّ
أن أقيم حقّا ، أو أدفع باطلا . ( الخطبة 33 ، 89 ) و من
كلام له ( ع ) لما عزموا على بيعة عثمان : لقد علمتم أنّي أحقّ النّاس بها من غيري ، و و اللّه لأسلمنّ ما سلمت أمور
المسلمين ، و لم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة . التماسا لأجر ذلك و فضله ، و
زهدا فيما تنافستموه من زخرفه و زبرجه . ( الخطبة 72 ،
129 ) و من كلام له ( ع ) في ذكر عمرو بن العاص : أما و
اللّه إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت ، و إنه ليمنعه من قول الحقّ نسيان
الآخرة . ( الخطبة 82 ، 149 ) و قال ( ع ) : و اللّه لقد رقّعت مدرعتي هذه حتّى
استحييت من راقعها . و لقد قال لي قائل : ألا
تنبذها عنك ؟ فقلت : أعزب عنّي ، فعند الصّباح يحمد القوم السّرى ( و هو السير
ليلا ) . ( الخطبة 158 ، 285 ) أيّها النّاس ،
إنّي و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها ، و لا أنهاكم عن معصية
إلاّ و أتناهى قبلكم عنها . ( الخطبة 173 ، 311
) و من كلام له ( ع ) في معاوية : و اللّه ما معاوية
بأدهى منّي ، و لكنّه يغدر و يفجر . و لو لا كراهية الغّدر لكنت من أدهى النّاس
. و لكن كلّ غدرة فجرة ، و كلّ فجرة كفرة . « و لكلّ غادر لواء يعرف به يوم
القيامة » . ( الخطبة 198 ، 394 ) و إنّ دنياكم
عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها . ما لعليّ و لنعيم يفنى ، و لذّة لا
تبقى . ( الخطبة 222 ، 427 ) من كتاب له ( ع ) الى عثمان بن حنيف الانصاري و كان عامله على
البصرة ، و قد بلغه أنه دعي الى وليمة قوم من أهلها ، فمضى اليها قوله :
أمّا بعد ، يا بن حنيف ، فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة
فأسرعت إليها . تستطاب لك الألوان ، و تنقل إليك الجفان و ما ظننت أنّك تجيب إلى
طعام قوم ، عائلهم مجفوّ ( أي محتاجهم مطرود ) و
غنيّهم مدعوّ . فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم ( قضم
: اكل بطرف اسنانه ) . فما اشتبه عليك علمه فالفظه ، و ما أيقنت بطيب
وجوهه فنل منه . إليك عنّي يا
دنيا فحبلك على غاربك ، قد انسللت من مخالبك و أفلتّ من حبائلك ، و اجتنبت
الذّهاب في مداحضك . ( الخطبة 284 ، 508 ) أعزبي عنّي ( يا دنيا ) فو اللّه لا أذلّ لك فتستذلّيني ، و لا
أسلس لك فتقوديني . و أيم اللّه يمينا أستثني فيها بمشيئة اللّه لأروضنّ نفسي
رياضة تهشّ معها إلى القرص ( أي تفرح بالرغيف من شدة ما حرمته ) إذا قدرت عليه
مطعوما ، و تقنع بالملح مأدوما ، و لأدعنّ مقلتي كعين ماء ، نضب معينها ،
مستفرغة دموعها . أتمتلي ء السّائمة من رعيها فتبرك ؟ و تشبع الرّبيضة من عشبها
فتربض ؟ و يأكل عليّ من زاده فيهجع قرّت إذا عينه (
دعاء على نفسه ( ع ) بالموت ، الذي علامته سكون عينه ) إذا اقتدى بعد
السّنين المتطاولة ، بالبهيمة الهاملة و السّائمة المرعيّة . ( الخطبة 284 ، 509 ) و من
خبر ضرار بن حمزة الضبائي عند دخوله على معاوية و مسألته له عن أمير المؤمنين ،
قال : فأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله ،
و هو قائم في محرابه قابض على لحيته ، يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين ،
و يقول : يا دنيا يا دنيا إليك عنّي . أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت ؟ لا حان حينك
، هيهات غرّي غيري ، لا حاجة لي فيك . قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير
، و خطرك يسير ، و أملك حقير . آه من قلّة الزّاد ، و طول الطّريق ، و بعد
السّفر ، و عظيم المورد . ( 77 ح ، 577 ) ورئي على الامام
إزار مرقوع فقيل له في ذلك ، فقال : يخشع له القلب ، و تذلّ به النّفس ، و يقتدي
به المؤمنون . إنّ الدّنيا و الآخرة عدوّان متفاوتان . . ( 103 ح ، 583 ) و اللّه لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق ( هو جزء من الحشا ) خنزير في يد مجذوم ( أي في يد شوهها الجذام ) . (
236 ح ، 609 ) |
|
( 132 ) الامام علي ( ع ) صوت العدالة
الانسانية
|
|
يراجع المبحث ( 212 ) و ( 213 ) وصايا الامام (
ع ) لعماله من كلام له ( ع ) فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان : و اللّه
لو وجدته قد تزوّج به النّساء ، و ملك به الإماء ، لرددته ، فإنّ في العدل سعة .
و من ضاق عليه العدل ، فالجور عليه أضيق . ( الخطبة 15
، 55 ) الذّليل عندي
عزيز حتّى آخذ الحقّ له ، و القويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه . ( الخطبة 37 ، 96 و لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، و أصبحت أخاف ظلم
رعيّتي . . أيّها القوم . . صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه . (
الخطبة 95 ، 188 ) لم تكن بيعتكم
إيّاي فلتة ، و ليس أمري و أمركم واحدا . إنّي أريدكم للّه و أنتم تريدونني
لأنفسكم . أيّها النّاس ، أعينوني على أنفسكم ، و ايم اللّه لأنصفنّ المظلوم من
ظالمه ، و لأقودنّ الظّالم بخزامته ، حتّى أورده منهل الحقّ و إنّ كان كارها . ( الخطبة 134 ، 247 ) و لا تظنّوا بي
استثقالا في حقّ قيل لي ، و لا التماس إعظام لنفسي ، فإنّه من استثقل الحقّ أن
يقال له ، أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه . و قال ( ع ) يتبرأ من الظلم : و اللّه لأن أبيت على
حسك السّعدان مسهّدا ( الحسك : الشوك . و اللّه لقد رأيت
عقيلا و قد أملق ( أي اشتد فقره ) ، حتّى
استماحني من برّكم ( أي استعطاني من قمحكم )
صاعا . و رأيت صبيانه شعث الشّعور ، غبر الألوان من فقرهم ، كأنّما سوّدت وجوههم
بالعظلم ( سواد يصبغ به ، و قيل النيلة ) . و
عاودني مؤكّدا ، و كرّر عليّ القول مردّدا ، فأصغيت إليه سمعي ، فظنّ أنّي أبيعه
ديني ، و أتّبع قياده مفارقا طريقتي . فأحميت له حديدة . ثمّ أدنيتها من جسمه
ليعتبر بها ، فضجّ ضجيج ذي دنف ( أي مرض ) من
ألمها . و كاد أن يحترق من ميسمها . فقلت له : ثكلتك الثّواكل يا عقيل . أتئنّ
من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، و تجرّني إلى نار سجرها ( أي أضرمها ) جبّارها لغضبه أتئنّ من الأذى و لا أئنّ
من لظى ؟ و أعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها (
نوع من الحلواء أهداها اليه الاشعث بن قيس ) ، و معجونة شنئتها ( أي كرهتها ) . كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيئها . و من وصية له ( ع ) للحسن و الحسين ( ع ) لما ضربه عبد الرحمن
بن ملجم ، قال : يا بني عبد المطّلب ، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين
خوضا ، تقولون : قتل أمير المؤمنين . ألا لا تقتلنّ بي إلاّ قاتلي . أنظروا إذا
أنا متّ من ضربته هذه ، فاضربوه ضربة بضربة ، و لا يمثّل بالرّجل ، فانّي سمعت
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول :
« إيّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور » . ( الخطبة 286
، 512 ) لما
بلغه ( ع ) اغارة أصحاب معاوية على الانبار ، فخرج بنفسه ماشيا حتى أتى النخيلة ، فادركه الناس ، و قالوا : يا أمير
المؤمنين نحن نكفيكهم . فقال : ما تكفونني أنفسكم ، فكيف تكفونني غيركم ، إن
كانت الرّعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها ، و إنّني اليوم لأشكو حيف رعيّتي ، كأنّني
المقود و هم القادة ، أو الموزوع ( أي المحكوم )
و هم الوزعة ( جمع وازع بمعنى الحاكم ) . ( الخطبة 261 ح ، 618 ) |
|
( 133 ) تواضع الامام ( ع ) و إنكاره
التملق له
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و
قال ( ع ) و قد لقيه
عند مسيره الى الشام دهاقين الانبار ، فترجلوا له و اشتدوا بين يديه . و قال ( ع ) لرجل
أفرط في الثناء عليه ، و كان له متّهما : أنا دون ما تقول و فوق ما في
نفسك . ( 83 ح ، 579 ) و قال ( ع ) و قد
مدحه قوم في وجهه : اللّهمّ إنّك أعلم بي من نفسي ، و أنا أعلم بنفسي
منهم . اللّهمّ اجعلنا خيرا ممّا يظنّون ، و اغفر لنا ما لا يعلمون . ( 100 ح ، 582 ) أقبل شخص
يمشي مع الإمام و الإمام راكب فقال له ( ع ) :
ارجع فإنّ مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي و مذلّة للمؤمن . ( 322 ح ، 631 ) |
|
( 134 ) جهاد الامام علي ( ع ) و شجاعته
|
|
مدخل :
|
|
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج :
أما شجاعته فانه أنسى الناس فيها ذكر من
كان قبله ، و محا ذكر من يأتي بعده . ما بارز احدا الا قتله ، و ما ضرب ضربة قط
فاحتاجت الى ثانية . و في الحديث : « كانت
ضرباته وترا » . و كانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و اللّه لا أكون كالضّبع : تنام على طول اللّدم ( الضرب
بشي ء ثقيل على الارض ) حتّى يصل إليها طالبها ، و يختلها راصدها ( يقصد الامام بذلك انه لا يخدع ) . و لكنّي أضرب
بالمقبل إلى الحقّ ، المدبر عنه . و بالسّامع المطيع ، العاصي المريب أبدا ،
حتّى يأتي عليّ يومي . ( الخطبة 6 ، 49 ) و إنّ
معي لبصيرتي : ما لبّست على نفسي و لا لبّس
عليّ . و أيم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه ( أي
لأملأن لهم حوضا هو حوض البلاء و الحرب ، أنا خبير به ) . و قال
( ع ) متبرما من أصحابه : يا أشباه الرّجال
و لا رجال . . . لقد ملأتم قلبي قيحا . . . و قال ( ع ) و قد ذكر بعثة النبي ( ص ) و هو سائر لقتال أهل
البصرة : أما و اللّه إن كنت لفي ساقتها ، حتّى تولّت بحذافيرها . ما
عجزت و لا جبنت ، و إنّ مسيري هذا لمثلها . ما لي و لقريش و اللّه لقد قاتلتهم كافرين ، و لأقاتلنّهم
مفتونين . و إنّي لصاحبهم بالأمس ، كما أنا صاحبهم اليوم و اللّه ما تنقم منّا
قريش إلاّ أنّ اللّه اختارنا عليهم ، فأدخلناهم في حيّزنا . فكانوا كما قال الأوّل : أدمت لعمري شربك المحض صابحا
و أكلك بالزّبد المقشّرة البجرا و نحن و هبناك العلاء و لم تكن عليا ، و حطنا
حولك الجرد و السّمرا ( الخطبة 33 ، 90 ) أنت فكن ذاك إن
شئت ، فأمّا أنا فو اللّه دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفيّة ، تطير منه فراش الهام
( العظام الرقيقة التي تلي القحف ) ، و تطيح
السّواعد و الأقدام . ( الخطبة 34 ، 92 ) أمّا قولكم : أكلّ ذلك كراهية الموت فو اللّه ما أبالي
دخلت إلى الموت أو خرج الموت إليّ . ( الخطبة 55 ، 111
) من كلام له ( ع ) لما خوّف من الاغتيال ، يفيد
توكله على اللّه : و إنّ عليّ من
اللّه جنّة حصينة ، فاذا جاء يومي انفرجت عنّي و أسلمتني . فحينئذ لا يطيش
السّهم ، و لا يبرأ الكلم . ( الخطبة 60 ، 115 )
و أيم اللّه لقد كنت من ساقتها (
أي الجاهلية ) حتّى تولّت بحذافيرها ، و استوسقت في قيادها . ما ضعفت و
لا جبنت ، و لا خنت و لا وهنت . و أيم اللّه لأبقرنّ الباطل حتّى أخرج الحقّ من
خاصرته . ( و قد مرت برواية أخرى ) . ( الخطبة 102 ، 199 ) و اللّه لو لا
رجائي الشّهادة عند لقائي العدوّ و لو قد حمّ لي لقاؤه لقرّبت ركابي ، ثمّ شخصت
عنكم ، فلا أطلبكم ما اختلف جنوب و شمال . ( الخطبة 117
، 227 ) إنّ الموت طالب
حثيث ، لا يفوته المقيم ، و لا يعجزه الهارب . إنّ أكرم الموت القتل و الّذي نفس
ابن أبي طالب بيده ، لألف ضربة بالسّيف أهون عليّ من ميتة على الفراش ، في غير
طاعة اللّه . ( الخطبة 121 ، 232 ) و اللّه لأنا
أشوق إلى لقائهم ، منهم إلى ديارهم . ( الخطبة 122 ،
233 ) و أيم اللّه
لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه ( هو حوض الموت يسقي الامام منه أعداءه ) لا يصدرون
عنه بريّ ، و لا يعبّون بعده في حسي ( أي يسقيهم كأسا
لا يتجرعون سواها ) . ( الخطبة 135 ، 248
) و إنّ أحبّ ما أنا لاق إليّ الموت . ( الخطبة 178 ، 322 ) و قال ( ع ) في الخطبة القاصعة : أنا وضعت في الصّغر بكلاكل العرب ، و كسرت نواجم قرون
ربيعة و مضر . ( الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) من كتاب له ( ع ) الى معاوية : . . . فأنا أبو حسن قاتل جدّك و أخيك و خالك شدخا يوم
بدر ( جد معاوية لأمه عتبة بن أبي ربيعة ، و خاله
الوليد بن عتبة ، و أخوه حنظلة بن أبي سفيان ) . و ذلك السّيف معي ، و
بذلك القلب ألقى عدوّي . ما استبدلت دينا ، و لا استحدثت نبيّا . و إنّي لعلى
المنهاج الّذي تركتموه طائعين ، و دخلتم فيه مكرهين . (
الخطبة 249 ، 450 ) و اللّه ما فجأني
من الموت وارد كرهته ، و لا طالع أنكرته . و ما كنت إلاّ كقارب ورد ، و طالب وجد
وَ مَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ . ( الخطبة
262 ، 459 ) و ذكرت أنّه ليس
لي و لإصحابي عندك إلاّ السّيف ، فلقد أضحكت بعد استعبار متى ألفيت بني عبد
المطّلب عن الأعداء ناكلين ، و بالسّيف مخوّفين ؟ . (
الخطبة 267 ، 471 ) فو اللّه لو لا طمعي عند لقائي عدوّي في الشّهادة ، و
توطيني نفسي على المنيّة ، لأحببت ألاّ ألقى مع هؤلاء يوما واحدا ، و لا ألتقي
بهم أبدا . ( الخطبة 274 ، 493 ) من كتاب له ( ع ) الى أخيه عقيل في ذكر جيش أنفذه الى بعض
الاعداء : فسرّحت إليه جيشا كثيفا من المسلمين ، فلمّا بلغه ذلك شمّر
هاربا و نكص نادما . فلحقوه ببعض الطّريق . و قد طفّلت الشّمس للإياب . فاقتتلوا
شيئا كلا و لا ( كناية عن السرعة ) . فما كان
إلاّ كموقف ساعة حتّى نجا جريضا ( مغموما ) بعد
ما أخذ منه بالمخنّق ، و لم يبق منه غير الرّمق . فلأيا بلأي مانجا و أمّا ما
سألت عنه من رأيي في القتال ، فإنّ رأيي قتال المحلّين ، حتّى ألقى اللّه ، لا
يزيدني كثرة النّاس حولي عزّة ، و لا تفرّقهم عنّي وحشة . و لا تحسبنّ ابن أبيك
و لو أسلمه النّاس متضرّعا متخشّعا ، و لا مقرّا للضّيم واهنا ، و لا سلس
الزّمام للقائد ، و لا وطي ء الظّهر للرّاكب المتعقّد ، و لكنّه كما قال أخو بني سليم : و كأنّي بقائلكم يقول « إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب ، فقد قعد به الضّعف عن
قتال الأقران ، و منازلة الشّجعان » . ألا و إنّ الشّجرة البرّية أصلب عودا ، و
الرّوائع الخضرة أرقّ جلودا ، و النّباتات البدوية أقوى وقودا و أبطأ خمودا . و
أنا من رسول اللّه كالصّنو من الصّنو ، و الذّراع من العضد . و اللّه لو تظاهرت
العرب على قتالي لما ولّيت عنها ، و لو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها . .
. ( الخطبة 284 ، 507 ) من كتاب له ( ع ) الى أهل مصر ، مع مالك الاشتر
لما ولاه امارتها : إنّي و اللّه لو
لقيتهم واحدا ، و هم طلاع الأرض كلّها ( أي يملؤون الارض ) ما باليت و لا
استوحشت ، و إنّي من ضلالهم الّذي هم فيه ، و الهدى الّذي أنا عليه ، لعلى بصيرة
من نفسي ، و يقين من ربّي . و إنّي إلى لقاء اللّه لمشتاق ، و حسن ثوابه لمنتظر
راج . و لكنّني آسى أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها و فجّارها ، فيتّخذوا مال
اللّه دولا . . ( الخطبة 301 ، 548 ) و من
كتاب له ( ع ) الى معاوية : و عندي السّيف
الّذي أعضضته بجدّك و خالك و أخيك في مقام واحد . (
الخطبة 303 ، 551 ) و قيل له ( ع ) : بأي شي ء غلبت الاقران ؟ فقال عليه السلام : ما لقيت رجلا إلاّ أعانني على نفسه
( يومي بذلك الى تمكن هيبته في القلوب ) . ( 318 ح ، 630 ) و اللّه ما خلعت
باب خيبر ، و دكدكت حصن يهود ، بقوّة جسمانيّة ، بل بقوّة إلهيّة . ( 626 حديد ) |
|
( 135 ) بعض خصائص الامام علي ( ع ) و
مآثره
|
|
يراجع المبحث ( 119 ) أهل البيت ( ع ) . فيا للّه و
للشّورى ، متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم ( أي
ابي بكر ) حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر . (
الخطبة 3 ، 41 ) و قال ( ع ) حين بلغه خبر الناكثين ببيعته : و اللّه
ما أنكروا عليّ منكرا ، و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا (
أي الانصاف و العدل ) . ( الخطبة 22 ، 67 ) أمّا بعد ، فإنّ
معصية النّاصح الشّفيق العالم المجرّب ( يشير الامام (
ع ) الى نفسه ) تورث الحسرة . . ( الخطبة 35 ،
93 ) و قال ( ع ) يذكر بعض فضائله بعد وقعة النهروان : فقمت
بالأمر حين فشلوا ( أي قام بالامر بالمعروف في خلافة
عثمان ) و تطلّعت حين تقبّعوا ( أي ظهر حين
اختبأ القوم خوفا ) ، و نطقت حين تعتعوا ، و مضيت بنور اللّه حين وقفوا .
و كنت أخفضهم صوتا ( كناية عن رباطة الجأش في الشدائد )
، و أعلاهم فوتا ( أي سبقا ) . فطرت بعنانها ، و
استبددت برهانها . كالجبل لا تحرّكه القواصف ، و لا تزيله العواصف . لم يكن لأحد
فيّ مهمز ( أي عيب ) ، و لا لقائل فيّ مغمز .
الذّليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له ، و القويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه .
رضينا عن اللّه قضاءه ، و سلّمنا للّه أمره ( هذا
الكلام قاله الامام عند ما تفرس في قوم من عسكره أنهم يتهمونه فيما يخبرهم به من
أنباء الغيب ) . أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم ؟ و اللّه لأنا أوّل من صدّقه ، فلا أكون أوّل
من كذب عليه . فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، و إذا الميثاق في عنقي
لغيري « يصف في هذا الكلام حال نفسه ( ع ) بعد وفاة
النبي ( ص ) . يبيّن فيه أنه مأمور بالرفق في طلب حقه في الخلافة ، فبايع
الخلفاء الذين قبله مكرها ، امتثالا لما أمره به النبي من الرفق ، و ايفاء بما
أخذ عليه النبي من الميثاق في ذلك » . ( الخطبة 37 ، 95
) و قال
( ع ) بعد ذكره معاوية و أمره بسب علي ( ع ) : فأمّا السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة و لكم نجاة . و أمّا البراءة فلا
تتبرّاؤا منّي . فإنّي ولدت على الفطرة ، و سبقت إلى الإيمان و الهجرة . ( الخطبة 57 ، 113 أنا حجيج
المارقين ، و خصيم النّاكثين المرتابين . ( الخطبة 73 ،
130 ) من كلام له ( ع ) حين منعه سعيد بن العاص حقه : إنّ بني أميّة ليفوّقونني ( اي
يعطونني من المال قليلا ) تراث محمّد صلّى اللّه عليه و آله تفويقا . و
اللّه لئن بقيت لهم لأنفضنّهم نفض اللّحّام الوذام التّربة
( الوذام : جمع وذمة و هي القطعة من الكرش أو الكبد تقع على التراب فتنفض )
. ( الخطبة 75 ، 131 ) و من
كلام له ( ع ) في الرد على عمرو بن العاص : عجبا لابن النّابغة يزعم لأهل الشّام أنّ فيّ دعابة ، و أنّي امرؤ تلعابة ،
أعافس و أمارس . لقد قال باطلا و نطق آثما . . .
أما و اللّه إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت ، و إنّه ليمنعه من قول الحقّ
نسيان الآخرة . ( الخطبة 82 ، 149 ) و اللّه ما أسمعكم الرّسول شيئا إلاّ و ها أنذا مسمعكموه
. ( الخطبة 87 ، 158 ) فاللّه اللّه أن
تشكوا إلى من لا يشكي شجوكم ( أي يقضي حاجاتكم الفاسدة
) ، و لا ينقض برأيه ما قد أبرم لكم ( أي أن
الامام لا يبرم الاحكام برأيه و انما بمقتضى الشرع ، لذلك فهو لا ينقض هذه
الاحكام ، لمجرد تنفيذ مآربكم ) . ( الخطبة 103
، 201 ) فلقد فلق لكم
الأمر فلق الخرزة و قرفه ( أي قشره ) قرف
الصّمغة ( لان الصمغة اذا قشرت لا يبقى لها أثر ) .
( الخطبة 106 ، 207 ) لن يسرع أحد قبلي
إلى دعوة حقّ ، و صلة رحم ، و عائدة كرم . ( الخطبة 137
، 251 ) و اللّه لا أكون
كمستمع اللّدم ( الضرب على الصدر و الوجه عند النياحة )
، يسمع النّاعي و يحضر الباكي ، ثمّ لا يعتبر ( الخطبة
146 ، 260 ) و لقد أحسنت
جواركم ، و أحطت بجهدي من ورائكم . و أعتقتكم من ربق الذّلّ ، و حلق الضّيم ،
شكرا منّي للبرّ القليل ، و إطراقا عمّا أدركه البصر ، و شهده البدن ، من المنكر
الكثير . ( الخطبة 157
، 280 . . . و إنّي لمن قوم لا تأخذهم في اللّه لومة لائم .
سيماهم سيما الصّدّيقين ، و كلامهم كلام الأبرار . عمّار اللّيل و منار النّهار
. متمسّكون بحبل القرآن . يحيون سنن اللّه و سنن رسوله . لا يستكبرون و لا يعلون
، و لا يغلّون و لا يفسدون . قلوبهم في الجنان و أجسادهم في العمل . ( الخطبة 190 ، 4 ، 375 ) من كتاب له ( ع ) الى معاوية جوابا : و أمّا قولك : إنّا بنو عبد مناف فكذلك نحن . و لا المهاجر
كالطّليق ( الطليق هو الاسير الذي اطلق بالفدية . و قد
كان معاوية و أبو سفيان من الطلقاء يوم فتح مكة ) . . . و في أيدينا بعد
فضل النّبوّة ، الّتي أذللنا بها العزيز ، و نعشنا بها الذّليل . ( الخطبة 256 ، 455 ) من كتاب له (
ع ) الى ابي موسى الاشعري في أمر التحكيم : و ليس رجل
فاعلم أحرص على أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و
سلّم و ألفتها منّي . أبتغي بذلك حسن الثّواب و كرم المآب . و سأفي
بالّذي وأيت على نفسي ( أي وعدت ) . ( الخطبة 317 ، 564 ) و قيل له ( ع ) : كيف نجدك يا أمير المؤمنين ؟ فقال ( ع ) :
كيف يكون حال من يفنى ببقائه ، و يسقم بصحّته ، و يؤتى من مأمنه . ( 115 ح ، 586 ) و كان ( ع ) يقول : متى أشفي غيظي إذا غضبت ؟ أحين أعجز عن الإنتقام فيقال
لي لو صبرت ؟ أم حين أقدر عليه فيقال لي لو عفوت ؟ (
194 ح ، 602 ) ما أهمّني ذنب أمهلت بعده ، حتّى أصلّي ركعتين
، و أسأل اللّه العافية . ( 299 ح ، 626 ) |
|
( 136 ) وصية الامام « ع » و وفاته
|
|
قال الامام علي ( ع ) و قال ( ع ) قبيل وفاته : أيّها النّاس كلّ أمري ء لاق
ما يفرّ منه في فراره . و الأجل مساق النّفس ، و الهرب منه موافاته . كم أطردت
الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه إلاّ إخفاءه . هيهات علم مخزون . . . أنا بالأمس صاحبكم ، و أنا اليوم عبرة لكم ، و
غدا مفارقكم غفر اللّه لي و لكم إن تثبت الوطأة في هذه المزلّة فذاك ( يريد من المزلة معافاته من جراحه ) ، و إن تدحض
القدم فإنّا كنّا في أفياء أغصان ، و مهابّ رياح . و تحت ظلّ غمام . اضمحلّ في
الجوّ متلفّقها ( المتلفق : المنضم بعضه على بعض )
، و عفا في الأرض مخطّها ( يريد أن شأن الدنيا الزوال )
. و إنّما كنت جارا جاوركم بدني أيّاما ، و ستعقبون منّي جثّة خلاء : ساكنة بعد
حراك ، و صامتة بعد نطق . ليعظكم هدوّي ، و خفوت إطراقي و سكون أطرافي . فإنّه
أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ و القول المسموع . من
كلام له ( ع ) قاله قبل وفاته على سبيل الوصية ، لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم : وصيّتي لكم ألاّ تشركوا باللّه شيئا . و محمّد صلّى
اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنّته . أقيموا هذين العمودين ، و أوقدوا هذين
المصباحين ، و خلاكم ذمّ . و اللّه ما فجأني من الموت وارد كرهته ، و لا طالع أنكرته
. و ما كنت إلاّ كقارب ورد ، و طالب وجد وَ مَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ
لِلأَبْرارِ ( الخطبة 262 ، 459 ) من وصية له ( ع ) بما يعمل في أمواله ، كتبه بعد منصرفه من
صفين : هذا ما أمر به عبد اللّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله
، ابتغاء وجه اللّه ليولجه به الجنّة ، و يعطيه به الأمنة . من
وصية له ( ع ) لابنه الحسن ( ع ) بعد انصرافه من صفين : أمّا بعد ، فإنّ فيما تبيّنت من إدبار الدّنيا عنّي ، و
جموح الدّهر عليّ ، و إقبال الآخرة إليّ . ما يزعني عن ذكر من سواي ، و الإهتمام
بما ورائي . غير أنّي حيث تفرّد بي دون هموم النّاس همّ نفسي . فصدفني رأيي و
صرفني عن هواي ، و صرّح لي محض أمري . فأفضى بي إلى جدّ لا يكون فيه لعب ، و صدق
لا يشوبه كذب . و وجدتك ( يخاطب الحسن عليه السلام
) بعضي ، بل وجدتك كلّي ، حتّى كأنّ شيئا لو
أصابك أصابني . و كأنّ الموت لو أتاك أتاني . فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر
نفسي ، فكتبت إليك كتابي مستظهرا به إن أنا بقيت لك أو فنيت . ( الخطبة 270 ، 1 ، 474 ) أي بنيّ ، إنّي لمّا رأيتني قد بلغت سنا ، و رأيتني أزداد
وهنا ، بادرت بوصيّتي إليك . و أوردت خصالا منها ، قبل أن يعجل بي أجلي دون أن
أفضي إليك بما في نفسي . أو أن أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي . أو يسبقني إليك
بعض غلبات الهوى و فتن الدّنيا ، فتكون كالصّعب النّفور ( الفرس غير الذلل و غير الآنس ) . (
الخطبة 270 ، 1 ، 476 ) و اعلم
يا بنيّ أنّ أحبّ ما أنت آخذ به إليّ من وصيّتي ، تقوى اللّه و
الإقتصار على ما فرضه اللّه عليك ، و الأخذ بما مضى عليه الأوّلون من آبائك ، و
الصّالحون من أهل بيتك ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر ، و
فكّروا كما أنت مفكّر ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا و الإمساك عمّا
لم يكلّفوا ، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا ، فليكن طلبك ذلك
بتفهّم و تعلّم ، لا بتورّط الشّبهات و علق الخصومات . و أبدأ قبل نظرك في ذلك بالإستعانة
بالهك ، و الرّغبة إليه في توفيقك ، و ترك كلّ شائبة أولجتك في شبهة ، أو أسلمتك
إلى ضلالة . فإن أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع ، و تمّ رأيك فاجتمع ، و كان همّك في
ذلك همّا واحدا ، فانظر فيما فسّرت لك . و إن لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك ، و
فراغ نظرك و فكرك ، فاعلم أنّك إنّما تخبط العشواء و تتورّط الظّلماء ، و ليس
طالب الدّين من خبط أو خلط ، و الإمساك عن ذلك أمثل . (
الخطبة 270 ، 1 ، 477 ) . . . فإنّي لم آلك نصيحة . و إنّك لن تبلغ في النّظر
لنفسك و إن اجتهدت مبلغ نظري لك . ( الخطبة 270 ، 2 ،
479 ) و يختم
الامام ( ع ) وصيته لأبنه الحسن ( ع ) و هي تربو على 16 صفحة بهذا الدعاء : استودع اللّه دينك و دنياك . و اسأله خير القضاء لك في
العاجلة و الآجلة ، و الدّنيا و الآخرة ، و السّلام . (
الخطبة 270 ، 4 ، 490 ) من
وصية له ( ع ) للحسن و الحسين ( ع ) لما ضربه ابن ملجم لعنه اللّه : أوصيكما بتقوى اللّه ، و أن لا تبغيا الدّنيا و إن
بغتكما . و لا تأسفا على شي ء منها زوي عنكما . و قولا للحقّ ، و اعملا للأجر ،
و كونا للظّالم خصما و للمظلوم عونا . |