- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
نَهْجُ البَلاغَة تحقيق صبحي الصالح
|
|||||||||||||||
مقدمة التحقيق
|
|||||||||||||||
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم
النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المصطفين الأخيار لمحة خاطفة عن سيرة الإمام عليهالسلام ما من مسلم يجهل موضع على كرم الله وجهه
من ابن عمه الرسول الكريم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة: وضعه في حجره وهو
ولد يضمه إلى صدره ويكنفه في فراشه ويمسه جسده ويشمه عرفه ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم
يجاور في كل سنة بحراء فيراه علي ولا يراه سواه. ولم يجمع بيت واحد في الإسلام
غير الرسول عليه الصلاة والسلام وخديجة أم المؤمنين وكان علي ثالثهما يرى نور
الوحي والرسالة ويشم ريح النبوة. وعلي كرم الله وجهه واسى نبيه الكريم
بنفسه في المواطن التي تنكص فيها الأبطال وتزل فيها الأقدام نجدة أكرمه الله
بها! وحسبك أنه ليلة الهجرة بات في فراش الرسول غير جازع أن يموت فداه وشهد معه
جميع مغازيه إلا ما كان من غزوة تبوك التي خلفه فيها الرسول في أهل بيته قائلا
له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي». سجل له التاريخ أجل المواقف وأسماها فهو
أحد المبارزين يوم بدر وقاتل عمرو بن ود في غزوة الخندق وأحد النفر الذين ثبتوا
مع الرسول الكريم في غزوتي أحد وحنين وصاحب راية المسلمين يوم خيبر وفيها أبلى
أحسن البلاء. أراد الرسول صلىاللهعليهوسلم
أن يكرمه فزوجه ابنته الزهراء في السنة الثانية من الهجرة فأولدها الحسن والحسين
وزينب وأم كلثوم وعهد إليه أن يتلو على الناس في موسم الحج أول سورة التوبة
إيذانا ببراءة الله ورسولة من المشركين. ولما غربت النبوة ولحق رسول الله صلىاللهعليهوسلم
بالرفيق الأعلى طمع في خلافته كثيرون من المهاجرين والأنصار وبدا للناس يومذاك
أن بني هاشم كانوا يريدون الخلافة فيهم ويرون عليا أحق الصحابة بها لمكانته
العظمى من الرسول الكريم وسعة علمه ومواقفه الخالدة في نصرة الإسلام فلا غرو إذا
أقبل العباس عم النبي على ابن أخيه علي يقول له: «ابسط يدك ولنبايعك» لكن عليا
كرم الله وجهه تباطأ في قبول هذه البيعة وظل متشاغلا بدفن الرسول العظيم.
وانطفأت الفتنة وبويع أبو بكر رضياللهعنه بما يشبه الإجماع
وإذا بعلي كرم الله وجهه يبايعه أيضا بعد فترة يسيرة كان عاتبا فيها عليه إذ
كان يرى لنفسه من الحق بالخلافة أكثر مما كان لأبي بكر. ولم يكن شيء أبغض إلى قلب علي من الخلاف
يدب بين المسلمين فها هو ذا - غم ما كان يرى من حقه بالخلافة - يبايع أيضا عمر رضياللهعنه
ويزوجه ابنته أم كلثوم ويبادله عمر من معاني التكريم والإجلال أسماها فيستخلفه
على المدينة إذا غاب عنها ويستشيره في الخطوب ويستفتيه في قضايا التشريع قائلا فيه:
«لولا على لهلك عمر»! ولقد رفض عمر أن يعهد
بالخلافة إلى ابنه عبد الله من بعده وظل في مشكلة الخلافة غير مستقر على رأي
حتى إذا طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في أواخر سنة 23 ه آثر أن يحصر الأمر في ستة من
كبار أصحاب النبي ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم فيبايعه المسلمون. وأولئك
الستة هم: علي
بن أبي طالب سيد بني هاشم وعثمان بن عفان شيخ بني أمية وطلحة بن عبيد الله كبيرا
بني تميم والزبير بن العوام زعيم بين أسد وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن ابن عوف
رأسا بنى زهرة. وربما مال أكثرهم -
منذ بدء الشورى - إلى تولية عثمان لأن عبد الرحمن بن عوف كان
صهره وسعدا من
أقربائه
فضلا على سابقته في الإسلام وإصهار للنبي صلىاللهعليهوسلم
مرتين في ابنتيه رقية وأم كلثوم. وبدا على رجال الشورى أن كلا منهم ود لو
يتخفف من تلك المسؤولية الضخمة إذ خلع كل نفسه وعهد إلى الآخر باختيار الخليفة حتى
إذا انتهى الأمر إلى عبد الرحمن أعلن في الحرم سنة 24 ه تولية عثمان. وامتعض بنو
هاشم لتحامل القوم عليهم ورغبتهم في إقصائهم ولكن عليا الذي يكره الخلاف بين المسلمين
آثر
هذه المرة أيضا أن يطفئ الفتنة ويحقن الدماء فبايع عثمان كما بايع
من قبل
أبا بكر وعمر وإن في العين قذى وفي الحلق شجا. وقام علي كرم الله وجهه من
بين الصحابة يلوم عثمان على تولية أقاربه ولما ثار عليه المعارضون من عرب الأمصار
أرسل علي لحراسته والدفاع عنه ولديه الحسن والحسين ولكن المتمردين حاصروا دار
عثمان وألزموه أن يخلع نفسه من الخلافة فحم القضاء ولقي مصرعه وهو جالس في
المحراب يقرأ القرآن. وانثال على علي عرب الأمصار
وأهل بدر والمهاجرون والأنصار وهرعوا إلي يقولون: أمير المؤمنين فلم يجد بدا
من قبول الخلافة في 25 من ذي الحجة سنة 35 ه. ولقد كانت مهمته
خطيرة اضطلع بها قرابة خمس سنين ولم يصف له الحال فيها يوما واحدا. وحرض الثوار عليا على عزل العمال الذين
عينهم عثمان فأذعنوا جميعا إلا معاوية في الشام فإنه علق
قميص عثمان على المنبر وغدا يحض الناس على الثأر للخليفة الشهيد. وفوجىء علي
بالسيدة عائشة أم المؤمنين وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام - وهما من رجال
الشورى الستة - يخرجون إلى البصرة مطالبين بدم عثمان وازدادت الفتنة
اشتعالا حين أخذت أم المؤمنين تحمس الجند وهي في هودجها على الجمل ثم عقر
جملها وقتل دونه سبعون رجلا وعرف هذا اليوم بموقعة الجمل وأعاد الإمام السيدة عائشة إلى
مكة محاطة
بالتكريم.
وتابت هي إلى الله أسفا على ما أريق من دماء المسلمين. ثم كان يوم صفين وتحكيم
الحكمين ثم بداية الوهن وتصدع الصفوف بين أتباع علي وعرف معاوية كيف
ينتهز الفرصة بإثارة الاضطرابات في أرجاء البلاد فازدادت نقمة الخوارج
وقرروا قتل معاوية وعلي فلم ينجحوا في قتل أولهما أما علي فقتله ابن ملجم
لعنه الله في المسجد في شهر رمضان ستة 40 ه وهو يردد: «الحكم لله لا لك يا علي». وبمصرعه انتهت
خلافة الراشدين وخلا الجو لمعاوية ليعلن خلافته بالشام ويدخل على
نظام الحكم مبدأ الوراثة الذي ينافي روح الإسلام. موضوعات نهج البلاغة لا بد لدارس «نهج البلاغة» أن يلم بهذه
الوقائع التاريخية - ولو من خلال لمحة خاطفة عجلى - ليعرف السر في غروب شمس
الخلافة الراشدة بين المسلمين الأولين الذين استَروَحو شذا النبوة ونعموا
بظلالها الوارفة واستناروا بما يلوح من أضوائها الباقية وقد بدأت تنحسر بعيد
الغروب! ولا بد لدارس «النهج» أن يلم بهذه
الحقائق ليرى رأي العين كيف تحولت هذه الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض وكيف أشعلت
من أجلها الحروب الطاحنة وأثخنت الأمة في سبيلها بالجراح الدامية وأصيب مقتلها
بمصرع إمام الهدى علي كرم الله وجهه ثم ارتكبتباسمها فيما بعد أسوأ الجرائم في
عهود بعض السفهاء والخلعاء والجائرين الذين أمسوا نقمة على أتباع هذا الدين. ثم لا بد لدارس «النهج» أن يكون لنفسه صورة
حقيقة عن تلك الحقبة من تاريخ المسلمين ليستنبط البواعث النفسية التي حملت عليا
على الإكثار في خطبه من النقد والتعريض والعتاب والتفريع والتذمر والشكوى فقد
عائدته الأيام وعجت خلافته عجيجا بالأحداث المريرة وخابت آماله في تحقيق
الإصلاح. فهل من عجب إذا استغرقت معاني النقد اللاذع والتأنيب الجارح معظم خطبه
ومناظراته وحتى رسائله إلى منافسيه والمتمردين عليه! وإن خير مثال يصور لنا نفس على
الشاكية خطبته «الشقشقية» التي فاضت على لسانه هادرة فكانت - كما قال - «شقشقة
هدرت ثم قرت» وامتلأت بألفاظ التأوه والتوجع والأنين. ولكم تذمر الإمام من تفرق أصحابه عنه على
حقهم واجتماع أصحاب معاوية معه على باطلهم! وكم سماهم «الناس المجتمعة أبدانهم
المختلفة أهواؤهم» واصفا كلامهم بأنه «يوهي الصم الصلاب» وفعلهم بأنه «يطمع فيهم
الأعداء». وكان طبيعيا أن تكبر خطب الإمام في الحث
على القتال فإن ما تخلل حياته السياسة من الأحداث المريرة ألهب مشاعره وأثار
عواطفه وحمله على الإهابة بقومه إلى القتال الدائب.والجهاد المتواصل. ولعل أفضل
نمط لخطبه في الجهاد تلك التي أنب فيها أصحابه على قعودهم عن نصرة الحق يوم أغار
جنود معاوية على الأنبار فقتلوا ونهبوا ثم آبوا سالمين ظافرين. لقد كان - كما قال - لا يهدد بالحرب ولا
يرهب بالضرب وكان على يقين من ربه وغيره شبهة في دينه فليفرطنّ لحزب الشيطان
حوضا هو ماتحُهُ لا يصدرون عنه ولا يعودون إليه. وليوصينّ ابنه محمد بن الحنيفية
يوم الجمل بما يجعله بطلا مرهوبا في ساحات القتال: «تزول الجبال ولا تزول عض على
ناجذك أعر الله جمجمتك تِد في الأرض قدمك. ارم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك واعلم
أن النصر من عند الله سبحانه». وبأمر الحرب تتصل السياسة فإن
بينهما لعلاقة وثقى ومن الظلم لشخصية علي أن نتصوره غير متتبع تيارات السياسة في
عصره. فقد
كان ثاقب الفكر راجح العقل بصيرا بمرامي الأمور وقد أثرت عنه مواقف وأقوال وتصرفات
تقوم دليلا على سياسته الحكيمة وقيادته الرشيدة لكن مثله العليا تحكمت في حياته
فحالت دون تقبله للواقع ورضاه بأنصاف الحلول بينما تجسدت تلك الواقعية في خلفه
معاوية وكانت قبل متجسدة على سمو ونبل في الخليفة العظيم عمر بن الخطاب. ومن يرجع إلى «نهج البلاغة» يجد فيه عشرات
الحطب - مثلما تصح «نماذج» للشكوى والتقريع والنقد - تعطي صورة واضحة عن
نظراته الثاقبة وآرائه البعيدة في مبادئ السياسة وأساليب حكم الرعية وإدارة
شؤونها والحرص على دفع الفن عنها حتى تعيش في بحبوحة العز والرخاء. ولكي تتدبر هذا الأمر ما عليك إلا أن
تقرأ خطبه لدى بيعته وإعلانه منهاجه في الحكم أو تستعبد مواقفه من السيدة عائشة
أم المؤمنين. ووساطاته بين عثمان والثائرين عليه وصبره الجميل في معالجة أمر
معاوية وأهل الشام وطول أناته في تفهم آراء شيعته ومناظرته الخوارج قبل أن يخوض
معهم ساحة القتال. استمع إليه عليهالسلام
يضبط نفسه عن الانفعال ويدحض الباطل بحجاج منطقي وأسلوب يفحم المكابر حين يقول
للخوارج:
«فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن وأن يميتا
ما أمات القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكما يحكم بما في القرآن
وإن أبيا فنحن من حكمهما براء» أو يقول لرجل وفد عليه من قبل أهل البصرة: «أرأيت
لو أن الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث فرجعت إليهم وأخبرتهم عن
الكلإ والماء فخالفوا إلى المعاطش والمجادب ما كنت صانعا قال: كنت تاركهم
ومخالفهم إلى الكلإ والماء. فقال له الإمام: «فامدد إذا يدك» وإذا الرجل يقول:
«فوالله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة علي فبايعته». وإن «نهج البلاغة» ليضم - إلى
جانب الموضوعات السابقة - طائفة من خطب الوصف تبوىء عليا ذروة لا تسامى بين
عباقرة الوصّافين في القديم والحديث. ذلك بأن عليا - كما تنطق نصوص
«النهج» - قد استخدم الوصف في مواطن كثيرة. ولم تكد خطبة من خطبه تخلو من وصف
دقيق وتحليل نفاذ إلى بواطن الأمور: صور الحياة فأبدع وشخص الموت فأجزع ورسم
لمشاهد الآخرة لوحات كاملات فأراع وأرهب ووازن بين طبائع الرجال وأخلاق النساء
وقد للمنافقين «نماذج» شاخصة وللأبرار أنماطا حية ولم يفلت من ريشته المصورة
شيطان رجيم يوسوس في صدور الناس ولا ملك رحيم يوحي الخبر ويلهم الرشاد. على أن المهم في أدب الإمام عليهالسلام
تصويره الحسيات وتدقيقه في تناول الجزئيات: وقد اشتمل كلامه على أوصاف عجيبة لبعض
المخلوقات حملت روعتها ودقة تصويرها بعض النقاد على الارتياب في عزوها إلى أمير
المؤمنين كما في تصويره البارع للنملة والجرادة ولا سيما للطاووس. ولا بد من تحقيق
هذا الأمر في غير هذه المقدمة العجلي وهو ما نسأل الله التوفيق لبيانه في كتاب
مستقل اكتملت بين أيدينا معالمه وسنصدره قريبا بعون الله. أما النملة فقد وصف منها صغرها
وحقارة أمرها مشيدا بدقتها وحسن تصرفها مسترسلا مع وصفه بأنفاسه الطوال وأنغامه
العذاب وأخيلته الحصاب: إن النملة في صغر جستها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ
البصر ولا بمستدرك الفكر وإنها تدب على الأرض دبيبا تنصب على الرزق انصبابا
وتنقل الحب إلى جحرها جامعة في حرها لبردها وفي وردها لصدرها ولا يفوت عليا أن
يصف لنا من النملة شراسيفها وغضاريفها وأطراف أضلاعها المشرفة على بطنها وما في
رأسها من عينها وأذنها ثم يسوقنا إلى التفكير بعظمة الحالق الذي خلقها ولم يعنه
على خلقها قادر وفطرها ولم يشركه في فطرتها فاطر! وأما الجرادة الإمام دقيق
أجزائها ورهيف حواسها وجامع نزواتها ويتمهل وهو يصف حمرة عينيها وضياء حدقتيها
وخفاء سمعها واستواء فمها وقوة حسها.ويتوقف قليلا عند نابيها اللذين بهما تفرض
ومنجليها اللذين بهما تفيض ويعجب لسلطتها الرهيبة على الزراع في زرعهم فلو
أجلبوا بجمعهم لما استطاعوا لها ذبا ولا دفعا مع أن حجمها لا يزيد على إصبع
مستدقة! ويخم الإمام كلامه هذا بالتذكير بعظمة
الخالق الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها ويعنو له خدا ووجها ويلقي
إليه بالطاعة سلما وضعفا. وكل هذا ليس بشيء إذا ما قيس
بوصف الإمام للطاووس فما ترك شيئا من شباته إلا وصفه وصفا دقيقا جميلا: فهو يمشي مختالا
كأنه يزهو بما منحته الطبيعة من جمال وقوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية وألوانه
الزاهية المتنوعة تشبه ألوان الربيع أو موشي الحلل «فإن شبهته بما أنبتت الأرض
قلت: جنى جني من زهرة كل ربيع وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشي الحلل أو مونق عصب
اليمن وإن شاكلته بالحي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل»! وإن الإمام ليعجب لشيء في هذا
الحيوان لا بد أن يثير العجب حقا: فكلما سقطت منه ريشة نبتت مكانها ريشة
جديدة تحمل الألوان نفسها والتقاسيم ذاتها. ويتطرق الإمام إلى علاقة
الطاووس مع أنثاه ويوضح كيف يدرج إليها مختالا وينفي زعم من قال: إن الطاووس يلقح
أنثاه بدمعة تسفحها مدامعه ويثبت أن الملاقحة عند هذا الظائر لا تختلف عن
الملاقحة لدى الفحول المغتلمة للضراب. وينتهي وصف الطاووس أيضا
بالتذكير بعظمة الخالق وحكمته في خلقه كأن الوصف - مهما يبد مستقلا قائما بنفسه
- إنما يخضع للغرض الديني وللعبرة التي لا بد أن ينبه علي إليها الأسماع
والقلوب. ومن المتوقع - بعد هذا كله بل قبل هذا كله
- أن يدور معظم خطب الإمام حول العليم والإرشاد إذ كان ربيب الرسول فنهل العلم
من بيت النبوة العظيم. وكان لزاما - عليه فوق هذا -
بحكم الخلافة وما يفترض في الخليفة من توجيه ووعظ وإرشاد - أن يخطب الناس كل
جمعة ويعرفهم رأي الإسلام الصحيح في الفتن والملمات والأحداث. ومن «هنا كثرت
خطبه في التحذير من الفتن والدعوة إلى الزهد في الحياة الدنيا والتذكير بالموت
هادم اللذات ومفرق الجماعات ووصف أهوال القيامة والبعث والنشور والترغيب في
الجنة والترهيب من النار. إن الإمام ليحذر من الفتن التي تدوس
بأخفافها وتطأ بأظلافها وتقوم على سنابكها وإنه ليدعو الناس إلى شق أمواج هذه
الفتن بسفن النجاة والتعريج عن طريق المنافرة ووضع تيجان المفاخرة. أما الدنيا فغرارة ضرارة
حائلة زائلة نافدة بائدة أكالة غوالة لا ينال امرؤ من غضارتها رغبا إلا أرهقته
من نوائبها تعيا ولا يمسي منها في جناح أمن إلا أصبح على قوادم خوف. إنها غرور
حائل وضوء آفل. وظل زائل وسناه مائل. فما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة وما يصنع
بالمال من عما قليل يسلبه ويبقى عليه تبعته وحسابه فلينظر الناس إلى الدنيا نظر الزاهدين
فيها الصادفين عنها ولا يغرنهم كثرة ما يعجبهم فيها لقلة ما يصحبهم منها
وليذكروا دائما أن الدهر موتر قوسه لا تخطىء سهامه ولا تؤسى جراحه يرمي الحي
بالموت والصحيح بالسقم والناجي بالعطب. وليمنع الناس من اللعب ذكر الموت فهذا
عائد يعود وآخر بنفسه يجود. ولتصيرن الأجساد شحبة بعد بضّتها والعظام نخرة بعد
قوتها والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها موقتة بغيب أنبائها. ولقد كان للناس في رسول الله
أسوة حسنة:
عرضت عليه الدنيا فأبي أن يقبلها وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه وحقر
شيئا فحقره. وللناس في علي أسوة حسنة أيضا: رفع مدرعته حتى استحيا من واقعها.
ولما سأله سائل: ألا تنبذها عنك أجابه: «اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم
السّرى»! وإن عليا كرم الله وجهه لا يرى كالنار نام
هاربها ولا كالجنة نام طالبها «حتى إذا انصرف المشيع ورجع المتفجع أقعد في حقرته
نجيا لبهته السؤال وعثرة الامتحان. وأعظم ما هنالك نزول الحميم وتصلية الجحيم
وفورات السعير وسورات الزفير»! ومن أطرف ما جادت به قريحة الإمام خطبه في
بدء الخلق وأوضحها في هذا الباب خطبته الطويلة التي استهل بها الشريف الرضي «نهج
البلاغة» وفيها يصف خلق السماوات والأرض وخلق آدم وخطبته «ذات الأشباح» التي عرض
فيها لتصريف الكون وتدبير الخلق وتناول فيها بالوصف أبراج السماء وفجاج الأرض
وما حولها من البحار وما تحتها من الماء ثم خطبته «القاصعة» التي تضمنت تكوين
الخليقة وسجود الملائكة لآدم واستكبار إبليس عن السجود له وتحذير الناس «من
مصيدة إبليس العظمى ومكيدته الكبري». وأغراض علي في كتبه ورسائله وعهوده
ووصاياه تشبه أغراضه في خطبه شبها شديدا: كثرت فيها رسائل التعليم والإرشاد.
وكتب النقد والتعريض والعتاب والتفريع وانضمت إليها بعض الوثائق السياسة
والإدارية والقضائية والحربية. ورسائله جميعا مطبوعة بالطابع الخطابي. حتى ليكاد
الباحث يعدها خطبا تلقى لا كتبا تدبج إذ تؤلف فيها الألفاظ المنتقاة , تنق فيها
الجمل المحكمات فينبعث من أجزائها كلها نغم حلو الإيقاع يسمو بنثرها الرشيق فوق
مجالات الشعر الرفيع. وإذا تجاوزنا خطب علي ورسائله
إلى المختار من حكمه ألقيناه برسل من المعاني المعجزة والأجوبة المسكتة. ما ينبئ عن غزارة
علمه وصحة تجربته وعمق إدراكه لحقائق الأشياء. وحكم علي هذه منها ما جمعه
الشريف الرضي تحت عنوان مستقل نجد فيه مثل قوله «الناس أعداه ما جهلوا» «ولم يذهب من مالك
ما وعظك» «قيمة كل امرئ ما يحسنه» «احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع»
ومنها ما أثبت وتناثر ضمن فقرات خطبه. ووصايا علي الاجتماعية تتجسد
هاهنا بوضوح من خلال كلماته النوابغ وحكمه الحسان.فهو يجلو أبصار
صحبه وبصائرهم ويود لو يغبقهم كأس الحكمة بعد الصبوح. يحذر هم من العلم الذي لا ينفع «قرب عالم
قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه» «والجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل»
«والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل». ويخوفهم عاقبة الظلم والجور «فليس في
الجور عوض من العدل». ويكره إليهم الشر «فالغالب بالشر مغلوب». ويبغض إليهم النقاق فإنما يخاف عليهم كل
منافق الجنان عالم اللسان يقول ما يعرفون ويفعل ما ينكرون. ويستعظم أمر الخيانة فإن أعظم الخيانة
خيانة الأمة. وأفظع الغش غش الأئمة. وينتهى عن الإسراف والتبذير فإنما المال
مال الله! إلا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف وهو يرفع صاحبه في
الدنيا ويضعه في الآخرة ويكرمه في الناس ويهينه عند الله. ويستعيذ بالله من الفقر فإنه منقصة للدين
مدهشة للعقل داعية للمقت! والفكرة في خطب علي ورسائله
وحكمه عميقة
من غير تعقيد بسيطة من غير إسفاف مستوفاة من غير إطناب يلونها ترادف الجمل
ويزينها تقابل الألفاظ وينسقها ضرب من التقسيم المنطقي يجعلها أنفذ في الحس
وألصق بالنفس. وكان ينبغي لعلي أن تقذف بديهته بتلك
الحكم الخالدة. والآراء الثاقبة بعد أن نهل المعرفة من بيت النبوة وتوافرت له
ثقافة واسعة وتجربة كاملة وعبقرية نفاذة إلى بواطن الأمور. وتتسم أفكار على غالبا بالواقعية إذ كان
يستمد عناصرها من بيئته الاجماعية والجغرافية فأدبه - من هذه الناحية - مرآة
للعصر الذي عاش فيه صور منه ما قد كان أو ما هو كائن.ولقد يطيب له أحيانا أن
يصور ما ينبغي أن يكون فتغدو أفكاره مثالية عصية على التحقيق. وما من ريب في أن الكتاب والسنة قد رفداه
بينبوع ثر لا يغيض فتأثر بأسلوب القرآن التصويري لدى صاغة خطبه ورسائله واقتطف
من القرآن والحديث كثيرا من الألفاظ والتراكيب والمعاني وقد حرصنا على إبرازها
في فهارس «النهج» من طبعتنا هذه. وأما عاطفة علي فثائرة جياشة تستمد
دوافعها من نفسه الغنية بالانفعالات وعقيدته الثابتة على الحق فما تكلم إلا وبه
حاجة إلى الكلام وما خطب إلا ولديه باعث على الخطابة وإنما تتجلى رهافة حسه في
استعماله الألفاظ الحادة وإكثاره من العبارات الإنشائية كالقسم والتمني الترجي والأمور
والنهي والتعجب والاستفهام والإنكار والتوبيخ والتفريع مصحوبة كلها بترادف بين
الفقرات وتجانس بين الأسجاع وحرص واضح على النغم والإيقاع. وخيال علي - فيما
يخلعه على موصوفاته من صور زاهيات - ينتزع أكثر ما ينتزع من صميم البيئة
العربية إقليمية وفكرية واجتماعية. وتمتاز صور علي بالتشخيص والحركة ولا سيما
حين يتسع خياله ويمتد مجسما الأفكار ملونا التعابير باثّاً الحياة في المفردات
والتراكيب. |
|||||||||||||||
مزايا هذه الطبعة
|
|||||||||||||||
منذ تصدى الشريف الرضي (الشريف الرضي هو أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي ويتصل نسبه
يجده الأعلى الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ولد
سنة تسع وخمسين وثلاث مئة وأقبل على العلم والفقه والأدب حتى يأت أبدع أبناء
الزمان وأنجب سادات العراق. وفي سنة 388 تولى نقابة الطالبيين بعد أبيه في حياته
وعهد إليه بالنظر في المظالم والحج بالناس. ابتدأ ينظم الشعر وله من العمر
عشر سنين أو تريد قليلا وحكم بعض النقاد بأنه أشعر الطالبيين وكان فوق هذا كاتبا
بليغا مترسلا. وقد توفي الرضي سنة أربع وأربع مئة رحمهالله وأجزل
مثوبته.) لجمع ما تفرق من كلام أمير المؤمنين علي عليهالسلام.ووسمه
«بنهج البلاغة». أقبل العلماء والأدباء على ذلك الكتاب النفيس بين ناسخ له يحفظ
نصه في لوح صدره وشارح له ينسخ الناس عنه تفسيراته وتعليقاته ولا يحصي إلا الله
عدد حفاظ «النهج» ونساخه أما شراحه في القديم والحديث فقد أربوا على الخمسين (هذا ما يقوله السيد هبة الله الشهرستاني في كتابه (ما هو نهج
البلاغة ص 8 - 10) ومن هؤلاء الشراح القدامى أبو الحسين البيهقي والإمام فخر
الذين الرازي والقطب الراوندي وكمال الدين محمد ميثم البحراني وعز الدين بن أبي
الحديد المدائني وهذا الأخير هو أشهر هم جميعا ويعد شرحه أفضل الشروح وأطولها.
وقدشرع في تأليفه في غرة شهر رجب من سنة 644 وأئمة في آخر سلخ من سنة 649 وكان
فقيها أصوليا كما كان أديبا ناقدا وقد كان مولده بالمدائن في غرة ذي الحجة سنة
586 أما ووفاته فذكر بعضهم أنها سنة 655 ه.). وكان طبيعيا - بعد أن استفاضت شهرة الكتاب
وطبقت الآفاق وتواتر متنه على ألسنة الأدباء والفضلاء - أن يقل الاختلاف في نصه
وأن ينتقل من جبل إلى جيل برواية تكاد تكون واحدة. وإذا أضفنا إلى شهرته الأدبية
ما أحيط به من معاني التعظيم - بل التقديس - ما وقع فيه من التحريف والتصحيف
سواء أكان ذلك في نصه المتداول على حدة أم في متنه المصحوب ببعض الشروح مسهبة
وموجزة. ولعل شهرة «النهج» - على
الصورة التي وصفنا - هي التي حملت المتأخرين من الشراح كالإمام محمد عبده ومحمد نائل
المرصفي على الاكتفاء بنسخة واحدة خطية عولوا عليها فيما حاولوه من التحقيق أولا
والشرح ثانيا. وإنا لندرك أنه لم يكن يسع أحدا من هؤلاء أن يصنع «للنهج» خيرا
مما صنع لأن جمهرة المحققين في أيامهم كانوا إذا وجدوا مخطوطة نشروها على حالها
وأضافوا إليها ما وقع إليهم من الحواشي والشروح لا يجشّمون أنفسهم عناء البث عن
النسخ المختلفة ومقابلة بعضها ببعض ضبطا للنص وتصحيحا للأصل واختيارا للأدق
الأكل , وانسجاما مع أمانة العلم ومنهجية التحقيق. وإن علينا - مع ذلك
- أن نكبر ما قدمه
الإمام محمد عبده من خدمة جلى للفكر العربي الاسلامي يوم نشر «نهج البلاغة»
وشرحه بإيجاز مهما تكن الهنات التي أخذها عليه غيرنا أو نأخذها نحن اليوم عليه
فله يرتد الفضل في انتشار هذا الكتاب العظيم الذي بات لا يجهله أحد من الأدباء
والمتأدبين. وحسب الشيخ محمد عبده فخرا أن عشرات الطبعات التي نشرت شرفا
وغربا ظلت إلى عهد قريب تستند إلى النص الذي أثبته وتكتفي بالشرح الذي اقتبسه
وانتقاه (نذكر على سبي المثال طبعات
الشيخ محيي الدين عبد الحميد في القاهرة وطبعة الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل في
بيروت. ونضرب ها هنا صفحا عن الطبعات التجارية إلي تصدى بها قوم لما لما لم
يكونوا له أهلا.). على أن «نهج البلاغة» - لنفاسته - جدير
بأكثر مما أتيح له حتى اليوم من التحقيق والتدقيق. ولقد طلع علينا منذ سنوات
قلائل الأستاذ البحاثة المفضال محمد أبو الفضل إبراهيم بطبعة علمية ممتازة لشرح
ابن أبي الحديد في عشرين جزءا رجع فيها إلى نسخ مخطوطة مصورة عن أصولها المحفوظة
في مكتبة المتحف البريطاني ومكتبة الفاتيكان والمكتبة الظاهرية وبعض المكتبات
الأخرى العامة والخاصة (انظر ما
ذكره محمد أبو الفضل إبراهيم عن هذه المخطوطات في مقدمته (الجزء الأول ابتداء من
الصفحة العشرين) وأصف إلى ذلك ما نبه إليه في أجزاء الكتاب المختلفة من أصول
جديدة وقعت إليه أثناء الطبع الذي استغرق نحو خمس سنوات (من سنة 1959 حتى 1964).
وراجع بصورة خاصة الصفحات الأولى من الأجزاء التالية (الثاني الرابع والخامس
والسابع والحادي عشر والخامس عشر والسادس عشر والثامن عشر والتاسع عشر
والعشرين).) ولم تكن تلك المخطوطات المختلفة كلها
كاملة ولكنها بمجموعها كانت كافية لتقديم أفضل صورة ممكنة «للنهج» متنا وشرحا. وإفاضتنا في الثناء على هذه
الطبعة الأخيرة لا ينبغي أن تحول دون تقريرنا للحقيقة التالية: وهي أن الغرض الذي
رمي إليه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم هو تحقيق شرح «النهج» وليس تحقيق
«النهج» ذاته. أما الغاية التي نتصدى لها والتي يؤنس جميع الأدباء حاجة إليها فهي ضبط
مجموعة النصوص التي اختارها الشريف الرضي من كلام الإمام ضبطا كاملا مستقلا على
حدة ليتلوها القارئ - باحثا فيها أم متبركا بها - وهو آمن مطمئن إلى صحتها في
ذاتها وليجد فيما ألحق بها من الفهارس العلمية ما يلبي طلبه ويشفي غلته ويغنيه
عن الشروح الطوال. والأمانة العلمية تفرض علينا أن نعترف بأن
ضبطنا لنص «النهج» لا يرتد إلى امتلاكنا النسخ المخطوطة أو المصورة ومقابلتنا
بعضها ببعض ومعارضتها بأصل أو أصول اعتمدناها بقدر ما يرتد إلى إثبات ما نطقت
الشروح بحسنه وصوابه. ويظلل من حق الأستاذ محمد إبراهيم - وإن حقق الشرح لا
النهج - أن يفخر على الجميع بأنه استجمع من المخطوطات في هذا الصدد ما لم
يستجمعه باحث سواه. ألا وإني بهذا لا أغمط نفسي بنفسي فمن
يقرأ طبعتي هذه بإمعان وتدبر يدرك لا محالة أني رجعت إلى أصول مخطوطة كثيرة
تمكنت - بالاستناد إليها - أن أثبت أفضل القراءات وأفص الوجوه وإن
كنت قد جردت نص «النهج» منكل حاشية أو تعقيب أو تفسير أو رمز أو اصطلاح اكتفاء
بالفهارس العشرين التي أبرزت للناس قيمة الكتاب. وأنما حملني على إيثار هذا
الأسلوب في تحقيق «نهج البلاغة» ما لمسته لدى كثير من القراء من ضيق صدورهم برموز
التحقيق أو هوام التفسير تستغرق في أسفل كل صفحة أكثر مما يستغرقه أعلاها من
الأصول أو المتون. ومن هنا رأيت أن أقسم عملي قسمين ألبي بهما رغبتين: أما القسم الأول فتحقيق نص «النهج»
أدق تحقيق وأوفاه ألبي به رغبة الذي يريد أن يقرأ كلام الإمام غير شاغل نفسه بتعليقات
الشراح. وعلى هذا جردت النص من كل زيادة طرأت عليه وأرحت القارئ حتى من رموز
النسخ التي استصوبت ما ذهبت إليه.وأما القسم الثاني ففهرسة مفصلة
كل التفصيل ألبي
بها رغبات الباحثين فيما اشتمل عليه «ونهج البلاغة» من كنوز فكرية وأدبية ثمينة. ولسوف يلاحظ الأديب الباحث أن من النادر
إلحاق فهارس على هذه الصورة المفصلة بأي كتاب مهما يعظم قدره وتجل مكانته حتى
لكأني أردت أن أوفر على كل باحث كل عناء: أتعبت نفسي ليستريح راجيا من الله وحده
حسن المثوبة وكرم الجزاء. وسوف يجد القارئ طلبته من هذه الفهارس بأقصى سرعة ممكنة
إذ آثرنا طبعها على ورق يختلف لونه عن لون الأصل تسهيلا وتيسيرا. ولقد رأيت من المناسب أن أبدأ
تلك الفهارس العشرين بفهرس الألفاظ الغريبة المشروحة متبعا تعاقب أرقامها في هذه المطبوعة ولقد
نافت هذه الألفاظ على خمسة آلاف وها هوذا آخر لفظ فيها يحمل
الرقم 5031 وها هي ذي بمجموعتها تشبه معجما صغيرا يفي بشرح طائفة غير يسيرة من
الكلمات الحية الجارية على ألسنة الفصحاء. واقتصرت في هذا الفهرس الأول على الحد
الضروري من الإيضاح والتبيان وبتأخيري إياه حتى انتهى تحقيق النص أعنت كلا من
الطالب والدارس على أن يحاول من تلقاء نفسه أن يفهم معنى كل عبارة من السياق
الذي وردت فيه. وإنما يرجع إلى هذا الفهرس حين يضل الطريق أو يخطئ الاستنتاج
وإذا بشر حنا الموجز ينفذه من حيرته ويصحح له ما عسى أن يقع فيه من الأغاليط. ومن يقارن بين شرحنا لمعاني
الألفاظ الغريبة وشرح الشيخ محمد عبده يخيل إليه أن قدرا كبيرا منها متماثل أو
متشابه إلى حد بعيد. والسر في هذا أن كلا منا عول على شرح ابن أبي الحديد في
مواضع كثيرة
وكان لزاما علينا أن نعول عليه لأنه أفضل الشروح. فحيثما
تجد تشابها في عبارتينا فإنما مرده إلى اقتباسنا كلينا ما لم يكن بد من استحسانه
من أقوال ابن أبي الحديد وحيثما تقع على تباين في الشرح أو إسهاب هنا وإيجاز هناك فمرده
ما استقل كل منا بفهمه وتحديده أو إطلاقه وتقييده. مما عاد إليه أحدنا
بنفسه ينقب عنه في بطون المعجمات ويلتمس الشواهد عليه من لسان العرب. ولا يسعني هنا أن أكتم
حقيقة بنت منها على يقين سبقني إلى التنبيه عليها منذ أكثر من خمسين عاما محيي
الدين الخياط يوم طبع في بيروت «نهج البلاغة» ومعه شرح الأستاذ الإمام وزيادات
اقتبسها الخياط من شرح ابن أبي الحديد لقد لا حظ هذا الناس الفاضل أن بعض تفسير
الشيخ عبده «يكاد يكون منقولا بحرفيته عن شرح ابن أبي الحديد مع أن الشارح قال
في مقدمته - وهو صادق فيما يقول - إن لم يتيسر له رؤية شرح من شروح نهج
البلاغة على أن من يتصفح بقية الشرح ويتصفح شرح ابن أبي الحديد يتراءى له أن
أحدهما منقول عن الآخر. وما عزاه الخياط إلى محمد عبده
من حرفية في نقل عبارات ابن أبي الحديد أمر صحيح لا ترقى إليه الريبة وذلك في الوقت نفسه
لا ينفي أن الأستاذ الإمام لم ير أي شرح من شروح «النهج» يوم طبع الكتاب أول مرة
في المطبعة الأديبة في بيروت. ولو أن محيي الدين الخياط رأي تلك
الطبعة البيروتية الأولى لما لاحظ من التشابه بين الشرحين إلا ما وقع مصادقة
واتفاقا
فمن المؤكد إذا أن الخياط إنما اطلع على الطبعة المصرية التي اشتملت على زيادات
مقتطفة من شرح ابن أبي الحديد وكان قد تيسر حينذاك للإمام محمد عبده أن يرى
هذا الشرح بعد عودته إلى مصر. وليت الإمام في مقدمته للطبعة المصرية
أشار إلى هذا ولو فعل لأزال من صدور الباحثين كل ريبة ولكنه رحمهالله
بصمته التام في هذا الصدد تركنا نتساءل ونحاول التوضيح والتعليل. على أني واثق بأن الشيخ عبده لم
يقرأ شرح ابن أبي الحديد من أوله إلى آخره قراءة دقيقة واعية وإنما
رجع منه إلى ما لم يكن مطمئنا إلى تفسيره في الطبعة البيروتية اطمئنانا كاملا وبهذا نعلل مغايرة
شرح لشرح ابن أبي الحديد في طائفة من الكلمات. ولقد يستطرد ابن أبي الحديد لدى
تفسير كلمة أو عبارة فيستغرق باستطراده صفحات يؤيد بها وجهة نظره بالشواهد
والنصوص وإذا هي عند محمد عبده تناقض ما يقول من غير إنما إلى مواطن الاختلاف مع
أن الأستاذ الإمام يعني نفسه في مواضع أخر يذكر عدد من الوجوه ويحاول - ولو
بإيجاز شديد - أن يقارن بين صور الاختلاف في قراءة اللفظ أو تبيان المدلول.وذلك
يعني في نظرنا أن محمد عبده اطلع على الشرح اطلاعا غير كاف وربما قرأ بعضه
بإمعان حيثما آنس الحاجة فأما سائر الشرح فقد تصفحه تصفحا بل لا أستبعد أن
يكون مر ببعضه مرورا عابرا غير مجشّمٍ نفسه حتى عناء تصفحه. ومن الغريب أن علامة كالشيخ
محمد محيي الدين عبد الحميد لما طبع «نهج البلاغة» في مطبعة
الاستقامة ومعه شرح الأستاذ الإمام لم يجرؤ على تصحيح شيء من تصحيفاته وبعض
ما وقع فيه من الأوهام رغم ما ذكره في مقدمته من زيادته أشياء ذات بال فبدا لنا
هذا اللغوي المعروف معولا كل التعويل على شرح الإمام غير مكلف نفسه أن يستوثق من
أفصح القراءات وأفضل التأويلات. وعلى ذلك مضى الأستاذ عبد
العزيز سيد الأهل في طبعة دار الأندلس بيروت حتى لكأنه صور شرح الأستاذ الإمام
تصويرا. واقتصارنا في فهرس الألفاظ المشروحة على
الحد الضروري من الإيضاح لم يأذن لنا بالتعقيب على تلك الهنات والأغاليط فيما
أسس على شرح الإمام من طبعات وإنما اكتفينا بذكر ما بدا لنا أصح الوجوه بعد
مراجعتنا أوثق المصادر ولا مناص لنا هنا من سرد بعض هاتيك الأوهام على سبيل
المثال. يقول على عليهالسلام:
«وأنا من رسول الله
كالضوء من الضوء» مشبها نفسه - كما يوضح ابن أبي الحديد - بالضوء الثاني
ومشبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالضوء الأول
ومنبع الأضواء عز وجل بالشمس التي توجب الضوء الأول فتصبح العبارة بعد التصحيف «كالصنو
من الصنو»
ويمسي معناها: الصنوان النخلتان يجمعهما أصل واحد فإنما علي من
جرثومة الرسول» (1). ولو أن
محمد عبده قرأ شرح ابن أبي الحديد لهذه العبارة لأخذ به إن اقتنع أو لأشار إليه
إن لم يقتنع لكنه لم يشر إليه قط ولعل لم يقع عليه. ويقول على كرم الله وجهه في
صفة قوم: «فتألّوا
على الله» والمراد أنهم حلفوا من الألية وهي اليمين وإذا العبارة عند
الأستاذ الإمام «فتأولوا على الله» غير واضحة المعنى ولا بينة المدلول (2). والمرأة عقرب حلوة اللسبة (أي اللسعة) باتت حلوة اللبسة (أي
حالة من حالات اللبس) (3) والرجل لم تظهر
منه حوية (وهي
الإثم) صار
«لم تظهر
منه خزية»
تصحيفا (4) والرجل لا يؤمن
على جباية (أي تحصيل أموال الخراج وغيرها) بات بعد التصحيف «لا
يؤمن على خيانة» (5) مع أنه في الحاشية
يقرر أن رواية «الجباية» أظهر معنى! بهذه الملاحظة الأخيرة نشير
إلى إثبات الشيخ عبده في المتن ما يستحسن في الحاشية سواه نصا وشرحا: ومن ذلك أن يثبت
في المتن: «وبنا انفجرتم عن السرار» ويشرحها في الحاشية ثم يقول: «ويروى أفجرتم
بدل انفجرتم» وهو أفصح وأوضح لأن «انفعل» لا يأتي لغير المطاوعة إلا نادرا أما
أفعل فيأتي لصيرورة الشيء إلى حال لم يكن عليها... الخ» وما أدري لماذا أهمل
الأفصح والأوضح وأثبت في المتن ما كان في نظره غير فصيح! (6) ______________________ (1) طبعة عبد الحميد 3 - 81
وطبعة سيد الأهل ص 508 س 1. (2) طبعة عبد الحميد 3 - 87 س 7
وهي في طبعة سيد الأهل ص 513 س 1. (3) طبعة عبد الحميد 3 - 164 س
1. وهي في طبعة سيد الأهل ص 576 س 3. (4) طبعة عبد الحميد 3 - 177 س
9. وهي في طبعة سيد الأهل ص 586 س 11. (5) طبعة عبد الحميد 3 - وهي في
طبعة سيد الأهل ص 560 س 1. (6) طبعة عبد الحميد 3 - 33 س
8. وهي في طبعة سيد الأهل ص 45 س 14.
ومن ذلك أيضا أنه ذكر في المتن
«يذري الروايات إذراء الريح الهشيم» ويشرحها في الحاشية ثم يقول: «ويروى: يذرو
الروايات كما تذرو الريح الهيثم وهي أفصح» قال الله تعالى: «فأصبح هشيما
تذروه الرياح» (1) ونحن
نتساءل مرة أخرى: ما الحكمة في إغفاله ما يعرفه فصيحا بل أفصح الفصيح وأدهى من ذلك وأمر أن الأستاذ عبد العزيز
سيد الأهل - في طبعة المبنية على شرح الأستاذ الإمام - يبلغ به التساهل
مبلغا لا يحسد عليه فهو يختار في المتن عبارة ويشرح غيرها في الحاشية فما يدري
أحد بأي مقياس ثم له الاختيار: ها هو ذا يثبت في المتين «وضرب على قلبه
بالإسهاب» ويعلق في الحاشية بقوله (2): «الأسداد جمع سد
يريد الحجب التي تحول دون بصيرته والرشاد قال الله تعالى «وجعلنا من بين أيديهم
سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون» ثم يقول: ويروى «الإسهاب»
وهو ذهاب العقل أو كثرة الكلام!!! ويطول بنا الحديث لو ذهبنا نتقصى ما وهم
فيه سيد الأهل في طبعته سواء أكان سببه محاكاته غالبا وجده في شرح الإمام محمد
عبده أم تصحيفا لم ينتبه إليه أم غلطا وقع فيه. إنه ليثبت ويشرح «النباتات البدوية» (3) وإنما هي (النابتات العذية) أي التي تنبت عذيا والعذي - بسكون الذال -
الزرع لا يسقيه إلا ماء المطر. ويجعل «منافثة» الحكماء - بالثاء - «مناقشة»
بينهم بالشين (4) ويصير «الخنوع»
بالنون «الخشوع» (5) بالشين وينسى
التعبير القرآني «يلبسون الحق بالباطل» أي يخلطون أحدهما بالآخر ليضع مكانه
«يلتسمون» (6) وبيني للمجهول
«نسلت القرون» (7) والفصيح ف «نسلت»
بالبناء للمعلوم ويشدد اللام في «يثل» من قول الإمام «ولا يثل من عاداه» (8) وصوابها من غير تشديد من «وأل يئل»: أي نجا ينجو. ______________________ (1) انظر طبعة سيد الأهل ص 61 س
وقارن بطبعة عبد الحميد 1 - 49 س 4. (2) انظر سيد الأهل ص 75 س 11
والحاشية 5. (3) طبعة سيد الأهل ص 507 س 12
وقارنه بطبعة عبد الحميد 2 - 81 س 8. (4) طبعة سيد الأهل ص 522 س 9.
وقارنه بطبعة عبد الحميد 2 - 99 س 7. (5) طبعة سيد الأهل ص 30 س 2
وقارن بطبعة عبد الحميد 1 - 15 س 5. (6) طبعة سيد الأهل 491 س 8.
وقارنه بطبعة عبد الحميد 2 - 65 س 6. (7) طبعة سيد الأهل 22 س 6
وقارنه بطبعة عبد الحميد 1 - 18 س 5. (8) طبعة سيد الأهل 35 س 12.
والغريب هنا أن طبعة عبد الحميد 1 - 22 س 3 من غير تشديد.
وأغرب من هذا كله تشديده الياء مرتين
بصورة تلفت النظر إذ أثبت قول الإمام هكذا: «أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة» (طبعة سيد الأهل 358 س 5.) وحاشا للإمام أن يجمع السنة في حال الجر بياء مشددة وليس هذا من التطبيع
(من التطبيع مثلا أن عبارات سقطت
وسبحان الذي لا يضل ولا ينسى كسقوط عبارة «لا بمقارنة وغير كل شيء» ص 25 س 2
وسقوط عبارة «والزعزع القاصفة» ص 26 س 4.) في شيء لأنه - كما قلت - تكرر مرتين! وما أردت بتعليقاتي هذه نقدا
ولا تجريحا
ولكني وددت - من خلالها - أن يميط القراء اللثام عن سر اهتمامي الشديد بالفهرس
الأول الذي
شرحت فيه ألفاظ «النهج» الغريبة مستوثقا من أدق المتون والشروح. أما الفهرس الثاني فعقدته للموضوعات
العامة مرتبة على حروف المعجم وهو من أهم الفهارس التي وضعتها
لخدمة أغراض " النهج وقد كان وحده كافيا لإبراز الفكر العميقة التي بثها الإمام كرم الله
وجهه في خطبه ورسائله ووصاياه لكني أردت مزيد التفصيل والتجزئة
والتحليل حين أتبعته بالفهارس التي سأتحدث عنها بعد قليل. ومما يجدر ذكره أن مثل هذا
الفهرس العام لم يطبع - فيما نعلم - مع «النهج» ولا مع شرحه لا في
مصر ولا الشام ولا إيران ولا سواها من البلدان مع أن أحدا من الباحثين لا يجهل أهميته
للأدباء والمتأدبين. ونود منذ الآن أن نفرق بينه وبين الكتاب الذي
وضعه السيد
جواد المصطفوي الخراساني وطبعه في إيران وسماه «الكاشف
عن ألفاظ نهج البلاغة في شروحه». ذلك
بأن هذا «الكاشف» -
كما تنبىء تسميته وكما أراده مؤلفه - إنما يرشد القارئ إلى أي لفظ أراد من
«النهج»
في أي متن أو شرح وذاك عمل لفظي شكلي كما ترى وإنما
كان الذي توخيناه في فهرسنا الثاني هذا عملا علميا يتعلق
بجوهر «النهج» في طائفة لا يستهان بها من الألفاظ الدوال على معان مهمة
مشفوعة بأبرز استعمالاتها في تعبير الإمام عليهالسلام كأقواله
في المرأة أو نظراته في الحرب والسلم أو آرائه في العقيدة أو وصاياه في الزهد أو
تعاليمه في الأخلاق فما يطوف ببالك شيء من هذا كله إلا وجدته مرتبا على حروف المعجم من
خلال الكلمات التي تبحث عنها وتريد ان تستجمع فيها أغراض علي الأدبية. ولئن أشبه «الكاشف» الذي وضعه
الخراساني «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي» الذي أشرف عليه المستشرق
فنسك - إذا كل منهما
عمل لفظي بحث - فإن فهرسنا هذا للموضوعات يشبه - والقياس مع الفارق
طبعا - «تفصيل آيات القرآن» الذي وضعه المستشرق جول لابوم ونقله من الفرنسية محمد
فواد عبد الباقي. وعملنا هذا - وإن تعلق بنهج البلاغة لا بكتاب الله - سوف
يبدو للباحثين أكثر موضوعية وأيسر استعمالا وسوف يتيح للباحثين أن يجدوا في «النهج»
ما يصبون إليه براحة واطمئنان ولا سيما إذا ضمت إليه الفهارس الباقية
التي تفصل ما أطلق وتخصص ما عم وتجعل الانتفاع بالكتاب أمرا شائعا على جميع
المستويات. وفي الفهرس التاليين بعد
ذلك سوف يزداد القارئ
أو الناقد أو الباحث شعورا بالراحة والاطمئنان فأحدهما -
وهو الفهرس الثالث - يتعلق بخطب الإمام والآخر - الرابع - يتعلق برسائله
وكتبه وبدلا من أن نكتفي بذكر الصفحات التي استهلت بها كل خطبة أو رسالة رتبناها
جميعا بحسب الموضوعات والأغراض. فمن خطب في التعليم والإرشاد إلى أخرى في
النقد والتعريض أو في العتاب والتقريع أو ي الشكوى أو في الحث على القتال أو
الوصف أو بدء الخلق أو التزهيد في الدنيا. وقد اصطلحنا حينئذ على أن نذكر
رقم الخطبة ورقم الصفحة التي استهلت وختمت بها مع بيان أول عبارة وآخر عبارة فيها. وكذلك
فعلنا في الرسائل فمن رسائل في التعليم والإرشاد إلى أخرى في النقد
أو في الحرب أو السياسة أو القضاء وسواها من الموضوعات. وإذا ذكرنا أن معظم
«النهج» خطب ورسائل ومعها الأجوبة المسكتة بعد ذاك وهي قليلة أدركنا
أهمية الفهرس المعقود للخطب وأنواعها ثم للرسائل وأنواعها وأحلنا دارس
الخطابة أو نثر الرسائل في صدر الإسلام على نهج واضح مستقيم. وفي خطب علي خاصة فريدة لا
تكاد تفارقها وهي كثرة اقتباسه من القرآن المجيد والحديث الشريف. لذلك
خصصنا الفهرس
الخامس للآيات القرآنية والسادس للأحاديث النبوية لإبراز الثقافة الإسلامية التي
كان الإمام عليهالسلام يمثلها خير التمثيل فقد رأى نور الوحي
وربي في بيت النبوة ووعت ذاكرته القوية كثيرا من ألفاظ القرآن والسنة حتى انطبع
أسلوبه بطابع عجيب يعلو على أساليب البلغاء من البشر في القديم والحديث. ومن المعروف أن الاقتباس من
كتاب الله وحديث نبيه جائز حتى ولو اقتطع المقتبس موضع الشاهد المناسب من أواخر
الآية أو أواسطها أو اختار عبارات من الحديث أو ألفاظا.وقد كان من دلائل جواز
الاقتباس عند بعض البلاغيين أن الإمام عليهالسلام أكثر منه في
كلامه وهو حجة فلا مسوغ للتساؤل عن اقتطافه كرم الله وجهه ألفاظا وتركه ألفاظا
أخر ما دام غير قاصد إلى النقل الحرفي وإنما كان قاصدا إلى طبع أسلوبه بطابع
إسلامي صريح. ولذلك جعلنا هذه المقتطفات القرآنية والنبوية بين مزدوجين
هكذا»...)
ورددنا الآيات إلى وجهها في التلاوة في فهرسها الخاص. ولا حظنا - بصورة مؤكدة -
أن بعض أحاديث الرسول عزيت إلى على ولا بد من التحقيق قبل الحكم في هذه القضية
بسلب أو إيجاب. ولما صنعنا الفهرس السابع للعقائد
الدينية والفهرس الثامن للأحكام الشرعية لم نعجب لقلة
الأحكام إذا ما قيست بالعقائد لأن كتابا كالنهج يجمعه الشريف الرضي من أقوال
الإمام عليهالسلام يفترض فيه أن يكثر مضمونه في مسائل العقيدة
وألا يتطرق من مسائل الفقه والتشريع إلا لما جاء عرضا أو كانت صلته بالعقيدة
أوثق منها بالأحكام. ولعلنا - في ضوء هذه الفكرة - نقف على السر فيما
انبث أثناء خطب الإمام
في
«الإلهيات» من عبارات شبيهة بالفلسفية والكلامية كالأين والكيف والحد المحدود وصفات الله
النفسية بوجه خاص وهي التي عقدنا لها الفهرس التاسع نجمع فيه بين يدي
الدارس ما يحلل به العوامل والأسباب التي أتاحت لمثل علي في صدر الإسلام أن يطلق
بعض هذه الألفاظ الاصطلاحية سابقا بها نظرات المتكلمين. ولسنا نريد بهذا أن نومىء إلى «وضع» الخطب المشتملة على
هذه الألفاظ برمتها ولا إلى الحكم العاجل «بصحتها» من غير تحقيق فمثل
هذه الدراسة تحوج إلى كتاب خاص يتناول جميع ما أورده النقاد من شبهات تشكك في
نسبة هذه الخطب - كلا أو بعضا - إلى الإمام عليهالسلام. وهو عمل كنت
تجشمت القيام بكثير منه منذ اخترت لطلابي في كلية الآداب تدريس «نهج البلاغة»
على أنه نموذج للنثر الفني في صدر الإسلام. ولا أستطيع الآن أن أصرح - لأني
منذ سنوات لا أزال منكبا على هذا الموضوع - إلا بأن معظم خطب النهج ورسائله في عدد
من أمهات الكتب التاريخية نذكر الآن في طليعتها تاريخ ابن جرير
الطبري.
ولنا
رجعة إلى درس هذه القضية في كتاب خاص نستخرج به إن شاء الله مصادر
الشريف الرضي فيما جمعه من كلام الإمام. وقد رأينا من المفيد أن
نعقد الفهرس العاشر للتعاليم والوصايا الاجتماعية والحادي عشر للأدعية
والابتهالات والثاني عشر للأبيات الشعرية نسجلها كما وردت متعاقبا في
مطبوعتنا هذه إبرازا لأهميتها وتيسيرا على الباحث الذي يعنيه أن يتقصاها. أما الفهارس المتتابعة بعد
ذلك ابتداء
من الفهرس الثالث عشر حتى التاسع عشر فقد آثرنا - تعميما للفائدة - ترتيبها
على حروف المعجم ووجدنا أن ذكرها لا يخلو من جدوى ولو كان معظمها نزرا يسيرا. وقد خصصنا
الفهرس الثالث عشر للأعلام من الرجال والنساء والقبائل والطوائف والشعوب والرابع
عشر للحيوان والخامس
عشر للنبات والسادس
عشر للكواكب والأفلاك
والثامن عشر للأماكن والبلدان والتاسع عشر للوقائع التاريخية.وهكذا
بدا للقارئ أو الباحث أنه - من غير أن يتكلف التعمق في تقصي الشروح - يوشك
أن يجد مبتغاه كله في هذه الفهارس التي لم تغادر شيئا إلا بينه أحسن التبيان. وكان طبيعيا أن تكون خاتمة هذه
الفهارس جميعا الفهرس العشرين الذي فصلت فيه مواد
الكتاب تفصيلا
على
ترتيب صفحاتها في هذه الطبعة ليكون كل شيء بين يدي القراء واضحا كل الوضوح. كلمة شكر
: والآن - وقد أذن
الله لهذه الطبعة الجديدة أن تبصر النور بهذه الحلة القشيبة وهذا الإخراج الفني
الجميل -
لا يسعني إلا أن أشكر القائمين على مطبعة دار الكتاب اللبناني من موظفين
ومستخدمين وعمال
كفاء ما بذلوه من عناية بطبع «النهج» حتى كاد يخلو من التطبيع ولله
المنة والفضل. ولقد أعانني في التصحيح صديق أعتز به
وأفاخر بأخوته هو الأستاذ يوسف أبو حلقة الذي قرأ الكتاب كله كلمة كلمة. فله أجزل
شكري وأوفر امتناني. نداء لأمة الإسلام إن حبي للإمام علي عليهالسلام
ولآل البيت الطيبين الطاهرين ولكل مجاهد مخلص يرفع راية الإسلام ليد عوني اليوم - وقد
من الله علي بخدمة «النهج» ابتغاء وجهه الكريم - لمناشدة المسلمين جميعا في مشارق الأرض
ومغاربها إلى الانضواء تحت لواء التوحيد فلقد تعاقب على مصرع إمام الهدى
ومصرع ابنه شهيد كربلاء أكثر من ثلاثة عشر قرنا انفصمت خلالها بين المسلمين عرى
الوحدة وكثرت الفرق وتشعبت الآراء وإن على المؤرخ المنصف اليوم - بأي
مذهب أخذ وإلى أي فرقة انتمى - أن يكشف الحقائق لا
انتصارا لفريق على فريق بل دعوة خيرة إلى تناسي تلك المآسي الداميات. ألا وإن الوحدة بين جميع المسلمين - في ظل
دين التوحيد - كانت في أشد الفتن اضطراما وفي أشد الظروف سوادا وقتاماً أصلا جامعا
كبيرا بين أفراد الأمة كلها فها هو ذا القرآن يسرد طائفة من قصص
الرسل في سورة الأنبياء ثم يخاطب أمة الإسلام قائلا: «إن
هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» ثم يوضح في سورة المؤمنين أنه قد خاطب
جميع الأنبياء بهذه الوحدة الجامعة للأمة: «يا أيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم. وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم
فاتقون». إن الانقسام المذهبي بين
المسلمين قد ارتدى - في نظرنا - لبوس نزاع سياسي قديم
يعده اليوم عقلاء السنة والشيعة عندنا «متحفيّاً» إلى أبعد
الحدود. ولقد انقشعت السحب الحفاف العوابر - في
السنين الأخيرة - بين أبناء هذه العقيدة السمحة الواحدة بما اتخذه المسؤولون
الكبار في مختلف البلدان الإسلامية من خطوات إيجابية نحو التقارب والتوحيد. فها
هوذا الأزهر الشريف يدرس في معاهده وكلياته العظمى الفقه الجعفري وعقائد الشيعة
الإمامية جنبا إلى جنب مع مذاهب الإسلام المختلفة في العقيدة والشريعة مؤكدا
للمسلمين جميعا إن الإسلام فوق الفرق والشيع والمذاهب كلها وأن معالم العقيدة
الدينية مبرأة من التعقيد وأن طبيعتها تقتضي إيجاد الحلول العملية الإيجابية
التي تحرك الوجدان وتستجيش الضمير وتدفع بالطاقات البشرية إلى البناء والتعمير
على هدي من الفكر النير والمنطق السليم: فلا مكان في هذه التشريعات والعقائد
للثرثرة الفارغة والجدل العقيم! إن على علماء المسلمين اليوم - من أي
مذهب كانوا - أن يستذكروا الكلمات الحلوة العذاب التي توحد الصف وتلم الشعث وترأب
الصدع حتى نعتصم جميعا بحبل الله غير متفرقين. وأود أن يعلم إخواننا من شيعة
علي عليهالسلام أن مكان الإمام من ابن عمه الرسول الكريم
لا يجهلها مسلم وأن الأحاديث النبوية التي تصف منزلته الخصيصة لا يحصيها المحصون.
ولكن الناس أعداء ما جهلوا كما قال علي كرم الله وجهه. أن مما أفضى به الإمام إلى
عشيرته قوله: «أما وصيتي: فالله لا تشركوا به شيئا ومحمدا فلا تضيعوا سنته. أقيموا
هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين». ولما حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه
وسد فواره من ينبوعه وجدحوا بين علي وبينهم شربا وبيئا أقبل الظالم منهم مزيدا
كالتيار لا يبالي ما غرق وأو كوقع النار في الهشيم لا يحفل ما حرق ولما رأي أول
القوم قائدا لآخرهم وآخرهم مقتديا بأولهم يتنافسون في دينا دنية ويتكالبون على
جيفة نتنة نبه الأتباع والمتبوعين وهتف بهم: «عما قليل ليستبرَّ أن التابع من
المتبوع والقائد من المقود فيتزايلون بالبغضاء ويتلاعنون عند اللقاء» بينما هتف
بأصحابه يدعوهم إلى وحدة الكملة: «الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة وبنيت عليه
أركان الطاعة واقدموا على الله مظلومين ولا تقدموا عليه ظالمين». بل أنشأ الإمام عليهالسلام
يصنف الناس في موقفهم منه أصنافا تهدئة للمشاعر الثائرة وكبحا لجماح
النفوس: إنه هو الذي قال: «إن الناس من هذه الأمر إذا حرك على أمور: فرقة
ترى ما ترون وفرقة ترى ما لا ترون وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك فاصبروا حتى يهدأ
الناس وتقع القلوب مواقعها». وحتى يوم صفين لم يكن يشغل باله
ويقلق خاطره إلا تفرق الأمة وضياع الدين ففي خطابه لأصحابه يومذاك قال: «ألا وإنه لا
ينفعكم بعد تضييع دينكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم». وكان يخشى على أصحابه - إن
أفرطوا في حبه - أن يضيعوا دينهم وعلى أعدائه - إن أفرطوا في بعضه - أن يخسروا كل شيء:
«هلك في
رجلان: محب غال ومبغض قال». وفي خطابه للخوارج - لما
أقام عليهم الحجة - أوضح هذا الكلام الموجز بعبارة مفصلة بليغة حين قال: «سيهلك
في صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير
الحق وخير الناس في حالا النمط الأوسط فالزموه والزموا السواد الأعظم فإن يد
الله مع الجماعة وإياكم والفرقة! فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من
الغنم للذئب ألا من دعا إلى مثل هذا الشعار فاقتلوه ولو كان تحت عمامتي هذه». وبعد: فيا دعاة الوحدة بين جميع
المسلمين: «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله فمن
سلك الطريق الواضح ورد الماء ومن خالف وقع في التيه!» بيروت في ذكرى عاشوراء سنة 1387
ه. صبحي الصالح
|
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
نَهْجُ البَلاغَة
وهو مجموع ما اختاره الشريف أبو الحسن محمد الرضي بن الحسن الموسوي من كلام أمير
المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام |
|||||||||||||||
مقدمة
السيد الشريف الرضي :
|
|||||||||||||||
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد الله الذي جعل الحمد ثمنا
لنعمائه ومعاذا (1) من بلائه ووسيلا
إلى جنانه (2) وسببا لزيادة
إحسانه والصلاة على رسوله نبي الرحمة وإمام الأئمة وسراج الأمة المنتخب من طينة
الكرم وسلالة المجد الأقدم (3) ومغرس الفخار
المعرق (4) وفرع العلاء
المثمر المورق وعلى أهل بيته مصابيح الظلم وعصم الأمم (5) ومنار (6) الدين الواضحة
ومثاقيل (7) الفضل الراجحة صلى
الله عليهم أجمعين صلاة تكون إزاء لفضلهم (8) ومكافأة لعملهم وكفاء لطيب فرعهم وأصلهم ما أنار فجر ساطع وخوى نجم طالع
(9) فإني كنت في
عنفوان السن (10) وغضاضة الغصن (11) ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الأئمة عليهالسلام يشتمل على
محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم حداني (12) عليه غرض ذكرته في
صدر الكتاب وجعلته أمام الكلام وفرغت من الخصائص التي تخص أمير المؤمنين عليا عليهالسلام
وعاقت عن إتمام بقية الكتاب محاجزات الأيام ومماطلات الزمان (13). _________________________
وكنت قد بوبت ما خرج من ذلك
أبوابا وفصلته فصولا فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه عليهالسلام
من الكلام القصير في المواعظ والحكم والأمثال والآداب دون الخطب الطويلة والكتب
المبسوطة
فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره معجبين ببدائعه
ومتعجبين من نواصعه (1)
وسألوني عند ذلك أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام
في جميع فنونه ومتشعبات غصونه من خطب وكتب ومواعظ وأدب علما أن ذلك يتضمن من
عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربية وثواقب (2) الكلم الدينية والدنيوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام ولا مجموع الأطراف
في كتاب إذ كان أمير المؤمنين عليهالسلام مشرع الفصاحة وموردها (3) ومنشأ البلاغة ومولدها ومنه عليهالسلام ظهر مكنونها
وعنه أخذت قوانينها وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب (4) وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ومع ذلك فقد سبق وقصروا وتقدم وتأخروا لأن
كلامه عليهالسلام الكلام الذي عليه مسحة (5) من العلم الإلهي وفيه عبقة (6) من الكلام النبوي فأجبتهم
إلى الابتداء بذلك عالما بما فيه من عظيم النفع ومنشور الذكر ومذخور الأجر واعتمدت به (7) أن أبين عن عظيم قدر أمير المؤمنين عليهالسلام في هذه الفضيلة
مضافة إلى المحاسن الدثرة (8) والفضائل الجمة
وأنه عليهالسلام انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأولين
الذين إنما يؤثر (9) عنهم منها القليل
النادر والشاذ الشارد (10) فأما كلامه فهو
البحر الذي لا يساجل (11) والجم الذي لا
يحافل (12). _____________________
وأردت أن يسوغ لي التمثل في
الافتخار به عليهالسلام بقول الفرزدق:
ورأيت كلامه عليهالسلام
يدور على أقطاب (1) ثلاثة
أولها الخطب والأوامر
وثانيها الكتب
والرسائل وثالثها الحكم والمواعظ فأجمعت (2) بتوفيق الله تعالى
على الابتداء باختيار محاسن الخطب ثم محاسن الكتب ثم محاسن الحكم
والأدب مفردا
لكل صنف من ذلك بابا ومفصلا فيه أوراقا لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عني
عاجلا ويقع إلي آجلا وإذا جاء شيء من كلامه عليهالسلام الخارج في
أثناء حوار أو جواب سؤال أو غرض آخر من الأغراض في غير الأنحاء التي ذكرتها
وقررت القاعدة عليها نسبته إلى أليق الأبواب به وأشدها ملامحة (3) لغرضه وربما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متسقة (4) ومحاسن كلم غير منتظمة لأني أورد النكت واللمع (5) ولا أقصد التتالي والنسق (6). ومن عجائبه عليهالسلام
التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ
والتذكير والزواجر إذا تأمله المتأمل وفكر فيه المتفكر وخلع من قلبه أنه كلام
مثله ممن عظم قدره ونفذ أمره وأحاط بالرقاب ملكه لم يعترضه الشك في أنه كلام من
لاحظ له في غير الزهادة ولا شغل له بغير العبادة قد قبع (7) في كسر بيت (8) أو انقطع إلى سفح
جبل (9) لا يسمع إلا حسه
ولا يرى إلا نفسه ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه (10) فيقط الرقاب (11) ويجدل الأبطال (12) ____________________
ويعود به ينطف (1) دما ويقطر مهجا (2) وهو مع تلك الحال
زاهد الزهاد وبدل الأبدال (3) وهذه من فضائله
العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد وألف بين الأشتات (4) وكثيرا ما أذاكر الإخوان بها وأستخرج عجبهم منها وهي موضع للعبرة بها
والفكرة فيها. وربما جاء في أثناء هذا
الاختيار اللفظ المردد والمعنى المكرر والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف
اختلافا شديدا فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ثم وجد بعد
ذلك في رواية أخرى موضوعا غير موضعه الأول إما بزيادة مختارة أو بلفظ أحسن عبارة فتقتضي
الحال أن يعاد استظهارا للاختيار وغيرة على عقائل الكلام (5) وربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا لا
قصدا واعتمادا. ولا أدعي مع ذلك أني أحيط بأقطار (6) جميع كلامه عليهالسلام حتى لا يشذ عني منه
شاذ ولا يند ناد (7) بل لا أبعد أن
يكون القاصر عني فوق الواقع إلي والحاصل في ربقتي (8) دون الخارج من يدي وما علي إلا بذل الجهد وبلاغة الوسع وعلى الله
سبحانه وتعالى نهج السبيل (9) وإرشاد الدليل إن
شاء الله. ورأيت من بعد تسمية هذا
الكتاب بنهج البلاغة إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ويقرب عليه طلابها فيه حاجة العالم
والمتعلم وبغية البليغ والزاهد ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل
وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ما هو بلال كل غلة (10) وشفاء كل علة وجلاء كل شبهة. ومن الله سبحانه أستمد
التوفيق والعصمة وأتنجز التسديد والمعونة وأستعيذه من خطأ الجنان قبل خطأ اللسان
ومن زلة الكلم قبل زلة القدم (11)
وهو حسبي ونعم الوكيل. ___________________
|
|||||||||||||||
باب
المختار من خطب أمير المؤمنين عليه السلام و أوامره
|
|||||||||||||||
باب المختار من خطب أمير
المؤمنين عليهالسلام وأوامره ويدخل في ذلك المختار من كلامه
الجاري مجرى الخطب في المقامات المحظورة والمواقف المذكورة
والخطوب الواردة |
|||||||||||||||
1- و من خطبة له يذكر فيها ابتداء خلق السماء و
الأرض و خلق آدم و فيها :
|
|||||||||||||||
1- و من خطبة له ( عليه السلام ) يذكر فيها
ابتداء خلق السماء و الأرض و خلق آدم و فيها ذكر الحج و تحتوي
على حمد الله و خلق العالم و خلق الملائكة و اختيار الأنبياء و مبعث النبي و القرآن و
الأحكام الشرعية : الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا يَبْلُغُ
مِدْحَتَه الْقَائِلُونَ ولَا يُحْصِي نَعْمَاءَه الْعَادُّونَ ولَا يُؤَدِّي
حَقَّه الْمُجْتَهِدُونَ الَّذِي لَا يُدْرِكُه بُعْدُ الْهِمَمِ ولَا يَنَالُه
غَوْصُ الْفِطَنِ الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِه حَدٌّ مَحْدُودٌ ولَا نَعْتٌ
مَوْجُودٌ ولَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ ولَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ فَطَرَ (1) الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِه ونَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِه ووَتَّدَ (2) بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ (3) أَرْضِه. أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُه وكَمَالُ
مَعْرِفَتِه التَّصْدِيقُ بِه وكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِه تَوْحِيدُه وكَمَالُ
تَوْحِيدِه الإِخْلَاصُ لَه وكَمَالُ الإِخْلَاصِ لَه نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْه
لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وشَهَادَةِ كُلِّ
مَوْصُوفٍ أَنَّه غَيْرُ الصِّفَةِ فَمَنْ وَصَفَ اللَّه سُبْحَانَه فَقَدْ
قَرَنَه ومَنْ قَرَنَه فَقَدْ ثَنَّاه ومَنْ ثَنَّاه فَقَدْ جَزَّأَه ومَنْ
جَزَّأَه فَقَدْ جَهِلَه ومَنْ جَهِلَه فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْه ومَنْ أَشَارَ
إِلَيْه فَقَدْ حَدَّه ومَنْ حَدَّه فَقَدْ عَدَّه ومَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ
ضَمَّنَه ومَنْ قَالَ عَلَا مَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْه: كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ (4) مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وغَيْرُ
كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ (5) فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى
الْحَرَكَاتِ والآلَةِ بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْه مِنْ خَلْقِه
مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بِه ولَا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
خلق العالم
|
|||||||||||||||
أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وابْتَدَأَه
ابْتِدَاءً بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا (6) ولَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا ولَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا ولَا
هَمَامَةِ (7) نَفْسٍ اضْطَرَبَ
فِيهَا أَحَالَ الأَشْيَاءَ لأَوْقَاتِهَا ولأَمَ (8) بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا وغَرَّزَ (9) غَرَائِزَهَا وأَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا عَالِماً بِهَا قَبْلَ
ابْتِدَائِهَا مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وانْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا
وأَحْنَائِهَا (10): ثُمَّ أَنْشَأَ
سُبْحَانَه فَتْقَ الأَجْوَاءِ وشَقَّ الأَرْجَاءِ وسَكَائِكَ (11) الْهَوَاءِ فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُه (12) مُتَرَاكِماً زَخَّارُه (13) حَمَلَه عَلَى
مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ والزَّعْزَعِ (14) الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّه وسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّه
وقَرَنَهَا إِلَى حَدِّه الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ (15) والْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ (16) ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَه رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا (17) وأَدَامَ مُرَبَّهَا (18) وأَعْصَفَ
مَجْرَاهَا وأَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ (19) الْمَاءِ الزَّخَّارِ وإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْه (20) مَخْضَ السِّقَاءِ وعَصَفَتْ بِه عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ تَرُدُّ
أَوَّلَه إِلَى آخِرِه وسَاجِيَه (21) إِلَى مَائِرِه (22) حَتَّى عَبَّ عُبَابُه ورَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُه (23) فَرَفَعَه فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ (24) وجَوٍّ مُنْفَهِقٍ فَسَوَّى مِنْه سَبْعَ سَمَوَاتٍ جَعَلَ
سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً (25) وعُلْيَاهُنَّ
سَقْفاً مَحْفُوظاً وسَمْكاً مَرْفُوعاً بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا ولَا
دِسَارٍ (26) يَنْظِمُهَا ثُمَّ
زَيَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ وضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ (27) وأَجْرَى فِيهَا سِرَاجاً مُسْتَطِيراً (28) وقَمَراً مُنِيراً فِي فَلَكٍ دَائِرٍ وسَقْفٍ سَائِرٍ ورَقِيمٍ (29) مَائِرٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
خلق الملائكة
|
|||||||||||||||
خلق الملائكة ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ
الْعُلَا فَمَلأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِه مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا
يَرْكَعُونَ ورُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ وصَافُّونَ (30) لَا يَتَزَايَلُونَ (31) ومُسَبِّحُونَ لَا
يَسْأَمُونَ لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ ولَا سَهْوُ الْعُقُولِ ولَا
فَتْرَةُ الأَبْدَانِ ولَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ ومِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى
وَحْيِه وأَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِه ومُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِه وأَمْرِه
ومِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِه والسَّدَنَةُ (32) لأَبْوَابِ جِنَانِه ومِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الأَرَضِينَ
السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ والْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا
أَعْنَاقُهُمْ والْخَارِجَةُ مِنَ الأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ والْمُنَاسِبَةُ
لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ نَاكِسَةٌ دُونَه أَبْصَارُهُمْ
مُتَلَفِّعُونَ (33) تَحْتَه
بِأَجْنِحَتِهِمْ مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ
الْعِزَّةِ وأَسْتَارُ الْقُدْرَةِ لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ
ولَا يُجْرُونَ عَلَيْه صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ ولَا يَحُدُّونَه بِالأَمَاكِنِ
ولَا يُشِيرُونَ إِلَيْه بِالنَّظَائِرِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفة خلق آدم عليه السلام
|
|||||||||||||||
صفة خلق آدم عليهالسلام ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَه مِنْ حَزْنِ (34) الأَرْضِ وسَهْلِهَا وعَذْبِهَا وسَبَخِهَا (35) تُرْبَةً سَنَّهَا (36) بِالْمَاءِ حَتَّى
خَلَصَتْ ولَاطَهَا (37) بِالْبَلَّةِ (38) حَتَّى لَزَبَتْ (39) فَجَبَلَ مِنْهَا
صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ (40) ووُصُولٍ
وأَعْضَاءٍ وفُصُولٍ أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ وأَصْلَدَهَا (41) حَتَّى صَلْصَلَتْ (42) لِوَقْتٍ
مَعْدُودٍ وأَمَدٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِه فَمَثُلَتْ (43) إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ يُجِيلُهَا وفِكَرٍ يَتَصَرَّفُ بِهَا
وجَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا (44) وأَدَوَاتٍ
يُقَلِّبُهَا ومَعْرِفَةٍ يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ والْبَاطِلِ
والأَذْوَاقِ والْمَشَامِّ والأَلْوَانِ والأَجْنَاسِ مَعْجُوناً بِطِينَةِ
الأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ والأَشْبَاه الْمُؤْتَلِفَةِ والأَضْدَادِ
الْمُتَعَادِيَةِ والأَخْلَاطِ الْمُتَبَايِنَةِ مِنَ الْحَرِّ والْبَرْدِ
والْبَلَّةِ والْجُمُودِ واسْتَأْدَى (45) اللَّه سُبْحَانَه الْمَلَائِكَةَ وَدِيعَتَه لَدَيْهِمْ وعَهْدَ
وَصِيَّتِه إِلَيْهِمْ فِي الإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَه والْخُنُوعِ
لِتَكْرِمَتِه فَقَالَ سُبْحَانَه: (اسْجُدُوا
لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) اعْتَرَتْه
الْحَمِيَّةُ وغَلَبَتْ عَلَيْه الشِّقْوَةُ وتَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ
واسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ فَأَعْطَاه اللَّه النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً
لِلسُّخْطَةِ واسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ وإِنْجَازاً لِلْعِدَةِ فَقَالَ: (فَإِنَّكَ
مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ). ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَه آدَمَ دَاراً
أَرْغَدَ فِيهَا عَيْشَه وآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَه وحَذَّرَه إِبْلِيسَ
وعَدَاوَتَه فَاغْتَرَّه (46) عَدُوُّه
نَفَاسَةً عَلَيْه بِدَارِ الْمُقَامِ ومُرَافَقَةِ الأَبْرَارِ فَبَاعَ
الْيَقِينَ بِشَكِّه والْعَزِيمَةَ بِوَهْنِه واسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ (47) وَجَلًا (48) وبِالِاغْتِرَارِ
نَدَماً ثُمَّ بَسَطَ اللَّه سُبْحَانَه لَه فِي تَوْبَتِه ولَقَّاه كَلِمَةَ
رَحْمَتِه ووَعَدَه الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِه وأَهْبَطَه إِلَى دَارِ
الْبَلِيَّةِ وتَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
اختيار الأنبياء
|
|||||||||||||||
واصْطَفَى سُبْحَانَه مِنْ وَلَدِه
أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ (49) وعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ
خَلْقِه عَهْدَ اللَّه إِلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّه واتَّخَذُوا الأَنْدَادَ (50) مَعَه واجْتَالَتْهُمُ (51) الشَّيَاطِينُ
عَنْ مَعْرِفَتِه واقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِه فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَه
ووَاتَرَ (52) إِلَيْهِمْ
أَنْبِيَاءَه لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِه ويُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ
نِعْمَتِه ويَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ ويُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ
الْعُقُولِ ويُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ
ومِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ ومَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وآجَالٍ تُفْنِيهِمْ
وأَوْصَابٍ (53) تُهْرِمُهُمْ
وأَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ ولَمْ يُخْلِ اللَّه سُبْحَانَه خَلْقَه مِنْ
نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ أَوْ مَحَجَّةٍ (54) قَائِمَةٍ رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ ولَا
كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَه مَنْ بَعْدَه أَوْ
غَابِرٍ عَرَّفَه مَنْ قَبْلَه عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ (55) الْقُرُونُ ومَضَتِ الدُّهُورُ وسَلَفَتِ الآبَاءُ وخَلَفَتِ
الأَبْنَاءُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
مبعث النبي
|
|||||||||||||||
ِالَى أَنْ بَعَثَ اللَّه سُبْحَانَه
مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله لإِنْجَازِ
عِدَتِه (56) وإِتْمَامِ
نُبُوَّتِه مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُه مَشْهُورَةً سِمَاتُه (57) كَرِيماً مِيلَادُه وأَهْلُ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ
وأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ وطَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ بَيْنَ مُشَبِّه لِلَّه
بِخَلْقِه أَوْ مُلْحِدٍ (58) فِي اسْمِه أَوْ
مُشِيرٍ إِلَى غَيْرِه فَهَدَاهُمْ بِه مِنَ الضَّلَالَةِ وأَنْقَذَهُمْ
بِمَكَانِه مِنَ الْجَهَالَةِ ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَه لِمُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله
لِقَاءَه ورَضِيَ لَه مَا عِنْدَه وأَكْرَمَه عَنْ دَارِ الدُّنْيَا ورَغِبَ بِه
عَنْ مَقَامِ الْبَلْوَى فَقَبَضَه إِلَيْه كَرِيماً صلىاللهعليهوآله
وخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأَنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا إِذْ لَمْ
يَتْرُكُوهُمْ هَمَلًا بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ ولَا عَلَمٍ قَائِمٍ (59): -----------------------------
|
|||||||||||||||
القرآن و الأحكام الشرعية
|
|||||||||||||||
كِتَابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ مُبَيِّناً
حَلَالَه وحَرَامَه وفَرَائِضَه وفَضَائِلَه ونَاسِخَه ومَنْسُوخَه (60) ورُخَصَه وعَزَائِمَه (61) وخَاصَّه وعَامَّه
وعِبَرَه وأَمْثَالَه ومُرْسَلَه ومَحْدُودَه (62) ومُحْكَمَه ومُتَشَابِهَه (63) مُفَسِّراً
مُجْمَلَه ومُبَيِّناً غَوَامِضَه بَيْنَ مَأْخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِه ومُوَسَّعٍ
عَلَى الْعِبَادِ فِي جَهْلِه(64) وبَيْنَ مُثْبَتٍ
فِي الْكِتَابِ فَرْضُه ومَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُه ووَاجِبٍ فِي
السُّنَّةِ أَخْذُه ومُرَخَّصٍ فِي الْكِتَابِ تَرْكُه وبَيْنَ وَاجِبٍ
بِوَقْتِه وزَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِه ومُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِه مِنْ
كَبِيرٍ أَوْعَدَ عَلَيْه نِيرَانَه أَوْ صَغِيرٍ أَرْصَدَ لَه غُفْرَانَه
وبَيْنَ مَقْبُولٍ فِي أَدْنَاه مُوَسَّعٍ فِي أَقْصَاه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في ذكر الحج
|
|||||||||||||||
وفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِه
الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَه قِبْلَةً لِلأَنَامِ يَرِدُونَه وُرُودَ الأَنْعَامِ
ويَأْلَهُونَ إِلَيْه وُلُوه الْحَمَامِ(65) وجَعَلَه سُبْحَانَه عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِه
وإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِه واخْتَارَ مِنْ خَلْقِه سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْه
دَعْوَتَه وصَدَّقُوا كَلِمَتَه ووَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِه وتَشَبَّهُوا
بِمَلَائِكَتِه الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِه يُحْرِزُونَ الأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ
عِبَادَتِه ويَتَبَادَرُونَ عِنْدَه مَوْعِدَ مَغْفِرَتِه جَعَلَه سُبْحَانَه
وتَعَالَى لِلإِسْلَامِ عَلَماً ولِلْعَائِذِينَ حَرَماً فَرَضَ حَقَّه
وأَوْجَبَ حَجَّه وكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَه (66) فَقَالَ سُبْحَانَه: (ولِلَّه
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْه سَبِيلًا ومَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ). ----------------------------- (65) يَألَهُونَ
إليه: يلوذون به ويعكفون عليه. (66) الوفَادَة: الزيارة. |
|||||||||||||||
2- و من خطبة له بعد انصرافه من صفين و فيها حال الناس قبل
البعثة و صفة آل النبي ثم صفة قوم آخرين :
|
|||||||||||||||
2 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد انصرافه من صفين وفيها حال الناس قبل البعثة
وصفة آل النبي ثم صفة قوم آخرين أَحْمَدُه اسْتِتْمَاماً لِنِعْمَتِه
واسْتِسْلَاماً لِعِزَّتِه واسْتِعْصَاماً مِنْ مَعْصِيَتِه وأَسْتَعِينُه
فَاقَةً إِلَى كِفَايَتِه إِنَّه لَا يَضِلُّ مَنْ هَدَاه ولَا يَئِلُ (67) مَنْ عَادَاه ولَا يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاه فَإِنَّه أَرْجَحُ مَا
وُزِنَ وأَفْضَلُ مَا خُزِنَ وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه
لَا شَرِيكَ لَه شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا(68) نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا ونَدَّخِرُهَا لأَهَاوِيلِ
مَا يَلْقَانَا فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الإِيمَانِ وفَاتِحَةُ الإِحْسَانِ
ومَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ ومَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ (69) وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه أَرْسَلَه بِالدِّينِ
الْمَشْهُورِ والْعَلَمِ الْمَأْثُورِ والْكِتَابِ الْمَسْطُورِ والنُّورِ
السَّاطِعِ والضِّيَاءِ اللَّامِعِ والأَمْرِ الصَّادِعِ إِزَاحَةً
لِلشُّبُهَاتِ واحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ وتَحْذِيراً بِالآيَاتِ وتَخْوِيفاً
بِالْمَثُلَاتِ (70) والنَّاسُ فِي
فِتَنٍ انْجَذَمَ (71) فِيهَا حَبْلُ
الدِّينِ وتَزَعْزَعَتْ سَوَارِي الْيَقِينِ (72) واخْتَلَفَ النَّجْرُ (73) وتَشَتَّتَ
الأَمْرُ وضَاقَ الْمَخْرَجُ وعَمِيَ الْمَصْدَرُ فَالْهُدَى خَامِلٌ والْعَمَى
شَامِلٌ عُصِيَ الرَّحْمَنُ ونُصِرَ الشَّيْطَانُ وخُذِلَ الإِيمَانُ
فَانْهَارَتْ دَعَائِمُه وتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُه ودَرَسَتْ (74) سُبُلُه وعَفَتْ شُرُكُه (75) أَطَاعُوا
الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَه ووَرَدُوا مَنَاهِلَه (76) بِهِمْ سَارَتْ أَعْلَامُه وقَامَ لِوَاؤُه فِي فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ
بِأَخْفَافِهَا (77) ووَطِئَتْهُمْ
بِأَظْلَافِهَا (78) وقَامَتْ عَلَى
سَنَابِكِهَا (79) فَهُمْ فِيهَا
تَائِهُونَ حَائِرُونَ جَاهِلُونَ مَفْتُونُونَ فِي خَيْرِ دَارٍ وشَرِّ
جِيرَانٍ نَوْمُهُمْ سُهُودٌ وكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ بِأَرْضٍ عَالِمُهَا مُلْجَمٌ
وجَاهِلُهَا مُكْرَمٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها يعني آل النبي عليه الصلاة و
السلام
|
|||||||||||||||
هُمْ مَوْضِعُ سِرِّه ولَجَأُ أَمْرِه (80) وعَيْبَةُ عِلْمِه (81) ومَوْئِلُ (82) حُكْمِه وكُهُوفُ كُتُبِه وجِبَالُ دِينِه بِهِمْ أَقَامَ انْحِنَاءَ
ظَهْرِه وأَذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِه (83). -----------------------------
|
|||||||||||||||
وَ مِنْهَا يَعْنِي قَوْماً آخَرِينَ
|
|||||||||||||||
زَرَعُوا الْفُجُورَ وسَقَوْه الْغُرُورَ
وحَصَدُوا الثُّبُورَ(84) لَا يُقَاسُ بِآلِ
مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله مِنْ هَذِه الأُمَّةِ أَحَدٌ ولَا
يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْه أَبَداً هُمْ أَسَاسُ
الدِّينِ وعِمَادُ الْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي (85) وبِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي ولَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ
وفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ والْوِرَاثَةُ الآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِه
ونُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِه! ----------------------------- (84) الثّبُور:
الهلاك. (85) الغالي: المبالغ
الذي يجاوز الحد بالإفراط.
|
|||||||||||||||
3- و من خطبة له و هي المعروفة بالشقشقية و
تشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم
|
|||||||||||||||
3 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي المعروفة بالشقشقية وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة
ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له أَمَا واللَّه لَقَدْ تَقَمَّصَهَا (86) فُلَانٌ وإِنَّه لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ
مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ ولَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ
فَسَدَلْتُ (87) دُونَهَا ثَوْباً
وطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً (88) وطَفِقْتُ
أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ (89) أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ (90) يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ ويَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ويَكْدَحُ
فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّه -----------------------------
|
|||||||||||||||
ترجيح الصبر
|
|||||||||||||||
ترجيح الصبر فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا
أَحْجَى (91) فَصَبَرْتُ وفِي
الْعَيْنِ قَذًى وفِي الْحَلْقِ شَجًا (92) أَرَى تُرَاثِي (93) نَهْباً حَتَّى
مَضَى الأَوَّلُ لِسَبِيلِه فَأَدْلَى بِهَا (94) إِلَى فُلَانٍ بَعْدَه ثُمَّ
تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الأَعْشَى:
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ
يَسْتَقِيلُهَا (96) فِي حَيَاتِه إِذْ
عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِه لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا (97) فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا (98) ويَخْشُنُ مَسُّهَا ويَكْثُرُ الْعِثَارُ (99) فِيهَا والِاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ (100) إِنْ أَشْنَقَ (101) لَهَا خَرَمَ (102) وإِنْ أَسْلَسَ (103) لَهَا تَقَحَّمَ (104) فَمُنِيَ (105) النَّاسُ لَعَمْرُ
اللَّه بِخَبْطٍ (106) وشِمَاسٍ (107) وتَلَوُّنٍ واعْتِرَاضٍ (108) فَصَبَرْتُ عَلَى
طُولِ الْمُدَّةِ وشِدَّةِ الْمِحْنَةِ حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِه جَعَلَهَا
فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّه ولِلشُّورَى (109) مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى
صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِه النَّظَائِرِ (110) لَكِنِّي أَسْفَفْتُ (111) إِذْ أَسَفُّوا
وطِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا (112) رَجُلٌ مِنْهُمْ
لِضِغْنِه (113) ومَالَ الآخَرُ
لِصِهْرِه مَعَ هَنٍ وهَنٍ (114) إِلَى أَنْ قَامَ
ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْه (115) بَيْنَ نَثِيلِه (116) ومُعْتَلَفِه (117) وقَامَ مَعَه بَنُو أَبِيه يَخْضَمُونَ (118) مَالَ اللَّه خِضْمَةَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ (119) إِلَى أَنِ انْتَكَثَ (120) عَلَيْه فَتْلُه
وأَجْهَزَ (121) عَلَيْه عَمَلُه
وكَبَتْ (122) بِه بِطْنَتُه (123). -----------------------------
|
|||||||||||||||
مبايعة علي
|
|||||||||||||||
مبايعة علي فَمَا رَاعَنِي إِلَّا والنَّاسُ كَعُرْفِ
الضَّبُعِ (124) إِلَيَّ
يَنْثَالُونَ (125) عَلَيَّ مِنْ كُلِّ
جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ (126) مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ (127) فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ (128) ومَرَقَتْ أُخْرَى (129) وقَسَطَ آخَرُونَ (130) كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّه سُبْحَانَه يَقُولُ: (تِلْكَ
الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ
ولا فَساداً والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بَلَى واللَّه
لَقَدْ سَمِعُوهَا ووَعَوْهَا ولَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا (131) فِي أَعْيُنِهِمْ ورَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا(132)! أَمَا والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ
النَّسَمَةَ (133) لَوْ لَا حُضُورُ
الْحَاضِرِ (134) وقِيَامُ
الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ(135) ومَا أَخَذَ
اللَّه عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا (136) عَلَى كِظَّةِ (137) ظَالِمٍ ولَا
سَغَبِ (138) مَظْلُومٍ
لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا (139) - ولَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا - ولأَلْفَيْتُمْ
دُنْيَاكُمْ هَذِه أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ (140)! قَالُوا وقَامَ إِلَيْه رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ السَّوَادِ (141) - عِنْدَ بُلُوغِه
إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِه - فَنَاوَلَه كِتَاباً قِيلَ إِنَّ فِيه
مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُ الإِجَابَةَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيه -
[فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِه] قَالَ لَه ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ - لَوِ اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ (142) مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ(143)! فَقَالَ هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ -
تِلْكَ شِقْشِقَةٌ (144) هَدَرَتْ (145) ثُمَّ قَرَّتْ (146)! قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
فَوَاللَّه مَا أَسَفْتُ عَلَى كَلَامٍ قَطُّ - كَأَسَفِي عَلَى هَذَا
الْكَلَامِ - أَلَّا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام
بَلَغَ مِنْه حَيْثُ أَرَادَ. قال الشريف رضياللهعنه
قوله عليهالسلام
كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم - وإن أسلس لها تقحم - يريد أنه إذا
شدد عليها في جذب الزمام - وهي تنازعه رأسها خرم أنفها - وإن أرخى لها شيئا مع
صعوبتها - تقحمت به فلم يملكها - يقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه
- وشنقها أيضا ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق - وإنما قال عليهالسلام
أشنق لها ولم يقل أشنقها - لأنه جعله في مقابلة قوله أسلس لها -
فكأنه عليهالسلام قال إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه
عليها بالزمام – -----------------------------
|
|||||||||||||||
4- و من خطبة له و هي من أفصح كلامه و فيها يعظ الناس و يقال
إنه خطبها بعد قتل طلحة و الزبير :
|
|||||||||||||||
4 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي من أفصح كلامه عليهالسلام
وفيها يعظ الناس ويهديهم من ضلالتهم ويقال: إنه
خطبها بعد قتل طلحة والزبير
بِنَا اهْتَدَيْتُمْ فِي الظَّلْمَاءِ
وتَسَنَّمْتُمْ (147) ذُرْوَةَ -
الْعَلْيَاءِ وبِنَا أَفْجَرْتُمْ (148) عَنِ السِّرَارِ (149) - وُقِرَ(150) سَمْعٌ لَمْ
يَفْقَه الْوَاعِيَةَ (151) - وكَيْفَ
يُرَاعِي النَّبْأَةَ (152) مَنْ أَصَمَّتْه
الصَّيْحَةُ - رُبِطَ جَنَانٌ(153) لَمْ يُفَارِقْه
الْخَفَقَانُ - مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ -
وأَتَوَسَّمُكُمْ (154) بِحِلْيَةِ الْمُغْتَرِّينَ(155) - حَتَّى سَتَرَنِي عَنْكُمْ جِلْبَابُ الدِّينِ (156) - وبَصَّرَنِيكُمْ صِدْقُ النِّيَّةِ - أَقَمْتُ لَكُمْ عَلَى سَنَنِ
الْحَقِّ فِي جَوَادِّ الْمَضَلَّةِ (157) - حَيْثُ
تَلْتَقُونَ ولَا دَلِيلَ - وتَحْتَفِرُونَ ولَا تُمِيهُونَ(158). الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ(159) ذَاتَ الْبَيَانِ - عَزَبَ (160) رَأْيُ امْرِئٍ
تَخَلَّفَ عَنِّي - مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُه - لَمْ يُوجِسْ
مُوسَى عليهالسلام خِيفَةً (161) عَلَى نَفْسِه - بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ ودُوَلِ
الضَّلَالِ - الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا (162) عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ والْبَاطِلِ - مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ
يَظْمَأْ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
5- و من خطبة له (لما قبض رسول الله و خاطبه
العباس و أبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة
|
|||||||||||||||
النهي عن الفتنة
|
|||||||||||||||
5- و من خطبة له ( عليه السلام ) لما قبض رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) و خاطبه العباس و أبو سفيان
بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة (و ذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر في السقيفة
و فيها ينهى عن الفتنة و يبين عن خلقه و علمه) النهي عن الفتنة أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ
الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ - وعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ -
وضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ - أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ
اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ - هَذَا مَاءٌ آجِنٌ (163) ولُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا. ومُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ
وَقْتِ إِينَاعِهَا (164) كَالزَّارِعِ
بِغَيْرِ أَرْضِه.
|
|||||||||||||||
خلقه و علمه
|
|||||||||||||||
فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى
الْمُلْكِ - وإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ (165) مِنَ الْمَوْتِ - هَيْهَاتَ (166) بَعْدَ اللَّتَيَّا والَّتِي (167) واللَّه لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ - مِنَ الطِّفْلِ
بِثَدْيِ أُمِّه - بَلِ انْدَمَجْتُ (168) عَلَى مَكْنُونِ
عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِه لَاضْطَرَبْتُمْ - اضْطِرَابَ الأَرْشِيَةِ (169) فِي الطَّوِيِّ (170) الْبَعِيدَةِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
6- و من كلام له لما أشير عليه بألا يتبع طلحة و الزبير و لا
يرصد لهما القتال و فيه يبين عن صفته
|
|||||||||||||||
6 - ومن كلام له عليهالسلام لما أشير عليه بألا يتبع
طلحة والزبير ولا يرصد لهما القتال وفيه يبين عن صفته بأنه عليهالسلام
لا يخدع واللَّه لَا أَكُونُ كَالضَّبُعِ تَنَامُ
عَلَى طُولِ اللَّدْمِ (171) حَتَّى يَصِلَ
إِلَيْهَا طَالِبُهَا ويَخْتِلَهَا(172) رَاصِدُهَا(173) ولَكِنِّي أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَى الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْه -
وبِالسَّامِعِ الْمُطِيعِ الْعَاصِيَ الْمُرِيبَ (174) أَبَداً - حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمِي - فَوَاللَّه مَا زِلْتُ
مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي - مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّه نَبِيَّه صلىاللهعليهوسلم
حَتَّى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
7- و من خطبة له ( عليه السلام ) يذم فيها أتباع
الشيطان :
|
|||||||||||||||
7 - ومن خطبة له عليهالسلام يذم فيها أتباع الشيطان
اتَّخَذُوا الشَّيْطَانَ لأَمْرِهِمْ
مِلَاكاً (175) واتَّخَذَهُمْ لَه
أَشْرَاكاً (176) فَبَاضَ وفَرَّخَ (177) فِي صُدُورِهِمْ ودَبَّ ودَرَجَ (178) فِي حُجُورِهِمْ - فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ ونَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ -
فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ(179) وزَيَّنَ لَهُمُ
الْخَطَلَ (180) فِعْلَ مَنْ قَدْ
شَرِكَه (181) الشَّيْطَانُ فِي
سُلْطَانِه ونَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
8- و من كلام له يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك و يدعوه
للدخول في البيعة ثانية :
|
|||||||||||||||
8 - ومن كلام له عليهالسلام يعني به الزبير في حال
اقتضت ذلك ويدعوه للدخول في البيعة ثانية يَزْعُمُ أَنَّه قَدْ بَايَعَ بِيَدِه
ولَمْ يُبَايِعْ بِقَلْبِه - فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعَةِ وادَّعَى
الْوَلِيجَةَ (182) - فَلْيَأْتِ
عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ - وإِلَّا فَلْيَدْخُلْ فِيمَا خَرَجَ مِنْه. ----------------------------- (182)
الوَلِيجة: الدّخيلة وما يضمر في القلب ويكتم. |
|||||||||||||||
9- و من كلام له ( عليه السلام ) في صفته و صفة
خصومه و يقال إنها في أصحاب الجمل :
|
|||||||||||||||
9 - ومن كلام له عليهالسلام في صفته وصفة خصومه ويقال
إنها في أصحاب الجمل وقَدْ أَرْعَدُوا وأَبْرَقُوا (183) ومَعَ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ (184) ولَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ (185) ولَا نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِرَ. ----------------------------
|
|||||||||||||||
10- و من خطبة له يريد الشيطان أو يكني به عن قوم :
|
|||||||||||||||
10 - ومن خطبة له عليهالسلام يريد الشيطان أو يكني به عن
قوم أَلَا وإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ
حِزْبَه - واسْتَجْلَبَ خَيْلَه ورَجِلَه (186) وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي (187) ولَا لُبِّسَ عَلَيَّ - وايْمُ اللَّه لأُفْرِطَنَّ (188) لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُه (189) لَا يَصْدُرُونَ عَنْه (190) ولَا يَعُودُونَ
إِلَيْه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
11- و من كلام له لابنه محمد ابن الحنفية لما أعطاه الراية يوم
الجمل :
|
|||||||||||||||
11 - ومن كلام له عليهالسلام لابنه محمد ابن الحنفية -
لما أعطاه الراية يوم الجمل
تَزُولُ الْجِبَالُ ولَا تَزُلْ - عَضَّ
عَلَى نَاجِذِكَ (191) أَعِرِ(192) اللَّه جُمْجُمَتَكَ - تِدْ (193) فِي الأَرْضِ قَدَمَكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى الْقَوْمِ وغُضَّ
بَصَرَكَ (194) واعْلَمْ أَنَّ
النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّه سُبْحَانَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
12- و من كلام له لما أظفره الله بأصحاب الجمل :
|
|||||||||||||||
12- ومن كلام له عليهالسلام لما أظفره الله بأصحاب
الجمل وقَدْ قَالَ لَه بَعْضُ أَصْحَابِه - وَدِدْتُ أَنَّ أَخِي فُلَاناً كَانَ
شَاهِدَنَا - لِيَرَى مَا نَصَرَكَ اللَّه بِه عَلَى أَعْدَائِكَ
فَقَالَ لَه عليهالسلام أَهَوَى (195) أَخِيكَ مَعَنَا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا - ولَقَدْ
شَهِدَنَا فِي عَسْكَرِنَا هَذَا أَقْوَامٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ -
وأَرْحَامِ النِّسَاءِ - سَيَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ (196) ويَقْوَى بِهِمُ الإِيمَانُ. ----------------------------- (195) هوى أخيك: أي
ميله ومحبته. (196)
يَرْعُفُ بهم الزمان: يجود على غير انتظار كما يجود الأنف بالرّعاف. |
|||||||||||||||
13- و من كلام له في ذم أهل البصرة بعد وقعة الجمل :
|
|||||||||||||||
13 - ومن كلام له عليهالسلام في ذم أهل البصرة بعد وقعة
الجمل
كُنْتُمْ جُنْدَ الْمَرْأَةِ وأَتْبَاعَ
الْبَهِيمَةِ (197) رَغَا(198) فَأَجَبْتُمْ وعُقِرَ (199) فَهَرَبْتُمْ
أَخْلَاقُكُمْ دِقَاقٌ(200) وعَهْدُكُمْ
شِقَاقٌ ودِينُكُمْ نِفَاقٌ ومَاؤُكُمْ زُعَاقٌ (201) والْمُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مُرْتَهَنٌ (202) بِذَنْبِه والشَّاخِصُ عَنْكُمْ مُتَدَارَكٌ بِرَحْمَةٍ مِنْ رَبِّه -
كَأَنِّي بِمَسْجِدِكُمْ كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ (203) قَدْ بَعَثَ اللَّه عَلَيْهَا الْعَذَابَ مِنْ فَوْقِهَا ومِنْ
تَحْتِهَا - وغَرِقَ مَنْ فِي ضِمْنِهَا. وفِي رِوَايَةٍ وايْمُ اللَّه
لَتَغْرَقَنَّ بَلْدَتُكُمْ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَسْجِدِهَا
كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ - أَوْ نَعَامَةٍ جَاثِمَةٍ(204). وفِي رِوَايَةٍ كَجُؤْجُؤِ طَيْرٍ فِي
لُجَّةِ بَحْرٍ(205). وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِلَادُكُمْ
أَنْتَنُ (206) بِلَادِ اللَّه
تُرْبَةً - أَقْرَبُهَا مِنَ الْمَاءِ وأَبْعَدُهَا مِنَ السَّمَاءِ - وبِهَا
تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ - الْمُحْتَبَسُ فِيهَا بِذَنْبِه والْخَارِجُ
بِعَفْوِ اللَّه - كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَرْيَتِكُمْ هَذِه قَدْ طَبَّقَهَا
الْمَاءُ - حَتَّى مَا يُرَى مِنْهَا إِلَّا شُرَفُ الْمَسْجِدِ (207) كَأَنَّه جُؤْجُؤُ طَيْرٍ فِي لُجَّةِ بَحْرٍ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
14- و من كلام له في مثل ذلك :
|
|||||||||||||||
14- ومن كلام له عليهالسلام في مثل ذلك أَرْضُكُمْ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَاءِ
بَعِيدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ - خَفَّتْ عُقُولُكُمْ وسَفِهَتْ حُلُومُكُمْ (208) فَأَنْتُمْ غَرَضٌ (209) لِنَابِلٍ (210) وأُكْلَةٌ لِآكِلٍ وفَرِيسَةٌ لِصَائِلٍ. (211) -----------------------------
|
|||||||||||||||
15- و من كلام له فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان :
|
|||||||||||||||
15 - ومن كلام له عليهالسلام فيما رده على المسلمين من قطائع
عثمان - رضياللهعنه(212) واللَّه لَوْ وَجَدْتُه قَدْ تُزُوِّجَ
بِه النِّسَاءُ ومُلِكَ بِه الإِمَاءُ - لَرَدَدْتُه - فَإِنَّ فِي الْعَدْلِ
سَعَةً - ومَنْ ضَاقَ عَلَيْه الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْه أَضْيَقُ! ----------------------------- (212) قَطائِعُ عثمان: ما
منحه للناس من الأراضي وكان الأصل فيها أن تنفق غلتها على أبناء السبيل وأشباههم
كقطائعه لمعاوية ومروان.
|
|||||||||||||||
16- و من كلام له لما بويع في المدينة و فيها
يخبر الناس بعلمه بما تئول إليه أحوالهم و فيها يقسمهم إلى أقسام :
|
|||||||||||||||
16 - ومن كلام له عليهالسلام لما بويع في المدينة وفيها
يخبر الناس بعلمه بما تئول إليه أحوالهم وفيها يقسمهم إلى أقسام ذِمَّتِي (213) بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ (214) (وأَنَا بِه
زَعِيمٌ) (215) إِنَّ مَنْ
صَرَّحَتْ لَه الْعِبَرُ (216) عَمَّا بَيْنَ
يَدَيْه مِنَ الْمَثُلَاتِ (217) حَجَزَتْه (218) التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ (219) أَلَا وإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا (220) يَوْمَ بَعَثَ اللَّه نَبِيَّه - صلىاللهعليهوآله
والَّذِي بَعَثَه بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ (221) بَلْبَلَةً ولَتُغَرْبَلُنَّ (222) غَرْبَلَةً ولَتُسَاطُنَّ (223) سَوْطَ الْقِدْرِ (224) حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ -
ولَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا - ولَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ
كَانُوا سَبَقُوا - واللَّه مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً(225) ولَا كَذَبْتُ كِذْبَةً - ولَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وهَذَا
الْيَوْمِ - أَلَا وإِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ (226) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا - وخُلِعَتْ لُجُمُهَا (227) فَتَقَحَّمَتْ (228) بِهِمْ فِي
النَّارِ - أَلَا وإِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ (229) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وأُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ
الْجَنَّةَ - حَقٌّ وبَاطِلٌ ولِكُلٍّ أَهْلٌ - فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ
لَقَدِيماً فَعَلَ - ولَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا ولَعَلَّ ولَقَلَّمَا
أَدْبَرَ شَيْءٌ فَأَقْبَلَ! قال السيد الشريف وأقول - إن في
هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان - ما لا تبلغه مواقع الاستحسان - وإن حظ
العجب منه أكثر من حظ العجب به - وفيه مع الحال التي وصفنا زوائد من الفصاحة -
لا يقوم بها لسان ولا يطلع فجها إنسان (230)
ولا يعرف ما أقول إلا من ضرب في هذه الصناعة بحق - وجرى فيها على عرق (231) (وما يَعْقِلُها
إِلَّا الْعالِمُونَ). -----------------------------
|
|||||||||||||||
و من هذه الخطبة و فيها يقسم الناس إلى
ثلاثة أصناف
|
|||||||||||||||
ومن هذه الخطبة وفيها يقسم
الناس إلى ثلاثة أصناف شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ والنَّارُ
أَمَامَه - سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا وطَالِبٌ بَطِيءٌ رَجَا - ومُقَصِّرٌ فِي
النَّارِ هَوَى - الْيَمِينُ والشِّمَالُ مَضَلَّةٌ والطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ
الْجَادَّةُ (232) عَلَيْهَا بَاقِي
الْكِتَابِ وآثَارُ النُّبُوَّةِ - ومِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وإِلَيْهَا
مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ - هَلَكَ مَنِ ادَّعَى و (خابَ
مَنِ افْتَرى) - مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَه لِلْحَقِّ
هَلَكَ - وكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا يَعْرِفَ قَدْرَه - لَا يَهْلِكُ
عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ (233) أَصْلٍ - ولَا
يَظْمَأُ عَلَيْهَا زَرْعُ قَوْمٍ - فَاسْتَتِرُوا فِي بُيُوتِكُمْ (وأَصْلِحُوا
ذاتَ بَيْنِكُمْ) - والتَّوْبَةُ
مِنْ وَرَائِكُمْ - ولَا يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّه ولَا يَلُمْ لَائِمٌ
إِلَّا نَفْسَه. ----------------------------- (232) الجادّة:
الطريق. (233)
السِّنْخُ: المثبّت يقال: ثبتت السنّ في سنخها: أي منبتها. |
|||||||||||||||
17- و من كلام له في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة و ليس لذلك
بأهل و فيها أبغض الخلائق إلى اللّه صنفان :
|
|||||||||||||||
17- ومن كلام له عليهالسلام في صفة من يتصدى للحكم بين
الأمة وليس لذلك بأهل وفيها: أبغض الخلائق إلى
اللَّه صنفان الصنف الأول: إنَّ أَبْغَضَ
الْخَلَائِقِ إِلَى اللَّه رَجُلَانِ - رَجُلٌ وَكَلَه اللَّه إِلَى نَفْسِه (234) فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ (235) مَشْغُوفٌ (236) بِكَلَامِ
بِدْعَةٍ (237) ودُعَاءِ
ضَلَالَةٍ - فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِه ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ
كَانَ قَبْلَه - مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِه فِي حَيَاتِه وبَعْدَ وَفَاتِه -
حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِه رَهْنٌ بِخَطِيئَتِه(238). الصنف الثاني: ورَجُلٌ قَمَشَ
جَهْلًا(239) مُوضِعٌ فِي
جُهَّالِ الأُمَّةِ (240) عَادٍ (241) فِي أَغْبَاشِ (242) الْفِتْنَةِ عَمٍ (243) بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ (244) قَدْ سَمَّاه أَشْبَاه النَّاسِ عَالِماً ولَيْسَ بِه - بَكَّرَ
فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْه خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ - حَتَّى إِذَا
ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ (245) واكْتَثَرَ (246) مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ(247) جَلَسَ بَيْنَ
النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ (248) مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِه (249) فَإِنْ نَزَلَتْ بِه إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ - هَيَّأَ لَهَا حَشْواً (250) رَثًّا (251) مِنْ رَأْيِه
ثُمَّ قَطَعَ بِه - فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ
الْعَنْكَبُوتِ - لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ - فَإِنْ أَصَابَ خَافَ
أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ - وإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ -
جَاهِلٌ خَبَّاطُ (252) جَهَالَاتٍ عَاشٍ (253) رَكَّابُ عَشَوَاتٍ (254) لَمْ يَعَضَّ
عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ - يَذْرُو (255) الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ (256) لَا مَلِيٌّ(257) واللَّه
بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْه - ولَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِه (258) لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَه - ولَا يَرَى
أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِه - وإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْه
أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِه (259) لِمَا يَعْلَمُ
مِنْ جَهْلِ نَفْسِه - تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِه الدِّمَاءُ - وتَعَجُّ
مِنْه الْمَوَارِيثُ (260) إِلَى اللَّه
أَشْكُو - مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالًا ويَمُوتُونَ ضُلَّالًا - لَيْسَ
فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ (261) مِنَ الْكِتَابِ
إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِه - ولَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ (262) بَيْعاً - ولَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ
مَوَاضِعِه - ولَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ ولَا أَعْرَفُ مِنَ
الْمُنْكَرِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
18- و من كلام له في ذم اختلاف العلماء في الفتيا و فيه يذم
أهل الرأي و يكل أمر الحكم في أمور الدين للقرآن :
|
|||||||||||||||
ذم أهل الرأي
|
|||||||||||||||
18 - ومن كلام له عليهالسلام في ذم اختلاف العلماء في
الفتيا وفيه يذم أهل الرأي ويكل
أمر الحكم في أمور الدين للقرآن ذم أهل الرأي تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْقَضِيَّةُ فِي
حُكْمٍ مِنَ الأَحْكَامِ - فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِه - ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ
الْقَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِه - فَيَحْكُمُ فِيهَا بِخِلَافِ قَوْلِه
- ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْقُضَاةُ بِذَلِكَ عِنْدَ الإِمَامِ الَّذِي
اسْتَقْضَاهُمْ (263) فَيُصَوِّبُ
آرَاءَهُمْ جَمِيعاً وإِلَهُهُمْ وَاحِدٌ - ونَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ وكِتَابُهُمْ
وَاحِدٌ! أَفَأَمَرَهُمُ اللَّه سُبْحَانَه
بِالِاخْتِلَافِ فَأَطَاعُوه - أَمْ نَهَاهُمْ عَنْه فَعَصَوْه! (263)
الإمام الذي استقضاهم: الخليفة الذي ولَّاهم القضاء. |
|||||||||||||||
الحكم للقرآن
|
|||||||||||||||
الحكم للقرآن أَمْ أَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَه دِيناً
نَاقِصاً - فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِه - أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَه
فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وعَلَيْه أَنْ يَرْضَى - أَمْ أَنْزَلَ اللَّه
سُبْحَانَه دِيناً تَامّاً - فَقَصَّرَ الرَّسُولُ صلىاللهعليهوآله عَنْ
تَبْلِيغِه وأَدَائِه - واللَّه سُبْحَانَه يَقُولُ: (ما
فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) - وفِيه تِبْيَانٌ
لِكُلِّ شَيْءٍ - وذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُه بَعْضاً - وأَنَّه
لَا اخْتِلَافَ فِيه - فَقَالَ سُبْحَانَه: (ولَوْ
كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله - لَوَجَدُوا فِيه اخْتِلافاً كَثِيراً) - وإِنَّ
الْقُرْآنَ ظَاهِرُه أَنِيقٌ (264) وبَاطِنُه عَمِيقٌ
- لَا تَفْنَى عَجَائِبُه ولَا تَنْقَضِي غَرَائِبُه - ولَا تُكْشَفُ
الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِه. ----------------------------- (264) أنيق: حسن
معجب (بأنواع البيان) وآنقني الشيء: أعجبني. |
|||||||||||||||
19- و من كلام له قاله للأشعث بن قيس و هو على منبر الكوفة
يخطب:
|
|||||||||||||||
19 - ومن كلام له عليهالسلام قاله للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة
يخطب فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فيه فقال: يا أمير المؤمنين هذه عليك
لا لك فخفض عليهالسلام إليه بصره ثم قال: مَا يُدْرِيكَ مَا عَلَيَّ مِمَّا لِي - عَلَيْكَ
لَعْنَةُ اللَّه ولَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ - حَائِكٌ ابْنُ حَائِكٍ مُنَافِقٌ
ابْنُ كَافِرٍ - واللَّه لَقَدْ أَسَرَكَ الْكُفْرُ مَرَّةً والإِسْلَامُ
أُخْرَى - فَمَا فَدَاكَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَالُكَ ولَا حَسَبُكَ -
وإِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلَى قَوْمِه السَّيْفَ - وسَاقَ إِلَيْهِمُ الْحَتْفَ -
لَحَرِيٌّ أَنْ يَمْقُتَه الأَقْرَبُ ولَا يَأْمَنَه الأَبْعَدُ! قال السيد الشريف - يريد
عليهالسلام أنه أسر في الكفر مرة وفي الإسلام مرة
-. وأما قوله عليهالسلام دل على قومه السيف - فأراد به
حديثا - كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة - غر فيه قومه ومكر بهم - حتى
أوقع بهم خالد - وكان قومه بعد ذلك يسمونه عرف النار - وهو اسم للغادر عندهم. |
|||||||||||||||
20- و من كلام له و فيه ينفر من الغفلة و ينبه إلى الفرار للّه
:
|
|||||||||||||||
20 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه ينفر من الغفلة وينبه
إلى الفرار للَّه فَإِنَّكُمْ لَوْ قَدْ عَايَنْتُمْ مَا
قَدْ عَايَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ - لَجَزِعْتُمْ ووَهِلْتُمْ (265) وسَمِعْتُمْ وأَطَعْتُمْ - ولَكِنْ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ مَا قَدْ
عَايَنُوا - وقَرِيبٌ مَا يُطْرَحُ الْحِجَابُ - ولَقَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ
وأُسْمِعْتُمْ إِنْ سَمِعْتُمْ - وهُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ - وبِحَقٍّ
أَقُولُ لَكُمْ لَقَدْ جَاهَرَتْكُمُ الْعِبَرُ (266) وزُجِرْتُمْ بِمَا فِيه مُزْدَجَرٌ - ومَا يُبَلِّغُ عَنِ اللَّه
بَعْدَ رُسُلِ السَّمَاءِ (267) إِلَّا الْبَشَرُ.
|
|||||||||||||||
21- و من خطبة له ( عليه السلام ) و هي كلمة
جامعة للعظة و الحكمة :
|
|||||||||||||||
21 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي كلمة جامعة للعظة
والحكمة فَإِنَّ الْغَايَةَ أَمَامَكُمْ وإِنَّ
وَرَاءَكُمُ السَّاعَةَ (268) تَحْدُوكُمْ (269) تَخَفَّفُوا (270) تَلْحَقُوا
فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ. قال السيد الشريف أقول إن
هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه - وبعد كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله
بكل كلام - لمال به راجحا وبرز عليه سابقا -. فأما قوله عليهالسلام
تخففوا تلحقوا - فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر منه محصولا وما أبعد
غورها من كلمة وأنقع (271) نطفتها
(272) من
حكمة - وقد نبهنا في كتاب الخصائص - على عظم قدرها وشرف جوهرها. -----------------------------
|
|||||||||||||||
22- و من خطبة له حين بلغه خبر الناكثين ببيعته و فيها يذم
عملهم و يلزمهم دم عثمان و يتهددهم بالحرب :
|
|||||||||||||||
ذم الناكثين
|
|||||||||||||||
22 ومن خطبة له عليهالسلام حين بلغه خبر الناكثين
ببيعته وفيها يذم عملهم ويلزمهم دم
عثمان ويتهددهم بالحرب ذم الناكثين أَلَا وإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ
حِزْبَه (273) واسْتَجْلَبَ
جَلَبَه (274) لِيَعُودَ
الْجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِه ويَرْجِعَ الْبَاطِلُ إِلَى نِصَابِه (275) واللَّه مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً - ولَا جَعَلُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ
نَصِفاً(276). -----------------------------
|
|||||||||||||||
دم عثمان
|
|||||||||||||||
دم عثمان وإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ
تَرَكُوه ودَماً هُمْ سَفَكُوه - فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيه فَإِنَّ
لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْه - ولَئِنْ كَانُوا وَلُوه دُونِي فَمَا التَّبِعَةُ
إِلَّا عِنْدَهُمْ - وإِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ -
يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ (277) ويُحْيُونَ
بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ - يَا خَيْبَةَ الدَّاعِي مَنْ دَعَا وإِلَامَ أُجِيبَ
- وإِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّه عَلَيْهِمْ وعِلْمِه فِيهِمْ. ----------------------------- (277) أُمّاً قد فَطَمَتْ: أي
تركت إرضاع ولدها بعد أن ذهب لبنها. يشبّه به طلب الأمر بعد فواته. |
|||||||||||||||
التهديد بالحرب
|
|||||||||||||||
التهديد بالحرب فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ
السَّيْفِ - وكَفَى بِه شَافِياً مِنَ الْبَاطِلِ ونَاصِراً لِلْحَقِّ - ومِنَ
الْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وأَنْ أَصْبِرَ
لِلْجِلَادِ - هَبِلَتْهُمُ (278) الْهَبُولُ (279) لَقَدْ كُنْتُ ومَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ ولَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ -
وإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وغَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي. ----------------------------- (278) هَبِلَتْهُم:
ثكلتهم. (279) الهَبُول: بفتح
الهاء - المرأة التي لا يبقى لها ولد وهو دعاء عليهم بالموت. |
|||||||||||||||
23- و من خطبة له و تشتمل على تهذيب الفقراء بالزهد و تأديب
الأغنياء بالشفقة :
|
|||||||||||||||
تهذيب الفقراء
|
|||||||||||||||
23 - ومن خطبة له عليهالسلام وتشتمل على تهذيب الفقراء
بالزهد وتأديب الأغنياء بالشفقة تهذيب الفقراء أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الأَمْرَ يَنْزِلُ
مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ - كَقَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ
بِمَا قُسِمَ لَهَا - مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ - فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ
لأَخِيه غَفِيرَةً (280) فِي أَهْلٍ أَوْ
مَالٍ أَوْ نَفْسٍ - فَلَا تَكُونَنَّ لَه فِتْنَةً - فَإِنَّ الْمَرْءَ
الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ - فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا
ذُكِرَتْ ويُغْرَى بِهَا لِئَامُ النَّاسِ - كَانَ كَالْفَالِجِ (281) الْيَاسِرِ (282) الَّذِي
يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ - مِنْ قِدَاحِه تُوجِبُ لَه الْمَغْنَمَ ويُرْفَعُ
بِهَا عَنْه الْمَغْرَمُ - وكَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ مِنَ
الْخِيَانَةِ - يَنْتَظِرُ مِنَ اللَّه إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ - إِمَّا
دَاعِيَ اللَّه فَمَا عِنْدَ اللَّه خَيْرٌ لَه - وإِمَّا رِزْقَ اللَّه فَإِذَا
هُوَ ذُو أَهْلٍ ومَالٍ - ومَعَه دِينُه وحَسَبُه - وإِنَّ الْمَالَ والْبَنِينَ
حَرْثُ الدُّنْيَا - والْعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الآخِرَةِ - وقَدْ
يَجْمَعُهُمَا اللَّه تَعَالَى لأَقْوَامٍ - فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّه مَا
حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِه - واخْشَوْه خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ (283) واعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ ولَا سُمْعَةٍ - فَإِنَّه مَنْ يَعْمَلْ
لِغَيْرِ اللَّه يَكِلْه اللَّه (284) لِمَنْ عَمِلَ لَه
- نَسْأَلُ اللَّه مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ومُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ -
ومُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
تأديب الأغنياء
|
|||||||||||||||
تأديب الأغنياء أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه لَا يَسْتَغْنِي
الرَّجُلُ - وإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ - عِتْرَتِه ودِفَاعِهِمْ عَنْه
بِأَيْدِيهِمْ وأَلْسِنَتِهِمْ - وهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً (285) مِنْ وَرَائِه وأَلَمُّهُمْ لِشَعَثِه (286) وأَعْطَفُهُمْ عَلَيْه عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَتْ بِه - ولِسَانُ
الصِّدْقِ (287) يَجْعَلُه اللَّه
لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ - خَيْرٌ لَه مِنَ الْمَالِ يَرِثُه غَيْرُه. ومنها أَلَا لَا
يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ (288) أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُه إِنْ أَمْسَكَه - ولَا
يَنْقُصُه إِنْ أَهْلَكَه (289) ومَنْ يَقْبِضْ
يَدَه عَنْ عَشِيرَتِه - فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْه عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ -
وتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْه أَيْدٍ كَثِيرَةٌ - ومَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُه
يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِه الْمَوَدَّةَ. قال السيد الشريف
أقول الغفيرة هاهنا الزيادة والكثرة - من قولهم للجمع الكثير الجم الغفير
والجماء الغفير - ويروى عفوة من أهل أو مال - والعفوة الخيار من الشيء - يقال
أكلت عفوة الطعام أي خياره -. وما أحسن المعنى الذي أراده عليهالسلام
بقوله - ومن يقبض يده عن عشيرته... إلى تمام الكلام - فإن الممسك خيره عن عشيرته
إنما يمسك نفع يد واحدة - فإذا احتاج إلى نصرتهم واضطر إلى مرافدتهم (290) قعدوا
عن نصره وتثاقلوا عن صوته - فمنع ترافد الأيدي الكثيرة وتناهض الأقدام الجمة. -----------------------------
|
|||||||||||||||
24- و من خطبة له و هي كلمة جامعة له فيها تسويغ قتال المخالف
و الدعوة إلى طاعة اللّه
|
|||||||||||||||
24 ومن خطبة له عليهالسلام وهي كلمة جامعة له فيها
تسويغ قتال المخالف والدعوة إلى طاعة اللَّه والترقي فيها لضمان الفوز ولَعَمْرِي مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ
خَالَفَ الْحَقَّ وخَابَطَ الْغَيَّ (291) مِنْ إِدْهَانٍ (292)ولَا إِيهَانٍ (293) فَاتَّقُوا اللَّه
عِبَادَ اللَّه وفِرُّوا إِلَى اللَّه مِنَ اللَّه - وامْضُوا فِي الَّذِي نَهَجَه
لَكُمْ (295) وقُومُوا بِمَا
عَصَبَه بِكُمْ (296) فَعَلِيٌّ ضَامِنٌ
لِفَلْجِكُمْ (297) آجِلًا إِنْ لَمْ
تُمْنَحُوه عَاجِلًا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
25- و من خطبة له و قد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب
معاوية على البلاد
|
|||||||||||||||
25 - ومن خطبة له عليهالسلام وقد تواترت عليه الأخبار(298) باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن وهما عبيد
الله بن عباس وسعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أبي أرطاة فقام عليهالسلام
على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد ومخالفتهم له في الرأي فقال: مَا هِيَ إِلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا
وأَبْسُطُهَا (299) إِنْ لَمْ
تَكُونِي إِلَّا أَنْتِ تَهُبُّ أَعَاصِيرُكِ (300) فَقَبَّحَكِ اللَّه! وتَمَثَّلَ بِقَوْلِ
الشَّاعِرِ لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ
يَا عَمْرُو إِنَّنِي عَلَى وَضَرٍ (301)
مِنْ ذَا الإِنَاءِ قَلِيلِ ثُمَّ قَالَ عليهالسلام أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ
الْيَمَنَ (302) وإِنِّي واللَّه
لأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ (303) بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ -
وبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي
الْبَاطِلِ - وبِأَدَائِهِمُ الأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وخِيَانَتِكُمْ -
وبِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وفَسَادِكُمْ - فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ
عَلَى قَعْبٍ (304) لَخَشِيتُ أَنْ
يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِه (305) اللَّهُمَّ إِنِّي
قَدْ مَلِلْتُهُمْ ومَلُّونِي وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي - فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ
خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي - اللَّهُمَّ مِثْ
قُلُوبَهُمْ (306) كَمَا يُمَاثُ
الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ - أَمَا واللَّه لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ
فَارِسٍ - مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ.
ثُمَّ نَزَلَ عليهالسلام
مِنَ الْمِنْبَرِ قال السيد الشريف -
أقول الأرمية جمع رميّ وهو السحاب - والحميم هاهنا وقت الصيف - وإنما خص الشاعر
سحاب الصيف بالذكر - لأنه أشد جفولا وأسرع خفوفا (307) لأنه لا ماء
فيه - وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء - وذلك لا يكون في الأكثر
إلا زمان الشتاء - وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا - والإغاثة إذا
استغيثوا - والدليل على ذلك قوله: هنالك
لو دعوت أتاك منهم... -----------------------------
|
|||||||||||||||
26- و من خطبة له و فيها يصف العرب قبل البعثة ثم يصف حاله قبل
البيعة له :
|
|||||||||||||||
العرب قبل البعثة
|
|||||||||||||||
26 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يصف العرب قبل البعثة
ثم يصف حاله قبل البيعة له العرب قبل البعثة إِنَّ اللَّه بَعَثَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ - وأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ - وأَنْتُمْ مَعْشَرَ
الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ وفِي شَرِّ دَارٍ - مُنِيخُونَ (308) بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ (309) وحَيَّاتٍ صُمٍّ (310) تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ وتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ (311) وتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ - الأَصْنَامُ
فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ والآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ (312). -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها صفته قبل البيعة له
|
|||||||||||||||
ومنها صفته قبل البيعة له فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ
إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي - فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ - وأَغْضَيْتُ(313) عَلَى الْقَذَى وشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا (314) وصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ(315) وعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ. ومنها: ولَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ
أَنْ يُؤْتِيَه عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً - فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ
وخَزِيَتْ (316) أَمَانَةُ
الْمُبْتَاعِ (317) فَخُذُوا
لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا (318) وأَعِدُّوا لَهَا
عُدَّتَهَا - فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا (319) وعَلَا سَنَاهَا (320) واسْتَشْعِرُوا (321) الصَّبْرَ
فَإِنَّه أَدْعَى إِلَى النَّصْرِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
27- و من خطبة له و قد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو
الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا.
|
|||||||||||||||
فضل الجهاد
|
|||||||||||||||
27 - ومن خطبة له عليهالسلام وقد قالها يستنهض بها الناس
حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا. وفيها يذكر فضل
الجهاد ويستنهض الناس ويذكر علمه بالحرب ويلقي عليهم التبعة لعدم
طاعته فضل الجهاد أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ
مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ - فَتَحَه اللَّه لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِه وهُوَ
لِبَاسُ التَّقْوَى - ودِرْعُ اللَّه الْحَصِينَةُ وجُنَّتُه (322) الْوَثِيقَةُ - فَمَنْ تَرَكَه رَغْبَةً عَنْه (323) أَلْبَسَه اللَّه ثَوْبَ الذُّلِّ وشَمِلَه الْبَلَاءُ - ودُيِّثَ (324) بِالصَّغَارِ والْقَمَاءَةِ (325) وضُرِبَ عَلَى قَلْبِه بِالإِسْهَابِ (326) وأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْه (327) بِتَضْيِيعِ
الْجِهَادِ - وسِيمَ الْخَسْفَ (328) ومُنِعَ النَّصَفَ
(329). -----------------------------
|
|||||||||||||||
استنهاض الناس
|
|||||||||||||||
استنهاض الناس أَلَا وإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى
قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ - لَيْلًا ونَهَاراً وسِرّاً وإِعْلَاناً - وقُلْتُ
لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ - فَوَاللَّه مَا غُزِيَ قَوْمٌ
قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ (330) إِلَّا ذَلُّوا -
فَتَوَاكَلْتُمْ (331) وتَخَاذَلْتُمْ -
حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ (332) ومُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الأَوْطَانُ - وهَذَا أَخُو غَامِدٍ [و] قَدْ
وَرَدَتْ خَيْلُه الأَنْبَارَ (333) وقَدْ قَتَلَ
حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ - وأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا (334) ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ - عَلَى
الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ والأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ (335) فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا (336) وقُلُبَهَا (337) وقَلَائِدَهَا ورُعُثَهَا (338) مَا تَمْتَنِعُ
مِنْه إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ والِاسْتِرْحَامِ (339) ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ (340) مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ (341) ولَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ - فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ
بَعْدِ هَذَا أَسَفاً - مَا كَانَ بِه مَلُوماً بَلْ كَانَ بِه عِنْدِي جَدِيراً
- فَيَا عَجَباً عَجَباً واللَّه يُمِيتُ الْقَلْبَ ويَجْلِبُ الْهَمَّ - مِنَ
اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ - وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ
حَقِّكُمْ - فَقُبْحاً لَكُمْ وتَرَحاً (342) حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً (343) يُرْمَى - يُغَارُ
عَلَيْكُمْ ولَا تُغِيرُونَ - وتُغْزَوْنَ ولَا تَغْزُونَ ويُعْصَى اللَّه
وتَرْضَوْنَ - فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ
الْحَرِّ - قُلْتُمْ هَذِه حَمَارَّةُ الْقَيْظِ (344) أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ (345) وإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ - قُلْتُمْ
هَذِه صَبَارَّةُ الْقُرِّ (346) أَمْهِلْنَا
يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ - كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ -
فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ تَفِرُّونَ - فَأَنْتُمْ واللَّه مِنَ
السَّيْفِ أَفَرُّ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
البرم بالناس
|
|||||||||||||||
البرم بالناس يَا أَشْبَاه الرِّجَالِ ولَا رِجَالَ -
حُلُومُ الأَطْفَالِ وعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ (347) لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ ولَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً -
واللَّه جَرَّتْ نَدَماً وأَعْقَبَتْ سَدَماً (348) قَاتَلَكُمُ اللَّه لَقَدْ مَلأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً (349) وشَحَنْتُمْ (350) صَدْرِي غَيْظاً -
وجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ (351) التَّهْمَامِ (352) أَنْفَاساً (353) وأَفْسَدْتُمْ
عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ والْخِذْلَانِ - حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ
إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ - ولَكِنْ لَا عِلْمَ لَه
بِالْحَرْبِ. لِلَّه أَبُوهُمْ - وهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ
أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً (354) وأَقْدَمُ فِيهَا
مَقَاماً مِنِّي - لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ - وهَا
أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ (355) ولَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ!
|
|||||||||||||||
28- و من خطبة له و هو فصل من الخطبة التي أولها
"الحمد للّه غير مقنوط من رحمته" و فيه أحد عشر تنبيها :
|
|||||||||||||||
28 - ومن خطبة له عليهالسلام وهو فصل من الخطبة التي
أولها «الحمد للَّه غير مقنوط من رحمته» وفيه أحد عشر تنبيها أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا
أَدْبَرَتْ وآذَنَتْ (356) بِوَدَاعٍ -
وإِنَّ الآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وأَشْرَفَتْ بِاطِّلَاعٍ (357) أَلَا وإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ (358) وغَداً السِّبَاقَ - والسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ (359) والْغَايَةُ النَّارُ - أَفَلَا تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِه قَبْلَ
مَنِيَّتِه (360) أَلَا عَامِلٌ
لِنَفْسِه قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِه (361) أَلَا وإِنَّكُمْ
فِي أَيَّامِ أَمَلٍ مِنْ وَرَائِه أَجَلٌ - فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِه
قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِه - فَقَدْ نَفَعَه عَمَلُه ولَمْ يَضْرُرْه أَجَلُه -
ومَنْ قَصَّرَ فِي أَيَّامِ أَمَلِه قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِه - فَقَدْ خَسِرَ
عَمَلُه وضَرَّه أَجَلُه - أَلَا فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ
فِي الرَّهْبَةِ (362) أَلَا وإِنِّي
لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا ولَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا -
أَلَا وإِنَّه مَنْ لَا يَنْفَعُه الْحَقُّ يَضُرُّه الْبَاطِلُ - ومَنْ لَا
يَسْتَقِيمُ بِه الْهُدَى يَجُرُّ بِه الضَّلَالُ إِلَى الرَّدَى - أَلَا
وإِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ (363) ودُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ - وإِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ
اثْنَتَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وطُولُ الأَمَلِ - فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا
مِنَ الدُّنْيَا - مَا تَحْرُزُونَ بِه أَنْفُسَكُمْ (364) غَداً. -----------------------------
قال السيد الشريف رضياللهعنه
وأقول
إنه لو كان كلام يأخذ بالأعناق - إلى الزهد في الدنيا - ويضطر إلى عمل الآخرة -
لكان هذا الكلام - وكفى به قاطعا لعلائق الآمال - وقادحا زناد الاتعاظ والازدجار
- ومن أعجبه قوله عليهالسلام - ألا وإن
اليوم المضمار وغدا السباق - والسبقة الجنة والغاية النار - فإن فيه مع فخامة
اللفظ وعظم قدر المعنى - وصادق التمثيل وواقع التشبيه - سرا عجيبا ومعنى لطيفا -
وهو قوله عليهالسلام والسبقة الجنة والغاية النار -
فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين - ولم يقل السبقة النار - كما قال السبقة
الجنة - لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب - وغرض مطلوب - وهذه صفة الجنة -
وليس هذا المعنى موجودا في النار - نعوذ بالله منها فلم يجز أن يقول - والسبقة
النار بل قال والغاية النار - لأن الغاية قد ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء
إليها - ومن يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الأمرين معا - فهي في هذا الموضع
كالمصير والمآل - قال الله تعالى: (قُلْ
تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) - ولا
يجوز في هذا الموضع أن يقال - سبْقتكم بسكون الباء إلى النار - فتأمل ذلك فباطنه
عجيب وغوره بعيد لطيف - وكذلك أكثر كلامه عليهالسلام -
وفي بعض النسخ - وقد جاء في رواية أخرى والسُّبْقة الجنة بضم السين - والسبقة
عندهم اسم لما يجعل للسابق - إذا سبق من مال أو عرض - والمعنيان متقاربان - لأن
ذلك لا يكون جزاء على فعل الأمر المذموم - وإنما يكون جزاء على فعل الأمر المحمود. |
|||||||||||||||
29- و من خطبة له بعد غارة الضحاك بن قيس صاحب معاوية على
الحاجّ بعد قصة الحكمين
|
|||||||||||||||
29 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد غارة الضحاك بن قيس
صاحب معاوية على الحاجّ بعد قصة الحكمين وفيها يستنهض أصحابه لما
حدث في الأطراف أَيُّهَا النَّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمْ
- الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ (365) كَلَامُكُمْ
يُوهِي (366) الصُّمَّ
الصِّلَابَ (367) وفِعْلُكُمْ
يُطْمِعُ فِيكُمُ الأَعْدَاءَ – تَقُولُونَ فِي الْمَجَالِسِ كَيْتَ وكَيْتَ (368) فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ حِيدِي حَيَادِ (369) مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ - ولَا اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ
قَاسَاكُمْ - أَعَالِيلُ بِأَضَالِيلَ (370) وسَأَلْتُمُونِي التَّطْوِيلَ (371) دِفَاعَ ذِي الدَّيْنِ الْمَطُولِ (372) لَا يَمْنَعُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ - ولَا يُدْرَكُ الْحَقُّ إِلَّا
بِالْجِدِّ - أَيَّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ - ومَعَ أَيِّ إِمَامٍ
بَعْدِي تُقَاتِلُونَ - الْمَغْرُورُ واللَّه مَنْ غَرَرْتُمُوه - ومَنْ فَازَ
بِكُمْ فَقَدْ فَازَ واللَّه بِالسَّهْمِ الأَخْيَبِ (373) ومَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقَ (374) نَاصِلٍ (375) أَصْبَحْتُ
واللَّه لَا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ - ولَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ - ولَا
أُوعِدُ الْعَدُوَّ بِكُمْ - مَا بَالُكُمْ مَا دَوَاؤُكُمْ مَا طِبُّكُمْ -
الْقَوْمُ رِجَالٌ أَمْثَالُكُمْ - أَقَوْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ - وغَفْلةً مِنْ
غَيْرِ وَرَعٍ - وطَمَعاً فِي غَيْرِ حَقٍّ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
30- و من كلام لهفي معنى قتل عثمان و هو حكم له
على عثمان و عليه و على الناس بما فعلوا
|
|||||||||||||||
30 - ومن كلام له عليهالسلام في معنى قتل عثمان وهو حكم له على عثمان وعليه
وعلى الناس بما فعلوا وبراءة له من دمه لَوْ أَمَرْتُ بِه لَكُنْتُ قَاتِلًا -
أَوْ نَهَيْتُ عَنْه لَكُنْتُ نَاصِراً - غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَه لَا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَه مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْه - ومَنْ خَذَلَه لَا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَه مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي - وأَنَا جَامِعٌ
لَكُمْ أَمْرَه اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ (376) وجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ (377) ولِلَّه حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ والْجَازِعِ. ----------------------------- (376) أساء الأَثَرَةَ:
أساء الاستبداد وكان عليه أن يخفف منه حتى لا يزعجكم. (377)
أسأتم الجَزَعَ: أي لم ترفقوا في جزعكم ولم تقفوا عند الحد الأولى بكم. |
|||||||||||||||
31- و من كلام له لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير
يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل :
|
|||||||||||||||
31 - ومن كلام له عليهالسلام لما أنفذ عبد الله بن عباس
- إلى الزبير يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل لَا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ - فَإِنَّكَ
إِنْ تَلْقَه تَجِدْه كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَه (378) يَرْكَبُ الصَّعْبَ (379) ويَقُولُ هُوَ
الذَّلُولُ - ولَكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ فَإِنَّه أَلْيَنُ عَرِيكَةً (380) فَقُلْ لَه يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ - عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ
وأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ - فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا(381). قال
السيد الشريف وهو عليهالسلام أول من سمعت
منه هذه الكلمة - أعني فما عدا مما بدا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
32- و من خطبة له و فيها يصف زمانه بالجور و يقسم الناس فيه
خمسة أصناف ثم يزهد في الدنيا :
|
|||||||||||||||
معنى جور الزمان
|
|||||||||||||||
32 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يصف زمانه بالجور
ويقسم الناس فيه خمسة أصناف ثم يزهد في الدنيا معنى جور الزمان أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّا قَدْ
أَصْبَحْنَا فِي دَهْرٍ عَنُودٍ(382) وزَمَنٍ - كَنُودٍ
(383) يُعَدُّ فِيه
الْمُحْسِنُ مُسِيئاً - ويَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيه عُتُوّاً - لَا نَنْتَفِعُ
بِمَا عَلِمْنَا ولَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا - ولَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً (384) حَتَّى تَحُلَّ بِنَا. ----------------------------- (382) العَنُود:
الجائر من «عند يعند» كنصر جار عن الطريق وعدل. (383)
الكَنُود: الكفور. (384)
القارعة: الخطب يقرع من ينزل به أي: يصيبه. |
|||||||||||||||
أصناف المسيئين
|
|||||||||||||||
أصناف المسيئين والنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ -
مِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُه الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ - إِلَّا مَهَانَةُ
نَفْسِه وكَلَالَةُ حَدِّه (385) ونَضِيضُ وَفْرِه (386) ومِنْهُمْ الْمُصْلِتُ لِسَيْفِه والْمُعْلِنُ بِشَرِّه - والْمُجْلِبُ
بِخَيْلِه (387) ورَجِلِه (388) قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَه (389) وأَوْبَقَ دِينَه (390) لِحُطَامٍ (391) يَنْتَهِزُه (392) أَوْ مِقْنَبٍ (393) يَقُودُه (394) أَوْ مِنْبَرٍ يَفْرَعُه - ولَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى
الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً - ومِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّه عِوَضاً -
ومِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ - ولَا يَطْلُبُ
الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا - قَدْ طَامَنَ (395) مِنْ شَخْصِه - وقَارَبَ مِنْ خَطْوِه وشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِه -
وزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِه لِلأَمَانَةِ - واتَّخَذَ سِتْرَ اللَّه ذَرِيعَةً (396) إِلَى الْمَعْصِيَةِ - ومِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَه عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ
ضُئُولَةُ نَفْسِه (397) وانْقِطَاعُ
سَبَبِه فَقَصَرَتْه الْحَالُ عَلَى حَالِه - فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ -
وتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ - ولَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ (398) ولَا مَغْدًى (399). -----------------------------
|
|||||||||||||||
الراغبون في اللّه
|
|||||||||||||||
الراغبون في اللَّه وبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ
ذِكْرُ الْمَرْجِعِ - وأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ - فَهُمْ بَيْنَ
شَرِيدٍ نَادٍّ (400) وخَائِفٍ
مَقْمُوعٍ (401) وسَاكِتٍ
مَكْعُومٍ (402) ودَاعٍ مُخْلِصٍ
وثَكْلَانَ (403) مُوجَعٍ - قَدْ
أَخْمَلَتْهُمُ (404) التَّقِيَّةُ (405) وشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ - فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ (406) أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ (407) وقُلُوبُهُمْ
قَرِحَةٌ (408) قَدْ وَعَظُوا
حَتَّى مَلُّوا (409) وقُهِرُوا حَتَّى
ذَلُّوا وقُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التزهيد في الدنيا
|
|||||||||||||||
التزهيد في الدنيا فَلْتَكُنِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِكُمْ -
أَصْغَرَ مِنْ حُثَالَةِ (410) الْقَرَظِ (411) وقُرَاضَةِ الْجَلَمِ (412) واتَّعِظُوا
بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ - قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ -
وارْفُضُوهَا ذَمِيمَةً - فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا
مِنْكُمْ(413). قال الشريف رضياللهعنه
أقول وهذه الخطبة ربما نسبها من لا علم له إلى معاوية - وهي من كلام أمير
المؤمنين عليهالسلام الذي لا يشك فيه - وأين الذهب
من الرغام (414) وأين
العذب من الأجاج - وقد دل على ذلك الدليل الخريت (415) ونقده الناقد
البصير - عمرو بن بحر الجاحظ - فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب البيان والتبيين -
وذكر من نسبها إلى معاوية - ثم تكلم من بعدها بكلام في معناها - جملته أنه قال
وهذا الكلام بكلام علي عليهالسلام أشبه -
وبمذهبه في تصنيف الناس - وفي الإخبار عما هم عليه من القهر والإذلال - ومن
التقية والخوف أليق - قال ومتى وجدنا معاوية في حال من الأحوال - يسلك في كلامه
مسلك الزهاد ومذاهب العباد! -----------------------------
|
|||||||||||||||
33- و من خطبة له عند خروجه لقتال أهل البصرة و فيها حكمة مبعث
الرسل ثم يذكر فضله و يذم الخارجين :
|
|||||||||||||||
33 - ومن خطبة له عليهالسلام عند خروجه لقتال أهل البصرة
وفيها حكمة مبعث الرسل ثم يذكر فضله ويذم الخارجين قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبَّاسِ رضياللهعنه
- دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام بِذِي قَارٍ
وهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَه (416) فَقَالَ لِي مَا
قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ - فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا - فَقَالَ عليهالسلام
واللَّه لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ - إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً
أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا - ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: ----------------------------- (416) يَخْصِفُ نَعْلَه:
يخرزها. |
|||||||||||||||
حكمة بعثة النبي
|
|||||||||||||||
حكمة بعثة النبي إِنَّ اللَّه بَعَثَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
- ولَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً ولَا يَدَّعِي نُبُوَّةً -
فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ (417) وبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ - فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ (418) واطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ (419). ----------------------------- (417)
بَوّأهُمْ مَحَلَّتَهم: أنزلهم منزلتهم. (418) القناة:
العود والرمح والمراد به القوة والغلبة والدولة. وفي قوله (استقامت قناتهم)
تمثيل لاستقامة أحوالهم. |
|||||||||||||||
فضل علي
|
|||||||||||||||
فضل علي أَمَا واللَّه إِنْ كُنْتُ لَفِي
سَاقَتِهَا(420)حَتَّى تَوَلَّتْ
بِحَذَافِيرِهَا (421) مَا عَجَزْتُ ولَا
جَبُنْتُ وإِنَّ مَسِيرِي هَذَا لِمِثْلِهَا - فَلأَنْقُبَنَّ (422) الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِه. ----------------------------- (420) الساقَةُ:
مؤخّر الجيش السائق لمقدّمه. (421)
ولَّتْ بحذافيرها: بجملتها وأسرها. |
|||||||||||||||
توبيخ الخارجين عليه
|
|||||||||||||||
توبيخ الخارجين عليه مَا لِي ولِقُرَيْشٍ - واللَّه لَقَدْ
قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ - ولأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ
- وإِنِّي
لَصَاحِبُهُمْ بِالأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ - واللَّه مَا
تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّ اللَّه اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ -
فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا - فَكَانُوا كَمَا قَالَ الأَوَّلُ:
-----------------------------
|
|||||||||||||||
34- و من خطبة له في استنفار الناس إلى أهل الشام بعد فراغه من
أمر الخوارج
|
|||||||||||||||
34 - ومن خطبة له عليهالسلام في استنفار الناس إلى أهل
الشام بعد فراغه من أمر الخوارج وفيها يتأفف بالناس وينصح
لهم بطريق السداد أُفٍّ لَكُمْ (424) لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ - (أَرَضِيتُمْ
بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخِرَةِ) عِوَضاً -
وبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً - إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ
عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ (425) كَأَنَّكُمْ مِنَ
الْمَوْتِ فِي غَمْرَةٍ (426) ومِنَ الذُّهُولِ
فِي سَكْرَةٍ - يُرْتَجُ (427) عَلَيْكُمْ
حَوَارِي (428) فَتَعْمَهُونَ (429) وكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ (430) فَأَنْتُمْ لَا تَعْقِلُونَ - مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَةٍ سَجِيسَ
اللَّيَالِي (431) ومَا أَنْتُمْ
بِرُكْنٍ يُمَالُ (432) بِكُمْ - ولَا
زَوَافِرُ (433) عِزٍّ يُفْتَقَرُ
إِلَيْكُمْ - مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا - فَكُلَّمَا
جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ - لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّه
سُعْرُ (434) نَارِ الْحَرْبِ
أَنْتُمْ - تُكَادُونَ ولَا تَكِيدُونَ - وتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلَا
تَمْتَعِضُونَ (435) لَا يُنَامُ
عَنْكُمْ وأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ سَاهُونَ - غُلِبَ واللَّه الْمُتَخَاذِلُونَ -
وايْمُ اللَّه - إِنِّي لأَظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ (436) الْوَغَى (437) واسْتَحَرَّ
الْمَوْتُ (438) قَدِ
انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ (439) واللَّه إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّه مِنْ نَفْسِه - يَعْرُقُ
لَحْمَه (440) ويَهْشِمُ عَظْمَه
- ويَفْرِي (441) جِلْدَه لَعَظِيمٌ
عَجْزُه - ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْه جَوَانِحُ صَدْرِه (442) أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ - فَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّه دُونَ
أَنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ (443) تَطِيرُ مِنْه فَرَاشُ الْهَامِ (444) وتَطِيحُ (445) السَّوَاعِدُ
والأَقْدَامُ - (ويَفْعَلُ الله) بَعْدَ ذَلِكَ (مِمَّا
يَشاءُ) - |
|||||||||||||||
طريق السداد
|
|||||||||||||||
طريق السداد أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ
حَقّاً ولَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ - فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيحَةُ
لَكُمْ - وتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ(446 - وتَعْلِيمُكُمْ كَيْلَا تَجْهَلُوا وتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا
تَعْلَمُوا - وأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ -
والنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ والْمَغِيبِ - والإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ
والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
35- و من خطبة له بعد التحكيم و ما بلغه من أمر
الحكمين و فيها حمد اللّه على بلائه ثم بيان سبب البلوى :
|
|||||||||||||||
الحمد على البلاء
|
|||||||||||||||
35 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد التحكيم وما بلغه من
أمر الحكمين وفيها حمد اللَّه على بلائه
ثم بيان سبب البلوى الحمد على البلاء الْحَمْدُ لِلَّه وإِنْ أَتَى الدَّهْرُ
بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ (447) والْحَدَثِ
الْجَلِيلِ(448) وأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَه إِلَّا اللَّه لَا شَرِيكَ لَه - لَيْسَ مَعَه إِلَه غَيْرُه - وأَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه صلىاللهعليهوآله – ----------------------------- (447)
الخَطْبُ الفادح: الثقيل من فدحه الدّين - كقطع - إذا أثقله وعاله وبهظه. (448)
الحَدَث: - بالتحريك - الحادث والمراد هنا ما وقع من أمر الحكمين كما هو
مشهور في التاريخ. |
|||||||||||||||
سبب البلوى
|
|||||||||||||||
سبب البلوى أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ
الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الْمُجَرِّبِ - تُورِثُ الْحَسْرَةَ وتُعْقِبُ
النَّدَامَةَ - وقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هَذِه الْحُكُومَةِ أَمْرِي
ونَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي (449) لَوْ كَانَ
يُطَاعُ لِقَصِيرٍ (450) أَمْرٌ -
فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ والْمُنَابِذِينَ
الْعُصَاةِ - حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِه وضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِه (451) فَكُنْتُ أَنَا وإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ (452):
|
|||||||||||||||
36- و من خطبة له في تخويف أهل النهروان :
|
|||||||||||||||
36 - ومن خطبة له عليهالسلام في تخويف أهل النهروان (454) فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا
صَرْعَى (455) بِأَثْنَاءِ هَذَا
النَّهَرِ - وبِأَهْضَامِ (456) هَذَا الْغَائِطِ (457) عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ - ولَا سُلْطَانٍ مُبِينٍ
مَعَكُمْ - قَدْ طَوَّحَتْ (458) بِكُمُ الدَّارُ
واحْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ (459) وقَدْ كُنْتُ
نَهَيْتُكُمْ عَنْ هَذِه الْحُكُومَةِ - فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ
الْمُنَابِذِينَ - حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ - وأَنْتُمْ
مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ (460) سُفَهَاءُ
الأَحْلَامِ (461) ولَمْ آتِ لَا أَبَا
لَكُمْ بُجْراً (462) ولَا أَرَدْتُ
لَكُمْ ضُرّاً. ----------------------------- (454) النّهْرَوان: اسم
لأسفل نهر بين لخافيق وطرفاه على مقربة من الكوفة في طرف صحراء حروراء. وكان
الذين خطَّوؤه في التحكيم قد نقضوا بيعته وجهروا بعداوته وصاروا له حربا واجتمع
معظمهم عند ذلك الموضع وهؤلاء يلقبون بالحروريّة لما تقدم أن الأرض التي اجتمعوا
عليها كانت تسمى حروراء وكان رئيس هذه الفئة الضالة: حرقوص بن زهير السعدي ويلقب
بذي الثّديّة (تصغير ثدية) خرج إليهم أمير المؤمنين يعظهم في الرجوع عن مقالتهم
والعودة إلى بيعتهم فأجابوا النصيحة برمي السهام وقتال أصحابه كرّم الله وجهه
فأمر بقتالهم. وتقدم القتال بهذا الانذار الذي تراه. وقيل: إنه - عليهالسلام
- خاطب بها الخوارج الذين قتلهم بالنهروان.
|
|||||||||||||||
37- و من كلام له يجري مجرى الخطبة و فيه يذكر فضائله عليه
السلام قاله بعد وقعة النهروان :
|
|||||||||||||||
37 - ومن كلام له عليهالسلام يجري مجرى الخطبة وفيه يذكر فضائله - عليهالسلام
- قاله بعد وقعة النهروان فَقُمْتُ بِالأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا (463) وتَطَلَّعْتُ حِينَ تَقَبَّعُوا (464) ونَطَقْتُ حِينَ تَعْتَعُوا (465) ومَضَيْتُ بِنُورِ اللَّه حِينَ وَقَفُوا - وكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ
صَوْتاً وأَعْلَاهُمْ فَوْتاً (466) فَطِرْتُ
بِعِنَانِهَا (467) واسْتَبْدَدْتُ
بِرِهَانِهَا (468) كَالْجَبَلِ لَا
تُحَرِّكُه الْقَوَاصِفُ - ولَا تُزِيلُه الْعَوَاصِفُ - لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ
فِيَّ مَهْمَزٌ ولَا لِقَائِلٍ فِيَّ مَغْمَزٌ (469) الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَه - والْقَوِيُّ
عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْه - رَضِينَا عَنِ اللَّه قَضَاءَه
وسَلَّمْنَا لِلَّه أَمْرَه - أَتَرَانِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- واللَّه لأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَه - فَلَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ
عَلَيْه - فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي - فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي -
وإِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِغَيْرِي. -----------------------------
|
|||||||||||||||
38- و من كلام له و فيها علة تسمية الشبهة شبهة ثم بيان حال
الناس فيها :
|
|||||||||||||||
38 - ومن كلام له عليهالسلام وفيها علة تسمية الشبهة
شبهة ثم بيان حال الناس فيها وإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ شُبْهَةً
لأَنَّهَا تُشْبِه الْحَقَّ - فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّه فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا
الْيَقِينُ - ودَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى (470) وأَمَّا أَعْدَاءُ اللَّه فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلَالُ -
ودَلِيلُهُمُ الْعَمَى - فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَه ولَا يُعْطَى
الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّه. ----------------------------- (470) سَمْتُ الهُدَى:
طريقته. |
|||||||||||||||
39- و من خطبة له خطبها عند علمه بغزوة النعمان
بن بشير صاحب معاوية لعين التمر
|
|||||||||||||||
39 - ومن خطبة له عليهالسلام خطبها عند علمه بغزوة
النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر وفيها يبدي عذره ويستنهض
الناس لنصرته مُنِيتُ بِمَنْ لَا يُطِيعُ إِذَا
أَمَرْتُ (471) ولَا يُجِيبُ
إِذَا دَعَوْتُ - لَا أَبَا لَكُمْ مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ رَبَّكُمْ -
أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ ولَا حَمِيَّةَ تُحْمِشُكُمْ (472) أَقُومُ فِيكُمْ مُسْتَصْرِخاً (473) وأُنَادِيكُمْ مُتَغَوِّثاً (474) فَلَا تَسْمَعُونَ لِي قَوْلًا ولَا تُطِيعُونَ لِي أَمْراً - حَتَّى
تَكَشَّفَ الأُمُورُ عَنْ عَوَاقِبِ الْمَسَاءَةِ - فَمَا يُدْرَكُ بِكُمْ ثَارٌ
ولَا يُبْلَغُ بِكُمْ مَرَامٌ - دَعَوْتُكُمْ إِلَى نَصْرِ إِخْوَانِكُمْ -
فَجَرْجَرْتُمْ (475) جَرْجَرَةَ
الْجَمَلِ الأَسَرِّ (476) وتَثَاقَلْتُمْ
تَثَاقُلَ النِّضْوِ الأَدْبَرِ (477) ثُمَّ خَرَجَ
إِلَيَّ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِيفٌ - «كَأَنَّما
يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وهُمْ يَنْظُرُونَ». -----------------------------
قال السيد الشريف -
أقول قوله عليهالسلام متذائب أي مضطرب - من قولهم
تذاءبت الريح أي اضطرب هبوبها - ومنه سمي الذئب ذئبا لاضطراب مشيته. |
|||||||||||||||
40- و من كلام له في الخوارج لما سمع قولهم " لا حكم إلا
لله " :
|
|||||||||||||||
40 - ومن كلام له عليهالسلام في الخوارج لما سمع قولهم
«لا حكم إلا لله» قَالَ عليهالسلام: كَلِمَةُ
حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ - نَعَمْ إِنَّه لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّه -
ولَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَا إِمْرَةَ - إِلَّا لِلَّه - وإِنَّه لَا
بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِيرٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ - يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِه
الْمُؤْمِنُ - ويَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ - ويُبَلِّغُ اللَّه فِيهَا
الأَجَلَ ويُجْمَعُ بِه الْفَيْءُ - ويُقَاتَلُ بِه الْعَدُوُّ وتَأْمَنُ بِه
السُّبُلُ - ويُؤْخَذُ بِه لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ - حَتَّى يَسْتَرِيحَ
بَرٌّ ويُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ. وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّه عليهالسلام
لَمَّا سَمِعَ تَحْكِيمَهُمْ قَالَ: حُكْمَ اللَّه أَنْتَظِرُ فِيكُمْ. وقَالَ أَمَّا الإِمْرَةُ الْبَرَّةُ
فَيَعْمَلُ فِيهَا التَّقِيُّ - وأَمَّا الإِمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَيَتَمَتَّعُ
فِيهَا الشَّقِيُّ - إِلَى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُه وتُدْرِكَه مَنِيَّتُه. |
|||||||||||||||
41- و من خطبة له و فيها ينهى عن الغدر و يحذر منه :
|
|||||||||||||||
41 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها ينهى عن الغدر ويحذر
منه أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ
الصِّدْقِ (478) ولَا أَعْلَمُ
جُنَّةً (479) أَوْقَى (480) مِنْه - ومَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ - ولَقَدْ
أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِه الْغَدْرَ كَيْساً (481) ونَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيه إِلَى حُسْنِ الْحِيلَةِ - مَا
لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّه - قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ(482) وَجْه الْحِيلَةِ ودُونَهَا مَانِعٌ - مِنْ أَمْرِ اللَّه ونَهْيِه -
فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا - ويَنْتَهِزُ
فُرْصَتَهَا مَنْ لَا حَرِيجَةَ لَه فِي الدِّينِ(483). -----------------------------
|
|||||||||||||||
42- و من كلام له و فيه يحذر من اتباع الهوى و طول الأمل في
الدنيا :
|
|||||||||||||||
42 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه يحذر من اتباع الهوى
وطول الأمل في الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا
أَخَافُ عَلَيْكُمُ - اثْنَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وطُولُ الأَمَلِ (484) فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ - وأَمَّا طُولُ
الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ - أَلَا وإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ (485) فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ (486) كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ - اصْطَبَّهَا صَابُّهَا (487) أَلَا وإِنَّ الآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ ولِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ -
فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ولَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا -
فَإِنَّ كُلَّ وَلَدٍ سَيُلْحَقُ بِأَبِيه يَوْمَ الْقِيَامَةِ - وإِنَّ
الْيَوْمَ عَمَلٌ ولَا حِسَابَ وغَداً حِسَابٌ ولَا عَمَلَ. قال الشريف - أقول الحذاء
السريعة - ومن الناس من يرويه جذاء(488). (488)
جَذّاء: - بالجيم - أي: مقطوع خيرها ودرّها. -----------------------------
|
|||||||||||||||
43- و من كلام له و قد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل
الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي
|
|||||||||||||||
43 - ومن كلام له عليهالسلام وقد أشار عليه أصحابه
بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ولم ينزل
معاوية على بيعته إِنَّ اسْتِعْدَادِي لِحَرْبِ أَهْلِ
الشَّامِ وجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ - إِغْلَاقٌ لِلشَّامِ وصَرْفٌ لأَهْلِه عَنْ
خَيْرٍ إِنْ أَرَادُوه - ولَكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِيرٍ وَقْتاً لَا يُقِيمُ
بَعْدَه - إِلَّا مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِياً - والرَّأْيُ عِنْدِي مَعَ الأَنَاةِ
(489) فَأَرْوِدُوا (490) ولَا أَكْرَه لَكُمُ الإِعْدَادَ (491). ولَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الأَمْرِ
وعَيْنَه (492) وقَلَّبْتُ
ظَهْرَه وبَطْنَه - فَلَمْ أَرَ لِي فِيه إِلَّا الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ -
بِمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآله - إِنَّه قَدْ
كَانَ عَلَى الأُمَّةِ وَالٍ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً - وأَوْجَدَ النَّاسَ مَقَالًا
فَقَالُوا (493) ثُمَّ نَقَمُوا
فَغَيَّرُوا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
44- و من كلام له لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية
|
|||||||||||||||
44 - ومن كلام له عليهالسلام لما هرب مصقلة بن هبيرة
الشيباني إلى معاوية وكان قد ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير
المؤمنين عليهالسلام وأعتقهم فلما طالبه بالمال خاس (494) به وهرب إلى الشام قَبَّحَ اللَّه (495) مَصْقَلَةَ - فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ وفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ -
فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَه حَتَّى أَسْكَتَه - ولَا صَدَّقَ وَاصِفَه حَتَّى
بَكَّتَه (496) ولَوْ أَقَامَ
لأَخَذْنَا مَيْسُورَه (497) وانْتَظَرْنَا
بِمَالِه وُفُورَه (498). -----------------------------
|
|||||||||||||||
45- و من خطبة له و هو بعض خطبة طويلة خطبها يوم الفطر و فيها
يحمد الله و يذم الدنيا :
|
|||||||||||||||
حمد الله
|
|||||||||||||||
45 - ومن خطبة له عليهالسلام وهو بعض خطبة طويلة خطبها
يوم الفطر وفيها يحمد الله ويذم الدنيا حمد الله الْحَمْدُ لِلَّه غَيْرَ مَقْنُوطٍ(499) مِنْ رَحْمَتِه - ولَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِه - ولَا مَأْيُوسٍ مِنْ
مَغْفِرَتِه - ولَا مُسْتَنْكَفٍ (500) عَنْ عِبَادَتِه -
الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْه رَحْمَةٌ - ولَا تُفْقَدُ لَه نِعْمَةٌ. |
|||||||||||||||
ذم الدنيا
|
|||||||||||||||
ذم الدنيا والدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ (501) لَهَا الْفَنَاءُ - ولأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ (502) وهِيَ حُلْوَةٌ خَضْرَاءُ - وقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ - والْتَبَسَتْ
(503) بِقَلْبِ
النَّاظِرِ - فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ
الزَّادِ - ولَا تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ (504) ولَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ (505). -----------------------------
|
|||||||||||||||
46- و من كلام له عند عزمه على المسير إلى الشام
و هو دعاء دعا به ربه عند وضع رجله في الركاب :
|
|||||||||||||||
46 - ومن كلام له عليهالسلام عند عزمه على المسير إلى
الشام وهو دعاء دعا به ربه عند
وضع رجله في الركاب اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ
وَعْثَاءِ السَّفَرِ (506) وكَآبَةِ
الْمُنْقَلَبِ (507) وسُوءِ
الْمَنْظَرِ - فِي الأَهْلِ والْمَالِ والْوَلَدِ - اللَّهُمَّ أَنْتَ
الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ - وأَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ - ولَا
يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ - لأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ مُسْتَصْحَباً -
والْمُسْتَصْحَبُ لَا يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً. قال السيد الشريف رضياللهعنه
-
وابتداء هذا الكلام مروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
- وقد قفاه أمير المؤمنين عليهالسلام بأبلغ
كلام وتممه بأحسن تمام - من قوله ولا يجمعهما غيرك - إلى آخر الفصل. ----------------------------- (506) الوَعْثَاء:
المشقة وأصله المكان المتعب لكثرة رمله وغوص الأرجل فيه. (507)
المُنْقَلَب: مصدر بمعنى الرجوع. |
|||||||||||||||
47- و من كلام له في ذكر الكوفة :
|
|||||||||||||||
47 - ومن كلام له عليهالسلام في ذكر الكوفة كَأَنِّي بِكِ يَا كُوفَةُ تُمَدِّينَ
مَدَّ الأَدِيمِ (508) الْعُكَاظِيِّ (509) تُعْرَكِينَ بِالنَّوَازِلِ (510) وتُرْكَبِينَ بِالزَّلَازِلِ - وإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّه مَا أَرَادَ
بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً - إِلَّا ابْتَلَاه اللَّه بِشَاغِلٍ ورَمَاه بِقَاتِلٍ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
48- و من خطبة له عند المسير إلى الشام قيل إنه
خطب بها و هو بالنخيلة خارجا من الكوفة إلى صفين :
|
|||||||||||||||
48 - ومن خطبة له عليهالسلام عند المسير إلى الشام قيل إنه خطب بها وهو
بالنخيلة خارجا من الكوفة إلى صفين الْحَمْدُ لِلَّه كُلَّمَا وَقَبَ (511) لَيْلٌ وغَسَقَ (512) والْحَمْدُ لِلَّه
كُلَّمَا لَاحَ نَجْمٌ وخَفَقَ (513) والْحَمْدُ لِلَّه
غَيْرَ مَفْقُودِ الإِنْعَامِ ولَا مُكَافَإِ الإِفْضَالِ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ
مُقَدِّمَتِي (514) وأَمَرْتُهُمْ
بِلُزُومِ هَذَا الْمِلْطَاطِ (515) حَتَّى
يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي - وقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِه النُّطْفَةَ إِلَى
شِرْذِمَةٍ (516) مِنْكُمْ -
مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ (517) دِجْلَةَ -
فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ - وأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ (518) الْقُوَّةِ لَكُمْ. قال السيد الشريف أقول
يعني عليهالسلام بالملطاط هاهنا السمت الذي
أمرهم بلزومه وهو شاطئ الفرات ويقال ذلك أيضا لشاطئ البحر وأصله ما استوى من
الأرض ويعني بالنطفة ماء الفرات وهو من غريب العبارات وعجيبها. -----------------------------
|
|||||||||||||||
49- و من كلام له و فيه جملة من صفات الربوبية و العلم الإلهي
:
|
|||||||||||||||
49 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه جملة من صفات الربوبية
والعلم الإلهي الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي بَطَنَ (519) خَفِيَّاتِ الأَمُوُرِ - ودَلَّتْ عَلَيْه أَعْلَامُ (520) الظُّهُورِ - وامْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ - فَلَا عَيْنُ مَنْ
لَمْ يَرَه تُنْكِرُه - ولَا قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَه يُبْصِرُه - سَبَقَ فِي
الْعُلُوِّ فَلَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْه - وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلَا شَيْءَ
أَقْرَبُ مِنْه - فَلَا اسْتِعْلَاؤُه بَاعَدَه عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِه - ولَا
قُرْبُه سَاوَاهُمْ فِي الْمَكَانِ بِه - لَمْ يُطْلِعِ الْعُقُولَ عَلَى
تَحْدِيدِ صِفَتِه - ولَمْ يَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِه - فَهُوَ
الَّذِي تَشْهَدُ لَه أَعْلَامُ الْوُجُودِ - عَلَى إِقْرَارِ قَلْبِ ذِي
الْجُحُودِ - تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُه الْمُشَبِّهُونَ بِه -
والْجَاحِدُونَ لَه عُلُوّاً كَبِيراً! ----------------------------- (519) بَطَنَ الخفيّات:
علمها من باطنها. (520)
الأعْلام: جمع علم - بالتحريك - وهو المنار يهتدي به ثم عمّ في كل
ما دل على شيء وأعلام الظهور: الأدلة الظاهرة. |
|||||||||||||||
50- و من كلام له و فيه بيان لما يخرب العالم به من الفتن و
بيان هذه الفتن :
|
|||||||||||||||
50 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه بيان لما يخرب العالم
به من الفتن وبيان هذه الفتن إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ
أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ - يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّه -
ويَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَى غَيْرِ دِينِ اللَّه - فَلَوْ
أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ - لَمْ يَخْفَ عَلَى
الْمُرْتَادِينَ (521) ولَوْ أَنَّ
الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ - انْقَطَعَتْ عَنْه أَلْسُنُ
الْمُعَانِدِينَ - ولَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ ومِنْ هَذَا ضِغْثٌ (522) فَيُمْزَجَانِ - فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى
أَوْلِيَائِه - ويَنْجُو (الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ) مِنَ اللَّه (الْحُسْنى). ----------------------------- (521) المُرْتاديِن:
الطالبين للحقيقة. (522)
الضِغْث: - بالكسر - قبضة من حشيش مختلط فيها الرطب باليابس. |
|||||||||||||||
51- و من خطبة له لما غلب أصحاب معاوية أصحابه على شريعة
الفرات بصفين و منعوهم الماء :
|
|||||||||||||||
51 - ومن خطبة له عليهالسلام لما غلب أصحاب معاوية
أصحابه عليهالسلام - على شريعة (523) الفرات بصفين ومنعوهم الماء قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ (524) فَأَقِرُّوا عَلَى مَذَلَّةٍ وتَأْخِيرِ مَحَلَّةٍ - أَوْ رَوُّوا
السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ - فَالْمَوْتُ فِي
حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ - والْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ - أَلَا
وإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً (525) مِنَ الْغُوَاةِ -
وعَمَّسَ (526) عَلَيْهِمُ
الْخَبَرَ - حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ (527) الْمَنِيَّةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
52- و من خطبة له و هي في التزهيد في الدنيا و ثواب الله
للزاهد و نعم الله على الخالق :
|
|||||||||||||||
التزهيد في الدنيا
|
|||||||||||||||
52 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي في التزهيد في الدنيا
وثواب الله للزاهد ونعم الله على الخالق التزهيد في الدنيا أَلَا وإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ
وآذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ - وتَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا (528) وأَدْبَرَتْ حَذَّاءَ (529) فَهِيَ تَحْفِزُ (530) بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا - وتَحْدُو (531) بِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا - وقَدْ أَمَرَّ (532) فِيهَا مَا كَانَ حُلْواً (533)وكَدِرَ مِنْهَا
مَا كَانَ صَفْواً - فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ
الإِدَاوَةِ (534) أَوْ جُرْعَةٌ
كَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ (535) لَوْ تَمَزَّزَهَا
الصَّدْيَانُ (536) لَمْ يَنْقَعْ (537) فَأَزْمِعُوا (538) عِبَادَ اللَّه -
الرَّحِيلَ عَنْ هَذِه الدَّارِ الْمَقْدُورِ (539) عَلَى أَهْلِهَا الزَّوَالُ - ولَا يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الأَمَلُ -
ولَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ فِيهَا الأَمَدُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
ثواب الزهاد
|
|||||||||||||||
ثواب الزهاد فَوَاللَّه لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ
الْوُلَّه الْعِجَالِ(540)ودَعَوْتُمْ
بِهَدِيلِ الْحَمَامِ (541) وجَأَرْتُمْ
جُؤَارَ (542) مُتَبَتِّلِي (543) الرُّهْبَانِ - وخَرَجْتُمْ إِلَى اللَّه مِنَ الأَمْوَالِ
والأَوْلَادِ - الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْه فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَه
- أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كُتُبُه - وحَفِظَتْهَا رُسُلُه لَكَانَ
قَلِيلًا فِيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِه - وأَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ
عِقَابِه. |
|||||||||||||||
نعم الله
|
|||||||||||||||
نعم الله وتَاللَّه لَوِ انْمَاثَتْ قُلُوبُكُمُ
انْمِيَاثاً (544) وسَالَتْ
عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْه أَوْ رَهْبَةٍ مِنْه دَماً - ثُمَّ
عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا - مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ مَا جَزَتْ
أَعْمَالُكُمْ عَنْكُمْ - ولَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ -
أَنْعُمَه عَلَيْكُمُ الْعِظَامَ - وهُدَاه إِيَّاكُمْ لِلإِيمَانِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
53- و من خطبة له في ذكرى يوم النحر و صفة الأضحية:
|
|||||||||||||||
53 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذكرى يوم النحر وصفة
الأضحية ومِنْ تَمَامِ الأُضْحِيَّةِ (545) اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا (546) وسَلَامَةُ
عَيْنِهَا - فَإِذَا سَلِمَتِ الأُذُنُ والْعَيْنُ سَلِمَتِ الأُضْحِيَّةُ
وتَمَّتْ - ولَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ (547) تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى الْمَنْسَكِ (548). قال السيد الشريف والمنسك
هاهنا المذبح. -----------------------------
|
|||||||||||||||
54- و من خطبة له و فيها يصف أصحابه بصفين حين
طال منعهم له من قتال أهل الشام :
|
|||||||||||||||
54 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يصف أصحابه بصفين حين
طال منعهم له من قتال أهل الشام فَتَدَاكُّوا (549) عَلَيَّ تَدَاكَّ الإِبِلِ الْهِيمِ (550) يَوْمَ وِرْدِهَا (551) وقَدْ أَرْسَلَهَا
رَاعِيهَا وخُلِعَتْ مَثَانِيهَا (552) حَتَّى ظَنَنْتُ
أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ لَدَيَّ - وقَدْ قَلَّبْتُ
هَذَا الأَمْرَ بَطْنَه وظَهْرَه حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ - فَمَا
وَجَدْتُنِي يَسَعُنِي إِلَّا قِتَالُهُمْ - أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِه
مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآله - فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ
أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ - ومَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ
عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الآخِرَةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
55- و من كلام له و قد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين
:
|
|||||||||||||||
55 - ومن كلام له عليهالسلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم
في القتال بصفين أَمَّا قَوْلُكُمْ أَكُلَّ ذَلِكَ
كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ - فَوَاللَّه مَا أُبَالِي - دَخَلْتُ إِلَى الْمَوْتِ
أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ - وأَمَّا قَوْلُكُمْ شَكَّاً فِي أَهْلِ
الشَّامِ - فَوَاللَّه مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً - إِلَّا وأَنَا أَطْمَعُ
أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي - وتَعْشُوَ (553) إِلَى ضَوْئِي - وذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى
ضَلَالِهَا - وإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ (554) بِآثَامِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
56- و من كلام له يصف أصحاب رسول الله و ذلك يوم صفين حين أمر
الناس بالصلح :
|
|||||||||||||||
56 - ومن كلام له عليهالسلام يصف أصحاب رسول الله وذلك
يوم صفين حين أمر الناس بالصلح ولَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- نَقْتُلُ آبَاءَنَا وأَبْنَاءَنَا وإِخْوَانَنَا وأَعْمَامَنَا - مَا
يَزِيدُنَا ذَلِكَ إِلَّا إِيمَاناً وتَسْلِيماً - ومُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ (555) وصَبْراً عَلَى مَضَضِ الأَلَمِ (556) وجِدّاً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ - ولَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا
والآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا - يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ (557) الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا (558) أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَه كَأْسَ الْمَنُونِ - فَمَرَّةً لَنَا مِنْ
عَدُوِّنَا ومَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا - فَلَمَّا رَأَى اللَّه صِدْقَنَا
أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ (559) وأَنْزَلَ
عَلَيْنَا النَّصْرَ - حَتَّى اسْتَقَرَّ الإِسْلَامُ مُلْقِياً جِرَانَه (560) ومُتَبَوِّئاً أَوْطَانَه - ولَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا
أَتَيْتُمْ - مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ ولَا اخْضَرَّ لِلإِيمَانِ عُودٌ -
وايْمُ اللَّه لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً (561) ولَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً! -----------------------------
|
|||||||||||||||
57- و من كلام له في صفة رجل مذموم ثم في فضله هو عليه السلام
.
|
|||||||||||||||
57 - ومن كلام له عليهالسلام في صفة رجل مذموم ثم في
فضله هو عليهالسلام أَمَّا إِنَّه سَيَظْهَرُ (562) عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ (563) مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ (564) يَأْكُلُ مَا
يَجِدُ ويَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ - فَاقْتُلُوه ولَنْ تَقْتُلُوه - أَلَا
وإِنَّه سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي والْبَرَاءَةِ مِنِّي - فَأَمَّا السَّبُّ
فَسُبُّونِي فَإِنَّه لِي زَكَاةٌ ولَكُمْ نَجَاةٌ - وأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا
تَتَبَرَّءُوا مِنِّي - فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وسَبَقْتُ إِلَى
الإِيمَانِ والْهِجْرَةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
58- و من كلام له كلم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة و تنادوا
أن لا حكم إلا لله :
|
|||||||||||||||
58 - ومن كلام له عليهالسلام كلم به الخوارج حين اعتزلوا
الحكومة وتنادوا أن لا حكم إلا لله أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ (565) ولَا بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ (566) أَبَعْدَ
إِيمَانِي بِاللَّه وجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ - لَالْكُفْرِ «قَدْ
ضَلَلْتُ إِذاً وما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» - فَأُوبُوا
شَرَّ مَآبٍ (567) وارْجِعُوا عَلَى
أَثَرِ الأَعْقَابِ (568) أَمَا إِنَّكُمْ
سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلًا وسَيْفاً قَاطِعاً - وأَثَرَةً
يَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ فِيكُمْ سُنَّةً. قال الشريف قوله
عليهالسلام ولا بقي منكم آبر يروى على ثلاثة
أوجه: أحدها أن يكون كما ذكرناه
آبر بالراء - من قولهم للذي يأبر النخل أي يصلحه -. ويروى آثر وهو الذي يأثر
الحديث ويرويه - أي يحكيه وهو أصح الوجوه عندي - كأنه عليهالسلام
قال لا بقي منكم مخبر -. ويروى آبز بالزاي المعجمة وهو الواثب - والهالك أيضا
يقال له آبز -----------------------------
|
|||||||||||||||
59- و قال
لما عزم على حرب الخوارج و قيل له إن القوم عبروا جسر النهروان :
|
|||||||||||||||
59 - وقال عليهالسلام لما عزم على حرب الخوارج -
وقيل له: إن القوم عبروا جسر
النهروان! مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ -
واللَّه لَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ ولَا يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ. قال الشريف يعني
بالنطفة ماء النهر - وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيرا جما - وقد أشرنا إلى
ذلك فيما تقدم عند مضي ما أشبهه. |
|||||||||||||||
60- و قال لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير
المؤمنين هلك القوم بأجمعهم :
|
|||||||||||||||
60 - وقال عليهالسلام لما قتل الخوارج فقيل له يا
أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم كَلَّا واللَّه إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي
أَصْلَابِ الرِّجَالِ وقَرَارَاتِ النِّسَاءِ(570) كُلَّمَا نَجَمَ (571) مِنْهُمْ قَرْنٌ
قُطِعَ - حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِينَ. ----------------------------- (570) قَرارات النساء:
كناية عن الأرحام (571)
«كُلَّما نَجَمَ منهم قَرْنٌ قُطِعَ»: كلما ظهر أو طلع منهم رئيس
قتل. |
|||||||||||||||
61- و قال
عليه السلام :
|
|||||||||||||||
61 - وقال عليهالسلام لَا تُقَاتِلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِي -
فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَه - كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ
فَأَدْرَكَه. قال الشريف - يعني
معاوية وأصحابه. |
|||||||||||||||
62- و من كلام له لما خوف من الغيلة :
|
|||||||||||||||
62 - ومن كلام له عليهالسلام لما خوف من الغيلة(572) وإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللَّه جُنَّةً (573) حَصِينَةً - فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وأَسْلَمَتْنِي
- فَحِينَئِذٍ لَا يَطِيشُ السَّهْمُ (574) ولَا يَبْرَأُ الْكَلْمُ (575). -----------------------------
|
|||||||||||||||
63- و من خطبة له يحذر من فتنة الدنيا :
|
|||||||||||||||
63 - ومن خطبة له عليهالسلام يحذر من فتنة الدنيا أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لَا
يُسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا فِيهَا - ولَا يُنْجَى بِشَيْءٍ كَانَ لَهَا -
ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً - فَمَا أَخَذُوه مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا
مِنْه وحُوسِبُوا عَلَيْه - ومَا أَخَذُوه مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْه
وأَقَامُوا فِيه - فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَيْءِ الظِّلِّ -
بَيْنَا تَرَاه سَابِغاً (576) حَتَّى قَلَصَ (577) وزَائِداً حَتَّى نَقَصَ. ----------------------------- (576) سابغاً:
ممتدا ساترا للأرض. (577)
قَلَصَ: انقبض. |
|||||||||||||||
64- و من خطبة له في المبادرة إلى صالح الأعمال :
|
|||||||||||||||
64 - ومن خطبة له عليهالسلام في المبادرة إلى صالح
الأعمال فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه
وبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ (578) وابْتَاعُوا (579) مَا يَبْقَى
لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ وتَرَحَّلُوا (580) فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ (581) واسْتَعِدُّوا
لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ (582) وكُونُوا قَوْماً
صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا - وعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ
بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً
ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى (583) ومَا بَيْنَ
أَحَدِكُمْ وبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ - إِلَّا الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ
بِه - وإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ وتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ -
لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ - وإِنَّ غَائِباً يَحْدُوه (584) الْجَدِيدَانِ - اللَّيْلُ والنَّهَارُ لَحَرِيٌّ (585) بِسُرْعَةِ الأَوْبَةِ (586) وإِنَّ قَادِماً
يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ - لَمُسْتَحِقٌّ لأَفْضَلِ الْعُدَّةِ -
فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا - مَا تَحْرُزُونَ بِه
أَنْفُسَكُمْ غَداً (587) فَاتَّقَى عَبْدٌ
رَبَّه نَصَحَ نَفْسَه وقَدَّمَ تَوْبَتَه وغَلَبَ شَهْوَتَه - فَإِنَّ أَجَلَه
مَسْتُورٌ عَنْه وأَمَلَه خَادِعٌ لَه - والشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِه يُزَيِّنُ
لَه الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا - ويُمَنِّيه التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا (588) إِذَا هَجَمَتْ مَنِيَّتُه عَلَيْه أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا -
فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُه عَلَيْه
حُجَّةً - وأَنْ تُؤَدِّيَه أَيَّامُه إِلَى الشِّقْوَةِ - نَسْأَلُ اللَّه
سُبْحَانَه - أَنْ يَجْعَلَنَا وإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُه نِعْمَةٌ (589) ولَا تُقَصِّرُ بِه عَنْ طَاعَةِ رَبِّه غَايَةٌ - ولَا تَحُلُّ بِه
بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ ولَا كَآبَةٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
65- و من خطبة له و فيها مباحث لطيفة من العلم
الإلهي:
|
|||||||||||||||
65 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها مباحث لطيفة من العلم
الإلهي الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ
لَه حَالٌ حَالًا - فَيَكُونَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً - ويَكُونَ
ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً - كُلُّ مُسَمًّى بِالْوَحْدَةِ غَيْرَه
قَلِيلٌ - وكُلُّ عَزِيزٍ غَيْرَه ذَلِيلٌ وكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرَه ضَعِيفٌ -
وكُلُّ مَالِكٍ غَيْرَه مَمْلُوكٌ وكُلُّ عَالِمٍ غَيْرَه مُتَعَلِّمٌ - وكُلُّ
قَادِرٍ غَيْرَه يَقْدِرُ ويَعْجَزُ - وكُلُّ سَمِيعٍ غَيْرَه يَصَمُّ (590) عَنْ لَطِيفِ الأَصْوَاتِ - ويُصِمُّه كَبِيرُهَا ويَذْهَبُ عَنْه مَا
بَعُدَ مِنْهَا - وكُلُّ بَصِيرٍ غَيْرَه يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الأَلْوَانِ
ولَطِيفِ الأَجْسَامِ - وكُلُّ ظَاهِرٍ غَيْرَه بَاطِنٌ وكُلُّ بَاطِنٍ غَيْرَه
غَيْرُ ظَاهِرٍ - لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَه لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ - ولَا
تَخَوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَانٍ - ولَا اسْتِعَانَةٍ عَلَى نِدٍّ (591) مُثَاوِرٍ(592) ولَا شَرِيكٍ
مُكَاثِرٍ (593) ولَا ضِدٍّ
مُنَافِرٍ (594) ولَكِنْ خَلَائِقُ
مَرْبُوبُونَ (595) وعِبَادٌ
دَاخِرُونَ(596) لَمْ يَحْلُلْ فِي
الأَشْيَاءِ فَيُقَالَ هُوَ كَائِنٌ - ولَمْ يَنْأَ (597) عَنْهَا فَيُقَالَ هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ (598) لَمْ يَؤُدْه (599) خَلْقُ مَا
ابْتَدَأَ - ولَا تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ (600) ولَا وَقَفَ بِه عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ - ولَا وَلَجَتْ (601) عَلَيْه شُبْهَةٌ فِيمَا قَضَى وقَدَّرَ - بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ
وعِلْمٌ مُحْكَمٌ - وأَمْرٌ مُبْرَمٌ (602) الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ - الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
66- و من كلام له في تعليم الحرب و المقاتلة و المشهور أنه
قاله لأصحابه ليلة الهرير أو أول اللقاء بصفين :
|
|||||||||||||||
66 - ومن كلام له عليهالسلام في تعليم الحرب والمقاتلة والمشهور أنه قاله لأصحابه
ليلة الهرير أو أول اللقاء بصفين مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَشْعِرُوا
الْخَشْيَةَ (603) وتَجَلْبَبُوا (604) السَّكِينَةَ وعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ (605) فَإِنَّه أَنْبَى (606) لِلسُّيُوفِ عَنِ
الْهَامِ (607) وأَكْمِلُوا
اللأْمَةَ (608) وقَلْقِلُوا (609) السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا (610) قَبْلَ سَلِّهَا - والْحَظُوا الْخَزْرَ (611) واطْعُنُوا الشَّزْرَ (612) ونَافِحُوا
بِالظُّبَى (613) وصِلُوا
السُّيُوفَ بِالْخُطَا (614) واعْلَمُوا
أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللَّه ومَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّه - فَعَاوِدُوا
الْكَرَّ واسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ (615) فَإِنَّه عَارٌ فِي الأَعْقَابِ (616) ونَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ - وطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً -
وامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً (617) وعَلَيْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الأَعْظَمِ والرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ (618) فَاضْرِبُوا ثَبَجَه (619) فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فِي كِسْرِه(620) وقَدْ قَدَّمَ
لِلْوَثْبَةِ يَداً وأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا - فَصَمْداً صَمْداً (621) حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ - «وأَنْتُمُ
الأَعْلَوْنَ والله مَعَكُمْ ولَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ» (622). -----------------------------
|
|||||||||||||||
67- و من كلام له قالوا لما انتهت إلى أمير المؤمنين أنباء
السقيفة بعد وفاة رسول الله قال ما قالت
الأنصار
|
|||||||||||||||
67 - ومن كلام له عليهالسلام قالوا لما انتهت إلى أمير
المؤمنين عليهالسلام أنباء السقيفة (623) بعد
وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال عليهالسلام: (623)
سقيفة بني ساعدة: اجتمع فيها الصحابة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لاختيار خليفة له.
ما قالت الأنصار قالوا قالت منا
أمير ومنكم أمير قال عليهالسلام: فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ -
بِأَنَّ رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله وَصَّى بِأَنْ
يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ - ويُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا ومَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ
عَلَيْهِمْ فَقَالَ عليهالسلام:
لَوْ كَانَ الإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ. ثُمَّ قَالَ عليهالسلام: فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ - قَالُوا
احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ صلىاللهعليهوآله -
فَقَالَ عليهالسلام احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وأَضَاعُوا
الثَّمَرَةَ. |
|||||||||||||||
68- و من كلام له لما قلد محمد بن أبي بكر مصر
فملكت عليه و قتل :
|
|||||||||||||||
68 - ومن كلام له عليهالسلام لما قلد محمد بن أبي بكر
مصر - فملكت عليه وقتل وقَدْ أَرَدْتُ تَوْلِيَةَ مِصْرَ هَاشِمَ
بْنَ عُتْبَةَ - ولَوْ وَلَّيْتُه إِيَّاهَا لَمَّا خَلَّى لَهُمُ الْعَرْصَةَ(624) ولَا أَنْهَزَهُمُ الْفُرْصَةَ بِلَا ذَمٍّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
بَكْرٍ - فَلَقَدْ كَانَ إِلَيَّ حَبِيباً وكَانَ لِي رَبِيباً. ----------------------------- (624) العَرْصَة: كل
بقعة واسعة بين الدّور. والمراد ما جعل لهم مجالا للمغالبة. وأراد بالعرصة عرصة
مصر وكان محمد قد فر من عدوّه ظنّا منه أنه ينجو بنفسه فأدركوه وقتلوه. |
|||||||||||||||
69- و من كلام له في توبيخ بعض أصحابه :
|
|||||||||||||||
69 - ومن كلام له عليهالسلام في توبيخ بعض أصحابه كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى
الْبِكَارُ الْعَمِدَةُ (625) والثِّيَابُ
الْمُتَدَاعِيَةُ (626)! كُلَّمَا حِيصَتْ (627) مِنْ جَانِبٍ تَهَتَّكَتْ (628) مِنْ آخَرَ -
كُلَّمَا أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ (629) مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ - أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ
بَابَه - وانْجَحَرَ (630) انْجِحَارَ
الضَّبَّةِ فِي جُحْرِهَا والضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا (631) الذَّلِيلُ واللَّه مَنْ نَصَرْتُمُوه - ومَنْ رُمِيَ بِكُمْ فَقَدْ
رُمِيَ بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ (632) إِنَّكُمْ واللَّه
لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ (633) قَلِيلٌ تَحْتَ
الرَّايَاتِ - وإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ ويُقِيمُ أَوَدَكُمْ (634) ولَكِنِّي لَا أَرَى إِصْلَاحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسِي - أَضْرَعَ
اللَّه خُدُودَكُمْ (635) وأَتْعَسَ جُدُودَكُمْ
(636) لَا تَعْرِفُونَ
الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ - ولَا تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ
كَإِبْطَالِكُمُ الْحَقَّ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
70- و قال
في سحرة اليوم الذي ضرب فيه :
|
|||||||||||||||
70 - وقال عليهالسلام في سحرة (637) اليوم
الذي ضرب فيه مَلَكَتْنِي عَيْنِي (638) وأَنَا جَالِسٌ - فَسَنَحَ (639) لِي رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه - مَا
ذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ واللَّدَدِ فَقَالَ ادْعُ عَلَيْهِمْ
- فَقُلْتُ أَبْدَلَنِي اللَّه بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ - وأَبْدَلَهُمْ بِي
شَرّاً لَهُمْ مِنِّي. قال الشريف - يعني
بالأود الاعوجاج وباللدد الخصام - وهذا من أفصح الكلام. ----------------------------- (638) مَلَكَتْني عَيْني:
غلبني النوم. (639)
سنح لي رسول الله: مرّ بي كما تسنح الظباء والطير. |
|||||||||||||||
71- و من خطبة له في ذم أهل العراق و فيها يوبخهم على ترك
القتال و النصر يكاد يتم ثم تكذيبهم له :
|
|||||||||||||||
71 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم أهل العراق وفيها يوبخهم على ترك
القتال والنصر يكاد يتم ثم تكذيبهم له أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ
فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ - حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ
أَمْلَصَتْ (640) ومَاتَ قَيِّمُهَا
(641) وطَالَ
تَأَيُّمُهَا (642) ووَرِثَهَا
أَبْعَدُهَا -. أَمَا واللَّه مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً - ولَكِنْ جِئْتُ
إِلَيْكُمْ سَوْقاً - ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ
قَاتَلَكُمُ اللَّه تَعَالَى - فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَعَلَى اللَّه فَأَنَا
أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِه - أَمْ عَلَى نَبِيِّه فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَه -
كَلَّا واللَّه لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا - ولَمْ تَكُونُوا مِنْ
أَهْلِهَا - وَيْلُ أُمِّه (643) كَيْلًا بِغَيْرِ
ثَمَنٍ لَوْ كَانَ لَه وِعَاءٌ - «ولَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَه بَعْدَ حِينٍ». -----------------------------
|
|||||||||||||||
72- و من خطبة له علَّم فيها الناس الصلاة على النبي و
فيها بيان صفات الله سبحانه و صفة النبي
و
|
|||||||||||||||
صفات الله
|
|||||||||||||||
72 - ومن خطبة له عليهالسلام علم فيها الناس الصلاة على
النبي صلىاللهعليهوآله وفيها بيان صفات الله
سبحانه وصفة النبي والدعاء له صفات الله اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ (644) ودَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ (645) وجَابِلَ
الْقُلُوبِ (646) عَلَى فِطْرَتِهَا
(647) شَقِيِّهَا
وسَعِيدِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفات النبي
|
|||||||||||||||
صفات النبي اجْعَلْ شَرَائِفَ (648) صَلَوَاتِكَ - ونَوَامِيَ (649) بَرَكَاتِكَ عَلَى
مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ - الْخَاتِمِ (650) لِمَا سَبَقَ والْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ (651) والْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ والدَّافِعِ جَيْشَاتِ الأَبَاطِيلِ(652) والدَّامِغِ صَوْلَاتِ الأَضَالِيلِ (653) كَمَا حُمِّلَ فَاضْطَلَعَ (654) قَائِماً
بِأَمْرِكَ مُسْتَوْفِزاً (655) فِي مَرْضَاتِكَ -
غَيْرَ نَاكِلٍ (656) عَنْ قُدُمٍ (657) ولَا وَاه (658) فِي عَزْمٍ - وَاعِياً
(659) لِوَحْيِكَ
حَافِظاً لِعَهْدِكَ - مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ
الْقَابِسِ (660) وأَضَاءَ
الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ (661) وهُدِيَتْ بِه
الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ (662) الْفِتَنِ
والآثَامِ - وأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعْلَامِ (663) ونَيِّرَاتِ الأَحْكَامِ - فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ وخَازِنُ
عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ (664) وشَهِيدُكَ (665) يَوْمَ الدِّينِ وبَعِيثُكَ (666) بِالْحَقِّ - ورَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الدعاء للنبي
|
|||||||||||||||
الدعاء للنبي اللَّهُمَّ افْسَحْ لَه مَفْسَحاً فِي
ظِلِّكَ (667) واجْزِه
مُضَاعَفَاتِ الْخَيْرِ (668) مِنْ فَضْلِكَ -
اللَّهُمَّ وأَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَه - وأَكْرِمْ لَدَيْكَ
مَنْزِلَتَه وأَتْمِمْ لَه نُورَه - واجْزِه مِنِ ابْتِعَاثِكَ لَه مَقْبُولَ
الشَّهَادَةِ - مَرْضِيَّ الْمَقَالَةِ ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ وخُطْبَةٍ فَصْلٍ -
اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا وبَيْنَه فِي بَرْدِ الْعَيْشِ وقَرَارِ
النِّعْمَةِ (669) ومُنَى
الشَّهَوَاتِ (670) وأَهْوَاءِ
اللَّذَّاتِ ورَخَاءِ الدَّعَةِ (671) ومُنْتَهَى
الطُّمَأْنِينَةِ وتُحَفِ الْكَرَامَةِ (672). -----------------------------
|
|||||||||||||||
73- و من كلام له قاله لمروان بن الحكم بالبصرة :
|
|||||||||||||||
73 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لمروان بن الحكم
بالبصرة قَالُوا: أُخِذَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ
أَسِيراً يَوْمَ الْجَمَلِ - فَاسْتَشْفَعَ (673) الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ عليهالسلام إِلَى أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام - فَكَلَّمَاه فِيه فَخَلَّى سَبِيلَه
فَقَالَا لَه - يُبَايِعُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عليهالسلام: أَولَمْ يُبَايِعْنِي بَعْدَ قَتْلِ
عُثْمَانَ - لَا حَاجَةَ لِي فِي بَيْعَتِه إِنَّهَا كَفٌّ يَهُودِيَّةٌ (674) لَوْ بَايَعَنِي بِكَفِّه لَغَدَرَ بِسَبَّتِه (675) أَمَا إِنَّ لَه إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَه - وهُوَ أَبُو
الأَكْبُشِ الأَرْبَعَةِ (676) وسَتَلْقَى
الأُمَّةُ مِنْه ومِنْ وَلَدِه يَوْماً أَحْمَرَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
74- و من خطبة له لما عزموا على بيعة عثمان :
|
|||||||||||||||
74 - ومن خطبة له عليهالسلام لما عزموا على بيعة عثمان لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ
النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي - ووَ اللَّه لأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ
الْمُسْلِمِينَ - ولَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً - الْتِمَاساً
لأَجْرِ ذَلِكَ وفَضْلِه - وزُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوه مِنْ زُخْرُفِه
وزِبْرِجِه (677). ----------------------------- (677) زُخْرُفُه وزِبْرِجه: أصل
الزخرف: الذهب وكذلك الزبرج - بكسرتين بينهما سكون - ثم أطلق على كل مموّه مزوّر
وأغلب ما يقال الزّبرج على الزينة ومن وشي أو جوهر. |
|||||||||||||||
75- و من كلام له لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم
عثمان :
|
|||||||||||||||
75 - ومن كلام له عليهالسلام لما بلغه اتهام بني أمية له
- بالمشاركة في دم عثمان أَولَمْ يَنْه بَنِي أُمَيَّةَ عِلْمُهَا
بِي عَنْ قَرْفِي (678) أَومَا وَزَعَ
الْجُهَّالَ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي - ولَمَا وَعَظَهُمُ اللَّه بِه أَبْلَغُ
مِنْ لِسَانِي - أَنَا حَجِيجُ الْمَارِقِينَ (679) وخَصِيمُ النَّاكِثِينَ الْمُرْتَابِينَ (680) وعَلَى كِتَابِ اللَّه تُعْرَضُ الأَمْثَالُ (681) وبِمَا فِي الصُّدُورِ تُجَازَى الْعِبَادُ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
76- و من خطبة له في الحث على العمل الصالح :
|
|||||||||||||||
76 - ومن خطبة له عليهالسلام في الحث على العمل الصالح رَحِمَ اللَّه امْرَأً سَمِعَ حُكْماً (682) فَوَعَى(683) ودُعِيَ إِلَى
رَشَادٍ فَدَنَا (684) وأَخَذَ
بِحُجْزَةِ (685) هَادٍ فَنَجَا -
رَاقَبَ رَبَّه وخَافَ ذَنْبَه قَدَّمَ خَالِصاً وعَمِلَ صَالِحاً - اكْتَسَبَ
مَذْخُوراً (686) واجْتَنَبَ
مَحْذُوراً - ورَمَى غَرَضاً وأَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاه (687) وكَذَّبَ مُنَاه - جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِه والتَّقْوَى
عُدَّةَ وَفَاتِه - رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ (688) ولَزِمَ الْمَحَجَّةَ (689) الْبَيْضَاءَ -
اغْتَنَمَ الْمَهَلَ (690) وبَادَرَ الأَجَلَ
وتَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
77- و من كلام له و ذلك حين منعه سعيد بن العاص حقه :
|
|||||||||||||||
77 - ومن كلام له عليهالسلام وذلك حين منعه سعيد بن
العاص حقه إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونَنِي
تُرَاثَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله تَفْوِيقاً -
واللَّه لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ - لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ اللَّحَّامِ
الْوِذَامَ التَّرِبَةَ! قال
الشريف - ويروى التراب الوذمة وهو على القلب (691). (691)
هو على القلب: المراد من هذه الرواية مقلوبها وعكسها. قال الشريف وقوله عليهالسلام
ليفوقونني
- أي يعطونني من المال قليلا كفواق الناقة - وهو الحلبة الواحدة من لبنها -.
والوذام جمع وذمة - وهي الحزة من الكرش
أو الكبد تقع في التراب فتنفض. (692)
الحُزّة: - بالضم - القطعة وفسر صاحب القاموس «الوذمة» بمجموع المعى
والكرش. |
|||||||||||||||
78- من كلمات كان يدعو بها :
|
|||||||||||||||
78 - من كلمات كان عليهالسلام من كلمات كان عليهالسلام
يدعو بها اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ
أَعْلَمُ بِه مِنِّي - فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ -
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ (693) مِنْ نَفْسِي ولَمْ تَجِدْ لَه وَفَاءً عِنْدِي - اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِه إِلَيْكَ بِلِسَانِي - ثُمَّ خَالَفَه قَلْبِي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الأَلْحَاظِ (694) وسَقَطَاتِ الأَلْفَاظِ (695) وشَهَوَاتِ
الْجَنَانِ(696) وهَفَوَاتِ
اللِّسَانِ(697). -----------------------------
|
|||||||||||||||
79- و من كلام له قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى
الخوارج
|
|||||||||||||||
79 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لبعض أصحابه - لما عزم
على المسير إلى الخوارج وقد قال له: إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت خشيت
ألا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم فقال عليهالسلام: أَتَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى
السَّاعَةِ - الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنْه السُّوءُ - وتُخَوِّفُ
مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا حَاقَ بِه الضُّرُّ (698) فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ - واسْتَغْنَى
عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّه - فِي نَيْلِ الْمَحْبُوبِ ودَفْعِ الْمَكْرُوه -
وتَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ - أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ
دُونَ رَبِّه - لأَنَّكَ بِزَعْمِكَ أَنْتَ هَدَيْتَه إِلَى السَّاعَةِ -
الَّتِي نَالَ فِيهَا النَّفْعَ وأَمِنَ الضُّرَّ. ----------------------------- (698) حاقَ به الضرّ:
أحاط به.
ثم أقبل عليهالسلام
على الناس فقال: أَيُّهَا النَّاسُ - إِيَّاكُمْ
وتَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا يُهْتَدَى بِه فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ -
فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ - والْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ
والْكَاهِنُ(699) كَالسَّاحِرِ
والسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ - والْكَافِرُ فِي النَّارِ سِيرُوا عَلَى اسْمِ
اللَّه. ----------------------------- (699) الكاهن: من
يدّعي كشف الغيب. |
|||||||||||||||
80- و من خطبة له بعد فراغه من حرب الجمل في ذم النساء ببيان نقصهن
:
|
|||||||||||||||
80 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد فراغه من حرب الجمل في
ذم النساء ببيان نقصهن مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ
نَوَاقِصُ الإِيمَانِ - نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ - فَأَمَّا
نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ - فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ والصِّيَامِ فِي
أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ - وأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ - فَشَهَادَةُ
امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ - وأَمَّا نُقْصَانُ
حُظُوظِهِنَّ - فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ
- فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وكُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ -
ولَا تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ. |
|||||||||||||||
81- و من كلام له في الزهد :
|
|||||||||||||||
81 و - من كلام له عليهالسلام في الزهد أَيُّهَا النَّاسُ الزَّهَادَةُ قِصَرُ
الأَمَلِ - والشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ والتَّوَرُّعُ(700) عِنْدَ الْمَحَارِمِ - فَإِنْ عَزَبَ (701) ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلَا يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَكُمْ - ولَا
تَنْسَوْا عِنْدَ النِّعَمِ شُكْرَكُمْ - فَقَدْ أَعْذَرَ (702) اللَّه إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ (703) ظَاهِرَةٍ - وكُتُبٍ بَارِزَةِ الْعُذْرِ (704) وَاضِحَةٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
82- و من كلام له في ذم صفة الدنيا :
|
|||||||||||||||
82 - ومن كلام له عليهالسلام في ذم صفة الدنيا مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ(705) وآخِرُهَا فَنَاءٌ - فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ -
مَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ - ومَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ ومَنْ سَاعَاهَا
(706) فَاتَتْه - ومَنْ
قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْه (707)ومَنْ أَبْصَرَ
بِهَا بَصَّرَتْه - ومَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْه. قال الشريف -
أقول وإذا تأمل المتأمل قوله عليهالسلام ومن أبصر بها بصرته - وجد تحته من
المعنى العجيب والغرض البعيد - ما لا تبلغ غايته ولا يدرك غوره - لا سيما إذا
قرن إليه قوله ومن أبصر إليها أعمته - فإنه يجد الفرق بين أبصر بها - وأبصر
إليها واضحا نيرا وعجيبا باهرا! ----------------------------- (705) العناء:
التعب. (706)
ساعاها: جاراها سعيا. (707)
واتَتْه: طاوعته. |
|||||||||||||||
83- و من خطبة له و هي الخطبة العجيبة تسمى "الغراء"
و فيها نعوت اللّه جل شأنه ثم
|
|||||||||||||||
صفته جل شأنه
|
|||||||||||||||
83 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي الخطبة العجيبة تسمى
«الغراء» وفيها نعوت اللَّه جل شأنه
ثم الوصية بتقواه ثم التنفير من الدنيا ثم ما يلحق من دخول القيامة ثم تنبيه الخلق إلى
ما هم فيه من الأعراض ثم فضله عليهالسلام في
التذكير صفته جل شأنه الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي عَلَا بِحَوْلِه
(708) ودَنَا بِطَوْلِه (709) مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وفَضْلٍ وكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وأَزْلٍ (710) أَحْمَدُه عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِه وسَوَابِغِ نِعَمِه (711) وأُومِنُ بِه أَوَّلًا بَادِياً (712) وأَسْتَهْدِيه قَرِيباً هَادِياً - وأَسْتَعِينُه قَاهِراً قَادِراً
وأَتَوَكَّلُ عَلَيْه كَافِياً نَاصِراً - وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
عَبْدُه ورَسُولُه - أَرْسَلَه لإِنْفَاذِ أَمْرِه وإِنْهَاءِ عُذْرِه (713) وتَقْدِيمِ نُذُرِه (714). -----------------------------
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه الَّذِي ضَرَبَ الأَمْثَالَ (715) ووَقَّتَ لَكُمُ
الآجَالَ (716) وأَلْبَسَكُمُ
الرِّيَاشَ (717) وأَرْفَغَ لَكُمُ
الْمَعَاشَ (718) وأَحَاطَ بِكُمُ
الإِحْصَاءَ (719) وأَرْصَدَ لَكُمُ
الْجَزَاءَ (720) وآثَرَكُمْ
بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ والرِّفَدِ (721) الرَّوَافِغِ (722) وأَنْذَرَكُمْ
بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ (723) فَأَحْصَاكُمْ
عَدَداً - ووَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً (724) فِي قَرَارِ
خِبْرَةٍ (725) ودَارِ
عِبْرَةٍ - أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا ومُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التنفير من الدنيا
|
|||||||||||||||
التنفير من الدنيا فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ (726) مَشْرَبُهَا رَدِغٌ (727) مَشْرَعُهَا -
يُونِقُ (728) مَنْظَرُهَا
ويُوبِقُ (729) مَخْبَرُهَا -
غُرُورٌ حَائِلٌ (730) وضَوْءٌ آفِلٌ (731) وظِلٌّ زَائِلٌ وسِنَادٌ مَائِلٌ (732) حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا واطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا(733) قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا (734) وقَنَصَتْ
بِأَحْبُلِهَا (735) وأَقْصَدَتْ (736) بِأَسْهُمِهَا وأَعْلَقَتِ (737) الْمَرْءَ
أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ (738) قَائِدَةً لَه
إِلَى ضَنْكِ الْمَضْجَعِ (739) ووَحْشَةِ
الْمَرْجِعِ - ومُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ (740) وثَوَابِ الْعَمَلِ (741). وكَذَلِكَ
الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ (742) لَا تُقْلِعُ
الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً (743) ولَا يَرْعَوِي
الْبَاقُونَ (744) اجْتِرَاماً (745) يَحْتَذُونَ مِثَالًا (746) ويَمْضُونَ
أَرْسَالًا (747) إِلَى غَايَةِ
الِانْتِهَاءِ وصَيُّورِ الْفَنَاءِ (748). -----------------------------
|
|||||||||||||||
بعد الموت البعث
|
|||||||||||||||
بعد الموت البعث حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الأُمُورُ -
وتَقَضَّتِ الدُّهُورُ وأَزِفَ النُّشُورُ (749) أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ (750) الْقُبُورِ وأَوْكَارِ الطُّيُورِ - وأَوْجِرَةِ (751) السِّبَاعِ ومَطَارِحِ الْمَهَالِكِ سِرَاعاً إِلَى أَمْرِه -
مُهْطِعِينَ (752) إِلَى مَعَادِه
رَعِيلًا صُمُوتاً (753) قِيَاماً صُفُوفاً
- يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ (754) ويُسْمِعُهُمُ
الدَّاعِي - عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الِاسْتِكَانَةِ (755) وضَرَعُ (756) الِاسْتِسْلَامِ
والذِّلَّةِ - قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ وانْقَطَعَ الأَمَلُ وهَوَتِ الأَفْئِدَةُ
(757) كَاظِمَةً (758) وخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً (759) وأَلْجَمَ الْعَرَقُ (760) وعَظُمَ الشَّفَقُ
(761) وأُرْعِدَتِ (762) الأَسْمَاعُ - لِزَبْرَةِ الدَّاعِي (763) إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ (764) ومُقَايَضَةِ (765) الْجَزَاءِ - ونَكَالِ (766) الْعِقَابِ
ونَوَالِ الثَّوَابِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
تنبيه الخلق
|
|||||||||||||||
تنبيه الخلق عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً
ومَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً (767) ومَقْبُوضُونَ
احْتِضَاراً (768) ومُضَمَّنُونَ
أَجْدَاثاً (769) وكَائِنُونَ
رُفَاتاً (770) ومَبْعُوثُونَ
أَفْرَاداً ومَدِينُونَ جَزَاءً (771) ومُمَيَّزُونَ
حِسَاباً (772) قَدْ أُمْهِلُوا
فِي طَلَبِ الْمَخْرَجِ وهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ (773) وعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ (774) وكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ(775)وخُلُّوا لِمِضْمَارِ الْجِيَادِ (776) ورَوِيَّةِ الِارْتِيَادِ(777)وأَنَاةِ
الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ (778) فِي مُدَّةِ
الأَجَلِ ومُضْطَرَبِ الْمَهَلِ (779). -----------------------------
|
|||||||||||||||
فضل التذكير
|
|||||||||||||||
فضل التذكير فَيَا لَهَا أَمْثَالًا صَائِبَةً (780) ومَوَاعِظَ شَافِيَةً - لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً وأَسْمَاعاً
وَاعِيَةً - وآرَاءً عَازِمَةً وأَلْبَاباً حَازِمَةً - فَاتَّقُوا اللَّه
تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ واقْتَرَفَ (781) فَاعْتَرَفَ - ووَجِلَ (782) فَعَمِلَ وحَاذَرَ
فَبَادَرَ (783) وأَيْقَنَ
فَأَحْسَنَ وعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ(784)وحُذِّرَ فَحَذِرَ
وزُجِرَ فَازْدَجَرَ (785) وأَجَابَ
فَأَنَابَ (786) ورَاجَعَ فَتَابَ
واقْتَدَى فَاحْتَذَى (787) وأُرِيَ فَرَأَى
فَأَسْرَعَ طَالِباً ونَجَا هَارِباً - فَأَفَادَ ذَخِيرَةً (788) وأَطَابَ سَرِيرَةً وعَمَّرَ مَعَاداً - واسْتَظْهَرَ زَاداً (789) لِيَوْمِ رَحِيلِه ووَجْه سَبِيلِه (790) وحَالِ حَاجَتِه - ومَوْطِنِ فَاقَتِه وقَدَّمَ أَمَامَه لِدَارِ
مُقَامِه - فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَه -
واحْذَرُوا مِنْه كُنْه مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِه - واسْتَحِقُّوا مِنْه مَا
أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ (791) لِصِدْقِ
مِيعَادِه - والْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التذكير بضروب النعم
|
|||||||||||||||
التذكير بضروب النعم ومنها: جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِيَ
مَا عَنَاهَا (792) وأَبْصَاراً
لِتَجْلُوَ (793) عَنْ عَشَاهَا (794) وأَشْلَاءً (795) جَامِعَةً
لأَعْضَائِهَا - مُلَائِمَةً لأَحْنَائِهَا (796) فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا ومُدَدِ عُمُرِهَا - بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ
بِأَرْفَاقِهَا (797) وقُلُوبٍ
رَائِدَةٍ (798) لأَرْزَاقِهَا -
فِي مُجَلِّلَاتِ (799) نِعَمِه
ومُوجِبَاتِ مِنَنِه وحَوَاجِزِ (800) عَافِيَتِه -
وقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ - وخَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ
آثَارِ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ - مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلَاقِهِمْ (801) ومُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ (802) أَرْهَقَتْهُمُ
الْمَنَايَا (803) دُونَ الآمَالِ
وشَذَّبَهُمْ عَنْهَا (804) تَخَرُّمُ (805) الآجَالِ - لَمْ يَمْهَدُوا (806) فِي سَلَامَةِ الأَبْدَانِ - ولَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ (807) الأَوَانِ فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ (808) الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِيَ الْهَرَمِ - وأَهْلُ غَضَارَةِ (809) الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ - وأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ
إِلَّا آوِنَةَ الْفَنَاءِ مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ (810) وأُزُوفِ (811) الِانْتِقَالِ
وعَلَزِ (812) الْقَلَقِ وأَلَمِ
الْمَضَضِ (813) وغُصَصِ الْجَرَضِ
(814) وتَلَفُّتِ
الِاسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ والأَقْرِبَاءِ - والأَعِزَّةِ
والْقُرَنَاءِ فَهَلْ دَفَعَتِ الأَقَارِبُ - أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ (815) وقَدْ غُودِرَ (816) فِي مَحَلَّةِ
الأَمْوَاتِ رَهِيناً (817) وفِي ضِيقِ
الْمَضْجَعِ وَحِيداً قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ (818) جِلْدَتَه - وأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ (819) جِدَّتَه وعَفَتِ (820) الْعَوَاصِفُ
آثَارَه - ومَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَه (821) وصَارَتِ الأَجْسَادُ شَحِبَةً (822) بَعْدَ بَضَّتِهَا (823) والْعِظَامُ
نَخِرَةً (824) بَعْدَ قُوَّتِهَا
- والأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا (825) مُوقِنَةً بِغَيْبِ أَنْبَائِهَا لَا تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ
عَمَلِهَا - ولَا تُسْتَعْتَبُ (826) مِنْ سَيِّئِ
زَلَلِهَا (827) أَولَسْتُمْ
أَبْنَاءَ الْقَوْمِ والآبَاءَ وإِخْوَانَهُمْ والأَقْرِبَاءَ - تَحْتَذُونَ
أَمْثِلَتَهُمْ وتَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ (828) وتَطَئُونَ جَادَّتَهُمْ (829) فَالْقُلُوبُ
قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا لَاهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا - سَالِكَةٌ فِي غَيْرِ
مِضْمَارِهَا كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا (830) وكَأَنَّ الرُّشْدَ فِي إِحْرَازِ دُنْيَاهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التحذير من هول الصراط
|
|||||||||||||||
التحذير من هول الصراط واعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ (831) عَلَى الصِّرَاطِ ومَزَالِقِ دَحْضِه (832) وأَهَاوِيلِ زَلَلِه وتَارَاتِ أَهْوَالِه (833) فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه - تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ
التَّفَكُّرُ قَلْبَه - وأَنْصَبَ (834) الْخَوْفُ بَدَنَه
وأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ(835) نَوْمِه -
وأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ (836) يَوْمِه وظَلَفَ (837) الزُّهْدُ شَهَوَاتِه - وأَوْجَفَ (838) الذِّكْرُ بِلِسَانِه وقَدَّمَ الْخَوْفَ لأَمَانِه - وتَنَكَّبَ (839) الْمَخَالِجَ (840) عَنْ وَضَحِ (841) السَّبِيلِ - وسَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ (842) إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ - ولَمْ تَفْتِلْه (843) فَاتِلَاتُ الْغُرُورِ - ولَمْ تَعْمَ (844) عَلَيْه مُشْتَبِهَاتُ الأُمُورِ - ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَى
ورَاحَةِ النُّعْمَى (845) فِي أَنْعَمِ
نَوْمِه وآمَنِ يَوْمِه - وقَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ (846) حَمِيداً وقَدَّمَ زَادَ الآجِلَةِ سَعِيداً - وبَادَرَ مِنْ وَجَلٍ (847) وأَكْمَشَ (848) فِي مَهَلٍ
ورَغِبَ فِي طَلَبٍ - وذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ ورَاقَبَ فِي يَوْمِه غَدَه - ونَظَرَ
قُدُماً أَمَامَه (849) فَكَفَى
بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً ونَوَالًا وكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً ووَبَالًا - وكَفَى
بِاللَّه مُنْتَقِماً ونَصِيراً - وكَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وخَصِيماً (850)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه الَّذِي
أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ واحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ - وحَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ
فِي الصُّدُورِ خَفِيّاً - ونَفَثَ فِي الآذَانِ نَجِيّاً (851) فَأَضَلَّ وأَرْدَى ووَعَدَ فَمَنَّى (852) وزَيَّنَ سَيِّئَاتِ الْجَرَائِمِ وهَوَّنَ مُوبِقَاتِ الْعَظَائِمِ -
حَتَّى إِذَا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَه (853) واسْتَغْلَقَ رَهِينَتَه (854) أَنْكَرَ مَا
زَيَّنَ (855) واسْتَعْظَمَ مَا
هَوَّنَ وحَذَّرَ مَا أَمَّنَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة خلق الإنسان
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة خلق الإنسان أَمْ هَذَا الَّذِي أَنْشَأَه فِي
ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ وشُغُفِ الأَسْتَارِ (856) نُطْفَةً دِهَاقاً (857) وعَلَقَةً
مِحَاقاً (858) وجَنِيناً (859) ورَاضِعاً ووَلِيداً ويَافِعاً (860) ثُمَّ مَنَحَه قَلْباً حَافِظاً ولِسَاناً لَافِظاً وبَصَراً لَاحِظاً
- لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً ويُقَصِّرَ مُزْدَجِراً - حَتَّى إِذَا قَامَ
اعْتِدَالُه واسْتَوَى مِثَالُه (861) نَفَرَ
مُسْتَكْبِراً وخَبَطَ سَادِراً (862) مَاتِحاً فِي
غَرْبِ هَوَاه (863) كَادِحاً (864) سَعْياً لِدُنْيَاه فِي لَذَّاتِ طَرَبِه وبَدَوَاتِ (865) أَرَبِه - ثُمَّ لَا يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً (866) ولَا يَخْشَعُ تَقِيَّةً (867) فَمَاتَ فِي
فِتْنَتِه غَرِيراً (868) وعَاشَ فِي
هَفْوَتِه يَسِيراً (869) لَمْ يُفِدْ (870) عِوَضاً ولَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً - دَهِمَتْه (871) فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِه (872) وسَنَنِ (873) مِرَاحِه -
فَظَلَّ سَادِراً (874) وبَاتَ سَاهِراً
فِي غَمَرَاتِ الآلَامِ - وطَوَارِقِ الأَوْجَاعِ والأَسْقَامِ بَيْنَ أَخٍ
شَقِيقٍ ووَالِدٍ شَفِيقٍ - ودَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً ولَادِمَةٍ (875) لِلصَّدْرِ قَلَقاً - والْمَرْءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ وغَمْرَةٍ (876) كَارِثَةٍ - وأَنَّةٍ (877) مُوجِعَةٍ
وجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ (878) وسَوْقَةٍ (879) مُتْعِبَةٍ - ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِه مُبْلِساً (880) وجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً (881) ثُمَّ أُلْقِيَ
عَلَى الأَعْوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ (882) ونِضْوَ (883) سَقَمٍ - تَحْمِلُه حَفَدَةُ (884) الْوِلْدَانِ وحَشَدَةُ (885) الإِخْوَانِ إِلَى
دَارِ غُرْبَتِه - ومُنْقَطَعِ زَوْرَتِه (886) ومُفْرَدِ وَحْشَتِه - حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ ورَجَعَ
الْمُتَفَجِّعُ - أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِه نَجِيّاً لِبَهْتَةِ (887) السُّؤَالِ وعَثْرَةِ (888) الِامْتِحَانِ -
وأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُولُ الْحَمِيمِ (889) وتَصْلِيَةُ الْجَحِيمِ (890) وفَوْرَاتُ
السَّعِيرِ - وسَوْرَاتُ الزَّفِيرِ (891) لَا فَتْرَةٌ (892) مُرِيحَةٌ - ولَا دَعَةٌ (893) مُزِيحَةٌ ولَا
قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ ولَا مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ (894) ولَا سِنَةٌ (895) مُسَلِّيَةٌ -
بَيْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ(896) وعَذَابِ
السَّاعَاتِ - إِنَّا بِاللَّه عَائِذُونَ! عِبَادَ اللَّه أَيْنَ الَّذِينَ
عُمِّرُوا فَنَعِمُوا (897) وعُلِّمُوا
فَفَهِمُوا - وأُنْظِرُوا فَلَهَوْا وسُلِّمُوا فَنَسُوا - أُمْهِلُوا طَوِيلًا
ومُنِحُوا جَمِيلًا - وحُذِّرُوا أَلِيماً ووُعِدُوا جَسِيماً - احْذَرُوا
الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ (898) والْعُيُوبَ
الْمُسْخِطَةَ. أُولِي الأَبْصَارِ والأَسْمَاعِ
والْعَافِيَةِ والْمَتَاعِ - هَلْ مِنْ مَنَاصٍ (899) أَوْ خَلَاصٍ - أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ (900) أَمْ لَا - «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» (901) أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ أَمْ بِمَا ذَا تَغْتَرُّونَ - وإِنَّمَا
حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الأَرْضِ ذَاتِ الطُّوْلِ والْعَرْضِ - قِيدُ قَدِّه (902) مُتَعَفِّراً (903) عَلَى خَدِّه -
الآنَ عِبَادَ اللَّه والْخِنَاقُ (904) مُهْمَلٌ
والرُّوحُ مُرْسَلٌ - فِي فَيْنَةِ (905) الإِرْشَادِ
ورَاحَةِ الأَجْسَادِ وبَاحَةِ الِاحْتِشَادِ (906) ومَهَلِ الْبَقِيَّةِ وأُنُفِ الْمَشِيَّةِ (907) وإِنْظَارِ التَّوْبَةِ - وانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ (908) قَبْلَ الضَّنْكِ والْمَضِيقِ (909) والرَّوْعِ (910) والزُّهُوقِ (911) وقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ - وإِخْذَةِ الْعَزِيزِ
الْمُقْتَدِرِ. قال الشريف - وفي
الخبر أنه عليهالسلام لما خطب بهذه الخطبة - اقشعرت
لها الجلود وبكت العيون ورجفت القلوب - ومن الناس من يسمي هذه الخطبة الغراء.
|
|||||||||||||||
84- و من خطبة له في ذكر عمرو بن العاص :
|
|||||||||||||||
84 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذكر عمرو بن العاص عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ (913) يَزْعُمُ لأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً (914) وأَنِّي امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ (915) أُعَافِسُ وأُمَارِسُ (916) - لَقَدْ قَالَ
بَاطِلًا ونَطَقَ آثِماً - أَمَا وشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ إِنَّه لَيَقُولُ
فَيَكْذِبُ ويَعِدُ فَيُخْلِفُ (917) ويُسْأَلُ
فَيَبْخَلُ ويَسْأَلُ فَيُلْحِفُ ويَخُونُ الْعَهْدَ ويَقْطَعُ الإِلَّ (918) فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وآمِرٍ هُوَ - مَا
لَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا - فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرُ
[أَكْبَرَ] مَكِيدَتِه أَنْ يَمْنَحَ الْقَرْمَ سَبَّتَه (919) - أَمَا واللَّه إِنِّي لَيَمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ
- وإِنَّه لَيَمْنَعُه مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْيَانُ الآخِرَةِ - إِنَّه لَمْ
يُبَايِعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَه أَتِيَّةً (920) ويَرْضَخَ لَه عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً (921). -----------------------------
|
|||||||||||||||
85- و من خطبة له و فيها صفات ثمان من صفات الجلال:
|
|||||||||||||||
85 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها صفات ثمان من صفات
الجلال وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه
وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه - الأَوَّلُ لَا شَيْءَ قَبْلَه والآخِرُ لَا غَايَةَ
لَه - لَا تَقَعُ الأَوْهَامُ لَه عَلَى صِفَةٍ - ولَا تُعْقَدُ (922) الْقُلُوبُ مِنْه عَلَى كَيْفِيَّةٍ - ولَا تَنَالُه التَّجْزِئَةُ
والتَّبْعِيضُ - ولَا تُحِيطُ بِه الأَبْصَارُ والْقُلُوبُ. ومنها: فَاتَّعِظُوا
عِبَادَ اللَّه بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ - واعْتَبِرُوا بِالآيِ السَّوَاطِعِ (923) وازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ (924) وانْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ والْمَوَاعِظِ - فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ
مَخَالِبُ الْمَنِيَّةِ - وانْقَطَعَتْ مِنْكُمْ عَلَائِقُ الأُمْنِيَّةِ -
ودَهِمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الأُمُورِ (925) والسِّيَاقَةُ إِلَى (الْوِرْدُ
الْمَوْرُودُ) (926) - فَ (كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وشَهِيدٌ) - سَائِقٌ
يَسُوقُهَا إِلَى مَحْشَرِهَا وشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة الجنة
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الجنة دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلَاتٌ ومَنَازِلُ
مُتَفَاوِتَاتٌ - لَا يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا ولَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا - ولَا
يَهْرَمُ خَالِدُهَا ولَا يَبْأَسُ سَاكِنُهَا (927). ----------------------------- (927) بَئِس: -
كسمع - اشتدت حاجته. |
|||||||||||||||
86- و من خطبة له و فيها بيان صفات الحق جل جلاله ثم عظة الناس
بالتقوى و المشورة :
|
|||||||||||||||
86 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها بيان صفات الحق جل
جلاله ثم عظة الناس بالتقوى والمشورة قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ
وخَبَرَ الضَّمَائِرَ - لَه الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ والْغَلَبَةُ لِكُلِّ
شَيْءٍ - والْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي
أَيَّامِ مَهَلِه قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِه (928) وفِي فَرَاغِه قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِه - وفِي مُتَنَفَّسِه قَبْلَ أَنْ
يُؤْخَذَ بِكَظَمِه (929) ولْيُمَهِّدْ
لِنَفْسِه وقَدَمِه ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِه لِدَارِ إِقَامَتِه -
فَاللَّه اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه -
واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ
عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى - ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى
قَدْ سَمَّى آثَارَكُمْ (930) وعَلِمَ
أَعْمَالَكُمْ وكَتَبَ آجَالَكُمْ - وأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الْكِتَابَ (تِبْياناً
لِكُلِّ شَيْءٍ) - وعَمَّرَ فِيكُمْ نَبِيَّه (931) أَزْمَاناً حَتَّى أَكْمَلَ لَه ولَكُمْ - فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ
كِتَابِه دِينَه الَّذِي رَضِيَ لِنَفْسِه - وأَنْهَى إِلَيْكُمْ عَلَى لِسَانِه
مَحَابَّه (932) مِنَ الأَعْمَالِ
ومَكَارِهَه - ونَوَاهِيَه وأَوَامِرَه وأَلْقَى إِلَيْكُمُ الْمَعْذِرَةَ -
واتَّخَذَ عَلَيْكُمُ الْحُجَّةَ وقَدَّمَ (إِلَيْكُمْ
بِالْوَعِيدِ) - وأَنْذَرَكُمْ (بَيْنَ
يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) فَاسْتَدْرِكُوا
بَقِيَّةَ أَيَّامِكُمْ واصْبِرُوا لَهَا أَنْفُسَكُمْ (933) فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثِيرِ الأَيَّامِ الَّتِي تَكُونُ مِنْكُمْ
فِيهَا الْغَفْلَةُ - والتَّشَاغُلُ عَنِ الْمَوْعِظَةِ ولَا تُرَخِّصُوا
لأَنْفُسِكُمْ - فَتَذْهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الظَّلَمَةِ (934) ولَا تُدَاهِنُوا (935) فَيَهْجُمَ بِكُمُ
الإِدْهَانُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ - عِبَادَ اللَّه إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ
لِنَفْسِه أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّه - وإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِه أَعْصَاهُمْ
لِرَبِّه - والْمَغْبُونُ (936) مَنْ غَبَنَ
نَفْسَه والْمَغْبُوطُ (937) مَنْ سَلِمَ لَه
دِينُه - والسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِه - والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ
لِهَوَاه وغُرُورِه - واعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ (938) شِرْكٌ - ومُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلإِيمَانِ (939) ومَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ (940) جَانِبُوا
الْكَذِبَ فَإِنَّه مُجَانِبٌ لِلإِيمَانِ - الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ
وكَرَامَةٍ - والْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ ومَهَانَةٍ – ولَا تَحَاسَدُوا
- فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ -
ولَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ (941) واعْلَمُوا أَنَّ الأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ - ويُنْسِي الذِّكْرَ
فَأَكْذِبُوا الأَمَلَ - فَإِنَّه غُرُورٌ وصَاحِبُه مَغْرُورٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
87- و من خطبة له و هي
في بيان صفات المتقين و صفات الفساق و التنبيه إلى مكان العترة الطيبة
|
|||||||||||||||
87 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي في بيان صفات المتقين
وصفات الفساق والتنبيه إلى مكان العترة الطيبة والظن الخاطئ
لبعض الناس عِبَادَ اللَّه إِنَّ مِنْ أَحَبِّ
عِبَادِ اللَّه إِلَيْه عَبْداً - أَعَانَه اللَّه عَلَى نَفْسِه فَاسْتَشْعَرَ
الْحُزْنَ - وتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ (942) فَزَهَرَ
مِصْبَاحُ الْهُدَى (943) فِي قَلْبِه -
وأَعَدَّ الْقِرَى (944) لِيَوْمِه
النَّازِلِ بِه - فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِه الْبَعِيدَ وهَوَّنَ الشَّدِيدَ -
نَظَرَ فَأَبْصَرَ وذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ - وارْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ
سُهِّلَتْ لَه مَوَارِدُه - فَشَرِبَ نَهَلًا (945) وسَلَكَ سَبِيلًا جَدَداً (946) قَدْ خَلَعَ
سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ وتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ - إِلَّا هَمّاً وَاحِداً
انْفَرَدَ بِه فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى - ومُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى
وصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى - ومَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى -
قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَه وسَلَكَ سَبِيلَه وعَرَفَ مَنَارَه - وقَطَعَ غِمَارَه (947) واسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا - ومِنَ الْحِبَالِ
بِأَمْتَنِهَا فَهُوَ مِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ - قَدْ
نَصَبَ نَفْسَه لِلَّه سُبْحَانَه فِي أَرْفَعِ الأُمُورِ - مِنْ إِصْدَارِ
كُلِّ وَارِدٍ عَلَيْه وتَصْيِيرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلِه - مِصْبَاحُ
ظُلُمَاتٍ كَشَّافُ عَشَوَاتٍ (948) مِفْتَاحُ
مُبْهَمَاتٍ - دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ دَلِيلُ فَلَوَاتٍ (949) يَقُولُ فَيُفْهِمُ ويَسْكُتُ فَيَسْلَمُ - قَدْ أَخْلَصَ لِلَّه
فَاسْتَخْلَصَه - فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِه وأَوْتَادِ أَرْضِه - قَدْ
أَلْزَمَ نَفْسَه الْعَدْلَ فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِه نَفْيُ الْهَوَى عَنْ
نَفْسِه - يَصِفُ الْحَقَّ ويَعْمَلُ بِه لَا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلَّا
أَمَّهَا (950) ولَا مَظِنَّةً (951) إِلَّا قَصَدَهَا قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِه (952) فَهُوَ قَائِدُه وإِمَامُه يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُه (953) ويَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفات الفساق
|
|||||||||||||||
صفات الفساق وآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً ولَيْسَ
بِه - فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ - ونَصَبَ
لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وقَوْلِ زُورٍ - قَدْ حَمَلَ
الْكِتَابَ عَلَى آرَائِه - وعَطَفَ الْحَقَّ (954) عَلَى أَهْوَائِه - يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ ويُهَوِّنُ
كَبِيرَ الْجَرَائِمِ - يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وفِيهَا وَقَعَ -
ويَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وبَيْنَهَا اضْطَجَعَ - فَالصُّورَةُ صُورَةُ
إِنْسَانٍ والْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ - لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى
فَيَتَّبِعَه - ولَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْه وذَلِكَ مَيِّتُ
الأَحْيَاءِ! ----------------------------- (954) «عَطَفَ الحقّ»: حمل
الحقّ على رغباته أي: لا يعرف حقّا إلا إياها. |
|||||||||||||||
عترة النبي
|
|||||||||||||||
عترة النبي (فَأَيْنَ
تَذْهَبُونَ) وأَنَّى تُؤْفَكُونَ (955) والأَعْلَامُ (956) قَائِمَةٌ
والآيَاتُ وَاضِحَةٌ والْمَنَارُ (957) مَنْصُوبَةٌ -
فَأَيْنَ يُتَاه بِكُمْ (958) وكَيْفَ
تَعْمَهُونَ (959) وبَيْنَكُمْ
عِتْرَةُ (960) نَبِيِّكُمْ -
وهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ وأَعْلَامُ الدِّينِ وأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ -
فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ - ورِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ
الْعِطَاشِ (961). أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ
النَّبِيِّينَ صلىاللهعليهوآله - إِنَّه يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا
ولَيْسَ بِمَيِّتٍ - ويَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا ولَيْسَ بِبَالٍ - فَلَا
تَقُولُوا بِمَا لَا تَعْرِفُونَ - فَإِنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِيمَا
تُنْكِرُونَ - واعْذِرُوا مَنْ لَا حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْه وهُوَ أَنَا - أَلَمْ
أَعْمَلْ فِيكُمْ بِالثَّقَلِ الأَكْبَرِ (962) وأَتْرُكْ فِيكُمُ الثَّقَلَ الأَصْغَرَ - قَدْ رَكَزْتُ فِيكُمْ
رَايَةَ الإِيمَانِ - ووَقَفْتُكُمْ عَلَى حُدُودِ الْحَلَالِ والْحَرَامِ -
وأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْلِي - وفَرَشْتُكُمُ (963) الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِي وفِعْلِي - وأَرَيْتُكُمْ كَرَائِمَ
الأَخْلَاقِ مِنْ نَفْسِي - فَلَا تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْيَ فِيمَا لَا يُدْرِكُ
قَعْرَه الْبَصَرُ - ولَا تَتَغَلْغَلُ إِلَيْه الْفِكَرُ.
|
|||||||||||||||
ظن خاطئ
|
|||||||||||||||
ظن خاطئ ومنها: حَتَّى يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ
الدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ (964) تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا (965) وتُورِدُهُمْ
صَفْوَهَا - ولَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِه الأُمَّةِ سَوْطُهَا ولَا سَيْفُهَا
وكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ - بَلْ هِيَ مَجَّةٌ (966) مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً - ثُمَّ
يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً! ----------------------------- (964) مقصورة عليهم:
مسخّرة لهم كأنهم شدّوها بعقال كالناقة. (965) «تمنحهم دَرّها»: أي
لبنها. (966)
مَجّة: - بفتح الميم - مصدر مرة من «مجّ الشراب من فيه» إذا رمى به. |
|||||||||||||||
88- و من خطبة له و فيها بيان للأسباب التي تهلك
الناس :
|
|||||||||||||||
88 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها بيان للأسباب التي
تهلك الناس أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه لَمْ
يَقْصِمْ (967) جَبَّارِي دَهْرٍ
قَطُّ إِلَّا بَعْدَ تَمْهِيلٍ ورَخَاءٍ - ولَمْ يَجْبُرْ (968) عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ (969) وبَلَاءٍ - وفِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ (970) ومَا اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ - ومَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ
بِلَبِيبٍ ولَا كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيعٍ - ولَا كُلُّ نَاظِرٍ بِبَصِيرٍ -
فَيَا عَجَباً ومَا لِيَ لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هَذِه الْفِرَقِ - عَلَى
اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا - لَا يَقْتَصُّونَ أَثَرَ نَبِيٍّ ولَا
يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيٍّ - ولَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ ولَا يَعِفُّونَ (971) عَنْ عَيْبٍ - يَعْمَلُونَ فِي الشُّبُهَاتِ ويَسِيرُونَ فِي
الشَّهَوَاتِ - الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا والْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا
أَنْكَرُوا - مَفْزَعُهُمْ فِي الْمُعْضِلَاتِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ -
وتَعْوِيلُهُمْ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى آرَائِهِمْ - كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ
مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِه - قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى ثِقَاتٍ
وأَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
89- و من خطبة له في الرسول الأعظم صلى اللّه
عليه و آله و بلاغ الإمام عنه :
|
|||||||||||||||
89 - ومن خطبة له عليهالسلام في الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله
وبلاغ الإمام عنه أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ (972) مِنَ الرُّسُلِ - وطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الأُمَمِ واعْتِزَامٍ (973) مِنَ الْفِتَنِ - وانْتِشَارٍ مِنَ الأُمُورِ وتَلَظٌّ مِنَ الْحُرُوبِ
(974) والدُّنْيَا
كَاسِفَةُ النُّورِ ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ - عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ
وَرَقِهَا - وإِيَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا واغْوِرَارٍ (975) مِنْ مَائِهَا - قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ الْهُدَى وظَهَرَتْ أَعْلَامُ
الرَّدَى - فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ (976) لأَهْلِهَا
عَابِسَةٌ فِي وَجْه طَالِبِهَا ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ (977) وطَعَامُهَا الْجِيفَةُ (978) وشِعَارُهَا (979) الْخَوْفُ ودِثَارُهَا (980) السَّيْفُ -.
فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللَّه - واذْكُرُوا تِيكَ الَّتِي آبَاؤُكُمْ
وإِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ (981) وعَلَيْهَا
مُحَاسَبُونَ - ولَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ ولَا بِهِمُ الْعُهُودُ -
ولَا خَلَتْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمُ الأَحْقَابُ (982) والْقُرُونُ - ومَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ مِنْ يَوْمَ كُنْتُمْ فِي
أَصْلَابِهِمْ بِبَعِيدٍ -. واللَّه مَا أَسْمَعَكُمُ الرَّسُولُ شَيْئاً -
إِلَّا وهَا أَنَا ذَا مُسْمِعُكُمُوه - ومَا أَسْمَاعُكُمُ الْيَوْمَ بِدُونِ
أَسْمَاعِكُمْ بِالأَمْسِ - ولَا شُقَّتْ لَهُمُ الأَبْصَارُ - ولَا جُعِلَتْ
لَهُمُ الأَفْئِدَةُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ - إِلَّا وقَدْ أُعْطِيتُمْ
مِثْلَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ - ووَ اللَّه مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ
شَيْئاً جَهِلُوه - ولَا أُصْفِيتُمْ بِه (983) وحُرِمُوه - ولَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ الْبَلِيَّةُ جَائِلًا خِطَامُهَا
(984) رِخْواً
بِطَانُهَا (985) فَلَا
يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيه أَهْلُ الْغُرُورِ - فَإِنَّمَا هُوَ ظِلٌّ
مَمْدُودٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
90- و من خطبة له و تشتمل على قدم الخالق و عظم مخلوقاته و
يختمها بالوعظ :
|
|||||||||||||||
90 - ومن خطبة له عليهالسلام وتشتمل على قدم الخالق وعظم
مخلوقاته ويختمها بالوعظ الْحَمْدُ لِلَّه الْمَعْرُوفِ مِنْ
غَيْرِ رُؤْيَةٍ والْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ (986). الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَائِماً دَائِماً إِذْ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ
- ولَا حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاجٍ (987) ولَا لَيْلٌ دَاجٍ
(988) ولَا بَحْرٌ سَاجٍ
(989) ولَا جَبَلٌ ذُو
فِجَاجٍ (990) ولَا فَجٌّ ذُو
اعْوِجَاجٍ - ولَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ (991) ولَا خَلْقٌ ذُو اعْتِمَادٍ (992) ذَلِكَ مُبْتَدِعُ (993) الْخَلْقِ
ووَارِثُه (994) وإِلَه الْخَلْقِ
ورَازِقُه - والشَّمْسُ والْقَمَرُ دَائِبَانِ (995) فِي مَرْضَاتِه - يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ ويُقَرِّبَانِ كُلَّ
بَعِيدٍ. قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ وأَحْصَى آثَارَهُمْ
وأَعْمَالَهُمْ - وعَدَدَ أَنْفُسِهِمْ وخَائِنَةَ أَعْيُنِهِمْ (996) ومَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ - ومُسْتَقَرَّهُمْ
ومُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الأَرْحَامِ والظُّهُورِ - إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ
الْغَايَاتُ. هُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ نِقْمَتُه (997) عَلَى أَعْدَائِه فِي سَعَةِ رَحْمَتِه - واتَّسَعَتْ رَحْمَتُه لأَوْلِيَائِه
فِي شِدَّةِ نِقْمَتِه - قَاهِرُ مَنْ عَازَّه (998) ومُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّه (999) ومُذِلُّ مَنْ
نَاوَاه (1000) وغَالِبُ مَنْ
عَادَاه مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْه كَفَاه ومَنْ سَأَلَه أَعْطَاه - ومَنْ
أَقْرَضَه قَضَاه (1001) ومَنْ شَكَرَه
جَزَاه. عِبَادَ اللَّه زِنُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ
قَبْلِ أَنْ تُوزَنُوا - وحَاسِبُوهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبُوا -
وتَنَفَّسُوا قَبْلَ ضِيقِ الْخِنَاقِ وانْقَادُوا قَبْلَ عُنْفِ السِّيَاقِ (1002) واعْلَمُوا أَنَّه مَنْ لَمْ يُعَنْ (1003) عَلَى نَفْسِه - حَتَّى يَكُونَ لَه مِنْهَا وَاعِظٌ وزَاجِرٌ - لَمْ
يَكُنْ لَه مِنْ غَيْرِهَا لَا زَاجِرٌ ولَا وَاعِظٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
91- و من خطبة له تعرف بخطبة الأشباح و هي من جلائل خطبه عليه السلام
:
|
|||||||||||||||
91 - ومن خطبة له عليهالسلام تعرف بخطبة الأشباح (1004) وهي من جلائل خطبه عليهالسلام رَوَى مَسْعَدَةُ
بْنُ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهالسلام أَنَّه قَالَ:
خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِه الْخُطْبَةِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ -
وذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا أَتَاه فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - صِفْ
لَنَا رَبَّنَا مِثْلَ مَا نَرَاه عِيَاناً - لِنَزْدَادَ لَه حُبّاً وبِه
مَعْرِفَةً - فَغَضِبَ ونَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً - فَاجْتَمَعَ النَّاسُ
حَتَّى غَصَّ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِه - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وهُوَ مُغْضَبٌ
مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ - فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى
النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله - ثُمَّ قَالَ: |
|||||||||||||||
وصف اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
وصف اللَّه تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا يَفِرُه
الْمَنْعُ والْجُمُودُ (1005) ولَا يُكْدِيه (1006) الإِعْطَاءُ والْجُودُ - إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاه وكُلُّ
مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلَاه - وهُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ
وعَوَائِدِ الْمَزِيدِ والْقِسَمِ - عِيَالُه الْخَلَائِقُ ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ
وقَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ - ونَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْه والطَّالِبِينَ
مَا لَدَيْه - ولَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْه بِمَا لَمْ يُسْأَلْ -
الأَوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَه قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ قَبْلَه - والآخِرُ
الَّذِي لَيْسَ له بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَه - والرَّادِعُ أَنَاسِيَّ
الأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَه أَوْ تُدْرِكَه (1007) مَا اخْتَلَفَ عَلَيْه دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْه الْحَالُ - ولَا
كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْه الِانْتِقَالُ ولَوْ وَهَبَ مَا
تَنَفَّسَتْ (1008) عَنْه مَعَادِنُ
الْجِبَالِ - وضَحِكَتْ (1009) عَنْه أَصْدَافُ
الْبِحَارِ مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ والْعِقْيَانِ (1010) ونُثَارَةِ الدُّرِّ (1011) وحَصِيدِ
الْمَرْجَانِ (1012) مَا أَثَّرَ
ذَلِكَ فِي جُودِه - ولَا أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَه - ولَكَانَ عِنْدَه مِنْ
ذَخَائِرِ الأَنْعَامِ مَا لَا تُنْفِدُه (1013) مَطَالِبُ الأَنَامِ - لأَنَّه الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَغِيضُه (1014) سُؤَالُ السَّائِلِينَ - ولَا يُبْخِلُه (1015) إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفاته تعالى في القرآن
|
|||||||||||||||
صفاته تعالى في القرآن فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ - فَمَا
دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْه مِنْ صِفَتِه فَائْتَمَّ بِه (1016) واسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِه ومَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَه -
مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُه - ولَا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله
وأَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُه - فَكِلْ (1017) عِلْمَه إِلَى اللَّه سُبْحَانَه - فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ
اللَّه عَلَيْكَ - واعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ
أَغْنَاهُمْ - عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ (1018) الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ - الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا
جَهِلُوا تَفْسِيرَه مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ - فَمَدَحَ اللَّه تَعَالَى
اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ - عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِه عِلْماً -
وسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ - فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِه
رُسُوخاً - فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ - ولَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّه
سُبْحَانَه عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ - فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ هُوَ
الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الأَوْهَامُ (1019) لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ (1020) قُدْرَتِه -
وحَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ (1021) مِنْ خَطَرَاتِ
الْوَسَاوِسِ - أَنْ يَقَعَ عَلَيْه فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِه -
وتَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْه (1022) لِتَجْرِيَ فِي
كَيْفِيَّةِ صِفَاتِه - وغَمَضَتْ (1023) مَدَاخِلُ
الْعُقُولِ فِي حَيْثُ لَا تَبْلُغُه الصِّفَاتُ - لِتَنَاوُلِ عِلْمِ ذَاتِه
رَدَعَهَا (1024) وهِيَ تَجُوبُ
مَهَاوِيَ (1025) سُدَف (1026)ِ الْغُيُوبِ مُتَخَلِّصَةً إِلَيْه سُبْحَانَه فَرَجَعَتْ إِذْ
جُبِهَتْ (1027) مُعْتَرِفَةً -
بِأَنَّه لَا يُنَالُ بِجَوْرِ الِاعْتِسَافِ (1028) كُنْه مَعْرِفَتِه - ولَا تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ (1029) خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلَالِ عِزَّتِه الَّذِي ابْتَدَعَ
الْخَلْقَ (1030) عَلَى غَيْرِ
مِثَالٍ امْتَثَلَه (1031) ولَا مِقْدَارٍ
احْتَذَى عَلَيْه (1032) مِنْ خَالِقٍ
مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَه - وأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِه - وعَجَائِبِ مَا
نَطَقَتْ بِه آثَارُ حِكْمَتِه - واعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى
أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ (1033) قُوَّتِه - مَا
دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَه عَلَى مَعْرِفَتِه - فَظَهَرَتِ
الْبَدَائِعُ - الَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِه وأَعْلَامُ حِكْمَتِه -
فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَه ودَلِيلًا عَلَيْه - وإِنْ كَانَ خَلْقاً
صَامِتاً فَحُجَّتُه بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ - ودَلَالَتُه عَلَى الْمُبْدِعِ
قَائِمَةٌ فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ -
وتَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ (1034) الْمُحْتَجِبَةِ (1035) لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ - لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِه عَلَى
مَعْرِفَتِكَ - ولَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَه الْيَقِينُ بِأَنَّه لَا نِدَّ لَكَ -
وكَأَنَّه لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ - إِذْ
يَقُولُونَ «تَا لله إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ
- إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ» - كَذَبَ
الْعَادِلُونَ بِكَ (1036) إِذْ شَبَّهُوكَ
بِأَصْنَامِهِمْ - ونَحَلُوكَ حِلْيَةَ (1037) الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ - وجَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ
الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ - وقَدَّرُوكَ (1038) عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ -
وأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ -
والْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِه مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ -
ونَطَقَتْ عَنْه شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ - وإِنَّكَ
أَنْتَ اللَّه الَّذِي لَمْ تَتَنَاه فِي الْعُقُولِ - فَتَكُونَ فِي مَهَبِّ
فِكْرِهَا مُكَيَّفاً (1039) ولَا فِي
رَوِيَّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَكُونَ مَحْدُوداً مُصَرَّفاً (1040). ومنها - قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ
تَقْدِيرَه ودَبَّرَه فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَه - ووَجَّهَه لِوِجْهَتِه فَلَمْ
يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِه - ولَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى
غَايَتِه - ولَمْ يَسْتَصْعِبْ (1041) إِذْ أُمِرَ
بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِه - فَكَيْفَ وإِنَّمَا صَدَرَتِ الأُمُورُ عَنْ
مَشِيئَتِه - الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ
إِلَيْهَا - ولَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ (1042) أَضْمَرَ عَلَيْهَا - ولَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا (1043) مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ - ولَا شَرِيكٍ أَعَانَه عَلَى ابْتِدَاعِ
عَجَائِبِ الأُمُورِ - فَتَمَّ خَلْقُه بِأَمْرِه وأَذْعَنَ لِطَاعَتِه وأَجَابَ
إِلَى دَعْوَتِه - لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَه رَيْثُ الْمُبْطِئِ (1044) ولَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ (1045) فَأَقَامَ مِنَ الأَشْيَاءِ أَوَدَهَا (1046) ونَهَجَ (1047) حُدُودَهَا -
ولَاءَمَ بِقُدْرَتِه بَيْنَ مُتَضَادِّهَا - ووَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا (1048) وفَرَّقَهَا أَجْنَاساً - مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ والأَقْدَارِ
والْغَرَائِزِ (1049) والْهَيْئَاتِ -
بَدَايَا (1050) خَلَائِقَ
أَحْكَمَ صُنْعَهَا وفَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وابْتَدَعَهَا! -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة السماء
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة السماء ونَظَمَ بِلَا تَعْلِيقٍ رَهَوَاتِ
فُرَجِهَا (1051) ولَاحَمَ صُدُوعَ
انْفِرَاجِهَا (1052). ووَشَّجَ
بَيْنَهَا وبَيْنَ أَزْوَاجِهَا (1053) وذَلَّلَ
لِلْهَابِطِينَ (1054) بِأَمْرِه -
والصَّاعِدِينَ بِأَعْمَالِ خَلْقِه حُزُونَةَ (1055) مِعْرَاجِهَا - ونَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ فَالْتَحَمَتْ عُرَى
أَشْرَاجِهَا (1056) وفَتَقَ بَعْدَ
الِارْتِتَاقِ صَوَامِتَ (1057) أَبْوَابِهَا -
وأَقَامَ رَصَداً (1058) مِنَ الشُّهُبِ
الثَّوَاقِبِ (1059) عَلَى نِقَابِهَا (1060) وأَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تُمُورَ (1061) فِي خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَيْدِه (1062) وأَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لأَمْرِه - وجَعَلَ شَمْسَهَا
آيَةً مُبْصِرَةً (1063) لِنَهَارِهَا -
وقَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً (1064) مِنْ لَيْلِهَا -
وأَجْرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ (1065) مَجْرَاهُمَا -
وقَدَّرَ سَيْرَهُمَا فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا - لِيُمَيِّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ
والنَّهَارِ بِهِمَا - ولِيُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِينَ والْحِسَابُ
بِمَقَادِيرِهِمَا - ثُمَّ عَلَّقَ فِي جَوِّهَا فَلَكَهَا (1066) ونَاطَ (1067) بِهَا زِينَتَهَا
- مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَارِيِّهَا (1068) ومَصَابِيحِ
كَوَاكِبِهَا - ورَمَى مُسْتَرِقِي السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا -
وأَجْرَاهَا عَلَى أَذْلَالِ (1069) تَسْخِيرِهَا مِنْ
ثَبَاتِ ثَابِتِهَا - ومَسِيرِ سَائِرِهَا وهُبُوطِهَا وصُعُودِهَا ونُحُوسِهَا
وسُعُودِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة الملائكة
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الملائكة ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَه لإِسْكَانِ
سَمَاوَاتِه - وعِمَارَةِ الصَّفِيحِ (1070) الأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِه - خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلَائِكَتِه -
ومَلأَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا وحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا (1071) وبَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ (1072) الْمُسَبِّحِينَ - مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ(1073) الْقُدُسِ (1074) وسُتُرَاتِ (1075) الْحُجُبِ وسُرَادِقَاتِ (1076) الْمَجْدِ -
ووَرَاءَ ذَلِكَ الرَّجِيجِ (1077) الَّذِي تَسْتَكُّ
(1078) مِنْه الأَسْمَاعُ
- سُبُحَاتُ (1079) نُورٍ تَرْدَعُ
الأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا - فَتَقِفُ خَاسِئَةً (1080) عَلَى حُدُودِهَا -. وأَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ
وأَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ - (أُولِي
أَجْنِحَةٍ) تُسَبِّحُ جَلَالَ عِزَّتِه - لَا
يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِه - ولَا يَدَّعُونَ
أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَه مِمَّا انْفَرَدَ بِه - (بَلْ
عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَه بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِه يَعْمَلُونَ) - جَعَلَهُمُ
اللَّه فِيمَا هُنَالِكَ أَهْلَ الأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِه - وحَمَّلَهُمْ إِلَى
الْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِه ونَهْيِه - وعَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ
الشُّبُهَاتِ - فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِه - وأَمَدَّهُمْ
بِفَوَائِدِ الْمَعُونَةِ - وأَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ (1081) السَّكِينَةِ - وفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلًا (1082) إِلَى تَمَاجِيدِه - ونَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً (1083) وَاضِحَةً عَلَى أَعْلَامِ (1084) تَوْحِيدِه - لَمْ
تُثْقِلْهُمْ مُؤْصِرَاتُ الآثَامِ(1085) - ولَمْ
تَرْتَحِلْهُمْ (1086) عُقَبُ (1087) اللَّيَالِي والأَيَّامِ - ولَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا (1088) عَزِيمَةَ إِيمَانِهِمْ - ولَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ
(1089) يَقِينِهِمْ -
ولَا قَدَحَتْ قَادِحَةُ الإِحَنِ (1090) فِيمَا بَيْنَهُمْ
- ولَا سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ مَا لَاقَ (1091) مِنْ مَعْرِفَتِه بِضَمَائِرِهِمْ - ومَا سَكَنَ مِنْ عَظَمَتِه
وهَيْبَةِ جَلَالَتِه فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ - ولَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ
الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ (1092) بِرَيْنِهَا (1093) عَلَى فِكْرِهِمْ - ومِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي خَلْقِ الْغَمَامِ
الدُّلَّحِ (1094) وفِي عِظَمِ
الْجِبَالِ الشُّمَّخِ وفِي قَتْرَةِ (1095) الظَّلَامِ الأَيْهَمِ (1096) ومِنْهُمْ مَنْ
قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الأَرْضِ السُّفْلَى - فَهِيَ كَرَايَاتٍ
بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ (1097) الْهَوَاءِ -
وتَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ (1098) تَحْبِسُهَا عَلَى
حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِيَةِ - قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ (1099) أَشْغَالُ عِبَادَتِه - ووَصَلَتْ حَقَائِقُ الإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ
مَعْرِفَتِه - وقَطَعَهُمُ الإِيقَانُ بِه إِلَى الْوَلَه (1100) إِلَيْه - ولَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَه إِلَى مَا عِنْدَ
غَيْرِه - قَدْ ذَاقُوا حَلَاوَةَ مَعْرِفَتِه - وشَرِبُوا بِالْكَأْسِ
الرَّوِيَّةِ (1101) مِنْ مَحَبَّتِه -
وتَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ (1102) قُلُوبِهِمْ
وَشِيجَةُ (1103) خِيفَتِه -
فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ - ولَمْ يُنْفِدْ (1104) طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْه مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ - ولَا أَطْلَقَ
عَنْهُمْ عَظِيمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ (1105) خُشُوعِهِمْ - ولَمْ يَتَوَلَّهُمُ الإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا
سَلَفَ مِنْهُمْ - ولَا تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ (1106) الإِجْلَالِ - نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهِمْ - ولَمْ تَجْرِ
الْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُءُوبِهِمْ (1107) ولَمْ تَغِضْ (1108) رَغَبَاتُهُمْ
فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ - ولَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ
أَسَلَاتُ (1109) أَلْسِنَتِهِمْ -
ولَا مَلَكَتْهُمُ الأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ (1110) إِلَيْه أَصْوَاتُهُمْ - ولَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ (1111) الطَّاعَةِ مَنَاكِبُهُمْ - ولَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ التَّقْصِيرِ
فِي أَمْرِه رِقَابَهُمْ -. ولَا تَعْدُو (1112) عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِمْ بَلَادَةُ الْغَفَلَاتِ - ولَا تَنْتَضِلُ
فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ (1113) قَدِ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ (1114) ويَمَّمُوه (1115) عِنْدَ انْقِطَاعِ
الْخَلْقِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهِمْ - لَا يَقْطَعُونَ أَمَدَ
غَايَةِ عِبَادَتِه - ولَا يَرْجِعُ بِهِمُ الِاسْتِهْتَارُ (1116) بِلُزُومِ طَاعَتِه - إِلَّا إِلَى مَوَادَّ (1117) مِنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِه ومَخَافَتِه -
لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ (1118) مِنْهُمْ فَيَنُوا (1119) فِي جِدِّهِمْ -
ولَمْ تَأْسِرْهُمُ الأَطْمَاعُ - فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ السَّعْيِ (1120) عَلَى اجْتِهَادِهِمْ - لَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ
أَعْمَالِهِمْ - ولَوِ اسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ
شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ (1121) ولَمْ
يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْوَاذِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ - ولَمْ
يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ ولَا تَوَلَّاهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ - ولَا
تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرِّيَبِ (1122) ولَا اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ (1123) الْهِمَمِ - فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَانٍ لَمْ يَفُكَّهُمْ مِنْ
رِبْقَتِه زَيْغٌ ولَا عُدُولٌ - ولَا وَنًى (1124) ولَا فُتُورٌ - ولَيْسَ فِي أَطْبَاقِ السَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ (1125) إِلَّا وعَلَيْه مَلَكٌ سَاجِدٌ - أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ (1126) يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً - وتَزْدَادُ
عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة الأرض و دحوها على الماء
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الأرض ودحوها
على الماء كَبَسَ (1127) الأَرْضَ عَلَى مَوْرِ (1128) أَمْوَاجٍ
مُسْتَفْحِلَةٍ (1129) ولُجَجِ بِحَارٍ
زَاخِرَةٍ (1130) تَلْتَطِمُ
أَوَاذِيُّ (1131) أَمْوَاجِهَا -
وتَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِهَا (1132) وتَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا - فَخَضَعَ جِمَاحُ
الْمَاءِ الْمُتَلَاطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا - وسَكَنَ هَيْجُ ارْتِمَائِه إِذْ
وَطِئَتْه بِكَلْكَلِهَا (1133) وذَلَّ
مُسْتَخْذِياً(1134) إِذْ تَمَعَّكَتْ (1135) عَلَيْه بِكَوَاهِلِهَا - فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ (1136) أَمْوَاجِه سَاجِياً (1137) مَقْهُوراً - وفِي
حَكَمَةِ (1138) الذُّلِّ
مُنْقَاداً أَسِيراً - وسَكَنَتِ الأَرْضُ مَدْحُوَّةً (1139) فِي لُجَّةِ تَيَّارِه - ورَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِه (1140) واعْتِلَائِه وشُمُوخِ أَنْفِه وسُمُوِّ غُلَوَائِه (1141) وكَعَمَتْه (1142) عَلَى كِظَّةِ (1143) جَرْيَتِه فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِه (1144) ولَبَدَ (1145) بَعْدَ زَيَفَانِ (1146) وَثَبَاتِه - فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ
أَكْنَافِهَا (1147) وحَمْلِ شَوَاهِقِ
الْجِبَالِ الشُّمَّخِ الْبُذَّخِ (1148) عَلَى أَكْتَافِهَا
- فَجَّرَ يَنَابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ (1149) أُنُوفِهَا - وفَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ (1150) بِيدِهَا (1151) وأَخَادِيدِهَا (1152) وعَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلَامِيدِهَا (1153) وذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ الشُّمِّ (1154) مِنْ صَيَاخِيدِهَا (1155) فَسَكَنَتْ مِنَ
الْمَيَدَانِ (1156) لِرُسُوبِ
الْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا (1157) وتَغَلْغُلِهَا (1158) مُتَسَرِّبَةً (1159) فِي جَوْبَاتِ
خَيَاشِيمِهَا (1160) ورُكُوبِهَا (1161) أَعْنَاقَ سُهُولِ الأَرَضِينَ وجَرَاثِيمِهَا (1162) وفَسَحَ بَيْنَ الْجَوِّ وبَيْنَهَا وأَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً
لِسَاكِنِهَا - وأَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِهَا (1163) ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ (1164) الأَرْضِ -
الَّتِي تَقْصُرُ مِيَاه الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا (1165) ولَا تَجِدُ جَدَاوِلُ الأَنْهَارِ ذَرِيعَةً (1166) إِلَى بُلُوغِهَا - حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي
مَوَاتَهَا (1167) وتَسْتَخْرِجُ
نَبَاتَهَا - أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِه (1168) وتَبَايُنِ قَزَعِه (1169) حَتَّى إِذَا
تَمَخَّضَتْ (1170) لُجَّةُ الْمُزْنِ
فِيه والْتَمَعَ بَرْقُه فِي كُفَفِه (1171) ولَمْ يَنَمْ وَمِيضُه (1172) فِي كَنَهْوَرِ
رَبَابِه (1173) ومُتَرَاكِمِ
سَحَابِه - أَرْسَلَه سَحّاً (1174) مُتَدَارِكاً قَدْ
أَسَفَّ هَيْدَبُه (1175) تَمْرِيه (1176) الْجَنُوبُ دِرَرَ (1177) أَهَاضِيبِه (1178) ودُفَعَ شَآبِيبِه (1179) فَلَمَّا أَلْقَتِ
السَّحَابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا (1180) وبَعَاعَ (1181) مَا اسْتَقَلَّتْ بِه مِنَ الْعِبْءِ (1182) الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا - أَخْرَجَ بِه مِنْ هَوَامِدِ (1183) الأَرْضِ النَّبَاتَ - ومِنْ زُعْرِ (1184) الْجِبَالِ الأَعْشَابَ فَهِيَ تَبْهَجُ (1185) بِزِينَةِ رِيَاضِهَا - وتَزْدَهِي (1186) بِمَا أُلْبِسَتْه مِنْ رَيْطِ (1187) أَزَاهِيرِهَا (1188) وحِلْيَةِ مَا
سُمِطَتْ (1189) بِه مِنْ نَاضِرِ
أَنْوَارِهَا (1190) وجَعَلَ ذَلِكَ
بَلَاغاً (1191) لِلأَنَامِ
ورِزْقاً لِلأَنْعَامِ - وخَرَقَ الْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا - وأَقَامَ
الْمَنَارَ لِلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَه
وأَنْفَذَ أَمْرَه - اخْتَارَ آدَمَ عليهالسلام خِيرَةً مِنْ
خَلْقِه - وجَعَلَه أَوَّلَ جِبِلَّتِه (1192) وأَسْكَنَه جَنَّتَه - وأَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَه - وأَوْعَزَ إِلَيْه
فِيمَا نَهَاه عَنْه - وأَعْلَمَه أَنَّ فِي الإِقْدَامِ عَلَيْه التَّعَرُّضَ
لِمَعْصِيَتِه - والْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِه - فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاه
عَنْه مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِه - فَأَهْبَطَه بَعْدَ التَّوْبَةِ -
لِيَعْمُرَ أَرْضَه بِنَسْلِه - ولِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بِه عَلَى عِبَادِه -
ولَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَه - مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ
رُبُوبِيَّتِه - ويَصِلُ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ مَعْرِفَتِه - بَلْ تَعَاهَدَهُمْ
بِالْحُجَجِ - عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِه - ومُتَحَمِّلِي
وَدَائِعِ رِسَالَاتِه - قَرْناً فَقَرْناً - حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله حُجَّتُه - وبَلَغَ الْمَقْطَعَ (1193) عُذْرُه ونُذُرُه وقَدَّرَ الأَرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وقَلَّلَهَا -
وقَسَّمَهَا عَلَى الضِّيقِ والسَّعَةِ - فَعَدَلَ فِيهَا لِيَبْتَلِيَ - مَنْ
أَرَادَ بِمَيْسُورِهَا ومَعْسُورِهَا - ولِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ الشُّكْرَ
والصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وفَقِيرِهَا - ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ
فَاقَتِهَا (1194) وبِسَلَامَتِهَا
طَوَارِقَ آفَاتِهَا - وبِفُرَجِ (1195) أَفْرَاحِهَا
غُصَصَ أَتْرَاحِهَا (1196) وخَلَقَ الآجَالَ
فَأَطَالَهَا وقَصَّرَهَا وقَدَّمَهَا وأَخَّرَهَا - ووَصَلَ بِالْمَوْتِ
أَسْبَابَهَا (1197) وجَعَلَه خَالِجاً
لأَشْطَانِهَا (1198) وقَاطِعاً
لِمَرَائِرِ أَقْرَانِهَا (1199) عَالِمُ السِّرِّ
مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ - ونَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ (1200) وخَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ (1201) وعُقَدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ (1202) ومَسَارِقِ إِيمَاضِ الْجُفُونِ (1203) ومَا ضَمِنَتْه أَكْنَانُ الْقُلُوبِ (1204) وغَيَابَاتُ الْغُيُوبِ (1205) ومَا أَصْغَتْ
لِاسْتِرَاقِه (1206) مَصَائِخُ (1207) الأَسْمَاعِ - ومَصَايِفُ الذَّرِّ (1208) ومَشَاتِي (1209) الْهَوَامِّ -
ورَجْعِ الْحَنِينِ (1210) مِنَ
الْمُولَهَاتِ (1211) وهَمْسِ (1212) الأَقْدَامِ - ومُنْفَسَحِ (1213) الثَّمَرَةِ مِنْ
وَلَائِجِ (1214) غُلُفِ
الأَكْمَامِ (1215) ومُنْقَمَعِ (1216) الْوُحُوشِ مِنْ غِيرَانِ (1217) الْجِبَالِ
وأَوْدِيَتِهَا - ومُخْتَبَإِ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ (1218) الأَشْجَارِ وأَلْحِيَتِهَا (1219) ومَغْرِزِ الأَوْرَاقِ مِنَ الأَفْنَانِ (1220) ومَحَطِّ الأَمْشَاجِ (1221) مِنْ مَسَارِبِ
الأَصْلَابِ (1222) ونَاشِئَةِ
الْغُيُومِ ومُتَلَاحِمِهَا - ودُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِي مُتَرَاكِمِهَا -
ومَا تَسْفِي (1223) الأَعَاصِيرُ (1224) بِذُيُولِهَا وتَعْفُو (1225) الأَمْطَارُ
بِسُيُولِهَا وعَوْمِ بَنَاتِ الأَرْضِ فِي كُثْبَانِ (1226) الرِّمَالِ - ومُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الأَجْنِحَةِ بِذُرَا (1227) شَنَاخِيبِ (1228) الْجِبَالِ -
وتَغْرِيدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ (1229) الأَوْكَارِ - ومَا أَوْعَبَتْه الأَصْدَافُ (1230) وحَضَنَتْ (1231) عَلَيْه أَمْوَاجُ
الْبِحَارِ - ومَا غَشِيَتْه سُدْفَةُ لَيْلٍ (1232) أَوْ ذَرَّ (1233) عَلَيْه شَارِقُ
نَهَارٍ - ومَا اعْتَقَبَتْ (1234) عَلَيْه أَطْبَاقُ
الدَّيَاجِيرِ (1235) وسُبُحَاتُ
النُّورِ (1236) وأَثَرِ كُلِّ
خَطْوَةٍ - وحِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ ورَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ - وتَحْرِيكِ كُلِّ
شَفَةٍ ومُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ - ومِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةٍ وهَمَاهِمِ (1237) كُلِّ نَفْسٍ هَامَّةٍ - ومَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ أَوْ
سَاقِطِ وَرَقَةٍ - أَوْ قَرَارَةِ (1238) نُطْفَةٍ أَوْ نُقَاعَةِ
(1239) دَمٍ ومُضْغَةٍ -
أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وسُلَالَةٍ - لَمْ يَلْحَقْه فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ - ولَا
اعْتَرَضَتْه فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِه عَارِضَةٌ (1240) ولَا اعْتَوَرَتْه (1241) فِي تَنْفِيذِ
الأُمُورِ وتَدَابِيرِ الْمَخْلُوقِينَ مَلَالَةٌ ولَا فَتْرَةٌ - بَلْ
نَفَذَهُمْ عِلْمُه وأَحْصَاهُمْ عَدَدُه - ووَسِعَهُمْ عَدْلُه وغَمَرَهُمْ
فَضْلُه - مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْه مَا هُوَ أَهْلُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
دعاء
|
|||||||||||||||
دعاء اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ
الْجَمِيلِ - والتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ - إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ
وإِنْ تُرْجَ فَخَيْرُ مَرْجُوٍّ - اللَّهُمَّ وقَدْ بَسَطْتَ لِي فِيمَا لَا
أَمْدَحُ بِه غَيْرَكَ - ولَا أُثْنِي بِه عَلَى أَحَدٍ سِوَاكَ - ولَا
أُوَجِّهُه إِلَى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ ومَوَاضِعِ الرِّيبَةِ - وعَدَلْتَ
بِلِسَانِي عَنْ مَدَائِحِ الآدَمِيِّينَ؛ والثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ
الْمَخْلُوقِينَ - اللَّهُمَّ ولِكُلِّ مُثْنٍ عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْه
مَثُوبَةٌ (1242) مِنْ جَزَاءٍ -
أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاءٍ - وقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلًا عَلَى ذَخَائِرِ
الرَّحْمَةِ - وكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ - اللَّهُمَّ وهَذَا مَقَامُ مَنْ
أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ - ولَمْ يَرَ مُسْتَحِقّاً لِهَذِه
الْمَحَامِدِ والْمَمَادِحِ غَيْرَكَ - وبِي فَاقَةٌ إِلَيْكَ لَا يَجْبُرُ
مَسْكَنَتَهَا إِلَّا فَضْلُكَ - ولَا يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا (1243) إِلَّا مَنُّكَ (1244) وجُودُكَ - فَهَبْ
لَنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ - وأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الأَيْدِي إِلَى
سِوَاكَ - «إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»! ----------------------------- (1242) مَثُوبة:
ثواب وجزاء. (1243)
الخَلَّة: - بالفتح - الفقر. (1244)
المنّ: الإحسان. |
|||||||||||||||
92- و من كلام له لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان :
|
|||||||||||||||
92 - ومن كلام له عليهالسلام لما أراده الناس على البيعة
- بعد قتل عثمان رضياللهعنه دَعُونِي والْتَمِسُوا غَيْرِي - فَإِنَّا
مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً - لَه وُجُوه وأَلْوَانٌ - لَا تَقُومُ لَه الْقُلُوبُ
- ولَا تَثْبُتُ عَلَيْه الْعُقُولُ (1245) وإِنَّ الآفَاقَ
قَدْ أَغَامَتْ (1246) والْمَحَجَّةَ (1247) قَدْ تَنَكَّرَتْ (1248) واعْلَمُوا أَنِّي
إِنْ أَجَبْتُكُمْ - رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ - ولَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ
الْقَائِلِ وعَتْبِ الْعَاتِبِ - وإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ -
ولَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وأَطْوَعُكُمْ - لِمَنْ وَلَّيْتُمُوه أَمْرَكُمْ -
وأَنَا لَكُمْ وَزِيراً - خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً! -----------------------------
ً |
|||||||||||||||
93- و من خطبة له و فيها ينبّه أمير المؤمنين على
فضله و علمه و يبيّن فتنة بني أمية :
|
|||||||||||||||
93 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها ينبّه أمير المؤمنين
على فضله وعلمه ويبيّن فتنة بني أمية! أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللَّه والثَّنَاءِ
عَلَيْه - أَيُّهَا النَّاسُ - فَإِنِّي فَقَأْتُ (1249) عَيْنَ الْفِتْنَةِ - ولَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ
غَيْرِي - بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا (1250) واشْتَدَّ كَلَبُهَا (1251) فَاسْأَلُونِي
قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي - فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِه - لَا تَسْأَلُونِي
عَنْ شَيْءٍ - فِيمَا بَيْنَكُمْ وبَيْنَ السَّاعَةِ - ولَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي
مِائَةً وتُضِلُّ مِائَةً - إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا (1252) وقَائِدِهَا وسَائِقِهَا ومُنَاخِ (1253) رِكَابِهَا - ومَحَطِّ رِحَالِهَا - ومَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا
قَتْلًا - ومَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً - ولَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي -
ونَزَلَتْ بِكُمْ كَرَائِه (1254) الأُمُورِ -
وحَوَازِبُ (1255) الْخُطُوبِ -
لأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ - وفَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسْئُولِينَ -
وذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ (1256) وشَمَّرَتْ عَنْ
سَاقٍ - وضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ضِيقاً - تَسْتَطِيلُونَ مَعَه أَيَّامَ
الْبَلَاءِ عَلَيْكُمْ - حَتَّى يَفْتَحَ اللَّه لِبَقِيَّةِ الأَبْرَارِ
مِنْكُمْ. إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ
شَبَّهَتْ (1257) وإِذَا أَدْبَرَتْ
نَبَّهَتْ - يُنْكَرْنَ مُقْبِلَاتٍ - ويُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ - يَحُمْنَ
حَوْمَ الرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً - ويُخْطِئْنَ بَلَداً - أَلَا وإِنَّ
أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنِي أُمَيَّةَ - فَإِنَّهَا
فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا (1258) وخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا وأَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا -
وأَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا - وايْمُ اللَّه لَتَجِدُنَّ بَنِي
أُمَيَّةَ لَكُمْ - أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِي كَالنَّابِ الضَّرُوسِ (1259) تَعْذِمُ (1260) بِفِيهَا
وتَخْبِطُ بِيَدِهَا - وتَزْبِنُ (1261) بِرِجْلِهَا
وتَمْنَعُ دَرَّهَا (1262) لَا يَزَالُونَ
بِكُمْ حَتَّى لَا يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلَّا نَافِعاً لَهُمْ - أَوْ غَيْرَ
ضَائِرٍ بِهِمْ - ولَا يَزَالُ بَلَاؤُهُمْ عَنْكُمْ - حَتَّى لَا يَكُونَ
انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ - إِلَّا كَانْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّه -
والصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِه - تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ (1263) مَخْشِيَّةً (1264) وقِطَعاً
جَاهِلِيَّةً - لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدًى ولَا عَلَمٌ يُرَى (1265). نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا
بِمَنْجَاةٍ ولَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ - ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللَّه عَنْكُمْ
كَتَفْرِيجِ الأَدِيمِ (1266) بِمَنْ
يَسُومُهُمْ خَسْفاً (1267) ويَسُوقُهُمْ عُنْفاً
- ويَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ (1268) لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ - ولَا يُحْلِسُهُمْ (1269) إِلَّا الْخَوْفَ - فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ بِالدُّنْيَا -
ومَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَنِي مَقَاماً وَاحِداً - ولَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ (1270) لأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْيَوْمَ بَعْضَه فَلَا يُعْطُونِيه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
94- و من خطبة له و فيها يصف اللّه تعالى ثم يبين
فضل الرسول الكريم و أهل بيته ثم يعظ الناس :
|
|||||||||||||||
اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
فَتَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي
لَا يَبْلُغُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ وَ لَا يَنَالُهُ حَدْسُ الْفِطَنِ الْأَوَّلُ
الَّذِي لَا غَايَةَ لَهُ فَيَنْتَهِيَ وَ لَا آخِرَ لَهُ فَيَنْقَضِيَ . |
|||||||||||||||
و منها في وصف الأنبياء
|
|||||||||||||||
ومنها في وصف الأنبياء فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ
مُسْتَوْدَعٍ - وأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ - تَنَاسَخَتْهُمْ (1271) كَرَائِمُ الأَصْلَابِ إِلَى مُطَهَّرَاتِ الأَرْحَامِ - كُلَّمَا
مَضَى مِنْهُمْ سَلَفٌ - قَامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللَّه خَلَفٌ. ----------------------------- (1271) تَنَاسَخَتْهُم:
تناقلتهم. |
|||||||||||||||
رسول اللّه و آل بيته
|
|||||||||||||||
رسول اللَّه وآل بيته حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللَّه
سُبْحَانَه وتَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله -
فَأَخْرَجَه مِنْ أَفْضَلِ الْمَعَادِنِ مَنْبِتاً (1272) وأَعَزِّ الأَرُومَاتِ (1273) مَغْرِساً (1274) مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ (1275) مِنْهَا أَنْبِيَاءَه - وانْتَجَبَ (1276) مِنْهَا أُمَنَاءَه عِتْرَتُه خَيْرُ الْعِتَرِ (1277) وأُسْرَتُه خَيْرُ الأُسَرِ وشَجَرَتُه خَيْرُ الشَّجَرِ - نَبَتَتْ
فِي حَرَمٍ وبَسَقَتْ (1278) فِي كَرَمٍ -
لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ وثَمَرٌ لَا يُنَالُ - فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى
وبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى - سِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُه وشِهَابٌ سَطَعَ نُورُه -
وزَنْدٌ بَرَقَ لَمْعُه سِيرَتُه الْقَصْدُ (1279) وسُنَّتُه الرُّشْدُ وكَلَامُه الْفَصْلُ وحُكْمُه الْعَدْلُ -
أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ (1280) مِنَ الرُّسُلِ -
وهَفْوَةٍ (1281) عَنِ الْعَمَلِ
وغَبَاوَةٍ مِنَ الأُمَمِ. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس اعْمَلُوا رَحِمَكُمُ اللَّه عَلَى
أَعْلَامٍ (1282) بَيِّنَةٍ
فَالطَّرِيقُ نَهْجٌ (1283)
(يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) - وأَنْتُمْ فِي
دَارِ مُسْتَعْتَبٍ (1284) عَلَى مَهَلٍ
وفَرَاغٍ - والصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ - والأَقْلَامُ جَارِيَةٌ - والأَبْدَانُ
صَحِيحَةٌ - والأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ - والتَّوْبَةُ مَسْمُوعَةٌ - والأَعْمَالُ
مَقْبُولَةٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
95- و من خطبة له يقرر فضيلة الرسول الكريم :
|
|||||||||||||||
95 - ومن خطبة له عليهالسلام يقرر فضيلة الرسول الكريم بَعَثَه والنَّاسُ ضُلَّالٌ فِي حَيْرَةٍ
- وحَاطِبُونَ (1285) فِي فِتْنَةٍ -
قَدِ اسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ - واسْتَزَلَّتْهُمُ (1286) الْكِبْرِيَاءُ - واسْتَخَفَّتْهُمُ (1287) الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ (1288) حَيَارَى فِي زَلْزَالٍ مِنَ الأَمْرِ - وبَلَاءٍ مِنَ الْجَهْلِ -
فَبَالَغَ صلىاللهعليهوآله فِي النَّصِيحَةِ - ومَضَى عَلَى
الطَّرِيقَةِ - ودَعَا إِلَى الْحِكْمَةِ «والْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ». -----------------------------
|
|||||||||||||||
96- و من خطبة له في اللّه و في الرسول الأكرم :
|
|||||||||||||||
اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
الْحَمْدُ لِلَّه الأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ
قَبْلَه - والآخِرِ فَلَا شَيْءَ بَعْدَه - والظَّاهِرِ فَلَا شَيْءَ فَوْقَه -
والْبَاطِنِ فَلَا شَيْءَ دُونَه. |
|||||||||||||||
و منها في ذكر الرسول صلى الله عليه وآله
|
|||||||||||||||
ومنها في ذكر الرسول صلى
الله عليه وآله مُسْتَقَرُّه خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ -
ومَنْبِتُه أَشْرَفُ مَنْبِتٍ - فِي مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ - ومَمَاهِدِ (1289) السَّلَامَةِ - قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَه أَفْئِدَةُ الأَبْرَارِ -
وثُنِيَتْ إِلَيْه أَزِمَّةُ (1290) الأَبْصَارِ -
دَفَنَ اللَّه بِه الضَّغَائِنَ (1291) وأَطْفَأَ بِه
الثَّوَائِرَ (1292) أَلَّفَ بِه
إِخْوَاناً - وفَرَّقَ بِه أَقْرَاناً - أَعَزَّ بِه الذِّلَّةَ - وأَذَلَّ بِه
الْعِزَّةَ - كَلَامُه بَيَانٌ وصَمْتُه لِسَانٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
97- و من خطبة له في أصحابه و أصحاب رسول اللّه :
|
|||||||||||||||
أصحاب علي
|
|||||||||||||||
97 - ومن خطبة له عليهالسلام في أصحابه وأصحاب رسول
اللَّه أصحاب علي ولَئِنْ أَمْهَلَ الظَّالِمَ - فَلَنْ
يَفُوتَ أَخْذُه - وهُوَ لَه بِالْمِرْصَادِ (1293) عَلَى مَجَازِ طَرِيقِه - وبِمَوْضِعِ الشَّجَا (1294) مِنْ مَسَاغِ رِيقِه (1295) أَمَا والَّذِي
نَفْسِي بِيَدِه - لَيَظْهَرَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ - لَيْسَ
لأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكُمْ - ولَكِنْ لإِسْرَاعِهِمْ إِلَى بَاطِلِ
صَاحِبِهِمْ وإِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقِّي - ولَقَدْ أَصْبَحَتِ الأُمَمُ تَخَافُ
ظُلْمَ رُعَاتِهَا - وأَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي - اسْتَنْفَرْتُكُمْ
لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا - وأَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا -
ودَعَوْتُكُمْ سِرّاً وجَهْراً فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا - ونَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ
تَقْبَلُوا - أَشُهُودٌ كَغُيَّابٍ (1296)وعَبِيدٌ
كَأَرْبَابٍ - أَتْلُو عَلَيْكُمْ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ مِنْهَا -
وأَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ - فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا -
وأَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ - فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي
- حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا (1297) تَرْجِعُونَ إِلَى مَجَالِسِكُمْ - وتَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ
- أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً وتَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً - كَظَهْرِ
الْحَنِيَّةِ (1298) عَجَزَ
الْمُقَوِّمُ وأَعْضَلَ الْمُقَوَّم(1299). أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ
أَبْدَانُهُمْ - الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ - الْمُخْتَلِفَةُ
أَهْوَاؤُهُمْ - الْمُبْتَلَى بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ - صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ
اللَّه وأَنْتُمْ تَعْصُونَه - وصَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّه - وهُمْ
يُطِيعُونَه - لَوَدِدْتُ واللَّه أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَنِي بِكُمْ - صَرْفَ
الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ - فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةَ مِنْكُمْ - وأَعْطَانِي
رَجُلًا مِنْهُمْ. يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ - مُنِيتُ مِنْكُمْ
بِثَلَاثٍ واثْنَتَيْنِ - صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ - وبُكْمٌ ذَوُو كَلَامٍ -
وعُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ - لَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ - ولَا
إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلَاءِ - تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ - يَا أَشْبَاه
الإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا - كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ
تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ - واللَّه لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيمَا إِخَالُكُمْ (1300) - أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى (1301) وحَمِيَ الضِّرَابُ - قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ -
انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا (1302) وإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ومِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي -
وإِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ - أَلْقُطُه لَقْطاً (1303). -----------------------------
|
|||||||||||||||
أصحاب رسول اللّه
|
|||||||||||||||
أصحاب رسول اللَّه انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ -
فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ (1304) واتَّبِعُوا
أَثَرَهُمْ - فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى - ولَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى -
فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا (1305) وإِنْ نَهَضُوا
فَانْهَضُوا - ولَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا - ولَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ
فَتَهْلِكُوا - لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله - فَمَا
أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ - لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً
غُبْراً (1306) وقَدْ بَاتُوا
سُجَّداً وقِيَاماً - يُرَاوِحُونَ (1307) بَيْنَ
جِبَاهِهِمْ وخُدُودِهِمْ - ويَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ
مَعَادِهِمْ - كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى (1308) مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ - إِذَا ذُكِرَ اللَّه هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ -
حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ - ومَادُوا (1309) كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ - خَوْفاً مِنَ
الْعِقَابِ ورَجَاءً لِلثَّوَابِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
98- و من كلام له يشير فيه إلى ظلم بني أمية :
|
|||||||||||||||
98 - ومن كلام له عليهالسلام يشير فيه إلى ظلم بني أمية واللَّه لَا يَزَالُونَ - حَتَّى لَا
يَدَعُوا لِلَّه مُحَرَّماً إِلَّا اسْتَحَلُّوه (1310) ولَا عَقْداً إِلَّا حَلُّوه - وحَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ ولَا
وَبَرٍ (1311) إِلَّا دَخَلَه
ظُلْمُهُمْ - ونَبَا بِه (1312) سُوءُ رَعْيِهِمْ
وحَتَّى يَقُومَ الْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ - بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِه - وبَاكٍ
يَبْكِي لِدُنْيَاه - وحَتَّى تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ -
كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِه - إِذَا شَهِدَ أَطَاعَه - وإِذَا غَابَ
اغْتَابَه - وحَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَكُمْ فِيهَا عَنَاءً أَحْسَنُكُمْ بِاللَّه
ظَنّاً - فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّه بِعَافِيَةٍ فَاقْبَلُوا - وإِنِ ابْتُلِيتُمْ
فَاصْبِرُوا - فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
99- و من خطبة له في التزهيد من الدنيا :
|
|||||||||||||||
99 - ومن خطبة له عليهالسلام في التزهيد من الدنيا نَحْمَدُه عَلَى مَا كَانَ -
ونَسْتَعِينُه مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ - ونَسْأَلُه الْمُعَافَاةَ فِي
الأَدْيَانِ - كَمَا نَسْأَلُه الْمُعَافَاةَ فِي الأَبْدَانِ. عِبَادَ اللَّه أُوصِيكُمْ بِالرَّفْضِ -
لِهَذِه الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ - وإِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا -
والْمُبْلِيَةِ لأَجْسَامِكُمْ وإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا -
فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ ومَثَلُهَا كَسَفْرٍ (1313) سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوه - وأَمُّوا (1314) عَلَماً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوه - وكَمْ عَسَى الْمُجْرِي إِلَى
الْغَايَةِ (1315) أَنْ يَجْرِيَ
إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا - ومَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَه
يَوْمٌ لَا يَعْدُوه - وطَالِبٌ حَثِيثٌ مِنَ الْمَوْتِ يَحْدُوه (1316) ومُزْعِجٌ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُفَارِقَهَا رَغْماً - فَلَا
تَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وفَخْرِهَا - ولَا تَعْجَبُوا بِزِينَتِهَا
ونَعِيمِهَا - ولَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وبُؤْسِهَا - فَإِنَّ عِزَّهَا
وفَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ - وإِنَّ زِينَتَهَا ونَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ -
وضَرَّاءَهَا وبُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ (1317) وكُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى انْتِهَاءٍ - وكُلُّ حَيٍّ فِيهَا إِلَى
فَنَاءٍ - أَولَيْسَ لَكُمْ فِي آثَارِ الأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ (1318) وفِي آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ تَبْصِرَةٌ ومُعْتَبَرٌ - إِنْ كُنْتُمْ
تَعْقِلُونَ - أَولَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِينَ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُونَ -
وإِلَى الْخَلَفِ الْبَاقِينَ لَا يَبْقَوْنَ - أَولَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ
الدُّنْيَا - يُصْبِحُونَ ويُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى - فَمَيِّتٌ
يُبْكَى وآخَرُ يُعَزَّى - وصَرِيعٌ مُبْتَلًى وعَائِدٌ يَعُودُ - وآخَرُ
بِنَفْسِه يَجُودُ (1319) وطَالِبٌ
لِلدُّنْيَا والْمَوْتُ يَطْلُبُه - وغَافِلٌ ولَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْه -
وعَلَى أَثَرِ الْمَاضِي مَا يَمْضِي الْبَاقِي! أَلَا فَاذْكُرُوا هَاذِمَ اللَّذَّاتِ -
ومُنَغِّصَ الشَّهَوَاتِ - وقَاطِعَ الأُمْنِيَاتِ - عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ (1320) لِلأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ - واسْتَعِينُوا اللَّه عَلَى أَدَاءِ
وَاجِبِ حَقِّه - ومَا لَا يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِه وإِحْسَانِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
100- و من خطبة له في رسول اللّه و أهل بيته :
|
|||||||||||||||
100 - ومن خطبة له عليهالسلام في رسول اللَّه وأهل بيته الْحَمْدُ لِلَّه النَّاشِرِ فِي
الْخَلْقِ فَضْلَه - والْبَاسِطِ فِيهِمْ بِالْجُودِ يَدَه - نَحْمَدُه فِي
جَمِيعِ أُمُورِه - ونَسْتَعِينُه عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِه - ونَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَه غَيْرُه - وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه - أَرْسَلَه بِأَمْرِه
صَادِعاً (1321) وبِذِكْرِه
نَاطِقاً - فَأَدَّى أَمِيناً ومَضَى رَشِيداً - وخَلَّفَ فِينَا رَايَةَ
الْحَقِّ - مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ (1322) ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا زَهَقَ (1323) ومَنْ لَزِمَهَا لَحِقَ - دَلِيلُهَا مَكِيثُ الْكَلَامِ (1324) بَطِيءُ الْقِيَامِ (1325) سَرِيعٌ إِذَا
قَامَ - فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَه رِقَابَكُمْ - وأَشَرْتُمْ إِلَيْه
بِأَصَابِعِكُمْ - جَاءَه الْمَوْتُ فَذَهَبَ بِه - فَلَبِثْتُمْ بَعْدَه مَا
شَاءَ اللَّه - حَتَّى يُطْلِعَ اللَّه لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ ويَضُمُّ
نَشْرَكُمْ (1326) فَلَا تَطْمَعُوا
فِي غَيْرِ مُقْبِلٍ (1327) ولَا تَيْأَسُوا
مِنْ مُدْبِرٍ (1328) فَإِنَّ
الْمُدْبِرَ عَسَى أَنْ تَزِلَّ بِه إِحْدَى قَائِمَتَيْه (1329) وتَثْبُتَ الأُخْرَى فَتَرْجِعَا حَتَّى تَثْبُتَا جَمِيعاً. أَلَا إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله
كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ - إِذَا خَوَى نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ (1330) فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللَّه فِيكُمُ الصَّنَائِعُ -
وأَرَاكُمْ مَا كُنْتُمْ تَأْمُلُونَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
101- و من خطبة له و هي
إحدى الخطب المشتملة على الملاحم :
|
|||||||||||||||
101 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي إحدى الخطب المشتملة
على الملاحم الْحَمْدُ لِلَّه الأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ
أَوَّلٍ والآخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِرٍ - وبِأَوَّلِيَّتِه وَجَبَ أَنْ لَا
أَوَّلَ لَه - وبِآخِرِيَّتِه وَجَبَ أَنْ لَا آخِرَ لَه وأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَه إِلَّا اللَّه شَهَادَةً - يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الإِعْلَانَ -
والْقَلْبُ اللِّسَانَ - أَيُّهَا النَّاسُ «لا يَجْرِمَنَّكُمْ (1331) شِقاقِي» (1332) ولَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ (1333) عِصْيَانِي - ولَا
تَتَرَامَوْا بِالأَبْصَارِ (1334) عِنْدَ مَا
تَسْمَعُونَه مِنِّي - فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ (1335) وبَرَأَ النَّسَمَةَ (1336) إِنَّ الَّذِي
أُنَبِّئُكُمْ بِه عَنِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صلىاللهعليهوآله - مَا
كَذَبَ الْمُبَلِّغُ ولَا جَهِلَ السَّامِعُ - لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
ضِلِّيلٍ (1337) قَدْ نَعَقَ (1338) بِالشَّامِ - وفَحَصَ بِرَايَاتِه (1339) فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ (1340) فَإِذَا فَغَرَتْ
فَاغِرَتُه (1341) واشْتَدَّتْ
شَكِيمَتُه (1342) وثَقُلَتْ فِي
الأَرْضِ وَطْأَتُه - عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيَابِهَا -
ومَاجَتِ الْحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا - وبَدَا مِنَ الأَيَّامِ كُلُوحُهَا (1343) ومِنَ اللَّيَالِي كُدُوحُهَا (1344) فَإِذَا أَيْنَعَ زَرْعُه وقَامَ عَلَى يَنْعِه (1345) وهَدَرَتْ شَقَاشِقُه (1346) وبَرَقَتْ
بَوَارِقُه (1347) عُقِدَتْ رَايَاتُ
الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ - وأَقْبَلْنَ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ والْبَحْرِ
الْمُلْتَطِمِ - هَذَا وكَمْ يَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِفٍ (1348) ويَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِفٍ (1349) وعَنْ قَلِيلٍ تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ (1350) ويُحْصَدُ الْقَائِمُ (1351) ويُحْطَمُ
الْمَحْصُودُ (1352)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
102- و من خطبة له تجري هذا المجرى و فيها ذكر يوم القيامة و
أحوال الناس المقبلة :
|
|||||||||||||||
يوم القيامة
|
|||||||||||||||
يوم القيامة وذَلِكَ يَوْمٌ يَجْمَعُ اللَّه فِيه
الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ - لِنِقَاشِ الْحِسَابِ (1353) وجَزَاءِ الأَعْمَالِ - خُضُوعاً قِيَاماً قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ
(1354) ورَجَفَتْ بِهِمُ
الأَرْضُ (1355) فَأَحْسَنُهُمْ
حَالًا مَنْ وَجَدَ لِقَدَمَيْه مَوْضِعاً - ولِنَفْسِه مُتَّسَعاً0 ----------------------------- (1353) نقاش الحساب:
الاستقصاء فيه. (1354)
ألْجَمَهُمُ العرقُ: سال منهم حتى بلغ إلى موضع اللَّجام من الدّابة وهو
الفم. (1355)
رَجَفَتْ بهم الأرض: تحرّكت واضطربت. |
|||||||||||||||
حال مقبلة على الناس
|
|||||||||||||||
حال مقبلة على الناس ومنها: فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ
الْمُظْلِمِ (1356) لَا تَقُومُ لَهَا
قَائِمَةٌ ولَا تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ - تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً (1357) يَحْفِزُهَا قَائِدُهَا (1358) ويَجْهَدُهَا (1359) رَاكِبُهَا - أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ (1360) قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ (1361) يُجَاهِدُهُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّه قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِينَ - فِي الأَرْضِ
مَجْهُولُونَ - وفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ - فَوَيْلٌ لَكِ يَا بَصْرَةُ
عِنْدَ ذَلِكِ - مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّه - لَا رَهَجَ (1362) لَه ولَا حَسَّ (1363) وسَيُبْتَلَى
أَهْلُكِ بِالْمَوْتِ الأَحْمَرِ - والْجُوعِ الأَغْبَرِ (1364)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
103- و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
في التزهيد في الدنيا
|
|||||||||||||||
103 - ومن خطبة له عليهالسلام في التزهيد في الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى
الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِينَ فِيهَا - الصَّادِفِينَ (1365) عَنْهَا - فَإِنَّهَا واللَّه عَمَّا قَلِيلٍ تُزِيلُ الثَّاوِيَ (1366) السَّاكِنَ - وتَفْجَعُ الْمُتْرَفَ (1367) الآْمِنَ - لَا يَرْجِعُ مَا تَوَلَّى مِنْهَا فَأَدْبَرَ - ولَا
يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرَ سُرُورُهَا مَشُوبٌ (1368) بِالْحُزْنِ - وجَلَدُ (1369) الرِّجَالِ فِيهَا
إِلَى الضَّعْفِ والْوَهْنِ (1370) فَلَا
يَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ مَا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا - لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ
مِنْهَا. رَحِمَ اللَّه امْرَأً تَفَكَّرَ
فَاعْتَبَرَ - واعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ - فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ
الدُّنْيَا عَنْ قَلِيلٍ لَمْ يَكُنْ - وكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ
الآخِرَةِ - عَمَّا قَلِيلٍ لَمْ يَزَلْ - وكُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ - وكُلُّ
مُتَوَقَّعٍ آتٍ - وكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ دَانٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفة العالم
|
|||||||||||||||
صفة العالم ومنها: الْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَه -
وكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا يَعْرِفَ قَدْرَه - وإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ
الرِّجَالِ إِلَى اللَّه تَعَالَى لَعَبْداً - وَكَلَه اللَّه إِلَى نَفْسِه -
جَائِراً عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ - سَائِراً بِغَيْرِ دَلِيلٍ - إِنْ دُعِيَ
إِلَى حَرْثِ (1371) الدُّنْيَا عَمِلَ
- وإِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ الآخِرَةِ كَسِلَ - كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَه وَاجِبٌ
عَلَيْه - وكَأَنَّ مَا وَنَى (1372) فِيه سَاقِطٌ
عَنْه. ----------------------------- (1371) الحَرْث: هنا
كل ما يصنع ليثمر فائدة. (1372)
وَنَى فيه: تراخى فيه. |
|||||||||||||||
آخر الزمان
|
|||||||||||||||
آخر الزمان ومنها: وذَلِكَ زَمَانٌ لَا يَنْجُو فِيه
إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ نُوَمَةٍ (1373) إِنْ شَهِدَ لَمْ
يُعْرَفْ وإِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ - أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى
وأَعْلَامُ السُّرَى (1374) لَيْسُوا
بِالْمَسَايِيحِ (1375) ولَا
الْمَذَايِيعِ (1376) الْبُذُرِ (1377) أُولَئِكَ يَفْتَحُ اللَّه لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِه - ويَكْشِفُ
عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نِقْمَتِه. أَيُّهَا النَّاسُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ
زَمَانٌ - يُكْفَأُ فِيه الإِسْلَامُ كَمَا يُكْفَأُ الإِنَاءُ بِمَا فِيه -
أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّ اللَّه قَدْ أَعَاذَكُمْ مِنْ أَنْ يَجُورَ
عَلَيْكُمْ - ولَمْ يُعِذْكُمْ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ (1378) وقَدْ قَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ - «إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ وإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ». -----------------------------
قال السيد الشريف الرضي أما
قوله عليهالسلام - كل مؤمن نومة - فإنما أراد
به الخامل الذكر القليل الشر - والمساييح جمع مسياح - وهو الذي يسيح بين الناس
بالفساد والنمائم - والمذاييع جمع مذياع - وهو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها
- ونوه بها - والبذر جمع بذور - وهو الذي يكثر سفهه ويلغو منطقه. |
|||||||||||||||
104- و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
104 - ومن خطبة له عليهالسلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه
بَعَثَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله - ولَيْسَ
أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً - ولَا يَدَّعِي نُبُوَّةً ولَا
وَحْياً - فَقَاتَلَ بِمَنْ أَطَاعَه مَنْ عَصَاه - يَسُوقُهُمْ إِلَى
مَنْجَاتِهِمْ - ويُبَادِرُ بِهِمُ السَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ - يَحْسِرُ
الْحَسِيرُ (1379) ويَقِفُ
الْكَسِيرُ (1380) فَيُقِيمُ عَلَيْه
حَتَّى يُلْحِقَه غَايَتَه - إِلَّا هَالِكاً لَا خَيْرَ فِيه - حَتَّى
أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ - وبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ - فَاسْتَدَارَتْ
رَحَاهُمْ (1381) واسْتَقَامَتْ
قَنَاتُهُمْ (1382) وايْمُ اللَّه
لَقَدْ كُنْتُ مِنْ سَاقَتِهَا - حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا -
واسْتَوْسَقَتْ فِي قِيَادِهَا - مَا ضَعُفْتُ ولَا جَبُنْتُ - ولَا خُنْتُ ولَا
وَهَنْتُ - وايْمُ اللَّه لأَبْقُرَنَّ (1383) الْبَاطِلَ - حَتَّى أُخْرِجَ الْحَقَّ مِنْ خَاصِرَتِه! قال السيد الشريف الرضي - وقد
تقدم مختار هذه الخطبة - إلا أنني وجدتها في هذه الرواية - على خلاف ما سبق من
زيادة ونقصان - فأوجبت الحال إثباتها ثانية. -----------------------------
|
|||||||||||||||
105- و من خطبة له في بعض صفات الرسول الكريم و تهديد بني أمية
و عظة الناس :
|
|||||||||||||||
الرسول الكريم
|
|||||||||||||||
105 - ومن خطبة له عليهالسلام في بعض صفات الرسول الكريم
وتهديد بني أمية وعظة الناس الرسول الكريم حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
- شَهِيداً وبَشِيراً ونَذِيراً - خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلًا - وأَنْجَبَهَا
كَهْلًا - وأَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً (1384) - وأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً (1385). ----------------------------- (1384)
الشّيِمة: الخلق. (1385)
الدّيمة: - بكسر الدال - المطر يدوم في سكون. والمستمطر - بفتح الطاء -
من يطلب منه المطر. |
|||||||||||||||
بنو أمية
|
|||||||||||||||
بنو أمية فَمَا احْلَوْلَتْ لَكُمُ الدُّنْيَا فِي
لَذَّتِهَا - ولَا تَمَكَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلَافِهَا (1386) - إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا صَادَفْتُمُوهَا جَائِلًا خِطَامُهَا (1387) - قَلِقاً وَضِينُهَا (1388) - قَدْ صَارَ
حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَامٍ - بِمَنْزِلَةِ السِّدْرِ الْمَخْضُودِ (1389) - وحَلَالُهَا بَعِيداً غَيْرَ مَوْجُودٍ - وصَادَفْتُمُوهَا واللَّه
ظِلاًّ مَمْدُوداً - إِلَى أَجْلٍ مَعْدُودٍ - فَالأَرْضُ لَكُمْ شَاغِرَةٌ (1390) - وأَيْدِيكُمْ فِيهَا مَبْسُوطَةٌ - وأَيْدِي الْقَادَةِ عَنْكُمْ
مَكْفُوفَةٌ - وسُيُوفُكُمْ عَلَيْهِمْ مُسَلَّطَةٌ - وسُيُوفُهُمْ عَنْكُمْ
مَقْبُوضَةٌ - أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً - ولِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً -
وإِنَّ الثَّائِرَ فِي دِمَائِنَا كَالْحَاكِمِ فِي حَقِّ نَفْسِه - وهُوَ
اللَّه الَّذِي لَا يُعْجِزُه مَنْ طَلَبَ – ولَا يَفُوتُه مَنْ هَرَبَ -
فَأُقْسِمُ بِاللَّه يَا بَنِي أُمَيَّةَ عَمَّا قَلِيلٍ - لَتَعْرِفُنَّهَا فِي
أَيْدِي غَيْرِكُمْ - وفِي دَارِ عَدُوِّكُمْ أَلَا إِنَّ أَبْصَرَ الأَبْصَارِ
مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُه - أَلَا إِنَّ أَسْمَعَ الأَسْمَاعِ مَا وَعَى
التَّذْكِيرَ وقَبِلَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
وعظ الناس
|
|||||||||||||||
وعظ الناس أَيُّهَا النَّاسُ - اسْتَصْبِحُوا مِنْ
شُعْلَةِ مِصْبَاحٍ وَاعِظٍ مُتَّعِظٍ وامْتَاحُوا (1391) مِنْ صَفْوِ عَيْنٍ قَدْ رُوِّقَتْ (1392) مِنَ الْكَدَرِ. عِبَادَ اللَّه لَا تَرْكَنُوا إِلَى
جَهَالَتِكُمْ - ولَا تَنْقَادُوا لأَهْوَائِكُمْ فَإِنَّ النَّازِلَ بِهَذَا
الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ (1393) - يَنْقُلُ الرَّدَى (1394) عَلَى ظَهْرِه
مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ - لِرَأْيٍ يُحْدِثُه بَعْدَ رَأْيٍ - يُرِيدُ
أَنْ يُلْصِقَ مَا لَا يَلْتَصِقُ - ويُقَرِّبَ مَا لَا يَتَقَارَبُ - فَاللَّه
اللَّه أَنْ تَشْكُوا إِلَى مَنْ لَا يُشْكِي (1395) شَجْوَكُمْ (1396) - ولَا يَنْقُضُ
بِرَأْيِه مَا قَدْ أَبْرَمَ لَكُمْ - إِنَّه لَيْسَ عَلَى الإِمَامِ إِلَّا مَا
حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّه - الإِبْلَاغُ فِي الْمَوْعِظَةِ - والِاجْتِهَادُ
فِي النَّصِيحَةِ - والإِحْيَاءُ لِلسُّنَّةِ - وإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا
- وإِصْدَارُ السُّهْمَانِ (1397) عَلَى أَهْلِهَا -
فَبَادِرُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ تَصْوِيحِ (1398) نَبْتِه - ومِنْ قَبْلِ أَنْ تُشْغَلُوا بِأَنْفُسِكُمْ - عَنْ
مُسْتَثَارِ (1399) الْعِلْمِ مِنْ
عِنْدِ أَهْلِه - وانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وتَنَاهَوْا عَنْه - فَإِنَّمَا
أُمِرْتُمْ بِالنَّهْيِ بَعْدَ التَّنَاهِي! -----------------------------
|
|||||||||||||||
106- و من خطبة له و فيها يبين فضل الإسلام و يذكر
الرسول الكريم ثم يلوم أصحابه :
|
|||||||||||||||
دين الإسلام
|
|||||||||||||||
106 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يبين فضل الإسلام
ويذكر الرسول الكريم ثم يلوم أصحابه دين الإسلام الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي شَرَعَ
الإِسْلَامَ - فَسَهَّلَ شَرَائِعَه لِمَنْ وَرَدَه - وأَعَزَّ أَرْكَانَه عَلَى
مَنْ غَالَبَه - فَجَعَلَه أَمْناً لِمَنْ عَلِقَه (1400) - وسِلْماً لِمَنْ دَخَلَه - وبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِه -
وشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْه - ونُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِه وفَهْماً
لِمَنْ عَقَلَ - ولُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ - وآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ - وتَبْصِرَةً
لِمَنْ عَزَمَ - وعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ونَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ وثِقَةً
لِمَنْ تَوَكَّلَ - ورَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ وجُنَّةً (1401) لِمَنْ صَبَرَ - فَهُوَ أَبْلَجُ الْمَنَاهِجِ (1402) وأَوْضَحُ الْوَلَائِجِ (1403) - مُشْرَفُ
الْمَنَارِ (1404) مُشْرِقُ
الْجَوَادِّ (1405) - مُضِيءُ
الْمَصَابِيحِ كَرِيمُ الْمِضْمَارِ (1406) - رَفِيعُ
الْغَايَةِ جَامِعُ الْحَلْبَةِ (1407) - مُتَنَافِسُ
السُّبْقَةِ (1408) شَرِيفُ
الْفُرْسَانِ - التَّصْدِيقُ مِنْهَاجُه - والصَّالِحَاتُ مَنَارُه - والْمَوْتُ
غَايَتُه والدُّنْيَا مِضْمَارُه - والْقِيَامَةُ حَلْبَتُه والْجَنَّةُ
سُبْقَتُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في ذكر النبي
|
|||||||||||||||
ومنها في ذكر النبي صلى
الله عليه وآله حَتَّى أَوْرَى (1409) قَبَساً لِقَابِسٍ (1410) - وأَنَارَ عَلَماً
لِحَابِسٍ (1411) - فَهُوَ
أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ - وشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ - وبَعِيثُكَ (1412) نِعْمَةً ورَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً - اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَه
مَقْسَماً (1413) مِنْ عَدْلِكَ -
واجْزِه مُضَعَّفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ - اللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى
بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَه - وأَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَه (1414) - وشَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَه - وآتِه الْوَسِيلَةَ وأَعْطِه
السَّنَاءَ (1415) والْفَضِيلَةَ -
واحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِه - غَيْرَ خَزَايَا (1416) ولَا نَادِمِينَ - ولَا نَاكِبِينَ (1417) ولَا نَاكِثِينَ (1418) - ولَا ضَالِّينَ
ولَا مُضِلِّينَ ولَا مَفْتُونِينَ. قال الشريف - وقد
مضى هذا الكلام فيما تقدم - إلا أننا كررناه هاهنا - لما في الروايتين من
الاختلاف. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
و منها في خطاب أصحابه
|
|||||||||||||||
ومنها في خطاب أصحابه وقَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللَّه
تَعَالَى لَكُمْ - مَنْزِلَةً تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ - وتُوصَلُ بِهَا
جِيرَانُكُمْ - ويُعَظِّمُكُمْ مَنْ لَا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْه - ولَا يَدَ
لَكُمْ عِنْدَه - ويَهَابُكُمْ مَنْ لَا يَخَافُ لَكُمْ سَطْوَةً - ولَا لَكُمْ
عَلَيْه إِمْرَةٌ - وقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللَّه مَنْقُوضَةً فَلَا
تَغْضَبُونَ - وأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ - وكَانَتْ
أُمُورُ اللَّه عَلَيْكُمْ تَرِدُ - وعَنْكُمْ تَصْدُرُ وإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ -
فَمَكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ - وأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ
أَزِمَّتَكُمْ - وأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللَّه فِي أَيْدِيهِمْ - يَعْمَلُونَ
بِالشُّبُهَاتِ - ويَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ - وايْمُ اللَّه لَوْ
فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ - لَجَمَعَكُمُ اللَّه لِشَرِّ يَوْمٍ
لَهُمْ! . |
|||||||||||||||
107 و من كلام له في بعض أيام صفين :
|
|||||||||||||||
107 - ومن كلام له عليهالسلام في بعض أيام صفين وقَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ -
وانْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ - تَحُوزُكُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ (1419) - وأَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ - وأَنْتُمْ لَهَامِيمُ (1420) الْعَرَبِ - ويَآفِيخُ (1421) الشَّرَفِ -
والأَنْفُ الْمُقَدَّمُ - والسَّنَامُ الأَعْظَمُ - ولَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ (1422) صَدْرِي - أَنْ رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ (1423) - تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ - وتُزِيلُونَهُمْ عَنْ
مَوَاقِفِهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ - حَسّاً بِالنِّصَالِ (1424) وشَجْراً بِالرِّمَاحِ (1425) - تَرْكَبُ
أُوْلَاهُمْ - أُخْرَاهُمْ كَالإِبِلِ الْهِيمِ (1426) الْمَطْرُودَةِ - تُرْمَى عَنْ حِيَاضِهَا - وتُذَادُ (1427) عَنْ مَوَارِدِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
108 و من خطبة له و هي من خطب الملاحم :
|
|||||||||||||||
اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
اللَّه تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِه
بِخَلْقِه - والظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِه - خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ
غَيْرِ رَوِيَّةٍ - إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِذَوِي
الضَّمَائِرِ (1428) - ولَيْسَ بِذِي
ضَمِيرٍ فِي نَفْسِه - خَرَقَ عِلْمُه بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَاتِ (1429) - وأَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ. ----------------------------- (1427) تُذَادُ:
تمنع. (1428)
المراد «بذوي الضمائر» ذوو القلوب والحواسّ البدائية. (1429)
السّترات: جمع سترة ما يستر به أيّا كان.. |
|||||||||||||||
وَ مِنْهَا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ
|
|||||||||||||||
ومِنْهَا فِي ذِكْرِ صلىاللهعليهوآله: النَّبِيِّ عليهالسلام اخْتَارَه مِنْ شَجَرَةِ الأَنْبِيَاءِ -
ومِشْكَاةِ الضِّيَاءِ (1430) وذُؤَابَةِ
الْعَلْيَاءِ (1431) - وسُرَّةِ
الْبَطْحَاءِ (1432) ومَصَابِيحِ
الظُّلْمَةِ - ويَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ. ----------------------------- (1430) المِشْكاة: كل
كوّة غير نافذة ومن العادة أن يوضع فيها المصباح. (1431)
الذّؤابة: الناصية أو منبتها من الرأس. (1432)
البَطْحاء: ما بين أخشبي مكة كانت تسكنه قبائل من قريش ويقال لهم
قريش البطاح. |
|||||||||||||||
فتنة بني أمية
|
|||||||||||||||
فتنة بني أمية ومنها: طَبِيبٌ دَوَّارٌ
بِطِبِّه قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَه - وأَحْمَى مَوَاسِمَه (1433) يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْه - مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ
وآذَانٍ صُمٍّ - وأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ - مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِه مَوَاضِعَ
الْغَفْلَةِ - ومَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ
الْحِكْمَةِ - ولَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ - فَهُمْ فِي
ذَلِكَ كَالأَنْعَامِ السَّائِمَةِ - والصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ. قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ (1434) لأَهْلِ الْبَصَائِرِ - ووَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا (1435) - وأَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا - وظَهَرَتِ الْعَلَامَةُ
لِمُتَوَسِّمِهَا - مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ - وأَرْوَاحاً
بِلَا أَشْبَاحٍ - ونُسَّاكاً بِلَا صَلَاحٍ - وتُجَّاراً بِلَا أَرْبَاحٍ -
وأَيْقَاظاً نُوَّماً - وشُهُوداً غُيَّباً - ونَاظِرَةً عَمْيَاءَ - وسَامِعَةً
صَمَّاءَ - ونَاطِقَةً بَكْمَاءَ رَايَةُ ضَلَالٍ قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا (1436) - وتَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا (1437) - تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا (1438) - وتَخْبِطُكُمْ
بِبَاعِهَا (1439) - قَائِدُهَا
خَارِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ - قَائِمٌ عَلَى الضِّلَّةِ؛ فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ
مِنْكُمْ إِلَّا ثُفَالَةٌ (1440) كَثُفَالَةِ
الْقِدْرِ - أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ (1441) - تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الأَدِيمِ (1442) - وتَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ (1443) - وتَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ - اسْتِخْلَاصَ الطَّيْرِ
الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ (1444) - مِنْ بَيْنِ
هَزِيلِ الْحَبِّ. أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ -
وتَتِيه بِكُمُ الْغَيَاهِبُ - وتَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ - ومِنْ أَيْنَ
تُؤْتَوْنَ - وأَنَّى تُؤْفَكُونَ - فَ (لِكُلِّ
أَجَلٍ كِتابٌ) - ولِكُلِّ غَيْبَةٍ إِيَابٌ -
فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ (1445) - وأَحْضِرُوه
قُلُوبَكُمْ - واسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ (1446) - ولْيَصْدُقْ رَائِدٌ (1447) أَهْلَه -
ولْيَجْمَعْ شَمْلَه - ولْيُحْضِرْ ذِهْنَه - فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الأَمْرَ
فَلْقَ الْخَرَزَةِ - وقَرَفَه قَرْفَ الصَّمْغَةِ (1448) فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَه - ورَكِبَ الْجَهْلُ
مَرَاكِبَه - وعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ وقَلَّتِ الدَّاعِيَةُ - وصَالَ الدَّهْرُ
صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ - وهَدَرَ فَنِيقُ (1449) الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ (1450) - وتَوَاخَى
النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ - وتَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ - وتَحَابُّوا عَلَى
الْكَذِبِ - وتَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ - فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ
الْوَلَدُ غَيْظاً (1451) - والْمَطَرُ
قَيْظاً (1452) وتَفِيضُ
اللِّئَامُ فَيْضاً (1453) - وتَغِيضُ
الْكِرَامُ غَيْضاً - وكَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً - وسَلَاطِينُه
سِبَاعاً وأَوْسَاطُه أُكَّالًا - وفُقَرَاؤُه أَمْوَاتاً وغَارَ الصِّدْقُ -
وفَاضَ الْكَذِبُ - واسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ - وتَشَاجَرَ
النَّاسُ بِالْقُلُوبِ - وصَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً - والْعَفَافُ عَجَباً –
ولُبِسَ الإِسْلَامُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوباً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
109 و من خطبة له في بيان قدرة اللّه و انفراده بالعظمة و أمر
البعث :
|
|||||||||||||||
قدرة اللّه
|
|||||||||||||||
109 - ومن خطبة له عليهالسلام في بيان قدرة اللَّه
وانفراده بالعظمة وأمر البعث قدرة اللَّه كُلُّ شَيْءٍ خَاشِعٌ لَه - وكُلُّ شَيْءٍ
قَائِمٌ بِه - غِنَى كُلِّ فَقِيرٍ - وعِزُّ كُلِّ ذَلِيلٍ - وقُوَّةُ كُلِّ
ضَعِيفٍ - ومَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ - مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَه - ومَنْ
سَكَتَ عَلِمَ سِرَّه - ومَنْ عَاشَ فَعَلَيْه رِزْقُه - ومَنْ مَاتَ فَإِلَيْه
مُنْقَلَبُه - لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ - بَلْ كُنْتَ قَبْلَ
الْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ - لَمْ تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَةٍ - ولَا
اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَةٍ - ولَا يَسْبِقُكَ مَنْ طَلَبْتَ - ولَا
يُفْلِتُكَ (1454) مَنْ أَخَذْتَ -
ولَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ - ولَا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مَنْ
أَطَاعَكَ - ولَا يَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ - ولَا يَسْتَغْنِي
عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ - كُلُّ سِرٍّ عِنْدَكَ عَلَانِيَةٌ -
وكُلُّ غَيْبٍ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ - أَنْتَ الأَبَدُ فَلَا أَمَدَ لَكَ -
وأَنْتَ الْمُنْتَهَى فَلَا مَحِيصَ عَنْكَ - وأَنْتَ الْمَوْعِدُ فَلَا مَنْجَى
مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ - بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ - وإِلَيْكَ
مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَةٍ - سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ - سُبْحَانَكَ مَا
أَعْظَمَ مَا نَرَى مِنْ خَلْقِكَ - ومَا أَصْغَرَ كُلَّ عَظِيمَةٍ فِي جَنْبِ
قُدْرَتِكَ - ومَا أَهْوَلَ مَا نَرَى مِنْ مَلَكُوتِكَ - ومَا أَحْقَرَ ذَلِكَ
فِيمَا غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ - ومَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا
- ومَا أَصْغَرَهَا فِي نِعَمِ الآخِرَةِ. ----------------------------- (1454) لا يُفْلِتُكَ: لا
ينفلت منك |
|||||||||||||||
الملائكة الكرام
|
|||||||||||||||
الملائكة الكرام ومنها: مِنْ مَلَائِكَةٍ أَسْكَنْتَهُمْ
سَمَاوَاتِكَ - ورَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ - هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ -
وأَخْوَفُهُمْ لَكَ وأَقْرَبُهُمْ مِنْكَ - لَمْ يَسْكُنُوا الأَصْلَابَ - ولَمْ
يُضَمَّنُوا الأَرْحَامَ - ولَمْ يُخْلَقُوا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (1455) - ولَمْ يَتَشَعَّبْهُمْ رَيْبُ الْمَنُونِ (1456) - وإِنَّهُمْ عَلَى مَكَانِهِمْ مِنْكَ - ومَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ
واسْتِجْمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فِيكَ - وكَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ وقِلَّةِ
غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ - لَوْ عَايَنُوا كُنْه مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ
مِنْكَ - لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ ولَزَرَوْا (1457) عَلَى أَنْفُسِهِمْ - ولَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوكَ حَقَّ
عِبَادَتِكَ - ولَمْ يُطِيعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ. ----------------------------- (1455) المَهِين:
الحقير يريد النطفة. (1456)
المَنُون: الدهر. والرّيب: صرفه. أي لم تفرّقهم صروف الزمان. (1457)
زَرَى عليه: - كرمى - عابه. . |
|||||||||||||||
عصيان الخلق
|
|||||||||||||||
عصيان الخلق سُبْحَانَكَ خَالِقاً ومَعْبُوداً -
بِحُسْنِ بَلَائِكَ (1458) عِنْدَ خَلْقِكَ
خَلَقْتَ دَاراً - وجَعَلْتَ فِيهَا مَأْدُبَةً (1459) - مَشْرَباً ومَطْعَماً وأَزْوَاجاً - وخَدَماً وقُصُوراً -
وأَنْهَاراً وزُرُوعاً وثِمَاراً - ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِياً يَدْعُو إِلَيْهَا
- فَلَا الدَّاعِيَ أَجَابُوا - ولَا فِيمَا رَغَّبْتَ رَغِبُوا - ولَا إِلَى
مَا شَوَّقْتَ إِلَيْه اشْتَاقُوا - أَقْبَلُوا عَلَى جِيفَةٍ قَدِ افْتَضَحُوا
بِأَكْلِهَا - واصْطَلَحُوا عَلَى حُبِّهَا - ومَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى (1460) بَصَرَه - وأَمْرَضَ قَلْبَه - فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ غَيْرِ
صَحِيحَةٍ - ويَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَيْرِ سَمِيعَةٍ - قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ
عَقْلَه - وأَمَاتَتِ الدُّنْيَا قَلْبَه - ووَلِهَتْ عَلَيْهَا نَفْسُه -
فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا - ولِمَنْ فِي يَدَيْه شَيْءٌ مِنْهَا - حَيْثُمَا زَالَتْ
زَالَ إِلَيْهَا - وحَيْثُمَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا - لَا يَنْزَجِرُ
مِنَ اللَّه بِزَاجِرٍ - ولَا يَتَّعِظُ مِنْه بِوَاعِظٍ - وهُوَ يَرَى
الْمَأْخُوذِينَ عَلَى الْغِرَّةِ (1461) - حَيْثُ لَا
إِقَالَةَ ولَا رَجْعَةَ - كَيْفَ نَزَلَ بِهِمْ مَا كَانُوا يَجْهَلُونَ -
وجَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا مَا كَانُوا يَأْمَنُونَ - وقَدِمُوا مِنَ
الآخِرَةِ عَلَى مَا كَانُوا يُوعَدُونَ - فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِمْ
- اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ - وحَسْرَةُ الْفَوْتِ فَفَتَرَتْ
لَهَا أَطْرَافُهُمْ - وتَغَيَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ - ثُمَّ ازْدَادَ
الْمَوْتُ فِيهِمْ وُلُوجاً (1462) - فَحِيلَ بَيْنَ
أَحَدِهِمْ وبَيْنَ مَنْطِقِه - وإِنَّه لَبَيْنَ أَهْلِه يَنْظُرُ بِبَصَرِه -
ويَسْمَعُ بِأُذُنِه عَلَى صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِه - وبَقَاءٍ مِنْ لُبِّه -
يُفَكِّرُ فِيمَ أَفْنَى عُمُرَه - وفِيمَ أَذْهَبَ دَهْرَه - ويَتَذَكَّرُ
أَمْوَالًا جَمَعَهَا أَغْمَضَ (1453) فِي مَطَالِبِهَا
- وأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا ومُشْتَبِهَاتِهَا - قَدْ لَزِمَتْه
تَبِعَاتُ (1464) جَمْعِهَا -
وأَشْرَفَ عَلَى فِرَاقِهَا - تَبْقَى لِمَنْ وَرَاءَه يَنْعَمُونَ فِيهَا -
ويَتَمَتَّعُونَ بِهَا - فَيَكُونُ الْمَهْنَأُ (1465) لِغَيْرِه والْعِبْءُ (1466) عَلَى ظَهْرِه -
والْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُه (1467) بِهَا - فَهُوَ
يَعَضُّ يَدَه نَدَامَةً - عَلَى مَا أَصْحَرَ (1468) لَه عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِه - ويَزْهَدُ فِيمَا كَانَ يَرْغَبُ
فِيه أَيَّامَ عُمُرِه - ويَتَمَنَّى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَغْبِطُه بِهَا -
ويَحْسُدُه عَلَيْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَه - فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ
فِي جَسَدِه - حَتَّى خَالَطَ لِسَانُه سَمْعَه - فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِه لَا
يَنْطِقُ بِلِسَانِه (1469) - ولَا يَسْمَعُ
بِسَمْعِه - يُرَدِّدُ طَرْفَه بِالنَّظَرِ فِي وُجُوهِهِمْ - يَرَى حَرَكَاتِ
أَلْسِنَتِهِمْ - ولَا يَسْمَعُ رَجْعَ كَلَامِهِمْ - ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ
الْتِيَاطاً (1470) بِه - فَقُبِضَ
بَصَرُه كَمَا قُبِضَ سَمْعُه وخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِه - فَصَارَ
جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِه - قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِه - وتَبَاعَدُوا مِنْ
قُرْبِه - لَا يُسْعِدُ بَاكِياً ولَا يُجِيبُ دَاعِياً - ثُمَّ حَمَلُوه إِلَى
مَخَطٌّ فِي الأَرْضِ - فَأَسْلَمُوه فِيه إِلَى عَمَلِه - وانْقَطَعُوا عَنْ
زَوْرَتِه(1471). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
القيامة
|
|||||||||||||||
القيامة حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَه -
والأَمْرُ مَقَادِيرَه - وأُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِه - وجَاءَ مِنْ
أَمْرِ اللَّه مَا يُرِيدُه - مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِه - أَمَادَ (1472) السَّمَاءَ وفَطَرَهَا (1473) - وأَرَجَّ
الأَرْضَ وأَرْجَفَهَا - وقَلَعَ جِبَالَهَا ونَسَفَهَا - ودَكَّ بَعْضُهَا
بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلَالَتِه - ومَخُوفِ سَطْوَتِه - وأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا
فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلَاقِهِمْ (1474) - وجَمَعَهُمْ
بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ - ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُه مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ -
عَنْ خَفَايَا الأَعْمَالِ وخَبَايَا الأَفْعَالِ - وجَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ -
أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلَاءِ وانْتَقَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ - فَأَمَّا أَهْلُ
الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِه - وخَلَّدَهُمْ فِي دَارِه - حَيْثُ لَا
يَظْعَنُ النُّزَّالُ - ولَا تَتَغَيَّرُ بِهِمُ الْحَالُ - ولَا تَنُوبُهُمُ
الأَفْزَاعُ (1475) - ولَا
تَنَالُهُمُ الأَسْقَامُ ولَا تَعْرِضُ لَهُمُ الأَخْطَارُ - ولَا تُشْخِصُهُمُ (1476) الأَسْفَارُ - وأَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ - فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ
دَارٍ وغَلَّ الأَيْدِيَ إِلَى الأَعْنَاقِ - وقَرَنَ النَّوَاصِيَ
بِالأَقْدَامِ - وأَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ الْقَطِرَانِ (1477) - ومُقَطَّعَاتِ (1478) النِّيرَانِ - فِي
عَذَابٍ قَدِ اشْتَدَّ حَرُّه - وبَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِه - فِي نَارٍ
لَهَا كَلَبٌ (1479) ولَجَبٌ (1480) - ولَهَبٌ سَاطِعٌ وقَصِيفٌ (1481) هَائِلٌ - لَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا - ولَا يُفَادَى أَسِيرُهَا - ولَا
تُفْصَمُ كُبُولُهَا (1482) - لَا مُدَّةَ
لِلدَّارِ فَتَفْنَى - ولَا أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضَى. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
زهد النبي
|
|||||||||||||||
زهد النبي ومنها في ذكر النبي صلىاللهعليهوآله
- قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا وصَغَّرَهَا - وأَهْوَنَ بِهَا وهَوَّنَهَا - وعَلِمَ
أَنَّ اللَّه زَوَاهَا (1483) عَنْه اخْتِيَاراً
- وبَسَطَهَا لِغَيْرِه احْتِقَاراً - فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِه - وأَمَاتَ
ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِه - وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِه -
لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً (1484) - أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً - بَلَّغَ عَنْ رَبِّه مُعْذِراً (1485) - ونَصَحَ لأُمَّتِه مُنْذِراً - ودَعَا إِلَى الْجَنَّةِ مُبَشِّراً -
وخَوَّفَ مِنَ النَّارِ مُحَذِّراً. ----------------------------- (1483) زَوَاها:
قبضها. (1484)
الرِّيَاش: اللباس الفاخر. (1485)
مُعْذِراً: مبيّنا لله حجة تقوم مقام العذر في عقابهم إن خالفوا
أمره. |
|||||||||||||||
أهل البيت
|
|||||||||||||||
أهل البيت نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ - ومَحَطُّ
الرِّسَالَةِ - ومُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ (1486) ومَعَادِنُ الْعِلْمِ
ويَنَابِيعُ الْحُكْمِ - نَاصِرُنَا ومُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ -
وعَدُوُّنَا ومُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ. ----------------------------- (1486) مُخْتَلَف الملائكة: -
بفتح اللام - محل اختلافهم أي ورود واحد منهم بعد الآخر فيكون الثاني كأنه خلف
للأول وهكذا. |
|||||||||||||||
110 و من خطبة له في أركان الدين :
|
|||||||||||||||
الإسلام
|
|||||||||||||||
110 - ومن خطبة له عليهالسلام في أركان الدين الإسلام إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِه
الْمُتَوَسِّلُونَ - إِلَى اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى - الإِيمَانُ بِه
وبِرَسُولِه والْجِهَادُ فِي سَبِيلِه - فَإِنَّه ذِرْوَةُ الإِسْلَامِ -
وكَلِمَةُ الإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ - وإِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا
الْمِلَّةُ - وإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ - وصَوْمُ
شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّه جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ - وحَجُّ الْبَيْتِ
واعْتِمَارُه - فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ ويَرْحَضَانِ الذَّنْبَ (1487) - وصِلَةُ الرَّحِمِ - فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ ومَنْسَأَةٌ (1488) فِي الأَجَلِ - وصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ
- وصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ - وصَنَائِعُ
الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ. أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللَّه فَإِنَّه
أَحْسَنُ الذِّكْرِ - وارْغَبُوا فِيمَا وَعَدَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّ وَعْدَه
أَصْدَقُ الْوَعْدِ - واقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّه أَفْضَلُ
الْهَدْيِ - واسْتَنُّوا بِسُنَّتِه فَإِنَّهَا أَهْدَى السُّنَنِ. ----------------------------- (1487) رَحَضَه: -
كمنعه - غسله. (1488)
مَنْسَأة: مطال فيه ومزيد. |
|||||||||||||||
فضل القرآن
|
|||||||||||||||
فضل القرآن وتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّه
أَحْسَنُ الْحَدِيثِ - وتَفَقَّهُوا فِيه فَإِنَّه رَبِيعُ الْقُلُوبِ -
واسْتَشْفُوا بِنُورِه فَإِنَّه شِفَاءُ الصُّدُورِ - وأَحْسِنُوا تِلَاوَتَه
فَإِنَّه أَنْفَعُ الْقَصَصِ - وإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِه -
كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِه - بَلِ
الْحُجَّةُ عَلَيْه أَعْظَمُ والْحَسْرَةُ لَه أَلْزَمُ - وهُوَ عِنْدَ اللَّه
أَلْوَمُ (1489). ----------------------------- (1489) ألْوَمُ: أشد
لوما لنفسه لأنه لا يجد عذرا يقبل أو يرد. |
|||||||||||||||
111 و من خطبة له في ذم الدنيا :
|
|||||||||||||||
111 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم الدنيا أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ
الدُّنْيَا - فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ - حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ
وتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ - ورَاقَتْ بِالْقَلِيلِ وتَحَلَّتْ بِالآمَالِ -
وتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا (1490) - ولَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا - غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ (1491) زَائِلَةٌ - نَافِدَةٌ (1492) بَائِدَةٌ (1493) أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ (1494) - لَا تَعْدُو -
إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا والرِّضَاءِ بِهَا
- أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى سُبْحَانَه - «كَماءٍ
أَنْزَلْناه مِنَ السَّماءِ - فَاخْتَلَطَ بِه نَباتُ الأَرْضِ - فَأَصْبَحَ
هَشِيماً (1495) تَذْرُوه
الرِّياحُ - وكانَ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً» - لَمْ يَكُنِ
امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَةٍ - إِلَّا أَعْقَبَتْه بَعْدَهَا عَبْرَةً (1496) - ولَمْ يَلْقَ فِي سَرَّائِهَا بَطْناً (1497) - إِلَّا مَنَحَتْه مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً (1498) ولَمْ تَطُلَّه (1499) فِيهَا دِيمَةُ (1500) رَخَاءٍ (1501) - إِلَّا هَتَنَتْ
(1502) عَلَيْه مُزْنَةُ
بَلَاءٍ - وحَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَه مُنْتَصِرَةً - أَنْ تُمْسِيَ لَه
مُتَنَكِّرَةً - وإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ واحْلَوْلَى - أَمَرَّ
مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى (1503) - لَا يَنَالُ
امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا (1504) رَغَباً (1505) - إِلَّا أَرْهَقَتْه (1506) مِنْ نَوَائِبِهَا
تَعَباً - ولَا يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْنٍ - إِلَّا أَصْبَحَ عَلَى
قَوَادِمِ (1507) خَوْفٍ -
غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانِيَةٌ - فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا - لَا خَيْرَ
فِي شَيْءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى - مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا
اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤْمِنُه - ومَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا
يُوبِقُه (1508) - وزَالَ عَمَّا
قَلِيلٍ عَنْه - كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْه - وذِي طُمَأْنِينَةٍ
إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْه - وذِي أُبَّهَةٍ (1509) قَدْ جَعَلَتْه حَقِيراً - وذِي نَخْوَةٍ (1510) قَدْ رَدَّتْه ذَلِيلًا - سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ (1511) وعَيْشُهَا رَنِقٌ (1512) - وعَذْبُهَا
أُجَاجٌ (1513) وحُلْوُهَا صَبِرٌ
(1514) - وغِذَاؤُهَا
سِمَامٌ (1515) وأَسْبَابُهَا
رِمَامٌ (1516) - حَيُّهَا
بِعَرَضِ مَوْتٍ - وصَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ - مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ -
وعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ - ومَوْفُورُهَا (1517) مَنْكُوبٌ - وجَارُهَا مَحْرُوبٌ (1518) - أَلَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ - مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ
أَعْمَاراً - وأَبْقَى آثَاراً وأَبْعَدَ آمَالًا - وأَعَدَّ عَدِيداً وأَكْثَفَ
جُنُوداً - تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ - وآثَرُوهَا أَيَّ
إِيْثَارٍ - ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِغَيْرِ زَادٍ مُبَلِّغٍ - ولَا ظَهْرٍ
قَاطِعٍ (1519) - فَهَلْ
بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَةٍ - أَوْ
أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ - أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً - بَلْ
أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ (1521) - وأَوْهَقَتْهُمْ
بِالْقَوَارِعِ (1522) - وضَعْضَعَتْهُمْ
(1523) بِالنَّوَائِبِ -
وعَفَّرَتْهُمْ (1524) لِلْمَنَاخِرِ
ووَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ (1525) - وأَعَانَتْ
عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ - فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ
لَهَا (1526) - وآثَرَهَا
وأَخْلَدَ إِلَيْهَا (1527) - حِينَ ظَعَنُوا
عَنْهَا لِفِرَاقِ الأَبَدِ - وهَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ (1528) - أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ (1529) - أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ - أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ
إِلَّا النَّدَامَةَ - أَفَهَذِه تُؤْثِرُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ -
أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ - فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا -
ولَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا - فَاعْلَمُوا وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
- بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وظَاعِنُونَ عَنْهَا - واتَّعِظُوا فِيهَا
بِالَّذِينَ قَالُوا - «مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً» - حُمِلُوا إِلَى
قُبُورِهِمْ - فَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً (1530) - وأُنْزِلُوا الأَجْدَاثَ (1531) فَلَا يُدْعَوْنَ
ضِيفَاناً - وجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ (1532) أَجْنَانٌ (1533) - ومِنَ
التُّرَابِ أَكْفَانٌ ومِنَ الرُّفَاتِ (1534) جِيرَانٌ - فَهُمْ جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً - ولَا يَمْنَعُونَ
ضَيْماً ولَا يُبَالُونَ مَنْدَبَةً - إِنْ جِيدُوا (1535) لَمْ يَفْرَحُوا - وإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا - جَمِيعٌ وهُمْ
آحَادٌ وجِيرَةٌ وهُمْ أَبْعَادٌ - مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ -
وقَرِيبُونَ لَا يَتَقَارَبُونَ - حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ -
وجُهَلَاءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ - لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ (1536) - ولَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ - اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الأَرْضِ بَطْناً
- وبِالسَّعَةِ ضِيقاً وبِالأَهْلِ غُرْبَةً - وبِالنُّورِ ظُلْمَةً فَجَاءُوهَا
كَمَا فَارَقُوهَا - حُفَاةً عُرَاةً قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ -
إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ والدَّارِ الْبَاقِيَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَه
وتَعَالَى - «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ - نُعِيدُه
وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ». -----------------------------
. |
|||||||||||||||
112 و من خطبة له ذكر فيها ملك الموت و توفية النفس و عجز
الخلق عن وصف اللّه :
|
|||||||||||||||
112 - ومن خطبة له عليهالسلام ذكر فيها ملك الموت وتوفية
النفس وعجز الخلق عن وصف اللَّه هَلْ تُحِسُّ بِه إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا
- أَمْ هَلْ تَرَاه إِذَا تَوَفَّى أَحَداً - بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنِينَ
فِي بَطْنِ أُمِّه - أَيَلِجُ (1537) عَلَيْه مِنْ
بَعْضِ جَوَارِحِهَا - أَمْ الرُّوحُ أَجَابَتْه بِإِذْنِ رَبِّهَا - أَمْ هُوَ
سَاكِنٌ مَعَه فِي أَحْشَائِهَا - كَيْفَ يَصِفُ إِلَهَه - مَنْ يَعْجَزُ عَنْ
صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِه! ----------------------------- (1537) يَلِجُ:
يدخل. |
|||||||||||||||
113 و من خطبة له في ذم الدنيا :
|
|||||||||||||||
113 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم الدنيا وأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا
مَنْزِلُ قُلْعَةٍ (1538) - ولَيْسَتْ
بِدَارِ نُجْعَةٍ (1539) - قَدْ
تَزَيَّنَتْ بِغُرُورِهَا - وغَرَّتْ بِزِينَتِهَا - دَارُهَا هَانَتْ عَلَى
رَبِّهَا فَخَلَطَ حَلَالَهَا بِحَرَامِهَا - وخَيْرَهَا بِشَرِّهَا وحَيَاتَهَا
بِمَوْتِهَا وحُلْوَهَا بِمُرِّهَا - لَمْ يُصْفِهَا اللَّه تَعَالَى
لأَوْلِيَائِه - ولَمْ يَضِنَّ بِهَا عَلَى أَعْدَائِه – خَيْرُهَا زَهِيدٌ
وشَرُّهَا عَتِيدٌ (1540) - وجَمْعُهَا
يَنْفَدُ ومُلْكُهَا يُسْلَبُ وعَامِرُهَا يَخْرَبُ - فَمَا خَيْرُ دَارٍ
تُنْقَضُ نَقْضَ الْبِنَاءِ - وعُمُرٍ يَفْنَى فِيهَا فَنَاءَ الزَّادِ -
ومُدَّةٍ تَنْقَطِعُ انْقِطَاعَ السَّيْرِ - اجْعَلُوا مَا افْتَرَضَ اللَّه
عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِكُمْ واسْأَلُوه مِنْ أَدَاءِ حَقِّه مَا سَأَلَكُمْ. وأَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ -
آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى بِكُمْ - إِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا
تَبْكِي قُلُوبُهُمْ وإِنْ ضَحِكُوا - ويَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وإِنْ فَرِحُوا -
ويَكْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وإِنِ اغْتَبَطُوا (1541) بِمَا رُزِقُوا - قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الآجَالِ -
وحَضَرَتْكُمْ كَوَاذِبُ الآمَالِ - فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلَكَ بِكُمْ مِنَ
الآخِرَةِ - والْعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِكُمْ مِنَ الآجِلَةِ - وإِنَّمَا أَنْتُمْ
إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللَّه - مَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ إِلَّا خُبْثُ
السَّرَائِرِ - وسُوءُ الضَّمَائِرِ - فَلَا تَوَازَرُونَ ولَا تَنَاصَحُونَ -
ولَا تَبَاذَلُونَ ولَا تَوَادُّونَ - مَا بَالُكُمْ تَفْرَحُونَ بِالْيَسِيرِ
مِنَ الدُّنْيَا تُدْرِكُونَه - ولَا يَحْزُنُكُمُ الْكَثِيرُ مِنَ الآخِرَةِ
تُحْرَمُونَه - ويُقْلِقُكُمُ الْيَسِيرُ مِنَ الدُّنْيَا يَفُوتُكُمْ - حَتَّى
يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ - وقِلَّةِ صَبْرِكُمْ عَمَّا زُوِيَ (1542) مِنْهَا عَنْكُمْ - كَأَنَّهَا دَارُ مُقَامِكُمْ وكَأَنَّ مَتَاعَهَا
بَاقٍ عَلَيْكُمْ - ومَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَخَاه بِمَا
يَخَافُ مِنْ عَيْبِه - إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَه بِمِثْلِه - قَدْ
تَصَافَيْتُمْ عَلَى رَفْضِ الآجِلِ وحُبِّ الْعَاجِلِ - وصَارَ دِينُ
أَحَدِكُمْ لُعْقَةً (1543) عَلَى لِسَانِه -
صَنِيعَ مَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِه وأَحْرَزَ رِضَى سَيِّدِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
114 و من خطبة له و فيها مواعظ للناس :
|
|||||||||||||||
114 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها مواعظ للناس الْحَمْدُ لِلَّه الْوَاصِلِ الْحَمْدَ
بِالنِّعَمِ - والنِّعَمَ بِالشُّكْرِ نَحْمَدُه عَلَى آلَائِه - كَمَا
نَحْمَدُه عَلَى بَلَائِه - ونَسْتَعِينُه عَلَى هَذِه النُّفُوسِ الْبِطَاءِ (1544) - عَمَّا أُمِرَتْ بِه - السِّرَاعِ (1545) إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْه - ونَسْتَغْفِرُه مِمَّا أَحَاطَ بِه عِلْمُه
- وأَحْصَاه كِتَابُه عِلْمٌ غَيْرُ قَاصِرٍ - وكِتَابٌ غَيْرُ مُغَادِرٍ (1546) - ونُؤْمِنُ بِه إِيمَانَ مَنْ عَايَنَ الْغُيُوبَ - ووَقَفَ عَلَى
الْمَوْعُودِ - إِيمَاناً نَفَى إِخْلَاصُه الشِّرْكَ ويَقِينُه الشَّكَّ -
ونَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه - وأَنَّ
مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم عَبْدُه ورَسُولُه -
شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ وتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ - لَا يَخِفُّ مِيزَانٌ
تُوضَعَانِ فِيه - ولَا يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْه. أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - الَّتِي هِيَ الزَّادُ وبِهَا الْمَعَاذُ - زَادٌ مُبْلِغٌ ومَعَاذٌ
مُنْجِحٌ - دَعَا إِلَيْهَا أَسْمَعُ دَاعٍ - ووَعَاهَا (1547) خَيْرُ وَاعٍ - فَأَسْمَعَ دَاعِيهَا وفَازَ وَاعِيهَا. -----------------------------
عِبَادَ اللَّه إِنَّ تَقْوَى اللَّه
حَمَتْ (1548) أَوْلِيَاءَ
اللَّه مَحَارِمَه - وأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَه - حَتَّى أَسْهَرَتْ
لَيَالِيَهُمْ وأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ (1549) - فَأَخَذُوا الرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ (1550) والرِّيَّ بِالظَّمَإِ - واسْتَقْرَبُوا الأَجَلَ فَبَادَرُوا الْعَمَلَ
- وكَذَّبُوا الأَمَلَ فَلَاحَظُوا الأَجَلَ - ثُمَّ إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ
فَنَاءٍ وعَنَاءٍ وغِيَرٍ وعِبَرٍ - فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ
قَوْسَه (1551) - لَا تُخْطِئُ
سِهَامُه - ولَا تُؤْسَى (1552) جِرَاحُه يَرْمِي
الْحَيَّ بِالْمَوْتِ - والصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ - والنَّاجِيَ بِالْعَطَبِ -
آكِلٌ لَا يَشْبَعُ وشَارِبٌ لَا يَنْقَعُ (1553) - ومِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ يَجْمَعُ مَا لَا يَأْكُلُ -
ويَبْنِي مَا لَا يَسْكُنُ - ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى اللَّه تَعَالَى - لَا مَالًا
حَمَلَ ولَا بِنَاءً نَقَلَ - ومِنْ غِيَرِهَا (1554) أَنَّكَ تَرَى الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً - والْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً -
لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا نَعِيماً زَلَّ (1555) وبُؤْساً نَزَلَ - ومِنْ عِبَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى
أَمَلِه - فَيَقْتَطِعُه حُضُورُ أَجَلِه - فَلَا أَمَلٌ يُدْرَكُ - ولَا
مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ - فَسُبْحَانَ اللَّه مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا - وأَظْمَأَ
رِيَّهَا وأَضْحَى فَيْئَهَا (1556) - لَا جَاءٍ
يُرَدُّ (1557) ولَا مَاضٍ
يَرْتَدُّ - فَسُبْحَانَ اللَّه - مَا أَقْرَبَ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ
لِلَحَاقِه بِه - وأَبْعَدَ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ لِانْقِطَاعِه عَنْه! إِنَّه لَيْسَ شَيْءٌ بِشَرٍّ مِنَ
الشَّرِّ إِلَّا عِقَابُه - ولَيْسَ شَيْءٌ بِخَيْرٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا
ثَوَابُه - وكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا سَمَاعُه أَعْظَمُ مِنْ عِيَانِه -
وكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ عِيَانُه أَعْظَمُ مِنْ سَمَاعِه - فَلْيَكْفِكُمْ
مِنَ الْعِيَانِ السَّمَاعُ - ومِنَ الْغَيْبِ الْخَبَرُ - واعْلَمُوا أَنَّ مَا
نَقَصَ مِنَ الدُّنْيَا - وزَادَ فِي الآخِرَةِ - خَيْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ
الآخِرَةِ - وزَادَ فِي الدُّنْيَا - فَكَمْ مِنْ مَنْقُوصٍ رَابِحٍ ومَزِيدٍ
خَاسِرٍ - إِنَّ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِه أَوْسَعُ مِنَ الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْه
- ومَا أُحِلَّ لَكُمْ أَكْثَرُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ - فَذَرُوا مَا قَلَّ
لِمَا كَثُرَ ومَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ - قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ بِالرِّزْقِ -
وأُمِرْتُمْ بِالْعَمَلِ - فَلَا يَكُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَكُمْ طَلَبُه -
أَوْلَى بِكُمْ مِنَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْكُمْ عَمَلُه - مَعَ أَنَّه واللَّه
لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّكُّ - ودَخِلَ الْيَقِينُ (1558) - حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي ضُمِنَ لَكُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ -
وكَأَنَّ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْكُمْ قَدْ وُضِعَ عَنْكُمْ - فَبَادِرُوا
الْعَمَلَ وخَافُوا بَغْتَةَ الأَجَلِ - فَإِنَّه لَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ
الْعُمُرِ - مَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الرِّزْقِ - مَا فَاتَ الْيَوْمَ مِنَ
الرِّزْقِ رُجِيَ غَداً زِيَادَتُه - ومَا فَاتَ أَمْسِ مِنَ الْعُمُرِ - لَمْ
يُرْجَ الْيَوْمَ رَجْعَتُه - الرَّجَاءُ مَعَ الْجَائِي والْيَأْسُ مَعَ
الْمَاضِي - فَـ «اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِه - ولا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ». -----------------------------
. |
|||||||||||||||
115 و من خطبة له في
الاستسقاء :
|
|||||||||||||||
115 - ومن خطبة له عليهالسلام في الاستسقاء اللَّهُمَّ قَدِ انْصَاحَتْ (1559) جِبَالُنَا - واغْبَرَّتْ أَرْضُنَا وهَامَتْ (1560) دَوَابُّنَا - وتَحَيَّرَتْ فِي مَرَابِضِهَا (1561) - وعَجَّتْ عَجِيجَ الثَّكَالَى (1562) عَلَى أَوْلَادِهَا - ومَلَّتِ التَّرَدُّدَ فِي مَرَاتِعِهَا -
والْحَنِينَ إِلَى مَوَارِدِهَا - اللَّهُمَّ فَارْحَمْ أَنِينَ الآنَّةِ (1563) - وحَنِينَ الْحَانَّةِ (1564) - اللَّهُمَّ
فَارْحَمْ حَيْرَتَهَا فِي مَذَاهِبِهَا - وأَنِينَهَا فِي مَوَالِجِهَا (1565) - اللَّهُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكَ - حِينَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا
حَدَابِيرُ السِّنِينَ - وأَخْلَفَتْنَا مَخَايِلُ الْجُودِ (1566) – فَكُنْتَ الرَّجَاءَ لِلْمُبْتَئِسِ - والْبَلَاغَ لِلْمُلْتَمِسِ (1567) نَدْعُوكَ حِينَ قَنَطَ الأَنَامُ - ومُنِعَ الْغَمَامُ وهَلَكَ
السَّوَامُ (1568) - أَلَّا
تُؤَاخِذَنَا بِأَعْمَالِنَا - ولَا تَأْخُذَنَا بِذُنُوبِنَا - وانْشُرْ
عَلَيْنَا رَحْمَتَكَ بِالسَّحَابِ الْمُنْبَعِقِ (1569) - والرَّبِيعِ الْمُغْدِقِ (1570) - والنَّبَاتِ
الْمُونِقِ (1571) سَحّاً وَابِلًا (1572) - تُحْيِي بِه مَا قَدْ مَاتَ - وتَرُدُّ بِه مَا قَدْ فَاتَ -
اللَّهُمَّ سُقْيَا مِنْكَ مُحْيِيَةً مُرْوِيَةً - تَامَّةً عَامَّةً طَيِّبَةً
مُبَارَكَةً - هَنِيئَةً مَرِيعَةً (1573) - زَاكِياً (1574) نَبْتُهَا ثَامِراً (1575) فَرْعُهَا
نَاضِراً وَرَقُهَا - تُنْعِشُ بِهَا الضَّعِيفَ مِنْ عِبَادِكَ - وتُحْيِي
بِهَا الْمَيِّتَ مِنْ بِلَادِكَ - اللَّهُمَّ سُقْيَا مِنْكَ تُعْشِبُ بِهَا
نِجَادُنَا (1576) - وتَجْرِي بِهَا
وِهَادُنَا (1577) - ويُخْصِبُ بِهَا
جَنَابُنَا (1578) - وتُقْبِلُ بِهَا
ثِمَارُنَا - وتَعِيشُ بِهَا مَوَاشِينَا - وتَنْدَى بِهَا أَقَاصِينَا (1579) - وتَسْتَعِينُ بِهَا ضَوَاحِينَا (1580) - مِنْ بَرَكَاتِكَ الْوَاسِعَةِ - وعَطَايَاكَ الْجَزِيلَةِ - عَلَى
بَرِيَّتِكَ الْمُرْمِلَةِ (1581) ووَحْشِكَ
الْمُهْمَلَةِ - وأَنْزِلْ عَلَيْنَا سَمَاءً مُخْضِلَةً (1582) مِدْرَاراً هَاطِلَةً - يُدَافِعُ الْوَدْقُ مِنْهَا الْوَدْقَ (1583) - ويَحْفِزُ (1584) الْقَطْرُ مِنْهَا
الْقَطْرَ - غَيْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهَا (1585) - ولَا جَهَامٍ عَارِضُهَا (1586) - ولَا قَزَعٍ
رَبَابُهَا (1587) - ولَا شَفَّانٍ
ذِهَابُهَا (1588) - حَتَّى يُخْصِبَ
لإِمْرَاعِهَا الْمُجْدِبُونَ - ويَحْيَا بِبَرَكَتِهَا الْمُسْنِتُونَ (1589) - فَإِنَّكَ تُنْزِلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا - وتَنْشُرُ
رَحْمَتَكَ وأَنْتَ (الْوَلِيُّ
الْحَمِيدُ). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تفسير ما في هذه الخطبة من الغريب
|
|||||||||||||||
تفسير ما في هذه الخطبة من
الغريب قال السيد الشريف رضياللهعنه
قوله عليهالسلام - انصاحت جبالنا - أي تشققت من
المحول - يقال انصاح الثوب إذا انشق - ويقال أيضا انصاح النبت - وصاح وصوح إذا جف
ويبس كله بمعنى -. وقوله وهامت دوابُّنا أي عطشت - والهُيام العطش -. وقوله
حدابير السنين جمع حِدْبار - وهي الناقة التي أنضاها السير - فشبه بها السنة
التي فشا فيها الجدب - قال ذو الرمة:
- وقوله ولا قزع ربابها - القزع القطع
الصغار المتفرقة من السحاب -. وقوله ولا شَفَّان ذهابها - فإن تقديره ولا ذات
شَفَّان ذهابها - والشَفَّان الريح الباردة - والذهاب الأمطار اللينة - فحذف ذات
لعلم السامع به. |
|||||||||||||||
116 و من خطبة له و فيها ينصح أصحابه:
|
|||||||||||||||
116 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها ينصح أصحابه أَرْسَلَه دَاعِياً إِلَى الْحَقِّ -
وشَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ - فَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّه - غَيْرَ وَانٍ (1590) ولَا مُقَصِّرٍ - وجَاهَدَ فِي اللَّه أَعْدَاءَه - غَيْرَ وَاهِنٍ (1591) ولَا مُعَذِّرٍ (1592) - إِمَامُ مَنِ اتَّقَى
وبَصَرُ مَنِ اهْتَدَى. مِنْهَا ولَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ
مِمَّا طُوِيَ عَنْكُمْ غَيْبُه - إِذاً لَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ (1593) - تَبْكُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ - وتَلْتَدِمُونَ (1594) عَلَى أَنْفُسِكُمْ - ولَتَرَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ لَا حَارِسَ لَهَا -
ولَا خَالِفَ (1595) عَلَيْهَا -
ولَهَمَّتْ (1596) كُلَّ امْرِئٍ
مِنْكُمْ نَفْسُه - لَا يَلْتَفِتُ إِلَى غَيْرِهَا - ولَكِنَّكُمْ نَسِيتُمْ
مَا ذُكِّرْتُمْ - وأَمِنْتُمْ مَا حُذِّرْتُمْ - فَتَاه عَنْكُمْ رَأْيُكُمْ -
وتَشَتَّتَ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ - ولَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّه فَرَّقَ بَيْنِي
وبَيْنَكُمْ - وأَلْحَقَنِي بِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِي مِنْكُمْ - قَوْمٌ واللَّه
مَيَامِينُ (1597) الرَّأْيِ -
مَرَاجِيحُ (1598) الْحِلْمِ -
مَقَاوِيلُ (1599) بِالْحَقِّ -
مَتَارِيكُ (1600) لِلْبَغْيِ - مَضَوْا
قُدُماً (1601) عَلَى
الطَّرِيقَةِ (1602) - وأَوْجَفُوا
عَلَى الْمَحَجَّةِ (1603) - فَظَفِرُوا
بِالْعُقْبَى الدَّائِمَةِ - والْكَرَامَةِ الْبَارِدَةِ (1604) - أَمَا واللَّه لَيُسَلَّطَنَّ عَلَيْكُمْ - غُلَامُ ثَقِيفٍ
الذَّيَّالُ (1605) الْمَيَّالُ - يَأْكُلُ
خَضِرَتَكُمْ - ويُذِيبُ شَحْمَتَكُمْ - إِيه أَبَا وَذَحَةَ! قال الشريف - الوذحة
الخنفساء - وهذا القول يومئ به إلى الحجاج - وله مع الوذحة حديث - ليس هذا موضع
ذكره. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
117 و من كلام له يوبخ البخلاء بالمال و النفس :
|
|||||||||||||||
117 - ومن كلام له عليهالسلام يوبخ البخلاء بالمال والنفس فَلَا أَمْوَالَ بَذَلْتُمُوهَا لِلَّذِي
رَزَقَهَا - ولَا أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا - تَكْرُمُونَ (1606) بِاللَّه عَلَى عِبَادِه - ولَا تُكْرِمُونَ اللَّه فِي عِبَادِه -
فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ - وانْقِطَاعِكُمْ
عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ! ----------------------------- (1606) كَرُمَ الشيء:
كحسن يحسن أي عزّ ونفس. |
|||||||||||||||
118 و من كلام له في الصالحين من أصحابه :
|
|||||||||||||||
118 - ومن كلام له عليهالسلام في الصالحين من أصحابه أَنْتُمُ الأَنْصَارُ عَلَى الْحَقِّ -
والإِخْوَانُ فِي الدِّينِ - والْجُنَنُ (1607) يَوْمَ الْبَأْسِ (1608) - والْبِطَانَةُ (1609) دُونَ النَّاسِ - بِكُمْ أَضْرِبُ الْمُدْبِرَ وأَرْجُو طَاعَةَ
الْمُقْبِلِ - فَأَعِينُونِي بِمُنَاصَحَةٍ خَلِيَّةٍ مِنَ الْغِشِّ - سَلِيمَةٍ
مِنَ الرَّيْبِ - فَوَاللَّه إِنِّي لأَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ! ----------------------------- (1607)
الجُنَن: - بضم ففتح - جمع جنّة بالضم وهي الوقاية. (1608)
البأس: الشدة. (1609)
بطانة الرجل: خواصّه وأصحاب سرّه. |
|||||||||||||||
119 و من كلام له و قد جمع الناس و حضهم على الجهاد
فسكتوا ملياً :
|
|||||||||||||||
119 - ومن كلام له عليهالسلام وقد جمع الناس - وحضهم على
الجهاد - فسكتوا مليا فَقَالَ عليهالسلام مَا بَالُكُمْ
أَمُخْرَسُونَ أَنْتُمْ - فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ -
إِنْ سِرْتَ سِرْنَا مَعَكَ. فَقَالَ عليهالسلام - مَا
بَالُكُمْ لَا سُدِّدْتُمْ (1610) لِرُشْدٍ ولَا
هُدِيتُمْ لِقَصْدٍ - أَفِي مِثْلِ هَذَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَخْرُجَ -
وإِنَّمَا يَخْرُجُ فِي مِثْلِ هَذَا رَجُلٌ - مِمَّنْ أَرْضَاه مِنْ
شُجْعَانِكُمْ - وذَوِي بَأْسِكُمْ - ولَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ
والْمِصْرَ - وبَيْتَ الْمَالِ وجِبَايَةَ الأَرْضِ - والْقَضَاءَ بَيْنَ
الْمُسْلِمِينَ - والنَّظَرَ فِي حُقُوقِ الْمُطَالِبِينَ - ثُمَّ أَخْرُجَ فِي
كَتِيبَةٍ أَتْبَعُ أُخْرَى - أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ (1611) فِي الْجَفِيرِ (1612) الْفَارِغِ -
وإِنَّمَا أَنَا قُطْبُ الرَّحَى تَدُورُ عَلَيَّ وأَنَا بِمَكَانِي - فَإِذَا
فَارَقْتُه اسْتَحَارَ (1613) مَدَارُهَا -
واضْطَرَبَ ثِفَالُهَا (1614) - هَذَا لَعَمْرُ
اللَّه الرَّأْيُ السُّوءُ - واللَّه لَوْ لَا رَجَائِي الشَّهَادَةَ عِنْدَ
لِقَائِي الْعَدُوَّ - ولَوْ قَدْ حُمَّ (1615) لِي لِقَاؤُه - لَقَرَّبْتُ رِكَابِي (1616) - ثُمَّ شَخَصْتُ (1617) عَنْكُمْ فَلَا
أَطْلُبُكُمْ - مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وشَمَالٌ - طَعَّانِينَ عَيَّابِينَ
حَيَّادِينَ رَوَّاغِينَ - إِنَّه لَا غَنَاءَ (1618) فِي كَثْرَةِ عَدَدِكُمْ - مَعَ قِلَّةِ اجْتِمَاعِ قُلُوبِكُمْ -
لَقَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ - الَّتِي لَا يَهْلِكُ
عَلَيْهَا إِلَّا هَالِكٌ (1619) - مَنِ اسْتَقَامَ
فَإِلَى الْجَنَّةِ ومَنْ زَلَّ فَإِلَى النَّارِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
120 و من كلام له يذكر فضله و يعظ الناس :
|
|||||||||||||||
120 - ومن كلام له عليهالسلام يذكر فضله ويعظ الناس تَاللَّه لَقَدْ عُلِّمْتُ تَبْلِيغَ
الرِّسَالَاتِ - وإِتْمَامَ الْعِدَاتِ (1620) وتَمَامَ الْكَلِمَاتِ - وعِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَبْوَابُ
الْحُكْمِ وضِيَاءُ الأَمْرِ - أَلَا وإِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ
وسُبُلَه قَاصِدَةٌ (1621) - مَنْ أَخَذَ
بِهَا لَحِقَ وغَنِمَ - ومَنْ وَقَفَ عَنْهَا ضَلَّ ونَدِمَ - اعْمَلُوا لِيَوْمٍ
تُذْخَرُ لَه الذَّخَائِرُ - وتُبْلَى فِيه السَّرَائِرُ - ومَنْ لَا يَنْفَعُه
حَاضِرُ لُبِّه - فَعَازِبُه (1622) عَنْه أَعْجَزُ
وغَائِبُه أَعْوَزُ (1623) - واتَّقُوا
نَاراً حَرُّهَا شَدِيدٌ - وقَعْرُهَا بَعِيدٌ وحِلْيَتُهَا حَدِيدٌ -
وشَرَابُهَا صَدِيدٌ (1624) -. أَلَا وإِنَّ
اللِّسَانَ الصَّالِحَ (1625) - يَجْعَلُه
اللَّه تَعَالَى لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ - خَيْرٌ لَه مِنَ الْمَالِ يُورِثُه
مَنْ لَا يَحْمَدُه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
121 و من خطبة له بعد
ليلة الهرير و قد قام إليه رجل من أصحابه فقال نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها
|
|||||||||||||||
121 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد ليلة الهرير وقد قام إليه رجل من أصحابه - فقال نهيتنا
عن الحكومة ثم أمرتنا بها - فلم ندر أي الأمرين أرشد - فصفق عليهالسلام
إحدى يديه على الأخرى - ثم قال: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ (1626) - أَمَا واللَّه لَوْ أَنِّي حِينَ أَمَرْتُكُمْ - بِه حَمَلْتُكُمْ
عَلَى الْمَكْرُوه - الَّذِي يَجْعَلُ اللَّه فِيه خَيْراً - فَإِنِ
اسْتَقَمْتُمْ هَدَيْتُكُمْ - وإِنِ اعْوَجَجْتُمْ قَوَّمْتُكُمْ - وإِنْ
أَبَيْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ لَكَانَتِ الْوُثْقَى - ولَكِنْ بِمَنْ وإِلَى مَنْ
- أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي - كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ
بِالشَّوْكَةِ - وهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا (1627) مَعَهَا - اللَّهُمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هَذَا الدَّاءِ
الدَّوِيِّ (1628) - وكَلَّتِ (1629) النَّزْعَةُ بِأَشْطَانِ الرَّكِيِّ (1630) - أَيْنَ الْقَوْمُ الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الإِسْلَامِ فَقَبِلُوه -
وقَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوه - وهِيجُوا إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُوا -
وَلَه اللِّقَاحِ (1631) إِلَى
أَوْلَادِهَا - وسَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا - وأَخَذُوا بِأَطْرَافِ
الأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً - وصَفّاً صَفّاً بَعْضٌ هَلَكَ وبَعْضٌ نَجَا - لَا
يُبَشَّرُونَ بِالأَحْيَاءِ (1632) - ولَا
يُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى (1632) - مُرْه (1634) الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ - خُمْصُ الْبُطُونِ (1635) مِنَ الصِّيَامِ - ذُبُلُ (1636) الشِّفَاه مِنَ
الدُّعَاءِ - صُفْرُ الأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ - عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ
الْخَاشِعِينَ - أُولَئِكَ إِخْوَانِي الذَّاهِبُونَ - فَحَقَّ لَنَا أَنْ
نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ - ونَعَضَّ الأَيْدِي عَلَى فِرَاقِهِمْ - إِنَّ
الشَّيْطَانَ يُسَنِّي لَكُمْ طُرُقَه (1637) - ويُرِيدُ أَنْ يَحُلَّ دِينَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً - ويُعْطِيَكُمْ
بِالْجَمَاعَةِ الْفُرْقَةَ - وبِالْفُرْقَةِ الْفِتْنَةَ - فَاصْدِفُوا (1638) عَنْ نَزَغَاتِه (1639) ونَفَثَاتِه -
واقْبَلُوا النَّصِيحَةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَيْكُمْ - واعْقِلُوهَا (1640) عَلَى أَنْفُسِكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
122 و من كلام له قاله للخوارج و قد خرج إلى معسكرهم و هم
مقيمون على إنكار الحكومة فقال :
|
|||||||||||||||
122 - ومن كلام له عليهالسلام قاله للخوارج وقد خرج إلى
معسكرهم - وهم مقيمون على إنكار الحكومة - فقال عليهالسلام أَكُلُّكُمْ شَهِدَ مَعَنَا صِفِّينَ -
فَقَالُوا مِنَّا مَنْ شَهِدَ - ومِنَّا مَنْ لَمْ يَشْهَدْ - قَالَ
فَامْتَازُوا فِرْقَتَيْنِ - فَلْيَكُنْ مَنْ شَهِدَ صِفِّينَ فِرْقَةً - ومَنْ
لَمْ يَشْهَدْهَا فِرْقَةً - حَتَّى أُكَلِّمَ كُلاًّ مِنْكُمْ بِكَلَامِه -
ونَادَى النَّاسَ فَقَالَ أَمْسِكُوا عَنِ الْكَلَامِ - وأَنْصِتُوا لِقَوْلِي -
وأَقْبِلُوا بِأَفْئِدَتِكُمْ إِلَيَّ - فَمَنْ نَشَدْنَاه شَهَادَةً فَلْيَقُلْ
بِعِلْمِه فِيهَا - ثُمَّ كَلَّمَهُمْ عليهالسلام بِكَلَامٍ
طَوِيلٍ - مِنْ جُمْلَتِه أَنْ قَالَ عليهالسلام: أَلَمْ تَقُولُوا عِنْدَ رَفْعِهِمُ
الْمَصَاحِفَ حِيلَةً وغِيلَةً - ومَكْراً وخَدِيعَةً إِخْوَانُنَا وأَهْلُ
دَعْوَتِنَا - اسْتَقَالُونَا واسْتَرَاحُوا إِلَى كِتَابِ اللَّه سُبْحَانَه -
فَالرَّأْيُ الْقَبُولُ مِنْهُمْ - والتَّنْفِيسُ عَنْهُمْ - فَقُلْتُ لَكُمْ
هَذَا أَمْرٌ ظَاهِرُه إِيمَانٌ - وبَاطِنُه عُدْوَانٌ - وأَوَّلُه رَحْمَةٌ
وآخِرُه نَدَامَةٌ - فَأَقِيمُوا عَلَى شَأْنِكُمْ - والْزَمُوا طَرِيقَتَكُمْ -
وعَضُّوا عَلَى الْجِهَادِ بَنَوَاجِذِكُمْ - ولَا تَلْتَفِتُوا إِلَى نَاعِقٍ
نَعَقَ - إِنْ أُجِيبَ أَضَلَّ وإِنْ تُرِكَ ذَلَّ - وقَدْ كَانَتْ هَذِه
الْفَعْلَةُ وقَدْ رَأَيْتُكُمْ أَعْطَيْتُمُوهَا - واللَّه لَئِنْ أَبَيْتُهَا
مَا وَجَبَتْ عَلَيَّ فَرِيضَتُهَا - ولَا حَمَّلَنِي اللَّه ذَنْبَهَا ووَ
اللَّه إِنْ جِئْتُهَا إِنِّي لَلْمُحِقُّ الَّذِي يُتَّبَعُ - وإِنَّ
الْكِتَابَ لَمَعِي مَا فَارَقْتُه مُذْ صَحِبْتُه فَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - وإِنَّ الْقَتْلَ لَيَدُورُ عَلَى
الآباءِ والأَبْنَاءِ - والإِخْوَانِ والْقَرَابَاتِ - فَمَا نَزْدَادُ عَلَى
كُلِّ مُصِيبَةٍ وشِدَّةٍ - إِلَّا إِيمَاناً ومُضِيّاً عَلَى الْحَقِّ -
وتَسْلِيماً لِلأَمْرِ - وصَبْراً عَلَى مَضَضِ الْجِرَاحِ - ولَكِنَّا إِنَّمَا
أَصْبَحْنَا نُقَاتِلُ إِخْوَانَنَا فِي الإِسْلَامِ - عَلَى مَا دَخَلَ فِيه
مِنَ الزَّيْغِ والِاعْوِجَاجِ - والشُّبْهَةِ والتَّأْوِيلِ - فَإِذَا
طَمِعْنَا فِي خَصْلَةٍ (1641) يَلُمُّ اللَّه
بِهَا شَعَثَنَا (1642) - ونَتَدَانَى (1643) بِهَا إِلَى الْبَقِيَّةِ فِيمَا بَيْنَنَا - رَغِبْنَا فِيهَا
وأَمْسَكْنَا عَمَّا سِوَاهَا. ----------------------------- (1641) المراد من الخَصْلة: -
بفتح الخاء - هنا الوسيلة. (1642)
لمّ شَعَثَه: جمع أمره. (1643)
نتدانى بها: نتقارب إلى ما بقي بيننا من علائق الارتباط. |
|||||||||||||||
123 و من كلام له
قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين:
|
|||||||||||||||
123 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لأصحابه في ساحة الحرب
- بصفين وأَيُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ
نَفْسِه - رَبَاطَةَ جَأْشٍ (1644) عِنْدَ اللِّقَاءِ
ورَأَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِه فَشَلًا (1645) - فَلْيَذُبَّ (1646) عَنْ أَخِيه
بِفَضْلِ نَجْدَتِه (1647) - الَّتِي فُضِّلَ
بِهَا عَلَيْه - كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِه - فَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَه
مِثْلَه - إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَا يَفُوتُه الْمُقِيمُ - ولَا
يُعْجِزُه الْهَارِبُ - إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ - والَّذِي نَفْسُ
ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِه - لأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ -
مِنْ مِيتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّه وكَأَنِّي أَنْظُرُ
إِلَيْكُمْ - تَكِشُّونَ كَشِيشَ الضِّبَابِ (1648) - لَا تَأْخُذُونَ حَقّاً ولَا تَمْنَعُونَ ضَيْماً - قَدْ خُلِّيتُمْ
والطَّرِيقَ - فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ والْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ (1649). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
124 و من كلام له في حث أصحابه على القتال :
|
|||||||||||||||
124 - ومن كلام له عليهالسلام في حث أصحابه على القتال فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ (1650) وأَخِّرُوا الْحَاسِرَ (1651) - وعَضُّوا عَلَى
الأَضْرَاسِ - فَإِنَّه أَنْبَى (1652) لِلسُّيُوفِ عَنِ
الْهَامِ (1653) - والْتَوُوا (1654) فِي أَطْرَافِ الرِّمَاحِ (1655) فَإِنَّه أَمْوَرُ
لِلأَسِنَّةِ - وغُضُّوا الأَبْصَارَ فَإِنَّه أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وأَسْكَنُ
لِلْقُلُوبِ - وأَمِيتُوا الأَصْوَاتَ فَإِنَّه أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ -
ورَايَتَكُمْ فَلَا تُمِيلُوهَا ولَا تُخِلُّوهَا - ولَا تَجْعَلُوهَا إِلَّا بِأَيْدِي
شُجْعَانِكُمْ - والْمَانِعِينَ الذِّمَارَ (1656) مِنْكُمْ - فَإِنَّ الصَّابِرِينَ عَلَى نُزُولِ الْحَقَائِقِ (1657) - هُمُ الَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِهِمْ (1658) - ويَكْتَنِفُونَهَا (1659) حِفَافَيْهَا (1660) ووَرَاءَهَا وأَمَامَهَا - لَا يَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَيُسْلِمُوهَا
- ولَا يَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهَا فَيُفْرِدُوهَا أَجْزَأَ امْرُؤٌ قِرْنَه(1661) وآسَى أَخَاه بِنَفْسِه - ولَمْ يَكِلْ قِرْنَه إِلَى أَخِيه - (1662)فَيَجْتَمِعَ عَلَيْه قِرْنُه وقِرْنُ أَخِيه - وايْمُ اللَّه لَئِنْ
فَرَرْتُمْ مِنْ سَيْفِ الْعَاجِلَةِ - لَا تَسْلَمُوا مِنْ سَيْفِ الآخِرَةِ -
وأَنْتُمْ لَهَامِيمُ(1663) الْعَرَبِ
والسَّنَامُ الأَعْظَمُ - إِنَّ فِي الْفِرَارِ مَوْجِدَةَ(1664) اللَّه والذُّلَّ اللَّازِمَ والْعَارَ الْبَاقِيَ - وإِنَّ الْفَارَّ
لَغَيْرُ مَزِيدٍ فِي عُمُرِه - ولَا مَحْجُوزٍ بَيْنَه وبَيْنَ يَوْمِه - مَنِ
الرَّائِحُ إِلَى اللَّه كَالظَّمْآنِ يَرِدُ الْمَاءَ - الْجَنَّةُ تَحْتَ
أَطْرَافِ الْعَوَالِي(1665) - الْيَوْمَ
تُبْلَى(1666) الأَخْبَارُ - واللَّه لأَنَا أَشْوَقُ إِلَى
لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ - اللَّهُمَّ فَإِنْ رَدُّوا الْحَقَّ
فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ - وشَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وأَبْسِلْهُمْ(1667) بِخَطَايَاهُمْ إِنَّهُمْ لَنْ
يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ - دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ (1668) يَخْرُجُ مِنْهُمُ النَّسِيمُ - وضَرْبٍ يَفْلِقُ الْهَامَ ويُطِيحُ
الْعِظَامَ - ويُنْدِرُ(1669) السَّوَاعِدَ والأَقْدَامَ - وحَتَّى
يُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ (1670) تَتْبَعُهَا
الْمَنَاسِرُ - ويُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ(1671) تَقْفُوهَا الْحَلَائِبُ(1672) - وحَتَّى يُجَرَّ
بِبِلَادِهِمُ الْخَمِيسُ يَتْلُوه الْخَمِيسُ - وحَتَّى تَدْعَقَ(1673) الْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ
أَرْضِهِمْ - وبِأَعْنَانِ(1674) مَسَارِبِهِمْ (1675) ومَسَارِحِهِمْ. قال السيد الشريف أقول
- الدعق الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم - ونواحر أرضهم متقابلاتها - ويقال
منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
125 و من كلام له في التحكيم و ذلك بعد سماعه لأمر الحكمين :
|
|||||||||||||||
125 - ومن كلام له عليهالسلام في التحكيم وذلك بعد سماعه لأمر
الحكمين إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ -
وإِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ هَذَا الْقُرْآنُ - إِنَّمَا هُوَ خَطٍّ
مَسْطُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ (1676) - لَا يَنْطِقُ
بِلِسَانٍ ولَا بُدَّ لَه مِنْ تَرْجُمَانٍ - وإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْه
الرِّجَالُ - ولَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ - إلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا
الْقُرْآنَ - لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ - عَنْ كِتَابِ اللَّه
سُبْحَانَه وتَعَالَى - وقَدْ قَالَ اللَّه سُبْحَانَه - (فَإِنْ
تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوه إِلَى الله والرَّسُولِ)
- فَرَدُّه
إِلَى اللَّه أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِه - ورَدُّه إِلَى الرَّسُولِ أَنْ
نَأْخُذَ بِسُنَّتِه - فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِي كِتَابِ اللَّه -
فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِه - وإِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ وأَوْلَاهُمْ بِهَا - وأَمَّا قَوْلُكُمْ - لِمَ
جَعَلْتَ بَيْنَكَ وبَيْنَهُمْ أَجَلًا فِي التَّحْكِيمِ - فَإِنَّمَا فَعَلْتُ
ذَلِكَ لِيَتَبَيَّنَ الْجَاهِلُ - ويَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ - ولَعَلَّ اللَّه
أَنْ يُصْلِحَ فِي هَذِه الْهُدْنَةِ - أَمْرَ هَذِه الأُمَّةِ - ولَا تُؤْخَذَ
بِأَكْظَامِهَا (1677) - فَتَعْجَلَ عَنْ
تَبَيُّنِ الْحَقِّ - وتَنْقَادَ لأَوَّلِ الْغَيِّ - إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ
عِنْدَ اللَّه - مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْه - وإِنْ
نَقَصَه وكَرَثَه (1678) مِنَ الْبَاطِلِ -
وإِنْ جَرَّ إِلَيْه فَائِدَةً وزَادَه - فَأَيْنَ يُتَاه بِكُمْ - ومِنْ أَيْنَ
أُتِيتُمْ - اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِيرِ إِلَى قَوْمٍ حَيَارَى - عَنِ الْحَقِّ
لَا يُبْصِرُونَه - ومُوزَعِينَ بِالْجَوْرِ (1679) لَا يَعْدِلُونَ بِه - جُفَاةٍ عَنِ الْكِتَابِ - نُكُبٍ (1681) عَنِ الطَّرِيقِ - مَا أَنْتُمْ بِوَثِيقَةٍ (1682) يُعْلَقُ بِهَا - ولَا زَوَافِرِ (1683) عِزٍّ يُعْتَصَمُ إِلَيْهَا - لَبِئْسَ حُشَّاشُ (1684) نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ - أُفٍّ لَكُمْ - لَقَدْ لَقِيتُ مِنْكُمْ
بَرْحاً (1685) يَوْماً
أُنَادِيكُمْ - ويَوْماً أُنَاجِيكُمْ - فَلَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ
النِّدَاءِ (1686) - ولَا إِخْوَانُ
ثِقَةٍ عِنْدَ النَّجَاءِ (1687). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
126 و من كلام له
لما عوتب على التسوية في العطاء :
|
|||||||||||||||
126 - ومن كلام له عليهالسلام لما عوتب على التسوية في
العطاء أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ
بِالْجَوْرِ - فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْه - واللَّه لَا أَطُورُ (1688) بِه مَا سَمَرَ سَمِيرٌ (1689) - ومَا أَمَّ (1690) نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً - لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ
بَيْنَهُمْ - فَكَيْفَ وإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّه - أَلَا وإِنَّ
إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّه تَبْذِيرٌ وإِسْرَافٌ - وهُوَ يَرْفَعُ
صَاحِبَه فِي الدُّنْيَا - ويَضَعُه فِي الآخِرَةِ - ويُكْرِمُه فِي النَّاسِ
ويُهِينُه عِنْدَ اللَّه - ولَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَه فِي غَيْرِ حَقِّه ولَا
عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه - إِلَّا حَرَمَه اللَّه شُكْرَهُمْ - وكَانَ لِغَيْرِه
وُدُّهُمْ - فَإِنْ زَلَّتْ بِه النَّعْلُ يَوْماً - فَاحْتَاجَ إِلَى
مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيلٍ - وأَلأَمُ خَدِينٍ (1691)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
127 و من كلام له و فيه
يبين بعض أحكام الدين و يكشف للخوارج الشبهة و ينقض حكم الحكمين :
|
|||||||||||||||
127 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه يبين بعض أحكام الدين
ويكشف للخوارج الشبهة وينقض حكم الحكمين فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تَزْعُمُوا
أَنِّي أَخْطَأْتُ وضَلَلْتُ - فَلِمَ تُضَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله
بِضَلَالِي - وتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي - وتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوبِي -
سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ - تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبُرْءِ والسُّقْمِ
- وتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ - وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ
رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله رَجَمَ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ -
ثُمَّ صَلَّى عَلَيْه ثُمَّ وَرَّثَه أَهْلَه - وقَتَلَ الْقَاتِلَ ووَرَّثَ
مِيرَاثَه أَهْلَه - وقَطَعَ السَّارِقَ وجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الْمُحْصَنِ
- ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ ونَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ -
فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله بِذُنُوبِهِمْ
- وأَقَامَ حَقَّ اللَّه فِيهِمْ - ولَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ
الإِسْلَامِ - ولَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِه - ثُمَّ
أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ - ومَنْ رَمَى بِه الشَّيْطَانُ مَرَامِيَه وضَرَبَ
بِه تِيهَه - وسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ - مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِه
الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ - ومُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِه الْبُغْضُ
إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ - وخَيْرُ النَّاسِ فِيَّ حَالًا النَّمَطُ الأَوْسَطُ
فَالْزَمُوه - والْزَمُوا السَّوَادَ الأَعْظَمَ - فَإِنَّ يَدَ اللَّه مَعَ
الْجَمَاعَةِ - وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ! فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ
لِلشَّيْطَانِ - كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ. أَلَا مَنْ دَعَا إِلَى هَذَا الشِّعَارِ (1693) فَاقْتُلُوه - ولَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هَذِه - فَإِنَّمَا
حُكِّمَ الْحَكَمَانِ لِيُحْيِيَا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ - ويُمِيتَا مَا
أَمَاتَ الْقُرْآنُ - وإِحْيَاؤُه الِاجْتِمَاعُ عَلَيْه - وإِمَاتَتُه
الِافْتِرَاقُ عَنْه - فَإِنْ جَرَّنَا الْقُرْآنُ إِلَيْهِمُ اتَّبَعْنَاهُمْ -
وإِنْ جَرَّهُمْ إِلَيْنَا اتَّبَعُونَا - فَلَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً (1694) - ولَا خَتَلْتُكُمْ (1695) عَنْ أَمْرِكُمْ -
ولَا لَبَّسْتُه عَلَيْكُمْ - إِنَّمَا اجْتَمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى
اخْتِيَارِ رَجُلَيْنِ - أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَلَّا يَتَعَدَّيَا الْقُرْآنَ
فَتَاهَا عَنْه - وتَرَكَا الْحَقَّ وهُمَا يُبْصِرَانِه - وكَانَ الْجَوْرُ
هَوَاهُمَا فَمَضَيَا عَلَيْه - وقَدْ سَبَقَ اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا فِي
الْحُكُومَةِ بِالْعَدْلِ - والصَّمْدِ (1696) لِلْحَقِّ سُوءَ رَأْيِهِمَا وجَوْرَ حُكْمِهِمَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
128 و من كلام له
فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة :
|
|||||||||||||||
128 - ومن كلام له عليهالسلام فيما يخبر به عن الملاحم (1697)
بالبصرة يَا أَحْنَفُ كَأَنِّي بِه وقَدْ سَارَ
بِالْجَيْشِ - الَّذِي لَا يَكُونُ لَه غُبَارٌ ولَا لَجَبٌ (1698) - ولَا قَعْقَعَةُ لُجُمٍ (1699) ولَا حَمْحَمَةُ
خَيْلٍ (1700) - يُثِيرُونَ
الأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمْ - كَأَنَّهَا أَقْدَامُ النَّعَامِ. قال الشريف يومئ بذلك إلى صاحب الزنج. ثُمَّ قَالَ عليهالسلام - وَيْلٌ
لِسِكَكِكُمُ الْعَامِرَةِ (1701) والدُّورِ الْمُزَخْرَفَةِ
- الَّتِي لَهَا أَجْنِحَةٌ (1702) كَأَجْنِحَةِ
النُّسُورِ - وخَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ (1703) الْفِيَلَةِ - مِنْ أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَا يُنْدَبُ قَتِيلُهُمْ - ولَا يُفْقَدُ غَائِبُهُمْ - أَنَا كَابُّ
الدُّنْيَا لِوَجْهِهَا - وقَادِرُهَا بِقَدْرِهَا ونَاظِرُهَا بِعَيْنِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
منه في وصف الأتراك
|
|||||||||||||||
منه في وصف الأتراك كَأَنِّي أَرَاهُمْ قَوْماً - «كَأَنَّ
وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ» (1704) - يَلْبَسُونَ السَّرَقَ (1705) والدِّيبَاجَ -
ويَعْتَقِبُونَ (1706) الْخَيْلَ
الْعِتَاقَ - ويَكُونُ هُنَاكَ اسْتِحْرَارُ (1707) قَتْلٍ - حَتَّى يَمْشِيَ
الْمَجْرُوحُ عَلَى الْمَقْتُولِ - ويَكُونَ الْمُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ
الْمَأْسُورِ. فَقَالَ لَه بَعْضُ
أَصْحَابِه - لَقَدْ أُعْطِيتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِلْمَ الْغَيْبِ -
فَضَحِكَ عليهالسلام وقَالَ لِلرَّجُلِ
وكَانَ كَلْبِيّاً. يَا أَخَا كَلْبٍ لَيْسَ هُوَ بِعِلْمِ
غَيْبٍ - وإِنَّمَا هُوَ تَعَلُّمٌ مِنْ ذِي عِلْمٍ - وإِنَّمَا عِلْمُ
الْغَيْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ - ومَا عَدَّدَه اللَّه سُبْحَانَه بِقَوْلِه - «إِنَّ
الله عِنْدَه عِلْمُ السَّاعَةِ - ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ ويَعْلَمُ ما فِي
الأَرْحامِ - وما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً - وما تَدْرِي نَفْسٌ
بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ» الآيَةَ - فَيَعْلَمُ اللَّه سُبْحَانَه مَا
فِي الأَرْحَامِ - مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وقَبِيحٍ أَوْ جَمِيلٍ - وسَخِيٍّ
أَوْ بَخِيلٍ - وشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ - ومَنْ يَكُونُ فِي النَّارِ حَطَباً -
أَوْ فِي الْجِنَانِ لِلنَّبِيِّينَ مُرَافِقاً - فَهَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ
الَّذِي لَا يَعْلَمُه أَحَدٌ إِلَّا اللَّه - ومَا سِوَى ذَلِكَ فَعِلْمٌ -
عَلَّمَه اللَّه نَبِيَّه فَعَلَّمَنِيه - ودَعَا لِي بِأَنْ يَعِيَه صَدْرِي -
وتَضْطَمَّ عَلَيْه جَوَانِحِي (1708) -----------------------------
. |
|||||||||||||||
129 و من خطبة له في ذكر المكاييل و الموازين :
|
|||||||||||||||
129 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذكر المكاييل والموازين عِبَادَ اللَّه إِنَّكُمْ ومَا
تَأْمُلُونَ - مِنْ هَذِه الدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ (1709) (مُؤَجَّلُونَ - ومَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ أَجَلٌ مَنْقُوصٌ - وعَمَلٌ
مَحْفُوظٌ - فَرُبَّ دَائِبٍ (1710) مُضَيَّعٌ ورُبَّ
كَادِحٍ (1711) خَاسِرٌ - وقَدْ
أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لَا يَزْدَادُ الْخَيْرُ فِيه إِلَّا إِدْبَاراً - ولَا
الشَّرُّ فِيه إِلَّا إِقْبَالًا - ولَا الشَّيْطَانُ فِي هَلَاكِ النَّاسِ
إِلَّا طَمَعاً - فَهَذَا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُه - وعَمَّتْ مَكِيدَتُه
وأَمْكَنَتْ فَرِيسَتُه (1712) - اضْرِبْ
بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ - فَهَلْ تُبْصِرُ إِلَّا فَقِيراً
يُكَابِدُ فَقْراً - أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللَّه كُفْراً - أَوْ
بَخِيلًا اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّه وَفْراً - أَوْ مُتَمَرِّداً
كَأَنَّ بِأُذُنِه عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً - أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ
وصُلَحَاؤُكُمْ - وأَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وسُمَحَاؤُكُمْ - وأَيْنَ
الْمُتَوَرِّعُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ - والْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهِمْ -
أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً - عَنْ هَذِه الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ -
والْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ - وهَلْ خُلِقْتُمْ إِلَّا فِي حُثَالَةٍ (1713) - لَا تَلْتَقِي إِلَّا بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ - اسْتِصْغَاراً
لِقَدْرِهِمْ وذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ - فَ «إِنَّا
لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ» - ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلَا مُنْكِرٌ
مُغَيِّرٌ - ولَا زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ - أَفَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا
اللَّه فِي دَارِ قُدْسِه - وتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِه عِنْدَه -
هَيْهَاتَ لَا يُخْدَعُ اللَّه عَنْ جَنَّتِه - ولَا تُنَالُ مَرْضَاتُه إِلَّا
بِطَاعَتِه - لَعَنَ اللَّه الآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَه -
والنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلِينَ بِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
130 و من كلام له لأبي ذر رحمه الله لما أخرج إلى الربذة :
|
|||||||||||||||
130 - ومن كلام له عليهالسلام لأبي ذر رحمهالله
- لما أخرج إلى الربذة (1714) يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ لِلَّه
فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَه - إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وخِفْتَهُمْ
عَلَى دِينِكَ - فَاتْرُكْ فِي أَيْدِيهِمْ مَا خَافُوكَ عَلَيْه - واهْرُبْ
مِنْهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْه - فَمَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى مَا مَنَعْتَهُمْ
- ومَا أَغْنَاكَ عَمَّا مَنَعُوكَ - وسَتَعْلَمُ مَنِ الرَّابِحُ غَداً
والأَكْثَرُ حُسَّداً - ولَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ والأَرَضِينَ كَانَتَا عَلَى
عَبْدٍ رَتْقاً - ثُمَّ اتَّقَى اللَّه لَجَعَلَ اللَّه لَه مِنْهُمَا مَخْرَجاً
- لَا يُؤْنِسَنَّكَ إِلَّا الْحَقُّ - ولَا يُوحِشَنَّكَ إِلَّا الْبَاطِلُ -
فَلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُمْ لأَحَبُّوكَ - ولَوْ قَرَضْتَ (1715) مِنْهَا لأَمَّنُوكَ. ----------------------------- (1714) الرّبَذة:
بالتحريك موضع على قرب من المدينة المنورة فيه قبر أبي ذرّ الغفاري رضياللهعنه
والذي أخرجه اليه عثمان بن عفان. (1715)
قرضت منها: قطعت منها جزءا واختصصت به نفسك. . |
|||||||||||||||
131 و من كلام له و فيه يبين سبب طلبه الحكم و يصف الإمام الحق :
|
|||||||||||||||
131 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه يبين سبب طلبه الحكم
ويصف الإمام الحق أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ
والْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ - الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ والْغَائِبَةُ
عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ - أَظْأَرُكُمْ (1716) عَلَى الْحَقِّ - وأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْه نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ
وَعْوَعَةِ الأَسَدِ - هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ (1717) الْعَدْلِ - أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ - اللَّهُمَّ إِنَّكَ
تَعْلَمُ - أَنَّه لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ
- ولَا الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ - ولَكِنْ لِنَرِدَ
الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ - ونُظْهِرَ الإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ - فَيَأْمَنَ
الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ - وتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ -
اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ - وسَمِعَ وأَجَابَ - لَمْ يَسْبِقْنِي
إِلَّا رَسُولُ اللَّه بِالصَّلَاةِ. وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّه لَا يَنْبَغِي
أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ - والدِّمَاءِ والْمَغَانِمِ
والأَحْكَامِ - وإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ - فَتَكُونَ فِي
أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُه (1718) - ولَا الْجَاهِلُ
فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِه - ولَا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِه - ولَا
الْحَائِفُ (1719) لِلدُّوَلِ (1720) فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ - ولَا الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ -
فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ - ويَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ (1721) - ولَا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الأُمَّةَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
132 و من خطبة له يعظ فيها و يزهد في الدنيا :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
132 - ومن خطبة له عليهالسلام يعظ فيها ويزهد في الدنيا حمد اللَّه نَحْمَدُه عَلَى مَا أَخَذَ وأَعْطَى -
وعَلَى مَا أَبْلَى (1722) وابْتَلَى –
الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّةٍ - والْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ - الْعَالِمُ
بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ - ومَا تَخُونُ الْعُيُونُ - ونَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه
غَيْرُه - وأَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُه وبَعِيثُه (1723) - شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الإِعْلَانَ والْقَلْبُ
اللِّسَانَ. ----------------------------- (1722) الإبلاء:
الإحسان والانعام. والابتلاء: الامتحان. (1723)
بَعِيثه: مصطفاه ومبعوثه. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس ومنها:
فَإِنَّه واللَّه الْجِدُّ لَا اللَّعِبُ - والْحَقُّ لَا الْكَذِبُ - ومَا
هُوَ إِلَّا الْمَوْتُ أَسْمَعَ دَاعِيه (1724) - وأَعْجَلَ حَادِيه (1725) - فَلَا
يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ - وقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ
قَبْلَكَ - مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وحَذِرَ الإِقْلَالَ - وأَمِنَ الْعَوَاقِبَ
طُولَ أَمَلٍ واسْتِبْعَادَ أَجَلٍ - كَيْفَ نَزَلَ بِه الْمَوْتُ فَأَزْعَجَه
عَنْ وَطَنِه - وأَخَذَه مِنْ مَأْمَنِه - مَحْمُولًا عَلَى أَعْوَادِ
الْمَنَايَا - يَتَعَاطَى بِه الرِّجَالُ الرِّجَالَ - حَمْلًا عَلَى
الْمَنَاكِبِ - وإِمْسَاكاً بِالأَنَامِلِ - أَمَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ
يَأْمُلُونَ بَعِيداً - ويَبْنُونَ مَشِيداً ويَجْمَعُونَ كَثِيراً - كَيْفَ
أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً - ومَا جَمَعُوا بُوراً - وصَارَتْ
أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ - وأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ - لَا فِي
حَسَنَةٍ يَزِيدُونَ - ولَا مِنْ سَيِّئَةٍ يَسْتَعْتِبُونَ - فَمَنْ أَشْعَرَ
التَّقْوَى قَلْبَه بَرَّزَ مَهَلُه (1726) - وفَازَ عَمَلُه
فَاهْتَبِلُوا (1727) هَبَلَهَا -
واعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا - فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ
دَارَ مُقَامٍ - بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً - لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا
الأَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ - فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ (1728) - وقَرِّبُوا الظُّهُورَ (1729) لِلزِّيَالِ (1730). -----------------------------
|
|||||||||||||||
133 و من خطبة له
يعظم اللّه سبحانه و يذكر القرآن و النبي و يعظ الناس :
|
|||||||||||||||
عظمة اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
133 - ومن خطبة له عليهالسلام يعظم اللَّه سبحانه ويذكر
القرآن والنبي ويعظ الناس عظمة اللَّه تعالى وانْقَادَتْ لَه الدُّنْيَا والآخِرَةُ
بِأَزِمَّتِهَا - وقَذَفَتْ إِلَيْه السَّمَاوَاتُ والأَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا(1731) (- وسَجَدَتْ لَه بِالْغُدُوِّ والآصَالِ الأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ -
وقَدَحَتْ (1732) لَه مِنْ
قُضْبَانِهَا النِّيرَانَ الْمُضِيئَةَ - وآتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِه
الثِّمَارُ الْيَانِعَةُ. ----------------------------- (1731) مقاليدها: جمع
مقلاد وهو المفتاح. (1732)
قَدَحَتْ: اشتعلت. |
|||||||||||||||
القرآن
|
|||||||||||||||
القرآن منها: وكِتَابُ اللَّه بَيْنَ
أَظْهُرِكُمْ - نَاطِقٌ لَا يَعْيَا لِسَانُه - وبَيْتٌ لَا تُهْدَمُ أَرْكَانُه
- وعِزٌّ لَا تُهْزَمُ أَعْوَانُه. |
|||||||||||||||
رسول اللّه
|
|||||||||||||||
رسول اللَّه منها: أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ
مِنَ الرُّسُلِ - وتَنَازُعٍ مِنَ الأَلْسُنِ - فَقَفَّى بِه الرُّسُلَ وخَتَمَ
بِه الْوَحْيَ - فَجَاهَدَ فِي اللَّه الْمُدْبِرِينَ عَنْه والْعَادِلِينَ بِه. |
|||||||||||||||
الدنيا
|
|||||||||||||||
الدنيا منها: وإِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصَرِ
الأَعْمَى - لَا يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً - والْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا
بَصَرُه - ويَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا - فَالْبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ
- والأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ - والْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ - والأَعْمَى
لَهَا مُتَزَوِّدٌ. |
|||||||||||||||
عظة الناس |
|||||||||||||||
عظة الناس منها: واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ مِنْ
شَيْءٍ - إِلَّا ويَكَادُ صَاحِبُه يَشْبَعُ مِنْه - ويَمَلُّه إِلَّا
الْحَيَاةَ فَإِنَّه لَا يَجِدُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً - وإِنَّمَا ذَلِكَ
بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ - الَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ -
وبَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ - وسَمْعٌ لِلأُذُنِ الصَّمَّاءِ - ورِيٌّ
لِلظَّمْآنِ وفِيهَا الْغِنَى كُلُّه والسَّلَامَةُ - كِتَابُ اللَّه
تُبْصِرُونَ بِه - وتَنْطِقُونَ بِه وتَسْمَعُونَ بِه - ويَنْطِقُ بَعْضُه
بِبَعْضٍ - ويَشْهَدُ بَعْضُه عَلَى بَعْضٍ - ولَا يَخْتَلِفُ فِي اللَّه - ولَا
يُخَالِفُ بِصَاحِبِه عَنِ اللَّه - قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ (1733) فِيمَا بَيْنَكُمْ - ونَبَتَ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ (1734) - وتَصَافَيْتُمْ عَلَى حُبِّ الآمَالِ - وتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الأَمْوَالِ
- لَقَدِ اسْتَهَامَ (1735) بِكُمُ الْخَبِيثُ
وتَاه بِكُمُ الْغُرُورُ - واللَّه الْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وأَنْفُسِكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
134 و من كلام له و قد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو
الروم :
|
|||||||||||||||
134 - ومن كلام له عليهالسلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في
الخروج إلى غزو الروم وقَدْ تَوَكَّلَ اللَّه - لأَهْلِ هَذَا
الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ (1736) - وسَتْرِ
الْعَوْرَةِ. والَّذِي نَصَرَهُمْ - وهُمْ قَلِيلٌ لَا
يَنْتَصِرُونَ - ومَنَعَهُمْ وهُمْ قَلِيلٌ لَا يَمْتَنِعُونَ - حَيٌّ لَا
يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هَذَا
الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ - فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبْ - لَا تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ
كَانِفَةٌ (1737) دُونَ أَقْصَى
بِلَادِهِمْ - لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْه - فَابْعَثْ
إِلَيْهِمْ رَجُلًا مِحْرَباً - واحْفِزْ (1738) مَعَه أَهْلَ الْبَلَاءِ (1739) والنَّصِيحَةِ -
فَإِنْ أَظْهَرَ اللَّه فَذَاكَ مَا تُحِبُّ - وإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى - كُنْتَ
رِدْءاً لِلنَّاسِ (1740) ومَثَابَةً (1741) لِلْمُسْلِمِينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
135 و من كلام له و قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان فقال
المغيرة بن الأخنس لعثمان أنا أكفيكه
|
|||||||||||||||
135 - ومن كلام له عليهالسلام وقد وقعت مشاجرة بينه وبين
عثمان فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان: أنا أكفيكه فقال علي عليهالسلام
للمغيرة: يَا ابْنَ اللَّعِينِ الأَبْتَرِ (1742) - والشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا ولَا فَرْعَ - أَنْتَ
تَكْفِينِي - فَوَ اللَّه مَا أَعَزَّ اللَّه مَنْ أَنْتَ نَاصِرُه - ولَا قَامَ
مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُه - اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّه نَوَاكَ (1743) ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ - فَلَا أَبْقَى اللَّه عَلَيْكَ إِنْ
أَبْقَيْتَ! ----------------------------- (1742) الأبْتر: هو
من لا عقب له. (1743)
النّوَى: هاهنا بمعنى الدار. |
|||||||||||||||
136و من كلام له ( عليه
السلام ) في أمر البيعة :
|
|||||||||||||||
136 - ومن كلام له عليهالسلام في أمر البيعة لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ
فَلْتَةً (1744) - ولَيْسَ أَمْرِي
وأَمْرُكُمْ وَاحِداً - إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّه وأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي
لأَنْفُسِكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى
أَنْفُسِكُمْ وايْمُ اللَّه لأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِه ولأَقُودَنَّ
الظَّالِمَ بِخِزَامَتِه (1745) - حَتَّى أُورِدَه
مَنْهَلَ الْحَقِّ وإِنْ كَانَ كَارِهاً. ----------------------------- (1744) الفَلْتة:
الأمر يقع عن غير رويّة ولا تدبّر. (1745)
الخِزامة: - بالكسر - حلقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير ليشدّ
فيها الزمام ويسهل قياده. |
|||||||||||||||
137 و من كلام له في شأن طلحة و الزبير و في البيعة له :
|
|||||||||||||||
طلحة و الزبير
|
|||||||||||||||
137 - ومن كلام له عليهالسلام في شأن طلحة والزبير وفي
البيعة له طلحة والزبير واللَّه مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً
- ولَا جَعَلُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ نِصْفاً (1746) - وإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوه ودَماً هُمْ سَفَكُوه
- فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيه فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْه - وإِنْ
كَانُوا وَلُوه دُونِي فَمَا الطَّلِبَةُ (1747) إِلَّا قِبَلَهُمْ - وإِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى
أَنْفُسِهِمْ - وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَسْتُ ولَا لُبِسَ عَلَيَّ -
وإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فِيهَا الْحَمَأُ والْحُمَّةُ (1748) - والشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ (1749) وإِنَّ الأَمْرَ لَوَاضِحٌ - وقَدْ زَاحَ (1750) الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِه - وانْقَطَعَ لِسَانُه عَنْ شَغْبِه (1751) - وايْمُ اللَّه لأُفْرِطَنَّ (1752) لَهُمْ حَوْضاً (1753) أَنَا مَاتِحُه -
لَا يَصْدُرُونَ عَنْه بِرِيٍّ - ولَا يَعُبُّونَ (1754) بَعْدَه فِي حَسْيٍ (1755)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
أمر البيعة
|
|||||||||||||||
أمر البيعة منه: - فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ
الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ (1756) عَلَى
أَوْلَادِهَا - تَقُولُونَ الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ - قَبَضْتُ كَفِّي
فَبَسَطْتُمُوهَا - ونَازَعَتْكُمْ يَدِي فَجَاذَبْتُمُوهَا - اللَّهُمَّ
إِنَّهُمَا قَطَعَانِي وظَلَمَانِي - ونَكَثَا بَيْعَتِي وأَلَّبَا (1757) النَّاسَ عَلَيَّ - فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا ولَا تُحْكِمْ لَهُمَا مَا
أَبْرَمَا - وأَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِيمَا أَمَّلَا وعَمِلَا - ولَقَدِ
اسْتَثَبْتُهُمَا (1758) قَبْلَ الْقِتَالِ
- واسْتَأْنَيْتُ بِهِمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ - فَغَمَطَا النِّعْمَةَ (1760) ورَدَّا الْعَافِيَةَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
138 و من خطبة له يومئ فيها إلى ذكر الملاحم :
|
|||||||||||||||
138 - ومن خطبة له عليهالسلام يومئ فيها إلى ذكر الملاحم يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى - إِذَا
عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى - ويَعْطِفُ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ -
إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْيِ. ومنها - حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ
عَلَى سَاقٍ بَادِياً نَوَاجِذُهَا (1761) - مَمْلُوءَةً
أَخْلَافُهَا (1762) حُلْواً رَضَاعُهَا
عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا - أَلَا وفِي غَدٍ وسَيَأْتِي غَدٌ بِمَا لَا
تَعْرِفُونَ - يَأْخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرِهَا عُمَّالَهَا عَلَى مَسَاوِئِ
أَعْمَالِهَا - وتُخْرِجُ لَه الأَرْضُ أَفَالِيذَ (1763) كَبِدِهَا - وتُلْقِي إِلَيْه سِلْماً مَقَالِيدَهَا - فَيُرِيكُمْ
كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ - ويُحْيِي مَيِّتَ الْكِتَابِ والسُّنَّةِ. منها - كَأَنِّي بِه قَدْ نَعَقَ
بِالشَّامِ - وفَحَصَ (1764) بِرَايَاتِه فِي
ضَوَاحِي كُوفَانَ (1765) - فَعَطَفَ
عَلَيْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ (1766) - وفَرَشَ
الأَرْضَ بِالرُّءُوسِ - قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُه (1767) وثَقُلَتْ فِي الأَرْضِ وَطْأَتُه بَعِيدَ الْجَوْلَةِ عَظِيمَ
الصَّوْلَةِ - واللَّه لَيُشَرِّدَنَّكُمْ (1768) فِي أَطْرَافِ الأَرْضِ - حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا قَلِيلٌ
كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ - فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ - حَتَّى تَئُوبَ إِلَى
الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلَامِهَا (1769) - فَالْزَمُوا
السُّنَنَ الْقَائِمَةَ والآثَارَ الْبَيِّنَةَ - والْعَهْدَ الْقَرِيبَ الَّذِي
عَلَيْه بَاقِي النُّبُوَّةِ - واعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ - إِنَّمَا
يُسَنِّي (1770) لَكُمْ طُرُقَه
لِتَتَّبِعُوا عَقِبَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
139و من كلام له في وقت الشورى :
|
|||||||||||||||
139 - ومن كلام له عليهالسلام في وقت الشورى لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى
دَعْوَةِ حَقٍّ - وصِلَةِ رَحِمٍ وعَائِدَةِ كَرَمٍ - فَاسْمَعُوا قَوْلِي وعُوا
مَنْطِقِي - عَسَى أَنْ تَرَوْا هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْيَوْمِ -
تُنْتَضَى (1771) فِيه السُّيُوفُ
وتُخَانُ فِيه الْعُهُودُ - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لأَهْلِ
الضَّلَالَةِ - وشِيعَةً لأَهْلِ الْجَهَالَةِ. ----------------------------- (1771) تُنْتَضى:
تسلّ. |
|||||||||||||||
140 و من كلام له في النهي عن غيبة الناس :
|
|||||||||||||||
140 - ومن كلام له عليهالسلام في النهي عن غيبة الناس وإِنَّمَا يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِصْمَةِ
والْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلَامَةِ (1772) - أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ والْمَعْصِيَةِ - ويَكُونَ
الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ - والْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ - فَكَيْفَ
بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاه وعَيَّرَه بِبَلْوَاه - أَمَا ذَكَرَ
مَوْضِعَ سَتْرِ اللَّه عَلَيْه مِنْ ذُنُوبِه - مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ
الذَّنْبِ الَّذِي عَابَه بِه - وكَيْفَ يَذُمُّه بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مِثْلَه
- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِه - فَقَدْ عَصَى اللَّه
فِيمَا سِوَاه مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْه - وايْمُ اللَّه لَئِنْ لَمْ يَكُنْ
عَصَاه فِي الْكَبِيرِ - وعَصَاه فِي الصَّغِيرِ لَجَرَاءَتُه عَلَى عَيْبِ
النَّاسِ أَكْبَرُ. يَا عَبْدَ اللَّه لَا تَعْجَلْ فِي
عَيْبِ أَحَدٍ بِذَنْبِه - فَلَعَلَّه مَغْفُورٌ لَه ولَا تَأْمَنْ عَلَى
نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَةٍ - فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْه - فَلْيَكْفُفْ
مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِه -
ولْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلًا لَه عَلَى مُعَافَاتِه مِمَّا ابْتُلِيَ بِه
غَيْرُه. ----------------------------- (1772) المصنوع إليهم:
الذين أنعم الله عليهم وأحسن صنعه إليهم بالسلامة من الآثام. |
|||||||||||||||
141 و من كلام له في النهي عن سماع الغيبة و في الفرق بين الحق
و الباطل :
|
|||||||||||||||
141 - ومن كلام له عليهالسلام في النهي عن سماع الغيبة
وفي الفرق بين الحق والباطل أَيُّهَا النَّاسُ - مَنْ عَرَفَ مِنْ
أَخِيه وَثِيقَةَ دِينٍ وسَدَادَ طَرِيقٍ – فَلَا يَسْمَعَنَّ فِيه أَقَاوِيلَ
الرِّجَالِ - أَمَا إِنَّه قَدْ يَرْمِي الرَّامِي - وتُخْطِئُ السِّهَامُ
ويُحِيلُ الْكَلَامُ (1773) - وبَاطِلُ ذَلِكَ
يَبُورُ واللَّه سَمِيعٌ وشَهِيدٌ - أَمَا إِنَّه لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ
والْبَاطِلِ إِلَّا أَرْبَعُ أَصَابِعَ. فسئل عليهالسلام عن معنى قوله هذا
- فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ثم قال: الْبَاطِلُ أَنْ
تَقُولَ سَمِعْتُ - والْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ! ----------------------------- (1773) يُحيل:
يتغير عن وجه الحق. |
|||||||||||||||
142 و من كلام له عليه السلام
:
|
|||||||||||||||
المعروف في غير أهله |
|||||||||||||||
142 - ومن كلام له عليهالسلام المعروف في غير أهله ولَيْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فِي
غَيْرِ حَقِّه - وعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه مِنَ الْحَظِّ فِيمَا أَتَى إِلَّا
مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ - وثَنَاءُ الأَشْرَارِ ومَقَالَةُ الْجُهَّالَ - مَا
دَامَ مُنْعِماً عَلَيْهِمْ مَا أَجْوَدَ يَدَه - وهُوَ عَنْ ذَاتِ اللَّه بِخَيْلٌ! |
|||||||||||||||
مواضع المعروف |
|||||||||||||||
مواضع المعروف فَمَنْ آتَاه اللَّه مَالًا فَلْيَصِلْ
بِه الْقَرَابَةَ - ولْيُحْسِنْ مِنْه الضِّيَافَةَ ولْيَفُكَّ بِه الأَسِيرَ
والْعَانِيَ - ولْيُعْطِ مِنْه الْفَقِيرَ والْغَارِمَ (1774) - ولْيَصْبِرْ نَفْسَه (1775) عَلَى الْحُقُوقِ
والنَّوَائِبِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ - فَإِنَّ فَوْزاً بِهَذِه الْخِصَالِ
شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا - ودَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّه. ----------------------------- (1774) الغارم: من
عليه الديون. (1775)
صَبَر نفسه: - بالتخفيف - حبسها. |
|||||||||||||||
143و من خطبة له في
الاستسقاء و فيه تنبيه العباد وجوب استغاثة رحمة اللّه إذا حبس عنهم رحمة المطر :
|
|||||||||||||||
143 - ومن خطبة له عليهالسلام في الاستسقاء وفيه تنبيه العباد وجوب
استغاثة رحمة اللَّه إذا حبس عنهم رحمة المطر أَلَا وإِنَّ الأَرْضَ الَّتِي
تُقِلُّكُمْ - والسَّمَاءَ الَّتِي تُظِلُّكُمْ (1776) مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ - ومَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ
بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ - ولَا زُلْفَةً (1777) إِلَيْكُمْ ولَا لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِه مِنْكُمْ - ولَكِنْ أُمِرَتَا
بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا - وأُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ
فَقَامَتَا. إِنَّ اللَّه يَبْتَلِي عِبَادَه عِنْدَ
الأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ - بِنَقْصِ الثَّمَرَاتِ وحَبْسِ الْبَرَكَاتِ -
وإِغْلَاقِ خَزَائِنِ الْخَيْرَاتِ لِيَتُوبَ تَائِبٌ - ويُقْلِعَ مُقْلِعٌ
ويَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ ويَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ - وقَدْ جَعَلَ اللَّه
سُبْحَانَه الِاسْتِغْفَارَ سَبَباً - لِدُرُورِ الرِّزْقِ ورَحْمَةِ الْخَلْقِ
فَقَالَ سُبْحَانَه - (اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّه كانَ غَفَّاراً - يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً -
ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ - ويَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَلْ
لَكُمْ أَنْهاراً) - فَرَحِمَ اللَّه
امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَه - واسْتَقَالَ خَطِيئَتَه وبَادَرَ مَنِيَّتَه. اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ
مِنْ تَحْتِ الأَسْتَارِ والأَكْنَانِ - وبَعْدَ عَجِيجِ الْبَهَائِمِ
والْوِلْدَانِ - رَاغِبِينَ فِي رَحْمَتِكَ ورَاجِينَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ -
وخَائِفِينَ مِنْ عَذَابِكَ ونِقْمَتِكَ - اللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ ولَا
تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ - ولَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ (1778) - ولَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ - اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ - نَشْكُو إِلَيْكَ مَا
لَا يَخْفَى عَلَيْكَ - حِينَ أَلْجَأَتْنَا الْمَضَايِقُ الْوَعْرَةُ (1779) وأَجَاءَتْنَا (1780) الْمَقَاحِطُ (1781) الْمُجْدِبَةُ - وأَعْيَتْنَا الْمَطَالِبُ الْمُتَعَسِّرَةُ -
وتَلَاحَمَتْ (1782) عَلَيْنَا
الْفِتَنُ الْمُسْتَصْعِبَةُ - اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلَّا تَرُدَّنَا
خَائِبِينَ - ولَا تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ (1783) ولَا تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا - ولَا تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا -
اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وبَرَكَتَكَ - ورِزْقَكَ ورَحْمَتَكَ
واسْقِنَا سُقْيَا نَاقِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً - تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ
فَاتَ وتُحْيِي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ - نَافِعَةَ الْحَيَا (1784) كَثِيرَةَ الْمُجْتَنَى تُرْوِي بِهَا الْقِيعَانَ (1785) - وتُسِيلُ الْبُطْنَانَ (1786) وتَسْتَوْرِقُ
الأَشْجَارَ (1787) - وتُرْخِصُ
الأَسْعَارَ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ». -----------------------------
|
|||||||||||||||
144 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
مبعث الرسل
|
|||||||||||||||
144 - ومن خطبة له عليهالسلام مبعث الرسل بَعَثَ اللَّه رُسُلَه بِمَا خَصَّهُمْ
بِه مِنْ وَحْيِه - وجَعَلَهُمْ حُجَّةً لَه عَلَى خَلْقِه - لِئَلَّا تَجِبَ
الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ الإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ - فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ
الصِّدْقِ إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ - أَلَا إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَشَفَ
الْخَلْقَ (1788) كَشْفَةً - لَا
أَنَّه جَهِلَ مَا أَخْفَوْه مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ - ومَكْنُونِ
ضَمَائِرِهِمْ – ولَكِنْ لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا - فَيَكُونَ
الثَّوَابُ جَزَاءً والْعِقَابُ بَوَاءً (1789). ----------------------------- (1788) كشفَ الخَلْقَ: علم
حالهم في جميع أطوارهم. (1789) بَواء:
مصدر باء فلان بفلان: أي قتل به والعقاب: القصاص. |
|||||||||||||||
فضل أهل البيت
|
|||||||||||||||
فضل أهل البيت أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ
الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا - كَذِباً وبَغْياً عَلَيْنَا أَنْ
رَفَعَنَا اللَّه ووَضَعَهُمْ - وأَعْطَانَا وحَرَمَهُمْ وأَدْخَلَنَا
وأَخْرَجَهُمْ - بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى ويُسْتَجْلَى الْعَمَى - إِنَّ
الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ - غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لَا
تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ - ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ . |
|||||||||||||||
أهل الضلال
|
|||||||||||||||
أهل الضلال منها: - آثَرُوا عَاجِلًا وأَخَّرُوا
آجِلًا - وتَرَكُوا صَافِياً وشَرِبُوا آجِناً (1790) - كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وقَدْ صَحِبَ الْمُنْكَرَ
فَأَلِفَه - وبَسِئَ (1791) بِه ووَافَقَه
حَتَّى شَابَتْ عَلَيْه مَفَارِقُه - وصُبِغَتْ بِه خَلَائِقُه (1792) - ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً كَالتَّيَّارِ لَا يُبَالِي مَا غَرَّقَ -
أَوْ كَوَقْعِ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ لَا يَحْفِلُ (1793) مَا حَرَّقَ! أَيْنَ الْعُقُولُ الْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِيحِ
الْهُدَى - والأَبْصَارُ اللَّامِحَةُ إِلَى مَنَارِ التَّقْوَى - أَيْنَ
الْقُلُوبُ الَّتِي وُهِبَتْ لِلَّه وعُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اللَّه -
ازْدَحَمُوا عَلَى الْحُطَامِ (1794) وتَشَاحُّوا عَلَى
الْحَرَامِ - ورُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ الْجَنَّةِ والنَّارِ - فَصَرَفُوا عَنِ
الْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ - وأَقْبَلُوا إِلَى النَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ -
ودَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا ووَلَّوْا - ودَعَاهُمُ الشَّيْطَانُ
فَاسْتَجَابُوا وأَقْبَلُوا! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
145 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
فناء الدنيا
|
|||||||||||||||
145 - ومن خطبة له عليهالسلام فناء الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّمَا أَنْتُمْ
فِي هَذِه الدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ (1795) فِيه الْمَنَايَا - مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ شَرَقٌ وفِي كُلِّ أَكْلَةٍ
غَصَصٌ - لَا تَنَالُونَ مِنْهَا نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى - ولَا
يُعَمَّرُ مُعَمَّرٌ مِنْكُمْ يَوْماً مِنْ عُمُرِه - إِلَّا بِهَدْمِ آخَرَ
مِنْ أَجَلِه - ولَا تُجَدَّدُ لَه زِيَادَةٌ فِي أَكْلِه إِلَّا بِنَفَادِ مَا
قَبْلَهَا مِنْ رِزْقِه - ولَا يَحْيَا لَه أَثَرٌ إِلَّا مَاتَ لَه أَثَرٌ -
ولَا يَتَجَدَّدُ لَه جَدِيدٌ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَخْلَقَ (1796) لَه جَدِيدٌ - ولَا تَقُومُ لَه نَابِتَةٌ إِلَّا وتَسْقُطُ مِنْه
مَحْصُودَةٌ - وقَدْ مَضَتْ أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا - فَمَا بَقَاءُ فَرْعٍ
بَعْدَ ذَهَابِ أَصْلِه! ----------------------------- (1795) تَنْتَضِل فيه:
تترامى اليه. (1796)
يَخْلَق: يبلى. |
|||||||||||||||
ذم البدعة
|
|||||||||||||||
ذم البدعة منها - ومَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلَّا
تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ - فَاتَّقُوا الْبِدَعَ والْزَمُوا الْمَهْيَعَ (1797) - إِنَّ عَوَازِمَ الأُمُورِ(1798) أَفْضَلُهَا - وإِنَّ مُحْدِثَاتِهَا شِرَارُهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
146و من كلام
له و قد استشاره عمر بن الخطاب في
الشخوص لقتال الفرس بنفسه :
|
|||||||||||||||
146 - ومن كلام له عليهالسلام وقد استشاره عمر بن الخطاب
في الشخوص لقتال الفرس بنفسه إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُه
- ولَا خِذْلَانُه بِكَثْرَةٍ ولَا بِقِلَّةٍ - وهُوَ دِينُ اللَّه الَّذِي
أَظْهَرَه - وجُنْدُه الَّذِي أَعَدَّه وأَمَدَّه - حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ
وطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ - ونَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللَّه - واللَّه
مُنْجِزٌ وَعْدَه ونَاصِرٌ جُنْدَه - ومَكَانُ الْقَيِّمِ(1799) بِالأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ(1800) مِنَ الْخَرَزِ - يَجْمَعُه ويَضُمُّه - فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ
تَفَرَّقَ الْخَرَزُ وذَهَبَ - ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِه (1801) أَبَداً - والْعَرَبُ الْيَوْمَ وإِنْ كَانُوا قَلِيلًا - فَهُمْ
كَثِيرُونَ بِالإِسْلَامِ - عَزِيزُونَ بِالِاجْتِمَاعِ - فَكُنْ قُطْباً
واسْتَدِرِ الرَّحَى بِالْعَرَبِ - وأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ -
فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ (1802) مِنْ هَذِه
الأَرْضِ - انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وأَقْطَارِهَا -
حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ - أَهَمَّ إِلَيْكَ
مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ. إِنَّ الأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا
إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا - هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوه
اسْتَرَحْتُمْ - فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ وطَمَعِهِمْ
فِيكَ - فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ
الْمُسْلِمِينَ - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه هُوَ أَكْرَه لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ
- وهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَه. وأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ -
فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ - وإِنَّمَا كُنَّا
نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ والْمَعُونَةِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
147 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
الغاية من البعثة
|
|||||||||||||||
147 - ومن خطبة له عليهالسلام الغاية من البعثة فَبَعَثَ اللَّه مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
بِالْحَقِّ - لِيُخْرِجَ عِبَادَه مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِه
- ومِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِه - بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَه
وأَحْكَمَه - لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوه - ولِيُقِرُّوا بِه
بَعْدَ إِذْ جَحَدُوه - ولِيُثْبِتُوه بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوه - فَتَجَلَّى
لَهُمْ سُبْحَانَه (1803) فِي كِتَابِه -
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْه بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِه -
وخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِه - وكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلَاتِ (1804) - واحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ! ----------------------------- (1803) «تجلى لهم سبحانه». ظهر لهم من غير أن يرى
بالبصر. (1804)
المَثُلات: - بفتح فضم - العقوبات. |
|||||||||||||||
الزمان المقبل
|
|||||||||||||||
الزمان المقبل وإِنَّه سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ
بَعْدِي زَمَانٌ - لَيْسَ فِيه شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ - ولَا أَظْهَرَ
مِنَ الْبَاطِلِ - ولَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّه ورَسُولِه -
ولَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ -
إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِه - ولَا أَنْفَقَ مِنْه (1805) إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِه - ولَا فِي الْبِلَادِ شَيْءٌ أَنْكَرَ
مِنَ الْمَعْرُوفِ - ولَا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ - فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ
حَمَلَتُه وتَنَاسَاه حَفَظَتُه - فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وأَهْلُه طَرِيدَانِ
مَنْفِيَّانِ - وصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لَا يُؤْوِيهِمَا
مُؤْوٍ - فَالْكِتَابُ وأَهْلُه فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ ولَيْسَا
فِيهِمْ - ومَعَهُمْ ولَيْسَا مَعَهُمْ - لأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ
الْهُدَى وإِنِ اجْتَمَعَا - فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ -
وافْتَرَقُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ - ولَيْسَ
الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ - فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْه إِلَّا اسْمُه - ولَا
يَعْرِفُونَ إِلَّا خَطَّه وزَبْرَه (1806) - ومِنْ قَبْلُ
مَا مَثَّلُوا (1807) بِالصَّالِحِينَ
كُلَّ مُثْلَةٍ - وسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللَّه فِرْيَةً (1808) وجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ. وإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
بِطُولِ آمَالِهِمْ وتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ - حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ (1809) الَّذِي تُرَدُّ عَنْه الْمَعْذِرَةُ - وتُرْفَعُ عَنْه التَّوْبَةُ وتَحُلُّ
مَعَه الْقَارِعَةُ (1810) والنِّقْمَةُ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
عظة الناس |
|||||||||||||||
عظة الناس أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه مَنِ
اسْتَنْصَحَ اللَّه وُفِّقَ - ومَنِ اتَّخَذَ قَوْلَه دَلِيلًا هُدِيَ لِلَّتِي
هِيَ أَقُومُ - فَإِنَّ جَارَ اللَّه آمِنٌ وعَدُوَّه خَائِفٌ - وإِنَّه لَا
يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّه أَنْ يَتَعَظَّمَ - فَإِنَّ رِفْعَةَ
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُه أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَه - وسَلَامَةَ
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُه أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَه - فَلَا
تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الأَجْرَبِ - والْبَارِئِ (1811) مِنْ ذِي السَّقَمِ (1812) - واعْلَمُوا
أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ - حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَه -
ولَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَه -
ولَنْ تَمَسَّكُوا بِه حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَه - فَالْتَمِسُوا
ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِه - فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ ومَوْتُ الْجَهْلِ -
هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ - وصَمْتُهُمْ عَنْ
مَنْطِقِهِمْ وظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ - لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ ولَا
يَخْتَلِفُونَ فِيه - فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وصَامِتٌ نَاطِقٌ. ----------------------------- (1811)
الباري: المعافي من المرض. (1812)
السّقم: المرض والعلة. |
|||||||||||||||
148 و من كلام له عليه
السلام في ذكر أهل البصرة :
|
|||||||||||||||
148 - ومن كلام له عليهالسلام في ذكر أهل البصرة كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجُو الأَمْرَ
لَه - ويَعْطِفُه عَلَيْه دُونَ صَاحِبِه - لَا يَمُتَّانِ (1813) إِلَى اللَّه بِحَبْلٍ - ولَا يَمُدَّانِ إِلَيْه بِسَبَبٍ (1814) - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ (1815) لِصَاحِبِه - وعَمَّا قَلِيلٍ يُكْشَفُ قِنَاعُه بِه - واللَّه لَئِنْ
أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ - لَيَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا -
ولَيَأْتِيَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا - قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ
فَأَيْنَ الْمُحْتَسِبُونَ (1816) - فَقَدْ سُنَّتْ
لَهُمُ السُّنَنُ وقُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ - ولِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَّةٌ
ولِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ - واللَّه لَا أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ (1817) - يَسْمَعُ النَّاعِيَ ويَحْضُرُ الْبَاكِيَ ثُمَّ لَا يَعْتَبِرُ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
149 و من كلام له
عليه السلام قبل موته :
|
|||||||||||||||
149 - ومن كلام له عليهالسلام قبل موته أَيُّهَا النَّاسُ - كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ
مَا يَفِرُّ مِنْه فِي فِرَارِه - الأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ (1818) والْهَرَبُ مِنْه مُوَافَاتُه - كَمْ أَطْرَدْتُ (1819) الأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الأَمْرِ - فَأَبَى
اللَّه إِلَّا إِخْفَاءَه هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ - أَمَّا وَصِيَّتِي
فَاللَّه لَا تُشْرِكُوا بِه شَيْئاً - ومُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله فَلَا
تُضَيِّعُوا سُنَّتَه - أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ - وأَوْقِدُوا
هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ - وخَلَاكُمْ ذَمٌّ (1820) مَا لَمْ تَشْرُدُوا (1821) - حُمِّلَ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَه - وخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ - رَبٌّ رَحِيمٌ
ودِينٌ قَوِيمٌ وإِمَامٌ عَلِيمٌ - أَنَا بِالأَمْسِ صَاحِبُكُمْ - وأَنَا
الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وغَداً مُفَارِقُكُمْ - غَفَرَ اللَّه لِي ولَكُمْ! إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ (1822) فِي هَذِه الْمَزَلَّةِ (1823) فَذَاكَ - وإِنْ
تَدْحَضِ (1824) الْقَدَمُ
فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ (1825) أَغْصَانٍ -
ومَهَابِّ رِيَاحٍ وتَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ - اضْمَحَلَّ فِي الْجَوِّ
مُتَلَفَّقُهَا (1826) وعَفَا (1827) فِي الأَرْضِ مَخَطُّهَا (1828) - وإِنَّمَا
كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً - وسَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً
خَلَاءً (1829) - سَاكِنَةً
بَعْدَ حَرَاكٍ وصَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ - لِيَعِظْكُمْ هُدُوِّي وخُفُوتُ (1830) إِطْرَاقِي وسُكُونُ أَطْرَافِي (1831) - فَإِنَّه أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْمَنْطِقِ الْبَلِيغِ -
والْقَوْلِ الْمَسْمُوعِ - وَدَاعِي لَكُمْ وَدَاعُ امْرِئٍ مُرْصِدٍ (1832) لِلتَّلَاقِي - غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي ويُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ
سَرَائِرِي - وتَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وقِيَامِ غَيْرِي
مَقَامِي. -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
150 و من خطبة له عليه السلام
يومي فيها إلى الملاحم و يصف فئة من أهل الضلال :
|
|||||||||||||||
150 - ومن خطبة له عليه
السلام يومي فيها إلى الملاحم ويصف
فئة من أهل الضلال وأَخَذُوا يَمِيناً وشِمَالًا ظَعْناً فِي
مَسَالِكِ الْغَيِّ - وتَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ - فَلَا تَسْتَعْجِلُوا
مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ - ولَا تَسْتَبْطِئُوا مَا يَجِيءُ بِه الْغَدُ -
فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إِنْ أَدْرَكَه وَدَّ أَنَّه لَمْ يُدْرِكْه -
ومَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِيرِ (1833) غَدٍ - يَا قَوْمِ هَذَا إِبَّانُ (1834) وُرُودِ كُلِّ مَوْعُودٍ - ودُنُوٍّ (1835) مِنْ طَلْعَةِ مَا لَا تَعْرِفُونَ - أَلَا وإِنَّ مَنْ أَدْرَكَهَا
مِنَّا يَسْرِي فِيهَا بِسِرَاجٍ مُنِيرٍ - ويَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ
الصَّالِحِينَ - لِيَحُلَّ فِيهَا رِبْقاً (1836) - ويُعْتِقَ فِيهَا رِقّاً ويَصْدَعَ شَعْباً (1837) - ويَشْعَبَ صَدْعاً (1838) فِي سُتْرَةٍ عَنِ
النَّاسِ - لَا يُبْصِرُ الْقَائِفُ (1839) أَثَرَه ولَوْ
تَابَعَ نَظَرَه - ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ (1840) فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْنِ النَّصْلَ (1841) - تُجْلَى بِالتَّنْزِيلِ أَبْصَارُهُمْ - ويُرْمَى بِالتَّفْسِيرِ فِي
مَسَامِعِهِمْ - ويُغْبَقُونَ كَأْسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ (1842)! -----------------------------
في الضلال منها - وطَالَ الأَمَدُ بِهِمْ
لِيَسْتَكْمِلُوا الْخِزْيَ ويَسْتَوْجِبُوا الْغِيَرَ (1843) حَتَّى إِذَا اخْلَوْلَقَ الأَجَلُ (1844) - واسْتَرَاحَ قَوْمٌ إِلَى الْفِتَنِ - وأَشَالُوا (1845) عَنْ لَقَاحِ حَرْبِهِمْ - لَمْ يَمُنُّوا عَلَى اللَّه بِالصَّبْرِ -
ولَمْ يَسْتَعْظِمُوا بَذْلَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْحَقِّ - حَتَّى إِذَا وَافَقَ
وَارِدُ الْقَضَاءِ انْقِطَاعَ مُدَّةِ الْبَلَاءِ - حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ
عَلَى أَسْيَافِهِمْ (1846) - ودَانُوا
لِرَبِّهِمْ بِأَمْرِ وَاعِظِهِمْ حَتَّى إِذَا قَبَضَ اللَّه رَسُولَه صلىاللهعليهوآله
رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الأَعْقَابِ - وغَالَتْهُمُ السُّبُلُ واتَّكَلُوا عَلَى
الْوَلَائِجِ (1847) - ووَصَلُوا
غَيْرَ الرَّحِمِ - وهَجَرُوا السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِه -
ونَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِه فَبَنَوْه فِي غَيْرِ مَوْضِعِه -
مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وأَبْوَابُ كُلِّ ضَارِبٍ فِي غَمْرَةٍ (1848) - قَدْ مَارُوا (1849) فِي الْحَيْرَةِ
وذَهَلُوا فِي السَّكْرَةِ - عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ - مِنْ
مُنْقَطِعٍ إِلَى الدُّنْيَا رَاكِنٍ - أَوْ مُفَارِقٍ لِلدِّينِ مُبَايِنٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
151 و من خطبة له عليه السلام
يحذر من الفتن :
|
|||||||||||||||
اللّه و رسوله
|
|||||||||||||||
151 - ومن خطبة له عليهالسلام يحذر من الفتن اللَّه ورسوله وأَحْمَدُ اللَّه وأَسْتَعِينُه عَلَى
مَدَاحِرِ (1850) الشَّيْطَانِ
ومَزَاجِرِه - والِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِه ومَخَاتِلِه (1851) وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
عَبْدُه ورَسُولُه ونَجِيبُه وصَفْوَتُه - لَا يُؤَازَى فَضْلُه ولَا يُجْبَرُ
فَقْدُه - أَضَاءَتْ بِه الْبِلَادُ بَعْدَ الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ -
والْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ والْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ - والنَّاسُ
يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ - ويَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ - يَحْيَوْنَ عَلَى
فَتْرَةٍ (1852) ويَمُوتُونَ عَلَى
كَفْرَةٍ.! ----------------------------- (1850) الدَحْر: - بفتح الدال - الطرد. والمداحر
والمزاجر بها يدحر ويزجر. (1851)
مخاتل الشيطان: مكائده. (1852)
«على فَتْرة»: خلوّ
من الشرائع الإلهية لا يعرفون منها شيئا. |
|||||||||||||||
التحذير من الفتن
|
|||||||||||||||
التحذير من الفتن ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ
أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ - فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ
واحْذَرُوا بَوَائِقَ (1853) النِّقْمَةِ -
وتَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ (1854) واعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ - عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا وظُهُورِ
كَمِينِهَا - وانْتِصَابِ قُطْبِهَا ومَدَارِ رَحَاهَا - تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ
خَفِيَّةٍ وتَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ - شِبَابُهَا (1855) كَشِبَابِ الْغُلَامِ وآثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ (1856) - يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ
لِآخِرِهِمْ - وآخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا
دَنِيَّةٍ ويَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ (1857) - وعَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ -
والْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ فَيَتَزَايَلُونَ (1858) بِالْبَغْضَاءِ - ويَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ - ثُمَّ يَأْتِي
بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ (1859) - والْقَاصِمَةِ (1860) الزَّحُوفِ
فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ - وتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ -
وتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا - وتَلْتَبِسُ الآرَاءُ عِنْدَ
نُجُومِهَا (1861) - مَنْ أَشْرَفَ
لَهَا قَصَمَتْه ومَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْه - يَتَكَادَمُونَ (1862) فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ (1863) - قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ وعَمِيَ وَجْه الأَمْرِ -
تَغِيضُ (1864) فِيهَا
الْحِكْمَةُ وتَنْطِقُ فِيهَا الظَّلَمَةُ - وتَدُقُّ (1865) أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا (1866) - وتَرُضُّهُمْ (1867) بِكَلْكَلِهَا (1868) يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ (1869) - ويَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ -
وتَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ (1870) وتَثْلِمُ مَنَارَ
الدِّينِ (1871) - وتَنْقُضُ
عَقْدَ الْيَقِينِ - يَهْرُبُ مِنْهَا الأَكْيَاسُ (1872) ويُدَبِّرُهَا الأَرْجَاسُ (1873) - مِرْعَادٌ
مِبْرَاقٌ كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ تُقْطَعُ فِيهَا الأَرْحَامُ - ويُفَارَقُ
عَلَيْهَا الإِسْلَامُ بَرِيئُهَا سَقِيمٌ وظَاعِنُهَا مُقِيمٌ! منها - بَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ (1874) وخَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ - يَخْتِلُونَ (1875) بِعَقْدِ الأَيْمَانِ وبِغُرُورِ الإِيمَانِ - فَلَا تَكُونُوا
أَنْصَابَ (1876) الْفِتَنِ
وأَعْلَامَ الْبِدَعِ - والْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْه حَبْلُ الْجَمَاعَةِ -
وبُنِيَتْ عَلَيْه أَرْكَانُ الطَّاعَةِ - واقْدَمُوا عَلَى اللَّه مَظْلُومِينَ
ولَا تَقْدَمُوا عَلَيْه ظَالِمِينَ - واتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ
ومَهَابِطَ الْعُدْوَانِ - ولَا تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ (1877) الْحَرَامِ - فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ (1878) مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَعْصِيَةَ - وسَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَةِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
152 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
في صفات اللّه جل جلاله و صفات أئمة الدين
|
|||||||||||||||
152 - ومن خطبة له عليهالسلام في صفات اللَّه جل جلاله
وصفات أئمة الدين الْحَمْدُ لِلَّه الدَّالِّ عَلَى
وُجُودِه بِخَلْقِه - وبِمُحْدَثِ خَلْقِه عَلَى أَزَلِيَّتِه؛
وبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَبَه لَه - لَا تَسْتَلِمُه (1879) الْمَشَاعِرُ ولَا تَحْجُبُه السَّوَاتِرُ - لِافْتِرَاقِ الصَّانِعِ
والْمَصْنُوعِ والْحَادِّ والْمَحْدُودِ والرَّبِّ والْمَرْبُوبِ - الأَحَدِ
بِلَا تَأْوِيلِ عَدَدٍ - والْخَالِقِ لَا بِمَعْنَى حَرَكَةٍ ونَصَبٍ (1880) - والسَّمِيعِ لَا بِأَدَاةٍ (1881) والْبَصِيرِ لَا بِتَفْرِيقِ آلَةٍ (1882) - والشَّاهِدِ لَا بِمُمَاسَّةٍ والْبَائِنِ (1883) لَا بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ - والظَّاهِرِ لَا بِرُؤْيَةٍ والْبَاطِنِ
لَا بِلَطَافَةٍ - بَانَ مِنَ الأَشْيَاءِ بِالْقَهْرِ لَهَا والْقُدْرَةِ
عَلَيْهَا - وبَانَتِ الأَشْيَاءُ مِنْه بِالْخُضُوعِ لَه والرُّجُوعِ إِلَيْه -
مَنْ وَصَفَه فَقَدْ حَدَّه ومَنْ حَدَّه (1884) فَقَدْ عَدَّه - ومَنْ عَدَّه فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَه - ومَنْ قَالَ
كَيْفَ فَقَدِ اسْتَوْصَفَه - ومَنْ قَالَ أَيْنَ فَقَدْ حَيَّزَه - عَالِمٌ
إِذْ لَا مَعْلُومٌ ورَبٌّ إِذْ لَا مَرْبُوبٌ - وقَادِرٌ إِذْ لَا مَقْدُورٌ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
أئمة الدين
|
|||||||||||||||
أئمة الدين منها: - قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ ولَمَعَ
لَامِعٌ ولَاحَ لَائِحٌ (1885) - واعْتَدَلَ
مَائِلٌ واسْتَبْدَلَ اللَّه بِقَوْمٍ قَوْماً وبِيَوْمٍ يَوْماً -
وانْتَظَرْنَا الْغِيَرَ (1886) انْتِظَارَ
الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ - وإِنَّمَا الأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللَّه عَلَى خَلْقِه -
وعُرَفَاؤُه عَلَى عِبَادِه - ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ
وعَرَفُوه - ولَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وأَنْكَرُوه - إِنَّ
اللَّه تَعَالَى خَصَّكُمْ بِالإِسْلَامِ واسْتَخْلَصَكُمْ لَه - وذَلِكَ
لأَنَّه اسْمُ سَلَامَةٍ وجِمَاعُ (1887) كَرَامَةٍ -
اصْطَفَى اللَّه تَعَالَى مَنْهَجَه وبَيَّنَ حُجَجَه - مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ
وبَاطِنِ حُكْمٍ - لَا تَفْنَى غَرَائِبُه ولَا تَنْقَضِي عَجَائِبُه - فِيه
مَرَابِيعُ النِّعَمِ (1888) ومَصَابِيحُ
الظُّلَمِ - لَا تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلَّا بِمَفَاتِيحِه - ولَا تُكْشَفُ
الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِمَصَابِيحِه - قَدْ أَحْمَى حِمَاه (1889) وأَرْعَى مَرْعَاه - فِيه شِفَاءُ الْمُسْتَشْفِي وكِفَايَةُ الْمُكْتَفِي. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
153 و من خطبة له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
صفة الضال
|
|||||||||||||||
153 - ومن خطبة له عليهالسلام صفة الضال وهُوَ فِي مُهْلَةٍ مِنَ اللَّه يَهْوِي
مَعَ الْغَافِلِينَ - ويَغْدُو مَعَ الْمُذْنِبِينَ بِلَا سَبِيلٍ قَاصِدٍ ولَا
إِمَامٍ قَائِدٍ. |
|||||||||||||||
صفات الغافلين
|
|||||||||||||||
صفات الغافلين منها - حَتَّى إِذَا كَشَفَ لَهُمْ عَنْ
جَزَاءِ مَعْصِيَتِهِمْ - واسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ جَلَابِيبِ غَفْلَتِهِمُ -
اسْتَقْبَلُوا مُدْبِراً واسْتَدْبَرُوا مُقْبِلًا - فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا
أَدْرَكُوا مِنْ طَلِبَتِهِمْ - ولَا بِمَا قَضَوْا مِنْ وَطَرِهِمْ. إِنِّي أُحَذِّرُكُمْ ونَفْسِي هَذِه
الْمَنْزِلَةَ - فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤٌ بِنَفْسِه - فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ مَنْ
سَمِعَ فَتَفَكَّرَ ونَظَرَ فَأَبْصَرَ وانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ - ثُمَّ سَلَكَ
جَدَداً وَاضِحاً يَتَجَنَّبُ فِيه الصَّرْعَةَ فِي الْمَهَاوِي - والضَّلَالَ
فِي الْمَغَاوِي (1890) - ولَا يُعِينُ
عَلَى نَفْسِه الْغُوَاةَ بِتَعَسُّفٍ فِي حَقٍّ - أَوْ تَحْرِيفٍ فِي نُطْقٍ
أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ صِدْقٍ. ----------------------------- (1890) المَغَاوِي: جمع مغواة. وهي الشّبهة يذهب معها
الإنسان إلى ما يخالف الحق. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس فَأَفِقْ أَيُّهَا السَّامِعُ مِنْ
سَكْرَتِكَ - واسْتَيْقِظْ مِنْ غَفْلَتِكَ واخْتَصِرْ مِنْ عَجَلَتِكَ -
وأَنْعِمِ الْفِكْرَ فِيمَا جَاءَكَ - عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صلىاللهعليهوآله
مِمَّا لَا بُدَّ مِنْه - ولَا مَحِيصَ عَنْه - وخَالِفْ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ
إِلَى غَيْرِه - ودَعْه ومَا رَضِيَ لِنَفْسِه وضَعْ فَخْرَكَ - واحْطُطْ
كِبْرَكَ واذْكُرْ قَبْرَكَ فَإِنَّ عَلَيْه مَمَرَّكَ - وكَمَا تَدِينُ تُدَانُ
وكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ - ومَا قَدَّمْتَ الْيَوْمَ تَقْدَمُ عَلَيْه غَداً -
فَامْهَدْ (1891) لِقَدَمِكَ
وقَدِّمْ لِيَوْمِكَ - فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ والْجِدَّ
الْجِدَّ أَيُّهَا الْغَافِلُ - «ولا يُنَبِّئُكَ
مِثْلُ خَبِيرٍ». إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللَّه فِي
الذِّكْرِ الْحَكِيمِ - الَّتِي عَلَيْهَا يُثِيبُ ويُعَاقِبُ ولَهَا يَرْضَى
ويَسْخَطُ - أَنَّه لَا يَنْفَعُ عَبْداً - وإِنْ أَجْهَدَ نَفْسَه وأَخْلَصَ
فِعْلَه - أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا لَاقِياً رَبَّه - بِخَصْلَةٍ مِنْ
هَذِه الْخِصَالِ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا - أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّه فِيمَا
افْتَرَضَ عَلَيْه مِنْ عِبَادَتِه - أَوْ يَشْفِيَ غَيْظَه بِهَلَاكِ نَفْسٍ -
أَوْ يَعُرَّ (1892) بِأَمْرٍ فَعَلَه
غَيْرُه - أَوْ يَسْتَنْجِحَ (1893) حَاجَةً إِلَى
النَّاسِ بِإِظْهَارِ بِدْعَةٍ فِي دِينِه - أَوْ يَلْقَى النَّاسَ بِوَجْهَيْنِ
أَوْ يَمْشِيَ فِيهِمْ بِلِسَانَيْنِ - اعْقِلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمِثْلَ
دَلِيلٌ عَلَى شِبْهِه. إِنَّ الْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا -
وإِنَّ السِّبَاعَ هَمُّهَا الْعُدْوَانُ عَلَى غَيْرِهَا - وإِنَّ النِّسَاءَ هَمُّهُنَّ
زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا والْفَسَادُ فِيهَا - إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ
مُسْتَكِينُونَ (1894) - إِنَّ
الْمُؤْمِنِينَ مُشْفِقُونَ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ خَائِفُونَ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
154 و من خطبة له
يذكر فيها فضائل أهل البيت :
|
|||||||||||||||
154 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها فضائل أهل البيت ونَاظِرُ قَلْبِ (1895) اللَّبِيبِ بِه يُبْصِرُ أَمَدَه - ويَعْرِفُ غَوْرَه (1896) ونَجْدَه (1897) - دَاعٍ دَعَا
ورَاعٍ رَعَى - فَاسْتَجِيبُوا لِلدَّاعِي واتَّبِعُوا الرَّاعِيَ. قَدْ خَاضُوا بِحَارَ الْفِتَنِ -
وأَخَذُوا بِالْبِدَعِ دُونَ السُّنَنِ - وأَرَزَ (1898) الْمُؤْمِنُونَ ونَطَقَ الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ - نَحْنُ الشِّعَارُ
(1899) والأَصْحَابُ
والْخَزَنَةُ والأَبْوَابُ - ولَا تُؤْتَى الْبُيُوتُ إِلَّا مِنْ أَبْوَابِهَا
- فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّيَ سَارِقاً. منها: فِيهِمْ كَرَائِمُ (1900) الْقُرْآنِ وهُمْ كُنُوزُ الرَّحْمَنِ - إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا وإِنْ
صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا - فَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَه ولْيُحْضِرْ عَقْلَه -
ولْيَكُنْ مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ - فَإِنَّه مِنْهَا قَدِمَ وإِلَيْهَا
يَنْقَلِبُ. فَالنَّاظِرُ بِالْقَلْبِ الْعَامِلُ
بِالْبَصَرِ - يَكُونُ مُبْتَدَأُ عَمَلِه أَنْ يَعْلَمَ أَعَمَلُه عَلَيْه أَمْ
لَه - فَإِنْ كَانَ لَه مَضَى فِيه وإِنْ كَانَ عَلَيْه وَقَفَ عَنْه - فَإِنَّ
الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ - فَلَا يَزِيدُه
بُعْدُه عَنِ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ إِلَّا بُعْداً مِنْ حَاجَتِه - والْعَامِلُ
بِالْعِلْمِ كَالسَّائِرِ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ - فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ
أَسَائِرٌ هُوَ أَمْ رَاجِعٌ. واعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ ظَاهِرٍ بَاطِناً
عَلَى مِثَالِه - فَمَا طَابَ ظَاهِرُه طَابَ بَاطِنُه - ومَا خَبُثَ ظَاهِرُه
خَبُثَ بَاطِنُه وقَدْ قَالَ الرَّسُولُ الصَّادِقُ صلىاللهعليهوآله - إِنَّ
اللَّه يُحِبُّ الْعَبْدَ ويُبْغِضُ عَمَلَه - ويُحِبُّ الْعَمَلَ ويُبْغِضُ
بَدَنَه. واعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ نَبَاتاً -
وكُلُّ نَبَاتٍ لَا غِنَى بِه عَنِ الْمَاءِ - والْمِيَاه مُخْتَلِفَةٌ فَمَا
طَابَ سَقْيُه طَابَ غَرْسُه وحَلَتْ ثَمَرَتُه - ومَا خَبُثَ سَقْيُه خَبُثَ
غَرْسُه وأَمَرَّتْ ثَمَرَتُه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
155 و من خطبة له عليه السلام
يذكر فيها بديع خلقة الخفاش :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه و تنزيهه
|
|||||||||||||||
155 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها بديع خلقة الخفاش حمد اللَّه وتنزيهه الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي انْحَسَرَتِ (1901) الأَوْصَافُ عَنْ كُنْه مَعْرِفَتِه – ورَدَعَتْ عَظَمَتُه الْعُقُولَ
- فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغاً إِلَى بُلُوغِ غَايَةِ مَلَكُوتِه! ----------------------------- (1901) انحسرت: انقطعت. هُوَ اللَّه «الْحَقُّ
الْمُبِينُ» - أَحَقُّ وأَبْيَنُ مِمَّا تَرَى الْعُيُونُ - لَمْ تَبْلُغْه
الْعُقُولُ بِتَحْدِيدٍ فَيَكُونَ مُشَبَّهاً - ولَمْ تَقَعْ عَلَيْه
الأَوْهَامُ بِتَقْدِيرٍ فَيَكُونَ مُمَثَّلًا - خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ
تَمْثِيلٍ ولَا مَشُورَةِ مُشِيرٍ - ولَا مَعُونَةِ مُعِينٍ فَتَمَّ خَلْقُه
بِأَمْرِه وأَذْعَنَ لِطَاعَتِه - فَأَجَابَ ولَمْ يُدَافِعْ وانْقَادَ ولَمْ
يُنَازِعْ. |
|||||||||||||||
خلقة الخفاش
|
|||||||||||||||
خلقة الخفاش ومِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِه وعَجَائِبِ
خِلْقَتِه - مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِكْمَةِ فِي هَذِه الْخَفَافِيشِ -
الَّتِي يَقْبِضُهَا الضِّيَاءُ الْبَاسِطُ لِكُلِّ شَيْءٍ - ويَبْسُطُهَا
الظَّلَامُ الْقَابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ - وكَيْفَ عَشِيَتْ (1902) أَعْيُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ - مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ
نُوراً تَهْتَدِي بِه فِي مَذَاهِبِهَا - وتَتَّصِلُ بِعَلَانِيَةِ بُرْهَانِ
الشَّمْسِ إِلَى مَعَارِفِهَا - ورَدَعَهَا بِتَلأْلُؤِ ضِيَائِهَا عَنِ
الْمُضِيِّ فِي سُبُحَاتِ (1903) إِشْرَاقِهَا -
وأَكَنَّهَا فِي مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِي بُلَجِ ائْتِلَاقِهَا (1904) - فَهِيَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَى حِدَاقِهَا -
وجَاعِلَةُ اللَّيْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِه فِي الْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا -
فَلَا يَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ (1905) ظُلْمَتِه - ولَا تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيه لِغَسَقِ دُجُنَّتِه
(1906) - فَإِذَا
أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وبَدَتْ أَوْضَاحُ (1907) نَهَارِهَا - ودَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَى الضِّبَابِ فِي
وِجَارِهَا (1908) - أَطْبَقَتِ
الأَجْفَانَ عَلَى مَآقِيهَا (1909) وتَبَلَّغَتْ (1910) بِمَا اكْتَسَبَتْه مِنَ الْمَعَاشِ فِي ظُلَمِ لَيَالِيهَا -
فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ لَهَا نَهَاراً ومَعَاشاً - والنَّهَارَ
سَكَناً وقَرَاراً - وجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا - تَعْرُجُ بِهَا
عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّيَرَانِ - كَأَنَّهَا شَظَايَا الآذَانِ (1911) غَيْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ ولَا قَصَبٍ (1912) - إِلَّا أَنَّكَ تَرَى مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَيِّنَةً أَعْلَاماً (1913) - لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا يَرِقَّا فَيَنْشَقَّا ولَمْ يَغْلُظَا
فَيَثْقُلَا - تَطِيرُ ووَلَدُهَا لَاصِقٌ بِهَا لَاجِئٌ إِلَيْهَا - يَقَعُ
إِذَا وَقَعَتْ ويَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ - لَا يُفَارِقُهَا حَتَّى
تَشْتَدَّ أَرْكَانُه - ويَحْمِلَه لِلنُّهُوضِ جَنَاحُه - ويَعْرِفَ مَذَاهِبَ
عَيْشِه ومَصَالِحَ نَفْسِه - فَسُبْحَانَ الْبَارِئِ لِكُلِّ شَيْءٍ عَلَى
غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِه (1914)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
156 و من كلام له خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم :
|
|||||||||||||||
156 - ومن كلام له عليه
السلام خاطب به أهل البصرة على جهة
اقتصاص الملاحم فَمَنِ اسْتَطَاعَ عِنْدَ ذَلِكَ - أَنْ
يَعْتَقِلَ نَفْسَه عَلَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ فَلْيَفْعَلْ - فَإِنْ
أَطَعْتُمُونِي - فَإِنِّي حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّه عَلَى سَبِيلِ
الْجَنَّةِ - وإِنْ كَانَ ذَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ ومَذَاقَةٍ مَرِيرَةٍ. وأَمَّا فُلَانَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْيُ
النِّسَاءِ - وضِغْنٌ غَلَا فِي صَدْرِهَا كَمِرْجَلِ (1915) الْقَيْنِ (1916) - ولَوْ دُعِيَتْ
لِتَنَالَ مِنْ غَيْرِي مَا أَتَتْ إِلَيَّ لَمْ تَفْعَلْ - ولَهَا بَعْدُ
حُرْمَتُهَا الأُولَى والْحِسَابُ عَلَى اللَّه تَعَالَى. ----------------------------- (1915) المِرْجَل: القدر. (1916)
القَيْن: - بالفتح - الحداد. |
|||||||||||||||
وصف الإيمان
|
|||||||||||||||
وصف الإيمان منه - سَبِيلٌ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ
أَنْوَرُ السِّرَاجِ - فَبِالإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ -
وبِالصَّالِحَاتِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الإِيمَانِ وبِالإِيمَانِ يُعْمَرُ
الْعِلْمُ - وبِالْعِلْمِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ وبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا
- وبِالدُّنْيَا تُحْرَزُ الآخِرَةُ - وبِالْقِيَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ
وتُبَرَّزُ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ - وإِنَّ الْخَلْقَ لَا مَقْصَرَ (1917) لَهُمْ عَنِ الْقِيَامَةِ - مُرْقِلِينَ (1918) فِي مِضْمَارِهَا إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى. ----------------------------- (1917) المَقْصَر: - كمقعد - المجلس أي لا مستقر لهم
دون القيامة. (1918)
مُرْقِلين: مسرعين. |
|||||||||||||||
حال أهل القبور في القيامة
|
|||||||||||||||
حال أهل القبور في القيامة منه: قَدْ شَخَصُوا (1919) مِنْ مُسْتَقَرِّ الأَجْدَاثِ (1920) - وصَارُوا إِلَى مَصَايِرِ الْغَايَاتِ (1921) لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا - لَا يَسْتَبْدِلُونَ بِهَا ولَا يُنْقَلُونَ
عَنْهَا. وإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ
والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ - لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اللَّه سُبْحَانَه -
وإِنَّهُمَا لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ - ولَا يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ -
وعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّه - فَإِنَّه الْحَبْلُ الْمَتِينُ والنُّورُ
الْمُبِينُ - والشِّفَاءُ النَّافِعُ والرِّيُّ النَّاقِعُ (1922) - والْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ والنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ - لَا
يَعْوَجُّ فَيُقَامَ ولَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ (1923) - ولَا تُخْلِقُه كَثْرَةُ الرَّدِّ (1924) ووُلُوجُ السَّمْعِ (1925) - مَنْ قَالَ بِه
صَدَقَ ومَنْ عَمِلَ بِه سَبَقَ». -----------------------------
وقام إليه رجل فقال: يا أمير
المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول اللَّه - صلىاللهعليهوآله
- عنها فقال عليهالسلام: إِنَّه لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَه
قَوْلَه - «ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا -
أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ» - عَلِمْتُ أَنَّ
الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا - ورَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله بَيْنَ
أَظْهُرِنَا - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الْفِتْنَةُ الَّتِي
أَخْبَرَكَ اللَّه تَعَالَى بِهَا - فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ أُمَّتِي
سَيُفْتَنُونَ بَعْدِي - فَقُلْتُ يَا رَسُولُ اللَّه - أَولَيْسَ قَدْ قُلْتَ
لِي يَوْمَ أُحُدٍ - حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ -
وحِيزَتْ (1926) عَنِّي الشَّهَادَةُ
فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ - فَقُلْتَ لِي أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ
وَرَائِكَ - فَقَالَ لِي إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذاً -
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه لَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ - ولَكِنْ
مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى والشُّكْرِ - وقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ الْقَوْمَ
سَيُفْتَنُونَ بِأَمْوَالِهِمْ - ويَمُنُّونَ بِدِينِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ -
ويَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَه ويَأْمَنُونَ سَطْوَتَه - ويَسْتَحِلُّونَ حَرَامَه
بِالشُّبُهَاتِ الْكَاذِبَةِ - والأَهْوَاءِ السَّاهِيَةِ فَيَسْتَحِلُّونَ
الْخَمْرَ بِالنَّبِيذِ - والسُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ والرِّبَا بِالْبَيْعِ -
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه - فَبِأَيِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ
- أَبِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ فَقَالَ بِمَنْزِلَةِ
فِتْنَةٍ» ----------------------------- (1926) حِيزَتْ: حازها اللَّه عني فلم أنلها. |
|||||||||||||||
157 و من خطبة له
عليه السلام يحث الناس على
التقوى :
|
|||||||||||||||
157 - ومن خطبة له عليه
السلام يحث الناس على التقوى الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي جَعَلَ
الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِه - وسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِه -
ودَلِيلًا عَلَى آلَائِه وعَظَمَتِه. عِبَادَ اللَّه - إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي
بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِه بِالْمَاضِينَ - لَا يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْه -
ولَا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيه - آخِرُ فَعَالِه كَأَوَّلِه مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُه
(1927) - مُتَظَاهِرَةٌ
أَعْلَامُه (1928) - فَكَأَنَّكُمْ
بِالسَّاعَةِ (1929) تَحْدُوكُمْ
حَدْوَ الزَّاجِرِ (1930) بِشَوْلِه (1931) - فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَه بِغَيْرِ نَفْسِه تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ
- وارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ - ومَدَّتْ بِه شَيَاطِينُه فِي طُغْيَانِه -
وزَيَّنَتْ لَه سَيِّئَ أَعْمَالِه - فَالْجَنَّةُ غَايَةُ السَّابِقِينَ
والنَّارُ غَايَةُ الْمُفَرِّطِينَ. اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه - أَنَّ
التَّقْوَى دَارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ - والْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ - لَا
يَمْنَعُ أَهْلَه ولَا يُحْرِزُ (1932) مَنْ لَجَأَ
إِلَيْه - أَلَا وبِالتَّقْوَى تُقْطَعُ حُمَةُ (1933) الْخَطَايَا - وبِالْيَقِينِ تُدْرَكُ الْغَايَةُ الْقُصْوَى. عِبَادَ اللَّه اللَّه اللَّه فِي أَعَزِّ
الأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ وأَحَبِّهَا إِلَيْكُمْ - فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَوْضَحَ
لَكُمْ سَبِيلَ الْحَقِّ وأَنَارَ طُرُقَه - فَشِقْوَةٌ لَازِمَةٌ أَوْ
سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ - فَتَزَوَّدُوا فِي أَيَّامِ الْفَنَاءِ (1934) لأَيَّامِ الْبَقَاءِ - قَدْ دُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ وأُمِرْتُمْ
بِالظَّعْنِ (1935) - وحُثِثْتُمْ
عَلَى الْمَسِيرِ - فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لَا يَدْرُونَ - مَتَى
يُؤْمَرُونَ بِالسَّيْرِ - أَلَا فَمَا يَصْنَعُ بِالدُّنْيَا مَنْ خُلِقَ
لِلآخِرَةِ - ومَا يَصْنَعُ بِالْمَالِ مَنْ عَمَّا قَلِيلٍ يُسْلَبُه -
وتَبْقَى عَلَيْه تَبِعَتُه (1936) وحِسَابُه. عِبَادَ اللَّه - إِنَّه لَيْسَ لِمَا
وَعَدَ اللَّه مِنَ الْخَيْرِ مَتْرَكٌ - ولَا فِيمَا نَهَى عَنْه مِنَ الشَّرِّ
مَرْغَبٌ. عِبَادَ اللَّه - احْذَرُوا يَوْماً
تُفْحَصُ فِيه الأَعْمَالُ - ويَكْثُرُ فِيه الزِّلْزَالُ وتَشِيبُ فِيه
الأَطْفَالُ. اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه - أَنَّ
عَلَيْكُمْ رَصَداً (1937) مِنْ أَنْفُسِكُمْ
- وعُيُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ - وحُفَّاظَ صِدْقٍ يَحْفَظُونَ أَعْمَالَكُمْ
وعَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ - لَا تَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ ظُلْمَةُ لَيْلٍ دَاجٍ -
ولَا يُكِنُّكُمْ مِنْهُمْ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ (1938) - وإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ. يَذْهَبُ الْيَوْمُ بِمَا فِيه - ويَجِيءُ
الْغَدُ لَاحِقاً بِه - فَكَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ - قَدْ بَلَغَ مِنَ
الأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِه ومَخَطَّ حُفْرَتِه - فَيَا لَه مِنْ بَيْتِ
وَحْدَةٍ (1939) - ومَنْزِلِ
وَحْشَةٍ ومُفْرَدِ غُرْبَةٍ - وكَأَنَّ الصَّيْحَةَ (1940) قَدْ أَتَتْكُمْ - والسَّاعَةَ قَدْ غَشِيَتْكُمْ - وبَرَزْتُمْ
لِفَصْلِ الْقَضَاءِ - قَدْ زَاحَتْ (1941) عَنْكُمُ
الأَبَاطِيلُ - واضْمَحَلَّتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ – واسْتَحَقَّتْ بِكُمُ
الْحَقَائِقُ - وصَدَرَتْ بِكُمُ الأُمُورُ مَصَادِرَهَا - فَاتَّعِظُوا
بِالْعِبَرِ - واعْتَبِرُوا بِالْغِيَرِ وانْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
158 و من خطبة له يُنَبِّهُ فيها على فضل الرسول الأعظم و فضل القرآن ثم حال دولة بني أمية
|
|||||||||||||||
النبي و القرآن
|
|||||||||||||||
158 - ومن خطبة له عليهالسلام ينبه فيها على فضل الرسول
الأعظم وفضل القرآن ثم حال دولة بني أمية النبي والقرآن أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ
الرُّسُلِ - وطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الأُمَمِ (1942) وانْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ (1943) - فَجَاءَهُمْ بِتَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْه - والنُّورِ
الْمُقْتَدَى بِه ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه - ولَنْ يَنْطِقَ ولَكِنْ
أُخْبِرُكُمْ عَنْه - أَلَا إِنَّ فِيه عِلْمَ مَا يَأْتِي - والْحَدِيثَ عَنِ
الْمَاضِي - ودَوَاءَ دَائِكُمْ ونَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ. ----------------------------- (1942) الهَجْعة: المرة من الهجوع وهو النوم ليلا.
والمراد نوم الغفلة في ظلمات الجهالة. (1943)
المُبْرَم: المحكم
من أبرم الحبل إذا أحكم فتله. والمراد الأحكام الإلهية التي أبرمت على ألسنة
الأنبياء.
|
|||||||||||||||
دولة بني أمية
|
|||||||||||||||
دولة بني أمية ومنها - فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى
بَيْتُ مَدَرٍ ولَا وَبَرٍ (1944) - إِلَّا
وأَدْخَلَه الظَّلَمَةُ تَرْحَةً (1945) وأَوْلَجُوا فِيه
نِقْمَةً - فَيَوْمَئِذٍ لَا يَبْقَى لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ - ولَا فِي
الأَرْضِ نَاصِرٌ - أَصْفَيْتُمْ (1946) بِالأَمْرِ غَيْرَ
أَهْلِه وأَوْرَدْتُمُوه غَيْرَ مَوْرِدِه - وسَيَنْتَقِمُ اللَّه مِمَّنْ
ظَلَمَ - مَأْكَلًا بِمَأْكَلٍ ومَشْرَباً بِمَشْرَبٍ - مِنْ مَطَاعِمِ
الْعَلْقَمِ ومَشَارِبِ الصَّبِرِ (1947) والْمَقِرِ (1948) - ولِبَاسِ شِعَارِ الْخَوْفِ ودِثَارِ السَّيْفِ (1949) - وإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا الْخَطِيئَاتِ وزَوَامِلُ الآثَامِ (1950) - فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ - لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ
بَعْدِي كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ (1951) - ثُمَّ لَا تَذُوقُهَا ولَا تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً - مَا كَرَّ
الْجَدِيدَانِ (1952)! -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
159 و من خطبة له يبين فيها حسن معاملته لرعيته :
|
|||||||||||||||
159 - ومن خطبة له عليهالسلام يبين فيها حسن معاملته
لرعيته ولَقَدْ أَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ -
وأَحَطْتُ بِجُهْدِي مِنْ وَرَائِكُمْ - وأَعْتَقْتُكُمْ مِنْ رِبَقِ (1953) الذُّلِّ وحَلَقِ (1954) الضَّيْمِ -
شُكْراً مِنِّي لِلْبِرِّ الْقَلِيلِ - وإِطْرَاقاً عَمَّا أَدْرَكَه الْبَصَرُ
- وشَهِدَه الْبَدَنُ مِنَ الْمُنْكَرِ الْكَثِيرِ. ----------------------------- (1953) رِبَق: - جمع ربقة - وهي الحبل يربق به. (1954)
حَلَق: جمع حلقة. |
|||||||||||||||
160 و من خطبة له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
عظمة اللّه
|
|||||||||||||||
160 - ومن خطبة له عليهالسلام عظمة اللَّه أَمْرُه قَضَاءٌ وحِكْمَةٌ ورِضَاه
أَمَانٌ ورَحْمَةُ - يَقْضِي بِعِلْمٍ ويَعْفُو بِحِلْمٍ. |
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
حمد اللَّه اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا
تَأْخُذُ وتُعْطِي - وعَلَى مَا تُعَافِي وتَبْتَلِي – حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى
الْحَمْدِ لَكَ - وأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ وأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ. حَمْداً يَمْلأُ مَا خَلَقْتَ ويَبْلُغُ
مَا أَرَدْتَ - حَمْداً لَا يُحْجَبُ عَنْكَ ولَا يُقْصَرُ دُونَكَ. حَمْداً لَا يَنْقَطِعُ عَدَدُه ولَا
يَفْنَى مَدَدُه - فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْه عَظَمَتِكَ - إِلَّا أَنَّا
نَعْلَمُ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُّومُ - لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ (1955) ولَا نَوْمٌ - لَمْ يَنْتَه إِلَيْكَ نَظَرٌ ولَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ -
أَدْرَكْتَ الأَبْصَارَ وأَحْصَيْتَ الأَعْمَالَ - وأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي
والأَقْدَامِ - ومَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ - ونَعْجَبُ لَه مِنْ
قُدْرَتِكَ - ونَصِفُه مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ - ومَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْه
وقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْه - وانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَه - وحَالَتْ
سُتُورُ الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وبَيْنَه أَعْظَمُ - فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَه
وأَعْمَلَ فِكْرَه - لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ وكَيْفَ ذَرَأْتَ (1956) خَلْقَكَ - وكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سَمَاوَاتِكَ - وكَيْفَ
مَدَدْتَ عَلَى مَوْرِ (1957) الْمَاءِ أَرْضَكَ
رَجَعَ طَرْفُه حَسِيراً (1958) - وعَقْلُه
مَبْهُوراً (1959) وسَمْعُه وَالِهاً
(1960) وفِكْرُه
حَائِراً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
كيف يكون الرجاء
|
|||||||||||||||
كيف يكون الرجاء منها - يَدَّعِي بِزَعْمِه أَنَّه يَرْجُو
اللَّه كَذَبَ والْعَظِيمِ - مَا بَالُه لَا يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُه فِي عَمَلِه -
فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُه فِي عَمَلِه – وكُلُّ رَجَاءٍ إِلَّا
رَجَاءَ اللَّه تَعَالَى فَإِنَّه مَدْخُولٌ (1961) - وكُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ (1962) إِلَّا خَوْفَ
اللَّه فَإِنَّه مَعْلُولٌ (1963) - يَرْجُو اللَّه
فِي الْكَبِيرِ ويَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ - فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا
لَا يُعْطِي الرَّبَّ - فَمَا بَالُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُه يُقَصَّرُ بِه عَمَّا
يُصْنَعُ بِه لِعِبَادِه - أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَه كَاذِباً -
أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاه لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً - وكَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ
عَبْداً مِنْ عَبِيدِه - أَعْطَاه مِنْ خَوْفِه مَا لَا يُعْطِي رَبَّه -
فَجَعَلَ خَوْفَه مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً - وخَوْفَه مِنْ خَالِقِه ضِمَاراً (1964) ووَعْداً - وكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِه - وكَبُرَ
مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِه آثَرَهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى - فَانْقَطَعَ
إِلَيْهَا وصَارَ عَبْداً لَهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
رسول اللّه
|
|||||||||||||||
رسول اللَّه ولَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
كَافٍ لَكَ فِي الأُسْوَةِ (1965) - ودَلِيلٌ لَكَ
عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وعَيْبِهَا - وكَثْرَةِ مَخَازِيهَا ومَسَاوِيهَا - إِذْ
قُبِضَتْ عَنْه أَطْرَافُهَا ووُطِّئَتْ لِغَيْرِه أَكْنَافُهَا (1966) - وفُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا وزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا. ----------------------------- (1965) الأسْوَة: القدوة. (1966)
الأكناف: الجوانب. وزوى: قبض. |
|||||||||||||||
موسى
|
|||||||||||||||
موسى وإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ بِمُوسَى كَلِيمِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله حَيْثُ يَقُولُ - «رَبِّ
إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» - واللَّه مَا
سَأَلَه إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُه - لأَنَّه كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الأَرْضِ -
ولَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ (1967) صِفَاقِ (1968) بَطْنِه -
لِهُزَالِه وتَشَذُّبِ لَحْمِه (1969). ----------------------------- (1967) شفيف: رقيق يستشفّ ما وراءه. (1968)
الصِّفاق: على
وزن - كتاب - الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن. (1969)
تَشَذّبُ اللحم: تفرّقه. |
|||||||||||||||
داود
|
|||||||||||||||
داود وإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ صلىاللهعليهوآله
صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ - وقَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ - فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ
سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِه (1970) - ويَقُولُ
لِجُلَسَائِه أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا - ويَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ
مِنْ ثَمَنِهَا. ----------------------------- (1970) السّفائف: - جمع سفيفة - وصف من «سفّ الخوص»
إذا نسجه أي منسوجات الخوص. |
|||||||||||||||
عيسى
|
|||||||||||||||
عيسى وإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ عليهالسلام - فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ -
ويَلْبَسُ الْخَشِنَ ويَأْكُلُ الْجَشِبَ - وكَانَ إِدَامُه الْجُوعَ وسِرَاجُه
بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ - وظِلَالُه فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الأَرْضِ
ومَغَارِبَهَا (1971) - وفَاكِهَتُه
ورَيْحَانُه مَا تُنْبِتُ الأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ - ولَمْ تَكُنْ لَه زَوْجَةٌ
تَفْتِنُه ولَا وَلَدٌ يَحْزُنُه - ولَا مَالٌ يَلْفِتُه ولَا طَمَعٌ يُذِلُّه -
دَابَّتُه رِجْلَاه وخَادِمُه يَدَاه. ----------------------------- (1971) ظلاله: - جمع ظل - بمعنى الكنّ والمأوى. ومن
كان كنه المشرق والمغرب فلا كنّ له. |
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم فَتَأَسَّ (1972) بِنَبِيِّكَ الأَطْيَبِ الأَطْهَرِ صلىاللهعليهوآله -
فَإِنَّ فِيه أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى - وأَحَبُّ
الْعِبَادِ إِلَى اللَّه الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّه - والْمُقْتَصُّ لأَثَرِه -
قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً (1973) ولَمْ يُعِرْهَا
طَرْفاً - أَهْضَمُ (1974) أَهْلِ الدُّنْيَا
كَشْحاً (1975) - وأَخْمَصُهُمْ (1976) مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً - عُرِضَتْ عَلَيْه الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ
يَقْبَلَهَا - وعَلِمَ أَنَّ اللَّه سُبْحَانَه أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَه -
وحَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَه وصَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَه - ولَوْ لَمْ يَكُنْ
فِينَا إِلَّا حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّه ورَسُولُه - وتَعْظِيمُنَا مَا
صَغَّرَ اللَّه ورَسُولُه - لَكَفَى بِه شِقَاقاً لِلَّه ومُحَادَّةً (1977) عَنْ أَمْرِ اللَّه - ولَقَدْ كَانَ صلىاللهعليهوآله
يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ - ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ويَخْصِفُ (1978) بِيَدِه نَعْلَه - ويَرْقَعُ بِيَدِه ثَوْبَه ويَرْكَبُ الْحِمَارَ
الْعَارِيَ (1979) - ويُرْدِفُ (1980) خَلْفَه - ويَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِه فَتَكُونُ فِيه
التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ - يَا فُلَانَةُ لإِحْدَى أَزْوَاجِه غَيِّبِيه عَنِّي
- فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْه ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وزَخَارِفَهَا -
فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِه وأَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِه -
وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِه - لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا
رِيَاشاً (1981) ولَا
يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً - ولَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً فَأَخْرَجَهَا مِنَ
النَّفْسِ - وأَشْخَصَهَا (1982) عَنِ الْقَلْبِ
وغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ - وكَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَيْه - وأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَه. ولَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- مَا يَدُلُّكُ عَلَى مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وعُيُوبِهَا - إِذْ جَاعَ فِيهَا
مَعَ خَاصَّتِه (1983) - وزُوِيَتْ عَنْه
(1984) زَخَارِفُهَا مَعَ
عَظِيمِ زُلْفَتِه (1985) - فَلْيَنْظُرْ
نَاظِرٌ بِعَقْلِه – أَكْرَمَ اللَّه مُحَمَّداً بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَه -
فَإِنْ قَالَ أَهَانَه فَقَدْ كَذَبَ واللَّه الْعَظِيمِ بِالإِفْكِ الْعَظِيمِ
- وإِنْ قَالَ أَكْرَمَه - فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّه قَدْ أَهَانَ غَيْرَه
حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَه - وزَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْه -
فَتَأَسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّه - واقْتَصَّ أَثَرَه ووَلَجَ مَوْلِجَه -
وإِلَّا فَلَا يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ - فَإِنَّ اللَّه جَعَلَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
عَلَماً لِلسَّاعَةِ (1986) - ومُبَشِّراً
بِالْجَنَّةِ ومُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ - خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً (1987) ووَرَدَ الآخِرَةَ سَلِيماً - لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ -
حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِه وأَجَابَ دَاعِيَ رَبِّه - فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ
اللَّه عِنْدَنَا - حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِه سَلَفاً نَتَّبِعُه وقَائِداً
نَطَأُ عَقِبَه (1988) - واللَّه لَقَدْ
رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي (1989) هَذِه حَتَّى
اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا - ولَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ أَلَا تَنْبِذُهَا
عَنْكَ - فَقُلْتُ اغْرُبْ عَنِّي (1990) فَعِنْدَ
الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى (1991)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
161و من خطبة
له في صفة النبي و أهل بيته و أتباع
دينه و فيها يعظ بالتقوى :
|
|||||||||||||||
الرسول و أهله و أتباع دينه
|
|||||||||||||||
161 - ومن خطبة له عليهالسلام في صفة النبي وأهل بيته
وأتباع دينه وفيها يعظ بالتقوى الرسول وأهله وأتباع دينه ابْتَعَثَه بِالنُّورِ الْمُضِيءِ
والْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ - والْمِنْهَاجِ الْبَادِي (1992) والْكِتَابِ الْهَادِي - أُسْرَتُه خَيْرُ أُسْرَةٍ وشَجَرَتُه خَيْرُ
شَجَرَةٍ - أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ وثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ (1993) - مَوْلِدُه بِمَكَّةَ وهِجْرَتُه بِطَيْبَةَ (1994). عَلَا بِهَا ذِكْرُه وامْتَدَّ مِنْهَا
صَوْتُه - أَرْسَلَه بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ ومَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ ودَعْوَةٍ
مُتَلَافِيَةٍ (1995) - أَظْهَرَ بِه
الشَّرَائِعَ الْمَجْهُولَةَ - وقَمَعَ بِه الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ - وبَيَّنَ
بِه الأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ (1996) - فَمَنْ يَبْتَغِ
غَيْرَ الإِسْلَامِ دَيْناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُه - وتَنْفَصِمْ عُرْوَتُه
وتَعْظُمْ كَبْوَتُه (1997) - ويَكُنْ مَآبُه (1998) إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ والْعَذَابِ الْوَبِيلِ. وأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّه تَوَكُّلَ
الإِنَابَةِ (1999) إِلَيْه -
وأَسْتَرْشِدُه السَّبِيلَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِه - الْقَاصِدَةَ إِلَى
مَحَلِّ رَغْبَتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
النصح بالتقوى
|
|||||||||||||||
النصح بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه وطَاعَتِه - فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً والْمَنْجَاةُ أَبَداً -
رَهَّبَ فَأَبْلَغَ ورَغَّبَ فَأَسْبَغَ (2000) - ووَصَفَ لَكُمُ الدُّنْيَا وانْقِطَاعَهَا - وزَوَالَهَا وانْتِقَالَهَا
- فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا
- أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّه وأَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّه -
فَغُضُّوا عَنْكُمْ عِبَادَ اللَّه غُمُومَهَا وأَشْغَالَهَا - لِمَا قَدْ
أَيْقَنْتُمْ بِه مِنْ فِرَاقِهَا وتَصَرُّفِ حَالَاتِهَا - فَاحْذَرُوهَا
حَذَرَ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ (2001) والْمُجِدِّ
الْكَادِحِ (2002) - واعْتَبِرُوا
بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ - قَدْ تَزَايَلَتْ
أَوْصَالُهُمْ (2003) - وزَالَتْ
أَبْصَارُهُمْ وأَسْمَاعُهُمْ - وذَهَبَ شَرَفُهُمْ وعِزُّهُمْ - وانْقَطَعَ
سُرُورُهُمْ ونَعِيمُهُمْ - فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الأَوْلَادِ فَقْدَهَا -
وبِصُحْبَةِ الأَزْوَاجِ مُفَارَقَتَهَا - لَا يَتَفَاخَرُونَ ولَا
يَتَنَاسَلُونَ - ولَا يَتَزَاوَرُونَ ولَا يَتَحَاوَرُونَ (2004) - فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّه حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِه -
الْمَانِعِ لِشَهْوَتِه النَّاظِرِ بِعَقْلِه - فَإِنَّ الأَمْرَ وَاضِحٌ
والْعَلَمَ قَائِمٌ - والطَّرِيقَ جَدَدٌ (2005) والسَّبِيلَ قَصْدٌ (2006). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
162 و من كلام له لبعض أصحابه و قد سأله كيف دفعكم قومكم عن
هذا المقام و أنتم أحق به فقال
|
|||||||||||||||
162 - ومن كلام له عليهالسلام لبعض أصحابه وقد سأله: كيف
دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به
فقال: يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ إِنَّكَ لَقَلِقُ
الْوَضِينِ (2007) - تُرْسِلُ (2008) فِي غَيْرِ سَدَدٍ (2009) - ولَكَ بَعْدُ
ذِمَامَةُ (2010) الصِّهْرِ وحَقُّ
الْمَسْأَلَةِ - وقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ - أَمَّا الِاسْتِبْدَادُ
عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ - ونَحْنُ الأَعْلَوْنَ نَسَباً والأَشَدُّونَ
بِالرَّسُولِ صلىاللهعليهوآله نَوْطاً (2011) - فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً (2012) شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ - وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ
- والْحَكَمُ اللَّه والْمَعْوَدُ إِلَيْه الْقِيَامَةُ.
وهَلُمَّ (2016) الْخَطْبَ (2017) فِي ابْنِ أَبِي
سُفْيَانَ - فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِه - ولَا غَرْوَ
واللَّه - فَيَا لَه خَطْباً يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ ويُكْثِرُ الأَوَدَ (2018) - حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّه مِنْ مِصْبَاحِه - وسَدَّ
فَوَّارِه (2019) مِنْ يَنْبُوعِه -
وجَدَحُوا (2020) بَيْنِي
وبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئاً (2021) - فَإِنْ
تَرْتَفِعْ عَنَّا وعَنْهُمْ مِحَنُ الْبَلْوَى - أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ
عَلَى مَحْضِه (2022) وإِنْ تَكُنِ
الأُخْرَى - «فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ
حَسَراتٍ - إِنَّ الله عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ». -----------------------------
. |
|||||||||||||||
163 و من خطبة له عليه
السلام :
|
|||||||||||||||
الخالق جل و علا
|
|||||||||||||||
163 ومن خطبة له عليهالسلام الخالق جل وعلا الْحَمْدُ لِلَّه خَالِقِ الْعِبَادِ
وسَاطِحِ الْمِهَادِ (2023) - ومُسِيلِ
الْوِهَادِ (2024) ومُخْصِبِ
النِّجَادِ (2025) - لَيْسَ
لأَوَّلِيَّتِه ابْتِدَاءٌ ولَا لأَزَلِيَّتِه انْقِضَاءٌ - هُوَ الأَوَّلُ
ولَمْ يَزَلْ والْبَاقِي بِلَا أَجَلٍ - خَرَّتْ لَه الْجِبَاه ووَحَّدَتْه
الشِّفَاه - حَدَّ الأَشْيَاءَ عِنْدَ خَلْقِه لَهَا إِبَانَةً لَه (2026) مِنْ شَبَهِهَا - لَا تُقَدِّرُه الأَوْهَامُ بِالْحُدُودِ
والْحَرَكَاتِ - ولَا بِالْجَوَارِحِ والأَدَوَاتِ لَا يُقَالُ لَه مَتَى - ولَا
يُضْرَبُ لَه أَمَدٌ بِحَتَّى - الظَّاهِرُ لَا يُقَالُ مِمَّ والْبَاطِنُ لَا
يُقَالُ فِيمَ - لَا شَبَحٌ فَيُتَقَصَّى ولَا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى - لَمْ
يَقْرُبْ مِنَ الأَشْيَاءِ بِالْتِصَاقٍ - ولَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ
- ولَا يَخْفَى عَلَيْه مِنْ عِبَادِه شُخُوصُ لَحْظَةٍ (2027) - ولَا كُرُورُ لَفْظَةٍ ولَا ازْدِلَافُ رَبْوَةٍ (2028) - ولَا انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ فِي لَيْلٍ دَاجٍ (2029) - ولَا غَسَقٍ سَاجٍ (2030) يَتَفَيَّأُ (2031) عَلَيْه الْقَمَرُ الْمُنِيرُ - وتَعْقُبُه الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ
فِي الأُفُولِ والْكُرُورِ (2032) - وتَقَلُّبِ
الأَزْمِنَةِ والدُّهُورِ - مِنْ إِقْبَالِ لَيْلٍ مُقْبِلٍ وإِدْبَارِ نَهَارٍ
مُدْبِرٍ - قَبْلَ كُلِّ غَايَةٍ ومُدَّةِ وكُلِّ إِحْصَاءٍ وعِدَّةٍ - تَعَالَى
عَمَّا يَنْحَلُه (2033) الْمُحَدِّدُونَ
مِنْ صِفَاتِ الأَقْدَارِ (2034) - ونِهَايَاتِ
الأَقْطَارِ (2035) وتَأَثُّلِ (2036) الْمَسَاكِنِ - وتَمَكُّنِ الأَمَاكِنِ - فَالْحَدُّ لِخَلْقِه
مَضْرُوبٌ وإِلَى غَيْرِه مَنْسُوبٌ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
ابتداع المخلوقين
|
|||||||||||||||
ابتداع المخلوقين لَمْ يَخْلُقِ الأَشْيَاءَ مِنْ أُصُولٍ
أَزَلِيَّةٍ - ولَا مِنْ أَوَائِلَ أَبَدِيَّةٍ - بَلْ خَلَقَ مَا خَلَقَ
فَأَقَامَ حَدَّه (2037) - وصَوَّرَ
فَأَحْسَنَ صُورَتَه - لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْه امْتِنَاعٌ ولَا لَه بِطَاعَةِ
شَيْءٍ انْتِفَاعٌ - عِلْمُه بِالأَمْوَاتِ الْمَاضِينَ كَعِلْمِه بِالأَحْيَاءِ
الْبَاقِينَ - وعِلْمُه بِمَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى - كَعِلْمِه بِمَا فِي
الأَرَضِينَ السُّفْلَى. منها - أَيُّهَا الْمَخْلُوقُ السَّوِيُّ (2038) والْمُنْشَأُ الْمَرْعِيُّ (2039) - فِي ظُلُمَاتِ
الأَرْحَامِ ومُضَاعَفَاتِ الأَسْتَارِ -. بُدِئْتَ «مِنْ
سُلالَةٍ (2040) مِنْ
طِينٍ» - ووُضِعْتَ «فِي قَرارٍ مَكِينٍ (2041) - إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ» وأَجَلٍ
مَقْسُومٍ - تَمُورُ (2042) فِي بَطْنِ
أُمِّكَ جَنِيناً لَا تُحِيرُ (2043) دُعَاءً ولَا
تَسْمَعُ نِدَاءً - ثُمَّ أُخْرِجْتَ مِنْ مَقَرِّكَ إِلَى دَارٍ لَمْ
تَشْهَدْهَا - ولَمْ تَعْرِفْ سُبُلَ مَنَافِعِهَا. فَمَنْ هَدَاكَ لِاجْتِرَارِ الْغِذَاءِ
مِنْ ثَدْيِ أُمِّكَ - وعَرَّفَكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِكَ
وإِرَادَتِكَ - هَيْهَاتَ إِنَّ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ صِفَاتِ ذِي الْهَيْئَةِ
والأَدَوَاتِ - فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِه أَعْجَزُ - ومِنْ تَنَاوُلِه بِحُدُودِ
الْمَخْلُوقِينَ أَبْعَدُ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
164 و من كلام له
لما اجتمع الناس شكوا ما نقموه على عثمان و سألوه مخاطبته لهم .. فدخل
عليه فقال :
|
|||||||||||||||
164 - ومن كلام له عليهالسلام لما اجتمع الناس شكوا ما
نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته لهم
واستعتابه لهم فدخل عليه فقال إِنَّ النَّاسَ وَرَائِي - وقَدِ
اسْتَسْفَرُونِي (2044) بَيْنَكَ
وبَيْنَهُمْ - ووَ اللَّه مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ - مَا أَعْرِفُ شَيْئاً
تَجْهَلُه - ولَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُه - إِنَّكَ لَتَعْلَمُ
مَا نَعْلَمُ - مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْه - ولَا
خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَه - وقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا وسَمِعْتَ
كَمَا سَمِعْنَا - وصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله كَمَا
صَحِبْنَا - ومَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ - ولَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى
بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ - وأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى أَبِي رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
وَشِيجَةَ (2045) رَحِمٍ مِنْهُمَا
- وقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِه مَا لَمْ يَنَالَا فَاللَّه اللَّه فِي نَفْسِكَ -
فَإِنَّكَ واللَّه مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمًى - ولَا تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ -
وإِنَّ الطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وإِنَّ أَعْلَامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ -
فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّه عِنْدَ اللَّه إِمَامٌ عَادِلٌ هُدِيَ
وهَدَى فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً - وأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً - وإِنَّ
السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ - وإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ لَهَا
أَعْلَامٌ - وإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّه إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وضُلَّ
بِه - فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً وأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً - وإِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله يَقُولُ -
يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالإِمَامِ الْجَائِرِ - ولَيْسَ مَعَه نَصِيرٌ
ولَا عَاذِرٌ - فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى
- ثُمَّ يَرْتَبِطُ (2046) فِي قَعْرِهَا -
وإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّه أَلَّا تَكُونَ إِمَامَ هَذِه الأُمَّةِ الْمَقْتُولَ
- فَإِنَّه كَانَ يُقَالُ - يُقْتَلُ فِي هَذِه الأُمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ
عَلَيْهَا الْقَتْلَ - والْقِتَالَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - ويَلْبِسُ
أُمُورَهَا عَلَيْهَا ويَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا - فَلَا يُبْصِرُونَ الْحَقَّ
مِنَ الْبَاطِلِ - يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً ويَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً (2047) - فَلَا تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً (2048) يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلَالِ السِّنِّ - وتَقَضِّي الْعُمُرِ
فَقَالَ لَه عُثْمَانُ رضياللهعنه - كَلِّمِ النَّاسَ
فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي - حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَظَالِمِهِمْ -
فَقَالَ عليهالسلام - مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلَا أَجَلَ
فِيه - ومَا غَابَ فَأَجَلُه وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
165و من خطبة
له يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس :
|
|||||||||||||||
165 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس خلقة الطيور ابْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِيباً مِنْ
حَيَوَانٍ ومَوَاتٍ - وسَاكِنٍ وذِي حَرَكَاتٍ؛ وأَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ
الْبَيِّنَاتِ عَلَى لَطِيفِ صَنْعَتِه - وعَظِيمِ قُدْرَتِه - مَا انْقَادَتْ
لَه الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِه ومَسَلِّمَةً لَه - ونَعَقَتْ (2049) فِي أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُه عَلَى وَحْدَانِيَّتِه - ومَا ذَرَأَ (2050) مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الأَطْيَارِ - الَّتِي أَسْكَنَهَا أَخَادِيدَ (2051) الأَرْضِ - وخُرُوقَ فِجَاجِهَا (2052) ورَوَاسِيَ أَعْلَامِهَا (2053) - مِنْ ذَاتِ
أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وهَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ - مُصَرَّفَةٍ فِي زِمَامِ
التَّسْخِيرِ - ومُرَفْرِفَةٍ (2054) بِأَجْنِحَتِهَا
فِي مَخَارِقِ الْجَوِّ (2055) الْمُنْفَسِحِ -
والْفَضَاءِ الْمُنْفَرِجِ - كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجَائِبِ
صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ - ورَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ (2056) مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ (2057) - ومَنَعَ
بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ (2058) خَلْقِه أَنْ
يَسْمُوَ (2059) فِي الْهَوَاءِ
خُفُوفاً (2060) - وجَعَلَه يَدِفُّ
دَفِيفاً (2061) - ونَسَقَهَا (2062) عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي الأَصَابِيغِ (2063) بِلَطِيفِ قُدْرَتِه - ودَقِيقِ صَنْعَتِه - فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي
قَالَبِ (2064) لَوْنٍ لَا
يَشُوبُه غَيْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيه - ومِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي لَوْنِ صِبْغٍ
قَدْ طُوِّقَ (2065) بِخِلَافِ مَا
صُبِغَ بِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الطاوس
|
|||||||||||||||
الطاوس ومِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ -
الَّذِي أَقَامَه فِي أَحْكَمِ تَعْدِيلٍ - ونَضَّدَ أَلْوَانَه فِي أَحْسَنِ
تَنْضِيدٍ (2066) - بِجَنَاحٍ
أَشْرَجَ قَصَبَه (2067) وذَنَبٍ أَطَالَ
مَسْحَبَه - إِذَا دَرَجَ (2068) إِلَى الأُنْثَى
نَشَرَه مِنْ طَيِّه - وسَمَا بِه (2069) مُطِلاًّ عَلَى
رَأْسِه (2070) - كَأَنَّه قِلْعُ
(2071) دَارِيٍّ (2072) عَنَجَه نُوتِيُّه (2073) - يَخْتَالُ (2074) بِأَلْوَانِه ويَمِيسُ بِزَيَفَانِه (2075) - يُفْضِي (2076) كَإِفْضَاءِ
الدِّيَكَةِ - ويَؤُرُّ بِمَلَاقِحِه (2077) أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَةِ (2078) لِلضِّرَابِ (2079) - أُحِيلُكَ مِنْ
ذَلِكَ عَلَى مُعَايَنَةٍ (2080) - لَا كَمَنْ
يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٍ إِسْنَادُه - ولَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ -
أَنَّه يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُه (2081) - فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَيْ (2082) جُفُونِه - وأَنَّ
أُنْثَاه تَطْعَمُ (2083) ذَلِكَ - ثُمَّ
تَبِيضُ لَا مِنْ لِقَاحِ (2084) فَحْلٍ سِوَى
الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ (2085) - لَمَا كَانَ
ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ (2086) تَخَالُ قَصَبَه (2087) مَدَارِيَ (2088) مِنْ فِضَّةٍ - ومَا أُنْبِتَ عَلَيْهَا مِنْ عَجِيبِ دَارَاتِه (2089) - وشُمُوسِه خَالِصَ الْعِقْيَانِ (2090) وفِلَذَ الزَّبَرْجَدِ (2091) - فَإِنْ
شَبَّهْتَه بِمَا أَنْبَتَتِ الأَرْضُ - قُلْتَ جَنًى (2092) جُنِيَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِيعٍ - وإِنْ ضَاهَيْتَه بِالْمَلَابِسِ
فَهُوَ كَمَوْشِيِّ الْحُلَلِ (2093) - أَوْ كَمُونِقِ
عَصْبِ الْيَمَنِ (2094) - وإِنْ
شَاكَلْتَه بِالْحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ - قَدْ نُطِّقَتْ
بِاللُّجَيْنِ الْمُكَلَّلِ (2095) - يَمْشِي مَشْيَ
الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ (2096) ويَتَصَفَّحُ
ذَنَبَه وجَنَاحَيْه - فَيُقَهْقِه ضَاحِكاً لِجَمَالِ سِرْبَالِه (2097) وأَصَابِيغِ وِشَاحِه (2098) - فَإِذَا رَمَى
بِبَصَرِه إِلَى قَوَائِمِه - زَقَا (2099) مُعْوِلًا (2100) بِصَوْتٍ يَكَادُ يُبِينُ عَنِ اسْتِغَاثَتِه - ويَشْهَدُ بِصَادِقِ
تَوَجُّعِه - لأَنَّ قَوَائِمَه حُمْشٌ (2101) كَقَوَائِمِ الدِّيَكَةِ الْخِلَاسِيَّةِ (2102) وقَدْ نَجَمَتْ (2103) مِنْ ظُنْبُوبِ (2104) سَاقِه صِيصِيَةٌ (2105) خَفِيَّةٌ - ولَه
فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ (2106) خَضْرَاءُ
مُوَشَّاةٌ (2107) - ومَخْرَجُ
عَنُقِه كَالإِبْرِيقِ - ومَغْرِزُهَا (2108) إِلَى حَيْثُ بَطْنُه كَصِبْغِ الْوَسِمَةِ (2109) الْيَمَانِيَّةِ – أَوْ كَحَرِيرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ (2110) - وكَأَنَّه مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ (2111) - إِلَّا أَنَّه يُخَيَّلُ لِكَثْرَةِ مَائِه وشِدَّةِ بَرِيقِه -
أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِه - ومَعَ فَتْقِ سَمْعِه خَطٍّ
كَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِي لَوْنِ الأُقْحُوَانِ (2112) - أَبْيَضُ يَقَقٌ (2113) فَهُوَ بِبَيَاضِه
فِي سَوَادِ مَا هُنَالِكَ يَأْتَلِقُ (2114) - وقَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وقَدْ أَخَذَ مِنْه بِقِسْطٍ (2115) - وعَلَاه (2116) بِكَثْرَةِ
صِقَالِه وبَرِيقِه - وبَصِيصِ (2117) دِيبَاجِه
ورَوْنَقِه (2118) - فَهُوَ
كَالأَزَاهِيرِ الْمَبْثُوثَةِ (2119) لَمْ تُرَبِّهَا (2120) أَمْطَارُ رَبِيعٍ - ولَا شُمُوسُ قَيْظٍ (2121) وقَدْ يَنْحَسِرُ (2122) مِنْ رِيشِه
ويَعْرَى مِنْ لِبَاسِه - فَيَسْقُطُ تَتْرَى (2123) ويَنْبُتُ تِبَاعاً - فَيَنْحَتُّ (2124) مِنْ قَصَبِه انْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الأَغْصَانِ - ثُمَّ يَتَلَاحَقُ
نَامِياً حَتَّى يَعُودَ كَهَيْئَتِه قَبْلَ سُقُوطِه - لَا يُخَالِفُ سَالِفَ
أَلْوَانِه - ولَا يَقَعُ لَوْنٌ فِي غَيْرِ مَكَانِه - وإِذَا تَصَفَّحْتَ
شَعْرَةً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِه - أَرَتْكَ حُمْرَةً وَرْدِيَّةً وتَارَةً
خُضْرَةً زَبَرْجَدِيَّةً - وأَحْيَاناً صُفْرَةً عَسْجَدِيَّةً (2125) - فَكَيْفَ تَصِلُ إِلَى صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ (2126) الْفِطَنِ - أَوْ تَبْلُغُه قَرَائِحُ الْعُقُولِ - أَوْ تَسْتَنْظِمُ
وَصْفَه أَقْوَالُ الْوَاصِفِينَ! وأَقَلُّ أَجْزَائِه قَدْ أَعْجَزَ
الأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِكَه - والأَلْسِنَةَ أَنْ تَصِفَه - فَسُبْحَانَ الَّذِي
بَهَرَ (2127) الْعُقُولَ عَنْ
وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاه (2128) لِلْعُيُونِ -
فَأَدْرَكَتْه مَحْدُوداً مُكَوَّناً ومُؤَلَّفاً مُلَوَّناً - وأَعْجَزَ
الأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِيصِ صِفَتِه - وقَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِيَةِ نَعْتِه! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
صغار المخلوقات
|
|||||||||||||||
صغار المخلوقات وسُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ (2129) الذَّرَّةِ (2130) - والْهَمَجَةِ (2131) إِلَى مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِيتَانِ والْفِيَلَةِ - ووَأَى (2132) عَلَى نَفْسِه أَلَّا يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيه الرُّوحَ
- إِلَّا وجَعَلَ الْحِمَامَ (2133) مَوْعِدَه
والْفَنَاءَ غَايَتَه. |
|||||||||||||||
منها في صفة الجنة
|
|||||||||||||||
منها في صفة الجنة فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ
مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا - لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ (2134) عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى الدُّنْيَا - مِنْ شَهَوَاتِهَا
ولَذَّاتِهَا وزَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا - ولَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اصْطِفَاقِ
أَشْجَارٍ (2135) - غُيِّبَتْ
عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ (2136) الْمِسْكِ عَلَى
سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا - وفِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فِي
عَسَالِيجِهَا وأَفْنَانِهَا (2137) - وطُلُوعِ تِلْكَ
الثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا (2138) - تُجْنَى (2139) مِنْ غَيْرِ
تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا - ويُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا
فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا - بِالأَعْسَالِ الْمُصَفَّقَةِ (2140) والْخُمُورِ الْمُرَوَّقَةِ - قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْكَرَامَةُ
تَتَمَادَى بِهِمْ - حَتَّى حَلُّوا دَارَ الْقَرَارِ وأَمِنُوا نُقْلَةَ
الأَسْفَارِ - فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ - بِالْوُصُولِ
إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ (2141) - لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا - ولَتَحَمَّلْتَ مِنْ
مَجْلِسِي هَذَا - إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا -
جَعَلَنَا اللَّه وإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْعَى بِقَلْبِه - إِلَى مَنَازِلِ
الأَبْرَارِ بِرَحْمَتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب
|
|||||||||||||||
تفسير بعض ما في هذه الخطبة
من الغريب قال السيد الشريف رضياللهعنه
- قوله
عليهالسلام يؤر بملاقحه الأر كناية عن النكاح -
يقال أر الرجل المرأة يؤرها إذا نكحها -. وقوله عليهالسلام
كأنه قلع داري عنجه نوتيه - القلع شراع السفينة - وداري منسوب إلى دارين - وهي
بلدة على البحر يجلب منها الطيب - وعنجه أي عطفه - يقال عنجت الناقة كنصرت
أعنجها عنجا إذا عطفتها - والنوتي الملاح -. وقوله عليهالسلام
ضفتي جفونه أراد جانبي جفونه - والضفتان الجانبان -. وقوله عليهالسلام
وفلذ الزبرجد - الفلذ جمع فلذة وهي القطعة -. وقوله عليهالسلام كبائس
اللؤلؤ الرطب - الكباسة العذق(2142)
- والعساليج الغصون واحدها عسلوج. ----------------------------- (2142) العِذْق: للنخلة كالعنقود للعنب: مجموع
الشماريخ وما قامت عليه من العرجون. |
|||||||||||||||
166 و من خطبة له ( عليه السلام):
|
|||||||||||||||
الحث على التآلف
|
|||||||||||||||
166 - ومن خطبة له عليهالسلام الحث على التآلف لِيَتَأَسَّ (2143) صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ - ولْيَرْأَفْ كَبِيرُكُمْ بِصَغِيرِكُمْ -
ولَا تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ - لَا فِي الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ
ولَا عَنِ اللَّه يَعْقِلُونَ - كَقَيْضِ (2144) بَيْضٍ فِي أَدَاحٍ (2145) - يَكُونُ
كَسْرُهَا وِزْراً ويُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
بنو أمية
|
|||||||||||||||
بنو أمية ومنها - افْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ
وتَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ - فَمِنْهُمْ آخِذٌ بِغُصْنٍ أَيْنَمَا مَالَ
مَالَ مَعَه - عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى سَيَجْمَعُهُمْ لِشَرِّ يَوْمٍ
لِبَنِي أُمَيَّةَ - كَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ (2146) - يُؤَلِّفُ اللَّه بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْمَعُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ (2147) السَّحَابِ - ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً - يَسِيلُونَ مِنْ
مُسْتَثَارِهِمْ كَسَيْلِ الْجَنَّتَيْنِ - حَيْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَيْه
قَارَةٌ - ولَمْ تَثْبُتْ عَلَيْه أَكَمَةٌ (2148) - ولَمْ يَرُدَّ سَنَنَه رَصُّ طَوْدٍ ولَا حِدَابُ أَرْضٍ -
يُذَعْذِعُهُمُ (2149) اللَّه فِي
بُطُونِ أَوْدِيَتِه - ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ - يَأْخُذُ
بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ - ويُمَكِّنُ لِقَوْمٍ فِي دِيَارِ قَوْمٍ -
وايْمُ اللَّه لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ
والتَّمْكِينِ - كَمَا تَذُوبُ الأَلْيَةُ عَلَى النَّارِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الناس آخر الزمان
|
|||||||||||||||
الناس آخر الزمان أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ
تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ - ولَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ
- لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ - ولَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ
- لَكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاه بَنِي إِسْرَائِيلَ - ولَعَمْرِي لَيُضَعَّفَنَّ
لَكُمُ التِّيه مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً (2150) - بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ - وقَطَعْتُمُ
الأَدْنَى ووَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ - واعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ
الدَّاعِيَ لَكُمْ - سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ وكُفِيتُمْ مَئُونَةَ
الِاعْتِسَافِ - ونَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ (2151) عَنِ الأَعْنَاقِ. ----------------------------- (2150) ليضعِّفَنَّ لكم التيه: لتزادنّ لكم الحيرة أضعاف ما هي
لكم الآن. (2151) الفادِحُ: - من فدحه الدّين - إذا أثقله. |
|||||||||||||||
167 و من خطبة له ( عليه السلام ) في أوائل خلافته :
|
|||||||||||||||
167 - ومن خطبة له عليهالسلام في أوائل خلافته إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه أَنْزَلَ
كِتَاباً هَادِياً - بَيَّنَ فِيه الْخَيْرَ والشَّرَّ - فَخُذُوا نَهْجَ
الْخَيْرِ تَهْتَدُوا - واصْدِفُوا (2152) عَنْ سَمْتِ
الشَّرِّ تَقْصِدُوا. الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا
إِلَى اللَّه تُؤَدِّكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ - إِنَّ اللَّه حَرَّمَ حَرَاماً
غَيْرَ مَجْهُولٍ - وأَحَلَّ حَلَالًا غَيْرَ مَدْخُولٍ (2153) - وفَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرَمِ كُلِّهَا - وشَدَّ
بِالإِخْلَاصِ والتَّوْحِيدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَاقِدِهَا (2154) - فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِه ويَدِه
إِلَّا بِالْحَقِّ - ولَا يَحِلُّ أَذَى الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا يَجِبُ. بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وخَاصَّةَ
أَحَدِكُمْ وهُوَ الْمَوْتُ (2155) - فَإِنَّ
النَّاسَ أَمَامَكُمْ وإِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ -
تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ. اتَّقُوا اللَّه فِي عِبَادِه وبِلَادِه -
فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّى عَنِ الْبِقَاعِ والْبَهَائِمِ - أَطِيعُوا
اللَّه ولَا تَعْصُوه - وإِذَا رَأَيْتُمُ الْخَيْرَ فَخُذُوا بِه - وإِذَا
رَأَيْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
168 و من كلام له بعد ما بويع له بالخلافة و قد قال له قوم من
الصحابة لو عاقبت قوما ممن أجلب على
|
|||||||||||||||
168 - ومن كلام له عليهالسلام بعد ما بويع له بالخلافة
وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان
فقال عليهالسلام: يَا إِخْوَتَاه إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ
مَا تَعْلَمُونَ - ولَكِنْ كَيْفَ لِي بِقُوَّةٍ والْقَوْمُ الْمُجْلِبُونَ (2156) - عَلَى حَدِّ شَوْكَتِهِمْ (2157) يَمْلِكُونَنَا ولَا نَمْلِكُهُمْ - وهَا هُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ ثَارَتْ
مَعَهُمْ عِبْدَانُكُمْ - والْتَفَّتْ إِلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ - وهُمْ
خِلَالَكُمْ (2158) يَسُومُونَكُمْ (2159) مَا شَاءُوا - وهَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعاً لِقُدْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ
تُرِيدُونَه - إِنَّ هَذَا الأَمْرَ أَمْرُ جَاهِلِيَّةٍ - وإِنَّ لِهَؤُلَاءِ
الْقَوْمِ مَادَّةً (2160) - إِنَّ النَّاسَ
مِنْ هَذَا الأَمْرِ إِذَا حُرِّكَ عَلَى أُمُورٍ - فِرْقَةٌ تَرَى مَا تَرَوْنَ
وفِرْقَةٌ تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ - وفِرْقَةٌ لَا تَرَى هَذَا ولَا ذَاكَ -
فَاصْبِرُوا حَتَّى يَهْدَأَ النَّاسُ وتَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا -
وتُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً (2161) - فَاهْدَءُوا
عَنِّي وانْظُرُوا مَا ذَا يَأْتِيكُمْ بِه أَمْرِي - ولَا تَفْعَلُوا فَعْلَةً
تُضَعْضِعُ (2162) قُوَّةً وتُسْقِطُ
مُنَّةً (2163) - وتُورِثُ
وَهْناً (2164) وذِلَّةً
وسَأُمْسِكُ الأَمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ - وإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَآخِرُ
الدَّوَاءِ الْكَيُّ (2165). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
169 و من خطبة له عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة:
|
|||||||||||||||
الأمور الجامعة للمسلمين
|
|||||||||||||||
169 - ومن خطبة له عليهالسلام عند مسير أصحاب الجمل إلى
البصرة الأمور الجامعة للمسلمين إِنَّ اللَّه بَعَثَ رَسُولًا هَادِياً
بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وأَمْرٍ قَائِمٍ - لَا يَهْلِكُ عَنْه إِلَّا هَالِكٌ (2166) - وإِنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ (2167) الْمُشَبَّهَاتِ (2168) هُنَّ الْمُهْلِكَاتُ - إِلَّا مَا حَفِظَ اللَّه مِنْهَا - وإِنَّ فِي
سُلْطَانِ اللَّه عِصْمَةً لأَمْرِكُمْ - فَأَعْطُوه طَاعَتَكُمْ غَيْرَ
مُلَوَّمَةٍ (2169) ولَا مُسْتَكْرَه
بِهَا - واللَّه لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَيَنْقُلَنَّ اللَّه عَنْكُمْ سُلْطَانَ
الإِسْلَامِ - ثُمَّ لَا يَنْقُلُه إِلَيْكُمْ أَبَداً - حَتَّى يَأْرِزَ (2170) الأَمْرُ إِلَى غَيْرِكُمْ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
التنفير من خصومه
|
|||||||||||||||
التنفير من خصومه إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَمَالَئُوا (2171) عَلَى سَخْطَةِ (2172) إِمَارَتِي -
وسَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَى جَمَاعَتِكُمْ - فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَّمُوا
عَلَى فَيَالَةِ (2173) هَذَا الرَّأْيِ -
انْقَطَعَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ - وإِنَّمَا طَلَبُوا هَذِه الدُّنْيَا
حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا (2174) اللَّه عَلَيْه -
فَأَرَادُوا رَدَّ الأُمُورِ عَلَى أَدْبَارِهَا - ولَكُمْ عَلَيْنَا الْعَمَلُ
بِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى - وسِيرَةِ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
والْقِيَامُ بِحَقِّه والنَّعْشُ (2175) لِسُنَّتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
170 و من كلام له
في وجوب اتباع الحق عند قيام الحجة كلّم به بعض العرب :
|
|||||||||||||||
170 - ومن كلام له عليهالسلام في وجوب اتباع الحق عند
قيام الحجة كلَّم به بعض العرب وقَدْ أَرْسَلَه
قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمَّا قَرُبَ عليهالسلام مِنْهَا -
لِيَعْلَمَ لَهُمْ مِنْه حَقِيقَةَ حَالِه مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ - لِتَزُولَ
الشُّبْهَةُ مِنْ نُفُوسِهِمْ - فَبَيَّنَ لَه عليهالسلام مِنْ أَمْرِه
مَعَهُمْ - مَا عَلِمَ بِه أَنَّه عَلَى الْحَقِّ - ثُمَّ قَالَ لَه بَايِعْ -
فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ قَوْمٍ - ولَا أُحْدِثُ حَدَثاً حَتَّى أَرْجِعَ
إِلَيْهِمْ فَقَالَ عليهالسلام أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِينَ
وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً - تَبْتَغِي لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَيْثِ
فَرَجَعْتَ إِلَيْهِمْ وأَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلإِ والْمَاءِ - فَخَالَفُوا
إِلَى الْمَعَاطِشِ والْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ صَانِعاً - قَالَ كُنْتُ
تَارِكَهُمْ ومُخَالِفَهُمْ إِلَى الْكَلإِ والْمَاءِ - فَقَالَ عليهالسلام
فَامْدُدْ إِذاً يَدَكَ - فَقَالَ الرَّجُلُ - فَوَاللَّه مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ
أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيَّ - فَبَايَعْتُه عليهالسلام. والرَّجُلُ يُعْرَفُ بِكُلَيْبٍ
الْجَرْمِيِّ. |
|||||||||||||||
171و من كلام
له لما عزم على لقاء القوم بصفين :
|
|||||||||||||||
الدعاء
|
|||||||||||||||
171 - ومن كلام له عليهالسلام لما عزم على لقاء القوم
بصفين الدعاء اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (2176) والْجَوِّ الْمَكْفُوفِ (2177) - الَّذِي
جَعَلْتَه مَغِيضاً (2178) لِلَّيْلِ
والنَّهَارِ - ومَجْرًى لِلشَّمْسِ والْقَمَرِ ومُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ
السَّيَّارَةِ - وجَعَلْتَ سُكَّانَه سِبْطاً (2179) مِنْ مَلَائِكَتِكَ - لَا يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ - ورَبَّ هَذِه
الأَرْضِ الَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلأَنَامِ - ومَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ
والأَنْعَامِ - ومَا لَا يُحْصَى مِمَّا يُرَى ومَا لَا يُرَى - ورَبَّ
الْجِبَالِ الرَّوَاسِي الَّتِي جَعَلْتَهَا لِلأَرْضِ أَوْتَاداً - ولِلْخَلْقِ
اعْتِمَاداً (2180) إِنْ
أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا - فَجَنِّبْنَا الْبَغْيَ وسَدِّدْنَا لِلْحَقِّ
- وإِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ - واعْصِمْنَا مِنَ
الْفِتْنَةِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الدعوة للقتال
|
|||||||||||||||
الدعوة للقتال أَيْنَ الْمَانِعُ لِلذِّمَارِ (2183) - والْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ (2183) مِنْ أَهْلِ الْحِفَاظِ (2184) - الْعَارُ
وَرَاءَكُمْ والْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
172و من خطبة له
عليه السلام :
|
|||||||||||||||
حمد الله
|
|||||||||||||||
172 - ومن خطبة له عليهالسلام حمد الله الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا تُوَارِي (2185) عَنْه سَمَاءٌ سَمَاءً - ولَا أَرْضٌ أَرْضاً. ----------------------------- (2185) لا تُوَارِي: لا تحجب. |
|||||||||||||||
يوم الشورى
|
|||||||||||||||
يوم الشورى منها - وقَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى
هَذَا الأَمْرِ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ - فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ
واللَّه لأَحْرَصُ وأَبْعَدُ وأَنَا أَخَصُّ وأَقْرَبُ - وإِنَّمَا طَلَبْتُ
حَقّاً لِي وأَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وبَيْنَه - وتَضْرِبُونَ وَجْهِي (2186) دُونَه - فَلَمَّا قَرَّعْتُه (2187) بِالْحُجَّةِ فِي الْمَلإِ الْحَاضِرِينَ - هَبَّ (2188) كَأَنَّه بُهِتَ لَا يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِه! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الاستنصار على قريش
|
|||||||||||||||
الاستنصار على قريش اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى
قُرَيْشٍ ومَنْ أَعَانَهُمْ - فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وصَغَّرُوا عَظِيمَ
مَنْزِلَتِيَ - وأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي - ثُمَّ
قَالُوا أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَه وفِي الْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَه.
|
|||||||||||||||
منها في ذكر أصحاب الجمل
|
|||||||||||||||
منها في ذكر أصحاب الجمل فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - كَمَا تُجَرُّ الأَمَةُ عِنْدَ
شِرَائِهَا - مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ - فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا
فِي بُيُوتِهِمَا - وأَبْرَزَا حَبِيسَ (2189) رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله لَهُمَا
ولِغَيْرِهِمَا - فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وقَدْ أَعْطَانِي
الطَّاعَةَ - وسَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَه - فَقَدِمُوا
عَلَى عَامِلِي بِهَا - وخُزَّانِ (2190) بَيْتِ مَالِ
الْمُسْلِمِينَ وغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا - فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً (2191) وطَائِفَةً غَدْراً - فَوَاللَّه لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ
الْمُسْلِمِينَ - إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ (2192) لِقَتْلِه - بِلَا جُرْمٍ جَرَّه لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ
كُلِّه - إِذْ حَضَرُوه فَلَمْ يُنْكِرُوا - ولَمْ يَدْفَعُوا عَنْه بِلِسَانٍ
ولَا بِيَدٍ - دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ - مِثْلَ
الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
173 و من خطبة له في رسول اللّه و من هو جدير بأن يكون للخلافة و في هوان الدنيا :
|
|||||||||||||||
رسول الله
|
|||||||||||||||
173 - ومن خطبة له عليهالسلام في رسول اللَّه صلىاللهعليهوسلم
ومن هو جدير بأن يكون للخلافة وفي هوان الدنيا رسول الله أَمِينُ وَحْيِه وخَاتَمُ رُسُلِه -
وبَشِيرُ رَحْمَتِه ونَذِيرُ نِقْمَتِه. |
|||||||||||||||
الجدير بالخلافة
|
|||||||||||||||
الجدير بالخلافة أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّ أَحَقَّ
النَّاسِ بِهَذَا الأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْه – وأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّه
فِيه - فَإِنْ شَغَبَ (2193) شَاغِبٌ
اسْتُعْتِبَ (2194) فَإِنْ أَبَى
قُوتِلَ - ولَعَمْرِي لَئِنْ كَانَتِ الإِمَامَةُ لَا تَنْعَقِدُ - حَتَّى
يَحْضُرَهَا عَامَّةُ النَّاسِ فَمَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ - ولَكِنْ أَهْلُهَا
يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا - ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ
ولَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ - أَلَا وإِنِّي أُقَاتِلُ رَجُلَيْنِ -
رَجُلًا ادَّعَى مَا لَيْسَ لَه وآخَرَ مَنَعَ الَّذِي عَلَيْه. أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - فَإِنَّهَا خَيْرُ مَا تَوَاصَى الْعِبَادُ بِه - وخَيْرُ عَوَاقِبِ
الأُمُورِ عِنْدَ اللَّه - وقَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ
أَهْلِ الْقِبْلَةِ (2195) - ولَا يَحْمِلُ
هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ والصَّبْرِ - والْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ
الْحَقِّ - فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِه وقِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ
عَنْه - ولَا تَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ حَتَّى تَتَبَيَّنُوا - فَإِنَّ لَنَا مَعَ
كُلِّ أَمْرٍ تُنْكِرُونَه غِيَراً (2196). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
هوان الدنيا
|
|||||||||||||||
هوان الدنيا أَلَا وإِنَّ هَذِه الدُّنْيَا الَّتِي
أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا - وتَرْغَبُونَ فِيهَا وأَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ
وتُرْضِيكُمْ - لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ ولَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَه
- ولَا الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْه - أَلَا وإِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ
لَكُمْ ولَا تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا - وهِيَ وإِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ
حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا - فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا وأَطْمَاعَهَا
لِتَخْوِيفِهَا - وسَابِقُوا فِيهَا إِلَى الدَّارِ الَّتِي دُعِيتُمْ إِلَيْهَا
- وانْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا - ولَا يَخِنَّنَّ أَحَدُكُمْ خَنِينَ (2197) الأَمَةِ عَلَى مَا زُوِيَ (2198) عَنْه مِنْهَا -
واسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّه
والْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه - أَلَا وإِنَّه لَا
يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ - بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ
دِينِكُمْ - أَلَا وإِنَّه لَا يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْءٌ
- حَافَظْتُمْ عَلَيْه مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ - أَخَذَ اللَّه بِقُلُوبِنَا
وقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ - وأَلْهَمَنَا وإِيَّاكُمُ الصَّبْرَ! ----------------------------- (2197) الخَنِين: - بالخاء المعجمة - ضرب من البكاء
يردد به الصوت في الأنف. (2198)
زُوِيَ: أي قبض. |
|||||||||||||||
174 و من كلام له في معنى طلحة بن عبيد الله و قد قاله حين
بلغه خروج طلحة و الزبير إلى البصرة لقتاله:
|
|||||||||||||||
174 - ومن كلام له عليهالسلام في معنى طلحة بن عبيد الله وقد قاله حين بلغه خروج
طلحة والزبير إلى البصرة لقتاله قَدْ كُنْتُ ومَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ -
ولَا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ - وأَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي مِنَ
النَّصْرِ - واللَّه مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً (2199) لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ - إِلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ
بِدَمِه لأَنَّه مَظِنَّتُه - ولَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَيْه
مِنْه - فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيه - لِيَلْتَبِسَ الأَمْرُ (2200) ويَقَعَ الشَّكُّ -. ووَ اللَّه مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ
وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ - لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ
يَزْعُمُ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَه أَنْ يُوَازِرَ (2201) قَاتِلِيه - وأَنْ يُنَابِذَ (2202) نَاصِرِيه -. ولَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَه
أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِينَ (2203) عَنْه -
والْمُعَذِّرِينَ فِيه (2204) - ولَئِنْ كَانَ
فِي شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَيْنِ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَه أَنْ يَعْتَزِلَه
- ويَرْكُدَ (2205) جَانِباً ويَدَعَ النَّاسَ مَعَه - فَمَا
فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلَاثِ - وجَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ يُعْرَفْ بَابُه ولَمْ
تَسْلَمْ مَعَاذِيرُه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
175 من خطبة له في الموعظة و بيان قرباه من رسول
اللّه :
|
|||||||||||||||
175 - من خطبة له عليهالسلام في الموعظة وبيان قرباه من
رسول اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ الْمَغْفُولِ
عَنْهُمْ - والتَّارِكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ - مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ
اللَّه ذَاهِبِينَ وإِلَى غَيْرِه رَاغِبِينَ - كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ (2206) أَرَاحَ بِهَا (2207) سَائِمٌ (2208) إِلَى مَرْعًى وَبِيٍّ (2209) ومَشْرَبٍ دَوِيٍّ
(2210) - وإِنَّمَا هِيَ
كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى (2211) لَا تَعْرِفُ مَا
ذَا يُرَادُ بِهَا - إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا (2212) وشِبَعَهَا أَمْرَهَا - واللَّه لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ
رَجُلٍ مِنْكُمْ - بِمَخْرَجِه ومَوْلِجِه (2213) وجَمِيعِ شَأْنِه لَفَعَلْتُ - ولَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِيَّ
بِرَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله. أَلَا وإِنِّي مُفْضِيه (2214) إِلَى الْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْه - والَّذِي بَعَثَه
بِالْحَقِّ واصْطَفَاه عَلَى الْخَلْقِ - مَا أَنْطِقُ إِلَّا صَادِقاً - وقَدْ
عَهِدَ إِلَيَّ بِذَلِكَ كُلِّه وبِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ - ومَنْجَى مَنْ
يَنْجُو ومَآلِ هَذَا الأَمْرِ - ومَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي
إِلَّا أَفْرَغَه فِي أُذُنَيَّ - وأَفْضَى بِه إِلَيَّ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي واللَّه مَا
أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَةٍ - إِلَّا وأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا - ولَا أَنْهَاكُمْ
عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلَّا وأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
176 و من خطبة له
و فيها يعظ و يبين فضل القرآن و ينهى عن البدعة :
|
|||||||||||||||
عظة
الناس |
|||||||||||||||
176 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يعظ ويبين فضل القرآن
وينهى عن البدعة عظة الناس انْتَفِعُوا بِبَيَانِ اللَّه واتَّعِظُوا
بِمَوَاعِظِ اللَّه - واقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّه - فَإِنَّ اللَّه قَدْ
أَعْذَرَ إِلَيْكُمْ بِالْجَلِيَّةِ (2215) واتَّخَذَ
عَلَيْكُمُ الْحُجَّةَ - وبَيَّنَ لَكُمْ مَحَابَّه مِنَ الأَعْمَالِ
ومَكَارِهَه مِنْهَا - لِتَتَّبِعُوا هَذِه وتَجْتَنِبُوا هَذِه - فَإِنَّ
رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله كَانَ يَقُولُ - إِنَّ الْجَنَّةَ
حُفَّتْ بِالْمَكَارِه - وإِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ. واعْلَمُوا أَنَّه مَا مِنْ طَاعَةِ
اللَّه شَيْءٌ إِلَّا يَأْتِي فِي كُرْه - ومَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّه شَيْءٌ
إِلَّا يَأْتِي فِي شَهْوَةٍ - فَرَحِمَ اللَّه امْرَأً نَزَعَ (2216) عَنْ شَهْوَتِه وقَمَعَ هَوَى نَفْسِه - فَإِنَّ هَذِه النَّفْسَ
أَبْعَدُ شَيْءٍ مَنْزِعاً (2217) - وإِنَّهَا لَا
تَزَالُ تَنْزِعُ إِلَى مَعْصِيَةٍ فِي هَوًى. واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّ
الْمُؤْمِنَ لَا يُصْبِحُ ولَا يُمْسِي - إِلَّا ونَفْسُه ظَنُونٌ (2218) عِنْدَه - فَلَا يَزَالُ زَارِياً (2219) عَلَيْهَا ومُسْتَزِيداً لَهَا - فَكُونُوا كَالسَّابِقِينَ قَبْلَكُمْ
والْمَاضِينَ أَمَامَكُمْ - قَوَّضُوا (2220) مِنَ الدُّنْيَا تَقْوِيضَ الرَّاحِلِ وطَوَوْهَا طَيَّ الْمَنَازِلِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضل القرآن
|
|||||||||||||||
فضل القرآن واعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ
النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ - والْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ والْمُحَدِّثُ
الَّذِي لَا يَكْذِبُ - ومَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ
عَنْه بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ - زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ
عَمًى - واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ (2221) - ولَا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى - فَاسْتَشْفُوه مِنْ
أَدْوَائِكُمْ - واسْتَعِينُوا بِه عَلَى لأْوَائِكُمْ (2222) - فَإِنَّ فِيه شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ - وهُوَ الْكُفْرُ
والنِّفَاقُ والْغَيُّ والضَّلَالُ - فَاسْأَلُوا اللَّه بِه وتَوَجَّهُوا
إِلَيْه بِحُبِّه - ولَا تَسْأَلُوا بِه خَلْقَه - إِنَّه مَا تَوَجَّه
الْعِبَادُ إِلَى اللَّه تَعَالَى بِمِثْلِه - واعْلَمُوا أَنَّه شَافِعٌ
مُشَفَّعٌ وقَائِلٌ مُصَدَّقٌ - وأَنَّه مَنْ شَفَعَ لَه الْقُرْآنُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ شُفِّعَ (2223) فِيه - ومَنْ
مَحَلَ (2224) بِه الْقُرْآنُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه - فَإِنَّه يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ - أَلَا إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِه وعَاقِبَةِ
عَمَلِه - غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ - فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِه وأَتْبَاعِه -
واسْتَدِلُّوه عَلَى رَبِّكُمْ واسْتَنْصِحُوه عَلَى أَنْفُسِكُمْ - واتَّهِمُوا
عَلَيْه آرَاءَكُمْ واسْتَغِشُّوا (2225) فِيه
أَهْوَاءَكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الحث على العمل
|
|||||||||||||||
الحث على العمل الْعَمَلَ الْعَمَلَ ثُمَّ النِّهَايَةَ
النِّهَايَةَ - والِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ
والْوَرَعَ الْوَرَعَ - إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ
- وإِنَّ لَكُمْ عَلَماً (2226) فَاهْتَدُوا
بِعَلَمِكُمْ - وإِنَّ لِلإِسْلَامِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِه -
واخْرُجُوا إِلَى اللَّه بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّه (2227) - وبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِه (2228) - أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وحَجِيجٌ (2229) يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
نصائح للناس
|
|||||||||||||||
نصائح للناس أَلَا وإِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ
وَقَعَ - والْقَضَاءَ الْمَاضِيَ قَدْ تَوَرَّدَ (2230) - وإِنِّي مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ (2231) اللَّه وحُجَّتِه - قَالَ اللَّه تَعَالَى - (إِنَّ
الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقامُوا - تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا - وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) - وقَدْ قُلْتُمْ
رَبُّنَا اللَّه فَاسْتَقِيمُوا عَلَى كِتَابِه - وعَلَى مِنْهَاجِ أَمْرِه
وعَلَى الطَّرِيقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادَتِه - ثُمَّ لَا تَمْرُقُوا
مِنْهَا ولَا تَبْتَدِعُوا فِيهَا - ولَا تُخَالِفُوا عَنْهَا - فَإِنَّ أَهْلَ
الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اللَّه يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ
إِيَّاكُمْ وتَهْزِيعَ (2232) الأَخْلَاقِ
وتَصْرِيفَهَا (2233) - واجْعَلُوا
اللِّسَانَ وَاحِداً ولْيَخْزُنِ الرَّجُلُ لِسَانَه (2234) - فَإِنَّ هَذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِه (2235) - واللَّه مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تَقْوَى تَنْفَعُه حَتَّى
يَخْزُنَ لِسَانَه - وإِنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِه (2236) - وإِنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِه - لأَنَّ
الْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ تَدَبَّرَه فِي نَفْسِه -
فَإِنْ كَانَ خَيْراً أَبْدَاه وإِنْ كَانَ شَرّاً وَارَاه - وإِنَّ
الْمُنَافِقَ يَتَكَلَّمُ بِمَا أَتَى عَلَى لِسَانِه - لَا يَدْرِي مَا ذَا لَه
ومَا ذَا عَلَيْه - ولَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله - لَا
يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُه - ولَا يَسْتَقِيمُ
قَلْبُه حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُه - فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى
اللَّه تَعَالَى - وهُوَ نَقِيُّ الرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
وأَمْوَالِهِمْ - سَلِيمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْيَفْعَلْ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تحريم البدع
|
|||||||||||||||
تحريم البدع واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّ
الْمُؤْمِنَ يَسْتَحِلُّ الْعَامَ - مَا اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ ويُحَرِّمُ
الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ - وأَنَّ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ لَا
يُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً - مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ - ولَكِنَّ الْحَلَالَ مَا
أَحَلَّ اللَّه والْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللَّه - فَقَدْ جَرَّبْتُمُ الأُمُورَ
وضَرَّسْتُمُوهَا (2237) - ووُعِظْتُمْ
بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وضُرِبَتِ الأَمْثَالُ لَكُمْ - ودُعِيتُمْ إِلَى
الأَمْرِ الْوَاضِحِ فَلَا يَصَمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَصَمُّ - ولَا يَعْمَى
عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَعْمَى - ومَنْ لَمْ يَنْفَعْه اللَّه بِالْبَلَاءِ
والتَّجَارِبِ - لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِظَةِ وأَتَاه التَّقْصِيرُ
مِنْ أَمَامِه (2238) - حَتَّى يَعْرِفَ
مَا أَنْكَرَ ويُنْكِرَ مَا عَرَفَ - وإِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُتَّبِعٌ
شِرْعَةً ومُبْتَدِعٌ بِدْعَةً - لَيْسَ مَعَه مِنَ اللَّه سُبْحَانَه بُرْهَانُ
سُنَّةٍ ولَا ضِيَاءُ حُجَّةٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
القرآن
|
|||||||||||||||
القرآن وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَعِظْ
أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ - فَإِنَّه حَبْلُ اللَّه الْمَتِينُ
وسَبَبُه الأَمِينُ - وفِيه رَبِيعُ الْقَلْبِ ويَنَابِيعُ الْعِلْمِ - ومَا
لِلْقَلْبِ جِلَاءٌ غَيْرُه مَعَ أَنَّه قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ -
وبَقِيَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ - فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً
فَأَعِينُوا عَلَيْه - وإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْه - فَإِنَّ
رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله كَانَ يَقُولُ - يَا ابْنَ آدَمَ
اعْمَلِ الْخَيْرَ ودَعِ الشَّرَّ - فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ (2239)». ----------------------------- (2239) جواد قاصد: أي مستقيم أو قريب من الله
والسعادة. |
|||||||||||||||
انواع الظلم
|
|||||||||||||||
أنواع الظلم أَلَا وإِنَّ الظُّلْمَ ثَلَاثَةٌ -
فَظُلْمٌ لَا يُغْفَرُ وظُلْمٌ لَا يُتْرَكُ - وظُلْمٌ مَغْفُورٌ لَا يُطْلَبُ -
فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ فَالشِّرْكُ بِاللَّه - قَالَ اللَّه
تَعَالَى (إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه) - وأَمَّا
الظُّلْمُ الَّذِي يُغْفَرُ - فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَه عِنْدَ بَعْضِ
الْهَنَاتِ (2240) - وأَمَّا
الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُتْرَكُ - فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً -
الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدِيدٌ لَيْسَ هُوَ جَرْحاً بِاْلمُدَى (2241) - ولَا ضَرْباً بِالسِّيَاطِ (2242) ولَكِنَّه مَا يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَه - فَإِيَّاكُمْ والتَّلَوُّنَ
فِي دِينِ اللَّه - فَإِنَّ جَمَاعَةً فِيمَا تَكْرَهُونَ مِنَ الْحَقِّ -
خَيْرٌ مِنْ فُرْقَةٍ (2243) فِيمَا تُحِبُّونَ
مِنَ الْبَاطِلِ - وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَةٍ
خَيْراً مِمَّنْ مَضَى - ولَا مِمَّنْ بَقِيَ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
لزوم الطاعة
|
|||||||||||||||
لزوم الطاعة يَا أَيُّهَا النَّاسُ - طُوبَى لِمَنْ
شَغَلَه عَيْبُه عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ - وطُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَه وأَكَلَ
قُوتَه - واشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّه وبَكَى عَلَى خَطِيئَتِه - فَكَانَ مِنْ
نَفْسِه فِي شُغُلٍ والنَّاسُ مِنْه فِي رَاحَةٍ! |
|||||||||||||||
177 و من كلام له في معنى الحكمين :
|
|||||||||||||||
177 - ومن كلام له عليهالسلام في معنى الحكمين فَأَجْمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى أَنِ
اخْتَارُوا رَجُلَيْنِ - فَأَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَنْ يُجَعْجِعَا (2244) عِنْدَ الْقُرْآنِ ولَا يُجَاوِزَاه - وتَكُونُ أَلْسِنَتُهُمَا مَعَه
وقُلُوبُهُمَا تَبَعَه فَتَاهَا عَنْه - وتَرَكَا الْحَقَّ وهُمَا يُبْصِرَانِه
- وكَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا والِاعْوِجَاجُ رَأْيَهُمَا - وقَدْ سَبَقَ
اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا فِي الْحُكْمِ بِالْعَدْلِ - والْعَمَلِ بِالْحَقِّ
سُوءَ رَأْيِهِمَا وجَوْرَ حُكْمِهِمَا - والثِّقَةُ فِي أَيْدِينَا
لأَنْفُسِنَا حِينَ خَالَفَا سَبِيلَ الْحَقِّ - وأَتَيَا بِمَا لَا يُعْرَفُ
مِنْ مَعْكُوسِ الْحُكْمِ. ----------------------------- (2244)
يُجَعْجِعَا: من
جعجع البعير إذا برك ولزم الجعجاع أي الأرض. أي
أن يقيما عند القرآن. والتبع - محركا - التابع للواحد والجمع.وتاها: أي ضلَّا. |
|||||||||||||||
178 و من خطبة له في الشهادة و التقوى و قيل إنه خطبها بعد مقتل عثمان في أول خلافته :
|
|||||||||||||||
اللّه و رسوله
|
|||||||||||||||
178 - ومن خطبة له عليهالسلام في الشهادة والتقوى. وقيل:
إنه خطبها بعد مقتل عثمان في أول خلافته اللَّه ورسوله لَا يَشْغَلُه شَأْنٌ ولَا يُغَيِّرُه
زَمَانٌ - ولَا يَحْوِيه مَكَانٌ ولَا يَصِفُه لِسَانٌ - لَا يَعْزُبُ (2245) عَنْه عَدَدُ قَطْرِ الْمَاءِ ولَا نُجُومِ السَّمَاءِ - ولَا سَوَافِي
الرِّيحِ (2246) فِي الْهَوَاءِ -
ولَا دَبِيبُ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا (2247) - ولَا مَقِيلُ الذَّرِّ (2248) فِي اللَّيْلَةِ
الظَّلْمَاءِ - يَعْلَمُ مَسَاقِطَ الأَوْرَاقِ وخَفِيَّ طَرْفِ الأَحْدَاقِ (2249) - وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه غَيْرَ مَعْدُولٍ بِه (2250) - ولَا مَشْكُوكٍ فِيه ولَا مَكْفُورٍ دِينُه - ولَا مَجْحُودٍ
تَكْوِينُه (2251) شَهَادَةَ مَنْ
صَدَقَتْ نِيَّتُه - وصَفَتْ دِخْلَتُه (2252) وخَلَصَ يَقِينُه وثَقُلَتْ مَوَازِينُه - وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
عَبْدُه ورَسُولُه الَمْجُتْبَىَ (2253) مِنْ خَلَائِقِه -
والْمُعْتَامُ (2254) لِشَرْحِ
حَقَائِقِه والْمُخْتَصُّ بِعَقَائِلِ (2255) كَرَامَاتِه (2256) - والْمُصْطَفَى
لِكَرَائِمِ رِسَالَاتِه - والْمُوَضَّحَةُ بِه أَشْرَاطُ الْهُدَى (2257) والْمَجْلُوُّ بِه غِرْبِيبُ (2258) الْعَمَى. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْيَا
تَغُرُّ الْمُؤَمِّلَ لَهَا والْمُخْلِدَ إِلَيْهَا (2259) - ولَا تَنْفَسُ (2260) بِمَنْ نَافَسَ
فِيهَا وتَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا - وايْمُ اللَّه مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ
فِي غَضِّ (2261) نِعْمَةٍ مِنْ
عَيْشٍ - فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا (2262) لـ (أَنَّ الله لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) - ولَوْ أَنَّ
النَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وتَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا
إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ ووَلَه مِنْ قُلُوبِهِمْ - لَرَدَّ
عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وأَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ - وإِنِّي لأَخْشَى
عَلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا فِي فَتْرَةٍ (2263) - وقَدْ كَانَتْ أُمُورٌ مَضَتْ مِلْتُمْ فِيهَا مَيْلَةً - كُنْتُمْ
فِيهَا عِنْدِي غَيْرَ مَحْمُودِينَ - ولَئِنْ رُدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ
إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ - ومَا عَلَيَّ إِلَّا الْجُهْدُ - ولَوْ أَشَاءُ أَنْ
أَقُولَ لَقُلْتُ (عَفَا
الله عَمَّا سَلَفَ)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
179 و من كلام له و قد
سأله ذعلب اليماني فقال هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين فقال :
|
|||||||||||||||
179 - ومن كلام له عليهالسلام وقد سأله ذعلب اليماني فقال
- هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين فقال عليهالسلام
- أفأعبد ما لا أرى فقال وكيف تراه فقال لَا تُدْرِكُه الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ
الْعِيَانِ - ولَكِنْ تُدْرِكُه الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الإِيمَانِ - قَرِيبٌ
مِنَ الأَشْيَاءِ غَيْرَ مُلَابِسٍ بَعِيدٌ مِنْهَا غَيْرَ مُبَايِنٍ -
مُتَكَلِّمٌ لَا بِرَوِيَّةٍ (2264) مُرِيدٌ لَا
بِهِمَّةٍ (2265) صَانِعٌ لَا
بِجَارِحَةٍ (2266) - لَطِيفٌ لَا
يُوصَفُ بِالْخَفَاءِ كَبِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْجَفَاءِ (2267) - بَصِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ رَحِيمٌ لَا يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ
- تَعْنُو (2268) الْوُجُوه
لِعَظَمَتِه وتَجِبُ الْقُلُوبُ (2269) مِنْ مَخَافَتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
180 و من خطبة له في ذم العاصين من أصحابه :
|
|||||||||||||||
180 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم العاصين من أصحابه أَحْمَدُ اللَّه عَلَى مَا قَضَى مِنْ
أَمْرٍ وقَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ - وعَلَى ابْتِلَائِي بِكُمْ أَيَّتُهَا
الْفِرْقَةُ الَّتِي إِذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ - وإِذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ
- إِنْ أُمْهِلْتُمْ (2270) خُضْتُمْ وإِنْ
حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ (2271) - وإِنِ اجْتَمَعَ
النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ طَعَنْتُمْ - وإِنْ أُجِئْتُمْ إِلَى مُشَاقَّةٍ (2272) نَكَصْتُمْ (2273) -. لَا أَبَا
لِغَيْرِكُمْ (2274) مَا تَنْتَظِرُونَ
بِنَصْرِكُمْ - والْجِهَادِ عَلَى حَقِّكُمْ - الْمَوْتَ أَوِ الذُّلَّ لَكُمْ -
فَوَاللَّه لَئِنْ جَاءَ يَومِي ولَيَأْتِيَنِّي لَيُفَرِّقَنَّ بَيْنِي
وبَيْنِكُمْ - وأَنَا لِصُحْبَتِكُمْ قَالٍ (2275) وبِكُمْ غَيْرُ كَثِيرٍ (2276) - لِلَّه أَنْتُمْ
أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ ولَا حَمِيَّةٌ تَشْحَذُكُمْ (2277) - أَولَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو الْجُفَاةَ (2278) الطَّغَامَ (2279) - فَيَتَّبِعُونَه
عَلَى غَيْرِ مَعُونَةٍ (2280) ولَا عَطَاءٍ -
وأَنَا أَدْعُوكُمْ وأَنْتُمْ تَرِيكَةُ الإِسْلَامِ (2281) - وبَقِيَّةُ النَّاسِ إِلَى الْمَعُونَةِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنَ
الْعَطَاءِ - فَتَفَرَّقُونَ عَنِّي وتَخْتَلِفُونَ عَلَيَّ - إِنَّه لَا
يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِي رِضًى فَتَرْضَوْنَه - ولَا سُخْطٌ
فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْه - وإِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ -
قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ (2282) وفَاتَحْتُكُمُ
الْحِجَاجَ (2283) - وعَرَّفْتُكُمْ
مَا أَنْكَرْتُمْ وسَوَّغْتُكُمْ (2284) مَا مَجَجْتُمْ -
لَوْ كَانَ الأَعْمَى يَلْحَظُ أَوِ النَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ - وأَقْرِبْ
بِقَوْمٍ (2285) مِنَ الْجَهْلِ
بِاللَّه قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةُ - ومُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَةِ (2286)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
181 وَ مِنْ كَلَامٍ
لَهُ وَ قَدْ أَرْسَلَ رَجُلًا مِنْ
أَصْحَابِهِ يَعْلَمُ لَهُ عِلْمَ أَحْوَالِ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ الْكُوفَةِ قَدْ
هَمُّوا بِاللِّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ
|
|||||||||||||||
181 - ومِنْ كَلَامٍ لَه عليهالسلام وقَدْ أَرْسَلَ
رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِه - يَعْلَمُ لَه عِلْمَ أَحْوَالِ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ
الْكُوفَةِ - قَدْ هَمُّوا بِاللِّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ - وكَانُوا عَلَى خَوْفٍ
مِنْه عليهالسلام - فَلَمَّا عَادَ
إِلَيْه الرَّجُلُ - قَالَ لَه أَأَمِنُوا فَقَطَنُوا (2287) أَمْ جَبَنُوا فَظَعَنُوا (2288) - فَقَالَ الرَّجُلُ بَلْ ظَعَنُوا يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - فَقَالَ
عليهالسلام بُعْداً لَهُمْ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ -
أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ (2289) الأَسِنَّةُ
إِلَيْهِمْ - وصُبَّتِ السُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهِمْ (2290) - لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ - إِنَّ الشَّيْطَانَ
الْيَوْمَ قَدِ اسْتَفَلَّهُمْ (2291) - وهُوَ غَداً
مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ ومُتَخَلٍّ عَنْهُمْ - فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهِمْ (2292) مِنَ الْهُدَى وارْتِكَاسِهِمْ (2293) فِي الضَّلَالِ والْعَمَى - وصَدِّهِمْ (2294) عَنِ الْحَقِّ وجِمَاحِهِمْ (2295) فِي التِّيه (2296). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
182 وَ مِنْ خُطْبَةٍ
لَهُ رُوِيَ عَنْ نَوْفٍ الْبَكَالِيِّ
قَالَ خَطَبَنَا بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ
بِالْكُوفَةِ وَ هُوَ قَائِمٌ
|
|||||||||||||||
حمد اللّه و استعانته
|
|||||||||||||||
182 - ومِنْ خُطْبَةٍ لَه عليهالسلام: رُوِيَ
عَنْ نَوْفٍ الْبَكَالِيِّ - قَالَ خَطَبَنَا
بِهَذِه الْخُطْبَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ عليهالسلام بِالْكُوفَةِ -
وهُوَ قَائِمٌ عَلَى حِجَارَةٍ - نَصَبَهَا لَه جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ
الْمَخْزُومِيُّ - وعَلَيْه مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ (2297) وحَمَائِلُ سَيْفِه لِيفٌ - وفِي
رِجْلَيْه نَعْلَانِ مِنْ لِيفٍ - وكَأَنَّ جَبِينَه ثَفِنَةُ (2298) بَعِيرٍ فَقَالَ
عليهالسلام -----------------------------
حمد اللَّه واستعانته الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي إِلَيْه
مَصَائِرُ الْخَلْقِ - وعَوَاقِبُ الأَمْرِ نَحْمَدُه عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِه
- ونَيِّرِ بُرْهَانِه ونَوَامِي (2299) فَضْلِه
وامْتِنَانِه - حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّه قَضَاءً ولِشُكْرِه أَدَاءً - وإِلَى
ثَوَابِه مُقَرِّباً ولِحُسْنِ مَزِيدِه مُوجِباً - ونَسْتَعِينُ بِه
اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِه مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِه وَاثِقٍ بِدَفْعِه -
مُعْتَرِفٍ لَه بِالطَّوْلِ (2300) مُذْعِنٍ لَه
بِالْعَمَلِ والْقَوْلِ - ونُؤْمِنُ بِه إِيمَانَ مَنْ رَجَاه مُوقِناً -
وأَنَابَ إِلَيْه مُؤْمِناً وخَنَعَ (2301) لَه مُذْعِناً -
وأَخْلَصَ لَه مُوَحِّداً وعَظَّمَه مُمَجِّداً ولَاذَ بِه رَاغِباً
مُجْتَهِداً. ----------------------------- (2299) النوامي: جمع نام بمعنى زائد. (2300)
الطَوْل: - بفتح الطاء وسكون الواو -
الفضل. (2301)
خَنَعَ: ذل وخضع. |
|||||||||||||||
اللّه الواحد
|
|||||||||||||||
اللَّه الواحد (لَمْ
يُولَدْ) سُبْحَانَه فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ
مُشَارَكاً - و (لَمْ يَلِدْ) فَيَكُونَ
مَوْرُوثاً هَالِكاً - ولَمْ يَتَقَدَّمْه وَقْتٌ ولَا زَمَانٌ - ولَمْ
يَتَعَاوَرْه زِيَادَةٌ ولَا نُقْصَانٌ (2302) - بَلْ ظَهَرَ لِلْعُقُولِ بِمَا أَرَانَا مِنْ عَلَامَاتِ
التَّدْبِيرِ الْمُتْقَنِ - والْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ - فَمِنْ شَوَاهِدِ خَلْقِه
خَلْقُ السَّمَاوَاتِ مُوَطَّدَاتٍ (2303) بِلَا عَمَدٍ -
قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَ طَائِعَاتٍ مُذْعِنَاتٍ - غَيْرَ
مُتَلَكِّئَاتٍ (2304) ولَا مُبْطِئَاتٍ
- ولَوْ لَا إِقْرَارُهُنَّ لَه بِالرُّبُوبِيَّةِ - وإِذْعَانُهُنَّ
بِالطَّوَاعِيَةِ - لَمَا جَعَلَهُنَّ مَوْضِعاً لِعَرْشِه ولَا مَسْكَناً
لِمَلَائِكَتِه - ولَا مَصْعَداً لِلْكَلِمِ الطَّيِّبِ والْعَمَلِ الصَّالِحِ
مِنْ خَلْقِه جَعَلَ نُجُومَهَا أَعْلَاماً يَسْتَدِلُّ بِهَا الْحَيْرَانُ -
فِي مُخْتَلِفِ فِجَاجِ الأَقْطَارِ - لَمْ يَمْنَعْ ضَوْءَ نُورِهَا
ادْلِهْمَامُ (2305) سُجُفِ (2306) اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ - ولَا اسْتَطَاعَتْ جَلَابِيبُ (2307) سَوَادِ الْحَنَادِسِ (2308) - أَنْ تَرُدَّ مَا
شَاعَ (2309) فِي السَّمَاوَاتِ
مِنْ تَلأْلُؤِ نُورِ الْقَمَرِ - فَسُبْحَانَ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْه سَوَادُ
غَسَقٍ دَاجٍ (2310) - ولَا لَيْلٍ
سَاجٍ (2311) فِي بِقَاعِ
الأَرَضِينَ الْمُتَطَأْطِئَاتِ (2312) - ولَا فِي
يَفَاعِ السُّفْعِ (2313) الْمُتَجَاوِرَاتِ
- ومَا يَتَجَلْجَلُ بِه الرَّعْدُ (2314) فِي أُفُقِ
السَّمَاءِ - ومَا تَلَاشَتْ (2315) عَنْه بُرُوقُ
الْغَمَامِ - ومَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ تُزِيلُهَا عَنْ مَسْقَطِهَا
عَوَاصِفُ الأَنْوَاءِ (2316) - وانْهِطَالُ
السَّمَاءِ (2317) - ويَعْلَمُ
مَسْقَطَ الْقَطْرَةِ ومَقَرَّهَا ومَسْحَبَ الذَّرَّةِ ومَجَرَّهَا - ومَا
يَكْفِي الْبَعُوضَةَ مِنْ قُوتِهَا ومَا تَحْمِلُ الأُنْثَى فِي بَطْنِهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
عود إلى الحمد
|
|||||||||||||||
عود إلى الحمد والْحَمْدُ لِلَّه الْكَائِنِ قَبْلَ أَنْ
يَكُونَ كُرْسِيٌّ أَوْ عَرْشٌ - أَوْ سَمَاءٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ جَانٌّ أَوْ
إِنْسٌ - لَا يُدْرَكُ بِوَهْمٍ (2318) ولَا يُقَدَّرُ
بِفَهْمٍ - ولَا يَشْغَلُه سَائِلٌ (2319) ولَا يَنْقُصُه
نَائِلٌ (2320) - ولَا يَنْظُرُ
بِعَيْنٍ ولَا يُحَدُّ بِأَيْنٍ (2321) ولَا يُوصَفُ
بِالأَزْوَاجِ (2322) - ولَا يُخْلَقُ
بِعِلَاجٍ (2323) ولَا يُدْرَكُ
بِالْحَوَاسِّ ولَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ - الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيماً
وأَرَاه مِنْ آيَاتِه عَظِيماً - بِلَا جَوَارِحَ ولَا أَدَوَاتٍ ولَا نُطْقٍ
ولَا لَهَوَاتٍ (2324) - بَلْ إِنْ
كُنْتَ صَادِقاً أَيُّهَا الْمُتَكَلِّفُ (2325) لِوَصْفِ رَبِّكَ - فَصِفْ جِبْرِيلَ ومِيكَائِيلَ وجُنُودَ
الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ فِي حُجُرَاتِ (2326) الْقُدُسِ مُرْجَحِنِّينَ (2327) - مُتَوَلِّهَةً (2328) عُقُولُهُمْ أَنْ يَحُدُّوا أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ - فَإِنَّمَا
يُدْرَكُ بِالصِّفَاتِ ذَوُو الْهَيْئَاتِ والأَدَوَاتِ - ومَنْ يَنْقَضِي إِذَا
بَلَغَ أَمَدَ حَدِّه بِالْفَنَاءِ - فَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَضَاءَ بِنُورِه
كُلَّ ظَلَامٍ - وأَظْلَمَ بِظُلْمَتِه كُلَّ نُورٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - الَّذِي أَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ (2329) وأَسْبَغَ عَلَيْكُمُ الْمَعَاشَ - فَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إِلَى
الْبَقَاءِ سُلَّماً أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبِيلًا - لَكَانَ ذَلِكَ
سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عليهالسلام الَّذِي سُخِّرَ لَه
مُلْكُ الْجِنِّ والإِنْسِ - مَعَ النُّبُوَّةِ وعَظِيمِ الزُّلْفَةِ - فَلَمَّا
اسْتَوْفَى طُعْمَتَه (2330) واسْتَكْمَلَ
مُدَّتَه - رَمَتْه قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ - وأَصْبَحَتِ
الدِّيَارُ مِنْه خَالِيَةً - والْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً ووَرِثَهَا قَوْمٌ
آخَرُونَ - وإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً! أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وأَبْنَاءُ
الْعَمَالِقَةِ - أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ - أَيْنَ
أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ - وأَطْفَئُوا
سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ وأَحْيَوْا سُنَنَ الْجَبَّارِينَ - أَيْنَ الَّذِينَ
سَارُوا بِالْجُيُوشِ وهَزَمُوا بِالأُلُوفِ - وعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ
ومَدَّنُوا الْمَدَائِنَ! ومِنْهَا - قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ
جُنَّتَهَا (2331) - وأَخَذَهَا
بِجَمِيعِ أَدَبِهَا مِنَ الإِقْبَالِ عَلَيْهَا - والْمَعْرِفَةِ بِهَا
والتَّفَرُّغِ لَهَا - فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِه ضَالَّتُه الَّتِي يَطْلُبُهَا -
وحَاجَتُه الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا - فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ
الإِسْلَامُ - وضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِه (2332) - وأَلْصَقَ الأَرْضَ بِجِرَانِه (2333) بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِه - خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ
أَنْبِيَائِه. ثم قال عليهالسلام: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ
لَكُمُ الْمَوَاعِظَ - الَّتِي وَعَظَ الأَنْبِيَاءُ بِهَا أُمَمَهُمْ -
وأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الأَوْصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ -
وأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا - وحَدَوْتُكُمْ بِالزَّوَاجِرِ
فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا (2334) - لِلَّه أَنْتُمْ
- أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ - ويُرْشِدُكُمُ
السَّبِيلَ أَلَا إِنَّه قَدْ أَدْبَرَ مِنَ
الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلًا - وأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً
وأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُ اللَّه الأَخْيَارُ - وبَاعُوا قَلِيلًا مِنَ
الدُّنْيَا لَا يَبْقَى - بِكَثِيرٍ مِنَ الآخِرَةِ لَا يَفْنَى - مَا ضَرَّ
إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ وهُمْ بِصِفِّينَ - أَلَّا
يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً يُسِيغُونَ الْغُصَصَ - ويَشْرَبُونَ الرَّنْقَ (2335) قَدْ واللَّه لَقُوا اللَّه فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ - وأَحَلَّهُمْ
دَارَ الأَمْنِ بَعْدَ خَوْفِهِمْ. أَيْنَ إِخْوَانِيَ الَّذِينَ رَكِبُوا
الطَّرِيقَ - ومَضَوْا عَلَى الْحَقِّ أَيْنَ عَمَّارٌ (2336) وأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ (2337) - وأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ (2338) - وأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا
عَلَى الْمَنِيَّةِ - وأُبْرِدَ بِرُءُوسِهِمْ (2339) إِلَى الْفَجَرَةِ. قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ
بِيَدِه عَلَى لِحْيَتِه الشَّرِيفَةِ الْكَرِيمَةِ - فَأَطَالَ الْبُكَاءَ
ثُمَّ قَالَ عليهالسلام أَوِّه (2340) عَلَى إِخْوَانِيَ الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوه -
وتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوه - أَحْيَوُا السُّنَّةَ وأَمَاتُوا
الْبِدْعَةَ - دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا ووَثِقُوا بِالْقَائِدِ
فَاتَّبَعُوه. ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِه الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللَّه -
أَلَا وإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَومِي هَذَا - فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللَّه
فَلْيَخْرُجْ قَالَ نَوْفٌ
وعَقَدَ لِلْحُسَيْنِ عليهالسلام فِي عَشَرَةِ
آلَافٍ - ولِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رحمهالله فِي عَشَرَةِ
آلَافٍ - ولأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ - ولِغَيْرِهِمْ
عَلَى أَعْدَادٍ أُخَرَ - وهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَى صِفِّينَ - فَمَا
دَارَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّى ضَرَبَه الْمَلْعُونُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَه اللَّه
- فَتَرَاجَعَتِ الْعَسَاكِرُ فَكُنَّا كَأَغْنَامٍ فَقَدَتْ رَاعِيهَا -
تَخْتَطِفُهَا الذِّئَابُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ! -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
183 من خطبة له في قدرة اللّه و في فضل القرآن و في الوصية
بالتقوى الله تعالى :
|
|||||||||||||||
183 - من خطبة له عليهالسلام في قدرة اللَّه وفي فضل
القرآن وفي الوصية بالتقوى الله تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الْمَعْرُوفِ مِنْ
غَيْرِ رُؤْيَةٍ - والْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنْصَبَةٍ (2341) خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِه - واسْتَعْبَدَ الأَرْبَابَ
بِعِزَّتِه وسَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِه - وهُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيَا
خَلْقَه - وبَعَثَ إِلَى الْجِنِّ والإِنْسِ رُسُلَه - لِيَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ
غِطَائِهَا ولِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا - ولِيَضْرِبُوا لَهُمْ
أَمْثَالَهَا ولِيُبَصِّرُوهُمْ عُيُوبَهَا - ولِيَهْجُمُوا (2342) عَلَيْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ (2343) مِنْ تَصَرُّفِ (2344) مَصَاحِّهَا (2345) وأَسْقَامِهَا -
وحَلَالِهَا وحَرَامِهَا - ومَا أَعَدَّ اللَّه لِلْمُطِيعِينَ مِنْهُمْ
والْعُصَاةِ - مِنْ جَنَّةٍ ونَارٍ وكَرَامَةٍ وهَوَانٍ - أَحْمَدُه إِلَى
نَفْسِه كَمَا اسْتَحْمَدَ (2346) إِلَى خَلْقِه -
وجَعَلَ (لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) - ولِكُلِّ قَدْرٍ
أَجَلًا ولِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضل القرآن
|
|||||||||||||||
فضل القرآن منها: فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ
وصَامِتٌ نَاطِقٌ - حُجَّةُ اللَّه عَلَى خَلْقِه أَخَذَ عَلَيْه مِيثَاقَهُمْ -
وارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ (2347) أَتَمَّ نُورَه -
وأَكْمَلَ بِه دِينَه وقَبَضَ نَبِيَّه صلىاللهعليهوآله - وقَدْ
فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِه - فَعَظِّمُوا مِنْه
سُبْحَانَه مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِه – فَإِنَّه لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً
مِنْ دِينِه - ولَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَه أَوْ كَرِهَه إِلَّا وجَعَلَ لَه
عَلَماً بَادِياً - وآيَةً مُحْكَمَةً تَزْجُرُ عَنْه أَوْ تَدْعُو إِلَيْه -
فَرِضَاه فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وسَخَطُه فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ - واعْلَمُوا
أَنَّه لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْءٍ سَخِطَه - عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ -
ولَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ رَضِيَه مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ -
وإِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ - وتَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ
قَدْ قَالَه الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ - قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ
وحَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ - وافْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ. ----------------------------- (2347) ارتهَنَ عليهم أنفسَهم: حبس نفوسهم وجعلها رهنا على الوفاء
بميثاقهم. |
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى وأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى - وجَعَلَهَا
مُنْتَهَى رِضَاه وحَاجَتَه مِنْ خَلْقِه - فَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ
بِعَيْنِه (2348) ونَوَاصِيكُمْ
بِيَدِه - وتَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِه - إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَه وإِنْ
أَعْلَنْتُمْ كَتَبَه - قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَا
يُسْقِطُونَ حَقّاً ولَا يُثْبِتُونَ بَاطِلًا - واعْلَمُوا أَنَّه (مَنْ
يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَه مَخْرَجاً) مِنَ الْفِتَنِ -
ونُوراً مِنَ الظُّلَمِ ويُخَلِّدْه فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُه - ويُنْزِلْه
مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَه فِي دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِه - ظِلُّهَا
عَرْشُه ونُورُهَا بَهْجَتُه - وزُوَّارُهَا مَلَائِكَتُه ورُفَقَاؤُهَا رُسُلُه
- فَبَادِرُوا الْمَعَادَ وسَابِقُوا الآجَالَ - فَإِنَّ النَّاسَ يُوشِكُ أَنْ
يَنْقَطِعَ بِهِمُ الأَمَلُ ويَرْهَقَهُمُ الأَجَلُ (2349) - ويُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ - فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي
مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْه الرَّجْعَةَ (2350) مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ - وأَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ
دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ - وقَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالِارْتِحَالِ
وأُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ لِهَذَا الْجِلْدِ
الرَّقِيقِ صَبْرٌ عَلَى النَّارِ - فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ - فَإِنَّكُمْ قَدْ
جَرَّبْتُمُوهَا فِي مَصَائِبِ الدُّنْيَا. أَفَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ
الشَّوْكَةِ تُصِيبُه - والْعَثْرَةِ تُدْمِيه والرَّمْضَاءِ تُحْرِقُه -
فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَيْنَ طَابَقَيْنِ مِنْ نَارٍ - ضَجِيعَ حَجَرٍ وقَرِينَ
شَيْطَانٍ - أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً (2351) إِذَا غَضِبَ عَلَى النَّارِ - حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً لِغَضَبِه -
وإِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِه! أَيُّهَا الْيَفَنُ الْكَبِيرُ (2352) الَّذِي قَدْ لَهَزَه الْقَتِيرُ (2353) - كَيْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ
الأَعْنَاقِ - ونَشِبَتِ الْجَوَامِعُ (2354) حَتَّى أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ - فَاللَّه اللَّه مَعْشَرَ
الْعِبَادِ - وأَنْتُمْ سَالِمُونَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ - وفِي
الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضِّيقِ - فَاسْعَوْا فِي فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ
أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا (2355) - أَسْهِرُوا
عُيُونَكُمْ وأَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ - واسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ
وأَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ - وخُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا بِهَا عَلَى
أَنْفُسِكُمْ - ولَا تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا فَقَدْ قَالَ اللَّه سُبْحَانَه -
(إِنْ
تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) - وقَالَ تَعَالَى
(مَنْ
ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً - فَيُضاعِفَه لَه ولَه أَجْرٌ
كَرِيمٌ) - فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ -
ولَمْ يَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ - اسْتَنْصَرَكُمْ ولَه جُنُودُ
السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - واسْتَقْرَضَكُمْ ولَه
خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ - وهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ - وإِنَّمَا
أَرَادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ (2356) (أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلًا) - فَبَادِرُوا
بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جِيرَانِ اللَّه فِي دَارِه - رَافَقَ بِهِمْ
رُسُلَه وأَزَارَهُمْ مَلَائِكَتَه - وأَكْرَمَ أَسْمَاعَهُمْ أَنْ تَسْمَعَ
حَسِيسَ (2357) نَارٍ أَبَداً -
وصَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقَى لُغُوباً ونَصَباً (2358) - (ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ
والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ (والله
الْمُسْتَعانُ) عَلَى نَفْسِي وأَنْفُسِكُمْ - وهُوَ (حَسْبُنَا) (ونِعْمَ
الْوَكِيلُ)! -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
184 و من كلام له قاله للبرج بن مسهر الطائي و قد قال
له بحيث يسمعه "لا حكم إلا للّه" و كان من الخوارج :
|
|||||||||||||||
184 - ومن كلام له عليهالسلام قاله للبرج بن مسهر الطائي
وقد قال له بحيث يسمعه «لا حكم إلا للَّه» وكان من
الخوارج اسْكُتْ قَبَحَكَ اللَّه (2359) يَا أَثْرَمُ (2360) - فَوَاللَّه
لَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ فَكُنْتَ فِيه ضَئِيلًا (2361) شَخْصُكَ - خَفِيّاً صَوْتُكَ حَتَّى إِذَا نَعَرَ (2362) الْبَاطِلُ نَجَمْتَ (2363) نُجُومَ قَرْنِ
الْمَاعِزِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
185 و من خطبة له يحمد اللّه فيها و يثني على رسوله و يصف خلقا
من الحيوان :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
185 - ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه فيها ويثني على
رسوله ويصف خلقا من الحيوان حمد اللَّه تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا تُدْرِكُه الشَّوَاهِدُ
- ولَا تَحْوِيه الْمَشَاهِدُ - ولَا تَرَاه النَّوَاظِرُ - ولَا تَحْجُبُه
السَّوَاتِرُ - الدَّالِّ عَلَى قِدَمِه بِحُدُوثِ خَلْقِه - وبِحُدُوثِ خَلْقِه
عَلَى وُجُودِه - وبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَبَه لَه - الَّذِي صَدَقَ
فِي مِيعَادِه - وارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِه - وقَامَ بِالْقِسْطِ فِي
خَلْقِه - وعَدَلَ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِه - مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الأَشْيَاءِ
عَلَى أَزَلِيَّتِه - وبِمَا وَسَمَهَا بِه مِنَ الْعَجْزِ عَلَى قُدْرَتِه -
وبِمَا اضْطَرَّهَا إِلَيْه مِنَ الْفَنَاءِ عَلَى دَوَامِه - وَاحِدٌ لَا
بِعَدَدٍ (2364) ودَائِمٌ لَا
بِأَمَدٍ (2365) وقَائِمٌ لَا
بِعَمَدٍ - تَتَلَقَّاه الأَذْهَانُ لَا بِمُشَاعَرَةٍ (2366) - وتَشْهَدُ لَه الْمَرَائِي (2367) لَا بِمُحَاضَرَةٍ - لَمْ تُحِطْ بِه الأَوْهَامُ بَلْ تَجَلَّى لَهَا
بِهَا - وبِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا وإِلَيْهَا حَاكَمَهَا - لَيْسَ بِذِي كِبَرٍ
امْتَدَّتْ بِه النِّهَايَاتُ فَكَبَّرَتْه تَجْسِيماً - ولَا بِذِي عِظَمٍ
تَنَاهَتْ بِه الْغَايَاتُ فَعَظَّمَتْه تَجْسِيداً - بَلْ كَبُرَ شَأْناً
وعَظُمَ سُلْطَاناً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه
ورَسُولُه الصَّفِيُّ - وأَمِينُه الرَّضِيُّ – صلى الله عليه وآله - أَرْسَلَه
بِوُجُوبِ الْحُجَجِ وظُهُورِ الْفَلَجِ (2368) وإِيضَاحِ الْمَنْهَجِ - فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً (2369) بِهَا - وحَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ دَالاًّ عَلَيْهَا - وأَقَامَ
أَعْلَامَ الِاهْتِدَاءِ ومَنَارَ الضِّيَاءِ - وجَعَلَ أَمْرَاسَ (2370) الإِسْلَامِ مَتِينَةً - وعُرَى الإِيمَانِ وَثِيقَةً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
منها في صفة خلق أصناف من الحيوان
|
|||||||||||||||
منها في صفة خلق أصناف من
الحيوان ولَوْ فَكَّرُوا فِي عَظِيمِ الْقُدْرَةِ
وجَسِيمِ النِّعْمَةِ - لَرَجَعُوا إِلَى الطَّرِيقِ وخَافُوا عَذَابَ
الْحَرِيقِ - ولَكِنِ الْقُلُوبُ عَلِيلَةٌ والْبَصَائِرُ مَدْخُولَةٌ - أَلَا
يَنْظُرُونَ إِلَى صَغِيرِ مَا خَلَقَ كَيْفَ أَحْكَمَ خَلْقَه - وأَتْقَنَ
تَرْكِيبَه وفَلَقَ لَه السَّمْعَ والْبَصَرَ - وسَوَّى لَه الْعَظْمَ والْبَشَرَ
(2371) - انْظُرُوا إِلَى
النَّمْلَةِ فِي صِغَرِ جُثَّتِهَا ولَطَافَةِ هَيْئَتِهَا - لَا تَكَادُ
تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ ولَا بِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ - كَيْفَ دَبَّتْ
عَلَى أَرْضِهَا وصُبَّتْ عَلَى رِزْقِهَا - تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَى
جُحْرِهَا وتُعِدُّهَا فِي مُسْتَقَرِّهَا - تَجْمَعُ فِي حَرِّهَا لِبَرْدِهَا
وفِي وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا (2372) - مَكْفُولٌ
بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَةٌ بِوِفْقِهَا (2373) - لَا يُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ ولَا يَحْرِمُهَا الدَّيَّانُ - ولَوْ
فِي الصَّفَا (2374) الْيَابِسِ والْحَجَرِ
الْجَامِسِ - ولَوْ فَكَّرْتَ فِي مَجَارِي أَكْلِهَا - فِي عُلْوِهَا
وسُفْلِهَا - ومَا فِي الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِيفِ (2375) بَطْنِهَا - ومَا فِي الرَّأْسِ مِنْ عَيْنِهَا وأُذُنِهَا -
لَقَضَيْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً ولَقِيتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً - فَتَعَالَى
الَّذِي أَقَامَهَا عَلَى قَوَائِمِهَا - وبَنَاهَا عَلَى دَعَائِمِهَا - لَمْ
يَشْرَكْه فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ ولَمْ يُعِنْه عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ -
ولَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِه - مَا دَلَّتْكَ
الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَى أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ - هُوَ فَاطِرُ
النَّخْلَةِ - لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ - وغَامِضِ اخْتِلَافِ كُلِّ
حَيٍّ - ومَا الْجَلِيلُ واللَّطِيفُ والثَّقِيلُ والْخَفِيفُ - والْقَوِيُّ
والضَّعِيفُ فِي خَلْقِه إِلَّا سَوَاءٌ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
خلقة السماء و الكون
|
|||||||||||||||
خلقة السماء والكون وكَذَلِكَ السَّمَاءُ والْهَوَاءُ
والرِّيَاحُ والْمَاءُ - فَانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ والْقَمَرِ والنَّبَاتِ
والشَّجَرِ - والْمَاءِ والْحَجَرِ واخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ والنَّهَارِ -
وتَفَجُّرِ هَذِه الْبِحَارِ وكَثْرَةِ هَذِه الْجِبَالِ - وطُولِ هَذِه
الْقِلَالِ (2376) وتَفَرُّقِ هَذِه
اللُّغَاتِ - والأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ - فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ
الْمُقَدِّرَ وجَحَدَ الْمُدَبِّرَ - زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا
لَهُمْ زَارِعٌ - ولَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ - ولَمْ يَلْجَئُوا (2377) إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا ادَّعَوْا - ولَا تَحْقِيقٍ لِمَا - أَوْعَوْا (2378) وهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ
جَانٍ! ----------------------------- (2376) القِلال: - جمع قلَّة بالضم - وهي رأس الجبل. (2377)
لم يلجؤوا: لم
يستندوا. (2378)
أوْعاه: كوعاه - بمعنى حفظه. |
|||||||||||||||
خلقة الجرادة
|
|||||||||||||||
خلقة الجرادة وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي الْجَرَادَةِ -
إِذْ خَلَقَ لَهَا عَيْنَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ - وأَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَيْنِ
قَمْرَاوَيْنِ (2379) - وجَعَلَ لَهَا
السَّمْعَ الْخَفِيَّ وفَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِيَّ - وجَعَلَ لَهَا
الْحِسَّ الْقَوِيَّ ونَابَيْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ - ومِنْجَلَيْنِ (2380) بِهِمَا تَقْبِضُ - يَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِي زَرْعِهِمْ - ولَا
يَسْتَطِيعُونَ ذَبَّهَا (2381) ولَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِمْ - حَتَّى
تَرِدَ الْحَرْثَ فِي نَزَوَاتِهَا (2382) وتَقْضِيَ مِنْه
شَهَوَاتِهَا - وخَلْقُهَا كُلُّه لَا يُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً. فَتَبَارَكَ اللَّه الَّذِي يَسْجُدُ لَه (مَنْ
فِي السَّماواتِ والأَرْضِ - طَوْعاً وكَرْهاً) ويُعَفِّرُ لَه
خَدّاً ووَجْهاً - ويُلْقِي إِلَيْه بِالطَّاعَةِ سِلْماً وضَعْفاً - ويُعْطِي
لَه الْقِيَادَ رَهْبَةً وخَوْفاً - فَالطَّيْرُ مُسَخَّرَةٌ لأَمْرِه - أَحْصَى
عَدَدَ الرِّيشِ مِنْهَا والنَّفَسِ - وأَرْسَى قَوَائِمَهَا عَلَى النَّدَى (2383) والْيَبَسِ - وقَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وأَحْصَى أَجْنَاسَهَا - فَهَذَا
غُرَابٌ وهَذَا عُقَابٌ - وهَذَا حَمَامٌ وهَذَا نَعَامٌ - دَعَا كُلَّ طَائِرٍ
بِاسْمِه وكَفَلَ لَه بِرِزْقِه - وأَنْشَأَ السَّحَابَ الثِّقَالَ فَأَهْطَلَ (2384) دِيَمَهَا (2385) - وعَدَّدَ
قِسَمَهَا (2386) فَبَلَّ الأَرْضَ
بَعْدَ جُفُوفِهَا - وأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا (2387). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
186 و من خطبة له في التوحيد و تجمع هذه الخطبة من أصول العلم
ما لا تجمعه خطبة :
|
|||||||||||||||
186 - ومن خطبة له عليهالسلام في التوحيد وتجمع هذه
الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة مَا وَحَّدَه مَنْ كَيَّفَه ولَا
حَقِيقَتَه أَصَابَ مَنْ مَثَّلَه - ولَا إِيَّاه عَنَى مَنْ شَبَّهَه - ولَا
صَمَدَه (2388) مَنْ أَشَارَ
إِلَيْه وتَوَهَّمَه - كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِه مَصْنُوعٌ (2389) وكُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاه مَعْلُولٌ - فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ
مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ - غَنِيٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ - لَا تَصْحَبُه
الأَوْقَاتُ ولَا تَرْفِدُه (2390) الأَدَوَاتُ -
سَبَقَ الأَوْقَاتَ كَوْنُه - والْعَدَمَ وُجُودُه والِابْتِدَاءَ أَزَلُه
بِتَشْعِيرِه الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَه (2391) - وبِمُضَادَّتِه بَيْنَ الأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَه -
وبِمُقَارَنَتِه بَيْنَ الأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَه - ضَادَّ
النُّورَ بِالظُّلْمَةِ والْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ - والْجُمُودَ بِالْبَلَلِ
والْحَرُورَ بِالصَّرَدِ (2392) - مُؤَلِّفٌ
بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُقَارِنٌ بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا - مُقَرِّبٌ
بَيْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا (2393) - لَا يُشْمَلُ بِحَدٍّ ولَا يُحْسَبُ بِعَدٍّ - وإِنَّمَا تَحُدُّ
الأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا - وتُشِيرُ الآلَاتُ إِلَى نَظَائِرِهَا مَنَعَتْهَا
مُنْذُ الْقِدْمَةَ وحَمَتْهَا قَدُ الأَزَلِيَّةَ - وجَنَّبَتْهَا لَوْلَا
التَّكْمِلَةَ (2394) بِهَا تَجَلَّى
صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ - وبِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُيُونِ - ولَا
يَجْرِي عَلَيْه السُّكُونُ والْحَرَكَةُ - وكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْه مَا هُوَ
أَجْرَاه - ويَعُودُ فِيه مَا هُوَ أَبْدَاه ويَحْدُثُ فِيه مَا هُوَ أَحْدَثَه
- إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُه (2395) ولَتَجَزَّأَ كُنْهُه
- ولَامْتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعْنَاه - ولَكَانَ لَه وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَه
أَمَامٌ - ولَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَه النُّقْصَانُ - وإِذاً
لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيه - ولَتَحَوَّلَ دَلِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ
مَدْلُولًا عَلَيْه - وخَرَجَ بِسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ (2396) - مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيه مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِه الَّذِي لَا
يَحُولُ ولَا يَزُولُ ولَا يَجُوزُ عَلَيْه الأُفُولُ (2397) - لَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْلُوداً (2398) ولَمْ يُولَدْ فَيَصِيرَ مَحْدُوداً - جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ
الأَبْنَاءِ وطَهُرَ عَنْ مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ - لَا تَنَالُه الأَوْهَامُ
فَتُقَدِّرَه ولَا تَتَوَهَّمُه الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَه - ولَا تُدْرِكُه
الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّه ولَا تَلْمِسُه الأَيْدِي فَتَمَسَّه - ولَا يَتَغَيَّرُ
بِحَالٍ ولَا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحْوَالِ - ولَا تُبْلِيه اللَّيَالِي
والأَيَّامُ ولَا يُغَيِّرُه الضِّيَاءُ والظَّلَامُ ولَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنَ
الأَجْزَاءِ (2399) - ولَا
بِالْجَوَارِحِ والأَعْضَاءِ ولَا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعْرَاضِ - ولَا
بِالْغَيْرِيَّةِ والأَبْعَاضِ - ولَا يُقَالُ لَه حَدٌّ ولَا نِهَايَةٌ ولَا
انْقِطَاعٌ ولَا غَايَةٌ - ولَا أَنَّ الأَشْيَاءَ تَحْوِيه فَتُقِلَّه (2400) أَوْ تُهْوِيَه (2401) - أَوْ أَنَّ
شَيْئاً يَحْمِلُه فَيُمِيلَه أَوْ يُعَدِّلَه - لَيْسَ فِي الأَشْيَاءِ
بِوَالِجٍ (2402) ولَا عَنْهَا
بِخَارِجٍ - يُخْبِرُ لَا بِلِسَانٍ ولَهَوَاتٍ (2403) - ويَسْمَعُ لَا بِخُرُوقٍ وأَدَوَاتٍ يَقُولُ ولَا يَلْفِظُ -
ويَحْفَظُ ولَا يَتَحَفَّظُ (2404) ويُرِيدُ ولَا
يُضْمِرُ - يُحِبُّ ويَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّةٍ - ويُبْغِضُ ويَغْضَبُ مِنْ
غَيْرِ مَشَقَّةٍ - يَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ كَوْنَه كُنْ فَيَكُونُ - لَا
بِصَوْتٍ يَقْرَعُ ولَا بِنِدَاءٍ يُسْمَعُ - وإِنَّمَا كَلَامُه سُبْحَانَه
فِعْلٌ مِنْه أَنْشَأَه ومَثَّلَه - لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَائِناً -
ولَوْ كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلَهاً ثَانِياً. لَا يُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ
يَكُنْ - فَتَجْرِيَ عَلَيْه الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ - ولَا يَكُونُ
بَيْنَهَا وبَيْنَه فَصْلٌ - ولَا لَه عَلَيْهَا فَضْلٌ فَيَسْتَوِيَ الصَّانِعُ
والْمَصْنُوعُ - ويَتَكَافَأَ الْمُبْتَدَعُ والْبَدِيعُ - خَلَقَ الْخَلَائِقَ
عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِه - ولَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهَا
بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِه - وأَنْشَأَ الأَرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ
اشْتِغَالٍ - وأَرْسَاهَا عَلَى غَيْرِ قَرَارٍ وأَقَامَهَا بِغَيْرِ قَوَائِمَ
ورَفَعَهَا بِغَيْرِ دَعَائِمَ - وحَصَّنَهَا مِنَ الأَوَدِ (2405) والِاعْوِجَاجِ - ومَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ (2406) والِانْفِرَاجِ (2407) - أَرْسَى
أَوْتَادَهَا (2408) وضَرَبَ
أَسْدَادَهَا (2409) - واسْتَفَاضَ
عُيُونَهَا وخَدَّ (2410) أَوْدِيَتَهَا -
فَلَمْ يَهِنْ (2411) مَا بَنَاه ولَا
ضَعُفَ مَا قَوَّاه هُوَ الظَّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِه وعَظَمَتِه - وهُوَ
الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِه ومَعْرِفَتِه - والْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
مِنْهَا بِجَلَالِه وعِزَّتِه - لَا يُعْجِزُه شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَه - ولَا
يَمْتَنِعُ عَلَيْه فَيَغْلِبَه - ولَا يَفُوتُه السَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَه
- ولَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَالٍ فَيَرْزُقَه - خَضَعَتِ الأَشْيَاءُ لَه
وذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِه - لَا تَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنْ
سُلْطَانِه إِلَى غَيْرِه - فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِه وضَرِّه - ولَا كُفْءَ
لَه فَيُكَافِئَه - ولَا نَظِيرَ لَه فَيُسَاوِيَه - هُوَ الْمُفْنِي لَهَا
بَعْدَ وُجُودِهَا - حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا. ولَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ
ابْتِدَاعِهَا - بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا واخْتِرَاعِهَا - وكَيْفَ ولَوِ
اجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوَانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وبَهَائِمِهَا - ومَا كَانَ مِنْ
مُرَاحِهَا (2412) وسَائِمِهَا (2413) - وأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا (2414) وأَجْنَاسِهَا -
ومُتَبَلِّدَةِ (2415) أُمَمِهَا
وأَكْيَاسِهَا (2416) - عَلَى إِحْدَاثِ
بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَى إِحْدَاثِهَا - ولَا عَرَفَتْ كَيْفَ السَّبِيلُ
إِلَى إِيجَادِهَا - ولَتَحَيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذَلِكَ وتَاهَتْ -
وعَجَزَتْ قُوَاهَا وتَنَاهَتْ - ورَجَعَتْ خَاسِئَةً (2417) حَسِيرَةً (2418) - عَارِفَةً
بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا - مُذْعِنَةً
بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا! وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَعُودُ بَعْدَ
فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَه لَا شَيْءَ مَعَه - كَمَا كَانَ قَبْلَ
ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا - بِلَا وَقْتٍ ولَا مَكَانٍ
ولَا حِينٍ ولَا زَمَانٍ - عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الآجَالُ والأَوْقَاتُ -
وزَالَتِ السِّنُونَ والسَّاعَاتُ - فَلَا شَيْءَ (إِلَّا
الله الْواحِدُ الْقَهَّارُ) - الَّذِي إِلَيْه
مَصِيرُ جَمِيعِ الأُمُورِ - بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا
- وبِغَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا - ولَوْ قَدَرَتْ عَلَى
الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا - لَمْ يَتَكَاءَدْه (2419) صُنْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَه - ولَمْ يَؤُدْه (2420) مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَه وبَرَأَه (2421) - ولَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ - ولَا لِخَوْفٍ مِنْ
زَوَالٍ ونُقْصَانٍ - ولَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ (2422) مُكَاثِرٍ (2423) - ولَا
لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ (2424) - ولَا لِلِازْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِه - ولَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ
فِي شِرْكِه - ولَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْه - فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ
إِلَيْهَا. ثُمَّ هُوَ يُفْنِيهَا بَعْدَ
تَكْوِينِهَا - لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيْه فِي تَصْرِيفِهَا وتَدْبِيرِهَا -
ولَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَيْه - ولَا لِثِقَلِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْه - لَا
يُمِلُّه طُولُ بَقَائِهَا فَيَدْعُوَه إِلَى سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا - ولَكِنَّه
سُبْحَانَه دَبَّرَهَا بِلُطْفِه - وأَمْسَكَهَا بِأَمْرِه وأَتْقَنَهَا
بِقُدْرَتِه - ثُمَّ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْه
إِلَيْهَا - ولَا اسْتِعَانَةٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهَا - ولَا لِانْصِرَافٍ
مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَى حَالِ اسْتِئْنَاسٍ - ولَا مِنْ حَالِ جَهْلٍ وعَمًى
إِلَى حَالِ عِلْمٍ والْتِمَاسٍ - ولَا مِنْ فَقْرٍ وحَاجَةٍ إِلَى غِنًى
وكَثْرَةٍ - ولَا مِنْ ذُلٍّ وضَعَةٍ إِلَى عِزٍّ وقُدْرَةٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
187 و من خطبة له و هي في ذكر الملاحم :
|
|||||||||||||||
187 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي في ذكر الملاحم أَلَا بِأَبِي وأُمِّي هُمْ مِنْ عِدَّةٍ
- أَسْمَاؤُهُمْ فِي السَّمَاءِ مَعْرُوفَةٌ وفِي الأَرْضِ مَجْهُولَةٌ - أَلَا
فَتَوَقَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ - وانْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ
واسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ - ذَاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَى
الْمُؤْمِنِ - أَهْوَنَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّه - ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ
الْمُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ الْمُعْطِي - ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ
غَيْرِ شَرَابٍ - بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ والنَّعِيمِ - وتَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ
اضْطِرَارٍ - وتَكْذِبُونَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجٍ (2425) - ذَاكَ إِذَا عَضَّكُمُ الْبَلَاءُ كَمَا يَعَضُّ الْقَتَبُ (2426) غَارِبَ الْبَعِيرِ (2427) - مَا أَطْوَلَ
هَذَا الْعَنَاءَ وأَبْعَدَ هَذَا الرَّجَاءَ. أَيُّهَا النَّاسُ أَلْقُوا هَذِه
الأَزِمَّةَ (2428) - الَّتِي
تَحْمِلُ ظُهُورُهَا الأَثْقَالَ مِنْ أَيْدِيكُمْ - ولَا تَصَدَّعُوا (2429) عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ - ولَا
تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ (2430) الْفِتْنَةِ - وأَمِيطُوا عَنْ سَنَنِهَا (2431) وخَلُّوا قَصْدَ السَّبِيلِ (2432) لَهَا - فَقَدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي لَهَبِهَا الْمُؤْمِنُ -
ويَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِ. إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ
السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ - يَسْتَضِيءُ بِه مَنْ وَلَجَهَا - فَاسْمَعُوا
أَيُّهَا النَّاسُ - وعُوا وأَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
188 و من خطبة له في الوصية بأمور :
|
|||||||||||||||
التقوى
|
|||||||||||||||
188 - ومن خطبة له عليهالسلام في الوصية بأمور التقوى أُوصِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِتَقْوَى
اللَّه - وكَثْرَةِ حَمْدِه عَلَى آلَائِه إِلَيْكُمْ - ونَعْمَائِه عَلَيْكُمْ
وبَلَائِه (2433) لَدَيْكُمْ -
فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ وتَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ - أَعْوَرْتُمْ (2434) لَه فَسَتَرَكُمْ وتَعَرَّضْتُمْ لأَخْذِه (2435) فَأَمْهَلَكُمْ! |
|||||||||||||||
الموت
|
|||||||||||||||
الموت وأُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ
وإِقْلَالِ الْغَفْلَةِ عَنْه - وكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ
يُغْفِلُكُمْ (2436) - وطَمَعُكُمْ
فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ - فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ -
حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ - وأُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ
نَازِلِينَ - فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً - وكَأَنَّ
الآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً - أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ (2437) - وأَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ (2438) - واشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا - وأَضَاعُوا مَا إِلَيْه انْتَقَلُوا
– لَا عَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ انْتِقَالًا - ولَا فِي حَسَنٍ
يَسْتَطِيعُونَ ازْدِيَاداً - أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ - ووَثِقُوا
بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ. |
|||||||||||||||
سرعة النفاد
|
|||||||||||||||
سرعة النفاد فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اللَّه إِلَى
مَنَازِلِكُمُ - الَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا - والَّتِي رَغِبْتُمْ
فِيهَا ودُعِيتُمْ إِلَيْهَا - واسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّه عَلَيْكُمْ
بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِه - والْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِه - فَإِنَّ غَداً
مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ - مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِي الْيَوْمِ - وأَسْرَعَ
الأَيَّامَ فِي الشَّهْرِ - وأَسْرَعَ الشُّهُورَ فِي السَّنَةِ - وأَسْرَعَ
السِّنِينَ فِي الْعُمُرِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
189 و من كلام له في الإيمان و وجوب الهجرة :
|
|||||||||||||||
أقسام الإيمان
|
|||||||||||||||
189 - ومن كلام له عليهالسلام في الإيمان ووجوب الهجرة أقسام الإيمان فَمِنَ الإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً
مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ - ومِنْه مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ (2439) بَيْنَ الْقُلُوبِ والصُّدُورِ - إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ - فَإِذَا
كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوه - حَتَّى يَحْضُرَه الْمَوْتُ -
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ. |
|||||||||||||||
وجوب الهجرة
|
|||||||||||||||
وجوب الهجرة والْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا
الأَوَّلِ (2440) - مَا كَانَ
لِلَّه فِي أَهْلِ الأَرْضِ حَاجَةٌ - مِنْ مُسْتَسِرِّ (2441) الإِمَّةِ (2442) ومُعْلِنِهَا -
لَا يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ - إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ
فِي الأَرْضِ - فَمَنْ عَرَفَهَا وأَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ - ولَا يَقَعُ
اسْمُ الِاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْه الْحُجَّةُ - فَسَمِعَتْهَا أُذُنُه
ووَعَاهَا قَلْبُه. |
|||||||||||||||
صعوبة الإيمان
|
|||||||||||||||
صوبة الإيمان إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا
يَحْمِلُه إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ - امْتَحَنَ اللَّه قَلْبَه لِلإِيمَانِ -
ولَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وأَحْلَامٌ (2443) رَزِينَةٌ. |
|||||||||||||||
علم الوصي
|
|||||||||||||||
علم الوصي أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ
تَفْقِدُونِي - فَلأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الأَرْضِ
- قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ (2444) بِرِجْلِهَا
فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا (2445) - وتَذْهَبُ
بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
190 و من خطبة له
يحمد اللّه و يثني على نبيه و يعظ بالتقوى :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
190 - ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه ويثني على نبيه
ويعظ بالتقوى حمد اللَّه أَحْمَدُه شُكْراً لإِنْعَامِه -
وأَسْتَعِينُه عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِه - عَزِيزَ الْجُنْدِ عَظِيمَ الْمَجْدِ. |
|||||||||||||||
الثناء على النبي
|
|||||||||||||||
الثناء على النبي وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه
ورَسُولُه - دَعَا إِلَى طَاعَتِه وقَاهَرَ أَعْدَاءَه جِهَاداً عَنْ دِينِه -
لَا يَثْنِيه عَنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعٌ عَلَى تَكْذِيبِه - والْتِمَاسٌ لإِطْفَاءِ
نُورِه. |
|||||||||||||||
العظة بالتقوى
|
|||||||||||||||
العظة بالتقوى فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اللَّه فَإِنَّ
لَهَا حَبْلًا وَثِيقاً عُرْوَتُه - ومَعْقِلًا (2446) مَنِيعاً ذِرْوَتُه (2447) - وبَادِرُوا (2448) الْمَوْتَ وغَمَرَاتِه (2449) وامْهَدُوا (2450) لَه قَبْلَ حُلُولِه - وأَعِدُّوا لَه قَبْلَ نُزُولِه فَإِنَّ
الْغَايَةَ الْقِيَامَةُ - وكَفَى بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ ومُعْتَبَراً
لِمَنْ جَهِلَ - وقَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ
الأَرْمَاسِ (2451) - وشِدَّةِ
الإِبْلَاسِ (2452) وهَوْلِ
الْمُطَّلَعِ (2453) - ورَوْعَاتِ
الْفَزَعِ واخْتِلَافِ الأَضْلَاعِ (2454) - واسْتِكَاكِ
الأَسْمَاعِ (2455) وظُلْمَةِ
اللَّحْدِ (2456) - وخِيفَةِ
الْوَعْدِ وغَمِّ الضَّرِيحِ ورَدْمِ الصَّفِيحِ (2457). فَاللَّه اللَّه عِبَادَ اللَّه - فَإِنَّ
الدُّنْيَا مَاضِيَةٌ بِكُمْ عَلَى سَنَنٍ (2458) - وأَنْتُمْ والسَّاعَةُ فِي قَرَنٍ (2459) - وكَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا (2460) وأَزِفَتْ (2461) بِأَفْرَاطِهَا (2462) - ووَقَفَتْ بِكُمْ عَلَى صِرَاطِهَا وكَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ
بِزَلَازِلِهَا - وأَنَاخَتْ بِكَلَاكِلِهَا (2463) وانْصَرَمَتِ (2464) الدُّنْيَا
بِأَهْلِهَا - وأَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا - فَكَانَتْ كَيَوْمٍ مَضَى أَوْ
شَهْرٍ انْقَضَى – وصَارَ جَدِيدُهَا رَثّاً (2465) وسَمِينُهَا غَثّاً (2466) - فِي مَوْقِفٍ
ضَنْكِ الْمَقَامِ وأُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ - ونَارٍ شَدِيدٍ كَلَبُهَا (2467) عَالٍ لَجَبُهَا (2468) - سَاطِعٍ
لَهَبُهَا مُتَغَيِّظٍ (2469) زَفِيرُهَا (2470) - مُتَأَجِّجٍ سَعِيرُهَا بَعِيدٍ خُمُودُهَا - ذَاكٍ (2471) وُقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِيدُهَا - عَمٍ قَرَارُهَا (2472) مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا - حَامِيَةٍ قُدُورُهَا فَظِيعَةٍ أُمُورُهَا
- (وسِيقَ
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) - قَدْ أُمِنَ
الْعَذَابُ وانْقَطَعَ الْعِتَابُ - وزُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ واطْمَأَنَّتْ بِهِمُ
الدَّارُ - ورَضُوا الْمَثْوَى والْقَرَارَ - الَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ
فِي الدُّنْيَا زَاكِيَةً - وأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً - وكَانَ لَيْلُهُمْ فِي
دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً واسْتِغْفَارًا - وكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلًا
تَوَحُّشاً (2473) وانْقِطَاعاً -
فَجَعَلَ اللَّه لَهُمُ الْجَنَّةَ مَآباً والْجَزَاءَ ثَوَاباً - (وكانُوا
أَحَقَّ بِها وأَهْلَها) - فِي مُلْكٍ
دَائِمٍ ونَعِيمٍ قَائِمٍ. فَارْعَوْا عِبَادَ اللَّه مَا
بِرِعَايَتِه يَفُوزُ فَائِزُكُمْ - وبِإِضَاعَتِه يَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ -
وبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ - فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا
أَسْلَفْتُمْ - ومَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ - وكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ
الْمَخُوفُ - فَلَا رَجْعَةً تَنَالُونَ ولَا عَثْرَةً تُقَالُونَ -
اسْتَعْمَلَنَا اللَّه وإِيَّاكُمْ بِطَاعَتِه وطَاعَةِ رَسُولِه - وعَفَا
عَنَّا وعَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِه. الْزَمُوا الأَرْضَ (2474) واصْبِرُوا عَلَى الْبَلَاءِ - ولَا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ
وسُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ - ولَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ
يُعَجِّلْه اللَّه لَكُمْ. فَإِنَّه مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى
فِرَاشِه - وهُوَ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّه - وحَقِّ رَسُولِه وأَهْلِ
بَيْتِه مَاتَ شَهِيداً - و (وَقَعَ
أَجْرُه عَلَى الله) - واسْتَوْجَبَ
ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِه - وقَامَتِ النِّيَّةُ مَقَامَ
إِصْلَاتِه(2475) لِسَيْفِه -
فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مُدَّةً وأَجَلًا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
191 و من خطبة له يحمد اللّه و يثني على نبيه و يوصي بالزهد و
التقوى :
|
|||||||||||||||
191 - ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه ويثني على نبيه
ويوصي بالزهد والتقوى الْحَمْدُ لِلَّه الْفَاشِي (2476) فِي الْخَلْقِ حَمْدُه - والْغَالِبِ جُنْدُه والْمُتَعَالِي جَدُّه (2477) - أَحْمَدُه عَلَى نِعَمِه التُّؤَامِ (2478) وآلَائِه الْعِظَامِ - الَّذِي عَظُمَ حِلْمُه فَعَفَا وعَدَلَ فِي
كُلِّ مَا قَضَى - وعَلِمَ مَا يَمْضِي ومَا مَضَى - مُبْتَدِعِ الْخَلَائِقِ
بِعِلْمِه ومُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِه (2479) - بِلَا
اقْتِدَاءٍ ولَا تَعْلِيمٍ - ولَا احْتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَكِيمٍ - ولَا
إِصَابَةِ خَطَإٍ ولَا حَضْرَةِ مَلإٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه
ورَسُولُه - ابْتَعَثَه والنَّاسُ يَضْرِبُونَ فِي غَمْرَةٍ (2480) - ويَمُوجُونَ فِي حَيْرَةٍ قَدْ قَادَتْهُمْ أَزِمَّةُ (2481) الْحَيْنِ (2482) - واسْتَغْلَقَتْ
عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ أَقْفَالُ الرَّيْنِ (2483)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الوصية بالزهد و التقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالزهد والتقوى عِبَادَ اللَّه أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى
اللَّه - فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّه عَلَيْكُمْ - والْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّه
حَقَّكُمْ وأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّه - وتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى
اللَّه - فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ والْجُنَّةُ - وفِي غَدٍ
الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ - مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ وسَالِكُهَا رَابِحٌ
ومُسْتَوْدَعُهَا (2484) حَافِظٌ - لَمْ
تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الأُمَمِ الْمَاضِينَ مِنْكُمْ -
والْغَابِرِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا غَداً - إِذَا أَعَادَ اللَّه مَا
أَبْدَى - وأَخَذَ مَا أَعْطَى وسَأَلَ عَمَّا أَسْدَى (2485) - فَمَا أَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا وحَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا -
أُولَئِكَ الأَقَلُّونَ عَدَداً - وهُمْ أَهْلُ صِفَةِ اللَّه سُبْحَانَه إِذْ
يَقُولُ - (وقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) - فَأَهْطِعُوا (2486) بِأَسْمَاعِكُمْ إِلَيْهَا وأَلِظُّوا (2487) بِجِدِّكُمْ عَلَيْهَا - واعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَفٍ خَلَفاً -
ومِنْ كُلِّ مُخَالِفٍ مُوَافِقاً - أَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ واقْطَعُوا
بِهَا يَوْمَكُمْ - وأَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ وارْحَضُوا (2488) بِهَا ذُنُوبَكُمْ - ودَاوُوا بِهَا الأَسْقَامَ وبَادِرُوا بِهَا
الْحِمَامَ - واعْتَبِرُوا بِمَنْ أَضَاعَهَا ولَا يَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ
أَطَاعَهَا - أَلَا فَصُونُوهَا وتَصَوَّنُوا (2489) بِهَا - وكُونُوا عَنِ الدُّنْيَا نُزَّاهاً (2490) - وإِلَى الآخِرَةِ وُلَّاهاً (2491) - ولَا تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْه التَّقْوَى - ولَا تَرْفَعُوا مَنْ
رَفَعَتْه الدُّنْيَا - ولَا تَشِيمُوا (2492) بَارِقَهَا (2493) ولَا تَسْمَعُوا
نَاطِقَهَا - ولَا تُجِيبُوا نَاعِقَهَا ولَا تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا -
ولَا تُفْتَنُوا بِأَعْلَاقِهَا (2494) - فَإِنَّ
بَرْقَهَا خَالِبٌ (2495) ونُطْقَهَا
كَاذِبٌ - وأَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ (2496) وأَعْلَاقَهَا مَسْلُوبَةٌ - أَلَا وهِيَ الْمُتَصَدِّيَةُ (2497) الْعَنُونُ (2498) والْجَامِحَةُ
الْحَرُونُ (2499) - والْمَائِنَةُ
الْخَئُونُ (2500) والْجَحُودُ
الْكَنُودُ (2501) - والْعَنُودُ
الصَّدُودُ (2502) والْحَيُودُ
الْمَيُودُ (2503) - حَالُهَا
انْتِقَالٌ ووَطْأَتُهَا زِلْزَالٌ - وعِزُّهَا ذُلٌّ وجِدُّهَا هَزْلٌ
وعُلْوُهَا سُفْلٌ - دَارُ حَرَبٍ (2504) وسَلَبٍ ونَهْبٍ
وعَطَبٍ - أَهْلُهَا عَلَى سَاقٍ وسِيَاقٍ (2505) ولَحَاقٍ وفِرَاقٍ (2506) - قَدْ تَحَيَّرَتْ
مَذَاهِبُهَا (2507) وأَعْجَزَتْ
مَهَارِبُهَا (2508) - وخَابَتْ
مَطَالِبُهَا فَأَسْلَمَتْهُمُ الْمَعَاقِلُ - ولَفَظَتْهُمُ الْمَنَازِلُ
وأَعْيَتْهُمُ الْمَحَاوِلُ (2509) - فَمِنْ نَاجٍ
مَعْقُورٍ (2510) ولَحْمٍ مَجْزُورٍ
(2511) - وشِلْوٍ (2512) مَذْبُوحٍ ودَمٍ مَسْفُوحٍ (2513) - وعَاضٍّ عَلَى
يَدَيْه وصَافِقٍ بِكَفَّيْه - ومُرْتَفِقٍ بِخَدَّيْه (2514) وزَارٍ (2515) عَلَى رَأْيِه -
ورَاجِعٍ عَنْ عَزْمِه - وقَدْ أَدْبَرَتِ الْحِيلَةُ وأَقْبَلَتِ الْغِيلَةُ (2516) - ولَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (2517) هَيْهَاتَ
هَيْهَاتَ - قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ وذَهَبَ مَا ذَهَبَ - ومَضَتِ الدُّنْيَا
لِحَالِ بَالِهَا (2518) - (فَما
بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأَرْضُ وما كانُوا مُنْظَرِينَ) (2519). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
192 و من خطبة له تسمى القاصعة و هي تتضمن ذم إبليس لعنه اللّه.....
و تحذير الناس من سلوك طريقته :
|
|||||||||||||||
192 - ومن خطبة له عليهالسلام تسمى القاصعة (2520) وهي تتضمن ذم إبليس
لعنه اللَّه على استكباره وتركه السجود لآدم عليهالسلام وأنه أول من أظهر
العصبية (2521) وتبع الحمية
وتحذير الناس من سلوك طريقته. الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ
والْكِبْرِيَاءَ - واخْتَارَهُمَا لِنَفْسِه دُونَ خَلْقِه - وجَعَلَهُمَا حِمًى
(2522) وحَرَماً عَلَى
غَيْرِه - واصْطَفَاهُمَا (2523) لِجَلَالِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
رأس العصيان
|
|||||||||||||||
رأس العصيان وجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَه
فِيهِمَا مِنْ عِبَادِه - ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَه
الْمُقَرَّبِينَ - لِيَمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ
الْمُسْتَكْبِرِينَ - فَقَالَ سُبْحَانَه وهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ
الْقُلُوبِ - ومَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ (إِنِّي
خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ - فَإِذا سَوَّيْتُه ونَفَخْتُ فِيه مِنْ رُوحِي
فَقَعُوا لَه ساجِدِينَ - فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا
إِبْلِيسَ) - اعْتَرَضَتْه الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ
عَلَى آدَمَ بِخَلْقِه - وتَعَصَّبَ عَلَيْه لأَصْلِه - فَعَدُوُّ اللَّه
إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ وسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ - الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ
الْعَصَبِيَّةِ ونَازَعَ اللَّه رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ - وادَّرَعَ لِبَاسَ
التَّعَزُّزِ وخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ. أَلَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَه اللَّه
بِتَكَبُّرِه - ووَضَعَه بِتَرَفُّعِه فَجَعَلَه فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً -
وأَعَدَّ لَه فِي الآخِرَةِ سَعِيراً! |
|||||||||||||||
ابتلاء اللّه لخلقه
|
|||||||||||||||
ابتلاء اللَّه لخلقه ولَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ
مِنْ نُورٍ - يَخْطَفُ الأَبْصَارَ ضِيَاؤُه ويَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُه (2524) - وطِيبٍ يَأْخُذُ الأَنْفَاسَ عَرْفُه (2525) لَفَعَلَ - ولَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَه الأَعْنَاقُ خَاضِعَةً -
ولَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيه عَلَى الْمَلَائِكَةِ. ولَكِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَبْتَلِي
خَلْقَه بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَه - تَمْيِيزاً بِالِاخْتِبَارِ لَهُمْ
ونَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ - وإِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ. ----------------------------- (2524) الرُوَاء: - بضم ففتح - حسن المنظر (2525)
العَرْف: - بالفتح - الرائحة. |
|||||||||||||||
طلب العبرة
|
|||||||||||||||
طلب العبرة فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ
اللَّه بِإِبْلِيسَ - إِذْ أَحْبَطَ (2526) عَمَلَه
الطَّوِيلَ وجَهْدَه الْجَهِيدَ - وكَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّه سِتَّةَ آلَافِ
سَنَةٍ - لَا يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الآخِرَةِ - عَنْ
كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ - فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّه
بِمِثْلِ مَعْصِيَتِه - كَلَّا مَا كَانَ اللَّه سُبْحَانَه لِيُدْخِلَ
الْجَنَّةَ بَشَراً - بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِه مِنْهَا مَلَكاً - إِنَّ حُكْمَه
فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وأَهْلِ الأَرْضِ لَوَاحِدٌ - ومَا بَيْنَ اللَّه وبَيْنَ
أَحَدٍ مِنْ خَلْقِه هَوَادَةٌ (2527) - فِي إِبَاحَةِ
حِمًى حَرَّمَه عَلَى الْعَالَمِينَ. ----------------------------- (2526) أحبَطَ عَمَلَه: أضاع عمله. (2527) الهَوَادة: - بالفتح - اللين والرخصة. |
|||||||||||||||
التحذير من الشيطان
|
|||||||||||||||
التحذير من الشيطان فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّه عَدُوَّ
اللَّه أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِه (2528) - وأَنْ
يَسْتَفِزَّكُمْ (2529) بِنِدَائِه وأَنْ
يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِه ورَجِلِه (2530) - فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ (2531) لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ - وأَغْرَقَ (2532) إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ (2533) الشَّدِيدِ -
ورَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ - فَقَالَ (رَبِّ
بِما أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ - ولأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ) - قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ ورَجْماً
بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ - صَدَّقَه بِه أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وإِخْوَانُ
الْعَصَبِيَّةِ - وفُرْسَانُ الْكِبْرِ والْجَاهِلِيَّةِ - حَتَّى إِذَا
انْقَادَتْ لَه الْجَامِحَةُ (2534) مِنْكُمْ -
واسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَّةُ (2535) مِنْه فِيكُمْ -
فَنَجَمَتِ (2536) الْحَالُ مِنَ
السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الأَمْرِ الْجَلِيِّ - اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُه
عَلَيْكُمْ - ودَلَفَ (2537) بِجُنُودِه
نَحْوَكُمْ - فَأَقْحَمُوكُمْ (2538) وَلَجَاتِ (2539) الذُّلِّ - وأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ - وأَوْطَئُوكُمْ (2540) إِثْخَانَ (2541) الْجِرَاحَةِ
طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ - وحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ودَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ -
وقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وسَوْقاً بِخَزَائِمِ (2542) الْقَهْرِ - إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ - فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ
فِي دِينِكُمْ حَرْجاً - وأَوْرَى (2543) فِي دُنْيَاكُمْ
قَدْحاً - مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ (2544) وعَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ (2545) - فَاجْعَلُوا عَلَيْه حَدَّكُمْ (2546) ولَه جِدَّكُمْ (2547) - فَلَعَمْرُ
اللَّه لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ - ووَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ ودَفَعَ فِي
نَسَبِكُمْ - وأَجْلَبَ بِخَيْلِه عَلَيْكُمْ وقَصَدَ بِرَجِلِه سَبِيلَكُمْ -
يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ ويَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ (2548) - لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ ولَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ - فِي
حَوْمَةِ ذُلٍّ (2549) وحَلْقَةِ ضِيقٍ -
وعَرْصَةِ مَوْتٍ وجَوْلَةِ بَلَاءٍ - فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ
- مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ - فَإِنَّمَا تِلْكَ
الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ - مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ
ونَخَوَاتِه (2550) ونَزَغَاتِه (2551) ونَفَثَاتِه (2552) - واعْتَمِدُوا
وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ - وإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ
أَقْدَامِكُمْ - وخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ - واتَّخِذُوا
التَّوَاضُعَ - مَسْلَحَةً (2553) بَيْنَكُمْ
وبَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وجُنُودِه - فَإِنَّ لَه مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
جُنُوداً وأَعْوَاناً - ورَجِلًا وفُرْسَاناً - ولَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ
عَلَى ابْنِ أُمِّه - مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَه اللَّه فِيه - سِوَى مَا
أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِه مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ - وقَدَحَتِ
الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِه مِنْ نَارِ الْغَضَبِ - ونَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي
أَنْفِه مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ - الَّذِي أَعْقَبَه اللَّه بِه النَّدَامَةَ -
وأَلْزَمَه آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
التحذير من الكبر
|
|||||||||||||||
التحذير من الكبر أَلَا وقَدْ أَمْعَنْتُمْ (2554) فِي الْبَغْيِ وأَفْسَدْتُمْ فِي الأَرْضِ - مُصَارَحَةً (2555) لِلَّه بِالْمُنَاصَبَةِ - ومُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
بِالْمُحَارَبَةِ - فَاللَّه اللَّه فِي كِبْرِ الْحَمِيَّةِ وفَخْرِ
الْجَاهِلِيَّةِ - فَإِنَّه مَلَاقِحُ (2556) الشَّنَئَانِ (2557) ومَنَافِخُ
الشَّيْطَانِ - الَّتِي خَدَعَ بِهَا الأُمَمَ الْمَاضِيَةَ والْقُرُونَ
الْخَالِيَةَ - حَتَّى أَعْنَقُوا (2558) فِي حَنَادِسِ (2559) جَهَالَتِه ومَهَاوِي (2560) ضَلَالَتِه -
ذُلُلًا (2561) عَنْ سِيَاقِه
سُلُساً (2562) فِي قِيَادِه -
أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيه وتَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْه -
وكِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
التحذير من طاعة الكبراء
|
|||||||||||||||
التحذير من طاعة الكبراء أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ
سَادَاتِكُمْ وكُبَرَائِكُمْ - الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ
وتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ - وأَلْقَوُا الْهَجِينَةَ (2563) عَلَى رَبِّهِمْ وجَاحَدُوا اللَّه عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ -
مُكَابَرَةً لِقَضَائِه ومُغَالَبَةً لِآلَائِه (2564) - فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ - ودَعَائِمُ
أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وسُيُوفُ اعْتِزَاءِ (2565) الْجَاهِلِيَّةِ - فَاتَّقُوا اللَّه ولَا تَكُونُوا لِنِعَمِه
عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً - ولَا لِفَضْلِه عِنْدَكُمْ حُسَّاداً - ولَا تُطِيعُوا
الأَدْعِيَاءَ (2566) الَّذِينَ
شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ (2567) - وخَلَطْتُمْ
بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وأَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ - وهُمْ
أَسَاسُ (2568) الْفُسُوقِ
وأَحْلَاسُ الْعُقُوقِ (2569) - اتَّخَذَهُمْ
إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلَالٍ - وجُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ -
وتَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ - اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ
ودُخُولًا فِي عُيُونِكُمْ - ونَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ - فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى
نَبْلِه (2570) ومَوْطِئَ قَدَمِه
ومَأْخَذَ يَدِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
العبرة بالماضين
|
|||||||||||||||
العبرة بالماضين فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الأُمَمَ
الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ - مِنْ بَأْسِ اللَّه وصَوْلَاتِه ووَقَائِعِه
ومَثُلَاتِه (2571) - واتَّعِظُوا
بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ (2572) ومَصَارِعِ
جُنُوبِهِمْ (2573) - واسْتَعِيذُوا
بِاللَّه مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ (2574) - كَمَا
تَسْتَعِيذُونَه مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ فَلَوْ رَخَّصَ اللَّه فِي الْكِبْرِ
لأَحَدٍ مِنْ عِبَادِه - لَرَخَّصَ فِيه لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِه -
وأَوْلِيَائِه ولَكِنَّه سُبْحَانَه كَرَّه إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ - ورَضِيَ
لَهُمُ التَّوَاضُعَ - فَأَلْصَقُوا بِالأَرْضِ خُدُودَهُمْ - وعَفَّرُوا فِي
التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ - وخَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ - وكَانُوا
قَوْماً مُسْتَضْعَفِينَ - قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّه بِالْمَخْمَصَةِ (2575) وابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ (2576) - وامْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ ومَخَضَهُمْ (2577) بِالْمَكَارِه - فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى والسُّخْطَ بِالْمَالِ
والْوَلَدِ - جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ - والِاخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ
الْغِنَى والِاقْتِدَارِ - فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَه وتَعَالَى - (أَيَحْسَبُونَ
أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِه مِنْ مالٍ وبَنِينَ - نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ
بَلْ لا يَشْعُرُونَ) فَإِنَّ اللَّه
سُبْحَانَه يَخْتَبِرُ عِبَادَه الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ -
بِأَوْلِيَائِه الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ – -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تواضع الأنبياء
|
|||||||||||||||
تواضع الأنبياء ولَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ
ومَعَه أَخُوه هَارُونُ عليهالسلام - عَلَى فِرْعَوْنَ
وعَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ - وبِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَه
إِنْ أَسْلَمَ - بَقَاءَ مُلْكِه ودَوَامَ عِزِّه - فَقَالَ أَلَا تَعْجَبُونَ
مِنْ هَذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ - وبَقَاءَ الْمُلْكِ - وهُمَا
بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ والذُّلِّ - فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا
أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ - إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وجَمْعِه - واحْتِقَاراً
لِلصُّوفِ ولُبْسِه - ولَوْ أَرَادَ اللَّه سُبْحَانَه لأَنْبِيَائِه - حَيْثُ
بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ (2578) - ومَعَادِنَ الْعِقْيَانِ (2579) ومَغَارِسَ
الْجِنَانِ - وأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ووُحُوشَ الأَرَضِينَ
- لَفَعَلَ - ولَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ (2580) وبَطَلَ الْجَزَاءُ واضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ ولَمَا وَجَبَ
لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ - ولَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ
ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ - ولَا لَزِمَتِ الأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا - ولَكِنَّ
اللَّه سُبْحَانَه جَعَلَ رُسُلَه أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ - وضَعَفَةً
فِيمَا تَرَى الأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ - مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلأُ الْقُلُوبَ
والْعُيُونَ غِنًى - وخَصَاصَةٍ (2581) تَمْلأُ
الأَبْصَارَ والأَسْمَاعَ أَذًى ولَوْ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا
تُرَامُ وعِزَّةٍ لَا تُضَامُ - ومُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَه أَعْنَاقُ الرِّجَالِ
وتُشَدُّ إِلَيْه عُقَدُ الرِّحَالِ - لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ
فِي الِاعْتِبَارِ - وأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ - ولَآمَنُوا عَنْ
رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ - فَكَانَتِ
النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً والْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً - ولَكِنَّ اللَّه
سُبْحَانَه أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِه - والتَّصْدِيقُ
بِكُتُبِه والْخُشُوعُ لِوَجْهِه - والِاسْتِكَانَةُ لأَمْرِه والِاسْتِسْلَامُ
لِطَاعَتِه - أُمُوراً لَه خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ
وكُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى والِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ - كَانَتِ الْمَثُوبَةُ
والْجَزَاءُ أَجْزَلَ – ----------------------------- (2579) العِقْيَان: نوع من الذهب ينمو في معدنه. (2580) سَقْط البَلاء: أي الامتحان الذي به يتميز الخبيث
من الطيب. (2581) خَصَاصة: فقر وحاجة. |
|||||||||||||||
الكعبة المقدسة
|
|||||||||||||||
الكعبة المقدسة أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّه سُبْحَانَه
اخْتَبَرَ - الأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صلىاللهعليهوآله إِلَى
الآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ - بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ ولَا
تُبْصِرُ ولَا تَسْمَعُ - فَجَعَلَهَا بَيْتَه الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَه
لِلنَّاسِ قِيَاماً – ثُمَّ وَضَعَه بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الأَرْضِ حَجَراً -
وأَقَلِّ نَتَائِقِ (2582) الدُّنْيَا
مَدَراً (2583) - وأَضْيَقِ
بُطُونِ الأَوْدِيَةِ قُطْراً - بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ ورِمَالٍ دَمِثَةٍ (2584) - وعُيُونٍ وَشِلَةٍ (2585) وقُرًى
مُنْقَطِعَةٍ - لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ ولَا حَافِرٌ ولَا ظِلْفٌ (2586) - ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عليهالسلام ووَلَدَه أَنْ
يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ (2587) نَحْوَه - فَصَارَ
مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ (2588) أَسْفَارِهِمْ
وغَايَةً لِمُلْقَى (2589) رِحَالِهِمْ -
تَهْوِي (2590) إِلَيْه ثِمَارُ
الأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ (2591) قِفَارٍ سَحِيقَةٍ
(2592) - ومَهَاوِي (2593) فِجَاجٍ (2594) عَمِيقَةٍ
وجَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ - حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ (2595) ذُلُلًا - يُهَلِّلُونَ لِلَّه حَوْلَه ويَرْمُلُونَ (2596) عَلَى أَقْدَامِهِمْ - شُعْثاً (2597) غُبْراً (2598) لَه قَدْ نَبَذُوا
السَّرَابِيلَ (2599) وَرَاءَ
ظُهُورِهِمْ - وشَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ (2600) مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ - ابْتِلَاءً عَظِيماً وامْتِحَاناً شَدِيداً -
واخْتِبَاراً مُبِيناً وتَمْحِيصاً بَلِيغاً - جَعَلَه اللَّه سَبَباً
لِرَحْمَتِه ووُصْلَةً إِلَى جَنَّتِه - ولَوْ أَرَادَ سُبْحَانَه - أَنْ يَضَعَ
بَيْتَه الْحَرَامَ ومَشَاعِرَه الْعِظَامَ - بَيْنَ جَنَّاتٍ وأَنْهَارٍ
وسَهْلٍ وقَرَارٍ (2601) - جَمَّ (2602) الأَشْجَارِ دَانِيَ الثِّمَارِ - مُلْتَفَّ الْبُنَى (2603) مُتَّصِلَ الْقُرَى - بَيْنَ بُرَّةٍ (2604) سَمْرَاءَ ورَوْضَةٍ خَضْرَاءَ - وأَرْيَافٍ (2605) مُحْدِقَةٍ وعِرَاصٍ (2606) مُغْدِقَةٍ (2607) - ورِيَاضٍ نَاضِرَةٍ وطُرُقٍ عَامِرَةٍ - لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ
الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ - ولَوْ كَانَ الإِسَاسُ (2608) الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا - والأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا - بَيْنَ
زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ ويَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ونُورٍ وضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ
مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ - ولَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ
الْقُلُوبِ - ولَنَفَى مُعْتَلَجَ (2609) الرَّيْبِ مِنَ
النَّاسِ - ولَكِنَّ اللَّه يَخْتَبِرُ عِبَادَه بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ -
ويَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَاهِدِ - ويَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ
الْمَكَارِه - إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ - وإِسْكَاناً
لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ - ولِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً (2610) إِلَى فَضْلِه - وأَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
عود إلى التحذير
|
|||||||||||||||
عود إلى التحذير فَاللَّه اللَّه فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ -
وآجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وسُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ - فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ
إِبْلِيسَ الْعُظْمَى ومَكِيدَتُه الْكُبْرَى - الَّتِي تُسَاوِرُ (2611) قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ - فَمَا
تُكْدِي (2612) أَبَداً ولَا
تُشْوِي (2613) أَحَداً - لَا
عَالِماً لِعِلْمِه ولَا مُقِلاًّ فِي طِمْرِه (2614) - وعَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّه عِبَادَه الْمُؤْمِنِينَ -
بِالصَّلَوَاتِ والزَّكَوَاتِ - ومُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأَيَّامِ
الْمَفْرُوضَاتِ - تَسْكِيناً لأَطْرَافِهِمْ (2615) وتَخْشِيعاً لأَبْصَارِهِمْ - وتَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وتَخْفِيضاً
لِقُلُوبِهِمْ - وإِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ - ولِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ
تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوه (2616) بِالتُّرَابِ
تَوَاضُعاً - والْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالأَرْضِ تَصَاغُراً -
ولُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ (2617) مِنَ الصِّيَامِ
تَذَلُّلًا - مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الأَرْضِ - وغَيْرِ
ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ والْفَقْرِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضائل الفرائض
|
|||||||||||||||
فضائل الفرائض انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِه
الأَفْعَالِ - مِنْ قَمْعِ (2618) نَوَاجِمِ (2619) الْفَخْرِ وقَدْعِ (2620) طَوَالِعِ
الْكِبْرِ ولَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ -
يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ - تَحْتَمِلُ تَمْوِيه
الْجُهَلَاءِ - أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ (2621) بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ - فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ
لأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَه سَبَبٌ ولَا عِلَّةٌ - أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ
عَلَى آدَمَ لأَصْلِه - وطَعَنَ عَلَيْه فِي خِلْقَتِه - فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ
وأَنْتَ طِينِيٌّ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
عصبية المال
|
|||||||||||||||
عصبية المال وأَمَّا الأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ (2622) الأُمَمِ - فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ (2623) - فَ (قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا
وأَوْلاداً - وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) - فَإِنْ كَانَ
لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ - فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ
الْخِصَالِ - ومَحَامِدِ الأَفْعَالِ ومَحَاسِنِ الأُمُورِ - الَّتِي
تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ - مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ
ويَعَاسِيبِ (2624) القَبَائِلِ -
بِالأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ (2625) والأَحْلَامِ (2626) الْعَظِيمَةِ - والأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ والآثَارِ الْمَحْمُودَةِ -
فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ (2627) - والْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ (2628) والطَّاعَةِ لِلْبِرِّ - والْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ والأَخْذِ
بِالْفَضْلِ - والْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ والإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ - والإِنْصَافِ
لِلْخَلْقِ والْكَظْمِ لِلْغَيْظِ. واجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ
واحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ - مِنَ الْمَثُلَاتِ (2629) بِسُوءِ الأَفْعَالِ وذَمِيمِ الأَعْمَالِ - فَتَذَكَّرُوا فِي
الْخَيْرِ والشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ - واحْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ. فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ (2630) حَالَيْهِمْ - فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِه
شَأْنَهُمْ - وزَاحَتِ الأَعْدَاءُ لَه عَنْهُمْ - ومُدَّتِ (2631) الْعَافِيَةُ بِه عَلَيْهِمْ - وانْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَه مَعَهُمْ
ووَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْه حَبْلَهُمْ - مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ
واللُّزُومِ لِلأُلْفَةِ - والتَّحَاضِّ عَلَيْهَا والتَّوَاصِي بِهَا -
واجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ (2632) وأَوْهَنَ (2633) مُنَّتَهُمْ (2634) - مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وتَشَاحُنِ الصُّدُورِ - وتَدَابُرِ
النُّفُوسِ وتَخَاذُلِ الأَيْدِي وتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ - كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ (2635) والْبَلَاءِ - أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً - وأَجْهَدَ
الْعِبَادِ بَلَاءً وأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا - اتَّخَذَتْهُمُ
الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ - و - جَرَّعُوهُمُ
الْمُرَارَ (2636) فَلَمْ تَبْرَحِ
الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وقَهْرِ الْغَلَبَةِ - لَا يَجِدُونَ
حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ ولَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ - حَتَّى إِذَا رَأَى
اللَّه سُبْحَانَه - جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الأَذَى فِي مَحَبَّتِه -
والِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوه مِنْ خَوْفِه - جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ
الْبَلَاءِ فَرَجاً - فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ والأَمْنَ
مَكَانَ الْخَوْفِ - فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وأَئِمَّةً أَعْلَاماً -
وقَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّه لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الآمَالُ
إِلَيْه بِهِمْ. فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ
كَانَتِ الأَمْلَاءُ (2637) مُجْتَمِعَةً -
والأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً والْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً - والأَيْدِي مُتَرَادِفَةً
والسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً - والْبَصَائِرُ نَافِذَةً والْعَزَائِمُ وَاحِدَةً -
أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً (2638) فِي أَقْطَارِ
الأَرَضِينَ - ومُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ - فَانْظُرُوا إِلَى مَا
صَارُوا إِلَيْه فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ - حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ
وتَشَتَّتَتِ الأُلْفَةُ - واخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ والأَفْئِدَةُ -
وتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ - وقَدْ خَلَعَ اللَّه
عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِه - وسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِه (2639) - وبَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ - عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الاعتبار بالأمم
|
|||||||||||||||
الاعتبار بالأمم فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ
إِسْمَاعِيلَ - وبَنِي إِسْحَاقَ وبَنِي إِسْرَائِيلَ عليهالسلام - فَمَا
أَشَدَّ اعْتِدَالَ (2640) الأَحْوَالِ
وأَقْرَبَ اشْتِبَاه (2641) الأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ
تَشَتُّتِهِمْ وتَفَرُّقِهِمْ - لَيَالِيَ كَانَتِ الأَكَاسِرَةُ
والْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ - يَحْتَازُونَهُمْ (2642) عَنْ رِيفِ الآفَاقِ وبَحْرِ الْعِرَاقِ - وخُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى
مَنَابِتِ الشِّيحِ - ومَهَافِي (2643) الرِّيحِ ونَكَدِ (2644) الْمَعَاشِ - فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ (2645) ووَبَرٍ (2646) - أَذَلَّ
الأُمَمِ دَاراً وأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً - لَا يَأْوُونَ (2647) إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا - ولَا إِلَى ظِلِّ
أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا - فَالأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ والأَيْدِي
مُخْتَلِفَةٌ - والْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ - فِي بَلَاءِ أَزْلٍ (2648) وأَطْبَاقِ جَهْلٍ - مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ (2649) وأَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ - وأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وغَارَاتٍ
مَشْنُونَةٍ (2650). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
النعمة برسول اللّه
|
|||||||||||||||
النعمة برسول اللَّه فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ
اللَّه عَلَيْهِمْ - حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا - فَعَقَدَ بِمِلَّتِه
طَاعَتَهُمْ وجَمَعَ عَلَى دَعْوَتِه أُلْفَتَهُمْ - كَيْفَ نَشَرَتِ
النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا - وأَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ
نَعِيمِهَا - والْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ (2651) فِي عَوَائِدِ (2652) بَرَكَتِهَا -
فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ - وفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ (2653) - قَدْ تَرَبَّعَتِ (2654) الأُمُورُ بِهِمْ
فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ - وآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ
- وتَعَطَّفَتِ الأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ - فَهُمْ
حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ - ومُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الأَرَضِينَ -
يَمْلِكُونَ الأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ - ويُمْضُونَ
الأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ - لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ (2655) ولَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ (2656)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
لوم العصاة
|
|||||||||||||||
لوم العصاة أَلَا وإِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ
أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ - وثَلَمْتُمْ (2657) حِصْنَ اللَّه الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ -
فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه قَدِ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هَذِه الأُمَّةِ -
فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِه الأُلْفَةِ - الَّتِي يَنْتَقِلُونَ
فِي ظِلِّهَا ويَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا - بِنِعْمَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ
الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً - لأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وأَجَلُّ
مِنْ كُلِّ خَطَرٍ. واعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ
الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً - وبَعْدَ الْمُوَالَاةِ (2658) أَحْزَاباً - مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِه -
ولَا تَعْرِفُونَ مِنَ الإِيمَانِ إِلَّا رَسْمَه. تَقُولُونَ النَّارَ ولَا الْعَارَ -
كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الإِسْلَامَ عَلَى وَجْهِه -
انْتِهَاكاً لِحَرِيمِه ونَقْضاً لِمِيثَاقِه الَّذِي وَضَعَه اللَّه لَكُمْ -
حَرَماً فِي أَرْضِه وأَمْناً بَيْنَ خَلْقِه - وإِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ
إِلَى غَيْرِه حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ - ثُمَّ لَا جَبْرَائِيلُ ولَا
مِيكَائِيلُ - ولَا مُهَاجِرُونَ ولَا أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ - إِلَّا
الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَكُمْ. وإِنَّ عِنْدَكُمُ الأَمْثَالَ مِنْ
بَأْسِ اللَّه وقَوَارِعِه - وأَيَّامِه ووَقَائِعِه - فَلَا تَسْتَبْطِئُوا
وَعِيدَه جَهْلًا بِأَخْذِه - وتَهَاوُناً بِبَطْشِه ويَأْساً مِنْ بَأْسِه -
فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ
أَيْدِيكُمْ - إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ - فَلَعَنَ اللَّه السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي
والْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي! أَلَا وقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ
الإِسْلَامِ - وعَطَّلْتُمْ حُدُودَه وأَمَتُّمْ أَحْكَامَه - أَلَا وقَدْ
أَمَرَنِيَ اللَّه - بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ والنَّكْثِ (2659) والْفَسَادِ فِي الأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ -
وأَمَّا الْقَاسِطُونَ (2660) فَقَدْ جَاهَدْتُ
- وأَمَّا الْمَارِقَةُ (2661) فَقَدْ دَوَّخْتُ (2662) - وأَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ (2663) فَقَدْ كُفِيتُه - بِصَعْقَةٍ (2664) سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ (2665) قَلْبِه ورَجَّةُ
صَدْرِه (2666) - وبَقِيَتْ
بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ - ولَئِنْ أَذِنَ اللَّه فِي الْكَرَّةِ
عَلَيْهِمْ - لأُدِيلَنَّ مِنْهُمْ (2667) إِلَّا مَا
يَتَشَذَّرُ (2668) فِي أَطْرَافِ
الْبِلَادِ تَشَذُّراً! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضل الوحي
|
|||||||||||||||
فضل الوحي أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ
(2669) الْعَرَبِ -
وكَسَرْتُ نَوَاجِمَ (2670) قُرُونِ رَبِيعَةَ
ومُضَرَ - وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ - وَضَعَنِي فِي
حِجْرِه وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِه - ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِه
ويُمِسُّنِي جَسَدَه - ويُشِمُّنِي عَرْفَه (2671) - وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيه - ومَا وَجَدَ لِي
كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً (2672) فِي فِعْلٍ - ولَقَدْ
قَرَنَ اللَّه بِه صلىاللهعليهوآله - مِنْ لَدُنْ
أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه - يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ
الْمَكَارِمِ - ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه - ولَقَدْ
كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ (2673) أَثَرَ أُمِّه - يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه
عَلَماً (2674) - ويَأْمُرُنِي
بِالِاقْتِدَاءِ بِه - ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ (2675) - فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي - ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ
يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ - غَيْرَ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا - أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ
رِيحَ النُّبُوَّةِ. ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ
حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْه صلىاللهعليهوآله -
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الرَّنَّةُ - فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ
قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِه - إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى
- إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ - وإِنَّكَ لَعَلَى
خَيْرٍ ولَقَدْ كُنْتُ مَعَه صلىاللهعليهوآله لَمَّا أَتَاه
الْمَلأُ مِنْ قُرَيْشٍ - فَقَالُوا لَه يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ
عَظِيماً - لَمْ يَدَّعِه آبَاؤُكَ ولَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ - ونَحْنُ
نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْه وأَرَيْتَنَاه - عَلِمْنَا
أَنَّكَ نَبِيٌّ ورَسُولٌ - وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ
كَذَّابٌ - فَقَالَ صلىاللهعليهوآله ومَا
تَسْأَلُونَ قَالُوا - تَدْعُو لَنَا هَذِه الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ
بِعُرُوقِهَا - وتَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ صلىاللهعليهوآله - (إِنَّ
الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) - فَإِنْ فَعَلَ
اللَّه لَكُمْ ذَلِكَ أَتُؤْمِنُونَ وتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ - قَالُوا نَعَمْ
قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ - وإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا
تَفِيئُونَ (2676) إِلَى خَيْرٍ -
وإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ (2677) ومَنْ يُحَزِّبُ الأَحْزَابَ - ثُمَّ قَالَ صلىاللهعليهوآله يَا
أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ - إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ
- وتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّه فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ - حَتَّى
تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّه - فَوَالَّذِي بَعَثَه بِالْحَقِّ
لَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا - وجَاءَتْ ولَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ - وقَصْفٌ (2678) كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ - حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ
رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله مُرَفْرِفَةً - وأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا
الأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
وبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وكُنْتُ عَنْ يَمِينِه صلىاللهعليهوآله
- فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً واسْتِكْبَاراً -
فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا ويَبْقَى نِصْفُهَا - فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ
فَأَقْبَلَ إِلَيْه نِصْفُهَا - كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وأَشَدِّه دَوِيّاً -
فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
فَقَالُوا كُفْراً وعُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ - فَلْيَرْجِعْ إِلَى
نِصْفِه كَمَا كَانَ - فَأَمَرَه صلىاللهعليهوآله
فَرَجَعَ - فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ
بِكَ يَا رَسُولَ اللَّه - وأَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ
مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى - تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وإِجْلَالًا
لِكَلِمَتِكَ - فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ «ساحِرٌ
كَذَّابٌ» - عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيه - وهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ
إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي - وإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي
اللَّه لَوْمَةُ لَائِمٍ - سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وكَلَامُهُمْ
كَلَامُ الأَبْرَارِ - عُمَّارُ (2679) اللَّيْلِ
ومَنَارُ النَّهَارِ - مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ
اللَّه وسُنَنَ رَسُولِه - لَا يَسْتَكْبِرُونَ ولَا يَعْلُونَ ولَا يَغُلُّونَ (2680) ولَا يُفْسِدُونَ - قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وأَجْسَادُهُمْ فِي
الْعَمَلِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
193 و من خطبة له يصف فيها المتقين :
|
|||||||||||||||
193 - ومن خطبة له عليهالسلام يصف فيها المتقين رُوِيَ أَنَّ
صَاحِباً لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام يُقَالُ لَه
هَمَّامٌ - كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ -
صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ - فَتَثَاقَلَ عليهالسلام عَنْ جَوَابِه -
ثُمَّ قَالَ يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّه وأَحْسِنْ - فَ «إِنَّ
الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» - فَلَمْ
يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْه - فَحَمِدَ اللَّه
وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله - ثُمَّ قَالَ عليهالسلام: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه
وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ - غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ
آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ - لأَنَّه لَا تَضُرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه -
ولَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ -
ووَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ - فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ
أَهْلُ الْفَضَائِلِ - مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ومَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ (2681) ومَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ - غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ (2682) عَمَّا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ - ووَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى
الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ - نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ
- كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ (2683) - ولَوْ لَا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِمْ - لَمْ
تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ - شَوْقاً إِلَى
الثَّوَابِ وخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ - عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ
فَصَغُرَ مَا دُونَه فِي أَعْيُنِهِمْ - فَهُمْ والْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا
فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ - وهُمْ والنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا
مُعَذَّبُونَ - قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ -
وأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ وأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ -
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً - تِجَارَةٌ
مُرْبِحَةٌ (2684) يَسَّرَهَا لَهُمْ
رَبُّهُمْ - أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا - وأَسَرَتْهُمْ
فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا - أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ -
تَالِينَ لأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا (2685) - يُحَزِّنُونَ بِه أَنْفُسَهُمْ ويَسْتَثِيرُونَ (2686) بِه دَوَاءَ دَائِهِمْ - فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ
رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً - وتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً
وظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ - وإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا
تَخْوِيفٌ - أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ - وظَنُّوا أَنَّ
زَفِيرَ (2687) جَهَنَّمَ وشَهِيقَهَا
فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ - فَهُمْ حَانُونَ (2689) عَلَى أَوْسَاطِهِمْ - مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ (2690) وأَكُفِّهِمْ ورُكَبِهِمْ وأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ - يَطْلُبُونَ
إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ (2691) - وأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ -
قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ (2692) - يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى - ومَا
بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ويَقُولُ لَقَدْ خُولِطُوا(2693)! ولَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ - لَا
يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ - ولَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ -
فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ومِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ (2694) - إِذَا زُكِّيَ (2695) أَحَدٌ مِنْهُمْ
خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَه فَيَقُولُ - أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي
ورَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي - اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا
يَقُولُونَ - واجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ واغْفِرْ لِي مَا لَا
يَعْلَمُونَ. فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ
تَرَى لَه قُوَّةً فِي دِينٍ - وحَزْماً فِي لِينٍ وإِيمَاناً فِي يَقِينٍ
وحِرْصاً فِي عِلْمٍ - وعِلْماً فِي حِلْمٍ وقَصْداً فِي غِنًى (2696) وخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ - وتَجَمُّلًا (2697) فِي فَاقَةٍ وصَبْراً فِي شِدَّةٍ وطَلَباً فِي حَلَالٍ - ونَشَاطاً
فِي هُدًى وتَحَرُّجاً (2698) عَنْ طَمَعٍ -
يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وهُوَ عَلَى وَجَلٍ - يُمْسِي وهَمُّه
الشُّكْرُ ويُصْبِحُ وهَمُّه الذِّكْرُ - يَبِيتُ حَذِراً ويُصْبِحُ فَرِحاً -
حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ - وفَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ
الْفَضْلِ والرَّحْمَةِ - إِنِ اسْتَصْعَبَتْ (2699) عَلَيْه نَفْسُه فِيمَا تَكْرَه - لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا
تُحِبُّ - قُرَّةُ عَيْنِه فِيمَا لَا يَزُولُ وزَهَادَتُه فِيمَا لَا يَبْقَى -
يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ والْقَوْلَ بِالْعَمَلِ - تَرَاه قَرِيباً
أَمَلُه قَلِيلًا زَلَلُه خَاشِعاً قَلْبُه - قَانِعَةً نَفْسُه مَنْزُوراً (2700) أَكْلُه سَهْلًا أَمْرُه - حَرِيزاً دِينُه (2701) مَيِّتَةً شَهْوَتُه مَكْظُوماً غَيْظُه - الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ
والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ - إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي
الذَّاكِرِينَ - وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ
الْغَافِلِينَ - يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَه ويُعْطِي مَنْ حَرَمَه - ويَصِلُ مَنْ
قَطَعَه بَعِيداً فُحْشُه (2702) - لَيِّناً
قَوْلُه غَائِباً مُنْكَرُه حَاضِراً مَعْرُوفُه مُقْبِلًا خَيْرُه مُدْبِراً
شَرُّه - فِي الزَّلَازِلِ (2703) وَقُورٌ (2704) وفِي الْمَكَارِه صَبُورٌ - وفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ لَا يَحِيفُ عَلَى
مَنْ يُبْغِضُ - ولَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ - يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ
أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْه - لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ولَا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ
- ولَا يُنَابِزُ بِالأَلْقَابِ (2705) ولَا يُضَارُّ
بِالْجَارِ - ولَا يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ ولَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ - ولَا
يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ - إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّه صَمْتُه وإِنْ ضَحِكَ لَمْ
يَعْلُ صَوْتُه - وإِنْ بُغِيَ عَلَيْه صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّه هُوَ
الَّذِي يَنْتَقِمُ لَه - نَفْسُه مِنْه فِي عَنَاءٍ والنَّاسُ مِنْه فِي
رَاحَةٍ - أَتْعَبَ نَفْسَه لِآخِرَتِه وأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِه -
بُعْدُه عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْه زُهْدٌ ونَزَاهَةٌ - ودُنُوُّه مِمَّنْ دَنَا
مِنْه لِينٌ ورَحْمَةٌ - لَيْسَ تَبَاعُدُه بِكِبْرٍ وعَظَمَةٍ ولَا دُنُوُّه
بِمَكْرٍ وخَدِيعَةٍ. قَالَ فَصَعِقَ
هَمَّامٌ صَعْقَةً (2706) كَانَتْ نَفْسُه
فِيهَا. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام
أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْه - ثُمَّ قَالَ أَهَكَذَا
تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا فَقَالَ لَه قَائِلٌ فَمَا بَالُكَ يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عليهالسلام وَيْحَكَ إِنَّ
لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوه - وسَبَباً لَا يَتَجَاوَزُه فَمَهْلًا لَا
تَعُدْ لِمِثْلِهَا - فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
194 و من خطبة له يصف فيها المنافقين :
|
|||||||||||||||
194 - ومن خطبة له عليهالسلام يصف فيها المنافقين نَحْمَدُه عَلَى مَا وَفَّقَ لَه مِنَ
الطَّاعَةِ - وذَادَ (2707) عَنْه مِنَ
الْمَعْصِيَةِ ونَسْأَلُه لِمِنَّتِه تَمَاماً - وبِحَبْلِه اعْتِصَاماً -
ونَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه - خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّه
كُلَّ غَمْرَةٍ (2708) وتَجَرَّعَ فِيه
كُلَّ غُصَّةٍ (2709) - وقَدْ تَلَوَّنَ
لَه الأَدْنَوْنَ (2710) وتَأَلَّبَ
عَلَيْه الأَقْصَوْنَ (2711) - وخَلَعَتْ
إِلَيْه الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا (2712) - وضَرَبَتْ إِلَى
مُحَارَبَتِه بُطُونَ رَوَاحِلِهَا - حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِه عَدَاوَتَهَا
مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ وأَسْحَقِ (2713) الْمَزَارِ. أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه وأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ - فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ
الْمُضِلُّونَ والزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ (2714) - يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً ويَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً (2715) - ويَعْمِدُونَكُمْ (2716) بِكُلِّ عِمَادٍ (2717) ويَرْصُدُونَكُمْ (2718) بِكُلِّ مِرْصَادٍ
(2719) - قُلُوبُهُمْ
دَوِيَّةٌ (2720) وصِفَاحُهُمْ (2721) نَقِيَّةٌ - يَمْشُونَ الْخَفَاءَ (2722) ويَدِبُّونَ (2723) الضَّرَاءَ -
وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ وقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ وفِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ (2724) - حَسَدَةُ (2725) الرَّخَاءِ
ومُؤَكِّدُو الْبَلَاءِ ومُقْنِطُو الرَّجَاءِ - لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ صَرِيعٌ
(2726) - وإِلَى كُلِّ
قَلْبٍ شَفِيعٌ ولِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ - يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ (2728) ويَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ - إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا (2729) وإِنْ عَذَلُوا (2730) كَشَفُوا وإِنْ
حَكَمُوا أَسْرَفُوا - قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلًا ولِكُلِّ قَائِمٍ
مَائِلًا - ولِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلًا ولِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً - ولِكُلِّ
لَيْلٍ مِصْبَاحاً - يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقِيمُوا
بِه أَسْوَاقَهُمْ - ويُنْفِقُوا (2731) بِه أَعْلَاقَهُمْ
(2732) يَقُولُونَ
فَيُشَبِّهُونَ (2733) - ويَصِفُونَ
فَيُمَوِّهُونَ قَدْ هَوَّنُوا الطَّرِيقَ - وأَضْلَعُوا الْمَضِيقَ (2734) فَهُمْ لُمَةُ (2735) الشَّيْطَانِ
وحُمَةُ (2736) النِّيرَانِ - (أُولئِكَ
حِزْبُ الشَّيْطانِ - أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
195- و من خطبة له يحمد اللّه و يثني على نبيه و
يعظ :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
195- ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه ويثني على نبيه
ويعظ حمد اللَّه الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ
آثَارِ سُلْطَانِه وجَلَالِ كِبْرِيَائِه - مَا حَيَّرَ مُقَلَ (2737) الْعُقُولِ مِنْ عَجَائِبِ قُدْرَتِه - ورَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ (2738) النُّفُوسِ عَنْ عِرْفَانِ كُنْه صِفَتِه - |
|||||||||||||||
الشهادتان
|
|||||||||||||||
الشهادتان وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه -
شَهَادَةَ إِيمَانٍ وإِيقَانٍ وإِخْلَاصٍ وإِذْعَانٍ - وأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه - أَرْسَلَه وأَعْلَامُ الْهُدَى دَارِسَةٌ -
ومَنَاهِجُ الدِّينِ طَامِسَةٌ (2739) فَصَدَعَ (2740) بِالْحَقِّ - ونَصَحَ لِلْخَلْقِ وهَدَى إِلَى الرُّشْدِ وأَمَرَ
بِالْقَصْدِ (2741) - صلىاللهعليهوآلهوسلم
– -----------------------------
|
|||||||||||||||
العظة
|
|||||||||||||||
العظة واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه - أَنَّه لَمْ
يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يُرْسِلْكُمْ هَمَلًا - عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِه
عَلَيْكُمْ وأَحْصَى إِحْسَانَه إِلَيْكُمْ - فَاسْتَفْتِحُوه (2742) واسْتَنْجِحُوه (2743) واطْلُبُوا
إِلَيْه واسْتَمْنِحُوه (2744) - فَمَا
قَطَعَكُمْ عَنْه حِجَابٌ ولَا أُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَه بَابٌ - وإِنَّه
لَبِكُلِّ مَكَانٍ وفِي كُلِّ حِينٍ وأَوَانٍ - ومَعَ كُلِّ إِنْسٍ وجَانٍّ -
لَا يَثْلِمُه (2745) الْعَطَاءُ ولَا
يَنْقُصُه الْحِبَاءُ (2746) - ولَا
يَسْتَنْفِدُه سَائِلٌ ولَا يَسْتَقْصِيه نَائِلٌ - ولَا يَلْوِيه (2747) شَخْصٌ عَنْ شَخْصٍ ولَا يُلْهِيه صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ - ولَا تَحْجُزُه
هِبَةٌ عَنْ سَلْبٍ ولَا يَشْغَلُه غَضَبٌ عَنْ رَحْمَةٍ - ولَا تُولِهُه (2748) رَحْمَةٌ عَنْ عِقَابٍ ولَا يُجِنُّه (2749) الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ - ولَا يَقْطَعُه الظُّهُورُ عَنِ
الْبُطُونِ - قَرُبَ فَنَأَى وعَلَا فَدَنَا وظَهَرَ فَبَطَنَ - وبَطَنَ
فَعَلَنَ ودَانَ (2750) ولَمْ يُدَنْ - لَمْ
يَذْرَأِ (2751) الْخَلْقَ
بِاحْتِيَالٍ (2752) ولَا اسْتَعَانَ
بِهِمْ لِكَلَالٍ(2753). أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - فَإِنَّهَا الزِّمَامُ (2754) والْقِوَامُ (2755) فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِهَا - واعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا تَؤُلْ
بِكُمْ إِلَى أَكْنَانِ (2756) الدَّعَةِ (2757) - وأَوْطَانِ السَّعَةِ ومَعَاقِلِ (2758) الْحِرْزِ (2759) ومَنَازِلِ
الْعِزِّ فِي يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيه الأَبْصَارُ وتُظْلِمُ لَه الأَقْطَارُ -
وتُعَطَّلُ فِيه صُرُومُ (2760) الْعِشَارِ (2761) ويُنْفَخُ فِي الصُّورِ - فَتَزْهَقُ كُلُّ مُهْجَةٍ وتَبْكَمُ كُلُّ
لَهْجَةٍ - وتَذِلُّ الشُّمُّ (2762) الشَّوَامِخُ (2763) والصُّمُّ (2764) الرَّوَاسِخُ (2765) - فَيَصِيرُ صَلْدُهَا (2766) سَرَاباً (2767) رَقْرَقاً (2768) ومَعْهَدُهَا (2769) قَاعاً (2770) سَمْلَقاً (2771) - فَلَا شَفِيعٌ يَشْفَعُ ولَا حَمِيمٌ يَنْفَعُ ولَا مَعْذِرَةٌ
تَدْفَعُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
196- و من خطبة له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
بعثة النبي
|
|||||||||||||||
196 - ومن خطبة له عليهالسلام بعثة النبي بَعَثَه حِينَ لَا عَلَمٌ قَائِمٌ - ولَا
مَنَارٌ سَاطِعٌ ولَا مَنْهَجٌ وَاضِحٌ – |
|||||||||||||||
العظة بالزهد
|
|||||||||||||||
العظة بالزهد أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - وأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا دَارُ شُخُوصٍ (2772) - ومَحَلَّةُ تَنْغِيصٍ سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ وقَاطِنُهَا بَائِنٌ (2773) - تَمِيدُ (2774) بِأَهْلِهَا
مَيَدَانَ السَّفِينَةِ - تَقْصِفُهَا (2775) الْعَوَاصِفُ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ - فَمِنْهُمُ الْغَرِقُ الْوَبِقُ (2776) ومِنْهُمُ النَّاجِي عَلَى بُطُونِ الأَمْوَاجِ - تَحْفِزُه (2777) الرِّيَاحُ بِأَذْيَالِهَا وتَحْمِلُه عَلَى أَهْوَالِهَا - فَمَا
غَرِقَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُسْتَدْرَكٍ ومَا نَجَا مِنْهَا فَإِلَى مَهْلَكٍ! عِبَادَ اللَّه الآنَ فَاعْلَمُوا
والأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ - والأَبْدَانُ صَحِيحَةٌ والأَعْضَاءُ لَدْنَةٌ (2778) - والْمُنْقَلَبُ (2779) فَسِيحٌ
والْمَجَالُ عَرِيضٌ - قَبْلَ إِرْهَاقِ (2780) الْفَوْتِ (2781) وحُلُولِ
الْمَوْتِ - فَحَقِّقُوا عَلَيْكُمْ نُزُولَه ولَا تَنْتَظِرُوا قُدُومَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
197- و من كلام له ينبه فيه على فضيلته لقبول قوله و أمره و
نهيه :
|
|||||||||||||||
197 - ومن كلام له عليهالسلام ينبه فيه على فضيلته لقبول
قوله وأمره ونهيه ولَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ (2782) مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله -
أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللَّه ولَا عَلَى رَسُولِه سَاعَةً قَطُّ - ولَقَدْ
وَاسَيْتُه (2783) بِنَفْسِي فِي
الْمَوَاطِنِ - الَّتِي تَنْكُصُ (2784) فِيهَا الأَبْطَالُ
- وتَتَأَخَّرُ فِيهَا الأَقْدَامُ نَجْدَةً (2785) أَكْرَمَنِي اللَّه بِهَا. ولَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله
وإِنَّ رَأْسَه لَعَلَى صَدْرِي - ولَقَدْ سَالَتْ نَفْسُه فِي كَفِّي
فَأَمْرَرْتُهَا عَلَى وَجْهِي - ولَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَه صلىاللهعليهوآله
والْمَلَائِكَةُ أَعْوَانِي - فَضَجَّتِ الدَّارُ والأَفْنِيَةُ (2786) - مَلأٌ يَهْبِطُ ومَلأٌ يَعْرُجُ - ومَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ
(2787) مِنْهُمْ -
يُصَلُّونَ عَلَيْه حَتَّى وَارَيْنَاه فِي ضَرِيحِه - فَمَنْ ذَا أَحَقُّ بِه
مِنِّي حَيّاً ومَيِّتاً - فَانْفُذُوا عَلَى بَصَائِرِكُمْ (2788) – ولْتَصْدُقْ نِيَّاتُكُمْ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ - فَوَالَّذِي لَا
إِلَه إِلَّا هُوَ إِنِّي لَعَلَى جَادَّةِ الْحَقِّ - وإِنَّهُمْ لَعَلَى
مَزَلَّةِ (2789) الْبَاطِلِ -
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وأَسْتَغْفِرُ اللَّه لِي ولَكُمْ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
198- و من خطبة له ينبه على إحاطة علم اللّه بالجزئيات ثم يحث
على التقوى و يبين فضل الإسلام و
|
|||||||||||||||
198 - ومن خطبة له عليهالسلام ينبه على إحاطة علم اللَّه
بالجزئيات ثم يحث على التقوى ويبين فضل الإسلام والقرآن يَعْلَمُ عَجِيجَ الْوُحُوشِ فِي
الْفَلَوَاتِ - ومَعَاصِيَ الْعِبَادِ فِي الْخَلَوَاتِ - واخْتِلَافَ
النِّينَانِ (2790) فِي الْبِحَارِ
الْغَامِرَاتِ - وتَلَاطُمَ الْمَاءِ بِالرِّيَاحِ الْعَاصِفَاتِ - وأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُ اللَّه (2791) - وسَفِيرُ
وَحْيِه ورَسُولُ رَحْمَتِه - |
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أَمَّا بَعْدُ - فَإِنِّي أُوصِيكُمْ
بِتَقْوَى اللَّه الَّذِي ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ - وإِلَيْه يَكُونُ مَعَادُكُمْ
وبِه نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ - وإِلَيْه مُنْتَهَى رَغْبَتِكُمْ ونَحْوَه قَصْدُ
سَبِيلِكُمْ - وإِلَيْه مَرَامِي مَفْزَعِكُمْ (2792) - فَإِنَّ تَقْوَى اللَّه دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ - وبَصَرُ عَمَى
أَفْئِدَتِكُمْ وشِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ - وصَلَاحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ -
وطُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ وجِلَاءُ عَشَا أَبْصَارِكُمْ وأَمْنُ فَزَعِ
جَأْشِكُمْ (2793) وضِيَاءُ سَوَادِ
ظُلْمَتِكُمْ فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اللَّه شِعَاراً (2794) دُونَ دِثَارِكُمْ (2795) - ودَخِيلًا دُونَ
شِعَارِكُمْ ولَطِيفاً بَيْنَ أَضْلَاعِكُمْ - وأَمِيراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ
ومَنْهَلًا (2796) لِحِينِ
وُرُودِكُمْ - وشَفِيعاً لِدَرَكِ (2797) طَلِبَتِكُمْ (2798) وجُنَّةً (2799) لِيَوْمِ
فَزَعِكُمْ - ومَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ - وسَكَناً لِطُولِ
وَحْشَتِكُمْ ونَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ - فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّه حِرْزٌ
مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ - ومَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ وأُوَارِ (2800) نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ - فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَى عَزَبَتْ (2801) عَنْه الشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا - واحْلَوْلَتْ لَه الأُمُورُ
بَعْدَ مَرَارَتِهَا - وانْفَرَجَتْ عَنْه الأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا -
وأَسْهَلَتْ لَه الصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا (2802) - وهَطَلَتْ عَلَيْه الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا -. وتَحَدَّبَتْ (2803) عَلَيْه الرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا - وتَفَجَّرَتْ عَلَيْه
النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا (2804) - ووَبَلَتْ
عَلَيْه الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا (2805). فَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي نَفَعَكُمْ
بِمَوْعِظَتِه - ووَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِه وامْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِنِعْمَتِه -
فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِه - واخْرُجُوا إِلَيْه مِنْ حَقِّ
طَاعَتِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
فضل الإسلام
|
|||||||||||||||
فضل الإسلام ثُمَّ إِنَّ هَذَا الإِسْلَامَ دِينُ
اللَّه الَّذِي اصْطَفَاه لِنَفْسِه - واصْطَنَعَه عَلَى عَيْنِه وأَصْفَاه (2806) خِيَرَةَ خَلْقِه - وأَقَامَ دَعَائِمَه عَلَى مَحَبَّتِه - أَذَلَّ
الأَدْيَانَ بِعِزَّتِه ووَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِه - وأَهَانَ أَعْدَاءَه بِكَرَامَتِه
وخَذَلَ مُحَادِّيه (2807) بِنَصْرِه -
وهَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلَالَةِ بِرُكْنِه (2808) - وسَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِه - وأَتْأَقَ (2809) الْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِه (2810) - ثُمَّ جَعَلَه
لَا انْفِصَامَ لِعُرْوَتِه ولَا فَكَّ لِحَلْقَتِه - ولَا انْهِدَامَ لأَسَاسِه
ولَا زَوَالَ لِدَعَائِمِه - ولَا انْقِلَاعَ لِشَجَرَتِه ولَا انْقِطَاعَ
لِمُدَّتِه - ولَا عَفَاءَ (2811) لِشَرَائِعِه ولَا
جَذَّ (2812) لِفُرُوعِه ولَا
ضَنْكَ (2813) لِطُرُقِه - ولَا
وُعُوثَةَ (2814) لِسُهُولَتِه ولَا
سَوَادَ لِوَضَحِه (2815) - ولَا عِوَجَ
لِانْتِصَابِه ولَا عَصَلَ (2816) فِي عُودِه - ولَا
وَعَثَ (2817) لِفَجِّه (2818) ولَا انْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِه - ولَا مَرَارَةَ لِحَلَاوَتِه - فَهُوَ
دَعَائِمُ أَسَاخَ (2819) فِي الْحَقِّ
أَسْنَاخَهَا (2820) - وثَبَّتَ لَهَا
آسَاسَهَا ويَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا - ومَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا (2821) - ومَنَارٌ (2822) اقْتَدَى بِهَا
سُفَّارُهَا (2823) وأَعْلَامٌ (2824) قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا - ومَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا -.
جَعَلَ اللَّه فِيه مُنْتَهَى رِضْوَانِه - وذِرْوَةَ دَعَائِمِه وسَنَامَ
طَاعَتِه - فَهُوَ عِنْدَ اللَّه وَثِيقُ الأَرْكَانِ رَفِيعُ الْبُنْيَانِ -
مُنِيرُ الْبُرْهَانِ مُضِيءُ النِّيرَانِ - عَزِيزُ السُّلْطَانِ مُشْرِفُ
الْمَنَارِ (2825) مُعْوِذُ
الْمَثَارِ (2826) - فَشَرِّفُوه
واتَّبِعُوه وأَدُّوا إِلَيْه حَقَّه وضَعُوه مَوَاضِعَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم ثُمَّ إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه بَعَثَ
مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله بِالْحَقِّ حِينَ دَنَا مِنَ
الدُّنْيَا الِانْقِطَاعُ وأَقْبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الِاطِّلَاعُ (2827) - وأَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ وقَامَتْ بِأَهْلِهَا
عَلَى سَاقٍ - وخَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ (2828) وأَزِفَ مِنْهَا قِيَادٌ (2829) - فِي انْقِطَاعٍ
مِنْ مُدَّتِهَا واقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا (2830) - وتَصَرُّمٍ (2831) مِنْ أَهْلِهَا
وانْفِصَامٍ (2832) مِنْ حَلْقَتِهَا
- وانْتِشَارٍ (2833) مِنْ سَبَبِهَا
وعَفَاءٍ مِنْ أَعْلَامِهَا (2834) - وتَكَشُّفٍ مِنْ
عَوْرَاتِهَا وقِصَرٍ مِنْ طُولِهَا. جَعَلَه اللَّه بَلَاغاً لِرِسَالَتِه
وكَرَامَةً لأُمَّتِه - ورَبِيعاً لأَهْلِ زَمَانِه ورِفْعَةً لأَعْوَانِه
وشَرَفاً لأَنْصَارِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
القرآن الكريم
|
|||||||||||||||
القرآن الكريم ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْه الْكِتَابَ نُوراً
لَا تُطْفَأُ مَصَابِيحُه - وسِرَاجاً لَا يَخْبُو (2835) تَوَقُّدُه وبَحْراً لَا يُدْرَكُ قَعْرُه - ومِنْهَاجاً (2836) لَا يُضِلُّ نَهْجُه (2837) وشُعَاعاً لَا
يُظْلِمُ ضَوْءُه - وفُرْقَاناً لَا يُخْمَدُ بُرْهَانُه وتِبْيَاناً لَا
تُهْدَمُ أَرْكَانُه - وشِفَاءً لَا تُخْشَى أَسْقَامُه - وعِزّاً لَا تُهْزَمُ
أَنْصَارُه وحَقّاً لَا تُخْذَلُ أَعْوَانُه - فَهُوَ مَعْدِنُ الإِيمَانِ
وبُحْبُوحَتُه (2838) ويَنَابِيعُ
الْعِلْمِ وبُحُورُه - ورِيَاضُ (2839) الْعَدْلِ
وغُدْرَانُه (2840) وأَثَافِيُّ (2841) الإِسْلَامِ وبُنْيَانُه - وأَوْدِيَةُ الْحَقِّ وغِيطَانُه (2842) وبَحْرٌ لَا يَنْزِفُه الْمُسْتَنْزِفُونَ (2843) - وعُيُونٌ لَا يُنْضِبُهَا الْمَاتِحُونَ (2844) - ومَنَاهِلُ (2845) لَا يَغِيضُهَا (2846) الْوَارِدُونَ - ومَنَازِلُ لَا يَضِلُّ نَهْجَهَا الْمُسَافِرُونَ -
وأَعْلَامٌ لَا يَعْمَى عَنْهَا السَّائِرُونَ - وآكَامٌ (2847) لَا يَجُوزُ عَنْهَا (2848) الْقَاصِدُونَ
جَعَلَه اللَّه رِيّاً لِعَطَشِ الْعُلَمَاءِ ورَبِيعاً لِقُلُوبِ الْفُقَهَاءِ
- ومَحَاجَّ (2849) لِطُرُقِ
الصُّلَحَاءِ ودَوَاءً لَيْسَ بَعْدَه دَاءٌ - ونُوراً لَيْسَ مَعَه ظُلْمَةٌ
وحَبْلًا وَثِيقاً عُرْوَتُه - ومَعْقِلًا مَنِيعاً ذِرْوَتُه وعِزّاً لِمَنْ
تَوَلَّاه - وسِلْماً لِمَنْ دَخَلَه وهُدًى لِمَنِ ائْتَمَّ بِه - وعُذْراً
لِمَنِ انْتَحَلَه وبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِه - وشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ
بِه وفَلْجاً (2850) لِمَنْ حَاجَّ بِه
- وحَامِلًا لِمَنْ حَمَلَه ومَطِيَّةً لِمَنْ أَعْمَلَه - وآيَةً لِمَنْ
تَوَسَّمَ وجُنَّةً (2851) لِمَنِ اسْتَلأَمَ
(2852) - وعِلْماً لِمَنْ
وَعَى وحَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وحُكْماً لِمَنْ قَضَى (2853). -----------------------------
|
|||||||||||||||
199- و من كلام له كان يوصي به أصحابه :
|
|||||||||||||||
الصلاة
|
|||||||||||||||
199 - ومن كلام له عليهالسلام كان يوصي به أصحابه تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلَاةِ وحَافِظُوا
عَلَيْهَا - واسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وتَقَرَّبُوا بِهَا - فَإِنَّهَا (كانَتْ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) - أَلَا
تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِينَ سُئِلُوا - (ما
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ - قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) - وإِنَّهَا
لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ (2854) الْوَرَقِ -
وتُطْلِقُهَا إِطْلَاقَ الرِّبَقِ (2855) - وشَبَّهَهَا
رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - بِالْحَمَّةِ (2856) تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ - فَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهَا فِي
الْيَوْمِ واللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ - فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْه
مِنَ الدَّرَنِ (2857) - وقَدْ عَرَفَ
حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - الَّذِينَ لَا تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا
زِينَةُ مَتَاعٍ ولَا قُرَّةُ عَيْنٍ - مِنْ وَلَدٍ ولَا مَالٍ - يَقُولُ اللَّه
سُبْحَانَه - (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا
بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله - وإِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ الزَّكاةِ) - وكَانَ رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله نَصِباً (2858) بِالصَّلَاةِ - بَعْدَ التَّبْشِيرِ لَه بِالْجَنَّةِ - لِقَوْلِ
اللَّه سُبْحَانَه (وأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها) - فَكَانَ
يَأْمُرُ بِهَا أَهْلَه ويَصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الزكاة
|
|||||||||||||||
الزكاة ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ
الصَّلَاةِ قُرْبَاناً لأَهْلِ الإِسْلَامِ - فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ
النَّفْسِ بِهَا - فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَه كَفَّارَةً ومِنَ النَّارِ حِجَازاً
ووِقَايَةً - فَلَا يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَه ولَا يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا
لَهَفَه - فَإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ النَّفْسِ بِهَا - يَرْجُو
بِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ - مَغْبُونُ (2859) الأَجْرِ ضَالُّ الْعَمَلِ - طَوِيلُ النَّدَمِ. |
|||||||||||||||
الأمانة
|
|||||||||||||||
الأمانة ثُمَّ أَدَاءَ الأَمَانَةِ - فَقَدْ خَابَ
مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا - إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ الْمَبْنِيَّةِ
- والأَرَضِينَ الْمَدْحُوَّةِ (2860) والْجِبَالِ ذَاتِ
الطُّولِ الْمَنْصُوبَةِ - فَلَا أَطْوَلَ ولَا أَعْرَضَ ولَا أَعْلَى ولَا
أَعْظَمَ مِنْهَا - ولَوِ امْتَنَعَ شَيْءٌ بِطُولٍ أَوْ عَرْضٍ - أَوْ قُوَّةٍ
أَوْ عِزٍّ لَامْتَنَعْنَ - ولَكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ - وعَقَلْنَ
مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ وهُوَ الإِنْسَانُ - (إِنَّه
كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) – ----------------------------- (2859) مَغْبون الأجر: منقوصه. (2860) المَدْحُوّة: المبسوطة. |
|||||||||||||||
علم اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
علم اللَّه تعالى إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى لَا
يَخْفَى عَلَيْه - مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ (2861) فِي لَيْلِهِمْ ونَهَارِهِمْ - لَطُفَ بِه خُبْراً (2862) وأَحَاطَ بِه عِلْماً أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُه - وجَوَارِحُكُمْ
جُنُودُه وضَمَائِرُكُمْ عُيُونُه وخَلَوَاتُكُمْ عِيَانُه (2863). ----------------------------- (2861) مقترفون: أي مكتسبون. (2862)
الخُبْر: - بضم الخاء - العلم. (2863)
العِيان: - بكسر العين - المعاينة
والمشاهدة. |
|||||||||||||||
200- و من كلام له في معاوية :
|
|||||||||||||||
200 - ومن كلام له عليهالسلام في معاوية واللَّه مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي
ولَكِنَّه يَغْدِرُ ويَفْجُرُ - ولَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ
أَدْهَى النَّاسِ - ولَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وكُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ -
ولِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِه يَوْمَ الْقِيَامَةِ». واللَّه مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ
ولَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ (2864). ----------------------------- (2864) لا أسْتَغْمَزُ: - مبني للمجهول - أي لا أستضعف
بالقوة الشديدة.والمعنى: لا يستضعفني شديد القوة. والغمز - محركة - الرجل
الضعيف. |
|||||||||||||||
201- و من كلام له يعظ بسلوك الطريق الواضح :
|
|||||||||||||||
201 - ومن كلام له عليهالسلام يعظ بسلوك الطريق الواضح أَيُّهَا النَّاسُ - لَا تَسْتَوْحِشُوا
فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِه - فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا
عَلَى مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِيرٌ - وجُوعُهَا طَوِيلٌ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا يَجْمَعُ
النَّاسَ الرِّضَا والسُّخْطُ (2865) - وإِنَّمَا
عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ - فَعَمَّهُمُ اللَّه بِالْعَذَابِ
لَمَّا عَمُّوه بِالرِّضَا - فَقَالَ سُبْحَانَه (فَعَقَرُوها
فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) - فَمَا كَانَ
إِلَّا أَنْ خَارَتْ (2866) أَرْضُهُمْ
بِالْخَسْفَةِ - خُوَارَ السِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ (2867) فِي الأَرْضِ الْخَوَّارَةِ (2868). أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ
الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ - ومَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي التِّيه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
202- وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَهُ عِنْدَ دَفْنِ
سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ
كَالْمُنَاجِي بِهِ رَسُولَ اللَّهِ
عِنْدَ قَبْرِهِ :
|
|||||||||||||||
202 - ومِنْ كَلَامٍ لَه عليهالسلام وِيَ عَنْه أَنَّه قَالَه عِنْدَ دَفْنِ
سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ عليهالسلام -
كَالْمُنَاجِي بِه رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله
عِنْدَ قَبْرِه السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه
عَنِّي - وعَنِ ابْنَتِكَ النَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ - والسَّرِيعَةِ
اللَّحَاقِ بِكَ - قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّه عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي ورَقَّ
عَنْهَا تَجَلُّدِي - إِلَّا أَنَّ فِي التَّأَسِّي (2869) لِي بِعَظِيمِ فُرْقَتِكَ - وفَادِحِ (2870) مُصِيبَتِكَ مَوْضِعَ تَعَزٍّ (2871) - فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ (2872) قَبْرِكَ - وفَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وصَدْرِي نَفْسُكَ - فَ (إِنَّا
لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ) - فَلَقَدِ
اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ وأُخِذَتِ الرَّهِينَةُ - أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ
وأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ - (2873) إِلَى أَنْ
يَخْتَارَ اللَّه لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ - وسَتُنَبِّئُكَ
ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا (2874) - فَأَحْفِهَا (2875) السُّؤَالَ
واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ - هَذَا ولَمْ يَطُلِ الْعَهْدُ ولَمْ يَخْلُ مِنْكَ
الذِّكْرُ - والسَّلَامُ عَلَيْكُمَا سَلَامَ مُوَدِّعٍ لَا قَالٍ (2876) ولَا سَئِمٍ (2877) - فَإِنْ
أَنْصَرِفْ فَلَا عَنْ مَلَالَةٍ - وإِنْ أُقِمْ فَلَا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا
وَعَدَ اللَّه الصَّابِرِينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
203- و من كلام له في التزهيد من الدنيا و الترغيب في الآخرة :
|
|||||||||||||||
203 - ومن كلام له عليهالسلام في التزهيد من الدنيا
والترغيب في الآخرة أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الدُّنْيَا
دَارُ مَجَازٍ (2878) والآخِرَةُ دَارُ
قَرَارٍ - فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ - ولَا تَهْتِكُوا
أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ - وأَخْرِجُوا مِنَ
الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ - مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ -
فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ ولِغَيْرِهَا خُلِقْتُمْ - إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ
قَالَ النَّاسُ مَا تَرَكَ وقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ -
لِلَّه آبَاؤُكُمْ فَقَدِّمُوا بَعْضاً يَكُنْ لَكُمْ قَرْضاً - ولَا تُخْلِفُوا
كُلاًّ فَيَكُونَ فَرْضاً عَلَيْكُمْ. ----------------------------- (2878)
مجاز: أي ممر إلى الآخرة. |
|||||||||||||||
204- و من كلام له كان كثيرا ما ينادي به أصحابه :
|
|||||||||||||||
204 - ومن كلام له عليهالسلام كان كثيرا ما ينادي به
أصحابه تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّه فَقَدْ
نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحِيلِ - وأَقِلُّوا الْعُرْجَةَ (2879) عَلَى الدُّنْيَا - وانْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ
الزَّادِ - فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً (2880) ومَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً - لَا بُدَّ مِنَ الْوُرُودِ عَلَيْهَا
والْوُقُوفِ عِنْدَهَا -. واعْلَمُوا أَنَّ مَلَاحِظَ الْمَنِيَّةِ (2881) نَحْوَكُمْ دَانِيَةٌ (2882) - وكَأَنَّكُمْ
بِمَخَالِبِهَا وقَدْ نَشِبَتْ (2883) فِيكُمْ - وقَدْ
دَهَمَتْكُمْ فِيهَا مُفْظِعَاتُ الأُمُورِ ومُعْضِلَاتُ الْمَحْذُورِ -.
فَقَطِّعُوا عَلَائِقَ الدُّنْيَا واسْتَظْهِرُوا (2884) بِزَادِ التَّقْوَى. وقد مضى شيء من هذا الكلام
فيما تقدم - بخلاف هذه الرواية. -----------------------------
|
|||||||||||||||
205- و من كلام له كلم به طلحة و الزبير بعد بيعته بالخلافة و
قد عتبا عليه من ترك مشورتهما و
|
|||||||||||||||
205 - ومن كلام له عليهالسلام كلم به طلحة والزبير - بعد
بيعته بالخلافة وقد عتبا عليه من ترك مشورتهما والاستعانة في الأمور بهما لَقَدْ نَقَمْتُمَا (2885) يَسِيراً وأَرْجَأْتُمَا (2886) كَثِيراً - أَلَا
تُخْبِرَانِي أَيُّ شَيْءٍ كَانَ لَكُمَا فِيه حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْه - أَمْ
أَيُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِه - أَمْ أَيُّ حَقٍّ رَفَعَه إِلَيَّ
أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - ضَعُفْتُ عَنْه أَمْ جَهِلْتُه أَمْ أَخْطَأْتُ
بَابَه! واللَّه مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلَافَةِ
رَغْبَةٌ - ولَا فِي الْوِلَايَةِ إِرْبَةٌ (2887) - ولَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا وحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا -
فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّه ومَا وَضَعَ لَنَا -
وأَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِه فَاتَّبَعْتُه - ومَا اسْتَنَّ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوآله
فَاقْتَدَيْتُه - فَلَمْ أَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إِلَى رَأْيِكُمَا ولَا رَأْيِ
غَيْرِكُمَا - ولَا وَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُه فَأَسْتَشِيرَكُمَا وإِخْوَانِي
مِنَ الْمُسْلِمِينَ - ولَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا ولَا عَنْ
غَيْرِكُمَا -. وأَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الأُسْوَةِ (2888) - فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيه بِرَأْيِي - ولَا
وَلِيتُه هَوًى مِنِّي - بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وأَنْتُمَا مَا جَاءَ بِه رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله قَدْ فُرِغَ مِنْه - فَلَمْ أَحْتَجْ
إِلَيْكُمَا فِيمَا قَدْ فَرَغَ اللَّه مِنْ قَسْمِه - وأَمْضَى فِيه حُكْمَه -
فَلَيْسَ لَكُمَا واللَّه عِنْدِي ولَا لِغَيْرِكُمَا فِي هَذَا عُتْبَى (2889) -. أَخَذَ اللَّه بِقُلُوبِنَا وقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ -
وأَلْهَمَنَا وإِيَّاكُمُ الصَّبْرَ. ثم قال عليهالسلام - رَحِمَ
اللَّه رَجُلًا رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْه - أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّه -
وكَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
206- و من كلام له و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام
أيام حربهم بصفين :
|
|||||||||||||||
206 - ومن كلام له عليهالسلام وقد سمع قوما من أصحابه
يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين إِنِّي أَكْرَه لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا
سَبَّابِينَ - ولَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وذَكَرْتُمْ
حَالَهُمْ - كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ - وقُلْتُمْ
مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ - اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا ودِمَاءَهُمْ -
وأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وبَيْنِهِمْ واهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ - حَتَّى
يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَه - ويَرْعَوِيَ (2890) عَنِ الْغَيِّ والْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِه (2891). -----------------------------
|
|||||||||||||||
207- و من كلام له في بعض أيام صفين و قد رأى الحسن ابنه يتسرع إلى الحرب :
|
|||||||||||||||
207 - ومن كلام له عليهالسلام في بعض أيام صفين - وقد رأى الحسن ابنه عليهالسلام
يتسرع إلى الحرب امْلِكُوا (2892) عَنِّي هَذَا الْغُلَامَ لَا يَهُدَّنِي (2893) - فَإِنَّنِي أَنْفَسُ (2894) بِهَذَيْنِ
يَعْنِي الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ عليهالسلام - عَلَى
الْمَوْتِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله. قال
السيد الشريف - قوله عليهالسلام
املكوا عني هذا الغلام - من أعلى الكلام وأفصحه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
208- و من كلام له قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة :
|
|||||||||||||||
208 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر
الحكومة أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه لَمْ يَزَلْ
أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ - حَتَّى نَهِكَتْكُمُ (2895) الْحَرْبُ - وقَدْ واللَّه أَخَذَتْ مِنْكُمْ وتَرَكَتْ - وهِيَ
لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ. لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِيراً
فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً - وكُنْتُ أَمْسِ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ
الْيَوْمَ مَنْهِيّاً - وقَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ ولَيْسَ لِي أَنْ
أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ! ----------------------------- (2895)
نَهِكَتْه الحمى: أضعفته
وأضنته. |
|||||||||||||||
209- و من كلام له بالبصرة و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثي
و هو من أصحابه يعوده
|
|||||||||||||||
209 - ومن كلام له عليهالسلام بالبصرة - وقد دخل على
العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده فلما رأى سعة داره
قال: مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هَذِه
الدَّارِ فِي الدُّنْيَا - وأَنْتَ إِلَيْهَا فِي الآخِرَةِ كُنْتَ أَحْوَجَ -
وبَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ - تَقْرِي فِيهَا الضَّيْفَ
وتَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ - وتُطْلِعُ (2896) مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا - فَإِذاً أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا
الآخِرَةَ. فَقَالَ لَه الْعَلَاءُ - يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زِيَادٍ - قَالَ ومَا لَه -
قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَةَ وتَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا - قَالَ عَلَيَّ بِه
فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: يَا عُدَيَّ (2897) نَفْسِه لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ - أَمَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ
ووَلَدَكَ - أَتَرَى اللَّه أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وهُوَ يَكْرَه أَنْ
تَأْخُذَهَا - أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّه مِنْ ذَلِكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - هَذَا
أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وجُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ! قَالَ وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ -
إِنَّ اللَّه تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ - الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا
أَنْفُسَهُمْ (2898) بِضَعَفَةِ
النَّاسِ - كَيْلَا يَتَبَيَّغَ (2899) بِالْفَقِيرِ
فَقْرُه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
210- و من كلام له و قد سأله سائل عن أحاديث البدع و عما في
أيدي الناس من اختلاف الخبر فقال :
|
|||||||||||||||
210 - ومن كلام له عليهالسلام وقد سأله سائل عن أحاديث
البدع - وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر فقال عليهالسلام: إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً
وبَاطِلًا - وصِدْقاً وكَذِباً ونَاسِخاً ومَنْسُوخاً - وعَامّاً وخَاصّاً -
ومُحْكَماً ومُتَشَابِهاً وحِفْظاً ووَهْماً - ولَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله عَلَى عَهْدِه - حَتَّى قَامَ
خَطِيباً فَقَالَ - مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه
مِنَ النَّارِ». وإِنَّمَا أَتَاكَ بِالْحَدِيثِ
أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ: |
|||||||||||||||
المنافقون
|
|||||||||||||||
المنافقون رَجُلٌ مُنَافِقٌ
مُظْهِرٌ لِلإِيمَانِ مُتَصَنِّعٌ بِالإِسْلَامِ - لَا يَتَأَثَّمُ (2900) ولَا يَتَحَرَّجُ (2901) - يَكْذِبُ عَلَى
رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله مُتَعَمِّداً - فَلَوْ عَلِمَ
النَّاسُ أَنَّه مُنَافِقٌ كَاذِبٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْه - ولَمْ يُصَدِّقُوا
قَوْلَه - ولَكِنَّهُمْ قَالُوا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- رَآه وسَمِعَ مِنْه ولَقِفَ عَنْه (2902) فَيَأْخُذُونَ
بِقَوْلِه - وقَدْ أَخْبَرَكَ اللَّه عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَكَ -
ووَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِه لَكَ ثُمَّ بَقُوا بَعْدَه - فَتَقَرَّبُوا
إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ - والدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ
والْبُهْتَانِ - فَوَلَّوْهُمُ الأَعْمَالَ وجَعَلُوهُمْ حُكَّاماً عَلَى
رِقَابِ النَّاسِ - فَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا وإِنَّمَا النَّاسُ مَعَ
الْمُلُوكِ والدُّنْيَا - إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّه فَهَذَا أَحَدُ
الأَرْبَعَةِ. ----------------------------- (2900) يتأثّم: يخاف. الإثم. (2901) يتحرّج: يخشى الوقوع في الحرج وهو الجرم. (2902)
لَقِفَ: تناول وأخذ عنه. |
|||||||||||||||
الخاطئون
|
|||||||||||||||
الخاطئون ورَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّه
شَيْئاً لَمْ يَحْفَظْه عَلَى وَجْهِه - فَوَهِمَ (2903) فِيه ولَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً فَهُوَ فِي يَدَيْه - ويَرْوِيه
ويَعْمَلُ بِه - ويَقُولُ أَنَا سَمِعْتُه مِنْ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّه وَهِمَ فِيه لَمْ يَقْبَلُوه مِنْه -
ولَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّه كَذَلِكَ لَرَفَضَه! ----------------------------- (2903) وَهِمَ: غلط وأخطأ. |
|||||||||||||||
اهل الشبهة
|
|||||||||||||||
أهل الشبهة ورَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله شَيْئاً - يَأْمُرُ بِه ثُمَّ إِنَّه
نَهَى عَنْه وهُوَ لَا يَعْلَمُ - أَوْ سَمِعَه يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ
أَمَرَ بِه وهُوَ لَا يَعْلَمُ - فَحَفِظَ الْمَنْسُوخَ ولَمْ يَحْفَظِ
النَّاسِخَ - فَلَوْ عَلِمَ أَنَّه مَنْسُوخٌ لَرَفَضَه - ولَوْ عَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ إِذْ سَمِعُوه مِنْه أَنَّه مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوه - |
|||||||||||||||
الصادقون الحافظون
|
|||||||||||||||
الصادقون الحافظون وآخَرُ رَابِعٌ - لَمْ يَكْذِبْ عَلَى
اللَّه ولَا عَلَى رَسُولِه - مُبْغِضٌ لِلْكَذِبِ خَوْفاً مِنَ اللَّه وتَعْظِيماً
لِرَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله - ولَمْ يَهِمْ
(2904) بَلْ حَفِظَ مَا
سَمِعَ عَلَى وَجْهِه - فَجَاءَ بِه عَلَى مَا سَمِعَه - لَمْ يَزِدْ فِيه ولَمْ
يَنْقُصْ مِنْه - فَهُوَ حَفِظَ النَّاسِخَ فَعَمِلَ بِه - وحَفِظَ الْمَنْسُوخَ
فَجَنَّبَ عَنْه (2905) - وعَرَفَ
الْخَاصَّ والْعَامَّ والْمُحْكَمَ والْمُتَشَابِه (2906) - فَوَضَعَ كُلَّ شَيْءٍ مَوْضِعَه. وقَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
الْكَلَامُ - لَه وَجْهَانِ فَكَلَامٌ خَاصٌّ وكَلَامٌ عَامٌّ - فَيَسْمَعُه
مَنْ لَا يَعْرِفُ مَا عَنَى اللَّه سُبْحَانَه بِه - ولَا مَا عَنَى رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - فَيَحْمِلُه السَّامِعُ ويُوَجِّهُه
عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِمَعْنَاه - ومَا قُصِدَ بِه ومَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِه
- ولَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله مَنْ
كَانَ يَسْأَلُه ويَسْتَفْهِمُه - حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ
يَجِيءَ الأَعْرَابِيُّ والطَّارِئُ - فَيَسْأَلَه عليهالسلام حَتَّى
يَسْمَعُوا - وكَانَ لَا يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا سَأَلْتُه عَنْه
وحَفِظْتُه - فَهَذِه وُجُوه مَا عَلَيْه النَّاسُ فِي اخْتِلَافِهِمْ
وعِلَلِهِمْ فِي رِوَايَاتِهِمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
211- و من خطبة له في عجيب صنعة الكون :
|
|||||||||||||||
211 - ومن خطبة له عليهالسلام في عجيب صنعة الكون وكَانَ مِنِ اقْتِدَارِ جَبَرُوتِه -
وبَدِيعِ لَطَائِفِ صَنْعَتِه - أَنْ جَعَلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ (2907) - الْمُتَرَاكِمِ الْمُتَقَاصِفِ (2908) يَبَساً جَامِداً (2909) - ثُمَّ فَطَرَ (2910) مِنْه أَطْبَاقاً (2911) - فَفَتَقَهَا
سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَعْدَ ارْتِتَاقِهَا (2912) فَاسْتَمْسَكَتْ بِأَمْرِه (2913) - وقَامَتْ عَلَى
حَدِّه (2914) وأَرْسَى أَرْضاً
يَحْمِلُهَا الأَخْضَرُ (2915) الْمُثْعَنْجِرُ (2916) - والْقَمْقَامُ (2917) الْمُسَخَّرُ -
قَدْ ذَلَّ لأَمْرِه وأَذْعَنَ لِهَيْبَتِه - ووَقَفَ الْجَارِي مِنْه
لِخَشْيَتِه - وجَبَلَ (2918) جَلَامِيدَهَا (2919) ونُشُوزَ (2920) مُتُونِهَا (2921) وأَطْوَادِهَا (2922) - فَأَرْسَاهَا
فِي مَرَاسِيهَا (2923) - وأَلْزَمَهَا
قَرَارَاتِهَا (2924) - فَمَضَتْ
رُءُوسُهَا فِي الْهَوَاءِ - ورَسَتْ أُصُولُهَا فِي الْمَاءِ - فَأَنْهَدَ
جِبَالَهَا (2925) عَنْ سُهُولِهَا -
وأَسَاخَ (2926) قَوَاعِدَهَا فِي
مُتُونِ أَقْطَارِهَا ومَوَاضِعِ أَنْصَابِهَا (2927) - فَأَشْهَقَ قِلَالَهَا (2928) وأَطَالَ
أَنْشَازَهَا (2929) - وجَعَلَهَا
لِلأَرْضِ عِمَاداً وأَرَّزَهَا (2930) فِيهَا أَوْتَاداً
- فَسَكَنَتْ عَلَى حَرَكَتِهَا مِنْ أَنْ تَمِيدَ (2931) بِأَهْلِهَا أَوْ تَسِيخَ (2932) بِحِمْلِهَا أَوْ
تَزُولَ عَنْ مَوَاضِعِهَا - فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَهَا بَعْدَ مَوَجَانِ مِيَاهِهَا -
وأَجْمَدَهَا بَعْدَ رُطُوبَةِ أَكْنَافِهَا - فَجَعَلَهَا لِخَلْقِه مِهَاداً -
وبَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً - فَوْقَ بَحْرٍ لُجِّيٍّ رَاكِدٍ لَا يَجْرِي (2933) وقَائِمٍ لَا يَسْرِي - تُكَرْكِرُه (2934) الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ - وتَمْخُضُه الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ (2935) - (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى). -----------------------------
|
|||||||||||||||
212- و من خطبة له كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام في
زمانه :
|
|||||||||||||||
212 - ومن خطبة له عليهالسلام كان يستنهض بها أصحابه إلى
جهاد أهل الشام في زمانه اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ
عِبَادِكَ - سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ - والْمُصْلِحَةَ
غَيْرَ الْمُفْسِدَةِ فِي الدِّينِ والدُّنْيَا - فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِه لَهَا
إِلَّا النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ - والإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ -
فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَيْه يَا أَكْبَرَ الشَّاهِدِينَ شَهَادَةً -
ونَسْتَشْهِدُ عَلَيْه جَمِيعَ مَا أَسْكَنْتَه أَرْضَكَ وسمَاوَاتِكَ - ثُمَّ
أَنْتَ بَعْدُ الْمُغْنِي عَنْ نَصْرِه - والآخِذُ لَه بِذَنْبِه. |
|||||||||||||||
213- و من خطبة له في تمجيد اللّه و تعظيمه :
|
|||||||||||||||
213 - ومن خطبة له عليهالسلام في تمجيد اللَّه وتعظيمه الْحَمْدُ لِلَّه الْعَلِيِّ عَنْ شَبَه (2936) الْمَخْلُوقِينَ - الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفِينَ - الظَّاهِرِ
بِعَجَائِبِ تَدْبِيرِه لِلنَّاظِرِينَ - والْبَاطِنِ بِجَلَالِ عِزَّتِه عَنْ
فِكْرِ الْمُتَوَهِّمِينَ - الْعَالِمِ بِلَا اكْتِسَابٍ ولَا ازْدِيَادٍ - ولَا
عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ - الْمُقَدِّرِ لِجَمِيعِ الأُمُورِ بِلَا رَوِيَّةٍ ولَا
ضَمِيرٍ - الَّذِي لَا تَغْشَاه الظُّلَمُ ولَا يَسْتَضِيءُ بِالأَنْوَارِ -
ولَا يَرْهَقُه (2937) لَيْلٌ ولَا
يَجْرِي عَلَيْه نَهَارٌ - لَيْسَ إِدْرَاكُه بِالإِبْصَارِ ولَا عِلْمُه
بِالإِخْبَارِ. ومنها في ذكر النبي
صلىاللهعليهوآله |
|||||||||||||||
و منها في ذكر النبي صلى الله عليه وآله
|
|||||||||||||||
أَرْسَلَه بِالضِّيَاءِ وقَدَّمَه فِي
الِاصْطِفَاءِ - فَرَتَقَ (2938) بِه الْمَفَاتِقَ (2939) وسَاوَرَ (2940) بِه الْمُغَالِبَ
- وذَلَّلَ بِه الصُّعُوبَةَ وسَهَّلَ بِه الْحُزُونَةَ (2941) - حَتَّى سَرَّحَ الضَّلَالَ عَنْ يَمِينٍ وشِمَالٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
214- و من خطبة له يصف جوهر الرسول و يصف العلماء و يعظ
بالتقوى:
|
|||||||||||||||
214 - ومن خطبة له عليهالسلام يصف جوهر الرسول ويصف
العلماء ويعظ بالتقوى وأَشْهَدُ أَنَّه عَدْلٌ عَدَلَ وحَكَمٌ
فَصَلَ - وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه وسَيِّدُ عِبَادِه -
كُلَّمَا نَسَخَ اللَّه الْخَلْقَ (2942) فِرْقَتَيْنِ
جَعَلَه فِي خَيْرِهِمَا - لَمْ يُسْهِمْ فِيه عَاهِرٌ (2943) ولَا ضَرَبَ فِيه (2944) فَاجِرٌ. أَلَا وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه قَدْ
جَعَلَ لِلْخَيْرِ أَهْلًا - ولِلْحَقِّ دَعَائِمَ ولِلطَّاعَةِ (2945) - عِصَماً - وإِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُلِّ طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللَّه
سُبْحَانَه – يَقُولُ عَلَى الأَلْسِنَةِ ويُثَبِّتُ الأَفْئِدَةَ - فِيه
كِفَاءٌ (2946) لِمُكْتَفٍ
وشِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ – -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفة العلماء
|
|||||||||||||||
صفة العلماء واعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللَّه
الْمُسْتَحْفَظِينَ (2947) عِلْمَه -
يَصُونُونَ مَصُونَه ويُفَجِّرُونَ عُيُونَه - يَتَوَاصَلُونَ بِالْوِلَايَةِ (2948) - ويَتَلَاقَوْنَ بِالْمَحَبَّةِ ويَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ (2949) - ويَصْدُرُونَ بِرِيَّةٍ (2950) لَا تَشُوبُهُمُ
الرِّيبَةُ (2951) - ولَا تُسْرِعُ
فِيهِمُ الْغِيبَةُ - عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وأَخْلَاقَهُمْ (2952) - فَعَلَيْه يَتَحَابُّونَ وبِه يَتَوَاصَلُونَ - فَكَانُوا
كَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ يُنْتَقَى (2953) فَيُؤْخَذُ مِنْه
ويُلْقَى - قَدْ مَيَّزَه التَّخْلِيصُ وهَذَّبَه (2954) التَّمْحِيصُ (2955) – -----------------------------
|
|||||||||||||||
العظة بالتقوى
|
|||||||||||||||
العظة بالتقوى فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ كَرَامَةً (2956) بِقَبُولِهَا - ولْيَحْذَرْ قَارِعَةً (2957) قَبْلَ حُلُولِهَا - ولْيَنْظُرِ امْرُؤٌ فِي قَصِيرِ أَيَّامِه
وقَلِيلِ مُقَامِه فِي مَنْزِلٍ - حَتَّى يَسْتَبْدِلَ بِه مَنْزِلًا -
فَلْيَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِه (2958) ومَعَارِفِ
مُنْتَقَلِه (2959) - فَطُوبَى لِذِي
قَلْبٍ سَلِيمٍ - أَطَاعَ مَنْ يَهْدِيه وتَجَنَّبَ مَنْ يُرْدِيه - وأَصَابَ
سَبِيلَ السَّلَامَةِ بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَه - وطَاعَةِ هَادٍ أَمَرَه وبَادَرَ
الْهُدَى قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُه - وتُقْطَعَ أَسْبَابُه واسْتَفْتَحَ
التَّوْبَةَ وأَمَاطَ الْحَوْبَةَ (2960) - فَقَدْ أُقِيمَ
عَلَى الطَّرِيقِ وهُدِيَ نَهْجَ السَّبِيلِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
215- و من دعاء له كان يدعو به كثيرا :
|
|||||||||||||||
215 - ومن دعاء له عليهالسلام كان يدعو به كثيرا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَمْ يُصْبِحْ
بِي مَيِّتاً ولَا سَقِيماً - ولَا مَضْرُوباً عَلَى عُرُوقِي بِسُوءٍ - ولَا
مَأْخُوذاً بِأَسْوَإِ عَمَلِي ولَا مَقْطُوعاً دَابِرِي (2961) - ولَا مُرْتَدّاً عَنْ دِينِي ولَا مُنْكِراً لِرَبِّي - ولَا
مُسْتَوْحِشاً مِنْ إِيمَانِي ولَا مُلْتَبِساً (2962) عَقْلِي - ولَا مُعَذَّباً بِعَذَابِ الأُمَمِ مِنْ قَبْلِي -
أَصْبَحْتُ عَبْداً مَمْلُوكاً ظَالِماً لِنَفْسِي - لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ
ولَا حُجَّةَ لِي - ولَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ إِلَّا مَا أَعْطَيْتَنِي -
ولَا أَتَّقِيَ إِلَّا مَا وَقَيْتَنِي! اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ
أَفْتَقِرَ فِي غِنَاكَ - أَوْ أَضِلَّ فِي هُدَاكَ أَوْ أُضَامَ فِي سُلْطَانِكَ
- أَوْ أُضْطَهَدَ والأَمْرُ لَكَ! اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَفْسِي أَوَّلَ
كَرِيمَةٍ تَنْتَزِعُهَا مِنْ كَرَائِمِي - وأَوَّلَ وَدِيعَةٍ تَرْتَجِعُهَا
مِنْ وَدَائِعِ نِعَمِكَ عِنْدِي! اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ
نَذْهَبَ عَنْ قَوْلِكَ - أَوْ أَنْ نُفْتَتَنَ عَنْ دِينِكَ - أَوْ تَتَابَعَ
بِنَا أَهْوَاؤُنَا (2963) دُونَ الْهُدَى
الَّذِي جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
216- و من خطبة له خطبها بصفين :
|
|||||||||||||||
216 - ومن خطبة له عليهالسلام خطبها بصفين أَمَّا بَعْدُ - فَقَدْ جَعَلَ اللَّه
سُبْحَانَه لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلَايَةِ أَمْرِكُمْ - ولَكُمْ عَلَيَّ
مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ - فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الأَشْيَاءِ
فِي التَّوَاصُفِ - وأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ - لَا يَجْرِي لأَحَدٍ إِلَّا
جَرَى عَلَيْه - ولَا يَجْرِي عَلَيْه إِلَّا جَرَى لَه - ولَوْ كَانَ لأَحَدٍ
أَنْ يَجْرِيَ لَه ولَا يَجْرِيَ عَلَيْه - لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّه
سُبْحَانَه دُونَ خَلْقِه - لِقُدْرَتِه عَلَى عِبَادِه - ولِعَدْلِه فِي كُلِّ
مَا جَرَتْ عَلَيْه صُرُوفُ قَضَائِه - ولَكِنَّه سُبْحَانَه جَعَلَ حَقَّه عَلَى
الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوه - وجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْه مُضَاعَفَةَ
الثَّوَابِ - تَفَضُّلًا مِنْه وتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُه. |
|||||||||||||||
حق الوالي و حق الرعية
|
|||||||||||||||
حق الوالي وحق الرعية ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَه مِنْ حُقُوقِه
حُقُوقاً - افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ - فَجَعَلَهَا
تَتَكَافَأُ (2964) فِي وُجُوهِهَا -
ويُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً - ولَا يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ -.
وأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ سُبْحَانَه مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ - حَقُّ الْوَالِي
عَلَى الرَّعِيَّةِ وحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي - فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا
اللَّه سُبْحَانَه لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ - فَجَعَلَهَا نِظَاماً لأُلْفَتِهِمْ
وعِزّاً لِدِينِهِمْ - فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ
الْوُلَاةِ - ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ -
فَإِذَا أَدَّتْ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّه - وأَدَّى الْوَالِي
إِلَيْهَا حَقَّهَا - عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ وقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ -
واعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وجَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا (2965) السُّنَنُ (2966) - فَصَلَحَ
بِذَلِكَ الزَّمَانُ - وطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ ويَئِسَتْ مَطَامِعُ
الأَعْدَاءِ -. وإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا - أَوْ أَجْحَفَ (2967) الْوَالِي بِرَعِيَّتِه - اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ -
وظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ وكَثُرَ الإِدْغَالُ (2968) فِي الدِّينِ - وتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ (2969) فَعُمِلَ بِالْهَوَى - وعُطِّلَتِ الأَحْكَامُ وكَثُرَتْ عِلَلُ
النُّفُوسِ - فَلَا يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ (2970) حَقٍّ عُطِّلَ - ولَا لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ - فَهُنَالِكَ تَذِلُّ
الأَبْرَارُ وتَعِزُّ الأَشْرَارُ - وتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّه سُبْحَانَه
عِنْدَ الْعِبَادِ -. فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وحُسْنِ
التَّعَاوُنِ عَلَيْه - فَلَيْسَ أَحَدٌ وإِنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَا اللَّه
حِرْصُه - وطَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُه - بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا اللَّه
سُبْحَانَه أَهْلُه مِنَ الطَّاعَةِ لَه - ولَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّه
عَلَى عِبَادِه - النَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ - والتَّعَاوُنُ عَلَى
إِقَامَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ - ولَيْسَ امْرُؤٌ وإِنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُه
- وتَقَدَّمَتْ فِي الدِّينِ فَضِيلَتُه - بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ (2971) عَلَى مَا حَمَّلَه اللَّه مِنْ حَقِّه - ولَا امْرُؤٌ وإِنْ
صَغَّرَتْه النُّفُوسُ - واقْتَحَمَتْه (2972) الْعُيُونُ - بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْه. فَأَجَابَه عليهالسلام رَجُلٌ مِنْ
أَصْحَابِه - بِكَلَامٍ طَوِيلٍ يُكْثِرُ فِيه الثَّنَاءَ عَلَيْه - ويَذْكُرُ
سَمْعَه وطَاعَتَه لَه فَقَالَ عليهالسلام إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ
اللَّه سُبْحَانَه فِي نَفْسِه - وجَلَّ مَوْضِعُه مِنْ قَلْبِه - أَنْ يَصْغُرَ
عِنْدَه لِعِظَمِ ذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاه - وإِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ
لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّه عَلَيْه - ولَطُفَ إِحْسَانُه إِلَيْه فَإِنَّه
لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اللَّه عَلَى أَحَدٍ - إِلَّا ازْدَادَ حَقُّ اللَّه
عَلَيْه عِظَماً - وإِنَّ مِنْ أَسْخَفِ (2973) حَالَاتِ الْوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ - أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ
حُبُّ الْفَخْرِ - ويُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ - وقَدْ كَرِهْتُ أَنْ
يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الإِطْرَاءَ - واسْتِمَاعَ
الثَّنَاءِ ولَسْتُ بِحَمْدِ اللَّه كَذَلِكَ - ولَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ
يُقَالَ ذَلِكَ - لَتَرَكْتُه انْحِطَاطاً لِلَّه سُبْحَانَه - عَنْ تَنَاوُلِ
مَا هُوَ أَحَقُّ بِه مِنَ الْعَظَمَةِ والْكِبْرِيَاءِ - ورُبَّمَا اسْتَحْلَى
النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ (2974) - فَلَا تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ - لإِخْرَاجِي نَفْسِي
إِلَى اللَّه سُبْحَانَه وإِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ (2975) - فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وفَرَائِضَ لَا بُدَّ
مِنْ إِمْضَائِهَا - فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِه الْجَبَابِرَةُ -
ولَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِه عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ (2976) - ولَا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ (2977) ولَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي - ولَا
الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي - فَإِنَّه مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ
يُقَالَ لَه - أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْه كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا
أَثْقَلَ عَلَيْه - فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ
بِعَدْلٍ - فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ - ولَا آمَنُ
ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي - إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ اللَّه مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ
أَمْلَكُ بِه مِنِّي (2978) - فَإِنَّمَا
أَنَا وأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُه - يَمْلِكُ
مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا - وأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيه
إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْه - فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى
وأَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى. -----------------------------
|
|||||||||||||||
217- و من كلام له في التظلم و التشكي من قريش :
|
|||||||||||||||
217 - ومن كلام له عليهالسلام في التظلم والتشكي من قريش اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ (2979) عَلَى قُرَيْشٍ ومَنْ أَعَانَهُمْ - فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي
وأَكْفَئُوا إِنَائِي (2980) - وأَجْمَعُوا
عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِه مِنْ غَيْرِي - وقَالُوا أَلَا
إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَه - وفِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَه فَاصْبِرْ
مَغْمُوماً أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً - فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ (2981) ولَا ذَابٌّ (2982) ولَا مُسَاعِدٌ -
إِلَّا أَهْلَ بَيْتِي فَضَنَنْتُ (2983) بِهِمْ عَنِ
الْمَنِيَّةِ - فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى (2984) وجَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا (2985) - وصَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ -
وآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْزِ الشِّفَارِ (2986). -----------------------------
قال
الشريف رضياللهعنه - وقد
مضى هذا الكلام في أثناء خطبة متقدمة - إلا أني ذكرته هاهنا لاختلاف الروايتين. |
|||||||||||||||
218- و من كلام له في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه السلام
:
|
|||||||||||||||
218 - ومن كلام له عليهالسلام في ذكر السائرين إلى البصرة
لحربه عليهالسلام فَقَدِمُوا عَلَى عُمَّالِي وخُزَّانِ
بَيْتِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي فِي يَدَيَّ - وعَلَى أَهْلِ مِصْرٍ كُلُّهُمْ
فِي طَاعَتِي وعَلَى بَيْعَتِي - فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وأَفْسَدُوا عَلَيَّ
جَمَاعَتَهُمْ - ووَثَبُوا عَلَى شِيعَتِي فَقَتَلُوا طَاِئفَةً منْهُمْ غَدْراً
- وطَاِئفَةٌ عَضُّوا عَلَى أَسْيَافِهِمْ (2987) - فَضَارَبُوا بِهَا حَتَّى لَقُوا اللَّه صَادِقِينَ. ----------------------------- (2987)
العضّ على السيوف: كناية
عن الصبر في الحرب وترك الاستسلام. |
|||||||||||||||
219- و من كلام له لما مر بطلحة بن عبد الله و عبد
الرحمن بن عتاب بن أسيد و هما قتيلان يوم الجمل :
|
|||||||||||||||
219 - ومن كلام له عليهالسلام لما مر بطلحة بن عبد الله
وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد - وهما قتيلان يوم الجمل: لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَذَا
الْمَكَانِ غَرِيباً - أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَه أَنْ تَكُونَ
قُرَيْشٌ قَتْلَى - تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ - أَدْرَكْتُ وَتْرِي (2988) مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ - وأَفْلَتَتْنِي أَعْيَانُ بَنِي جُمَحَ -
لَقَدْ أَتْلَعُوا (2989) أَعْنَاقَهُمْ
إِلَى أَمْرٍ - لَمْ يَكُونُوا أَهْلَه فَوُقِصُوا (2990) دُونَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
220- و من كلام له في وصف السالك الطريق إلى اللّه سبحانه :
|
|||||||||||||||
220 - ومن كلام له عليهالسلام في وصف السالك الطريق إلى
اللَّه سبحانه قَدْ أَحْيَا عَقْلَه (2991) وأَمَاتَ نَفْسَه (2992) حَتَّى دَقَّ
جَلِيلُه (2993) - ولَطُفَ
غَلِيظُه (2994) وبَرَقَ لَه
لَامِعٌ كَثِيرُ الْبَرْقِ - فَأَبَانَ لَه الطَّرِيقَ وسَلَكَ بِه السَّبِيلَ -
وتَدَافَعَتْه (2995) الأَبْوَابُ إِلَى
بَابِ السَّلَامَةِ ودَارِ الإِقَامَةِ - وثَبَتَتْ رِجْلَاه بِطُمَأْنِينَةِ
بَدَنِه فِي قَرَارِ الأَمْنِ والرَّاحَةِ - بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَه وأَرْضَى
رَبَّه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
221- و من كلام له قاله بعد تلاوته :
|
|||||||||||||||
221 - ومن كلام له عليهالسلام قاله بعد تلاوته (أَلْهاكُمُ
التَّكاثُرُ (2996)
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) - يَا لَه
مَرَاماً (2997) مَا أَبْعَدَه
وزَوْراً (2998) مَا أَغْفَلَه (2999) - وخَطَراً مَا أَفْظَعَه - لَقَدِ اسْتَخْلَوْا (3000) مِنْهُمْ أَيَّ مُدَّكِرٍ (3001) وتَنَاوَشُوهُمْ (3002) مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ - أَفَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ يَفْخَرُونَ - أَمْ
بِعَدِيدِ الْهَلْكَى يَتَكَاثَرُونَ يَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ (3003) وحَرَكَاتٍ سَكَنَتْ - ولأَنْ يَكُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ
يَكُونُوا مُفْتَخَراً - ولأَنْ يَهْبِطُوا بِهِمْ جَنَابَ ذِلَّةٍ - أَحْجَى (3004) مِنْ أَنْ يَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّةٍ - لَقَدْ نَظَرُوا
إِلَيْهِمْ بِأَبْصَارِ الْعَشْوَةِ (3005) - وضَرَبُوا
مِنْهُمْ فِي غَمْرَةِ جَهَالَةٍ - ولَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ
تِلْكَ الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ (3006) - والرُّبُوعِ (3007) الْخَالِيَةِ لَقَالَتْ - ذَهَبُوا فِي الأَرْضِ ضُلَّالًا (3008) وذَهَبْتُمْ فِي أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا - تَطَئُونَ فِي هَامِهِمْ (3009) وتَسْتَنْبِتُونَ (3010) فِي أَجْسَادِهِمْ
- وتَرْتَعُونَ (3011) فِيمَا لَفَظُوا
وتَسْكُنُونَ فِيمَا خَرَّبُوا - وإِنَّمَا الأَيَّامُ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمْ
بَوَاكٍ (3012) ونَوَائِحُ (3013) عَلَيْكُمْ. أُولَئِكُمْ سَلَفُ غَايَتِكُمْ (3014) وفُرَّاطُ (3015) مَنَاهِلِكُمْ (3016) - الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ (3017) الْعِزِّ - وحَلَبَاتُ (3018) الْفَخْرِ
مُلُوكاً وسُوَقاً (3019) سَلَكُوا فِي
بُطُونِ الْبَرْزَخِ (3020) سَبِيلًا
سُلِّطَتِ الأَرْضُ عَلَيْهِمْ فِيه - فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وشَرِبَتْ
مِنْ دِمَائِهِمْ - فَأَصْبَحُوا فِي فَجَوَاتِ (3021) قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا يَنْمُونَ (3022) - وضِمَاراً (3023) لَا يُوجَدُونَ -
لَا يُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الأَهْوَالِ - ولَا يَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ
الأَحْوَالِ - ولَا يَحْفِلُونَ (3024) بِالرَّوَاجِفِ (3025) ولَا يَأْذَنُونَ (3026) لِلْقَوَاصِفِ (3027) - غُيَّباً لَا يُنْتَظَرُونَ وشُهُوداً لَا يَحْضُرُونَ - وإِنَّمَا
كَانُوا جَمِيعاً فَتَشَتَّتُوا وآلَافاً (3028) فَافْتَرَقُوا - ومَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ ولَا بُعْدِ مَحَلِّهِمْ -
عَمِيَتْ أَخْبَارُهُمْ وصَمَّتْ (3029) دِيَارُهُمْ -
ولَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً - وبِالسَّمْعِ
صَمَماً وبِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً - فَكَأَنَّهُمْ فِي ارْتِجَالِ الصِّفَةِ (3030) صَرْعَى (3031) سُبَاتٍ (3032) - جِيرَانٌ لَا يَتَأَنَّسُونَ وأَحِبَّاءُ لَا يَتَزَاوَرُونَ -
بَلِيَتْ (3033) بَيْنَهُمْ عُرَا (3034) التَّعَارُفِ - وانْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الإِخَاءِ -
فَكُلُّهُمْ وَحِيدٌ وهُمْ جَمِيعٌ - وبِجَانِبِ الْهَجْرِ وهُمْ أَخِلَّاءُ -
لَا يَتَعَارَفُونَ لِلَيْلٍ صَبَاحاً ولَا لِنَهَارٍ مَسَاءً. أَيُّ الْجَدِيدَيْنِ (3035) ظَعَنُوا فِيه كَانَ عَلَيْهِمْ سَرْمَداً - شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ
دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا - ورَأَوْا مِنْ آيَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا
قَدَّرُوا - فَكِلْتَا الْغَايَتَيْنِ (3036) مُدَّتْ لَهُمْ - إِلَى مَبَاءَةٍ (3037) فَاتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ والرَّجَاءِ - فَلَوْ كَانُوا يَنْطِقُونَ
بِهَا - لَعَيُّوا (3038) بِصِفَةِ مَا
شَاهَدُوا ومَا عَايَنُوا. ولَئِنْ عَمِيَتْ آثَارُهُمْ وانْقَطَعَتْ
أَخْبَارُهُمْ - لَقَدْ رَجَعَتْ فِيهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ (3039) - وسَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ - وتَكَلَّمُوا مِنْ غَيْرِ
جِهَاتِ النُّطْقِ - فَقَالُوا كَلَحَتِ (3040) الْوُجُوه النَّوَاضِرُ (3041) وخَوَتِ (3042) الأَجْسَامُ النَّوَاعِمُ - ولَبِسْنَا أَهْدَامَ (3044) الْبِلَى وتَكَاءَدَنَا ضِيقُ الْمَضْجَعِ - وتَوَارَثْنَا الْوَحْشَةَ
وتَهَكَّمَتْ (3045) عَلَيْنَا
الرُّبُوعُ (3046) الصُّمُوتُ (3047) - فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وتَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ
صُوَرِنَا - وطَالَتْ فِي مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا - ولَمْ نَجِدْ
مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً ولَا مِنْ ضِيقٍ مُتَّسَعاً - فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ
بِعَقْلِكَ - أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَكَ - وقَدِ
ارْتَسَخَتْ (3048) أَسْمَاعُهُمْ
بِالْهَوَامِّ (3049) فَاسْتَكَّتْ (3050) - واكْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَاب فَخَسَفَتْ (3051) - وتَقَطَّعَتِ الأَلْسِنَةُ فِي أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلَاقَتِهَا (3052) - وهَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِي صُدُورِهِمْ بَعْدَ يَقَظَتِهَا - وعَاثَ (3053) فِي كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ جَدِيدُ بِلًى (3054) سَمَّجَهَا (3055) - وسَهَّلَ طُرُقَ
الآفَةِ إِلَيْهَا - مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلَا أَيْدٍ تَدْفَعُ ولَا قُلُوبٌ
تَجْزَعُ - لَرَأَيْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ (3056) وأَقْذَاءَ عُيُونٍ (3057) - لَهُمْ فِي
كُلِّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لَا تَنْتَقِلُ - وغَمْرَةٌ (3058) لَا تَنْجَلِي - فَكَمْ أَكَلَتِ الأَرْضُ مِنْ عَزِيزِ جَسَدٍ
وأَنِيقِ (3059) لَوْنٍ - كَانَ
فِي الدُّنْيَا غَذِيَّ (3060) تَرَفٍ ورَبِيبَ (3061) شَرَفٍ - يَتَعَلَّلُ (3062) بِالسُّرُورِ فِي
سَاعَةِ حُزْنِه - ويَفْزَعُ إِلَى السَّلْوَةِ (3063) إِنْ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِه - ضَنّاً (3064) بِغَضَارَةِ (3065) عَيْشِه وشَحَاحَةً (3066) بِلَهْوِه ولَعِبِه فَبَيْنَا هُوَ يَضْحَكُ إِلَى الدُّنْيَا
وتَضْحَكُ إِلَيْه - فِي ظِلِّ عَيْشٍ غَفُولٍ (3067) إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِه حَسَكَه (3068) - ونَقَضَتِ الأَيَّامُ قُوَاه - ونَظَرَتْ إِلَيْه الْحُتُوفُ (3069) مِنْ كَثَبٍ (3070) - فَخَالَطَه (3071) بَثٌّ (3072) لَا يَعْرِفُه
ونَجِيُّ (3073) هَمٍّ مَا كَانَ
يَجِدُه - وتَوَلَّدَتْ فِيه فَتَرَاتُ (3074) عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِه - فَفَزِعَ إِلَى مَا كَانَ
عَوَّدَه الأَطِبَّاءُ - مِنْ تَسْكِينِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ (3075) وتَحْرِيكِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ - فَلَمْ يُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا
ثَوَّرَ حَرَارَةً - ولَا حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلَّا هَيَّجَ بُرُودَةً - ولَا
اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ (3076) لِتِلْكَ الطَّبَائِعِ
- إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ - حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُه (3077) وذَهَلَ مُمَرِّضُه - وتَعَايَا (3078) أَهْلُه بِصِفَةِ دَائِه - وخَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّاِئِلينَ عَنْه
- وتَنَازَعُوا دُونَه شَجِيَّ خَبَرٍ يَكْتُمُونَه - فَقَائِلٌ يَقُولُ هُوَ
لِمَا بِه (3079) ومُمَنٍّ (3080) لَهُمْ إِيَابَ (3081) عَافِيَتِه -
ومُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى فَقْدِه - يُذَكِّرُهُمْ أُسَى (3082) الْمَاضِينَ مِنْ قَبْلِه - فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَنَاحٍ
مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا - وتَرْكِ الأَحِبَّةِ - إِذْ عَرَضَ لَه عَارِضٌ مِنْ
غُصَصِه - فَتَحَيَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِه (3083) ويَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِه - فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِه
عَرَفَه فَعَيَّ (3084) عَنْ رَدِّه -
ودُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِه سَمِعَه فَتَصَامَّ عَنْه - مِنْ كَبِيرٍ كَانَ يُعَظِّمُه
أَوْ صَغِيرٍ كَانَ يَرْحَمُه - وإِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ (3085) هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ - أَوْ تَعْتَدِلَ
عَلَى عُقُولِ (3086) أَهْلِ
الدُّنْيَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
222- و من كلام له قاله عند تلاوته :
|
|||||||||||||||
222 - ومن كلام له عليهالسلام قاله عند تلاوته: (يُسَبِّحُ
لَه فِيها بِالْغُدُوِّ والآصالِ رِجالٌ - لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ الله). إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى جَعَلَ
الذِّكْرَ (3087) جِلاءً (3088) لِلْقُلُوبِ - تَسْمَعُ بِه بَعْدَ الْوَقْرَةِ (3089) وتُبْصِرُ بِه بَعْدَ الْعَشْوَةِ (3090) - وتَنْقَادُ بِه بَعْدَ الْمُعَانَدَةِ - ومَا بَرِحَ لِلَّه عَزَّتْ
آلَاؤُه فِي الْبُرْهَةِ بَعْدَ الْبُرْهَةِ - وفِي أَزْمَانِ الْفَتَرَاتِ (3091) عِبَادٌ نَاجَاهُمْ (3092) فِي فِكْرِهِمْ -
وكَلَّمَهُمْ فِي ذَاتِ عُقُولِهِمْ - فَاسْتَصْبَحُوا (3093) بِنُورِ يَقَظَةٍ فِي الأَبْصَارِ والأَسْمَاعِ والأَفْئِدَةِ -
يُذَكِّرُونَ بِأَيَّامِ اللَّه ويُخَوِّفُونَ مَقَامَه - بِمَنْزِلَةِ
الأَدِلَّةِ (3094) فِي الْفَلَوَاتِ (3095) - مَنْ أَخَذَ الْقَصْدَ (3096) حَمِدُوا إِلَيْه
طَرِيقَه وبَشَّرُوه بِالنَّجَاةِ - ومَنْ أَخَذَ يَمِيناً وشِمَالًا ذَمُّوا
إِلَيْه الطَّرِيقَ - وحَذَّرُوه مِنَ الْهَلَكَةِ - وكَانُوا كَذَلِكَ
مَصَابِيحَ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ - وأَدِلَّةَ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ - وإِنَّ
لِلذِّكْرِ لأَهْلًا أَخَذُوه مِنَ الدُّنْيَا بَدَلًا - فَلَمْ تَشْغَلْهُمْ
تِجَارَةٌ ولَا بَيْعٌ عَنْه - يَقْطَعُونَ بِه أَيَّامَ الْحَيَاةِ -
ويَهْتِفُونَ (3097) بِالزَّوَاجِرِ
عَنْ مَحَارِمِ اللَّه فِي أَسْمَاعِ الْغَافِلِينَ - ويَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ (3098) ويَأْتَمِرُونَ بِه (3099) - ويَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ ويَتَنَاهَوْنَ عَنْه - فَكَأَنَّمَا قَطَعُوا الدُّنْيَا
إِلَى الآخِرَةِ وهُمْ فِيهَا - فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ - فَكَأَنَّمَا
اطَّلَعُوا غُيُوبَ أَهْلِ الْبَرْزَخِ
فِي طُولِ الإِقَامَةِ فِيه - وحَقَّقَتِ الْقِيَامَةُ عَلَيْهِمْ
عِدَاتِهَا (3100) - فَكَشَفُوا
غِطَاءَ ذَلِكَ لأَهْلِ الدُّنْيَا - حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا يَرَى
النَّاسُ ويَسْمَعُونَ مَا لَا يَسْمَعُونَ - فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ لِعَقْلِكَ
فِي مَقَاوِمِهِمُ (3101) الْمَحْمُودَةِ -
ومَجَالِسِهِمُ الْمَشْهُودَةِ - وقَدْ نَشَرُوا دَوَاوِينَ (3102) أَعْمَالِهِمْ - وفَرَغُوا لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى كُلِّ
صَغِيرَةٍ وكَبِيرَةٍ - أُمِرُوا بِهَا فَقَصَّرُوا عَنْهَا أَوْ نُهُوا عَنْهَا
فَفَرَّطُوا فيهَا - وحَمَّلُوا ثِقَلَ أَوْزَاِرِهمْ (3103) ظُهُورَهُمْ - فَضَعُفُوا عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِهَا - فَنَشَجُوا (3104) نَشِيجاً وتَجَاوَبُوا نَحِيباً (3105) - يَعِجُّونَ (3106) إِلَى رَبِّهِمْ
مِنْ مَقَامِ نَدَمٍ واعْتِرَافٍ - لَرَأَيْتَ أَعْلَامَ هُدًى ومَصَابِيحَ
دُجًى - قَدْ حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ - وتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ
السَّكِينَةُ - وفُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وأُعِدَّتْ لَهُمْ
مَقَاعِدُ الْكَرَامَاتِ - فِي مَقْعَدٍ اطَّلَعَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِيه -
فَرَضِيَ سَعْيَهُمْ وحَمِدَ مَقَامَهُمْ - يَتَنَسَّمُونَ (3107) بِدُعَائِه رَوْحَ التَّجَاوُزِ - رَهَائِنُ فَاقَةٍ إِلَى فَضْلِه
وأُسَارَى ذِلَّةٍ لِعَظَمَتِه - جَرَحَ طُولُ الأَسَى (3108) قُلُوبَهُمْ وطُولُ الْبُكَاءِ عُيُونَهُمْ - لِكُلِّ بَابِ رَغْبَةٍ
إِلَى اللَّه مِنْهُمْ يَدٌ قَارِعَةٌ - يَسْأَلُونَ مَنْ لَا تَضِيقُ لَدَيْه
الْمَنَادِحُ (3109) - ولَا يَخِيبُ
عَلَيْه الرَّاغِبُونَ. فَحَاسِبْ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ فَإِنَّ
غَيْرَهَا مِنَ الأَنْفُسِ لَهَا حَسِيبٌ غَيْرُكَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
223- و من كلام له قاله عند تلاوته { يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ
ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } :
|
|||||||||||||||
223 - ومن كلام له عليهالسلام قاله عند تلاوته: (يا
أَيُّهَا الإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ). أَدْحَضُ (3110) مَسْئُولٍ حُجَّةً وأَقْطَعُ مُغْتَرٍّ مَعْذِرَةً - لَقَدْ أَبْرَحَ (3111) جَهَالَةً بِنَفْسِه. يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا جَرَّأَكَ
عَلَى ذَنْبِكَ - ومَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ومَا أَنَّسَكَ بِهَلَكَةِ نَفْسِكَ -
أَمَا مِنْ دَائِكَ بُلُولٌ (3112) أَمْ لَيْسَ مِنْ
نَوْمَتِكَ يَقَظَةٌ - أَمَا تَرْحَمُ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَرْحَمُ مِنْ غَيْرِكَ
- فَلَرُبَّمَا تَرَى الضَّاحِيَ (3113) مِنْ حَرِّ
الشَّمْسِ فَتُظِلُّه - أَوْ تَرَى الْمُبْتَلَى بِأَلَمٍ يُمِضُّ جَسَدَه (3114) فَتَبْكِي رَحْمَةً لَه - فَمَا صَبَّرَكَ عَلَى دَائِكَ وجَلَّدَكَ
عَلَى مُصَابِكَ - وعَزَّاكَ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى نَفْسِكَ - وهِيَ أَعَزُّ
الأَنْفُسِ عَلَيْكَ - وكَيْفَ لَا يُوقِظُكَ خَوْفُ بَيَاتِ نِقْمَةٍ (3115) - وقَدْ تَوَرَّطْتَ بِمَعَاصِيه مَدَارِجَ سَطَوَاتِه - فَتَدَاوَ
مِنْ دَاءِ الْفَتْرَةِ فِي قَلْبِكَ بِعَزِيمَةٍ - ومِنْ كَرَى (3116) الْغَفْلَةِ فِي نَاظِرِكَ بِيَقَظَةٍ - وكُنْ لِلَّه مُطِيعاً
وبِذِكْرِه آنِساً - وتَمَثَّلْ (3117) فِي حَالِ
تَوَلِّيكَ (3118) عَنْه -
إِقْبَالَه عَلَيْكَ يَدْعُوكَ إِلَى عَفْوِه - ويَتَغَمَّدُكَ (3119) بِفَضْلِه وأَنْتَ مُتَوَلٍّ عَنْه إِلَى غَيْرِه فَتَعَالَى مِنْ
قَوِيٍّ مَا أَكْرَمَه - وتَوَاضَعْتَ مِنْ ضَعِيفٍ مَا أَجْرَأَكَ عَلَى
مَعْصِيَتِه - وأَنْتَ فِي كَنَفِ سِتْرِه مُقِيمٌ - وفِي سَعَةِ فَضْلِه
مُتَقَلِّبٌ - فَلَمْ يَمْنَعْكَ فَضْلَه ولَمْ يَهْتِكْ عَنْكَ سِتْرَه - بَلْ
لَمْ تَخْلُ مِنْ لُطْفِه مَطْرَفَ عَيْنٍ (3120) - فِي نِعْمَةٍ يُحْدِثُهَا لَكَ أَوْ سَيِّئَةٍ يَسْتُرُهَا عَلَيْكَ
- أَوْ بَلِيَّةٍ يَصْرِفُهَا عَنْكَ فَمَا ظَنُّكَ بِه لَوْ أَطَعْتَه - وايْمُ
اللَّه لَوْ أَنَّ هَذِه الصِّفَةَ كَانَتْ فِي مُتَّفِقَيْنِ فِي الْقُوَّةِ -
مُتَوَازِيَيْنِ فِي الْقُدْرَةِ - لَكُنْتَ أَوَّلَ حَاكِمٍ عَلَى نَفْسِكَ
بِذَمِيمِ الأَخْلَاقِ - ومَسَاوِئِ الأَعْمَالِ - وحَقّاً أَقُولُ مَا
الدُّنْيَا غَرَّتْكَ ولَكِنْ بِهَا اغْتَرَرْتَ - ولَقَدْ كَاشَفَتْكَ
الْعِظَاتِ (3121) وآذَنَتْكَ (3122) عَلَى سَوَاءٍ - ولَهِيَ بِمَا تَعِدُكَ مِنْ نُزُولِ الْبَلَاءِ
بِجِسْمِكَ - والنَّقْصِ فِي قُوَّتِكَ أَصْدَقُ وأَوْفَى مِنْ أَنْ تَكْذِبَكَ
أَوْ تَغُرَّكَ - ولَرُبَّ نَاصِحٍ لَهَا عِنْدَكَ مُتَّهَمٌ (3123) - وصَادِقٍ مِنْ خَبَرِهَا مُكَذَّبٌ - ولَئِنْ تَعَرَّفْتَهَا (3124) فِي الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ والرُّبُوعِ الْخَالِيَةِ -
لَتَجِدَنَّهَا مِنْ حُسْنِ تَذْكِيرِكَ - وبَلَاغِ مَوْعِظَتِكَ - بِمَحَلَّةِ
الشَّفِيقِ عَلَيْكَ والشَّحِيحِ (3125) بِكَ - ولَنِعْمَ
دَارُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا دَاراً - ومَحَلُّ مَنْ لَمْ يُوَطِّنْهَا (3126) مَحَلاًّ - وإِنَّ السُّعَدَاءَ بِالدُّنْيَا غَداً هُمُ الْهَارِبُونَ
مِنْهَا الْيَوْمَ. إِذَا رَجَفَتِ الرَّاجِفَةُ (3127) وحَقَّتْ (3128) بِجَلَائِلِهَا
الْقِيَامَةُ - ولَحِقَ بِكُلِّ مَنْسَكٍ (3129) أَهْلُه وبِكُلِّ مَعْبُودٍ عَبَدَتُه - وبِكُلِّ مُطَاعٍ أَهْلُ
طَاعَتِه - فَلَمْ يُجْزَ (3130) فِي عَدْلِه
وقِسْطِه يَوْمَئِذٍ خَرْقُ بَصَرٍ فِي الْهَوَاءِ - ولَا هَمْسُ قَدَمٍ فِي
الأَرْضِ إِلَّا بِحَقِّه - فَكَمْ حُجَّةٍ يَوْمَ ذَاكَ دَاحِضَةٌ - وعَلَائِقِ
عُذْرٍ مُنْقَطِعَةٌ! فَتَحَرَّ (3131) مِنْ أَمْرِكَ مَا يَقُومُ بِه عُذْرُكَ وتَثْبُتُ بِه حُجَّتُكَ -
وخُذْ مَا يَبْقَى لَكَ مِمَّا لَا تَبْقَى لَه - وتَيَسَّرْ (3132) لِسَفَرِكَ وشِمْ (3133) بَرْقَ النَّجَاةِ
وارْحَلْ (3134) مَطَايَا
التَّشْمِيرِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
224- و من كلام له يتبرأ من الظلم :
|
|||||||||||||||
224 - ومن كلام له عليهالسلام يتبرأ من الظلم واللَّه لأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ
السَّعْدَانِ (3135) مُسَهَّداً (3136) - أَوْ أُجَرَّ فِي الأَغْلَالِ مُصَفَّداً - أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ أَلْقَى اللَّه ورَسُولَه يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً - لِبَعْضِ الْعِبَادِ
- وغَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ - وكَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ
يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا (3137) - ويَطُولُ فِي
الثَّرَى (3138) حُلُولُهَا! واللَّه لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا وقَدْ
أَمْلَقَ (3139) - حَتَّى
اسْتَمَاحَنِي (3140) مِنْ بُرِّكُمْ (3141) صَاعاً - ورَأَيْتُ صِبْيَانَه شُعْثَ (3142) الشُّعُورِ غُبْرَ (3143) الأَلْوَانِ مِنْ
فَقْرِهِمْ - كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ (3144) - وعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً -
فَأَصْغَيْتُ إِلَيْه سَمْعِي فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُه دِينِي - وأَتَّبِعُ
قِيَادَه (3145) مُفَارِقاً
طَرِيقَتِي – فَأَحْمَيْتُ لَه حَدِيدَةً ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِه
لِيَعْتَبِرَ بِهَا - فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ (3146) مِنْ أَلَمِهَا - وكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا (3147) - فَقُلْتُ لَه ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ (3148) يَا عَقِيلُ - أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا
لِلَعِبِه - وتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِه -
أَتَئِنُّ مِنَ الأَذَى ولَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى (3149) - وأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ (3150) فِي وِعَائِهَا - ومَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا (3151) - كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا - فَقُلْتُ
أَصِلَةٌ (3152) أَمْ زَكَاةٌ أَمْ
صَدَقَةٌ - فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ - فَقَالَ لَا ذَا
ولَا ذَاكَ ولَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ - فَقُلْتُ هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ (3153) أَعَنْ دِينِ اللَّه أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي - أَمُخْتَبِطٌ (3154) أَنْتَ أَمْ ذُو جِنَّةٍ (3155) أَمْ تَهْجُرُ (3156) - واللَّه لَوْ أُعْطِيتُ الأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ
أَفْلَاكِهَا - عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّه فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ (3157) شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُه - وإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لأَهْوَنُ مِنْ
وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا (3158) - مَا لِعَلِيٍّ ولِنَعِيمٍ يَفْنَى ولَذَّةٍ لَا تَبْقَى - نَعُوذُ
بِاللَّه مِنْ سُبَاتِ (3159) الْعَقْلِ وقُبْحِ
الزَّلَلِ وبِه نَسْتَعِينُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
225- و من دعاء له يلتجئ إلى اللّه أن يغنيه :
|
|||||||||||||||
225 - ومن دعاء له عليهالسلام يلتجئ إلى اللَّه أن يغنيه اللَّهُمَّ صُنْ وَجْهِي (3160) بِالْيَسَارِ (3161) ولَا تَبْذُلْ
جَاهِيَ (3162) بِالإِقْتَارِ (3163) - فَأَسْتَرْزِقَ طَالِبِي رِزْقِكَ وأَسْتَعْطِفَ شِرَارَ خَلْقِكَ -
وأُبْتَلَى بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي وأُفْتَتَنَ بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي -
وأَنْتَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّه وَلِيُّ الإِعْطَاءِ والْمَنْعِ - (إِنَّكَ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). -----------------------------
|
|||||||||||||||
226- و من خطبة له في التنفير من الدنيا :
|
|||||||||||||||
226 - ومن خطبة له عليهالسلام في التنفير من الدنيا دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ
وبِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ - لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا ولَا يَسْلَمُ نُزَّالُهَا
(3164). أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وتَارَاتٌ
مُتَصَرِّفَةٌ (3165) - الْعَيْشُ
فِيهَا مَذْمُومٌ والأَمَانُ مِنْهَا مَعْدُومٌ - وإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا
أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ (3166) - تَرْمِيهِمْ
بِسِهَامِهَا وتُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا (3167). واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّكُمْ ومَا
أَنْتُمْ فِيه مِنْ هَذِه الدُّنْيَا - عَلَى سَبِيلِ مَنْ قَدْ مَضَى
قَبْلَكُمْ - مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وأَعْمَرَ دِيَاراً
وأَبْعَدَ آثَاراً (3168) - أَصْبَحَتْ
أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً ورِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً (3169) - وأَجْسَادُهُمْ بَالِيَةً ودِيَارُهُمْ خَالِيَةً وآثَارُهُمْ
عَافِيَةً (3170) - فَاسْتَبْدَلُوا
بِالْقُصُورِ الْمَشَيَّدَةِ والنَّمَارِقِ (3171) الْمُمَهَّدَةِ (3172) - الصُّخُورَ
والأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ والْقُبُورَ اللَّاطِئَةَ (3173) الْمُلْحَدَةَ (3174) - الَّتِي قَدْ
بُنِيَ عَلَى الْخَرَابِ فِنَاؤُهَا (3175) - وشُيِّدَ
بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وسَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ -
بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشِينَ وأَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِينَ - لَا
يَسْتَأْنِسُونَ بِالأَوْطَانِ ولَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِيرَانِ -
عَلَى مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ ودُنُوِّ الدَّارِ - وكَيْفَ
يَكُونُ بَيْنَهُمْ تَزَاوُرٌ وقَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِه (3176) الْبِلَى (3177) - وأَكَلَتْهُمُ
الْجَنَادِلُ (3178) والثَّرَى (3179)! وكَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا صَارُوا
إِلَيْه - وارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ (3180) وضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ - فَكَيْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ (3181) بِكُمُ الأُمُورُ - وبُعْثِرَتِ الْقُبُورُ (3182): (هُنالِكَ تَبْلُوا (3183) كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ - ورُدُّوا
إِلَى الله مَوْلاهُمُ الْحَقِّ - وضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ). -----------------------------
|
|||||||||||||||
227- و من دعاء له يلجأ فيه إلى اللّه ليهديه إلى الرشاد :
|
|||||||||||||||
227 - ومن دعاء له عليهالسلام يلجأ فيه إلى اللَّه ليهديه
إلى الرشاد اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ (3184) الآنِسِينَ لأَوْلِيَائِكَ - وأَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ
لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ - تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وتَطَّلِعُ
عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ - وتَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ -
فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وقُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ (3185) - إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ - وإِنْ صُبَّتْ
عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَى الِاسْتِجَارَةِ بِكَ - عِلْماً بِأَنَّ
أَزِمَّةَ الأُمُورِ بِيَدِكَ - ومَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ. اللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ (3186) عَنْ مَسْأَلَتِي أَوْ عَمِيتُ عَنْ طِلْبَتِي (3187) - فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي - وخُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَرَاشِدِي (3188) - فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ (3189) مِنْ هِدَايَاتِكَ - ولَا بِبِدْعٍ (3190) مِنْ كِفَايَاتِكَ اللَّهُمَّ احْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ
ولَا تَحْمِلْنِي عَلَى عَدْلِكَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
228- و من كلام له يريد به بعض أصحابه :
|
|||||||||||||||
228 - ومن كلام له عليهالسلام يريد به بعض أصحابه لِلَّه بَلَاءُ فُلَانٍ (3191) فَلَقَدْ قَوَّمَ (3192) الأَوَدَ ودَاوَى
الْعَمَدَ (3193) - وأَقَامَ
السُّنَّةَ وخَلَّفَ (3194) الْفِتْنَةَ -
ذَهَبَ نَقِيَّ الثَّوْبِ قَلِيلَ الْعَيْبِ - أَصَابَ خَيْرَهَا وسَبَقَ
شَرَّهَا - أَدَّى إِلَى اللَّه طَاعَتَه واتَّقَاه بِحَقِّه - رَحَلَ
وتَرَكَهُمْ فِي طُرُقٍ مُتَشَعِّبَةٍ (3195) - لَا يَهْتَدِي بِهَا الضَّالُّ ولَا يَسْتَيْقِنُ الْمُهْتَدِي. -----------------------------
|
|||||||||||||||
229- و من كلام له في وصف بيعته بالخلافة :
|
|||||||||||||||
229 - ومن كلام له عليهالسلام في وصف بيعته بالخلافة قال الشريف: وقد تقدم مثله
بألفاظ مختلفة. وبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا
ومَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا - ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ (3196) تَدَاكَّ الإِبِلِ الْهِيمِ (3197) - عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا - حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ -
وسَقَطَ الرِّدَاءُ ووُطِئَ الضَّعِيفُ - وبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ
بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ - أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ وهَدَجَ (3198) إِلَيْهَا الْكَبِيرُ - وتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ وحَسَرَتْ (3199) إِلَيْهَا الْكِعَابُ (3200). -----------------------------
|
|||||||||||||||
230- و من خطبة له في مقاصد أخرى :
|
|||||||||||||||
230 - ومن خطبة له عليهالسلام في مقاصد أخرى فَإِنَّ تَقْوَى اللَّه مِفْتَاحُ سَدَادٍ
- وذَخِيرَةُ مَعَادٍ وعِتْقٌ مِنْ كُلِّ مَلَكَةٍ (3201) - ونَجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ (3202) بِهَا يَنْجَحُ الطَّالِبُ - ويَنْجُو الْهَارِبُ وتُنَالُ
الرَّغَائِبُ. |
|||||||||||||||
فضل العمل
|
|||||||||||||||
فضل العمل فَاعْمَلُوا والْعَمَلُ يُرْفَعُ -
والتَّوْبَةُ تَنْفَعُ والدُّعَاءُ يُسْمَعُ - والْحَالُ هَادِئَةٌ والأَقْلَامُ
جَارِيَةٌ - وبَادِرُوا (3203) بِالأَعْمَالِ
عُمُراً نَاكِساً (3204) - أَوْ مَرَضاً
حَابِساً (3205) أَوْ مَوْتاً
خَالِساً (3206) - فَإِنَّ
الْمَوْتَ هَادِمُ لَذَّاتِكُمْ - ومُكَدِّرُ شَهَوَاتِكُمْ ومُبَاعِدُ
طِيَّاتِكُمْ (3207) - زَائِرٌ غَيْرُ
مَحْبُوبٍ وقِرْنٌ (3208) غَيْرُ مَغْلُوبٍ
- ووَاتِرٌ (3209) غَيْرُ مَطْلُوبٍ
- قَدْ أَعْلَقَتْكُمْ حَبَائِلُه (3210) -
وتَكَنَّفَتْكُمْ (3211) غَوَائِلُه (3212) وأَقْصَدَتْكُمْ (3213) مَعَابِلُه (3214) - وعَظُمَتْ فِيكُمْ سَطْوَتُه وتَتَابَعَتْ عَلَيْكُمْ عَدْوَتُه (3215) -----------------------------
وقَلَّتْ عَنْكُمْ نَبْوَتُه (3216) - فَيُوشِكُ (3217) أَنْ تَغْشَاكُمْ (3218) دَوَاجِي (3219) ظُلَلِه (3220) - واحْتِدَامُ (3221) عِلَلِه
وحَنَادِسُ (3222) غَمَرَاتِه (3223) - وغَوَاشِي سَكَرَاتِه وأَلِيمُ إِرْهَاقِه (3234) - ودُجُوُّ (3235) أَطْبَاقِه (3236) وجُشُوبَةُ (3237) مَذَاقِه -
فَكَأَنْ قَدْ أَتَاكُمْ بَغْتَةً فَأَسْكَتَ نَجِيَّكُمْ (3228) - وفَرَّقَ نَدِيَّكُمْ (3229) وعَفَّى
آثَارَكُمْ (3230) - وعَطَّلَ
دِيَارَكُمْ وبَعَثَ وُرَّاثَكُمْ - يَقْتَسِمُونَ تُرَاثَكُمْ (3231) بَيْنَ حَمِيمٍ (3232) خَاصٍّ لَمْ
يَنْفَعْ - وقَرِيبٍ مَحْزُونٍ لَمْ يَمْنَعْ - وآخَرَ شَامِتٍ لَمْ يَجْزَعْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
فضل الجد
|
|||||||||||||||
فضل الجد فَعَلَيْكُمْ بِالْجَدِّ والِاجْتِهَادِ
والتَّأَهُّبِ والِاسْتِعْدَادِ - والتَّزَوُّدِ فِي مَنْزِلِ الزَّادِ - ولَا
تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا - كَمَا غَرَّتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
مِنَ الأُمَمِ الْمَاضِيَةِ - والْقُرُونِ الْخَالِيَةِ الَّذِينَ احْتَلَبُوا
دِرَّتَهَا (3233) - وأَصَابُوا
غِرَّتَهَا (3234) وأَفْنَوْا
عِدَّتَهَا - وأَخْلَقُوا جِدَّتَهَا (3235) وأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ أَجْدَاثاً (3236) - وأَمْوَالُهُمْ مِيرَاثاً لَا يَعْرِفُونَ مَنْ أَتَاهُمْ - ولَا
يَحْفِلُونَ مَنْ بَكَاهُمْ (3237) ولَا يُجِيبُونَ
مَنْ دَعَاهُمْ - فَاحْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ
خَدُوعٌ - مُعْطِيَةٌ مَنُوعٌ مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ (3238) - لَا يَدُومُ رَخَاؤُهَا - ولَا يَنْقَضِي عَنَاؤُهَا ولَا يَرْكُدُ (3239) بَلَاؤُهَا. |
|||||||||||||||
و منها في صفة الزهاد
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الزهاد - كَانُوا قَوْماً مِنْ
أَهْلِ الدُّنْيَا ولَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا – فَكَانُوا فِيهَا كَمَنْ لَيْسَ
مِنْهَا - عَمِلُوا فِيهَا بِمَا يُبْصِرُونَ - وبَادَرُوا (3240) فِيهَا مَا يَحْذَرُونَ - تَقَلَّبُ أَبْدَانِهِمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ
أَهْلِ الآخِرَةِ (3241) - ويَرَوْنَ
أَهْلَ الدُّنْيَا يُعَظِّمُونَ مَوْتَ أَجْسَادِهِمْ - وهُمْ أَشَدُّ
إِعْظَاماً لِمَوْتِ قُلُوبِ أَحْيَائِهِمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
231- و من خطبة له خطبها بذي قار و هو متوجه إلى البصرة ذكرها
الواقدي في كتاب "الجمل" :
|
|||||||||||||||
231 - ومن خطبة له عليهالسلام خطبها بذي قار - وهو متوجه إلى البصرة
ذكرها الواقدي في كتاب «الجمل»: فَصَدَعَ (3242) بِمَا أُمِرَ بِه وبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّه - فَلَمَّ اللَّه بِه
الصَّدْعَ (3243) ورَتَقَ بِه
الْفَتْقَ (3244) - وأَلَّفَ بِه
الشَّمْلَ بَيْنَ ذَوِي الأَرْحَامِ - بَعْدَ الْعَدَاوَةِ الْوَاغِرَةِ (3245) فِي الصُّدُورِ - والضَّغَائِنِ الْقَادِحَةِ (3246) فِي الْقُلُوبِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
232- و من كلام له كلم به عبد الله بن زمعة و هو من شيعته و ذلك
أنه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا :
|
|||||||||||||||
232 - ومن كلام له عليهالسلام كلم به عبد الله بن
زمعة وهو من شيعته وذلك أنه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا فقال عليهالسلام: إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي ولَا
لَكَ - وإِنَّمَا هُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ (3247) وجَلْبُ أَسْيَافِهِمْ (3248) - فَإِنْ
شَرِكْتَهُمْ (3249) فِي حَرْبِهِمْ
كَانَ لَكَ مِثْلُ حَظِّهِمْ - وإِلَّا فَجَنَاةُ (3250) أَيْدِيهِمْ لَا تَكُونُ لِغَيْرِ أَفْوَاهِهِمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
233- و من كلام له بعد أن أقدم أحدهم عل الكلام فحصر و هو في
فضل أهل البيت و وصف فساد الزمان :
|
|||||||||||||||
233 - ومن كلام له عليهالسلام بعد أن أقدم أحدهم عل الكلام فحصر وهو في
فضل أهل البيت ووصف فساد الزمان أَلَا وإِنَّ اللِّسَانَ بَضْعَةٌ (3251) مِنَ الإِنْسَانِ - فَلَا يُسْعِدُه الْقَوْلُ إِذَا امْتَنَعَ - ولَا
يُمْهِلُه النُّطْقُ إِذَا اتَّسَعَ - وإِنَّا لأُمَرَاءُ الْكَلَامِ وفِينَا
تَنَشَّبَتْ (3252) عُرُوقُه -
وعَلَيْنَا تَهَدَّلَتْ (3253) غُصُونُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
فساد الزمان
|
|||||||||||||||
فساد الزمان واعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّه أَنَّكُمْ
فِي زَمَانٍ - الْقَائِلُ فِيه بِالْحَقِّ قَلِيلٌ - واللِّسَانُ عَنِ الصِّدْقِ
كَلِيلٌ (3254) - واللَّازِمُ
لِلْحَقِّ ذَلِيلٌ - أَهْلُه مُعْتَكِفُونَ عَلَى الْعِصْيَانِ - مُصْطَلِحُونَ
عَلَى الإِدْهَانِ فَتَاهُمْ عَارِمٌ (3255) - وشَائِبُهُمْ آثِمٌ وعَالِمُهُمْ مُنَافِقٌ - وقَارِنُهُمْ مُمَاذِقٌ
(3256) لَا يُعَظِّمُ
صَغِيرُهُمْ كَبِيرَهُمْ - ولَا يَعُولُ غَنِيُّهُمْ فَقِيرَهُمْ. ----------------------------- (3254)
كَلّ لسانه: نبا
عن الغرض. (3255)
عارم: شرس. سيىء الخلق. (3256)
مُمَاذِق: يمزج
وده بالغش. |
|||||||||||||||
234- و من كلام له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
234 - ومن كلام له عليهالسلام رَوَى ذِعْلَبٌ
الْيَمَامِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ يَزِيدَ
عَنْ مَالِكِ بْنِ دِحْيَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمنِيِنَ عليهالسلام - وقَدْ ذُكِرَ
عِنْدَه اخْتِلَافُ النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمْ مَبَادِئُ
طِينِهِمْ (3257) - وذَلِكَ
أَنَّهُمْ كَانُوا فِلْقَةً (3258) مِنْ سَبَخِ (3259) أَرْضٍ وعَذْبِهَا - وحَزْنِ تُرْبَةٍ وسَهْلِهَا - فَهُمْ عَلَى
حَسَبِ قُرْبِ أَرْضِهِمْ يَتَقَارَبُونَ - وعَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِهَا
يَتَفَاوَتُونَ - فَتَامُّ الرُّوَاءِ (3260) نَاقِصُ الْعَقْلِ - ومَادُّ الْقَامَةِ (3261) قَصِيرُ الْهِمَّةِ - وزَاكِي الْعَمَلِ قَبِيحُ الْمَنْظَرِ -
وقَرِيبُ الْقَعْرِ (3262) بَعِيدُ السَّبْرِ
- ومَعْرُوفُ الضَّرِيبَةِ (3263) مُنْكَرُ
الْجَلِيبَةِ (3264) - وتَائِه
الْقَلْبِ مُتَفَرِّقُ اللُّبِّ - وطَلِيقُ اللِّسَانِ حَدِيدُ الْجَنَانِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
235- وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ قَالَهُ وَ هُوَ يَلِي
غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ وَ تَجْهِيزَهُ
:
|
|||||||||||||||
235 - ومِنْ كَلَامٍ لَه عليهالسلام قَالَه وهُوَ يَلِي غُسْلَ
رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله وتَجْهِيزَه بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ
اللَّه - لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ -
مِنَ النُّبُوَّةِ والإِنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّمَاءِ - خَصَّصْتَ حَتَّى
صِرْتَ مُسَلِّياً عَمَّنْ سِوَاكَ - وعَمَّمْتَ حَتَّى صَارَ النَّاسُ فِيكَ
سَوَاءً - ولَوْ لَا أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالصَّبْرِ ونَهَيْتَ عَنِ الْجَزَعِ -
لأَنْفَدْنَا (3265) عَلَيْكَ مَاءَ
الشُّئُونِ (3266) - ولَكَانَ
الدَّاءُ مُمَاطِلًا (3267) والْكَمَدُ
مُحَالِفاً (3268) - وقَلَّا لَكَ (3269) ولَكِنَّه مَا لَا يُمْلَكُ رَدُّه - ولَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُه - بِأَبِي
أَنْتَ وأُمِّي اذْكُرْنَا عِنْدَ رَبِّكَ واجْعَلْنَا مِنْ بَالِكَ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
236- و من كلام له اقتص فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبي ثم لحاقه به :
|
|||||||||||||||
236 - ومن كلام له عليهالسلام اقتص فيه ذكر ما كان منه -
بعد هجرة النبي صلىاللهعليهوآله ثم لحاقه به: فَجَعَلْتُ أَتْبَعُ مَأْخَذَ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - فَأَطَأُ ذِكْرَه حَتَّى
انْتَهَيْتُ إِلَى الْعَرَجِ (3270) ----------------------------- (3270) العَرَج: - بالتحريك - موضع بين مكة والمدينة. قال السيد الشريف رضياللهعنه
- في كلام طويل: قوله عليهالسلام
فأطأ ذكره - من الكلام الذي رمى به إلى غايتي الإيجاز والفصاحة - أراد أني كنت
أعطى خبره صلىاللهعليهوآله - من بدء خروجي إلى أن
انتهيت إلى هذا الموضع - فكنى عن ذلك بهذه الكناية العجيبة. |
|||||||||||||||
237- و من خطبة له في المسارعة إلى العمل :
|
|||||||||||||||
237 - ومن خطبة له عليهالسلام في المسارعة إلى العمل فَاعْمَلُوا وأَنْتُمْ فِي نَفَسِ
الْبَقَاءِ (3271) - والصُّحُفُ
مَنْشُورَةٌ (3272) والتَّوْبَةُ
مَبْسُوطَةٌ (3273) - والْمُدْبِرُ (3274) يُدْعَى والْمُسِيءُ يُرْجَى - قَبْلَ أَنْ يَخْمُدَ الْعَمَلُ (3275) ويَنْقَطِعَ الْمَهَلُ - ويَنْقَضِيَ الأَجَلُ ويُسَدَّ بَابُ
التَّوْبَةِ - وتَصْعَدَ الْمَلَائِكَةُ (3276). فَأَخَذَ امْرُؤٌ مِنْ نَفْسِه لِنَفْسِه
وأَخَذَ مِنْ حَيٍّ لِمَيِّتٍ - ومِنْ فَانٍ لِبَاقٍ ومِنْ ذَاهِبٍ لِدَائِمٍ -
امْرُؤٌ خَافَ اللَّه - وهُوَ مُعَمَّرٌ إِلَى أَجَلِه ومَنْظُورٌ (3277) إِلَى عَمَلِه - امْرُؤٌ أَلْجَمَ نَفْسَه بِلِجَامِهَا وزَمَّهَا
بِزِمَامِهَا (3278) - فَأَمْسَكَهَا
بِلِجَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّه - وقَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلَى طَاعَةِ
اللَّه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
238- و من كلام له في شأن الحكمين و ذم أهل الشام :
|
|||||||||||||||
238 - ومن كلام له عليهالسلام في شأن الحكمين وذم أهل
الشام جُفَاةٌ (3279) طَغَامٌ (3280) وعَبِيدٌ
أَقْزَامٌ (3281) - جُمِعُوا مِنْ
كُلِّ أَوْبٍ وتُلُقِّطُوا مِنْ كُلِّ شَوْبٍ (3282) - مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفَقَّه ويُؤَدَّبَ - ويُعَلَّمَ ويُدَرَّبَ
ويُوَلَّى عَلَيْه - ويُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْه - لَيْسُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
والأَنْصَارِ - ولَا مِنَ (الَّذِينَ
تَبَوَّؤُا الدَّارَ والإِيمانَ). أَلَا وإِنَّ الْقَوْمَ اخْتَارُوا
لأَنْفُسِهِمْ - أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِمَّا تُحِبُّونَ - وإِنَّكُمُ اخْتَرْتُمْ
لأَنْفُسِكُمْ - أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِمَّا تَكْرَهُونَ - وإِنَّمَا عَهْدُكُمْ
بِعَبْدِ اللَّه بْنِ قَيْسٍ بِالأَمْسِ يَقُولُ - إِنَّهَا فِتْنَةٌ
فَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ (3283) وشِيمُوا (3284) سُيُوفَكُمْ - فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَقَدْ أَخْطَأَ بِمَسِيرِه
غَيْرَ مُسْتَكْرَه - وإِنْ كَانَ كَاذِباً فَقَدْ لَزِمَتْه التُّهَمَةُ -
فَادْفَعُوا فِي صَدْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - بِعَبْدِ اللَّه بْنِ
الْعَبَّاسِ - وخُذُوا مَهَلَ الأَيَّامِ وحُوطُوا قَوَاصِيَ الإِسْلَامِ -
أَلَا تَرَوْنَ إِلَى بِلَادِكُمْ تُغْزَى وإِلَى صَفَاتِكُمْ تُرْمَى -----------------------------
|
|||||||||||||||
239- و من خطبة له يذكر فيها آل محمد :
|
|||||||||||||||
239 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها آل محمد صلى الله
عليه وآله هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ ومَوْتُ الْجَهْلِ
- يُخْبِرُكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ وظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ -
وصَمْتُهُمْ عَنْ حِكَمِ مَنْطِقِهِمْ - لَا يُخَالِفُونَ الْحَقَّ ولَا
يَخْتَلِفُونَ فِيه - وهُمْ دَعَائِمُ الإِسْلَامِ ووَلَائِجُ (3285) الِاعْتِصَامِ - بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِه (3286) وانْزَاحَ الْبَاطِلُ (3287) عَنْ مُقَامِه -
وانْقَطَعَ لِسَانُه عَنْ مَنْبِتِه (3288) - عَقَلُوا
الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَةٍ ورِعَايَةٍ (3289) - لَا عَقْلَ سَمَاعٍ ورِوَايَةٍ - فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ
ورُعَاتَه قَلِيلٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
240- و من كلام له قاله لعبد الله بن العباس و قد جاءه برسالة
من عثمان و هو محصور يسأله فيها
|
|||||||||||||||
240 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لعبد الله بن
العباس - وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع
ليقل هتف (3290) الناس باسمه
للخلافة بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل فقال
عليهالسلام: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا يُرِيدُ عُثْمَانُ
- إِلَّا أَنْ يَجْعَلَنِي جَمَلًا نَاضِحاً بِالْغَرْبِ (3291) أَقْبِلْ وأَدْبِرْ - بَعَثَ إِلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ ثُمَّ بَعَثَ
إِلَيَّ أَنْ أَقْدُمَ - ثُمَّ هُوَ الآنَ يَبْعَثُ إِلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ -
واللَّه لَقَدْ دَفَعْتُ عَنْه حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ آثِماً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
241- و من كلام له يحث به أصحابه على الجهاد :
|
|||||||||||||||
241 - ومن كلام له عليهالسلام يحث به أصحابه على الجهاد واللَّه مُسْتَأْدِيكُمْ (3292) شُكْرَه ومُوَرِّثُكُمْ أَمْرَه - ومُمْهِلُكُمْ (3293) فِي مِضْمَارٍ (3294) مَحْدُودٍ
لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَه (3295) - فَشُدُّوا
عُقَدَ الْمَآزِرِ (3296) واطْوُوا فُضُولَ
الْخَوَاصِرِ (3297) - لَا تَجْتَمِعُ
عَزِيمَةٌ ووَلِيمَةٌ (3298) - مَا أَنْقَضَ
النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ - وأَمْحَى الظُّلَمَ (3299) لِتَذَاكِيرِ الْهِمَمِ. -----------------------------
وصلى اللَّه على سيدنا محمد
النبي الأمي وعلى آله مصابيح الدجى والعروة الوثقى وسلم تسليما كثيرا. |
نَهْجُ البَلاغَة تحقيق صبحي الصالح
|
|||||||||||||||
مقدمة التحقيق
|
|||||||||||||||
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم
النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المصطفين الأخيار لمحة خاطفة عن سيرة الإمام عليهالسلام ما من مسلم يجهل موضع على كرم الله وجهه
من ابن عمه الرسول الكريم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة: وضعه في حجره وهو
ولد يضمه إلى صدره ويكنفه في فراشه ويمسه جسده ويشمه عرفه ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم
يجاور في كل سنة بحراء فيراه علي ولا يراه سواه. ولم يجمع بيت واحد في الإسلام
غير الرسول عليه الصلاة والسلام وخديجة أم المؤمنين وكان علي ثالثهما يرى نور
الوحي والرسالة ويشم ريح النبوة. وعلي كرم الله وجهه واسى نبيه الكريم
بنفسه في المواطن التي تنكص فيها الأبطال وتزل فيها الأقدام نجدة أكرمه الله
بها! وحسبك أنه ليلة الهجرة بات في فراش الرسول غير جازع أن يموت فداه وشهد معه
جميع مغازيه إلا ما كان من غزوة تبوك التي خلفه فيها الرسول في أهل بيته قائلا
له: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي». سجل له التاريخ أجل المواقف وأسماها فهو
أحد المبارزين يوم بدر وقاتل عمرو بن ود في غزوة الخندق وأحد النفر الذين ثبتوا
مع الرسول الكريم في غزوتي أحد وحنين وصاحب راية المسلمين يوم خيبر وفيها أبلى
أحسن البلاء. أراد الرسول صلىاللهعليهوسلم
أن يكرمه فزوجه ابنته الزهراء في السنة الثانية من الهجرة فأولدها الحسن والحسين
وزينب وأم كلثوم وعهد إليه أن يتلو على الناس في موسم الحج أول سورة التوبة
إيذانا ببراءة الله ورسولة من المشركين. ولما غربت النبوة ولحق رسول الله صلىاللهعليهوسلم
بالرفيق الأعلى طمع في خلافته كثيرون من المهاجرين والأنصار وبدا للناس يومذاك
أن بني هاشم كانوا يريدون الخلافة فيهم ويرون عليا أحق الصحابة بها لمكانته
العظمى من الرسول الكريم وسعة علمه ومواقفه الخالدة في نصرة الإسلام فلا غرو إذا
أقبل العباس عم النبي على ابن أخيه علي يقول له: «ابسط يدك ولنبايعك» لكن عليا
كرم الله وجهه تباطأ في قبول هذه البيعة وظل متشاغلا بدفن الرسول العظيم.
وانطفأت الفتنة وبويع أبو بكر رضياللهعنه بما يشبه الإجماع
وإذا بعلي كرم الله وجهه يبايعه أيضا بعد فترة يسيرة كان عاتبا فيها عليه إذ
كان يرى لنفسه من الحق بالخلافة أكثر مما كان لأبي بكر. ولم يكن شيء أبغض إلى قلب علي من الخلاف
يدب بين المسلمين فها هو ذا - غم ما كان يرى من حقه بالخلافة - يبايع أيضا عمر رضياللهعنه
ويزوجه ابنته أم كلثوم ويبادله عمر من معاني التكريم والإجلال أسماها فيستخلفه
على المدينة إذا غاب عنها ويستشيره في الخطوب ويستفتيه في قضايا التشريع قائلا فيه:
«لولا على لهلك عمر»! ولقد رفض عمر أن يعهد
بالخلافة إلى ابنه عبد الله من بعده وظل في مشكلة الخلافة غير مستقر على رأي
حتى إذا طعنه أبو لؤلؤة المجوسي في أواخر سنة 23 ه آثر أن يحصر الأمر في ستة من
كبار أصحاب النبي ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم فيبايعه المسلمون. وأولئك
الستة هم: علي
بن أبي طالب سيد بني هاشم وعثمان بن عفان شيخ بني أمية وطلحة بن عبيد الله كبيرا
بني تميم والزبير بن العوام زعيم بين أسد وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن ابن عوف
رأسا بنى زهرة. وربما مال أكثرهم -
منذ بدء الشورى - إلى تولية عثمان لأن عبد الرحمن بن عوف كان
صهره وسعدا من
أقربائه
فضلا على سابقته في الإسلام وإصهار للنبي صلىاللهعليهوسلم
مرتين في ابنتيه رقية وأم كلثوم. وبدا على رجال الشورى أن كلا منهم ود لو
يتخفف من تلك المسؤولية الضخمة إذ خلع كل نفسه وعهد إلى الآخر باختيار الخليفة حتى
إذا انتهى الأمر إلى عبد الرحمن أعلن في الحرم سنة 24 ه تولية عثمان. وامتعض بنو
هاشم لتحامل القوم عليهم ورغبتهم في إقصائهم ولكن عليا الذي يكره الخلاف بين المسلمين
آثر
هذه المرة أيضا أن يطفئ الفتنة ويحقن الدماء فبايع عثمان كما بايع
من قبل
أبا بكر وعمر وإن في العين قذى وفي الحلق شجا. وقام علي كرم الله وجهه من
بين الصحابة يلوم عثمان على تولية أقاربه ولما ثار عليه المعارضون من عرب الأمصار
أرسل علي لحراسته والدفاع عنه ولديه الحسن والحسين ولكن المتمردين حاصروا دار
عثمان وألزموه أن يخلع نفسه من الخلافة فحم القضاء ولقي مصرعه وهو جالس في
المحراب يقرأ القرآن. وانثال على علي عرب الأمصار
وأهل بدر والمهاجرون والأنصار وهرعوا إلي يقولون: أمير المؤمنين فلم يجد بدا
من قبول الخلافة في 25 من ذي الحجة سنة 35 ه. ولقد كانت مهمته
خطيرة اضطلع بها قرابة خمس سنين ولم يصف له الحال فيها يوما واحدا. وحرض الثوار عليا على عزل العمال الذين
عينهم عثمان فأذعنوا جميعا إلا معاوية في الشام فإنه علق
قميص عثمان على المنبر وغدا يحض الناس على الثأر للخليفة الشهيد. وفوجىء علي
بالسيدة عائشة أم المؤمنين وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام - وهما من رجال
الشورى الستة - يخرجون إلى البصرة مطالبين بدم عثمان وازدادت الفتنة
اشتعالا حين أخذت أم المؤمنين تحمس الجند وهي في هودجها على الجمل ثم عقر
جملها وقتل دونه سبعون رجلا وعرف هذا اليوم بموقعة الجمل وأعاد الإمام السيدة عائشة إلى
مكة محاطة
بالتكريم.
وتابت هي إلى الله أسفا على ما أريق من دماء المسلمين. ثم كان يوم صفين وتحكيم
الحكمين ثم بداية الوهن وتصدع الصفوف بين أتباع علي وعرف معاوية كيف
ينتهز الفرصة بإثارة الاضطرابات في أرجاء البلاد فازدادت نقمة الخوارج
وقرروا قتل معاوية وعلي فلم ينجحوا في قتل أولهما أما علي فقتله ابن ملجم
لعنه الله في المسجد في شهر رمضان ستة 40 ه وهو يردد: «الحكم لله لا لك يا علي». وبمصرعه انتهت
خلافة الراشدين وخلا الجو لمعاوية ليعلن خلافته بالشام ويدخل على
نظام الحكم مبدأ الوراثة الذي ينافي روح الإسلام. موضوعات نهج البلاغة لا بد لدارس «نهج البلاغة» أن يلم بهذه
الوقائع التاريخية - ولو من خلال لمحة خاطفة عجلى - ليعرف السر في غروب شمس
الخلافة الراشدة بين المسلمين الأولين الذين استَروَحو شذا النبوة ونعموا
بظلالها الوارفة واستناروا بما يلوح من أضوائها الباقية وقد بدأت تنحسر بعيد
الغروب! ولا بد لدارس «النهج» أن يلم بهذه
الحقائق ليرى رأي العين كيف تحولت هذه الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض وكيف أشعلت
من أجلها الحروب الطاحنة وأثخنت الأمة في سبيلها بالجراح الدامية وأصيب مقتلها
بمصرع إمام الهدى علي كرم الله وجهه ثم ارتكبتباسمها فيما بعد أسوأ الجرائم في
عهود بعض السفهاء والخلعاء والجائرين الذين أمسوا نقمة على أتباع هذا الدين. ثم لا بد لدارس «النهج» أن يكون لنفسه صورة
حقيقة عن تلك الحقبة من تاريخ المسلمين ليستنبط البواعث النفسية التي حملت عليا
على الإكثار في خطبه من النقد والتعريض والعتاب والتفريع والتذمر والشكوى فقد
عائدته الأيام وعجت خلافته عجيجا بالأحداث المريرة وخابت آماله في تحقيق
الإصلاح. فهل من عجب إذا استغرقت معاني النقد اللاذع والتأنيب الجارح معظم خطبه
ومناظراته وحتى رسائله إلى منافسيه والمتمردين عليه! وإن خير مثال يصور لنا نفس على
الشاكية خطبته «الشقشقية» التي فاضت على لسانه هادرة فكانت - كما قال - «شقشقة
هدرت ثم قرت» وامتلأت بألفاظ التأوه والتوجع والأنين. ولكم تذمر الإمام من تفرق أصحابه عنه على
حقهم واجتماع أصحاب معاوية معه على باطلهم! وكم سماهم «الناس المجتمعة أبدانهم
المختلفة أهواؤهم» واصفا كلامهم بأنه «يوهي الصم الصلاب» وفعلهم بأنه «يطمع فيهم
الأعداء». وكان طبيعيا أن تكبر خطب الإمام في الحث
على القتال فإن ما تخلل حياته السياسة من الأحداث المريرة ألهب مشاعره وأثار
عواطفه وحمله على الإهابة بقومه إلى القتال الدائب.والجهاد المتواصل. ولعل أفضل
نمط لخطبه في الجهاد تلك التي أنب فيها أصحابه على قعودهم عن نصرة الحق يوم أغار
جنود معاوية على الأنبار فقتلوا ونهبوا ثم آبوا سالمين ظافرين. لقد كان - كما قال - لا يهدد بالحرب ولا
يرهب بالضرب وكان على يقين من ربه وغيره شبهة في دينه فليفرطنّ لحزب الشيطان
حوضا هو ماتحُهُ لا يصدرون عنه ولا يعودون إليه. وليوصينّ ابنه محمد بن الحنيفية
يوم الجمل بما يجعله بطلا مرهوبا في ساحات القتال: «تزول الجبال ولا تزول عض على
ناجذك أعر الله جمجمتك تِد في الأرض قدمك. ارم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك واعلم
أن النصر من عند الله سبحانه». وبأمر الحرب تتصل السياسة فإن
بينهما لعلاقة وثقى ومن الظلم لشخصية علي أن نتصوره غير متتبع تيارات السياسة في
عصره. فقد
كان ثاقب الفكر راجح العقل بصيرا بمرامي الأمور وقد أثرت عنه مواقف وأقوال وتصرفات
تقوم دليلا على سياسته الحكيمة وقيادته الرشيدة لكن مثله العليا تحكمت في حياته
فحالت دون تقبله للواقع ورضاه بأنصاف الحلول بينما تجسدت تلك الواقعية في خلفه
معاوية وكانت قبل متجسدة على سمو ونبل في الخليفة العظيم عمر بن الخطاب. ومن يرجع إلى «نهج البلاغة» يجد فيه عشرات
الحطب - مثلما تصح «نماذج» للشكوى والتقريع والنقد - تعطي صورة واضحة عن
نظراته الثاقبة وآرائه البعيدة في مبادئ السياسة وأساليب حكم الرعية وإدارة
شؤونها والحرص على دفع الفن عنها حتى تعيش في بحبوحة العز والرخاء. ولكي تتدبر هذا الأمر ما عليك إلا أن
تقرأ خطبه لدى بيعته وإعلانه منهاجه في الحكم أو تستعبد مواقفه من السيدة عائشة
أم المؤمنين. ووساطاته بين عثمان والثائرين عليه وصبره الجميل في معالجة أمر
معاوية وأهل الشام وطول أناته في تفهم آراء شيعته ومناظرته الخوارج قبل أن يخوض
معهم ساحة القتال. استمع إليه عليهالسلام
يضبط نفسه عن الانفعال ويدحض الباطل بحجاج منطقي وأسلوب يفحم المكابر حين يقول
للخوارج:
«فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن وأن يميتا
ما أمات القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكما يحكم بما في القرآن
وإن أبيا فنحن من حكمهما براء» أو يقول لرجل وفد عليه من قبل أهل البصرة: «أرأيت
لو أن الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث فرجعت إليهم وأخبرتهم عن
الكلإ والماء فخالفوا إلى المعاطش والمجادب ما كنت صانعا قال: كنت تاركهم
ومخالفهم إلى الكلإ والماء. فقال له الإمام: «فامدد إذا يدك» وإذا الرجل يقول:
«فوالله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة علي فبايعته». وإن «نهج البلاغة» ليضم - إلى
جانب الموضوعات السابقة - طائفة من خطب الوصف تبوىء عليا ذروة لا تسامى بين
عباقرة الوصّافين في القديم والحديث. ذلك بأن عليا - كما تنطق نصوص
«النهج» - قد استخدم الوصف في مواطن كثيرة. ولم تكد خطبة من خطبه تخلو من وصف
دقيق وتحليل نفاذ إلى بواطن الأمور: صور الحياة فأبدع وشخص الموت فأجزع ورسم
لمشاهد الآخرة لوحات كاملات فأراع وأرهب ووازن بين طبائع الرجال وأخلاق النساء
وقد للمنافقين «نماذج» شاخصة وللأبرار أنماطا حية ولم يفلت من ريشته المصورة
شيطان رجيم يوسوس في صدور الناس ولا ملك رحيم يوحي الخبر ويلهم الرشاد. على أن المهم في أدب الإمام عليهالسلام
تصويره الحسيات وتدقيقه في تناول الجزئيات: وقد اشتمل كلامه على أوصاف عجيبة لبعض
المخلوقات حملت روعتها ودقة تصويرها بعض النقاد على الارتياب في عزوها إلى أمير
المؤمنين كما في تصويره البارع للنملة والجرادة ولا سيما للطاووس. ولا بد من تحقيق
هذا الأمر في غير هذه المقدمة العجلي وهو ما نسأل الله التوفيق لبيانه في كتاب
مستقل اكتملت بين أيدينا معالمه وسنصدره قريبا بعون الله. أما النملة فقد وصف منها صغرها
وحقارة أمرها مشيدا بدقتها وحسن تصرفها مسترسلا مع وصفه بأنفاسه الطوال وأنغامه
العذاب وأخيلته الحصاب: إن النملة في صغر جستها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ
البصر ولا بمستدرك الفكر وإنها تدب على الأرض دبيبا تنصب على الرزق انصبابا
وتنقل الحب إلى جحرها جامعة في حرها لبردها وفي وردها لصدرها ولا يفوت عليا أن
يصف لنا من النملة شراسيفها وغضاريفها وأطراف أضلاعها المشرفة على بطنها وما في
رأسها من عينها وأذنها ثم يسوقنا إلى التفكير بعظمة الحالق الذي خلقها ولم يعنه
على خلقها قادر وفطرها ولم يشركه في فطرتها فاطر! وأما الجرادة الإمام دقيق
أجزائها ورهيف حواسها وجامع نزواتها ويتمهل وهو يصف حمرة عينيها وضياء حدقتيها
وخفاء سمعها واستواء فمها وقوة حسها.ويتوقف قليلا عند نابيها اللذين بهما تفرض
ومنجليها اللذين بهما تفيض ويعجب لسلطتها الرهيبة على الزراع في زرعهم فلو
أجلبوا بجمعهم لما استطاعوا لها ذبا ولا دفعا مع أن حجمها لا يزيد على إصبع
مستدقة! ويخم الإمام كلامه هذا بالتذكير بعظمة
الخالق الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها ويعنو له خدا ووجها ويلقي
إليه بالطاعة سلما وضعفا. وكل هذا ليس بشيء إذا ما قيس
بوصف الإمام للطاووس فما ترك شيئا من شباته إلا وصفه وصفا دقيقا جميلا: فهو يمشي مختالا
كأنه يزهو بما منحته الطبيعة من جمال وقوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية وألوانه
الزاهية المتنوعة تشبه ألوان الربيع أو موشي الحلل «فإن شبهته بما أنبتت الأرض
قلت: جنى جني من زهرة كل ربيع وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشي الحلل أو مونق عصب
اليمن وإن شاكلته بالحي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل»! وإن الإمام ليعجب لشيء في هذا
الحيوان لا بد أن يثير العجب حقا: فكلما سقطت منه ريشة نبتت مكانها ريشة
جديدة تحمل الألوان نفسها والتقاسيم ذاتها. ويتطرق الإمام إلى علاقة
الطاووس مع أنثاه ويوضح كيف يدرج إليها مختالا وينفي زعم من قال: إن الطاووس يلقح
أنثاه بدمعة تسفحها مدامعه ويثبت أن الملاقحة عند هذا الظائر لا تختلف عن
الملاقحة لدى الفحول المغتلمة للضراب. وينتهي وصف الطاووس أيضا
بالتذكير بعظمة الخالق وحكمته في خلقه كأن الوصف - مهما يبد مستقلا قائما بنفسه
- إنما يخضع للغرض الديني وللعبرة التي لا بد أن ينبه علي إليها الأسماع
والقلوب. ومن المتوقع - بعد هذا كله بل قبل هذا كله
- أن يدور معظم خطب الإمام حول العليم والإرشاد إذ كان ربيب الرسول فنهل العلم
من بيت النبوة العظيم. وكان لزاما - عليه فوق هذا -
بحكم الخلافة وما يفترض في الخليفة من توجيه ووعظ وإرشاد - أن يخطب الناس كل
جمعة ويعرفهم رأي الإسلام الصحيح في الفتن والملمات والأحداث. ومن «هنا كثرت
خطبه في التحذير من الفتن والدعوة إلى الزهد في الحياة الدنيا والتذكير بالموت
هادم اللذات ومفرق الجماعات ووصف أهوال القيامة والبعث والنشور والترغيب في
الجنة والترهيب من النار. إن الإمام ليحذر من الفتن التي تدوس
بأخفافها وتطأ بأظلافها وتقوم على سنابكها وإنه ليدعو الناس إلى شق أمواج هذه
الفتن بسفن النجاة والتعريج عن طريق المنافرة ووضع تيجان المفاخرة. أما الدنيا فغرارة ضرارة
حائلة زائلة نافدة بائدة أكالة غوالة لا ينال امرؤ من غضارتها رغبا إلا أرهقته
من نوائبها تعيا ولا يمسي منها في جناح أمن إلا أصبح على قوادم خوف. إنها غرور
حائل وضوء آفل. وظل زائل وسناه مائل. فما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة وما يصنع
بالمال من عما قليل يسلبه ويبقى عليه تبعته وحسابه فلينظر الناس إلى الدنيا نظر الزاهدين
فيها الصادفين عنها ولا يغرنهم كثرة ما يعجبهم فيها لقلة ما يصحبهم منها
وليذكروا دائما أن الدهر موتر قوسه لا تخطىء سهامه ولا تؤسى جراحه يرمي الحي
بالموت والصحيح بالسقم والناجي بالعطب. وليمنع الناس من اللعب ذكر الموت فهذا
عائد يعود وآخر بنفسه يجود. ولتصيرن الأجساد شحبة بعد بضّتها والعظام نخرة بعد
قوتها والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها موقتة بغيب أنبائها. ولقد كان للناس في رسول الله
أسوة حسنة:
عرضت عليه الدنيا فأبي أن يقبلها وعلم أن الله سبحانه أبغض شيئا فأبغضه وحقر
شيئا فحقره. وللناس في علي أسوة حسنة أيضا: رفع مدرعته حتى استحيا من واقعها.
ولما سأله سائل: ألا تنبذها عنك أجابه: «اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم
السّرى»! وإن عليا كرم الله وجهه لا يرى كالنار نام
هاربها ولا كالجنة نام طالبها «حتى إذا انصرف المشيع ورجع المتفجع أقعد في حقرته
نجيا لبهته السؤال وعثرة الامتحان. وأعظم ما هنالك نزول الحميم وتصلية الجحيم
وفورات السعير وسورات الزفير»! ومن أطرف ما جادت به قريحة الإمام خطبه في
بدء الخلق وأوضحها في هذا الباب خطبته الطويلة التي استهل بها الشريف الرضي «نهج
البلاغة» وفيها يصف خلق السماوات والأرض وخلق آدم وخطبته «ذات الأشباح» التي عرض
فيها لتصريف الكون وتدبير الخلق وتناول فيها بالوصف أبراج السماء وفجاج الأرض
وما حولها من البحار وما تحتها من الماء ثم خطبته «القاصعة» التي تضمنت تكوين
الخليقة وسجود الملائكة لآدم واستكبار إبليس عن السجود له وتحذير الناس «من
مصيدة إبليس العظمى ومكيدته الكبري». وأغراض علي في كتبه ورسائله وعهوده
ووصاياه تشبه أغراضه في خطبه شبها شديدا: كثرت فيها رسائل التعليم والإرشاد.
وكتب النقد والتعريض والعتاب والتفريع وانضمت إليها بعض الوثائق السياسة
والإدارية والقضائية والحربية. ورسائله جميعا مطبوعة بالطابع الخطابي. حتى ليكاد
الباحث يعدها خطبا تلقى لا كتبا تدبج إذ تؤلف فيها الألفاظ المنتقاة , تنق فيها
الجمل المحكمات فينبعث من أجزائها كلها نغم حلو الإيقاع يسمو بنثرها الرشيق فوق
مجالات الشعر الرفيع. وإذا تجاوزنا خطب علي ورسائله
إلى المختار من حكمه ألقيناه برسل من المعاني المعجزة والأجوبة المسكتة. ما ينبئ عن غزارة
علمه وصحة تجربته وعمق إدراكه لحقائق الأشياء. وحكم علي هذه منها ما جمعه
الشريف الرضي تحت عنوان مستقل نجد فيه مثل قوله «الناس أعداه ما جهلوا» «ولم يذهب من مالك
ما وعظك» «قيمة كل امرئ ما يحسنه» «احذروا صولة الكريم إذا جاع واللئيم إذا شبع»
ومنها ما أثبت وتناثر ضمن فقرات خطبه. ووصايا علي الاجتماعية تتجسد
هاهنا بوضوح من خلال كلماته النوابغ وحكمه الحسان.فهو يجلو أبصار
صحبه وبصائرهم ويود لو يغبقهم كأس الحكمة بعد الصبوح. يحذر هم من العلم الذي لا ينفع «قرب عالم
قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه» «والجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل»
«والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل». ويخوفهم عاقبة الظلم والجور «فليس في
الجور عوض من العدل». ويكره إليهم الشر «فالغالب بالشر مغلوب». ويبغض إليهم النقاق فإنما يخاف عليهم كل
منافق الجنان عالم اللسان يقول ما يعرفون ويفعل ما ينكرون. ويستعظم أمر الخيانة فإن أعظم الخيانة
خيانة الأمة. وأفظع الغش غش الأئمة. وينتهى عن الإسراف والتبذير فإنما المال
مال الله! إلا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف وهو يرفع صاحبه في
الدنيا ويضعه في الآخرة ويكرمه في الناس ويهينه عند الله. ويستعيذ بالله من الفقر فإنه منقصة للدين
مدهشة للعقل داعية للمقت! والفكرة في خطب علي ورسائله
وحكمه عميقة
من غير تعقيد بسيطة من غير إسفاف مستوفاة من غير إطناب يلونها ترادف الجمل
ويزينها تقابل الألفاظ وينسقها ضرب من التقسيم المنطقي يجعلها أنفذ في الحس
وألصق بالنفس. وكان ينبغي لعلي أن تقذف بديهته بتلك
الحكم الخالدة. والآراء الثاقبة بعد أن نهل المعرفة من بيت النبوة وتوافرت له
ثقافة واسعة وتجربة كاملة وعبقرية نفاذة إلى بواطن الأمور. وتتسم أفكار على غالبا بالواقعية إذ كان
يستمد عناصرها من بيئته الاجماعية والجغرافية فأدبه - من هذه الناحية - مرآة
للعصر الذي عاش فيه صور منه ما قد كان أو ما هو كائن.ولقد يطيب له أحيانا أن
يصور ما ينبغي أن يكون فتغدو أفكاره مثالية عصية على التحقيق. وما من ريب في أن الكتاب والسنة قد رفداه
بينبوع ثر لا يغيض فتأثر بأسلوب القرآن التصويري لدى صاغة خطبه ورسائله واقتطف
من القرآن والحديث كثيرا من الألفاظ والتراكيب والمعاني وقد حرصنا على إبرازها
في فهارس «النهج» من طبعتنا هذه. وأما عاطفة علي فثائرة جياشة تستمد
دوافعها من نفسه الغنية بالانفعالات وعقيدته الثابتة على الحق فما تكلم إلا وبه
حاجة إلى الكلام وما خطب إلا ولديه باعث على الخطابة وإنما تتجلى رهافة حسه في
استعماله الألفاظ الحادة وإكثاره من العبارات الإنشائية كالقسم والتمني الترجي والأمور
والنهي والتعجب والاستفهام والإنكار والتوبيخ والتفريع مصحوبة كلها بترادف بين
الفقرات وتجانس بين الأسجاع وحرص واضح على النغم والإيقاع. وخيال علي - فيما
يخلعه على موصوفاته من صور زاهيات - ينتزع أكثر ما ينتزع من صميم البيئة
العربية إقليمية وفكرية واجتماعية. وتمتاز صور علي بالتشخيص والحركة ولا سيما
حين يتسع خياله ويمتد مجسما الأفكار ملونا التعابير باثّاً الحياة في المفردات
والتراكيب. |
|||||||||||||||
مزايا هذه الطبعة
|
|||||||||||||||
منذ تصدى الشريف الرضي (الشريف الرضي هو أبو الحسن محمد بن الحسين الموسوي ويتصل نسبه
يجده الأعلى الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ولد
سنة تسع وخمسين وثلاث مئة وأقبل على العلم والفقه والأدب حتى يأت أبدع أبناء
الزمان وأنجب سادات العراق. وفي سنة 388 تولى نقابة الطالبيين بعد أبيه في حياته
وعهد إليه بالنظر في المظالم والحج بالناس. ابتدأ ينظم الشعر وله من العمر
عشر سنين أو تريد قليلا وحكم بعض النقاد بأنه أشعر الطالبيين وكان فوق هذا كاتبا
بليغا مترسلا. وقد توفي الرضي سنة أربع وأربع مئة رحمهالله وأجزل
مثوبته.) لجمع ما تفرق من كلام أمير المؤمنين علي عليهالسلام.ووسمه
«بنهج البلاغة». أقبل العلماء والأدباء على ذلك الكتاب النفيس بين ناسخ له يحفظ
نصه في لوح صدره وشارح له ينسخ الناس عنه تفسيراته وتعليقاته ولا يحصي إلا الله
عدد حفاظ «النهج» ونساخه أما شراحه في القديم والحديث فقد أربوا على الخمسين (هذا ما يقوله السيد هبة الله الشهرستاني في كتابه (ما هو نهج
البلاغة ص 8 - 10) ومن هؤلاء الشراح القدامى أبو الحسين البيهقي والإمام فخر
الذين الرازي والقطب الراوندي وكمال الدين محمد ميثم البحراني وعز الدين بن أبي
الحديد المدائني وهذا الأخير هو أشهر هم جميعا ويعد شرحه أفضل الشروح وأطولها.
وقدشرع في تأليفه في غرة شهر رجب من سنة 644 وأئمة في آخر سلخ من سنة 649 وكان
فقيها أصوليا كما كان أديبا ناقدا وقد كان مولده بالمدائن في غرة ذي الحجة سنة
586 أما ووفاته فذكر بعضهم أنها سنة 655 ه.). وكان طبيعيا - بعد أن استفاضت شهرة الكتاب
وطبقت الآفاق وتواتر متنه على ألسنة الأدباء والفضلاء - أن يقل الاختلاف في نصه
وأن ينتقل من جبل إلى جيل برواية تكاد تكون واحدة. وإذا أضفنا إلى شهرته الأدبية
ما أحيط به من معاني التعظيم - بل التقديس - ما وقع فيه من التحريف والتصحيف
سواء أكان ذلك في نصه المتداول على حدة أم في متنه المصحوب ببعض الشروح مسهبة
وموجزة. ولعل شهرة «النهج» - على
الصورة التي وصفنا - هي التي حملت المتأخرين من الشراح كالإمام محمد عبده ومحمد نائل
المرصفي على الاكتفاء بنسخة واحدة خطية عولوا عليها فيما حاولوه من التحقيق أولا
والشرح ثانيا. وإنا لندرك أنه لم يكن يسع أحدا من هؤلاء أن يصنع «للنهج» خيرا
مما صنع لأن جمهرة المحققين في أيامهم كانوا إذا وجدوا مخطوطة نشروها على حالها
وأضافوا إليها ما وقع إليهم من الحواشي والشروح لا يجشّمون أنفسهم عناء البث عن
النسخ المختلفة ومقابلة بعضها ببعض ضبطا للنص وتصحيحا للأصل واختيارا للأدق
الأكل , وانسجاما مع أمانة العلم ومنهجية التحقيق. وإن علينا - مع ذلك
- أن نكبر ما قدمه
الإمام محمد عبده من خدمة جلى للفكر العربي الاسلامي يوم نشر «نهج البلاغة»
وشرحه بإيجاز مهما تكن الهنات التي أخذها عليه غيرنا أو نأخذها نحن اليوم عليه
فله يرتد الفضل في انتشار هذا الكتاب العظيم الذي بات لا يجهله أحد من الأدباء
والمتأدبين. وحسب الشيخ محمد عبده فخرا أن عشرات الطبعات التي نشرت شرفا
وغربا ظلت إلى عهد قريب تستند إلى النص الذي أثبته وتكتفي بالشرح الذي اقتبسه
وانتقاه (نذكر على سبي المثال طبعات
الشيخ محيي الدين عبد الحميد في القاهرة وطبعة الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل في
بيروت. ونضرب ها هنا صفحا عن الطبعات التجارية إلي تصدى بها قوم لما لما لم
يكونوا له أهلا.). على أن «نهج البلاغة» - لنفاسته - جدير
بأكثر مما أتيح له حتى اليوم من التحقيق والتدقيق. ولقد طلع علينا منذ سنوات
قلائل الأستاذ البحاثة المفضال محمد أبو الفضل إبراهيم بطبعة علمية ممتازة لشرح
ابن أبي الحديد في عشرين جزءا رجع فيها إلى نسخ مخطوطة مصورة عن أصولها المحفوظة
في مكتبة المتحف البريطاني ومكتبة الفاتيكان والمكتبة الظاهرية وبعض المكتبات
الأخرى العامة والخاصة (انظر ما
ذكره محمد أبو الفضل إبراهيم عن هذه المخطوطات في مقدمته (الجزء الأول ابتداء من
الصفحة العشرين) وأصف إلى ذلك ما نبه إليه في أجزاء الكتاب المختلفة من أصول
جديدة وقعت إليه أثناء الطبع الذي استغرق نحو خمس سنوات (من سنة 1959 حتى 1964).
وراجع بصورة خاصة الصفحات الأولى من الأجزاء التالية (الثاني الرابع والخامس
والسابع والحادي عشر والخامس عشر والسادس عشر والثامن عشر والتاسع عشر
والعشرين).) ولم تكن تلك المخطوطات المختلفة كلها
كاملة ولكنها بمجموعها كانت كافية لتقديم أفضل صورة ممكنة «للنهج» متنا وشرحا. وإفاضتنا في الثناء على هذه
الطبعة الأخيرة لا ينبغي أن تحول دون تقريرنا للحقيقة التالية: وهي أن الغرض الذي
رمي إليه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم هو تحقيق شرح «النهج» وليس تحقيق
«النهج» ذاته. أما الغاية التي نتصدى لها والتي يؤنس جميع الأدباء حاجة إليها فهي ضبط
مجموعة النصوص التي اختارها الشريف الرضي من كلام الإمام ضبطا كاملا مستقلا على
حدة ليتلوها القارئ - باحثا فيها أم متبركا بها - وهو آمن مطمئن إلى صحتها في
ذاتها وليجد فيما ألحق بها من الفهارس العلمية ما يلبي طلبه ويشفي غلته ويغنيه
عن الشروح الطوال. والأمانة العلمية تفرض علينا أن نعترف بأن
ضبطنا لنص «النهج» لا يرتد إلى امتلاكنا النسخ المخطوطة أو المصورة ومقابلتنا
بعضها ببعض ومعارضتها بأصل أو أصول اعتمدناها بقدر ما يرتد إلى إثبات ما نطقت
الشروح بحسنه وصوابه. ويظلل من حق الأستاذ محمد إبراهيم - وإن حقق الشرح لا
النهج - أن يفخر على الجميع بأنه استجمع من المخطوطات في هذا الصدد ما لم
يستجمعه باحث سواه. ألا وإني بهذا لا أغمط نفسي بنفسي فمن
يقرأ طبعتي هذه بإمعان وتدبر يدرك لا محالة أني رجعت إلى أصول مخطوطة كثيرة
تمكنت - بالاستناد إليها - أن أثبت أفضل القراءات وأفص الوجوه وإن
كنت قد جردت نص «النهج» منكل حاشية أو تعقيب أو تفسير أو رمز أو اصطلاح اكتفاء
بالفهارس العشرين التي أبرزت للناس قيمة الكتاب. وأنما حملني على إيثار هذا
الأسلوب في تحقيق «نهج البلاغة» ما لمسته لدى كثير من القراء من ضيق صدورهم برموز
التحقيق أو هوام التفسير تستغرق في أسفل كل صفحة أكثر مما يستغرقه أعلاها من
الأصول أو المتون. ومن هنا رأيت أن أقسم عملي قسمين ألبي بهما رغبتين: أما القسم الأول فتحقيق نص «النهج»
أدق تحقيق وأوفاه ألبي به رغبة الذي يريد أن يقرأ كلام الإمام غير شاغل نفسه بتعليقات
الشراح. وعلى هذا جردت النص من كل زيادة طرأت عليه وأرحت القارئ حتى من رموز
النسخ التي استصوبت ما ذهبت إليه.وأما القسم الثاني ففهرسة مفصلة
كل التفصيل ألبي
بها رغبات الباحثين فيما اشتمل عليه «ونهج البلاغة» من كنوز فكرية وأدبية ثمينة. ولسوف يلاحظ الأديب الباحث أن من النادر
إلحاق فهارس على هذه الصورة المفصلة بأي كتاب مهما يعظم قدره وتجل مكانته حتى
لكأني أردت أن أوفر على كل باحث كل عناء: أتعبت نفسي ليستريح راجيا من الله وحده
حسن المثوبة وكرم الجزاء. وسوف يجد القارئ طلبته من هذه الفهارس بأقصى سرعة ممكنة
إذ آثرنا طبعها على ورق يختلف لونه عن لون الأصل تسهيلا وتيسيرا. ولقد رأيت من المناسب أن أبدأ
تلك الفهارس العشرين بفهرس الألفاظ الغريبة المشروحة متبعا تعاقب أرقامها في هذه المطبوعة ولقد
نافت هذه الألفاظ على خمسة آلاف وها هوذا آخر لفظ فيها يحمل
الرقم 5031 وها هي ذي بمجموعتها تشبه معجما صغيرا يفي بشرح طائفة غير يسيرة من
الكلمات الحية الجارية على ألسنة الفصحاء. واقتصرت في هذا الفهرس الأول على الحد
الضروري من الإيضاح والتبيان وبتأخيري إياه حتى انتهى تحقيق النص أعنت كلا من
الطالب والدارس على أن يحاول من تلقاء نفسه أن يفهم معنى كل عبارة من السياق
الذي وردت فيه. وإنما يرجع إلى هذا الفهرس حين يضل الطريق أو يخطئ الاستنتاج
وإذا بشر حنا الموجز ينفذه من حيرته ويصحح له ما عسى أن يقع فيه من الأغاليط. ومن يقارن بين شرحنا لمعاني
الألفاظ الغريبة وشرح الشيخ محمد عبده يخيل إليه أن قدرا كبيرا منها متماثل أو
متشابه إلى حد بعيد. والسر في هذا أن كلا منا عول على شرح ابن أبي الحديد في
مواضع كثيرة
وكان لزاما علينا أن نعول عليه لأنه أفضل الشروح. فحيثما
تجد تشابها في عبارتينا فإنما مرده إلى اقتباسنا كلينا ما لم يكن بد من استحسانه
من أقوال ابن أبي الحديد وحيثما تقع على تباين في الشرح أو إسهاب هنا وإيجاز هناك فمرده
ما استقل كل منا بفهمه وتحديده أو إطلاقه وتقييده. مما عاد إليه أحدنا
بنفسه ينقب عنه في بطون المعجمات ويلتمس الشواهد عليه من لسان العرب. ولا يسعني هنا أن أكتم
حقيقة بنت منها على يقين سبقني إلى التنبيه عليها منذ أكثر من خمسين عاما محيي
الدين الخياط يوم طبع في بيروت «نهج البلاغة» ومعه شرح الأستاذ الإمام وزيادات
اقتبسها الخياط من شرح ابن أبي الحديد لقد لا حظ هذا الناس الفاضل أن بعض تفسير
الشيخ عبده «يكاد يكون منقولا بحرفيته عن شرح ابن أبي الحديد مع أن الشارح قال
في مقدمته - وهو صادق فيما يقول - إن لم يتيسر له رؤية شرح من شروح نهج
البلاغة على أن من يتصفح بقية الشرح ويتصفح شرح ابن أبي الحديد يتراءى له أن
أحدهما منقول عن الآخر. وما عزاه الخياط إلى محمد عبده
من حرفية في نقل عبارات ابن أبي الحديد أمر صحيح لا ترقى إليه الريبة وذلك في الوقت نفسه
لا ينفي أن الأستاذ الإمام لم ير أي شرح من شروح «النهج» يوم طبع الكتاب أول مرة
في المطبعة الأديبة في بيروت. ولو أن محيي الدين الخياط رأي تلك
الطبعة البيروتية الأولى لما لاحظ من التشابه بين الشرحين إلا ما وقع مصادقة
واتفاقا
فمن المؤكد إذا أن الخياط إنما اطلع على الطبعة المصرية التي اشتملت على زيادات
مقتطفة من شرح ابن أبي الحديد وكان قد تيسر حينذاك للإمام محمد عبده أن يرى
هذا الشرح بعد عودته إلى مصر. وليت الإمام في مقدمته للطبعة المصرية
أشار إلى هذا ولو فعل لأزال من صدور الباحثين كل ريبة ولكنه رحمهالله
بصمته التام في هذا الصدد تركنا نتساءل ونحاول التوضيح والتعليل. على أني واثق بأن الشيخ عبده لم
يقرأ شرح ابن أبي الحديد من أوله إلى آخره قراءة دقيقة واعية وإنما
رجع منه إلى ما لم يكن مطمئنا إلى تفسيره في الطبعة البيروتية اطمئنانا كاملا وبهذا نعلل مغايرة
شرح لشرح ابن أبي الحديد في طائفة من الكلمات. ولقد يستطرد ابن أبي الحديد لدى
تفسير كلمة أو عبارة فيستغرق باستطراده صفحات يؤيد بها وجهة نظره بالشواهد
والنصوص وإذا هي عند محمد عبده تناقض ما يقول من غير إنما إلى مواطن الاختلاف مع
أن الأستاذ الإمام يعني نفسه في مواضع أخر يذكر عدد من الوجوه ويحاول - ولو
بإيجاز شديد - أن يقارن بين صور الاختلاف في قراءة اللفظ أو تبيان المدلول.وذلك
يعني في نظرنا أن محمد عبده اطلع على الشرح اطلاعا غير كاف وربما قرأ بعضه
بإمعان حيثما آنس الحاجة فأما سائر الشرح فقد تصفحه تصفحا بل لا أستبعد أن
يكون مر ببعضه مرورا عابرا غير مجشّمٍ نفسه حتى عناء تصفحه. ومن الغريب أن علامة كالشيخ
محمد محيي الدين عبد الحميد لما طبع «نهج البلاغة» في مطبعة
الاستقامة ومعه شرح الأستاذ الإمام لم يجرؤ على تصحيح شيء من تصحيفاته وبعض
ما وقع فيه من الأوهام رغم ما ذكره في مقدمته من زيادته أشياء ذات بال فبدا لنا
هذا اللغوي المعروف معولا كل التعويل على شرح الإمام غير مكلف نفسه أن يستوثق من
أفصح القراءات وأفضل التأويلات. وعلى ذلك مضى الأستاذ عبد
العزيز سيد الأهل في طبعة دار الأندلس بيروت حتى لكأنه صور شرح الأستاذ الإمام
تصويرا. واقتصارنا في فهرس الألفاظ المشروحة على
الحد الضروري من الإيضاح لم يأذن لنا بالتعقيب على تلك الهنات والأغاليط فيما
أسس على شرح الإمام من طبعات وإنما اكتفينا بذكر ما بدا لنا أصح الوجوه بعد
مراجعتنا أوثق المصادر ولا مناص لنا هنا من سرد بعض هاتيك الأوهام على سبيل
المثال. يقول على عليهالسلام:
«وأنا من رسول الله
كالضوء من الضوء» مشبها نفسه - كما يوضح ابن أبي الحديد - بالضوء الثاني
ومشبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالضوء الأول
ومنبع الأضواء عز وجل بالشمس التي توجب الضوء الأول فتصبح العبارة بعد التصحيف «كالصنو
من الصنو»
ويمسي معناها: الصنوان النخلتان يجمعهما أصل واحد فإنما علي من
جرثومة الرسول» (1). ولو أن
محمد عبده قرأ شرح ابن أبي الحديد لهذه العبارة لأخذ به إن اقتنع أو لأشار إليه
إن لم يقتنع لكنه لم يشر إليه قط ولعل لم يقع عليه. ويقول على كرم الله وجهه في
صفة قوم: «فتألّوا
على الله» والمراد أنهم حلفوا من الألية وهي اليمين وإذا العبارة عند
الأستاذ الإمام «فتأولوا على الله» غير واضحة المعنى ولا بينة المدلول (2). والمرأة عقرب حلوة اللسبة (أي اللسعة) باتت حلوة اللبسة (أي
حالة من حالات اللبس) (3) والرجل لم تظهر
منه حوية (وهي
الإثم) صار
«لم تظهر
منه خزية»
تصحيفا (4) والرجل لا يؤمن
على جباية (أي تحصيل أموال الخراج وغيرها) بات بعد التصحيف «لا
يؤمن على خيانة» (5) مع أنه في الحاشية
يقرر أن رواية «الجباية» أظهر معنى! بهذه الملاحظة الأخيرة نشير
إلى إثبات الشيخ عبده في المتن ما يستحسن في الحاشية سواه نصا وشرحا: ومن ذلك أن يثبت
في المتن: «وبنا انفجرتم عن السرار» ويشرحها في الحاشية ثم يقول: «ويروى أفجرتم
بدل انفجرتم» وهو أفصح وأوضح لأن «انفعل» لا يأتي لغير المطاوعة إلا نادرا أما
أفعل فيأتي لصيرورة الشيء إلى حال لم يكن عليها... الخ» وما أدري لماذا أهمل
الأفصح والأوضح وأثبت في المتن ما كان في نظره غير فصيح! (6) ______________________ (1) طبعة عبد الحميد 3 - 81
وطبعة سيد الأهل ص 508 س 1. (2) طبعة عبد الحميد 3 - 87 س 7
وهي في طبعة سيد الأهل ص 513 س 1. (3) طبعة عبد الحميد 3 - 164 س
1. وهي في طبعة سيد الأهل ص 576 س 3. (4) طبعة عبد الحميد 3 - 177 س
9. وهي في طبعة سيد الأهل ص 586 س 11. (5) طبعة عبد الحميد 3 - وهي في
طبعة سيد الأهل ص 560 س 1. (6) طبعة عبد الحميد 3 - 33 س
8. وهي في طبعة سيد الأهل ص 45 س 14.
ومن ذلك أيضا أنه ذكر في المتن
«يذري الروايات إذراء الريح الهشيم» ويشرحها في الحاشية ثم يقول: «ويروى: يذرو
الروايات كما تذرو الريح الهيثم وهي أفصح» قال الله تعالى: «فأصبح هشيما
تذروه الرياح» (1) ونحن
نتساءل مرة أخرى: ما الحكمة في إغفاله ما يعرفه فصيحا بل أفصح الفصيح وأدهى من ذلك وأمر أن الأستاذ عبد العزيز
سيد الأهل - في طبعة المبنية على شرح الأستاذ الإمام - يبلغ به التساهل
مبلغا لا يحسد عليه فهو يختار في المتن عبارة ويشرح غيرها في الحاشية فما يدري
أحد بأي مقياس ثم له الاختيار: ها هو ذا يثبت في المتين «وضرب على قلبه
بالإسهاب» ويعلق في الحاشية بقوله (2): «الأسداد جمع سد
يريد الحجب التي تحول دون بصيرته والرشاد قال الله تعالى «وجعلنا من بين أيديهم
سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون» ثم يقول: ويروى «الإسهاب»
وهو ذهاب العقل أو كثرة الكلام!!! ويطول بنا الحديث لو ذهبنا نتقصى ما وهم
فيه سيد الأهل في طبعته سواء أكان سببه محاكاته غالبا وجده في شرح الإمام محمد
عبده أم تصحيفا لم ينتبه إليه أم غلطا وقع فيه. إنه ليثبت ويشرح «النباتات البدوية» (3) وإنما هي (النابتات العذية) أي التي تنبت عذيا والعذي - بسكون الذال -
الزرع لا يسقيه إلا ماء المطر. ويجعل «منافثة» الحكماء - بالثاء - «مناقشة»
بينهم بالشين (4) ويصير «الخنوع»
بالنون «الخشوع» (5) بالشين وينسى
التعبير القرآني «يلبسون الحق بالباطل» أي يخلطون أحدهما بالآخر ليضع مكانه
«يلتسمون» (6) وبيني للمجهول
«نسلت القرون» (7) والفصيح ف «نسلت»
بالبناء للمعلوم ويشدد اللام في «يثل» من قول الإمام «ولا يثل من عاداه» (8) وصوابها من غير تشديد من «وأل يئل»: أي نجا ينجو. ______________________ (1) انظر طبعة سيد الأهل ص 61 س
وقارن بطبعة عبد الحميد 1 - 49 س 4. (2) انظر سيد الأهل ص 75 س 11
والحاشية 5. (3) طبعة سيد الأهل ص 507 س 12
وقارنه بطبعة عبد الحميد 2 - 81 س 8. (4) طبعة سيد الأهل ص 522 س 9.
وقارنه بطبعة عبد الحميد 2 - 99 س 7. (5) طبعة سيد الأهل ص 30 س 2
وقارن بطبعة عبد الحميد 1 - 15 س 5. (6) طبعة سيد الأهل 491 س 8.
وقارنه بطبعة عبد الحميد 2 - 65 س 6. (7) طبعة سيد الأهل 22 س 6
وقارنه بطبعة عبد الحميد 1 - 18 س 5. (8) طبعة سيد الأهل 35 س 12.
والغريب هنا أن طبعة عبد الحميد 1 - 22 س 3 من غير تشديد.
وأغرب من هذا كله تشديده الياء مرتين
بصورة تلفت النظر إذ أثبت قول الإمام هكذا: «أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة» (طبعة سيد الأهل 358 س 5.) وحاشا للإمام أن يجمع السنة في حال الجر بياء مشددة وليس هذا من التطبيع
(من التطبيع مثلا أن عبارات سقطت
وسبحان الذي لا يضل ولا ينسى كسقوط عبارة «لا بمقارنة وغير كل شيء» ص 25 س 2
وسقوط عبارة «والزعزع القاصفة» ص 26 س 4.) في شيء لأنه - كما قلت - تكرر مرتين! وما أردت بتعليقاتي هذه نقدا
ولا تجريحا
ولكني وددت - من خلالها - أن يميط القراء اللثام عن سر اهتمامي الشديد بالفهرس
الأول الذي
شرحت فيه ألفاظ «النهج» الغريبة مستوثقا من أدق المتون والشروح. أما الفهرس الثاني فعقدته للموضوعات
العامة مرتبة على حروف المعجم وهو من أهم الفهارس التي وضعتها
لخدمة أغراض " النهج وقد كان وحده كافيا لإبراز الفكر العميقة التي بثها الإمام كرم الله
وجهه في خطبه ورسائله ووصاياه لكني أردت مزيد التفصيل والتجزئة
والتحليل حين أتبعته بالفهارس التي سأتحدث عنها بعد قليل. ومما يجدر ذكره أن مثل هذا
الفهرس العام لم يطبع - فيما نعلم - مع «النهج» ولا مع شرحه لا في
مصر ولا الشام ولا إيران ولا سواها من البلدان مع أن أحدا من الباحثين لا يجهل أهميته
للأدباء والمتأدبين. ونود منذ الآن أن نفرق بينه وبين الكتاب الذي
وضعه السيد
جواد المصطفوي الخراساني وطبعه في إيران وسماه «الكاشف
عن ألفاظ نهج البلاغة في شروحه». ذلك
بأن هذا «الكاشف» -
كما تنبىء تسميته وكما أراده مؤلفه - إنما يرشد القارئ إلى أي لفظ أراد من
«النهج»
في أي متن أو شرح وذاك عمل لفظي شكلي كما ترى وإنما
كان الذي توخيناه في فهرسنا الثاني هذا عملا علميا يتعلق
بجوهر «النهج» في طائفة لا يستهان بها من الألفاظ الدوال على معان مهمة
مشفوعة بأبرز استعمالاتها في تعبير الإمام عليهالسلام كأقواله
في المرأة أو نظراته في الحرب والسلم أو آرائه في العقيدة أو وصاياه في الزهد أو
تعاليمه في الأخلاق فما يطوف ببالك شيء من هذا كله إلا وجدته مرتبا على حروف المعجم من
خلال الكلمات التي تبحث عنها وتريد ان تستجمع فيها أغراض علي الأدبية. ولئن أشبه «الكاشف» الذي وضعه
الخراساني «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي» الذي أشرف عليه المستشرق
فنسك - إذا كل منهما
عمل لفظي بحث - فإن فهرسنا هذا للموضوعات يشبه - والقياس مع الفارق
طبعا - «تفصيل آيات القرآن» الذي وضعه المستشرق جول لابوم ونقله من الفرنسية محمد
فواد عبد الباقي. وعملنا هذا - وإن تعلق بنهج البلاغة لا بكتاب الله - سوف
يبدو للباحثين أكثر موضوعية وأيسر استعمالا وسوف يتيح للباحثين أن يجدوا في «النهج»
ما يصبون إليه براحة واطمئنان ولا سيما إذا ضمت إليه الفهارس الباقية
التي تفصل ما أطلق وتخصص ما عم وتجعل الانتفاع بالكتاب أمرا شائعا على جميع
المستويات. وفي الفهرس التاليين بعد
ذلك سوف يزداد القارئ
أو الناقد أو الباحث شعورا بالراحة والاطمئنان فأحدهما -
وهو الفهرس الثالث - يتعلق بخطب الإمام والآخر - الرابع - يتعلق برسائله
وكتبه وبدلا من أن نكتفي بذكر الصفحات التي استهلت بها كل خطبة أو رسالة رتبناها
جميعا بحسب الموضوعات والأغراض. فمن خطب في التعليم والإرشاد إلى أخرى في
النقد والتعريض أو في العتاب والتقريع أو ي الشكوى أو في الحث على القتال أو
الوصف أو بدء الخلق أو التزهيد في الدنيا. وقد اصطلحنا حينئذ على أن نذكر
رقم الخطبة ورقم الصفحة التي استهلت وختمت بها مع بيان أول عبارة وآخر عبارة فيها. وكذلك
فعلنا في الرسائل فمن رسائل في التعليم والإرشاد إلى أخرى في النقد
أو في الحرب أو السياسة أو القضاء وسواها من الموضوعات. وإذا ذكرنا أن معظم
«النهج» خطب ورسائل ومعها الأجوبة المسكتة بعد ذاك وهي قليلة أدركنا
أهمية الفهرس المعقود للخطب وأنواعها ثم للرسائل وأنواعها وأحلنا دارس
الخطابة أو نثر الرسائل في صدر الإسلام على نهج واضح مستقيم. وفي خطب علي خاصة فريدة لا
تكاد تفارقها وهي كثرة اقتباسه من القرآن المجيد والحديث الشريف. لذلك
خصصنا الفهرس
الخامس للآيات القرآنية والسادس للأحاديث النبوية لإبراز الثقافة الإسلامية التي
كان الإمام عليهالسلام يمثلها خير التمثيل فقد رأى نور الوحي
وربي في بيت النبوة ووعت ذاكرته القوية كثيرا من ألفاظ القرآن والسنة حتى انطبع
أسلوبه بطابع عجيب يعلو على أساليب البلغاء من البشر في القديم والحديث. ومن المعروف أن الاقتباس من
كتاب الله وحديث نبيه جائز حتى ولو اقتطع المقتبس موضع الشاهد المناسب من أواخر
الآية أو أواسطها أو اختار عبارات من الحديث أو ألفاظا.وقد كان من دلائل جواز
الاقتباس عند بعض البلاغيين أن الإمام عليهالسلام أكثر منه في
كلامه وهو حجة فلا مسوغ للتساؤل عن اقتطافه كرم الله وجهه ألفاظا وتركه ألفاظا
أخر ما دام غير قاصد إلى النقل الحرفي وإنما كان قاصدا إلى طبع أسلوبه بطابع
إسلامي صريح. ولذلك جعلنا هذه المقتطفات القرآنية والنبوية بين مزدوجين
هكذا»...)
ورددنا الآيات إلى وجهها في التلاوة في فهرسها الخاص. ولا حظنا - بصورة مؤكدة -
أن بعض أحاديث الرسول عزيت إلى على ولا بد من التحقيق قبل الحكم في هذه القضية
بسلب أو إيجاب. ولما صنعنا الفهرس السابع للعقائد
الدينية والفهرس الثامن للأحكام الشرعية لم نعجب لقلة
الأحكام إذا ما قيست بالعقائد لأن كتابا كالنهج يجمعه الشريف الرضي من أقوال
الإمام عليهالسلام يفترض فيه أن يكثر مضمونه في مسائل العقيدة
وألا يتطرق من مسائل الفقه والتشريع إلا لما جاء عرضا أو كانت صلته بالعقيدة
أوثق منها بالأحكام. ولعلنا - في ضوء هذه الفكرة - نقف على السر فيما
انبث أثناء خطب الإمام
في
«الإلهيات» من عبارات شبيهة بالفلسفية والكلامية كالأين والكيف والحد المحدود وصفات الله
النفسية بوجه خاص وهي التي عقدنا لها الفهرس التاسع نجمع فيه بين يدي
الدارس ما يحلل به العوامل والأسباب التي أتاحت لمثل علي في صدر الإسلام أن يطلق
بعض هذه الألفاظ الاصطلاحية سابقا بها نظرات المتكلمين. ولسنا نريد بهذا أن نومىء إلى «وضع» الخطب المشتملة على
هذه الألفاظ برمتها ولا إلى الحكم العاجل «بصحتها» من غير تحقيق فمثل
هذه الدراسة تحوج إلى كتاب خاص يتناول جميع ما أورده النقاد من شبهات تشكك في
نسبة هذه الخطب - كلا أو بعضا - إلى الإمام عليهالسلام. وهو عمل كنت
تجشمت القيام بكثير منه منذ اخترت لطلابي في كلية الآداب تدريس «نهج البلاغة»
على أنه نموذج للنثر الفني في صدر الإسلام. ولا أستطيع الآن أن أصرح - لأني
منذ سنوات لا أزال منكبا على هذا الموضوع - إلا بأن معظم خطب النهج ورسائله في عدد
من أمهات الكتب التاريخية نذكر الآن في طليعتها تاريخ ابن جرير
الطبري.
ولنا
رجعة إلى درس هذه القضية في كتاب خاص نستخرج به إن شاء الله مصادر
الشريف الرضي فيما جمعه من كلام الإمام. وقد رأينا من المفيد أن
نعقد الفهرس العاشر للتعاليم والوصايا الاجتماعية والحادي عشر للأدعية
والابتهالات والثاني عشر للأبيات الشعرية نسجلها كما وردت متعاقبا في
مطبوعتنا هذه إبرازا لأهميتها وتيسيرا على الباحث الذي يعنيه أن يتقصاها. أما الفهارس المتتابعة بعد
ذلك ابتداء
من الفهرس الثالث عشر حتى التاسع عشر فقد آثرنا - تعميما للفائدة - ترتيبها
على حروف المعجم ووجدنا أن ذكرها لا يخلو من جدوى ولو كان معظمها نزرا يسيرا. وقد خصصنا
الفهرس الثالث عشر للأعلام من الرجال والنساء والقبائل والطوائف والشعوب والرابع
عشر للحيوان والخامس
عشر للنبات والسادس
عشر للكواكب والأفلاك
والثامن عشر للأماكن والبلدان والتاسع عشر للوقائع التاريخية.وهكذا
بدا للقارئ أو الباحث أنه - من غير أن يتكلف التعمق في تقصي الشروح - يوشك
أن يجد مبتغاه كله في هذه الفهارس التي لم تغادر شيئا إلا بينه أحسن التبيان. وكان طبيعيا أن تكون خاتمة هذه
الفهارس جميعا الفهرس العشرين الذي فصلت فيه مواد
الكتاب تفصيلا
على
ترتيب صفحاتها في هذه الطبعة ليكون كل شيء بين يدي القراء واضحا كل الوضوح. كلمة شكر
: والآن - وقد أذن
الله لهذه الطبعة الجديدة أن تبصر النور بهذه الحلة القشيبة وهذا الإخراج الفني
الجميل -
لا يسعني إلا أن أشكر القائمين على مطبعة دار الكتاب اللبناني من موظفين
ومستخدمين وعمال
كفاء ما بذلوه من عناية بطبع «النهج» حتى كاد يخلو من التطبيع ولله
المنة والفضل. ولقد أعانني في التصحيح صديق أعتز به
وأفاخر بأخوته هو الأستاذ يوسف أبو حلقة الذي قرأ الكتاب كله كلمة كلمة. فله أجزل
شكري وأوفر امتناني. نداء لأمة الإسلام إن حبي للإمام علي عليهالسلام
ولآل البيت الطيبين الطاهرين ولكل مجاهد مخلص يرفع راية الإسلام ليد عوني اليوم - وقد
من الله علي بخدمة «النهج» ابتغاء وجهه الكريم - لمناشدة المسلمين جميعا في مشارق الأرض
ومغاربها إلى الانضواء تحت لواء التوحيد فلقد تعاقب على مصرع إمام الهدى
ومصرع ابنه شهيد كربلاء أكثر من ثلاثة عشر قرنا انفصمت خلالها بين المسلمين عرى
الوحدة وكثرت الفرق وتشعبت الآراء وإن على المؤرخ المنصف اليوم - بأي
مذهب أخذ وإلى أي فرقة انتمى - أن يكشف الحقائق لا
انتصارا لفريق على فريق بل دعوة خيرة إلى تناسي تلك المآسي الداميات. ألا وإن الوحدة بين جميع المسلمين - في ظل
دين التوحيد - كانت في أشد الفتن اضطراما وفي أشد الظروف سوادا وقتاماً أصلا جامعا
كبيرا بين أفراد الأمة كلها فها هو ذا القرآن يسرد طائفة من قصص
الرسل في سورة الأنبياء ثم يخاطب أمة الإسلام قائلا: «إن
هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» ثم يوضح في سورة المؤمنين أنه قد خاطب
جميع الأنبياء بهذه الوحدة الجامعة للأمة: «يا أيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم. وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم
فاتقون». إن الانقسام المذهبي بين
المسلمين قد ارتدى - في نظرنا - لبوس نزاع سياسي قديم
يعده اليوم عقلاء السنة والشيعة عندنا «متحفيّاً» إلى أبعد
الحدود. ولقد انقشعت السحب الحفاف العوابر - في
السنين الأخيرة - بين أبناء هذه العقيدة السمحة الواحدة بما اتخذه المسؤولون
الكبار في مختلف البلدان الإسلامية من خطوات إيجابية نحو التقارب والتوحيد. فها
هوذا الأزهر الشريف يدرس في معاهده وكلياته العظمى الفقه الجعفري وعقائد الشيعة
الإمامية جنبا إلى جنب مع مذاهب الإسلام المختلفة في العقيدة والشريعة مؤكدا
للمسلمين جميعا إن الإسلام فوق الفرق والشيع والمذاهب كلها وأن معالم العقيدة
الدينية مبرأة من التعقيد وأن طبيعتها تقتضي إيجاد الحلول العملية الإيجابية
التي تحرك الوجدان وتستجيش الضمير وتدفع بالطاقات البشرية إلى البناء والتعمير
على هدي من الفكر النير والمنطق السليم: فلا مكان في هذه التشريعات والعقائد
للثرثرة الفارغة والجدل العقيم! إن على علماء المسلمين اليوم - من أي
مذهب كانوا - أن يستذكروا الكلمات الحلوة العذاب التي توحد الصف وتلم الشعث وترأب
الصدع حتى نعتصم جميعا بحبل الله غير متفرقين. وأود أن يعلم إخواننا من شيعة
علي عليهالسلام أن مكان الإمام من ابن عمه الرسول الكريم
لا يجهلها مسلم وأن الأحاديث النبوية التي تصف منزلته الخصيصة لا يحصيها المحصون.
ولكن الناس أعداء ما جهلوا كما قال علي كرم الله وجهه. أن مما أفضى به الإمام إلى
عشيرته قوله: «أما وصيتي: فالله لا تشركوا به شيئا ومحمدا فلا تضيعوا سنته. أقيموا
هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين». ولما حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه
وسد فواره من ينبوعه وجدحوا بين علي وبينهم شربا وبيئا أقبل الظالم منهم مزيدا
كالتيار لا يبالي ما غرق وأو كوقع النار في الهشيم لا يحفل ما حرق ولما رأي أول
القوم قائدا لآخرهم وآخرهم مقتديا بأولهم يتنافسون في دينا دنية ويتكالبون على
جيفة نتنة نبه الأتباع والمتبوعين وهتف بهم: «عما قليل ليستبرَّ أن التابع من
المتبوع والقائد من المقود فيتزايلون بالبغضاء ويتلاعنون عند اللقاء» بينما هتف
بأصحابه يدعوهم إلى وحدة الكملة: «الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة وبنيت عليه
أركان الطاعة واقدموا على الله مظلومين ولا تقدموا عليه ظالمين». بل أنشأ الإمام عليهالسلام
يصنف الناس في موقفهم منه أصنافا تهدئة للمشاعر الثائرة وكبحا لجماح
النفوس: إنه هو الذي قال: «إن الناس من هذه الأمر إذا حرك على أمور: فرقة
ترى ما ترون وفرقة ترى ما لا ترون وفرقة لا ترى هذا ولا ذاك فاصبروا حتى يهدأ
الناس وتقع القلوب مواقعها». وحتى يوم صفين لم يكن يشغل باله
ويقلق خاطره إلا تفرق الأمة وضياع الدين ففي خطابه لأصحابه يومذاك قال: «ألا وإنه لا
ينفعكم بعد تضييع دينكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم». وكان يخشى على أصحابه - إن
أفرطوا في حبه - أن يضيعوا دينهم وعلى أعدائه - إن أفرطوا في بعضه - أن يخسروا كل شيء:
«هلك في
رجلان: محب غال ومبغض قال». وفي خطابه للخوارج - لما
أقام عليهم الحجة - أوضح هذا الكلام الموجز بعبارة مفصلة بليغة حين قال: «سيهلك
في صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير الحق ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير
الحق وخير الناس في حالا النمط الأوسط فالزموه والزموا السواد الأعظم فإن يد
الله مع الجماعة وإياكم والفرقة! فإن الشاذ من الناس للشيطان كما أن الشاذ من
الغنم للذئب ألا من دعا إلى مثل هذا الشعار فاقتلوه ولو كان تحت عمامتي هذه». وبعد: فيا دعاة الوحدة بين جميع
المسلمين: «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله فمن
سلك الطريق الواضح ورد الماء ومن خالف وقع في التيه!» بيروت في ذكرى عاشوراء سنة 1387
ه. صبحي الصالح
|
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
نَهْجُ البَلاغَة
وهو مجموع ما اختاره الشريف أبو الحسن محمد الرضي بن الحسن الموسوي من كلام أمير
المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام |
|||||||||||||||
مقدمة
السيد الشريف الرضي :
|
|||||||||||||||
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد الله الذي جعل الحمد ثمنا
لنعمائه ومعاذا (1) من بلائه ووسيلا
إلى جنانه (2) وسببا لزيادة
إحسانه والصلاة على رسوله نبي الرحمة وإمام الأئمة وسراج الأمة المنتخب من طينة
الكرم وسلالة المجد الأقدم (3) ومغرس الفخار
المعرق (4) وفرع العلاء
المثمر المورق وعلى أهل بيته مصابيح الظلم وعصم الأمم (5) ومنار (6) الدين الواضحة
ومثاقيل (7) الفضل الراجحة صلى
الله عليهم أجمعين صلاة تكون إزاء لفضلهم (8) ومكافأة لعملهم وكفاء لطيب فرعهم وأصلهم ما أنار فجر ساطع وخوى نجم طالع
(9) فإني كنت في
عنفوان السن (10) وغضاضة الغصن (11) ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الأئمة عليهالسلام يشتمل على
محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم حداني (12) عليه غرض ذكرته في
صدر الكتاب وجعلته أمام الكلام وفرغت من الخصائص التي تخص أمير المؤمنين عليا عليهالسلام
وعاقت عن إتمام بقية الكتاب محاجزات الأيام ومماطلات الزمان (13). _________________________
وكنت قد بوبت ما خرج من ذلك
أبوابا وفصلته فصولا فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه عليهالسلام
من الكلام القصير في المواعظ والحكم والأمثال والآداب دون الخطب الطويلة والكتب
المبسوطة
فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره معجبين ببدائعه
ومتعجبين من نواصعه (1)
وسألوني عند ذلك أن أبتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام
في جميع فنونه ومتشعبات غصونه من خطب وكتب ومواعظ وأدب علما أن ذلك يتضمن من
عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة وجواهر العربية وثواقب (2) الكلم الدينية والدنيوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام ولا مجموع الأطراف
في كتاب إذ كان أمير المؤمنين عليهالسلام مشرع الفصاحة وموردها (3) ومنشأ البلاغة ومولدها ومنه عليهالسلام ظهر مكنونها
وعنه أخذت قوانينها وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب (4) وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ومع ذلك فقد سبق وقصروا وتقدم وتأخروا لأن
كلامه عليهالسلام الكلام الذي عليه مسحة (5) من العلم الإلهي وفيه عبقة (6) من الكلام النبوي فأجبتهم
إلى الابتداء بذلك عالما بما فيه من عظيم النفع ومنشور الذكر ومذخور الأجر واعتمدت به (7) أن أبين عن عظيم قدر أمير المؤمنين عليهالسلام في هذه الفضيلة
مضافة إلى المحاسن الدثرة (8) والفضائل الجمة
وأنه عليهالسلام انفرد ببلوغ غايتها عن جميع السلف الأولين
الذين إنما يؤثر (9) عنهم منها القليل
النادر والشاذ الشارد (10) فأما كلامه فهو
البحر الذي لا يساجل (11) والجم الذي لا
يحافل (12). _____________________
وأردت أن يسوغ لي التمثل في
الافتخار به عليهالسلام بقول الفرزدق:
ورأيت كلامه عليهالسلام
يدور على أقطاب (1) ثلاثة
أولها الخطب والأوامر
وثانيها الكتب
والرسائل وثالثها الحكم والمواعظ فأجمعت (2) بتوفيق الله تعالى
على الابتداء باختيار محاسن الخطب ثم محاسن الكتب ثم محاسن الحكم
والأدب مفردا
لكل صنف من ذلك بابا ومفصلا فيه أوراقا لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عني
عاجلا ويقع إلي آجلا وإذا جاء شيء من كلامه عليهالسلام الخارج في
أثناء حوار أو جواب سؤال أو غرض آخر من الأغراض في غير الأنحاء التي ذكرتها
وقررت القاعدة عليها نسبته إلى أليق الأبواب به وأشدها ملامحة (3) لغرضه وربما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متسقة (4) ومحاسن كلم غير منتظمة لأني أورد النكت واللمع (5) ولا أقصد التتالي والنسق (6). ومن عجائبه عليهالسلام
التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ
والتذكير والزواجر إذا تأمله المتأمل وفكر فيه المتفكر وخلع من قلبه أنه كلام
مثله ممن عظم قدره ونفذ أمره وأحاط بالرقاب ملكه لم يعترضه الشك في أنه كلام من
لاحظ له في غير الزهادة ولا شغل له بغير العبادة قد قبع (7) في كسر بيت (8) أو انقطع إلى سفح
جبل (9) لا يسمع إلا حسه
ولا يرى إلا نفسه ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه (10) فيقط الرقاب (11) ويجدل الأبطال (12) ____________________
ويعود به ينطف (1) دما ويقطر مهجا (2) وهو مع تلك الحال
زاهد الزهاد وبدل الأبدال (3) وهذه من فضائله
العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد وألف بين الأشتات (4) وكثيرا ما أذاكر الإخوان بها وأستخرج عجبهم منها وهي موضع للعبرة بها
والفكرة فيها. وربما جاء في أثناء هذا
الاختيار اللفظ المردد والمعنى المكرر والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف
اختلافا شديدا فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ثم وجد بعد
ذلك في رواية أخرى موضوعا غير موضعه الأول إما بزيادة مختارة أو بلفظ أحسن عبارة فتقتضي
الحال أن يعاد استظهارا للاختيار وغيرة على عقائل الكلام (5) وربما بعد العهد أيضا بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا لا
قصدا واعتمادا. ولا أدعي مع ذلك أني أحيط بأقطار (6) جميع كلامه عليهالسلام حتى لا يشذ عني منه
شاذ ولا يند ناد (7) بل لا أبعد أن
يكون القاصر عني فوق الواقع إلي والحاصل في ربقتي (8) دون الخارج من يدي وما علي إلا بذل الجهد وبلاغة الوسع وعلى الله
سبحانه وتعالى نهج السبيل (9) وإرشاد الدليل إن
شاء الله. ورأيت من بعد تسمية هذا
الكتاب بنهج البلاغة إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ويقرب عليه طلابها فيه حاجة العالم
والمتعلم وبغية البليغ والزاهد ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل
وتنزيه الله سبحانه وتعالى عن شبه الخلق ما هو بلال كل غلة (10) وشفاء كل علة وجلاء كل شبهة. ومن الله سبحانه أستمد
التوفيق والعصمة وأتنجز التسديد والمعونة وأستعيذه من خطأ الجنان قبل خطأ اللسان
ومن زلة الكلم قبل زلة القدم (11)
وهو حسبي ونعم الوكيل. ___________________
|
|||||||||||||||
باب
المختار من خطب أمير المؤمنين عليه السلام و أوامره
|
|||||||||||||||
باب المختار من خطب أمير
المؤمنين عليهالسلام وأوامره ويدخل في ذلك المختار من كلامه
الجاري مجرى الخطب في المقامات المحظورة والمواقف المذكورة
والخطوب الواردة |
|||||||||||||||
1- و من خطبة له يذكر فيها ابتداء خلق السماء و
الأرض و خلق آدم و فيها :
|
|||||||||||||||
1- و من خطبة له ( عليه السلام ) يذكر فيها
ابتداء خلق السماء و الأرض و خلق آدم و فيها ذكر الحج و تحتوي
على حمد الله و خلق العالم و خلق الملائكة و اختيار الأنبياء و مبعث النبي و القرآن و
الأحكام الشرعية : الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا يَبْلُغُ
مِدْحَتَه الْقَائِلُونَ ولَا يُحْصِي نَعْمَاءَه الْعَادُّونَ ولَا يُؤَدِّي
حَقَّه الْمُجْتَهِدُونَ الَّذِي لَا يُدْرِكُه بُعْدُ الْهِمَمِ ولَا يَنَالُه
غَوْصُ الْفِطَنِ الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِه حَدٌّ مَحْدُودٌ ولَا نَعْتٌ
مَوْجُودٌ ولَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ ولَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ فَطَرَ (1) الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِه ونَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِه ووَتَّدَ (2) بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ (3) أَرْضِه. أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُه وكَمَالُ
مَعْرِفَتِه التَّصْدِيقُ بِه وكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِه تَوْحِيدُه وكَمَالُ
تَوْحِيدِه الإِخْلَاصُ لَه وكَمَالُ الإِخْلَاصِ لَه نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْه
لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وشَهَادَةِ كُلِّ
مَوْصُوفٍ أَنَّه غَيْرُ الصِّفَةِ فَمَنْ وَصَفَ اللَّه سُبْحَانَه فَقَدْ
قَرَنَه ومَنْ قَرَنَه فَقَدْ ثَنَّاه ومَنْ ثَنَّاه فَقَدْ جَزَّأَه ومَنْ
جَزَّأَه فَقَدْ جَهِلَه ومَنْ جَهِلَه فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْه ومَنْ أَشَارَ
إِلَيْه فَقَدْ حَدَّه ومَنْ حَدَّه فَقَدْ عَدَّه ومَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ
ضَمَّنَه ومَنْ قَالَ عَلَا مَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْه: كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ (4) مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وغَيْرُ
كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ (5) فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى
الْحَرَكَاتِ والآلَةِ بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْه مِنْ خَلْقِه
مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بِه ولَا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
خلق العالم
|
|||||||||||||||
أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وابْتَدَأَه
ابْتِدَاءً بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا (6) ولَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا ولَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا ولَا
هَمَامَةِ (7) نَفْسٍ اضْطَرَبَ
فِيهَا أَحَالَ الأَشْيَاءَ لأَوْقَاتِهَا ولأَمَ (8) بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا وغَرَّزَ (9) غَرَائِزَهَا وأَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا عَالِماً بِهَا قَبْلَ
ابْتِدَائِهَا مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وانْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا
وأَحْنَائِهَا (10): ثُمَّ أَنْشَأَ
سُبْحَانَه فَتْقَ الأَجْوَاءِ وشَقَّ الأَرْجَاءِ وسَكَائِكَ (11) الْهَوَاءِ فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُه (12) مُتَرَاكِماً زَخَّارُه (13) حَمَلَه عَلَى
مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ والزَّعْزَعِ (14) الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّه وسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّه
وقَرَنَهَا إِلَى حَدِّه الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ (15) والْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ (16) ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَه رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا (17) وأَدَامَ مُرَبَّهَا (18) وأَعْصَفَ
مَجْرَاهَا وأَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ (19) الْمَاءِ الزَّخَّارِ وإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْه (20) مَخْضَ السِّقَاءِ وعَصَفَتْ بِه عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ تَرُدُّ
أَوَّلَه إِلَى آخِرِه وسَاجِيَه (21) إِلَى مَائِرِه (22) حَتَّى عَبَّ عُبَابُه ورَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُه (23) فَرَفَعَه فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ (24) وجَوٍّ مُنْفَهِقٍ فَسَوَّى مِنْه سَبْعَ سَمَوَاتٍ جَعَلَ
سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً (25) وعُلْيَاهُنَّ
سَقْفاً مَحْفُوظاً وسَمْكاً مَرْفُوعاً بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا ولَا
دِسَارٍ (26) يَنْظِمُهَا ثُمَّ
زَيَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ وضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ (27) وأَجْرَى فِيهَا سِرَاجاً مُسْتَطِيراً (28) وقَمَراً مُنِيراً فِي فَلَكٍ دَائِرٍ وسَقْفٍ سَائِرٍ ورَقِيمٍ (29) مَائِرٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
خلق الملائكة
|
|||||||||||||||
خلق الملائكة ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ
الْعُلَا فَمَلأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِه مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا
يَرْكَعُونَ ورُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ وصَافُّونَ (30) لَا يَتَزَايَلُونَ (31) ومُسَبِّحُونَ لَا
يَسْأَمُونَ لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ ولَا سَهْوُ الْعُقُولِ ولَا
فَتْرَةُ الأَبْدَانِ ولَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ ومِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى
وَحْيِه وأَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِه ومُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِه وأَمْرِه
ومِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِه والسَّدَنَةُ (32) لأَبْوَابِ جِنَانِه ومِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الأَرَضِينَ
السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ والْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا
أَعْنَاقُهُمْ والْخَارِجَةُ مِنَ الأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ والْمُنَاسِبَةُ
لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ نَاكِسَةٌ دُونَه أَبْصَارُهُمْ
مُتَلَفِّعُونَ (33) تَحْتَه
بِأَجْنِحَتِهِمْ مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ
الْعِزَّةِ وأَسْتَارُ الْقُدْرَةِ لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ
ولَا يُجْرُونَ عَلَيْه صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ ولَا يَحُدُّونَه بِالأَمَاكِنِ
ولَا يُشِيرُونَ إِلَيْه بِالنَّظَائِرِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفة خلق آدم عليه السلام
|
|||||||||||||||
صفة خلق آدم عليهالسلام ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَه مِنْ حَزْنِ (34) الأَرْضِ وسَهْلِهَا وعَذْبِهَا وسَبَخِهَا (35) تُرْبَةً سَنَّهَا (36) بِالْمَاءِ حَتَّى
خَلَصَتْ ولَاطَهَا (37) بِالْبَلَّةِ (38) حَتَّى لَزَبَتْ (39) فَجَبَلَ مِنْهَا
صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاءٍ (40) ووُصُولٍ
وأَعْضَاءٍ وفُصُولٍ أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ وأَصْلَدَهَا (41) حَتَّى صَلْصَلَتْ (42) لِوَقْتٍ
مَعْدُودٍ وأَمَدٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِه فَمَثُلَتْ (43) إِنْسَاناً ذَا أَذْهَانٍ يُجِيلُهَا وفِكَرٍ يَتَصَرَّفُ بِهَا
وجَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا (44) وأَدَوَاتٍ
يُقَلِّبُهَا ومَعْرِفَةٍ يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ والْبَاطِلِ
والأَذْوَاقِ والْمَشَامِّ والأَلْوَانِ والأَجْنَاسِ مَعْجُوناً بِطِينَةِ
الأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ والأَشْبَاه الْمُؤْتَلِفَةِ والأَضْدَادِ
الْمُتَعَادِيَةِ والأَخْلَاطِ الْمُتَبَايِنَةِ مِنَ الْحَرِّ والْبَرْدِ
والْبَلَّةِ والْجُمُودِ واسْتَأْدَى (45) اللَّه سُبْحَانَه الْمَلَائِكَةَ وَدِيعَتَه لَدَيْهِمْ وعَهْدَ
وَصِيَّتِه إِلَيْهِمْ فِي الإِذْعَانِ بِالسُّجُودِ لَه والْخُنُوعِ
لِتَكْرِمَتِه فَقَالَ سُبْحَانَه: (اسْجُدُوا
لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) اعْتَرَتْه
الْحَمِيَّةُ وغَلَبَتْ عَلَيْه الشِّقْوَةُ وتَعَزَّزَ بِخِلْقَةِ النَّارِ
واسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ فَأَعْطَاه اللَّه النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً
لِلسُّخْطَةِ واسْتِتْمَاماً لِلْبَلِيَّةِ وإِنْجَازاً لِلْعِدَةِ فَقَالَ: (فَإِنَّكَ
مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ). ثُمَّ أَسْكَنَ سُبْحَانَه آدَمَ دَاراً
أَرْغَدَ فِيهَا عَيْشَه وآمَنَ فِيهَا مَحَلَّتَه وحَذَّرَه إِبْلِيسَ
وعَدَاوَتَه فَاغْتَرَّه (46) عَدُوُّه
نَفَاسَةً عَلَيْه بِدَارِ الْمُقَامِ ومُرَافَقَةِ الأَبْرَارِ فَبَاعَ
الْيَقِينَ بِشَكِّه والْعَزِيمَةَ بِوَهْنِه واسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ (47) وَجَلًا (48) وبِالِاغْتِرَارِ
نَدَماً ثُمَّ بَسَطَ اللَّه سُبْحَانَه لَه فِي تَوْبَتِه ولَقَّاه كَلِمَةَ
رَحْمَتِه ووَعَدَه الْمَرَدَّ إِلَى جَنَّتِه وأَهْبَطَه إِلَى دَارِ
الْبَلِيَّةِ وتَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
اختيار الأنبياء
|
|||||||||||||||
واصْطَفَى سُبْحَانَه مِنْ وَلَدِه
أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ (49) وعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ لَمَّا بَدَّلَ أَكْثَرُ
خَلْقِه عَهْدَ اللَّه إِلَيْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّه واتَّخَذُوا الأَنْدَادَ (50) مَعَه واجْتَالَتْهُمُ (51) الشَّيَاطِينُ
عَنْ مَعْرِفَتِه واقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِه فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَه
ووَاتَرَ (52) إِلَيْهِمْ
أَنْبِيَاءَه لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِه ويُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ
نِعْمَتِه ويَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ ويُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ
الْعُقُولِ ويُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ مِنْ سَقْفٍ فَوْقَهُمْ مَرْفُوعٍ
ومِهَادٍ تَحْتَهُمْ مَوْضُوعٍ ومَعَايِشَ تُحْيِيهِمْ وآجَالٍ تُفْنِيهِمْ
وأَوْصَابٍ (53) تُهْرِمُهُمْ
وأَحْدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَيْهِمْ ولَمْ يُخْلِ اللَّه سُبْحَانَه خَلْقَه مِنْ
نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَوْ كِتَابٍ مُنْزَلٍ أَوْ حُجَّةٍ لَازِمَةٍ أَوْ مَحَجَّةٍ (54) قَائِمَةٍ رُسُلٌ لَا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ ولَا
كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ مِنْ سَابِقٍ سُمِّيَ لَه مَنْ بَعْدَه أَوْ
غَابِرٍ عَرَّفَه مَنْ قَبْلَه عَلَى ذَلِكَ نَسَلَتِ (55) الْقُرُونُ ومَضَتِ الدُّهُورُ وسَلَفَتِ الآبَاءُ وخَلَفَتِ
الأَبْنَاءُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
مبعث النبي
|
|||||||||||||||
ِالَى أَنْ بَعَثَ اللَّه سُبْحَانَه
مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله لإِنْجَازِ
عِدَتِه (56) وإِتْمَامِ
نُبُوَّتِه مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُه مَشْهُورَةً سِمَاتُه (57) كَرِيماً مِيلَادُه وأَهْلُ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقَةٌ
وأَهْوَاءٌ مُنْتَشِرَةٌ وطَرَائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ بَيْنَ مُشَبِّه لِلَّه
بِخَلْقِه أَوْ مُلْحِدٍ (58) فِي اسْمِه أَوْ
مُشِيرٍ إِلَى غَيْرِه فَهَدَاهُمْ بِه مِنَ الضَّلَالَةِ وأَنْقَذَهُمْ
بِمَكَانِه مِنَ الْجَهَالَةِ ثُمَّ اخْتَارَ سُبْحَانَه لِمُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله
لِقَاءَه ورَضِيَ لَه مَا عِنْدَه وأَكْرَمَه عَنْ دَارِ الدُّنْيَا ورَغِبَ بِه
عَنْ مَقَامِ الْبَلْوَى فَقَبَضَه إِلَيْه كَرِيماً صلىاللهعليهوآله
وخَلَّفَ فِيكُمْ مَا خَلَّفَتِ الأَنْبِيَاءُ فِي أُمَمِهَا إِذْ لَمْ
يَتْرُكُوهُمْ هَمَلًا بِغَيْرِ طَرِيقٍ وَاضِحٍ ولَا عَلَمٍ قَائِمٍ (59): -----------------------------
|
|||||||||||||||
القرآن و الأحكام الشرعية
|
|||||||||||||||
كِتَابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ مُبَيِّناً
حَلَالَه وحَرَامَه وفَرَائِضَه وفَضَائِلَه ونَاسِخَه ومَنْسُوخَه (60) ورُخَصَه وعَزَائِمَه (61) وخَاصَّه وعَامَّه
وعِبَرَه وأَمْثَالَه ومُرْسَلَه ومَحْدُودَه (62) ومُحْكَمَه ومُتَشَابِهَه (63) مُفَسِّراً
مُجْمَلَه ومُبَيِّناً غَوَامِضَه بَيْنَ مَأْخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِه ومُوَسَّعٍ
عَلَى الْعِبَادِ فِي جَهْلِه(64) وبَيْنَ مُثْبَتٍ
فِي الْكِتَابِ فَرْضُه ومَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُه ووَاجِبٍ فِي
السُّنَّةِ أَخْذُه ومُرَخَّصٍ فِي الْكِتَابِ تَرْكُه وبَيْنَ وَاجِبٍ
بِوَقْتِه وزَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِه ومُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِه مِنْ
كَبِيرٍ أَوْعَدَ عَلَيْه نِيرَانَه أَوْ صَغِيرٍ أَرْصَدَ لَه غُفْرَانَه
وبَيْنَ مَقْبُولٍ فِي أَدْنَاه مُوَسَّعٍ فِي أَقْصَاه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في ذكر الحج
|
|||||||||||||||
وفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِه
الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلَه قِبْلَةً لِلأَنَامِ يَرِدُونَه وُرُودَ الأَنْعَامِ
ويَأْلَهُونَ إِلَيْه وُلُوه الْحَمَامِ(65) وجَعَلَه سُبْحَانَه عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِه
وإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِه واخْتَارَ مِنْ خَلْقِه سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْه
دَعْوَتَه وصَدَّقُوا كَلِمَتَه ووَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِه وتَشَبَّهُوا
بِمَلَائِكَتِه الْمُطِيفِينَ بِعَرْشِه يُحْرِزُونَ الأَرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ
عِبَادَتِه ويَتَبَادَرُونَ عِنْدَه مَوْعِدَ مَغْفِرَتِه جَعَلَه سُبْحَانَه
وتَعَالَى لِلإِسْلَامِ عَلَماً ولِلْعَائِذِينَ حَرَماً فَرَضَ حَقَّه
وأَوْجَبَ حَجَّه وكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَه (66) فَقَالَ سُبْحَانَه: (ولِلَّه
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْه سَبِيلًا ومَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ). ----------------------------- (65) يَألَهُونَ
إليه: يلوذون به ويعكفون عليه. (66) الوفَادَة: الزيارة. |
|||||||||||||||
2- و من خطبة له بعد انصرافه من صفين و فيها حال الناس قبل
البعثة و صفة آل النبي ثم صفة قوم آخرين :
|
|||||||||||||||
2 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد انصرافه من صفين وفيها حال الناس قبل البعثة
وصفة آل النبي ثم صفة قوم آخرين أَحْمَدُه اسْتِتْمَاماً لِنِعْمَتِه
واسْتِسْلَاماً لِعِزَّتِه واسْتِعْصَاماً مِنْ مَعْصِيَتِه وأَسْتَعِينُه
فَاقَةً إِلَى كِفَايَتِه إِنَّه لَا يَضِلُّ مَنْ هَدَاه ولَا يَئِلُ (67) مَنْ عَادَاه ولَا يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاه فَإِنَّه أَرْجَحُ مَا
وُزِنَ وأَفْضَلُ مَا خُزِنَ وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه
لَا شَرِيكَ لَه شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا(68) نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا ونَدَّخِرُهَا لأَهَاوِيلِ
مَا يَلْقَانَا فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الإِيمَانِ وفَاتِحَةُ الإِحْسَانِ
ومَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ ومَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ (69) وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه أَرْسَلَه بِالدِّينِ
الْمَشْهُورِ والْعَلَمِ الْمَأْثُورِ والْكِتَابِ الْمَسْطُورِ والنُّورِ
السَّاطِعِ والضِّيَاءِ اللَّامِعِ والأَمْرِ الصَّادِعِ إِزَاحَةً
لِلشُّبُهَاتِ واحْتِجَاجاً بِالْبَيِّنَاتِ وتَحْذِيراً بِالآيَاتِ وتَخْوِيفاً
بِالْمَثُلَاتِ (70) والنَّاسُ فِي
فِتَنٍ انْجَذَمَ (71) فِيهَا حَبْلُ
الدِّينِ وتَزَعْزَعَتْ سَوَارِي الْيَقِينِ (72) واخْتَلَفَ النَّجْرُ (73) وتَشَتَّتَ
الأَمْرُ وضَاقَ الْمَخْرَجُ وعَمِيَ الْمَصْدَرُ فَالْهُدَى خَامِلٌ والْعَمَى
شَامِلٌ عُصِيَ الرَّحْمَنُ ونُصِرَ الشَّيْطَانُ وخُذِلَ الإِيمَانُ
فَانْهَارَتْ دَعَائِمُه وتَنَكَّرَتْ مَعَالِمُه ودَرَسَتْ (74) سُبُلُه وعَفَتْ شُرُكُه (75) أَطَاعُوا
الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَه ووَرَدُوا مَنَاهِلَه (76) بِهِمْ سَارَتْ أَعْلَامُه وقَامَ لِوَاؤُه فِي فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ
بِأَخْفَافِهَا (77) ووَطِئَتْهُمْ
بِأَظْلَافِهَا (78) وقَامَتْ عَلَى
سَنَابِكِهَا (79) فَهُمْ فِيهَا
تَائِهُونَ حَائِرُونَ جَاهِلُونَ مَفْتُونُونَ فِي خَيْرِ دَارٍ وشَرِّ
جِيرَانٍ نَوْمُهُمْ سُهُودٌ وكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ بِأَرْضٍ عَالِمُهَا مُلْجَمٌ
وجَاهِلُهَا مُكْرَمٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها يعني آل النبي عليه الصلاة و
السلام
|
|||||||||||||||
هُمْ مَوْضِعُ سِرِّه ولَجَأُ أَمْرِه (80) وعَيْبَةُ عِلْمِه (81) ومَوْئِلُ (82) حُكْمِه وكُهُوفُ كُتُبِه وجِبَالُ دِينِه بِهِمْ أَقَامَ انْحِنَاءَ
ظَهْرِه وأَذْهَبَ ارْتِعَادَ فَرَائِصِه (83). -----------------------------
|
|||||||||||||||
وَ مِنْهَا يَعْنِي قَوْماً آخَرِينَ
|
|||||||||||||||
زَرَعُوا الْفُجُورَ وسَقَوْه الْغُرُورَ
وحَصَدُوا الثُّبُورَ(84) لَا يُقَاسُ بِآلِ
مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله مِنْ هَذِه الأُمَّةِ أَحَدٌ ولَا
يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْه أَبَداً هُمْ أَسَاسُ
الدِّينِ وعِمَادُ الْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي (85) وبِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي ولَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ
وفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ والْوِرَاثَةُ الآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِه
ونُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِه! ----------------------------- (84) الثّبُور:
الهلاك. (85) الغالي: المبالغ
الذي يجاوز الحد بالإفراط.
|
|||||||||||||||
3- و من خطبة له و هي المعروفة بالشقشقية و
تشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم
|
|||||||||||||||
3 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي المعروفة بالشقشقية وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة
ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له أَمَا واللَّه لَقَدْ تَقَمَّصَهَا (86) فُلَانٌ وإِنَّه لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ
مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ ولَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ
فَسَدَلْتُ (87) دُونَهَا ثَوْباً
وطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً (88) وطَفِقْتُ
أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ (89) أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ (90) يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ ويَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ويَكْدَحُ
فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّه -----------------------------
|
|||||||||||||||
ترجيح الصبر
|
|||||||||||||||
ترجيح الصبر فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا
أَحْجَى (91) فَصَبَرْتُ وفِي
الْعَيْنِ قَذًى وفِي الْحَلْقِ شَجًا (92) أَرَى تُرَاثِي (93) نَهْباً حَتَّى
مَضَى الأَوَّلُ لِسَبِيلِه فَأَدْلَى بِهَا (94) إِلَى فُلَانٍ بَعْدَه ثُمَّ
تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الأَعْشَى:
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ
يَسْتَقِيلُهَا (96) فِي حَيَاتِه إِذْ
عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِه لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا (97) فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا (98) ويَخْشُنُ مَسُّهَا ويَكْثُرُ الْعِثَارُ (99) فِيهَا والِاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ (100) إِنْ أَشْنَقَ (101) لَهَا خَرَمَ (102) وإِنْ أَسْلَسَ (103) لَهَا تَقَحَّمَ (104) فَمُنِيَ (105) النَّاسُ لَعَمْرُ
اللَّه بِخَبْطٍ (106) وشِمَاسٍ (107) وتَلَوُّنٍ واعْتِرَاضٍ (108) فَصَبَرْتُ عَلَى
طُولِ الْمُدَّةِ وشِدَّةِ الْمِحْنَةِ حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِه جَعَلَهَا
فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّه ولِلشُّورَى (109) مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى
صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِه النَّظَائِرِ (110) لَكِنِّي أَسْفَفْتُ (111) إِذْ أَسَفُّوا
وطِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا (112) رَجُلٌ مِنْهُمْ
لِضِغْنِه (113) ومَالَ الآخَرُ
لِصِهْرِه مَعَ هَنٍ وهَنٍ (114) إِلَى أَنْ قَامَ
ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْه (115) بَيْنَ نَثِيلِه (116) ومُعْتَلَفِه (117) وقَامَ مَعَه بَنُو أَبِيه يَخْضَمُونَ (118) مَالَ اللَّه خِضْمَةَ الإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ (119) إِلَى أَنِ انْتَكَثَ (120) عَلَيْه فَتْلُه
وأَجْهَزَ (121) عَلَيْه عَمَلُه
وكَبَتْ (122) بِه بِطْنَتُه (123). -----------------------------
|
|||||||||||||||
مبايعة علي
|
|||||||||||||||
مبايعة علي فَمَا رَاعَنِي إِلَّا والنَّاسُ كَعُرْفِ
الضَّبُعِ (124) إِلَيَّ
يَنْثَالُونَ (125) عَلَيَّ مِنْ كُلِّ
جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ (126) مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ (127) فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ (128) ومَرَقَتْ أُخْرَى (129) وقَسَطَ آخَرُونَ (130) كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّه سُبْحَانَه يَقُولُ: (تِلْكَ
الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ
ولا فَساداً والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بَلَى واللَّه
لَقَدْ سَمِعُوهَا ووَعَوْهَا ولَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا (131) فِي أَعْيُنِهِمْ ورَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا(132)! أَمَا والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ
النَّسَمَةَ (133) لَوْ لَا حُضُورُ
الْحَاضِرِ (134) وقِيَامُ
الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ(135) ومَا أَخَذَ
اللَّه عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا (136) عَلَى كِظَّةِ (137) ظَالِمٍ ولَا
سَغَبِ (138) مَظْلُومٍ
لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا (139) - ولَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا - ولأَلْفَيْتُمْ
دُنْيَاكُمْ هَذِه أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ (140)! قَالُوا وقَامَ إِلَيْه رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ السَّوَادِ (141) - عِنْدَ بُلُوغِه
إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِه - فَنَاوَلَه كِتَاباً قِيلَ إِنَّ فِيه
مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُ الإِجَابَةَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيه -
[فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِه] قَالَ لَه ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ - لَوِ اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ (142) مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ(143)! فَقَالَ هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ -
تِلْكَ شِقْشِقَةٌ (144) هَدَرَتْ (145) ثُمَّ قَرَّتْ (146)! قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
فَوَاللَّه مَا أَسَفْتُ عَلَى كَلَامٍ قَطُّ - كَأَسَفِي عَلَى هَذَا
الْكَلَامِ - أَلَّا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام
بَلَغَ مِنْه حَيْثُ أَرَادَ. قال الشريف رضياللهعنه
قوله عليهالسلام
كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم - وإن أسلس لها تقحم - يريد أنه إذا
شدد عليها في جذب الزمام - وهي تنازعه رأسها خرم أنفها - وإن أرخى لها شيئا مع
صعوبتها - تقحمت به فلم يملكها - يقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه
- وشنقها أيضا ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق - وإنما قال عليهالسلام
أشنق لها ولم يقل أشنقها - لأنه جعله في مقابلة قوله أسلس لها -
فكأنه عليهالسلام قال إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه
عليها بالزمام – -----------------------------
|
|||||||||||||||
4- و من خطبة له و هي من أفصح كلامه و فيها يعظ الناس و يقال
إنه خطبها بعد قتل طلحة و الزبير :
|
|||||||||||||||
4 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي من أفصح كلامه عليهالسلام
وفيها يعظ الناس ويهديهم من ضلالتهم ويقال: إنه
خطبها بعد قتل طلحة والزبير
بِنَا اهْتَدَيْتُمْ فِي الظَّلْمَاءِ
وتَسَنَّمْتُمْ (147) ذُرْوَةَ -
الْعَلْيَاءِ وبِنَا أَفْجَرْتُمْ (148) عَنِ السِّرَارِ (149) - وُقِرَ(150) سَمْعٌ لَمْ
يَفْقَه الْوَاعِيَةَ (151) - وكَيْفَ
يُرَاعِي النَّبْأَةَ (152) مَنْ أَصَمَّتْه
الصَّيْحَةُ - رُبِطَ جَنَانٌ(153) لَمْ يُفَارِقْه
الْخَفَقَانُ - مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ -
وأَتَوَسَّمُكُمْ (154) بِحِلْيَةِ الْمُغْتَرِّينَ(155) - حَتَّى سَتَرَنِي عَنْكُمْ جِلْبَابُ الدِّينِ (156) - وبَصَّرَنِيكُمْ صِدْقُ النِّيَّةِ - أَقَمْتُ لَكُمْ عَلَى سَنَنِ
الْحَقِّ فِي جَوَادِّ الْمَضَلَّةِ (157) - حَيْثُ
تَلْتَقُونَ ولَا دَلِيلَ - وتَحْتَفِرُونَ ولَا تُمِيهُونَ(158). الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ الْعَجْمَاءَ(159) ذَاتَ الْبَيَانِ - عَزَبَ (160) رَأْيُ امْرِئٍ
تَخَلَّفَ عَنِّي - مَا شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُه - لَمْ يُوجِسْ
مُوسَى عليهالسلام خِيفَةً (161) عَلَى نَفْسِه - بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ ودُوَلِ
الضَّلَالِ - الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا (162) عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ والْبَاطِلِ - مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ
يَظْمَأْ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
5- و من خطبة له (لما قبض رسول الله و خاطبه
العباس و أبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة
|
|||||||||||||||
النهي عن الفتنة
|
|||||||||||||||
5- و من خطبة له ( عليه السلام ) لما قبض رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) و خاطبه العباس و أبو سفيان
بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة (و ذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر في السقيفة
و فيها ينهى عن الفتنة و يبين عن خلقه و علمه) النهي عن الفتنة أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ
الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ - وعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ -
وضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ - أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ
اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ - هَذَا مَاءٌ آجِنٌ (163) ولُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا. ومُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ
وَقْتِ إِينَاعِهَا (164) كَالزَّارِعِ
بِغَيْرِ أَرْضِه.
|
|||||||||||||||
خلقه و علمه
|
|||||||||||||||
فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى
الْمُلْكِ - وإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ (165) مِنَ الْمَوْتِ - هَيْهَاتَ (166) بَعْدَ اللَّتَيَّا والَّتِي (167) واللَّه لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ - مِنَ الطِّفْلِ
بِثَدْيِ أُمِّه - بَلِ انْدَمَجْتُ (168) عَلَى مَكْنُونِ
عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِه لَاضْطَرَبْتُمْ - اضْطِرَابَ الأَرْشِيَةِ (169) فِي الطَّوِيِّ (170) الْبَعِيدَةِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
6- و من كلام له لما أشير عليه بألا يتبع طلحة و الزبير و لا
يرصد لهما القتال و فيه يبين عن صفته
|
|||||||||||||||
6 - ومن كلام له عليهالسلام لما أشير عليه بألا يتبع
طلحة والزبير ولا يرصد لهما القتال وفيه يبين عن صفته بأنه عليهالسلام
لا يخدع واللَّه لَا أَكُونُ كَالضَّبُعِ تَنَامُ
عَلَى طُولِ اللَّدْمِ (171) حَتَّى يَصِلَ
إِلَيْهَا طَالِبُهَا ويَخْتِلَهَا(172) رَاصِدُهَا(173) ولَكِنِّي أَضْرِبُ بِالْمُقْبِلِ إِلَى الْحَقِّ الْمُدْبِرَ عَنْه -
وبِالسَّامِعِ الْمُطِيعِ الْعَاصِيَ الْمُرِيبَ (174) أَبَداً - حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمِي - فَوَاللَّه مَا زِلْتُ
مَدْفُوعاً عَنْ حَقِّي - مُسْتَأْثَراً عَلَيَّ مُنْذُ قَبَضَ اللَّه نَبِيَّه صلىاللهعليهوسلم
حَتَّى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
7- و من خطبة له ( عليه السلام ) يذم فيها أتباع
الشيطان :
|
|||||||||||||||
7 - ومن خطبة له عليهالسلام يذم فيها أتباع الشيطان
اتَّخَذُوا الشَّيْطَانَ لأَمْرِهِمْ
مِلَاكاً (175) واتَّخَذَهُمْ لَه
أَشْرَاكاً (176) فَبَاضَ وفَرَّخَ (177) فِي صُدُورِهِمْ ودَبَّ ودَرَجَ (178) فِي حُجُورِهِمْ - فَنَظَرَ بِأَعْيُنِهِمْ ونَطَقَ بِأَلْسِنَتِهِمْ -
فَرَكِبَ بِهِمُ الزَّلَلَ(179) وزَيَّنَ لَهُمُ
الْخَطَلَ (180) فِعْلَ مَنْ قَدْ
شَرِكَه (181) الشَّيْطَانُ فِي
سُلْطَانِه ونَطَقَ بِالْبَاطِلِ عَلَى لِسَانِه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
8- و من كلام له يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك و يدعوه
للدخول في البيعة ثانية :
|
|||||||||||||||
8 - ومن كلام له عليهالسلام يعني به الزبير في حال
اقتضت ذلك ويدعوه للدخول في البيعة ثانية يَزْعُمُ أَنَّه قَدْ بَايَعَ بِيَدِه
ولَمْ يُبَايِعْ بِقَلْبِه - فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعَةِ وادَّعَى
الْوَلِيجَةَ (182) - فَلْيَأْتِ
عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ - وإِلَّا فَلْيَدْخُلْ فِيمَا خَرَجَ مِنْه. ----------------------------- (182)
الوَلِيجة: الدّخيلة وما يضمر في القلب ويكتم. |
|||||||||||||||
9- و من كلام له ( عليه السلام ) في صفته و صفة
خصومه و يقال إنها في أصحاب الجمل :
|
|||||||||||||||
9 - ومن كلام له عليهالسلام في صفته وصفة خصومه ويقال
إنها في أصحاب الجمل وقَدْ أَرْعَدُوا وأَبْرَقُوا (183) ومَعَ هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ (184) ولَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ (185) ولَا نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِرَ. ----------------------------
|
|||||||||||||||
10- و من خطبة له يريد الشيطان أو يكني به عن قوم :
|
|||||||||||||||
10 - ومن خطبة له عليهالسلام يريد الشيطان أو يكني به عن
قوم أَلَا وإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ
حِزْبَه - واسْتَجْلَبَ خَيْلَه ورَجِلَه (186) وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي (187) ولَا لُبِّسَ عَلَيَّ - وايْمُ اللَّه لأُفْرِطَنَّ (188) لَهُمْ حَوْضاً أَنَا مَاتِحُه (189) لَا يَصْدُرُونَ عَنْه (190) ولَا يَعُودُونَ
إِلَيْه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
11- و من كلام له لابنه محمد ابن الحنفية لما أعطاه الراية يوم
الجمل :
|
|||||||||||||||
11 - ومن كلام له عليهالسلام لابنه محمد ابن الحنفية -
لما أعطاه الراية يوم الجمل
تَزُولُ الْجِبَالُ ولَا تَزُلْ - عَضَّ
عَلَى نَاجِذِكَ (191) أَعِرِ(192) اللَّه جُمْجُمَتَكَ - تِدْ (193) فِي الأَرْضِ قَدَمَكَ ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى الْقَوْمِ وغُضَّ
بَصَرَكَ (194) واعْلَمْ أَنَّ
النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّه سُبْحَانَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
12- و من كلام له لما أظفره الله بأصحاب الجمل :
|
|||||||||||||||
12- ومن كلام له عليهالسلام لما أظفره الله بأصحاب
الجمل وقَدْ قَالَ لَه بَعْضُ أَصْحَابِه - وَدِدْتُ أَنَّ أَخِي فُلَاناً كَانَ
شَاهِدَنَا - لِيَرَى مَا نَصَرَكَ اللَّه بِه عَلَى أَعْدَائِكَ
فَقَالَ لَه عليهالسلام أَهَوَى (195) أَخِيكَ مَعَنَا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا - ولَقَدْ
شَهِدَنَا فِي عَسْكَرِنَا هَذَا أَقْوَامٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ -
وأَرْحَامِ النِّسَاءِ - سَيَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ (196) ويَقْوَى بِهِمُ الإِيمَانُ. ----------------------------- (195) هوى أخيك: أي
ميله ومحبته. (196)
يَرْعُفُ بهم الزمان: يجود على غير انتظار كما يجود الأنف بالرّعاف. |
|||||||||||||||
13- و من كلام له في ذم أهل البصرة بعد وقعة الجمل :
|
|||||||||||||||
13 - ومن كلام له عليهالسلام في ذم أهل البصرة بعد وقعة
الجمل
كُنْتُمْ جُنْدَ الْمَرْأَةِ وأَتْبَاعَ
الْبَهِيمَةِ (197) رَغَا(198) فَأَجَبْتُمْ وعُقِرَ (199) فَهَرَبْتُمْ
أَخْلَاقُكُمْ دِقَاقٌ(200) وعَهْدُكُمْ
شِقَاقٌ ودِينُكُمْ نِفَاقٌ ومَاؤُكُمْ زُعَاقٌ (201) والْمُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مُرْتَهَنٌ (202) بِذَنْبِه والشَّاخِصُ عَنْكُمْ مُتَدَارَكٌ بِرَحْمَةٍ مِنْ رَبِّه -
كَأَنِّي بِمَسْجِدِكُمْ كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ (203) قَدْ بَعَثَ اللَّه عَلَيْهَا الْعَذَابَ مِنْ فَوْقِهَا ومِنْ
تَحْتِهَا - وغَرِقَ مَنْ فِي ضِمْنِهَا. وفِي رِوَايَةٍ وايْمُ اللَّه
لَتَغْرَقَنَّ بَلْدَتُكُمْ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَسْجِدِهَا
كَجُؤْجُؤِ سَفِينَةٍ - أَوْ نَعَامَةٍ جَاثِمَةٍ(204). وفِي رِوَايَةٍ كَجُؤْجُؤِ طَيْرٍ فِي
لُجَّةِ بَحْرٍ(205). وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِلَادُكُمْ
أَنْتَنُ (206) بِلَادِ اللَّه
تُرْبَةً - أَقْرَبُهَا مِنَ الْمَاءِ وأَبْعَدُهَا مِنَ السَّمَاءِ - وبِهَا
تِسْعَةُ أَعْشَارِ الشَّرِّ - الْمُحْتَبَسُ فِيهَا بِذَنْبِه والْخَارِجُ
بِعَفْوِ اللَّه - كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَرْيَتِكُمْ هَذِه قَدْ طَبَّقَهَا
الْمَاءُ - حَتَّى مَا يُرَى مِنْهَا إِلَّا شُرَفُ الْمَسْجِدِ (207) كَأَنَّه جُؤْجُؤُ طَيْرٍ فِي لُجَّةِ بَحْرٍ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
14- و من كلام له في مثل ذلك :
|
|||||||||||||||
14- ومن كلام له عليهالسلام في مثل ذلك أَرْضُكُمْ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَاءِ
بَعِيدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ - خَفَّتْ عُقُولُكُمْ وسَفِهَتْ حُلُومُكُمْ (208) فَأَنْتُمْ غَرَضٌ (209) لِنَابِلٍ (210) وأُكْلَةٌ لِآكِلٍ وفَرِيسَةٌ لِصَائِلٍ. (211) -----------------------------
|
|||||||||||||||
15- و من كلام له فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان :
|
|||||||||||||||
15 - ومن كلام له عليهالسلام فيما رده على المسلمين من قطائع
عثمان - رضياللهعنه(212) واللَّه لَوْ وَجَدْتُه قَدْ تُزُوِّجَ
بِه النِّسَاءُ ومُلِكَ بِه الإِمَاءُ - لَرَدَدْتُه - فَإِنَّ فِي الْعَدْلِ
سَعَةً - ومَنْ ضَاقَ عَلَيْه الْعَدْلُ فَالْجَوْرُ عَلَيْه أَضْيَقُ! ----------------------------- (212) قَطائِعُ عثمان: ما
منحه للناس من الأراضي وكان الأصل فيها أن تنفق غلتها على أبناء السبيل وأشباههم
كقطائعه لمعاوية ومروان.
|
|||||||||||||||
16- و من كلام له لما بويع في المدينة و فيها
يخبر الناس بعلمه بما تئول إليه أحوالهم و فيها يقسمهم إلى أقسام :
|
|||||||||||||||
16 - ومن كلام له عليهالسلام لما بويع في المدينة وفيها
يخبر الناس بعلمه بما تئول إليه أحوالهم وفيها يقسمهم إلى أقسام ذِمَّتِي (213) بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ (214) (وأَنَا بِه
زَعِيمٌ) (215) إِنَّ مَنْ
صَرَّحَتْ لَه الْعِبَرُ (216) عَمَّا بَيْنَ
يَدَيْه مِنَ الْمَثُلَاتِ (217) حَجَزَتْه (218) التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ (219) أَلَا وإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا (220) يَوْمَ بَعَثَ اللَّه نَبِيَّه - صلىاللهعليهوآله
والَّذِي بَعَثَه بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ (221) بَلْبَلَةً ولَتُغَرْبَلُنَّ (222) غَرْبَلَةً ولَتُسَاطُنَّ (223) سَوْطَ الْقِدْرِ (224) حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ -
ولَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا - ولَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ
كَانُوا سَبَقُوا - واللَّه مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً(225) ولَا كَذَبْتُ كِذْبَةً - ولَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا الْمَقَامِ وهَذَا
الْيَوْمِ - أَلَا وإِنَّ الْخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ (226) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا - وخُلِعَتْ لُجُمُهَا (227) فَتَقَحَّمَتْ (228) بِهِمْ فِي
النَّارِ - أَلَا وإِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ (229) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا وأُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ
الْجَنَّةَ - حَقٌّ وبَاطِلٌ ولِكُلٍّ أَهْلٌ - فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ
لَقَدِيماً فَعَلَ - ولَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا ولَعَلَّ ولَقَلَّمَا
أَدْبَرَ شَيْءٌ فَأَقْبَلَ! قال السيد الشريف وأقول - إن في
هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان - ما لا تبلغه مواقع الاستحسان - وإن حظ
العجب منه أكثر من حظ العجب به - وفيه مع الحال التي وصفنا زوائد من الفصاحة -
لا يقوم بها لسان ولا يطلع فجها إنسان (230)
ولا يعرف ما أقول إلا من ضرب في هذه الصناعة بحق - وجرى فيها على عرق (231) (وما يَعْقِلُها
إِلَّا الْعالِمُونَ). -----------------------------
|
|||||||||||||||
و من هذه الخطبة و فيها يقسم الناس إلى
ثلاثة أصناف
|
|||||||||||||||
ومن هذه الخطبة وفيها يقسم
الناس إلى ثلاثة أصناف شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ والنَّارُ
أَمَامَه - سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا وطَالِبٌ بَطِيءٌ رَجَا - ومُقَصِّرٌ فِي
النَّارِ هَوَى - الْيَمِينُ والشِّمَالُ مَضَلَّةٌ والطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ
الْجَادَّةُ (232) عَلَيْهَا بَاقِي
الْكِتَابِ وآثَارُ النُّبُوَّةِ - ومِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وإِلَيْهَا
مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ - هَلَكَ مَنِ ادَّعَى و (خابَ
مَنِ افْتَرى) - مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَه لِلْحَقِّ
هَلَكَ - وكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا يَعْرِفَ قَدْرَه - لَا يَهْلِكُ
عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ (233) أَصْلٍ - ولَا
يَظْمَأُ عَلَيْهَا زَرْعُ قَوْمٍ - فَاسْتَتِرُوا فِي بُيُوتِكُمْ (وأَصْلِحُوا
ذاتَ بَيْنِكُمْ) - والتَّوْبَةُ
مِنْ وَرَائِكُمْ - ولَا يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّه ولَا يَلُمْ لَائِمٌ
إِلَّا نَفْسَه. ----------------------------- (232) الجادّة:
الطريق. (233)
السِّنْخُ: المثبّت يقال: ثبتت السنّ في سنخها: أي منبتها. |
|||||||||||||||
17- و من كلام له في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة و ليس لذلك
بأهل و فيها أبغض الخلائق إلى اللّه صنفان :
|
|||||||||||||||
17- ومن كلام له عليهالسلام في صفة من يتصدى للحكم بين
الأمة وليس لذلك بأهل وفيها: أبغض الخلائق إلى
اللَّه صنفان الصنف الأول: إنَّ أَبْغَضَ
الْخَلَائِقِ إِلَى اللَّه رَجُلَانِ - رَجُلٌ وَكَلَه اللَّه إِلَى نَفْسِه (234) فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ (235) مَشْغُوفٌ (236) بِكَلَامِ
بِدْعَةٍ (237) ودُعَاءِ
ضَلَالَةٍ - فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِه ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ
كَانَ قَبْلَه - مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِه فِي حَيَاتِه وبَعْدَ وَفَاتِه -
حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِه رَهْنٌ بِخَطِيئَتِه(238). الصنف الثاني: ورَجُلٌ قَمَشَ
جَهْلًا(239) مُوضِعٌ فِي
جُهَّالِ الأُمَّةِ (240) عَادٍ (241) فِي أَغْبَاشِ (242) الْفِتْنَةِ عَمٍ (243) بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ (244) قَدْ سَمَّاه أَشْبَاه النَّاسِ عَالِماً ولَيْسَ بِه - بَكَّرَ
فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْه خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ - حَتَّى إِذَا
ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ (245) واكْتَثَرَ (246) مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ(247) جَلَسَ بَيْنَ
النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ (248) مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِه (249) فَإِنْ نَزَلَتْ بِه إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ - هَيَّأَ لَهَا حَشْواً (250) رَثًّا (251) مِنْ رَأْيِه
ثُمَّ قَطَعَ بِه - فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ
الْعَنْكَبُوتِ - لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ - فَإِنْ أَصَابَ خَافَ
أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ - وإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ -
جَاهِلٌ خَبَّاطُ (252) جَهَالَاتٍ عَاشٍ (253) رَكَّابُ عَشَوَاتٍ (254) لَمْ يَعَضَّ
عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ - يَذْرُو (255) الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ (256) لَا مَلِيٌّ(257) واللَّه
بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْه - ولَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِه (258) لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَه - ولَا يَرَى
أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِه - وإِنْ أَظْلَمَ عَلَيْه
أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِه (259) لِمَا يَعْلَمُ
مِنْ جَهْلِ نَفْسِه - تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِه الدِّمَاءُ - وتَعَجُّ
مِنْه الْمَوَارِيثُ (260) إِلَى اللَّه
أَشْكُو - مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالًا ويَمُوتُونَ ضُلَّالًا - لَيْسَ
فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ (261) مِنَ الْكِتَابِ
إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِه - ولَا سِلْعَةٌ أَنْفَقُ (262) بَيْعاً - ولَا أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ
مَوَاضِعِه - ولَا عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ الْمَعْرُوفِ ولَا أَعْرَفُ مِنَ
الْمُنْكَرِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
18- و من كلام له في ذم اختلاف العلماء في الفتيا و فيه يذم
أهل الرأي و يكل أمر الحكم في أمور الدين للقرآن :
|
|||||||||||||||
ذم أهل الرأي
|
|||||||||||||||
18 - ومن كلام له عليهالسلام في ذم اختلاف العلماء في
الفتيا وفيه يذم أهل الرأي ويكل
أمر الحكم في أمور الدين للقرآن ذم أهل الرأي تَرِدُ عَلَى أَحَدِهِمُ الْقَضِيَّةُ فِي
حُكْمٍ مِنَ الأَحْكَامِ - فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِه - ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ
الْقَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِه - فَيَحْكُمُ فِيهَا بِخِلَافِ قَوْلِه
- ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْقُضَاةُ بِذَلِكَ عِنْدَ الإِمَامِ الَّذِي
اسْتَقْضَاهُمْ (263) فَيُصَوِّبُ
آرَاءَهُمْ جَمِيعاً وإِلَهُهُمْ وَاحِدٌ - ونَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ وكِتَابُهُمْ
وَاحِدٌ! أَفَأَمَرَهُمُ اللَّه سُبْحَانَه
بِالِاخْتِلَافِ فَأَطَاعُوه - أَمْ نَهَاهُمْ عَنْه فَعَصَوْه! (263)
الإمام الذي استقضاهم: الخليفة الذي ولَّاهم القضاء. |
|||||||||||||||
الحكم للقرآن
|
|||||||||||||||
الحكم للقرآن أَمْ أَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَه دِيناً
نَاقِصاً - فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِه - أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَه
فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وعَلَيْه أَنْ يَرْضَى - أَمْ أَنْزَلَ اللَّه
سُبْحَانَه دِيناً تَامّاً - فَقَصَّرَ الرَّسُولُ صلىاللهعليهوآله عَنْ
تَبْلِيغِه وأَدَائِه - واللَّه سُبْحَانَه يَقُولُ: (ما
فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) - وفِيه تِبْيَانٌ
لِكُلِّ شَيْءٍ - وذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُه بَعْضاً - وأَنَّه
لَا اخْتِلَافَ فِيه - فَقَالَ سُبْحَانَه: (ولَوْ
كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله - لَوَجَدُوا فِيه اخْتِلافاً كَثِيراً) - وإِنَّ
الْقُرْآنَ ظَاهِرُه أَنِيقٌ (264) وبَاطِنُه عَمِيقٌ
- لَا تَفْنَى عَجَائِبُه ولَا تَنْقَضِي غَرَائِبُه - ولَا تُكْشَفُ
الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِه. ----------------------------- (264) أنيق: حسن
معجب (بأنواع البيان) وآنقني الشيء: أعجبني. |
|||||||||||||||
19- و من كلام له قاله للأشعث بن قيس و هو على منبر الكوفة
يخطب:
|
|||||||||||||||
19 - ومن كلام له عليهالسلام قاله للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة
يخطب فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فيه فقال: يا أمير المؤمنين هذه عليك
لا لك فخفض عليهالسلام إليه بصره ثم قال: مَا يُدْرِيكَ مَا عَلَيَّ مِمَّا لِي - عَلَيْكَ
لَعْنَةُ اللَّه ولَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ - حَائِكٌ ابْنُ حَائِكٍ مُنَافِقٌ
ابْنُ كَافِرٍ - واللَّه لَقَدْ أَسَرَكَ الْكُفْرُ مَرَّةً والإِسْلَامُ
أُخْرَى - فَمَا فَدَاكَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَالُكَ ولَا حَسَبُكَ -
وإِنَّ امْرَأً دَلَّ عَلَى قَوْمِه السَّيْفَ - وسَاقَ إِلَيْهِمُ الْحَتْفَ -
لَحَرِيٌّ أَنْ يَمْقُتَه الأَقْرَبُ ولَا يَأْمَنَه الأَبْعَدُ! قال السيد الشريف - يريد
عليهالسلام أنه أسر في الكفر مرة وفي الإسلام مرة
-. وأما قوله عليهالسلام دل على قومه السيف - فأراد به
حديثا - كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة - غر فيه قومه ومكر بهم - حتى
أوقع بهم خالد - وكان قومه بعد ذلك يسمونه عرف النار - وهو اسم للغادر عندهم. |
|||||||||||||||
20- و من كلام له و فيه ينفر من الغفلة و ينبه إلى الفرار للّه
:
|
|||||||||||||||
20 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه ينفر من الغفلة وينبه
إلى الفرار للَّه فَإِنَّكُمْ لَوْ قَدْ عَايَنْتُمْ مَا
قَدْ عَايَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ - لَجَزِعْتُمْ ووَهِلْتُمْ (265) وسَمِعْتُمْ وأَطَعْتُمْ - ولَكِنْ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ مَا قَدْ
عَايَنُوا - وقَرِيبٌ مَا يُطْرَحُ الْحِجَابُ - ولَقَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ
وأُسْمِعْتُمْ إِنْ سَمِعْتُمْ - وهُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ - وبِحَقٍّ
أَقُولُ لَكُمْ لَقَدْ جَاهَرَتْكُمُ الْعِبَرُ (266) وزُجِرْتُمْ بِمَا فِيه مُزْدَجَرٌ - ومَا يُبَلِّغُ عَنِ اللَّه
بَعْدَ رُسُلِ السَّمَاءِ (267) إِلَّا الْبَشَرُ.
|
|||||||||||||||
21- و من خطبة له ( عليه السلام ) و هي كلمة
جامعة للعظة و الحكمة :
|
|||||||||||||||
21 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي كلمة جامعة للعظة
والحكمة فَإِنَّ الْغَايَةَ أَمَامَكُمْ وإِنَّ
وَرَاءَكُمُ السَّاعَةَ (268) تَحْدُوكُمْ (269) تَخَفَّفُوا (270) تَلْحَقُوا
فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ. قال السيد الشريف أقول إن
هذا الكلام لو وزن بعد كلام الله سبحانه - وبعد كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله
بكل كلام - لمال به راجحا وبرز عليه سابقا -. فأما قوله عليهالسلام
تخففوا تلحقوا - فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر منه محصولا وما أبعد
غورها من كلمة وأنقع (271) نطفتها
(272) من
حكمة - وقد نبهنا في كتاب الخصائص - على عظم قدرها وشرف جوهرها. -----------------------------
|
|||||||||||||||
22- و من خطبة له حين بلغه خبر الناكثين ببيعته و فيها يذم
عملهم و يلزمهم دم عثمان و يتهددهم بالحرب :
|
|||||||||||||||
ذم الناكثين
|
|||||||||||||||
22 ومن خطبة له عليهالسلام حين بلغه خبر الناكثين
ببيعته وفيها يذم عملهم ويلزمهم دم
عثمان ويتهددهم بالحرب ذم الناكثين أَلَا وإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ
حِزْبَه (273) واسْتَجْلَبَ
جَلَبَه (274) لِيَعُودَ
الْجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِه ويَرْجِعَ الْبَاطِلُ إِلَى نِصَابِه (275) واللَّه مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً - ولَا جَعَلُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ
نَصِفاً(276). -----------------------------
|
|||||||||||||||
دم عثمان
|
|||||||||||||||
دم عثمان وإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ
تَرَكُوه ودَماً هُمْ سَفَكُوه - فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيه فَإِنَّ
لَهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْه - ولَئِنْ كَانُوا وَلُوه دُونِي فَمَا التَّبِعَةُ
إِلَّا عِنْدَهُمْ - وإِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ -
يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ (277) ويُحْيُونَ
بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ - يَا خَيْبَةَ الدَّاعِي مَنْ دَعَا وإِلَامَ أُجِيبَ
- وإِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللَّه عَلَيْهِمْ وعِلْمِه فِيهِمْ. ----------------------------- (277) أُمّاً قد فَطَمَتْ: أي
تركت إرضاع ولدها بعد أن ذهب لبنها. يشبّه به طلب الأمر بعد فواته. |
|||||||||||||||
التهديد بالحرب
|
|||||||||||||||
التهديد بالحرب فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ
السَّيْفِ - وكَفَى بِه شَافِياً مِنَ الْبَاطِلِ ونَاصِراً لِلْحَقِّ - ومِنَ
الْعَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ وأَنْ أَصْبِرَ
لِلْجِلَادِ - هَبِلَتْهُمُ (278) الْهَبُولُ (279) لَقَدْ كُنْتُ ومَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ ولَا أُرْهَبُ بِالضَّرْبِ -
وإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي وغَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِينِي. ----------------------------- (278) هَبِلَتْهُم:
ثكلتهم. (279) الهَبُول: بفتح
الهاء - المرأة التي لا يبقى لها ولد وهو دعاء عليهم بالموت. |
|||||||||||||||
23- و من خطبة له و تشتمل على تهذيب الفقراء بالزهد و تأديب
الأغنياء بالشفقة :
|
|||||||||||||||
تهذيب الفقراء
|
|||||||||||||||
23 - ومن خطبة له عليهالسلام وتشتمل على تهذيب الفقراء
بالزهد وتأديب الأغنياء بالشفقة تهذيب الفقراء أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الأَمْرَ يَنْزِلُ
مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ - كَقَطَرَاتِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ
بِمَا قُسِمَ لَهَا - مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ - فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ
لأَخِيه غَفِيرَةً (280) فِي أَهْلٍ أَوْ
مَالٍ أَوْ نَفْسٍ - فَلَا تَكُونَنَّ لَه فِتْنَةً - فَإِنَّ الْمَرْءَ
الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً تَظْهَرُ - فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا
ذُكِرَتْ ويُغْرَى بِهَا لِئَامُ النَّاسِ - كَانَ كَالْفَالِجِ (281) الْيَاسِرِ (282) الَّذِي
يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ - مِنْ قِدَاحِه تُوجِبُ لَه الْمَغْنَمَ ويُرْفَعُ
بِهَا عَنْه الْمَغْرَمُ - وكَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ مِنَ
الْخِيَانَةِ - يَنْتَظِرُ مِنَ اللَّه إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ - إِمَّا
دَاعِيَ اللَّه فَمَا عِنْدَ اللَّه خَيْرٌ لَه - وإِمَّا رِزْقَ اللَّه فَإِذَا
هُوَ ذُو أَهْلٍ ومَالٍ - ومَعَه دِينُه وحَسَبُه - وإِنَّ الْمَالَ والْبَنِينَ
حَرْثُ الدُّنْيَا - والْعَمَلَ الصَّالِحَ حَرْثُ الآخِرَةِ - وقَدْ
يَجْمَعُهُمَا اللَّه تَعَالَى لأَقْوَامٍ - فَاحْذَرُوا مِنَ اللَّه مَا
حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِه - واخْشَوْه خَشْيَةً لَيْسَتْ بِتَعْذِيرٍ (283) واعْمَلُوا فِي غَيْرِ رِيَاءٍ ولَا سُمْعَةٍ - فَإِنَّه مَنْ يَعْمَلْ
لِغَيْرِ اللَّه يَكِلْه اللَّه (284) لِمَنْ عَمِلَ لَه
- نَسْأَلُ اللَّه مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ومُعَايَشَةَ السُّعَدَاءِ -
ومُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
تأديب الأغنياء
|
|||||||||||||||
تأديب الأغنياء أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه لَا يَسْتَغْنِي
الرَّجُلُ - وإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ - عِتْرَتِه ودِفَاعِهِمْ عَنْه
بِأَيْدِيهِمْ وأَلْسِنَتِهِمْ - وهُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً (285) مِنْ وَرَائِه وأَلَمُّهُمْ لِشَعَثِه (286) وأَعْطَفُهُمْ عَلَيْه عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَتْ بِه - ولِسَانُ
الصِّدْقِ (287) يَجْعَلُه اللَّه
لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ - خَيْرٌ لَه مِنَ الْمَالِ يَرِثُه غَيْرُه. ومنها أَلَا لَا
يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ (288) أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُه إِنْ أَمْسَكَه - ولَا
يَنْقُصُه إِنْ أَهْلَكَه (289) ومَنْ يَقْبِضْ
يَدَه عَنْ عَشِيرَتِه - فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْه عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ -
وتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْه أَيْدٍ كَثِيرَةٌ - ومَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُه
يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِه الْمَوَدَّةَ. قال السيد الشريف
أقول الغفيرة هاهنا الزيادة والكثرة - من قولهم للجمع الكثير الجم الغفير
والجماء الغفير - ويروى عفوة من أهل أو مال - والعفوة الخيار من الشيء - يقال
أكلت عفوة الطعام أي خياره -. وما أحسن المعنى الذي أراده عليهالسلام
بقوله - ومن يقبض يده عن عشيرته... إلى تمام الكلام - فإن الممسك خيره عن عشيرته
إنما يمسك نفع يد واحدة - فإذا احتاج إلى نصرتهم واضطر إلى مرافدتهم (290) قعدوا
عن نصره وتثاقلوا عن صوته - فمنع ترافد الأيدي الكثيرة وتناهض الأقدام الجمة. -----------------------------
|
|||||||||||||||
24- و من خطبة له و هي كلمة جامعة له فيها تسويغ قتال المخالف
و الدعوة إلى طاعة اللّه
|
|||||||||||||||
24 ومن خطبة له عليهالسلام وهي كلمة جامعة له فيها
تسويغ قتال المخالف والدعوة إلى طاعة اللَّه والترقي فيها لضمان الفوز ولَعَمْرِي مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ
خَالَفَ الْحَقَّ وخَابَطَ الْغَيَّ (291) مِنْ إِدْهَانٍ (292)ولَا إِيهَانٍ (293) فَاتَّقُوا اللَّه
عِبَادَ اللَّه وفِرُّوا إِلَى اللَّه مِنَ اللَّه - وامْضُوا فِي الَّذِي نَهَجَه
لَكُمْ (295) وقُومُوا بِمَا
عَصَبَه بِكُمْ (296) فَعَلِيٌّ ضَامِنٌ
لِفَلْجِكُمْ (297) آجِلًا إِنْ لَمْ
تُمْنَحُوه عَاجِلًا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
25- و من خطبة له و قد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب
معاوية على البلاد
|
|||||||||||||||
25 - ومن خطبة له عليهالسلام وقد تواترت عليه الأخبار(298) باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على اليمن وهما عبيد
الله بن عباس وسعيد بن نمران لما غلب عليهما بسر بن أبي أرطاة فقام عليهالسلام
على المنبر ضجرا بتثاقل أصحابه عن الجهاد ومخالفتهم له في الرأي فقال: مَا هِيَ إِلَّا الْكُوفَةُ أَقْبِضُهَا
وأَبْسُطُهَا (299) إِنْ لَمْ
تَكُونِي إِلَّا أَنْتِ تَهُبُّ أَعَاصِيرُكِ (300) فَقَبَّحَكِ اللَّه! وتَمَثَّلَ بِقَوْلِ
الشَّاعِرِ لَعَمْرُ أَبِيكَ الْخَيْرِ
يَا عَمْرُو إِنَّنِي عَلَى وَضَرٍ (301)
مِنْ ذَا الإِنَاءِ قَلِيلِ ثُمَّ قَالَ عليهالسلام أُنْبِئْتُ بُسْراً قَدِ اطَّلَعَ
الْيَمَنَ (302) وإِنِّي واللَّه
لأَظُنُّ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ سَيُدَالُونَ مِنْكُمْ (303) بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ -
وبِمَعْصِيَتِكُمْ إِمَامَكُمْ فِي الْحَقِّ وطَاعَتِهِمْ إِمَامَهُمْ فِي
الْبَاطِلِ - وبِأَدَائِهِمُ الأَمَانَةَ إِلَى صَاحِبِهِمْ وخِيَانَتِكُمْ -
وبِصَلَاحِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ وفَسَادِكُمْ - فَلَوِ ائْتَمَنْتُ أَحَدَكُمْ
عَلَى قَعْبٍ (304) لَخَشِيتُ أَنْ
يَذْهَبَ بِعِلَاقَتِه (305) اللَّهُمَّ إِنِّي
قَدْ مَلِلْتُهُمْ ومَلُّونِي وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي - فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ
خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي - اللَّهُمَّ مِثْ
قُلُوبَهُمْ (306) كَمَا يُمَاثُ
الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ - أَمَا واللَّه لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ
فَارِسٍ - مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ.
ثُمَّ نَزَلَ عليهالسلام
مِنَ الْمِنْبَرِ قال السيد الشريف -
أقول الأرمية جمع رميّ وهو السحاب - والحميم هاهنا وقت الصيف - وإنما خص الشاعر
سحاب الصيف بالذكر - لأنه أشد جفولا وأسرع خفوفا (307) لأنه لا ماء
فيه - وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء - وذلك لا يكون في الأكثر
إلا زمان الشتاء - وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا - والإغاثة إذا
استغيثوا - والدليل على ذلك قوله: هنالك
لو دعوت أتاك منهم... -----------------------------
|
|||||||||||||||
26- و من خطبة له و فيها يصف العرب قبل البعثة ثم يصف حاله قبل
البيعة له :
|
|||||||||||||||
العرب قبل البعثة
|
|||||||||||||||
26 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يصف العرب قبل البعثة
ثم يصف حاله قبل البيعة له العرب قبل البعثة إِنَّ اللَّه بَعَثَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ - وأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ - وأَنْتُمْ مَعْشَرَ
الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ وفِي شَرِّ دَارٍ - مُنِيخُونَ (308) بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ (309) وحَيَّاتٍ صُمٍّ (310) تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ وتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ (311) وتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ - الأَصْنَامُ
فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ والآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ (312). -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها صفته قبل البيعة له
|
|||||||||||||||
ومنها صفته قبل البيعة له فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ
إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي - فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ - وأَغْضَيْتُ(313) عَلَى الْقَذَى وشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا (314) وصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ(315) وعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَمِ. ومنها: ولَمْ يُبَايِعْ حَتَّى شَرَطَ
أَنْ يُؤْتِيَه عَلَى الْبَيْعَةِ ثَمَناً - فَلَا ظَفِرَتْ يَدُ الْبَائِعِ
وخَزِيَتْ (316) أَمَانَةُ
الْمُبْتَاعِ (317) فَخُذُوا
لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا (318) وأَعِدُّوا لَهَا
عُدَّتَهَا - فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا (319) وعَلَا سَنَاهَا (320) واسْتَشْعِرُوا (321) الصَّبْرَ
فَإِنَّه أَدْعَى إِلَى النَّصْرِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
27- و من خطبة له و قد قالها يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو
الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا.
|
|||||||||||||||
فضل الجهاد
|
|||||||||||||||
27 - ومن خطبة له عليهالسلام وقد قالها يستنهض بها الناس
حين ورد خبر غزو الأنبار بجيش معاوية فلم ينهضوا. وفيها يذكر فضل
الجهاد ويستنهض الناس ويذكر علمه بالحرب ويلقي عليهم التبعة لعدم
طاعته فضل الجهاد أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ
مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ - فَتَحَه اللَّه لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِه وهُوَ
لِبَاسُ التَّقْوَى - ودِرْعُ اللَّه الْحَصِينَةُ وجُنَّتُه (322) الْوَثِيقَةُ - فَمَنْ تَرَكَه رَغْبَةً عَنْه (323) أَلْبَسَه اللَّه ثَوْبَ الذُّلِّ وشَمِلَه الْبَلَاءُ - ودُيِّثَ (324) بِالصَّغَارِ والْقَمَاءَةِ (325) وضُرِبَ عَلَى قَلْبِه بِالإِسْهَابِ (326) وأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْه (327) بِتَضْيِيعِ
الْجِهَادِ - وسِيمَ الْخَسْفَ (328) ومُنِعَ النَّصَفَ
(329). -----------------------------
|
|||||||||||||||
استنهاض الناس
|
|||||||||||||||
استنهاض الناس أَلَا وإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى
قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ - لَيْلًا ونَهَاراً وسِرّاً وإِعْلَاناً - وقُلْتُ
لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ - فَوَاللَّه مَا غُزِيَ قَوْمٌ
قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ (330) إِلَّا ذَلُّوا -
فَتَوَاكَلْتُمْ (331) وتَخَاذَلْتُمْ -
حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ (332) ومُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الأَوْطَانُ - وهَذَا أَخُو غَامِدٍ [و] قَدْ
وَرَدَتْ خَيْلُه الأَنْبَارَ (333) وقَدْ قَتَلَ
حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ الْبَكْرِيَّ - وأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا (334) ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ - عَلَى
الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ والأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ (335) فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا (336) وقُلُبَهَا (337) وقَلَائِدَهَا ورُعُثَهَا (338) مَا تَمْتَنِعُ
مِنْه إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ والِاسْتِرْحَامِ (339) ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ (340) مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ (341) ولَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ - فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ
بَعْدِ هَذَا أَسَفاً - مَا كَانَ بِه مَلُوماً بَلْ كَانَ بِه عِنْدِي جَدِيراً
- فَيَا عَجَباً عَجَباً واللَّه يُمِيتُ الْقَلْبَ ويَجْلِبُ الْهَمَّ - مِنَ
اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ - وتَفَرُّقِكُمْ عَنْ
حَقِّكُمْ - فَقُبْحاً لَكُمْ وتَرَحاً (342) حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً (343) يُرْمَى - يُغَارُ
عَلَيْكُمْ ولَا تُغِيرُونَ - وتُغْزَوْنَ ولَا تَغْزُونَ ويُعْصَى اللَّه
وتَرْضَوْنَ - فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ
الْحَرِّ - قُلْتُمْ هَذِه حَمَارَّةُ الْقَيْظِ (344) أَمْهِلْنَا يُسَبَّخْ عَنَّا الْحَرُّ (345) وإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ - قُلْتُمْ
هَذِه صَبَارَّةُ الْقُرِّ (346) أَمْهِلْنَا
يَنْسَلِخْ عَنَّا الْبَرْدُ - كُلُّ هَذَا فِرَاراً مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ -
فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الْحَرِّ والْقُرِّ تَفِرُّونَ - فَأَنْتُمْ واللَّه مِنَ
السَّيْفِ أَفَرُّ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
البرم بالناس
|
|||||||||||||||
البرم بالناس يَا أَشْبَاه الرِّجَالِ ولَا رِجَالَ -
حُلُومُ الأَطْفَالِ وعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ (347) لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكُمْ ولَمْ أَعْرِفْكُمْ مَعْرِفَةً -
واللَّه جَرَّتْ نَدَماً وأَعْقَبَتْ سَدَماً (348) قَاتَلَكُمُ اللَّه لَقَدْ مَلأْتُمْ قَلْبِي قَيْحاً (349) وشَحَنْتُمْ (350) صَدْرِي غَيْظاً -
وجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ (351) التَّهْمَامِ (352) أَنْفَاساً (353) وأَفْسَدْتُمْ
عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ والْخِذْلَانِ - حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ
إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ - ولَكِنْ لَا عِلْمَ لَه
بِالْحَرْبِ. لِلَّه أَبُوهُمْ - وهَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ
أَشَدُّ لَهَا مِرَاساً (354) وأَقْدَمُ فِيهَا
مَقَاماً مِنِّي - لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ - وهَا
أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ (355) ولَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ!
|
|||||||||||||||
28- و من خطبة له و هو فصل من الخطبة التي أولها
"الحمد للّه غير مقنوط من رحمته" و فيه أحد عشر تنبيها :
|
|||||||||||||||
28 - ومن خطبة له عليهالسلام وهو فصل من الخطبة التي
أولها «الحمد للَّه غير مقنوط من رحمته» وفيه أحد عشر تنبيها أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا
أَدْبَرَتْ وآذَنَتْ (356) بِوَدَاعٍ -
وإِنَّ الآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وأَشْرَفَتْ بِاطِّلَاعٍ (357) أَلَا وإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ (358) وغَداً السِّبَاقَ - والسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ (359) والْغَايَةُ النَّارُ - أَفَلَا تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِه قَبْلَ
مَنِيَّتِه (360) أَلَا عَامِلٌ
لِنَفْسِه قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِه (361) أَلَا وإِنَّكُمْ
فِي أَيَّامِ أَمَلٍ مِنْ وَرَائِه أَجَلٌ - فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِه
قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِه - فَقَدْ نَفَعَه عَمَلُه ولَمْ يَضْرُرْه أَجَلُه -
ومَنْ قَصَّرَ فِي أَيَّامِ أَمَلِه قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِه - فَقَدْ خَسِرَ
عَمَلُه وضَرَّه أَجَلُه - أَلَا فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ
فِي الرَّهْبَةِ (362) أَلَا وإِنِّي
لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا ولَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا -
أَلَا وإِنَّه مَنْ لَا يَنْفَعُه الْحَقُّ يَضُرُّه الْبَاطِلُ - ومَنْ لَا
يَسْتَقِيمُ بِه الْهُدَى يَجُرُّ بِه الضَّلَالُ إِلَى الرَّدَى - أَلَا
وإِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ (363) ودُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ - وإِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ
اثْنَتَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وطُولُ الأَمَلِ - فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا
مِنَ الدُّنْيَا - مَا تَحْرُزُونَ بِه أَنْفُسَكُمْ (364) غَداً. -----------------------------
قال السيد الشريف رضياللهعنه
وأقول
إنه لو كان كلام يأخذ بالأعناق - إلى الزهد في الدنيا - ويضطر إلى عمل الآخرة -
لكان هذا الكلام - وكفى به قاطعا لعلائق الآمال - وقادحا زناد الاتعاظ والازدجار
- ومن أعجبه قوله عليهالسلام - ألا وإن
اليوم المضمار وغدا السباق - والسبقة الجنة والغاية النار - فإن فيه مع فخامة
اللفظ وعظم قدر المعنى - وصادق التمثيل وواقع التشبيه - سرا عجيبا ومعنى لطيفا -
وهو قوله عليهالسلام والسبقة الجنة والغاية النار -
فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين - ولم يقل السبقة النار - كما قال السبقة
الجنة - لأن الاستباق إنما يكون إلى أمر محبوب - وغرض مطلوب - وهذه صفة الجنة -
وليس هذا المعنى موجودا في النار - نعوذ بالله منها فلم يجز أن يقول - والسبقة
النار بل قال والغاية النار - لأن الغاية قد ينتهي إليها من لا يسره الانتهاء
إليها - ومن يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الأمرين معا - فهي في هذا الموضع
كالمصير والمآل - قال الله تعالى: (قُلْ
تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) - ولا
يجوز في هذا الموضع أن يقال - سبْقتكم بسكون الباء إلى النار - فتأمل ذلك فباطنه
عجيب وغوره بعيد لطيف - وكذلك أكثر كلامه عليهالسلام -
وفي بعض النسخ - وقد جاء في رواية أخرى والسُّبْقة الجنة بضم السين - والسبقة
عندهم اسم لما يجعل للسابق - إذا سبق من مال أو عرض - والمعنيان متقاربان - لأن
ذلك لا يكون جزاء على فعل الأمر المذموم - وإنما يكون جزاء على فعل الأمر المحمود. |
|||||||||||||||
29- و من خطبة له بعد غارة الضحاك بن قيس صاحب معاوية على
الحاجّ بعد قصة الحكمين
|
|||||||||||||||
29 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد غارة الضحاك بن قيس
صاحب معاوية على الحاجّ بعد قصة الحكمين وفيها يستنهض أصحابه لما
حدث في الأطراف أَيُّهَا النَّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمْ
- الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ (365) كَلَامُكُمْ
يُوهِي (366) الصُّمَّ
الصِّلَابَ (367) وفِعْلُكُمْ
يُطْمِعُ فِيكُمُ الأَعْدَاءَ – تَقُولُونَ فِي الْمَجَالِسِ كَيْتَ وكَيْتَ (368) فَإِذَا جَاءَ الْقِتَالُ قُلْتُمْ حِيدِي حَيَادِ (369) مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ - ولَا اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ
قَاسَاكُمْ - أَعَالِيلُ بِأَضَالِيلَ (370) وسَأَلْتُمُونِي التَّطْوِيلَ (371) دِفَاعَ ذِي الدَّيْنِ الْمَطُولِ (372) لَا يَمْنَعُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ - ولَا يُدْرَكُ الْحَقُّ إِلَّا
بِالْجِدِّ - أَيَّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ - ومَعَ أَيِّ إِمَامٍ
بَعْدِي تُقَاتِلُونَ - الْمَغْرُورُ واللَّه مَنْ غَرَرْتُمُوه - ومَنْ فَازَ
بِكُمْ فَقَدْ فَازَ واللَّه بِالسَّهْمِ الأَخْيَبِ (373) ومَنْ رَمَى بِكُمْ فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقَ (374) نَاصِلٍ (375) أَصْبَحْتُ
واللَّه لَا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ - ولَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ - ولَا
أُوعِدُ الْعَدُوَّ بِكُمْ - مَا بَالُكُمْ مَا دَوَاؤُكُمْ مَا طِبُّكُمْ -
الْقَوْمُ رِجَالٌ أَمْثَالُكُمْ - أَقَوْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ - وغَفْلةً مِنْ
غَيْرِ وَرَعٍ - وطَمَعاً فِي غَيْرِ حَقٍّ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
30- و من كلام لهفي معنى قتل عثمان و هو حكم له
على عثمان و عليه و على الناس بما فعلوا
|
|||||||||||||||
30 - ومن كلام له عليهالسلام في معنى قتل عثمان وهو حكم له على عثمان وعليه
وعلى الناس بما فعلوا وبراءة له من دمه لَوْ أَمَرْتُ بِه لَكُنْتُ قَاتِلًا -
أَوْ نَهَيْتُ عَنْه لَكُنْتُ نَاصِراً - غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَه لَا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَه مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْه - ومَنْ خَذَلَه لَا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَه مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي - وأَنَا جَامِعٌ
لَكُمْ أَمْرَه اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ (376) وجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ (377) ولِلَّه حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ والْجَازِعِ. ----------------------------- (376) أساء الأَثَرَةَ:
أساء الاستبداد وكان عليه أن يخفف منه حتى لا يزعجكم. (377)
أسأتم الجَزَعَ: أي لم ترفقوا في جزعكم ولم تقفوا عند الحد الأولى بكم. |
|||||||||||||||
31- و من كلام له لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير
يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل :
|
|||||||||||||||
31 - ومن كلام له عليهالسلام لما أنفذ عبد الله بن عباس
- إلى الزبير يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل لَا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ - فَإِنَّكَ
إِنْ تَلْقَه تَجِدْه كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَه (378) يَرْكَبُ الصَّعْبَ (379) ويَقُولُ هُوَ
الذَّلُولُ - ولَكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ فَإِنَّه أَلْيَنُ عَرِيكَةً (380) فَقُلْ لَه يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ - عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ
وأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ - فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا(381). قال
السيد الشريف وهو عليهالسلام أول من سمعت
منه هذه الكلمة - أعني فما عدا مما بدا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
32- و من خطبة له و فيها يصف زمانه بالجور و يقسم الناس فيه
خمسة أصناف ثم يزهد في الدنيا :
|
|||||||||||||||
معنى جور الزمان
|
|||||||||||||||
32 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يصف زمانه بالجور
ويقسم الناس فيه خمسة أصناف ثم يزهد في الدنيا معنى جور الزمان أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّا قَدْ
أَصْبَحْنَا فِي دَهْرٍ عَنُودٍ(382) وزَمَنٍ - كَنُودٍ
(383) يُعَدُّ فِيه
الْمُحْسِنُ مُسِيئاً - ويَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيه عُتُوّاً - لَا نَنْتَفِعُ
بِمَا عَلِمْنَا ولَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا - ولَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً (384) حَتَّى تَحُلَّ بِنَا. ----------------------------- (382) العَنُود:
الجائر من «عند يعند» كنصر جار عن الطريق وعدل. (383)
الكَنُود: الكفور. (384)
القارعة: الخطب يقرع من ينزل به أي: يصيبه. |
|||||||||||||||
أصناف المسيئين
|
|||||||||||||||
أصناف المسيئين والنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ -
مِنْهُمْ مَنْ لَا يَمْنَعُه الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ - إِلَّا مَهَانَةُ
نَفْسِه وكَلَالَةُ حَدِّه (385) ونَضِيضُ وَفْرِه (386) ومِنْهُمْ الْمُصْلِتُ لِسَيْفِه والْمُعْلِنُ بِشَرِّه - والْمُجْلِبُ
بِخَيْلِه (387) ورَجِلِه (388) قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَه (389) وأَوْبَقَ دِينَه (390) لِحُطَامٍ (391) يَنْتَهِزُه (392) أَوْ مِقْنَبٍ (393) يَقُودُه (394) أَوْ مِنْبَرٍ يَفْرَعُه - ولَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى
الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً - ومِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّه عِوَضاً -
ومِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ - ولَا يَطْلُبُ
الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا - قَدْ طَامَنَ (395) مِنْ شَخْصِه - وقَارَبَ مِنْ خَطْوِه وشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِه -
وزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِه لِلأَمَانَةِ - واتَّخَذَ سِتْرَ اللَّه ذَرِيعَةً (396) إِلَى الْمَعْصِيَةِ - ومِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَه عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ
ضُئُولَةُ نَفْسِه (397) وانْقِطَاعُ
سَبَبِه فَقَصَرَتْه الْحَالُ عَلَى حَالِه - فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ -
وتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ - ولَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ (398) ولَا مَغْدًى (399). -----------------------------
|
|||||||||||||||
الراغبون في اللّه
|
|||||||||||||||
الراغبون في اللَّه وبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ
ذِكْرُ الْمَرْجِعِ - وأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ - فَهُمْ بَيْنَ
شَرِيدٍ نَادٍّ (400) وخَائِفٍ
مَقْمُوعٍ (401) وسَاكِتٍ
مَكْعُومٍ (402) ودَاعٍ مُخْلِصٍ
وثَكْلَانَ (403) مُوجَعٍ - قَدْ
أَخْمَلَتْهُمُ (404) التَّقِيَّةُ (405) وشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ - فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ (406) أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ (407) وقُلُوبُهُمْ
قَرِحَةٌ (408) قَدْ وَعَظُوا
حَتَّى مَلُّوا (409) وقُهِرُوا حَتَّى
ذَلُّوا وقُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التزهيد في الدنيا
|
|||||||||||||||
التزهيد في الدنيا فَلْتَكُنِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِكُمْ -
أَصْغَرَ مِنْ حُثَالَةِ (410) الْقَرَظِ (411) وقُرَاضَةِ الْجَلَمِ (412) واتَّعِظُوا
بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ - قَبْلَ أَنْ يَتَّعِظَ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ -
وارْفُضُوهَا ذَمِيمَةً - فَإِنَّهَا قَدْ رَفَضَتْ مَنْ كَانَ أَشْغَفَ بِهَا
مِنْكُمْ(413). قال الشريف رضياللهعنه
أقول وهذه الخطبة ربما نسبها من لا علم له إلى معاوية - وهي من كلام أمير
المؤمنين عليهالسلام الذي لا يشك فيه - وأين الذهب
من الرغام (414) وأين
العذب من الأجاج - وقد دل على ذلك الدليل الخريت (415) ونقده الناقد
البصير - عمرو بن بحر الجاحظ - فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب البيان والتبيين -
وذكر من نسبها إلى معاوية - ثم تكلم من بعدها بكلام في معناها - جملته أنه قال
وهذا الكلام بكلام علي عليهالسلام أشبه -
وبمذهبه في تصنيف الناس - وفي الإخبار عما هم عليه من القهر والإذلال - ومن
التقية والخوف أليق - قال ومتى وجدنا معاوية في حال من الأحوال - يسلك في كلامه
مسلك الزهاد ومذاهب العباد! -----------------------------
|
|||||||||||||||
33- و من خطبة له عند خروجه لقتال أهل البصرة و فيها حكمة مبعث
الرسل ثم يذكر فضله و يذم الخارجين :
|
|||||||||||||||
33 - ومن خطبة له عليهالسلام عند خروجه لقتال أهل البصرة
وفيها حكمة مبعث الرسل ثم يذكر فضله ويذم الخارجين قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبَّاسِ رضياللهعنه
- دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام بِذِي قَارٍ
وهُوَ يَخْصِفُ نَعْلَه (416) فَقَالَ لِي مَا
قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ - فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا - فَقَالَ عليهالسلام
واللَّه لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ - إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاً
أَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا - ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: ----------------------------- (416) يَخْصِفُ نَعْلَه:
يخرزها. |
|||||||||||||||
حكمة بعثة النبي
|
|||||||||||||||
حكمة بعثة النبي إِنَّ اللَّه بَعَثَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
- ولَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً ولَا يَدَّعِي نُبُوَّةً -
فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ (417) وبَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ - فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ (418) واطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ (419). ----------------------------- (417)
بَوّأهُمْ مَحَلَّتَهم: أنزلهم منزلتهم. (418) القناة:
العود والرمح والمراد به القوة والغلبة والدولة. وفي قوله (استقامت قناتهم)
تمثيل لاستقامة أحوالهم. |
|||||||||||||||
فضل علي
|
|||||||||||||||
فضل علي أَمَا واللَّه إِنْ كُنْتُ لَفِي
سَاقَتِهَا(420)حَتَّى تَوَلَّتْ
بِحَذَافِيرِهَا (421) مَا عَجَزْتُ ولَا
جَبُنْتُ وإِنَّ مَسِيرِي هَذَا لِمِثْلِهَا - فَلأَنْقُبَنَّ (422) الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِه. ----------------------------- (420) الساقَةُ:
مؤخّر الجيش السائق لمقدّمه. (421)
ولَّتْ بحذافيرها: بجملتها وأسرها. |
|||||||||||||||
توبيخ الخارجين عليه
|
|||||||||||||||
توبيخ الخارجين عليه مَا لِي ولِقُرَيْشٍ - واللَّه لَقَدْ
قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ - ولأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ
- وإِنِّي
لَصَاحِبُهُمْ بِالأَمْسِ كَمَا أَنَا صَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ - واللَّه مَا
تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّ اللَّه اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ -
فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا - فَكَانُوا كَمَا قَالَ الأَوَّلُ:
-----------------------------
|
|||||||||||||||
34- و من خطبة له في استنفار الناس إلى أهل الشام بعد فراغه من
أمر الخوارج
|
|||||||||||||||
34 - ومن خطبة له عليهالسلام في استنفار الناس إلى أهل
الشام بعد فراغه من أمر الخوارج وفيها يتأفف بالناس وينصح
لهم بطريق السداد أُفٍّ لَكُمْ (424) لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ - (أَرَضِيتُمْ
بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخِرَةِ) عِوَضاً -
وبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً - إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ
عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ (425) كَأَنَّكُمْ مِنَ
الْمَوْتِ فِي غَمْرَةٍ (426) ومِنَ الذُّهُولِ
فِي سَكْرَةٍ - يُرْتَجُ (427) عَلَيْكُمْ
حَوَارِي (428) فَتَعْمَهُونَ (429) وكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ (430) فَأَنْتُمْ لَا تَعْقِلُونَ - مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَةٍ سَجِيسَ
اللَّيَالِي (431) ومَا أَنْتُمْ
بِرُكْنٍ يُمَالُ (432) بِكُمْ - ولَا
زَوَافِرُ (433) عِزٍّ يُفْتَقَرُ
إِلَيْكُمْ - مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا - فَكُلَّمَا
جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ - لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّه
سُعْرُ (434) نَارِ الْحَرْبِ
أَنْتُمْ - تُكَادُونَ ولَا تَكِيدُونَ - وتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلَا
تَمْتَعِضُونَ (435) لَا يُنَامُ
عَنْكُمْ وأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ سَاهُونَ - غُلِبَ واللَّه الْمُتَخَاذِلُونَ -
وايْمُ اللَّه - إِنِّي لأَظُنُّ بِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ (436) الْوَغَى (437) واسْتَحَرَّ
الْمَوْتُ (438) قَدِ
انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ (439) واللَّه إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّه مِنْ نَفْسِه - يَعْرُقُ
لَحْمَه (440) ويَهْشِمُ عَظْمَه
- ويَفْرِي (441) جِلْدَه لَعَظِيمٌ
عَجْزُه - ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْه جَوَانِحُ صَدْرِه (442) أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ - فَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّه دُونَ
أَنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ (443) تَطِيرُ مِنْه فَرَاشُ الْهَامِ (444) وتَطِيحُ (445) السَّوَاعِدُ
والأَقْدَامُ - (ويَفْعَلُ الله) بَعْدَ ذَلِكَ (مِمَّا
يَشاءُ) - |
|||||||||||||||
طريق السداد
|
|||||||||||||||
طريق السداد أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ
حَقّاً ولَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ - فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيحَةُ
لَكُمْ - وتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ(446 - وتَعْلِيمُكُمْ كَيْلَا تَجْهَلُوا وتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا
تَعْلَمُوا - وأَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُ بِالْبَيْعَةِ -
والنَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ والْمَغِيبِ - والإِجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ
والطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
35- و من خطبة له بعد التحكيم و ما بلغه من أمر
الحكمين و فيها حمد اللّه على بلائه ثم بيان سبب البلوى :
|
|||||||||||||||
الحمد على البلاء
|
|||||||||||||||
35 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد التحكيم وما بلغه من
أمر الحكمين وفيها حمد اللَّه على بلائه
ثم بيان سبب البلوى الحمد على البلاء الْحَمْدُ لِلَّه وإِنْ أَتَى الدَّهْرُ
بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ (447) والْحَدَثِ
الْجَلِيلِ(448) وأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَه إِلَّا اللَّه لَا شَرِيكَ لَه - لَيْسَ مَعَه إِلَه غَيْرُه - وأَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه صلىاللهعليهوآله – ----------------------------- (447)
الخَطْبُ الفادح: الثقيل من فدحه الدّين - كقطع - إذا أثقله وعاله وبهظه. (448)
الحَدَث: - بالتحريك - الحادث والمراد هنا ما وقع من أمر الحكمين كما هو
مشهور في التاريخ. |
|||||||||||||||
سبب البلوى
|
|||||||||||||||
سبب البلوى أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ
الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الْمُجَرِّبِ - تُورِثُ الْحَسْرَةَ وتُعْقِبُ
النَّدَامَةَ - وقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هَذِه الْحُكُومَةِ أَمْرِي
ونَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي (449) لَوْ كَانَ
يُطَاعُ لِقَصِيرٍ (450) أَمْرٌ -
فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ والْمُنَابِذِينَ
الْعُصَاةِ - حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِه وضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِه (451) فَكُنْتُ أَنَا وإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ (452):
|
|||||||||||||||
36- و من خطبة له في تخويف أهل النهروان :
|
|||||||||||||||
36 - ومن خطبة له عليهالسلام في تخويف أهل النهروان (454) فَأَنَا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا
صَرْعَى (455) بِأَثْنَاءِ هَذَا
النَّهَرِ - وبِأَهْضَامِ (456) هَذَا الْغَائِطِ (457) عَلَى غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ - ولَا سُلْطَانٍ مُبِينٍ
مَعَكُمْ - قَدْ طَوَّحَتْ (458) بِكُمُ الدَّارُ
واحْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ (459) وقَدْ كُنْتُ
نَهَيْتُكُمْ عَنْ هَذِه الْحُكُومَةِ - فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ
الْمُنَابِذِينَ - حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ - وأَنْتُمْ
مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الْهَامِ (460) سُفَهَاءُ
الأَحْلَامِ (461) ولَمْ آتِ لَا أَبَا
لَكُمْ بُجْراً (462) ولَا أَرَدْتُ
لَكُمْ ضُرّاً. ----------------------------- (454) النّهْرَوان: اسم
لأسفل نهر بين لخافيق وطرفاه على مقربة من الكوفة في طرف صحراء حروراء. وكان
الذين خطَّوؤه في التحكيم قد نقضوا بيعته وجهروا بعداوته وصاروا له حربا واجتمع
معظمهم عند ذلك الموضع وهؤلاء يلقبون بالحروريّة لما تقدم أن الأرض التي اجتمعوا
عليها كانت تسمى حروراء وكان رئيس هذه الفئة الضالة: حرقوص بن زهير السعدي ويلقب
بذي الثّديّة (تصغير ثدية) خرج إليهم أمير المؤمنين يعظهم في الرجوع عن مقالتهم
والعودة إلى بيعتهم فأجابوا النصيحة برمي السهام وقتال أصحابه كرّم الله وجهه
فأمر بقتالهم. وتقدم القتال بهذا الانذار الذي تراه. وقيل: إنه - عليهالسلام
- خاطب بها الخوارج الذين قتلهم بالنهروان.
|
|||||||||||||||
37- و من كلام له يجري مجرى الخطبة و فيه يذكر فضائله عليه
السلام قاله بعد وقعة النهروان :
|
|||||||||||||||
37 - ومن كلام له عليهالسلام يجري مجرى الخطبة وفيه يذكر فضائله - عليهالسلام
- قاله بعد وقعة النهروان فَقُمْتُ بِالأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا (463) وتَطَلَّعْتُ حِينَ تَقَبَّعُوا (464) ونَطَقْتُ حِينَ تَعْتَعُوا (465) ومَضَيْتُ بِنُورِ اللَّه حِينَ وَقَفُوا - وكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ
صَوْتاً وأَعْلَاهُمْ فَوْتاً (466) فَطِرْتُ
بِعِنَانِهَا (467) واسْتَبْدَدْتُ
بِرِهَانِهَا (468) كَالْجَبَلِ لَا
تُحَرِّكُه الْقَوَاصِفُ - ولَا تُزِيلُه الْعَوَاصِفُ - لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ
فِيَّ مَهْمَزٌ ولَا لِقَائِلٍ فِيَّ مَغْمَزٌ (469) الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَه - والْقَوِيُّ
عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْه - رَضِينَا عَنِ اللَّه قَضَاءَه
وسَلَّمْنَا لِلَّه أَمْرَه - أَتَرَانِي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- واللَّه لأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَه - فَلَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ كَذَبَ
عَلَيْه - فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي - فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي -
وإِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِغَيْرِي. -----------------------------
|
|||||||||||||||
38- و من كلام له و فيها علة تسمية الشبهة شبهة ثم بيان حال
الناس فيها :
|
|||||||||||||||
38 - ومن كلام له عليهالسلام وفيها علة تسمية الشبهة
شبهة ثم بيان حال الناس فيها وإِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُ شُبْهَةً
لأَنَّهَا تُشْبِه الْحَقَّ - فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّه فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا
الْيَقِينُ - ودَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى (470) وأَمَّا أَعْدَاءُ اللَّه فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلَالُ -
ودَلِيلُهُمُ الْعَمَى - فَمَا يَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَه ولَا يُعْطَى
الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّه. ----------------------------- (470) سَمْتُ الهُدَى:
طريقته. |
|||||||||||||||
39- و من خطبة له خطبها عند علمه بغزوة النعمان
بن بشير صاحب معاوية لعين التمر
|
|||||||||||||||
39 - ومن خطبة له عليهالسلام خطبها عند علمه بغزوة
النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر وفيها يبدي عذره ويستنهض
الناس لنصرته مُنِيتُ بِمَنْ لَا يُطِيعُ إِذَا
أَمَرْتُ (471) ولَا يُجِيبُ
إِذَا دَعَوْتُ - لَا أَبَا لَكُمْ مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ رَبَّكُمْ -
أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ ولَا حَمِيَّةَ تُحْمِشُكُمْ (472) أَقُومُ فِيكُمْ مُسْتَصْرِخاً (473) وأُنَادِيكُمْ مُتَغَوِّثاً (474) فَلَا تَسْمَعُونَ لِي قَوْلًا ولَا تُطِيعُونَ لِي أَمْراً - حَتَّى
تَكَشَّفَ الأُمُورُ عَنْ عَوَاقِبِ الْمَسَاءَةِ - فَمَا يُدْرَكُ بِكُمْ ثَارٌ
ولَا يُبْلَغُ بِكُمْ مَرَامٌ - دَعَوْتُكُمْ إِلَى نَصْرِ إِخْوَانِكُمْ -
فَجَرْجَرْتُمْ (475) جَرْجَرَةَ
الْجَمَلِ الأَسَرِّ (476) وتَثَاقَلْتُمْ
تَثَاقُلَ النِّضْوِ الأَدْبَرِ (477) ثُمَّ خَرَجَ
إِلَيَّ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِيفٌ - «كَأَنَّما
يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وهُمْ يَنْظُرُونَ». -----------------------------
قال السيد الشريف -
أقول قوله عليهالسلام متذائب أي مضطرب - من قولهم
تذاءبت الريح أي اضطرب هبوبها - ومنه سمي الذئب ذئبا لاضطراب مشيته. |
|||||||||||||||
40- و من كلام له في الخوارج لما سمع قولهم " لا حكم إلا
لله " :
|
|||||||||||||||
40 - ومن كلام له عليهالسلام في الخوارج لما سمع قولهم
«لا حكم إلا لله» قَالَ عليهالسلام: كَلِمَةُ
حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ - نَعَمْ إِنَّه لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّه -
ولَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَا إِمْرَةَ - إِلَّا لِلَّه - وإِنَّه لَا
بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِيرٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ - يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِه
الْمُؤْمِنُ - ويَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ - ويُبَلِّغُ اللَّه فِيهَا
الأَجَلَ ويُجْمَعُ بِه الْفَيْءُ - ويُقَاتَلُ بِه الْعَدُوُّ وتَأْمَنُ بِه
السُّبُلُ - ويُؤْخَذُ بِه لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ - حَتَّى يَسْتَرِيحَ
بَرٌّ ويُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ. وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّه عليهالسلام
لَمَّا سَمِعَ تَحْكِيمَهُمْ قَالَ: حُكْمَ اللَّه أَنْتَظِرُ فِيكُمْ. وقَالَ أَمَّا الإِمْرَةُ الْبَرَّةُ
فَيَعْمَلُ فِيهَا التَّقِيُّ - وأَمَّا الإِمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَيَتَمَتَّعُ
فِيهَا الشَّقِيُّ - إِلَى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُه وتُدْرِكَه مَنِيَّتُه. |
|||||||||||||||
41- و من خطبة له و فيها ينهى عن الغدر و يحذر منه :
|
|||||||||||||||
41 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها ينهى عن الغدر ويحذر
منه أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ
الصِّدْقِ (478) ولَا أَعْلَمُ
جُنَّةً (479) أَوْقَى (480) مِنْه - ومَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ - ولَقَدْ
أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِه الْغَدْرَ كَيْساً (481) ونَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيه إِلَى حُسْنِ الْحِيلَةِ - مَا
لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّه - قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ(482) وَجْه الْحِيلَةِ ودُونَهَا مَانِعٌ - مِنْ أَمْرِ اللَّه ونَهْيِه -
فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا - ويَنْتَهِزُ
فُرْصَتَهَا مَنْ لَا حَرِيجَةَ لَه فِي الدِّينِ(483). -----------------------------
|
|||||||||||||||
42- و من كلام له و فيه يحذر من اتباع الهوى و طول الأمل في
الدنيا :
|
|||||||||||||||
42 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه يحذر من اتباع الهوى
وطول الأمل في الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا
أَخَافُ عَلَيْكُمُ - اثْنَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وطُولُ الأَمَلِ (484) فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ - وأَمَّا طُولُ
الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَةَ - أَلَا وإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ (485) فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ (486) كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ - اصْطَبَّهَا صَابُّهَا (487) أَلَا وإِنَّ الآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ ولِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ -
فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ ولَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا -
فَإِنَّ كُلَّ وَلَدٍ سَيُلْحَقُ بِأَبِيه يَوْمَ الْقِيَامَةِ - وإِنَّ
الْيَوْمَ عَمَلٌ ولَا حِسَابَ وغَداً حِسَابٌ ولَا عَمَلَ. قال الشريف - أقول الحذاء
السريعة - ومن الناس من يرويه جذاء(488). (488)
جَذّاء: - بالجيم - أي: مقطوع خيرها ودرّها. -----------------------------
|
|||||||||||||||
43- و من كلام له و قد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل
الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي
|
|||||||||||||||
43 - ومن كلام له عليهالسلام وقد أشار عليه أصحابه
بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ولم ينزل
معاوية على بيعته إِنَّ اسْتِعْدَادِي لِحَرْبِ أَهْلِ
الشَّامِ وجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ - إِغْلَاقٌ لِلشَّامِ وصَرْفٌ لأَهْلِه عَنْ
خَيْرٍ إِنْ أَرَادُوه - ولَكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِيرٍ وَقْتاً لَا يُقِيمُ
بَعْدَه - إِلَّا مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِياً - والرَّأْيُ عِنْدِي مَعَ الأَنَاةِ
(489) فَأَرْوِدُوا (490) ولَا أَكْرَه لَكُمُ الإِعْدَادَ (491). ولَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الأَمْرِ
وعَيْنَه (492) وقَلَّبْتُ
ظَهْرَه وبَطْنَه - فَلَمْ أَرَ لِي فِيه إِلَّا الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ -
بِمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآله - إِنَّه قَدْ
كَانَ عَلَى الأُمَّةِ وَالٍ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً - وأَوْجَدَ النَّاسَ مَقَالًا
فَقَالُوا (493) ثُمَّ نَقَمُوا
فَغَيَّرُوا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
44- و من كلام له لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية
|
|||||||||||||||
44 - ومن كلام له عليهالسلام لما هرب مصقلة بن هبيرة
الشيباني إلى معاوية وكان قد ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير
المؤمنين عليهالسلام وأعتقهم فلما طالبه بالمال خاس (494) به وهرب إلى الشام قَبَّحَ اللَّه (495) مَصْقَلَةَ - فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ وفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ -
فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَه حَتَّى أَسْكَتَه - ولَا صَدَّقَ وَاصِفَه حَتَّى
بَكَّتَه (496) ولَوْ أَقَامَ
لأَخَذْنَا مَيْسُورَه (497) وانْتَظَرْنَا
بِمَالِه وُفُورَه (498). -----------------------------
|
|||||||||||||||
45- و من خطبة له و هو بعض خطبة طويلة خطبها يوم الفطر و فيها
يحمد الله و يذم الدنيا :
|
|||||||||||||||
حمد الله
|
|||||||||||||||
45 - ومن خطبة له عليهالسلام وهو بعض خطبة طويلة خطبها
يوم الفطر وفيها يحمد الله ويذم الدنيا حمد الله الْحَمْدُ لِلَّه غَيْرَ مَقْنُوطٍ(499) مِنْ رَحْمَتِه - ولَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِه - ولَا مَأْيُوسٍ مِنْ
مَغْفِرَتِه - ولَا مُسْتَنْكَفٍ (500) عَنْ عِبَادَتِه -
الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْه رَحْمَةٌ - ولَا تُفْقَدُ لَه نِعْمَةٌ. |
|||||||||||||||
ذم الدنيا
|
|||||||||||||||
ذم الدنيا والدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ (501) لَهَا الْفَنَاءُ - ولأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ (502) وهِيَ حُلْوَةٌ خَضْرَاءُ - وقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ - والْتَبَسَتْ
(503) بِقَلْبِ
النَّاظِرِ - فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ
الزَّادِ - ولَا تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ (504) ولَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ (505). -----------------------------
|
|||||||||||||||
46- و من كلام له عند عزمه على المسير إلى الشام
و هو دعاء دعا به ربه عند وضع رجله في الركاب :
|
|||||||||||||||
46 - ومن كلام له عليهالسلام عند عزمه على المسير إلى
الشام وهو دعاء دعا به ربه عند
وضع رجله في الركاب اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ
وَعْثَاءِ السَّفَرِ (506) وكَآبَةِ
الْمُنْقَلَبِ (507) وسُوءِ
الْمَنْظَرِ - فِي الأَهْلِ والْمَالِ والْوَلَدِ - اللَّهُمَّ أَنْتَ
الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ - وأَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ - ولَا
يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ - لأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ مُسْتَصْحَباً -
والْمُسْتَصْحَبُ لَا يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً. قال السيد الشريف رضياللهعنه
-
وابتداء هذا الكلام مروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
- وقد قفاه أمير المؤمنين عليهالسلام بأبلغ
كلام وتممه بأحسن تمام - من قوله ولا يجمعهما غيرك - إلى آخر الفصل. ----------------------------- (506) الوَعْثَاء:
المشقة وأصله المكان المتعب لكثرة رمله وغوص الأرجل فيه. (507)
المُنْقَلَب: مصدر بمعنى الرجوع. |
|||||||||||||||
47- و من كلام له في ذكر الكوفة :
|
|||||||||||||||
47 - ومن كلام له عليهالسلام في ذكر الكوفة كَأَنِّي بِكِ يَا كُوفَةُ تُمَدِّينَ
مَدَّ الأَدِيمِ (508) الْعُكَاظِيِّ (509) تُعْرَكِينَ بِالنَّوَازِلِ (510) وتُرْكَبِينَ بِالزَّلَازِلِ - وإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّه مَا أَرَادَ
بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً - إِلَّا ابْتَلَاه اللَّه بِشَاغِلٍ ورَمَاه بِقَاتِلٍ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
48- و من خطبة له عند المسير إلى الشام قيل إنه
خطب بها و هو بالنخيلة خارجا من الكوفة إلى صفين :
|
|||||||||||||||
48 - ومن خطبة له عليهالسلام عند المسير إلى الشام قيل إنه خطب بها وهو
بالنخيلة خارجا من الكوفة إلى صفين الْحَمْدُ لِلَّه كُلَّمَا وَقَبَ (511) لَيْلٌ وغَسَقَ (512) والْحَمْدُ لِلَّه
كُلَّمَا لَاحَ نَجْمٌ وخَفَقَ (513) والْحَمْدُ لِلَّه
غَيْرَ مَفْقُودِ الإِنْعَامِ ولَا مُكَافَإِ الإِفْضَالِ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ
مُقَدِّمَتِي (514) وأَمَرْتُهُمْ
بِلُزُومِ هَذَا الْمِلْطَاطِ (515) حَتَّى
يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي - وقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِه النُّطْفَةَ إِلَى
شِرْذِمَةٍ (516) مِنْكُمْ -
مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ (517) دِجْلَةَ -
فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ - وأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ (518) الْقُوَّةِ لَكُمْ. قال السيد الشريف أقول
يعني عليهالسلام بالملطاط هاهنا السمت الذي
أمرهم بلزومه وهو شاطئ الفرات ويقال ذلك أيضا لشاطئ البحر وأصله ما استوى من
الأرض ويعني بالنطفة ماء الفرات وهو من غريب العبارات وعجيبها. -----------------------------
|
|||||||||||||||
49- و من كلام له و فيه جملة من صفات الربوبية و العلم الإلهي
:
|
|||||||||||||||
49 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه جملة من صفات الربوبية
والعلم الإلهي الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي بَطَنَ (519) خَفِيَّاتِ الأَمُوُرِ - ودَلَّتْ عَلَيْه أَعْلَامُ (520) الظُّهُورِ - وامْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ - فَلَا عَيْنُ مَنْ
لَمْ يَرَه تُنْكِرُه - ولَا قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَه يُبْصِرُه - سَبَقَ فِي
الْعُلُوِّ فَلَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْه - وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلَا شَيْءَ
أَقْرَبُ مِنْه - فَلَا اسْتِعْلَاؤُه بَاعَدَه عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِه - ولَا
قُرْبُه سَاوَاهُمْ فِي الْمَكَانِ بِه - لَمْ يُطْلِعِ الْعُقُولَ عَلَى
تَحْدِيدِ صِفَتِه - ولَمْ يَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِه - فَهُوَ
الَّذِي تَشْهَدُ لَه أَعْلَامُ الْوُجُودِ - عَلَى إِقْرَارِ قَلْبِ ذِي
الْجُحُودِ - تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُه الْمُشَبِّهُونَ بِه -
والْجَاحِدُونَ لَه عُلُوّاً كَبِيراً! ----------------------------- (519) بَطَنَ الخفيّات:
علمها من باطنها. (520)
الأعْلام: جمع علم - بالتحريك - وهو المنار يهتدي به ثم عمّ في كل
ما دل على شيء وأعلام الظهور: الأدلة الظاهرة. |
|||||||||||||||
50- و من كلام له و فيه بيان لما يخرب العالم به من الفتن و
بيان هذه الفتن :
|
|||||||||||||||
50 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه بيان لما يخرب العالم
به من الفتن وبيان هذه الفتن إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ
أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ - يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّه -
ويَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالًا عَلَى غَيْرِ دِينِ اللَّه - فَلَوْ
أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ - لَمْ يَخْفَ عَلَى
الْمُرْتَادِينَ (521) ولَوْ أَنَّ
الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ - انْقَطَعَتْ عَنْه أَلْسُنُ
الْمُعَانِدِينَ - ولَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ ومِنْ هَذَا ضِغْثٌ (522) فَيُمْزَجَانِ - فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى
أَوْلِيَائِه - ويَنْجُو (الَّذِينَ
سَبَقَتْ لَهُمْ) مِنَ اللَّه (الْحُسْنى). ----------------------------- (521) المُرْتاديِن:
الطالبين للحقيقة. (522)
الضِغْث: - بالكسر - قبضة من حشيش مختلط فيها الرطب باليابس. |
|||||||||||||||
51- و من خطبة له لما غلب أصحاب معاوية أصحابه على شريعة
الفرات بصفين و منعوهم الماء :
|
|||||||||||||||
51 - ومن خطبة له عليهالسلام لما غلب أصحاب معاوية
أصحابه عليهالسلام - على شريعة (523) الفرات بصفين ومنعوهم الماء قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ (524) فَأَقِرُّوا عَلَى مَذَلَّةٍ وتَأْخِيرِ مَحَلَّةٍ - أَوْ رَوُّوا
السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ - فَالْمَوْتُ فِي
حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ - والْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ - أَلَا
وإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً (525) مِنَ الْغُوَاةِ -
وعَمَّسَ (526) عَلَيْهِمُ
الْخَبَرَ - حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ (527) الْمَنِيَّةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
52- و من خطبة له و هي في التزهيد في الدنيا و ثواب الله
للزاهد و نعم الله على الخالق :
|
|||||||||||||||
التزهيد في الدنيا
|
|||||||||||||||
52 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي في التزهيد في الدنيا
وثواب الله للزاهد ونعم الله على الخالق التزهيد في الدنيا أَلَا وإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ
وآذَنَتْ بِانْقِضَاءٍ - وتَنَكَّرَ مَعْرُوفُهَا (528) وأَدْبَرَتْ حَذَّاءَ (529) فَهِيَ تَحْفِزُ (530) بِالْفَنَاءِ سُكَّانَهَا - وتَحْدُو (531) بِالْمَوْتِ جِيرَانَهَا - وقَدْ أَمَرَّ (532) فِيهَا مَا كَانَ حُلْواً (533)وكَدِرَ مِنْهَا
مَا كَانَ صَفْواً - فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ
الإِدَاوَةِ (534) أَوْ جُرْعَةٌ
كَجُرْعَةِ الْمَقْلَةِ (535) لَوْ تَمَزَّزَهَا
الصَّدْيَانُ (536) لَمْ يَنْقَعْ (537) فَأَزْمِعُوا (538) عِبَادَ اللَّه -
الرَّحِيلَ عَنْ هَذِه الدَّارِ الْمَقْدُورِ (539) عَلَى أَهْلِهَا الزَّوَالُ - ولَا يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الأَمَلُ -
ولَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ فِيهَا الأَمَدُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
ثواب الزهاد
|
|||||||||||||||
ثواب الزهاد فَوَاللَّه لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ
الْوُلَّه الْعِجَالِ(540)ودَعَوْتُمْ
بِهَدِيلِ الْحَمَامِ (541) وجَأَرْتُمْ
جُؤَارَ (542) مُتَبَتِّلِي (543) الرُّهْبَانِ - وخَرَجْتُمْ إِلَى اللَّه مِنَ الأَمْوَالِ
والأَوْلَادِ - الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْه فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَه
- أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كُتُبُه - وحَفِظَتْهَا رُسُلُه لَكَانَ
قَلِيلًا فِيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِه - وأَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ
عِقَابِه. |
|||||||||||||||
نعم الله
|
|||||||||||||||
نعم الله وتَاللَّه لَوِ انْمَاثَتْ قُلُوبُكُمُ
انْمِيَاثاً (544) وسَالَتْ
عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْه أَوْ رَهْبَةٍ مِنْه دَماً - ثُمَّ
عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا - مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ مَا جَزَتْ
أَعْمَالُكُمْ عَنْكُمْ - ولَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ -
أَنْعُمَه عَلَيْكُمُ الْعِظَامَ - وهُدَاه إِيَّاكُمْ لِلإِيمَانِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
53- و من خطبة له في ذكرى يوم النحر و صفة الأضحية:
|
|||||||||||||||
53 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذكرى يوم النحر وصفة
الأضحية ومِنْ تَمَامِ الأُضْحِيَّةِ (545) اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا (546) وسَلَامَةُ
عَيْنِهَا - فَإِذَا سَلِمَتِ الأُذُنُ والْعَيْنُ سَلِمَتِ الأُضْحِيَّةُ
وتَمَّتْ - ولَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ (547) تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى الْمَنْسَكِ (548). قال السيد الشريف والمنسك
هاهنا المذبح. -----------------------------
|
|||||||||||||||
54- و من خطبة له و فيها يصف أصحابه بصفين حين
طال منعهم له من قتال أهل الشام :
|
|||||||||||||||
54 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يصف أصحابه بصفين حين
طال منعهم له من قتال أهل الشام فَتَدَاكُّوا (549) عَلَيَّ تَدَاكَّ الإِبِلِ الْهِيمِ (550) يَوْمَ وِرْدِهَا (551) وقَدْ أَرْسَلَهَا
رَاعِيهَا وخُلِعَتْ مَثَانِيهَا (552) حَتَّى ظَنَنْتُ
أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ لَدَيَّ - وقَدْ قَلَّبْتُ
هَذَا الأَمْرَ بَطْنَه وظَهْرَه حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ - فَمَا
وَجَدْتُنِي يَسَعُنِي إِلَّا قِتَالُهُمْ - أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِه
مُحَمَّدٌ صلىاللهعليهوآله - فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ
أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ - ومَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ
عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الآخِرَةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
55- و من كلام له و قد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين
:
|
|||||||||||||||
55 - ومن كلام له عليهالسلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم
في القتال بصفين أَمَّا قَوْلُكُمْ أَكُلَّ ذَلِكَ
كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ - فَوَاللَّه مَا أُبَالِي - دَخَلْتُ إِلَى الْمَوْتِ
أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ - وأَمَّا قَوْلُكُمْ شَكَّاً فِي أَهْلِ
الشَّامِ - فَوَاللَّه مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً - إِلَّا وأَنَا أَطْمَعُ
أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي - وتَعْشُوَ (553) إِلَى ضَوْئِي - وذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى
ضَلَالِهَا - وإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ (554) بِآثَامِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
56- و من كلام له يصف أصحاب رسول الله و ذلك يوم صفين حين أمر
الناس بالصلح :
|
|||||||||||||||
56 - ومن كلام له عليهالسلام يصف أصحاب رسول الله وذلك
يوم صفين حين أمر الناس بالصلح ولَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- نَقْتُلُ آبَاءَنَا وأَبْنَاءَنَا وإِخْوَانَنَا وأَعْمَامَنَا - مَا
يَزِيدُنَا ذَلِكَ إِلَّا إِيمَاناً وتَسْلِيماً - ومُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ (555) وصَبْراً عَلَى مَضَضِ الأَلَمِ (556) وجِدّاً فِي جِهَادِ الْعَدُوِّ - ولَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا
والآخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا - يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ (557) الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا (558) أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَه كَأْسَ الْمَنُونِ - فَمَرَّةً لَنَا مِنْ
عَدُوِّنَا ومَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا - فَلَمَّا رَأَى اللَّه صِدْقَنَا
أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ (559) وأَنْزَلَ
عَلَيْنَا النَّصْرَ - حَتَّى اسْتَقَرَّ الإِسْلَامُ مُلْقِياً جِرَانَه (560) ومُتَبَوِّئاً أَوْطَانَه - ولَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا
أَتَيْتُمْ - مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ ولَا اخْضَرَّ لِلإِيمَانِ عُودٌ -
وايْمُ اللَّه لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً (561) ولَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً! -----------------------------
|
|||||||||||||||
57- و من كلام له في صفة رجل مذموم ثم في فضله هو عليه السلام
.
|
|||||||||||||||
57 - ومن كلام له عليهالسلام في صفة رجل مذموم ثم في
فضله هو عليهالسلام أَمَّا إِنَّه سَيَظْهَرُ (562) عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ (563) مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ (564) يَأْكُلُ مَا
يَجِدُ ويَطْلُبُ مَا لَا يَجِدُ - فَاقْتُلُوه ولَنْ تَقْتُلُوه - أَلَا
وإِنَّه سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي والْبَرَاءَةِ مِنِّي - فَأَمَّا السَّبُّ
فَسُبُّونِي فَإِنَّه لِي زَكَاةٌ ولَكُمْ نَجَاةٌ - وأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلَا
تَتَبَرَّءُوا مِنِّي - فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ وسَبَقْتُ إِلَى
الإِيمَانِ والْهِجْرَةِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
58- و من كلام له كلم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة و تنادوا
أن لا حكم إلا لله :
|
|||||||||||||||
58 - ومن كلام له عليهالسلام كلم به الخوارج حين اعتزلوا
الحكومة وتنادوا أن لا حكم إلا لله أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ (565) ولَا بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ (566) أَبَعْدَ
إِيمَانِي بِاللَّه وجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ - لَالْكُفْرِ «قَدْ
ضَلَلْتُ إِذاً وما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» - فَأُوبُوا
شَرَّ مَآبٍ (567) وارْجِعُوا عَلَى
أَثَرِ الأَعْقَابِ (568) أَمَا إِنَّكُمْ
سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلًا وسَيْفاً قَاطِعاً - وأَثَرَةً
يَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ فِيكُمْ سُنَّةً. قال الشريف قوله
عليهالسلام ولا بقي منكم آبر يروى على ثلاثة
أوجه: أحدها أن يكون كما ذكرناه
آبر بالراء - من قولهم للذي يأبر النخل أي يصلحه -. ويروى آثر وهو الذي يأثر
الحديث ويرويه - أي يحكيه وهو أصح الوجوه عندي - كأنه عليهالسلام
قال لا بقي منكم مخبر -. ويروى آبز بالزاي المعجمة وهو الواثب - والهالك أيضا
يقال له آبز -----------------------------
|
|||||||||||||||
59- و قال
لما عزم على حرب الخوارج و قيل له إن القوم عبروا جسر النهروان :
|
|||||||||||||||
59 - وقال عليهالسلام لما عزم على حرب الخوارج -
وقيل له: إن القوم عبروا جسر
النهروان! مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ -
واللَّه لَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ ولَا يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ. قال الشريف يعني
بالنطفة ماء النهر - وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيرا جما - وقد أشرنا إلى
ذلك فيما تقدم عند مضي ما أشبهه. |
|||||||||||||||
60- و قال لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير
المؤمنين هلك القوم بأجمعهم :
|
|||||||||||||||
60 - وقال عليهالسلام لما قتل الخوارج فقيل له يا
أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم كَلَّا واللَّه إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي
أَصْلَابِ الرِّجَالِ وقَرَارَاتِ النِّسَاءِ(570) كُلَّمَا نَجَمَ (571) مِنْهُمْ قَرْنٌ
قُطِعَ - حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِينَ. ----------------------------- (570) قَرارات النساء:
كناية عن الأرحام (571)
«كُلَّما نَجَمَ منهم قَرْنٌ قُطِعَ»: كلما ظهر أو طلع منهم رئيس
قتل. |
|||||||||||||||
61- و قال
عليه السلام :
|
|||||||||||||||
61 - وقال عليهالسلام لَا تُقَاتِلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِي -
فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَه - كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ
فَأَدْرَكَه. قال الشريف - يعني
معاوية وأصحابه. |
|||||||||||||||
62- و من كلام له لما خوف من الغيلة :
|
|||||||||||||||
62 - ومن كلام له عليهالسلام لما خوف من الغيلة(572) وإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللَّه جُنَّةً (573) حَصِينَةً - فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وأَسْلَمَتْنِي
- فَحِينَئِذٍ لَا يَطِيشُ السَّهْمُ (574) ولَا يَبْرَأُ الْكَلْمُ (575). -----------------------------
|
|||||||||||||||
63- و من خطبة له يحذر من فتنة الدنيا :
|
|||||||||||||||
63 - ومن خطبة له عليهالسلام يحذر من فتنة الدنيا أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لَا
يُسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا فِيهَا - ولَا يُنْجَى بِشَيْءٍ كَانَ لَهَا -
ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً - فَمَا أَخَذُوه مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا
مِنْه وحُوسِبُوا عَلَيْه - ومَا أَخَذُوه مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْه
وأَقَامُوا فِيه - فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَيْءِ الظِّلِّ -
بَيْنَا تَرَاه سَابِغاً (576) حَتَّى قَلَصَ (577) وزَائِداً حَتَّى نَقَصَ. ----------------------------- (576) سابغاً:
ممتدا ساترا للأرض. (577)
قَلَصَ: انقبض. |
|||||||||||||||
64- و من خطبة له في المبادرة إلى صالح الأعمال :
|
|||||||||||||||
64 - ومن خطبة له عليهالسلام في المبادرة إلى صالح
الأعمال فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه
وبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ (578) وابْتَاعُوا (579) مَا يَبْقَى
لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ وتَرَحَّلُوا (580) فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ (581) واسْتَعِدُّوا
لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ (582) وكُونُوا قَوْماً
صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا - وعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ
بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً
ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى (583) ومَا بَيْنَ
أَحَدِكُمْ وبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ - إِلَّا الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ
بِه - وإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ وتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ -
لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ - وإِنَّ غَائِباً يَحْدُوه (584) الْجَدِيدَانِ - اللَّيْلُ والنَّهَارُ لَحَرِيٌّ (585) بِسُرْعَةِ الأَوْبَةِ (586) وإِنَّ قَادِماً
يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ - لَمُسْتَحِقٌّ لأَفْضَلِ الْعُدَّةِ -
فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا - مَا تَحْرُزُونَ بِه
أَنْفُسَكُمْ غَداً (587) فَاتَّقَى عَبْدٌ
رَبَّه نَصَحَ نَفْسَه وقَدَّمَ تَوْبَتَه وغَلَبَ شَهْوَتَه - فَإِنَّ أَجَلَه
مَسْتُورٌ عَنْه وأَمَلَه خَادِعٌ لَه - والشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِه يُزَيِّنُ
لَه الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا - ويُمَنِّيه التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا (588) إِذَا هَجَمَتْ مَنِيَّتُه عَلَيْه أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا -
فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُه عَلَيْه
حُجَّةً - وأَنْ تُؤَدِّيَه أَيَّامُه إِلَى الشِّقْوَةِ - نَسْأَلُ اللَّه
سُبْحَانَه - أَنْ يَجْعَلَنَا وإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُه نِعْمَةٌ (589) ولَا تُقَصِّرُ بِه عَنْ طَاعَةِ رَبِّه غَايَةٌ - ولَا تَحُلُّ بِه
بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ ولَا كَآبَةٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
65- و من خطبة له و فيها مباحث لطيفة من العلم
الإلهي:
|
|||||||||||||||
65 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها مباحث لطيفة من العلم
الإلهي الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ
لَه حَالٌ حَالًا - فَيَكُونَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً - ويَكُونَ
ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً - كُلُّ مُسَمًّى بِالْوَحْدَةِ غَيْرَه
قَلِيلٌ - وكُلُّ عَزِيزٍ غَيْرَه ذَلِيلٌ وكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرَه ضَعِيفٌ -
وكُلُّ مَالِكٍ غَيْرَه مَمْلُوكٌ وكُلُّ عَالِمٍ غَيْرَه مُتَعَلِّمٌ - وكُلُّ
قَادِرٍ غَيْرَه يَقْدِرُ ويَعْجَزُ - وكُلُّ سَمِيعٍ غَيْرَه يَصَمُّ (590) عَنْ لَطِيفِ الأَصْوَاتِ - ويُصِمُّه كَبِيرُهَا ويَذْهَبُ عَنْه مَا
بَعُدَ مِنْهَا - وكُلُّ بَصِيرٍ غَيْرَه يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الأَلْوَانِ
ولَطِيفِ الأَجْسَامِ - وكُلُّ ظَاهِرٍ غَيْرَه بَاطِنٌ وكُلُّ بَاطِنٍ غَيْرَه
غَيْرُ ظَاهِرٍ - لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَه لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ - ولَا
تَخَوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَانٍ - ولَا اسْتِعَانَةٍ عَلَى نِدٍّ (591) مُثَاوِرٍ(592) ولَا شَرِيكٍ
مُكَاثِرٍ (593) ولَا ضِدٍّ
مُنَافِرٍ (594) ولَكِنْ خَلَائِقُ
مَرْبُوبُونَ (595) وعِبَادٌ
دَاخِرُونَ(596) لَمْ يَحْلُلْ فِي
الأَشْيَاءِ فَيُقَالَ هُوَ كَائِنٌ - ولَمْ يَنْأَ (597) عَنْهَا فَيُقَالَ هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ (598) لَمْ يَؤُدْه (599) خَلْقُ مَا
ابْتَدَأَ - ولَا تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ (600) ولَا وَقَفَ بِه عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ - ولَا وَلَجَتْ (601) عَلَيْه شُبْهَةٌ فِيمَا قَضَى وقَدَّرَ - بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ
وعِلْمٌ مُحْكَمٌ - وأَمْرٌ مُبْرَمٌ (602) الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ - الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
66- و من كلام له في تعليم الحرب و المقاتلة و المشهور أنه
قاله لأصحابه ليلة الهرير أو أول اللقاء بصفين :
|
|||||||||||||||
66 - ومن كلام له عليهالسلام في تعليم الحرب والمقاتلة والمشهور أنه قاله لأصحابه
ليلة الهرير أو أول اللقاء بصفين مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَشْعِرُوا
الْخَشْيَةَ (603) وتَجَلْبَبُوا (604) السَّكِينَةَ وعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ (605) فَإِنَّه أَنْبَى (606) لِلسُّيُوفِ عَنِ
الْهَامِ (607) وأَكْمِلُوا
اللأْمَةَ (608) وقَلْقِلُوا (609) السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا (610) قَبْلَ سَلِّهَا - والْحَظُوا الْخَزْرَ (611) واطْعُنُوا الشَّزْرَ (612) ونَافِحُوا
بِالظُّبَى (613) وصِلُوا
السُّيُوفَ بِالْخُطَا (614) واعْلَمُوا
أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللَّه ومَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّه - فَعَاوِدُوا
الْكَرَّ واسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ (615) فَإِنَّه عَارٌ فِي الأَعْقَابِ (616) ونَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ - وطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً -
وامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً (617) وعَلَيْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الأَعْظَمِ والرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ (618) فَاضْرِبُوا ثَبَجَه (619) فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فِي كِسْرِه(620) وقَدْ قَدَّمَ
لِلْوَثْبَةِ يَداً وأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا - فَصَمْداً صَمْداً (621) حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ - «وأَنْتُمُ
الأَعْلَوْنَ والله مَعَكُمْ ولَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ» (622). -----------------------------
|
|||||||||||||||
67- و من كلام له قالوا لما انتهت إلى أمير المؤمنين أنباء
السقيفة بعد وفاة رسول الله قال ما قالت
الأنصار
|
|||||||||||||||
67 - ومن كلام له عليهالسلام قالوا لما انتهت إلى أمير
المؤمنين عليهالسلام أنباء السقيفة (623) بعد
وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله
قال عليهالسلام: (623)
سقيفة بني ساعدة: اجتمع فيها الصحابة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لاختيار خليفة له.
ما قالت الأنصار قالوا قالت منا
أمير ومنكم أمير قال عليهالسلام: فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ -
بِأَنَّ رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله وَصَّى بِأَنْ
يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ - ويُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ قَالُوا ومَا فِي هَذَا مِنَ الْحُجَّةِ
عَلَيْهِمْ فَقَالَ عليهالسلام:
لَوْ كَانَ الإِمَامَةُ فِيهِمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ. ثُمَّ قَالَ عليهالسلام: فَمَا ذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ - قَالُوا
احْتَجَّتْ بِأَنَّهَا شَجَرَةُ الرَّسُولِ صلىاللهعليهوآله -
فَقَالَ عليهالسلام احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وأَضَاعُوا
الثَّمَرَةَ. |
|||||||||||||||
68- و من كلام له لما قلد محمد بن أبي بكر مصر
فملكت عليه و قتل :
|
|||||||||||||||
68 - ومن كلام له عليهالسلام لما قلد محمد بن أبي بكر
مصر - فملكت عليه وقتل وقَدْ أَرَدْتُ تَوْلِيَةَ مِصْرَ هَاشِمَ
بْنَ عُتْبَةَ - ولَوْ وَلَّيْتُه إِيَّاهَا لَمَّا خَلَّى لَهُمُ الْعَرْصَةَ(624) ولَا أَنْهَزَهُمُ الْفُرْصَةَ بِلَا ذَمٍّ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي
بَكْرٍ - فَلَقَدْ كَانَ إِلَيَّ حَبِيباً وكَانَ لِي رَبِيباً. ----------------------------- (624) العَرْصَة: كل
بقعة واسعة بين الدّور. والمراد ما جعل لهم مجالا للمغالبة. وأراد بالعرصة عرصة
مصر وكان محمد قد فر من عدوّه ظنّا منه أنه ينجو بنفسه فأدركوه وقتلوه. |
|||||||||||||||
69- و من كلام له في توبيخ بعض أصحابه :
|
|||||||||||||||
69 - ومن كلام له عليهالسلام في توبيخ بعض أصحابه كَمْ أُدَارِيكُمْ كَمَا تُدَارَى
الْبِكَارُ الْعَمِدَةُ (625) والثِّيَابُ
الْمُتَدَاعِيَةُ (626)! كُلَّمَا حِيصَتْ (627) مِنْ جَانِبٍ تَهَتَّكَتْ (628) مِنْ آخَرَ -
كُلَّمَا أَطَلَّ عَلَيْكُمْ مَنْسِرٌ (629) مِنْ مَنَاسِرِ أَهْلِ الشَّامِ - أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ
بَابَه - وانْجَحَرَ (630) انْجِحَارَ
الضَّبَّةِ فِي جُحْرِهَا والضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا (631) الذَّلِيلُ واللَّه مَنْ نَصَرْتُمُوه - ومَنْ رُمِيَ بِكُمْ فَقَدْ
رُمِيَ بِأَفْوَقَ نَاصِلٍ (632) إِنَّكُمْ واللَّه
لَكَثِيرٌ فِي الْبَاحَاتِ (633) قَلِيلٌ تَحْتَ
الرَّايَاتِ - وإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ ويُقِيمُ أَوَدَكُمْ (634) ولَكِنِّي لَا أَرَى إِصْلَاحَكُمْ بِإِفْسَادِ نَفْسِي - أَضْرَعَ
اللَّه خُدُودَكُمْ (635) وأَتْعَسَ جُدُودَكُمْ
(636) لَا تَعْرِفُونَ
الْحَقَّ كَمَعْرِفَتِكُمُ الْبَاطِلَ - ولَا تُبْطِلُونَ الْبَاطِلَ
كَإِبْطَالِكُمُ الْحَقَّ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
70- و قال
في سحرة اليوم الذي ضرب فيه :
|
|||||||||||||||
70 - وقال عليهالسلام في سحرة (637) اليوم
الذي ضرب فيه مَلَكَتْنِي عَيْنِي (638) وأَنَا جَالِسٌ - فَسَنَحَ (639) لِي رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه - مَا
ذَا لَقِيتُ مِنْ أُمَّتِكَ مِنَ الأَوَدِ واللَّدَدِ فَقَالَ ادْعُ عَلَيْهِمْ
- فَقُلْتُ أَبْدَلَنِي اللَّه بِهِمْ خَيْراً مِنْهُمْ - وأَبْدَلَهُمْ بِي
شَرّاً لَهُمْ مِنِّي. قال الشريف - يعني
بالأود الاعوجاج وباللدد الخصام - وهذا من أفصح الكلام. ----------------------------- (638) مَلَكَتْني عَيْني:
غلبني النوم. (639)
سنح لي رسول الله: مرّ بي كما تسنح الظباء والطير. |
|||||||||||||||
71- و من خطبة له في ذم أهل العراق و فيها يوبخهم على ترك
القتال و النصر يكاد يتم ثم تكذيبهم له :
|
|||||||||||||||
71 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم أهل العراق وفيها يوبخهم على ترك
القتال والنصر يكاد يتم ثم تكذيبهم له أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ
فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ - حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ
أَمْلَصَتْ (640) ومَاتَ قَيِّمُهَا
(641) وطَالَ
تَأَيُّمُهَا (642) ووَرِثَهَا
أَبْعَدُهَا -. أَمَا واللَّه مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً - ولَكِنْ جِئْتُ
إِلَيْكُمْ سَوْقاً - ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ
قَاتَلَكُمُ اللَّه تَعَالَى - فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَعَلَى اللَّه فَأَنَا
أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِه - أَمْ عَلَى نَبِيِّه فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَه -
كَلَّا واللَّه لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا - ولَمْ تَكُونُوا مِنْ
أَهْلِهَا - وَيْلُ أُمِّه (643) كَيْلًا بِغَيْرِ
ثَمَنٍ لَوْ كَانَ لَه وِعَاءٌ - «ولَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَه بَعْدَ حِينٍ». -----------------------------
|
|||||||||||||||
72- و من خطبة له علَّم فيها الناس الصلاة على النبي و
فيها بيان صفات الله سبحانه و صفة النبي
و
|
|||||||||||||||
صفات الله
|
|||||||||||||||
72 - ومن خطبة له عليهالسلام علم فيها الناس الصلاة على
النبي صلىاللهعليهوآله وفيها بيان صفات الله
سبحانه وصفة النبي والدعاء له صفات الله اللَّهُمَّ دَاحِيَ الْمَدْحُوَّاتِ (644) ودَاعِمَ الْمَسْمُوكَاتِ (645) وجَابِلَ
الْقُلُوبِ (646) عَلَى فِطْرَتِهَا
(647) شَقِيِّهَا
وسَعِيدِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفات النبي
|
|||||||||||||||
صفات النبي اجْعَلْ شَرَائِفَ (648) صَلَوَاتِكَ - ونَوَامِيَ (649) بَرَكَاتِكَ عَلَى
مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسُولِكَ - الْخَاتِمِ (650) لِمَا سَبَقَ والْفَاتِحِ لِمَا انْغَلَقَ (651) والْمُعْلِنِ الْحَقَّ بِالْحَقِّ والدَّافِعِ جَيْشَاتِ الأَبَاطِيلِ(652) والدَّامِغِ صَوْلَاتِ الأَضَالِيلِ (653) كَمَا حُمِّلَ فَاضْطَلَعَ (654) قَائِماً
بِأَمْرِكَ مُسْتَوْفِزاً (655) فِي مَرْضَاتِكَ -
غَيْرَ نَاكِلٍ (656) عَنْ قُدُمٍ (657) ولَا وَاه (658) فِي عَزْمٍ - وَاعِياً
(659) لِوَحْيِكَ
حَافِظاً لِعَهْدِكَ - مَاضِياً عَلَى نَفَاذِ أَمْرِكَ حَتَّى أَوْرَى قَبَسَ
الْقَابِسِ (660) وأَضَاءَ
الطَّرِيقَ لِلْخَابِطِ (661) وهُدِيَتْ بِه
الْقُلُوبُ بَعْدَ خَوْضَاتِ (662) الْفِتَنِ
والآثَامِ - وأَقَامَ بِمُوضِحَاتِ الأَعْلَامِ (663) ونَيِّرَاتِ الأَحْكَامِ - فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ وخَازِنُ
عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ (664) وشَهِيدُكَ (665) يَوْمَ الدِّينِ وبَعِيثُكَ (666) بِالْحَقِّ - ورَسُولُكَ إِلَى الْخَلْقِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الدعاء للنبي
|
|||||||||||||||
الدعاء للنبي اللَّهُمَّ افْسَحْ لَه مَفْسَحاً فِي
ظِلِّكَ (667) واجْزِه
مُضَاعَفَاتِ الْخَيْرِ (668) مِنْ فَضْلِكَ -
اللَّهُمَّ وأَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَه - وأَكْرِمْ لَدَيْكَ
مَنْزِلَتَه وأَتْمِمْ لَه نُورَه - واجْزِه مِنِ ابْتِعَاثِكَ لَه مَقْبُولَ
الشَّهَادَةِ - مَرْضِيَّ الْمَقَالَةِ ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ وخُطْبَةٍ فَصْلٍ -
اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا وبَيْنَه فِي بَرْدِ الْعَيْشِ وقَرَارِ
النِّعْمَةِ (669) ومُنَى
الشَّهَوَاتِ (670) وأَهْوَاءِ
اللَّذَّاتِ ورَخَاءِ الدَّعَةِ (671) ومُنْتَهَى
الطُّمَأْنِينَةِ وتُحَفِ الْكَرَامَةِ (672). -----------------------------
|
|||||||||||||||
73- و من كلام له قاله لمروان بن الحكم بالبصرة :
|
|||||||||||||||
73 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لمروان بن الحكم
بالبصرة قَالُوا: أُخِذَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ
أَسِيراً يَوْمَ الْجَمَلِ - فَاسْتَشْفَعَ (673) الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ عليهالسلام إِلَى أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام - فَكَلَّمَاه فِيه فَخَلَّى سَبِيلَه
فَقَالَا لَه - يُبَايِعُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عليهالسلام: أَولَمْ يُبَايِعْنِي بَعْدَ قَتْلِ
عُثْمَانَ - لَا حَاجَةَ لِي فِي بَيْعَتِه إِنَّهَا كَفٌّ يَهُودِيَّةٌ (674) لَوْ بَايَعَنِي بِكَفِّه لَغَدَرَ بِسَبَّتِه (675) أَمَا إِنَّ لَه إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَه - وهُوَ أَبُو
الأَكْبُشِ الأَرْبَعَةِ (676) وسَتَلْقَى
الأُمَّةُ مِنْه ومِنْ وَلَدِه يَوْماً أَحْمَرَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
74- و من خطبة له لما عزموا على بيعة عثمان :
|
|||||||||||||||
74 - ومن خطبة له عليهالسلام لما عزموا على بيعة عثمان لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقُّ
النَّاسِ بِهَا مِنْ غَيْرِي - ووَ اللَّه لأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ
الْمُسْلِمِينَ - ولَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً - الْتِمَاساً
لأَجْرِ ذَلِكَ وفَضْلِه - وزُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوه مِنْ زُخْرُفِه
وزِبْرِجِه (677). ----------------------------- (677) زُخْرُفُه وزِبْرِجه: أصل
الزخرف: الذهب وكذلك الزبرج - بكسرتين بينهما سكون - ثم أطلق على كل مموّه مزوّر
وأغلب ما يقال الزّبرج على الزينة ومن وشي أو جوهر. |
|||||||||||||||
75- و من كلام له لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم
عثمان :
|
|||||||||||||||
75 - ومن كلام له عليهالسلام لما بلغه اتهام بني أمية له
- بالمشاركة في دم عثمان أَولَمْ يَنْه بَنِي أُمَيَّةَ عِلْمُهَا
بِي عَنْ قَرْفِي (678) أَومَا وَزَعَ
الْجُهَّالَ سَابِقَتِي عَنْ تُهَمَتِي - ولَمَا وَعَظَهُمُ اللَّه بِه أَبْلَغُ
مِنْ لِسَانِي - أَنَا حَجِيجُ الْمَارِقِينَ (679) وخَصِيمُ النَّاكِثِينَ الْمُرْتَابِينَ (680) وعَلَى كِتَابِ اللَّه تُعْرَضُ الأَمْثَالُ (681) وبِمَا فِي الصُّدُورِ تُجَازَى الْعِبَادُ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
76- و من خطبة له في الحث على العمل الصالح :
|
|||||||||||||||
76 - ومن خطبة له عليهالسلام في الحث على العمل الصالح رَحِمَ اللَّه امْرَأً سَمِعَ حُكْماً (682) فَوَعَى(683) ودُعِيَ إِلَى
رَشَادٍ فَدَنَا (684) وأَخَذَ
بِحُجْزَةِ (685) هَادٍ فَنَجَا -
رَاقَبَ رَبَّه وخَافَ ذَنْبَه قَدَّمَ خَالِصاً وعَمِلَ صَالِحاً - اكْتَسَبَ
مَذْخُوراً (686) واجْتَنَبَ
مَحْذُوراً - ورَمَى غَرَضاً وأَحْرَزَ عِوَضاً كَابَرَ هَوَاه (687) وكَذَّبَ مُنَاه - جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِه والتَّقْوَى
عُدَّةَ وَفَاتِه - رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ (688) ولَزِمَ الْمَحَجَّةَ (689) الْبَيْضَاءَ -
اغْتَنَمَ الْمَهَلَ (690) وبَادَرَ الأَجَلَ
وتَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
77- و من كلام له و ذلك حين منعه سعيد بن العاص حقه :
|
|||||||||||||||
77 - ومن كلام له عليهالسلام وذلك حين منعه سعيد بن
العاص حقه إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونَنِي
تُرَاثَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله تَفْوِيقاً -
واللَّه لَئِنْ بَقِيتُ لَهُمْ - لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ اللَّحَّامِ
الْوِذَامَ التَّرِبَةَ! قال
الشريف - ويروى التراب الوذمة وهو على القلب (691). (691)
هو على القلب: المراد من هذه الرواية مقلوبها وعكسها. قال الشريف وقوله عليهالسلام
ليفوقونني
- أي يعطونني من المال قليلا كفواق الناقة - وهو الحلبة الواحدة من لبنها -.
والوذام جمع وذمة - وهي الحزة من الكرش
أو الكبد تقع في التراب فتنفض. (692)
الحُزّة: - بالضم - القطعة وفسر صاحب القاموس «الوذمة» بمجموع المعى
والكرش. |
|||||||||||||||
78- من كلمات كان يدعو بها :
|
|||||||||||||||
78 - من كلمات كان عليهالسلام من كلمات كان عليهالسلام
يدعو بها اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَنْتَ
أَعْلَمُ بِه مِنِّي - فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ -
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا وَأَيْتُ (693) مِنْ نَفْسِي ولَمْ تَجِدْ لَه وَفَاءً عِنْدِي - اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِي مَا تَقَرَّبْتُ بِه إِلَيْكَ بِلِسَانِي - ثُمَّ خَالَفَه قَلْبِي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رَمَزَاتِ الأَلْحَاظِ (694) وسَقَطَاتِ الأَلْفَاظِ (695) وشَهَوَاتِ
الْجَنَانِ(696) وهَفَوَاتِ
اللِّسَانِ(697). -----------------------------
|
|||||||||||||||
79- و من كلام له قاله لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى
الخوارج
|
|||||||||||||||
79 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لبعض أصحابه - لما عزم
على المسير إلى الخوارج وقد قال له: إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت خشيت
ألا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم فقال عليهالسلام: أَتَزْعُمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى
السَّاعَةِ - الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنْه السُّوءُ - وتُخَوِّفُ
مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا حَاقَ بِه الضُّرُّ (698) فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ - واسْتَغْنَى
عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّه - فِي نَيْلِ الْمَحْبُوبِ ودَفْعِ الْمَكْرُوه -
وتَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ - أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ
دُونَ رَبِّه - لأَنَّكَ بِزَعْمِكَ أَنْتَ هَدَيْتَه إِلَى السَّاعَةِ -
الَّتِي نَالَ فِيهَا النَّفْعَ وأَمِنَ الضُّرَّ. ----------------------------- (698) حاقَ به الضرّ:
أحاط به.
ثم أقبل عليهالسلام
على الناس فقال: أَيُّهَا النَّاسُ - إِيَّاكُمْ
وتَعَلُّمَ النُّجُومِ إِلَّا مَا يُهْتَدَى بِه فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ -
فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ - والْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ
والْكَاهِنُ(699) كَالسَّاحِرِ
والسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ - والْكَافِرُ فِي النَّارِ سِيرُوا عَلَى اسْمِ
اللَّه. ----------------------------- (699) الكاهن: من
يدّعي كشف الغيب. |
|||||||||||||||
80- و من خطبة له بعد فراغه من حرب الجمل في ذم النساء ببيان نقصهن
:
|
|||||||||||||||
80 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد فراغه من حرب الجمل في
ذم النساء ببيان نقصهن مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ
نَوَاقِصُ الإِيمَانِ - نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ - فَأَمَّا
نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ - فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ والصِّيَامِ فِي
أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ - وأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ - فَشَهَادَةُ
امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ - وأَمَّا نُقْصَانُ
حُظُوظِهِنَّ - فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ
- فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وكُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ -
ولَا تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ. |
|||||||||||||||
81- و من كلام له في الزهد :
|
|||||||||||||||
81 و - من كلام له عليهالسلام في الزهد أَيُّهَا النَّاسُ الزَّهَادَةُ قِصَرُ
الأَمَلِ - والشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ والتَّوَرُّعُ(700) عِنْدَ الْمَحَارِمِ - فَإِنْ عَزَبَ (701) ذَلِكَ عَنْكُمْ فَلَا يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَكُمْ - ولَا
تَنْسَوْا عِنْدَ النِّعَمِ شُكْرَكُمْ - فَقَدْ أَعْذَرَ (702) اللَّه إِلَيْكُمْ بِحُجَجٍ مُسْفِرَةٍ (703) ظَاهِرَةٍ - وكُتُبٍ بَارِزَةِ الْعُذْرِ (704) وَاضِحَةٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
82- و من كلام له في ذم صفة الدنيا :
|
|||||||||||||||
82 - ومن كلام له عليهالسلام في ذم صفة الدنيا مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ(705) وآخِرُهَا فَنَاءٌ - فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ -
مَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ - ومَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ ومَنْ سَاعَاهَا
(706) فَاتَتْه - ومَنْ
قَعَدَ عَنْهَا وَاتَتْه (707)ومَنْ أَبْصَرَ
بِهَا بَصَّرَتْه - ومَنْ أَبْصَرَ إِلَيْهَا أَعْمَتْه. قال الشريف -
أقول وإذا تأمل المتأمل قوله عليهالسلام ومن أبصر بها بصرته - وجد تحته من
المعنى العجيب والغرض البعيد - ما لا تبلغ غايته ولا يدرك غوره - لا سيما إذا
قرن إليه قوله ومن أبصر إليها أعمته - فإنه يجد الفرق بين أبصر بها - وأبصر
إليها واضحا نيرا وعجيبا باهرا! ----------------------------- (705) العناء:
التعب. (706)
ساعاها: جاراها سعيا. (707)
واتَتْه: طاوعته. |
|||||||||||||||
83- و من خطبة له و هي الخطبة العجيبة تسمى "الغراء"
و فيها نعوت اللّه جل شأنه ثم
|
|||||||||||||||
صفته جل شأنه
|
|||||||||||||||
83 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي الخطبة العجيبة تسمى
«الغراء» وفيها نعوت اللَّه جل شأنه
ثم الوصية بتقواه ثم التنفير من الدنيا ثم ما يلحق من دخول القيامة ثم تنبيه الخلق إلى
ما هم فيه من الأعراض ثم فضله عليهالسلام في
التذكير صفته جل شأنه الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي عَلَا بِحَوْلِه
(708) ودَنَا بِطَوْلِه (709) مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وفَضْلٍ وكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وأَزْلٍ (710) أَحْمَدُه عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِه وسَوَابِغِ نِعَمِه (711) وأُومِنُ بِه أَوَّلًا بَادِياً (712) وأَسْتَهْدِيه قَرِيباً هَادِياً - وأَسْتَعِينُه قَاهِراً قَادِراً
وأَتَوَكَّلُ عَلَيْه كَافِياً نَاصِراً - وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
عَبْدُه ورَسُولُه - أَرْسَلَه لإِنْفَاذِ أَمْرِه وإِنْهَاءِ عُذْرِه (713) وتَقْدِيمِ نُذُرِه (714). -----------------------------
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه الَّذِي ضَرَبَ الأَمْثَالَ (715) ووَقَّتَ لَكُمُ
الآجَالَ (716) وأَلْبَسَكُمُ
الرِّيَاشَ (717) وأَرْفَغَ لَكُمُ
الْمَعَاشَ (718) وأَحَاطَ بِكُمُ
الإِحْصَاءَ (719) وأَرْصَدَ لَكُمُ
الْجَزَاءَ (720) وآثَرَكُمْ
بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ والرِّفَدِ (721) الرَّوَافِغِ (722) وأَنْذَرَكُمْ
بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ (723) فَأَحْصَاكُمْ
عَدَداً - ووَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً (724) فِي قَرَارِ
خِبْرَةٍ (725) ودَارِ
عِبْرَةٍ - أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا ومُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التنفير من الدنيا
|
|||||||||||||||
التنفير من الدنيا فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ (726) مَشْرَبُهَا رَدِغٌ (727) مَشْرَعُهَا -
يُونِقُ (728) مَنْظَرُهَا
ويُوبِقُ (729) مَخْبَرُهَا -
غُرُورٌ حَائِلٌ (730) وضَوْءٌ آفِلٌ (731) وظِلٌّ زَائِلٌ وسِنَادٌ مَائِلٌ (732) حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا واطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا(733) قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا (734) وقَنَصَتْ
بِأَحْبُلِهَا (735) وأَقْصَدَتْ (736) بِأَسْهُمِهَا وأَعْلَقَتِ (737) الْمَرْءَ
أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ (738) قَائِدَةً لَه
إِلَى ضَنْكِ الْمَضْجَعِ (739) ووَحْشَةِ
الْمَرْجِعِ - ومُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ (740) وثَوَابِ الْعَمَلِ (741). وكَذَلِكَ
الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ (742) لَا تُقْلِعُ
الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً (743) ولَا يَرْعَوِي
الْبَاقُونَ (744) اجْتِرَاماً (745) يَحْتَذُونَ مِثَالًا (746) ويَمْضُونَ
أَرْسَالًا (747) إِلَى غَايَةِ
الِانْتِهَاءِ وصَيُّورِ الْفَنَاءِ (748). -----------------------------
|
|||||||||||||||
بعد الموت البعث
|
|||||||||||||||
بعد الموت البعث حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الأُمُورُ -
وتَقَضَّتِ الدُّهُورُ وأَزِفَ النُّشُورُ (749) أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ (750) الْقُبُورِ وأَوْكَارِ الطُّيُورِ - وأَوْجِرَةِ (751) السِّبَاعِ ومَطَارِحِ الْمَهَالِكِ سِرَاعاً إِلَى أَمْرِه -
مُهْطِعِينَ (752) إِلَى مَعَادِه
رَعِيلًا صُمُوتاً (753) قِيَاماً صُفُوفاً
- يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ (754) ويُسْمِعُهُمُ
الدَّاعِي - عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الِاسْتِكَانَةِ (755) وضَرَعُ (756) الِاسْتِسْلَامِ
والذِّلَّةِ - قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ وانْقَطَعَ الأَمَلُ وهَوَتِ الأَفْئِدَةُ
(757) كَاظِمَةً (758) وخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً (759) وأَلْجَمَ الْعَرَقُ (760) وعَظُمَ الشَّفَقُ
(761) وأُرْعِدَتِ (762) الأَسْمَاعُ - لِزَبْرَةِ الدَّاعِي (763) إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ (764) ومُقَايَضَةِ (765) الْجَزَاءِ - ونَكَالِ (766) الْعِقَابِ
ونَوَالِ الثَّوَابِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
تنبيه الخلق
|
|||||||||||||||
تنبيه الخلق عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً
ومَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً (767) ومَقْبُوضُونَ
احْتِضَاراً (768) ومُضَمَّنُونَ
أَجْدَاثاً (769) وكَائِنُونَ
رُفَاتاً (770) ومَبْعُوثُونَ
أَفْرَاداً ومَدِينُونَ جَزَاءً (771) ومُمَيَّزُونَ
حِسَاباً (772) قَدْ أُمْهِلُوا
فِي طَلَبِ الْمَخْرَجِ وهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ (773) وعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ (774) وكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ(775)وخُلُّوا لِمِضْمَارِ الْجِيَادِ (776) ورَوِيَّةِ الِارْتِيَادِ(777)وأَنَاةِ
الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ (778) فِي مُدَّةِ
الأَجَلِ ومُضْطَرَبِ الْمَهَلِ (779). -----------------------------
|
|||||||||||||||
فضل التذكير
|
|||||||||||||||
فضل التذكير فَيَا لَهَا أَمْثَالًا صَائِبَةً (780) ومَوَاعِظَ شَافِيَةً - لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زَاكِيَةً وأَسْمَاعاً
وَاعِيَةً - وآرَاءً عَازِمَةً وأَلْبَاباً حَازِمَةً - فَاتَّقُوا اللَّه
تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ واقْتَرَفَ (781) فَاعْتَرَفَ - ووَجِلَ (782) فَعَمِلَ وحَاذَرَ
فَبَادَرَ (783) وأَيْقَنَ
فَأَحْسَنَ وعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ(784)وحُذِّرَ فَحَذِرَ
وزُجِرَ فَازْدَجَرَ (785) وأَجَابَ
فَأَنَابَ (786) ورَاجَعَ فَتَابَ
واقْتَدَى فَاحْتَذَى (787) وأُرِيَ فَرَأَى
فَأَسْرَعَ طَالِباً ونَجَا هَارِباً - فَأَفَادَ ذَخِيرَةً (788) وأَطَابَ سَرِيرَةً وعَمَّرَ مَعَاداً - واسْتَظْهَرَ زَاداً (789) لِيَوْمِ رَحِيلِه ووَجْه سَبِيلِه (790) وحَالِ حَاجَتِه - ومَوْطِنِ فَاقَتِه وقَدَّمَ أَمَامَه لِدَارِ
مُقَامِه - فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَه -
واحْذَرُوا مِنْه كُنْه مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِه - واسْتَحِقُّوا مِنْه مَا
أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ (791) لِصِدْقِ
مِيعَادِه - والْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التذكير بضروب النعم
|
|||||||||||||||
التذكير بضروب النعم ومنها: جَعَلَ لَكُمْ أَسْمَاعاً لِتَعِيَ
مَا عَنَاهَا (792) وأَبْصَاراً
لِتَجْلُوَ (793) عَنْ عَشَاهَا (794) وأَشْلَاءً (795) جَامِعَةً
لأَعْضَائِهَا - مُلَائِمَةً لأَحْنَائِهَا (796) فِي تَرْكِيبِ صُوَرِهَا ومُدَدِ عُمُرِهَا - بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ
بِأَرْفَاقِهَا (797) وقُلُوبٍ
رَائِدَةٍ (798) لأَرْزَاقِهَا -
فِي مُجَلِّلَاتِ (799) نِعَمِه
ومُوجِبَاتِ مِنَنِه وحَوَاجِزِ (800) عَافِيَتِه -
وقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ - وخَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ
آثَارِ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ - مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلَاقِهِمْ (801) ومُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ (802) أَرْهَقَتْهُمُ
الْمَنَايَا (803) دُونَ الآمَالِ
وشَذَّبَهُمْ عَنْهَا (804) تَخَرُّمُ (805) الآجَالِ - لَمْ يَمْهَدُوا (806) فِي سَلَامَةِ الأَبْدَانِ - ولَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ (807) الأَوَانِ فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ (808) الشَّبَابِ إِلَّا حَوَانِيَ الْهَرَمِ - وأَهْلُ غَضَارَةِ (809) الصِّحَّةِ إِلَّا نَوَازِلَ السَّقَمِ - وأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ
إِلَّا آوِنَةَ الْفَنَاءِ مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ (810) وأُزُوفِ (811) الِانْتِقَالِ
وعَلَزِ (812) الْقَلَقِ وأَلَمِ
الْمَضَضِ (813) وغُصَصِ الْجَرَضِ
(814) وتَلَفُّتِ
الِاسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ والأَقْرِبَاءِ - والأَعِزَّةِ
والْقُرَنَاءِ فَهَلْ دَفَعَتِ الأَقَارِبُ - أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ (815) وقَدْ غُودِرَ (816) فِي مَحَلَّةِ
الأَمْوَاتِ رَهِيناً (817) وفِي ضِيقِ
الْمَضْجَعِ وَحِيداً قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ (818) جِلْدَتَه - وأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ (819) جِدَّتَه وعَفَتِ (820) الْعَوَاصِفُ
آثَارَه - ومَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَه (821) وصَارَتِ الأَجْسَادُ شَحِبَةً (822) بَعْدَ بَضَّتِهَا (823) والْعِظَامُ
نَخِرَةً (824) بَعْدَ قُوَّتِهَا
- والأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا (825) مُوقِنَةً بِغَيْبِ أَنْبَائِهَا لَا تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ
عَمَلِهَا - ولَا تُسْتَعْتَبُ (826) مِنْ سَيِّئِ
زَلَلِهَا (827) أَولَسْتُمْ
أَبْنَاءَ الْقَوْمِ والآبَاءَ وإِخْوَانَهُمْ والأَقْرِبَاءَ - تَحْتَذُونَ
أَمْثِلَتَهُمْ وتَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ (828) وتَطَئُونَ جَادَّتَهُمْ (829) فَالْقُلُوبُ
قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا لَاهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا - سَالِكَةٌ فِي غَيْرِ
مِضْمَارِهَا كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا (830) وكَأَنَّ الرُّشْدَ فِي إِحْرَازِ دُنْيَاهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
التحذير من هول الصراط
|
|||||||||||||||
التحذير من هول الصراط واعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ (831) عَلَى الصِّرَاطِ ومَزَالِقِ دَحْضِه (832) وأَهَاوِيلِ زَلَلِه وتَارَاتِ أَهْوَالِه (833) فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه - تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ
التَّفَكُّرُ قَلْبَه - وأَنْصَبَ (834) الْخَوْفُ بَدَنَه
وأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ(835) نَوْمِه -
وأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ (836) يَوْمِه وظَلَفَ (837) الزُّهْدُ شَهَوَاتِه - وأَوْجَفَ (838) الذِّكْرُ بِلِسَانِه وقَدَّمَ الْخَوْفَ لأَمَانِه - وتَنَكَّبَ (839) الْمَخَالِجَ (840) عَنْ وَضَحِ (841) السَّبِيلِ - وسَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ (842) إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ - ولَمْ تَفْتِلْه (843) فَاتِلَاتُ الْغُرُورِ - ولَمْ تَعْمَ (844) عَلَيْه مُشْتَبِهَاتُ الأُمُورِ - ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَى
ورَاحَةِ النُّعْمَى (845) فِي أَنْعَمِ
نَوْمِه وآمَنِ يَوْمِه - وقَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ (846) حَمِيداً وقَدَّمَ زَادَ الآجِلَةِ سَعِيداً - وبَادَرَ مِنْ وَجَلٍ (847) وأَكْمَشَ (848) فِي مَهَلٍ
ورَغِبَ فِي طَلَبٍ - وذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ ورَاقَبَ فِي يَوْمِه غَدَه - ونَظَرَ
قُدُماً أَمَامَه (849) فَكَفَى
بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً ونَوَالًا وكَفَى بِالنَّارِ عِقَاباً ووَبَالًا - وكَفَى
بِاللَّه مُنْتَقِماً ونَصِيراً - وكَفَى بِالْكِتَابِ حَجِيجاً وخَصِيماً (850)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه الَّذِي
أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ واحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ - وحَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ
فِي الصُّدُورِ خَفِيّاً - ونَفَثَ فِي الآذَانِ نَجِيّاً (851) فَأَضَلَّ وأَرْدَى ووَعَدَ فَمَنَّى (852) وزَيَّنَ سَيِّئَاتِ الْجَرَائِمِ وهَوَّنَ مُوبِقَاتِ الْعَظَائِمِ -
حَتَّى إِذَا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَه (853) واسْتَغْلَقَ رَهِينَتَه (854) أَنْكَرَ مَا
زَيَّنَ (855) واسْتَعْظَمَ مَا
هَوَّنَ وحَذَّرَ مَا أَمَّنَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة خلق الإنسان
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة خلق الإنسان أَمْ هَذَا الَّذِي أَنْشَأَه فِي
ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ وشُغُفِ الأَسْتَارِ (856) نُطْفَةً دِهَاقاً (857) وعَلَقَةً
مِحَاقاً (858) وجَنِيناً (859) ورَاضِعاً ووَلِيداً ويَافِعاً (860) ثُمَّ مَنَحَه قَلْباً حَافِظاً ولِسَاناً لَافِظاً وبَصَراً لَاحِظاً
- لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً ويُقَصِّرَ مُزْدَجِراً - حَتَّى إِذَا قَامَ
اعْتِدَالُه واسْتَوَى مِثَالُه (861) نَفَرَ
مُسْتَكْبِراً وخَبَطَ سَادِراً (862) مَاتِحاً فِي
غَرْبِ هَوَاه (863) كَادِحاً (864) سَعْياً لِدُنْيَاه فِي لَذَّاتِ طَرَبِه وبَدَوَاتِ (865) أَرَبِه - ثُمَّ لَا يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً (866) ولَا يَخْشَعُ تَقِيَّةً (867) فَمَاتَ فِي
فِتْنَتِه غَرِيراً (868) وعَاشَ فِي
هَفْوَتِه يَسِيراً (869) لَمْ يُفِدْ (870) عِوَضاً ولَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً - دَهِمَتْه (871) فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِه (872) وسَنَنِ (873) مِرَاحِه -
فَظَلَّ سَادِراً (874) وبَاتَ سَاهِراً
فِي غَمَرَاتِ الآلَامِ - وطَوَارِقِ الأَوْجَاعِ والأَسْقَامِ بَيْنَ أَخٍ
شَقِيقٍ ووَالِدٍ شَفِيقٍ - ودَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً ولَادِمَةٍ (875) لِلصَّدْرِ قَلَقاً - والْمَرْءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ وغَمْرَةٍ (876) كَارِثَةٍ - وأَنَّةٍ (877) مُوجِعَةٍ
وجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ (878) وسَوْقَةٍ (879) مُتْعِبَةٍ - ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِه مُبْلِساً (880) وجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً (881) ثُمَّ أُلْقِيَ
عَلَى الأَعْوَادِ رَجِيعَ وَصَبٍ (882) ونِضْوَ (883) سَقَمٍ - تَحْمِلُه حَفَدَةُ (884) الْوِلْدَانِ وحَشَدَةُ (885) الإِخْوَانِ إِلَى
دَارِ غُرْبَتِه - ومُنْقَطَعِ زَوْرَتِه (886) ومُفْرَدِ وَحْشَتِه - حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ ورَجَعَ
الْمُتَفَجِّعُ - أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِه نَجِيّاً لِبَهْتَةِ (887) السُّؤَالِ وعَثْرَةِ (888) الِامْتِحَانِ -
وأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُولُ الْحَمِيمِ (889) وتَصْلِيَةُ الْجَحِيمِ (890) وفَوْرَاتُ
السَّعِيرِ - وسَوْرَاتُ الزَّفِيرِ (891) لَا فَتْرَةٌ (892) مُرِيحَةٌ - ولَا دَعَةٌ (893) مُزِيحَةٌ ولَا
قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ ولَا مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ (894) ولَا سِنَةٌ (895) مُسَلِّيَةٌ -
بَيْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ(896) وعَذَابِ
السَّاعَاتِ - إِنَّا بِاللَّه عَائِذُونَ! عِبَادَ اللَّه أَيْنَ الَّذِينَ
عُمِّرُوا فَنَعِمُوا (897) وعُلِّمُوا
فَفَهِمُوا - وأُنْظِرُوا فَلَهَوْا وسُلِّمُوا فَنَسُوا - أُمْهِلُوا طَوِيلًا
ومُنِحُوا جَمِيلًا - وحُذِّرُوا أَلِيماً ووُعِدُوا جَسِيماً - احْذَرُوا
الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ (898) والْعُيُوبَ
الْمُسْخِطَةَ. أُولِي الأَبْصَارِ والأَسْمَاعِ
والْعَافِيَةِ والْمَتَاعِ - هَلْ مِنْ مَنَاصٍ (899) أَوْ خَلَاصٍ - أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلَاذٍ أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ (900) أَمْ لَا - «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» (901) أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ أَمْ بِمَا ذَا تَغْتَرُّونَ - وإِنَّمَا
حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الأَرْضِ ذَاتِ الطُّوْلِ والْعَرْضِ - قِيدُ قَدِّه (902) مُتَعَفِّراً (903) عَلَى خَدِّه -
الآنَ عِبَادَ اللَّه والْخِنَاقُ (904) مُهْمَلٌ
والرُّوحُ مُرْسَلٌ - فِي فَيْنَةِ (905) الإِرْشَادِ
ورَاحَةِ الأَجْسَادِ وبَاحَةِ الِاحْتِشَادِ (906) ومَهَلِ الْبَقِيَّةِ وأُنُفِ الْمَشِيَّةِ (907) وإِنْظَارِ التَّوْبَةِ - وانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ (908) قَبْلَ الضَّنْكِ والْمَضِيقِ (909) والرَّوْعِ (910) والزُّهُوقِ (911) وقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ - وإِخْذَةِ الْعَزِيزِ
الْمُقْتَدِرِ. قال الشريف - وفي
الخبر أنه عليهالسلام لما خطب بهذه الخطبة - اقشعرت
لها الجلود وبكت العيون ورجفت القلوب - ومن الناس من يسمي هذه الخطبة الغراء.
|
|||||||||||||||
84- و من خطبة له في ذكر عمرو بن العاص :
|
|||||||||||||||
84 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذكر عمرو بن العاص عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ (913) يَزْعُمُ لأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً (914) وأَنِّي امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ (915) أُعَافِسُ وأُمَارِسُ (916) - لَقَدْ قَالَ
بَاطِلًا ونَطَقَ آثِماً - أَمَا وشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ إِنَّه لَيَقُولُ
فَيَكْذِبُ ويَعِدُ فَيُخْلِفُ (917) ويُسْأَلُ
فَيَبْخَلُ ويَسْأَلُ فَيُلْحِفُ ويَخُونُ الْعَهْدَ ويَقْطَعُ الإِلَّ (918) فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وآمِرٍ هُوَ - مَا
لَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا - فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرُ
[أَكْبَرَ] مَكِيدَتِه أَنْ يَمْنَحَ الْقَرْمَ سَبَّتَه (919) - أَمَا واللَّه إِنِّي لَيَمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ
- وإِنَّه لَيَمْنَعُه مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْيَانُ الآخِرَةِ - إِنَّه لَمْ
يُبَايِعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَه أَتِيَّةً (920) ويَرْضَخَ لَه عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً (921). -----------------------------
|
|||||||||||||||
85- و من خطبة له و فيها صفات ثمان من صفات الجلال:
|
|||||||||||||||
85 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها صفات ثمان من صفات
الجلال وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه
وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه - الأَوَّلُ لَا شَيْءَ قَبْلَه والآخِرُ لَا غَايَةَ
لَه - لَا تَقَعُ الأَوْهَامُ لَه عَلَى صِفَةٍ - ولَا تُعْقَدُ (922) الْقُلُوبُ مِنْه عَلَى كَيْفِيَّةٍ - ولَا تَنَالُه التَّجْزِئَةُ
والتَّبْعِيضُ - ولَا تُحِيطُ بِه الأَبْصَارُ والْقُلُوبُ. ومنها: فَاتَّعِظُوا
عِبَادَ اللَّه بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ - واعْتَبِرُوا بِالآيِ السَّوَاطِعِ (923) وازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ (924) وانْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ والْمَوَاعِظِ - فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ
مَخَالِبُ الْمَنِيَّةِ - وانْقَطَعَتْ مِنْكُمْ عَلَائِقُ الأُمْنِيَّةِ -
ودَهِمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الأُمُورِ (925) والسِّيَاقَةُ إِلَى (الْوِرْدُ
الْمَوْرُودُ) (926) - فَ (كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وشَهِيدٌ) - سَائِقٌ
يَسُوقُهَا إِلَى مَحْشَرِهَا وشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة الجنة
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الجنة دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلَاتٌ ومَنَازِلُ
مُتَفَاوِتَاتٌ - لَا يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا ولَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا - ولَا
يَهْرَمُ خَالِدُهَا ولَا يَبْأَسُ سَاكِنُهَا (927). ----------------------------- (927) بَئِس: -
كسمع - اشتدت حاجته. |
|||||||||||||||
86- و من خطبة له و فيها بيان صفات الحق جل جلاله ثم عظة الناس
بالتقوى و المشورة :
|
|||||||||||||||
86 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها بيان صفات الحق جل
جلاله ثم عظة الناس بالتقوى والمشورة قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ
وخَبَرَ الضَّمَائِرَ - لَه الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ والْغَلَبَةُ لِكُلِّ
شَيْءٍ - والْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي
أَيَّامِ مَهَلِه قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِه (928) وفِي فَرَاغِه قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِه - وفِي مُتَنَفَّسِه قَبْلَ أَنْ
يُؤْخَذَ بِكَظَمِه (929) ولْيُمَهِّدْ
لِنَفْسِه وقَدَمِه ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِه لِدَارِ إِقَامَتِه -
فَاللَّه اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه -
واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ
عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى - ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى
قَدْ سَمَّى آثَارَكُمْ (930) وعَلِمَ
أَعْمَالَكُمْ وكَتَبَ آجَالَكُمْ - وأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الْكِتَابَ (تِبْياناً
لِكُلِّ شَيْءٍ) - وعَمَّرَ فِيكُمْ نَبِيَّه (931) أَزْمَاناً حَتَّى أَكْمَلَ لَه ولَكُمْ - فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ
كِتَابِه دِينَه الَّذِي رَضِيَ لِنَفْسِه - وأَنْهَى إِلَيْكُمْ عَلَى لِسَانِه
مَحَابَّه (932) مِنَ الأَعْمَالِ
ومَكَارِهَه - ونَوَاهِيَه وأَوَامِرَه وأَلْقَى إِلَيْكُمُ الْمَعْذِرَةَ -
واتَّخَذَ عَلَيْكُمُ الْحُجَّةَ وقَدَّمَ (إِلَيْكُمْ
بِالْوَعِيدِ) - وأَنْذَرَكُمْ (بَيْنَ
يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) فَاسْتَدْرِكُوا
بَقِيَّةَ أَيَّامِكُمْ واصْبِرُوا لَهَا أَنْفُسَكُمْ (933) فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثِيرِ الأَيَّامِ الَّتِي تَكُونُ مِنْكُمْ
فِيهَا الْغَفْلَةُ - والتَّشَاغُلُ عَنِ الْمَوْعِظَةِ ولَا تُرَخِّصُوا
لأَنْفُسِكُمْ - فَتَذْهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الظَّلَمَةِ (934) ولَا تُدَاهِنُوا (935) فَيَهْجُمَ بِكُمُ
الإِدْهَانُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ - عِبَادَ اللَّه إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ
لِنَفْسِه أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّه - وإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِه أَعْصَاهُمْ
لِرَبِّه - والْمَغْبُونُ (936) مَنْ غَبَنَ
نَفْسَه والْمَغْبُوطُ (937) مَنْ سَلِمَ لَه
دِينُه - والسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِه - والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ
لِهَوَاه وغُرُورِه - واعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ (938) شِرْكٌ - ومُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلإِيمَانِ (939) ومَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ (940) جَانِبُوا
الْكَذِبَ فَإِنَّه مُجَانِبٌ لِلإِيمَانِ - الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ
وكَرَامَةٍ - والْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ ومَهَانَةٍ – ولَا تَحَاسَدُوا
- فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الإِيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ -
ولَا تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ (941) واعْلَمُوا أَنَّ الأَمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ - ويُنْسِي الذِّكْرَ
فَأَكْذِبُوا الأَمَلَ - فَإِنَّه غُرُورٌ وصَاحِبُه مَغْرُورٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
87- و من خطبة له و هي
في بيان صفات المتقين و صفات الفساق و التنبيه إلى مكان العترة الطيبة
|
|||||||||||||||
87 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي في بيان صفات المتقين
وصفات الفساق والتنبيه إلى مكان العترة الطيبة والظن الخاطئ
لبعض الناس عِبَادَ اللَّه إِنَّ مِنْ أَحَبِّ
عِبَادِ اللَّه إِلَيْه عَبْداً - أَعَانَه اللَّه عَلَى نَفْسِه فَاسْتَشْعَرَ
الْحُزْنَ - وتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ (942) فَزَهَرَ
مِصْبَاحُ الْهُدَى (943) فِي قَلْبِه -
وأَعَدَّ الْقِرَى (944) لِيَوْمِه
النَّازِلِ بِه - فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِه الْبَعِيدَ وهَوَّنَ الشَّدِيدَ -
نَظَرَ فَأَبْصَرَ وذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ - وارْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ
سُهِّلَتْ لَه مَوَارِدُه - فَشَرِبَ نَهَلًا (945) وسَلَكَ سَبِيلًا جَدَداً (946) قَدْ خَلَعَ
سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ وتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ - إِلَّا هَمّاً وَاحِداً
انْفَرَدَ بِه فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى - ومُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى
وصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى - ومَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى -
قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَه وسَلَكَ سَبِيلَه وعَرَفَ مَنَارَه - وقَطَعَ غِمَارَه (947) واسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا - ومِنَ الْحِبَالِ
بِأَمْتَنِهَا فَهُوَ مِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ - قَدْ
نَصَبَ نَفْسَه لِلَّه سُبْحَانَه فِي أَرْفَعِ الأُمُورِ - مِنْ إِصْدَارِ
كُلِّ وَارِدٍ عَلَيْه وتَصْيِيرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلِه - مِصْبَاحُ
ظُلُمَاتٍ كَشَّافُ عَشَوَاتٍ (948) مِفْتَاحُ
مُبْهَمَاتٍ - دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ دَلِيلُ فَلَوَاتٍ (949) يَقُولُ فَيُفْهِمُ ويَسْكُتُ فَيَسْلَمُ - قَدْ أَخْلَصَ لِلَّه
فَاسْتَخْلَصَه - فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِه وأَوْتَادِ أَرْضِه - قَدْ
أَلْزَمَ نَفْسَه الْعَدْلَ فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِه نَفْيُ الْهَوَى عَنْ
نَفْسِه - يَصِفُ الْحَقَّ ويَعْمَلُ بِه لَا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلَّا
أَمَّهَا (950) ولَا مَظِنَّةً (951) إِلَّا قَصَدَهَا قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِه (952) فَهُوَ قَائِدُه وإِمَامُه يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُه (953) ويَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفات الفساق
|
|||||||||||||||
صفات الفساق وآخَرُ قَدْ تَسَمَّى عَالِماً ولَيْسَ
بِه - فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وأَضَالِيلَ مِنْ ضُلَّالٍ - ونَصَبَ
لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وقَوْلِ زُورٍ - قَدْ حَمَلَ
الْكِتَابَ عَلَى آرَائِه - وعَطَفَ الْحَقَّ (954) عَلَى أَهْوَائِه - يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ ويُهَوِّنُ
كَبِيرَ الْجَرَائِمِ - يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وفِيهَا وَقَعَ -
ويَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وبَيْنَهَا اضْطَجَعَ - فَالصُّورَةُ صُورَةُ
إِنْسَانٍ والْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ - لَا يَعْرِفُ بَابَ الْهُدَى
فَيَتَّبِعَه - ولَا بَابَ الْعَمَى فَيَصُدَّ عَنْه وذَلِكَ مَيِّتُ
الأَحْيَاءِ! ----------------------------- (954) «عَطَفَ الحقّ»: حمل
الحقّ على رغباته أي: لا يعرف حقّا إلا إياها. |
|||||||||||||||
عترة النبي
|
|||||||||||||||
عترة النبي (فَأَيْنَ
تَذْهَبُونَ) وأَنَّى تُؤْفَكُونَ (955) والأَعْلَامُ (956) قَائِمَةٌ
والآيَاتُ وَاضِحَةٌ والْمَنَارُ (957) مَنْصُوبَةٌ -
فَأَيْنَ يُتَاه بِكُمْ (958) وكَيْفَ
تَعْمَهُونَ (959) وبَيْنَكُمْ
عِتْرَةُ (960) نَبِيِّكُمْ -
وهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ وأَعْلَامُ الدِّينِ وأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ -
فَأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ الْقُرْآنِ - ورِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِيمِ
الْعِطَاشِ (961). أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ
النَّبِيِّينَ صلىاللهعليهوآله - إِنَّه يَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا
ولَيْسَ بِمَيِّتٍ - ويَبْلَى مَنْ بَلِيَ مِنَّا ولَيْسَ بِبَالٍ - فَلَا
تَقُولُوا بِمَا لَا تَعْرِفُونَ - فَإِنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِيمَا
تُنْكِرُونَ - واعْذِرُوا مَنْ لَا حُجَّةَ لَكُمْ عَلَيْه وهُوَ أَنَا - أَلَمْ
أَعْمَلْ فِيكُمْ بِالثَّقَلِ الأَكْبَرِ (962) وأَتْرُكْ فِيكُمُ الثَّقَلَ الأَصْغَرَ - قَدْ رَكَزْتُ فِيكُمْ
رَايَةَ الإِيمَانِ - ووَقَفْتُكُمْ عَلَى حُدُودِ الْحَلَالِ والْحَرَامِ -
وأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِيَةَ مِنْ عَدْلِي - وفَرَشْتُكُمُ (963) الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِي وفِعْلِي - وأَرَيْتُكُمْ كَرَائِمَ
الأَخْلَاقِ مِنْ نَفْسِي - فَلَا تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْيَ فِيمَا لَا يُدْرِكُ
قَعْرَه الْبَصَرُ - ولَا تَتَغَلْغَلُ إِلَيْه الْفِكَرُ.
|
|||||||||||||||
ظن خاطئ
|
|||||||||||||||
ظن خاطئ ومنها: حَتَّى يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ
الدُّنْيَا مَعْقُولَةٌ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ (964) تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا (965) وتُورِدُهُمْ
صَفْوَهَا - ولَا يُرْفَعُ عَنْ هَذِه الأُمَّةِ سَوْطُهَا ولَا سَيْفُهَا
وكَذَبَ الظَّانُّ لِذَلِكَ - بَلْ هِيَ مَجَّةٌ (966) مِنْ لَذِيذِ الْعَيْشِ يَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً - ثُمَّ
يَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً! ----------------------------- (964) مقصورة عليهم:
مسخّرة لهم كأنهم شدّوها بعقال كالناقة. (965) «تمنحهم دَرّها»: أي
لبنها. (966)
مَجّة: - بفتح الميم - مصدر مرة من «مجّ الشراب من فيه» إذا رمى به. |
|||||||||||||||
88- و من خطبة له و فيها بيان للأسباب التي تهلك
الناس :
|
|||||||||||||||
88 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها بيان للأسباب التي
تهلك الناس أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه لَمْ
يَقْصِمْ (967) جَبَّارِي دَهْرٍ
قَطُّ إِلَّا بَعْدَ تَمْهِيلٍ ورَخَاءٍ - ولَمْ يَجْبُرْ (968) عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ (969) وبَلَاءٍ - وفِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ (970) ومَا اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ - ومَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ
بِلَبِيبٍ ولَا كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيعٍ - ولَا كُلُّ نَاظِرٍ بِبَصِيرٍ -
فَيَا عَجَباً ومَا لِيَ لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هَذِه الْفِرَقِ - عَلَى
اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا - لَا يَقْتَصُّونَ أَثَرَ نَبِيٍّ ولَا
يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيٍّ - ولَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ ولَا يَعِفُّونَ (971) عَنْ عَيْبٍ - يَعْمَلُونَ فِي الشُّبُهَاتِ ويَسِيرُونَ فِي
الشَّهَوَاتِ - الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا والْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا
أَنْكَرُوا - مَفْزَعُهُمْ فِي الْمُعْضِلَاتِ إِلَى أَنْفُسِهِمْ -
وتَعْوِيلُهُمْ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى آرَائِهِمْ - كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ
مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِه - قَدْ أَخَذَ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى ثِقَاتٍ
وأَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
89- و من خطبة له في الرسول الأعظم صلى اللّه
عليه و آله و بلاغ الإمام عنه :
|
|||||||||||||||
89 - ومن خطبة له عليهالسلام في الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله
وبلاغ الإمام عنه أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ (972) مِنَ الرُّسُلِ - وطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الأُمَمِ واعْتِزَامٍ (973) مِنَ الْفِتَنِ - وانْتِشَارٍ مِنَ الأُمُورِ وتَلَظٌّ مِنَ الْحُرُوبِ
(974) والدُّنْيَا
كَاسِفَةُ النُّورِ ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ - عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ
وَرَقِهَا - وإِيَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا واغْوِرَارٍ (975) مِنْ مَائِهَا - قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ الْهُدَى وظَهَرَتْ أَعْلَامُ
الرَّدَى - فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ (976) لأَهْلِهَا
عَابِسَةٌ فِي وَجْه طَالِبِهَا ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ (977) وطَعَامُهَا الْجِيفَةُ (978) وشِعَارُهَا (979) الْخَوْفُ ودِثَارُهَا (980) السَّيْفُ -.
فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللَّه - واذْكُرُوا تِيكَ الَّتِي آبَاؤُكُمْ
وإِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ (981) وعَلَيْهَا
مُحَاسَبُونَ - ولَعَمْرِي مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ ولَا بِهِمُ الْعُهُودُ -
ولَا خَلَتْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمُ الأَحْقَابُ (982) والْقُرُونُ - ومَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ مِنْ يَوْمَ كُنْتُمْ فِي
أَصْلَابِهِمْ بِبَعِيدٍ -. واللَّه مَا أَسْمَعَكُمُ الرَّسُولُ شَيْئاً -
إِلَّا وهَا أَنَا ذَا مُسْمِعُكُمُوه - ومَا أَسْمَاعُكُمُ الْيَوْمَ بِدُونِ
أَسْمَاعِكُمْ بِالأَمْسِ - ولَا شُقَّتْ لَهُمُ الأَبْصَارُ - ولَا جُعِلَتْ
لَهُمُ الأَفْئِدَةُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ - إِلَّا وقَدْ أُعْطِيتُمْ
مِثْلَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ - ووَ اللَّه مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ
شَيْئاً جَهِلُوه - ولَا أُصْفِيتُمْ بِه (983) وحُرِمُوه - ولَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ الْبَلِيَّةُ جَائِلًا خِطَامُهَا
(984) رِخْواً
بِطَانُهَا (985) فَلَا
يَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فِيه أَهْلُ الْغُرُورِ - فَإِنَّمَا هُوَ ظِلٌّ
مَمْدُودٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
90- و من خطبة له و تشتمل على قدم الخالق و عظم مخلوقاته و
يختمها بالوعظ :
|
|||||||||||||||
90 - ومن خطبة له عليهالسلام وتشتمل على قدم الخالق وعظم
مخلوقاته ويختمها بالوعظ الْحَمْدُ لِلَّه الْمَعْرُوفِ مِنْ
غَيْرِ رُؤْيَةٍ والْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ (986). الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَائِماً دَائِماً إِذْ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ
- ولَا حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاجٍ (987) ولَا لَيْلٌ دَاجٍ
(988) ولَا بَحْرٌ سَاجٍ
(989) ولَا جَبَلٌ ذُو
فِجَاجٍ (990) ولَا فَجٌّ ذُو
اعْوِجَاجٍ - ولَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ (991) ولَا خَلْقٌ ذُو اعْتِمَادٍ (992) ذَلِكَ مُبْتَدِعُ (993) الْخَلْقِ
ووَارِثُه (994) وإِلَه الْخَلْقِ
ورَازِقُه - والشَّمْسُ والْقَمَرُ دَائِبَانِ (995) فِي مَرْضَاتِه - يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ ويُقَرِّبَانِ كُلَّ
بَعِيدٍ. قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ وأَحْصَى آثَارَهُمْ
وأَعْمَالَهُمْ - وعَدَدَ أَنْفُسِهِمْ وخَائِنَةَ أَعْيُنِهِمْ (996) ومَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ - ومُسْتَقَرَّهُمْ
ومُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الأَرْحَامِ والظُّهُورِ - إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ
الْغَايَاتُ. هُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ نِقْمَتُه (997) عَلَى أَعْدَائِه فِي سَعَةِ رَحْمَتِه - واتَّسَعَتْ رَحْمَتُه لأَوْلِيَائِه
فِي شِدَّةِ نِقْمَتِه - قَاهِرُ مَنْ عَازَّه (998) ومُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّه (999) ومُذِلُّ مَنْ
نَاوَاه (1000) وغَالِبُ مَنْ
عَادَاه مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْه كَفَاه ومَنْ سَأَلَه أَعْطَاه - ومَنْ
أَقْرَضَه قَضَاه (1001) ومَنْ شَكَرَه
جَزَاه. عِبَادَ اللَّه زِنُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ
قَبْلِ أَنْ تُوزَنُوا - وحَاسِبُوهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبُوا -
وتَنَفَّسُوا قَبْلَ ضِيقِ الْخِنَاقِ وانْقَادُوا قَبْلَ عُنْفِ السِّيَاقِ (1002) واعْلَمُوا أَنَّه مَنْ لَمْ يُعَنْ (1003) عَلَى نَفْسِه - حَتَّى يَكُونَ لَه مِنْهَا وَاعِظٌ وزَاجِرٌ - لَمْ
يَكُنْ لَه مِنْ غَيْرِهَا لَا زَاجِرٌ ولَا وَاعِظٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
91- و من خطبة له تعرف بخطبة الأشباح و هي من جلائل خطبه عليه السلام
:
|
|||||||||||||||
91 - ومن خطبة له عليهالسلام تعرف بخطبة الأشباح (1004) وهي من جلائل خطبه عليهالسلام رَوَى مَسْعَدَةُ
بْنُ صَدَقَةَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهالسلام أَنَّه قَالَ:
خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِه الْخُطْبَةِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ -
وذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا أَتَاه فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - صِفْ
لَنَا رَبَّنَا مِثْلَ مَا نَرَاه عِيَاناً - لِنَزْدَادَ لَه حُبّاً وبِه
مَعْرِفَةً - فَغَضِبَ ونَادَى الصَّلَاةَ جَامِعَةً - فَاجْتَمَعَ النَّاسُ
حَتَّى غَصَّ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِه - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وهُوَ مُغْضَبٌ
مُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ - فَحَمِدَ اللَّه وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى
النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله - ثُمَّ قَالَ: |
|||||||||||||||
وصف اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
وصف اللَّه تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا يَفِرُه
الْمَنْعُ والْجُمُودُ (1005) ولَا يُكْدِيه (1006) الإِعْطَاءُ والْجُودُ - إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاه وكُلُّ
مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلَاه - وهُوَ الْمَنَّانُ بِفَوَائِدِ النِّعَمِ
وعَوَائِدِ الْمَزِيدِ والْقِسَمِ - عِيَالُه الْخَلَائِقُ ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ
وقَدَّرَ أَقْوَاتَهُمْ - ونَهَجَ سَبِيلَ الرَّاغِبِينَ إِلَيْه والطَّالِبِينَ
مَا لَدَيْه - ولَيْسَ بِمَا سُئِلَ بِأَجْوَدَ مِنْه بِمَا لَمْ يُسْأَلْ -
الأَوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَه قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ قَبْلَه - والآخِرُ
الَّذِي لَيْسَ له بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْءٌ بَعْدَه - والرَّادِعُ أَنَاسِيَّ
الأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَه أَوْ تُدْرِكَه (1007) مَا اخْتَلَفَ عَلَيْه دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْه الْحَالُ - ولَا
كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْه الِانْتِقَالُ ولَوْ وَهَبَ مَا
تَنَفَّسَتْ (1008) عَنْه مَعَادِنُ
الْجِبَالِ - وضَحِكَتْ (1009) عَنْه أَصْدَافُ
الْبِحَارِ مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ والْعِقْيَانِ (1010) ونُثَارَةِ الدُّرِّ (1011) وحَصِيدِ
الْمَرْجَانِ (1012) مَا أَثَّرَ
ذَلِكَ فِي جُودِه - ولَا أَنْفَدَ سَعَةَ مَا عِنْدَه - ولَكَانَ عِنْدَه مِنْ
ذَخَائِرِ الأَنْعَامِ مَا لَا تُنْفِدُه (1013) مَطَالِبُ الأَنَامِ - لأَنَّه الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَغِيضُه (1014) سُؤَالُ السَّائِلِينَ - ولَا يُبْخِلُه (1015) إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفاته تعالى في القرآن
|
|||||||||||||||
صفاته تعالى في القرآن فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ - فَمَا
دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْه مِنْ صِفَتِه فَائْتَمَّ بِه (1016) واسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِه ومَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَه -
مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُه - ولَا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله
وأَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُه - فَكِلْ (1017) عِلْمَه إِلَى اللَّه سُبْحَانَه - فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ
اللَّه عَلَيْكَ - واعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ
أَغْنَاهُمْ - عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ (1018) الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ - الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا
جَهِلُوا تَفْسِيرَه مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ - فَمَدَحَ اللَّه تَعَالَى
اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ - عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِه عِلْماً -
وسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ - فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِه
رُسُوخاً - فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ - ولَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّه
سُبْحَانَه عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ - فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ هُوَ
الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الأَوْهَامُ (1019) لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ (1020) قُدْرَتِه -
وحَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ (1021) مِنْ خَطَرَاتِ
الْوَسَاوِسِ - أَنْ يَقَعَ عَلَيْه فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِه -
وتَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْه (1022) لِتَجْرِيَ فِي
كَيْفِيَّةِ صِفَاتِه - وغَمَضَتْ (1023) مَدَاخِلُ
الْعُقُولِ فِي حَيْثُ لَا تَبْلُغُه الصِّفَاتُ - لِتَنَاوُلِ عِلْمِ ذَاتِه
رَدَعَهَا (1024) وهِيَ تَجُوبُ
مَهَاوِيَ (1025) سُدَف (1026)ِ الْغُيُوبِ مُتَخَلِّصَةً إِلَيْه سُبْحَانَه فَرَجَعَتْ إِذْ
جُبِهَتْ (1027) مُعْتَرِفَةً -
بِأَنَّه لَا يُنَالُ بِجَوْرِ الِاعْتِسَافِ (1028) كُنْه مَعْرِفَتِه - ولَا تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ (1029) خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلَالِ عِزَّتِه الَّذِي ابْتَدَعَ
الْخَلْقَ (1030) عَلَى غَيْرِ
مِثَالٍ امْتَثَلَه (1031) ولَا مِقْدَارٍ
احْتَذَى عَلَيْه (1032) مِنْ خَالِقٍ
مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَه - وأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِه - وعَجَائِبِ مَا
نَطَقَتْ بِه آثَارُ حِكْمَتِه - واعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى
أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ (1033) قُوَّتِه - مَا
دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَه عَلَى مَعْرِفَتِه - فَظَهَرَتِ
الْبَدَائِعُ - الَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِه وأَعْلَامُ حِكْمَتِه -
فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَه ودَلِيلًا عَلَيْه - وإِنْ كَانَ خَلْقاً
صَامِتاً فَحُجَّتُه بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ - ودَلَالَتُه عَلَى الْمُبْدِعِ
قَائِمَةٌ فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ -
وتَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ (1034) الْمُحْتَجِبَةِ (1035) لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ - لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِه عَلَى
مَعْرِفَتِكَ - ولَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَه الْيَقِينُ بِأَنَّه لَا نِدَّ لَكَ -
وكَأَنَّه لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ - إِذْ
يَقُولُونَ «تَا لله إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ
- إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ» - كَذَبَ
الْعَادِلُونَ بِكَ (1036) إِذْ شَبَّهُوكَ
بِأَصْنَامِهِمْ - ونَحَلُوكَ حِلْيَةَ (1037) الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ - وجَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ
الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ - وقَدَّرُوكَ (1038) عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ -
وأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ -
والْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِه مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ -
ونَطَقَتْ عَنْه شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ - وإِنَّكَ
أَنْتَ اللَّه الَّذِي لَمْ تَتَنَاه فِي الْعُقُولِ - فَتَكُونَ فِي مَهَبِّ
فِكْرِهَا مُكَيَّفاً (1039) ولَا فِي
رَوِيَّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَكُونَ مَحْدُوداً مُصَرَّفاً (1040). ومنها - قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ
تَقْدِيرَه ودَبَّرَه فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَه - ووَجَّهَه لِوِجْهَتِه فَلَمْ
يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِه - ولَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى
غَايَتِه - ولَمْ يَسْتَصْعِبْ (1041) إِذْ أُمِرَ
بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِه - فَكَيْفَ وإِنَّمَا صَدَرَتِ الأُمُورُ عَنْ
مَشِيئَتِه - الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ
إِلَيْهَا - ولَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ (1042) أَضْمَرَ عَلَيْهَا - ولَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا (1043) مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ - ولَا شَرِيكٍ أَعَانَه عَلَى ابْتِدَاعِ
عَجَائِبِ الأُمُورِ - فَتَمَّ خَلْقُه بِأَمْرِه وأَذْعَنَ لِطَاعَتِه وأَجَابَ
إِلَى دَعْوَتِه - لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَه رَيْثُ الْمُبْطِئِ (1044) ولَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ (1045) فَأَقَامَ مِنَ الأَشْيَاءِ أَوَدَهَا (1046) ونَهَجَ (1047) حُدُودَهَا -
ولَاءَمَ بِقُدْرَتِه بَيْنَ مُتَضَادِّهَا - ووَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا (1048) وفَرَّقَهَا أَجْنَاساً - مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ والأَقْدَارِ
والْغَرَائِزِ (1049) والْهَيْئَاتِ -
بَدَايَا (1050) خَلَائِقَ
أَحْكَمَ صُنْعَهَا وفَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وابْتَدَعَهَا! -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة السماء
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة السماء ونَظَمَ بِلَا تَعْلِيقٍ رَهَوَاتِ
فُرَجِهَا (1051) ولَاحَمَ صُدُوعَ
انْفِرَاجِهَا (1052). ووَشَّجَ
بَيْنَهَا وبَيْنَ أَزْوَاجِهَا (1053) وذَلَّلَ
لِلْهَابِطِينَ (1054) بِأَمْرِه -
والصَّاعِدِينَ بِأَعْمَالِ خَلْقِه حُزُونَةَ (1055) مِعْرَاجِهَا - ونَادَاهَا بَعْدَ إِذْ هِيَ دُخَانٌ فَالْتَحَمَتْ عُرَى
أَشْرَاجِهَا (1056) وفَتَقَ بَعْدَ
الِارْتِتَاقِ صَوَامِتَ (1057) أَبْوَابِهَا -
وأَقَامَ رَصَداً (1058) مِنَ الشُّهُبِ
الثَّوَاقِبِ (1059) عَلَى نِقَابِهَا (1060) وأَمْسَكَهَا مِنْ أَنْ تُمُورَ (1061) فِي خَرْقِ الْهَوَاءِ بِأَيْدِه (1062) وأَمَرَهَا أَنْ تَقِفَ مُسْتَسْلِمَةً لأَمْرِه - وجَعَلَ شَمْسَهَا
آيَةً مُبْصِرَةً (1063) لِنَهَارِهَا -
وقَمَرَهَا آيَةً مَمْحُوَّةً (1064) مِنْ لَيْلِهَا -
وأَجْرَاهُمَا فِي مَنَاقِلِ (1065) مَجْرَاهُمَا -
وقَدَّرَ سَيْرَهُمَا فِي مَدَارِجِ دَرَجِهِمَا - لِيُمَيِّزَ بَيْنَ اللَّيْلِ
والنَّهَارِ بِهِمَا - ولِيُعْلَمَ عَدَدُ السِّنِينَ والْحِسَابُ
بِمَقَادِيرِهِمَا - ثُمَّ عَلَّقَ فِي جَوِّهَا فَلَكَهَا (1066) ونَاطَ (1067) بِهَا زِينَتَهَا
- مِنْ خَفِيَّاتِ دَرَارِيِّهَا (1068) ومَصَابِيحِ
كَوَاكِبِهَا - ورَمَى مُسْتَرِقِي السَّمْعِ بِثَوَاقِبِ شُهُبِهَا -
وأَجْرَاهَا عَلَى أَذْلَالِ (1069) تَسْخِيرِهَا مِنْ
ثَبَاتِ ثَابِتِهَا - ومَسِيرِ سَائِرِهَا وهُبُوطِهَا وصُعُودِهَا ونُحُوسِهَا
وسُعُودِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة الملائكة
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الملائكة ثُمَّ خَلَقَ سُبْحَانَه لإِسْكَانِ
سَمَاوَاتِه - وعِمَارَةِ الصَّفِيحِ (1070) الأَعْلَى مِنْ مَلَكُوتِه - خَلْقاً بَدِيعاً مِنْ مَلَائِكَتِه -
ومَلأَ بِهِمْ فُرُوجَ فِجَاجِهَا وحَشَا بِهِمْ فُتُوقَ أَجْوَائِهَا (1071) وبَيْنَ فَجَوَاتِ تِلْكَ الْفُرُوجِ زَجَلُ (1072) الْمُسَبِّحِينَ - مِنْهُمْ فِي حَظَائِرِ(1073) الْقُدُسِ (1074) وسُتُرَاتِ (1075) الْحُجُبِ وسُرَادِقَاتِ (1076) الْمَجْدِ -
ووَرَاءَ ذَلِكَ الرَّجِيجِ (1077) الَّذِي تَسْتَكُّ
(1078) مِنْه الأَسْمَاعُ
- سُبُحَاتُ (1079) نُورٍ تَرْدَعُ
الأَبْصَارَ عَنْ بُلُوغِهَا - فَتَقِفُ خَاسِئَةً (1080) عَلَى حُدُودِهَا -. وأَنْشَأَهُمْ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَاتٍ
وأَقْدَارٍ مُتَفَاوِتَاتٍ - (أُولِي
أَجْنِحَةٍ) تُسَبِّحُ جَلَالَ عِزَّتِه - لَا
يَنْتَحِلُونَ مَا ظَهَرَ فِي الْخَلْقِ مِنْ صُنْعِه - ولَا يَدَّعُونَ
أَنَّهُمْ يَخْلُقُونَ شَيْئاً مَعَه مِمَّا انْفَرَدَ بِه - (بَلْ
عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَه بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِه يَعْمَلُونَ) - جَعَلَهُمُ
اللَّه فِيمَا هُنَالِكَ أَهْلَ الأَمَانَةِ عَلَى وَحْيِه - وحَمَّلَهُمْ إِلَى
الْمُرْسَلِينَ وَدَائِعَ أَمْرِه ونَهْيِه - وعَصَمَهُمْ مِنْ رَيْبِ
الشُّبُهَاتِ - فَمَا مِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ سَبِيلِ مَرْضَاتِه - وأَمَدَّهُمْ
بِفَوَائِدِ الْمَعُونَةِ - وأَشْعَرَ قُلُوبَهُمْ تَوَاضُعَ إِخْبَاتِ (1081) السَّكِينَةِ - وفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلًا (1082) إِلَى تَمَاجِيدِه - ونَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً (1083) وَاضِحَةً عَلَى أَعْلَامِ (1084) تَوْحِيدِه - لَمْ
تُثْقِلْهُمْ مُؤْصِرَاتُ الآثَامِ(1085) - ولَمْ
تَرْتَحِلْهُمْ (1086) عُقَبُ (1087) اللَّيَالِي والأَيَّامِ - ولَمْ تَرْمِ الشُّكُوكُ بِنَوَازِعِهَا (1088) عَزِيمَةَ إِيمَانِهِمْ - ولَمْ تَعْتَرِكِ الظُّنُونُ عَلَى مَعَاقِدِ
(1089) يَقِينِهِمْ -
ولَا قَدَحَتْ قَادِحَةُ الإِحَنِ (1090) فِيمَا بَيْنَهُمْ
- ولَا سَلَبَتْهُمُ الْحَيْرَةُ مَا لَاقَ (1091) مِنْ مَعْرِفَتِه بِضَمَائِرِهِمْ - ومَا سَكَنَ مِنْ عَظَمَتِه
وهَيْبَةِ جَلَالَتِه فِي أَثْنَاءِ صُدُورِهِمْ - ولَمْ تَطْمَعْ فِيهِمُ
الْوَسَاوِسُ فَتَقْتَرِعَ (1092) بِرَيْنِهَا (1093) عَلَى فِكْرِهِمْ - ومِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي خَلْقِ الْغَمَامِ
الدُّلَّحِ (1094) وفِي عِظَمِ
الْجِبَالِ الشُّمَّخِ وفِي قَتْرَةِ (1095) الظَّلَامِ الأَيْهَمِ (1096) ومِنْهُمْ مَنْ
قَدْ خَرَقَتْ أَقْدَامُهُمْ تُخُومَ الأَرْضِ السُّفْلَى - فَهِيَ كَرَايَاتٍ
بِيضٍ قَدْ نَفَذَتْ فِي مَخَارِقِ (1097) الْهَوَاءِ -
وتَحْتَهَا رِيحٌ هَفَّافَةٌ (1098) تَحْبِسُهَا عَلَى
حَيْثُ انْتَهَتْ مِنَ الْحُدُودِ الْمُتَنَاهِيَةِ - قَدِ اسْتَفْرَغَتْهُمْ (1099) أَشْغَالُ عِبَادَتِه - ووَصَلَتْ حَقَائِقُ الإِيمَانِ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ
مَعْرِفَتِه - وقَطَعَهُمُ الإِيقَانُ بِه إِلَى الْوَلَه (1100) إِلَيْه - ولَمْ تُجَاوِزْ رَغَبَاتُهُمْ مَا عِنْدَه إِلَى مَا عِنْدَ
غَيْرِه - قَدْ ذَاقُوا حَلَاوَةَ مَعْرِفَتِه - وشَرِبُوا بِالْكَأْسِ
الرَّوِيَّةِ (1101) مِنْ مَحَبَّتِه -
وتَمَكَّنَتْ مِنْ سُوَيْدَاءِ (1102) قُلُوبِهِمْ
وَشِيجَةُ (1103) خِيفَتِه -
فَحَنَوْا بِطُولِ الطَّاعَةِ اعْتِدَالَ ظُهُورِهِمْ - ولَمْ يُنْفِدْ (1104) طُولُ الرَّغْبَةِ إِلَيْه مَادَّةَ تَضَرُّعِهِمْ - ولَا أَطْلَقَ
عَنْهُمْ عَظِيمُ الزُّلْفَةِ رِبَقَ (1105) خُشُوعِهِمْ - ولَمْ يَتَوَلَّهُمُ الإِعْجَابُ فَيَسْتَكْثِرُوا مَا
سَلَفَ مِنْهُمْ - ولَا تَرَكَتْ لَهُمُ اسْتِكَانَةُ (1106) الإِجْلَالِ - نَصِيباً فِي تَعْظِيمِ حَسَنَاتِهِمْ - ولَمْ تَجْرِ
الْفَتَرَاتُ فِيهِمْ عَلَى طُولِ دُءُوبِهِمْ (1107) ولَمْ تَغِضْ (1108) رَغَبَاتُهُمْ
فَيُخَالِفُوا عَنْ رَجَاءِ رَبِّهِمْ - ولَمْ تَجِفَّ لِطُولِ الْمُنَاجَاةِ
أَسَلَاتُ (1109) أَلْسِنَتِهِمْ -
ولَا مَلَكَتْهُمُ الأَشْغَالُ فَتَنْقَطِعَ بِهَمْسِ الْجُؤَارِ (1110) إِلَيْه أَصْوَاتُهُمْ - ولَمْ تَخْتَلِفْ فِي مَقَاوِمِ (1111) الطَّاعَةِ مَنَاكِبُهُمْ - ولَمْ يَثْنُوا إِلَى رَاحَةِ التَّقْصِيرِ
فِي أَمْرِه رِقَابَهُمْ -. ولَا تَعْدُو (1112) عَلَى عَزِيمَةِ جِدِّهِمْ بَلَادَةُ الْغَفَلَاتِ - ولَا تَنْتَضِلُ
فِي هِمَمِهِمْ خَدَائِعُ الشَّهَوَاتِ (1113) قَدِ اتَّخَذُوا ذَا الْعَرْشِ ذَخِيرَةً لِيَوْمِ فَاقَتِهِمْ (1114) ويَمَّمُوه (1115) عِنْدَ انْقِطَاعِ
الْخَلْقِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ بِرَغْبَتِهِمْ - لَا يَقْطَعُونَ أَمَدَ
غَايَةِ عِبَادَتِه - ولَا يَرْجِعُ بِهِمُ الِاسْتِهْتَارُ (1116) بِلُزُومِ طَاعَتِه - إِلَّا إِلَى مَوَادَّ (1117) مِنْ قُلُوبِهِمْ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ مِنْ رَجَائِه ومَخَافَتِه -
لَمْ تَنْقَطِعْ أَسْبَابُ الشَّفَقَةِ (1118) مِنْهُمْ فَيَنُوا (1119) فِي جِدِّهِمْ -
ولَمْ تَأْسِرْهُمُ الأَطْمَاعُ - فَيُؤْثِرُوا وَشِيكَ السَّعْيِ (1120) عَلَى اجْتِهَادِهِمْ - لَمْ يَسْتَعْظِمُوا مَا مَضَى مِنْ
أَعْمَالِهِمْ - ولَوِ اسْتَعْظَمُوا ذَلِكَ لَنَسَخَ الرَّجَاءُ مِنْهُمْ
شَفَقَاتِ وَجَلِهِمْ (1121) ولَمْ
يَخْتَلِفُوا فِي رَبِّهِمْ بِاسْتِحْوَاذِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ - ولَمْ
يُفَرِّقْهُمْ سُوءُ التَّقَاطُعِ ولَا تَوَلَّاهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ - ولَا
تَشَعَّبَتْهُمْ مَصَارِفُ الرِّيَبِ (1122) ولَا اقْتَسَمَتْهُمْ أَخْيَافُ (1123) الْهِمَمِ - فَهُمْ أُسَرَاءُ إِيمَانٍ لَمْ يَفُكَّهُمْ مِنْ
رِبْقَتِه زَيْغٌ ولَا عُدُولٌ - ولَا وَنًى (1124) ولَا فُتُورٌ - ولَيْسَ فِي أَطْبَاقِ السَّمَاءِ مَوْضِعُ إِهَابٍ (1125) إِلَّا وعَلَيْه مَلَكٌ سَاجِدٌ - أَوْ سَاعٍ حَافِدٌ (1126) يَزْدَادُونَ عَلَى طُولِ الطَّاعَةِ بِرَبِّهِمْ عِلْماً - وتَزْدَادُ
عِزَّةُ رَبِّهِمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِظَماً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في صفة الأرض و دحوها على الماء
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الأرض ودحوها
على الماء كَبَسَ (1127) الأَرْضَ عَلَى مَوْرِ (1128) أَمْوَاجٍ
مُسْتَفْحِلَةٍ (1129) ولُجَجِ بِحَارٍ
زَاخِرَةٍ (1130) تَلْتَطِمُ
أَوَاذِيُّ (1131) أَمْوَاجِهَا -
وتَصْطَفِقُ مُتَقَاذِفَاتُ أَثْبَاجِهَا (1132) وتَرْغُو زَبَداً كَالْفُحُولِ عِنْدَ هِيَاجِهَا - فَخَضَعَ جِمَاحُ
الْمَاءِ الْمُتَلَاطِمِ لِثِقَلِ حَمْلِهَا - وسَكَنَ هَيْجُ ارْتِمَائِه إِذْ
وَطِئَتْه بِكَلْكَلِهَا (1133) وذَلَّ
مُسْتَخْذِياً(1134) إِذْ تَمَعَّكَتْ (1135) عَلَيْه بِكَوَاهِلِهَا - فَأَصْبَحَ بَعْدَ اصْطِخَابِ (1136) أَمْوَاجِه سَاجِياً (1137) مَقْهُوراً - وفِي
حَكَمَةِ (1138) الذُّلِّ
مُنْقَاداً أَسِيراً - وسَكَنَتِ الأَرْضُ مَدْحُوَّةً (1139) فِي لُجَّةِ تَيَّارِه - ورَدَّتْ مِنْ نَخْوَةِ بَأْوِه (1140) واعْتِلَائِه وشُمُوخِ أَنْفِه وسُمُوِّ غُلَوَائِه (1141) وكَعَمَتْه (1142) عَلَى كِظَّةِ (1143) جَرْيَتِه فَهَمَدَ بَعْدَ نَزَقَاتِه (1144) ولَبَدَ (1145) بَعْدَ زَيَفَانِ (1146) وَثَبَاتِه - فَلَمَّا سَكَنَ هَيْجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ
أَكْنَافِهَا (1147) وحَمْلِ شَوَاهِقِ
الْجِبَالِ الشُّمَّخِ الْبُذَّخِ (1148) عَلَى أَكْتَافِهَا
- فَجَّرَ يَنَابِيعَ الْعُيُونِ مِنْ عَرَانِينِ (1149) أُنُوفِهَا - وفَرَّقَهَا فِي سُهُوبِ (1150) بِيدِهَا (1151) وأَخَادِيدِهَا (1152) وعَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسِيَاتِ مِنْ جَلَامِيدِهَا (1153) وذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ الشُّمِّ (1154) مِنْ صَيَاخِيدِهَا (1155) فَسَكَنَتْ مِنَ
الْمَيَدَانِ (1156) لِرُسُوبِ
الْجِبَالِ فِي قِطَعِ أَدِيمِهَا (1157) وتَغَلْغُلِهَا (1158) مُتَسَرِّبَةً (1159) فِي جَوْبَاتِ
خَيَاشِيمِهَا (1160) ورُكُوبِهَا (1161) أَعْنَاقَ سُهُولِ الأَرَضِينَ وجَرَاثِيمِهَا (1162) وفَسَحَ بَيْنَ الْجَوِّ وبَيْنَهَا وأَعَدَّ الْهَوَاءَ مُتَنَسَّماً
لِسَاكِنِهَا - وأَخْرَجَ إِلَيْهَا أَهْلَهَا عَلَى تَمَامِ مَرَافِقِهَا (1163) ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ (1164) الأَرْضِ -
الَّتِي تَقْصُرُ مِيَاه الْعُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا (1165) ولَا تَجِدُ جَدَاوِلُ الأَنْهَارِ ذَرِيعَةً (1166) إِلَى بُلُوغِهَا - حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي
مَوَاتَهَا (1167) وتَسْتَخْرِجُ
نَبَاتَهَا - أَلَّفَ غَمَامَهَا بَعْدَ افْتِرَاقِ لُمَعِه (1168) وتَبَايُنِ قَزَعِه (1169) حَتَّى إِذَا
تَمَخَّضَتْ (1170) لُجَّةُ الْمُزْنِ
فِيه والْتَمَعَ بَرْقُه فِي كُفَفِه (1171) ولَمْ يَنَمْ وَمِيضُه (1172) فِي كَنَهْوَرِ
رَبَابِه (1173) ومُتَرَاكِمِ
سَحَابِه - أَرْسَلَه سَحّاً (1174) مُتَدَارِكاً قَدْ
أَسَفَّ هَيْدَبُه (1175) تَمْرِيه (1176) الْجَنُوبُ دِرَرَ (1177) أَهَاضِيبِه (1178) ودُفَعَ شَآبِيبِه (1179) فَلَمَّا أَلْقَتِ
السَّحَابُ بَرْكَ بِوَانَيْهَا (1180) وبَعَاعَ (1181) مَا اسْتَقَلَّتْ بِه مِنَ الْعِبْءِ (1182) الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا - أَخْرَجَ بِه مِنْ هَوَامِدِ (1183) الأَرْضِ النَّبَاتَ - ومِنْ زُعْرِ (1184) الْجِبَالِ الأَعْشَابَ فَهِيَ تَبْهَجُ (1185) بِزِينَةِ رِيَاضِهَا - وتَزْدَهِي (1186) بِمَا أُلْبِسَتْه مِنْ رَيْطِ (1187) أَزَاهِيرِهَا (1188) وحِلْيَةِ مَا
سُمِطَتْ (1189) بِه مِنْ نَاضِرِ
أَنْوَارِهَا (1190) وجَعَلَ ذَلِكَ
بَلَاغاً (1191) لِلأَنَامِ
ورِزْقاً لِلأَنْعَامِ - وخَرَقَ الْفِجَاجَ فِي آفَاقِهَا - وأَقَامَ
الْمَنَارَ لِلسَّالِكِينَ عَلَى جَوَادِّ طُرُقِهَا فَلَمَّا مَهَدَ أَرْضَه
وأَنْفَذَ أَمْرَه - اخْتَارَ آدَمَ عليهالسلام خِيرَةً مِنْ
خَلْقِه - وجَعَلَه أَوَّلَ جِبِلَّتِه (1192) وأَسْكَنَه جَنَّتَه - وأَرْغَدَ فِيهَا أُكُلَه - وأَوْعَزَ إِلَيْه
فِيمَا نَهَاه عَنْه - وأَعْلَمَه أَنَّ فِي الإِقْدَامِ عَلَيْه التَّعَرُّضَ
لِمَعْصِيَتِه - والْمُخَاطَرَةَ بِمَنْزِلَتِه - فَأَقْدَمَ عَلَى مَا نَهَاه
عَنْه مُوَافَاةً لِسَابِقِ عِلْمِه - فَأَهْبَطَه بَعْدَ التَّوْبَةِ -
لِيَعْمُرَ أَرْضَه بِنَسْلِه - ولِيُقِيمَ الْحُجَّةَ بِه عَلَى عِبَادِه -
ولَمْ يُخْلِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَه - مِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَيْهِمْ حُجَّةَ
رُبُوبِيَّتِه - ويَصِلُ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ مَعْرِفَتِه - بَلْ تَعَاهَدَهُمْ
بِالْحُجَجِ - عَلَى أَلْسُنِ الْخِيَرَةِ مِنْ أَنْبِيَائِه - ومُتَحَمِّلِي
وَدَائِعِ رِسَالَاتِه - قَرْناً فَقَرْناً - حَتَّى تَمَّتْ بِنَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله حُجَّتُه - وبَلَغَ الْمَقْطَعَ (1193) عُذْرُه ونُذُرُه وقَدَّرَ الأَرْزَاقَ فَكَثَّرَهَا وقَلَّلَهَا -
وقَسَّمَهَا عَلَى الضِّيقِ والسَّعَةِ - فَعَدَلَ فِيهَا لِيَبْتَلِيَ - مَنْ
أَرَادَ بِمَيْسُورِهَا ومَعْسُورِهَا - ولِيَخْتَبِرَ بِذَلِكَ الشُّكْرَ
والصَّبْرَ مِنْ غَنِيِّهَا وفَقِيرِهَا - ثُمَّ قَرَنَ بِسَعَتِهَا عَقَابِيلَ
فَاقَتِهَا (1194) وبِسَلَامَتِهَا
طَوَارِقَ آفَاتِهَا - وبِفُرَجِ (1195) أَفْرَاحِهَا
غُصَصَ أَتْرَاحِهَا (1196) وخَلَقَ الآجَالَ
فَأَطَالَهَا وقَصَّرَهَا وقَدَّمَهَا وأَخَّرَهَا - ووَصَلَ بِالْمَوْتِ
أَسْبَابَهَا (1197) وجَعَلَه خَالِجاً
لأَشْطَانِهَا (1198) وقَاطِعاً
لِمَرَائِرِ أَقْرَانِهَا (1199) عَالِمُ السِّرِّ
مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ - ونَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ (1200) وخَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ (1201) وعُقَدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ (1202) ومَسَارِقِ إِيمَاضِ الْجُفُونِ (1203) ومَا ضَمِنَتْه أَكْنَانُ الْقُلُوبِ (1204) وغَيَابَاتُ الْغُيُوبِ (1205) ومَا أَصْغَتْ
لِاسْتِرَاقِه (1206) مَصَائِخُ (1207) الأَسْمَاعِ - ومَصَايِفُ الذَّرِّ (1208) ومَشَاتِي (1209) الْهَوَامِّ -
ورَجْعِ الْحَنِينِ (1210) مِنَ
الْمُولَهَاتِ (1211) وهَمْسِ (1212) الأَقْدَامِ - ومُنْفَسَحِ (1213) الثَّمَرَةِ مِنْ
وَلَائِجِ (1214) غُلُفِ
الأَكْمَامِ (1215) ومُنْقَمَعِ (1216) الْوُحُوشِ مِنْ غِيرَانِ (1217) الْجِبَالِ
وأَوْدِيَتِهَا - ومُخْتَبَإِ الْبَعُوضِ بَيْنَ سُوقِ (1218) الأَشْجَارِ وأَلْحِيَتِهَا (1219) ومَغْرِزِ الأَوْرَاقِ مِنَ الأَفْنَانِ (1220) ومَحَطِّ الأَمْشَاجِ (1221) مِنْ مَسَارِبِ
الأَصْلَابِ (1222) ونَاشِئَةِ
الْغُيُومِ ومُتَلَاحِمِهَا - ودُرُورِ قَطْرِ السَّحَابِ فِي مُتَرَاكِمِهَا -
ومَا تَسْفِي (1223) الأَعَاصِيرُ (1224) بِذُيُولِهَا وتَعْفُو (1225) الأَمْطَارُ
بِسُيُولِهَا وعَوْمِ بَنَاتِ الأَرْضِ فِي كُثْبَانِ (1226) الرِّمَالِ - ومُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الأَجْنِحَةِ بِذُرَا (1227) شَنَاخِيبِ (1228) الْجِبَالِ -
وتَغْرِيدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ (1229) الأَوْكَارِ - ومَا أَوْعَبَتْه الأَصْدَافُ (1230) وحَضَنَتْ (1231) عَلَيْه أَمْوَاجُ
الْبِحَارِ - ومَا غَشِيَتْه سُدْفَةُ لَيْلٍ (1232) أَوْ ذَرَّ (1233) عَلَيْه شَارِقُ
نَهَارٍ - ومَا اعْتَقَبَتْ (1234) عَلَيْه أَطْبَاقُ
الدَّيَاجِيرِ (1235) وسُبُحَاتُ
النُّورِ (1236) وأَثَرِ كُلِّ
خَطْوَةٍ - وحِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ ورَجْعِ كُلِّ كَلِمَةٍ - وتَحْرِيكِ كُلِّ
شَفَةٍ ومُسْتَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ - ومِثْقَالِ كُلِّ ذَرَّةٍ وهَمَاهِمِ (1237) كُلِّ نَفْسٍ هَامَّةٍ - ومَا عَلَيْهَا مِنْ ثَمَرِ شَجَرَةٍ أَوْ
سَاقِطِ وَرَقَةٍ - أَوْ قَرَارَةِ (1238) نُطْفَةٍ أَوْ نُقَاعَةِ
(1239) دَمٍ ومُضْغَةٍ -
أَوْ نَاشِئَةِ خَلْقٍ وسُلَالَةٍ - لَمْ يَلْحَقْه فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ - ولَا
اعْتَرَضَتْه فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِه عَارِضَةٌ (1240) ولَا اعْتَوَرَتْه (1241) فِي تَنْفِيذِ
الأُمُورِ وتَدَابِيرِ الْمَخْلُوقِينَ مَلَالَةٌ ولَا فَتْرَةٌ - بَلْ
نَفَذَهُمْ عِلْمُه وأَحْصَاهُمْ عَدَدُه - ووَسِعَهُمْ عَدْلُه وغَمَرَهُمْ
فَضْلُه - مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْه مَا هُوَ أَهْلُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
دعاء
|
|||||||||||||||
دعاء اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ
الْجَمِيلِ - والتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ - إِنْ تُؤَمَّلْ فَخَيْرُ مَأْمُولٍ
وإِنْ تُرْجَ فَخَيْرُ مَرْجُوٍّ - اللَّهُمَّ وقَدْ بَسَطْتَ لِي فِيمَا لَا
أَمْدَحُ بِه غَيْرَكَ - ولَا أُثْنِي بِه عَلَى أَحَدٍ سِوَاكَ - ولَا
أُوَجِّهُه إِلَى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ ومَوَاضِعِ الرِّيبَةِ - وعَدَلْتَ
بِلِسَانِي عَنْ مَدَائِحِ الآدَمِيِّينَ؛ والثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ
الْمَخْلُوقِينَ - اللَّهُمَّ ولِكُلِّ مُثْنٍ عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْه
مَثُوبَةٌ (1242) مِنْ جَزَاءٍ -
أَوْ عَارِفَةٌ مِنْ عَطَاءٍ - وقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلًا عَلَى ذَخَائِرِ
الرَّحْمَةِ - وكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ - اللَّهُمَّ وهَذَا مَقَامُ مَنْ
أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ - ولَمْ يَرَ مُسْتَحِقّاً لِهَذِه
الْمَحَامِدِ والْمَمَادِحِ غَيْرَكَ - وبِي فَاقَةٌ إِلَيْكَ لَا يَجْبُرُ
مَسْكَنَتَهَا إِلَّا فَضْلُكَ - ولَا يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا (1243) إِلَّا مَنُّكَ (1244) وجُودُكَ - فَهَبْ
لَنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ - وأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الأَيْدِي إِلَى
سِوَاكَ - «إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»! ----------------------------- (1242) مَثُوبة:
ثواب وجزاء. (1243)
الخَلَّة: - بالفتح - الفقر. (1244)
المنّ: الإحسان. |
|||||||||||||||
92- و من كلام له لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان :
|
|||||||||||||||
92 - ومن كلام له عليهالسلام لما أراده الناس على البيعة
- بعد قتل عثمان رضياللهعنه دَعُونِي والْتَمِسُوا غَيْرِي - فَإِنَّا
مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً - لَه وُجُوه وأَلْوَانٌ - لَا تَقُومُ لَه الْقُلُوبُ
- ولَا تَثْبُتُ عَلَيْه الْعُقُولُ (1245) وإِنَّ الآفَاقَ
قَدْ أَغَامَتْ (1246) والْمَحَجَّةَ (1247) قَدْ تَنَكَّرَتْ (1248) واعْلَمُوا أَنِّي
إِنْ أَجَبْتُكُمْ - رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ - ولَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ
الْقَائِلِ وعَتْبِ الْعَاتِبِ - وإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ -
ولَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وأَطْوَعُكُمْ - لِمَنْ وَلَّيْتُمُوه أَمْرَكُمْ -
وأَنَا لَكُمْ وَزِيراً - خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً! -----------------------------
ً |
|||||||||||||||
93- و من خطبة له و فيها ينبّه أمير المؤمنين على
فضله و علمه و يبيّن فتنة بني أمية :
|
|||||||||||||||
93 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها ينبّه أمير المؤمنين
على فضله وعلمه ويبيّن فتنة بني أمية! أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللَّه والثَّنَاءِ
عَلَيْه - أَيُّهَا النَّاسُ - فَإِنِّي فَقَأْتُ (1249) عَيْنَ الْفِتْنَةِ - ولَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ
غَيْرِي - بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا (1250) واشْتَدَّ كَلَبُهَا (1251) فَاسْأَلُونِي
قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي - فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِه - لَا تَسْأَلُونِي
عَنْ شَيْءٍ - فِيمَا بَيْنَكُمْ وبَيْنَ السَّاعَةِ - ولَا عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي
مِائَةً وتُضِلُّ مِائَةً - إِلَّا أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا (1252) وقَائِدِهَا وسَائِقِهَا ومُنَاخِ (1253) رِكَابِهَا - ومَحَطِّ رِحَالِهَا - ومَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا
قَتْلًا - ومَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً - ولَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي -
ونَزَلَتْ بِكُمْ كَرَائِه (1254) الأُمُورِ -
وحَوَازِبُ (1255) الْخُطُوبِ -
لأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ السَّائِلِينَ - وفَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ الْمَسْئُولِينَ -
وذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ (1256) وشَمَّرَتْ عَنْ
سَاقٍ - وضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ضِيقاً - تَسْتَطِيلُونَ مَعَه أَيَّامَ
الْبَلَاءِ عَلَيْكُمْ - حَتَّى يَفْتَحَ اللَّه لِبَقِيَّةِ الأَبْرَارِ
مِنْكُمْ. إِنَّ الْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ
شَبَّهَتْ (1257) وإِذَا أَدْبَرَتْ
نَبَّهَتْ - يُنْكَرْنَ مُقْبِلَاتٍ - ويُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ - يَحُمْنَ
حَوْمَ الرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً - ويُخْطِئْنَ بَلَداً - أَلَا وإِنَّ
أَخْوَفَ الْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنِي أُمَيَّةَ - فَإِنَّهَا
فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا (1258) وخَصَّتْ بَلِيَّتُهَا وأَصَابَ الْبَلَاءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا -
وأَخْطَأَ الْبَلَاءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا - وايْمُ اللَّه لَتَجِدُنَّ بَنِي
أُمَيَّةَ لَكُمْ - أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِي كَالنَّابِ الضَّرُوسِ (1259) تَعْذِمُ (1260) بِفِيهَا
وتَخْبِطُ بِيَدِهَا - وتَزْبِنُ (1261) بِرِجْلِهَا
وتَمْنَعُ دَرَّهَا (1262) لَا يَزَالُونَ
بِكُمْ حَتَّى لَا يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلَّا نَافِعاً لَهُمْ - أَوْ غَيْرَ
ضَائِرٍ بِهِمْ - ولَا يَزَالُ بَلَاؤُهُمْ عَنْكُمْ - حَتَّى لَا يَكُونَ
انْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ - إِلَّا كَانْتِصَارِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّه -
والصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِه - تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهَاءَ (1263) مَخْشِيَّةً (1264) وقِطَعاً
جَاهِلِيَّةً - لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدًى ولَا عَلَمٌ يُرَى (1265). نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهَا
بِمَنْجَاةٍ ولَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ - ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اللَّه عَنْكُمْ
كَتَفْرِيجِ الأَدِيمِ (1266) بِمَنْ
يَسُومُهُمْ خَسْفاً (1267) ويَسُوقُهُمْ عُنْفاً
- ويَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ (1268) لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ - ولَا يُحْلِسُهُمْ (1269) إِلَّا الْخَوْفَ - فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ بِالدُّنْيَا -
ومَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَنِي مَقَاماً وَاحِداً - ولَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ (1270) لأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ الْيَوْمَ بَعْضَه فَلَا يُعْطُونِيه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
94- و من خطبة له و فيها يصف اللّه تعالى ثم يبين
فضل الرسول الكريم و أهل بيته ثم يعظ الناس :
|
|||||||||||||||
اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
فَتَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي
لَا يَبْلُغُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ وَ لَا يَنَالُهُ حَدْسُ الْفِطَنِ الْأَوَّلُ
الَّذِي لَا غَايَةَ لَهُ فَيَنْتَهِيَ وَ لَا آخِرَ لَهُ فَيَنْقَضِيَ . |
|||||||||||||||
و منها في وصف الأنبياء
|
|||||||||||||||
ومنها في وصف الأنبياء فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ
مُسْتَوْدَعٍ - وأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ - تَنَاسَخَتْهُمْ (1271) كَرَائِمُ الأَصْلَابِ إِلَى مُطَهَّرَاتِ الأَرْحَامِ - كُلَّمَا
مَضَى مِنْهُمْ سَلَفٌ - قَامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللَّه خَلَفٌ. ----------------------------- (1271) تَنَاسَخَتْهُم:
تناقلتهم. |
|||||||||||||||
رسول اللّه و آل بيته
|
|||||||||||||||
رسول اللَّه وآل بيته حَتَّى أَفْضَتْ كَرَامَةُ اللَّه
سُبْحَانَه وتَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله -
فَأَخْرَجَه مِنْ أَفْضَلِ الْمَعَادِنِ مَنْبِتاً (1272) وأَعَزِّ الأَرُومَاتِ (1273) مَغْرِساً (1274) مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ (1275) مِنْهَا أَنْبِيَاءَه - وانْتَجَبَ (1276) مِنْهَا أُمَنَاءَه عِتْرَتُه خَيْرُ الْعِتَرِ (1277) وأُسْرَتُه خَيْرُ الأُسَرِ وشَجَرَتُه خَيْرُ الشَّجَرِ - نَبَتَتْ
فِي حَرَمٍ وبَسَقَتْ (1278) فِي كَرَمٍ -
لَهَا فُرُوعٌ طِوَالٌ وثَمَرٌ لَا يُنَالُ - فَهُوَ إِمَامُ مَنِ اتَّقَى
وبَصِيرَةُ مَنِ اهْتَدَى - سِرَاجٌ لَمَعَ ضَوْؤُه وشِهَابٌ سَطَعَ نُورُه -
وزَنْدٌ بَرَقَ لَمْعُه سِيرَتُه الْقَصْدُ (1279) وسُنَّتُه الرُّشْدُ وكَلَامُه الْفَصْلُ وحُكْمُه الْعَدْلُ -
أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ (1280) مِنَ الرُّسُلِ -
وهَفْوَةٍ (1281) عَنِ الْعَمَلِ
وغَبَاوَةٍ مِنَ الأُمَمِ. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس اعْمَلُوا رَحِمَكُمُ اللَّه عَلَى
أَعْلَامٍ (1282) بَيِّنَةٍ
فَالطَّرِيقُ نَهْجٌ (1283)
(يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) - وأَنْتُمْ فِي
دَارِ مُسْتَعْتَبٍ (1284) عَلَى مَهَلٍ
وفَرَاغٍ - والصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ - والأَقْلَامُ جَارِيَةٌ - والأَبْدَانُ
صَحِيحَةٌ - والأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ - والتَّوْبَةُ مَسْمُوعَةٌ - والأَعْمَالُ
مَقْبُولَةٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
95- و من خطبة له يقرر فضيلة الرسول الكريم :
|
|||||||||||||||
95 - ومن خطبة له عليهالسلام يقرر فضيلة الرسول الكريم بَعَثَه والنَّاسُ ضُلَّالٌ فِي حَيْرَةٍ
- وحَاطِبُونَ (1285) فِي فِتْنَةٍ -
قَدِ اسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ - واسْتَزَلَّتْهُمُ (1286) الْكِبْرِيَاءُ - واسْتَخَفَّتْهُمُ (1287) الْجَاهِلِيَّةُ الْجَهْلَاءُ (1288) حَيَارَى فِي زَلْزَالٍ مِنَ الأَمْرِ - وبَلَاءٍ مِنَ الْجَهْلِ -
فَبَالَغَ صلىاللهعليهوآله فِي النَّصِيحَةِ - ومَضَى عَلَى
الطَّرِيقَةِ - ودَعَا إِلَى الْحِكْمَةِ «والْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ». -----------------------------
|
|||||||||||||||
96- و من خطبة له في اللّه و في الرسول الأكرم :
|
|||||||||||||||
اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
الْحَمْدُ لِلَّه الأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ
قَبْلَه - والآخِرِ فَلَا شَيْءَ بَعْدَه - والظَّاهِرِ فَلَا شَيْءَ فَوْقَه -
والْبَاطِنِ فَلَا شَيْءَ دُونَه. |
|||||||||||||||
و منها في ذكر الرسول صلى الله عليه وآله
|
|||||||||||||||
ومنها في ذكر الرسول صلى
الله عليه وآله مُسْتَقَرُّه خَيْرُ مُسْتَقَرٍّ -
ومَنْبِتُه أَشْرَفُ مَنْبِتٍ - فِي مَعَادِنِ الْكَرَامَةِ - ومَمَاهِدِ (1289) السَّلَامَةِ - قَدْ صُرِفَتْ نَحْوَه أَفْئِدَةُ الأَبْرَارِ -
وثُنِيَتْ إِلَيْه أَزِمَّةُ (1290) الأَبْصَارِ -
دَفَنَ اللَّه بِه الضَّغَائِنَ (1291) وأَطْفَأَ بِه
الثَّوَائِرَ (1292) أَلَّفَ بِه
إِخْوَاناً - وفَرَّقَ بِه أَقْرَاناً - أَعَزَّ بِه الذِّلَّةَ - وأَذَلَّ بِه
الْعِزَّةَ - كَلَامُه بَيَانٌ وصَمْتُه لِسَانٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
97- و من خطبة له في أصحابه و أصحاب رسول اللّه :
|
|||||||||||||||
أصحاب علي
|
|||||||||||||||
97 - ومن خطبة له عليهالسلام في أصحابه وأصحاب رسول
اللَّه أصحاب علي ولَئِنْ أَمْهَلَ الظَّالِمَ - فَلَنْ
يَفُوتَ أَخْذُه - وهُوَ لَه بِالْمِرْصَادِ (1293) عَلَى مَجَازِ طَرِيقِه - وبِمَوْضِعِ الشَّجَا (1294) مِنْ مَسَاغِ رِيقِه (1295) أَمَا والَّذِي
نَفْسِي بِيَدِه - لَيَظْهَرَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ - لَيْسَ
لأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكُمْ - ولَكِنْ لإِسْرَاعِهِمْ إِلَى بَاطِلِ
صَاحِبِهِمْ وإِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقِّي - ولَقَدْ أَصْبَحَتِ الأُمَمُ تَخَافُ
ظُلْمَ رُعَاتِهَا - وأَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي - اسْتَنْفَرْتُكُمْ
لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا - وأَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا -
ودَعَوْتُكُمْ سِرّاً وجَهْراً فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا - ونَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ
تَقْبَلُوا - أَشُهُودٌ كَغُيَّابٍ (1296)وعَبِيدٌ
كَأَرْبَابٍ - أَتْلُو عَلَيْكُمْ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ مِنْهَا -
وأَعِظُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ - فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا -
وأَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ - فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي
- حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا (1297) تَرْجِعُونَ إِلَى مَجَالِسِكُمْ - وتَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ
- أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً وتَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً - كَظَهْرِ
الْحَنِيَّةِ (1298) عَجَزَ
الْمُقَوِّمُ وأَعْضَلَ الْمُقَوَّم(1299). أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدَةُ
أَبْدَانُهُمْ - الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ - الْمُخْتَلِفَةُ
أَهْوَاؤُهُمْ - الْمُبْتَلَى بِهِمْ أُمَرَاؤُهُمْ - صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ
اللَّه وأَنْتُمْ تَعْصُونَه - وصَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللَّه - وهُمْ
يُطِيعُونَه - لَوَدِدْتُ واللَّه أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَنِي بِكُمْ - صَرْفَ
الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ - فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةَ مِنْكُمْ - وأَعْطَانِي
رَجُلًا مِنْهُمْ. يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ - مُنِيتُ مِنْكُمْ
بِثَلَاثٍ واثْنَتَيْنِ - صُمٌّ ذَوُو أَسْمَاعٍ - وبُكْمٌ ذَوُو كَلَامٍ -
وعُمْيٌ ذَوُو أَبْصَارٍ - لَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ - ولَا
إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلَاءِ - تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ - يَا أَشْبَاه
الإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا - كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ
تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ - واللَّه لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيمَا إِخَالُكُمْ (1300) - أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى (1301) وحَمِيَ الضِّرَابُ - قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ -
انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا (1302) وإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ومِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي -
وإِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ - أَلْقُطُه لَقْطاً (1303). -----------------------------
|
|||||||||||||||
أصحاب رسول اللّه
|
|||||||||||||||
أصحاب رسول اللَّه انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ -
فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ (1304) واتَّبِعُوا
أَثَرَهُمْ - فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدًى - ولَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى -
فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا (1305) وإِنْ نَهَضُوا
فَانْهَضُوا - ولَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا - ولَا تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ
فَتَهْلِكُوا - لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله - فَمَا
أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ - لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً
غُبْراً (1306) وقَدْ بَاتُوا
سُجَّداً وقِيَاماً - يُرَاوِحُونَ (1307) بَيْنَ
جِبَاهِهِمْ وخُدُودِهِمْ - ويَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ
مَعَادِهِمْ - كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى (1308) مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ - إِذَا ذُكِرَ اللَّه هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ -
حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ - ومَادُوا (1309) كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ - خَوْفاً مِنَ
الْعِقَابِ ورَجَاءً لِلثَّوَابِ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
98- و من كلام له يشير فيه إلى ظلم بني أمية :
|
|||||||||||||||
98 - ومن كلام له عليهالسلام يشير فيه إلى ظلم بني أمية واللَّه لَا يَزَالُونَ - حَتَّى لَا
يَدَعُوا لِلَّه مُحَرَّماً إِلَّا اسْتَحَلُّوه (1310) ولَا عَقْداً إِلَّا حَلُّوه - وحَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتُ مَدَرٍ ولَا
وَبَرٍ (1311) إِلَّا دَخَلَه
ظُلْمُهُمْ - ونَبَا بِه (1312) سُوءُ رَعْيِهِمْ
وحَتَّى يَقُومَ الْبَاكِيَانِ يَبْكِيَانِ - بَاكٍ يَبْكِي لِدِينِه - وبَاكٍ
يَبْكِي لِدُنْيَاه - وحَتَّى تَكُونَ نُصْرَةُ أَحَدِكُمْ مِنْ أَحَدِهِمْ -
كَنُصْرَةِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِه - إِذَا شَهِدَ أَطَاعَه - وإِذَا غَابَ
اغْتَابَه - وحَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَكُمْ فِيهَا عَنَاءً أَحْسَنُكُمْ بِاللَّه
ظَنّاً - فَإِنْ أَتَاكُمُ اللَّه بِعَافِيَةٍ فَاقْبَلُوا - وإِنِ ابْتُلِيتُمْ
فَاصْبِرُوا - فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
99- و من خطبة له في التزهيد من الدنيا :
|
|||||||||||||||
99 - ومن خطبة له عليهالسلام في التزهيد من الدنيا نَحْمَدُه عَلَى مَا كَانَ -
ونَسْتَعِينُه مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ - ونَسْأَلُه الْمُعَافَاةَ فِي
الأَدْيَانِ - كَمَا نَسْأَلُه الْمُعَافَاةَ فِي الأَبْدَانِ. عِبَادَ اللَّه أُوصِيكُمْ بِالرَّفْضِ -
لِهَذِه الدُّنْيَا التَّارِكَةِ لَكُمْ - وإِنْ لَمْ تُحِبُّوا تَرْكَهَا -
والْمُبْلِيَةِ لأَجْسَامِكُمْ وإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ تَجْدِيدَهَا -
فَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ ومَثَلُهَا كَسَفْرٍ (1313) سَلَكُوا سَبِيلًا فَكَأَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوه - وأَمُّوا (1314) عَلَماً فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوه - وكَمْ عَسَى الْمُجْرِي إِلَى
الْغَايَةِ (1315) أَنْ يَجْرِيَ
إِلَيْهَا حَتَّى يَبْلُغَهَا - ومَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ مَنْ لَه
يَوْمٌ لَا يَعْدُوه - وطَالِبٌ حَثِيثٌ مِنَ الْمَوْتِ يَحْدُوه (1316) ومُزْعِجٌ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُفَارِقَهَا رَغْماً - فَلَا
تَنَافَسُوا فِي عِزِّ الدُّنْيَا وفَخْرِهَا - ولَا تَعْجَبُوا بِزِينَتِهَا
ونَعِيمِهَا - ولَا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّائِهَا وبُؤْسِهَا - فَإِنَّ عِزَّهَا
وفَخْرَهَا إِلَى انْقِطَاعٍ - وإِنَّ زِينَتَهَا ونَعِيمَهَا إِلَى زَوَالٍ -
وضَرَّاءَهَا وبُؤْسَهَا إِلَى نَفَادٍ (1317) وكُلُّ مُدَّةٍ فِيهَا إِلَى انْتِهَاءٍ - وكُلُّ حَيٍّ فِيهَا إِلَى
فَنَاءٍ - أَولَيْسَ لَكُمْ فِي آثَارِ الأَوَّلِينَ مُزْدَجَرٌ (1318) وفِي آبَائِكُمُ الْمَاضِينَ تَبْصِرَةٌ ومُعْتَبَرٌ - إِنْ كُنْتُمْ
تَعْقِلُونَ - أَولَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَاضِينَ مِنْكُمْ لَا يَرْجِعُونَ -
وإِلَى الْخَلَفِ الْبَاقِينَ لَا يَبْقَوْنَ - أَولَسْتُمْ تَرَوْنَ أَهْلَ
الدُّنْيَا - يُصْبِحُونَ ويُمْسُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى - فَمَيِّتٌ
يُبْكَى وآخَرُ يُعَزَّى - وصَرِيعٌ مُبْتَلًى وعَائِدٌ يَعُودُ - وآخَرُ
بِنَفْسِه يَجُودُ (1319) وطَالِبٌ
لِلدُّنْيَا والْمَوْتُ يَطْلُبُه - وغَافِلٌ ولَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْه -
وعَلَى أَثَرِ الْمَاضِي مَا يَمْضِي الْبَاقِي! أَلَا فَاذْكُرُوا هَاذِمَ اللَّذَّاتِ -
ومُنَغِّصَ الشَّهَوَاتِ - وقَاطِعَ الأُمْنِيَاتِ - عِنْدَ الْمُسَاوَرَةِ (1320) لِلأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ - واسْتَعِينُوا اللَّه عَلَى أَدَاءِ
وَاجِبِ حَقِّه - ومَا لَا يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِه وإِحْسَانِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
100- و من خطبة له في رسول اللّه و أهل بيته :
|
|||||||||||||||
100 - ومن خطبة له عليهالسلام في رسول اللَّه وأهل بيته الْحَمْدُ لِلَّه النَّاشِرِ فِي
الْخَلْقِ فَضْلَه - والْبَاسِطِ فِيهِمْ بِالْجُودِ يَدَه - نَحْمَدُه فِي
جَمِيعِ أُمُورِه - ونَسْتَعِينُه عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِه - ونَشْهَدُ أَنْ
لَا إِلَه غَيْرُه - وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه - أَرْسَلَه بِأَمْرِه
صَادِعاً (1321) وبِذِكْرِه
نَاطِقاً - فَأَدَّى أَمِيناً ومَضَى رَشِيداً - وخَلَّفَ فِينَا رَايَةَ
الْحَقِّ - مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ (1322) ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا زَهَقَ (1323) ومَنْ لَزِمَهَا لَحِقَ - دَلِيلُهَا مَكِيثُ الْكَلَامِ (1324) بَطِيءُ الْقِيَامِ (1325) سَرِيعٌ إِذَا
قَامَ - فَإِذَا أَنْتُمْ أَلَنْتُمْ لَه رِقَابَكُمْ - وأَشَرْتُمْ إِلَيْه
بِأَصَابِعِكُمْ - جَاءَه الْمَوْتُ فَذَهَبَ بِه - فَلَبِثْتُمْ بَعْدَه مَا
شَاءَ اللَّه - حَتَّى يُطْلِعَ اللَّه لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ ويَضُمُّ
نَشْرَكُمْ (1326) فَلَا تَطْمَعُوا
فِي غَيْرِ مُقْبِلٍ (1327) ولَا تَيْأَسُوا
مِنْ مُدْبِرٍ (1328) فَإِنَّ
الْمُدْبِرَ عَسَى أَنْ تَزِلَّ بِه إِحْدَى قَائِمَتَيْه (1329) وتَثْبُتَ الأُخْرَى فَتَرْجِعَا حَتَّى تَثْبُتَا جَمِيعاً. أَلَا إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله
كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ - إِذَا خَوَى نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ (1330) فَكَأَنَّكُمْ قَدْ تَكَامَلَتْ مِنَ اللَّه فِيكُمُ الصَّنَائِعُ -
وأَرَاكُمْ مَا كُنْتُمْ تَأْمُلُونَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
101- و من خطبة له و هي
إحدى الخطب المشتملة على الملاحم :
|
|||||||||||||||
101 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي إحدى الخطب المشتملة
على الملاحم الْحَمْدُ لِلَّه الأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ
أَوَّلٍ والآخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِرٍ - وبِأَوَّلِيَّتِه وَجَبَ أَنْ لَا
أَوَّلَ لَه - وبِآخِرِيَّتِه وَجَبَ أَنْ لَا آخِرَ لَه وأَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَه إِلَّا اللَّه شَهَادَةً - يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الإِعْلَانَ -
والْقَلْبُ اللِّسَانَ - أَيُّهَا النَّاسُ «لا يَجْرِمَنَّكُمْ (1331) شِقاقِي» (1332) ولَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمْ (1333) عِصْيَانِي - ولَا
تَتَرَامَوْا بِالأَبْصَارِ (1334) عِنْدَ مَا
تَسْمَعُونَه مِنِّي - فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ (1335) وبَرَأَ النَّسَمَةَ (1336) إِنَّ الَّذِي
أُنَبِّئُكُمْ بِه عَنِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صلىاللهعليهوآله - مَا
كَذَبَ الْمُبَلِّغُ ولَا جَهِلَ السَّامِعُ - لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى
ضِلِّيلٍ (1337) قَدْ نَعَقَ (1338) بِالشَّامِ - وفَحَصَ بِرَايَاتِه (1339) فِي ضَوَاحِي كُوفَانَ (1340) فَإِذَا فَغَرَتْ
فَاغِرَتُه (1341) واشْتَدَّتْ
شَكِيمَتُه (1342) وثَقُلَتْ فِي
الأَرْضِ وَطْأَتُه - عَضَّتِ الْفِتْنَةُ أَبْنَاءَهَا بِأَنْيَابِهَا -
ومَاجَتِ الْحَرْبُ بِأَمْوَاجِهَا - وبَدَا مِنَ الأَيَّامِ كُلُوحُهَا (1343) ومِنَ اللَّيَالِي كُدُوحُهَا (1344) فَإِذَا أَيْنَعَ زَرْعُه وقَامَ عَلَى يَنْعِه (1345) وهَدَرَتْ شَقَاشِقُه (1346) وبَرَقَتْ
بَوَارِقُه (1347) عُقِدَتْ رَايَاتُ
الْفِتَنِ الْمُعْضِلَةِ - وأَقْبَلْنَ كَاللَّيْلِ الْمُظْلِمِ والْبَحْرِ
الْمُلْتَطِمِ - هَذَا وكَمْ يَخْرِقُ الْكُوفَةَ مِنْ قَاصِفٍ (1348) ويَمُرُّ عَلَيْهَا مِنْ عَاصِفٍ (1349) وعَنْ قَلِيلٍ تَلْتَفُّ الْقُرُونُ بِالْقُرُونِ (1350) ويُحْصَدُ الْقَائِمُ (1351) ويُحْطَمُ
الْمَحْصُودُ (1352)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
102- و من خطبة له تجري هذا المجرى و فيها ذكر يوم القيامة و
أحوال الناس المقبلة :
|
|||||||||||||||
يوم القيامة
|
|||||||||||||||
يوم القيامة وذَلِكَ يَوْمٌ يَجْمَعُ اللَّه فِيه
الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ - لِنِقَاشِ الْحِسَابِ (1353) وجَزَاءِ الأَعْمَالِ - خُضُوعاً قِيَاماً قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ
(1354) ورَجَفَتْ بِهِمُ
الأَرْضُ (1355) فَأَحْسَنُهُمْ
حَالًا مَنْ وَجَدَ لِقَدَمَيْه مَوْضِعاً - ولِنَفْسِه مُتَّسَعاً0 ----------------------------- (1353) نقاش الحساب:
الاستقصاء فيه. (1354)
ألْجَمَهُمُ العرقُ: سال منهم حتى بلغ إلى موضع اللَّجام من الدّابة وهو
الفم. (1355)
رَجَفَتْ بهم الأرض: تحرّكت واضطربت. |
|||||||||||||||
حال مقبلة على الناس
|
|||||||||||||||
حال مقبلة على الناس ومنها: فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ
الْمُظْلِمِ (1356) لَا تَقُومُ لَهَا
قَائِمَةٌ ولَا تُرَدُّ لَهَا رَايَةٌ - تَأْتِيكُمْ مَزْمُومَةً مَرْحُولَةً (1357) يَحْفِزُهَا قَائِدُهَا (1358) ويَجْهَدُهَا (1359) رَاكِبُهَا - أَهْلُهَا قَوْمٌ شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ (1360) قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ (1361) يُجَاهِدُهُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّه قَوْمٌ أَذِلَّةٌ عِنْدَ الْمُتَكَبِّرِينَ - فِي الأَرْضِ
مَجْهُولُونَ - وفِي السَّمَاءِ مَعْرُوفُونَ - فَوَيْلٌ لَكِ يَا بَصْرَةُ
عِنْدَ ذَلِكِ - مِنْ جَيْشٍ مِنْ نِقَمِ اللَّه - لَا رَهَجَ (1362) لَه ولَا حَسَّ (1363) وسَيُبْتَلَى
أَهْلُكِ بِالْمَوْتِ الأَحْمَرِ - والْجُوعِ الأَغْبَرِ (1364)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
103- و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
في التزهيد في الدنيا
|
|||||||||||||||
103 - ومن خطبة له عليهالسلام في التزهيد في الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى
الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِينَ فِيهَا - الصَّادِفِينَ (1365) عَنْهَا - فَإِنَّهَا واللَّه عَمَّا قَلِيلٍ تُزِيلُ الثَّاوِيَ (1366) السَّاكِنَ - وتَفْجَعُ الْمُتْرَفَ (1367) الآْمِنَ - لَا يَرْجِعُ مَا تَوَلَّى مِنْهَا فَأَدْبَرَ - ولَا
يُدْرَى مَا هُوَ آتٍ مِنْهَا فَيُنْتَظَرَ سُرُورُهَا مَشُوبٌ (1368) بِالْحُزْنِ - وجَلَدُ (1369) الرِّجَالِ فِيهَا
إِلَى الضَّعْفِ والْوَهْنِ (1370) فَلَا
يَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ مَا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا - لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ
مِنْهَا. رَحِمَ اللَّه امْرَأً تَفَكَّرَ
فَاعْتَبَرَ - واعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ - فَكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ
الدُّنْيَا عَنْ قَلِيلٍ لَمْ يَكُنْ - وكَأَنَّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ
الآخِرَةِ - عَمَّا قَلِيلٍ لَمْ يَزَلْ - وكُلُّ مَعْدُودٍ مُنْقَضٍ - وكُلُّ
مُتَوَقَّعٍ آتٍ - وكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ دَانٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفة العالم
|
|||||||||||||||
صفة العالم ومنها: الْعَالِمُ مَنْ عَرَفَ قَدْرَه -
وكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا يَعْرِفَ قَدْرَه - وإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ
الرِّجَالِ إِلَى اللَّه تَعَالَى لَعَبْداً - وَكَلَه اللَّه إِلَى نَفْسِه -
جَائِراً عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ - سَائِراً بِغَيْرِ دَلِيلٍ - إِنْ دُعِيَ
إِلَى حَرْثِ (1371) الدُّنْيَا عَمِلَ
- وإِنْ دُعِيَ إِلَى حَرْثِ الآخِرَةِ كَسِلَ - كَأَنَّ مَا عَمِلَ لَه وَاجِبٌ
عَلَيْه - وكَأَنَّ مَا وَنَى (1372) فِيه سَاقِطٌ
عَنْه. ----------------------------- (1371) الحَرْث: هنا
كل ما يصنع ليثمر فائدة. (1372)
وَنَى فيه: تراخى فيه. |
|||||||||||||||
آخر الزمان
|
|||||||||||||||
آخر الزمان ومنها: وذَلِكَ زَمَانٌ لَا يَنْجُو فِيه
إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ نُوَمَةٍ (1373) إِنْ شَهِدَ لَمْ
يُعْرَفْ وإِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ - أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى
وأَعْلَامُ السُّرَى (1374) لَيْسُوا
بِالْمَسَايِيحِ (1375) ولَا
الْمَذَايِيعِ (1376) الْبُذُرِ (1377) أُولَئِكَ يَفْتَحُ اللَّه لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِه - ويَكْشِفُ
عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نِقْمَتِه. أَيُّهَا النَّاسُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ
زَمَانٌ - يُكْفَأُ فِيه الإِسْلَامُ كَمَا يُكْفَأُ الإِنَاءُ بِمَا فِيه -
أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّ اللَّه قَدْ أَعَاذَكُمْ مِنْ أَنْ يَجُورَ
عَلَيْكُمْ - ولَمْ يُعِذْكُمْ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ (1378) وقَدْ قَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ - «إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ وإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ». -----------------------------
قال السيد الشريف الرضي أما
قوله عليهالسلام - كل مؤمن نومة - فإنما أراد
به الخامل الذكر القليل الشر - والمساييح جمع مسياح - وهو الذي يسيح بين الناس
بالفساد والنمائم - والمذاييع جمع مذياع - وهو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها
- ونوه بها - والبذر جمع بذور - وهو الذي يكثر سفهه ويلغو منطقه. |
|||||||||||||||
104- و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
104 - ومن خطبة له عليهالسلام أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه
بَعَثَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله - ولَيْسَ
أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً - ولَا يَدَّعِي نُبُوَّةً ولَا
وَحْياً - فَقَاتَلَ بِمَنْ أَطَاعَه مَنْ عَصَاه - يَسُوقُهُمْ إِلَى
مَنْجَاتِهِمْ - ويُبَادِرُ بِهِمُ السَّاعَةَ أَنْ تَنْزِلَ بِهِمْ - يَحْسِرُ
الْحَسِيرُ (1379) ويَقِفُ
الْكَسِيرُ (1380) فَيُقِيمُ عَلَيْه
حَتَّى يُلْحِقَه غَايَتَه - إِلَّا هَالِكاً لَا خَيْرَ فِيه - حَتَّى
أَرَاهُمْ مَنْجَاتَهُمْ - وبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ - فَاسْتَدَارَتْ
رَحَاهُمْ (1381) واسْتَقَامَتْ
قَنَاتُهُمْ (1382) وايْمُ اللَّه
لَقَدْ كُنْتُ مِنْ سَاقَتِهَا - حَتَّى تَوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا -
واسْتَوْسَقَتْ فِي قِيَادِهَا - مَا ضَعُفْتُ ولَا جَبُنْتُ - ولَا خُنْتُ ولَا
وَهَنْتُ - وايْمُ اللَّه لأَبْقُرَنَّ (1383) الْبَاطِلَ - حَتَّى أُخْرِجَ الْحَقَّ مِنْ خَاصِرَتِه! قال السيد الشريف الرضي - وقد
تقدم مختار هذه الخطبة - إلا أنني وجدتها في هذه الرواية - على خلاف ما سبق من
زيادة ونقصان - فأوجبت الحال إثباتها ثانية. -----------------------------
|
|||||||||||||||
105- و من خطبة له في بعض صفات الرسول الكريم و تهديد بني أمية
و عظة الناس :
|
|||||||||||||||
الرسول الكريم
|
|||||||||||||||
105 - ومن خطبة له عليهالسلام في بعض صفات الرسول الكريم
وتهديد بني أمية وعظة الناس الرسول الكريم حَتَّى بَعَثَ اللَّه مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
- شَهِيداً وبَشِيراً ونَذِيراً - خَيْرَ الْبَرِيَّةِ طِفْلًا - وأَنْجَبَهَا
كَهْلًا - وأَطْهَرَ الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً (1384) - وأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً (1385). ----------------------------- (1384)
الشّيِمة: الخلق. (1385)
الدّيمة: - بكسر الدال - المطر يدوم في سكون. والمستمطر - بفتح الطاء -
من يطلب منه المطر. |
|||||||||||||||
بنو أمية
|
|||||||||||||||
بنو أمية فَمَا احْلَوْلَتْ لَكُمُ الدُّنْيَا فِي
لَذَّتِهَا - ولَا تَمَكَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلَافِهَا (1386) - إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا صَادَفْتُمُوهَا جَائِلًا خِطَامُهَا (1387) - قَلِقاً وَضِينُهَا (1388) - قَدْ صَارَ
حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَامٍ - بِمَنْزِلَةِ السِّدْرِ الْمَخْضُودِ (1389) - وحَلَالُهَا بَعِيداً غَيْرَ مَوْجُودٍ - وصَادَفْتُمُوهَا واللَّه
ظِلاًّ مَمْدُوداً - إِلَى أَجْلٍ مَعْدُودٍ - فَالأَرْضُ لَكُمْ شَاغِرَةٌ (1390) - وأَيْدِيكُمْ فِيهَا مَبْسُوطَةٌ - وأَيْدِي الْقَادَةِ عَنْكُمْ
مَكْفُوفَةٌ - وسُيُوفُكُمْ عَلَيْهِمْ مُسَلَّطَةٌ - وسُيُوفُهُمْ عَنْكُمْ
مَقْبُوضَةٌ - أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً - ولِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً -
وإِنَّ الثَّائِرَ فِي دِمَائِنَا كَالْحَاكِمِ فِي حَقِّ نَفْسِه - وهُوَ
اللَّه الَّذِي لَا يُعْجِزُه مَنْ طَلَبَ – ولَا يَفُوتُه مَنْ هَرَبَ -
فَأُقْسِمُ بِاللَّه يَا بَنِي أُمَيَّةَ عَمَّا قَلِيلٍ - لَتَعْرِفُنَّهَا فِي
أَيْدِي غَيْرِكُمْ - وفِي دَارِ عَدُوِّكُمْ أَلَا إِنَّ أَبْصَرَ الأَبْصَارِ
مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُه - أَلَا إِنَّ أَسْمَعَ الأَسْمَاعِ مَا وَعَى
التَّذْكِيرَ وقَبِلَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
وعظ الناس
|
|||||||||||||||
وعظ الناس أَيُّهَا النَّاسُ - اسْتَصْبِحُوا مِنْ
شُعْلَةِ مِصْبَاحٍ وَاعِظٍ مُتَّعِظٍ وامْتَاحُوا (1391) مِنْ صَفْوِ عَيْنٍ قَدْ رُوِّقَتْ (1392) مِنَ الْكَدَرِ. عِبَادَ اللَّه لَا تَرْكَنُوا إِلَى
جَهَالَتِكُمْ - ولَا تَنْقَادُوا لأَهْوَائِكُمْ فَإِنَّ النَّازِلَ بِهَذَا
الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ (1393) - يَنْقُلُ الرَّدَى (1394) عَلَى ظَهْرِه
مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ - لِرَأْيٍ يُحْدِثُه بَعْدَ رَأْيٍ - يُرِيدُ
أَنْ يُلْصِقَ مَا لَا يَلْتَصِقُ - ويُقَرِّبَ مَا لَا يَتَقَارَبُ - فَاللَّه
اللَّه أَنْ تَشْكُوا إِلَى مَنْ لَا يُشْكِي (1395) شَجْوَكُمْ (1396) - ولَا يَنْقُضُ
بِرَأْيِه مَا قَدْ أَبْرَمَ لَكُمْ - إِنَّه لَيْسَ عَلَى الإِمَامِ إِلَّا مَا
حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّه - الإِبْلَاغُ فِي الْمَوْعِظَةِ - والِاجْتِهَادُ
فِي النَّصِيحَةِ - والإِحْيَاءُ لِلسُّنَّةِ - وإِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا
- وإِصْدَارُ السُّهْمَانِ (1397) عَلَى أَهْلِهَا -
فَبَادِرُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ تَصْوِيحِ (1398) نَبْتِه - ومِنْ قَبْلِ أَنْ تُشْغَلُوا بِأَنْفُسِكُمْ - عَنْ
مُسْتَثَارِ (1399) الْعِلْمِ مِنْ
عِنْدِ أَهْلِه - وانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وتَنَاهَوْا عَنْه - فَإِنَّمَا
أُمِرْتُمْ بِالنَّهْيِ بَعْدَ التَّنَاهِي! -----------------------------
|
|||||||||||||||
106- و من خطبة له و فيها يبين فضل الإسلام و يذكر
الرسول الكريم ثم يلوم أصحابه :
|
|||||||||||||||
دين الإسلام
|
|||||||||||||||
106 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يبين فضل الإسلام
ويذكر الرسول الكريم ثم يلوم أصحابه دين الإسلام الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي شَرَعَ
الإِسْلَامَ - فَسَهَّلَ شَرَائِعَه لِمَنْ وَرَدَه - وأَعَزَّ أَرْكَانَه عَلَى
مَنْ غَالَبَه - فَجَعَلَه أَمْناً لِمَنْ عَلِقَه (1400) - وسِلْماً لِمَنْ دَخَلَه - وبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِه -
وشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْه - ونُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِه وفَهْماً
لِمَنْ عَقَلَ - ولُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ - وآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ - وتَبْصِرَةً
لِمَنْ عَزَمَ - وعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ ونَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ وثِقَةً
لِمَنْ تَوَكَّلَ - ورَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ وجُنَّةً (1401) لِمَنْ صَبَرَ - فَهُوَ أَبْلَجُ الْمَنَاهِجِ (1402) وأَوْضَحُ الْوَلَائِجِ (1403) - مُشْرَفُ
الْمَنَارِ (1404) مُشْرِقُ
الْجَوَادِّ (1405) - مُضِيءُ
الْمَصَابِيحِ كَرِيمُ الْمِضْمَارِ (1406) - رَفِيعُ
الْغَايَةِ جَامِعُ الْحَلْبَةِ (1407) - مُتَنَافِسُ
السُّبْقَةِ (1408) شَرِيفُ
الْفُرْسَانِ - التَّصْدِيقُ مِنْهَاجُه - والصَّالِحَاتُ مَنَارُه - والْمَوْتُ
غَايَتُه والدُّنْيَا مِضْمَارُه - والْقِيَامَةُ حَلْبَتُه والْجَنَّةُ
سُبْقَتُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
و منها في ذكر النبي
|
|||||||||||||||
ومنها في ذكر النبي صلى
الله عليه وآله حَتَّى أَوْرَى (1409) قَبَساً لِقَابِسٍ (1410) - وأَنَارَ عَلَماً
لِحَابِسٍ (1411) - فَهُوَ
أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ - وشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ - وبَعِيثُكَ (1412) نِعْمَةً ورَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً - اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَه
مَقْسَماً (1413) مِنْ عَدْلِكَ -
واجْزِه مُضَعَّفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ - اللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى
بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَه - وأَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَه (1414) - وشَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَه - وآتِه الْوَسِيلَةَ وأَعْطِه
السَّنَاءَ (1415) والْفَضِيلَةَ -
واحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِه - غَيْرَ خَزَايَا (1416) ولَا نَادِمِينَ - ولَا نَاكِبِينَ (1417) ولَا نَاكِثِينَ (1418) - ولَا ضَالِّينَ
ولَا مُضِلِّينَ ولَا مَفْتُونِينَ. قال الشريف - وقد
مضى هذا الكلام فيما تقدم - إلا أننا كررناه هاهنا - لما في الروايتين من
الاختلاف. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
و منها في خطاب أصحابه
|
|||||||||||||||
ومنها في خطاب أصحابه وقَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللَّه
تَعَالَى لَكُمْ - مَنْزِلَةً تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ - وتُوصَلُ بِهَا
جِيرَانُكُمْ - ويُعَظِّمُكُمْ مَنْ لَا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْه - ولَا يَدَ
لَكُمْ عِنْدَه - ويَهَابُكُمْ مَنْ لَا يَخَافُ لَكُمْ سَطْوَةً - ولَا لَكُمْ
عَلَيْه إِمْرَةٌ - وقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللَّه مَنْقُوضَةً فَلَا
تَغْضَبُونَ - وأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ - وكَانَتْ
أُمُورُ اللَّه عَلَيْكُمْ تَرِدُ - وعَنْكُمْ تَصْدُرُ وإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ -
فَمَكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ - وأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ
أَزِمَّتَكُمْ - وأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللَّه فِي أَيْدِيهِمْ - يَعْمَلُونَ
بِالشُّبُهَاتِ - ويَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ - وايْمُ اللَّه لَوْ
فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ - لَجَمَعَكُمُ اللَّه لِشَرِّ يَوْمٍ
لَهُمْ! . |
|||||||||||||||
107 و من كلام له في بعض أيام صفين :
|
|||||||||||||||
107 - ومن كلام له عليهالسلام في بعض أيام صفين وقَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ -
وانْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ - تَحُوزُكُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ (1419) - وأَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ - وأَنْتُمْ لَهَامِيمُ (1420) الْعَرَبِ - ويَآفِيخُ (1421) الشَّرَفِ -
والأَنْفُ الْمُقَدَّمُ - والسَّنَامُ الأَعْظَمُ - ولَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ (1422) صَدْرِي - أَنْ رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ (1423) - تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ - وتُزِيلُونَهُمْ عَنْ
مَوَاقِفِهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ - حَسّاً بِالنِّصَالِ (1424) وشَجْراً بِالرِّمَاحِ (1425) - تَرْكَبُ
أُوْلَاهُمْ - أُخْرَاهُمْ كَالإِبِلِ الْهِيمِ (1426) الْمَطْرُودَةِ - تُرْمَى عَنْ حِيَاضِهَا - وتُذَادُ (1427) عَنْ مَوَارِدِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
108 و من خطبة له و هي من خطب الملاحم :
|
|||||||||||||||
اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
اللَّه تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِه
بِخَلْقِه - والظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِه - خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ
غَيْرِ رَوِيَّةٍ - إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِذَوِي
الضَّمَائِرِ (1428) - ولَيْسَ بِذِي
ضَمِيرٍ فِي نَفْسِه - خَرَقَ عِلْمُه بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَاتِ (1429) - وأَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ. ----------------------------- (1427) تُذَادُ:
تمنع. (1428)
المراد «بذوي الضمائر» ذوو القلوب والحواسّ البدائية. (1429)
السّترات: جمع سترة ما يستر به أيّا كان.. |
|||||||||||||||
وَ مِنْهَا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ
|
|||||||||||||||
ومِنْهَا فِي ذِكْرِ صلىاللهعليهوآله: النَّبِيِّ عليهالسلام اخْتَارَه مِنْ شَجَرَةِ الأَنْبِيَاءِ -
ومِشْكَاةِ الضِّيَاءِ (1430) وذُؤَابَةِ
الْعَلْيَاءِ (1431) - وسُرَّةِ
الْبَطْحَاءِ (1432) ومَصَابِيحِ
الظُّلْمَةِ - ويَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ. ----------------------------- (1430) المِشْكاة: كل
كوّة غير نافذة ومن العادة أن يوضع فيها المصباح. (1431)
الذّؤابة: الناصية أو منبتها من الرأس. (1432)
البَطْحاء: ما بين أخشبي مكة كانت تسكنه قبائل من قريش ويقال لهم
قريش البطاح. |
|||||||||||||||
فتنة بني أمية
|
|||||||||||||||
فتنة بني أمية ومنها: طَبِيبٌ دَوَّارٌ
بِطِبِّه قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَه - وأَحْمَى مَوَاسِمَه (1433) يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْه - مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ
وآذَانٍ صُمٍّ - وأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ - مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِه مَوَاضِعَ
الْغَفْلَةِ - ومَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ
الْحِكْمَةِ - ولَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ - فَهُمْ فِي
ذَلِكَ كَالأَنْعَامِ السَّائِمَةِ - والصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ. قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ (1434) لأَهْلِ الْبَصَائِرِ - ووَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا (1435) - وأَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا - وظَهَرَتِ الْعَلَامَةُ
لِمُتَوَسِّمِهَا - مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ - وأَرْوَاحاً
بِلَا أَشْبَاحٍ - ونُسَّاكاً بِلَا صَلَاحٍ - وتُجَّاراً بِلَا أَرْبَاحٍ -
وأَيْقَاظاً نُوَّماً - وشُهُوداً غُيَّباً - ونَاظِرَةً عَمْيَاءَ - وسَامِعَةً
صَمَّاءَ - ونَاطِقَةً بَكْمَاءَ رَايَةُ ضَلَالٍ قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا (1436) - وتَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا (1437) - تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا (1438) - وتَخْبِطُكُمْ
بِبَاعِهَا (1439) - قَائِدُهَا
خَارِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ - قَائِمٌ عَلَى الضِّلَّةِ؛ فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ
مِنْكُمْ إِلَّا ثُفَالَةٌ (1440) كَثُفَالَةِ
الْقِدْرِ - أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ (1441) - تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الأَدِيمِ (1442) - وتَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ (1443) - وتَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ - اسْتِخْلَاصَ الطَّيْرِ
الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ (1444) - مِنْ بَيْنِ
هَزِيلِ الْحَبِّ. أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ -
وتَتِيه بِكُمُ الْغَيَاهِبُ - وتَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ - ومِنْ أَيْنَ
تُؤْتَوْنَ - وأَنَّى تُؤْفَكُونَ - فَ (لِكُلِّ
أَجَلٍ كِتابٌ) - ولِكُلِّ غَيْبَةٍ إِيَابٌ -
فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ (1445) - وأَحْضِرُوه
قُلُوبَكُمْ - واسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ (1446) - ولْيَصْدُقْ رَائِدٌ (1447) أَهْلَه -
ولْيَجْمَعْ شَمْلَه - ولْيُحْضِرْ ذِهْنَه - فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الأَمْرَ
فَلْقَ الْخَرَزَةِ - وقَرَفَه قَرْفَ الصَّمْغَةِ (1448) فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَه - ورَكِبَ الْجَهْلُ
مَرَاكِبَه - وعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ وقَلَّتِ الدَّاعِيَةُ - وصَالَ الدَّهْرُ
صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ - وهَدَرَ فَنِيقُ (1449) الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ (1450) - وتَوَاخَى
النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ - وتَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ - وتَحَابُّوا عَلَى
الْكَذِبِ - وتَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ - فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ
الْوَلَدُ غَيْظاً (1451) - والْمَطَرُ
قَيْظاً (1452) وتَفِيضُ
اللِّئَامُ فَيْضاً (1453) - وتَغِيضُ
الْكِرَامُ غَيْضاً - وكَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً - وسَلَاطِينُه
سِبَاعاً وأَوْسَاطُه أُكَّالًا - وفُقَرَاؤُه أَمْوَاتاً وغَارَ الصِّدْقُ -
وفَاضَ الْكَذِبُ - واسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ - وتَشَاجَرَ
النَّاسُ بِالْقُلُوبِ - وصَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً - والْعَفَافُ عَجَباً –
ولُبِسَ الإِسْلَامُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوباً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
109 و من خطبة له في بيان قدرة اللّه و انفراده بالعظمة و أمر
البعث :
|
|||||||||||||||
قدرة اللّه
|
|||||||||||||||
109 - ومن خطبة له عليهالسلام في بيان قدرة اللَّه
وانفراده بالعظمة وأمر البعث قدرة اللَّه كُلُّ شَيْءٍ خَاشِعٌ لَه - وكُلُّ شَيْءٍ
قَائِمٌ بِه - غِنَى كُلِّ فَقِيرٍ - وعِزُّ كُلِّ ذَلِيلٍ - وقُوَّةُ كُلِّ
ضَعِيفٍ - ومَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ - مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَه - ومَنْ
سَكَتَ عَلِمَ سِرَّه - ومَنْ عَاشَ فَعَلَيْه رِزْقُه - ومَنْ مَاتَ فَإِلَيْه
مُنْقَلَبُه - لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ - بَلْ كُنْتَ قَبْلَ
الْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ - لَمْ تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَةٍ - ولَا
اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَةٍ - ولَا يَسْبِقُكَ مَنْ طَلَبْتَ - ولَا
يُفْلِتُكَ (1454) مَنْ أَخَذْتَ -
ولَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ - ولَا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مَنْ
أَطَاعَكَ - ولَا يَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ - ولَا يَسْتَغْنِي
عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ - كُلُّ سِرٍّ عِنْدَكَ عَلَانِيَةٌ -
وكُلُّ غَيْبٍ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ - أَنْتَ الأَبَدُ فَلَا أَمَدَ لَكَ -
وأَنْتَ الْمُنْتَهَى فَلَا مَحِيصَ عَنْكَ - وأَنْتَ الْمَوْعِدُ فَلَا مَنْجَى
مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ - بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ - وإِلَيْكَ
مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَةٍ - سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ - سُبْحَانَكَ مَا
أَعْظَمَ مَا نَرَى مِنْ خَلْقِكَ - ومَا أَصْغَرَ كُلَّ عَظِيمَةٍ فِي جَنْبِ
قُدْرَتِكَ - ومَا أَهْوَلَ مَا نَرَى مِنْ مَلَكُوتِكَ - ومَا أَحْقَرَ ذَلِكَ
فِيمَا غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ - ومَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا
- ومَا أَصْغَرَهَا فِي نِعَمِ الآخِرَةِ. ----------------------------- (1454) لا يُفْلِتُكَ: لا
ينفلت منك |
|||||||||||||||
الملائكة الكرام
|
|||||||||||||||
الملائكة الكرام ومنها: مِنْ مَلَائِكَةٍ أَسْكَنْتَهُمْ
سَمَاوَاتِكَ - ورَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ - هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ -
وأَخْوَفُهُمْ لَكَ وأَقْرَبُهُمْ مِنْكَ - لَمْ يَسْكُنُوا الأَصْلَابَ - ولَمْ
يُضَمَّنُوا الأَرْحَامَ - ولَمْ يُخْلَقُوا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (1455) - ولَمْ يَتَشَعَّبْهُمْ رَيْبُ الْمَنُونِ (1456) - وإِنَّهُمْ عَلَى مَكَانِهِمْ مِنْكَ - ومَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ
واسْتِجْمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فِيكَ - وكَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ وقِلَّةِ
غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ - لَوْ عَايَنُوا كُنْه مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ
مِنْكَ - لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ ولَزَرَوْا (1457) عَلَى أَنْفُسِهِمْ - ولَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوكَ حَقَّ
عِبَادَتِكَ - ولَمْ يُطِيعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ. ----------------------------- (1455) المَهِين:
الحقير يريد النطفة. (1456)
المَنُون: الدهر. والرّيب: صرفه. أي لم تفرّقهم صروف الزمان. (1457)
زَرَى عليه: - كرمى - عابه. . |
|||||||||||||||
عصيان الخلق
|
|||||||||||||||
عصيان الخلق سُبْحَانَكَ خَالِقاً ومَعْبُوداً -
بِحُسْنِ بَلَائِكَ (1458) عِنْدَ خَلْقِكَ
خَلَقْتَ دَاراً - وجَعَلْتَ فِيهَا مَأْدُبَةً (1459) - مَشْرَباً ومَطْعَماً وأَزْوَاجاً - وخَدَماً وقُصُوراً -
وأَنْهَاراً وزُرُوعاً وثِمَاراً - ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِياً يَدْعُو إِلَيْهَا
- فَلَا الدَّاعِيَ أَجَابُوا - ولَا فِيمَا رَغَّبْتَ رَغِبُوا - ولَا إِلَى
مَا شَوَّقْتَ إِلَيْه اشْتَاقُوا - أَقْبَلُوا عَلَى جِيفَةٍ قَدِ افْتَضَحُوا
بِأَكْلِهَا - واصْطَلَحُوا عَلَى حُبِّهَا - ومَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى (1460) بَصَرَه - وأَمْرَضَ قَلْبَه - فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ غَيْرِ
صَحِيحَةٍ - ويَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَيْرِ سَمِيعَةٍ - قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ
عَقْلَه - وأَمَاتَتِ الدُّنْيَا قَلْبَه - ووَلِهَتْ عَلَيْهَا نَفْسُه -
فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا - ولِمَنْ فِي يَدَيْه شَيْءٌ مِنْهَا - حَيْثُمَا زَالَتْ
زَالَ إِلَيْهَا - وحَيْثُمَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا - لَا يَنْزَجِرُ
مِنَ اللَّه بِزَاجِرٍ - ولَا يَتَّعِظُ مِنْه بِوَاعِظٍ - وهُوَ يَرَى
الْمَأْخُوذِينَ عَلَى الْغِرَّةِ (1461) - حَيْثُ لَا
إِقَالَةَ ولَا رَجْعَةَ - كَيْفَ نَزَلَ بِهِمْ مَا كَانُوا يَجْهَلُونَ -
وجَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا مَا كَانُوا يَأْمَنُونَ - وقَدِمُوا مِنَ
الآخِرَةِ عَلَى مَا كَانُوا يُوعَدُونَ - فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهِمْ
- اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ - وحَسْرَةُ الْفَوْتِ فَفَتَرَتْ
لَهَا أَطْرَافُهُمْ - وتَغَيَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ - ثُمَّ ازْدَادَ
الْمَوْتُ فِيهِمْ وُلُوجاً (1462) - فَحِيلَ بَيْنَ
أَحَدِهِمْ وبَيْنَ مَنْطِقِه - وإِنَّه لَبَيْنَ أَهْلِه يَنْظُرُ بِبَصَرِه -
ويَسْمَعُ بِأُذُنِه عَلَى صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِه - وبَقَاءٍ مِنْ لُبِّه -
يُفَكِّرُ فِيمَ أَفْنَى عُمُرَه - وفِيمَ أَذْهَبَ دَهْرَه - ويَتَذَكَّرُ
أَمْوَالًا جَمَعَهَا أَغْمَضَ (1453) فِي مَطَالِبِهَا
- وأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا ومُشْتَبِهَاتِهَا - قَدْ لَزِمَتْه
تَبِعَاتُ (1464) جَمْعِهَا -
وأَشْرَفَ عَلَى فِرَاقِهَا - تَبْقَى لِمَنْ وَرَاءَه يَنْعَمُونَ فِيهَا -
ويَتَمَتَّعُونَ بِهَا - فَيَكُونُ الْمَهْنَأُ (1465) لِغَيْرِه والْعِبْءُ (1466) عَلَى ظَهْرِه -
والْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُه (1467) بِهَا - فَهُوَ
يَعَضُّ يَدَه نَدَامَةً - عَلَى مَا أَصْحَرَ (1468) لَه عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِه - ويَزْهَدُ فِيمَا كَانَ يَرْغَبُ
فِيه أَيَّامَ عُمُرِه - ويَتَمَنَّى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَغْبِطُه بِهَا -
ويَحْسُدُه عَلَيْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَه - فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ
فِي جَسَدِه - حَتَّى خَالَطَ لِسَانُه سَمْعَه - فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِه لَا
يَنْطِقُ بِلِسَانِه (1469) - ولَا يَسْمَعُ
بِسَمْعِه - يُرَدِّدُ طَرْفَه بِالنَّظَرِ فِي وُجُوهِهِمْ - يَرَى حَرَكَاتِ
أَلْسِنَتِهِمْ - ولَا يَسْمَعُ رَجْعَ كَلَامِهِمْ - ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ
الْتِيَاطاً (1470) بِه - فَقُبِضَ
بَصَرُه كَمَا قُبِضَ سَمْعُه وخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِه - فَصَارَ
جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِه - قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِه - وتَبَاعَدُوا مِنْ
قُرْبِه - لَا يُسْعِدُ بَاكِياً ولَا يُجِيبُ دَاعِياً - ثُمَّ حَمَلُوه إِلَى
مَخَطٌّ فِي الأَرْضِ - فَأَسْلَمُوه فِيه إِلَى عَمَلِه - وانْقَطَعُوا عَنْ
زَوْرَتِه(1471). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
القيامة
|
|||||||||||||||
القيامة حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَه -
والأَمْرُ مَقَادِيرَه - وأُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِه - وجَاءَ مِنْ
أَمْرِ اللَّه مَا يُرِيدُه - مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِه - أَمَادَ (1472) السَّمَاءَ وفَطَرَهَا (1473) - وأَرَجَّ
الأَرْضَ وأَرْجَفَهَا - وقَلَعَ جِبَالَهَا ونَسَفَهَا - ودَكَّ بَعْضُهَا
بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلَالَتِه - ومَخُوفِ سَطْوَتِه - وأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا
فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلَاقِهِمْ (1474) - وجَمَعَهُمْ
بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ - ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُه مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ -
عَنْ خَفَايَا الأَعْمَالِ وخَبَايَا الأَفْعَالِ - وجَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ -
أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلَاءِ وانْتَقَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ - فَأَمَّا أَهْلُ
الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِه - وخَلَّدَهُمْ فِي دَارِه - حَيْثُ لَا
يَظْعَنُ النُّزَّالُ - ولَا تَتَغَيَّرُ بِهِمُ الْحَالُ - ولَا تَنُوبُهُمُ
الأَفْزَاعُ (1475) - ولَا
تَنَالُهُمُ الأَسْقَامُ ولَا تَعْرِضُ لَهُمُ الأَخْطَارُ - ولَا تُشْخِصُهُمُ (1476) الأَسْفَارُ - وأَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ - فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ
دَارٍ وغَلَّ الأَيْدِيَ إِلَى الأَعْنَاقِ - وقَرَنَ النَّوَاصِيَ
بِالأَقْدَامِ - وأَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ الْقَطِرَانِ (1477) - ومُقَطَّعَاتِ (1478) النِّيرَانِ - فِي
عَذَابٍ قَدِ اشْتَدَّ حَرُّه - وبَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِه - فِي نَارٍ
لَهَا كَلَبٌ (1479) ولَجَبٌ (1480) - ولَهَبٌ سَاطِعٌ وقَصِيفٌ (1481) هَائِلٌ - لَا يَظْعَنُ مُقِيمُهَا - ولَا يُفَادَى أَسِيرُهَا - ولَا
تُفْصَمُ كُبُولُهَا (1482) - لَا مُدَّةَ
لِلدَّارِ فَتَفْنَى - ولَا أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضَى. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
زهد النبي
|
|||||||||||||||
زهد النبي ومنها في ذكر النبي صلىاللهعليهوآله
- قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا وصَغَّرَهَا - وأَهْوَنَ بِهَا وهَوَّنَهَا - وعَلِمَ
أَنَّ اللَّه زَوَاهَا (1483) عَنْه اخْتِيَاراً
- وبَسَطَهَا لِغَيْرِه احْتِقَاراً - فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِه - وأَمَاتَ
ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِه - وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِه -
لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً (1484) - أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً - بَلَّغَ عَنْ رَبِّه مُعْذِراً (1485) - ونَصَحَ لأُمَّتِه مُنْذِراً - ودَعَا إِلَى الْجَنَّةِ مُبَشِّراً -
وخَوَّفَ مِنَ النَّارِ مُحَذِّراً. ----------------------------- (1483) زَوَاها:
قبضها. (1484)
الرِّيَاش: اللباس الفاخر. (1485)
مُعْذِراً: مبيّنا لله حجة تقوم مقام العذر في عقابهم إن خالفوا
أمره. |
|||||||||||||||
أهل البيت
|
|||||||||||||||
أهل البيت نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ - ومَحَطُّ
الرِّسَالَةِ - ومُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ (1486) ومَعَادِنُ الْعِلْمِ
ويَنَابِيعُ الْحُكْمِ - نَاصِرُنَا ومُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ -
وعَدُوُّنَا ومُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ. ----------------------------- (1486) مُخْتَلَف الملائكة: -
بفتح اللام - محل اختلافهم أي ورود واحد منهم بعد الآخر فيكون الثاني كأنه خلف
للأول وهكذا. |
|||||||||||||||
110 و من خطبة له في أركان الدين :
|
|||||||||||||||
الإسلام
|
|||||||||||||||
110 - ومن خطبة له عليهالسلام في أركان الدين الإسلام إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِه
الْمُتَوَسِّلُونَ - إِلَى اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى - الإِيمَانُ بِه
وبِرَسُولِه والْجِهَادُ فِي سَبِيلِه - فَإِنَّه ذِرْوَةُ الإِسْلَامِ -
وكَلِمَةُ الإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ - وإِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا
الْمِلَّةُ - وإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ - وصَوْمُ
شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّه جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ - وحَجُّ الْبَيْتِ
واعْتِمَارُه - فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ ويَرْحَضَانِ الذَّنْبَ (1487) - وصِلَةُ الرَّحِمِ - فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ ومَنْسَأَةٌ (1488) فِي الأَجَلِ - وصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ
- وصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ - وصَنَائِعُ
الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ. أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللَّه فَإِنَّه
أَحْسَنُ الذِّكْرِ - وارْغَبُوا فِيمَا وَعَدَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّ وَعْدَه
أَصْدَقُ الْوَعْدِ - واقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّه أَفْضَلُ
الْهَدْيِ - واسْتَنُّوا بِسُنَّتِه فَإِنَّهَا أَهْدَى السُّنَنِ. ----------------------------- (1487) رَحَضَه: -
كمنعه - غسله. (1488)
مَنْسَأة: مطال فيه ومزيد. |
|||||||||||||||
فضل القرآن
|
|||||||||||||||
فضل القرآن وتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّه
أَحْسَنُ الْحَدِيثِ - وتَفَقَّهُوا فِيه فَإِنَّه رَبِيعُ الْقُلُوبِ -
واسْتَشْفُوا بِنُورِه فَإِنَّه شِفَاءُ الصُّدُورِ - وأَحْسِنُوا تِلَاوَتَه
فَإِنَّه أَنْفَعُ الْقَصَصِ - وإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِه -
كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِه - بَلِ
الْحُجَّةُ عَلَيْه أَعْظَمُ والْحَسْرَةُ لَه أَلْزَمُ - وهُوَ عِنْدَ اللَّه
أَلْوَمُ (1489). ----------------------------- (1489) ألْوَمُ: أشد
لوما لنفسه لأنه لا يجد عذرا يقبل أو يرد. |
|||||||||||||||
111 و من خطبة له في ذم الدنيا :
|
|||||||||||||||
111 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم الدنيا أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ
الدُّنْيَا - فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ - حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ
وتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ - ورَاقَتْ بِالْقَلِيلِ وتَحَلَّتْ بِالآمَالِ -
وتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ لَا تَدُومُ حَبْرَتُهَا (1490) - ولَا تُؤْمَنُ فَجْعَتُهَا - غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ حَائِلَةٌ (1491) زَائِلَةٌ - نَافِدَةٌ (1492) بَائِدَةٌ (1493) أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ (1494) - لَا تَعْدُو -
إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا والرِّضَاءِ بِهَا
- أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى سُبْحَانَه - «كَماءٍ
أَنْزَلْناه مِنَ السَّماءِ - فَاخْتَلَطَ بِه نَباتُ الأَرْضِ - فَأَصْبَحَ
هَشِيماً (1495) تَذْرُوه
الرِّياحُ - وكانَ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً» - لَمْ يَكُنِ
امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَةٍ - إِلَّا أَعْقَبَتْه بَعْدَهَا عَبْرَةً (1496) - ولَمْ يَلْقَ فِي سَرَّائِهَا بَطْناً (1497) - إِلَّا مَنَحَتْه مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً (1498) ولَمْ تَطُلَّه (1499) فِيهَا دِيمَةُ (1500) رَخَاءٍ (1501) - إِلَّا هَتَنَتْ
(1502) عَلَيْه مُزْنَةُ
بَلَاءٍ - وحَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَه مُنْتَصِرَةً - أَنْ تُمْسِيَ لَه
مُتَنَكِّرَةً - وإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ واحْلَوْلَى - أَمَرَّ
مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى (1503) - لَا يَنَالُ
امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا (1504) رَغَباً (1505) - إِلَّا أَرْهَقَتْه (1506) مِنْ نَوَائِبِهَا
تَعَباً - ولَا يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْنٍ - إِلَّا أَصْبَحَ عَلَى
قَوَادِمِ (1507) خَوْفٍ -
غَرَّارَةٌ غُرُورٌ مَا فِيهَا فَانِيَةٌ - فَانٍ مَنْ عَلَيْهَا - لَا خَيْرَ
فِي شَيْءٍ مِنْ أَزْوَادِهَا إِلَّا التَّقْوَى - مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا
اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤْمِنُه - ومَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا
يُوبِقُه (1508) - وزَالَ عَمَّا
قَلِيلٍ عَنْه - كَمْ مِنْ وَاثِقٍ بِهَا قَدْ فَجَعَتْه - وذِي طُمَأْنِينَةٍ
إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْه - وذِي أُبَّهَةٍ (1509) قَدْ جَعَلَتْه حَقِيراً - وذِي نَخْوَةٍ (1510) قَدْ رَدَّتْه ذَلِيلًا - سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ (1511) وعَيْشُهَا رَنِقٌ (1512) - وعَذْبُهَا
أُجَاجٌ (1513) وحُلْوُهَا صَبِرٌ
(1514) - وغِذَاؤُهَا
سِمَامٌ (1515) وأَسْبَابُهَا
رِمَامٌ (1516) - حَيُّهَا
بِعَرَضِ مَوْتٍ - وصَحِيحُهَا بِعَرَضِ سُقْمٍ - مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ -
وعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ - ومَوْفُورُهَا (1517) مَنْكُوبٌ - وجَارُهَا مَحْرُوبٌ (1518) - أَلَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ - مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ
أَعْمَاراً - وأَبْقَى آثَاراً وأَبْعَدَ آمَالًا - وأَعَدَّ عَدِيداً وأَكْثَفَ
جُنُوداً - تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ - وآثَرُوهَا أَيَّ
إِيْثَارٍ - ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِغَيْرِ زَادٍ مُبَلِّغٍ - ولَا ظَهْرٍ
قَاطِعٍ (1519) - فَهَلْ
بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَةٍ - أَوْ
أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ - أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً - بَلْ
أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ (1521) - وأَوْهَقَتْهُمْ
بِالْقَوَارِعِ (1522) - وضَعْضَعَتْهُمْ
(1523) بِالنَّوَائِبِ -
وعَفَّرَتْهُمْ (1524) لِلْمَنَاخِرِ
ووَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ (1525) - وأَعَانَتْ
عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ - فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ
لَهَا (1526) - وآثَرَهَا
وأَخْلَدَ إِلَيْهَا (1527) - حِينَ ظَعَنُوا
عَنْهَا لِفِرَاقِ الأَبَدِ - وهَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ (1528) - أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ (1529) - أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ - أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ
إِلَّا النَّدَامَةَ - أَفَهَذِه تُؤْثِرُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ -
أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ - فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا -
ولَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا - فَاعْلَمُوا وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
- بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وظَاعِنُونَ عَنْهَا - واتَّعِظُوا فِيهَا
بِالَّذِينَ قَالُوا - «مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً» - حُمِلُوا إِلَى
قُبُورِهِمْ - فَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً (1530) - وأُنْزِلُوا الأَجْدَاثَ (1531) فَلَا يُدْعَوْنَ
ضِيفَاناً - وجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ (1532) أَجْنَانٌ (1533) - ومِنَ
التُّرَابِ أَكْفَانٌ ومِنَ الرُّفَاتِ (1534) جِيرَانٌ - فَهُمْ جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً - ولَا يَمْنَعُونَ
ضَيْماً ولَا يُبَالُونَ مَنْدَبَةً - إِنْ جِيدُوا (1535) لَمْ يَفْرَحُوا - وإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا - جَمِيعٌ وهُمْ
آحَادٌ وجِيرَةٌ وهُمْ أَبْعَادٌ - مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ -
وقَرِيبُونَ لَا يَتَقَارَبُونَ - حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ -
وجُهَلَاءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ - لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ (1536) - ولَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ - اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الأَرْضِ بَطْناً
- وبِالسَّعَةِ ضِيقاً وبِالأَهْلِ غُرْبَةً - وبِالنُّورِ ظُلْمَةً فَجَاءُوهَا
كَمَا فَارَقُوهَا - حُفَاةً عُرَاةً قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ -
إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ والدَّارِ الْبَاقِيَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَه
وتَعَالَى - «كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ - نُعِيدُه
وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ». -----------------------------
. |
|||||||||||||||
112 و من خطبة له ذكر فيها ملك الموت و توفية النفس و عجز
الخلق عن وصف اللّه :
|
|||||||||||||||
112 - ومن خطبة له عليهالسلام ذكر فيها ملك الموت وتوفية
النفس وعجز الخلق عن وصف اللَّه هَلْ تُحِسُّ بِه إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا
- أَمْ هَلْ تَرَاه إِذَا تَوَفَّى أَحَداً - بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنِينَ
فِي بَطْنِ أُمِّه - أَيَلِجُ (1537) عَلَيْه مِنْ
بَعْضِ جَوَارِحِهَا - أَمْ الرُّوحُ أَجَابَتْه بِإِذْنِ رَبِّهَا - أَمْ هُوَ
سَاكِنٌ مَعَه فِي أَحْشَائِهَا - كَيْفَ يَصِفُ إِلَهَه - مَنْ يَعْجَزُ عَنْ
صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِه! ----------------------------- (1537) يَلِجُ:
يدخل. |
|||||||||||||||
113 و من خطبة له في ذم الدنيا :
|
|||||||||||||||
113 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم الدنيا وأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا
مَنْزِلُ قُلْعَةٍ (1538) - ولَيْسَتْ
بِدَارِ نُجْعَةٍ (1539) - قَدْ
تَزَيَّنَتْ بِغُرُورِهَا - وغَرَّتْ بِزِينَتِهَا - دَارُهَا هَانَتْ عَلَى
رَبِّهَا فَخَلَطَ حَلَالَهَا بِحَرَامِهَا - وخَيْرَهَا بِشَرِّهَا وحَيَاتَهَا
بِمَوْتِهَا وحُلْوَهَا بِمُرِّهَا - لَمْ يُصْفِهَا اللَّه تَعَالَى
لأَوْلِيَائِه - ولَمْ يَضِنَّ بِهَا عَلَى أَعْدَائِه – خَيْرُهَا زَهِيدٌ
وشَرُّهَا عَتِيدٌ (1540) - وجَمْعُهَا
يَنْفَدُ ومُلْكُهَا يُسْلَبُ وعَامِرُهَا يَخْرَبُ - فَمَا خَيْرُ دَارٍ
تُنْقَضُ نَقْضَ الْبِنَاءِ - وعُمُرٍ يَفْنَى فِيهَا فَنَاءَ الزَّادِ -
ومُدَّةٍ تَنْقَطِعُ انْقِطَاعَ السَّيْرِ - اجْعَلُوا مَا افْتَرَضَ اللَّه
عَلَيْكُمْ مِنْ طَلَبِكُمْ واسْأَلُوه مِنْ أَدَاءِ حَقِّه مَا سَأَلَكُمْ. وأَسْمِعُوا دَعْوَةَ الْمَوْتِ -
آذَانَكُمْ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى بِكُمْ - إِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا
تَبْكِي قُلُوبُهُمْ وإِنْ ضَحِكُوا - ويَشْتَدُّ حُزْنُهُمْ وإِنْ فَرِحُوا -
ويَكْثُرُ مَقْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ وإِنِ اغْتَبَطُوا (1541) بِمَا رُزِقُوا - قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الآجَالِ -
وحَضَرَتْكُمْ كَوَاذِبُ الآمَالِ - فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلَكَ بِكُمْ مِنَ
الآخِرَةِ - والْعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِكُمْ مِنَ الآجِلَةِ - وإِنَّمَا أَنْتُمْ
إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللَّه - مَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ إِلَّا خُبْثُ
السَّرَائِرِ - وسُوءُ الضَّمَائِرِ - فَلَا تَوَازَرُونَ ولَا تَنَاصَحُونَ -
ولَا تَبَاذَلُونَ ولَا تَوَادُّونَ - مَا بَالُكُمْ تَفْرَحُونَ بِالْيَسِيرِ
مِنَ الدُّنْيَا تُدْرِكُونَه - ولَا يَحْزُنُكُمُ الْكَثِيرُ مِنَ الآخِرَةِ
تُحْرَمُونَه - ويُقْلِقُكُمُ الْيَسِيرُ مِنَ الدُّنْيَا يَفُوتُكُمْ - حَتَّى
يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِكُمْ - وقِلَّةِ صَبْرِكُمْ عَمَّا زُوِيَ (1542) مِنْهَا عَنْكُمْ - كَأَنَّهَا دَارُ مُقَامِكُمْ وكَأَنَّ مَتَاعَهَا
بَاقٍ عَلَيْكُمْ - ومَا يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَخَاه بِمَا
يَخَافُ مِنْ عَيْبِه - إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَه بِمِثْلِه - قَدْ
تَصَافَيْتُمْ عَلَى رَفْضِ الآجِلِ وحُبِّ الْعَاجِلِ - وصَارَ دِينُ
أَحَدِكُمْ لُعْقَةً (1543) عَلَى لِسَانِه -
صَنِيعَ مَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِه وأَحْرَزَ رِضَى سَيِّدِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
114 و من خطبة له و فيها مواعظ للناس :
|
|||||||||||||||
114 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها مواعظ للناس الْحَمْدُ لِلَّه الْوَاصِلِ الْحَمْدَ
بِالنِّعَمِ - والنِّعَمَ بِالشُّكْرِ نَحْمَدُه عَلَى آلَائِه - كَمَا
نَحْمَدُه عَلَى بَلَائِه - ونَسْتَعِينُه عَلَى هَذِه النُّفُوسِ الْبِطَاءِ (1544) - عَمَّا أُمِرَتْ بِه - السِّرَاعِ (1545) إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْه - ونَسْتَغْفِرُه مِمَّا أَحَاطَ بِه عِلْمُه
- وأَحْصَاه كِتَابُه عِلْمٌ غَيْرُ قَاصِرٍ - وكِتَابٌ غَيْرُ مُغَادِرٍ (1546) - ونُؤْمِنُ بِه إِيمَانَ مَنْ عَايَنَ الْغُيُوبَ - ووَقَفَ عَلَى
الْمَوْعُودِ - إِيمَاناً نَفَى إِخْلَاصُه الشِّرْكَ ويَقِينُه الشَّكَّ -
ونَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه - وأَنَّ
مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم عَبْدُه ورَسُولُه -
شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ وتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ - لَا يَخِفُّ مِيزَانٌ
تُوضَعَانِ فِيه - ولَا يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْه. أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - الَّتِي هِيَ الزَّادُ وبِهَا الْمَعَاذُ - زَادٌ مُبْلِغٌ ومَعَاذٌ
مُنْجِحٌ - دَعَا إِلَيْهَا أَسْمَعُ دَاعٍ - ووَعَاهَا (1547) خَيْرُ وَاعٍ - فَأَسْمَعَ دَاعِيهَا وفَازَ وَاعِيهَا. -----------------------------
عِبَادَ اللَّه إِنَّ تَقْوَى اللَّه
حَمَتْ (1548) أَوْلِيَاءَ
اللَّه مَحَارِمَه - وأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَه - حَتَّى أَسْهَرَتْ
لَيَالِيَهُمْ وأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ (1549) - فَأَخَذُوا الرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ (1550) والرِّيَّ بِالظَّمَإِ - واسْتَقْرَبُوا الأَجَلَ فَبَادَرُوا الْعَمَلَ
- وكَذَّبُوا الأَمَلَ فَلَاحَظُوا الأَجَلَ - ثُمَّ إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ
فَنَاءٍ وعَنَاءٍ وغِيَرٍ وعِبَرٍ - فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ
قَوْسَه (1551) - لَا تُخْطِئُ
سِهَامُه - ولَا تُؤْسَى (1552) جِرَاحُه يَرْمِي
الْحَيَّ بِالْمَوْتِ - والصَّحِيحَ بِالسَّقَمِ - والنَّاجِيَ بِالْعَطَبِ -
آكِلٌ لَا يَشْبَعُ وشَارِبٌ لَا يَنْقَعُ (1553) - ومِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ يَجْمَعُ مَا لَا يَأْكُلُ -
ويَبْنِي مَا لَا يَسْكُنُ - ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى اللَّه تَعَالَى - لَا مَالًا
حَمَلَ ولَا بِنَاءً نَقَلَ - ومِنْ غِيَرِهَا (1554) أَنَّكَ تَرَى الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً - والْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً -
لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا نَعِيماً زَلَّ (1555) وبُؤْساً نَزَلَ - ومِنْ عِبَرِهَا أَنَّ الْمَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى
أَمَلِه - فَيَقْتَطِعُه حُضُورُ أَجَلِه - فَلَا أَمَلٌ يُدْرَكُ - ولَا
مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ - فَسُبْحَانَ اللَّه مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا - وأَظْمَأَ
رِيَّهَا وأَضْحَى فَيْئَهَا (1556) - لَا جَاءٍ
يُرَدُّ (1557) ولَا مَاضٍ
يَرْتَدُّ - فَسُبْحَانَ اللَّه - مَا أَقْرَبَ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ
لِلَحَاقِه بِه - وأَبْعَدَ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ لِانْقِطَاعِه عَنْه! إِنَّه لَيْسَ شَيْءٌ بِشَرٍّ مِنَ
الشَّرِّ إِلَّا عِقَابُه - ولَيْسَ شَيْءٌ بِخَيْرٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا
ثَوَابُه - وكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا سَمَاعُه أَعْظَمُ مِنْ عِيَانِه -
وكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الآخِرَةِ عِيَانُه أَعْظَمُ مِنْ سَمَاعِه - فَلْيَكْفِكُمْ
مِنَ الْعِيَانِ السَّمَاعُ - ومِنَ الْغَيْبِ الْخَبَرُ - واعْلَمُوا أَنَّ مَا
نَقَصَ مِنَ الدُّنْيَا - وزَادَ فِي الآخِرَةِ - خَيْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ
الآخِرَةِ - وزَادَ فِي الدُّنْيَا - فَكَمْ مِنْ مَنْقُوصٍ رَابِحٍ ومَزِيدٍ
خَاسِرٍ - إِنَّ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِه أَوْسَعُ مِنَ الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْه
- ومَا أُحِلَّ لَكُمْ أَكْثَرُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ - فَذَرُوا مَا قَلَّ
لِمَا كَثُرَ ومَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ - قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ بِالرِّزْقِ -
وأُمِرْتُمْ بِالْعَمَلِ - فَلَا يَكُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَكُمْ طَلَبُه -
أَوْلَى بِكُمْ مِنَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْكُمْ عَمَلُه - مَعَ أَنَّه واللَّه
لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّكُّ - ودَخِلَ الْيَقِينُ (1558) - حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي ضُمِنَ لَكُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ -
وكَأَنَّ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْكُمْ قَدْ وُضِعَ عَنْكُمْ - فَبَادِرُوا
الْعَمَلَ وخَافُوا بَغْتَةَ الأَجَلِ - فَإِنَّه لَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ
الْعُمُرِ - مَا يُرْجَى مِنْ رَجْعَةِ الرِّزْقِ - مَا فَاتَ الْيَوْمَ مِنَ
الرِّزْقِ رُجِيَ غَداً زِيَادَتُه - ومَا فَاتَ أَمْسِ مِنَ الْعُمُرِ - لَمْ
يُرْجَ الْيَوْمَ رَجْعَتُه - الرَّجَاءُ مَعَ الْجَائِي والْيَأْسُ مَعَ
الْمَاضِي - فَـ «اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِه - ولا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ». -----------------------------
. |
|||||||||||||||
115 و من خطبة له في
الاستسقاء :
|
|||||||||||||||
115 - ومن خطبة له عليهالسلام في الاستسقاء اللَّهُمَّ قَدِ انْصَاحَتْ (1559) جِبَالُنَا - واغْبَرَّتْ أَرْضُنَا وهَامَتْ (1560) دَوَابُّنَا - وتَحَيَّرَتْ فِي مَرَابِضِهَا (1561) - وعَجَّتْ عَجِيجَ الثَّكَالَى (1562) عَلَى أَوْلَادِهَا - ومَلَّتِ التَّرَدُّدَ فِي مَرَاتِعِهَا -
والْحَنِينَ إِلَى مَوَارِدِهَا - اللَّهُمَّ فَارْحَمْ أَنِينَ الآنَّةِ (1563) - وحَنِينَ الْحَانَّةِ (1564) - اللَّهُمَّ
فَارْحَمْ حَيْرَتَهَا فِي مَذَاهِبِهَا - وأَنِينَهَا فِي مَوَالِجِهَا (1565) - اللَّهُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْكَ - حِينَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا
حَدَابِيرُ السِّنِينَ - وأَخْلَفَتْنَا مَخَايِلُ الْجُودِ (1566) – فَكُنْتَ الرَّجَاءَ لِلْمُبْتَئِسِ - والْبَلَاغَ لِلْمُلْتَمِسِ (1567) نَدْعُوكَ حِينَ قَنَطَ الأَنَامُ - ومُنِعَ الْغَمَامُ وهَلَكَ
السَّوَامُ (1568) - أَلَّا
تُؤَاخِذَنَا بِأَعْمَالِنَا - ولَا تَأْخُذَنَا بِذُنُوبِنَا - وانْشُرْ
عَلَيْنَا رَحْمَتَكَ بِالسَّحَابِ الْمُنْبَعِقِ (1569) - والرَّبِيعِ الْمُغْدِقِ (1570) - والنَّبَاتِ
الْمُونِقِ (1571) سَحّاً وَابِلًا (1572) - تُحْيِي بِه مَا قَدْ مَاتَ - وتَرُدُّ بِه مَا قَدْ فَاتَ -
اللَّهُمَّ سُقْيَا مِنْكَ مُحْيِيَةً مُرْوِيَةً - تَامَّةً عَامَّةً طَيِّبَةً
مُبَارَكَةً - هَنِيئَةً مَرِيعَةً (1573) - زَاكِياً (1574) نَبْتُهَا ثَامِراً (1575) فَرْعُهَا
نَاضِراً وَرَقُهَا - تُنْعِشُ بِهَا الضَّعِيفَ مِنْ عِبَادِكَ - وتُحْيِي
بِهَا الْمَيِّتَ مِنْ بِلَادِكَ - اللَّهُمَّ سُقْيَا مِنْكَ تُعْشِبُ بِهَا
نِجَادُنَا (1576) - وتَجْرِي بِهَا
وِهَادُنَا (1577) - ويُخْصِبُ بِهَا
جَنَابُنَا (1578) - وتُقْبِلُ بِهَا
ثِمَارُنَا - وتَعِيشُ بِهَا مَوَاشِينَا - وتَنْدَى بِهَا أَقَاصِينَا (1579) - وتَسْتَعِينُ بِهَا ضَوَاحِينَا (1580) - مِنْ بَرَكَاتِكَ الْوَاسِعَةِ - وعَطَايَاكَ الْجَزِيلَةِ - عَلَى
بَرِيَّتِكَ الْمُرْمِلَةِ (1581) ووَحْشِكَ
الْمُهْمَلَةِ - وأَنْزِلْ عَلَيْنَا سَمَاءً مُخْضِلَةً (1582) مِدْرَاراً هَاطِلَةً - يُدَافِعُ الْوَدْقُ مِنْهَا الْوَدْقَ (1583) - ويَحْفِزُ (1584) الْقَطْرُ مِنْهَا
الْقَطْرَ - غَيْرَ خُلَّبٍ بَرْقُهَا (1585) - ولَا جَهَامٍ عَارِضُهَا (1586) - ولَا قَزَعٍ
رَبَابُهَا (1587) - ولَا شَفَّانٍ
ذِهَابُهَا (1588) - حَتَّى يُخْصِبَ
لإِمْرَاعِهَا الْمُجْدِبُونَ - ويَحْيَا بِبَرَكَتِهَا الْمُسْنِتُونَ (1589) - فَإِنَّكَ تُنْزِلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا - وتَنْشُرُ
رَحْمَتَكَ وأَنْتَ (الْوَلِيُّ
الْحَمِيدُ). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تفسير ما في هذه الخطبة من الغريب
|
|||||||||||||||
تفسير ما في هذه الخطبة من
الغريب قال السيد الشريف رضياللهعنه
قوله عليهالسلام - انصاحت جبالنا - أي تشققت من
المحول - يقال انصاح الثوب إذا انشق - ويقال أيضا انصاح النبت - وصاح وصوح إذا جف
ويبس كله بمعنى -. وقوله وهامت دوابُّنا أي عطشت - والهُيام العطش -. وقوله
حدابير السنين جمع حِدْبار - وهي الناقة التي أنضاها السير - فشبه بها السنة
التي فشا فيها الجدب - قال ذو الرمة:
- وقوله ولا قزع ربابها - القزع القطع
الصغار المتفرقة من السحاب -. وقوله ولا شَفَّان ذهابها - فإن تقديره ولا ذات
شَفَّان ذهابها - والشَفَّان الريح الباردة - والذهاب الأمطار اللينة - فحذف ذات
لعلم السامع به. |
|||||||||||||||
116 و من خطبة له و فيها ينصح أصحابه:
|
|||||||||||||||
116 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها ينصح أصحابه أَرْسَلَه دَاعِياً إِلَى الْحَقِّ -
وشَاهِداً عَلَى الْخَلْقِ - فَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّه - غَيْرَ وَانٍ (1590) ولَا مُقَصِّرٍ - وجَاهَدَ فِي اللَّه أَعْدَاءَه - غَيْرَ وَاهِنٍ (1591) ولَا مُعَذِّرٍ (1592) - إِمَامُ مَنِ اتَّقَى
وبَصَرُ مَنِ اهْتَدَى. مِنْهَا ولَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ
مِمَّا طُوِيَ عَنْكُمْ غَيْبُه - إِذاً لَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ (1593) - تَبْكُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ - وتَلْتَدِمُونَ (1594) عَلَى أَنْفُسِكُمْ - ولَتَرَكْتُمْ أَمْوَالَكُمْ لَا حَارِسَ لَهَا -
ولَا خَالِفَ (1595) عَلَيْهَا -
ولَهَمَّتْ (1596) كُلَّ امْرِئٍ
مِنْكُمْ نَفْسُه - لَا يَلْتَفِتُ إِلَى غَيْرِهَا - ولَكِنَّكُمْ نَسِيتُمْ
مَا ذُكِّرْتُمْ - وأَمِنْتُمْ مَا حُذِّرْتُمْ - فَتَاه عَنْكُمْ رَأْيُكُمْ -
وتَشَتَّتَ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ - ولَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّه فَرَّقَ بَيْنِي
وبَيْنَكُمْ - وأَلْحَقَنِي بِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِي مِنْكُمْ - قَوْمٌ واللَّه
مَيَامِينُ (1597) الرَّأْيِ -
مَرَاجِيحُ (1598) الْحِلْمِ -
مَقَاوِيلُ (1599) بِالْحَقِّ -
مَتَارِيكُ (1600) لِلْبَغْيِ - مَضَوْا
قُدُماً (1601) عَلَى
الطَّرِيقَةِ (1602) - وأَوْجَفُوا
عَلَى الْمَحَجَّةِ (1603) - فَظَفِرُوا
بِالْعُقْبَى الدَّائِمَةِ - والْكَرَامَةِ الْبَارِدَةِ (1604) - أَمَا واللَّه لَيُسَلَّطَنَّ عَلَيْكُمْ - غُلَامُ ثَقِيفٍ
الذَّيَّالُ (1605) الْمَيَّالُ - يَأْكُلُ
خَضِرَتَكُمْ - ويُذِيبُ شَحْمَتَكُمْ - إِيه أَبَا وَذَحَةَ! قال الشريف - الوذحة
الخنفساء - وهذا القول يومئ به إلى الحجاج - وله مع الوذحة حديث - ليس هذا موضع
ذكره. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
117 و من كلام له يوبخ البخلاء بالمال و النفس :
|
|||||||||||||||
117 - ومن كلام له عليهالسلام يوبخ البخلاء بالمال والنفس فَلَا أَمْوَالَ بَذَلْتُمُوهَا لِلَّذِي
رَزَقَهَا - ولَا أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا - تَكْرُمُونَ (1606) بِاللَّه عَلَى عِبَادِه - ولَا تُكْرِمُونَ اللَّه فِي عِبَادِه -
فَاعْتَبِرُوا بِنُزُولِكُمْ مَنَازِلَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ - وانْقِطَاعِكُمْ
عَنْ أَوْصَلِ إِخْوَانِكُمْ! ----------------------------- (1606) كَرُمَ الشيء:
كحسن يحسن أي عزّ ونفس. |
|||||||||||||||
118 و من كلام له في الصالحين من أصحابه :
|
|||||||||||||||
118 - ومن كلام له عليهالسلام في الصالحين من أصحابه أَنْتُمُ الأَنْصَارُ عَلَى الْحَقِّ -
والإِخْوَانُ فِي الدِّينِ - والْجُنَنُ (1607) يَوْمَ الْبَأْسِ (1608) - والْبِطَانَةُ (1609) دُونَ النَّاسِ - بِكُمْ أَضْرِبُ الْمُدْبِرَ وأَرْجُو طَاعَةَ
الْمُقْبِلِ - فَأَعِينُونِي بِمُنَاصَحَةٍ خَلِيَّةٍ مِنَ الْغِشِّ - سَلِيمَةٍ
مِنَ الرَّيْبِ - فَوَاللَّه إِنِّي لأَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ! ----------------------------- (1607)
الجُنَن: - بضم ففتح - جمع جنّة بالضم وهي الوقاية. (1608)
البأس: الشدة. (1609)
بطانة الرجل: خواصّه وأصحاب سرّه. |
|||||||||||||||
119 و من كلام له و قد جمع الناس و حضهم على الجهاد
فسكتوا ملياً :
|
|||||||||||||||
119 - ومن كلام له عليهالسلام وقد جمع الناس - وحضهم على
الجهاد - فسكتوا مليا فَقَالَ عليهالسلام مَا بَالُكُمْ
أَمُخْرَسُونَ أَنْتُمْ - فَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ -
إِنْ سِرْتَ سِرْنَا مَعَكَ. فَقَالَ عليهالسلام - مَا
بَالُكُمْ لَا سُدِّدْتُمْ (1610) لِرُشْدٍ ولَا
هُدِيتُمْ لِقَصْدٍ - أَفِي مِثْلِ هَذَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَخْرُجَ -
وإِنَّمَا يَخْرُجُ فِي مِثْلِ هَذَا رَجُلٌ - مِمَّنْ أَرْضَاه مِنْ
شُجْعَانِكُمْ - وذَوِي بَأْسِكُمْ - ولَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَدَعَ الْجُنْدَ
والْمِصْرَ - وبَيْتَ الْمَالِ وجِبَايَةَ الأَرْضِ - والْقَضَاءَ بَيْنَ
الْمُسْلِمِينَ - والنَّظَرَ فِي حُقُوقِ الْمُطَالِبِينَ - ثُمَّ أَخْرُجَ فِي
كَتِيبَةٍ أَتْبَعُ أُخْرَى - أَتَقَلْقَلُ تَقَلْقُلَ الْقِدْحِ (1611) فِي الْجَفِيرِ (1612) الْفَارِغِ -
وإِنَّمَا أَنَا قُطْبُ الرَّحَى تَدُورُ عَلَيَّ وأَنَا بِمَكَانِي - فَإِذَا
فَارَقْتُه اسْتَحَارَ (1613) مَدَارُهَا -
واضْطَرَبَ ثِفَالُهَا (1614) - هَذَا لَعَمْرُ
اللَّه الرَّأْيُ السُّوءُ - واللَّه لَوْ لَا رَجَائِي الشَّهَادَةَ عِنْدَ
لِقَائِي الْعَدُوَّ - ولَوْ قَدْ حُمَّ (1615) لِي لِقَاؤُه - لَقَرَّبْتُ رِكَابِي (1616) - ثُمَّ شَخَصْتُ (1617) عَنْكُمْ فَلَا
أَطْلُبُكُمْ - مَا اخْتَلَفَ جَنُوبٌ وشَمَالٌ - طَعَّانِينَ عَيَّابِينَ
حَيَّادِينَ رَوَّاغِينَ - إِنَّه لَا غَنَاءَ (1618) فِي كَثْرَةِ عَدَدِكُمْ - مَعَ قِلَّةِ اجْتِمَاعِ قُلُوبِكُمْ -
لَقَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ - الَّتِي لَا يَهْلِكُ
عَلَيْهَا إِلَّا هَالِكٌ (1619) - مَنِ اسْتَقَامَ
فَإِلَى الْجَنَّةِ ومَنْ زَلَّ فَإِلَى النَّارِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
120 و من كلام له يذكر فضله و يعظ الناس :
|
|||||||||||||||
120 - ومن كلام له عليهالسلام يذكر فضله ويعظ الناس تَاللَّه لَقَدْ عُلِّمْتُ تَبْلِيغَ
الرِّسَالَاتِ - وإِتْمَامَ الْعِدَاتِ (1620) وتَمَامَ الْكَلِمَاتِ - وعِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَبْوَابُ
الْحُكْمِ وضِيَاءُ الأَمْرِ - أَلَا وإِنَّ شَرَائِعَ الدِّينِ وَاحِدَةٌ
وسُبُلَه قَاصِدَةٌ (1621) - مَنْ أَخَذَ
بِهَا لَحِقَ وغَنِمَ - ومَنْ وَقَفَ عَنْهَا ضَلَّ ونَدِمَ - اعْمَلُوا لِيَوْمٍ
تُذْخَرُ لَه الذَّخَائِرُ - وتُبْلَى فِيه السَّرَائِرُ - ومَنْ لَا يَنْفَعُه
حَاضِرُ لُبِّه - فَعَازِبُه (1622) عَنْه أَعْجَزُ
وغَائِبُه أَعْوَزُ (1623) - واتَّقُوا
نَاراً حَرُّهَا شَدِيدٌ - وقَعْرُهَا بَعِيدٌ وحِلْيَتُهَا حَدِيدٌ -
وشَرَابُهَا صَدِيدٌ (1624) -. أَلَا وإِنَّ
اللِّسَانَ الصَّالِحَ (1625) - يَجْعَلُه
اللَّه تَعَالَى لِلْمَرْءِ فِي النَّاسِ - خَيْرٌ لَه مِنَ الْمَالِ يُورِثُه
مَنْ لَا يَحْمَدُه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
121 و من خطبة له بعد
ليلة الهرير و قد قام إليه رجل من أصحابه فقال نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها
|
|||||||||||||||
121 - ومن خطبة له عليهالسلام بعد ليلة الهرير وقد قام إليه رجل من أصحابه - فقال نهيتنا
عن الحكومة ثم أمرتنا بها - فلم ندر أي الأمرين أرشد - فصفق عليهالسلام
إحدى يديه على الأخرى - ثم قال: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ (1626) - أَمَا واللَّه لَوْ أَنِّي حِينَ أَمَرْتُكُمْ - بِه حَمَلْتُكُمْ
عَلَى الْمَكْرُوه - الَّذِي يَجْعَلُ اللَّه فِيه خَيْراً - فَإِنِ
اسْتَقَمْتُمْ هَدَيْتُكُمْ - وإِنِ اعْوَجَجْتُمْ قَوَّمْتُكُمْ - وإِنْ
أَبَيْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ لَكَانَتِ الْوُثْقَى - ولَكِنْ بِمَنْ وإِلَى مَنْ
- أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي - كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ
بِالشَّوْكَةِ - وهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا (1627) مَعَهَا - اللَّهُمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هَذَا الدَّاءِ
الدَّوِيِّ (1628) - وكَلَّتِ (1629) النَّزْعَةُ بِأَشْطَانِ الرَّكِيِّ (1630) - أَيْنَ الْقَوْمُ الَّذِينَ دُعُوا إِلَى الإِسْلَامِ فَقَبِلُوه -
وقَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوه - وهِيجُوا إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُوا -
وَلَه اللِّقَاحِ (1631) إِلَى
أَوْلَادِهَا - وسَلَبُوا السُّيُوفَ أَغْمَادَهَا - وأَخَذُوا بِأَطْرَافِ
الأَرْضِ زَحْفاً زَحْفاً - وصَفّاً صَفّاً بَعْضٌ هَلَكَ وبَعْضٌ نَجَا - لَا
يُبَشَّرُونَ بِالأَحْيَاءِ (1632) - ولَا
يُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى (1632) - مُرْه (1634) الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ - خُمْصُ الْبُطُونِ (1635) مِنَ الصِّيَامِ - ذُبُلُ (1636) الشِّفَاه مِنَ
الدُّعَاءِ - صُفْرُ الأَلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ - عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ
الْخَاشِعِينَ - أُولَئِكَ إِخْوَانِي الذَّاهِبُونَ - فَحَقَّ لَنَا أَنْ
نَظْمَأَ إِلَيْهِمْ - ونَعَضَّ الأَيْدِي عَلَى فِرَاقِهِمْ - إِنَّ
الشَّيْطَانَ يُسَنِّي لَكُمْ طُرُقَه (1637) - ويُرِيدُ أَنْ يَحُلَّ دِينَكُمْ عُقْدَةً عُقْدَةً - ويُعْطِيَكُمْ
بِالْجَمَاعَةِ الْفُرْقَةَ - وبِالْفُرْقَةِ الْفِتْنَةَ - فَاصْدِفُوا (1638) عَنْ نَزَغَاتِه (1639) ونَفَثَاتِه -
واقْبَلُوا النَّصِيحَةَ مِمَّنْ أَهْدَاهَا إِلَيْكُمْ - واعْقِلُوهَا (1640) عَلَى أَنْفُسِكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
122 و من كلام له قاله للخوارج و قد خرج إلى معسكرهم و هم
مقيمون على إنكار الحكومة فقال :
|
|||||||||||||||
122 - ومن كلام له عليهالسلام قاله للخوارج وقد خرج إلى
معسكرهم - وهم مقيمون على إنكار الحكومة - فقال عليهالسلام أَكُلُّكُمْ شَهِدَ مَعَنَا صِفِّينَ -
فَقَالُوا مِنَّا مَنْ شَهِدَ - ومِنَّا مَنْ لَمْ يَشْهَدْ - قَالَ
فَامْتَازُوا فِرْقَتَيْنِ - فَلْيَكُنْ مَنْ شَهِدَ صِفِّينَ فِرْقَةً - ومَنْ
لَمْ يَشْهَدْهَا فِرْقَةً - حَتَّى أُكَلِّمَ كُلاًّ مِنْكُمْ بِكَلَامِه -
ونَادَى النَّاسَ فَقَالَ أَمْسِكُوا عَنِ الْكَلَامِ - وأَنْصِتُوا لِقَوْلِي -
وأَقْبِلُوا بِأَفْئِدَتِكُمْ إِلَيَّ - فَمَنْ نَشَدْنَاه شَهَادَةً فَلْيَقُلْ
بِعِلْمِه فِيهَا - ثُمَّ كَلَّمَهُمْ عليهالسلام بِكَلَامٍ
طَوِيلٍ - مِنْ جُمْلَتِه أَنْ قَالَ عليهالسلام: أَلَمْ تَقُولُوا عِنْدَ رَفْعِهِمُ
الْمَصَاحِفَ حِيلَةً وغِيلَةً - ومَكْراً وخَدِيعَةً إِخْوَانُنَا وأَهْلُ
دَعْوَتِنَا - اسْتَقَالُونَا واسْتَرَاحُوا إِلَى كِتَابِ اللَّه سُبْحَانَه -
فَالرَّأْيُ الْقَبُولُ مِنْهُمْ - والتَّنْفِيسُ عَنْهُمْ - فَقُلْتُ لَكُمْ
هَذَا أَمْرٌ ظَاهِرُه إِيمَانٌ - وبَاطِنُه عُدْوَانٌ - وأَوَّلُه رَحْمَةٌ
وآخِرُه نَدَامَةٌ - فَأَقِيمُوا عَلَى شَأْنِكُمْ - والْزَمُوا طَرِيقَتَكُمْ -
وعَضُّوا عَلَى الْجِهَادِ بَنَوَاجِذِكُمْ - ولَا تَلْتَفِتُوا إِلَى نَاعِقٍ
نَعَقَ - إِنْ أُجِيبَ أَضَلَّ وإِنْ تُرِكَ ذَلَّ - وقَدْ كَانَتْ هَذِه
الْفَعْلَةُ وقَدْ رَأَيْتُكُمْ أَعْطَيْتُمُوهَا - واللَّه لَئِنْ أَبَيْتُهَا
مَا وَجَبَتْ عَلَيَّ فَرِيضَتُهَا - ولَا حَمَّلَنِي اللَّه ذَنْبَهَا ووَ
اللَّه إِنْ جِئْتُهَا إِنِّي لَلْمُحِقُّ الَّذِي يُتَّبَعُ - وإِنَّ
الْكِتَابَ لَمَعِي مَا فَارَقْتُه مُذْ صَحِبْتُه فَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - وإِنَّ الْقَتْلَ لَيَدُورُ عَلَى
الآباءِ والأَبْنَاءِ - والإِخْوَانِ والْقَرَابَاتِ - فَمَا نَزْدَادُ عَلَى
كُلِّ مُصِيبَةٍ وشِدَّةٍ - إِلَّا إِيمَاناً ومُضِيّاً عَلَى الْحَقِّ -
وتَسْلِيماً لِلأَمْرِ - وصَبْراً عَلَى مَضَضِ الْجِرَاحِ - ولَكِنَّا إِنَّمَا
أَصْبَحْنَا نُقَاتِلُ إِخْوَانَنَا فِي الإِسْلَامِ - عَلَى مَا دَخَلَ فِيه
مِنَ الزَّيْغِ والِاعْوِجَاجِ - والشُّبْهَةِ والتَّأْوِيلِ - فَإِذَا
طَمِعْنَا فِي خَصْلَةٍ (1641) يَلُمُّ اللَّه
بِهَا شَعَثَنَا (1642) - ونَتَدَانَى (1643) بِهَا إِلَى الْبَقِيَّةِ فِيمَا بَيْنَنَا - رَغِبْنَا فِيهَا
وأَمْسَكْنَا عَمَّا سِوَاهَا. ----------------------------- (1641) المراد من الخَصْلة: -
بفتح الخاء - هنا الوسيلة. (1642)
لمّ شَعَثَه: جمع أمره. (1643)
نتدانى بها: نتقارب إلى ما بقي بيننا من علائق الارتباط. |
|||||||||||||||
123 و من كلام له
قاله لأصحابه في ساحة الحرب بصفين:
|
|||||||||||||||
123 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لأصحابه في ساحة الحرب
- بصفين وأَيُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَحَسَّ مِنْ
نَفْسِه - رَبَاطَةَ جَأْشٍ (1644) عِنْدَ اللِّقَاءِ
ورَأَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ إِخْوَانِه فَشَلًا (1645) - فَلْيَذُبَّ (1646) عَنْ أَخِيه
بِفَضْلِ نَجْدَتِه (1647) - الَّتِي فُضِّلَ
بِهَا عَلَيْه - كَمَا يَذُبُّ عَنْ نَفْسِه - فَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَه
مِثْلَه - إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَا يَفُوتُه الْمُقِيمُ - ولَا
يُعْجِزُه الْهَارِبُ - إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ - والَّذِي نَفْسُ
ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِه - لأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ -
مِنْ مِيتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّه وكَأَنِّي أَنْظُرُ
إِلَيْكُمْ - تَكِشُّونَ كَشِيشَ الضِّبَابِ (1648) - لَا تَأْخُذُونَ حَقّاً ولَا تَمْنَعُونَ ضَيْماً - قَدْ خُلِّيتُمْ
والطَّرِيقَ - فَالنَّجَاةُ لِلْمُقْتَحِمِ والْهَلَكَةُ لِلْمُتَلَوِّمِ (1649). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
124 و من كلام له في حث أصحابه على القتال :
|
|||||||||||||||
124 - ومن كلام له عليهالسلام في حث أصحابه على القتال فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ (1650) وأَخِّرُوا الْحَاسِرَ (1651) - وعَضُّوا عَلَى
الأَضْرَاسِ - فَإِنَّه أَنْبَى (1652) لِلسُّيُوفِ عَنِ
الْهَامِ (1653) - والْتَوُوا (1654) فِي أَطْرَافِ الرِّمَاحِ (1655) فَإِنَّه أَمْوَرُ
لِلأَسِنَّةِ - وغُضُّوا الأَبْصَارَ فَإِنَّه أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وأَسْكَنُ
لِلْقُلُوبِ - وأَمِيتُوا الأَصْوَاتَ فَإِنَّه أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ -
ورَايَتَكُمْ فَلَا تُمِيلُوهَا ولَا تُخِلُّوهَا - ولَا تَجْعَلُوهَا إِلَّا بِأَيْدِي
شُجْعَانِكُمْ - والْمَانِعِينَ الذِّمَارَ (1656) مِنْكُمْ - فَإِنَّ الصَّابِرِينَ عَلَى نُزُولِ الْحَقَائِقِ (1657) - هُمُ الَّذِينَ يَحُفُّونَ بِرَايَاتِهِمْ (1658) - ويَكْتَنِفُونَهَا (1659) حِفَافَيْهَا (1660) ووَرَاءَهَا وأَمَامَهَا - لَا يَتَأَخَّرُونَ عَنْهَا فَيُسْلِمُوهَا
- ولَا يَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهَا فَيُفْرِدُوهَا أَجْزَأَ امْرُؤٌ قِرْنَه(1661) وآسَى أَخَاه بِنَفْسِه - ولَمْ يَكِلْ قِرْنَه إِلَى أَخِيه - (1662)فَيَجْتَمِعَ عَلَيْه قِرْنُه وقِرْنُ أَخِيه - وايْمُ اللَّه لَئِنْ
فَرَرْتُمْ مِنْ سَيْفِ الْعَاجِلَةِ - لَا تَسْلَمُوا مِنْ سَيْفِ الآخِرَةِ -
وأَنْتُمْ لَهَامِيمُ(1663) الْعَرَبِ
والسَّنَامُ الأَعْظَمُ - إِنَّ فِي الْفِرَارِ مَوْجِدَةَ(1664) اللَّه والذُّلَّ اللَّازِمَ والْعَارَ الْبَاقِيَ - وإِنَّ الْفَارَّ
لَغَيْرُ مَزِيدٍ فِي عُمُرِه - ولَا مَحْجُوزٍ بَيْنَه وبَيْنَ يَوْمِه - مَنِ
الرَّائِحُ إِلَى اللَّه كَالظَّمْآنِ يَرِدُ الْمَاءَ - الْجَنَّةُ تَحْتَ
أَطْرَافِ الْعَوَالِي(1665) - الْيَوْمَ
تُبْلَى(1666) الأَخْبَارُ - واللَّه لأَنَا أَشْوَقُ إِلَى
لِقَائِهِمْ مِنْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ - اللَّهُمَّ فَإِنْ رَدُّوا الْحَقَّ
فَافْضُضْ جَمَاعَتَهُمْ - وشَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وأَبْسِلْهُمْ(1667) بِخَطَايَاهُمْ إِنَّهُمْ لَنْ
يَزُولُوا عَنْ مَوَاقِفِهِمْ - دُونَ طَعْنٍ دِرَاكٍ (1668) يَخْرُجُ مِنْهُمُ النَّسِيمُ - وضَرْبٍ يَفْلِقُ الْهَامَ ويُطِيحُ
الْعِظَامَ - ويُنْدِرُ(1669) السَّوَاعِدَ والأَقْدَامَ - وحَتَّى
يُرْمَوْا بِالْمَنَاسِرِ (1670) تَتْبَعُهَا
الْمَنَاسِرُ - ويُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ(1671) تَقْفُوهَا الْحَلَائِبُ(1672) - وحَتَّى يُجَرَّ
بِبِلَادِهِمُ الْخَمِيسُ يَتْلُوه الْخَمِيسُ - وحَتَّى تَدْعَقَ(1673) الْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ
أَرْضِهِمْ - وبِأَعْنَانِ(1674) مَسَارِبِهِمْ (1675) ومَسَارِحِهِمْ. قال السيد الشريف أقول
- الدعق الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم - ونواحر أرضهم متقابلاتها - ويقال
منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
125 و من كلام له في التحكيم و ذلك بعد سماعه لأمر الحكمين :
|
|||||||||||||||
125 - ومن كلام له عليهالسلام في التحكيم وذلك بعد سماعه لأمر
الحكمين إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ -
وإِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ هَذَا الْقُرْآنُ - إِنَّمَا هُوَ خَطٍّ
مَسْطُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ (1676) - لَا يَنْطِقُ
بِلِسَانٍ ولَا بُدَّ لَه مِنْ تَرْجُمَانٍ - وإِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْه
الرِّجَالُ - ولَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ - إلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا
الْقُرْآنَ - لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ - عَنْ كِتَابِ اللَّه
سُبْحَانَه وتَعَالَى - وقَدْ قَالَ اللَّه سُبْحَانَه - (فَإِنْ
تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوه إِلَى الله والرَّسُولِ)
- فَرَدُّه
إِلَى اللَّه أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِه - ورَدُّه إِلَى الرَّسُولِ أَنْ
نَأْخُذَ بِسُنَّتِه - فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِي كِتَابِ اللَّه -
فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِه - وإِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ وأَوْلَاهُمْ بِهَا - وأَمَّا قَوْلُكُمْ - لِمَ
جَعَلْتَ بَيْنَكَ وبَيْنَهُمْ أَجَلًا فِي التَّحْكِيمِ - فَإِنَّمَا فَعَلْتُ
ذَلِكَ لِيَتَبَيَّنَ الْجَاهِلُ - ويَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ - ولَعَلَّ اللَّه
أَنْ يُصْلِحَ فِي هَذِه الْهُدْنَةِ - أَمْرَ هَذِه الأُمَّةِ - ولَا تُؤْخَذَ
بِأَكْظَامِهَا (1677) - فَتَعْجَلَ عَنْ
تَبَيُّنِ الْحَقِّ - وتَنْقَادَ لأَوَّلِ الْغَيِّ - إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ
عِنْدَ اللَّه - مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْه - وإِنْ
نَقَصَه وكَرَثَه (1678) مِنَ الْبَاطِلِ -
وإِنْ جَرَّ إِلَيْه فَائِدَةً وزَادَه - فَأَيْنَ يُتَاه بِكُمْ - ومِنْ أَيْنَ
أُتِيتُمْ - اسْتَعِدُّوا لِلْمَسِيرِ إِلَى قَوْمٍ حَيَارَى - عَنِ الْحَقِّ
لَا يُبْصِرُونَه - ومُوزَعِينَ بِالْجَوْرِ (1679) لَا يَعْدِلُونَ بِه - جُفَاةٍ عَنِ الْكِتَابِ - نُكُبٍ (1681) عَنِ الطَّرِيقِ - مَا أَنْتُمْ بِوَثِيقَةٍ (1682) يُعْلَقُ بِهَا - ولَا زَوَافِرِ (1683) عِزٍّ يُعْتَصَمُ إِلَيْهَا - لَبِئْسَ حُشَّاشُ (1684) نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ - أُفٍّ لَكُمْ - لَقَدْ لَقِيتُ مِنْكُمْ
بَرْحاً (1685) يَوْماً
أُنَادِيكُمْ - ويَوْماً أُنَاجِيكُمْ - فَلَا أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ
النِّدَاءِ (1686) - ولَا إِخْوَانُ
ثِقَةٍ عِنْدَ النَّجَاءِ (1687). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
126 و من كلام له
لما عوتب على التسوية في العطاء :
|
|||||||||||||||
126 - ومن كلام له عليهالسلام لما عوتب على التسوية في
العطاء أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ
بِالْجَوْرِ - فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْه - واللَّه لَا أَطُورُ (1688) بِه مَا سَمَرَ سَمِيرٌ (1689) - ومَا أَمَّ (1690) نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً - لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ
بَيْنَهُمْ - فَكَيْفَ وإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّه - أَلَا وإِنَّ
إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّه تَبْذِيرٌ وإِسْرَافٌ - وهُوَ يَرْفَعُ
صَاحِبَه فِي الدُّنْيَا - ويَضَعُه فِي الآخِرَةِ - ويُكْرِمُه فِي النَّاسِ
ويُهِينُه عِنْدَ اللَّه - ولَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَه فِي غَيْرِ حَقِّه ولَا
عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه - إِلَّا حَرَمَه اللَّه شُكْرَهُمْ - وكَانَ لِغَيْرِه
وُدُّهُمْ - فَإِنْ زَلَّتْ بِه النَّعْلُ يَوْماً - فَاحْتَاجَ إِلَى
مَعُونَتِهِمْ فَشَرُّ خَلِيلٍ - وأَلأَمُ خَدِينٍ (1691)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
127 و من كلام له و فيه
يبين بعض أحكام الدين و يكشف للخوارج الشبهة و ينقض حكم الحكمين :
|
|||||||||||||||
127 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه يبين بعض أحكام الدين
ويكشف للخوارج الشبهة وينقض حكم الحكمين فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تَزْعُمُوا
أَنِّي أَخْطَأْتُ وضَلَلْتُ - فَلِمَ تُضَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله
بِضَلَالِي - وتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي - وتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوبِي -
سُيُوفُكُمْ عَلَى عَوَاتِقِكُمْ - تَضَعُونَهَا مَوَاضِعَ الْبُرْءِ والسُّقْمِ
- وتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ - وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ
رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله رَجَمَ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ -
ثُمَّ صَلَّى عَلَيْه ثُمَّ وَرَّثَه أَهْلَه - وقَتَلَ الْقَاتِلَ ووَرَّثَ
مِيرَاثَه أَهْلَه - وقَطَعَ السَّارِقَ وجَلَدَ الزَّانِيَ غَيْرَ الْمُحْصَنِ
- ثُمَّ قَسَمَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْفَيْءِ ونَكَحَا الْمُسْلِمَاتِ -
فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله بِذُنُوبِهِمْ
- وأَقَامَ حَقَّ اللَّه فِيهِمْ - ولَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ
الإِسْلَامِ - ولَمْ يُخْرِجْ أَسْمَاءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِه - ثُمَّ
أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ - ومَنْ رَمَى بِه الشَّيْطَانُ مَرَامِيَه وضَرَبَ
بِه تِيهَه - وسَيَهْلِكُ فِيَّ صِنْفَانِ - مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِه
الْحُبُّ إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ - ومُبْغِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِه الْبُغْضُ
إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ - وخَيْرُ النَّاسِ فِيَّ حَالًا النَّمَطُ الأَوْسَطُ
فَالْزَمُوه - والْزَمُوا السَّوَادَ الأَعْظَمَ - فَإِنَّ يَدَ اللَّه مَعَ
الْجَمَاعَةِ - وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ! فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ النَّاسِ
لِلشَّيْطَانِ - كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ. أَلَا مَنْ دَعَا إِلَى هَذَا الشِّعَارِ (1693) فَاقْتُلُوه - ولَوْ كَانَ تَحْتَ عِمَامَتِي هَذِه - فَإِنَّمَا
حُكِّمَ الْحَكَمَانِ لِيُحْيِيَا مَا أَحْيَا الْقُرْآنُ - ويُمِيتَا مَا
أَمَاتَ الْقُرْآنُ - وإِحْيَاؤُه الِاجْتِمَاعُ عَلَيْه - وإِمَاتَتُه
الِافْتِرَاقُ عَنْه - فَإِنْ جَرَّنَا الْقُرْآنُ إِلَيْهِمُ اتَّبَعْنَاهُمْ -
وإِنْ جَرَّهُمْ إِلَيْنَا اتَّبَعُونَا - فَلَمْ آتِ لَا أَبَا لَكُمْ بُجْراً (1694) - ولَا خَتَلْتُكُمْ (1695) عَنْ أَمْرِكُمْ -
ولَا لَبَّسْتُه عَلَيْكُمْ - إِنَّمَا اجْتَمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى
اخْتِيَارِ رَجُلَيْنِ - أَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَلَّا يَتَعَدَّيَا الْقُرْآنَ
فَتَاهَا عَنْه - وتَرَكَا الْحَقَّ وهُمَا يُبْصِرَانِه - وكَانَ الْجَوْرُ
هَوَاهُمَا فَمَضَيَا عَلَيْه - وقَدْ سَبَقَ اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا فِي
الْحُكُومَةِ بِالْعَدْلِ - والصَّمْدِ (1696) لِلْحَقِّ سُوءَ رَأْيِهِمَا وجَوْرَ حُكْمِهِمَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
128 و من كلام له
فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة :
|
|||||||||||||||
128 - ومن كلام له عليهالسلام فيما يخبر به عن الملاحم (1697)
بالبصرة يَا أَحْنَفُ كَأَنِّي بِه وقَدْ سَارَ
بِالْجَيْشِ - الَّذِي لَا يَكُونُ لَه غُبَارٌ ولَا لَجَبٌ (1698) - ولَا قَعْقَعَةُ لُجُمٍ (1699) ولَا حَمْحَمَةُ
خَيْلٍ (1700) - يُثِيرُونَ
الأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمْ - كَأَنَّهَا أَقْدَامُ النَّعَامِ. قال الشريف يومئ بذلك إلى صاحب الزنج. ثُمَّ قَالَ عليهالسلام - وَيْلٌ
لِسِكَكِكُمُ الْعَامِرَةِ (1701) والدُّورِ الْمُزَخْرَفَةِ
- الَّتِي لَهَا أَجْنِحَةٌ (1702) كَأَجْنِحَةِ
النُّسُورِ - وخَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ (1703) الْفِيَلَةِ - مِنْ أُولَئِكَ
الَّذِينَ لَا يُنْدَبُ قَتِيلُهُمْ - ولَا يُفْقَدُ غَائِبُهُمْ - أَنَا كَابُّ
الدُّنْيَا لِوَجْهِهَا - وقَادِرُهَا بِقَدْرِهَا ونَاظِرُهَا بِعَيْنِهَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
منه في وصف الأتراك
|
|||||||||||||||
منه في وصف الأتراك كَأَنِّي أَرَاهُمْ قَوْماً - «كَأَنَّ
وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطَرَّقَةُ» (1704) - يَلْبَسُونَ السَّرَقَ (1705) والدِّيبَاجَ -
ويَعْتَقِبُونَ (1706) الْخَيْلَ
الْعِتَاقَ - ويَكُونُ هُنَاكَ اسْتِحْرَارُ (1707) قَتْلٍ - حَتَّى يَمْشِيَ
الْمَجْرُوحُ عَلَى الْمَقْتُولِ - ويَكُونَ الْمُفْلِتُ أَقَلَّ مِنَ
الْمَأْسُورِ. فَقَالَ لَه بَعْضُ
أَصْحَابِه - لَقَدْ أُعْطِيتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عِلْمَ الْغَيْبِ -
فَضَحِكَ عليهالسلام وقَالَ لِلرَّجُلِ
وكَانَ كَلْبِيّاً. يَا أَخَا كَلْبٍ لَيْسَ هُوَ بِعِلْمِ
غَيْبٍ - وإِنَّمَا هُوَ تَعَلُّمٌ مِنْ ذِي عِلْمٍ - وإِنَّمَا عِلْمُ
الْغَيْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ - ومَا عَدَّدَه اللَّه سُبْحَانَه بِقَوْلِه - «إِنَّ
الله عِنْدَه عِلْمُ السَّاعَةِ - ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ ويَعْلَمُ ما فِي
الأَرْحامِ - وما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً - وما تَدْرِي نَفْسٌ
بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ» الآيَةَ - فَيَعْلَمُ اللَّه سُبْحَانَه مَا
فِي الأَرْحَامِ - مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وقَبِيحٍ أَوْ جَمِيلٍ - وسَخِيٍّ
أَوْ بَخِيلٍ - وشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ - ومَنْ يَكُونُ فِي النَّارِ حَطَباً -
أَوْ فِي الْجِنَانِ لِلنَّبِيِّينَ مُرَافِقاً - فَهَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ
الَّذِي لَا يَعْلَمُه أَحَدٌ إِلَّا اللَّه - ومَا سِوَى ذَلِكَ فَعِلْمٌ -
عَلَّمَه اللَّه نَبِيَّه فَعَلَّمَنِيه - ودَعَا لِي بِأَنْ يَعِيَه صَدْرِي -
وتَضْطَمَّ عَلَيْه جَوَانِحِي (1708) -----------------------------
. |
|||||||||||||||
129 و من خطبة له في ذكر المكاييل و الموازين :
|
|||||||||||||||
129 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذكر المكاييل والموازين عِبَادَ اللَّه إِنَّكُمْ ومَا
تَأْمُلُونَ - مِنْ هَذِه الدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ (1709) (مُؤَجَّلُونَ - ومَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ أَجَلٌ مَنْقُوصٌ - وعَمَلٌ
مَحْفُوظٌ - فَرُبَّ دَائِبٍ (1710) مُضَيَّعٌ ورُبَّ
كَادِحٍ (1711) خَاسِرٌ - وقَدْ
أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لَا يَزْدَادُ الْخَيْرُ فِيه إِلَّا إِدْبَاراً - ولَا
الشَّرُّ فِيه إِلَّا إِقْبَالًا - ولَا الشَّيْطَانُ فِي هَلَاكِ النَّاسِ
إِلَّا طَمَعاً - فَهَذَا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُه - وعَمَّتْ مَكِيدَتُه
وأَمْكَنَتْ فَرِيسَتُه (1712) - اضْرِبْ
بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ - فَهَلْ تُبْصِرُ إِلَّا فَقِيراً
يُكَابِدُ فَقْراً - أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللَّه كُفْراً - أَوْ
بَخِيلًا اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّه وَفْراً - أَوْ مُتَمَرِّداً
كَأَنَّ بِأُذُنِه عَنْ سَمْعِ الْمَوَاعِظِ وَقْراً - أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ
وصُلَحَاؤُكُمْ - وأَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وسُمَحَاؤُكُمْ - وأَيْنَ
الْمُتَوَرِّعُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ - والْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهِمْ -
أَلَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً - عَنْ هَذِه الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ -
والْعَاجِلَةِ الْمُنَغِّصَةِ - وهَلْ خُلِقْتُمْ إِلَّا فِي حُثَالَةٍ (1713) - لَا تَلْتَقِي إِلَّا بِذَمِّهِمُ الشَّفَتَانِ - اسْتِصْغَاراً
لِقَدْرِهِمْ وذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ - فَ «إِنَّا
لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ» - ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلَا مُنْكِرٌ
مُغَيِّرٌ - ولَا زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ - أَفَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا
اللَّه فِي دَارِ قُدْسِه - وتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِه عِنْدَه -
هَيْهَاتَ لَا يُخْدَعُ اللَّه عَنْ جَنَّتِه - ولَا تُنَالُ مَرْضَاتُه إِلَّا
بِطَاعَتِه - لَعَنَ اللَّه الآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَه -
والنَّاهِينَ عَنِ الْمُنْكَرِ الْعَامِلِينَ بِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
130 و من كلام له لأبي ذر رحمه الله لما أخرج إلى الربذة :
|
|||||||||||||||
130 - ومن كلام له عليهالسلام لأبي ذر رحمهالله
- لما أخرج إلى الربذة (1714) يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ لِلَّه
فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَه - إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وخِفْتَهُمْ
عَلَى دِينِكَ - فَاتْرُكْ فِي أَيْدِيهِمْ مَا خَافُوكَ عَلَيْه - واهْرُبْ
مِنْهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْه - فَمَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى مَا مَنَعْتَهُمْ
- ومَا أَغْنَاكَ عَمَّا مَنَعُوكَ - وسَتَعْلَمُ مَنِ الرَّابِحُ غَداً
والأَكْثَرُ حُسَّداً - ولَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ والأَرَضِينَ كَانَتَا عَلَى
عَبْدٍ رَتْقاً - ثُمَّ اتَّقَى اللَّه لَجَعَلَ اللَّه لَه مِنْهُمَا مَخْرَجاً
- لَا يُؤْنِسَنَّكَ إِلَّا الْحَقُّ - ولَا يُوحِشَنَّكَ إِلَّا الْبَاطِلُ -
فَلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُمْ لأَحَبُّوكَ - ولَوْ قَرَضْتَ (1715) مِنْهَا لأَمَّنُوكَ. ----------------------------- (1714) الرّبَذة:
بالتحريك موضع على قرب من المدينة المنورة فيه قبر أبي ذرّ الغفاري رضياللهعنه
والذي أخرجه اليه عثمان بن عفان. (1715)
قرضت منها: قطعت منها جزءا واختصصت به نفسك. . |
|||||||||||||||
131 و من كلام له و فيه يبين سبب طلبه الحكم و يصف الإمام الحق :
|
|||||||||||||||
131 - ومن كلام له عليهالسلام وفيه يبين سبب طلبه الحكم
ويصف الإمام الحق أَيَّتُهَا النُّفُوسُ الْمُخْتَلِفَةُ
والْقُلُوبُ الْمُتَشَتِّتَةُ - الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ والْغَائِبَةُ
عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ - أَظْأَرُكُمْ (1716) عَلَى الْحَقِّ - وأَنْتُمْ تَنْفِرُونَ عَنْه نُفُورَ الْمِعْزَى مِنْ
وَعْوَعَةِ الأَسَدِ - هَيْهَاتَ أَنْ أَطْلَعَ بِكُمْ سَرَارَ (1717) الْعَدْلِ - أَوْ أُقِيمَ اعْوِجَاجَ الْحَقِّ - اللَّهُمَّ إِنَّكَ
تَعْلَمُ - أَنَّه لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ
- ولَا الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ - ولَكِنْ لِنَرِدَ
الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ - ونُظْهِرَ الإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ - فَيَأْمَنَ
الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ - وتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ -
اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ - وسَمِعَ وأَجَابَ - لَمْ يَسْبِقْنِي
إِلَّا رَسُولُ اللَّه بِالصَّلَاةِ. وقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّه لَا يَنْبَغِي
أَنْ يَكُونَ الْوَالِي عَلَى الْفُرُوجِ - والدِّمَاءِ والْمَغَانِمِ
والأَحْكَامِ - وإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ - فَتَكُونَ فِي
أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُه (1718) - ولَا الْجَاهِلُ
فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِه - ولَا الْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِه - ولَا
الْحَائِفُ (1719) لِلدُّوَلِ (1720) فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ - ولَا الْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ -
فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ - ويَقِفَ بِهَا دُونَ الْمَقَاطِعِ (1721) - ولَا الْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ الأُمَّةَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
132 و من خطبة له يعظ فيها و يزهد في الدنيا :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
132 - ومن خطبة له عليهالسلام يعظ فيها ويزهد في الدنيا حمد اللَّه نَحْمَدُه عَلَى مَا أَخَذَ وأَعْطَى -
وعَلَى مَا أَبْلَى (1722) وابْتَلَى –
الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّةٍ - والْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ - الْعَالِمُ
بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ - ومَا تَخُونُ الْعُيُونُ - ونَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه
غَيْرُه - وأَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُه وبَعِيثُه (1723) - شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الإِعْلَانَ والْقَلْبُ
اللِّسَانَ. ----------------------------- (1722) الإبلاء:
الإحسان والانعام. والابتلاء: الامتحان. (1723)
بَعِيثه: مصطفاه ومبعوثه. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس ومنها:
فَإِنَّه واللَّه الْجِدُّ لَا اللَّعِبُ - والْحَقُّ لَا الْكَذِبُ - ومَا
هُوَ إِلَّا الْمَوْتُ أَسْمَعَ دَاعِيه (1724) - وأَعْجَلَ حَادِيه (1725) - فَلَا
يَغُرَّنَّكَ سَوَادُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ - وقَدْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ
قَبْلَكَ - مِمَّنْ جَمَعَ الْمَالَ وحَذِرَ الإِقْلَالَ - وأَمِنَ الْعَوَاقِبَ
طُولَ أَمَلٍ واسْتِبْعَادَ أَجَلٍ - كَيْفَ نَزَلَ بِه الْمَوْتُ فَأَزْعَجَه
عَنْ وَطَنِه - وأَخَذَه مِنْ مَأْمَنِه - مَحْمُولًا عَلَى أَعْوَادِ
الْمَنَايَا - يَتَعَاطَى بِه الرِّجَالُ الرِّجَالَ - حَمْلًا عَلَى
الْمَنَاكِبِ - وإِمْسَاكاً بِالأَنَامِلِ - أَمَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ
يَأْمُلُونَ بَعِيداً - ويَبْنُونَ مَشِيداً ويَجْمَعُونَ كَثِيراً - كَيْفَ
أَصْبَحَتْ بُيُوتُهُمْ قُبُوراً - ومَا جَمَعُوا بُوراً - وصَارَتْ
أَمْوَالُهُمْ لِلْوَارِثِينَ - وأَزْوَاجُهُمْ لِقَوْمٍ آخَرِينَ - لَا فِي
حَسَنَةٍ يَزِيدُونَ - ولَا مِنْ سَيِّئَةٍ يَسْتَعْتِبُونَ - فَمَنْ أَشْعَرَ
التَّقْوَى قَلْبَه بَرَّزَ مَهَلُه (1726) - وفَازَ عَمَلُه
فَاهْتَبِلُوا (1727) هَبَلَهَا -
واعْمَلُوا لِلْجَنَّةِ عَمَلَهَا - فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ
دَارَ مُقَامٍ - بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازاً - لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا
الأَعْمَالَ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ - فَكُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفَازٍ (1728) - وقَرِّبُوا الظُّهُورَ (1729) لِلزِّيَالِ (1730). -----------------------------
|
|||||||||||||||
133 و من خطبة له
يعظم اللّه سبحانه و يذكر القرآن و النبي و يعظ الناس :
|
|||||||||||||||
عظمة اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
133 - ومن خطبة له عليهالسلام يعظم اللَّه سبحانه ويذكر
القرآن والنبي ويعظ الناس عظمة اللَّه تعالى وانْقَادَتْ لَه الدُّنْيَا والآخِرَةُ
بِأَزِمَّتِهَا - وقَذَفَتْ إِلَيْه السَّمَاوَاتُ والأَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا(1731) (- وسَجَدَتْ لَه بِالْغُدُوِّ والآصَالِ الأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ -
وقَدَحَتْ (1732) لَه مِنْ
قُضْبَانِهَا النِّيرَانَ الْمُضِيئَةَ - وآتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِه
الثِّمَارُ الْيَانِعَةُ. ----------------------------- (1731) مقاليدها: جمع
مقلاد وهو المفتاح. (1732)
قَدَحَتْ: اشتعلت. |
|||||||||||||||
القرآن
|
|||||||||||||||
القرآن منها: وكِتَابُ اللَّه بَيْنَ
أَظْهُرِكُمْ - نَاطِقٌ لَا يَعْيَا لِسَانُه - وبَيْتٌ لَا تُهْدَمُ أَرْكَانُه
- وعِزٌّ لَا تُهْزَمُ أَعْوَانُه. |
|||||||||||||||
رسول اللّه
|
|||||||||||||||
رسول اللَّه منها: أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ
مِنَ الرُّسُلِ - وتَنَازُعٍ مِنَ الأَلْسُنِ - فَقَفَّى بِه الرُّسُلَ وخَتَمَ
بِه الْوَحْيَ - فَجَاهَدَ فِي اللَّه الْمُدْبِرِينَ عَنْه والْعَادِلِينَ بِه. |
|||||||||||||||
الدنيا
|
|||||||||||||||
الدنيا منها: وإِنَّمَا الدُّنْيَا مُنْتَهَى بَصَرِ
الأَعْمَى - لَا يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيْئاً - والْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا
بَصَرُه - ويَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا - فَالْبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ
- والأَعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ - والْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ - والأَعْمَى
لَهَا مُتَزَوِّدٌ. |
|||||||||||||||
عظة الناس |
|||||||||||||||
عظة الناس منها: واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ مِنْ
شَيْءٍ - إِلَّا ويَكَادُ صَاحِبُه يَشْبَعُ مِنْه - ويَمَلُّه إِلَّا
الْحَيَاةَ فَإِنَّه لَا يَجِدُ فِي الْمَوْتِ رَاحَةً - وإِنَّمَا ذَلِكَ
بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ - الَّتِي هِيَ حَيَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَيِّتِ -
وبَصَرٌ لِلْعَيْنِ الْعَمْيَاءِ - وسَمْعٌ لِلأُذُنِ الصَّمَّاءِ - ورِيٌّ
لِلظَّمْآنِ وفِيهَا الْغِنَى كُلُّه والسَّلَامَةُ - كِتَابُ اللَّه
تُبْصِرُونَ بِه - وتَنْطِقُونَ بِه وتَسْمَعُونَ بِه - ويَنْطِقُ بَعْضُه
بِبَعْضٍ - ويَشْهَدُ بَعْضُه عَلَى بَعْضٍ - ولَا يَخْتَلِفُ فِي اللَّه - ولَا
يُخَالِفُ بِصَاحِبِه عَنِ اللَّه - قَدِ اصْطَلَحْتُمْ عَلَى الْغِلِّ (1733) فِيمَا بَيْنَكُمْ - ونَبَتَ الْمَرْعَى عَلَى دِمَنِكُمْ (1734) - وتَصَافَيْتُمْ عَلَى حُبِّ الآمَالِ - وتَعَادَيْتُمْ فِي كَسْبِ الأَمْوَالِ
- لَقَدِ اسْتَهَامَ (1735) بِكُمُ الْخَبِيثُ
وتَاه بِكُمُ الْغُرُورُ - واللَّه الْمُسْتَعَانُ عَلَى نَفْسِي وأَنْفُسِكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
134 و من كلام له و قد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو
الروم :
|
|||||||||||||||
134 - ومن كلام له عليهالسلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في
الخروج إلى غزو الروم وقَدْ تَوَكَّلَ اللَّه - لأَهْلِ هَذَا
الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ (1736) - وسَتْرِ
الْعَوْرَةِ. والَّذِي نَصَرَهُمْ - وهُمْ قَلِيلٌ لَا
يَنْتَصِرُونَ - ومَنَعَهُمْ وهُمْ قَلِيلٌ لَا يَمْتَنِعُونَ - حَيٌّ لَا
يَمُوتُ. إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هَذَا
الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ - فَتَلْقَهُمْ فَتُنْكَبْ - لَا تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ
كَانِفَةٌ (1737) دُونَ أَقْصَى
بِلَادِهِمْ - لَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْه - فَابْعَثْ
إِلَيْهِمْ رَجُلًا مِحْرَباً - واحْفِزْ (1738) مَعَه أَهْلَ الْبَلَاءِ (1739) والنَّصِيحَةِ -
فَإِنْ أَظْهَرَ اللَّه فَذَاكَ مَا تُحِبُّ - وإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى - كُنْتَ
رِدْءاً لِلنَّاسِ (1740) ومَثَابَةً (1741) لِلْمُسْلِمِينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
135 و من كلام له و قد وقعت مشاجرة بينه و بين عثمان فقال
المغيرة بن الأخنس لعثمان أنا أكفيكه
|
|||||||||||||||
135 - ومن كلام له عليهالسلام وقد وقعت مشاجرة بينه وبين
عثمان فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان: أنا أكفيكه فقال علي عليهالسلام
للمغيرة: يَا ابْنَ اللَّعِينِ الأَبْتَرِ (1742) - والشَّجَرَةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا ولَا فَرْعَ - أَنْتَ
تَكْفِينِي - فَوَ اللَّه مَا أَعَزَّ اللَّه مَنْ أَنْتَ نَاصِرُه - ولَا قَامَ
مَنْ أَنْتَ مُنْهِضُه - اخْرُجْ عَنَّا أَبْعَدَ اللَّه نَوَاكَ (1743) ثُمَّ ابْلُغْ جَهْدَكَ - فَلَا أَبْقَى اللَّه عَلَيْكَ إِنْ
أَبْقَيْتَ! ----------------------------- (1742) الأبْتر: هو
من لا عقب له. (1743)
النّوَى: هاهنا بمعنى الدار. |
|||||||||||||||
136و من كلام له ( عليه
السلام ) في أمر البيعة :
|
|||||||||||||||
136 - ومن كلام له عليهالسلام في أمر البيعة لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ
فَلْتَةً (1744) - ولَيْسَ أَمْرِي
وأَمْرُكُمْ وَاحِداً - إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّه وأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي
لأَنْفُسِكُمْ. أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى
أَنْفُسِكُمْ وايْمُ اللَّه لأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِه ولأَقُودَنَّ
الظَّالِمَ بِخِزَامَتِه (1745) - حَتَّى أُورِدَه
مَنْهَلَ الْحَقِّ وإِنْ كَانَ كَارِهاً. ----------------------------- (1744) الفَلْتة:
الأمر يقع عن غير رويّة ولا تدبّر. (1745)
الخِزامة: - بالكسر - حلقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير ليشدّ
فيها الزمام ويسهل قياده. |
|||||||||||||||
137 و من كلام له في شأن طلحة و الزبير و في البيعة له :
|
|||||||||||||||
طلحة و الزبير
|
|||||||||||||||
137 - ومن كلام له عليهالسلام في شأن طلحة والزبير وفي
البيعة له طلحة والزبير واللَّه مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً
- ولَا جَعَلُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ نِصْفاً (1746) - وإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوه ودَماً هُمْ سَفَكُوه
- فَإِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيه فَإِنَّ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْه - وإِنْ
كَانُوا وَلُوه دُونِي فَمَا الطَّلِبَةُ (1747) إِلَّا قِبَلَهُمْ - وإِنَّ أَوَّلَ عَدْلِهِمْ لَلْحُكْمُ عَلَى
أَنْفُسِهِمْ - وإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَسْتُ ولَا لُبِسَ عَلَيَّ -
وإِنَّهَا لَلْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ فِيهَا الْحَمَأُ والْحُمَّةُ (1748) - والشُّبْهَةُ الْمُغْدِفَةُ (1749) وإِنَّ الأَمْرَ لَوَاضِحٌ - وقَدْ زَاحَ (1750) الْبَاطِلُ عَنْ نِصَابِه - وانْقَطَعَ لِسَانُه عَنْ شَغْبِه (1751) - وايْمُ اللَّه لأُفْرِطَنَّ (1752) لَهُمْ حَوْضاً (1753) أَنَا مَاتِحُه -
لَا يَصْدُرُونَ عَنْه بِرِيٍّ - ولَا يَعُبُّونَ (1754) بَعْدَه فِي حَسْيٍ (1755)! -----------------------------
|
|||||||||||||||
أمر البيعة
|
|||||||||||||||
أمر البيعة منه: - فَأَقْبَلْتُمْ إِلَيَّ إِقْبَالَ
الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ (1756) عَلَى
أَوْلَادِهَا - تَقُولُونَ الْبَيْعَةَ الْبَيْعَةَ - قَبَضْتُ كَفِّي
فَبَسَطْتُمُوهَا - ونَازَعَتْكُمْ يَدِي فَجَاذَبْتُمُوهَا - اللَّهُمَّ
إِنَّهُمَا قَطَعَانِي وظَلَمَانِي - ونَكَثَا بَيْعَتِي وأَلَّبَا (1757) النَّاسَ عَلَيَّ - فَاحْلُلْ مَا عَقَدَا ولَا تُحْكِمْ لَهُمَا مَا
أَبْرَمَا - وأَرِهِمَا الْمَسَاءَةَ فِيمَا أَمَّلَا وعَمِلَا - ولَقَدِ
اسْتَثَبْتُهُمَا (1758) قَبْلَ الْقِتَالِ
- واسْتَأْنَيْتُ بِهِمَا أَمَامَ الْوِقَاعِ - فَغَمَطَا النِّعْمَةَ (1760) ورَدَّا الْعَافِيَةَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
138 و من خطبة له يومئ فيها إلى ذكر الملاحم :
|
|||||||||||||||
138 - ومن خطبة له عليهالسلام يومئ فيها إلى ذكر الملاحم يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى - إِذَا
عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى - ويَعْطِفُ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ -
إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْيِ. ومنها - حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ
عَلَى سَاقٍ بَادِياً نَوَاجِذُهَا (1761) - مَمْلُوءَةً
أَخْلَافُهَا (1762) حُلْواً رَضَاعُهَا
عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا - أَلَا وفِي غَدٍ وسَيَأْتِي غَدٌ بِمَا لَا
تَعْرِفُونَ - يَأْخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرِهَا عُمَّالَهَا عَلَى مَسَاوِئِ
أَعْمَالِهَا - وتُخْرِجُ لَه الأَرْضُ أَفَالِيذَ (1763) كَبِدِهَا - وتُلْقِي إِلَيْه سِلْماً مَقَالِيدَهَا - فَيُرِيكُمْ
كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ - ويُحْيِي مَيِّتَ الْكِتَابِ والسُّنَّةِ. منها - كَأَنِّي بِه قَدْ نَعَقَ
بِالشَّامِ - وفَحَصَ (1764) بِرَايَاتِه فِي
ضَوَاحِي كُوفَانَ (1765) - فَعَطَفَ
عَلَيْهَا عَطْفَ الضَّرُوسِ (1766) - وفَرَشَ
الأَرْضَ بِالرُّءُوسِ - قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُه (1767) وثَقُلَتْ فِي الأَرْضِ وَطْأَتُه بَعِيدَ الْجَوْلَةِ عَظِيمَ
الصَّوْلَةِ - واللَّه لَيُشَرِّدَنَّكُمْ (1768) فِي أَطْرَافِ الأَرْضِ - حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا قَلِيلٌ
كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ - فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ - حَتَّى تَئُوبَ إِلَى
الْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلَامِهَا (1769) - فَالْزَمُوا
السُّنَنَ الْقَائِمَةَ والآثَارَ الْبَيِّنَةَ - والْعَهْدَ الْقَرِيبَ الَّذِي
عَلَيْه بَاقِي النُّبُوَّةِ - واعْلَمُوا أَنَّ الشَّيْطَانَ - إِنَّمَا
يُسَنِّي (1770) لَكُمْ طُرُقَه
لِتَتَّبِعُوا عَقِبَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
139و من كلام له في وقت الشورى :
|
|||||||||||||||
139 - ومن كلام له عليهالسلام في وقت الشورى لَنْ يُسْرِعَ أَحَدٌ قَبْلِي إِلَى
دَعْوَةِ حَقٍّ - وصِلَةِ رَحِمٍ وعَائِدَةِ كَرَمٍ - فَاسْمَعُوا قَوْلِي وعُوا
مَنْطِقِي - عَسَى أَنْ تَرَوْا هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِ هَذَا الْيَوْمِ -
تُنْتَضَى (1771) فِيه السُّيُوفُ
وتُخَانُ فِيه الْعُهُودُ - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُكُمْ أَئِمَّةً لأَهْلِ
الضَّلَالَةِ - وشِيعَةً لأَهْلِ الْجَهَالَةِ. ----------------------------- (1771) تُنْتَضى:
تسلّ. |
|||||||||||||||
140 و من كلام له في النهي عن غيبة الناس :
|
|||||||||||||||
140 - ومن كلام له عليهالسلام في النهي عن غيبة الناس وإِنَّمَا يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِصْمَةِ
والْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلَامَةِ (1772) - أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ والْمَعْصِيَةِ - ويَكُونَ
الشُّكْرُ هُوَ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ - والْحَاجِزَ لَهُمْ عَنْهُمْ - فَكَيْفَ
بِالْعَائِبِ الَّذِي عَابَ أَخَاه وعَيَّرَه بِبَلْوَاه - أَمَا ذَكَرَ
مَوْضِعَ سَتْرِ اللَّه عَلَيْه مِنْ ذُنُوبِه - مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ
الذَّنْبِ الَّذِي عَابَه بِه - وكَيْفَ يَذُمُّه بِذَنْبٍ قَدْ رَكِبَ مِثْلَه
- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِعَيْنِه - فَقَدْ عَصَى اللَّه
فِيمَا سِوَاه مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْه - وايْمُ اللَّه لَئِنْ لَمْ يَكُنْ
عَصَاه فِي الْكَبِيرِ - وعَصَاه فِي الصَّغِيرِ لَجَرَاءَتُه عَلَى عَيْبِ
النَّاسِ أَكْبَرُ. يَا عَبْدَ اللَّه لَا تَعْجَلْ فِي
عَيْبِ أَحَدٍ بِذَنْبِه - فَلَعَلَّه مَغْفُورٌ لَه ولَا تَأْمَنْ عَلَى
نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَةٍ - فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْه - فَلْيَكْفُفْ
مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ عَيْبَ غَيْرِه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَيْبِ نَفْسِه -
ولْيَكُنِ الشُّكْرُ شَاغِلًا لَه عَلَى مُعَافَاتِه مِمَّا ابْتُلِيَ بِه
غَيْرُه. ----------------------------- (1772) المصنوع إليهم:
الذين أنعم الله عليهم وأحسن صنعه إليهم بالسلامة من الآثام. |
|||||||||||||||
141 و من كلام له في النهي عن سماع الغيبة و في الفرق بين الحق
و الباطل :
|
|||||||||||||||
141 - ومن كلام له عليهالسلام في النهي عن سماع الغيبة
وفي الفرق بين الحق والباطل أَيُّهَا النَّاسُ - مَنْ عَرَفَ مِنْ
أَخِيه وَثِيقَةَ دِينٍ وسَدَادَ طَرِيقٍ – فَلَا يَسْمَعَنَّ فِيه أَقَاوِيلَ
الرِّجَالِ - أَمَا إِنَّه قَدْ يَرْمِي الرَّامِي - وتُخْطِئُ السِّهَامُ
ويُحِيلُ الْكَلَامُ (1773) - وبَاطِلُ ذَلِكَ
يَبُورُ واللَّه سَمِيعٌ وشَهِيدٌ - أَمَا إِنَّه لَيْسَ بَيْنَ الْحَقِّ
والْبَاطِلِ إِلَّا أَرْبَعُ أَصَابِعَ. فسئل عليهالسلام عن معنى قوله هذا
- فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه ثم قال: الْبَاطِلُ أَنْ
تَقُولَ سَمِعْتُ - والْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْتُ! ----------------------------- (1773) يُحيل:
يتغير عن وجه الحق. |
|||||||||||||||
142 و من كلام له عليه السلام
:
|
|||||||||||||||
المعروف في غير أهله |
|||||||||||||||
142 - ومن كلام له عليهالسلام المعروف في غير أهله ولَيْسَ لِوَاضِعِ الْمَعْرُوفِ فِي
غَيْرِ حَقِّه - وعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه مِنَ الْحَظِّ فِيمَا أَتَى إِلَّا
مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ - وثَنَاءُ الأَشْرَارِ ومَقَالَةُ الْجُهَّالَ - مَا
دَامَ مُنْعِماً عَلَيْهِمْ مَا أَجْوَدَ يَدَه - وهُوَ عَنْ ذَاتِ اللَّه بِخَيْلٌ! |
|||||||||||||||
مواضع المعروف |
|||||||||||||||
مواضع المعروف فَمَنْ آتَاه اللَّه مَالًا فَلْيَصِلْ
بِه الْقَرَابَةَ - ولْيُحْسِنْ مِنْه الضِّيَافَةَ ولْيَفُكَّ بِه الأَسِيرَ
والْعَانِيَ - ولْيُعْطِ مِنْه الْفَقِيرَ والْغَارِمَ (1774) - ولْيَصْبِرْ نَفْسَه (1775) عَلَى الْحُقُوقِ
والنَّوَائِبِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ - فَإِنَّ فَوْزاً بِهَذِه الْخِصَالِ
شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا - ودَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّه. ----------------------------- (1774) الغارم: من
عليه الديون. (1775)
صَبَر نفسه: - بالتخفيف - حبسها. |
|||||||||||||||
143و من خطبة له في
الاستسقاء و فيه تنبيه العباد وجوب استغاثة رحمة اللّه إذا حبس عنهم رحمة المطر :
|
|||||||||||||||
143 - ومن خطبة له عليهالسلام في الاستسقاء وفيه تنبيه العباد وجوب
استغاثة رحمة اللَّه إذا حبس عنهم رحمة المطر أَلَا وإِنَّ الأَرْضَ الَّتِي
تُقِلُّكُمْ - والسَّمَاءَ الَّتِي تُظِلُّكُمْ (1776) مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ - ومَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ
بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ - ولَا زُلْفَةً (1777) إِلَيْكُمْ ولَا لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِه مِنْكُمْ - ولَكِنْ أُمِرَتَا
بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا - وأُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ
فَقَامَتَا. إِنَّ اللَّه يَبْتَلِي عِبَادَه عِنْدَ
الأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ - بِنَقْصِ الثَّمَرَاتِ وحَبْسِ الْبَرَكَاتِ -
وإِغْلَاقِ خَزَائِنِ الْخَيْرَاتِ لِيَتُوبَ تَائِبٌ - ويُقْلِعَ مُقْلِعٌ
ويَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ ويَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ - وقَدْ جَعَلَ اللَّه
سُبْحَانَه الِاسْتِغْفَارَ سَبَباً - لِدُرُورِ الرِّزْقِ ورَحْمَةِ الْخَلْقِ
فَقَالَ سُبْحَانَه - (اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّه كانَ غَفَّاراً - يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً -
ويُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وبَنِينَ - ويَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَلْ
لَكُمْ أَنْهاراً) - فَرَحِمَ اللَّه
امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَه - واسْتَقَالَ خَطِيئَتَه وبَادَرَ مَنِيَّتَه. اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ
مِنْ تَحْتِ الأَسْتَارِ والأَكْنَانِ - وبَعْدَ عَجِيجِ الْبَهَائِمِ
والْوِلْدَانِ - رَاغِبِينَ فِي رَحْمَتِكَ ورَاجِينَ فَضْلَ نِعْمَتِكَ -
وخَائِفِينَ مِنْ عَذَابِكَ ونِقْمَتِكَ - اللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَيْثَكَ ولَا
تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ - ولَا تُهْلِكْنَا بِالسِّنِينَ (1778) - ولَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ - اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَيْكَ - نَشْكُو إِلَيْكَ مَا
لَا يَخْفَى عَلَيْكَ - حِينَ أَلْجَأَتْنَا الْمَضَايِقُ الْوَعْرَةُ (1779) وأَجَاءَتْنَا (1780) الْمَقَاحِطُ (1781) الْمُجْدِبَةُ - وأَعْيَتْنَا الْمَطَالِبُ الْمُتَعَسِّرَةُ -
وتَلَاحَمَتْ (1782) عَلَيْنَا
الْفِتَنُ الْمُسْتَصْعِبَةُ - اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَلَّا تَرُدَّنَا
خَائِبِينَ - ولَا تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ (1783) ولَا تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا - ولَا تُقَايِسَنَا بِأَعْمَالِنَا -
اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَيْنَا غَيْثَكَ وبَرَكَتَكَ - ورِزْقَكَ ورَحْمَتَكَ
واسْقِنَا سُقْيَا نَاقِعَةً مُرْوِيَةً مُعْشِبَةً - تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ
فَاتَ وتُحْيِي بِهَا مَا قَدْ مَاتَ - نَافِعَةَ الْحَيَا (1784) كَثِيرَةَ الْمُجْتَنَى تُرْوِي بِهَا الْقِيعَانَ (1785) - وتُسِيلُ الْبُطْنَانَ (1786) وتَسْتَوْرِقُ
الأَشْجَارَ (1787) - وتُرْخِصُ
الأَسْعَارَ إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ». -----------------------------
|
|||||||||||||||
144 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
مبعث الرسل
|
|||||||||||||||
144 - ومن خطبة له عليهالسلام مبعث الرسل بَعَثَ اللَّه رُسُلَه بِمَا خَصَّهُمْ
بِه مِنْ وَحْيِه - وجَعَلَهُمْ حُجَّةً لَه عَلَى خَلْقِه - لِئَلَّا تَجِبَ
الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْكِ الإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ - فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ
الصِّدْقِ إِلَى سَبِيلِ الْحَقِّ - أَلَا إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ كَشَفَ
الْخَلْقَ (1788) كَشْفَةً - لَا
أَنَّه جَهِلَ مَا أَخْفَوْه مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ - ومَكْنُونِ
ضَمَائِرِهِمْ – ولَكِنْ لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا - فَيَكُونَ
الثَّوَابُ جَزَاءً والْعِقَابُ بَوَاءً (1789). ----------------------------- (1788) كشفَ الخَلْقَ: علم
حالهم في جميع أطوارهم. (1789) بَواء:
مصدر باء فلان بفلان: أي قتل به والعقاب: القصاص. |
|||||||||||||||
فضل أهل البيت
|
|||||||||||||||
فضل أهل البيت أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ
الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا - كَذِباً وبَغْياً عَلَيْنَا أَنْ
رَفَعَنَا اللَّه ووَضَعَهُمْ - وأَعْطَانَا وحَرَمَهُمْ وأَدْخَلَنَا
وأَخْرَجَهُمْ - بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى ويُسْتَجْلَى الْعَمَى - إِنَّ
الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ - غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ لَا
تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ - ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ . |
|||||||||||||||
أهل الضلال
|
|||||||||||||||
أهل الضلال منها: - آثَرُوا عَاجِلًا وأَخَّرُوا
آجِلًا - وتَرَكُوا صَافِياً وشَرِبُوا آجِناً (1790) - كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وقَدْ صَحِبَ الْمُنْكَرَ
فَأَلِفَه - وبَسِئَ (1791) بِه ووَافَقَه
حَتَّى شَابَتْ عَلَيْه مَفَارِقُه - وصُبِغَتْ بِه خَلَائِقُه (1792) - ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً كَالتَّيَّارِ لَا يُبَالِي مَا غَرَّقَ -
أَوْ كَوَقْعِ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ لَا يَحْفِلُ (1793) مَا حَرَّقَ! أَيْنَ الْعُقُولُ الْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِيحِ
الْهُدَى - والأَبْصَارُ اللَّامِحَةُ إِلَى مَنَارِ التَّقْوَى - أَيْنَ
الْقُلُوبُ الَّتِي وُهِبَتْ لِلَّه وعُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اللَّه -
ازْدَحَمُوا عَلَى الْحُطَامِ (1794) وتَشَاحُّوا عَلَى
الْحَرَامِ - ورُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ الْجَنَّةِ والنَّارِ - فَصَرَفُوا عَنِ
الْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ - وأَقْبَلُوا إِلَى النَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ -
ودَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا ووَلَّوْا - ودَعَاهُمُ الشَّيْطَانُ
فَاسْتَجَابُوا وأَقْبَلُوا! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
145 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
فناء الدنيا
|
|||||||||||||||
145 - ومن خطبة له عليهالسلام فناء الدنيا أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّمَا أَنْتُمْ
فِي هَذِه الدُّنْيَا غَرَضٌ تَنْتَضِلُ (1795) فِيه الْمَنَايَا - مَعَ كُلِّ جَرْعَةٍ شَرَقٌ وفِي كُلِّ أَكْلَةٍ
غَصَصٌ - لَا تَنَالُونَ مِنْهَا نِعْمَةً إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى - ولَا
يُعَمَّرُ مُعَمَّرٌ مِنْكُمْ يَوْماً مِنْ عُمُرِه - إِلَّا بِهَدْمِ آخَرَ
مِنْ أَجَلِه - ولَا تُجَدَّدُ لَه زِيَادَةٌ فِي أَكْلِه إِلَّا بِنَفَادِ مَا
قَبْلَهَا مِنْ رِزْقِه - ولَا يَحْيَا لَه أَثَرٌ إِلَّا مَاتَ لَه أَثَرٌ -
ولَا يَتَجَدَّدُ لَه جَدِيدٌ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَخْلَقَ (1796) لَه جَدِيدٌ - ولَا تَقُومُ لَه نَابِتَةٌ إِلَّا وتَسْقُطُ مِنْه
مَحْصُودَةٌ - وقَدْ مَضَتْ أُصُولٌ نَحْنُ فُرُوعُهَا - فَمَا بَقَاءُ فَرْعٍ
بَعْدَ ذَهَابِ أَصْلِه! ----------------------------- (1795) تَنْتَضِل فيه:
تترامى اليه. (1796)
يَخْلَق: يبلى. |
|||||||||||||||
ذم البدعة
|
|||||||||||||||
ذم البدعة منها - ومَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلَّا
تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ - فَاتَّقُوا الْبِدَعَ والْزَمُوا الْمَهْيَعَ (1797) - إِنَّ عَوَازِمَ الأُمُورِ(1798) أَفْضَلُهَا - وإِنَّ مُحْدِثَاتِهَا شِرَارُهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
146و من كلام
له و قد استشاره عمر بن الخطاب في
الشخوص لقتال الفرس بنفسه :
|
|||||||||||||||
146 - ومن كلام له عليهالسلام وقد استشاره عمر بن الخطاب
في الشخوص لقتال الفرس بنفسه إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُه
- ولَا خِذْلَانُه بِكَثْرَةٍ ولَا بِقِلَّةٍ - وهُوَ دِينُ اللَّه الَّذِي
أَظْهَرَه - وجُنْدُه الَّذِي أَعَدَّه وأَمَدَّه - حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ
وطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ - ونَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللَّه - واللَّه
مُنْجِزٌ وَعْدَه ونَاصِرٌ جُنْدَه - ومَكَانُ الْقَيِّمِ(1799) بِالأَمْرِ مَكَانُ النِّظَامِ(1800) مِنَ الْخَرَزِ - يَجْمَعُه ويَضُمُّه - فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ
تَفَرَّقَ الْخَرَزُ وذَهَبَ - ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِه (1801) أَبَداً - والْعَرَبُ الْيَوْمَ وإِنْ كَانُوا قَلِيلًا - فَهُمْ
كَثِيرُونَ بِالإِسْلَامِ - عَزِيزُونَ بِالِاجْتِمَاعِ - فَكُنْ قُطْباً
واسْتَدِرِ الرَّحَى بِالْعَرَبِ - وأَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ الْحَرْبِ -
فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ (1802) مِنْ هَذِه
الأَرْضِ - انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وأَقْطَارِهَا -
حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ - أَهَمَّ إِلَيْكَ
مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ. إِنَّ الأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا
إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا - هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ فَإِذَا اقْتَطَعْتُمُوه
اسْتَرَحْتُمْ - فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ وطَمَعِهِمْ
فِيكَ - فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ الْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ
الْمُسْلِمِينَ - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه هُوَ أَكْرَه لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ
- وهُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَه. وأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ -
فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ - وإِنَّمَا كُنَّا
نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ والْمَعُونَةِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
147 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
الغاية من البعثة
|
|||||||||||||||
147 - ومن خطبة له عليهالسلام الغاية من البعثة فَبَعَثَ اللَّه مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
بِالْحَقِّ - لِيُخْرِجَ عِبَادَه مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِه
- ومِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِه - بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَه
وأَحْكَمَه - لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوه - ولِيُقِرُّوا بِه
بَعْدَ إِذْ جَحَدُوه - ولِيُثْبِتُوه بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوه - فَتَجَلَّى
لَهُمْ سُبْحَانَه (1803) فِي كِتَابِه -
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْه بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِه -
وخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِه - وكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلَاتِ (1804) - واحْتَصَدَ مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ! ----------------------------- (1803) «تجلى لهم سبحانه». ظهر لهم من غير أن يرى
بالبصر. (1804)
المَثُلات: - بفتح فضم - العقوبات. |
|||||||||||||||
الزمان المقبل
|
|||||||||||||||
الزمان المقبل وإِنَّه سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ مِنْ
بَعْدِي زَمَانٌ - لَيْسَ فِيه شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ - ولَا أَظْهَرَ
مِنَ الْبَاطِلِ - ولَا أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّه ورَسُولِه -
ولَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ -
إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلَاوَتِه - ولَا أَنْفَقَ مِنْه (1805) إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِه - ولَا فِي الْبِلَادِ شَيْءٌ أَنْكَرَ
مِنَ الْمَعْرُوفِ - ولَا أَعْرَفَ مِنَ الْمُنْكَرِ - فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ
حَمَلَتُه وتَنَاسَاه حَفَظَتُه - فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذٍ وأَهْلُه طَرِيدَانِ
مَنْفِيَّانِ - وصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ لَا يُؤْوِيهِمَا
مُؤْوٍ - فَالْكِتَابُ وأَهْلُه فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ ولَيْسَا
فِيهِمْ - ومَعَهُمْ ولَيْسَا مَعَهُمْ - لأَنَّ الضَّلَالَةَ لَا تُوَافِقُ
الْهُدَى وإِنِ اجْتَمَعَا - فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ -
وافْتَرَقُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ - ولَيْسَ
الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ - فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْه إِلَّا اسْمُه - ولَا
يَعْرِفُونَ إِلَّا خَطَّه وزَبْرَه (1806) - ومِنْ قَبْلُ
مَا مَثَّلُوا (1807) بِالصَّالِحِينَ
كُلَّ مُثْلَةٍ - وسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللَّه فِرْيَةً (1808) وجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ عُقُوبَةَ السَّيِّئَةِ. وإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
بِطُولِ آمَالِهِمْ وتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ - حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ (1809) الَّذِي تُرَدُّ عَنْه الْمَعْذِرَةُ - وتُرْفَعُ عَنْه التَّوْبَةُ وتَحُلُّ
مَعَه الْقَارِعَةُ (1810) والنِّقْمَةُ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
عظة الناس |
|||||||||||||||
عظة الناس أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه مَنِ
اسْتَنْصَحَ اللَّه وُفِّقَ - ومَنِ اتَّخَذَ قَوْلَه دَلِيلًا هُدِيَ لِلَّتِي
هِيَ أَقُومُ - فَإِنَّ جَارَ اللَّه آمِنٌ وعَدُوَّه خَائِفٌ - وإِنَّه لَا
يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللَّه أَنْ يَتَعَظَّمَ - فَإِنَّ رِفْعَةَ
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُه أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَه - وسَلَامَةَ
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُه أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَه - فَلَا
تَنْفِرُوا مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ الصَّحِيحِ مِنَ الأَجْرَبِ - والْبَارِئِ (1811) مِنْ ذِي السَّقَمِ (1812) - واعْلَمُوا
أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ - حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَه -
ولَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَه -
ولَنْ تَمَسَّكُوا بِه حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَه - فَالْتَمِسُوا
ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِه - فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ ومَوْتُ الْجَهْلِ -
هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ - وصَمْتُهُمْ عَنْ
مَنْطِقِهِمْ وظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ - لَا يُخَالِفُونَ الدِّينَ ولَا
يَخْتَلِفُونَ فِيه - فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ وصَامِتٌ نَاطِقٌ. ----------------------------- (1811)
الباري: المعافي من المرض. (1812)
السّقم: المرض والعلة. |
|||||||||||||||
148 و من كلام له عليه
السلام في ذكر أهل البصرة :
|
|||||||||||||||
148 - ومن كلام له عليهالسلام في ذكر أهل البصرة كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجُو الأَمْرَ
لَه - ويَعْطِفُه عَلَيْه دُونَ صَاحِبِه - لَا يَمُتَّانِ (1813) إِلَى اللَّه بِحَبْلٍ - ولَا يَمُدَّانِ إِلَيْه بِسَبَبٍ (1814) - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَامِلُ ضَبٍّ (1815) لِصَاحِبِه - وعَمَّا قَلِيلٍ يُكْشَفُ قِنَاعُه بِه - واللَّه لَئِنْ
أَصَابُوا الَّذِي يُرِيدُونَ - لَيَنْتَزِعَنَّ هَذَا نَفْسَ هَذَا -
ولَيَأْتِيَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا - قَدْ قَامَتِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ
فَأَيْنَ الْمُحْتَسِبُونَ (1816) - فَقَدْ سُنَّتْ
لَهُمُ السُّنَنُ وقُدِّمَ لَهُمُ الْخَبَرُ - ولِكُلِّ ضَلَّةٍ عِلَّةٌ
ولِكُلِّ نَاكِثٍ شُبْهَةٌ - واللَّه لَا أَكُونُ كَمُسْتَمِعِ اللَّدْمِ (1817) - يَسْمَعُ النَّاعِيَ ويَحْضُرُ الْبَاكِيَ ثُمَّ لَا يَعْتَبِرُ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
149 و من كلام له
عليه السلام قبل موته :
|
|||||||||||||||
149 - ومن كلام له عليهالسلام قبل موته أَيُّهَا النَّاسُ - كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ
مَا يَفِرُّ مِنْه فِي فِرَارِه - الأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ (1818) والْهَرَبُ مِنْه مُوَافَاتُه - كَمْ أَطْرَدْتُ (1819) الأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الأَمْرِ - فَأَبَى
اللَّه إِلَّا إِخْفَاءَه هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ - أَمَّا وَصِيَّتِي
فَاللَّه لَا تُشْرِكُوا بِه شَيْئاً - ومُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله فَلَا
تُضَيِّعُوا سُنَّتَه - أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ - وأَوْقِدُوا
هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ - وخَلَاكُمْ ذَمٌّ (1820) مَا لَمْ تَشْرُدُوا (1821) - حُمِّلَ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَه - وخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ - رَبٌّ رَحِيمٌ
ودِينٌ قَوِيمٌ وإِمَامٌ عَلِيمٌ - أَنَا بِالأَمْسِ صَاحِبُكُمْ - وأَنَا
الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وغَداً مُفَارِقُكُمْ - غَفَرَ اللَّه لِي ولَكُمْ! إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ (1822) فِي هَذِه الْمَزَلَّةِ (1823) فَذَاكَ - وإِنْ
تَدْحَضِ (1824) الْقَدَمُ
فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ (1825) أَغْصَانٍ -
ومَهَابِّ رِيَاحٍ وتَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ - اضْمَحَلَّ فِي الْجَوِّ
مُتَلَفَّقُهَا (1826) وعَفَا (1827) فِي الأَرْضِ مَخَطُّهَا (1828) - وإِنَّمَا
كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً - وسَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً
خَلَاءً (1829) - سَاكِنَةً
بَعْدَ حَرَاكٍ وصَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ - لِيَعِظْكُمْ هُدُوِّي وخُفُوتُ (1830) إِطْرَاقِي وسُكُونُ أَطْرَافِي (1831) - فَإِنَّه أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْمَنْطِقِ الْبَلِيغِ -
والْقَوْلِ الْمَسْمُوعِ - وَدَاعِي لَكُمْ وَدَاعُ امْرِئٍ مُرْصِدٍ (1832) لِلتَّلَاقِي - غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي ويُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ
سَرَائِرِي - وتَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وقِيَامِ غَيْرِي
مَقَامِي. -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
150 و من خطبة له عليه السلام
يومي فيها إلى الملاحم و يصف فئة من أهل الضلال :
|
|||||||||||||||
150 - ومن خطبة له عليه
السلام يومي فيها إلى الملاحم ويصف
فئة من أهل الضلال وأَخَذُوا يَمِيناً وشِمَالًا ظَعْناً فِي
مَسَالِكِ الْغَيِّ - وتَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ - فَلَا تَسْتَعْجِلُوا
مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ - ولَا تَسْتَبْطِئُوا مَا يَجِيءُ بِه الْغَدُ -
فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إِنْ أَدْرَكَه وَدَّ أَنَّه لَمْ يُدْرِكْه -
ومَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِيرِ (1833) غَدٍ - يَا قَوْمِ هَذَا إِبَّانُ (1834) وُرُودِ كُلِّ مَوْعُودٍ - ودُنُوٍّ (1835) مِنْ طَلْعَةِ مَا لَا تَعْرِفُونَ - أَلَا وإِنَّ مَنْ أَدْرَكَهَا
مِنَّا يَسْرِي فِيهَا بِسِرَاجٍ مُنِيرٍ - ويَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ
الصَّالِحِينَ - لِيَحُلَّ فِيهَا رِبْقاً (1836) - ويُعْتِقَ فِيهَا رِقّاً ويَصْدَعَ شَعْباً (1837) - ويَشْعَبَ صَدْعاً (1838) فِي سُتْرَةٍ عَنِ
النَّاسِ - لَا يُبْصِرُ الْقَائِفُ (1839) أَثَرَه ولَوْ
تَابَعَ نَظَرَه - ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ (1840) فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْنِ النَّصْلَ (1841) - تُجْلَى بِالتَّنْزِيلِ أَبْصَارُهُمْ - ويُرْمَى بِالتَّفْسِيرِ فِي
مَسَامِعِهِمْ - ويُغْبَقُونَ كَأْسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ (1842)! -----------------------------
في الضلال منها - وطَالَ الأَمَدُ بِهِمْ
لِيَسْتَكْمِلُوا الْخِزْيَ ويَسْتَوْجِبُوا الْغِيَرَ (1843) حَتَّى إِذَا اخْلَوْلَقَ الأَجَلُ (1844) - واسْتَرَاحَ قَوْمٌ إِلَى الْفِتَنِ - وأَشَالُوا (1845) عَنْ لَقَاحِ حَرْبِهِمْ - لَمْ يَمُنُّوا عَلَى اللَّه بِالصَّبْرِ -
ولَمْ يَسْتَعْظِمُوا بَذْلَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْحَقِّ - حَتَّى إِذَا وَافَقَ
وَارِدُ الْقَضَاءِ انْقِطَاعَ مُدَّةِ الْبَلَاءِ - حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ
عَلَى أَسْيَافِهِمْ (1846) - ودَانُوا
لِرَبِّهِمْ بِأَمْرِ وَاعِظِهِمْ حَتَّى إِذَا قَبَضَ اللَّه رَسُولَه صلىاللهعليهوآله
رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الأَعْقَابِ - وغَالَتْهُمُ السُّبُلُ واتَّكَلُوا عَلَى
الْوَلَائِجِ (1847) - ووَصَلُوا
غَيْرَ الرَّحِمِ - وهَجَرُوا السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِه -
ونَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِه فَبَنَوْه فِي غَيْرِ مَوْضِعِه -
مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وأَبْوَابُ كُلِّ ضَارِبٍ فِي غَمْرَةٍ (1848) - قَدْ مَارُوا (1849) فِي الْحَيْرَةِ
وذَهَلُوا فِي السَّكْرَةِ - عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ - مِنْ
مُنْقَطِعٍ إِلَى الدُّنْيَا رَاكِنٍ - أَوْ مُفَارِقٍ لِلدِّينِ مُبَايِنٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
151 و من خطبة له عليه السلام
يحذر من الفتن :
|
|||||||||||||||
اللّه و رسوله
|
|||||||||||||||
151 - ومن خطبة له عليهالسلام يحذر من الفتن اللَّه ورسوله وأَحْمَدُ اللَّه وأَسْتَعِينُه عَلَى
مَدَاحِرِ (1850) الشَّيْطَانِ
ومَزَاجِرِه - والِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِه ومَخَاتِلِه (1851) وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
عَبْدُه ورَسُولُه ونَجِيبُه وصَفْوَتُه - لَا يُؤَازَى فَضْلُه ولَا يُجْبَرُ
فَقْدُه - أَضَاءَتْ بِه الْبِلَادُ بَعْدَ الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ -
والْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ والْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ - والنَّاسُ
يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ - ويَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ - يَحْيَوْنَ عَلَى
فَتْرَةٍ (1852) ويَمُوتُونَ عَلَى
كَفْرَةٍ.! ----------------------------- (1850) الدَحْر: - بفتح الدال - الطرد. والمداحر
والمزاجر بها يدحر ويزجر. (1851)
مخاتل الشيطان: مكائده. (1852)
«على فَتْرة»: خلوّ
من الشرائع الإلهية لا يعرفون منها شيئا. |
|||||||||||||||
التحذير من الفتن
|
|||||||||||||||
التحذير من الفتن ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ
أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ - فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ
واحْذَرُوا بَوَائِقَ (1853) النِّقْمَةِ -
وتَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ (1854) واعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ - عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا وظُهُورِ
كَمِينِهَا - وانْتِصَابِ قُطْبِهَا ومَدَارِ رَحَاهَا - تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ
خَفِيَّةٍ وتَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ - شِبَابُهَا (1855) كَشِبَابِ الْغُلَامِ وآثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ (1856) - يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ
لِآخِرِهِمْ - وآخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا
دَنِيَّةٍ ويَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ (1857) - وعَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ -
والْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ فَيَتَزَايَلُونَ (1858) بِالْبَغْضَاءِ - ويَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ - ثُمَّ يَأْتِي
بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ (1859) - والْقَاصِمَةِ (1860) الزَّحُوفِ
فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ - وتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ -
وتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا - وتَلْتَبِسُ الآرَاءُ عِنْدَ
نُجُومِهَا (1861) - مَنْ أَشْرَفَ
لَهَا قَصَمَتْه ومَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْه - يَتَكَادَمُونَ (1862) فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ (1863) - قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ الْحَبْلِ وعَمِيَ وَجْه الأَمْرِ -
تَغِيضُ (1864) فِيهَا
الْحِكْمَةُ وتَنْطِقُ فِيهَا الظَّلَمَةُ - وتَدُقُّ (1865) أَهْلَ الْبَدْوِ بِمِسْحَلِهَا (1866) - وتَرُضُّهُمْ (1867) بِكَلْكَلِهَا (1868) يَضِيعُ فِي غُبَارِهَا الْوُحْدَانُ (1869) - ويَهْلِكُ فِي طَرِيقِهَا الرُّكْبَانُ تَرِدُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ -
وتَحْلُبُ عَبِيطَ الدِّمَاءِ (1870) وتَثْلِمُ مَنَارَ
الدِّينِ (1871) - وتَنْقُضُ
عَقْدَ الْيَقِينِ - يَهْرُبُ مِنْهَا الأَكْيَاسُ (1872) ويُدَبِّرُهَا الأَرْجَاسُ (1873) - مِرْعَادٌ
مِبْرَاقٌ كَاشِفَةٌ عَنْ سَاقٍ تُقْطَعُ فِيهَا الأَرْحَامُ - ويُفَارَقُ
عَلَيْهَا الإِسْلَامُ بَرِيئُهَا سَقِيمٌ وظَاعِنُهَا مُقِيمٌ! منها - بَيْنَ قَتِيلٍ مَطْلُولٍ (1874) وخَائِفٍ مُسْتَجِيرٍ - يَخْتِلُونَ (1875) بِعَقْدِ الأَيْمَانِ وبِغُرُورِ الإِيمَانِ - فَلَا تَكُونُوا
أَنْصَابَ (1876) الْفِتَنِ
وأَعْلَامَ الْبِدَعِ - والْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْه حَبْلُ الْجَمَاعَةِ -
وبُنِيَتْ عَلَيْه أَرْكَانُ الطَّاعَةِ - واقْدَمُوا عَلَى اللَّه مَظْلُومِينَ
ولَا تَقْدَمُوا عَلَيْه ظَالِمِينَ - واتَّقُوا مَدَارِجَ الشَّيْطَانِ
ومَهَابِطَ الْعُدْوَانِ - ولَا تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ (1877) الْحَرَامِ - فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ (1878) مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَعْصِيَةَ - وسَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَةِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
152 و من خطبة له عليه السلام :
|
|||||||||||||||
في صفات اللّه جل جلاله و صفات أئمة الدين
|
|||||||||||||||
152 - ومن خطبة له عليهالسلام في صفات اللَّه جل جلاله
وصفات أئمة الدين الْحَمْدُ لِلَّه الدَّالِّ عَلَى
وُجُودِه بِخَلْقِه - وبِمُحْدَثِ خَلْقِه عَلَى أَزَلِيَّتِه؛
وبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَبَه لَه - لَا تَسْتَلِمُه (1879) الْمَشَاعِرُ ولَا تَحْجُبُه السَّوَاتِرُ - لِافْتِرَاقِ الصَّانِعِ
والْمَصْنُوعِ والْحَادِّ والْمَحْدُودِ والرَّبِّ والْمَرْبُوبِ - الأَحَدِ
بِلَا تَأْوِيلِ عَدَدٍ - والْخَالِقِ لَا بِمَعْنَى حَرَكَةٍ ونَصَبٍ (1880) - والسَّمِيعِ لَا بِأَدَاةٍ (1881) والْبَصِيرِ لَا بِتَفْرِيقِ آلَةٍ (1882) - والشَّاهِدِ لَا بِمُمَاسَّةٍ والْبَائِنِ (1883) لَا بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ - والظَّاهِرِ لَا بِرُؤْيَةٍ والْبَاطِنِ
لَا بِلَطَافَةٍ - بَانَ مِنَ الأَشْيَاءِ بِالْقَهْرِ لَهَا والْقُدْرَةِ
عَلَيْهَا - وبَانَتِ الأَشْيَاءُ مِنْه بِالْخُضُوعِ لَه والرُّجُوعِ إِلَيْه -
مَنْ وَصَفَه فَقَدْ حَدَّه ومَنْ حَدَّه (1884) فَقَدْ عَدَّه - ومَنْ عَدَّه فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَه - ومَنْ قَالَ
كَيْفَ فَقَدِ اسْتَوْصَفَه - ومَنْ قَالَ أَيْنَ فَقَدْ حَيَّزَه - عَالِمٌ
إِذْ لَا مَعْلُومٌ ورَبٌّ إِذْ لَا مَرْبُوبٌ - وقَادِرٌ إِذْ لَا مَقْدُورٌ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
أئمة الدين
|
|||||||||||||||
أئمة الدين منها: - قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ ولَمَعَ
لَامِعٌ ولَاحَ لَائِحٌ (1885) - واعْتَدَلَ
مَائِلٌ واسْتَبْدَلَ اللَّه بِقَوْمٍ قَوْماً وبِيَوْمٍ يَوْماً -
وانْتَظَرْنَا الْغِيَرَ (1886) انْتِظَارَ
الْمُجْدِبِ الْمَطَرَ - وإِنَّمَا الأَئِمَّةُ قُوَّامُ اللَّه عَلَى خَلْقِه -
وعُرَفَاؤُه عَلَى عِبَادِه - ولَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ
وعَرَفُوه - ولَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَهُمْ وأَنْكَرُوه - إِنَّ
اللَّه تَعَالَى خَصَّكُمْ بِالإِسْلَامِ واسْتَخْلَصَكُمْ لَه - وذَلِكَ
لأَنَّه اسْمُ سَلَامَةٍ وجِمَاعُ (1887) كَرَامَةٍ -
اصْطَفَى اللَّه تَعَالَى مَنْهَجَه وبَيَّنَ حُجَجَه - مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ
وبَاطِنِ حُكْمٍ - لَا تَفْنَى غَرَائِبُه ولَا تَنْقَضِي عَجَائِبُه - فِيه
مَرَابِيعُ النِّعَمِ (1888) ومَصَابِيحُ
الظُّلَمِ - لَا تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلَّا بِمَفَاتِيحِه - ولَا تُكْشَفُ
الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِمَصَابِيحِه - قَدْ أَحْمَى حِمَاه (1889) وأَرْعَى مَرْعَاه - فِيه شِفَاءُ الْمُسْتَشْفِي وكِفَايَةُ الْمُكْتَفِي. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
153 و من خطبة له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
صفة الضال
|
|||||||||||||||
153 - ومن خطبة له عليهالسلام صفة الضال وهُوَ فِي مُهْلَةٍ مِنَ اللَّه يَهْوِي
مَعَ الْغَافِلِينَ - ويَغْدُو مَعَ الْمُذْنِبِينَ بِلَا سَبِيلٍ قَاصِدٍ ولَا
إِمَامٍ قَائِدٍ. |
|||||||||||||||
صفات الغافلين
|
|||||||||||||||
صفات الغافلين منها - حَتَّى إِذَا كَشَفَ لَهُمْ عَنْ
جَزَاءِ مَعْصِيَتِهِمْ - واسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ جَلَابِيبِ غَفْلَتِهِمُ -
اسْتَقْبَلُوا مُدْبِراً واسْتَدْبَرُوا مُقْبِلًا - فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا
أَدْرَكُوا مِنْ طَلِبَتِهِمْ - ولَا بِمَا قَضَوْا مِنْ وَطَرِهِمْ. إِنِّي أُحَذِّرُكُمْ ونَفْسِي هَذِه
الْمَنْزِلَةَ - فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤٌ بِنَفْسِه - فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ مَنْ
سَمِعَ فَتَفَكَّرَ ونَظَرَ فَأَبْصَرَ وانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ - ثُمَّ سَلَكَ
جَدَداً وَاضِحاً يَتَجَنَّبُ فِيه الصَّرْعَةَ فِي الْمَهَاوِي - والضَّلَالَ
فِي الْمَغَاوِي (1890) - ولَا يُعِينُ
عَلَى نَفْسِه الْغُوَاةَ بِتَعَسُّفٍ فِي حَقٍّ - أَوْ تَحْرِيفٍ فِي نُطْقٍ
أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ صِدْقٍ. ----------------------------- (1890) المَغَاوِي: جمع مغواة. وهي الشّبهة يذهب معها
الإنسان إلى ما يخالف الحق. |
|||||||||||||||
عظة الناس
|
|||||||||||||||
عظة الناس فَأَفِقْ أَيُّهَا السَّامِعُ مِنْ
سَكْرَتِكَ - واسْتَيْقِظْ مِنْ غَفْلَتِكَ واخْتَصِرْ مِنْ عَجَلَتِكَ -
وأَنْعِمِ الْفِكْرَ فِيمَا جَاءَكَ - عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صلىاللهعليهوآله
مِمَّا لَا بُدَّ مِنْه - ولَا مَحِيصَ عَنْه - وخَالِفْ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ
إِلَى غَيْرِه - ودَعْه ومَا رَضِيَ لِنَفْسِه وضَعْ فَخْرَكَ - واحْطُطْ
كِبْرَكَ واذْكُرْ قَبْرَكَ فَإِنَّ عَلَيْه مَمَرَّكَ - وكَمَا تَدِينُ تُدَانُ
وكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ - ومَا قَدَّمْتَ الْيَوْمَ تَقْدَمُ عَلَيْه غَداً -
فَامْهَدْ (1891) لِقَدَمِكَ
وقَدِّمْ لِيَوْمِكَ - فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ والْجِدَّ
الْجِدَّ أَيُّهَا الْغَافِلُ - «ولا يُنَبِّئُكَ
مِثْلُ خَبِيرٍ». إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللَّه فِي
الذِّكْرِ الْحَكِيمِ - الَّتِي عَلَيْهَا يُثِيبُ ويُعَاقِبُ ولَهَا يَرْضَى
ويَسْخَطُ - أَنَّه لَا يَنْفَعُ عَبْداً - وإِنْ أَجْهَدَ نَفْسَه وأَخْلَصَ
فِعْلَه - أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا لَاقِياً رَبَّه - بِخَصْلَةٍ مِنْ
هَذِه الْخِصَالِ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا - أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّه فِيمَا
افْتَرَضَ عَلَيْه مِنْ عِبَادَتِه - أَوْ يَشْفِيَ غَيْظَه بِهَلَاكِ نَفْسٍ -
أَوْ يَعُرَّ (1892) بِأَمْرٍ فَعَلَه
غَيْرُه - أَوْ يَسْتَنْجِحَ (1893) حَاجَةً إِلَى
النَّاسِ بِإِظْهَارِ بِدْعَةٍ فِي دِينِه - أَوْ يَلْقَى النَّاسَ بِوَجْهَيْنِ
أَوْ يَمْشِيَ فِيهِمْ بِلِسَانَيْنِ - اعْقِلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمِثْلَ
دَلِيلٌ عَلَى شِبْهِه. إِنَّ الْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا -
وإِنَّ السِّبَاعَ هَمُّهَا الْعُدْوَانُ عَلَى غَيْرِهَا - وإِنَّ النِّسَاءَ هَمُّهُنَّ
زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا والْفَسَادُ فِيهَا - إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ
مُسْتَكِينُونَ (1894) - إِنَّ
الْمُؤْمِنِينَ مُشْفِقُونَ إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ خَائِفُونَ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
154 و من خطبة له
يذكر فيها فضائل أهل البيت :
|
|||||||||||||||
154 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها فضائل أهل البيت ونَاظِرُ قَلْبِ (1895) اللَّبِيبِ بِه يُبْصِرُ أَمَدَه - ويَعْرِفُ غَوْرَه (1896) ونَجْدَه (1897) - دَاعٍ دَعَا
ورَاعٍ رَعَى - فَاسْتَجِيبُوا لِلدَّاعِي واتَّبِعُوا الرَّاعِيَ. قَدْ خَاضُوا بِحَارَ الْفِتَنِ -
وأَخَذُوا بِالْبِدَعِ دُونَ السُّنَنِ - وأَرَزَ (1898) الْمُؤْمِنُونَ ونَطَقَ الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ - نَحْنُ الشِّعَارُ
(1899) والأَصْحَابُ
والْخَزَنَةُ والأَبْوَابُ - ولَا تُؤْتَى الْبُيُوتُ إِلَّا مِنْ أَبْوَابِهَا
- فَمَنْ أَتَاهَا مِنْ غَيْرِ أَبْوَابِهَا سُمِّيَ سَارِقاً. منها: فِيهِمْ كَرَائِمُ (1900) الْقُرْآنِ وهُمْ كُنُوزُ الرَّحْمَنِ - إِنْ نَطَقُوا صَدَقُوا وإِنْ
صَمَتُوا لَمْ يُسْبَقُوا - فَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَه ولْيُحْضِرْ عَقْلَه -
ولْيَكُنْ مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ - فَإِنَّه مِنْهَا قَدِمَ وإِلَيْهَا
يَنْقَلِبُ. فَالنَّاظِرُ بِالْقَلْبِ الْعَامِلُ
بِالْبَصَرِ - يَكُونُ مُبْتَدَأُ عَمَلِه أَنْ يَعْلَمَ أَعَمَلُه عَلَيْه أَمْ
لَه - فَإِنْ كَانَ لَه مَضَى فِيه وإِنْ كَانَ عَلَيْه وَقَفَ عَنْه - فَإِنَّ
الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَالسَّائِرِ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ - فَلَا يَزِيدُه
بُعْدُه عَنِ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ إِلَّا بُعْداً مِنْ حَاجَتِه - والْعَامِلُ
بِالْعِلْمِ كَالسَّائِرِ عَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ - فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ
أَسَائِرٌ هُوَ أَمْ رَاجِعٌ. واعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ ظَاهِرٍ بَاطِناً
عَلَى مِثَالِه - فَمَا طَابَ ظَاهِرُه طَابَ بَاطِنُه - ومَا خَبُثَ ظَاهِرُه
خَبُثَ بَاطِنُه وقَدْ قَالَ الرَّسُولُ الصَّادِقُ صلىاللهعليهوآله - إِنَّ
اللَّه يُحِبُّ الْعَبْدَ ويُبْغِضُ عَمَلَه - ويُحِبُّ الْعَمَلَ ويُبْغِضُ
بَدَنَه. واعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ نَبَاتاً -
وكُلُّ نَبَاتٍ لَا غِنَى بِه عَنِ الْمَاءِ - والْمِيَاه مُخْتَلِفَةٌ فَمَا
طَابَ سَقْيُه طَابَ غَرْسُه وحَلَتْ ثَمَرَتُه - ومَا خَبُثَ سَقْيُه خَبُثَ
غَرْسُه وأَمَرَّتْ ثَمَرَتُه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
155 و من خطبة له عليه السلام
يذكر فيها بديع خلقة الخفاش :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه و تنزيهه
|
|||||||||||||||
155 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها بديع خلقة الخفاش حمد اللَّه وتنزيهه الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي انْحَسَرَتِ (1901) الأَوْصَافُ عَنْ كُنْه مَعْرِفَتِه – ورَدَعَتْ عَظَمَتُه الْعُقُولَ
- فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغاً إِلَى بُلُوغِ غَايَةِ مَلَكُوتِه! ----------------------------- (1901) انحسرت: انقطعت. هُوَ اللَّه «الْحَقُّ
الْمُبِينُ» - أَحَقُّ وأَبْيَنُ مِمَّا تَرَى الْعُيُونُ - لَمْ تَبْلُغْه
الْعُقُولُ بِتَحْدِيدٍ فَيَكُونَ مُشَبَّهاً - ولَمْ تَقَعْ عَلَيْه
الأَوْهَامُ بِتَقْدِيرٍ فَيَكُونَ مُمَثَّلًا - خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ
تَمْثِيلٍ ولَا مَشُورَةِ مُشِيرٍ - ولَا مَعُونَةِ مُعِينٍ فَتَمَّ خَلْقُه
بِأَمْرِه وأَذْعَنَ لِطَاعَتِه - فَأَجَابَ ولَمْ يُدَافِعْ وانْقَادَ ولَمْ
يُنَازِعْ. |
|||||||||||||||
خلقة الخفاش
|
|||||||||||||||
خلقة الخفاش ومِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِه وعَجَائِبِ
خِلْقَتِه - مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِكْمَةِ فِي هَذِه الْخَفَافِيشِ -
الَّتِي يَقْبِضُهَا الضِّيَاءُ الْبَاسِطُ لِكُلِّ شَيْءٍ - ويَبْسُطُهَا
الظَّلَامُ الْقَابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ - وكَيْفَ عَشِيَتْ (1902) أَعْيُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ - مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ
نُوراً تَهْتَدِي بِه فِي مَذَاهِبِهَا - وتَتَّصِلُ بِعَلَانِيَةِ بُرْهَانِ
الشَّمْسِ إِلَى مَعَارِفِهَا - ورَدَعَهَا بِتَلأْلُؤِ ضِيَائِهَا عَنِ
الْمُضِيِّ فِي سُبُحَاتِ (1903) إِشْرَاقِهَا -
وأَكَنَّهَا فِي مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِي بُلَجِ ائْتِلَاقِهَا (1904) - فَهِيَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَى حِدَاقِهَا -
وجَاعِلَةُ اللَّيْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِه فِي الْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا -
فَلَا يَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ (1905) ظُلْمَتِه - ولَا تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيه لِغَسَقِ دُجُنَّتِه
(1906) - فَإِذَا
أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وبَدَتْ أَوْضَاحُ (1907) نَهَارِهَا - ودَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَى الضِّبَابِ فِي
وِجَارِهَا (1908) - أَطْبَقَتِ
الأَجْفَانَ عَلَى مَآقِيهَا (1909) وتَبَلَّغَتْ (1910) بِمَا اكْتَسَبَتْه مِنَ الْمَعَاشِ فِي ظُلَمِ لَيَالِيهَا -
فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ لَهَا نَهَاراً ومَعَاشاً - والنَّهَارَ
سَكَناً وقَرَاراً - وجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا - تَعْرُجُ بِهَا
عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّيَرَانِ - كَأَنَّهَا شَظَايَا الآذَانِ (1911) غَيْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ ولَا قَصَبٍ (1912) - إِلَّا أَنَّكَ تَرَى مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَيِّنَةً أَعْلَاماً (1913) - لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا يَرِقَّا فَيَنْشَقَّا ولَمْ يَغْلُظَا
فَيَثْقُلَا - تَطِيرُ ووَلَدُهَا لَاصِقٌ بِهَا لَاجِئٌ إِلَيْهَا - يَقَعُ
إِذَا وَقَعَتْ ويَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ - لَا يُفَارِقُهَا حَتَّى
تَشْتَدَّ أَرْكَانُه - ويَحْمِلَه لِلنُّهُوضِ جَنَاحُه - ويَعْرِفَ مَذَاهِبَ
عَيْشِه ومَصَالِحَ نَفْسِه - فَسُبْحَانَ الْبَارِئِ لِكُلِّ شَيْءٍ عَلَى
غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِه (1914)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
156 و من كلام له خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم :
|
|||||||||||||||
156 - ومن كلام له عليه
السلام خاطب به أهل البصرة على جهة
اقتصاص الملاحم فَمَنِ اسْتَطَاعَ عِنْدَ ذَلِكَ - أَنْ
يَعْتَقِلَ نَفْسَه عَلَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ فَلْيَفْعَلْ - فَإِنْ
أَطَعْتُمُونِي - فَإِنِّي حَامِلُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّه عَلَى سَبِيلِ
الْجَنَّةِ - وإِنْ كَانَ ذَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ ومَذَاقَةٍ مَرِيرَةٍ. وأَمَّا فُلَانَةُ فَأَدْرَكَهَا رَأْيُ
النِّسَاءِ - وضِغْنٌ غَلَا فِي صَدْرِهَا كَمِرْجَلِ (1915) الْقَيْنِ (1916) - ولَوْ دُعِيَتْ
لِتَنَالَ مِنْ غَيْرِي مَا أَتَتْ إِلَيَّ لَمْ تَفْعَلْ - ولَهَا بَعْدُ
حُرْمَتُهَا الأُولَى والْحِسَابُ عَلَى اللَّه تَعَالَى. ----------------------------- (1915) المِرْجَل: القدر. (1916)
القَيْن: - بالفتح - الحداد. |
|||||||||||||||
وصف الإيمان
|
|||||||||||||||
وصف الإيمان منه - سَبِيلٌ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ
أَنْوَرُ السِّرَاجِ - فَبِالإِيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ -
وبِالصَّالِحَاتِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الإِيمَانِ وبِالإِيمَانِ يُعْمَرُ
الْعِلْمُ - وبِالْعِلْمِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ وبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا
- وبِالدُّنْيَا تُحْرَزُ الآخِرَةُ - وبِالْقِيَامَةِ تُزْلَفُ الْجَنَّةُ
وتُبَرَّزُ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ - وإِنَّ الْخَلْقَ لَا مَقْصَرَ (1917) لَهُمْ عَنِ الْقِيَامَةِ - مُرْقِلِينَ (1918) فِي مِضْمَارِهَا إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى. ----------------------------- (1917) المَقْصَر: - كمقعد - المجلس أي لا مستقر لهم
دون القيامة. (1918)
مُرْقِلين: مسرعين. |
|||||||||||||||
حال أهل القبور في القيامة
|
|||||||||||||||
حال أهل القبور في القيامة منه: قَدْ شَخَصُوا (1919) مِنْ مُسْتَقَرِّ الأَجْدَاثِ (1920) - وصَارُوا إِلَى مَصَايِرِ الْغَايَاتِ (1921) لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا - لَا يَسْتَبْدِلُونَ بِهَا ولَا يُنْقَلُونَ
عَنْهَا. وإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ
والنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ - لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اللَّه سُبْحَانَه -
وإِنَّهُمَا لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ - ولَا يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ -
وعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّه - فَإِنَّه الْحَبْلُ الْمَتِينُ والنُّورُ
الْمُبِينُ - والشِّفَاءُ النَّافِعُ والرِّيُّ النَّاقِعُ (1922) - والْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ والنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ - لَا
يَعْوَجُّ فَيُقَامَ ولَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ (1923) - ولَا تُخْلِقُه كَثْرَةُ الرَّدِّ (1924) ووُلُوجُ السَّمْعِ (1925) - مَنْ قَالَ بِه
صَدَقَ ومَنْ عَمِلَ بِه سَبَقَ». -----------------------------
وقام إليه رجل فقال: يا أمير
المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول اللَّه - صلىاللهعليهوآله
- عنها فقال عليهالسلام: إِنَّه لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه سُبْحَانَه
قَوْلَه - «ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا -
أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ» - عَلِمْتُ أَنَّ
الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا - ورَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله بَيْنَ
أَظْهُرِنَا - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الْفِتْنَةُ الَّتِي
أَخْبَرَكَ اللَّه تَعَالَى بِهَا - فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ أُمَّتِي
سَيُفْتَنُونَ بَعْدِي - فَقُلْتُ يَا رَسُولُ اللَّه - أَولَيْسَ قَدْ قُلْتَ
لِي يَوْمَ أُحُدٍ - حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ -
وحِيزَتْ (1926) عَنِّي الشَّهَادَةُ
فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ - فَقُلْتَ لِي أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ
وَرَائِكَ - فَقَالَ لِي إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذاً -
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه لَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ - ولَكِنْ
مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى والشُّكْرِ - وقَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ الْقَوْمَ
سَيُفْتَنُونَ بِأَمْوَالِهِمْ - ويَمُنُّونَ بِدِينِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ -
ويَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَه ويَأْمَنُونَ سَطْوَتَه - ويَسْتَحِلُّونَ حَرَامَه
بِالشُّبُهَاتِ الْكَاذِبَةِ - والأَهْوَاءِ السَّاهِيَةِ فَيَسْتَحِلُّونَ
الْخَمْرَ بِالنَّبِيذِ - والسُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ والرِّبَا بِالْبَيْعِ -
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه - فَبِأَيِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ
- أَبِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ أَمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ فَقَالَ بِمَنْزِلَةِ
فِتْنَةٍ» ----------------------------- (1926) حِيزَتْ: حازها اللَّه عني فلم أنلها. |
|||||||||||||||
157 و من خطبة له
عليه السلام يحث الناس على
التقوى :
|
|||||||||||||||
157 - ومن خطبة له عليه
السلام يحث الناس على التقوى الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي جَعَلَ
الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِه - وسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِه -
ودَلِيلًا عَلَى آلَائِه وعَظَمَتِه. عِبَادَ اللَّه - إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي
بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِه بِالْمَاضِينَ - لَا يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْه -
ولَا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيه - آخِرُ فَعَالِه كَأَوَّلِه مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُه
(1927) - مُتَظَاهِرَةٌ
أَعْلَامُه (1928) - فَكَأَنَّكُمْ
بِالسَّاعَةِ (1929) تَحْدُوكُمْ
حَدْوَ الزَّاجِرِ (1930) بِشَوْلِه (1931) - فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَه بِغَيْرِ نَفْسِه تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ
- وارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ - ومَدَّتْ بِه شَيَاطِينُه فِي طُغْيَانِه -
وزَيَّنَتْ لَه سَيِّئَ أَعْمَالِه - فَالْجَنَّةُ غَايَةُ السَّابِقِينَ
والنَّارُ غَايَةُ الْمُفَرِّطِينَ. اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه - أَنَّ
التَّقْوَى دَارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ - والْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ - لَا
يَمْنَعُ أَهْلَه ولَا يُحْرِزُ (1932) مَنْ لَجَأَ
إِلَيْه - أَلَا وبِالتَّقْوَى تُقْطَعُ حُمَةُ (1933) الْخَطَايَا - وبِالْيَقِينِ تُدْرَكُ الْغَايَةُ الْقُصْوَى. عِبَادَ اللَّه اللَّه اللَّه فِي أَعَزِّ
الأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ وأَحَبِّهَا إِلَيْكُمْ - فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَوْضَحَ
لَكُمْ سَبِيلَ الْحَقِّ وأَنَارَ طُرُقَه - فَشِقْوَةٌ لَازِمَةٌ أَوْ
سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ - فَتَزَوَّدُوا فِي أَيَّامِ الْفَنَاءِ (1934) لأَيَّامِ الْبَقَاءِ - قَدْ دُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ وأُمِرْتُمْ
بِالظَّعْنِ (1935) - وحُثِثْتُمْ
عَلَى الْمَسِيرِ - فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لَا يَدْرُونَ - مَتَى
يُؤْمَرُونَ بِالسَّيْرِ - أَلَا فَمَا يَصْنَعُ بِالدُّنْيَا مَنْ خُلِقَ
لِلآخِرَةِ - ومَا يَصْنَعُ بِالْمَالِ مَنْ عَمَّا قَلِيلٍ يُسْلَبُه -
وتَبْقَى عَلَيْه تَبِعَتُه (1936) وحِسَابُه. عِبَادَ اللَّه - إِنَّه لَيْسَ لِمَا
وَعَدَ اللَّه مِنَ الْخَيْرِ مَتْرَكٌ - ولَا فِيمَا نَهَى عَنْه مِنَ الشَّرِّ
مَرْغَبٌ. عِبَادَ اللَّه - احْذَرُوا يَوْماً
تُفْحَصُ فِيه الأَعْمَالُ - ويَكْثُرُ فِيه الزِّلْزَالُ وتَشِيبُ فِيه
الأَطْفَالُ. اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه - أَنَّ
عَلَيْكُمْ رَصَداً (1937) مِنْ أَنْفُسِكُمْ
- وعُيُوناً مِنْ جَوَارِحِكُمْ - وحُفَّاظَ صِدْقٍ يَحْفَظُونَ أَعْمَالَكُمْ
وعَدَدَ أَنْفَاسِكُمْ - لَا تَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ ظُلْمَةُ لَيْلٍ دَاجٍ -
ولَا يُكِنُّكُمْ مِنْهُمْ بَابٌ ذُو رِتَاجٍ (1938) - وإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ. يَذْهَبُ الْيَوْمُ بِمَا فِيه - ويَجِيءُ
الْغَدُ لَاحِقاً بِه - فَكَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ - قَدْ بَلَغَ مِنَ
الأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِه ومَخَطَّ حُفْرَتِه - فَيَا لَه مِنْ بَيْتِ
وَحْدَةٍ (1939) - ومَنْزِلِ
وَحْشَةٍ ومُفْرَدِ غُرْبَةٍ - وكَأَنَّ الصَّيْحَةَ (1940) قَدْ أَتَتْكُمْ - والسَّاعَةَ قَدْ غَشِيَتْكُمْ - وبَرَزْتُمْ
لِفَصْلِ الْقَضَاءِ - قَدْ زَاحَتْ (1941) عَنْكُمُ
الأَبَاطِيلُ - واضْمَحَلَّتْ عَنْكُمُ الْعِلَلُ – واسْتَحَقَّتْ بِكُمُ
الْحَقَائِقُ - وصَدَرَتْ بِكُمُ الأُمُورُ مَصَادِرَهَا - فَاتَّعِظُوا
بِالْعِبَرِ - واعْتَبِرُوا بِالْغِيَرِ وانْتَفِعُوا بِالنُّذُرِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
158 و من خطبة له يُنَبِّهُ فيها على فضل الرسول الأعظم و فضل القرآن ثم حال دولة بني أمية
|
|||||||||||||||
النبي و القرآن
|
|||||||||||||||
158 - ومن خطبة له عليهالسلام ينبه فيها على فضل الرسول
الأعظم وفضل القرآن ثم حال دولة بني أمية النبي والقرآن أَرْسَلَه عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ
الرُّسُلِ - وطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الأُمَمِ (1942) وانْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ (1943) - فَجَاءَهُمْ بِتَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْه - والنُّورِ
الْمُقْتَدَى بِه ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوه - ولَنْ يَنْطِقَ ولَكِنْ
أُخْبِرُكُمْ عَنْه - أَلَا إِنَّ فِيه عِلْمَ مَا يَأْتِي - والْحَدِيثَ عَنِ
الْمَاضِي - ودَوَاءَ دَائِكُمْ ونَظْمَ مَا بَيْنَكُمْ. ----------------------------- (1942) الهَجْعة: المرة من الهجوع وهو النوم ليلا.
والمراد نوم الغفلة في ظلمات الجهالة. (1943)
المُبْرَم: المحكم
من أبرم الحبل إذا أحكم فتله. والمراد الأحكام الإلهية التي أبرمت على ألسنة
الأنبياء.
|
|||||||||||||||
دولة بني أمية
|
|||||||||||||||
دولة بني أمية ومنها - فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى
بَيْتُ مَدَرٍ ولَا وَبَرٍ (1944) - إِلَّا
وأَدْخَلَه الظَّلَمَةُ تَرْحَةً (1945) وأَوْلَجُوا فِيه
نِقْمَةً - فَيَوْمَئِذٍ لَا يَبْقَى لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ - ولَا فِي
الأَرْضِ نَاصِرٌ - أَصْفَيْتُمْ (1946) بِالأَمْرِ غَيْرَ
أَهْلِه وأَوْرَدْتُمُوه غَيْرَ مَوْرِدِه - وسَيَنْتَقِمُ اللَّه مِمَّنْ
ظَلَمَ - مَأْكَلًا بِمَأْكَلٍ ومَشْرَباً بِمَشْرَبٍ - مِنْ مَطَاعِمِ
الْعَلْقَمِ ومَشَارِبِ الصَّبِرِ (1947) والْمَقِرِ (1948) - ولِبَاسِ شِعَارِ الْخَوْفِ ودِثَارِ السَّيْفِ (1949) - وإِنَّمَا هُمْ مَطَايَا الْخَطِيئَاتِ وزَوَامِلُ الآثَامِ (1950) - فَأُقْسِمُ ثُمَّ أُقْسِمُ - لَتَنْخَمَنَّهَا أُمَيَّةُ مِنْ
بَعْدِي كَمَا تُلْفَظُ النُّخَامَةُ (1951) - ثُمَّ لَا تَذُوقُهَا ولَا تَطْعَمُ بِطَعْمِهَا أَبَداً - مَا كَرَّ
الْجَدِيدَانِ (1952)! -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
159 و من خطبة له يبين فيها حسن معاملته لرعيته :
|
|||||||||||||||
159 - ومن خطبة له عليهالسلام يبين فيها حسن معاملته
لرعيته ولَقَدْ أَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ -
وأَحَطْتُ بِجُهْدِي مِنْ وَرَائِكُمْ - وأَعْتَقْتُكُمْ مِنْ رِبَقِ (1953) الذُّلِّ وحَلَقِ (1954) الضَّيْمِ -
شُكْراً مِنِّي لِلْبِرِّ الْقَلِيلِ - وإِطْرَاقاً عَمَّا أَدْرَكَه الْبَصَرُ
- وشَهِدَه الْبَدَنُ مِنَ الْمُنْكَرِ الْكَثِيرِ. ----------------------------- (1953) رِبَق: - جمع ربقة - وهي الحبل يربق به. (1954)
حَلَق: جمع حلقة. |
|||||||||||||||
160 و من خطبة له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
عظمة اللّه
|
|||||||||||||||
160 - ومن خطبة له عليهالسلام عظمة اللَّه أَمْرُه قَضَاءٌ وحِكْمَةٌ ورِضَاه
أَمَانٌ ورَحْمَةُ - يَقْضِي بِعِلْمٍ ويَعْفُو بِحِلْمٍ. |
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
حمد اللَّه اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا
تَأْخُذُ وتُعْطِي - وعَلَى مَا تُعَافِي وتَبْتَلِي – حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى
الْحَمْدِ لَكَ - وأَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ وأَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ. حَمْداً يَمْلأُ مَا خَلَقْتَ ويَبْلُغُ
مَا أَرَدْتَ - حَمْداً لَا يُحْجَبُ عَنْكَ ولَا يُقْصَرُ دُونَكَ. حَمْداً لَا يَنْقَطِعُ عَدَدُه ولَا
يَفْنَى مَدَدُه - فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْه عَظَمَتِكَ - إِلَّا أَنَّا
نَعْلَمُ أَنَّكَ حَيٌّ قَيُّومُ - لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ (1955) ولَا نَوْمٌ - لَمْ يَنْتَه إِلَيْكَ نَظَرٌ ولَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ -
أَدْرَكْتَ الأَبْصَارَ وأَحْصَيْتَ الأَعْمَالَ - وأَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي
والأَقْدَامِ - ومَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ - ونَعْجَبُ لَه مِنْ
قُدْرَتِكَ - ونَصِفُه مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ - ومَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْه
وقَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْه - وانْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَه - وحَالَتْ
سُتُورُ الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وبَيْنَه أَعْظَمُ - فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَه
وأَعْمَلَ فِكْرَه - لِيَعْلَمَ كَيْفَ أَقَمْتَ عَرْشَكَ وكَيْفَ ذَرَأْتَ (1956) خَلْقَكَ - وكَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سَمَاوَاتِكَ - وكَيْفَ
مَدَدْتَ عَلَى مَوْرِ (1957) الْمَاءِ أَرْضَكَ
رَجَعَ طَرْفُه حَسِيراً (1958) - وعَقْلُه
مَبْهُوراً (1959) وسَمْعُه وَالِهاً
(1960) وفِكْرُه
حَائِراً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
كيف يكون الرجاء
|
|||||||||||||||
كيف يكون الرجاء منها - يَدَّعِي بِزَعْمِه أَنَّه يَرْجُو
اللَّه كَذَبَ والْعَظِيمِ - مَا بَالُه لَا يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُه فِي عَمَلِه -
فَكُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُه فِي عَمَلِه – وكُلُّ رَجَاءٍ إِلَّا
رَجَاءَ اللَّه تَعَالَى فَإِنَّه مَدْخُولٌ (1961) - وكُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّقٌ (1962) إِلَّا خَوْفَ
اللَّه فَإِنَّه مَعْلُولٌ (1963) - يَرْجُو اللَّه
فِي الْكَبِيرِ ويَرْجُو الْعِبَادَ فِي الصَّغِيرِ - فَيُعْطِي الْعَبْدَ مَا
لَا يُعْطِي الرَّبَّ - فَمَا بَالُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُه يُقَصَّرُ بِه عَمَّا
يُصْنَعُ بِه لِعِبَادِه - أَتَخَافُ أَنْ تَكُونَ فِي رَجَائِكَ لَه كَاذِباً -
أَوْ تَكُونَ لَا تَرَاه لِلرَّجَاءِ مَوْضِعاً - وكَذَلِكَ إِنْ هُوَ خَافَ
عَبْداً مِنْ عَبِيدِه - أَعْطَاه مِنْ خَوْفِه مَا لَا يُعْطِي رَبَّه -
فَجَعَلَ خَوْفَه مِنَ الْعِبَادِ نَقْداً - وخَوْفَه مِنْ خَالِقِه ضِمَاراً (1964) ووَعْداً - وكَذَلِكَ مَنْ عَظُمَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِه - وكَبُرَ
مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِه آثَرَهَا عَلَى اللَّه تَعَالَى - فَانْقَطَعَ
إِلَيْهَا وصَارَ عَبْداً لَهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
رسول اللّه
|
|||||||||||||||
رسول اللَّه ولَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
كَافٍ لَكَ فِي الأُسْوَةِ (1965) - ودَلِيلٌ لَكَ
عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وعَيْبِهَا - وكَثْرَةِ مَخَازِيهَا ومَسَاوِيهَا - إِذْ
قُبِضَتْ عَنْه أَطْرَافُهَا ووُطِّئَتْ لِغَيْرِه أَكْنَافُهَا (1966) - وفُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا وزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا. ----------------------------- (1965) الأسْوَة: القدوة. (1966)
الأكناف: الجوانب. وزوى: قبض. |
|||||||||||||||
موسى
|
|||||||||||||||
موسى وإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ بِمُوسَى كَلِيمِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله حَيْثُ يَقُولُ - «رَبِّ
إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» - واللَّه مَا
سَأَلَه إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُه - لأَنَّه كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الأَرْضِ -
ولَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ (1967) صِفَاقِ (1968) بَطْنِه -
لِهُزَالِه وتَشَذُّبِ لَحْمِه (1969). ----------------------------- (1967) شفيف: رقيق يستشفّ ما وراءه. (1968)
الصِّفاق: على
وزن - كتاب - الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن. (1969)
تَشَذّبُ اللحم: تفرّقه. |
|||||||||||||||
داود
|
|||||||||||||||
داود وإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ صلىاللهعليهوآله
صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ - وقَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ - فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ
سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِه (1970) - ويَقُولُ
لِجُلَسَائِه أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا - ويَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ
مِنْ ثَمَنِهَا. ----------------------------- (1970) السّفائف: - جمع سفيفة - وصف من «سفّ الخوص»
إذا نسجه أي منسوجات الخوص. |
|||||||||||||||
عيسى
|
|||||||||||||||
عيسى وإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ
مَرْيَمَ عليهالسلام - فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ -
ويَلْبَسُ الْخَشِنَ ويَأْكُلُ الْجَشِبَ - وكَانَ إِدَامُه الْجُوعَ وسِرَاجُه
بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ - وظِلَالُه فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الأَرْضِ
ومَغَارِبَهَا (1971) - وفَاكِهَتُه
ورَيْحَانُه مَا تُنْبِتُ الأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ - ولَمْ تَكُنْ لَه زَوْجَةٌ
تَفْتِنُه ولَا وَلَدٌ يَحْزُنُه - ولَا مَالٌ يَلْفِتُه ولَا طَمَعٌ يُذِلُّه -
دَابَّتُه رِجْلَاه وخَادِمُه يَدَاه. ----------------------------- (1971) ظلاله: - جمع ظل - بمعنى الكنّ والمأوى. ومن
كان كنه المشرق والمغرب فلا كنّ له. |
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم فَتَأَسَّ (1972) بِنَبِيِّكَ الأَطْيَبِ الأَطْهَرِ صلىاللهعليهوآله -
فَإِنَّ فِيه أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى - وأَحَبُّ
الْعِبَادِ إِلَى اللَّه الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّه - والْمُقْتَصُّ لأَثَرِه -
قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً (1973) ولَمْ يُعِرْهَا
طَرْفاً - أَهْضَمُ (1974) أَهْلِ الدُّنْيَا
كَشْحاً (1975) - وأَخْمَصُهُمْ (1976) مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً - عُرِضَتْ عَلَيْه الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ
يَقْبَلَهَا - وعَلِمَ أَنَّ اللَّه سُبْحَانَه أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَه -
وحَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَه وصَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَه - ولَوْ لَمْ يَكُنْ
فِينَا إِلَّا حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّه ورَسُولُه - وتَعْظِيمُنَا مَا
صَغَّرَ اللَّه ورَسُولُه - لَكَفَى بِه شِقَاقاً لِلَّه ومُحَادَّةً (1977) عَنْ أَمْرِ اللَّه - ولَقَدْ كَانَ صلىاللهعليهوآله
يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ - ويَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ ويَخْصِفُ (1978) بِيَدِه نَعْلَه - ويَرْقَعُ بِيَدِه ثَوْبَه ويَرْكَبُ الْحِمَارَ
الْعَارِيَ (1979) - ويُرْدِفُ (1980) خَلْفَه - ويَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِه فَتَكُونُ فِيه
التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ - يَا فُلَانَةُ لإِحْدَى أَزْوَاجِه غَيِّبِيه عَنِّي
- فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْه ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وزَخَارِفَهَا -
فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِه وأَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِه -
وأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِه - لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا
رِيَاشاً (1981) ولَا
يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً - ولَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً فَأَخْرَجَهَا مِنَ
النَّفْسِ - وأَشْخَصَهَا (1982) عَنِ الْقَلْبِ
وغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ - وكَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَيْه - وأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَه. ولَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- مَا يَدُلُّكُ عَلَى مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وعُيُوبِهَا - إِذْ جَاعَ فِيهَا
مَعَ خَاصَّتِه (1983) - وزُوِيَتْ عَنْه
(1984) زَخَارِفُهَا مَعَ
عَظِيمِ زُلْفَتِه (1985) - فَلْيَنْظُرْ
نَاظِرٌ بِعَقْلِه – أَكْرَمَ اللَّه مُحَمَّداً بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَه -
فَإِنْ قَالَ أَهَانَه فَقَدْ كَذَبَ واللَّه الْعَظِيمِ بِالإِفْكِ الْعَظِيمِ
- وإِنْ قَالَ أَكْرَمَه - فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّه قَدْ أَهَانَ غَيْرَه
حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَه - وزَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْه -
فَتَأَسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّه - واقْتَصَّ أَثَرَه ووَلَجَ مَوْلِجَه -
وإِلَّا فَلَا يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ - فَإِنَّ اللَّه جَعَلَ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله
عَلَماً لِلسَّاعَةِ (1986) - ومُبَشِّراً
بِالْجَنَّةِ ومُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ - خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً (1987) ووَرَدَ الآخِرَةَ سَلِيماً - لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ -
حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِه وأَجَابَ دَاعِيَ رَبِّه - فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ
اللَّه عِنْدَنَا - حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِه سَلَفاً نَتَّبِعُه وقَائِداً
نَطَأُ عَقِبَه (1988) - واللَّه لَقَدْ
رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي (1989) هَذِه حَتَّى
اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا - ولَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ أَلَا تَنْبِذُهَا
عَنْكَ - فَقُلْتُ اغْرُبْ عَنِّي (1990) فَعِنْدَ
الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى (1991)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
161و من خطبة
له في صفة النبي و أهل بيته و أتباع
دينه و فيها يعظ بالتقوى :
|
|||||||||||||||
الرسول و أهله و أتباع دينه
|
|||||||||||||||
161 - ومن خطبة له عليهالسلام في صفة النبي وأهل بيته
وأتباع دينه وفيها يعظ بالتقوى الرسول وأهله وأتباع دينه ابْتَعَثَه بِالنُّورِ الْمُضِيءِ
والْبُرْهَانِ الْجَلِيِّ - والْمِنْهَاجِ الْبَادِي (1992) والْكِتَابِ الْهَادِي - أُسْرَتُه خَيْرُ أُسْرَةٍ وشَجَرَتُه خَيْرُ
شَجَرَةٍ - أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ وثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ (1993) - مَوْلِدُه بِمَكَّةَ وهِجْرَتُه بِطَيْبَةَ (1994). عَلَا بِهَا ذِكْرُه وامْتَدَّ مِنْهَا
صَوْتُه - أَرْسَلَه بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ ومَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ ودَعْوَةٍ
مُتَلَافِيَةٍ (1995) - أَظْهَرَ بِه
الشَّرَائِعَ الْمَجْهُولَةَ - وقَمَعَ بِه الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ - وبَيَّنَ
بِه الأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ (1996) - فَمَنْ يَبْتَغِ
غَيْرَ الإِسْلَامِ دَيْناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُه - وتَنْفَصِمْ عُرْوَتُه
وتَعْظُمْ كَبْوَتُه (1997) - ويَكُنْ مَآبُه (1998) إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ والْعَذَابِ الْوَبِيلِ. وأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّه تَوَكُّلَ
الإِنَابَةِ (1999) إِلَيْه -
وأَسْتَرْشِدُه السَّبِيلَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِه - الْقَاصِدَةَ إِلَى
مَحَلِّ رَغْبَتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
النصح بالتقوى
|
|||||||||||||||
النصح بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه وطَاعَتِه - فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً والْمَنْجَاةُ أَبَداً -
رَهَّبَ فَأَبْلَغَ ورَغَّبَ فَأَسْبَغَ (2000) - ووَصَفَ لَكُمُ الدُّنْيَا وانْقِطَاعَهَا - وزَوَالَهَا وانْتِقَالَهَا
- فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا
- أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّه وأَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّه -
فَغُضُّوا عَنْكُمْ عِبَادَ اللَّه غُمُومَهَا وأَشْغَالَهَا - لِمَا قَدْ
أَيْقَنْتُمْ بِه مِنْ فِرَاقِهَا وتَصَرُّفِ حَالَاتِهَا - فَاحْذَرُوهَا
حَذَرَ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ (2001) والْمُجِدِّ
الْكَادِحِ (2002) - واعْتَبِرُوا
بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ - قَدْ تَزَايَلَتْ
أَوْصَالُهُمْ (2003) - وزَالَتْ
أَبْصَارُهُمْ وأَسْمَاعُهُمْ - وذَهَبَ شَرَفُهُمْ وعِزُّهُمْ - وانْقَطَعَ
سُرُورُهُمْ ونَعِيمُهُمْ - فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ الأَوْلَادِ فَقْدَهَا -
وبِصُحْبَةِ الأَزْوَاجِ مُفَارَقَتَهَا - لَا يَتَفَاخَرُونَ ولَا
يَتَنَاسَلُونَ - ولَا يَتَزَاوَرُونَ ولَا يَتَحَاوَرُونَ (2004) - فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّه حَذَرَ الْغَالِبِ لِنَفْسِه -
الْمَانِعِ لِشَهْوَتِه النَّاظِرِ بِعَقْلِه - فَإِنَّ الأَمْرَ وَاضِحٌ
والْعَلَمَ قَائِمٌ - والطَّرِيقَ جَدَدٌ (2005) والسَّبِيلَ قَصْدٌ (2006). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
162 و من كلام له لبعض أصحابه و قد سأله كيف دفعكم قومكم عن
هذا المقام و أنتم أحق به فقال
|
|||||||||||||||
162 - ومن كلام له عليهالسلام لبعض أصحابه وقد سأله: كيف
دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به
فقال: يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ إِنَّكَ لَقَلِقُ
الْوَضِينِ (2007) - تُرْسِلُ (2008) فِي غَيْرِ سَدَدٍ (2009) - ولَكَ بَعْدُ
ذِمَامَةُ (2010) الصِّهْرِ وحَقُّ
الْمَسْأَلَةِ - وقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ - أَمَّا الِاسْتِبْدَادُ
عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ - ونَحْنُ الأَعْلَوْنَ نَسَباً والأَشَدُّونَ
بِالرَّسُولِ صلىاللهعليهوآله نَوْطاً (2011) - فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً (2012) شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ - وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ
- والْحَكَمُ اللَّه والْمَعْوَدُ إِلَيْه الْقِيَامَةُ.
وهَلُمَّ (2016) الْخَطْبَ (2017) فِي ابْنِ أَبِي
سُفْيَانَ - فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِه - ولَا غَرْوَ
واللَّه - فَيَا لَه خَطْباً يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ ويُكْثِرُ الأَوَدَ (2018) - حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اللَّه مِنْ مِصْبَاحِه - وسَدَّ
فَوَّارِه (2019) مِنْ يَنْبُوعِه -
وجَدَحُوا (2020) بَيْنِي
وبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئاً (2021) - فَإِنْ
تَرْتَفِعْ عَنَّا وعَنْهُمْ مِحَنُ الْبَلْوَى - أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ
عَلَى مَحْضِه (2022) وإِنْ تَكُنِ
الأُخْرَى - «فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ
حَسَراتٍ - إِنَّ الله عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ». -----------------------------
. |
|||||||||||||||
163 و من خطبة له عليه
السلام :
|
|||||||||||||||
الخالق جل و علا
|
|||||||||||||||
163 ومن خطبة له عليهالسلام الخالق جل وعلا الْحَمْدُ لِلَّه خَالِقِ الْعِبَادِ
وسَاطِحِ الْمِهَادِ (2023) - ومُسِيلِ
الْوِهَادِ (2024) ومُخْصِبِ
النِّجَادِ (2025) - لَيْسَ
لأَوَّلِيَّتِه ابْتِدَاءٌ ولَا لأَزَلِيَّتِه انْقِضَاءٌ - هُوَ الأَوَّلُ
ولَمْ يَزَلْ والْبَاقِي بِلَا أَجَلٍ - خَرَّتْ لَه الْجِبَاه ووَحَّدَتْه
الشِّفَاه - حَدَّ الأَشْيَاءَ عِنْدَ خَلْقِه لَهَا إِبَانَةً لَه (2026) مِنْ شَبَهِهَا - لَا تُقَدِّرُه الأَوْهَامُ بِالْحُدُودِ
والْحَرَكَاتِ - ولَا بِالْجَوَارِحِ والأَدَوَاتِ لَا يُقَالُ لَه مَتَى - ولَا
يُضْرَبُ لَه أَمَدٌ بِحَتَّى - الظَّاهِرُ لَا يُقَالُ مِمَّ والْبَاطِنُ لَا
يُقَالُ فِيمَ - لَا شَبَحٌ فَيُتَقَصَّى ولَا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى - لَمْ
يَقْرُبْ مِنَ الأَشْيَاءِ بِالْتِصَاقٍ - ولَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ
- ولَا يَخْفَى عَلَيْه مِنْ عِبَادِه شُخُوصُ لَحْظَةٍ (2027) - ولَا كُرُورُ لَفْظَةٍ ولَا ازْدِلَافُ رَبْوَةٍ (2028) - ولَا انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ فِي لَيْلٍ دَاجٍ (2029) - ولَا غَسَقٍ سَاجٍ (2030) يَتَفَيَّأُ (2031) عَلَيْه الْقَمَرُ الْمُنِيرُ - وتَعْقُبُه الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ
فِي الأُفُولِ والْكُرُورِ (2032) - وتَقَلُّبِ
الأَزْمِنَةِ والدُّهُورِ - مِنْ إِقْبَالِ لَيْلٍ مُقْبِلٍ وإِدْبَارِ نَهَارٍ
مُدْبِرٍ - قَبْلَ كُلِّ غَايَةٍ ومُدَّةِ وكُلِّ إِحْصَاءٍ وعِدَّةٍ - تَعَالَى
عَمَّا يَنْحَلُه (2033) الْمُحَدِّدُونَ
مِنْ صِفَاتِ الأَقْدَارِ (2034) - ونِهَايَاتِ
الأَقْطَارِ (2035) وتَأَثُّلِ (2036) الْمَسَاكِنِ - وتَمَكُّنِ الأَمَاكِنِ - فَالْحَدُّ لِخَلْقِه
مَضْرُوبٌ وإِلَى غَيْرِه مَنْسُوبٌ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
ابتداع المخلوقين
|
|||||||||||||||
ابتداع المخلوقين لَمْ يَخْلُقِ الأَشْيَاءَ مِنْ أُصُولٍ
أَزَلِيَّةٍ - ولَا مِنْ أَوَائِلَ أَبَدِيَّةٍ - بَلْ خَلَقَ مَا خَلَقَ
فَأَقَامَ حَدَّه (2037) - وصَوَّرَ
فَأَحْسَنَ صُورَتَه - لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْه امْتِنَاعٌ ولَا لَه بِطَاعَةِ
شَيْءٍ انْتِفَاعٌ - عِلْمُه بِالأَمْوَاتِ الْمَاضِينَ كَعِلْمِه بِالأَحْيَاءِ
الْبَاقِينَ - وعِلْمُه بِمَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى - كَعِلْمِه بِمَا فِي
الأَرَضِينَ السُّفْلَى. منها - أَيُّهَا الْمَخْلُوقُ السَّوِيُّ (2038) والْمُنْشَأُ الْمَرْعِيُّ (2039) - فِي ظُلُمَاتِ
الأَرْحَامِ ومُضَاعَفَاتِ الأَسْتَارِ -. بُدِئْتَ «مِنْ
سُلالَةٍ (2040) مِنْ
طِينٍ» - ووُضِعْتَ «فِي قَرارٍ مَكِينٍ (2041) - إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ» وأَجَلٍ
مَقْسُومٍ - تَمُورُ (2042) فِي بَطْنِ
أُمِّكَ جَنِيناً لَا تُحِيرُ (2043) دُعَاءً ولَا
تَسْمَعُ نِدَاءً - ثُمَّ أُخْرِجْتَ مِنْ مَقَرِّكَ إِلَى دَارٍ لَمْ
تَشْهَدْهَا - ولَمْ تَعْرِفْ سُبُلَ مَنَافِعِهَا. فَمَنْ هَدَاكَ لِاجْتِرَارِ الْغِذَاءِ
مِنْ ثَدْيِ أُمِّكَ - وعَرَّفَكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِكَ
وإِرَادَتِكَ - هَيْهَاتَ إِنَّ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ صِفَاتِ ذِي الْهَيْئَةِ
والأَدَوَاتِ - فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِه أَعْجَزُ - ومِنْ تَنَاوُلِه بِحُدُودِ
الْمَخْلُوقِينَ أَبْعَدُ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
164 و من كلام له
لما اجتمع الناس شكوا ما نقموه على عثمان و سألوه مخاطبته لهم .. فدخل
عليه فقال :
|
|||||||||||||||
164 - ومن كلام له عليهالسلام لما اجتمع الناس شكوا ما
نقموه على عثمان وسألوه مخاطبته لهم
واستعتابه لهم فدخل عليه فقال إِنَّ النَّاسَ وَرَائِي - وقَدِ
اسْتَسْفَرُونِي (2044) بَيْنَكَ
وبَيْنَهُمْ - ووَ اللَّه مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ - مَا أَعْرِفُ شَيْئاً
تَجْهَلُه - ولَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُه - إِنَّكَ لَتَعْلَمُ
مَا نَعْلَمُ - مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْه - ولَا
خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَه - وقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا وسَمِعْتَ
كَمَا سَمِعْنَا - وصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله كَمَا
صَحِبْنَا - ومَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ - ولَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى
بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ - وأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى أَبِي رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
وَشِيجَةَ (2045) رَحِمٍ مِنْهُمَا
- وقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِه مَا لَمْ يَنَالَا فَاللَّه اللَّه فِي نَفْسِكَ -
فَإِنَّكَ واللَّه مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمًى - ولَا تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ -
وإِنَّ الطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ وإِنَّ أَعْلَامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ -
فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّه عِنْدَ اللَّه إِمَامٌ عَادِلٌ هُدِيَ
وهَدَى فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً - وأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً - وإِنَّ
السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ - وإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ لَهَا
أَعْلَامٌ - وإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّه إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وضُلَّ
بِه - فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً وأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً - وإِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله يَقُولُ -
يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالإِمَامِ الْجَائِرِ - ولَيْسَ مَعَه نَصِيرٌ
ولَا عَاذِرٌ - فَيُلْقَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَى
- ثُمَّ يَرْتَبِطُ (2046) فِي قَعْرِهَا -
وإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّه أَلَّا تَكُونَ إِمَامَ هَذِه الأُمَّةِ الْمَقْتُولَ
- فَإِنَّه كَانَ يُقَالُ - يُقْتَلُ فِي هَذِه الأُمَّةِ إِمَامٌ يَفْتَحُ
عَلَيْهَا الْقَتْلَ - والْقِتَالَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - ويَلْبِسُ
أُمُورَهَا عَلَيْهَا ويَبُثُّ الْفِتَنَ فِيهَا - فَلَا يُبْصِرُونَ الْحَقَّ
مِنَ الْبَاطِلِ - يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجاً ويَمْرُجُونَ فِيهَا مَرْجاً (2047) - فَلَا تَكُونَنَّ لِمَرْوَانَ سَيِّقَةً (2048) يَسُوقُكَ حَيْثُ شَاءَ بَعْدَ جَلَالِ السِّنِّ - وتَقَضِّي الْعُمُرِ
فَقَالَ لَه عُثْمَانُ رضياللهعنه - كَلِّمِ النَّاسَ
فِي أَنْ يُؤَجِّلُونِي - حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَظَالِمِهِمْ -
فَقَالَ عليهالسلام - مَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَلَا أَجَلَ
فِيه - ومَا غَابَ فَأَجَلُه وُصُولُ أَمْرِكَ إِلَيْه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
165و من خطبة
له يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس :
|
|||||||||||||||
165 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس خلقة الطيور ابْتَدَعَهُمْ خَلْقاً عَجِيباً مِنْ
حَيَوَانٍ ومَوَاتٍ - وسَاكِنٍ وذِي حَرَكَاتٍ؛ وأَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ
الْبَيِّنَاتِ عَلَى لَطِيفِ صَنْعَتِه - وعَظِيمِ قُدْرَتِه - مَا انْقَادَتْ
لَه الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِه ومَسَلِّمَةً لَه - ونَعَقَتْ (2049) فِي أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُه عَلَى وَحْدَانِيَّتِه - ومَا ذَرَأَ (2050) مِنْ مُخْتَلِفِ صُوَرِ الأَطْيَارِ - الَّتِي أَسْكَنَهَا أَخَادِيدَ (2051) الأَرْضِ - وخُرُوقَ فِجَاجِهَا (2052) ورَوَاسِيَ أَعْلَامِهَا (2053) - مِنْ ذَاتِ
أَجْنِحَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وهَيْئَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ - مُصَرَّفَةٍ فِي زِمَامِ
التَّسْخِيرِ - ومُرَفْرِفَةٍ (2054) بِأَجْنِحَتِهَا
فِي مَخَارِقِ الْجَوِّ (2055) الْمُنْفَسِحِ -
والْفَضَاءِ الْمُنْفَرِجِ - كَوَّنَهَا بَعْدَ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي عَجَائِبِ
صُوَرٍ ظَاهِرَةٍ - ورَكَّبَهَا فِي حِقَاقِ (2056) مَفَاصِلَ مُحْتَجِبَةٍ (2057) - ومَنَعَ
بَعْضَهَا بِعَبَالَةِ (2058) خَلْقِه أَنْ
يَسْمُوَ (2059) فِي الْهَوَاءِ
خُفُوفاً (2060) - وجَعَلَه يَدِفُّ
دَفِيفاً (2061) - ونَسَقَهَا (2062) عَلَى اخْتِلَافِهَا فِي الأَصَابِيغِ (2063) بِلَطِيفِ قُدْرَتِه - ودَقِيقِ صَنْعَتِه - فَمِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي
قَالَبِ (2064) لَوْنٍ لَا
يَشُوبُه غَيْرُ لَوْنِ مَا غُمِسَ فِيه - ومِنْهَا مَغْمُوسٌ فِي لَوْنِ صِبْغٍ
قَدْ طُوِّقَ (2065) بِخِلَافِ مَا
صُبِغَ بِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الطاوس
|
|||||||||||||||
الطاوس ومِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ -
الَّذِي أَقَامَه فِي أَحْكَمِ تَعْدِيلٍ - ونَضَّدَ أَلْوَانَه فِي أَحْسَنِ
تَنْضِيدٍ (2066) - بِجَنَاحٍ
أَشْرَجَ قَصَبَه (2067) وذَنَبٍ أَطَالَ
مَسْحَبَه - إِذَا دَرَجَ (2068) إِلَى الأُنْثَى
نَشَرَه مِنْ طَيِّه - وسَمَا بِه (2069) مُطِلاًّ عَلَى
رَأْسِه (2070) - كَأَنَّه قِلْعُ
(2071) دَارِيٍّ (2072) عَنَجَه نُوتِيُّه (2073) - يَخْتَالُ (2074) بِأَلْوَانِه ويَمِيسُ بِزَيَفَانِه (2075) - يُفْضِي (2076) كَإِفْضَاءِ
الدِّيَكَةِ - ويَؤُرُّ بِمَلَاقِحِه (2077) أَرَّ الْفُحُولِ الْمُغْتَلِمَةِ (2078) لِلضِّرَابِ (2079) - أُحِيلُكَ مِنْ
ذَلِكَ عَلَى مُعَايَنَةٍ (2080) - لَا كَمَنْ
يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٍ إِسْنَادُه - ولَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ -
أَنَّه يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُه (2081) - فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَيْ (2082) جُفُونِه - وأَنَّ
أُنْثَاه تَطْعَمُ (2083) ذَلِكَ - ثُمَّ
تَبِيضُ لَا مِنْ لِقَاحِ (2084) فَحْلٍ سِوَى
الدَّمْعِ الْمُنْبَجِسِ (2085) - لَمَا كَانَ
ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ الْغُرَابِ (2086) تَخَالُ قَصَبَه (2087) مَدَارِيَ (2088) مِنْ فِضَّةٍ - ومَا أُنْبِتَ عَلَيْهَا مِنْ عَجِيبِ دَارَاتِه (2089) - وشُمُوسِه خَالِصَ الْعِقْيَانِ (2090) وفِلَذَ الزَّبَرْجَدِ (2091) - فَإِنْ
شَبَّهْتَه بِمَا أَنْبَتَتِ الأَرْضُ - قُلْتَ جَنًى (2092) جُنِيَ مِنْ زَهْرَةِ كُلِّ رَبِيعٍ - وإِنْ ضَاهَيْتَه بِالْمَلَابِسِ
فَهُوَ كَمَوْشِيِّ الْحُلَلِ (2093) - أَوْ كَمُونِقِ
عَصْبِ الْيَمَنِ (2094) - وإِنْ
شَاكَلْتَه بِالْحُلِيِّ فَهُوَ كَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ - قَدْ نُطِّقَتْ
بِاللُّجَيْنِ الْمُكَلَّلِ (2095) - يَمْشِي مَشْيَ
الْمَرِحِ الْمُخْتَالِ (2096) ويَتَصَفَّحُ
ذَنَبَه وجَنَاحَيْه - فَيُقَهْقِه ضَاحِكاً لِجَمَالِ سِرْبَالِه (2097) وأَصَابِيغِ وِشَاحِه (2098) - فَإِذَا رَمَى
بِبَصَرِه إِلَى قَوَائِمِه - زَقَا (2099) مُعْوِلًا (2100) بِصَوْتٍ يَكَادُ يُبِينُ عَنِ اسْتِغَاثَتِه - ويَشْهَدُ بِصَادِقِ
تَوَجُّعِه - لأَنَّ قَوَائِمَه حُمْشٌ (2101) كَقَوَائِمِ الدِّيَكَةِ الْخِلَاسِيَّةِ (2102) وقَدْ نَجَمَتْ (2103) مِنْ ظُنْبُوبِ (2104) سَاقِه صِيصِيَةٌ (2105) خَفِيَّةٌ - ولَه
فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ (2106) خَضْرَاءُ
مُوَشَّاةٌ (2107) - ومَخْرَجُ
عَنُقِه كَالإِبْرِيقِ - ومَغْرِزُهَا (2108) إِلَى حَيْثُ بَطْنُه كَصِبْغِ الْوَسِمَةِ (2109) الْيَمَانِيَّةِ – أَوْ كَحَرِيرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ (2110) - وكَأَنَّه مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ (2111) - إِلَّا أَنَّه يُخَيَّلُ لِكَثْرَةِ مَائِه وشِدَّةِ بَرِيقِه -
أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِه - ومَعَ فَتْقِ سَمْعِه خَطٍّ
كَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِي لَوْنِ الأُقْحُوَانِ (2112) - أَبْيَضُ يَقَقٌ (2113) فَهُوَ بِبَيَاضِه
فِي سَوَادِ مَا هُنَالِكَ يَأْتَلِقُ (2114) - وقَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وقَدْ أَخَذَ مِنْه بِقِسْطٍ (2115) - وعَلَاه (2116) بِكَثْرَةِ
صِقَالِه وبَرِيقِه - وبَصِيصِ (2117) دِيبَاجِه
ورَوْنَقِه (2118) - فَهُوَ
كَالأَزَاهِيرِ الْمَبْثُوثَةِ (2119) لَمْ تُرَبِّهَا (2120) أَمْطَارُ رَبِيعٍ - ولَا شُمُوسُ قَيْظٍ (2121) وقَدْ يَنْحَسِرُ (2122) مِنْ رِيشِه
ويَعْرَى مِنْ لِبَاسِه - فَيَسْقُطُ تَتْرَى (2123) ويَنْبُتُ تِبَاعاً - فَيَنْحَتُّ (2124) مِنْ قَصَبِه انْحِتَاتَ أَوْرَاقِ الأَغْصَانِ - ثُمَّ يَتَلَاحَقُ
نَامِياً حَتَّى يَعُودَ كَهَيْئَتِه قَبْلَ سُقُوطِه - لَا يُخَالِفُ سَالِفَ
أَلْوَانِه - ولَا يَقَعُ لَوْنٌ فِي غَيْرِ مَكَانِه - وإِذَا تَصَفَّحْتَ
شَعْرَةً مِنْ شَعَرَاتِ قَصَبِه - أَرَتْكَ حُمْرَةً وَرْدِيَّةً وتَارَةً
خُضْرَةً زَبَرْجَدِيَّةً - وأَحْيَاناً صُفْرَةً عَسْجَدِيَّةً (2125) - فَكَيْفَ تَصِلُ إِلَى صِفَةِ هَذَا عَمَائِقُ (2126) الْفِطَنِ - أَوْ تَبْلُغُه قَرَائِحُ الْعُقُولِ - أَوْ تَسْتَنْظِمُ
وَصْفَه أَقْوَالُ الْوَاصِفِينَ! وأَقَلُّ أَجْزَائِه قَدْ أَعْجَزَ
الأَوْهَامَ أَنْ تُدْرِكَه - والأَلْسِنَةَ أَنْ تَصِفَه - فَسُبْحَانَ الَّذِي
بَهَرَ (2127) الْعُقُولَ عَنْ
وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاه (2128) لِلْعُيُونِ -
فَأَدْرَكَتْه مَحْدُوداً مُكَوَّناً ومُؤَلَّفاً مُلَوَّناً - وأَعْجَزَ
الأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِيصِ صِفَتِه - وقَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِيَةِ نَعْتِه! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
صغار المخلوقات
|
|||||||||||||||
صغار المخلوقات وسُبْحَانَ مَنْ أَدْمَجَ قَوَائِمَ (2129) الذَّرَّةِ (2130) - والْهَمَجَةِ (2131) إِلَى مَا فَوْقَهُمَا مِنْ خَلْقِ الْحِيتَانِ والْفِيَلَةِ - ووَأَى (2132) عَلَى نَفْسِه أَلَّا يَضْطَرِبَ شَبَحٌ مِمَّا أَوْلَجَ فِيه الرُّوحَ
- إِلَّا وجَعَلَ الْحِمَامَ (2133) مَوْعِدَه
والْفَنَاءَ غَايَتَه. |
|||||||||||||||
منها في صفة الجنة
|
|||||||||||||||
منها في صفة الجنة فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصَرِ قَلْبِكَ نَحْوَ
مَا يُوصَفُ لَكَ مِنْهَا - لَعَزَفَتْ نَفْسُكَ (2134) عَنْ بَدَائِعِ مَا أُخْرِجَ إِلَى الدُّنْيَا - مِنْ شَهَوَاتِهَا
ولَذَّاتِهَا وزَخَارِفِ مَنَاظِرِهَا - ولَذَهِلَتْ بِالْفِكْرِ فِي اصْطِفَاقِ
أَشْجَارٍ (2135) - غُيِّبَتْ
عُرُوقُهَا فِي كُثْبَانِ (2136) الْمِسْكِ عَلَى
سَوَاحِلِ أَنْهَارِهَا - وفِي تَعْلِيقِ كَبَائِسِ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ فِي
عَسَالِيجِهَا وأَفْنَانِهَا (2137) - وطُلُوعِ تِلْكَ
الثِّمَارِ مُخْتَلِفَةً فِي غُلُفِ أَكْمَامِهَا (2138) - تُجْنَى (2139) مِنْ غَيْرِ
تَكَلُّفٍ فَتَأْتِي عَلَى مُنْيَةِ مُجْتَنِيهَا - ويُطَافُ عَلَى نُزَّالِهَا
فِي أَفْنِيَةِ قُصُورِهَا - بِالأَعْسَالِ الْمُصَفَّقَةِ (2140) والْخُمُورِ الْمُرَوَّقَةِ - قَوْمٌ لَمْ تَزَلِ الْكَرَامَةُ
تَتَمَادَى بِهِمْ - حَتَّى حَلُّوا دَارَ الْقَرَارِ وأَمِنُوا نُقْلَةَ
الأَسْفَارِ - فَلَوْ شَغَلْتَ قَلْبَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَمِعُ - بِالْوُصُولِ
إِلَى مَا يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ تِلْكَ الْمَنَاظِرِ الْمُونِقَةِ (2141) - لَزَهِقَتْ نَفْسُكَ شَوْقاً إِلَيْهَا - ولَتَحَمَّلْتَ مِنْ
مَجْلِسِي هَذَا - إِلَى مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ اسْتِعْجَالًا بِهَا -
جَعَلَنَا اللَّه وإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْعَى بِقَلْبِه - إِلَى مَنَازِلِ
الأَبْرَارِ بِرَحْمَتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تفسير بعض ما في هذه الخطبة من الغريب
|
|||||||||||||||
تفسير بعض ما في هذه الخطبة
من الغريب قال السيد الشريف رضياللهعنه
- قوله
عليهالسلام يؤر بملاقحه الأر كناية عن النكاح -
يقال أر الرجل المرأة يؤرها إذا نكحها -. وقوله عليهالسلام
كأنه قلع داري عنجه نوتيه - القلع شراع السفينة - وداري منسوب إلى دارين - وهي
بلدة على البحر يجلب منها الطيب - وعنجه أي عطفه - يقال عنجت الناقة كنصرت
أعنجها عنجا إذا عطفتها - والنوتي الملاح -. وقوله عليهالسلام
ضفتي جفونه أراد جانبي جفونه - والضفتان الجانبان -. وقوله عليهالسلام
وفلذ الزبرجد - الفلذ جمع فلذة وهي القطعة -. وقوله عليهالسلام كبائس
اللؤلؤ الرطب - الكباسة العذق(2142)
- والعساليج الغصون واحدها عسلوج. ----------------------------- (2142) العِذْق: للنخلة كالعنقود للعنب: مجموع
الشماريخ وما قامت عليه من العرجون. |
|||||||||||||||
166 و من خطبة له ( عليه السلام):
|
|||||||||||||||
الحث على التآلف
|
|||||||||||||||
166 - ومن خطبة له عليهالسلام الحث على التآلف لِيَتَأَسَّ (2143) صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ - ولْيَرْأَفْ كَبِيرُكُمْ بِصَغِيرِكُمْ -
ولَا تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ - لَا فِي الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ
ولَا عَنِ اللَّه يَعْقِلُونَ - كَقَيْضِ (2144) بَيْضٍ فِي أَدَاحٍ (2145) - يَكُونُ
كَسْرُهَا وِزْراً ويُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
بنو أمية
|
|||||||||||||||
بنو أمية ومنها - افْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ
وتَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ - فَمِنْهُمْ آخِذٌ بِغُصْنٍ أَيْنَمَا مَالَ
مَالَ مَعَه - عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى سَيَجْمَعُهُمْ لِشَرِّ يَوْمٍ
لِبَنِي أُمَيَّةَ - كَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ (2146) - يُؤَلِّفُ اللَّه بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَجْمَعُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ (2147) السَّحَابِ - ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً - يَسِيلُونَ مِنْ
مُسْتَثَارِهِمْ كَسَيْلِ الْجَنَّتَيْنِ - حَيْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَيْه
قَارَةٌ - ولَمْ تَثْبُتْ عَلَيْه أَكَمَةٌ (2148) - ولَمْ يَرُدَّ سَنَنَه رَصُّ طَوْدٍ ولَا حِدَابُ أَرْضٍ -
يُذَعْذِعُهُمُ (2149) اللَّه فِي
بُطُونِ أَوْدِيَتِه - ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ - يَأْخُذُ
بِهِمْ مِنْ قَوْمٍ حُقُوقَ قَوْمٍ - ويُمَكِّنُ لِقَوْمٍ فِي دِيَارِ قَوْمٍ -
وايْمُ اللَّه لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ
والتَّمْكِينِ - كَمَا تَذُوبُ الأَلْيَةُ عَلَى النَّارِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الناس آخر الزمان
|
|||||||||||||||
الناس آخر الزمان أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ
تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ - ولَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ
- لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ - ولَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ عَلَيْكُمْ
- لَكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاه بَنِي إِسْرَائِيلَ - ولَعَمْرِي لَيُضَعَّفَنَّ
لَكُمُ التِّيه مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً (2150) - بِمَا خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ - وقَطَعْتُمُ
الأَدْنَى ووَصَلْتُمُ الأَبْعَدَ - واعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُ
الدَّاعِيَ لَكُمْ - سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ وكُفِيتُمْ مَئُونَةَ
الِاعْتِسَافِ - ونَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ (2151) عَنِ الأَعْنَاقِ. ----------------------------- (2150) ليضعِّفَنَّ لكم التيه: لتزادنّ لكم الحيرة أضعاف ما هي
لكم الآن. (2151) الفادِحُ: - من فدحه الدّين - إذا أثقله. |
|||||||||||||||
167 و من خطبة له ( عليه السلام ) في أوائل خلافته :
|
|||||||||||||||
167 - ومن خطبة له عليهالسلام في أوائل خلافته إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه أَنْزَلَ
كِتَاباً هَادِياً - بَيَّنَ فِيه الْخَيْرَ والشَّرَّ - فَخُذُوا نَهْجَ
الْخَيْرِ تَهْتَدُوا - واصْدِفُوا (2152) عَنْ سَمْتِ
الشَّرِّ تَقْصِدُوا. الْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا
إِلَى اللَّه تُؤَدِّكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ - إِنَّ اللَّه حَرَّمَ حَرَاماً
غَيْرَ مَجْهُولٍ - وأَحَلَّ حَلَالًا غَيْرَ مَدْخُولٍ (2153) - وفَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرَمِ كُلِّهَا - وشَدَّ
بِالإِخْلَاصِ والتَّوْحِيدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَاقِدِهَا (2154) - فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِه ويَدِه
إِلَّا بِالْحَقِّ - ولَا يَحِلُّ أَذَى الْمُسْلِمِ إِلَّا بِمَا يَجِبُ. بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وخَاصَّةَ
أَحَدِكُمْ وهُوَ الْمَوْتُ (2155) - فَإِنَّ
النَّاسَ أَمَامَكُمْ وإِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ -
تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا فَإِنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ. اتَّقُوا اللَّه فِي عِبَادِه وبِلَادِه -
فَإِنَّكُمْ مَسْئُولُونَ حَتَّى عَنِ الْبِقَاعِ والْبَهَائِمِ - أَطِيعُوا
اللَّه ولَا تَعْصُوه - وإِذَا رَأَيْتُمُ الْخَيْرَ فَخُذُوا بِه - وإِذَا
رَأَيْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا عَنْه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
168 و من كلام له بعد ما بويع له بالخلافة و قد قال له قوم من
الصحابة لو عاقبت قوما ممن أجلب على
|
|||||||||||||||
168 - ومن كلام له عليهالسلام بعد ما بويع له بالخلافة
وقد قال له قوم من الصحابة: لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان
فقال عليهالسلام: يَا إِخْوَتَاه إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ
مَا تَعْلَمُونَ - ولَكِنْ كَيْفَ لِي بِقُوَّةٍ والْقَوْمُ الْمُجْلِبُونَ (2156) - عَلَى حَدِّ شَوْكَتِهِمْ (2157) يَمْلِكُونَنَا ولَا نَمْلِكُهُمْ - وهَا هُمْ هَؤُلَاءِ قَدْ ثَارَتْ
مَعَهُمْ عِبْدَانُكُمْ - والْتَفَّتْ إِلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ - وهُمْ
خِلَالَكُمْ (2158) يَسُومُونَكُمْ (2159) مَا شَاءُوا - وهَلْ تَرَوْنَ مَوْضِعاً لِقُدْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ
تُرِيدُونَه - إِنَّ هَذَا الأَمْرَ أَمْرُ جَاهِلِيَّةٍ - وإِنَّ لِهَؤُلَاءِ
الْقَوْمِ مَادَّةً (2160) - إِنَّ النَّاسَ
مِنْ هَذَا الأَمْرِ إِذَا حُرِّكَ عَلَى أُمُورٍ - فِرْقَةٌ تَرَى مَا تَرَوْنَ
وفِرْقَةٌ تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ - وفِرْقَةٌ لَا تَرَى هَذَا ولَا ذَاكَ -
فَاصْبِرُوا حَتَّى يَهْدَأَ النَّاسُ وتَقَعَ الْقُلُوبُ مَوَاقِعَهَا -
وتُؤْخَذَ الْحُقُوقُ مُسْمَحَةً (2161) - فَاهْدَءُوا
عَنِّي وانْظُرُوا مَا ذَا يَأْتِيكُمْ بِه أَمْرِي - ولَا تَفْعَلُوا فَعْلَةً
تُضَعْضِعُ (2162) قُوَّةً وتُسْقِطُ
مُنَّةً (2163) - وتُورِثُ
وَهْناً (2164) وذِلَّةً
وسَأُمْسِكُ الأَمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ - وإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَآخِرُ
الدَّوَاءِ الْكَيُّ (2165). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
169 و من خطبة له عند مسير أصحاب الجمل إلى البصرة:
|
|||||||||||||||
الأمور الجامعة للمسلمين
|
|||||||||||||||
169 - ومن خطبة له عليهالسلام عند مسير أصحاب الجمل إلى
البصرة الأمور الجامعة للمسلمين إِنَّ اللَّه بَعَثَ رَسُولًا هَادِياً
بِكِتَابٍ نَاطِقٍ وأَمْرٍ قَائِمٍ - لَا يَهْلِكُ عَنْه إِلَّا هَالِكٌ (2166) - وإِنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ (2167) الْمُشَبَّهَاتِ (2168) هُنَّ الْمُهْلِكَاتُ - إِلَّا مَا حَفِظَ اللَّه مِنْهَا - وإِنَّ فِي
سُلْطَانِ اللَّه عِصْمَةً لأَمْرِكُمْ - فَأَعْطُوه طَاعَتَكُمْ غَيْرَ
مُلَوَّمَةٍ (2169) ولَا مُسْتَكْرَه
بِهَا - واللَّه لَتَفْعَلُنَّ أَوْ لَيَنْقُلَنَّ اللَّه عَنْكُمْ سُلْطَانَ
الإِسْلَامِ - ثُمَّ لَا يَنْقُلُه إِلَيْكُمْ أَبَداً - حَتَّى يَأْرِزَ (2170) الأَمْرُ إِلَى غَيْرِكُمْ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
التنفير من خصومه
|
|||||||||||||||
التنفير من خصومه إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَمَالَئُوا (2171) عَلَى سَخْطَةِ (2172) إِمَارَتِي -
وسَأَصْبِرُ مَا لَمْ أَخَفْ عَلَى جَمَاعَتِكُمْ - فَإِنَّهُمْ إِنْ تَمَّمُوا
عَلَى فَيَالَةِ (2173) هَذَا الرَّأْيِ -
انْقَطَعَ نِظَامُ الْمُسْلِمِينَ - وإِنَّمَا طَلَبُوا هَذِه الدُّنْيَا
حَسَداً لِمَنْ أَفَاءَهَا (2174) اللَّه عَلَيْه -
فَأَرَادُوا رَدَّ الأُمُورِ عَلَى أَدْبَارِهَا - ولَكُمْ عَلَيْنَا الْعَمَلُ
بِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى - وسِيرَةِ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
والْقِيَامُ بِحَقِّه والنَّعْشُ (2175) لِسُنَّتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
170 و من كلام له
في وجوب اتباع الحق عند قيام الحجة كلّم به بعض العرب :
|
|||||||||||||||
170 - ومن كلام له عليهالسلام في وجوب اتباع الحق عند
قيام الحجة كلَّم به بعض العرب وقَدْ أَرْسَلَه
قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمَّا قَرُبَ عليهالسلام مِنْهَا -
لِيَعْلَمَ لَهُمْ مِنْه حَقِيقَةَ حَالِه مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ - لِتَزُولَ
الشُّبْهَةُ مِنْ نُفُوسِهِمْ - فَبَيَّنَ لَه عليهالسلام مِنْ أَمْرِه
مَعَهُمْ - مَا عَلِمَ بِه أَنَّه عَلَى الْحَقِّ - ثُمَّ قَالَ لَه بَايِعْ -
فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ قَوْمٍ - ولَا أُحْدِثُ حَدَثاً حَتَّى أَرْجِعَ
إِلَيْهِمْ فَقَالَ عليهالسلام أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِينَ
وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً - تَبْتَغِي لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَيْثِ
فَرَجَعْتَ إِلَيْهِمْ وأَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلإِ والْمَاءِ - فَخَالَفُوا
إِلَى الْمَعَاطِشِ والْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ صَانِعاً - قَالَ كُنْتُ
تَارِكَهُمْ ومُخَالِفَهُمْ إِلَى الْكَلإِ والْمَاءِ - فَقَالَ عليهالسلام
فَامْدُدْ إِذاً يَدَكَ - فَقَالَ الرَّجُلُ - فَوَاللَّه مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ
أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيَّ - فَبَايَعْتُه عليهالسلام. والرَّجُلُ يُعْرَفُ بِكُلَيْبٍ
الْجَرْمِيِّ. |
|||||||||||||||
171و من كلام
له لما عزم على لقاء القوم بصفين :
|
|||||||||||||||
الدعاء
|
|||||||||||||||
171 - ومن كلام له عليهالسلام لما عزم على لقاء القوم
بصفين الدعاء اللَّهُمَّ رَبَّ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (2176) والْجَوِّ الْمَكْفُوفِ (2177) - الَّذِي
جَعَلْتَه مَغِيضاً (2178) لِلَّيْلِ
والنَّهَارِ - ومَجْرًى لِلشَّمْسِ والْقَمَرِ ومُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ
السَّيَّارَةِ - وجَعَلْتَ سُكَّانَه سِبْطاً (2179) مِنْ مَلَائِكَتِكَ - لَا يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ - ورَبَّ هَذِه
الأَرْضِ الَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلأَنَامِ - ومَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ
والأَنْعَامِ - ومَا لَا يُحْصَى مِمَّا يُرَى ومَا لَا يُرَى - ورَبَّ
الْجِبَالِ الرَّوَاسِي الَّتِي جَعَلْتَهَا لِلأَرْضِ أَوْتَاداً - ولِلْخَلْقِ
اعْتِمَاداً (2180) إِنْ
أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا - فَجَنِّبْنَا الْبَغْيَ وسَدِّدْنَا لِلْحَقِّ
- وإِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا الشَّهَادَةَ - واعْصِمْنَا مِنَ
الْفِتْنَةِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الدعوة للقتال
|
|||||||||||||||
الدعوة للقتال أَيْنَ الْمَانِعُ لِلذِّمَارِ (2183) - والْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ الْحَقَائِقِ (2183) مِنْ أَهْلِ الْحِفَاظِ (2184) - الْعَارُ
وَرَاءَكُمْ والْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
172و من خطبة له
عليه السلام :
|
|||||||||||||||
حمد الله
|
|||||||||||||||
172 - ومن خطبة له عليهالسلام حمد الله الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا تُوَارِي (2185) عَنْه سَمَاءٌ سَمَاءً - ولَا أَرْضٌ أَرْضاً. ----------------------------- (2185) لا تُوَارِي: لا تحجب. |
|||||||||||||||
يوم الشورى
|
|||||||||||||||
يوم الشورى منها - وقَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى
هَذَا الأَمْرِ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ - فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ
واللَّه لأَحْرَصُ وأَبْعَدُ وأَنَا أَخَصُّ وأَقْرَبُ - وإِنَّمَا طَلَبْتُ
حَقّاً لِي وأَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وبَيْنَه - وتَضْرِبُونَ وَجْهِي (2186) دُونَه - فَلَمَّا قَرَّعْتُه (2187) بِالْحُجَّةِ فِي الْمَلإِ الْحَاضِرِينَ - هَبَّ (2188) كَأَنَّه بُهِتَ لَا يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِه! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الاستنصار على قريش
|
|||||||||||||||
الاستنصار على قريش اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى
قُرَيْشٍ ومَنْ أَعَانَهُمْ - فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وصَغَّرُوا عَظِيمَ
مَنْزِلَتِيَ - وأَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي - ثُمَّ
قَالُوا أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَه وفِي الْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَه.
|
|||||||||||||||
منها في ذكر أصحاب الجمل
|
|||||||||||||||
منها في ذكر أصحاب الجمل فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - كَمَا تُجَرُّ الأَمَةُ عِنْدَ
شِرَائِهَا - مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ - فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا
فِي بُيُوتِهِمَا - وأَبْرَزَا حَبِيسَ (2189) رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله لَهُمَا
ولِغَيْرِهِمَا - فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وقَدْ أَعْطَانِي
الطَّاعَةَ - وسَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَه - فَقَدِمُوا
عَلَى عَامِلِي بِهَا - وخُزَّانِ (2190) بَيْتِ مَالِ
الْمُسْلِمِينَ وغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا - فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً (2191) وطَائِفَةً غَدْراً - فَوَاللَّه لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ
الْمُسْلِمِينَ - إِلَّا رَجُلًا وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ (2192) لِقَتْلِه - بِلَا جُرْمٍ جَرَّه لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ
كُلِّه - إِذْ حَضَرُوه فَلَمْ يُنْكِرُوا - ولَمْ يَدْفَعُوا عَنْه بِلِسَانٍ
ولَا بِيَدٍ - دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ - مِثْلَ
الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
173 و من خطبة له في رسول اللّه و من هو جدير بأن يكون للخلافة و في هوان الدنيا :
|
|||||||||||||||
رسول الله
|
|||||||||||||||
173 - ومن خطبة له عليهالسلام في رسول اللَّه صلىاللهعليهوسلم
ومن هو جدير بأن يكون للخلافة وفي هوان الدنيا رسول الله أَمِينُ وَحْيِه وخَاتَمُ رُسُلِه -
وبَشِيرُ رَحْمَتِه ونَذِيرُ نِقْمَتِه. |
|||||||||||||||
الجدير بالخلافة
|
|||||||||||||||
الجدير بالخلافة أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّ أَحَقَّ
النَّاسِ بِهَذَا الأَمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَيْه – وأَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللَّه
فِيه - فَإِنْ شَغَبَ (2193) شَاغِبٌ
اسْتُعْتِبَ (2194) فَإِنْ أَبَى
قُوتِلَ - ولَعَمْرِي لَئِنْ كَانَتِ الإِمَامَةُ لَا تَنْعَقِدُ - حَتَّى
يَحْضُرَهَا عَامَّةُ النَّاسِ فَمَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ - ولَكِنْ أَهْلُهَا
يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهَا - ثُمَّ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْجِعَ
ولَا لِلْغَائِبِ أَنْ يَخْتَارَ - أَلَا وإِنِّي أُقَاتِلُ رَجُلَيْنِ -
رَجُلًا ادَّعَى مَا لَيْسَ لَه وآخَرَ مَنَعَ الَّذِي عَلَيْه. أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - فَإِنَّهَا خَيْرُ مَا تَوَاصَى الْعِبَادُ بِه - وخَيْرُ عَوَاقِبِ
الأُمُورِ عِنْدَ اللَّه - وقَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ
أَهْلِ الْقِبْلَةِ (2195) - ولَا يَحْمِلُ
هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ والصَّبْرِ - والْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ
الْحَقِّ - فَامْضُوا لِمَا تُؤْمَرُونَ بِه وقِفُوا عِنْدَ مَا تُنْهَوْنَ
عَنْه - ولَا تَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ حَتَّى تَتَبَيَّنُوا - فَإِنَّ لَنَا مَعَ
كُلِّ أَمْرٍ تُنْكِرُونَه غِيَراً (2196). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
هوان الدنيا
|
|||||||||||||||
هوان الدنيا أَلَا وإِنَّ هَذِه الدُّنْيَا الَّتِي
أَصْبَحْتُمْ تَتَمَنَّوْنَهَا - وتَرْغَبُونَ فِيهَا وأَصْبَحَتْ تُغْضِبُكُمْ
وتُرْضِيكُمْ - لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ ولَا مَنْزِلِكُمُ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَه
- ولَا الَّذِي دُعِيتُمْ إِلَيْه - أَلَا وإِنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاقِيَةٍ
لَكُمْ ولَا تَبْقَوْنَ عَلَيْهَا - وهِيَ وإِنْ غَرَّتْكُمْ مِنْهَا فَقَدْ
حَذَّرَتْكُمْ شَرَّهَا - فَدَعُوا غُرُورَهَا لِتَحْذِيرِهَا وأَطْمَاعَهَا
لِتَخْوِيفِهَا - وسَابِقُوا فِيهَا إِلَى الدَّارِ الَّتِي دُعِيتُمْ إِلَيْهَا
- وانْصَرِفُوا بِقُلُوبِكُمْ عَنْهَا - ولَا يَخِنَّنَّ أَحَدُكُمْ خَنِينَ (2197) الأَمَةِ عَلَى مَا زُوِيَ (2198) عَنْه مِنْهَا -
واسْتَتِمُّوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّه
والْمُحَافَظَةِ عَلَى مَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه - أَلَا وإِنَّه لَا
يَضُرُّكُمْ تَضْيِيعُ شَيْءٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ - بَعْدَ حِفْظِكُمْ قَائِمَةَ
دِينِكُمْ - أَلَا وإِنَّه لَا يَنْفَعُكُمْ بَعْدَ تَضْيِيعِ دِينِكُمْ شَيْءٌ
- حَافَظْتُمْ عَلَيْه مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ - أَخَذَ اللَّه بِقُلُوبِنَا
وقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ - وأَلْهَمَنَا وإِيَّاكُمُ الصَّبْرَ! ----------------------------- (2197) الخَنِين: - بالخاء المعجمة - ضرب من البكاء
يردد به الصوت في الأنف. (2198)
زُوِيَ: أي قبض. |
|||||||||||||||
174 و من كلام له في معنى طلحة بن عبيد الله و قد قاله حين
بلغه خروج طلحة و الزبير إلى البصرة لقتاله:
|
|||||||||||||||
174 - ومن كلام له عليهالسلام في معنى طلحة بن عبيد الله وقد قاله حين بلغه خروج
طلحة والزبير إلى البصرة لقتاله قَدْ كُنْتُ ومَا أُهَدَّدُ بِالْحَرْبِ -
ولَا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ - وأَنَا عَلَى مَا قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي مِنَ
النَّصْرِ - واللَّه مَا اسْتَعْجَلَ مُتَجَرِّداً (2199) لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ - إِلَّا خَوْفاً مِنْ أَنْ يُطَالَبَ
بِدَمِه لأَنَّه مَظِنَّتُه - ولَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ أَحْرَصُ عَلَيْه
مِنْه - فَأَرَادَ أَنْ يُغَالِطَ بِمَا أَجْلَبَ فِيه - لِيَلْتَبِسَ الأَمْرُ (2200) ويَقَعَ الشَّكُّ -. ووَ اللَّه مَا صَنَعَ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ
وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ - لَئِنْ كَانَ ابْنُ عَفَّانَ ظَالِماً كَمَا كَانَ
يَزْعُمُ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَه أَنْ يُوَازِرَ (2201) قَاتِلِيه - وأَنْ يُنَابِذَ (2202) نَاصِرِيه -. ولَئِنْ كَانَ مَظْلُوماً - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَه
أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُنَهْنِهِينَ (2203) عَنْه -
والْمُعَذِّرِينَ فِيه (2204) - ولَئِنْ كَانَ
فِي شَكٍّ مِنَ الْخَصْلَتَيْنِ - لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَه أَنْ يَعْتَزِلَه
- ويَرْكُدَ (2205) جَانِباً ويَدَعَ النَّاسَ مَعَه - فَمَا
فَعَلَ وَاحِدَةً مِنَ الثَّلَاثِ - وجَاءَ بِأَمْرٍ لَمْ يُعْرَفْ بَابُه ولَمْ
تَسْلَمْ مَعَاذِيرُه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
175 من خطبة له في الموعظة و بيان قرباه من رسول
اللّه :
|
|||||||||||||||
175 - من خطبة له عليهالسلام في الموعظة وبيان قرباه من
رسول اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ غَيْرُ الْمَغْفُولِ
عَنْهُمْ - والتَّارِكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ - مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ
اللَّه ذَاهِبِينَ وإِلَى غَيْرِه رَاغِبِينَ - كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ (2206) أَرَاحَ بِهَا (2207) سَائِمٌ (2208) إِلَى مَرْعًى وَبِيٍّ (2209) ومَشْرَبٍ دَوِيٍّ
(2210) - وإِنَّمَا هِيَ
كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى (2211) لَا تَعْرِفُ مَا
ذَا يُرَادُ بِهَا - إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا (2212) وشِبَعَهَا أَمْرَهَا - واللَّه لَوْ شِئْتُ أَنْ أُخْبِرَ كُلَّ
رَجُلٍ مِنْكُمْ - بِمَخْرَجِه ومَوْلِجِه (2213) وجَمِيعِ شَأْنِه لَفَعَلْتُ - ولَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا فِيَّ
بِرَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله. أَلَا وإِنِّي مُفْضِيه (2214) إِلَى الْخَاصَّةِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْه - والَّذِي بَعَثَه
بِالْحَقِّ واصْطَفَاه عَلَى الْخَلْقِ - مَا أَنْطِقُ إِلَّا صَادِقاً - وقَدْ
عَهِدَ إِلَيَّ بِذَلِكَ كُلِّه وبِمَهْلِكِ مَنْ يَهْلِكُ - ومَنْجَى مَنْ
يَنْجُو ومَآلِ هَذَا الأَمْرِ - ومَا أَبْقَى شَيْئاً يَمُرُّ عَلَى رَأْسِي
إِلَّا أَفْرَغَه فِي أُذُنَيَّ - وأَفْضَى بِه إِلَيَّ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي واللَّه مَا
أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَةٍ - إِلَّا وأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا - ولَا أَنْهَاكُمْ
عَنْ مَعْصِيَةٍ إِلَّا وأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
176 و من خطبة له
و فيها يعظ و يبين فضل القرآن و ينهى عن البدعة :
|
|||||||||||||||
عظة
الناس |
|||||||||||||||
176 - ومن خطبة له عليهالسلام وفيها يعظ ويبين فضل القرآن
وينهى عن البدعة عظة الناس انْتَفِعُوا بِبَيَانِ اللَّه واتَّعِظُوا
بِمَوَاعِظِ اللَّه - واقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللَّه - فَإِنَّ اللَّه قَدْ
أَعْذَرَ إِلَيْكُمْ بِالْجَلِيَّةِ (2215) واتَّخَذَ
عَلَيْكُمُ الْحُجَّةَ - وبَيَّنَ لَكُمْ مَحَابَّه مِنَ الأَعْمَالِ
ومَكَارِهَه مِنْهَا - لِتَتَّبِعُوا هَذِه وتَجْتَنِبُوا هَذِه - فَإِنَّ
رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله كَانَ يَقُولُ - إِنَّ الْجَنَّةَ
حُفَّتْ بِالْمَكَارِه - وإِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ. واعْلَمُوا أَنَّه مَا مِنْ طَاعَةِ
اللَّه شَيْءٌ إِلَّا يَأْتِي فِي كُرْه - ومَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّه شَيْءٌ
إِلَّا يَأْتِي فِي شَهْوَةٍ - فَرَحِمَ اللَّه امْرَأً نَزَعَ (2216) عَنْ شَهْوَتِه وقَمَعَ هَوَى نَفْسِه - فَإِنَّ هَذِه النَّفْسَ
أَبْعَدُ شَيْءٍ مَنْزِعاً (2217) - وإِنَّهَا لَا
تَزَالُ تَنْزِعُ إِلَى مَعْصِيَةٍ فِي هَوًى. واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّ
الْمُؤْمِنَ لَا يُصْبِحُ ولَا يُمْسِي - إِلَّا ونَفْسُه ظَنُونٌ (2218) عِنْدَه - فَلَا يَزَالُ زَارِياً (2219) عَلَيْهَا ومُسْتَزِيداً لَهَا - فَكُونُوا كَالسَّابِقِينَ قَبْلَكُمْ
والْمَاضِينَ أَمَامَكُمْ - قَوَّضُوا (2220) مِنَ الدُّنْيَا تَقْوِيضَ الرَّاحِلِ وطَوَوْهَا طَيَّ الْمَنَازِلِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضل القرآن
|
|||||||||||||||
فضل القرآن واعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ
النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ - والْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ والْمُحَدِّثُ
الَّذِي لَا يَكْذِبُ - ومَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ
عَنْه بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ - زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ
عَمًى - واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ (2221) - ولَا لأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى - فَاسْتَشْفُوه مِنْ
أَدْوَائِكُمْ - واسْتَعِينُوا بِه عَلَى لأْوَائِكُمْ (2222) - فَإِنَّ فِيه شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ - وهُوَ الْكُفْرُ
والنِّفَاقُ والْغَيُّ والضَّلَالُ - فَاسْأَلُوا اللَّه بِه وتَوَجَّهُوا
إِلَيْه بِحُبِّه - ولَا تَسْأَلُوا بِه خَلْقَه - إِنَّه مَا تَوَجَّه
الْعِبَادُ إِلَى اللَّه تَعَالَى بِمِثْلِه - واعْلَمُوا أَنَّه شَافِعٌ
مُشَفَّعٌ وقَائِلٌ مُصَدَّقٌ - وأَنَّه مَنْ شَفَعَ لَه الْقُرْآنُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ شُفِّعَ (2223) فِيه - ومَنْ
مَحَلَ (2224) بِه الْقُرْآنُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه - فَإِنَّه يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ - أَلَا إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِه وعَاقِبَةِ
عَمَلِه - غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ - فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِه وأَتْبَاعِه -
واسْتَدِلُّوه عَلَى رَبِّكُمْ واسْتَنْصِحُوه عَلَى أَنْفُسِكُمْ - واتَّهِمُوا
عَلَيْه آرَاءَكُمْ واسْتَغِشُّوا (2225) فِيه
أَهْوَاءَكُمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الحث على العمل
|
|||||||||||||||
الحث على العمل الْعَمَلَ الْعَمَلَ ثُمَّ النِّهَايَةَ
النِّهَايَةَ - والِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ
والْوَرَعَ الْوَرَعَ - إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ
- وإِنَّ لَكُمْ عَلَماً (2226) فَاهْتَدُوا
بِعَلَمِكُمْ - وإِنَّ لِلإِسْلَامِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِه -
واخْرُجُوا إِلَى اللَّه بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّه (2227) - وبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِه (2228) - أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وحَجِيجٌ (2229) يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
نصائح للناس
|
|||||||||||||||
نصائح للناس أَلَا وإِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ
وَقَعَ - والْقَضَاءَ الْمَاضِيَ قَدْ تَوَرَّدَ (2230) - وإِنِّي مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ (2231) اللَّه وحُجَّتِه - قَالَ اللَّه تَعَالَى - (إِنَّ
الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقامُوا - تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا ولا تَحْزَنُوا - وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) - وقَدْ قُلْتُمْ
رَبُّنَا اللَّه فَاسْتَقِيمُوا عَلَى كِتَابِه - وعَلَى مِنْهَاجِ أَمْرِه
وعَلَى الطَّرِيقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادَتِه - ثُمَّ لَا تَمْرُقُوا
مِنْهَا ولَا تَبْتَدِعُوا فِيهَا - ولَا تُخَالِفُوا عَنْهَا - فَإِنَّ أَهْلَ
الْمُرُوقِ مُنْقَطَعٌ بِهِمْ عِنْدَ اللَّه يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ
إِيَّاكُمْ وتَهْزِيعَ (2232) الأَخْلَاقِ
وتَصْرِيفَهَا (2233) - واجْعَلُوا
اللِّسَانَ وَاحِداً ولْيَخْزُنِ الرَّجُلُ لِسَانَه (2234) - فَإِنَّ هَذَا اللِّسَانَ جَمُوحٌ بِصَاحِبِه (2235) - واللَّه مَا أَرَى عَبْداً يَتَّقِي تَقْوَى تَنْفَعُه حَتَّى
يَخْزُنَ لِسَانَه - وإِنَّ لِسَانَ الْمُؤْمِنِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِه (2236) - وإِنَّ قَلْبَ الْمُنَافِقِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِه - لأَنَّ
الْمُؤْمِنَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ تَدَبَّرَه فِي نَفْسِه -
فَإِنْ كَانَ خَيْراً أَبْدَاه وإِنْ كَانَ شَرّاً وَارَاه - وإِنَّ
الْمُنَافِقَ يَتَكَلَّمُ بِمَا أَتَى عَلَى لِسَانِه - لَا يَدْرِي مَا ذَا لَه
ومَا ذَا عَلَيْه - ولَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله - لَا
يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُه - ولَا يَسْتَقِيمُ
قَلْبُه حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُه - فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى
اللَّه تَعَالَى - وهُوَ نَقِيُّ الرَّاحَةِ مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ
وأَمْوَالِهِمْ - سَلِيمُ اللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْيَفْعَلْ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تحريم البدع
|
|||||||||||||||
تحريم البدع واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّ
الْمُؤْمِنَ يَسْتَحِلُّ الْعَامَ - مَا اسْتَحَلَّ عَاماً أَوَّلَ ويُحَرِّمُ
الْعَامَ مَا حَرَّمَ عَاماً أَوَّلَ - وأَنَّ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ لَا
يُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً - مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ - ولَكِنَّ الْحَلَالَ مَا
أَحَلَّ اللَّه والْحَرَامَ مَا حَرَّمَ اللَّه - فَقَدْ جَرَّبْتُمُ الأُمُورَ
وضَرَّسْتُمُوهَا (2237) - ووُعِظْتُمْ
بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وضُرِبَتِ الأَمْثَالُ لَكُمْ - ودُعِيتُمْ إِلَى
الأَمْرِ الْوَاضِحِ فَلَا يَصَمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَصَمُّ - ولَا يَعْمَى
عَنْ ذَلِكَ إِلَّا أَعْمَى - ومَنْ لَمْ يَنْفَعْه اللَّه بِالْبَلَاءِ
والتَّجَارِبِ - لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِنَ الْعِظَةِ وأَتَاه التَّقْصِيرُ
مِنْ أَمَامِه (2238) - حَتَّى يَعْرِفَ
مَا أَنْكَرَ ويُنْكِرَ مَا عَرَفَ - وإِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ مُتَّبِعٌ
شِرْعَةً ومُبْتَدِعٌ بِدْعَةً - لَيْسَ مَعَه مِنَ اللَّه سُبْحَانَه بُرْهَانُ
سُنَّةٍ ولَا ضِيَاءُ حُجَّةٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
القرآن
|
|||||||||||||||
القرآن وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَعِظْ
أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ - فَإِنَّه حَبْلُ اللَّه الْمَتِينُ
وسَبَبُه الأَمِينُ - وفِيه رَبِيعُ الْقَلْبِ ويَنَابِيعُ الْعِلْمِ - ومَا
لِلْقَلْبِ جِلَاءٌ غَيْرُه مَعَ أَنَّه قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ -
وبَقِيَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ - فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً
فَأَعِينُوا عَلَيْه - وإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْه - فَإِنَّ
رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله كَانَ يَقُولُ - يَا ابْنَ آدَمَ
اعْمَلِ الْخَيْرَ ودَعِ الشَّرَّ - فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ (2239)». ----------------------------- (2239) جواد قاصد: أي مستقيم أو قريب من الله
والسعادة. |
|||||||||||||||
انواع الظلم
|
|||||||||||||||
أنواع الظلم أَلَا وإِنَّ الظُّلْمَ ثَلَاثَةٌ -
فَظُلْمٌ لَا يُغْفَرُ وظُلْمٌ لَا يُتْرَكُ - وظُلْمٌ مَغْفُورٌ لَا يُطْلَبُ -
فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُغْفَرُ فَالشِّرْكُ بِاللَّه - قَالَ اللَّه
تَعَالَى (إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه) - وأَمَّا
الظُّلْمُ الَّذِي يُغْفَرُ - فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَه عِنْدَ بَعْضِ
الْهَنَاتِ (2240) - وأَمَّا
الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُتْرَكُ - فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً -
الْقِصَاصُ هُنَاكَ شَدِيدٌ لَيْسَ هُوَ جَرْحاً بِاْلمُدَى (2241) - ولَا ضَرْباً بِالسِّيَاطِ (2242) ولَكِنَّه مَا يُسْتَصْغَرُ ذَلِكَ مَعَه - فَإِيَّاكُمْ والتَّلَوُّنَ
فِي دِينِ اللَّه - فَإِنَّ جَمَاعَةً فِيمَا تَكْرَهُونَ مِنَ الْحَقِّ -
خَيْرٌ مِنْ فُرْقَةٍ (2243) فِيمَا تُحِبُّونَ
مِنَ الْبَاطِلِ - وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يُعْطِ أَحَداً بِفُرْقَةٍ
خَيْراً مِمَّنْ مَضَى - ولَا مِمَّنْ بَقِيَ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
لزوم الطاعة
|
|||||||||||||||
لزوم الطاعة يَا أَيُّهَا النَّاسُ - طُوبَى لِمَنْ
شَغَلَه عَيْبُه عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ - وطُوبَى لِمَنْ لَزِمَ بَيْتَه وأَكَلَ
قُوتَه - واشْتَغَلَ بِطَاعَةِ رَبِّه وبَكَى عَلَى خَطِيئَتِه - فَكَانَ مِنْ
نَفْسِه فِي شُغُلٍ والنَّاسُ مِنْه فِي رَاحَةٍ! |
|||||||||||||||
177 و من كلام له في معنى الحكمين :
|
|||||||||||||||
177 - ومن كلام له عليهالسلام في معنى الحكمين فَأَجْمَعَ رَأْيُ مَلَئِكُمْ عَلَى أَنِ
اخْتَارُوا رَجُلَيْنِ - فَأَخَذْنَا عَلَيْهِمَا أَنْ يُجَعْجِعَا (2244) عِنْدَ الْقُرْآنِ ولَا يُجَاوِزَاه - وتَكُونُ أَلْسِنَتُهُمَا مَعَه
وقُلُوبُهُمَا تَبَعَه فَتَاهَا عَنْه - وتَرَكَا الْحَقَّ وهُمَا يُبْصِرَانِه
- وكَانَ الْجَوْرُ هَوَاهُمَا والِاعْوِجَاجُ رَأْيَهُمَا - وقَدْ سَبَقَ
اسْتِثْنَاؤُنَا عَلَيْهِمَا فِي الْحُكْمِ بِالْعَدْلِ - والْعَمَلِ بِالْحَقِّ
سُوءَ رَأْيِهِمَا وجَوْرَ حُكْمِهِمَا - والثِّقَةُ فِي أَيْدِينَا
لأَنْفُسِنَا حِينَ خَالَفَا سَبِيلَ الْحَقِّ - وأَتَيَا بِمَا لَا يُعْرَفُ
مِنْ مَعْكُوسِ الْحُكْمِ. ----------------------------- (2244)
يُجَعْجِعَا: من
جعجع البعير إذا برك ولزم الجعجاع أي الأرض. أي
أن يقيما عند القرآن. والتبع - محركا - التابع للواحد والجمع.وتاها: أي ضلَّا. |
|||||||||||||||
178 و من خطبة له في الشهادة و التقوى و قيل إنه خطبها بعد مقتل عثمان في أول خلافته :
|
|||||||||||||||
اللّه و رسوله
|
|||||||||||||||
178 - ومن خطبة له عليهالسلام في الشهادة والتقوى. وقيل:
إنه خطبها بعد مقتل عثمان في أول خلافته اللَّه ورسوله لَا يَشْغَلُه شَأْنٌ ولَا يُغَيِّرُه
زَمَانٌ - ولَا يَحْوِيه مَكَانٌ ولَا يَصِفُه لِسَانٌ - لَا يَعْزُبُ (2245) عَنْه عَدَدُ قَطْرِ الْمَاءِ ولَا نُجُومِ السَّمَاءِ - ولَا سَوَافِي
الرِّيحِ (2246) فِي الْهَوَاءِ -
ولَا دَبِيبُ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا (2247) - ولَا مَقِيلُ الذَّرِّ (2248) فِي اللَّيْلَةِ
الظَّلْمَاءِ - يَعْلَمُ مَسَاقِطَ الأَوْرَاقِ وخَفِيَّ طَرْفِ الأَحْدَاقِ (2249) - وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه غَيْرَ مَعْدُولٍ بِه (2250) - ولَا مَشْكُوكٍ فِيه ولَا مَكْفُورٍ دِينُه - ولَا مَجْحُودٍ
تَكْوِينُه (2251) شَهَادَةَ مَنْ
صَدَقَتْ نِيَّتُه - وصَفَتْ دِخْلَتُه (2252) وخَلَصَ يَقِينُه وثَقُلَتْ مَوَازِينُه - وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
عَبْدُه ورَسُولُه الَمْجُتْبَىَ (2253) مِنْ خَلَائِقِه -
والْمُعْتَامُ (2254) لِشَرْحِ
حَقَائِقِه والْمُخْتَصُّ بِعَقَائِلِ (2255) كَرَامَاتِه (2256) - والْمُصْطَفَى
لِكَرَائِمِ رِسَالَاتِه - والْمُوَضَّحَةُ بِه أَشْرَاطُ الْهُدَى (2257) والْمَجْلُوُّ بِه غِرْبِيبُ (2258) الْعَمَى. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْيَا
تَغُرُّ الْمُؤَمِّلَ لَهَا والْمُخْلِدَ إِلَيْهَا (2259) - ولَا تَنْفَسُ (2260) بِمَنْ نَافَسَ
فِيهَا وتَغْلِبُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهَا - وايْمُ اللَّه مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ
فِي غَضِّ (2261) نِعْمَةٍ مِنْ
عَيْشٍ - فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا (2262) لـ (أَنَّ الله لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) - ولَوْ أَنَّ
النَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وتَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا
إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ ووَلَه مِنْ قُلُوبِهِمْ - لَرَدَّ
عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وأَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ - وإِنِّي لأَخْشَى
عَلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا فِي فَتْرَةٍ (2263) - وقَدْ كَانَتْ أُمُورٌ مَضَتْ مِلْتُمْ فِيهَا مَيْلَةً - كُنْتُمْ
فِيهَا عِنْدِي غَيْرَ مَحْمُودِينَ - ولَئِنْ رُدَّ عَلَيْكُمْ أَمْرُكُمْ
إِنَّكُمْ لَسُعَدَاءُ - ومَا عَلَيَّ إِلَّا الْجُهْدُ - ولَوْ أَشَاءُ أَنْ
أَقُولَ لَقُلْتُ (عَفَا
الله عَمَّا سَلَفَ)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
179 و من كلام له و قد
سأله ذعلب اليماني فقال هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين فقال :
|
|||||||||||||||
179 - ومن كلام له عليهالسلام وقد سأله ذعلب اليماني فقال
- هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين فقال عليهالسلام
- أفأعبد ما لا أرى فقال وكيف تراه فقال لَا تُدْرِكُه الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ
الْعِيَانِ - ولَكِنْ تُدْرِكُه الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الإِيمَانِ - قَرِيبٌ
مِنَ الأَشْيَاءِ غَيْرَ مُلَابِسٍ بَعِيدٌ مِنْهَا غَيْرَ مُبَايِنٍ -
مُتَكَلِّمٌ لَا بِرَوِيَّةٍ (2264) مُرِيدٌ لَا
بِهِمَّةٍ (2265) صَانِعٌ لَا
بِجَارِحَةٍ (2266) - لَطِيفٌ لَا
يُوصَفُ بِالْخَفَاءِ كَبِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْجَفَاءِ (2267) - بَصِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ رَحِيمٌ لَا يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ
- تَعْنُو (2268) الْوُجُوه
لِعَظَمَتِه وتَجِبُ الْقُلُوبُ (2269) مِنْ مَخَافَتِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
180 و من خطبة له في ذم العاصين من أصحابه :
|
|||||||||||||||
180 - ومن خطبة له عليهالسلام في ذم العاصين من أصحابه أَحْمَدُ اللَّه عَلَى مَا قَضَى مِنْ
أَمْرٍ وقَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ - وعَلَى ابْتِلَائِي بِكُمْ أَيَّتُهَا
الْفِرْقَةُ الَّتِي إِذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ - وإِذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ
- إِنْ أُمْهِلْتُمْ (2270) خُضْتُمْ وإِنْ
حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ (2271) - وإِنِ اجْتَمَعَ
النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ طَعَنْتُمْ - وإِنْ أُجِئْتُمْ إِلَى مُشَاقَّةٍ (2272) نَكَصْتُمْ (2273) -. لَا أَبَا
لِغَيْرِكُمْ (2274) مَا تَنْتَظِرُونَ
بِنَصْرِكُمْ - والْجِهَادِ عَلَى حَقِّكُمْ - الْمَوْتَ أَوِ الذُّلَّ لَكُمْ -
فَوَاللَّه لَئِنْ جَاءَ يَومِي ولَيَأْتِيَنِّي لَيُفَرِّقَنَّ بَيْنِي
وبَيْنِكُمْ - وأَنَا لِصُحْبَتِكُمْ قَالٍ (2275) وبِكُمْ غَيْرُ كَثِيرٍ (2276) - لِلَّه أَنْتُمْ
أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ ولَا حَمِيَّةٌ تَشْحَذُكُمْ (2277) - أَولَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو الْجُفَاةَ (2278) الطَّغَامَ (2279) - فَيَتَّبِعُونَه
عَلَى غَيْرِ مَعُونَةٍ (2280) ولَا عَطَاءٍ -
وأَنَا أَدْعُوكُمْ وأَنْتُمْ تَرِيكَةُ الإِسْلَامِ (2281) - وبَقِيَّةُ النَّاسِ إِلَى الْمَعُونَةِ أَوْ طَائِفَةٍ مِنَ
الْعَطَاءِ - فَتَفَرَّقُونَ عَنِّي وتَخْتَلِفُونَ عَلَيَّ - إِنَّه لَا
يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِي رِضًى فَتَرْضَوْنَه - ولَا سُخْطٌ
فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْه - وإِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ -
قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ (2282) وفَاتَحْتُكُمُ
الْحِجَاجَ (2283) - وعَرَّفْتُكُمْ
مَا أَنْكَرْتُمْ وسَوَّغْتُكُمْ (2284) مَا مَجَجْتُمْ -
لَوْ كَانَ الأَعْمَى يَلْحَظُ أَوِ النَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ - وأَقْرِبْ
بِقَوْمٍ (2285) مِنَ الْجَهْلِ
بِاللَّه قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةُ - ومُؤَدِّبُهُمُ ابْنُ النَّابِغَةِ (2286)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
181 وَ مِنْ كَلَامٍ
لَهُ وَ قَدْ أَرْسَلَ رَجُلًا مِنْ
أَصْحَابِهِ يَعْلَمُ لَهُ عِلْمَ أَحْوَالِ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ الْكُوفَةِ قَدْ
هَمُّوا بِاللِّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ
|
|||||||||||||||
181 - ومِنْ كَلَامٍ لَه عليهالسلام وقَدْ أَرْسَلَ
رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِه - يَعْلَمُ لَه عِلْمَ أَحْوَالِ قَوْمٍ مِنْ جُنْدِ
الْكُوفَةِ - قَدْ هَمُّوا بِاللِّحَاقِ بِالْخَوَارِجِ - وكَانُوا عَلَى خَوْفٍ
مِنْه عليهالسلام - فَلَمَّا عَادَ
إِلَيْه الرَّجُلُ - قَالَ لَه أَأَمِنُوا فَقَطَنُوا (2287) أَمْ جَبَنُوا فَظَعَنُوا (2288) - فَقَالَ الرَّجُلُ بَلْ ظَعَنُوا يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - فَقَالَ
عليهالسلام بُعْداً لَهُمْ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ -
أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ (2289) الأَسِنَّةُ
إِلَيْهِمْ - وصُبَّتِ السُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهِمْ (2290) - لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ - إِنَّ الشَّيْطَانَ
الْيَوْمَ قَدِ اسْتَفَلَّهُمْ (2291) - وهُوَ غَداً
مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ ومُتَخَلٍّ عَنْهُمْ - فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهِمْ (2292) مِنَ الْهُدَى وارْتِكَاسِهِمْ (2293) فِي الضَّلَالِ والْعَمَى - وصَدِّهِمْ (2294) عَنِ الْحَقِّ وجِمَاحِهِمْ (2295) فِي التِّيه (2296). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
182 وَ مِنْ خُطْبَةٍ
لَهُ رُوِيَ عَنْ نَوْفٍ الْبَكَالِيِّ
قَالَ خَطَبَنَا بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ
بِالْكُوفَةِ وَ هُوَ قَائِمٌ
|
|||||||||||||||
حمد اللّه و استعانته
|
|||||||||||||||
182 - ومِنْ خُطْبَةٍ لَه عليهالسلام: رُوِيَ
عَنْ نَوْفٍ الْبَكَالِيِّ - قَالَ خَطَبَنَا
بِهَذِه الْخُطْبَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ عليهالسلام بِالْكُوفَةِ -
وهُوَ قَائِمٌ عَلَى حِجَارَةٍ - نَصَبَهَا لَه جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ
الْمَخْزُومِيُّ - وعَلَيْه مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ (2297) وحَمَائِلُ سَيْفِه لِيفٌ - وفِي
رِجْلَيْه نَعْلَانِ مِنْ لِيفٍ - وكَأَنَّ جَبِينَه ثَفِنَةُ (2298) بَعِيرٍ فَقَالَ
عليهالسلام -----------------------------
حمد اللَّه واستعانته الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي إِلَيْه
مَصَائِرُ الْخَلْقِ - وعَوَاقِبُ الأَمْرِ نَحْمَدُه عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِه
- ونَيِّرِ بُرْهَانِه ونَوَامِي (2299) فَضْلِه
وامْتِنَانِه - حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّه قَضَاءً ولِشُكْرِه أَدَاءً - وإِلَى
ثَوَابِه مُقَرِّباً ولِحُسْنِ مَزِيدِه مُوجِباً - ونَسْتَعِينُ بِه
اسْتِعَانَةَ رَاجٍ لِفَضْلِه مُؤَمِّلٍ لِنَفْعِه وَاثِقٍ بِدَفْعِه -
مُعْتَرِفٍ لَه بِالطَّوْلِ (2300) مُذْعِنٍ لَه
بِالْعَمَلِ والْقَوْلِ - ونُؤْمِنُ بِه إِيمَانَ مَنْ رَجَاه مُوقِناً -
وأَنَابَ إِلَيْه مُؤْمِناً وخَنَعَ (2301) لَه مُذْعِناً -
وأَخْلَصَ لَه مُوَحِّداً وعَظَّمَه مُمَجِّداً ولَاذَ بِه رَاغِباً
مُجْتَهِداً. ----------------------------- (2299) النوامي: جمع نام بمعنى زائد. (2300)
الطَوْل: - بفتح الطاء وسكون الواو -
الفضل. (2301)
خَنَعَ: ذل وخضع. |
|||||||||||||||
اللّه الواحد
|
|||||||||||||||
اللَّه الواحد (لَمْ
يُولَدْ) سُبْحَانَه فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ
مُشَارَكاً - و (لَمْ يَلِدْ) فَيَكُونَ
مَوْرُوثاً هَالِكاً - ولَمْ يَتَقَدَّمْه وَقْتٌ ولَا زَمَانٌ - ولَمْ
يَتَعَاوَرْه زِيَادَةٌ ولَا نُقْصَانٌ (2302) - بَلْ ظَهَرَ لِلْعُقُولِ بِمَا أَرَانَا مِنْ عَلَامَاتِ
التَّدْبِيرِ الْمُتْقَنِ - والْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ - فَمِنْ شَوَاهِدِ خَلْقِه
خَلْقُ السَّمَاوَاتِ مُوَطَّدَاتٍ (2303) بِلَا عَمَدٍ -
قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَ طَائِعَاتٍ مُذْعِنَاتٍ - غَيْرَ
مُتَلَكِّئَاتٍ (2304) ولَا مُبْطِئَاتٍ
- ولَوْ لَا إِقْرَارُهُنَّ لَه بِالرُّبُوبِيَّةِ - وإِذْعَانُهُنَّ
بِالطَّوَاعِيَةِ - لَمَا جَعَلَهُنَّ مَوْضِعاً لِعَرْشِه ولَا مَسْكَناً
لِمَلَائِكَتِه - ولَا مَصْعَداً لِلْكَلِمِ الطَّيِّبِ والْعَمَلِ الصَّالِحِ
مِنْ خَلْقِه جَعَلَ نُجُومَهَا أَعْلَاماً يَسْتَدِلُّ بِهَا الْحَيْرَانُ -
فِي مُخْتَلِفِ فِجَاجِ الأَقْطَارِ - لَمْ يَمْنَعْ ضَوْءَ نُورِهَا
ادْلِهْمَامُ (2305) سُجُفِ (2306) اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ - ولَا اسْتَطَاعَتْ جَلَابِيبُ (2307) سَوَادِ الْحَنَادِسِ (2308) - أَنْ تَرُدَّ مَا
شَاعَ (2309) فِي السَّمَاوَاتِ
مِنْ تَلأْلُؤِ نُورِ الْقَمَرِ - فَسُبْحَانَ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْه سَوَادُ
غَسَقٍ دَاجٍ (2310) - ولَا لَيْلٍ
سَاجٍ (2311) فِي بِقَاعِ
الأَرَضِينَ الْمُتَطَأْطِئَاتِ (2312) - ولَا فِي
يَفَاعِ السُّفْعِ (2313) الْمُتَجَاوِرَاتِ
- ومَا يَتَجَلْجَلُ بِه الرَّعْدُ (2314) فِي أُفُقِ
السَّمَاءِ - ومَا تَلَاشَتْ (2315) عَنْه بُرُوقُ
الْغَمَامِ - ومَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ تُزِيلُهَا عَنْ مَسْقَطِهَا
عَوَاصِفُ الأَنْوَاءِ (2316) - وانْهِطَالُ
السَّمَاءِ (2317) - ويَعْلَمُ
مَسْقَطَ الْقَطْرَةِ ومَقَرَّهَا ومَسْحَبَ الذَّرَّةِ ومَجَرَّهَا - ومَا
يَكْفِي الْبَعُوضَةَ مِنْ قُوتِهَا ومَا تَحْمِلُ الأُنْثَى فِي بَطْنِهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
عود إلى الحمد
|
|||||||||||||||
عود إلى الحمد والْحَمْدُ لِلَّه الْكَائِنِ قَبْلَ أَنْ
يَكُونَ كُرْسِيٌّ أَوْ عَرْشٌ - أَوْ سَمَاءٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ جَانٌّ أَوْ
إِنْسٌ - لَا يُدْرَكُ بِوَهْمٍ (2318) ولَا يُقَدَّرُ
بِفَهْمٍ - ولَا يَشْغَلُه سَائِلٌ (2319) ولَا يَنْقُصُه
نَائِلٌ (2320) - ولَا يَنْظُرُ
بِعَيْنٍ ولَا يُحَدُّ بِأَيْنٍ (2321) ولَا يُوصَفُ
بِالأَزْوَاجِ (2322) - ولَا يُخْلَقُ
بِعِلَاجٍ (2323) ولَا يُدْرَكُ
بِالْحَوَاسِّ ولَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ - الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيماً
وأَرَاه مِنْ آيَاتِه عَظِيماً - بِلَا جَوَارِحَ ولَا أَدَوَاتٍ ولَا نُطْقٍ
ولَا لَهَوَاتٍ (2324) - بَلْ إِنْ
كُنْتَ صَادِقاً أَيُّهَا الْمُتَكَلِّفُ (2325) لِوَصْفِ رَبِّكَ - فَصِفْ جِبْرِيلَ ومِيكَائِيلَ وجُنُودَ
الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ فِي حُجُرَاتِ (2326) الْقُدُسِ مُرْجَحِنِّينَ (2327) - مُتَوَلِّهَةً (2328) عُقُولُهُمْ أَنْ يَحُدُّوا أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ - فَإِنَّمَا
يُدْرَكُ بِالصِّفَاتِ ذَوُو الْهَيْئَاتِ والأَدَوَاتِ - ومَنْ يَنْقَضِي إِذَا
بَلَغَ أَمَدَ حَدِّه بِالْفَنَاءِ - فَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَضَاءَ بِنُورِه
كُلَّ ظَلَامٍ - وأَظْلَمَ بِظُلْمَتِه كُلَّ نُورٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - الَّذِي أَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ (2329) وأَسْبَغَ عَلَيْكُمُ الْمَعَاشَ - فَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إِلَى
الْبَقَاءِ سُلَّماً أَوْ لِدَفْعِ الْمَوْتِ سَبِيلًا - لَكَانَ ذَلِكَ
سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عليهالسلام الَّذِي سُخِّرَ لَه
مُلْكُ الْجِنِّ والإِنْسِ - مَعَ النُّبُوَّةِ وعَظِيمِ الزُّلْفَةِ - فَلَمَّا
اسْتَوْفَى طُعْمَتَه (2330) واسْتَكْمَلَ
مُدَّتَه - رَمَتْه قِسِيُّ الْفَنَاءِ بِنِبَالِ الْمَوْتِ - وأَصْبَحَتِ
الدِّيَارُ مِنْه خَالِيَةً - والْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً ووَرِثَهَا قَوْمٌ
آخَرُونَ - وإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً! أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وأَبْنَاءُ
الْعَمَالِقَةِ - أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ - أَيْنَ
أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ - وأَطْفَئُوا
سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ وأَحْيَوْا سُنَنَ الْجَبَّارِينَ - أَيْنَ الَّذِينَ
سَارُوا بِالْجُيُوشِ وهَزَمُوا بِالأُلُوفِ - وعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ
ومَدَّنُوا الْمَدَائِنَ! ومِنْهَا - قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ
جُنَّتَهَا (2331) - وأَخَذَهَا
بِجَمِيعِ أَدَبِهَا مِنَ الإِقْبَالِ عَلَيْهَا - والْمَعْرِفَةِ بِهَا
والتَّفَرُّغِ لَهَا - فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِه ضَالَّتُه الَّتِي يَطْلُبُهَا -
وحَاجَتُه الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا - فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ
الإِسْلَامُ - وضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِه (2332) - وأَلْصَقَ الأَرْضَ بِجِرَانِه (2333) بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِه - خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ
أَنْبِيَائِه. ثم قال عليهالسلام: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ
لَكُمُ الْمَوَاعِظَ - الَّتِي وَعَظَ الأَنْبِيَاءُ بِهَا أُمَمَهُمْ -
وأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الأَوْصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ -
وأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا - وحَدَوْتُكُمْ بِالزَّوَاجِرِ
فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا (2334) - لِلَّه أَنْتُمْ
- أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ - ويُرْشِدُكُمُ
السَّبِيلَ أَلَا إِنَّه قَدْ أَدْبَرَ مِنَ
الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلًا - وأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً
وأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُ اللَّه الأَخْيَارُ - وبَاعُوا قَلِيلًا مِنَ
الدُّنْيَا لَا يَبْقَى - بِكَثِيرٍ مِنَ الآخِرَةِ لَا يَفْنَى - مَا ضَرَّ
إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ وهُمْ بِصِفِّينَ - أَلَّا
يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً يُسِيغُونَ الْغُصَصَ - ويَشْرَبُونَ الرَّنْقَ (2335) قَدْ واللَّه لَقُوا اللَّه فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ - وأَحَلَّهُمْ
دَارَ الأَمْنِ بَعْدَ خَوْفِهِمْ. أَيْنَ إِخْوَانِيَ الَّذِينَ رَكِبُوا
الطَّرِيقَ - ومَضَوْا عَلَى الْحَقِّ أَيْنَ عَمَّارٌ (2336) وأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ (2337) - وأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ (2338) - وأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا
عَلَى الْمَنِيَّةِ - وأُبْرِدَ بِرُءُوسِهِمْ (2339) إِلَى الْفَجَرَةِ. قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ
بِيَدِه عَلَى لِحْيَتِه الشَّرِيفَةِ الْكَرِيمَةِ - فَأَطَالَ الْبُكَاءَ
ثُمَّ قَالَ عليهالسلام أَوِّه (2340) عَلَى إِخْوَانِيَ الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوه -
وتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوه - أَحْيَوُا السُّنَّةَ وأَمَاتُوا
الْبِدْعَةَ - دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا ووَثِقُوا بِالْقَائِدِ
فَاتَّبَعُوه. ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِه الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللَّه -
أَلَا وإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَومِي هَذَا - فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللَّه
فَلْيَخْرُجْ قَالَ نَوْفٌ
وعَقَدَ لِلْحُسَيْنِ عليهالسلام فِي عَشَرَةِ
آلَافٍ - ولِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رحمهالله فِي عَشَرَةِ
آلَافٍ - ولأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ - ولِغَيْرِهِمْ
عَلَى أَعْدَادٍ أُخَرَ - وهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إِلَى صِفِّينَ - فَمَا
دَارَتِ الْجُمُعَةُ حَتَّى ضَرَبَه الْمَلْعُونُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَه اللَّه
- فَتَرَاجَعَتِ الْعَسَاكِرُ فَكُنَّا كَأَغْنَامٍ فَقَدَتْ رَاعِيهَا -
تَخْتَطِفُهَا الذِّئَابُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ! -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
183 من خطبة له في قدرة اللّه و في فضل القرآن و في الوصية
بالتقوى الله تعالى :
|
|||||||||||||||
183 - من خطبة له عليهالسلام في قدرة اللَّه وفي فضل
القرآن وفي الوصية بالتقوى الله تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الْمَعْرُوفِ مِنْ
غَيْرِ رُؤْيَةٍ - والْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنْصَبَةٍ (2341) خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِه - واسْتَعْبَدَ الأَرْبَابَ
بِعِزَّتِه وسَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِه - وهُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيَا
خَلْقَه - وبَعَثَ إِلَى الْجِنِّ والإِنْسِ رُسُلَه - لِيَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ
غِطَائِهَا ولِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا - ولِيَضْرِبُوا لَهُمْ
أَمْثَالَهَا ولِيُبَصِّرُوهُمْ عُيُوبَهَا - ولِيَهْجُمُوا (2342) عَلَيْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ (2343) مِنْ تَصَرُّفِ (2344) مَصَاحِّهَا (2345) وأَسْقَامِهَا -
وحَلَالِهَا وحَرَامِهَا - ومَا أَعَدَّ اللَّه لِلْمُطِيعِينَ مِنْهُمْ
والْعُصَاةِ - مِنْ جَنَّةٍ ونَارٍ وكَرَامَةٍ وهَوَانٍ - أَحْمَدُه إِلَى
نَفْسِه كَمَا اسْتَحْمَدَ (2346) إِلَى خَلْقِه -
وجَعَلَ (لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) - ولِكُلِّ قَدْرٍ
أَجَلًا ولِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضل القرآن
|
|||||||||||||||
فضل القرآن منها: فَالْقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ
وصَامِتٌ نَاطِقٌ - حُجَّةُ اللَّه عَلَى خَلْقِه أَخَذَ عَلَيْه مِيثَاقَهُمْ -
وارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ (2347) أَتَمَّ نُورَه -
وأَكْمَلَ بِه دِينَه وقَبَضَ نَبِيَّه صلىاللهعليهوآله - وقَدْ
فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِه - فَعَظِّمُوا مِنْه
سُبْحَانَه مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِه – فَإِنَّه لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً
مِنْ دِينِه - ولَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَه أَوْ كَرِهَه إِلَّا وجَعَلَ لَه
عَلَماً بَادِياً - وآيَةً مُحْكَمَةً تَزْجُرُ عَنْه أَوْ تَدْعُو إِلَيْه -
فَرِضَاه فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وسَخَطُه فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ - واعْلَمُوا
أَنَّه لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْءٍ سَخِطَه - عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ -
ولَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ رَضِيَه مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ -
وإِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ - وتَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ
قَدْ قَالَه الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ - قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ
وحَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ - وافْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ. ----------------------------- (2347) ارتهَنَ عليهم أنفسَهم: حبس نفوسهم وجعلها رهنا على الوفاء
بميثاقهم. |
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى وأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى - وجَعَلَهَا
مُنْتَهَى رِضَاه وحَاجَتَه مِنْ خَلْقِه - فَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ
بِعَيْنِه (2348) ونَوَاصِيكُمْ
بِيَدِه - وتَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِه - إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَه وإِنْ
أَعْلَنْتُمْ كَتَبَه - قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَا
يُسْقِطُونَ حَقّاً ولَا يُثْبِتُونَ بَاطِلًا - واعْلَمُوا أَنَّه (مَنْ
يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَه مَخْرَجاً) مِنَ الْفِتَنِ -
ونُوراً مِنَ الظُّلَمِ ويُخَلِّدْه فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُه - ويُنْزِلْه
مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَه فِي دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِه - ظِلُّهَا
عَرْشُه ونُورُهَا بَهْجَتُه - وزُوَّارُهَا مَلَائِكَتُه ورُفَقَاؤُهَا رُسُلُه
- فَبَادِرُوا الْمَعَادَ وسَابِقُوا الآجَالَ - فَإِنَّ النَّاسَ يُوشِكُ أَنْ
يَنْقَطِعَ بِهِمُ الأَمَلُ ويَرْهَقَهُمُ الأَجَلُ (2349) - ويُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ - فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي
مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْه الرَّجْعَةَ (2350) مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ - وأَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ
دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ - وقَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالِارْتِحَالِ
وأُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ واعْلَمُوا أَنَّه لَيْسَ لِهَذَا الْجِلْدِ
الرَّقِيقِ صَبْرٌ عَلَى النَّارِ - فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ - فَإِنَّكُمْ قَدْ
جَرَّبْتُمُوهَا فِي مَصَائِبِ الدُّنْيَا. أَفَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ
الشَّوْكَةِ تُصِيبُه - والْعَثْرَةِ تُدْمِيه والرَّمْضَاءِ تُحْرِقُه -
فَكَيْفَ إِذَا كَانَ بَيْنَ طَابَقَيْنِ مِنْ نَارٍ - ضَجِيعَ حَجَرٍ وقَرِينَ
شَيْطَانٍ - أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً (2351) إِذَا غَضِبَ عَلَى النَّارِ - حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضاً لِغَضَبِه -
وإِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِه! أَيُّهَا الْيَفَنُ الْكَبِيرُ (2352) الَّذِي قَدْ لَهَزَه الْقَتِيرُ (2353) - كَيْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ
الأَعْنَاقِ - ونَشِبَتِ الْجَوَامِعُ (2354) حَتَّى أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ - فَاللَّه اللَّه مَعْشَرَ
الْعِبَادِ - وأَنْتُمْ سَالِمُونَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ - وفِي
الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضِّيقِ - فَاسْعَوْا فِي فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ
أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا (2355) - أَسْهِرُوا
عُيُونَكُمْ وأَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ - واسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ
وأَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ - وخُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا بِهَا عَلَى
أَنْفُسِكُمْ - ولَا تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا فَقَدْ قَالَ اللَّه سُبْحَانَه -
(إِنْ
تَنْصُرُوا الله يَنْصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) - وقَالَ تَعَالَى
(مَنْ
ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً - فَيُضاعِفَه لَه ولَه أَجْرٌ
كَرِيمٌ) - فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ -
ولَمْ يَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ - اسْتَنْصَرَكُمْ ولَه جُنُودُ
السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - واسْتَقْرَضَكُمْ ولَه
خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ - وهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ - وإِنَّمَا
أَرَادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ (2356) (أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلًا) - فَبَادِرُوا
بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جِيرَانِ اللَّه فِي دَارِه - رَافَقَ بِهِمْ
رُسُلَه وأَزَارَهُمْ مَلَائِكَتَه - وأَكْرَمَ أَسْمَاعَهُمْ أَنْ تَسْمَعَ
حَسِيسَ (2357) نَارٍ أَبَداً -
وصَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقَى لُغُوباً ونَصَباً (2358) - (ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيه مَنْ يَشاءُ
والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ (والله
الْمُسْتَعانُ) عَلَى نَفْسِي وأَنْفُسِكُمْ - وهُوَ (حَسْبُنَا) (ونِعْمَ
الْوَكِيلُ)! -----------------------------
.
|
|||||||||||||||
184 و من كلام له قاله للبرج بن مسهر الطائي و قد قال
له بحيث يسمعه "لا حكم إلا للّه" و كان من الخوارج :
|
|||||||||||||||
184 - ومن كلام له عليهالسلام قاله للبرج بن مسهر الطائي
وقد قال له بحيث يسمعه «لا حكم إلا للَّه» وكان من
الخوارج اسْكُتْ قَبَحَكَ اللَّه (2359) يَا أَثْرَمُ (2360) - فَوَاللَّه
لَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ فَكُنْتَ فِيه ضَئِيلًا (2361) شَخْصُكَ - خَفِيّاً صَوْتُكَ حَتَّى إِذَا نَعَرَ (2362) الْبَاطِلُ نَجَمْتَ (2363) نُجُومَ قَرْنِ
الْمَاعِزِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
185 و من خطبة له يحمد اللّه فيها و يثني على رسوله و يصف خلقا
من الحيوان :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
185 - ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه فيها ويثني على
رسوله ويصف خلقا من الحيوان حمد اللَّه تعالى الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَا تُدْرِكُه الشَّوَاهِدُ
- ولَا تَحْوِيه الْمَشَاهِدُ - ولَا تَرَاه النَّوَاظِرُ - ولَا تَحْجُبُه
السَّوَاتِرُ - الدَّالِّ عَلَى قِدَمِه بِحُدُوثِ خَلْقِه - وبِحُدُوثِ خَلْقِه
عَلَى وُجُودِه - وبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَبَه لَه - الَّذِي صَدَقَ
فِي مِيعَادِه - وارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِه - وقَامَ بِالْقِسْطِ فِي
خَلْقِه - وعَدَلَ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِه - مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الأَشْيَاءِ
عَلَى أَزَلِيَّتِه - وبِمَا وَسَمَهَا بِه مِنَ الْعَجْزِ عَلَى قُدْرَتِه -
وبِمَا اضْطَرَّهَا إِلَيْه مِنَ الْفَنَاءِ عَلَى دَوَامِه - وَاحِدٌ لَا
بِعَدَدٍ (2364) ودَائِمٌ لَا
بِأَمَدٍ (2365) وقَائِمٌ لَا
بِعَمَدٍ - تَتَلَقَّاه الأَذْهَانُ لَا بِمُشَاعَرَةٍ (2366) - وتَشْهَدُ لَه الْمَرَائِي (2367) لَا بِمُحَاضَرَةٍ - لَمْ تُحِطْ بِه الأَوْهَامُ بَلْ تَجَلَّى لَهَا
بِهَا - وبِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا وإِلَيْهَا حَاكَمَهَا - لَيْسَ بِذِي كِبَرٍ
امْتَدَّتْ بِه النِّهَايَاتُ فَكَبَّرَتْه تَجْسِيماً - ولَا بِذِي عِظَمٍ
تَنَاهَتْ بِه الْغَايَاتُ فَعَظَّمَتْه تَجْسِيداً - بَلْ كَبُرَ شَأْناً
وعَظُمَ سُلْطَاناً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه
ورَسُولُه الصَّفِيُّ - وأَمِينُه الرَّضِيُّ – صلى الله عليه وآله - أَرْسَلَه
بِوُجُوبِ الْحُجَجِ وظُهُورِ الْفَلَجِ (2368) وإِيضَاحِ الْمَنْهَجِ - فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً (2369) بِهَا - وحَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ دَالاًّ عَلَيْهَا - وأَقَامَ
أَعْلَامَ الِاهْتِدَاءِ ومَنَارَ الضِّيَاءِ - وجَعَلَ أَمْرَاسَ (2370) الإِسْلَامِ مَتِينَةً - وعُرَى الإِيمَانِ وَثِيقَةً. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
منها في صفة خلق أصناف من الحيوان
|
|||||||||||||||
منها في صفة خلق أصناف من
الحيوان ولَوْ فَكَّرُوا فِي عَظِيمِ الْقُدْرَةِ
وجَسِيمِ النِّعْمَةِ - لَرَجَعُوا إِلَى الطَّرِيقِ وخَافُوا عَذَابَ
الْحَرِيقِ - ولَكِنِ الْقُلُوبُ عَلِيلَةٌ والْبَصَائِرُ مَدْخُولَةٌ - أَلَا
يَنْظُرُونَ إِلَى صَغِيرِ مَا خَلَقَ كَيْفَ أَحْكَمَ خَلْقَه - وأَتْقَنَ
تَرْكِيبَه وفَلَقَ لَه السَّمْعَ والْبَصَرَ - وسَوَّى لَه الْعَظْمَ والْبَشَرَ
(2371) - انْظُرُوا إِلَى
النَّمْلَةِ فِي صِغَرِ جُثَّتِهَا ولَطَافَةِ هَيْئَتِهَا - لَا تَكَادُ
تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ ولَا بِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ - كَيْفَ دَبَّتْ
عَلَى أَرْضِهَا وصُبَّتْ عَلَى رِزْقِهَا - تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَى
جُحْرِهَا وتُعِدُّهَا فِي مُسْتَقَرِّهَا - تَجْمَعُ فِي حَرِّهَا لِبَرْدِهَا
وفِي وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا (2372) - مَكْفُولٌ
بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَةٌ بِوِفْقِهَا (2373) - لَا يُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ ولَا يَحْرِمُهَا الدَّيَّانُ - ولَوْ
فِي الصَّفَا (2374) الْيَابِسِ والْحَجَرِ
الْجَامِسِ - ولَوْ فَكَّرْتَ فِي مَجَارِي أَكْلِهَا - فِي عُلْوِهَا
وسُفْلِهَا - ومَا فِي الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِيفِ (2375) بَطْنِهَا - ومَا فِي الرَّأْسِ مِنْ عَيْنِهَا وأُذُنِهَا -
لَقَضَيْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً ولَقِيتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً - فَتَعَالَى
الَّذِي أَقَامَهَا عَلَى قَوَائِمِهَا - وبَنَاهَا عَلَى دَعَائِمِهَا - لَمْ
يَشْرَكْه فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ ولَمْ يُعِنْه عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ -
ولَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِه - مَا دَلَّتْكَ
الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَى أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ - هُوَ فَاطِرُ
النَّخْلَةِ - لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ - وغَامِضِ اخْتِلَافِ كُلِّ
حَيٍّ - ومَا الْجَلِيلُ واللَّطِيفُ والثَّقِيلُ والْخَفِيفُ - والْقَوِيُّ
والضَّعِيفُ فِي خَلْقِه إِلَّا سَوَاءٌ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
خلقة السماء و الكون
|
|||||||||||||||
خلقة السماء والكون وكَذَلِكَ السَّمَاءُ والْهَوَاءُ
والرِّيَاحُ والْمَاءُ - فَانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ والْقَمَرِ والنَّبَاتِ
والشَّجَرِ - والْمَاءِ والْحَجَرِ واخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ والنَّهَارِ -
وتَفَجُّرِ هَذِه الْبِحَارِ وكَثْرَةِ هَذِه الْجِبَالِ - وطُولِ هَذِه
الْقِلَالِ (2376) وتَفَرُّقِ هَذِه
اللُّغَاتِ - والأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ - فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ
الْمُقَدِّرَ وجَحَدَ الْمُدَبِّرَ - زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا
لَهُمْ زَارِعٌ - ولَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ - ولَمْ يَلْجَئُوا (2377) إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا ادَّعَوْا - ولَا تَحْقِيقٍ لِمَا - أَوْعَوْا (2378) وهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ
جَانٍ! ----------------------------- (2376) القِلال: - جمع قلَّة بالضم - وهي رأس الجبل. (2377)
لم يلجؤوا: لم
يستندوا. (2378)
أوْعاه: كوعاه - بمعنى حفظه. |
|||||||||||||||
خلقة الجرادة
|
|||||||||||||||
خلقة الجرادة وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي الْجَرَادَةِ -
إِذْ خَلَقَ لَهَا عَيْنَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ - وأَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَيْنِ
قَمْرَاوَيْنِ (2379) - وجَعَلَ لَهَا
السَّمْعَ الْخَفِيَّ وفَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِيَّ - وجَعَلَ لَهَا
الْحِسَّ الْقَوِيَّ ونَابَيْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ - ومِنْجَلَيْنِ (2380) بِهِمَا تَقْبِضُ - يَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِي زَرْعِهِمْ - ولَا
يَسْتَطِيعُونَ ذَبَّهَا (2381) ولَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِمْ - حَتَّى
تَرِدَ الْحَرْثَ فِي نَزَوَاتِهَا (2382) وتَقْضِيَ مِنْه
شَهَوَاتِهَا - وخَلْقُهَا كُلُّه لَا يُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً. فَتَبَارَكَ اللَّه الَّذِي يَسْجُدُ لَه (مَنْ
فِي السَّماواتِ والأَرْضِ - طَوْعاً وكَرْهاً) ويُعَفِّرُ لَه
خَدّاً ووَجْهاً - ويُلْقِي إِلَيْه بِالطَّاعَةِ سِلْماً وضَعْفاً - ويُعْطِي
لَه الْقِيَادَ رَهْبَةً وخَوْفاً - فَالطَّيْرُ مُسَخَّرَةٌ لأَمْرِه - أَحْصَى
عَدَدَ الرِّيشِ مِنْهَا والنَّفَسِ - وأَرْسَى قَوَائِمَهَا عَلَى النَّدَى (2383) والْيَبَسِ - وقَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وأَحْصَى أَجْنَاسَهَا - فَهَذَا
غُرَابٌ وهَذَا عُقَابٌ - وهَذَا حَمَامٌ وهَذَا نَعَامٌ - دَعَا كُلَّ طَائِرٍ
بِاسْمِه وكَفَلَ لَه بِرِزْقِه - وأَنْشَأَ السَّحَابَ الثِّقَالَ فَأَهْطَلَ (2384) دِيَمَهَا (2385) - وعَدَّدَ
قِسَمَهَا (2386) فَبَلَّ الأَرْضَ
بَعْدَ جُفُوفِهَا - وأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا (2387). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
186 و من خطبة له في التوحيد و تجمع هذه الخطبة من أصول العلم
ما لا تجمعه خطبة :
|
|||||||||||||||
186 - ومن خطبة له عليهالسلام في التوحيد وتجمع هذه
الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة مَا وَحَّدَه مَنْ كَيَّفَه ولَا
حَقِيقَتَه أَصَابَ مَنْ مَثَّلَه - ولَا إِيَّاه عَنَى مَنْ شَبَّهَه - ولَا
صَمَدَه (2388) مَنْ أَشَارَ
إِلَيْه وتَوَهَّمَه - كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِه مَصْنُوعٌ (2389) وكُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاه مَعْلُولٌ - فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ
مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ - غَنِيٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ - لَا تَصْحَبُه
الأَوْقَاتُ ولَا تَرْفِدُه (2390) الأَدَوَاتُ -
سَبَقَ الأَوْقَاتَ كَوْنُه - والْعَدَمَ وُجُودُه والِابْتِدَاءَ أَزَلُه
بِتَشْعِيرِه الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَه (2391) - وبِمُضَادَّتِه بَيْنَ الأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَه -
وبِمُقَارَنَتِه بَيْنَ الأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَه - ضَادَّ
النُّورَ بِالظُّلْمَةِ والْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ - والْجُمُودَ بِالْبَلَلِ
والْحَرُورَ بِالصَّرَدِ (2392) - مُؤَلِّفٌ
بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُقَارِنٌ بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا - مُقَرِّبٌ
بَيْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا (2393) - لَا يُشْمَلُ بِحَدٍّ ولَا يُحْسَبُ بِعَدٍّ - وإِنَّمَا تَحُدُّ
الأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا - وتُشِيرُ الآلَاتُ إِلَى نَظَائِرِهَا مَنَعَتْهَا
مُنْذُ الْقِدْمَةَ وحَمَتْهَا قَدُ الأَزَلِيَّةَ - وجَنَّبَتْهَا لَوْلَا
التَّكْمِلَةَ (2394) بِهَا تَجَلَّى
صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ - وبِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُيُونِ - ولَا
يَجْرِي عَلَيْه السُّكُونُ والْحَرَكَةُ - وكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْه مَا هُوَ
أَجْرَاه - ويَعُودُ فِيه مَا هُوَ أَبْدَاه ويَحْدُثُ فِيه مَا هُوَ أَحْدَثَه
- إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُه (2395) ولَتَجَزَّأَ كُنْهُه
- ولَامْتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعْنَاه - ولَكَانَ لَه وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَه
أَمَامٌ - ولَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَه النُّقْصَانُ - وإِذاً
لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيه - ولَتَحَوَّلَ دَلِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ
مَدْلُولًا عَلَيْه - وخَرَجَ بِسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ (2396) - مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيه مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِه الَّذِي لَا
يَحُولُ ولَا يَزُولُ ولَا يَجُوزُ عَلَيْه الأُفُولُ (2397) - لَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْلُوداً (2398) ولَمْ يُولَدْ فَيَصِيرَ مَحْدُوداً - جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ
الأَبْنَاءِ وطَهُرَ عَنْ مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ - لَا تَنَالُه الأَوْهَامُ
فَتُقَدِّرَه ولَا تَتَوَهَّمُه الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَه - ولَا تُدْرِكُه
الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّه ولَا تَلْمِسُه الأَيْدِي فَتَمَسَّه - ولَا يَتَغَيَّرُ
بِحَالٍ ولَا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحْوَالِ - ولَا تُبْلِيه اللَّيَالِي
والأَيَّامُ ولَا يُغَيِّرُه الضِّيَاءُ والظَّلَامُ ولَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنَ
الأَجْزَاءِ (2399) - ولَا
بِالْجَوَارِحِ والأَعْضَاءِ ولَا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعْرَاضِ - ولَا
بِالْغَيْرِيَّةِ والأَبْعَاضِ - ولَا يُقَالُ لَه حَدٌّ ولَا نِهَايَةٌ ولَا
انْقِطَاعٌ ولَا غَايَةٌ - ولَا أَنَّ الأَشْيَاءَ تَحْوِيه فَتُقِلَّه (2400) أَوْ تُهْوِيَه (2401) - أَوْ أَنَّ
شَيْئاً يَحْمِلُه فَيُمِيلَه أَوْ يُعَدِّلَه - لَيْسَ فِي الأَشْيَاءِ
بِوَالِجٍ (2402) ولَا عَنْهَا
بِخَارِجٍ - يُخْبِرُ لَا بِلِسَانٍ ولَهَوَاتٍ (2403) - ويَسْمَعُ لَا بِخُرُوقٍ وأَدَوَاتٍ يَقُولُ ولَا يَلْفِظُ -
ويَحْفَظُ ولَا يَتَحَفَّظُ (2404) ويُرِيدُ ولَا
يُضْمِرُ - يُحِبُّ ويَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّةٍ - ويُبْغِضُ ويَغْضَبُ مِنْ
غَيْرِ مَشَقَّةٍ - يَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ كَوْنَه كُنْ فَيَكُونُ - لَا
بِصَوْتٍ يَقْرَعُ ولَا بِنِدَاءٍ يُسْمَعُ - وإِنَّمَا كَلَامُه سُبْحَانَه
فِعْلٌ مِنْه أَنْشَأَه ومَثَّلَه - لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَائِناً -
ولَوْ كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلَهاً ثَانِياً. لَا يُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ
يَكُنْ - فَتَجْرِيَ عَلَيْه الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ - ولَا يَكُونُ
بَيْنَهَا وبَيْنَه فَصْلٌ - ولَا لَه عَلَيْهَا فَضْلٌ فَيَسْتَوِيَ الصَّانِعُ
والْمَصْنُوعُ - ويَتَكَافَأَ الْمُبْتَدَعُ والْبَدِيعُ - خَلَقَ الْخَلَائِقَ
عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِه - ولَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهَا
بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِه - وأَنْشَأَ الأَرْضَ فَأَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ
اشْتِغَالٍ - وأَرْسَاهَا عَلَى غَيْرِ قَرَارٍ وأَقَامَهَا بِغَيْرِ قَوَائِمَ
ورَفَعَهَا بِغَيْرِ دَعَائِمَ - وحَصَّنَهَا مِنَ الأَوَدِ (2405) والِاعْوِجَاجِ - ومَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ (2406) والِانْفِرَاجِ (2407) - أَرْسَى
أَوْتَادَهَا (2408) وضَرَبَ
أَسْدَادَهَا (2409) - واسْتَفَاضَ
عُيُونَهَا وخَدَّ (2410) أَوْدِيَتَهَا -
فَلَمْ يَهِنْ (2411) مَا بَنَاه ولَا
ضَعُفَ مَا قَوَّاه هُوَ الظَّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِه وعَظَمَتِه - وهُوَ
الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِه ومَعْرِفَتِه - والْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
مِنْهَا بِجَلَالِه وعِزَّتِه - لَا يُعْجِزُه شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَه - ولَا
يَمْتَنِعُ عَلَيْه فَيَغْلِبَه - ولَا يَفُوتُه السَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَه
- ولَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَالٍ فَيَرْزُقَه - خَضَعَتِ الأَشْيَاءُ لَه
وذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِه - لَا تَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنْ
سُلْطَانِه إِلَى غَيْرِه - فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِه وضَرِّه - ولَا كُفْءَ
لَه فَيُكَافِئَه - ولَا نَظِيرَ لَه فَيُسَاوِيَه - هُوَ الْمُفْنِي لَهَا
بَعْدَ وُجُودِهَا - حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا. ولَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ
ابْتِدَاعِهَا - بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا واخْتِرَاعِهَا - وكَيْفَ ولَوِ
اجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوَانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وبَهَائِمِهَا - ومَا كَانَ مِنْ
مُرَاحِهَا (2412) وسَائِمِهَا (2413) - وأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا (2414) وأَجْنَاسِهَا -
ومُتَبَلِّدَةِ (2415) أُمَمِهَا
وأَكْيَاسِهَا (2416) - عَلَى إِحْدَاثِ
بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَى إِحْدَاثِهَا - ولَا عَرَفَتْ كَيْفَ السَّبِيلُ
إِلَى إِيجَادِهَا - ولَتَحَيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذَلِكَ وتَاهَتْ -
وعَجَزَتْ قُوَاهَا وتَنَاهَتْ - ورَجَعَتْ خَاسِئَةً (2417) حَسِيرَةً (2418) - عَارِفَةً
بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا - مُذْعِنَةً
بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا! وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَعُودُ بَعْدَ
فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَه لَا شَيْءَ مَعَه - كَمَا كَانَ قَبْلَ
ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا - بِلَا وَقْتٍ ولَا مَكَانٍ
ولَا حِينٍ ولَا زَمَانٍ - عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الآجَالُ والأَوْقَاتُ -
وزَالَتِ السِّنُونَ والسَّاعَاتُ - فَلَا شَيْءَ (إِلَّا
الله الْواحِدُ الْقَهَّارُ) - الَّذِي إِلَيْه
مَصِيرُ جَمِيعِ الأُمُورِ - بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا
- وبِغَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا - ولَوْ قَدَرَتْ عَلَى
الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا - لَمْ يَتَكَاءَدْه (2419) صُنْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَه - ولَمْ يَؤُدْه (2420) مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَه وبَرَأَه (2421) - ولَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ - ولَا لِخَوْفٍ مِنْ
زَوَالٍ ونُقْصَانٍ - ولَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ (2422) مُكَاثِرٍ (2423) - ولَا
لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ (2424) - ولَا لِلِازْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِه - ولَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ
فِي شِرْكِه - ولَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْه - فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ
إِلَيْهَا. ثُمَّ هُوَ يُفْنِيهَا بَعْدَ
تَكْوِينِهَا - لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيْه فِي تَصْرِيفِهَا وتَدْبِيرِهَا -
ولَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَيْه - ولَا لِثِقَلِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْه - لَا
يُمِلُّه طُولُ بَقَائِهَا فَيَدْعُوَه إِلَى سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا - ولَكِنَّه
سُبْحَانَه دَبَّرَهَا بِلُطْفِه - وأَمْسَكَهَا بِأَمْرِه وأَتْقَنَهَا
بِقُدْرَتِه - ثُمَّ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْه
إِلَيْهَا - ولَا اسْتِعَانَةٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهَا - ولَا لِانْصِرَافٍ
مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَى حَالِ اسْتِئْنَاسٍ - ولَا مِنْ حَالِ جَهْلٍ وعَمًى
إِلَى حَالِ عِلْمٍ والْتِمَاسٍ - ولَا مِنْ فَقْرٍ وحَاجَةٍ إِلَى غِنًى
وكَثْرَةٍ - ولَا مِنْ ذُلٍّ وضَعَةٍ إِلَى عِزٍّ وقُدْرَةٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
187 و من خطبة له و هي في ذكر الملاحم :
|
|||||||||||||||
187 - ومن خطبة له عليهالسلام وهي في ذكر الملاحم أَلَا بِأَبِي وأُمِّي هُمْ مِنْ عِدَّةٍ
- أَسْمَاؤُهُمْ فِي السَّمَاءِ مَعْرُوفَةٌ وفِي الأَرْضِ مَجْهُولَةٌ - أَلَا
فَتَوَقَّعُوا مَا يَكُونُ مِنْ إِدْبَارِ أُمُورِكُمْ - وانْقِطَاعِ وُصَلِكُمْ
واسْتِعْمَالِ صِغَارِكُمْ - ذَاكَ حَيْثُ تَكُونُ ضَرْبَةُ السَّيْفِ عَلَى
الْمُؤْمِنِ - أَهْوَنَ مِنَ الدِّرْهَمِ مِنْ حِلِّه - ذَاكَ حَيْثُ يَكُونُ
الْمُعْطَى أَعْظَمَ أَجْراً مِنَ الْمُعْطِي - ذَاكَ حَيْثُ تَسْكَرُونَ مِنْ
غَيْرِ شَرَابٍ - بَلْ مِنَ النِّعْمَةِ والنَّعِيمِ - وتَحْلِفُونَ مِنْ غَيْرِ
اضْطِرَارٍ - وتَكْذِبُونَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَاجٍ (2425) - ذَاكَ إِذَا عَضَّكُمُ الْبَلَاءُ كَمَا يَعَضُّ الْقَتَبُ (2426) غَارِبَ الْبَعِيرِ (2427) - مَا أَطْوَلَ
هَذَا الْعَنَاءَ وأَبْعَدَ هَذَا الرَّجَاءَ. أَيُّهَا النَّاسُ أَلْقُوا هَذِه
الأَزِمَّةَ (2428) - الَّتِي
تَحْمِلُ ظُهُورُهَا الأَثْقَالَ مِنْ أَيْدِيكُمْ - ولَا تَصَدَّعُوا (2429) عَلَى سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا غِبَّ فِعَالِكُمْ - ولَا
تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ (2430) الْفِتْنَةِ - وأَمِيطُوا عَنْ سَنَنِهَا (2431) وخَلُّوا قَصْدَ السَّبِيلِ (2432) لَهَا - فَقَدْ لَعَمْرِي يَهْلِكُ فِي لَهَبِهَا الْمُؤْمِنُ -
ويَسْلَمُ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْلِمِ. إِنَّمَا مَثَلِي بَيْنَكُمْ كَمَثَلِ
السِّرَاجِ فِي الظُّلْمَةِ - يَسْتَضِيءُ بِه مَنْ وَلَجَهَا - فَاسْمَعُوا
أَيُّهَا النَّاسُ - وعُوا وأَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
188 و من خطبة له في الوصية بأمور :
|
|||||||||||||||
التقوى
|
|||||||||||||||
188 - ومن خطبة له عليهالسلام في الوصية بأمور التقوى أُوصِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِتَقْوَى
اللَّه - وكَثْرَةِ حَمْدِه عَلَى آلَائِه إِلَيْكُمْ - ونَعْمَائِه عَلَيْكُمْ
وبَلَائِه (2433) لَدَيْكُمْ -
فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ وتَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ - أَعْوَرْتُمْ (2434) لَه فَسَتَرَكُمْ وتَعَرَّضْتُمْ لأَخْذِه (2435) فَأَمْهَلَكُمْ! |
|||||||||||||||
الموت
|
|||||||||||||||
الموت وأُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ
وإِقْلَالِ الْغَفْلَةِ عَنْه - وكَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ
يُغْفِلُكُمْ (2436) - وطَمَعُكُمْ
فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ - فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ -
حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ - وأُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ
نَازِلِينَ - فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً - وكَأَنَّ
الآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً - أَوْحَشُوا مَا كَانُوا يُوطِنُونَ (2437) - وأَوْطَنُوا مَا كَانُوا يُوحِشُونَ (2438) - واشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا - وأَضَاعُوا مَا إِلَيْه انْتَقَلُوا
– لَا عَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ انْتِقَالًا - ولَا فِي حَسَنٍ
يَسْتَطِيعُونَ ازْدِيَاداً - أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ - ووَثِقُوا
بِهَا فَصَرَعَتْهُمْ. |
|||||||||||||||
سرعة النفاد
|
|||||||||||||||
سرعة النفاد فَسَابِقُوا رَحِمَكُمُ اللَّه إِلَى
مَنَازِلِكُمُ - الَّتِي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا - والَّتِي رَغِبْتُمْ
فِيهَا ودُعِيتُمْ إِلَيْهَا - واسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّه عَلَيْكُمْ
بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِه - والْمُجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِه - فَإِنَّ غَداً
مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ - مَا أَسْرَعَ السَّاعَاتِ فِي الْيَوْمِ - وأَسْرَعَ
الأَيَّامَ فِي الشَّهْرِ - وأَسْرَعَ الشُّهُورَ فِي السَّنَةِ - وأَسْرَعَ
السِّنِينَ فِي الْعُمُرِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
189 و من كلام له في الإيمان و وجوب الهجرة :
|
|||||||||||||||
أقسام الإيمان
|
|||||||||||||||
189 - ومن كلام له عليهالسلام في الإيمان ووجوب الهجرة أقسام الإيمان فَمِنَ الإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً
مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ - ومِنْه مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ (2439) بَيْنَ الْقُلُوبِ والصُّدُورِ - إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ - فَإِذَا
كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَدٍ فَقِفُوه - حَتَّى يَحْضُرَه الْمَوْتُ -
فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حَدُّ الْبَرَاءَةِ. |
|||||||||||||||
وجوب الهجرة
|
|||||||||||||||
وجوب الهجرة والْهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا
الأَوَّلِ (2440) - مَا كَانَ
لِلَّه فِي أَهْلِ الأَرْضِ حَاجَةٌ - مِنْ مُسْتَسِرِّ (2441) الإِمَّةِ (2442) ومُعْلِنِهَا -
لَا يَقَعُ اسْمُ الْهِجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ - إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الْحُجَّةِ
فِي الأَرْضِ - فَمَنْ عَرَفَهَا وأَقَرَّ بِهَا فَهُوَ مُهَاجِرٌ - ولَا يَقَعُ
اسْمُ الِاسْتِضْعَافِ عَلَى مَنْ بَلَغَتْه الْحُجَّةُ - فَسَمِعَتْهَا أُذُنُه
ووَعَاهَا قَلْبُه. |
|||||||||||||||
صعوبة الإيمان
|
|||||||||||||||
صوبة الإيمان إِنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا
يَحْمِلُه إِلَّا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ - امْتَحَنَ اللَّه قَلْبَه لِلإِيمَانِ -
ولَا يَعِي حَدِيثَنَا إِلَّا صُدُورٌ أَمِينَةٌ وأَحْلَامٌ (2443) رَزِينَةٌ. |
|||||||||||||||
علم الوصي
|
|||||||||||||||
علم الوصي أَيُّهَا النَّاسُ سَلُونِي قَبْلَ أَنْ
تَفْقِدُونِي - فَلأَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الأَرْضِ
- قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ (2444) بِرِجْلِهَا
فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطَامِهَا (2445) - وتَذْهَبُ
بِأَحْلَامِ قَوْمِهَا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
190 و من خطبة له
يحمد اللّه و يثني على نبيه و يعظ بالتقوى :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
190 - ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه ويثني على نبيه
ويعظ بالتقوى حمد اللَّه أَحْمَدُه شُكْراً لإِنْعَامِه -
وأَسْتَعِينُه عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِه - عَزِيزَ الْجُنْدِ عَظِيمَ الْمَجْدِ. |
|||||||||||||||
الثناء على النبي
|
|||||||||||||||
الثناء على النبي وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه
ورَسُولُه - دَعَا إِلَى طَاعَتِه وقَاهَرَ أَعْدَاءَه جِهَاداً عَنْ دِينِه -
لَا يَثْنِيه عَنْ ذَلِكَ اجْتِمَاعٌ عَلَى تَكْذِيبِه - والْتِمَاسٌ لإِطْفَاءِ
نُورِه. |
|||||||||||||||
العظة بالتقوى
|
|||||||||||||||
العظة بالتقوى فَاعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اللَّه فَإِنَّ
لَهَا حَبْلًا وَثِيقاً عُرْوَتُه - ومَعْقِلًا (2446) مَنِيعاً ذِرْوَتُه (2447) - وبَادِرُوا (2448) الْمَوْتَ وغَمَرَاتِه (2449) وامْهَدُوا (2450) لَه قَبْلَ حُلُولِه - وأَعِدُّوا لَه قَبْلَ نُزُولِه فَإِنَّ
الْغَايَةَ الْقِيَامَةُ - وكَفَى بِذَلِكَ وَاعِظاً لِمَنْ عَقَلَ ومُعْتَبَراً
لِمَنْ جَهِلَ - وقَبْلَ بُلُوغِ الْغَايَةِ مَا تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ
الأَرْمَاسِ (2451) - وشِدَّةِ
الإِبْلَاسِ (2452) وهَوْلِ
الْمُطَّلَعِ (2453) - ورَوْعَاتِ
الْفَزَعِ واخْتِلَافِ الأَضْلَاعِ (2454) - واسْتِكَاكِ
الأَسْمَاعِ (2455) وظُلْمَةِ
اللَّحْدِ (2456) - وخِيفَةِ
الْوَعْدِ وغَمِّ الضَّرِيحِ ورَدْمِ الصَّفِيحِ (2457). فَاللَّه اللَّه عِبَادَ اللَّه - فَإِنَّ
الدُّنْيَا مَاضِيَةٌ بِكُمْ عَلَى سَنَنٍ (2458) - وأَنْتُمْ والسَّاعَةُ فِي قَرَنٍ (2459) - وكَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ بِأَشْرَاطِهَا (2460) وأَزِفَتْ (2461) بِأَفْرَاطِهَا (2462) - ووَقَفَتْ بِكُمْ عَلَى صِرَاطِهَا وكَأَنَّهَا قَدْ أَشْرَفَتْ
بِزَلَازِلِهَا - وأَنَاخَتْ بِكَلَاكِلِهَا (2463) وانْصَرَمَتِ (2464) الدُّنْيَا
بِأَهْلِهَا - وأَخْرَجَتْهُمْ مِنْ حِضْنِهَا - فَكَانَتْ كَيَوْمٍ مَضَى أَوْ
شَهْرٍ انْقَضَى – وصَارَ جَدِيدُهَا رَثّاً (2465) وسَمِينُهَا غَثّاً (2466) - فِي مَوْقِفٍ
ضَنْكِ الْمَقَامِ وأُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ - ونَارٍ شَدِيدٍ كَلَبُهَا (2467) عَالٍ لَجَبُهَا (2468) - سَاطِعٍ
لَهَبُهَا مُتَغَيِّظٍ (2469) زَفِيرُهَا (2470) - مُتَأَجِّجٍ سَعِيرُهَا بَعِيدٍ خُمُودُهَا - ذَاكٍ (2471) وُقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِيدُهَا - عَمٍ قَرَارُهَا (2472) مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا - حَامِيَةٍ قُدُورُهَا فَظِيعَةٍ أُمُورُهَا
- (وسِيقَ
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) - قَدْ أُمِنَ
الْعَذَابُ وانْقَطَعَ الْعِتَابُ - وزُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ واطْمَأَنَّتْ بِهِمُ
الدَّارُ - ورَضُوا الْمَثْوَى والْقَرَارَ - الَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ
فِي الدُّنْيَا زَاكِيَةً - وأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً - وكَانَ لَيْلُهُمْ فِي
دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً واسْتِغْفَارًا - وكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلًا
تَوَحُّشاً (2473) وانْقِطَاعاً -
فَجَعَلَ اللَّه لَهُمُ الْجَنَّةَ مَآباً والْجَزَاءَ ثَوَاباً - (وكانُوا
أَحَقَّ بِها وأَهْلَها) - فِي مُلْكٍ
دَائِمٍ ونَعِيمٍ قَائِمٍ. فَارْعَوْا عِبَادَ اللَّه مَا
بِرِعَايَتِه يَفُوزُ فَائِزُكُمْ - وبِإِضَاعَتِه يَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ -
وبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ - فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا
أَسْلَفْتُمْ - ومَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ - وكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ
الْمَخُوفُ - فَلَا رَجْعَةً تَنَالُونَ ولَا عَثْرَةً تُقَالُونَ -
اسْتَعْمَلَنَا اللَّه وإِيَّاكُمْ بِطَاعَتِه وطَاعَةِ رَسُولِه - وعَفَا
عَنَّا وعَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِه. الْزَمُوا الأَرْضَ (2474) واصْبِرُوا عَلَى الْبَلَاءِ - ولَا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ
وسُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ - ولَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ
يُعَجِّلْه اللَّه لَكُمْ. فَإِنَّه مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى
فِرَاشِه - وهُوَ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّه - وحَقِّ رَسُولِه وأَهْلِ
بَيْتِه مَاتَ شَهِيداً - و (وَقَعَ
أَجْرُه عَلَى الله) - واسْتَوْجَبَ
ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِه - وقَامَتِ النِّيَّةُ مَقَامَ
إِصْلَاتِه(2475) لِسَيْفِه -
فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مُدَّةً وأَجَلًا. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
191 و من خطبة له يحمد اللّه و يثني على نبيه و يوصي بالزهد و
التقوى :
|
|||||||||||||||
191 - ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه ويثني على نبيه
ويوصي بالزهد والتقوى الْحَمْدُ لِلَّه الْفَاشِي (2476) فِي الْخَلْقِ حَمْدُه - والْغَالِبِ جُنْدُه والْمُتَعَالِي جَدُّه (2477) - أَحْمَدُه عَلَى نِعَمِه التُّؤَامِ (2478) وآلَائِه الْعِظَامِ - الَّذِي عَظُمَ حِلْمُه فَعَفَا وعَدَلَ فِي
كُلِّ مَا قَضَى - وعَلِمَ مَا يَمْضِي ومَا مَضَى - مُبْتَدِعِ الْخَلَائِقِ
بِعِلْمِه ومُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِه (2479) - بِلَا
اقْتِدَاءٍ ولَا تَعْلِيمٍ - ولَا احْتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَكِيمٍ - ولَا
إِصَابَةِ خَطَإٍ ولَا حَضْرَةِ مَلإٍ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه
ورَسُولُه - ابْتَعَثَه والنَّاسُ يَضْرِبُونَ فِي غَمْرَةٍ (2480) - ويَمُوجُونَ فِي حَيْرَةٍ قَدْ قَادَتْهُمْ أَزِمَّةُ (2481) الْحَيْنِ (2482) - واسْتَغْلَقَتْ
عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ أَقْفَالُ الرَّيْنِ (2483)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الوصية بالزهد و التقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالزهد والتقوى عِبَادَ اللَّه أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى
اللَّه - فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّه عَلَيْكُمْ - والْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّه
حَقَّكُمْ وأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّه - وتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى
اللَّه - فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ والْجُنَّةُ - وفِي غَدٍ
الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ - مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ وسَالِكُهَا رَابِحٌ
ومُسْتَوْدَعُهَا (2484) حَافِظٌ - لَمْ
تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الأُمَمِ الْمَاضِينَ مِنْكُمْ -
والْغَابِرِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا غَداً - إِذَا أَعَادَ اللَّه مَا
أَبْدَى - وأَخَذَ مَا أَعْطَى وسَأَلَ عَمَّا أَسْدَى (2485) - فَمَا أَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا وحَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا -
أُولَئِكَ الأَقَلُّونَ عَدَداً - وهُمْ أَهْلُ صِفَةِ اللَّه سُبْحَانَه إِذْ
يَقُولُ - (وقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) - فَأَهْطِعُوا (2486) بِأَسْمَاعِكُمْ إِلَيْهَا وأَلِظُّوا (2487) بِجِدِّكُمْ عَلَيْهَا - واعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَفٍ خَلَفاً -
ومِنْ كُلِّ مُخَالِفٍ مُوَافِقاً - أَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ واقْطَعُوا
بِهَا يَوْمَكُمْ - وأَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ وارْحَضُوا (2488) بِهَا ذُنُوبَكُمْ - ودَاوُوا بِهَا الأَسْقَامَ وبَادِرُوا بِهَا
الْحِمَامَ - واعْتَبِرُوا بِمَنْ أَضَاعَهَا ولَا يَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ
أَطَاعَهَا - أَلَا فَصُونُوهَا وتَصَوَّنُوا (2489) بِهَا - وكُونُوا عَنِ الدُّنْيَا نُزَّاهاً (2490) - وإِلَى الآخِرَةِ وُلَّاهاً (2491) - ولَا تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْه التَّقْوَى - ولَا تَرْفَعُوا مَنْ
رَفَعَتْه الدُّنْيَا - ولَا تَشِيمُوا (2492) بَارِقَهَا (2493) ولَا تَسْمَعُوا
نَاطِقَهَا - ولَا تُجِيبُوا نَاعِقَهَا ولَا تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا -
ولَا تُفْتَنُوا بِأَعْلَاقِهَا (2494) - فَإِنَّ
بَرْقَهَا خَالِبٌ (2495) ونُطْقَهَا
كَاذِبٌ - وأَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ (2496) وأَعْلَاقَهَا مَسْلُوبَةٌ - أَلَا وهِيَ الْمُتَصَدِّيَةُ (2497) الْعَنُونُ (2498) والْجَامِحَةُ
الْحَرُونُ (2499) - والْمَائِنَةُ
الْخَئُونُ (2500) والْجَحُودُ
الْكَنُودُ (2501) - والْعَنُودُ
الصَّدُودُ (2502) والْحَيُودُ
الْمَيُودُ (2503) - حَالُهَا
انْتِقَالٌ ووَطْأَتُهَا زِلْزَالٌ - وعِزُّهَا ذُلٌّ وجِدُّهَا هَزْلٌ
وعُلْوُهَا سُفْلٌ - دَارُ حَرَبٍ (2504) وسَلَبٍ ونَهْبٍ
وعَطَبٍ - أَهْلُهَا عَلَى سَاقٍ وسِيَاقٍ (2505) ولَحَاقٍ وفِرَاقٍ (2506) - قَدْ تَحَيَّرَتْ
مَذَاهِبُهَا (2507) وأَعْجَزَتْ
مَهَارِبُهَا (2508) - وخَابَتْ
مَطَالِبُهَا فَأَسْلَمَتْهُمُ الْمَعَاقِلُ - ولَفَظَتْهُمُ الْمَنَازِلُ
وأَعْيَتْهُمُ الْمَحَاوِلُ (2509) - فَمِنْ نَاجٍ
مَعْقُورٍ (2510) ولَحْمٍ مَجْزُورٍ
(2511) - وشِلْوٍ (2512) مَذْبُوحٍ ودَمٍ مَسْفُوحٍ (2513) - وعَاضٍّ عَلَى
يَدَيْه وصَافِقٍ بِكَفَّيْه - ومُرْتَفِقٍ بِخَدَّيْه (2514) وزَارٍ (2515) عَلَى رَأْيِه -
ورَاجِعٍ عَنْ عَزْمِه - وقَدْ أَدْبَرَتِ الْحِيلَةُ وأَقْبَلَتِ الْغِيلَةُ (2516) - ولَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (2517) هَيْهَاتَ
هَيْهَاتَ - قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ وذَهَبَ مَا ذَهَبَ - ومَضَتِ الدُّنْيَا
لِحَالِ بَالِهَا (2518) - (فَما
بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأَرْضُ وما كانُوا مُنْظَرِينَ) (2519). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
192 و من خطبة له تسمى القاصعة و هي تتضمن ذم إبليس لعنه اللّه.....
و تحذير الناس من سلوك طريقته :
|
|||||||||||||||
192 - ومن خطبة له عليهالسلام تسمى القاصعة (2520) وهي تتضمن ذم إبليس
لعنه اللَّه على استكباره وتركه السجود لآدم عليهالسلام وأنه أول من أظهر
العصبية (2521) وتبع الحمية
وتحذير الناس من سلوك طريقته. الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ
والْكِبْرِيَاءَ - واخْتَارَهُمَا لِنَفْسِه دُونَ خَلْقِه - وجَعَلَهُمَا حِمًى
(2522) وحَرَماً عَلَى
غَيْرِه - واصْطَفَاهُمَا (2523) لِجَلَالِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
رأس العصيان
|
|||||||||||||||
رأس العصيان وجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَه
فِيهِمَا مِنْ عِبَادِه - ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَه
الْمُقَرَّبِينَ - لِيَمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ
الْمُسْتَكْبِرِينَ - فَقَالَ سُبْحَانَه وهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ
الْقُلُوبِ - ومَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ (إِنِّي
خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ - فَإِذا سَوَّيْتُه ونَفَخْتُ فِيه مِنْ رُوحِي
فَقَعُوا لَه ساجِدِينَ - فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا
إِبْلِيسَ) - اعْتَرَضَتْه الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ
عَلَى آدَمَ بِخَلْقِه - وتَعَصَّبَ عَلَيْه لأَصْلِه - فَعَدُوُّ اللَّه
إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ وسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ - الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ
الْعَصَبِيَّةِ ونَازَعَ اللَّه رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ - وادَّرَعَ لِبَاسَ
التَّعَزُّزِ وخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ. أَلَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَه اللَّه
بِتَكَبُّرِه - ووَضَعَه بِتَرَفُّعِه فَجَعَلَه فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً -
وأَعَدَّ لَه فِي الآخِرَةِ سَعِيراً! |
|||||||||||||||
ابتلاء اللّه لخلقه
|
|||||||||||||||
ابتلاء اللَّه لخلقه ولَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ
مِنْ نُورٍ - يَخْطَفُ الأَبْصَارَ ضِيَاؤُه ويَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُه (2524) - وطِيبٍ يَأْخُذُ الأَنْفَاسَ عَرْفُه (2525) لَفَعَلَ - ولَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَه الأَعْنَاقُ خَاضِعَةً -
ولَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيه عَلَى الْمَلَائِكَةِ. ولَكِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَبْتَلِي
خَلْقَه بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَه - تَمْيِيزاً بِالِاخْتِبَارِ لَهُمْ
ونَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ - وإِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ. ----------------------------- (2524) الرُوَاء: - بضم ففتح - حسن المنظر (2525)
العَرْف: - بالفتح - الرائحة. |
|||||||||||||||
طلب العبرة
|
|||||||||||||||
طلب العبرة فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ
اللَّه بِإِبْلِيسَ - إِذْ أَحْبَطَ (2526) عَمَلَه
الطَّوِيلَ وجَهْدَه الْجَهِيدَ - وكَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّه سِتَّةَ آلَافِ
سَنَةٍ - لَا يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الآخِرَةِ - عَنْ
كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ - فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّه
بِمِثْلِ مَعْصِيَتِه - كَلَّا مَا كَانَ اللَّه سُبْحَانَه لِيُدْخِلَ
الْجَنَّةَ بَشَراً - بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِه مِنْهَا مَلَكاً - إِنَّ حُكْمَه
فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وأَهْلِ الأَرْضِ لَوَاحِدٌ - ومَا بَيْنَ اللَّه وبَيْنَ
أَحَدٍ مِنْ خَلْقِه هَوَادَةٌ (2527) - فِي إِبَاحَةِ
حِمًى حَرَّمَه عَلَى الْعَالَمِينَ. ----------------------------- (2526) أحبَطَ عَمَلَه: أضاع عمله. (2527) الهَوَادة: - بالفتح - اللين والرخصة. |
|||||||||||||||
التحذير من الشيطان
|
|||||||||||||||
التحذير من الشيطان فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّه عَدُوَّ
اللَّه أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِه (2528) - وأَنْ
يَسْتَفِزَّكُمْ (2529) بِنِدَائِه وأَنْ
يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِه ورَجِلِه (2530) - فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ (2531) لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ - وأَغْرَقَ (2532) إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ (2533) الشَّدِيدِ -
ورَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ - فَقَالَ (رَبِّ
بِما أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ - ولأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ) - قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ ورَجْماً
بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ - صَدَّقَه بِه أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وإِخْوَانُ
الْعَصَبِيَّةِ - وفُرْسَانُ الْكِبْرِ والْجَاهِلِيَّةِ - حَتَّى إِذَا
انْقَادَتْ لَه الْجَامِحَةُ (2534) مِنْكُمْ -
واسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَّةُ (2535) مِنْه فِيكُمْ -
فَنَجَمَتِ (2536) الْحَالُ مِنَ
السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الأَمْرِ الْجَلِيِّ - اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُه
عَلَيْكُمْ - ودَلَفَ (2537) بِجُنُودِه
نَحْوَكُمْ - فَأَقْحَمُوكُمْ (2538) وَلَجَاتِ (2539) الذُّلِّ - وأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ - وأَوْطَئُوكُمْ (2540) إِثْخَانَ (2541) الْجِرَاحَةِ
طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ - وحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ودَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ -
وقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وسَوْقاً بِخَزَائِمِ (2542) الْقَهْرِ - إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ - فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ
فِي دِينِكُمْ حَرْجاً - وأَوْرَى (2543) فِي دُنْيَاكُمْ
قَدْحاً - مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ (2544) وعَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ (2545) - فَاجْعَلُوا عَلَيْه حَدَّكُمْ (2546) ولَه جِدَّكُمْ (2547) - فَلَعَمْرُ
اللَّه لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ - ووَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ ودَفَعَ فِي
نَسَبِكُمْ - وأَجْلَبَ بِخَيْلِه عَلَيْكُمْ وقَصَدَ بِرَجِلِه سَبِيلَكُمْ -
يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ ويَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ (2548) - لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ ولَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ - فِي
حَوْمَةِ ذُلٍّ (2549) وحَلْقَةِ ضِيقٍ -
وعَرْصَةِ مَوْتٍ وجَوْلَةِ بَلَاءٍ - فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ
- مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ - فَإِنَّمَا تِلْكَ
الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ - مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ
ونَخَوَاتِه (2550) ونَزَغَاتِه (2551) ونَفَثَاتِه (2552) - واعْتَمِدُوا
وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ - وإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ
أَقْدَامِكُمْ - وخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ - واتَّخِذُوا
التَّوَاضُعَ - مَسْلَحَةً (2553) بَيْنَكُمْ
وبَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وجُنُودِه - فَإِنَّ لَه مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
جُنُوداً وأَعْوَاناً - ورَجِلًا وفُرْسَاناً - ولَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ
عَلَى ابْنِ أُمِّه - مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَه اللَّه فِيه - سِوَى مَا
أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِه مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ - وقَدَحَتِ
الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِه مِنْ نَارِ الْغَضَبِ - ونَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي
أَنْفِه مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ - الَّذِي أَعْقَبَه اللَّه بِه النَّدَامَةَ -
وأَلْزَمَه آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
التحذير من الكبر
|
|||||||||||||||
التحذير من الكبر أَلَا وقَدْ أَمْعَنْتُمْ (2554) فِي الْبَغْيِ وأَفْسَدْتُمْ فِي الأَرْضِ - مُصَارَحَةً (2555) لِلَّه بِالْمُنَاصَبَةِ - ومُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
بِالْمُحَارَبَةِ - فَاللَّه اللَّه فِي كِبْرِ الْحَمِيَّةِ وفَخْرِ
الْجَاهِلِيَّةِ - فَإِنَّه مَلَاقِحُ (2556) الشَّنَئَانِ (2557) ومَنَافِخُ
الشَّيْطَانِ - الَّتِي خَدَعَ بِهَا الأُمَمَ الْمَاضِيَةَ والْقُرُونَ
الْخَالِيَةَ - حَتَّى أَعْنَقُوا (2558) فِي حَنَادِسِ (2559) جَهَالَتِه ومَهَاوِي (2560) ضَلَالَتِه -
ذُلُلًا (2561) عَنْ سِيَاقِه
سُلُساً (2562) فِي قِيَادِه -
أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيه وتَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْه -
وكِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
التحذير من طاعة الكبراء
|
|||||||||||||||
التحذير من طاعة الكبراء أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ
سَادَاتِكُمْ وكُبَرَائِكُمْ - الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ
وتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ - وأَلْقَوُا الْهَجِينَةَ (2563) عَلَى رَبِّهِمْ وجَاحَدُوا اللَّه عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ -
مُكَابَرَةً لِقَضَائِه ومُغَالَبَةً لِآلَائِه (2564) - فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ - ودَعَائِمُ
أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وسُيُوفُ اعْتِزَاءِ (2565) الْجَاهِلِيَّةِ - فَاتَّقُوا اللَّه ولَا تَكُونُوا لِنِعَمِه
عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً - ولَا لِفَضْلِه عِنْدَكُمْ حُسَّاداً - ولَا تُطِيعُوا
الأَدْعِيَاءَ (2566) الَّذِينَ
شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ (2567) - وخَلَطْتُمْ
بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وأَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ - وهُمْ
أَسَاسُ (2568) الْفُسُوقِ
وأَحْلَاسُ الْعُقُوقِ (2569) - اتَّخَذَهُمْ
إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلَالٍ - وجُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ -
وتَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ - اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ
ودُخُولًا فِي عُيُونِكُمْ - ونَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ - فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى
نَبْلِه (2570) ومَوْطِئَ قَدَمِه
ومَأْخَذَ يَدِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
العبرة بالماضين
|
|||||||||||||||
العبرة بالماضين فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الأُمَمَ
الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ - مِنْ بَأْسِ اللَّه وصَوْلَاتِه ووَقَائِعِه
ومَثُلَاتِه (2571) - واتَّعِظُوا
بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ (2572) ومَصَارِعِ
جُنُوبِهِمْ (2573) - واسْتَعِيذُوا
بِاللَّه مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ (2574) - كَمَا
تَسْتَعِيذُونَه مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ فَلَوْ رَخَّصَ اللَّه فِي الْكِبْرِ
لأَحَدٍ مِنْ عِبَادِه - لَرَخَّصَ فِيه لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِه -
وأَوْلِيَائِه ولَكِنَّه سُبْحَانَه كَرَّه إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ - ورَضِيَ
لَهُمُ التَّوَاضُعَ - فَأَلْصَقُوا بِالأَرْضِ خُدُودَهُمْ - وعَفَّرُوا فِي
التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ - وخَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ - وكَانُوا
قَوْماً مُسْتَضْعَفِينَ - قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّه بِالْمَخْمَصَةِ (2575) وابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ (2576) - وامْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ ومَخَضَهُمْ (2577) بِالْمَكَارِه - فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى والسُّخْطَ بِالْمَالِ
والْوَلَدِ - جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ - والِاخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ
الْغِنَى والِاقْتِدَارِ - فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَه وتَعَالَى - (أَيَحْسَبُونَ
أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِه مِنْ مالٍ وبَنِينَ - نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ
بَلْ لا يَشْعُرُونَ) فَإِنَّ اللَّه
سُبْحَانَه يَخْتَبِرُ عِبَادَه الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ -
بِأَوْلِيَائِه الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ – -----------------------------
. |
|||||||||||||||
تواضع الأنبياء
|
|||||||||||||||
تواضع الأنبياء ولَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ
ومَعَه أَخُوه هَارُونُ عليهالسلام - عَلَى فِرْعَوْنَ
وعَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ - وبِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَه
إِنْ أَسْلَمَ - بَقَاءَ مُلْكِه ودَوَامَ عِزِّه - فَقَالَ أَلَا تَعْجَبُونَ
مِنْ هَذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ - وبَقَاءَ الْمُلْكِ - وهُمَا
بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ والذُّلِّ - فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا
أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ - إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وجَمْعِه - واحْتِقَاراً
لِلصُّوفِ ولُبْسِه - ولَوْ أَرَادَ اللَّه سُبْحَانَه لأَنْبِيَائِه - حَيْثُ
بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ (2578) - ومَعَادِنَ الْعِقْيَانِ (2579) ومَغَارِسَ
الْجِنَانِ - وأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ووُحُوشَ الأَرَضِينَ
- لَفَعَلَ - ولَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ (2580) وبَطَلَ الْجَزَاءُ واضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ ولَمَا وَجَبَ
لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ - ولَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ
ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ - ولَا لَزِمَتِ الأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا - ولَكِنَّ
اللَّه سُبْحَانَه جَعَلَ رُسُلَه أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ - وضَعَفَةً
فِيمَا تَرَى الأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ - مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلأُ الْقُلُوبَ
والْعُيُونَ غِنًى - وخَصَاصَةٍ (2581) تَمْلأُ
الأَبْصَارَ والأَسْمَاعَ أَذًى ولَوْ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا
تُرَامُ وعِزَّةٍ لَا تُضَامُ - ومُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَه أَعْنَاقُ الرِّجَالِ
وتُشَدُّ إِلَيْه عُقَدُ الرِّحَالِ - لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ
فِي الِاعْتِبَارِ - وأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ - ولَآمَنُوا عَنْ
رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ - فَكَانَتِ
النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً والْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً - ولَكِنَّ اللَّه
سُبْحَانَه أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِه - والتَّصْدِيقُ
بِكُتُبِه والْخُشُوعُ لِوَجْهِه - والِاسْتِكَانَةُ لأَمْرِه والِاسْتِسْلَامُ
لِطَاعَتِه - أُمُوراً لَه خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ
وكُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى والِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ - كَانَتِ الْمَثُوبَةُ
والْجَزَاءُ أَجْزَلَ – ----------------------------- (2579) العِقْيَان: نوع من الذهب ينمو في معدنه. (2580) سَقْط البَلاء: أي الامتحان الذي به يتميز الخبيث
من الطيب. (2581) خَصَاصة: فقر وحاجة. |
|||||||||||||||
الكعبة المقدسة
|
|||||||||||||||
الكعبة المقدسة أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّه سُبْحَانَه
اخْتَبَرَ - الأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صلىاللهعليهوآله إِلَى
الآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ - بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ ولَا
تُبْصِرُ ولَا تَسْمَعُ - فَجَعَلَهَا بَيْتَه الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَه
لِلنَّاسِ قِيَاماً – ثُمَّ وَضَعَه بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الأَرْضِ حَجَراً -
وأَقَلِّ نَتَائِقِ (2582) الدُّنْيَا
مَدَراً (2583) - وأَضْيَقِ
بُطُونِ الأَوْدِيَةِ قُطْراً - بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ ورِمَالٍ دَمِثَةٍ (2584) - وعُيُونٍ وَشِلَةٍ (2585) وقُرًى
مُنْقَطِعَةٍ - لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ ولَا حَافِرٌ ولَا ظِلْفٌ (2586) - ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عليهالسلام ووَلَدَه أَنْ
يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ (2587) نَحْوَه - فَصَارَ
مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ (2588) أَسْفَارِهِمْ
وغَايَةً لِمُلْقَى (2589) رِحَالِهِمْ -
تَهْوِي (2590) إِلَيْه ثِمَارُ
الأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ (2591) قِفَارٍ سَحِيقَةٍ
(2592) - ومَهَاوِي (2593) فِجَاجٍ (2594) عَمِيقَةٍ
وجَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ - حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ (2595) ذُلُلًا - يُهَلِّلُونَ لِلَّه حَوْلَه ويَرْمُلُونَ (2596) عَلَى أَقْدَامِهِمْ - شُعْثاً (2597) غُبْراً (2598) لَه قَدْ نَبَذُوا
السَّرَابِيلَ (2599) وَرَاءَ
ظُهُورِهِمْ - وشَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ (2600) مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ - ابْتِلَاءً عَظِيماً وامْتِحَاناً شَدِيداً -
واخْتِبَاراً مُبِيناً وتَمْحِيصاً بَلِيغاً - جَعَلَه اللَّه سَبَباً
لِرَحْمَتِه ووُصْلَةً إِلَى جَنَّتِه - ولَوْ أَرَادَ سُبْحَانَه - أَنْ يَضَعَ
بَيْتَه الْحَرَامَ ومَشَاعِرَه الْعِظَامَ - بَيْنَ جَنَّاتٍ وأَنْهَارٍ
وسَهْلٍ وقَرَارٍ (2601) - جَمَّ (2602) الأَشْجَارِ دَانِيَ الثِّمَارِ - مُلْتَفَّ الْبُنَى (2603) مُتَّصِلَ الْقُرَى - بَيْنَ بُرَّةٍ (2604) سَمْرَاءَ ورَوْضَةٍ خَضْرَاءَ - وأَرْيَافٍ (2605) مُحْدِقَةٍ وعِرَاصٍ (2606) مُغْدِقَةٍ (2607) - ورِيَاضٍ نَاضِرَةٍ وطُرُقٍ عَامِرَةٍ - لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ
الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ - ولَوْ كَانَ الإِسَاسُ (2608) الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا - والأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا - بَيْنَ
زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ ويَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ونُورٍ وضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ
مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ - ولَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ
الْقُلُوبِ - ولَنَفَى مُعْتَلَجَ (2609) الرَّيْبِ مِنَ
النَّاسِ - ولَكِنَّ اللَّه يَخْتَبِرُ عِبَادَه بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ -
ويَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَاهِدِ - ويَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ
الْمَكَارِه - إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ - وإِسْكَاناً
لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ - ولِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً (2610) إِلَى فَضْلِه - وأَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِه. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
عود إلى التحذير
|
|||||||||||||||
عود إلى التحذير فَاللَّه اللَّه فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ -
وآجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وسُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ - فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ
إِبْلِيسَ الْعُظْمَى ومَكِيدَتُه الْكُبْرَى - الَّتِي تُسَاوِرُ (2611) قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ - فَمَا
تُكْدِي (2612) أَبَداً ولَا
تُشْوِي (2613) أَحَداً - لَا
عَالِماً لِعِلْمِه ولَا مُقِلاًّ فِي طِمْرِه (2614) - وعَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّه عِبَادَه الْمُؤْمِنِينَ -
بِالصَّلَوَاتِ والزَّكَوَاتِ - ومُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأَيَّامِ
الْمَفْرُوضَاتِ - تَسْكِيناً لأَطْرَافِهِمْ (2615) وتَخْشِيعاً لأَبْصَارِهِمْ - وتَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وتَخْفِيضاً
لِقُلُوبِهِمْ - وإِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ - ولِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ
تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوه (2616) بِالتُّرَابِ
تَوَاضُعاً - والْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالأَرْضِ تَصَاغُراً -
ولُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ (2617) مِنَ الصِّيَامِ
تَذَلُّلًا - مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الأَرْضِ - وغَيْرِ
ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ والْفَقْرِ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضائل الفرائض
|
|||||||||||||||
فضائل الفرائض انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِه
الأَفْعَالِ - مِنْ قَمْعِ (2618) نَوَاجِمِ (2619) الْفَخْرِ وقَدْعِ (2620) طَوَالِعِ
الْكِبْرِ ولَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ -
يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ - تَحْتَمِلُ تَمْوِيه
الْجُهَلَاءِ - أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ (2621) بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ - فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ
لأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَه سَبَبٌ ولَا عِلَّةٌ - أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ
عَلَى آدَمَ لأَصْلِه - وطَعَنَ عَلَيْه فِي خِلْقَتِه - فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ
وأَنْتَ طِينِيٌّ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
عصبية المال
|
|||||||||||||||
عصبية المال وأَمَّا الأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ (2622) الأُمَمِ - فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ (2623) - فَ (قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا
وأَوْلاداً - وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) - فَإِنْ كَانَ
لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ - فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ
الْخِصَالِ - ومَحَامِدِ الأَفْعَالِ ومَحَاسِنِ الأُمُورِ - الَّتِي
تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ - مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ
ويَعَاسِيبِ (2624) القَبَائِلِ -
بِالأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ (2625) والأَحْلَامِ (2626) الْعَظِيمَةِ - والأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ والآثَارِ الْمَحْمُودَةِ -
فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ (2627) - والْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ (2628) والطَّاعَةِ لِلْبِرِّ - والْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ والأَخْذِ
بِالْفَضْلِ - والْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ والإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ - والإِنْصَافِ
لِلْخَلْقِ والْكَظْمِ لِلْغَيْظِ. واجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ
واحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ - مِنَ الْمَثُلَاتِ (2629) بِسُوءِ الأَفْعَالِ وذَمِيمِ الأَعْمَالِ - فَتَذَكَّرُوا فِي
الْخَيْرِ والشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ - واحْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ. فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ (2630) حَالَيْهِمْ - فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِه
شَأْنَهُمْ - وزَاحَتِ الأَعْدَاءُ لَه عَنْهُمْ - ومُدَّتِ (2631) الْعَافِيَةُ بِه عَلَيْهِمْ - وانْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَه مَعَهُمْ
ووَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْه حَبْلَهُمْ - مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ
واللُّزُومِ لِلأُلْفَةِ - والتَّحَاضِّ عَلَيْهَا والتَّوَاصِي بِهَا -
واجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ (2632) وأَوْهَنَ (2633) مُنَّتَهُمْ (2634) - مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وتَشَاحُنِ الصُّدُورِ - وتَدَابُرِ
النُّفُوسِ وتَخَاذُلِ الأَيْدِي وتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ - كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ (2635) والْبَلَاءِ - أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً - وأَجْهَدَ
الْعِبَادِ بَلَاءً وأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا - اتَّخَذَتْهُمُ
الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ - و - جَرَّعُوهُمُ
الْمُرَارَ (2636) فَلَمْ تَبْرَحِ
الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وقَهْرِ الْغَلَبَةِ - لَا يَجِدُونَ
حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ ولَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ - حَتَّى إِذَا رَأَى
اللَّه سُبْحَانَه - جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الأَذَى فِي مَحَبَّتِه -
والِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوه مِنْ خَوْفِه - جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ
الْبَلَاءِ فَرَجاً - فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ والأَمْنَ
مَكَانَ الْخَوْفِ - فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وأَئِمَّةً أَعْلَاماً -
وقَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّه لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الآمَالُ
إِلَيْه بِهِمْ. فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ
كَانَتِ الأَمْلَاءُ (2637) مُجْتَمِعَةً -
والأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً والْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً - والأَيْدِي مُتَرَادِفَةً
والسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً - والْبَصَائِرُ نَافِذَةً والْعَزَائِمُ وَاحِدَةً -
أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً (2638) فِي أَقْطَارِ
الأَرَضِينَ - ومُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ - فَانْظُرُوا إِلَى مَا
صَارُوا إِلَيْه فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ - حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ
وتَشَتَّتَتِ الأُلْفَةُ - واخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ والأَفْئِدَةُ -
وتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ - وقَدْ خَلَعَ اللَّه
عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِه - وسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِه (2639) - وبَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ - عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ. -----------------------------
. |
|||||||||||||||
الاعتبار بالأمم
|
|||||||||||||||
الاعتبار بالأمم فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ
إِسْمَاعِيلَ - وبَنِي إِسْحَاقَ وبَنِي إِسْرَائِيلَ عليهالسلام - فَمَا
أَشَدَّ اعْتِدَالَ (2640) الأَحْوَالِ
وأَقْرَبَ اشْتِبَاه (2641) الأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ
تَشَتُّتِهِمْ وتَفَرُّقِهِمْ - لَيَالِيَ كَانَتِ الأَكَاسِرَةُ
والْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ - يَحْتَازُونَهُمْ (2642) عَنْ رِيفِ الآفَاقِ وبَحْرِ الْعِرَاقِ - وخُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى
مَنَابِتِ الشِّيحِ - ومَهَافِي (2643) الرِّيحِ ونَكَدِ (2644) الْمَعَاشِ - فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ (2645) ووَبَرٍ (2646) - أَذَلَّ
الأُمَمِ دَاراً وأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً - لَا يَأْوُونَ (2647) إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا - ولَا إِلَى ظِلِّ
أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا - فَالأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ والأَيْدِي
مُخْتَلِفَةٌ - والْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ - فِي بَلَاءِ أَزْلٍ (2648) وأَطْبَاقِ جَهْلٍ - مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ (2649) وأَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ - وأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وغَارَاتٍ
مَشْنُونَةٍ (2650). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
النعمة برسول اللّه
|
|||||||||||||||
النعمة برسول اللَّه فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ
اللَّه عَلَيْهِمْ - حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا - فَعَقَدَ بِمِلَّتِه
طَاعَتَهُمْ وجَمَعَ عَلَى دَعْوَتِه أُلْفَتَهُمْ - كَيْفَ نَشَرَتِ
النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا - وأَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ
نَعِيمِهَا - والْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ (2651) فِي عَوَائِدِ (2652) بَرَكَتِهَا -
فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ - وفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ (2653) - قَدْ تَرَبَّعَتِ (2654) الأُمُورُ بِهِمْ
فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ - وآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ
- وتَعَطَّفَتِ الأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ - فَهُمْ
حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ - ومُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الأَرَضِينَ -
يَمْلِكُونَ الأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ - ويُمْضُونَ
الأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ - لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ (2655) ولَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ (2656)! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
لوم العصاة
|
|||||||||||||||
لوم العصاة أَلَا وإِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ
أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ - وثَلَمْتُمْ (2657) حِصْنَ اللَّه الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ -
فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه قَدِ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هَذِه الأُمَّةِ -
فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِه الأُلْفَةِ - الَّتِي يَنْتَقِلُونَ
فِي ظِلِّهَا ويَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا - بِنِعْمَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ
الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً - لأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وأَجَلُّ
مِنْ كُلِّ خَطَرٍ. واعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ
الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً - وبَعْدَ الْمُوَالَاةِ (2658) أَحْزَاباً - مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِه -
ولَا تَعْرِفُونَ مِنَ الإِيمَانِ إِلَّا رَسْمَه. تَقُولُونَ النَّارَ ولَا الْعَارَ -
كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الإِسْلَامَ عَلَى وَجْهِه -
انْتِهَاكاً لِحَرِيمِه ونَقْضاً لِمِيثَاقِه الَّذِي وَضَعَه اللَّه لَكُمْ -
حَرَماً فِي أَرْضِه وأَمْناً بَيْنَ خَلْقِه - وإِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ
إِلَى غَيْرِه حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ - ثُمَّ لَا جَبْرَائِيلُ ولَا
مِيكَائِيلُ - ولَا مُهَاجِرُونَ ولَا أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ - إِلَّا
الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَكُمْ. وإِنَّ عِنْدَكُمُ الأَمْثَالَ مِنْ
بَأْسِ اللَّه وقَوَارِعِه - وأَيَّامِه ووَقَائِعِه - فَلَا تَسْتَبْطِئُوا
وَعِيدَه جَهْلًا بِأَخْذِه - وتَهَاوُناً بِبَطْشِه ويَأْساً مِنْ بَأْسِه -
فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ
أَيْدِيكُمْ - إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ - فَلَعَنَ اللَّه السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي
والْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي! أَلَا وقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ
الإِسْلَامِ - وعَطَّلْتُمْ حُدُودَه وأَمَتُّمْ أَحْكَامَه - أَلَا وقَدْ
أَمَرَنِيَ اللَّه - بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ والنَّكْثِ (2659) والْفَسَادِ فِي الأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ -
وأَمَّا الْقَاسِطُونَ (2660) فَقَدْ جَاهَدْتُ
- وأَمَّا الْمَارِقَةُ (2661) فَقَدْ دَوَّخْتُ (2662) - وأَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ (2663) فَقَدْ كُفِيتُه - بِصَعْقَةٍ (2664) سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ (2665) قَلْبِه ورَجَّةُ
صَدْرِه (2666) - وبَقِيَتْ
بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ - ولَئِنْ أَذِنَ اللَّه فِي الْكَرَّةِ
عَلَيْهِمْ - لأُدِيلَنَّ مِنْهُمْ (2667) إِلَّا مَا
يَتَشَذَّرُ (2668) فِي أَطْرَافِ
الْبِلَادِ تَشَذُّراً! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
فضل الوحي
|
|||||||||||||||
فضل الوحي أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ
(2669) الْعَرَبِ -
وكَسَرْتُ نَوَاجِمَ (2670) قُرُونِ رَبِيعَةَ
ومُضَرَ - وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ - وَضَعَنِي فِي
حِجْرِه وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِه - ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِه
ويُمِسُّنِي جَسَدَه - ويُشِمُّنِي عَرْفَه (2671) - وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيه - ومَا وَجَدَ لِي
كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً (2672) فِي فِعْلٍ - ولَقَدْ
قَرَنَ اللَّه بِه صلىاللهعليهوآله - مِنْ لَدُنْ
أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه - يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ
الْمَكَارِمِ - ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه - ولَقَدْ
كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ (2673) أَثَرَ أُمِّه - يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه
عَلَماً (2674) - ويَأْمُرُنِي
بِالِاقْتِدَاءِ بِه - ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ (2675) - فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي - ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ
يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ - غَيْرَ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا - أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ
رِيحَ النُّبُوَّةِ. ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ
حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْه صلىاللهعليهوآله -
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الرَّنَّةُ - فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ
قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِه - إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى
- إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ - وإِنَّكَ لَعَلَى
خَيْرٍ ولَقَدْ كُنْتُ مَعَه صلىاللهعليهوآله لَمَّا أَتَاه
الْمَلأُ مِنْ قُرَيْشٍ - فَقَالُوا لَه يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ
عَظِيماً - لَمْ يَدَّعِه آبَاؤُكَ ولَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ - ونَحْنُ
نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْه وأَرَيْتَنَاه - عَلِمْنَا
أَنَّكَ نَبِيٌّ ورَسُولٌ - وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ
كَذَّابٌ - فَقَالَ صلىاللهعليهوآله ومَا
تَسْأَلُونَ قَالُوا - تَدْعُو لَنَا هَذِه الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ
بِعُرُوقِهَا - وتَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ صلىاللهعليهوآله - (إِنَّ
الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) - فَإِنْ فَعَلَ
اللَّه لَكُمْ ذَلِكَ أَتُؤْمِنُونَ وتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ - قَالُوا نَعَمْ
قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ - وإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا
تَفِيئُونَ (2676) إِلَى خَيْرٍ -
وإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ (2677) ومَنْ يُحَزِّبُ الأَحْزَابَ - ثُمَّ قَالَ صلىاللهعليهوآله يَا
أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ - إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّه والْيَوْمِ الآخِرِ
- وتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّه فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ - حَتَّى
تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّه - فَوَالَّذِي بَعَثَه بِالْحَقِّ
لَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا - وجَاءَتْ ولَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ - وقَصْفٌ (2678) كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ - حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ
رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله مُرَفْرِفَةً - وأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا
الأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
وبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وكُنْتُ عَنْ يَمِينِه صلىاللهعليهوآله
- فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً واسْتِكْبَاراً -
فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا ويَبْقَى نِصْفُهَا - فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ
فَأَقْبَلَ إِلَيْه نِصْفُهَا - كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وأَشَدِّه دَوِيّاً -
فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله -
فَقَالُوا كُفْراً وعُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ - فَلْيَرْجِعْ إِلَى
نِصْفِه كَمَا كَانَ - فَأَمَرَه صلىاللهعليهوآله
فَرَجَعَ - فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ
بِكَ يَا رَسُولَ اللَّه - وأَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ
مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى - تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وإِجْلَالًا
لِكَلِمَتِكَ - فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ «ساحِرٌ
كَذَّابٌ» - عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيه - وهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ
إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي - وإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي
اللَّه لَوْمَةُ لَائِمٍ - سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وكَلَامُهُمْ
كَلَامُ الأَبْرَارِ - عُمَّارُ (2679) اللَّيْلِ
ومَنَارُ النَّهَارِ - مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ
اللَّه وسُنَنَ رَسُولِه - لَا يَسْتَكْبِرُونَ ولَا يَعْلُونَ ولَا يَغُلُّونَ (2680) ولَا يُفْسِدُونَ - قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وأَجْسَادُهُمْ فِي
الْعَمَلِ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
193 و من خطبة له يصف فيها المتقين :
|
|||||||||||||||
193 - ومن خطبة له عليهالسلام يصف فيها المتقين رُوِيَ أَنَّ
صَاحِباً لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام يُقَالُ لَه
هَمَّامٌ - كَانَ رَجُلًا عَابِداً فَقَالَ لَه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ -
صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ - فَتَثَاقَلَ عليهالسلام عَنْ جَوَابِه -
ثُمَّ قَالَ يَا هَمَّامُ اتَّقِ اللَّه وأَحْسِنْ - فَ «إِنَّ
الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا والَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» - فَلَمْ
يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِهَذَا الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْه - فَحَمِدَ اللَّه
وأَثْنَى عَلَيْه وصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلىاللهعليهوآله - ثُمَّ قَالَ عليهالسلام: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه
وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ - غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ
آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ - لأَنَّه لَا تَضُرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه -
ولَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعَايِشَهُمْ -
ووَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَوَاضِعَهُمْ - فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ
أَهْلُ الْفَضَائِلِ - مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ومَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ (2681) ومَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ - غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ (2682) عَمَّا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِمْ - ووَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى
الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ - نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ
- كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ (2683) - ولَوْ لَا الأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّه عَلَيْهِمْ - لَمْ
تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ - شَوْقاً إِلَى
الثَّوَابِ وخَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ - عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ
فَصَغُرَ مَا دُونَه فِي أَعْيُنِهِمْ - فَهُمْ والْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا
فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ - وهُمْ والنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا
مُعَذَّبُونَ - قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ -
وأَجْسَادُهُمْ نَحِيفَةٌ وحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ وأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ -
صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً - تِجَارَةٌ
مُرْبِحَةٌ (2684) يَسَّرَهَا لَهُمْ
رَبُّهُمْ - أَرَادَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَمْ يُرِيدُوهَا - وأَسَرَتْهُمْ
فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا - أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ -
تَالِينَ لأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا (2685) - يُحَزِّنُونَ بِه أَنْفُسَهُمْ ويَسْتَثِيرُونَ (2686) بِه دَوَاءَ دَائِهِمْ - فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ
رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً - وتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَيْهَا شَوْقاً
وظَنُّوا أَنَّهَا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ - وإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا
تَخْوِيفٌ - أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ - وظَنُّوا أَنَّ
زَفِيرَ (2687) جَهَنَّمَ وشَهِيقَهَا
فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ - فَهُمْ حَانُونَ (2689) عَلَى أَوْسَاطِهِمْ - مُفْتَرِشُونَ لِجِبَاهِهِمْ (2690) وأَكُفِّهِمْ ورُكَبِهِمْ وأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ - يَطْلُبُونَ
إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ (2691) - وأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ -
قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِدَاحِ (2692) - يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى - ومَا
بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ ويَقُولُ لَقَدْ خُولِطُوا(2693)! ولَقَدْ خَالَطَهُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ - لَا
يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ - ولَا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ -
فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ومِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ (2694) - إِذَا زُكِّيَ (2695) أَحَدٌ مِنْهُمْ
خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَه فَيَقُولُ - أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي
ورَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي - اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا
يَقُولُونَ - واجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ واغْفِرْ لِي مَا لَا
يَعْلَمُونَ. فَمِنْ عَلَامَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّكَ
تَرَى لَه قُوَّةً فِي دِينٍ - وحَزْماً فِي لِينٍ وإِيمَاناً فِي يَقِينٍ
وحِرْصاً فِي عِلْمٍ - وعِلْماً فِي حِلْمٍ وقَصْداً فِي غِنًى (2696) وخُشُوعاً فِي عِبَادَةٍ - وتَجَمُّلًا (2697) فِي فَاقَةٍ وصَبْراً فِي شِدَّةٍ وطَلَباً فِي حَلَالٍ - ونَشَاطاً
فِي هُدًى وتَحَرُّجاً (2698) عَنْ طَمَعٍ -
يَعْمَلُ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وهُوَ عَلَى وَجَلٍ - يُمْسِي وهَمُّه
الشُّكْرُ ويُصْبِحُ وهَمُّه الذِّكْرُ - يَبِيتُ حَذِراً ويُصْبِحُ فَرِحاً -
حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ - وفَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ
الْفَضْلِ والرَّحْمَةِ - إِنِ اسْتَصْعَبَتْ (2699) عَلَيْه نَفْسُه فِيمَا تَكْرَه - لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا
تُحِبُّ - قُرَّةُ عَيْنِه فِيمَا لَا يَزُولُ وزَهَادَتُه فِيمَا لَا يَبْقَى -
يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ والْقَوْلَ بِالْعَمَلِ - تَرَاه قَرِيباً
أَمَلُه قَلِيلًا زَلَلُه خَاشِعاً قَلْبُه - قَانِعَةً نَفْسُه مَنْزُوراً (2700) أَكْلُه سَهْلًا أَمْرُه - حَرِيزاً دِينُه (2701) مَيِّتَةً شَهْوَتُه مَكْظُوماً غَيْظُه - الْخَيْرُ مِنْه مَأْمُولٌ
والشَّرُّ مِنْه مَأْمُونٌ - إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ كُتِبَ فِي
الذَّاكِرِينَ - وإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ
الْغَافِلِينَ - يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَه ويُعْطِي مَنْ حَرَمَه - ويَصِلُ مَنْ
قَطَعَه بَعِيداً فُحْشُه (2702) - لَيِّناً
قَوْلُه غَائِباً مُنْكَرُه حَاضِراً مَعْرُوفُه مُقْبِلًا خَيْرُه مُدْبِراً
شَرُّه - فِي الزَّلَازِلِ (2703) وَقُورٌ (2704) وفِي الْمَكَارِه صَبُورٌ - وفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ لَا يَحِيفُ عَلَى
مَنْ يُبْغِضُ - ولَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ - يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ
أَنْ يُشْهَدَ عَلَيْه - لَا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ ولَا يَنْسَى مَا ذُكِّرَ
- ولَا يُنَابِزُ بِالأَلْقَابِ (2705) ولَا يُضَارُّ
بِالْجَارِ - ولَا يَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ ولَا يَدْخُلُ فِي الْبَاطِلِ - ولَا
يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ - إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّه صَمْتُه وإِنْ ضَحِكَ لَمْ
يَعْلُ صَوْتُه - وإِنْ بُغِيَ عَلَيْه صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّه هُوَ
الَّذِي يَنْتَقِمُ لَه - نَفْسُه مِنْه فِي عَنَاءٍ والنَّاسُ مِنْه فِي
رَاحَةٍ - أَتْعَبَ نَفْسَه لِآخِرَتِه وأَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِه -
بُعْدُه عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْه زُهْدٌ ونَزَاهَةٌ - ودُنُوُّه مِمَّنْ دَنَا
مِنْه لِينٌ ورَحْمَةٌ - لَيْسَ تَبَاعُدُه بِكِبْرٍ وعَظَمَةٍ ولَا دُنُوُّه
بِمَكْرٍ وخَدِيعَةٍ. قَالَ فَصَعِقَ
هَمَّامٌ صَعْقَةً (2706) كَانَتْ نَفْسُه
فِيهَا. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام
أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْه - ثُمَّ قَالَ أَهَكَذَا
تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا فَقَالَ لَه قَائِلٌ فَمَا بَالُكَ يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عليهالسلام وَيْحَكَ إِنَّ
لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَا يَعْدُوه - وسَبَباً لَا يَتَجَاوَزُه فَمَهْلًا لَا
تَعُدْ لِمِثْلِهَا - فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ! -----------------------------
. |
|||||||||||||||
194 و من خطبة له يصف فيها المنافقين :
|
|||||||||||||||
194 - ومن خطبة له عليهالسلام يصف فيها المنافقين نَحْمَدُه عَلَى مَا وَفَّقَ لَه مِنَ
الطَّاعَةِ - وذَادَ (2707) عَنْه مِنَ
الْمَعْصِيَةِ ونَسْأَلُه لِمِنَّتِه تَمَاماً - وبِحَبْلِه اعْتِصَاماً -
ونَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه - خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّه
كُلَّ غَمْرَةٍ (2708) وتَجَرَّعَ فِيه
كُلَّ غُصَّةٍ (2709) - وقَدْ تَلَوَّنَ
لَه الأَدْنَوْنَ (2710) وتَأَلَّبَ
عَلَيْه الأَقْصَوْنَ (2711) - وخَلَعَتْ
إِلَيْه الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا (2712) - وضَرَبَتْ إِلَى
مُحَارَبَتِه بُطُونَ رَوَاحِلِهَا - حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِه عَدَاوَتَهَا
مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ وأَسْحَقِ (2713) الْمَزَارِ. أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه وأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ - فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ
الْمُضِلُّونَ والزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ (2714) - يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً ويَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً (2715) - ويَعْمِدُونَكُمْ (2716) بِكُلِّ عِمَادٍ (2717) ويَرْصُدُونَكُمْ (2718) بِكُلِّ مِرْصَادٍ
(2719) - قُلُوبُهُمْ
دَوِيَّةٌ (2720) وصِفَاحُهُمْ (2721) نَقِيَّةٌ - يَمْشُونَ الْخَفَاءَ (2722) ويَدِبُّونَ (2723) الضَّرَاءَ -
وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ وقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ وفِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ (2724) - حَسَدَةُ (2725) الرَّخَاءِ
ومُؤَكِّدُو الْبَلَاءِ ومُقْنِطُو الرَّجَاءِ - لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ صَرِيعٌ
(2726) - وإِلَى كُلِّ
قَلْبٍ شَفِيعٌ ولِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ - يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ (2728) ويَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ - إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا (2729) وإِنْ عَذَلُوا (2730) كَشَفُوا وإِنْ
حَكَمُوا أَسْرَفُوا - قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلًا ولِكُلِّ قَائِمٍ
مَائِلًا - ولِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلًا ولِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً - ولِكُلِّ
لَيْلٍ مِصْبَاحاً - يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقِيمُوا
بِه أَسْوَاقَهُمْ - ويُنْفِقُوا (2731) بِه أَعْلَاقَهُمْ
(2732) يَقُولُونَ
فَيُشَبِّهُونَ (2733) - ويَصِفُونَ
فَيُمَوِّهُونَ قَدْ هَوَّنُوا الطَّرِيقَ - وأَضْلَعُوا الْمَضِيقَ (2734) فَهُمْ لُمَةُ (2735) الشَّيْطَانِ
وحُمَةُ (2736) النِّيرَانِ - (أُولئِكَ
حِزْبُ الشَّيْطانِ - أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ). -----------------------------
. |
|||||||||||||||
195- و من خطبة له يحمد اللّه و يثني على نبيه و
يعظ :
|
|||||||||||||||
حمد اللّه
|
|||||||||||||||
195- ومن خطبة له عليهالسلام يحمد اللَّه ويثني على نبيه
ويعظ حمد اللَّه الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ
آثَارِ سُلْطَانِه وجَلَالِ كِبْرِيَائِه - مَا حَيَّرَ مُقَلَ (2737) الْعُقُولِ مِنْ عَجَائِبِ قُدْرَتِه - ورَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ (2738) النُّفُوسِ عَنْ عِرْفَانِ كُنْه صِفَتِه - |
|||||||||||||||
الشهادتان
|
|||||||||||||||
الشهادتان وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه -
شَهَادَةَ إِيمَانٍ وإِيقَانٍ وإِخْلَاصٍ وإِذْعَانٍ - وأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه - أَرْسَلَه وأَعْلَامُ الْهُدَى دَارِسَةٌ -
ومَنَاهِجُ الدِّينِ طَامِسَةٌ (2739) فَصَدَعَ (2740) بِالْحَقِّ - ونَصَحَ لِلْخَلْقِ وهَدَى إِلَى الرُّشْدِ وأَمَرَ
بِالْقَصْدِ (2741) - صلىاللهعليهوآلهوسلم
– -----------------------------
|
|||||||||||||||
العظة
|
|||||||||||||||
العظة واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه - أَنَّه لَمْ
يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يُرْسِلْكُمْ هَمَلًا - عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِه
عَلَيْكُمْ وأَحْصَى إِحْسَانَه إِلَيْكُمْ - فَاسْتَفْتِحُوه (2742) واسْتَنْجِحُوه (2743) واطْلُبُوا
إِلَيْه واسْتَمْنِحُوه (2744) - فَمَا
قَطَعَكُمْ عَنْه حِجَابٌ ولَا أُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَه بَابٌ - وإِنَّه
لَبِكُلِّ مَكَانٍ وفِي كُلِّ حِينٍ وأَوَانٍ - ومَعَ كُلِّ إِنْسٍ وجَانٍّ -
لَا يَثْلِمُه (2745) الْعَطَاءُ ولَا
يَنْقُصُه الْحِبَاءُ (2746) - ولَا
يَسْتَنْفِدُه سَائِلٌ ولَا يَسْتَقْصِيه نَائِلٌ - ولَا يَلْوِيه (2747) شَخْصٌ عَنْ شَخْصٍ ولَا يُلْهِيه صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ - ولَا تَحْجُزُه
هِبَةٌ عَنْ سَلْبٍ ولَا يَشْغَلُه غَضَبٌ عَنْ رَحْمَةٍ - ولَا تُولِهُه (2748) رَحْمَةٌ عَنْ عِقَابٍ ولَا يُجِنُّه (2749) الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ - ولَا يَقْطَعُه الظُّهُورُ عَنِ
الْبُطُونِ - قَرُبَ فَنَأَى وعَلَا فَدَنَا وظَهَرَ فَبَطَنَ - وبَطَنَ
فَعَلَنَ ودَانَ (2750) ولَمْ يُدَنْ - لَمْ
يَذْرَأِ (2751) الْخَلْقَ
بِاحْتِيَالٍ (2752) ولَا اسْتَعَانَ
بِهِمْ لِكَلَالٍ(2753). أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - فَإِنَّهَا الزِّمَامُ (2754) والْقِوَامُ (2755) فَتَمَسَّكُوا بِوَثَائِقِهَا - واعْتَصِمُوا بِحَقَائِقِهَا تَؤُلْ
بِكُمْ إِلَى أَكْنَانِ (2756) الدَّعَةِ (2757) - وأَوْطَانِ السَّعَةِ ومَعَاقِلِ (2758) الْحِرْزِ (2759) ومَنَازِلِ
الْعِزِّ فِي يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيه الأَبْصَارُ وتُظْلِمُ لَه الأَقْطَارُ -
وتُعَطَّلُ فِيه صُرُومُ (2760) الْعِشَارِ (2761) ويُنْفَخُ فِي الصُّورِ - فَتَزْهَقُ كُلُّ مُهْجَةٍ وتَبْكَمُ كُلُّ
لَهْجَةٍ - وتَذِلُّ الشُّمُّ (2762) الشَّوَامِخُ (2763) والصُّمُّ (2764) الرَّوَاسِخُ (2765) - فَيَصِيرُ صَلْدُهَا (2766) سَرَاباً (2767) رَقْرَقاً (2768) ومَعْهَدُهَا (2769) قَاعاً (2770) سَمْلَقاً (2771) - فَلَا شَفِيعٌ يَشْفَعُ ولَا حَمِيمٌ يَنْفَعُ ولَا مَعْذِرَةٌ
تَدْفَعُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
196- و من خطبة له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
بعثة النبي
|
|||||||||||||||
196 - ومن خطبة له عليهالسلام بعثة النبي بَعَثَه حِينَ لَا عَلَمٌ قَائِمٌ - ولَا
مَنَارٌ سَاطِعٌ ولَا مَنْهَجٌ وَاضِحٌ – |
|||||||||||||||
العظة بالزهد
|
|||||||||||||||
العظة بالزهد أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى
اللَّه - وأُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا دَارُ شُخُوصٍ (2772) - ومَحَلَّةُ تَنْغِيصٍ سَاكِنُهَا ظَاعِنٌ وقَاطِنُهَا بَائِنٌ (2773) - تَمِيدُ (2774) بِأَهْلِهَا
مَيَدَانَ السَّفِينَةِ - تَقْصِفُهَا (2775) الْعَوَاصِفُ فِي لُجَجِ الْبِحَارِ - فَمِنْهُمُ الْغَرِقُ الْوَبِقُ (2776) ومِنْهُمُ النَّاجِي عَلَى بُطُونِ الأَمْوَاجِ - تَحْفِزُه (2777) الرِّيَاحُ بِأَذْيَالِهَا وتَحْمِلُه عَلَى أَهْوَالِهَا - فَمَا
غَرِقَ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُسْتَدْرَكٍ ومَا نَجَا مِنْهَا فَإِلَى مَهْلَكٍ! عِبَادَ اللَّه الآنَ فَاعْلَمُوا
والأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ - والأَبْدَانُ صَحِيحَةٌ والأَعْضَاءُ لَدْنَةٌ (2778) - والْمُنْقَلَبُ (2779) فَسِيحٌ
والْمَجَالُ عَرِيضٌ - قَبْلَ إِرْهَاقِ (2780) الْفَوْتِ (2781) وحُلُولِ
الْمَوْتِ - فَحَقِّقُوا عَلَيْكُمْ نُزُولَه ولَا تَنْتَظِرُوا قُدُومَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
197- و من كلام له ينبه فيه على فضيلته لقبول قوله و أمره و
نهيه :
|
|||||||||||||||
197 - ومن كلام له عليهالسلام ينبه فيه على فضيلته لقبول
قوله وأمره ونهيه ولَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ (2782) مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله -
أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى اللَّه ولَا عَلَى رَسُولِه سَاعَةً قَطُّ - ولَقَدْ
وَاسَيْتُه (2783) بِنَفْسِي فِي
الْمَوَاطِنِ - الَّتِي تَنْكُصُ (2784) فِيهَا الأَبْطَالُ
- وتَتَأَخَّرُ فِيهَا الأَقْدَامُ نَجْدَةً (2785) أَكْرَمَنِي اللَّه بِهَا. ولَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّه صلىاللهعليهوآله
وإِنَّ رَأْسَه لَعَلَى صَدْرِي - ولَقَدْ سَالَتْ نَفْسُه فِي كَفِّي
فَأَمْرَرْتُهَا عَلَى وَجْهِي - ولَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَه صلىاللهعليهوآله
والْمَلَائِكَةُ أَعْوَانِي - فَضَجَّتِ الدَّارُ والأَفْنِيَةُ (2786) - مَلأٌ يَهْبِطُ ومَلأٌ يَعْرُجُ - ومَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ
(2787) مِنْهُمْ -
يُصَلُّونَ عَلَيْه حَتَّى وَارَيْنَاه فِي ضَرِيحِه - فَمَنْ ذَا أَحَقُّ بِه
مِنِّي حَيّاً ومَيِّتاً - فَانْفُذُوا عَلَى بَصَائِرِكُمْ (2788) – ولْتَصْدُقْ نِيَّاتُكُمْ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ - فَوَالَّذِي لَا
إِلَه إِلَّا هُوَ إِنِّي لَعَلَى جَادَّةِ الْحَقِّ - وإِنَّهُمْ لَعَلَى
مَزَلَّةِ (2789) الْبَاطِلِ -
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وأَسْتَغْفِرُ اللَّه لِي ولَكُمْ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
198- و من خطبة له ينبه على إحاطة علم اللّه بالجزئيات ثم يحث
على التقوى و يبين فضل الإسلام و
|
|||||||||||||||
198 - ومن خطبة له عليهالسلام ينبه على إحاطة علم اللَّه
بالجزئيات ثم يحث على التقوى ويبين فضل الإسلام والقرآن يَعْلَمُ عَجِيجَ الْوُحُوشِ فِي
الْفَلَوَاتِ - ومَعَاصِيَ الْعِبَادِ فِي الْخَلَوَاتِ - واخْتِلَافَ
النِّينَانِ (2790) فِي الْبِحَارِ
الْغَامِرَاتِ - وتَلَاطُمَ الْمَاءِ بِالرِّيَاحِ الْعَاصِفَاتِ - وأَشْهَدُ
أَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُ اللَّه (2791) - وسَفِيرُ
وَحْيِه ورَسُولُ رَحْمَتِه - |
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى
|
|||||||||||||||
الوصية بالتقوى أَمَّا بَعْدُ - فَإِنِّي أُوصِيكُمْ
بِتَقْوَى اللَّه الَّذِي ابْتَدَأَ خَلْقَكُمْ - وإِلَيْه يَكُونُ مَعَادُكُمْ
وبِه نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ - وإِلَيْه مُنْتَهَى رَغْبَتِكُمْ ونَحْوَه قَصْدُ
سَبِيلِكُمْ - وإِلَيْه مَرَامِي مَفْزَعِكُمْ (2792) - فَإِنَّ تَقْوَى اللَّه دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ - وبَصَرُ عَمَى
أَفْئِدَتِكُمْ وشِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ - وصَلَاحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ -
وطُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ وجِلَاءُ عَشَا أَبْصَارِكُمْ وأَمْنُ فَزَعِ
جَأْشِكُمْ (2793) وضِيَاءُ سَوَادِ
ظُلْمَتِكُمْ فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اللَّه شِعَاراً (2794) دُونَ دِثَارِكُمْ (2795) - ودَخِيلًا دُونَ
شِعَارِكُمْ ولَطِيفاً بَيْنَ أَضْلَاعِكُمْ - وأَمِيراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ
ومَنْهَلًا (2796) لِحِينِ
وُرُودِكُمْ - وشَفِيعاً لِدَرَكِ (2797) طَلِبَتِكُمْ (2798) وجُنَّةً (2799) لِيَوْمِ
فَزَعِكُمْ - ومَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ - وسَكَناً لِطُولِ
وَحْشَتِكُمْ ونَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ - فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّه حِرْزٌ
مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ - ومَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ وأُوَارِ (2800) نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ - فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَى عَزَبَتْ (2801) عَنْه الشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا - واحْلَوْلَتْ لَه الأُمُورُ
بَعْدَ مَرَارَتِهَا - وانْفَرَجَتْ عَنْه الأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا -
وأَسْهَلَتْ لَه الصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا (2802) - وهَطَلَتْ عَلَيْه الْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا -. وتَحَدَّبَتْ (2803) عَلَيْه الرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا - وتَفَجَّرَتْ عَلَيْه
النِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا (2804) - ووَبَلَتْ
عَلَيْه الْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا (2805). فَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي نَفَعَكُمْ
بِمَوْعِظَتِه - ووَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِه وامْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِنِعْمَتِه -
فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِه - واخْرُجُوا إِلَيْه مِنْ حَقِّ
طَاعَتِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
فضل الإسلام
|
|||||||||||||||
فضل الإسلام ثُمَّ إِنَّ هَذَا الإِسْلَامَ دِينُ
اللَّه الَّذِي اصْطَفَاه لِنَفْسِه - واصْطَنَعَه عَلَى عَيْنِه وأَصْفَاه (2806) خِيَرَةَ خَلْقِه - وأَقَامَ دَعَائِمَه عَلَى مَحَبَّتِه - أَذَلَّ
الأَدْيَانَ بِعِزَّتِه ووَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِه - وأَهَانَ أَعْدَاءَه بِكَرَامَتِه
وخَذَلَ مُحَادِّيه (2807) بِنَصْرِه -
وهَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلَالَةِ بِرُكْنِه (2808) - وسَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِه - وأَتْأَقَ (2809) الْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِه (2810) - ثُمَّ جَعَلَه
لَا انْفِصَامَ لِعُرْوَتِه ولَا فَكَّ لِحَلْقَتِه - ولَا انْهِدَامَ لأَسَاسِه
ولَا زَوَالَ لِدَعَائِمِه - ولَا انْقِلَاعَ لِشَجَرَتِه ولَا انْقِطَاعَ
لِمُدَّتِه - ولَا عَفَاءَ (2811) لِشَرَائِعِه ولَا
جَذَّ (2812) لِفُرُوعِه ولَا
ضَنْكَ (2813) لِطُرُقِه - ولَا
وُعُوثَةَ (2814) لِسُهُولَتِه ولَا
سَوَادَ لِوَضَحِه (2815) - ولَا عِوَجَ
لِانْتِصَابِه ولَا عَصَلَ (2816) فِي عُودِه - ولَا
وَعَثَ (2817) لِفَجِّه (2818) ولَا انْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِه - ولَا مَرَارَةَ لِحَلَاوَتِه - فَهُوَ
دَعَائِمُ أَسَاخَ (2819) فِي الْحَقِّ
أَسْنَاخَهَا (2820) - وثَبَّتَ لَهَا
آسَاسَهَا ويَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا - ومَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا (2821) - ومَنَارٌ (2822) اقْتَدَى بِهَا
سُفَّارُهَا (2823) وأَعْلَامٌ (2824) قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا - ومَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا -.
جَعَلَ اللَّه فِيه مُنْتَهَى رِضْوَانِه - وذِرْوَةَ دَعَائِمِه وسَنَامَ
طَاعَتِه - فَهُوَ عِنْدَ اللَّه وَثِيقُ الأَرْكَانِ رَفِيعُ الْبُنْيَانِ -
مُنِيرُ الْبُرْهَانِ مُضِيءُ النِّيرَانِ - عَزِيزُ السُّلْطَانِ مُشْرِفُ
الْمَنَارِ (2825) مُعْوِذُ
الْمَثَارِ (2826) - فَشَرِّفُوه
واتَّبِعُوه وأَدُّوا إِلَيْه حَقَّه وضَعُوه مَوَاضِعَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم
|
|||||||||||||||
الرسول الأعظم ثُمَّ إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه بَعَثَ
مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله بِالْحَقِّ حِينَ دَنَا مِنَ
الدُّنْيَا الِانْقِطَاعُ وأَقْبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الِاطِّلَاعُ (2827) - وأَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ وقَامَتْ بِأَهْلِهَا
عَلَى سَاقٍ - وخَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ (2828) وأَزِفَ مِنْهَا قِيَادٌ (2829) - فِي انْقِطَاعٍ
مِنْ مُدَّتِهَا واقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا (2830) - وتَصَرُّمٍ (2831) مِنْ أَهْلِهَا
وانْفِصَامٍ (2832) مِنْ حَلْقَتِهَا
- وانْتِشَارٍ (2833) مِنْ سَبَبِهَا
وعَفَاءٍ مِنْ أَعْلَامِهَا (2834) - وتَكَشُّفٍ مِنْ
عَوْرَاتِهَا وقِصَرٍ مِنْ طُولِهَا. جَعَلَه اللَّه بَلَاغاً لِرِسَالَتِه
وكَرَامَةً لأُمَّتِه - ورَبِيعاً لأَهْلِ زَمَانِه ورِفْعَةً لأَعْوَانِه
وشَرَفاً لأَنْصَارِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
القرآن الكريم
|
|||||||||||||||
القرآن الكريم ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْه الْكِتَابَ نُوراً
لَا تُطْفَأُ مَصَابِيحُه - وسِرَاجاً لَا يَخْبُو (2835) تَوَقُّدُه وبَحْراً لَا يُدْرَكُ قَعْرُه - ومِنْهَاجاً (2836) لَا يُضِلُّ نَهْجُه (2837) وشُعَاعاً لَا
يُظْلِمُ ضَوْءُه - وفُرْقَاناً لَا يُخْمَدُ بُرْهَانُه وتِبْيَاناً لَا
تُهْدَمُ أَرْكَانُه - وشِفَاءً لَا تُخْشَى أَسْقَامُه - وعِزّاً لَا تُهْزَمُ
أَنْصَارُه وحَقّاً لَا تُخْذَلُ أَعْوَانُه - فَهُوَ مَعْدِنُ الإِيمَانِ
وبُحْبُوحَتُه (2838) ويَنَابِيعُ
الْعِلْمِ وبُحُورُه - ورِيَاضُ (2839) الْعَدْلِ
وغُدْرَانُه (2840) وأَثَافِيُّ (2841) الإِسْلَامِ وبُنْيَانُه - وأَوْدِيَةُ الْحَقِّ وغِيطَانُه (2842) وبَحْرٌ لَا يَنْزِفُه الْمُسْتَنْزِفُونَ (2843) - وعُيُونٌ لَا يُنْضِبُهَا الْمَاتِحُونَ (2844) - ومَنَاهِلُ (2845) لَا يَغِيضُهَا (2846) الْوَارِدُونَ - ومَنَازِلُ لَا يَضِلُّ نَهْجَهَا الْمُسَافِرُونَ -
وأَعْلَامٌ لَا يَعْمَى عَنْهَا السَّائِرُونَ - وآكَامٌ (2847) لَا يَجُوزُ عَنْهَا (2848) الْقَاصِدُونَ
جَعَلَه اللَّه رِيّاً لِعَطَشِ الْعُلَمَاءِ ورَبِيعاً لِقُلُوبِ الْفُقَهَاءِ
- ومَحَاجَّ (2849) لِطُرُقِ
الصُّلَحَاءِ ودَوَاءً لَيْسَ بَعْدَه دَاءٌ - ونُوراً لَيْسَ مَعَه ظُلْمَةٌ
وحَبْلًا وَثِيقاً عُرْوَتُه - ومَعْقِلًا مَنِيعاً ذِرْوَتُه وعِزّاً لِمَنْ
تَوَلَّاه - وسِلْماً لِمَنْ دَخَلَه وهُدًى لِمَنِ ائْتَمَّ بِه - وعُذْراً
لِمَنِ انْتَحَلَه وبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِه - وشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ
بِه وفَلْجاً (2850) لِمَنْ حَاجَّ بِه
- وحَامِلًا لِمَنْ حَمَلَه ومَطِيَّةً لِمَنْ أَعْمَلَه - وآيَةً لِمَنْ
تَوَسَّمَ وجُنَّةً (2851) لِمَنِ اسْتَلأَمَ
(2852) - وعِلْماً لِمَنْ
وَعَى وحَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وحُكْماً لِمَنْ قَضَى (2853). -----------------------------
|
|||||||||||||||
199- و من كلام له كان يوصي به أصحابه :
|
|||||||||||||||
الصلاة
|
|||||||||||||||
199 - ومن كلام له عليهالسلام كان يوصي به أصحابه تَعَاهَدُوا أَمْرَ الصَّلَاةِ وحَافِظُوا
عَلَيْهَا - واسْتَكْثِرُوا مِنْهَا وتَقَرَّبُوا بِهَا - فَإِنَّهَا (كانَتْ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) - أَلَا
تَسْمَعُونَ إِلَى جَوَابِ أَهْلِ النَّارِ حِينَ سُئِلُوا - (ما
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ - قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) - وإِنَّهَا
لَتَحُتُّ الذُّنُوبَ حَتَّ (2854) الْوَرَقِ -
وتُطْلِقُهَا إِطْلَاقَ الرِّبَقِ (2855) - وشَبَّهَهَا
رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - بِالْحَمَّةِ (2856) تَكُونُ عَلَى بَابِ الرَّجُلِ - فَهُوَ يَغْتَسِلُ مِنْهَا فِي
الْيَوْمِ واللَّيْلَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ - فَمَا عَسَى أَنْ يَبْقَى عَلَيْه
مِنَ الدَّرَنِ (2857) - وقَدْ عَرَفَ
حَقَّهَا رِجَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - الَّذِينَ لَا تَشْغَلُهُمْ عَنْهَا
زِينَةُ مَتَاعٍ ولَا قُرَّةُ عَيْنٍ - مِنْ وَلَدٍ ولَا مَالٍ - يَقُولُ اللَّه
سُبْحَانَه - (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا
بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله - وإِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ الزَّكاةِ) - وكَانَ رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله نَصِباً (2858) بِالصَّلَاةِ - بَعْدَ التَّبْشِيرِ لَه بِالْجَنَّةِ - لِقَوْلِ
اللَّه سُبْحَانَه (وأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْها) - فَكَانَ
يَأْمُرُ بِهَا أَهْلَه ويَصْبِرُ عَلَيْهَا نَفْسَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
الزكاة
|
|||||||||||||||
الزكاة ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ
الصَّلَاةِ قُرْبَاناً لأَهْلِ الإِسْلَامِ - فَمَنْ أَعْطَاهَا طَيِّبَ
النَّفْسِ بِهَا - فَإِنَّهَا تُجْعَلُ لَه كَفَّارَةً ومِنَ النَّارِ حِجَازاً
ووِقَايَةً - فَلَا يُتْبِعَنَّهَا أَحَدٌ نَفْسَه ولَا يُكْثِرَنَّ عَلَيْهَا
لَهَفَه - فَإِنَّ مَنْ أَعْطَاهَا غَيْرَ طَيِّبِ النَّفْسِ بِهَا - يَرْجُو
بِهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ - مَغْبُونُ (2859) الأَجْرِ ضَالُّ الْعَمَلِ - طَوِيلُ النَّدَمِ. |
|||||||||||||||
الأمانة
|
|||||||||||||||
الأمانة ثُمَّ أَدَاءَ الأَمَانَةِ - فَقَدْ خَابَ
مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا - إِنَّهَا عُرِضَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ الْمَبْنِيَّةِ
- والأَرَضِينَ الْمَدْحُوَّةِ (2860) والْجِبَالِ ذَاتِ
الطُّولِ الْمَنْصُوبَةِ - فَلَا أَطْوَلَ ولَا أَعْرَضَ ولَا أَعْلَى ولَا
أَعْظَمَ مِنْهَا - ولَوِ امْتَنَعَ شَيْءٌ بِطُولٍ أَوْ عَرْضٍ - أَوْ قُوَّةٍ
أَوْ عِزٍّ لَامْتَنَعْنَ - ولَكِنْ أَشْفَقْنَ مِنَ الْعُقُوبَةِ - وعَقَلْنَ
مَا جَهِلَ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُنَّ وهُوَ الإِنْسَانُ - (إِنَّه
كانَ ظَلُوماً جَهُولًا) – ----------------------------- (2859) مَغْبون الأجر: منقوصه. (2860) المَدْحُوّة: المبسوطة. |
|||||||||||||||
علم اللّه تعالى
|
|||||||||||||||
علم اللَّه تعالى إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى لَا
يَخْفَى عَلَيْه - مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ (2861) فِي لَيْلِهِمْ ونَهَارِهِمْ - لَطُفَ بِه خُبْراً (2862) وأَحَاطَ بِه عِلْماً أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُه - وجَوَارِحُكُمْ
جُنُودُه وضَمَائِرُكُمْ عُيُونُه وخَلَوَاتُكُمْ عِيَانُه (2863). ----------------------------- (2861) مقترفون: أي مكتسبون. (2862)
الخُبْر: - بضم الخاء - العلم. (2863)
العِيان: - بكسر العين - المعاينة
والمشاهدة. |
|||||||||||||||
200- و من كلام له في معاوية :
|
|||||||||||||||
200 - ومن كلام له عليهالسلام في معاوية واللَّه مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي
ولَكِنَّه يَغْدِرُ ويَفْجُرُ - ولَوْ لَا كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ
أَدْهَى النَّاسِ - ولَكِنْ كُلُّ غُدَرَةٍ فُجَرَةٌ وكُلُّ فُجَرَةٍ كُفَرَةٌ -
ولِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِه يَوْمَ الْقِيَامَةِ». واللَّه مَا أُسْتَغْفَلُ بِالْمَكِيدَةِ
ولَا أُسْتَغْمَزُ بِالشَّدِيدَةِ (2864). ----------------------------- (2864) لا أسْتَغْمَزُ: - مبني للمجهول - أي لا أستضعف
بالقوة الشديدة.والمعنى: لا يستضعفني شديد القوة. والغمز - محركة - الرجل
الضعيف. |
|||||||||||||||
201- و من كلام له يعظ بسلوك الطريق الواضح :
|
|||||||||||||||
201 - ومن كلام له عليهالسلام يعظ بسلوك الطريق الواضح أَيُّهَا النَّاسُ - لَا تَسْتَوْحِشُوا
فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِه - فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا
عَلَى مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِيرٌ - وجُوعُهَا طَوِيلٌ. أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا يَجْمَعُ
النَّاسَ الرِّضَا والسُّخْطُ (2865) - وإِنَّمَا
عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ - فَعَمَّهُمُ اللَّه بِالْعَذَابِ
لَمَّا عَمُّوه بِالرِّضَا - فَقَالَ سُبْحَانَه (فَعَقَرُوها
فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ) - فَمَا كَانَ
إِلَّا أَنْ خَارَتْ (2866) أَرْضُهُمْ
بِالْخَسْفَةِ - خُوَارَ السِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ (2867) فِي الأَرْضِ الْخَوَّارَةِ (2868). أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ
الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ - ومَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي التِّيه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
202- وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَهُ عِنْدَ دَفْنِ
سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ
كَالْمُنَاجِي بِهِ رَسُولَ اللَّهِ
عِنْدَ قَبْرِهِ :
|
|||||||||||||||
202 - ومِنْ كَلَامٍ لَه عليهالسلام وِيَ عَنْه أَنَّه قَالَه عِنْدَ دَفْنِ
سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ عليهالسلام -
كَالْمُنَاجِي بِه رَسُولَ اللَّه صلىاللهعليهوآله
عِنْدَ قَبْرِه السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه
عَنِّي - وعَنِ ابْنَتِكَ النَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ - والسَّرِيعَةِ
اللَّحَاقِ بِكَ - قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّه عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي ورَقَّ
عَنْهَا تَجَلُّدِي - إِلَّا أَنَّ فِي التَّأَسِّي (2869) لِي بِعَظِيمِ فُرْقَتِكَ - وفَادِحِ (2870) مُصِيبَتِكَ مَوْضِعَ تَعَزٍّ (2871) - فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ (2872) قَبْرِكَ - وفَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وصَدْرِي نَفْسُكَ - فَ (إِنَّا
لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ) - فَلَقَدِ
اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ وأُخِذَتِ الرَّهِينَةُ - أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ
وأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ - (2873) إِلَى أَنْ
يَخْتَارَ اللَّه لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ - وسَتُنَبِّئُكَ
ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا (2874) - فَأَحْفِهَا (2875) السُّؤَالَ
واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ - هَذَا ولَمْ يَطُلِ الْعَهْدُ ولَمْ يَخْلُ مِنْكَ
الذِّكْرُ - والسَّلَامُ عَلَيْكُمَا سَلَامَ مُوَدِّعٍ لَا قَالٍ (2876) ولَا سَئِمٍ (2877) - فَإِنْ
أَنْصَرِفْ فَلَا عَنْ مَلَالَةٍ - وإِنْ أُقِمْ فَلَا عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا
وَعَدَ اللَّه الصَّابِرِينَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
203- و من كلام له في التزهيد من الدنيا و الترغيب في الآخرة :
|
|||||||||||||||
203 - ومن كلام له عليهالسلام في التزهيد من الدنيا
والترغيب في الآخرة أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الدُّنْيَا
دَارُ مَجَازٍ (2878) والآخِرَةُ دَارُ
قَرَارٍ - فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ - ولَا تَهْتِكُوا
أَسْتَارَكُمْ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَسْرَارَكُمْ - وأَخْرِجُوا مِنَ
الدُّنْيَا قُلُوبَكُمْ - مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا أَبْدَانُكُمْ -
فَفِيهَا اخْتُبِرْتُمْ ولِغَيْرِهَا خُلِقْتُمْ - إِنَّ الْمَرْءَ إِذَا هَلَكَ
قَالَ النَّاسُ مَا تَرَكَ وقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مَا قَدَّمَ -
لِلَّه آبَاؤُكُمْ فَقَدِّمُوا بَعْضاً يَكُنْ لَكُمْ قَرْضاً - ولَا تُخْلِفُوا
كُلاًّ فَيَكُونَ فَرْضاً عَلَيْكُمْ. ----------------------------- (2878)
مجاز: أي ممر إلى الآخرة. |
|||||||||||||||
204- و من كلام له كان كثيرا ما ينادي به أصحابه :
|
|||||||||||||||
204 - ومن كلام له عليهالسلام كان كثيرا ما ينادي به
أصحابه تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللَّه فَقَدْ
نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحِيلِ - وأَقِلُّوا الْعُرْجَةَ (2879) عَلَى الدُّنْيَا - وانْقَلِبُوا بِصَالِحِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ
الزَّادِ - فَإِنَّ أَمَامَكُمْ عَقَبَةً كَئُوداً (2880) ومَنَازِلَ مَخُوفَةً مَهُولَةً - لَا بُدَّ مِنَ الْوُرُودِ عَلَيْهَا
والْوُقُوفِ عِنْدَهَا -. واعْلَمُوا أَنَّ مَلَاحِظَ الْمَنِيَّةِ (2881) نَحْوَكُمْ دَانِيَةٌ (2882) - وكَأَنَّكُمْ
بِمَخَالِبِهَا وقَدْ نَشِبَتْ (2883) فِيكُمْ - وقَدْ
دَهَمَتْكُمْ فِيهَا مُفْظِعَاتُ الأُمُورِ ومُعْضِلَاتُ الْمَحْذُورِ -.
فَقَطِّعُوا عَلَائِقَ الدُّنْيَا واسْتَظْهِرُوا (2884) بِزَادِ التَّقْوَى. وقد مضى شيء من هذا الكلام
فيما تقدم - بخلاف هذه الرواية. -----------------------------
|
|||||||||||||||
205- و من كلام له كلم به طلحة و الزبير بعد بيعته بالخلافة و
قد عتبا عليه من ترك مشورتهما و
|
|||||||||||||||
205 - ومن كلام له عليهالسلام كلم به طلحة والزبير - بعد
بيعته بالخلافة وقد عتبا عليه من ترك مشورتهما والاستعانة في الأمور بهما لَقَدْ نَقَمْتُمَا (2885) يَسِيراً وأَرْجَأْتُمَا (2886) كَثِيراً - أَلَا
تُخْبِرَانِي أَيُّ شَيْءٍ كَانَ لَكُمَا فِيه حَقٌّ دَفَعْتُكُمَا عَنْه - أَمْ
أَيُّ قَسْمٍ اسْتَأْثَرْتُ عَلَيْكُمَا بِه - أَمْ أَيُّ حَقٍّ رَفَعَه إِلَيَّ
أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - ضَعُفْتُ عَنْه أَمْ جَهِلْتُه أَمْ أَخْطَأْتُ
بَابَه! واللَّه مَا كَانَتْ لِي فِي الْخِلَافَةِ
رَغْبَةٌ - ولَا فِي الْوِلَايَةِ إِرْبَةٌ (2887) - ولَكِنَّكُمْ دَعَوْتُمُونِي إِلَيْهَا وحَمَلْتُمُونِي عَلَيْهَا -
فَلَمَّا أَفْضَتْ إِلَيَّ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ اللَّه ومَا وَضَعَ لَنَا -
وأَمَرَنَا بِالْحُكْمِ بِه فَاتَّبَعْتُه - ومَا اسْتَنَّ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوآله
فَاقْتَدَيْتُه - فَلَمْ أَحْتَجْ فِي ذَلِكَ إِلَى رَأْيِكُمَا ولَا رَأْيِ
غَيْرِكُمَا - ولَا وَقَعَ حُكْمٌ جَهِلْتُه فَأَسْتَشِيرَكُمَا وإِخْوَانِي
مِنَ الْمُسْلِمِينَ - ولَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ أَرْغَبْ عَنْكُمَا ولَا عَنْ
غَيْرِكُمَا -. وأَمَّا مَا ذَكَرْتُمَا مِنْ أَمْرِ الأُسْوَةِ (2888) - فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَمْ أَحْكُمْ أَنَا فِيه بِرَأْيِي - ولَا
وَلِيتُه هَوًى مِنِّي - بَلْ وَجَدْتُ أَنَا وأَنْتُمَا مَا جَاءَ بِه رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله قَدْ فُرِغَ مِنْه - فَلَمْ أَحْتَجْ
إِلَيْكُمَا فِيمَا قَدْ فَرَغَ اللَّه مِنْ قَسْمِه - وأَمْضَى فِيه حُكْمَه -
فَلَيْسَ لَكُمَا واللَّه عِنْدِي ولَا لِغَيْرِكُمَا فِي هَذَا عُتْبَى (2889) -. أَخَذَ اللَّه بِقُلُوبِنَا وقُلُوبِكُمْ إِلَى الْحَقِّ -
وأَلْهَمَنَا وإِيَّاكُمُ الصَّبْرَ. ثم قال عليهالسلام - رَحِمَ
اللَّه رَجُلًا رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْه - أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّه -
وكَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
206- و من كلام له و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام
أيام حربهم بصفين :
|
|||||||||||||||
206 - ومن كلام له عليهالسلام وقد سمع قوما من أصحابه
يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين إِنِّي أَكْرَه لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا
سَبَّابِينَ - ولَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وذَكَرْتُمْ
حَالَهُمْ - كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ - وقُلْتُمْ
مَكَانَ سَبِّكُمْ إِيَّاهُمْ - اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَنَا ودِمَاءَهُمْ -
وأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وبَيْنِهِمْ واهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ - حَتَّى
يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَه - ويَرْعَوِيَ (2890) عَنِ الْغَيِّ والْعُدْوَانِ مَنْ لَهِجَ بِه (2891). -----------------------------
|
|||||||||||||||
207- و من كلام له في بعض أيام صفين و قد رأى الحسن ابنه يتسرع إلى الحرب :
|
|||||||||||||||
207 - ومن كلام له عليهالسلام في بعض أيام صفين - وقد رأى الحسن ابنه عليهالسلام
يتسرع إلى الحرب امْلِكُوا (2892) عَنِّي هَذَا الْغُلَامَ لَا يَهُدَّنِي (2893) - فَإِنَّنِي أَنْفَسُ (2894) بِهَذَيْنِ
يَعْنِي الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ عليهالسلام - عَلَى
الْمَوْتِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله. قال
السيد الشريف - قوله عليهالسلام
املكوا عني هذا الغلام - من أعلى الكلام وأفصحه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
208- و من كلام له قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة :
|
|||||||||||||||
208 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لما اضطرب عليه أصحابه في أمر
الحكومة أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّه لَمْ يَزَلْ
أَمْرِي مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ - حَتَّى نَهِكَتْكُمُ (2895) الْحَرْبُ - وقَدْ واللَّه أَخَذَتْ مِنْكُمْ وتَرَكَتْ - وهِيَ
لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ. لَقَدْ كُنْتُ أَمْسِ أَمِيراً
فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً - وكُنْتُ أَمْسِ نَاهِياً فَأَصْبَحْتُ
الْيَوْمَ مَنْهِيّاً - وقَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ ولَيْسَ لِي أَنْ
أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ! ----------------------------- (2895)
نَهِكَتْه الحمى: أضعفته
وأضنته. |
|||||||||||||||
209- و من كلام له بالبصرة و قد دخل على العلاء بن زياد الحارثي
و هو من أصحابه يعوده
|
|||||||||||||||
209 - ومن كلام له عليهالسلام بالبصرة - وقد دخل على
العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده فلما رأى سعة داره
قال: مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِسِعَةِ هَذِه
الدَّارِ فِي الدُّنْيَا - وأَنْتَ إِلَيْهَا فِي الآخِرَةِ كُنْتَ أَحْوَجَ -
وبَلَى إِنْ شِئْتَ بَلَغْتَ بِهَا الآخِرَةَ - تَقْرِي فِيهَا الضَّيْفَ
وتَصِلُ فِيهَا الرَّحِمَ - وتُطْلِعُ (2896) مِنْهَا الْحُقُوقَ مَطَالِعَهَا - فَإِذاً أَنْتَ قَدْ بَلَغْتَ بِهَا
الآخِرَةَ. فَقَالَ لَه الْعَلَاءُ - يَا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ أَشْكُو إِلَيْكَ أَخِي عَاصِمَ بْنَ زِيَادٍ - قَالَ ومَا لَه -
قَالَ لَبِسَ الْعَبَاءَةَ وتَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا - قَالَ عَلَيَّ بِه
فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: يَا عُدَيَّ (2897) نَفْسِه لَقَدِ اسْتَهَامَ بِكَ الْخَبِيثُ - أَمَا رَحِمْتَ أَهْلَكَ
ووَلَدَكَ - أَتَرَى اللَّه أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وهُوَ يَكْرَه أَنْ
تَأْخُذَهَا - أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّه مِنْ ذَلِكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ - هَذَا
أَنْتَ فِي خُشُونَةِ مَلْبَسِكَ وجُشُوبَةِ مَأْكَلِكَ! قَالَ وَيْحَكَ إِنِّي لَسْتُ كَأَنْتَ -
إِنَّ اللَّه تَعَالَى فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ - الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا
أَنْفُسَهُمْ (2898) بِضَعَفَةِ
النَّاسِ - كَيْلَا يَتَبَيَّغَ (2899) بِالْفَقِيرِ
فَقْرُه! -----------------------------
|
|||||||||||||||
210- و من كلام له و قد سأله سائل عن أحاديث البدع و عما في
أيدي الناس من اختلاف الخبر فقال :
|
|||||||||||||||
210 - ومن كلام له عليهالسلام وقد سأله سائل عن أحاديث
البدع - وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر فقال عليهالسلام: إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقّاً
وبَاطِلًا - وصِدْقاً وكَذِباً ونَاسِخاً ومَنْسُوخاً - وعَامّاً وخَاصّاً -
ومُحْكَماً ومُتَشَابِهاً وحِفْظاً ووَهْماً - ولَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله عَلَى عَهْدِه - حَتَّى قَامَ
خَطِيباً فَقَالَ - مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه
مِنَ النَّارِ». وإِنَّمَا أَتَاكَ بِالْحَدِيثِ
أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ: |
|||||||||||||||
المنافقون
|
|||||||||||||||
المنافقون رَجُلٌ مُنَافِقٌ
مُظْهِرٌ لِلإِيمَانِ مُتَصَنِّعٌ بِالإِسْلَامِ - لَا يَتَأَثَّمُ (2900) ولَا يَتَحَرَّجُ (2901) - يَكْذِبُ عَلَى
رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله مُتَعَمِّداً - فَلَوْ عَلِمَ
النَّاسُ أَنَّه مُنَافِقٌ كَاذِبٌ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْه - ولَمْ يُصَدِّقُوا
قَوْلَه - ولَكِنَّهُمْ قَالُوا صَاحِبُ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- رَآه وسَمِعَ مِنْه ولَقِفَ عَنْه (2902) فَيَأْخُذُونَ
بِقَوْلِه - وقَدْ أَخْبَرَكَ اللَّه عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَكَ -
ووَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِه لَكَ ثُمَّ بَقُوا بَعْدَه - فَتَقَرَّبُوا
إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ - والدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ
والْبُهْتَانِ - فَوَلَّوْهُمُ الأَعْمَالَ وجَعَلُوهُمْ حُكَّاماً عَلَى
رِقَابِ النَّاسِ - فَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا وإِنَّمَا النَّاسُ مَعَ
الْمُلُوكِ والدُّنْيَا - إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّه فَهَذَا أَحَدُ
الأَرْبَعَةِ. ----------------------------- (2900) يتأثّم: يخاف. الإثم. (2901) يتحرّج: يخشى الوقوع في الحرج وهو الجرم. (2902)
لَقِفَ: تناول وأخذ عنه. |
|||||||||||||||
الخاطئون
|
|||||||||||||||
الخاطئون ورَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّه
شَيْئاً لَمْ يَحْفَظْه عَلَى وَجْهِه - فَوَهِمَ (2903) فِيه ولَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً فَهُوَ فِي يَدَيْه - ويَرْوِيه
ويَعْمَلُ بِه - ويَقُولُ أَنَا سَمِعْتُه مِنْ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
- فَلَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّه وَهِمَ فِيه لَمْ يَقْبَلُوه مِنْه -
ولَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّه كَذَلِكَ لَرَفَضَه! ----------------------------- (2903) وَهِمَ: غلط وأخطأ. |
|||||||||||||||
اهل الشبهة
|
|||||||||||||||
أهل الشبهة ورَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله شَيْئاً - يَأْمُرُ بِه ثُمَّ إِنَّه
نَهَى عَنْه وهُوَ لَا يَعْلَمُ - أَوْ سَمِعَه يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ
أَمَرَ بِه وهُوَ لَا يَعْلَمُ - فَحَفِظَ الْمَنْسُوخَ ولَمْ يَحْفَظِ
النَّاسِخَ - فَلَوْ عَلِمَ أَنَّه مَنْسُوخٌ لَرَفَضَه - ولَوْ عَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ إِذْ سَمِعُوه مِنْه أَنَّه مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوه - |
|||||||||||||||
الصادقون الحافظون
|
|||||||||||||||
الصادقون الحافظون وآخَرُ رَابِعٌ - لَمْ يَكْذِبْ عَلَى
اللَّه ولَا عَلَى رَسُولِه - مُبْغِضٌ لِلْكَذِبِ خَوْفاً مِنَ اللَّه وتَعْظِيماً
لِرَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله - ولَمْ يَهِمْ
(2904) بَلْ حَفِظَ مَا
سَمِعَ عَلَى وَجْهِه - فَجَاءَ بِه عَلَى مَا سَمِعَه - لَمْ يَزِدْ فِيه ولَمْ
يَنْقُصْ مِنْه - فَهُوَ حَفِظَ النَّاسِخَ فَعَمِلَ بِه - وحَفِظَ الْمَنْسُوخَ
فَجَنَّبَ عَنْه (2905) - وعَرَفَ
الْخَاصَّ والْعَامَّ والْمُحْكَمَ والْمُتَشَابِه (2906) - فَوَضَعَ كُلَّ شَيْءٍ مَوْضِعَه. وقَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله
الْكَلَامُ - لَه وَجْهَانِ فَكَلَامٌ خَاصٌّ وكَلَامٌ عَامٌّ - فَيَسْمَعُه
مَنْ لَا يَعْرِفُ مَا عَنَى اللَّه سُبْحَانَه بِه - ولَا مَا عَنَى رَسُولُ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - فَيَحْمِلُه السَّامِعُ ويُوَجِّهُه
عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِمَعْنَاه - ومَا قُصِدَ بِه ومَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِه
- ولَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله مَنْ
كَانَ يَسْأَلُه ويَسْتَفْهِمُه - حَتَّى إِنْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ
يَجِيءَ الأَعْرَابِيُّ والطَّارِئُ - فَيَسْأَلَه عليهالسلام حَتَّى
يَسْمَعُوا - وكَانَ لَا يَمُرُّ بِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ إِلَّا سَأَلْتُه عَنْه
وحَفِظْتُه - فَهَذِه وُجُوه مَا عَلَيْه النَّاسُ فِي اخْتِلَافِهِمْ
وعِلَلِهِمْ فِي رِوَايَاتِهِمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
211- و من خطبة له في عجيب صنعة الكون :
|
|||||||||||||||
211 - ومن خطبة له عليهالسلام في عجيب صنعة الكون وكَانَ مِنِ اقْتِدَارِ جَبَرُوتِه -
وبَدِيعِ لَطَائِفِ صَنْعَتِه - أَنْ جَعَلَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الزَّاخِرِ (2907) - الْمُتَرَاكِمِ الْمُتَقَاصِفِ (2908) يَبَساً جَامِداً (2909) - ثُمَّ فَطَرَ (2910) مِنْه أَطْبَاقاً (2911) - فَفَتَقَهَا
سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَعْدَ ارْتِتَاقِهَا (2912) فَاسْتَمْسَكَتْ بِأَمْرِه (2913) - وقَامَتْ عَلَى
حَدِّه (2914) وأَرْسَى أَرْضاً
يَحْمِلُهَا الأَخْضَرُ (2915) الْمُثْعَنْجِرُ (2916) - والْقَمْقَامُ (2917) الْمُسَخَّرُ -
قَدْ ذَلَّ لأَمْرِه وأَذْعَنَ لِهَيْبَتِه - ووَقَفَ الْجَارِي مِنْه
لِخَشْيَتِه - وجَبَلَ (2918) جَلَامِيدَهَا (2919) ونُشُوزَ (2920) مُتُونِهَا (2921) وأَطْوَادِهَا (2922) - فَأَرْسَاهَا
فِي مَرَاسِيهَا (2923) - وأَلْزَمَهَا
قَرَارَاتِهَا (2924) - فَمَضَتْ
رُءُوسُهَا فِي الْهَوَاءِ - ورَسَتْ أُصُولُهَا فِي الْمَاءِ - فَأَنْهَدَ
جِبَالَهَا (2925) عَنْ سُهُولِهَا -
وأَسَاخَ (2926) قَوَاعِدَهَا فِي
مُتُونِ أَقْطَارِهَا ومَوَاضِعِ أَنْصَابِهَا (2927) - فَأَشْهَقَ قِلَالَهَا (2928) وأَطَالَ
أَنْشَازَهَا (2929) - وجَعَلَهَا
لِلأَرْضِ عِمَاداً وأَرَّزَهَا (2930) فِيهَا أَوْتَاداً
- فَسَكَنَتْ عَلَى حَرَكَتِهَا مِنْ أَنْ تَمِيدَ (2931) بِأَهْلِهَا أَوْ تَسِيخَ (2932) بِحِمْلِهَا أَوْ
تَزُولَ عَنْ مَوَاضِعِهَا - فَسُبْحَانَ مَنْ أَمْسَكَهَا بَعْدَ مَوَجَانِ مِيَاهِهَا -
وأَجْمَدَهَا بَعْدَ رُطُوبَةِ أَكْنَافِهَا - فَجَعَلَهَا لِخَلْقِه مِهَاداً -
وبَسَطَهَا لَهُمْ فِرَاشاً - فَوْقَ بَحْرٍ لُجِّيٍّ رَاكِدٍ لَا يَجْرِي (2933) وقَائِمٍ لَا يَسْرِي - تُكَرْكِرُه (2934) الرِّيَاحُ الْعَوَاصِفُ - وتَمْخُضُه الْغَمَامُ الذَّوَارِفُ (2935) - (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى). -----------------------------
|
|||||||||||||||
212- و من خطبة له كان يستنهض بها أصحابه إلى جهاد أهل الشام في
زمانه :
|
|||||||||||||||
212 - ومن خطبة له عليهالسلام كان يستنهض بها أصحابه إلى
جهاد أهل الشام في زمانه اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ
عِبَادِكَ - سَمِعَ مَقَالَتَنَا الْعَادِلَةَ غَيْرَ الْجَائِرَةِ - والْمُصْلِحَةَ
غَيْرَ الْمُفْسِدَةِ فِي الدِّينِ والدُّنْيَا - فَأَبَى بَعْدَ سَمْعِه لَهَا
إِلَّا النُّكُوصَ عَنْ نُصْرَتِكَ - والإِبْطَاءَ عَنْ إِعْزَازِ دِينِكَ -
فَإِنَّا نَسْتَشْهِدُكَ عَلَيْه يَا أَكْبَرَ الشَّاهِدِينَ شَهَادَةً -
ونَسْتَشْهِدُ عَلَيْه جَمِيعَ مَا أَسْكَنْتَه أَرْضَكَ وسمَاوَاتِكَ - ثُمَّ
أَنْتَ بَعْدُ الْمُغْنِي عَنْ نَصْرِه - والآخِذُ لَه بِذَنْبِه. |
|||||||||||||||
213- و من خطبة له في تمجيد اللّه و تعظيمه :
|
|||||||||||||||
213 - ومن خطبة له عليهالسلام في تمجيد اللَّه وتعظيمه الْحَمْدُ لِلَّه الْعَلِيِّ عَنْ شَبَه (2936) الْمَخْلُوقِينَ - الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفِينَ - الظَّاهِرِ
بِعَجَائِبِ تَدْبِيرِه لِلنَّاظِرِينَ - والْبَاطِنِ بِجَلَالِ عِزَّتِه عَنْ
فِكْرِ الْمُتَوَهِّمِينَ - الْعَالِمِ بِلَا اكْتِسَابٍ ولَا ازْدِيَادٍ - ولَا
عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ - الْمُقَدِّرِ لِجَمِيعِ الأُمُورِ بِلَا رَوِيَّةٍ ولَا
ضَمِيرٍ - الَّذِي لَا تَغْشَاه الظُّلَمُ ولَا يَسْتَضِيءُ بِالأَنْوَارِ -
ولَا يَرْهَقُه (2937) لَيْلٌ ولَا
يَجْرِي عَلَيْه نَهَارٌ - لَيْسَ إِدْرَاكُه بِالإِبْصَارِ ولَا عِلْمُه
بِالإِخْبَارِ. ومنها في ذكر النبي
صلىاللهعليهوآله |
|||||||||||||||
و منها في ذكر النبي صلى الله عليه وآله
|
|||||||||||||||
أَرْسَلَه بِالضِّيَاءِ وقَدَّمَه فِي
الِاصْطِفَاءِ - فَرَتَقَ (2938) بِه الْمَفَاتِقَ (2939) وسَاوَرَ (2940) بِه الْمُغَالِبَ
- وذَلَّلَ بِه الصُّعُوبَةَ وسَهَّلَ بِه الْحُزُونَةَ (2941) - حَتَّى سَرَّحَ الضَّلَالَ عَنْ يَمِينٍ وشِمَالٍ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
214- و من خطبة له يصف جوهر الرسول و يصف العلماء و يعظ
بالتقوى:
|
|||||||||||||||
214 - ومن خطبة له عليهالسلام يصف جوهر الرسول ويصف
العلماء ويعظ بالتقوى وأَشْهَدُ أَنَّه عَدْلٌ عَدَلَ وحَكَمٌ
فَصَلَ - وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُه ورَسُولُه وسَيِّدُ عِبَادِه -
كُلَّمَا نَسَخَ اللَّه الْخَلْقَ (2942) فِرْقَتَيْنِ
جَعَلَه فِي خَيْرِهِمَا - لَمْ يُسْهِمْ فِيه عَاهِرٌ (2943) ولَا ضَرَبَ فِيه (2944) فَاجِرٌ. أَلَا وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه قَدْ
جَعَلَ لِلْخَيْرِ أَهْلًا - ولِلْحَقِّ دَعَائِمَ ولِلطَّاعَةِ (2945) - عِصَماً - وإِنَّ لَكُمْ عِنْدَ كُلِّ طَاعَةٍ عَوْناً مِنَ اللَّه
سُبْحَانَه – يَقُولُ عَلَى الأَلْسِنَةِ ويُثَبِّتُ الأَفْئِدَةَ - فِيه
كِفَاءٌ (2946) لِمُكْتَفٍ
وشِفَاءٌ لِمُشْتَفٍ – -----------------------------
|
|||||||||||||||
صفة العلماء
|
|||||||||||||||
صفة العلماء واعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَ اللَّه
الْمُسْتَحْفَظِينَ (2947) عِلْمَه -
يَصُونُونَ مَصُونَه ويُفَجِّرُونَ عُيُونَه - يَتَوَاصَلُونَ بِالْوِلَايَةِ (2948) - ويَتَلَاقَوْنَ بِالْمَحَبَّةِ ويَتَسَاقَوْنَ بِكَأْسٍ رَوِيَّةٍ (2949) - ويَصْدُرُونَ بِرِيَّةٍ (2950) لَا تَشُوبُهُمُ
الرِّيبَةُ (2951) - ولَا تُسْرِعُ
فِيهِمُ الْغِيبَةُ - عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ خَلْقَهُمْ وأَخْلَاقَهُمْ (2952) - فَعَلَيْه يَتَحَابُّونَ وبِه يَتَوَاصَلُونَ - فَكَانُوا
كَتَفَاضُلِ الْبَذْرِ يُنْتَقَى (2953) فَيُؤْخَذُ مِنْه
ويُلْقَى - قَدْ مَيَّزَه التَّخْلِيصُ وهَذَّبَه (2954) التَّمْحِيصُ (2955) – -----------------------------
|
|||||||||||||||
العظة بالتقوى
|
|||||||||||||||
العظة بالتقوى فَلْيَقْبَلِ امْرُؤٌ كَرَامَةً (2956) بِقَبُولِهَا - ولْيَحْذَرْ قَارِعَةً (2957) قَبْلَ حُلُولِهَا - ولْيَنْظُرِ امْرُؤٌ فِي قَصِيرِ أَيَّامِه
وقَلِيلِ مُقَامِه فِي مَنْزِلٍ - حَتَّى يَسْتَبْدِلَ بِه مَنْزِلًا -
فَلْيَصْنَعْ لِمُتَحَوَّلِه (2958) ومَعَارِفِ
مُنْتَقَلِه (2959) - فَطُوبَى لِذِي
قَلْبٍ سَلِيمٍ - أَطَاعَ مَنْ يَهْدِيه وتَجَنَّبَ مَنْ يُرْدِيه - وأَصَابَ
سَبِيلَ السَّلَامَةِ بِبَصَرِ مَنْ بَصَّرَه - وطَاعَةِ هَادٍ أَمَرَه وبَادَرَ
الْهُدَى قَبْلَ أَنْ تُغْلَقَ أَبْوَابُه - وتُقْطَعَ أَسْبَابُه واسْتَفْتَحَ
التَّوْبَةَ وأَمَاطَ الْحَوْبَةَ (2960) - فَقَدْ أُقِيمَ
عَلَى الطَّرِيقِ وهُدِيَ نَهْجَ السَّبِيلِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
215- و من دعاء له كان يدعو به كثيرا :
|
|||||||||||||||
215 - ومن دعاء له عليهالسلام كان يدعو به كثيرا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَمْ يُصْبِحْ
بِي مَيِّتاً ولَا سَقِيماً - ولَا مَضْرُوباً عَلَى عُرُوقِي بِسُوءٍ - ولَا
مَأْخُوذاً بِأَسْوَإِ عَمَلِي ولَا مَقْطُوعاً دَابِرِي (2961) - ولَا مُرْتَدّاً عَنْ دِينِي ولَا مُنْكِراً لِرَبِّي - ولَا
مُسْتَوْحِشاً مِنْ إِيمَانِي ولَا مُلْتَبِساً (2962) عَقْلِي - ولَا مُعَذَّباً بِعَذَابِ الأُمَمِ مِنْ قَبْلِي -
أَصْبَحْتُ عَبْداً مَمْلُوكاً ظَالِماً لِنَفْسِي - لَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ
ولَا حُجَّةَ لِي - ولَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ إِلَّا مَا أَعْطَيْتَنِي -
ولَا أَتَّقِيَ إِلَّا مَا وَقَيْتَنِي! اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ
أَفْتَقِرَ فِي غِنَاكَ - أَوْ أَضِلَّ فِي هُدَاكَ أَوْ أُضَامَ فِي سُلْطَانِكَ
- أَوْ أُضْطَهَدَ والأَمْرُ لَكَ! اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَفْسِي أَوَّلَ
كَرِيمَةٍ تَنْتَزِعُهَا مِنْ كَرَائِمِي - وأَوَّلَ وَدِيعَةٍ تَرْتَجِعُهَا
مِنْ وَدَائِعِ نِعَمِكَ عِنْدِي! اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ
نَذْهَبَ عَنْ قَوْلِكَ - أَوْ أَنْ نُفْتَتَنَ عَنْ دِينِكَ - أَوْ تَتَابَعَ
بِنَا أَهْوَاؤُنَا (2963) دُونَ الْهُدَى
الَّذِي جَاءَ مِنْ عِنْدِكَ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
216- و من خطبة له خطبها بصفين :
|
|||||||||||||||
216 - ومن خطبة له عليهالسلام خطبها بصفين أَمَّا بَعْدُ - فَقَدْ جَعَلَ اللَّه
سُبْحَانَه لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلَايَةِ أَمْرِكُمْ - ولَكُمْ عَلَيَّ
مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ - فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الأَشْيَاءِ
فِي التَّوَاصُفِ - وأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ - لَا يَجْرِي لأَحَدٍ إِلَّا
جَرَى عَلَيْه - ولَا يَجْرِي عَلَيْه إِلَّا جَرَى لَه - ولَوْ كَانَ لأَحَدٍ
أَنْ يَجْرِيَ لَه ولَا يَجْرِيَ عَلَيْه - لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّه
سُبْحَانَه دُونَ خَلْقِه - لِقُدْرَتِه عَلَى عِبَادِه - ولِعَدْلِه فِي كُلِّ
مَا جَرَتْ عَلَيْه صُرُوفُ قَضَائِه - ولَكِنَّه سُبْحَانَه جَعَلَ حَقَّه عَلَى
الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوه - وجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْه مُضَاعَفَةَ
الثَّوَابِ - تَفَضُّلًا مِنْه وتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُه. |
|||||||||||||||
حق الوالي و حق الرعية
|
|||||||||||||||
حق الوالي وحق الرعية ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَه مِنْ حُقُوقِه
حُقُوقاً - افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ - فَجَعَلَهَا
تَتَكَافَأُ (2964) فِي وُجُوهِهَا -
ويُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً - ولَا يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ -.
وأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ سُبْحَانَه مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ - حَقُّ الْوَالِي
عَلَى الرَّعِيَّةِ وحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي - فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا
اللَّه سُبْحَانَه لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ - فَجَعَلَهَا نِظَاماً لأُلْفَتِهِمْ
وعِزّاً لِدِينِهِمْ - فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ
الْوُلَاةِ - ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ -
فَإِذَا أَدَّتْ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّه - وأَدَّى الْوَالِي
إِلَيْهَا حَقَّهَا - عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ وقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ -
واعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وجَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا (2965) السُّنَنُ (2966) - فَصَلَحَ
بِذَلِكَ الزَّمَانُ - وطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ ويَئِسَتْ مَطَامِعُ
الأَعْدَاءِ -. وإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا - أَوْ أَجْحَفَ (2967) الْوَالِي بِرَعِيَّتِه - اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ -
وظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ وكَثُرَ الإِدْغَالُ (2968) فِي الدِّينِ - وتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ (2969) فَعُمِلَ بِالْهَوَى - وعُطِّلَتِ الأَحْكَامُ وكَثُرَتْ عِلَلُ
النُّفُوسِ - فَلَا يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ (2970) حَقٍّ عُطِّلَ - ولَا لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ - فَهُنَالِكَ تَذِلُّ
الأَبْرَارُ وتَعِزُّ الأَشْرَارُ - وتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللَّه سُبْحَانَه
عِنْدَ الْعِبَادِ -. فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وحُسْنِ
التَّعَاوُنِ عَلَيْه - فَلَيْسَ أَحَدٌ وإِنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَا اللَّه
حِرْصُه - وطَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُه - بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا اللَّه
سُبْحَانَه أَهْلُه مِنَ الطَّاعَةِ لَه - ولَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللَّه
عَلَى عِبَادِه - النَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ - والتَّعَاوُنُ عَلَى
إِقَامَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ - ولَيْسَ امْرُؤٌ وإِنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُه
- وتَقَدَّمَتْ فِي الدِّينِ فَضِيلَتُه - بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ (2971) عَلَى مَا حَمَّلَه اللَّه مِنْ حَقِّه - ولَا امْرُؤٌ وإِنْ
صَغَّرَتْه النُّفُوسُ - واقْتَحَمَتْه (2972) الْعُيُونُ - بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْه. فَأَجَابَه عليهالسلام رَجُلٌ مِنْ
أَصْحَابِه - بِكَلَامٍ طَوِيلٍ يُكْثِرُ فِيه الثَّنَاءَ عَلَيْه - ويَذْكُرُ
سَمْعَه وطَاعَتَه لَه فَقَالَ عليهالسلام إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ
اللَّه سُبْحَانَه فِي نَفْسِه - وجَلَّ مَوْضِعُه مِنْ قَلْبِه - أَنْ يَصْغُرَ
عِنْدَه لِعِظَمِ ذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاه - وإِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ
لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللَّه عَلَيْه - ولَطُفَ إِحْسَانُه إِلَيْه فَإِنَّه
لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اللَّه عَلَى أَحَدٍ - إِلَّا ازْدَادَ حَقُّ اللَّه
عَلَيْه عِظَماً - وإِنَّ مِنْ أَسْخَفِ (2973) حَالَاتِ الْوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ - أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ
حُبُّ الْفَخْرِ - ويُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ - وقَدْ كَرِهْتُ أَنْ
يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الإِطْرَاءَ - واسْتِمَاعَ
الثَّنَاءِ ولَسْتُ بِحَمْدِ اللَّه كَذَلِكَ - ولَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ
يُقَالَ ذَلِكَ - لَتَرَكْتُه انْحِطَاطاً لِلَّه سُبْحَانَه - عَنْ تَنَاوُلِ
مَا هُوَ أَحَقُّ بِه مِنَ الْعَظَمَةِ والْكِبْرِيَاءِ - ورُبَّمَا اسْتَحْلَى
النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ (2974) - فَلَا تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ - لإِخْرَاجِي نَفْسِي
إِلَى اللَّه سُبْحَانَه وإِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ (2975) - فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وفَرَائِضَ لَا بُدَّ
مِنْ إِمْضَائِهَا - فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِه الْجَبَابِرَةُ -
ولَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِه عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ (2976) - ولَا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ (2977) ولَا تَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي - ولَا
الْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي - فَإِنَّه مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ
يُقَالَ لَه - أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْه كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا
أَثْقَلَ عَلَيْه - فَلَا تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ
بِعَدْلٍ - فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ - ولَا آمَنُ
ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي - إِلَّا أَنْ يَكْفِيَ اللَّه مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ
أَمْلَكُ بِه مِنِّي (2978) - فَإِنَّمَا
أَنَا وأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُه - يَمْلِكُ
مِنَّا مَا لَا نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا - وأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيه
إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْه - فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى
وأَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى. -----------------------------
|
|||||||||||||||
217- و من كلام له في التظلم و التشكي من قريش :
|
|||||||||||||||
217 - ومن كلام له عليهالسلام في التظلم والتشكي من قريش اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ (2979) عَلَى قُرَيْشٍ ومَنْ أَعَانَهُمْ - فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي
وأَكْفَئُوا إِنَائِي (2980) - وأَجْمَعُوا
عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ أَوْلَى بِه مِنْ غَيْرِي - وقَالُوا أَلَا
إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَه - وفِي الْحَقِّ أَنْ تُمْنَعَه فَاصْبِرْ
مَغْمُوماً أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً - فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ (2981) ولَا ذَابٌّ (2982) ولَا مُسَاعِدٌ -
إِلَّا أَهْلَ بَيْتِي فَضَنَنْتُ (2983) بِهِمْ عَنِ
الْمَنِيَّةِ - فَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى (2984) وجَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا (2985) - وصَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ -
وآلَمَ لِلْقَلْبِ مِنْ وَخْزِ الشِّفَارِ (2986). -----------------------------
قال
الشريف رضياللهعنه - وقد
مضى هذا الكلام في أثناء خطبة متقدمة - إلا أني ذكرته هاهنا لاختلاف الروايتين. |
|||||||||||||||
218- و من كلام له في ذكر السائرين إلى البصرة لحربه عليه السلام
:
|
|||||||||||||||
218 - ومن كلام له عليهالسلام في ذكر السائرين إلى البصرة
لحربه عليهالسلام فَقَدِمُوا عَلَى عُمَّالِي وخُزَّانِ
بَيْتِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي فِي يَدَيَّ - وعَلَى أَهْلِ مِصْرٍ كُلُّهُمْ
فِي طَاعَتِي وعَلَى بَيْعَتِي - فَشَتَّتُوا كَلِمَتَهُمْ وأَفْسَدُوا عَلَيَّ
جَمَاعَتَهُمْ - ووَثَبُوا عَلَى شِيعَتِي فَقَتَلُوا طَاِئفَةً منْهُمْ غَدْراً
- وطَاِئفَةٌ عَضُّوا عَلَى أَسْيَافِهِمْ (2987) - فَضَارَبُوا بِهَا حَتَّى لَقُوا اللَّه صَادِقِينَ. ----------------------------- (2987)
العضّ على السيوف: كناية
عن الصبر في الحرب وترك الاستسلام. |
|||||||||||||||
219- و من كلام له لما مر بطلحة بن عبد الله و عبد
الرحمن بن عتاب بن أسيد و هما قتيلان يوم الجمل :
|
|||||||||||||||
219 - ومن كلام له عليهالسلام لما مر بطلحة بن عبد الله
وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد - وهما قتيلان يوم الجمل: لَقَدْ أَصْبَحَ أَبُو مُحَمَّدٍ بِهَذَا
الْمَكَانِ غَرِيباً - أَمَا واللَّه لَقَدْ كُنْتُ أَكْرَه أَنْ تَكُونَ
قُرَيْشٌ قَتْلَى - تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ - أَدْرَكْتُ وَتْرِي (2988) مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ - وأَفْلَتَتْنِي أَعْيَانُ بَنِي جُمَحَ -
لَقَدْ أَتْلَعُوا (2989) أَعْنَاقَهُمْ
إِلَى أَمْرٍ - لَمْ يَكُونُوا أَهْلَه فَوُقِصُوا (2990) دُونَه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
220- و من كلام له في وصف السالك الطريق إلى اللّه سبحانه :
|
|||||||||||||||
220 - ومن كلام له عليهالسلام في وصف السالك الطريق إلى
اللَّه سبحانه قَدْ أَحْيَا عَقْلَه (2991) وأَمَاتَ نَفْسَه (2992) حَتَّى دَقَّ
جَلِيلُه (2993) - ولَطُفَ
غَلِيظُه (2994) وبَرَقَ لَه
لَامِعٌ كَثِيرُ الْبَرْقِ - فَأَبَانَ لَه الطَّرِيقَ وسَلَكَ بِه السَّبِيلَ -
وتَدَافَعَتْه (2995) الأَبْوَابُ إِلَى
بَابِ السَّلَامَةِ ودَارِ الإِقَامَةِ - وثَبَتَتْ رِجْلَاه بِطُمَأْنِينَةِ
بَدَنِه فِي قَرَارِ الأَمْنِ والرَّاحَةِ - بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَه وأَرْضَى
رَبَّه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
221- و من كلام له قاله بعد تلاوته :
|
|||||||||||||||
221 - ومن كلام له عليهالسلام قاله بعد تلاوته (أَلْهاكُمُ
التَّكاثُرُ (2996)
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) - يَا لَه
مَرَاماً (2997) مَا أَبْعَدَه
وزَوْراً (2998) مَا أَغْفَلَه (2999) - وخَطَراً مَا أَفْظَعَه - لَقَدِ اسْتَخْلَوْا (3000) مِنْهُمْ أَيَّ مُدَّكِرٍ (3001) وتَنَاوَشُوهُمْ (3002) مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ - أَفَبِمَصَارِعِ آبَائِهِمْ يَفْخَرُونَ - أَمْ
بِعَدِيدِ الْهَلْكَى يَتَكَاثَرُونَ يَرْتَجِعُونَ مِنْهُمْ أَجْسَاداً خَوَتْ (3003) وحَرَكَاتٍ سَكَنَتْ - ولأَنْ يَكُونُوا عِبَراً أَحَقُّ مِنْ أَنْ
يَكُونُوا مُفْتَخَراً - ولأَنْ يَهْبِطُوا بِهِمْ جَنَابَ ذِلَّةٍ - أَحْجَى (3004) مِنْ أَنْ يَقُومُوا بِهِمْ مَقَامَ عِزَّةٍ - لَقَدْ نَظَرُوا
إِلَيْهِمْ بِأَبْصَارِ الْعَشْوَةِ (3005) - وضَرَبُوا
مِنْهُمْ فِي غَمْرَةِ جَهَالَةٍ - ولَوِ اسْتَنْطَقُوا عَنْهُمْ عَرَصَاتِ
تِلْكَ الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ (3006) - والرُّبُوعِ (3007) الْخَالِيَةِ لَقَالَتْ - ذَهَبُوا فِي الأَرْضِ ضُلَّالًا (3008) وذَهَبْتُمْ فِي أَعْقَابِهِمْ جُهَّالًا - تَطَئُونَ فِي هَامِهِمْ (3009) وتَسْتَنْبِتُونَ (3010) فِي أَجْسَادِهِمْ
- وتَرْتَعُونَ (3011) فِيمَا لَفَظُوا
وتَسْكُنُونَ فِيمَا خَرَّبُوا - وإِنَّمَا الأَيَّامُ بَيْنَكُمْ وبَيْنَهُمْ
بَوَاكٍ (3012) ونَوَائِحُ (3013) عَلَيْكُمْ. أُولَئِكُمْ سَلَفُ غَايَتِكُمْ (3014) وفُرَّاطُ (3015) مَنَاهِلِكُمْ (3016) - الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ مَقَاوِمُ (3017) الْعِزِّ - وحَلَبَاتُ (3018) الْفَخْرِ
مُلُوكاً وسُوَقاً (3019) سَلَكُوا فِي
بُطُونِ الْبَرْزَخِ (3020) سَبِيلًا
سُلِّطَتِ الأَرْضُ عَلَيْهِمْ فِيه - فَأَكَلَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ وشَرِبَتْ
مِنْ دِمَائِهِمْ - فَأَصْبَحُوا فِي فَجَوَاتِ (3021) قُبُورِهِمْ جَمَاداً لَا يَنْمُونَ (3022) - وضِمَاراً (3023) لَا يُوجَدُونَ -
لَا يُفْزِعُهُمْ وُرُودُ الأَهْوَالِ - ولَا يَحْزُنُهُمْ تَنَكُّرُ
الأَحْوَالِ - ولَا يَحْفِلُونَ (3024) بِالرَّوَاجِفِ (3025) ولَا يَأْذَنُونَ (3026) لِلْقَوَاصِفِ (3027) - غُيَّباً لَا يُنْتَظَرُونَ وشُهُوداً لَا يَحْضُرُونَ - وإِنَّمَا
كَانُوا جَمِيعاً فَتَشَتَّتُوا وآلَافاً (3028) فَافْتَرَقُوا - ومَا عَنْ طُولِ عَهْدِهِمْ ولَا بُعْدِ مَحَلِّهِمْ -
عَمِيَتْ أَخْبَارُهُمْ وصَمَّتْ (3029) دِيَارُهُمْ -
ولَكِنَّهُمْ سُقُوا كَأْساً بَدَّلَتْهُمْ بِالنُّطْقِ خَرَساً - وبِالسَّمْعِ
صَمَماً وبِالْحَرَكَاتِ سُكُوناً - فَكَأَنَّهُمْ فِي ارْتِجَالِ الصِّفَةِ (3030) صَرْعَى (3031) سُبَاتٍ (3032) - جِيرَانٌ لَا يَتَأَنَّسُونَ وأَحِبَّاءُ لَا يَتَزَاوَرُونَ -
بَلِيَتْ (3033) بَيْنَهُمْ عُرَا (3034) التَّعَارُفِ - وانْقَطَعَتْ مِنْهُمْ أَسْبَابُ الإِخَاءِ -
فَكُلُّهُمْ وَحِيدٌ وهُمْ جَمِيعٌ - وبِجَانِبِ الْهَجْرِ وهُمْ أَخِلَّاءُ -
لَا يَتَعَارَفُونَ لِلَيْلٍ صَبَاحاً ولَا لِنَهَارٍ مَسَاءً. أَيُّ الْجَدِيدَيْنِ (3035) ظَعَنُوا فِيه كَانَ عَلَيْهِمْ سَرْمَداً - شَاهَدُوا مِنْ أَخْطَارِ
دَارِهِمْ أَفْظَعَ مِمَّا خَافُوا - ورَأَوْا مِنْ آيَاتِهَا أَعْظَمَ مِمَّا
قَدَّرُوا - فَكِلْتَا الْغَايَتَيْنِ (3036) مُدَّتْ لَهُمْ - إِلَى مَبَاءَةٍ (3037) فَاتَتْ مَبَالِغَ الْخَوْفِ والرَّجَاءِ - فَلَوْ كَانُوا يَنْطِقُونَ
بِهَا - لَعَيُّوا (3038) بِصِفَةِ مَا
شَاهَدُوا ومَا عَايَنُوا. ولَئِنْ عَمِيَتْ آثَارُهُمْ وانْقَطَعَتْ
أَخْبَارُهُمْ - لَقَدْ رَجَعَتْ فِيهِمْ أَبْصَارُ الْعِبَرِ (3039) - وسَمِعَتْ عَنْهُمْ آذَانُ الْعُقُولِ - وتَكَلَّمُوا مِنْ غَيْرِ
جِهَاتِ النُّطْقِ - فَقَالُوا كَلَحَتِ (3040) الْوُجُوه النَّوَاضِرُ (3041) وخَوَتِ (3042) الأَجْسَامُ النَّوَاعِمُ - ولَبِسْنَا أَهْدَامَ (3044) الْبِلَى وتَكَاءَدَنَا ضِيقُ الْمَضْجَعِ - وتَوَارَثْنَا الْوَحْشَةَ
وتَهَكَّمَتْ (3045) عَلَيْنَا
الرُّبُوعُ (3046) الصُّمُوتُ (3047) - فَانْمَحَتْ مَحَاسِنُ أَجْسَادِنَا وتَنَكَّرَتْ مَعَارِفُ
صُوَرِنَا - وطَالَتْ فِي مَسَاكِنِ الْوَحْشَةِ إِقَامَتُنَا - ولَمْ نَجِدْ
مِنْ كَرْبٍ فَرَجاً ولَا مِنْ ضِيقٍ مُتَّسَعاً - فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ
بِعَقْلِكَ - أَوْ كُشِفَ عَنْهُمْ مَحْجُوبُ الْغِطَاءِ لَكَ - وقَدِ
ارْتَسَخَتْ (3048) أَسْمَاعُهُمْ
بِالْهَوَامِّ (3049) فَاسْتَكَّتْ (3050) - واكْتَحَلَتْ أَبْصَارُهُمْ بِالتُّرَاب فَخَسَفَتْ (3051) - وتَقَطَّعَتِ الأَلْسِنَةُ فِي أَفْوَاهِهِمْ بَعْدَ ذَلَاقَتِهَا (3052) - وهَمَدَتِ الْقُلُوبُ فِي صُدُورِهِمْ بَعْدَ يَقَظَتِهَا - وعَاثَ (3053) فِي كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ جَدِيدُ بِلًى (3054) سَمَّجَهَا (3055) - وسَهَّلَ طُرُقَ
الآفَةِ إِلَيْهَا - مُسْتَسْلِمَاتٍ فَلَا أَيْدٍ تَدْفَعُ ولَا قُلُوبٌ
تَجْزَعُ - لَرَأَيْتَ أَشْجَانَ قُلُوبٍ (3056) وأَقْذَاءَ عُيُونٍ (3057) - لَهُمْ فِي
كُلِّ فَظَاعَةٍ صِفَةُ حَالٍ لَا تَنْتَقِلُ - وغَمْرَةٌ (3058) لَا تَنْجَلِي - فَكَمْ أَكَلَتِ الأَرْضُ مِنْ عَزِيزِ جَسَدٍ
وأَنِيقِ (3059) لَوْنٍ - كَانَ
فِي الدُّنْيَا غَذِيَّ (3060) تَرَفٍ ورَبِيبَ (3061) شَرَفٍ - يَتَعَلَّلُ (3062) بِالسُّرُورِ فِي
سَاعَةِ حُزْنِه - ويَفْزَعُ إِلَى السَّلْوَةِ (3063) إِنْ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِه - ضَنّاً (3064) بِغَضَارَةِ (3065) عَيْشِه وشَحَاحَةً (3066) بِلَهْوِه ولَعِبِه فَبَيْنَا هُوَ يَضْحَكُ إِلَى الدُّنْيَا
وتَضْحَكُ إِلَيْه - فِي ظِلِّ عَيْشٍ غَفُولٍ (3067) إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِه حَسَكَه (3068) - ونَقَضَتِ الأَيَّامُ قُوَاه - ونَظَرَتْ إِلَيْه الْحُتُوفُ (3069) مِنْ كَثَبٍ (3070) - فَخَالَطَه (3071) بَثٌّ (3072) لَا يَعْرِفُه
ونَجِيُّ (3073) هَمٍّ مَا كَانَ
يَجِدُه - وتَوَلَّدَتْ فِيه فَتَرَاتُ (3074) عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِه - فَفَزِعَ إِلَى مَا كَانَ
عَوَّدَه الأَطِبَّاءُ - مِنْ تَسْكِينِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ (3075) وتَحْرِيكِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ - فَلَمْ يُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا
ثَوَّرَ حَرَارَةً - ولَا حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلَّا هَيَّجَ بُرُودَةً - ولَا
اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ (3076) لِتِلْكَ الطَّبَائِعِ
- إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ - حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُه (3077) وذَهَلَ مُمَرِّضُه - وتَعَايَا (3078) أَهْلُه بِصِفَةِ دَائِه - وخَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّاِئِلينَ عَنْه
- وتَنَازَعُوا دُونَه شَجِيَّ خَبَرٍ يَكْتُمُونَه - فَقَائِلٌ يَقُولُ هُوَ
لِمَا بِه (3079) ومُمَنٍّ (3080) لَهُمْ إِيَابَ (3081) عَافِيَتِه -
ومُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى فَقْدِه - يُذَكِّرُهُمْ أُسَى (3082) الْمَاضِينَ مِنْ قَبْلِه - فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَنَاحٍ
مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا - وتَرْكِ الأَحِبَّةِ - إِذْ عَرَضَ لَه عَارِضٌ مِنْ
غُصَصِه - فَتَحَيَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِه (3083) ويَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِه - فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِه
عَرَفَه فَعَيَّ (3084) عَنْ رَدِّه -
ودُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِه سَمِعَه فَتَصَامَّ عَنْه - مِنْ كَبِيرٍ كَانَ يُعَظِّمُه
أَوْ صَغِيرٍ كَانَ يَرْحَمُه - وإِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ (3085) هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ - أَوْ تَعْتَدِلَ
عَلَى عُقُولِ (3086) أَهْلِ
الدُّنْيَا. -----------------------------
|
|||||||||||||||
222- و من كلام له قاله عند تلاوته :
|
|||||||||||||||
222 - ومن كلام له عليهالسلام قاله عند تلاوته: (يُسَبِّحُ
لَه فِيها بِالْغُدُوِّ والآصالِ رِجالٌ - لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ
عَنْ ذِكْرِ الله). إِنَّ اللَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى جَعَلَ
الذِّكْرَ (3087) جِلاءً (3088) لِلْقُلُوبِ - تَسْمَعُ بِه بَعْدَ الْوَقْرَةِ (3089) وتُبْصِرُ بِه بَعْدَ الْعَشْوَةِ (3090) - وتَنْقَادُ بِه بَعْدَ الْمُعَانَدَةِ - ومَا بَرِحَ لِلَّه عَزَّتْ
آلَاؤُه فِي الْبُرْهَةِ بَعْدَ الْبُرْهَةِ - وفِي أَزْمَانِ الْفَتَرَاتِ (3091) عِبَادٌ نَاجَاهُمْ (3092) فِي فِكْرِهِمْ -
وكَلَّمَهُمْ فِي ذَاتِ عُقُولِهِمْ - فَاسْتَصْبَحُوا (3093) بِنُورِ يَقَظَةٍ فِي الأَبْصَارِ والأَسْمَاعِ والأَفْئِدَةِ -
يُذَكِّرُونَ بِأَيَّامِ اللَّه ويُخَوِّفُونَ مَقَامَه - بِمَنْزِلَةِ
الأَدِلَّةِ (3094) فِي الْفَلَوَاتِ (3095) - مَنْ أَخَذَ الْقَصْدَ (3096) حَمِدُوا إِلَيْه
طَرِيقَه وبَشَّرُوه بِالنَّجَاةِ - ومَنْ أَخَذَ يَمِيناً وشِمَالًا ذَمُّوا
إِلَيْه الطَّرِيقَ - وحَذَّرُوه مِنَ الْهَلَكَةِ - وكَانُوا كَذَلِكَ
مَصَابِيحَ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ - وأَدِلَّةَ تِلْكَ الشُّبُهَاتِ - وإِنَّ
لِلذِّكْرِ لأَهْلًا أَخَذُوه مِنَ الدُّنْيَا بَدَلًا - فَلَمْ تَشْغَلْهُمْ
تِجَارَةٌ ولَا بَيْعٌ عَنْه - يَقْطَعُونَ بِه أَيَّامَ الْحَيَاةِ -
ويَهْتِفُونَ (3097) بِالزَّوَاجِرِ
عَنْ مَحَارِمِ اللَّه فِي أَسْمَاعِ الْغَافِلِينَ - ويَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ (3098) ويَأْتَمِرُونَ بِه (3099) - ويَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ ويَتَنَاهَوْنَ عَنْه - فَكَأَنَّمَا قَطَعُوا الدُّنْيَا
إِلَى الآخِرَةِ وهُمْ فِيهَا - فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ - فَكَأَنَّمَا
اطَّلَعُوا غُيُوبَ أَهْلِ الْبَرْزَخِ
فِي طُولِ الإِقَامَةِ فِيه - وحَقَّقَتِ الْقِيَامَةُ عَلَيْهِمْ
عِدَاتِهَا (3100) - فَكَشَفُوا
غِطَاءَ ذَلِكَ لأَهْلِ الدُّنْيَا - حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا يَرَى
النَّاسُ ويَسْمَعُونَ مَا لَا يَسْمَعُونَ - فَلَوْ مَثَّلْتَهُمْ لِعَقْلِكَ
فِي مَقَاوِمِهِمُ (3101) الْمَحْمُودَةِ -
ومَجَالِسِهِمُ الْمَشْهُودَةِ - وقَدْ نَشَرُوا دَوَاوِينَ (3102) أَعْمَالِهِمْ - وفَرَغُوا لِمُحَاسَبَةِ أَنْفُسِهِمْ عَلَى كُلِّ
صَغِيرَةٍ وكَبِيرَةٍ - أُمِرُوا بِهَا فَقَصَّرُوا عَنْهَا أَوْ نُهُوا عَنْهَا
فَفَرَّطُوا فيهَا - وحَمَّلُوا ثِقَلَ أَوْزَاِرِهمْ (3103) ظُهُورَهُمْ - فَضَعُفُوا عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِهَا - فَنَشَجُوا (3104) نَشِيجاً وتَجَاوَبُوا نَحِيباً (3105) - يَعِجُّونَ (3106) إِلَى رَبِّهِمْ
مِنْ مَقَامِ نَدَمٍ واعْتِرَافٍ - لَرَأَيْتَ أَعْلَامَ هُدًى ومَصَابِيحَ
دُجًى - قَدْ حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ - وتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ
السَّكِينَةُ - وفُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وأُعِدَّتْ لَهُمْ
مَقَاعِدُ الْكَرَامَاتِ - فِي مَقْعَدٍ اطَّلَعَ اللَّه عَلَيْهِمْ فِيه -
فَرَضِيَ سَعْيَهُمْ وحَمِدَ مَقَامَهُمْ - يَتَنَسَّمُونَ (3107) بِدُعَائِه رَوْحَ التَّجَاوُزِ - رَهَائِنُ فَاقَةٍ إِلَى فَضْلِه
وأُسَارَى ذِلَّةٍ لِعَظَمَتِه - جَرَحَ طُولُ الأَسَى (3108) قُلُوبَهُمْ وطُولُ الْبُكَاءِ عُيُونَهُمْ - لِكُلِّ بَابِ رَغْبَةٍ
إِلَى اللَّه مِنْهُمْ يَدٌ قَارِعَةٌ - يَسْأَلُونَ مَنْ لَا تَضِيقُ لَدَيْه
الْمَنَادِحُ (3109) - ولَا يَخِيبُ
عَلَيْه الرَّاغِبُونَ. فَحَاسِبْ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ فَإِنَّ
غَيْرَهَا مِنَ الأَنْفُسِ لَهَا حَسِيبٌ غَيْرُكَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
223- و من كلام له قاله عند تلاوته { يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ
ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } :
|
|||||||||||||||
223 - ومن كلام له عليهالسلام قاله عند تلاوته: (يا
أَيُّهَا الإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ). أَدْحَضُ (3110) مَسْئُولٍ حُجَّةً وأَقْطَعُ مُغْتَرٍّ مَعْذِرَةً - لَقَدْ أَبْرَحَ (3111) جَهَالَةً بِنَفْسِه. يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا جَرَّأَكَ
عَلَى ذَنْبِكَ - ومَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ومَا أَنَّسَكَ بِهَلَكَةِ نَفْسِكَ -
أَمَا مِنْ دَائِكَ بُلُولٌ (3112) أَمْ لَيْسَ مِنْ
نَوْمَتِكَ يَقَظَةٌ - أَمَا تَرْحَمُ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَرْحَمُ مِنْ غَيْرِكَ
- فَلَرُبَّمَا تَرَى الضَّاحِيَ (3113) مِنْ حَرِّ
الشَّمْسِ فَتُظِلُّه - أَوْ تَرَى الْمُبْتَلَى بِأَلَمٍ يُمِضُّ جَسَدَه (3114) فَتَبْكِي رَحْمَةً لَه - فَمَا صَبَّرَكَ عَلَى دَائِكَ وجَلَّدَكَ
عَلَى مُصَابِكَ - وعَزَّاكَ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى نَفْسِكَ - وهِيَ أَعَزُّ
الأَنْفُسِ عَلَيْكَ - وكَيْفَ لَا يُوقِظُكَ خَوْفُ بَيَاتِ نِقْمَةٍ (3115) - وقَدْ تَوَرَّطْتَ بِمَعَاصِيه مَدَارِجَ سَطَوَاتِه - فَتَدَاوَ
مِنْ دَاءِ الْفَتْرَةِ فِي قَلْبِكَ بِعَزِيمَةٍ - ومِنْ كَرَى (3116) الْغَفْلَةِ فِي نَاظِرِكَ بِيَقَظَةٍ - وكُنْ لِلَّه مُطِيعاً
وبِذِكْرِه آنِساً - وتَمَثَّلْ (3117) فِي حَالِ
تَوَلِّيكَ (3118) عَنْه -
إِقْبَالَه عَلَيْكَ يَدْعُوكَ إِلَى عَفْوِه - ويَتَغَمَّدُكَ (3119) بِفَضْلِه وأَنْتَ مُتَوَلٍّ عَنْه إِلَى غَيْرِه فَتَعَالَى مِنْ
قَوِيٍّ مَا أَكْرَمَه - وتَوَاضَعْتَ مِنْ ضَعِيفٍ مَا أَجْرَأَكَ عَلَى
مَعْصِيَتِه - وأَنْتَ فِي كَنَفِ سِتْرِه مُقِيمٌ - وفِي سَعَةِ فَضْلِه
مُتَقَلِّبٌ - فَلَمْ يَمْنَعْكَ فَضْلَه ولَمْ يَهْتِكْ عَنْكَ سِتْرَه - بَلْ
لَمْ تَخْلُ مِنْ لُطْفِه مَطْرَفَ عَيْنٍ (3120) - فِي نِعْمَةٍ يُحْدِثُهَا لَكَ أَوْ سَيِّئَةٍ يَسْتُرُهَا عَلَيْكَ
- أَوْ بَلِيَّةٍ يَصْرِفُهَا عَنْكَ فَمَا ظَنُّكَ بِه لَوْ أَطَعْتَه - وايْمُ
اللَّه لَوْ أَنَّ هَذِه الصِّفَةَ كَانَتْ فِي مُتَّفِقَيْنِ فِي الْقُوَّةِ -
مُتَوَازِيَيْنِ فِي الْقُدْرَةِ - لَكُنْتَ أَوَّلَ حَاكِمٍ عَلَى نَفْسِكَ
بِذَمِيمِ الأَخْلَاقِ - ومَسَاوِئِ الأَعْمَالِ - وحَقّاً أَقُولُ مَا
الدُّنْيَا غَرَّتْكَ ولَكِنْ بِهَا اغْتَرَرْتَ - ولَقَدْ كَاشَفَتْكَ
الْعِظَاتِ (3121) وآذَنَتْكَ (3122) عَلَى سَوَاءٍ - ولَهِيَ بِمَا تَعِدُكَ مِنْ نُزُولِ الْبَلَاءِ
بِجِسْمِكَ - والنَّقْصِ فِي قُوَّتِكَ أَصْدَقُ وأَوْفَى مِنْ أَنْ تَكْذِبَكَ
أَوْ تَغُرَّكَ - ولَرُبَّ نَاصِحٍ لَهَا عِنْدَكَ مُتَّهَمٌ (3123) - وصَادِقٍ مِنْ خَبَرِهَا مُكَذَّبٌ - ولَئِنْ تَعَرَّفْتَهَا (3124) فِي الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ والرُّبُوعِ الْخَالِيَةِ -
لَتَجِدَنَّهَا مِنْ حُسْنِ تَذْكِيرِكَ - وبَلَاغِ مَوْعِظَتِكَ - بِمَحَلَّةِ
الشَّفِيقِ عَلَيْكَ والشَّحِيحِ (3125) بِكَ - ولَنِعْمَ
دَارُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا دَاراً - ومَحَلُّ مَنْ لَمْ يُوَطِّنْهَا (3126) مَحَلاًّ - وإِنَّ السُّعَدَاءَ بِالدُّنْيَا غَداً هُمُ الْهَارِبُونَ
مِنْهَا الْيَوْمَ. إِذَا رَجَفَتِ الرَّاجِفَةُ (3127) وحَقَّتْ (3128) بِجَلَائِلِهَا
الْقِيَامَةُ - ولَحِقَ بِكُلِّ مَنْسَكٍ (3129) أَهْلُه وبِكُلِّ مَعْبُودٍ عَبَدَتُه - وبِكُلِّ مُطَاعٍ أَهْلُ
طَاعَتِه - فَلَمْ يُجْزَ (3130) فِي عَدْلِه
وقِسْطِه يَوْمَئِذٍ خَرْقُ بَصَرٍ فِي الْهَوَاءِ - ولَا هَمْسُ قَدَمٍ فِي
الأَرْضِ إِلَّا بِحَقِّه - فَكَمْ حُجَّةٍ يَوْمَ ذَاكَ دَاحِضَةٌ - وعَلَائِقِ
عُذْرٍ مُنْقَطِعَةٌ! فَتَحَرَّ (3131) مِنْ أَمْرِكَ مَا يَقُومُ بِه عُذْرُكَ وتَثْبُتُ بِه حُجَّتُكَ -
وخُذْ مَا يَبْقَى لَكَ مِمَّا لَا تَبْقَى لَه - وتَيَسَّرْ (3132) لِسَفَرِكَ وشِمْ (3133) بَرْقَ النَّجَاةِ
وارْحَلْ (3134) مَطَايَا
التَّشْمِيرِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
224- و من كلام له يتبرأ من الظلم :
|
|||||||||||||||
224 - ومن كلام له عليهالسلام يتبرأ من الظلم واللَّه لأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ
السَّعْدَانِ (3135) مُسَهَّداً (3136) - أَوْ أُجَرَّ فِي الأَغْلَالِ مُصَفَّداً - أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ أَلْقَى اللَّه ورَسُولَه يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً - لِبَعْضِ الْعِبَادِ
- وغَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ - وكَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ
يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا (3137) - ويَطُولُ فِي
الثَّرَى (3138) حُلُولُهَا! واللَّه لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا وقَدْ
أَمْلَقَ (3139) - حَتَّى
اسْتَمَاحَنِي (3140) مِنْ بُرِّكُمْ (3141) صَاعاً - ورَأَيْتُ صِبْيَانَه شُعْثَ (3142) الشُّعُورِ غُبْرَ (3143) الأَلْوَانِ مِنْ
فَقْرِهِمْ - كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ (3144) - وعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً وكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً -
فَأَصْغَيْتُ إِلَيْه سَمْعِي فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُه دِينِي - وأَتَّبِعُ
قِيَادَه (3145) مُفَارِقاً
طَرِيقَتِي – فَأَحْمَيْتُ لَه حَدِيدَةً ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِه
لِيَعْتَبِرَ بِهَا - فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ (3146) مِنْ أَلَمِهَا - وكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا (3147) - فَقُلْتُ لَه ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ (3148) يَا عَقِيلُ - أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا
لِلَعِبِه - وتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِه -
أَتَئِنُّ مِنَ الأَذَى ولَا أَئِنُّ مِنْ لَظَى (3149) - وأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفُوفَةٍ (3150) فِي وِعَائِهَا - ومَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا (3151) - كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا - فَقُلْتُ
أَصِلَةٌ (3152) أَمْ زَكَاةٌ أَمْ
صَدَقَةٌ - فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ - فَقَالَ لَا ذَا
ولَا ذَاكَ ولَكِنَّهَا هَدِيَّةٌ - فَقُلْتُ هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ (3153) أَعَنْ دِينِ اللَّه أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي - أَمُخْتَبِطٌ (3154) أَنْتَ أَمْ ذُو جِنَّةٍ (3155) أَمْ تَهْجُرُ (3156) - واللَّه لَوْ أُعْطِيتُ الأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ
أَفْلَاكِهَا - عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّه فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ (3157) شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُه - وإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لأَهْوَنُ مِنْ
وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا (3158) - مَا لِعَلِيٍّ ولِنَعِيمٍ يَفْنَى ولَذَّةٍ لَا تَبْقَى - نَعُوذُ
بِاللَّه مِنْ سُبَاتِ (3159) الْعَقْلِ وقُبْحِ
الزَّلَلِ وبِه نَسْتَعِينُ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
225- و من دعاء له يلتجئ إلى اللّه أن يغنيه :
|
|||||||||||||||
225 - ومن دعاء له عليهالسلام يلتجئ إلى اللَّه أن يغنيه اللَّهُمَّ صُنْ وَجْهِي (3160) بِالْيَسَارِ (3161) ولَا تَبْذُلْ
جَاهِيَ (3162) بِالإِقْتَارِ (3163) - فَأَسْتَرْزِقَ طَالِبِي رِزْقِكَ وأَسْتَعْطِفَ شِرَارَ خَلْقِكَ -
وأُبْتَلَى بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي وأُفْتَتَنَ بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي -
وأَنْتَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّه وَلِيُّ الإِعْطَاءِ والْمَنْعِ - (إِنَّكَ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). -----------------------------
|
|||||||||||||||
226- و من خطبة له في التنفير من الدنيا :
|
|||||||||||||||
226 - ومن خطبة له عليهالسلام في التنفير من الدنيا دَارٌ بِالْبَلَاءِ مَحْفُوفَةٌ
وبِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ - لَا تَدُومُ أَحْوَالُهَا ولَا يَسْلَمُ نُزَّالُهَا
(3164). أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ وتَارَاتٌ
مُتَصَرِّفَةٌ (3165) - الْعَيْشُ
فِيهَا مَذْمُومٌ والأَمَانُ مِنْهَا مَعْدُومٌ - وإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا
أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ (3166) - تَرْمِيهِمْ
بِسِهَامِهَا وتُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا (3167). واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّكُمْ ومَا
أَنْتُمْ فِيه مِنْ هَذِه الدُّنْيَا - عَلَى سَبِيلِ مَنْ قَدْ مَضَى
قَبْلَكُمْ - مِمَّنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَاراً وأَعْمَرَ دِيَاراً
وأَبْعَدَ آثَاراً (3168) - أَصْبَحَتْ
أَصْوَاتُهُمْ هَامِدَةً ورِيَاحُهُمْ رَاكِدَةً (3169) - وأَجْسَادُهُمْ بَالِيَةً ودِيَارُهُمْ خَالِيَةً وآثَارُهُمْ
عَافِيَةً (3170) - فَاسْتَبْدَلُوا
بِالْقُصُورِ الْمَشَيَّدَةِ والنَّمَارِقِ (3171) الْمُمَهَّدَةِ (3172) - الصُّخُورَ
والأَحْجَارَ الْمُسَنَّدَةَ والْقُبُورَ اللَّاطِئَةَ (3173) الْمُلْحَدَةَ (3174) - الَّتِي قَدْ
بُنِيَ عَلَى الْخَرَابِ فِنَاؤُهَا (3175) - وشُيِّدَ
بِالتُّرَابِ بِنَاؤُهَا فَمَحَلُّهَا مُقْتَرِبٌ وسَاكِنُهَا مُغْتَرِبٌ -
بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ مُوحِشِينَ وأَهْلِ فَرَاغٍ مُتَشَاغِلِينَ - لَا
يَسْتَأْنِسُونَ بِالأَوْطَانِ ولَا يَتَوَاصَلُونَ تَوَاصُلَ الْجِيرَانِ -
عَلَى مَا بَيْنَهُمْ مِنْ قُرْبِ الْجِوَارِ ودُنُوِّ الدَّارِ - وكَيْفَ
يَكُونُ بَيْنَهُمْ تَزَاوُرٌ وقَدْ طَحَنَهُمْ بِكَلْكَلِه (3176) الْبِلَى (3177) - وأَكَلَتْهُمُ
الْجَنَادِلُ (3178) والثَّرَى (3179)! وكَأَنْ قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا صَارُوا
إِلَيْه - وارْتَهَنَكُمْ ذَلِكَ الْمَضْجَعُ (3180) وضَمَّكُمْ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدَعُ - فَكَيْفَ بِكُمْ لَوْ تَنَاهَتْ (3181) بِكُمُ الأُمُورُ - وبُعْثِرَتِ الْقُبُورُ (3182): (هُنالِكَ تَبْلُوا (3183) كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ - ورُدُّوا
إِلَى الله مَوْلاهُمُ الْحَقِّ - وضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ). -----------------------------
|
|||||||||||||||
227- و من دعاء له يلجأ فيه إلى اللّه ليهديه إلى الرشاد :
|
|||||||||||||||
227 - ومن دعاء له عليهالسلام يلجأ فيه إلى اللَّه ليهديه
إلى الرشاد اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ (3184) الآنِسِينَ لأَوْلِيَائِكَ - وأَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ
لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ - تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وتَطَّلِعُ
عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ - وتَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ -
فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وقُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ (3185) - إِنْ أَوْحَشَتْهُمُ الْغُرْبَةُ آنَسَهُمْ ذِكْرُكَ - وإِنْ صُبَّتْ
عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ لَجَئُوا إِلَى الِاسْتِجَارَةِ بِكَ - عِلْماً بِأَنَّ
أَزِمَّةَ الأُمُورِ بِيَدِكَ - ومَصَادِرَهَا عَنْ قَضَائِكَ. اللَّهُمَّ إِنْ فَهِهْتُ (3186) عَنْ مَسْأَلَتِي أَوْ عَمِيتُ عَنْ طِلْبَتِي (3187) - فَدُلَّنِي عَلَى مَصَالِحِي - وخُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَرَاشِدِي (3188) - فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنُكْرٍ (3189) مِنْ هِدَايَاتِكَ - ولَا بِبِدْعٍ (3190) مِنْ كِفَايَاتِكَ اللَّهُمَّ احْمِلْنِي عَلَى عَفْوِكَ
ولَا تَحْمِلْنِي عَلَى عَدْلِكَ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
228- و من كلام له يريد به بعض أصحابه :
|
|||||||||||||||
228 - ومن كلام له عليهالسلام يريد به بعض أصحابه لِلَّه بَلَاءُ فُلَانٍ (3191) فَلَقَدْ قَوَّمَ (3192) الأَوَدَ ودَاوَى
الْعَمَدَ (3193) - وأَقَامَ
السُّنَّةَ وخَلَّفَ (3194) الْفِتْنَةَ -
ذَهَبَ نَقِيَّ الثَّوْبِ قَلِيلَ الْعَيْبِ - أَصَابَ خَيْرَهَا وسَبَقَ
شَرَّهَا - أَدَّى إِلَى اللَّه طَاعَتَه واتَّقَاه بِحَقِّه - رَحَلَ
وتَرَكَهُمْ فِي طُرُقٍ مُتَشَعِّبَةٍ (3195) - لَا يَهْتَدِي بِهَا الضَّالُّ ولَا يَسْتَيْقِنُ الْمُهْتَدِي. -----------------------------
|
|||||||||||||||
229- و من كلام له في وصف بيعته بالخلافة :
|
|||||||||||||||
229 - ومن كلام له عليهالسلام في وصف بيعته بالخلافة قال الشريف: وقد تقدم مثله
بألفاظ مختلفة. وبَسَطْتُمْ يَدِي فَكَفَفْتُهَا
ومَدَدْتُمُوهَا فَقَبَضْتُهَا - ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عَلَيَّ (3196) تَدَاكَّ الإِبِلِ الْهِيمِ (3197) - عَلَى حِيَاضِهَا يَوْمَ وِرْدِهَا - حَتَّى انْقَطَعَتِ النَّعْلُ -
وسَقَطَ الرِّدَاءُ ووُطِئَ الضَّعِيفُ - وبَلَغَ مِنْ سُرُورِ النَّاسِ
بِبَيْعَتِهِمْ إِيَّايَ - أَنِ ابْتَهَجَ بِهَا الصَّغِيرُ وهَدَجَ (3198) إِلَيْهَا الْكَبِيرُ - وتَحَامَلَ نَحْوَهَا الْعَلِيلُ وحَسَرَتْ (3199) إِلَيْهَا الْكِعَابُ (3200). -----------------------------
|
|||||||||||||||
230- و من خطبة له في مقاصد أخرى :
|
|||||||||||||||
230 - ومن خطبة له عليهالسلام في مقاصد أخرى فَإِنَّ تَقْوَى اللَّه مِفْتَاحُ سَدَادٍ
- وذَخِيرَةُ مَعَادٍ وعِتْقٌ مِنْ كُلِّ مَلَكَةٍ (3201) - ونَجَاةٌ مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ (3202) بِهَا يَنْجَحُ الطَّالِبُ - ويَنْجُو الْهَارِبُ وتُنَالُ
الرَّغَائِبُ. |
|||||||||||||||
فضل العمل
|
|||||||||||||||
فضل العمل فَاعْمَلُوا والْعَمَلُ يُرْفَعُ -
والتَّوْبَةُ تَنْفَعُ والدُّعَاءُ يُسْمَعُ - والْحَالُ هَادِئَةٌ والأَقْلَامُ
جَارِيَةٌ - وبَادِرُوا (3203) بِالأَعْمَالِ
عُمُراً نَاكِساً (3204) - أَوْ مَرَضاً
حَابِساً (3205) أَوْ مَوْتاً
خَالِساً (3206) - فَإِنَّ
الْمَوْتَ هَادِمُ لَذَّاتِكُمْ - ومُكَدِّرُ شَهَوَاتِكُمْ ومُبَاعِدُ
طِيَّاتِكُمْ (3207) - زَائِرٌ غَيْرُ
مَحْبُوبٍ وقِرْنٌ (3208) غَيْرُ مَغْلُوبٍ
- ووَاتِرٌ (3209) غَيْرُ مَطْلُوبٍ
- قَدْ أَعْلَقَتْكُمْ حَبَائِلُه (3210) -
وتَكَنَّفَتْكُمْ (3211) غَوَائِلُه (3212) وأَقْصَدَتْكُمْ (3213) مَعَابِلُه (3214) - وعَظُمَتْ فِيكُمْ سَطْوَتُه وتَتَابَعَتْ عَلَيْكُمْ عَدْوَتُه (3215) -----------------------------
وقَلَّتْ عَنْكُمْ نَبْوَتُه (3216) - فَيُوشِكُ (3217) أَنْ تَغْشَاكُمْ (3218) دَوَاجِي (3219) ظُلَلِه (3220) - واحْتِدَامُ (3221) عِلَلِه
وحَنَادِسُ (3222) غَمَرَاتِه (3223) - وغَوَاشِي سَكَرَاتِه وأَلِيمُ إِرْهَاقِه (3234) - ودُجُوُّ (3235) أَطْبَاقِه (3236) وجُشُوبَةُ (3237) مَذَاقِه -
فَكَأَنْ قَدْ أَتَاكُمْ بَغْتَةً فَأَسْكَتَ نَجِيَّكُمْ (3228) - وفَرَّقَ نَدِيَّكُمْ (3229) وعَفَّى
آثَارَكُمْ (3230) - وعَطَّلَ
دِيَارَكُمْ وبَعَثَ وُرَّاثَكُمْ - يَقْتَسِمُونَ تُرَاثَكُمْ (3231) بَيْنَ حَمِيمٍ (3232) خَاصٍّ لَمْ
يَنْفَعْ - وقَرِيبٍ مَحْزُونٍ لَمْ يَمْنَعْ - وآخَرَ شَامِتٍ لَمْ يَجْزَعْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
فضل الجد
|
|||||||||||||||
فضل الجد فَعَلَيْكُمْ بِالْجَدِّ والِاجْتِهَادِ
والتَّأَهُّبِ والِاسْتِعْدَادِ - والتَّزَوُّدِ فِي مَنْزِلِ الزَّادِ - ولَا
تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا - كَمَا غَرَّتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ
مِنَ الأُمَمِ الْمَاضِيَةِ - والْقُرُونِ الْخَالِيَةِ الَّذِينَ احْتَلَبُوا
دِرَّتَهَا (3233) - وأَصَابُوا
غِرَّتَهَا (3234) وأَفْنَوْا
عِدَّتَهَا - وأَخْلَقُوا جِدَّتَهَا (3235) وأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ أَجْدَاثاً (3236) - وأَمْوَالُهُمْ مِيرَاثاً لَا يَعْرِفُونَ مَنْ أَتَاهُمْ - ولَا
يَحْفِلُونَ مَنْ بَكَاهُمْ (3237) ولَا يُجِيبُونَ
مَنْ دَعَاهُمْ - فَاحْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ
خَدُوعٌ - مُعْطِيَةٌ مَنُوعٌ مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ (3238) - لَا يَدُومُ رَخَاؤُهَا - ولَا يَنْقَضِي عَنَاؤُهَا ولَا يَرْكُدُ (3239) بَلَاؤُهَا. |
|||||||||||||||
و منها في صفة الزهاد
|
|||||||||||||||
ومنها في صفة الزهاد - كَانُوا قَوْماً مِنْ
أَهْلِ الدُّنْيَا ولَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا – فَكَانُوا فِيهَا كَمَنْ لَيْسَ
مِنْهَا - عَمِلُوا فِيهَا بِمَا يُبْصِرُونَ - وبَادَرُوا (3240) فِيهَا مَا يَحْذَرُونَ - تَقَلَّبُ أَبْدَانِهِمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ
أَهْلِ الآخِرَةِ (3241) - ويَرَوْنَ
أَهْلَ الدُّنْيَا يُعَظِّمُونَ مَوْتَ أَجْسَادِهِمْ - وهُمْ أَشَدُّ
إِعْظَاماً لِمَوْتِ قُلُوبِ أَحْيَائِهِمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
231- و من خطبة له خطبها بذي قار و هو متوجه إلى البصرة ذكرها
الواقدي في كتاب "الجمل" :
|
|||||||||||||||
231 - ومن خطبة له عليهالسلام خطبها بذي قار - وهو متوجه إلى البصرة
ذكرها الواقدي في كتاب «الجمل»: فَصَدَعَ (3242) بِمَا أُمِرَ بِه وبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّه - فَلَمَّ اللَّه بِه
الصَّدْعَ (3243) ورَتَقَ بِه
الْفَتْقَ (3244) - وأَلَّفَ بِه
الشَّمْلَ بَيْنَ ذَوِي الأَرْحَامِ - بَعْدَ الْعَدَاوَةِ الْوَاغِرَةِ (3245) فِي الصُّدُورِ - والضَّغَائِنِ الْقَادِحَةِ (3246) فِي الْقُلُوبِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
232- و من كلام له كلم به عبد الله بن زمعة و هو من شيعته و ذلك
أنه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا :
|
|||||||||||||||
232 - ومن كلام له عليهالسلام كلم به عبد الله بن
زمعة وهو من شيعته وذلك أنه قدم عليه في خلافته يطلب منه مالا فقال عليهالسلام: إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي ولَا
لَكَ - وإِنَّمَا هُوَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ (3247) وجَلْبُ أَسْيَافِهِمْ (3248) - فَإِنْ
شَرِكْتَهُمْ (3249) فِي حَرْبِهِمْ
كَانَ لَكَ مِثْلُ حَظِّهِمْ - وإِلَّا فَجَنَاةُ (3250) أَيْدِيهِمْ لَا تَكُونُ لِغَيْرِ أَفْوَاهِهِمْ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
233- و من كلام له بعد أن أقدم أحدهم عل الكلام فحصر و هو في
فضل أهل البيت و وصف فساد الزمان :
|
|||||||||||||||
233 - ومن كلام له عليهالسلام بعد أن أقدم أحدهم عل الكلام فحصر وهو في
فضل أهل البيت ووصف فساد الزمان أَلَا وإِنَّ اللِّسَانَ بَضْعَةٌ (3251) مِنَ الإِنْسَانِ - فَلَا يُسْعِدُه الْقَوْلُ إِذَا امْتَنَعَ - ولَا
يُمْهِلُه النُّطْقُ إِذَا اتَّسَعَ - وإِنَّا لأُمَرَاءُ الْكَلَامِ وفِينَا
تَنَشَّبَتْ (3252) عُرُوقُه -
وعَلَيْنَا تَهَدَّلَتْ (3253) غُصُونُه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
فساد الزمان
|
|||||||||||||||
فساد الزمان واعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّه أَنَّكُمْ
فِي زَمَانٍ - الْقَائِلُ فِيه بِالْحَقِّ قَلِيلٌ - واللِّسَانُ عَنِ الصِّدْقِ
كَلِيلٌ (3254) - واللَّازِمُ
لِلْحَقِّ ذَلِيلٌ - أَهْلُه مُعْتَكِفُونَ عَلَى الْعِصْيَانِ - مُصْطَلِحُونَ
عَلَى الإِدْهَانِ فَتَاهُمْ عَارِمٌ (3255) - وشَائِبُهُمْ آثِمٌ وعَالِمُهُمْ مُنَافِقٌ - وقَارِنُهُمْ مُمَاذِقٌ
(3256) لَا يُعَظِّمُ
صَغِيرُهُمْ كَبِيرَهُمْ - ولَا يَعُولُ غَنِيُّهُمْ فَقِيرَهُمْ. ----------------------------- (3254)
كَلّ لسانه: نبا
عن الغرض. (3255)
عارم: شرس. سيىء الخلق. (3256)
مُمَاذِق: يمزج
وده بالغش. |
|||||||||||||||
234- و من كلام له عليه السلام:
|
|||||||||||||||
234 - ومن كلام له عليهالسلام رَوَى ذِعْلَبٌ
الْيَمَامِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ يَزِيدَ
عَنْ مَالِكِ بْنِ دِحْيَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمنِيِنَ عليهالسلام - وقَدْ ذُكِرَ
عِنْدَه اخْتِلَافُ النَّاسِ فَقَالَ: إِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمْ مَبَادِئُ
طِينِهِمْ (3257) - وذَلِكَ
أَنَّهُمْ كَانُوا فِلْقَةً (3258) مِنْ سَبَخِ (3259) أَرْضٍ وعَذْبِهَا - وحَزْنِ تُرْبَةٍ وسَهْلِهَا - فَهُمْ عَلَى
حَسَبِ قُرْبِ أَرْضِهِمْ يَتَقَارَبُونَ - وعَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِهَا
يَتَفَاوَتُونَ - فَتَامُّ الرُّوَاءِ (3260) نَاقِصُ الْعَقْلِ - ومَادُّ الْقَامَةِ (3261) قَصِيرُ الْهِمَّةِ - وزَاكِي الْعَمَلِ قَبِيحُ الْمَنْظَرِ -
وقَرِيبُ الْقَعْرِ (3262) بَعِيدُ السَّبْرِ
- ومَعْرُوفُ الضَّرِيبَةِ (3263) مُنْكَرُ
الْجَلِيبَةِ (3264) - وتَائِه
الْقَلْبِ مُتَفَرِّقُ اللُّبِّ - وطَلِيقُ اللِّسَانِ حَدِيدُ الْجَنَانِ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
235- وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ قَالَهُ وَ هُوَ يَلِي
غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ وَ تَجْهِيزَهُ
:
|
|||||||||||||||
235 - ومِنْ كَلَامٍ لَه عليهالسلام قَالَه وهُوَ يَلِي غُسْلَ
رَسُولِ اللَّه صلىاللهعليهوآله وتَجْهِيزَه بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ
اللَّه - لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ -
مِنَ النُّبُوَّةِ والإِنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّمَاءِ - خَصَّصْتَ حَتَّى
صِرْتَ مُسَلِّياً عَمَّنْ سِوَاكَ - وعَمَّمْتَ حَتَّى صَارَ النَّاسُ فِيكَ
سَوَاءً - ولَوْ لَا أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالصَّبْرِ ونَهَيْتَ عَنِ الْجَزَعِ -
لأَنْفَدْنَا (3265) عَلَيْكَ مَاءَ
الشُّئُونِ (3266) - ولَكَانَ
الدَّاءُ مُمَاطِلًا (3267) والْكَمَدُ
مُحَالِفاً (3268) - وقَلَّا لَكَ (3269) ولَكِنَّه مَا لَا يُمْلَكُ رَدُّه - ولَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُه - بِأَبِي
أَنْتَ وأُمِّي اذْكُرْنَا عِنْدَ رَبِّكَ واجْعَلْنَا مِنْ بَالِكَ! -----------------------------
|
|||||||||||||||
236- و من كلام له اقتص فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبي ثم لحاقه به :
|
|||||||||||||||
236 - ومن كلام له عليهالسلام اقتص فيه ذكر ما كان منه -
بعد هجرة النبي صلىاللهعليهوآله ثم لحاقه به: فَجَعَلْتُ أَتْبَعُ مَأْخَذَ رَسُولِ
اللَّه صلىاللهعليهوآله - فَأَطَأُ ذِكْرَه حَتَّى
انْتَهَيْتُ إِلَى الْعَرَجِ (3270) ----------------------------- (3270) العَرَج: - بالتحريك - موضع بين مكة والمدينة. قال السيد الشريف رضياللهعنه
- في كلام طويل: قوله عليهالسلام
فأطأ ذكره - من الكلام الذي رمى به إلى غايتي الإيجاز والفصاحة - أراد أني كنت
أعطى خبره صلىاللهعليهوآله - من بدء خروجي إلى أن
انتهيت إلى هذا الموضع - فكنى عن ذلك بهذه الكناية العجيبة. |
|||||||||||||||
237- و من خطبة له في المسارعة إلى العمل :
|
|||||||||||||||
237 - ومن خطبة له عليهالسلام في المسارعة إلى العمل فَاعْمَلُوا وأَنْتُمْ فِي نَفَسِ
الْبَقَاءِ (3271) - والصُّحُفُ
مَنْشُورَةٌ (3272) والتَّوْبَةُ
مَبْسُوطَةٌ (3273) - والْمُدْبِرُ (3274) يُدْعَى والْمُسِيءُ يُرْجَى - قَبْلَ أَنْ يَخْمُدَ الْعَمَلُ (3275) ويَنْقَطِعَ الْمَهَلُ - ويَنْقَضِيَ الأَجَلُ ويُسَدَّ بَابُ
التَّوْبَةِ - وتَصْعَدَ الْمَلَائِكَةُ (3276). فَأَخَذَ امْرُؤٌ مِنْ نَفْسِه لِنَفْسِه
وأَخَذَ مِنْ حَيٍّ لِمَيِّتٍ - ومِنْ فَانٍ لِبَاقٍ ومِنْ ذَاهِبٍ لِدَائِمٍ -
امْرُؤٌ خَافَ اللَّه - وهُوَ مُعَمَّرٌ إِلَى أَجَلِه ومَنْظُورٌ (3277) إِلَى عَمَلِه - امْرُؤٌ أَلْجَمَ نَفْسَه بِلِجَامِهَا وزَمَّهَا
بِزِمَامِهَا (3278) - فَأَمْسَكَهَا
بِلِجَامِهَا عَنْ مَعَاصِي اللَّه - وقَادَهَا بِزِمَامِهَا إِلَى طَاعَةِ
اللَّه. -----------------------------
|
|||||||||||||||
238- و من كلام له في شأن الحكمين و ذم أهل الشام :
|
|||||||||||||||
238 - ومن كلام له عليهالسلام في شأن الحكمين وذم أهل
الشام جُفَاةٌ (3279) طَغَامٌ (3280) وعَبِيدٌ
أَقْزَامٌ (3281) - جُمِعُوا مِنْ
كُلِّ أَوْبٍ وتُلُقِّطُوا مِنْ كُلِّ شَوْبٍ (3282) - مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفَقَّه ويُؤَدَّبَ - ويُعَلَّمَ ويُدَرَّبَ
ويُوَلَّى عَلَيْه - ويُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْه - لَيْسُوا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
والأَنْصَارِ - ولَا مِنَ (الَّذِينَ
تَبَوَّؤُا الدَّارَ والإِيمانَ). أَلَا وإِنَّ الْقَوْمَ اخْتَارُوا
لأَنْفُسِهِمْ - أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِمَّا تُحِبُّونَ - وإِنَّكُمُ اخْتَرْتُمْ
لأَنْفُسِكُمْ - أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِمَّا تَكْرَهُونَ - وإِنَّمَا عَهْدُكُمْ
بِعَبْدِ اللَّه بْنِ قَيْسٍ بِالأَمْسِ يَقُولُ - إِنَّهَا فِتْنَةٌ
فَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ (3283) وشِيمُوا (3284) سُيُوفَكُمْ - فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَقَدْ أَخْطَأَ بِمَسِيرِه
غَيْرَ مُسْتَكْرَه - وإِنْ كَانَ كَاذِباً فَقَدْ لَزِمَتْه التُّهَمَةُ -
فَادْفَعُوا فِي صَدْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - بِعَبْدِ اللَّه بْنِ
الْعَبَّاسِ - وخُذُوا مَهَلَ الأَيَّامِ وحُوطُوا قَوَاصِيَ الإِسْلَامِ -
أَلَا تَرَوْنَ إِلَى بِلَادِكُمْ تُغْزَى وإِلَى صَفَاتِكُمْ تُرْمَى -----------------------------
|
|||||||||||||||
239- و من خطبة له يذكر فيها آل محمد :
|
|||||||||||||||
239 - ومن خطبة له عليهالسلام يذكر فيها آل محمد صلى الله
عليه وآله هُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ ومَوْتُ الْجَهْلِ
- يُخْبِرُكُمْ حِلْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ وظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ -
وصَمْتُهُمْ عَنْ حِكَمِ مَنْطِقِهِمْ - لَا يُخَالِفُونَ الْحَقَّ ولَا
يَخْتَلِفُونَ فِيه - وهُمْ دَعَائِمُ الإِسْلَامِ ووَلَائِجُ (3285) الِاعْتِصَامِ - بِهِمْ عَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِه (3286) وانْزَاحَ الْبَاطِلُ (3287) عَنْ مُقَامِه -
وانْقَطَعَ لِسَانُه عَنْ مَنْبِتِه (3288) - عَقَلُوا
الدِّينَ عَقْلَ وِعَايَةٍ ورِعَايَةٍ (3289) - لَا عَقْلَ سَمَاعٍ ورِوَايَةٍ - فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ
ورُعَاتَه قَلِيلٌ. -----------------------------
|
|||||||||||||||
240- و من كلام له قاله لعبد الله بن العباس و قد جاءه برسالة
من عثمان و هو محصور يسأله فيها
|
|||||||||||||||
240 - ومن كلام له عليهالسلام قاله لعبد الله بن
العباس - وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع
ليقل هتف (3290) الناس باسمه
للخلافة بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل فقال
عليهالسلام: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا يُرِيدُ عُثْمَانُ
- إِلَّا أَنْ يَجْعَلَنِي جَمَلًا نَاضِحاً بِالْغَرْبِ (3291) أَقْبِلْ وأَدْبِرْ - بَعَثَ إِلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ ثُمَّ بَعَثَ
إِلَيَّ أَنْ أَقْدُمَ - ثُمَّ هُوَ الآنَ يَبْعَثُ إِلَيَّ أَنْ أَخْرُجَ -
واللَّه لَقَدْ دَفَعْتُ عَنْه حَتَّى خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ آثِماً. -----------------------------
|
|||||||||||||||
241- و من كلام له يحث به أصحابه على الجهاد :
|
|||||||||||||||
241 - ومن كلام له عليهالسلام يحث به أصحابه على الجهاد واللَّه مُسْتَأْدِيكُمْ (3292) شُكْرَه ومُوَرِّثُكُمْ أَمْرَه - ومُمْهِلُكُمْ (3293) فِي مِضْمَارٍ (3294) مَحْدُودٍ
لِتَتَنَازَعُوا سَبَقَه (3295) - فَشُدُّوا
عُقَدَ الْمَآزِرِ (3296) واطْوُوا فُضُولَ
الْخَوَاصِرِ (3297) - لَا تَجْتَمِعُ
عَزِيمَةٌ ووَلِيمَةٌ (3298) - مَا أَنْقَضَ
النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ - وأَمْحَى الظُّلَمَ (3299) لِتَذَاكِيرِ الْهِمَمِ. -----------------------------
وصلى اللَّه على سيدنا محمد
النبي الأمي وعلى آله مصابيح الدجى والعروة الوثقى وسلم تسليما كثيرا. |