- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
أعلام
الهداية الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء
|
أعلام
الهداية الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء المجمع العالمي لأهل
البيت (عليهم السلام)
قم المقدسة |
أهل البيت في القرآن الكريم |
أهل البيت في السنة النبويّة |
فهرس إجمالي
|
مقدمة
المجمع العالمي لأهل البيت ...
|
المقدمة
|
الحمد
لله الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثم هدى، ثم الصلاة والسلام على من
اختارهم هداةً لعباده، لا سيما خاتم الأنبياء وسيّد الرسل والأصفياء أبوالقاسم
المصطفى محمد(صلَّى الله عليه وآله) وعلى آله الميامين النجباء. (قُلْ إنّ هُدى الله هو الهُدى) (الأنعام (6): 71). 2 ـ إبلاغ الرسالة الإلهية الى البشرية ولمن اُرسلوا إليه، ويتوقّف
الإبلاغ على الكفاءة التامّة التي تتمثّل في «الاستيعاب والإحاطة
اللازمة» بتفاصيل الرسالة وأهدافها ومتطلّباتها، و «العصمة» عن الخطأ
والانحراف معاً، قال تعالى:(كان الناسُ اُمّةً
واحدةً فبعث الله النبيِّين مبشّرين ومنذرين وأنزل معهم الكتابَ بالحقّ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) (البقرة(2): 213). 4 ـ تأسيس دولة إسلامية
وكيان سياسيٍّ يحمل لواء الإسلام ويطبّق شريعة السماء. إنّ
سيرة الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت (ع ) تمثّل المسيرة الواقعية
للاسلام بعد عصر الرسول(ص )، ودراسة حياتهم بشكل مستوعب تكشف لنا عن صورة مستوعبة لحركة الاسلام الأصيل الذي أخذ يشقّ طريقه
إلى أعماق الاُمة بعد أن أخذت طاقتها الحرارية تتضاءل بعد وفاة
الرسول(صلَّى الله عليه وآله)، فأخذ الأئمة المعصومون (عليهم السلام) يعملون على
توعية الاُمة وتحريك طاقتها باتجاه إيجاد وتصعيد الوعي الرساليِّ
للشريعة ولحركة الرسول(صلَّى الله عليه وآله) وثورته المباركة، غير
خارجين عن مسار السنن الكونية التي تتحكّم في سلوك القيادة والاُمة جمعاء. |
الباب
الأول:
|
وفيه فصول: الفصل الأول: الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) في سطور |
الفصل الأول: الإمام المهدي
المنتظر(عليه السلام) في سطور
|
إنّ قضية الإمام المهدي المنتظر الذي
بشّر به الإسلام وبشّرت به الأديان من قبل، قضية انسانية قبل أن تكون دينية أو إسلامية ; فإنها تعبير دقيق عن
ضرورة تحقق الطموح الإنساني
بشكله التام. وقد ترك الإمام المهدي المنتظر(عليه
السلام) للاُمة الإسلامية خلال مرحلة الغيبة الصغرى، تراثاً غنياً لا يمكن التغافل عنه. وهو
لا يزال يمارس ما يمكنه من مهامه القيادية خلال مرحلة الغيبة
الكبرى. وهو ينتظر مع سائر المنتظرين اليوم الذي يسمح له الله سبحانه فيه أن
يخرج ويقوم بكل استعداداته وطاقاته التي أعدّها وهيّأها الله له ليملأ
الأرض عدلاً بعد أن تُملأ ظلماً وجوراً. وذلك بعد أن تتهيّأ كل الظروف
الموضوعية اللازمة من حيث العدد والعدّة، وسائر الظروف العالمية التي ستمهّد
لخروجه وظهوره كقائد ربّاني عالمي، وتفجير ثورته الإسلامية الكبرى، وتحقيق
أهداف الدين الحق وذلك حين ظهوره على الدين كلّه ولو كره المشركون.
|
الفصل الثاني: المهدي الموعود
(عليه السلام) وغيبته في بشارات الأديان
|
علاقة
الإيمان بالمصلح العالمي يعتبر الايمان بحتمية ظهور المصلح الديني
العالمي وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك
البارزة بين جميع الأديان(راجع مثلاً كتاب آية
الله الشيخ محمد أمين زين الدين، مع الدكتور أحمد أمين في حديث المهدي والمهدوية: 13.)،
والاختلاف فيما بينها إنّما هو في تحديد هوية هذا المصلح الديني العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء (عليهم
السلام). |
البشارات
بالمنقذ في الكتب المقدسة
|
والملاحظ
في عقائد هذه الأديان بشأن المصلح العالمي أنها تستند الى نصوص واضحة في كتبهم المقدسة القديمة وليس الى تفسيرات عرضها
علماؤهم لنصوص غامضة حمّالة لوجوه تأويلية متعددة(راجع النصوص الخاصة بالمهدي الموعود من كتاب «بشارات عهدين»
للشيخ محمد الصادقي.). كما
أن للتبشير بحتمية ظهور هذا المصلح العالمي تأثيراً على هذه الدعوات فهو يشكل عامل دفع لاتباع الأنبياء للتحرك باتجاه تحقيق أهداف رسالتهم
والسعي للمساهمة في تأهيل المجتمع البشري لتحقيق أهداف جميع الدعوات النبوية
كاملة في عصر المنقذ الديني العالمي. |
رسوخ الفكرة
في الديانتين اليهودية والنصرانية
|
إن الإيمان بفكرة ظهور المصلح ثابت عند اليهود مدوّن في التوراة
والمصادر الدينية المعتبرة
عندهم، وقد
فصّل الحديث عن هذه العقيدة عند اليهود كثير من
الباحثين المعاصرين خاصةً في العالم الغربي مثل جورج
رذرفورد في كتابه «ملايين من الذين هم
أحياء اليوم لن يموتوا أبداً»،
والسناتور الأميركي بول منزلي في كتابه (من يجرؤ على الكلام) والباحثة غريس هالسل
في كتابها «النبوءة والسياسة». وغيرهم كثير(راجع أيضاً أهل البيت في الكتاب المقدس، احمد الواسطي : 121 ـ
123.). |
الإيمان
بالمصلح العالمي في
الفكر غير الديني
|
الملاحظ
أن الايمان بحتمية ظهور المصلح العالمي ودولته العادلة التي
تضع فيها الحرب أوزارها ويعم
السلام والعدل في العالم لا
يختص بالأديان السماوية بل يشمل المدارس
الفكرية والفلسفية غير الدينية أيضاً. فنجد في التراث
الفكري الإنساني الكثير من التصريحات بهذه الحتمية، فمثلاً يقول المفكر البريطاني الشهير برتراند رسل : «إن العالم في انتظار مصلح
يُوحّده تحت لواء واحد وشعار واحد»(
المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا الشهرستاني : 6.). ويقول العالم الفيزياوي المعروف ألبرت اينشتاين صاحب النظرية النسبية: (إن اليوم الذي يسود العالمَ كله
فيه السلام والصفاء ويكونُ الناس متحابين متآخين ليس ببعيد»( المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا
الشهرستاني: 7.). |
طول عمر
المصلح في الفكر
الانساني
|
إن
الأوصاف التي يذكرها المفكر الايرلندي للمصلح العالمي من الكمال الجسمي والعقلي وطول العمر والقدرة على استجماع خبرات العصور
والأطوار بما يمكنه من انجاز مهمته الاصلاحية الكبرى قريبة من الأوصاف التي
يعتقد بها مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في المهدي المنتظر(عليه السلام)
وغيبته. |
الإيمان
بالمهدي (عليه السلام) تجسيد لحاجة فطرية
|
إنّ
ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموماً يكشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من
الفطرة الانسانية، بمعنى أنها تعبّر عن حاجة فطرية عامة يشترك
فيها بنو الانسان عموماً، وهذه الحاجة تقوم على ما جُبل عليه الإنسان من
تطلّع مستمر للكمال بأشمل صوره وأن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة
في اليوم الموعود يُعبّر عن وصول المجتمع البشري الى كماله المنشود. |
موقف الفكر
الانساني من غيبة المهدي (عليه السلام)
|
إنّ
الفكر الانساني لا يرى مانعاً من طول عمر هذا المصلح العالمي الذي يتضمنه الإيمان بغيبته وفقاً لمذهب أهل البيت (عليه
السلام)، بل يرى طول عمره أمراً ضرورياً للقيام بمهمته الإصلاحيّة الكبرى كما
لاحظنا في كلام المفكر الإيرلندي برناردشو. وعليه فالفكر الانساني العام
لا يرفض مبدئياً الإيمان بالغيبة إذا كانت الأدلة المثبتة لها مقبولة
عقلياً. |
الفكر الديني يؤمن بظهور
المصلح العالمي بعد غيبة
|
إن
الإجماع على حتمية ظهور المصلح العالمي مقترنٌ بالإيمان بأن ظهوره يأتي بعد غيبة طويلة، فقد آمن
اليهود بعودة عزير أو منحاس بن
العازر بن هارون، وآمن النصارى بغيبة المسيح وعودته، وينتظر مسيحيو الأحباش عودة ملكهم تيودور كمهدي في آخر الزمان، وكذلك
الهنود آمنوا بعودة فيشنوا، والمجوس بحياة أوشيدر، وينتظر البوذيون عودة بوذا ومنهم مَن
ينتظر عودة ابراهيم (ع ) وغير ذلك(راجع
مثلاً كتاب «دفاع عن الكافي» للسيد العميدي: 1/181، وإحقاق الحق: 13/ 3 ـ 4 .(. |
الاختلاف في
تشخيص هوية المنقذ العالمي
|
إذن فالإجماع قائم في الأديان السماوية على حتمية اليوم الموعود، كما قال العلامة المتتبع آية الله السيد المرعشي النجفي في مقدمة الجزء
الثالث عشر من «إحقاق الحق»: «وليعلم أن الأمم والمذاهب
والأديان اتفقت كلمتهم ـ إلاّ من شذ وندر ـ على مجيء مصلح سماوي إلهي ملكوتي لإصلاح ما
فسد من العالم وإزاحة ما يرى من الظلم والفساد فيه وإنارة ما غشيه من
الظلم، غاية الأمر أنه اختلفت كلمتهم بين من يراه عُزيراً، وبين مَن يراه
مسيحاً، ومن يراه خليلاً، ومَن يراه ـ من المسلمين ـ من نسل الإمام مولانا
أبي محمد الحسن السبط ومَن يراه من نسل الإمام مولانا أبي عبد الله
الحسين السبط الشهيد...». وإذا اختلفت الأديان بل الفرق
والمذاهب المتشعبة عنها في تحديد هوية المصلح العالمي رغم اتفاقهم على حتمية ظهوره وعلى غيبته قبل
عودته الظاهرة، فما
هو سر هذا الاختلاف؟ لذا كان من الطبيعي أن يقع الاختلاف في تحديد هوية
المصلح العالمي، لأنّ من الطبيعي أن يسعى أتباع كل دين الى اختيار مصداق
للشخصية الغيبية المستقبلية التي تتحدث عنها النصوص والبشارات الثابتة في مراجعهم المعتبرة والمعتمدة
عندهم ممن يعرفون
ويحبون من زعمائهم، يدفعهم لذلك التعصب الشعوري أو اللاشعوري لشريعتهم ورموزها، والرغبة الطبيعية العارمة في أن يكون
لهم افتخار تحقق ذاك الدور التأريخي على يد شخصية تنتمي اليهم أو ينتمون
إليها. |
الخلط بين
البشارات وتأويلها
|
من
هنا أخذت كل طائفة تسعى لتطبيق الصفات التي تذكرها
تلك النصوص والبشارات المروية لدى كل منها
على الشخصية المحبوبة لديها أو أقرب رموزها الى الصفات المذكورة; فإذا
وجدت بعض تلك الصفات صريحةً في عدم انطباقه على الشخصية التي اختارتها عمدت الى معالجة الأمر بالتأويل والتلفيق،
أو بتغييبها أو تحريفها لتنطبق على مَن انتخبته سابقاً أو الخلط بين
النصوص والبشارات السماوية ـ الواردة بشأن النبي اللاحق أو المنقذ للعالم
في برهة معيّنة أو المصحح لإنحراف اُمة معيّنة ـ وبين
النصوص والبشارات الخاصة بالحديث عن المصلح العالمي الذي يقيم الدولة العادلة على كل الأرض في آخر
الزمان ويحقق أهداف الأنبياء
والأوصياء (عليهم السلام) جميعاً. |
منهج لحل
الاختلاف
|
وحيث
اتضح سبب الاختلاف في تحديد هوية المصلح العالمي; أمكن معرفة سبيل حلّه والتوصل الاستدلالي لمصداقه الحقيقي بصورة علمية سليمة
ومقنعة، ويمكن تلخيص مراحله على النحو التالي: |
المهدي
الإمامي وحل الاختلاف
|
من المؤكد أن البشارات السماوية الواردة في الكتب المقدسة تهدي الى المهدي المنتظر الذي يقول به مذهب
أهل البيت (ع ) كما سنشير لذلك لاحقاً، وأثبتته دراسات متعددة في نصوص هذه البشارات(نظير
كتاب بشارات عهدين للشيخ محمد الصادقي وترجمته العربية بقلم المؤلف نفسه المطبوع باسم:
«البشارات والمقارنات». ومثله بالفارسية: بشارات صحف آسماني به ظهور حضرت مهدي(عليه السلام)
لعلي أكبر شعفي اصفهاني، والعربية: المهدي
المنتظر والعقل لمحمد جواد مغنية.). |
رأي القاضي
الساباطي
|
تناول
القاضي الساباطي إحدى البشارات الواردة في كتاب أشعيا من العهد القديم من الكتاب المقدس بشأن المصلح العالمي، ثم ناقش تفسير اليهود والنصارى
لها ودحض تأويلات اليهود والنصارى لها ليخلص الى قوله: «وهذا
نصٌّ صريحٌ في المهدي ـ رضي الله عنه ـ حيث أجمع المسلمون انه (رضي الله عنه) لا يحكم
بمجرد السمع والظاهر، ومجرد البيّنة بل لا يلاحظ إلا الباطن، ولم يتفق ذلك لأحد من الأنبياء والأولياء». والذي أوصله الى الاهتداء للمصداق
الحقيقي هو التعرف على رأي الإمامية في المهدي المنتظر(ع)، وبدون
التعرف على هذا الرأي لعله لم يكن ليتوصّل الى المصداق
الذي تنطبق عليه البشارات المذكورة ولولا ذلك لكان يقتصر إمّا على رد أقوال النصارى بشأن البشارة المذكورة أو اغفالها اصلاً
أو تأويل بعض دلالالتها لتنطبق على رأي المذهب الذي كان ينتمي اليه في
المهدي الموعود. |
البشارات السماوية لا
تنطبق على غير المهدي الإمامي
|
إن
من الواضح لمن يمعن النظر في نصوص تلك البشارات
السماوية أنها تقدم مواصفات للمصلح العالمي لا تنطبق
على غير المهدي المنتظر الإمامي طبقاً لعقيدة
مدرسة أهل البيت (ع ) لذلك فإن مَن لم يتعرف على هذه العقيدة
لا يستطيع التوصل الى المصداق الذي تتحدث عنه كما نلاحظ
ذلك مثلاً في أقوال مفسري الإنجيل
بشأن الآيات (1 ـ 17) من سفر الرؤيا الفصل الثاني عشر «مكاشفات يوحنا اللاهوتي» فهم يصرحون بأن «الشخص الذي
تتحدث عنه البشارة الواردة في
هذه الآيات لم يُولد بعد، لذا فإن تفسيرها الواضح ومعناها البيّن موكول للمستقبل والزمان المجهول الذي سيظهر فيه»( بشارات
عهدين : 264.)، في حين أن
هذه الآيات تتحدث بوضوح عن الحكومة الإلهية التي يقيمها هذا الشخص في كل العالم ويقطع دابر الأشرار والشياطين وهي المهمة التي
حددتها البشارات الاخرى بأنها محور حركة المصلح العالمي. لكن مفسري الإنجيل لم يستطيعوا تطبيقها على المصداق الذي اختاروه لهذا المصلح وهو السيد المسيح عيسى بن مريم (ع ) لأن
البشارة واردة عن يوحنا اللاهوتي عن السيد المسيح فهو المبشر بمجيء هذا المنقذ، كما أنهم لم يتعرفوا على عقيدة أهل البيت (ع ) في المهدي المنتظر(ع )، لذلك لم يستطيعوا الاهتداء الى مصداق تلك الآيات. |
البشارات
وغيبة الإمام
الثاني عشر
|
وهناك باحث من أهل السنّة استطاع الاهتداء الى المصداق الذي تتحدث الآيات المشار اليها عندما تعرّف على عقيدة أهل البيت في المهدي
المنتظر ـ سلام الله عليهم اجمعين ـ وهو الاستاذ
سعيد أيوب حيث يقول في كتابه «المسيح الدجال» عن هذه الآيات نفسها: «ويقول كعب : مكتوب في أسفار الأنبياء : المهدي
ما في عمله عيب» ثم علق على هذا النص بالقول:
«وأشهد اني وجدته كذلك في كتب اهل الكتاب، لقد تتبع اهل الكتاب أخبار المهدي كما
تتبعوا أخبار جده (صلى الله عليه وآله)، فدلت أخبار سفر
الرؤيا الى امرأة، يخرج من صلبها اثنا عشر رجلاً، ثم
أشار الى امرأة اُخرى: أي التي تلد الرجل الأخير
الذي هو من صلب جدته، وقال السفر:
إن هذه المرأة ستحيط بها المخاطر، ورمز للمخاطر
باسم «التنين» وقال: والتنين وقف أمام المرأة
العتيدة حتى تلد، يبتلع ولدها متى ولدت» ( سفر
الرؤيا 12: 3.). |
البشارات
وخصوصيات المهدي الإمامي
|
ويُلاحظ في هذه البشارات الإنجيلية تناولها لخصوصيات في المصلح العالمي لا تنطبق إلا على أبرز ما يميز عقيدة مدرسة أهل البيت (عليهم
السلام) والواقع التاريخي الذي مرت به . |
البشارات
وأوصاف المهدي
الإمامي
|
وردت
في البشارات أيضاً اشارات الى ألقاب اختص بها المهدي الإمامي (عليه السلام) مثل وصف «القائم»( اختص هذا اللقب بأئمة العترة الطاهرة، واذا اُطلق كان المراد
منه الإمام الثاني عشر
المهدي المنتظر(ع )، راجع
كتاب النجم الثاقب لآية الله الميرزا حسين النوري 1: 211، من الطبعة المترجمة الى العربية، وقد ذكر الميرزا النوري أن هذا
اللقب مذكور في الزبور الثالث عشر وغيره، نقل ذلك عن كتاب ذخيرة الألباب للشيخ محمد الاسترابادي.) فمثلاً نلاحظ البشارة التالية من سفر أشعيا النبي
التي تحدث القاضي جواد الساباطي عن دلالتها على
المهدي وفق عقيدة الإمامية الاثني عشرية: «2 ـ ويحلُ عليه روح الرب، وروح الحكمة والفهم، وروح المشورة، والقوة، وروح المعرفة ومخافة الرب. 3 ـ ولذته في
مخافة الرب، ولا يقضي بحسب مرأى عينيه ولا بحسب مسمع اُذنيه، 4 ـ ويحكم
بالانصاف لبائسي الأرض، ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة
شفتيه... 6 ـ
ويسكن الذئب والخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل والشبل معاً
وصبي صغير يسوقها... 9 ـ لا يسيئون
ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة
الرب كما تغطي المياه البحر. 10 ـ وفي ذلك اليوم
سيرفع «القائم» راية الشعوب والاُمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجداً»( أهل البيت في الكتاب المقدس: 123 ـ 127.). |
الاهتداء الى
هوية المنقذ على ضوء البشارات
|
اذن
معرفة هذه الخصوصيات تقودنا الى اثبات أن المصلح العالمي الذي بشرت به جميع الديانات هو المهدي ابن الحسن العسكري (ع ) كما تقوله عقيدة أهل البيت (ع ) لأن البشارات السماوية لا تنطبق على العقائد الاُخرى، فتكون النتيجة
هو أن الديانات السابقة لم تبشر بظهور المنقذ
العالمي في آخر الزمان بعنوانه العام وحسب بل شخّصت أيضاً هويته الحقيقية من خلال تحديد صفات وتفصيلات لا تنطبق على غيره
(ع )، وهكذا تكون هذه البشارات دليلاً اضافياً على
صحة عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) بهذا الشأن. |
الاستناد الى
بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف
|
وتبقى هنا قضيتان من الضروري التطرّق لهما قبل تثبيت النتائج
المتحصّلة من البحث. نعتقد أن الاجابة على هذا التساؤل ممكنة
بقليل من التدبر في حيثيات الموضوع، ويمكن تلخيصها بما يلي: |
الاستناد الى
ما صدّقه
الاسلام من البشارات
|
1 ـ من الثابت اسلامياً أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد بشّر بالمهدي الموعود من أهل بيته ومن ولد فاطمة ـ سلام الله
عليها (بل أثبتت دراسات عدد من علماء أهل السنّة تواتر
هذه الأحاديث الشريفة، مثل كتاب «التوضيح في
تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» للإمام الشوكاني، وكتاب «الاشاعة في أشراط الساعة» للبرزنجي، وكتاب «التصريح» للكشميري وغيرها.) ـ، لذلك فإن
البشارات الواردة في كتب الأديان السابقة من هذا النمط الذي لم تطاله أيدي التحريف ما دامت منسجمة مع ما صرح في النصوص الشرعية
الاسلامية. اذن لا مانع من الاستناد اليه والاحتجاج به. |
تأثير
البشارات في صياغة العقيدة المهدوية
|
أما القضية الثانية: فهي ترتبط بالاعتراض القائل بأن الاستناد الى هذه البشارات في اثبات عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) في
المهدي المنتظر(عليه السلام) يفتح باب التشكيك والادّعاء بأن هذه العقيدة
تسللت الى الفكر الاسلامي من الاسرائيليات ومحرفات الأديان السابقة. ولو قلنا بأن كل فكرة اسلامية لها نظير
في الأديان السابقة هي من الأفكار الدخيلة في الاسلام;
لأدى الأمر الى اخراج الكثير من الحقائق والبديهيّات الاسلامية التي أقرّها القرآن الكريم وصحاح الأحاديث الشريفة وهي
موجودة في الأديان السابقة، وهذا واضح البطلان ولا يخفى بطلانه على ذي لب.
فالمعيار في تشخيص الأفكار الدخيلة على الاسلام هو عرضها على القرآن والسنّة
والأخذ بما وافقهما ونبذ ما خالفهما، وليس عرضها على ما في كتب
الديانات السابقة ونبذ كل ما وافقها مع العلم بأن فيها ما لم تتطرق له يد
التحريف وفيه ما ثبت صدوره عن المصدر الذي صدر عنه القرآن الكريم. |
نتائج البحث
|
نصل الى القسم الأخير من البحث، وهو تسجيل النتائج الحاصلة منه
في النقاط التالية: |
الفصل الثالث: المهدي الموعود
(عليه السلام) وغيبته في القرآن الكريم
|
إنّ أبرز ما تتميز به عقيدة
مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في المهدي الموعود هو القول بوجوده بالفعل وغيبته وتحدد هويته بأنّه الإمام الثاني عشر من أئمة
العترة النبوية الطاهرة، وأنه قد ولد بالفعل من الحسن العسكري
(عليه السلام) سنة (255 هـ ) وتولى مهام الإمامة بعد وفاة أبيه العسكري سنة (260 هـ ) وكانت له
غيبتان الاُولى وهي الصغرى استمرت الى سنة (329هـ )
كان الإمام يتصل خلالها بشيعته عبر سفرائه الخاصين، ثم بدأت الغيبة الكبرى
المستمرة حتى يومنا هذا والى أن يأذن الله عزّ وجلّ بالظهور لأنجاز
مهمته الكبرى في إقامة الدولة الاسلامية العالمية التي يسيطر فيها العدل
والقسط على أرجاء الأرض ان شاء الله تعالى. |
1 ـ عدم خلو
الزمان من الإمام
|
قال
الله تعالى: (يوم ندعو كل اُناس بإمامهم فمن أُوتي
كتابه بيمينه فاُولئك يقرءون
كتابهم ولا يظلمون فتيلاً * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً)( الاسراء
(17): 71 ـ 72.(. |
الإمام
المقصود في الآية |
فمَن هو «الإمام» المقصود في الآية والذي لا يخلو زمان من مصداق
له ويُدعى به أهل عصره يوم
القيامة؟ هل هو شخصٌ معيّنٌ؟ أم هو أحد الكتب السماوية في كل عصر؟ أم هو اللوح المحفوظ؟ |
2- الإمام
المنقذ من الضلالة
|
وعليه
يكون محصّل الآيتين الكريمتين هو الدلالة على حتمية وجود إمام حق يُهتدى به في كل عصر، يكون حجة الله عزّ وجلّ على أهل
زمانه في الدنيا والآخرة، فتكون معرفته وأتباعه في الدنيا وسيلة النجاة
يوم الحشر; فيما يكون العمى عن معرفته واتباعه في الدنيا سبباً للعمى
والضلال الأشد في الآخرة يوم يُدعى كل اُناس بإمام زمانهم الحق، ويُقال
للضالين عنه: هذا إمامكم الذي كان بين
أظهركم فلماذا عميتم عنه؟ وبذلك تتم الحجة البالغة عليهم، وتتضح حكمة دعوتهم وإحضارهم به يوم القيامة. |
المواصفات
القرآنية لإمام الهدى |
والمستفاد
من تفسير الآيتين المتقدمتين أن الإمام المقصود يجب أن تتوفر فيه الصفات التي تؤهله للاحتجاج به على قومه يوم القيامة مثل
القدرة على الهداية والأهلية لأن يكون اتّباعه موصلاً للهدى وتكون
طاعته معبّرةً عن طاعة الله تبارك وتعالى، وأن يكون قادراً على معرفة حقائق
أعمال الناس وليس ظواهرها، أي أن يكون هادياً لقومه وشهيداً على أعمالهم،
الأمر الذي يستلزم أن يكون قادراً على تلقي الهداية الإلهية وحفظها ونقلها
للناس، كما يجب أن يكون أهلاً لأن يتفضل عليه الله عزّ وجلّ بعلم الكتاب
والأسباب التي تؤهله لمعرفة حقائق أعمال الناس للشهادة بشأنها والاحتجاج به
عليهم يوم القيامة. وسيأتي المزيد من التوضيح لذلك في الفقرتين اللاحقتين. |
مصداق
الإمام في عصرنا الحاضر
|
فمن
الذي تتوفر فيه هذه الصفات في عصرنا الحاضر؟ من الواضح أنه لا يوجد شخص ظاهر تنطبق عليه هذه الصفات وليس ثمة شخصٌ ظاهرٌ يدعيها
أيضاً، فهل يكون عدم وجود شخص ظاهر تتوفر فيه هذه الصفات يعني خلو عصرنا
من مثل هذا الإمام؟ وتكفي
هنا الإشارة الى أن بعض هذه الكتب قد
دوّنت قبل ولادة الإمام المهدي(عليه السلام) بفترة
طويلة تفوق القرن وفيها
أحاديث شريفة تضمّنت النص على إمامته والإخبار عن غيبته وطول هذه الغيبة قبل وقوعها وهذا أوضح شاهد على
صحتها كما استدل بذلك العلماء إذ جاءت
الغيبة مصدّقة لما أخبرت عنه النصوص المتقدمة
عليها وفي ذلك دليل واضح على صدورها من ينابيع الوحي(راجع
هذا الاستدلال في مقدمة كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق: 12، والفصل الخامس من الفصول العشرة في الغيبة للشيخ
المفيد، وكذلك الرسالة الخامسة من رسائل الغيبة. وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 101 وما بعدها، وإعلام
الورى للشيخ الطبرسي: 2/257
وما بعدها وكشف المحجة للسيد ابن طاووس: 104، وغيرها.(.
|
صفات الشهيد
الإمام
|
إن الآية (89) من سورة الحج تصرّح بأنه من البشر أنفسهم (شهيداً من أنفسهم) وهو المستفاد من الآيات الاُخرى فهي
تستخدم «من» التبعيضية في قوله تعالى: (من كل اُمّة). |
الشهيد عنده
«علم الكتاب
|
وواضح
أن هذا الإطلاع على بواطن الناس غير ممكن بالأسباب الطبيعية المتعارفة بل يحتاج الى نمط خاص من العلم يتفضل به الله
تبارك وتعالى بحكمته على مَن يشاء من عباده ـ وهو عزّ وجلّ الأعلم حيث يجعل
رسالته (إشارة الى قوله تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) الأنعام (6): 124.)
ـ فيتمكن به العبد من تجاوز ما تعارف عليه الناس من الأسباب
الطبيعية والقيام بما يمكن القيام به بواسطة هذه الأسباب فتكون له مرتبة من
الولاية التكوينية وتجاوز الأسباب الطبيعية بإذن الله، وهذا النمط الخاص من
العلم هو ما سُمّي في القرآن الكريم بـ «علم الكتاب». |
إذن فالمتحصل
من الآيات الكريمة المتقدمة:
|
1 ـ حتمية وجود من يجعله الله تبارك وتعالى شهيداً على
أعمال العباد في كل عصر بحيث يحتج به على أهل عصره وأمته يوم القيامة، فهو
إمام زمانهم الذي يُدعون به، ويكون من أنفسهم. 4 ـ ولابدّ أن يكون
هذا الإمام الشهيد على أهل زمانه مسدّداً بالعناية الإلهية ممن تفضّل الله عزّ وجلّ عليه بنمط من الولاية التكوينية التي يصل
بها الى حقائق أعمال من يشهد لهم أو عليهم يوم القيامة. ومظهر هذا
التسديد والفضل الإلهي هو أن يكون لديه علم من الكتاب أو علم الكتاب كلّه. |
3ـ لا يخلو
زمان من هاد الى
الله بأمره
|
قال تعالى:
(ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آيةٌ من ربّه
إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد)( الرعد (13): 7 .(. |
معنى
«الهادي» في القرآن
|
والآية
التي ذكرت أعلاه تدل على أن الأرض لا تخلو من هاد يهدي الناس الى الحق، «إما
أن يكون نبيّاً وإما أن يكون هادياً غير نبيّ يهدي بأمر الله» ( تفسير الميزان: 1/305.)..وإطلاق الآية الكريمة ينفي حصر مصداق
«الهادي» في الآية بالأنبياء (عليهم السلام) كما
ذهب لذلك الزمخشري في الكشاف في تفسير الآية. لأن هذا الحصر يخرج الفترات التي
لم يكن فيها نبيّ من حكم الآية الكريمة العام
وهذا خلاف ظاهرها المصرّح بوجود هاد في كل عصر لا تخلو الأرض منه. |
الهادي منصوب
من الله.
|
وبالرجوع ثانية الى القرآن الكريم نجده يصرّح بأن الذي يكون هادياً للناس بأمر الله تبارك وتعالى هو الإمام المنصوب لذلك من قبل
الله تعالى كما هو واضحٌ من قوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون
بأمرنا)( الأنبياء (21): 73 .). |
الفصل الرابع: المهدي الموعود
وغيبته في المتفق عليه من السُنّة
|
الى
جانب الآيات الكريمة المتقدمة توجد بين أيدينا
الكثير من الأحاديث الشريفة التي صحت روايتها
عند أهل السنة والشيعة عن سيد المرسلين (ص ) بطرق كثيرة،
تؤكد دلالات الطائفة المتقدمة من الآيات الكريمة وتفصل مجملاتها وتكمل الصورة التي ترسمها فيما يرتبط بالدلالة على وجود
الإمام المهدي الموعود (ع ) بالفعل وغيبته وتصرح بالمصداق الذي دلت عليه
الآيات الكريمة بذكر صفاته العامة. |
1 ـ حديث
الثقلين
|
وهو
من الأحاديث المتواترة، رواه حفاظ أهل السنة والشيعة بأسانيد صحيحة عن جم غفير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عدَّ
ابن حجر ـ من علماء أهل السنة ـ أكثر من عشرين منهم في كتابه الصواعق
المحرقة(الصواعق المحرقة : 150 من الطبعة المصرية وقد
صرح ابن حجر بتواتره.) وعدَّ غيره من حفّاظ
أهل السنة أكثر من ثلاثين صحابياً كما في سنن الترمذي(سنن
الترمذي: 5/ 621 ـ 622 ـ مناقب أهل بيت النبي باب 32.)، وألّف الحافظ أبو الفضل المقدسي المعروف بابن القيسراني ـ وهو
من كبار حفّاظ أهل السنّة ـ كتاباً خاصاً عن طرق هذا الحديث الشريف (أهل البيت في المكتبة العربية للسيد عبدالعزيز الطباطبائي :
277 ـ 279.). كما أثبتت العديد من الدراسات الحديثية تواتره بما لا يدع أي مجال للنقاش أو
التشكيك، نظير ما فعل العلامة المتتبع المير حسين حامد الموسوي في موسوعة
عبقات الأنوار وغيره من العلماء (أصدرت دار
التقريب الإسلامية في مصر رسالة مفصلة ألفها أحد أعضاء الدار عن هذا الحديث استوفى فيها أسانيد الحديث في
الكتب المعتمدة عند أهل السنة.(. |
ترابط أحاديث
حجة الوداع
|
2 ـ وعلى ضوء اشتراك
الأحاديث الثلاثة في موضوع واحد، فإن مما يعين على فهم هذا
الحديث الشريف مورد البحث، ملاحظة ارتباطه بالحديثين الآخرين اللذين بلغهما الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع
نفسها أو على الأقل في فترة زمنية واحدة هي الأيام الأخيرة من حياته الشريفة
. وحقيقة الأمر أن الأحاديث الثلاثة ترسم صورة متكاملة لطريق اهتداء
المسلمين لما يضمن مستقبل مسيرتهم من بعده (ص ) . |
مصداق
الخلفاء الاثني عشر
|
وعندما
نرجع للواقع التأريخي الاسلامي لا نجد مصداقاً للنتيجة المتحصلة سوى أئمة أهل البيت الاثني عشر بدءً بالإمام علي وانتهاءً
بالمهدي المنتظر ـ سلام الله عليهم ـ لا يزيد عددهم عن الأثني عشر ولا ينقص
فجاؤا المصداق الوحيد لما أخبر به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)
إذْ لم يدّع غيرهم ذلك، تحقيقاً للنبوة المحمدية الثابتة عند المسلمين
جميعاً. |
دراسة
الأحاديث مستقلة
|
3 ـ الدلالة نفسها يمكن التوصل إليها
من خلال دراسة الحديث المتقدم بصورة مستقلة
وبغض النظر عن ارتباطه بحديثي الثقلين والغدير، واستناداً الى الدلالات المستفادة من الحديث نفسه وطبقاً للمروي في كتب
أهل السنة. فنصوصه تجمع على أن موضوعه الأول إخبارُ المسلمين بأن إثني عشر
شخصاً سيخلفون النبي (ص ) لقوله: « يكون من بعدي »، أي في الفاصلة الزمنية بين رحيله والى يوم القيامة كما هو المستفاد من
قوله في مقدمة الحديث : « إن هذا الأمر لا ينقضي » كما في صحيح مسلم
وغيره والصيغ الاخرى دالة على الأمر نفسه. |
دلالة الواقع
التأريخي
|
يُضاف
الى ذلك أن الواقع التأريخي الاسلامي ينفي أن يكون المقصود بالخليفة هذا المعنى، إذْ انّ عدد مَن وصل للحكم من المسلمين بعد
وفاة رسول الله(ص ) وتسمى بهذا الاسم يفوق الإثني عشر بكثير. |
اتصال وجود الخلفاء
الاثني عشر
|
وهذه الصفة ـ أي قيام الدين بهم ـ تدل على استمرار وجودهم ما بين
وفاة رسول الله (ص ) ويوم
القيامة،
لأن القول بتفرقهم وخلو بعض الأزمان من أحدهم مع ربط قيام الدين بهم، يعني ضياع
الإسلام وعدم قيامه في بعض الأزمان وهذا خلاف ما يدل عليه الحديث الشريف بعبارات
من قبيل « لا يزال الدين قائماً » « لا يزال الإسلام عزيزاً ». |
أدلة التطبيق
|
أولاً :
انّ الحديث يدل بصورة واضحة على لزوم توفر تلك الأوصاف في هؤلاء الخلفاء الاثني عشر والتي تؤهلهم لكي يكون الدين قائماً
بهم. بمعنى أن يكونوا جميعاً معبرين عن خط واحد ومنهج واحد في الدفاع عن
الدين وحفظه وتبليغه ـ كما فعل رسول الله (ص ) ـ، وقد توفرت هذه
الصفات في ائمة العترة النبوية الطاهرة الذين ثبت أن علوم النبي
(ص ) عندهم وثبت عنه وصيته بالتمسك بهم للنجاة من الضلالة كما في حديث الثقلين، وقد أخذ الكثير من المسلمين
ـ ومنهم أئمة المذاهب الأربعة ـ علوم الدين منهم كما هو ثابت تأريخياً وثبت في روايات مختلف الفرق الإسلامية لجوء
الجميع إليهم وفقرهم إليهم في علوم الدين واستغناؤهم (ع ) عن الجميع في ذلك (راجع مثلاً «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» للشيخ أسد حيدر،
وما ورد بشأنهم في تاريخ دمشق
لابن عساكر وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي والصواعق المحرقة لابن حجر وسير أعلام النبلاء للذهبي ووفيات الأعيان لابن
خلكان وغيرها. وسائر من ترجم
لهم (ع ) من مختلف الفرق الإسلامية.(. |
2- الاتفاق
على أن المهدي خاتم
الخلفاء الاثني عشر
|
يؤيد
ذلك موافقة عدد كبير من علماء أهل السنّة لعقيدة أهل البيت (ع ) في كون المهدي
المنتظر هو الخليفة الثاني عشر من الخلفاء الإثني عشر
الذين أخبر الرسول (ص ) عن خلافتهم الدينية، أمثال أبي داود
في سننه (راجع ما نقله الشيخ عبدالمحسن العباد في بحثه
(عقيدة أهل السنّة والأثر في المهدي المنتظر)
المطبوع في مجلة الجامعة الاسلامية العدد الثالث، السنة الاُولى، ذو القعدة 1388 هـ .) وابن كثير في تفسيره(تفسير القرآن
العظيم : 2 / 34 في تفسير الآية 12 من سورة المائدة.) وغيرهم. وصرح بذلك المجمع الفقهي التابع
للأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في جوابه على استفتاء مسلم من كينيا بشأن الإمام الموعود، حيث ورد في جواب المجمع :
« هو) المهدي الموعود
(آخر الخلفاء الراشدين الإثني عشر الذين أخبر عنهم النبي صلوات الله وسلامه عليه في الصحاح ...»( راجع النسخة المصوّرة لفتوى رابطة العالم الاسلامي، المجمع الفقهي المنشورة في كتاب احاديث المهدي من مسند احمد
بن حنبل : 162 ـ 166.(. |
3 ـ حديث
الاُمة الظاهرة القائمة بأمر الله
|
وهو من الأحاديث المشهورة المروية في الكتب الستة وغيرها من المجاميع الروائية المعتبرة عند إخواننا أهل السنّة من
طرق كثيرة
فقد رواه مثلاً أحمد بن حنبل وحده من سبعة وعشرين طريقاً(راجع كتاب «احاديث المهدي (ع ) من مسند احمد بن حنبل»، اعداد السيد محمد جواد الجلالي: 68 ـ 76.). فقد رواه البخاري في
صحيحه بلفظ « لا يزال ناس من اُمتي ظاهرين حتى
يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون »( صحيح البخاري: 4/252.(. وفي رواية للبخاري في تأريخه وأحمد
في مسنده ورجاله كلهم ثقات كما قال الكشميري في تصريحه بلفظ:
« لا تزال طائفة من اُمتي على الحق ظاهرين على مَن ناواهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى، وينزل عيسى بن مريم »( تاريخ البخاري: 5/451 حديث 1468، مسند أحمد: 4/429.(. |
4 ـ أحاديث عدم
خلو الزمان من الإمام القرشي المنقذ من الميتة الجاهلية
|
وهي أيضاً من الأحاديث الشريفة المروية من طريق الفريقين، نختار منها المروي في الكتب المعتبرة عند أهل السنة، فقد روى البخاري
ومسلم في صحيحيهما وأحمد بن حنبل في مسنده وغيرهم بأسانيدهم عن
رسول الله (ص ) أنّه قال: « لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان»( صحيح البخاري: 9/ 78،
صحيح مسلم: 3/ 1452، مسند أحمد: 2/ 29، 2/ 93 بطريق آخر.). |
معنى « الأمر
» في الكتاب والسنة
|
إنّ
الحديث الأول قد صرّح ببقاء «الأمر» في قريش ما بقي البشر على الأرض فلا تخلو الأرض من قرشي يكون له « الأمر »، فما هو المقصود من « الأمر » هنا ؟ ! وهل يمكن تفسيره بالاستلام الفعلي
للحكم الظاهري للمسلمين ؟ ! |
الباب
الثاني:
|
الفصل الأول: نشأة
الإمام المهدي (عليه السلام) . |
الفصل الأول: نشأة الإمام
محمّد بن الحسن المهدي (عليهما السلام)
|
تأريخ
الولادة
|
ولد ـ سلام الله عليه ـ في دار أبيه
الحسن العسكري (عليه السلام) في مدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان وهي من الليالي المباركة التي يُستحب إحياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقاً لروايات شريفة مروية
في الصحاح مثل سنن ابن ماجة وسنن الترمذي وغيرهما من كتب أهل السنة(راجع مثلاً مسند أحمد بن حنبل: 2/ 176، سنن ابن ماجة: 1/ 444
ـ 445، فيض القدير: 4/ 459، سنن
الترمذي: 3/ 116، كنز العمال: 3/ 466 وغيرها كثير.) إضافة الى ما روي عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام)(
ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : 101، مصباح المتهجد للشيخ الطوسي : 762، إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس : 718.). |
تواتر خبر
ولادته (عليه السلام)
|
روى قصة الولادة أو خبرها الكثير من العلماء بأسانيد صحيحة أمثال أبي جعفر الطبري والفضل بن شاذان والحسين بن حمدان وعلي بن الحسين
المسعودي والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والشيخ المفيد وغيرهم، ونقلها بصورة كاملة أو مختصرة أو نقل خبرها عدد من علماء أهل السنة من مختلف
المذاهب الإسلامية
أمثال نورالدين عبدالرحمن الجامي الحنفي في شواهد النبوة
والعلاّمة محمد مبين المولوي الهندي في وسيلة النجاة والعلامة محمد خواجه
بارسا البخاري في فصل الخطاب والحافظ سليمان القندوزي الحنفي في
ينابيع المودة، كما نقل خبر الولادة ما يناهز المائة وثلاثين
من علماء مختلف الفرق الإسلامية بينهم عشرات
المؤرخين ستة منهم عاصروا فترة الغيبة الصغرى أو ولادة الإمام المهدي (ع)، والبقية
من مختلف القرون الى يومنا هذا في سلسلة متصلة
وهذا الاحصاء يشمل جانباً من المصادر الإسلامية وليس كلها. وبين
هؤلاء عدد كبير من العلماء والمؤرخين المشهورين
أمثال ابن خلكان وابن الأثير وأبي الفداء
والذهبي وابن طولون الدمشقي وسبط ابن الجوزي ومحي الدين بن عربي والخوارزمي والبيهقي والصفدي
واليافعي والقرماني وابن حجر الهيثمي وغيرهم كثير. ومثل
هذا الإثبات مما لم يتوفر لولادات الكثير من أعلام التأريخ
الإسلامي(راجع تفصيلات أقوالهم في الاحصائية التي
أوردها السيد ثامر العميدي في كتابه دفاع عن الكافي: 1/535 ـ 592.). |
كيفية ظروف
الولادة
|
يُستفاد
من الروايات الواردة بشأن كيفية ولادته (عليه السلام)، أن والده الإمام الحسن العسكري ـ سلام الله عليه ـ أحاط الولادة
بالكثير من السرية والخفاء، فهي تذكر أن الإمام
الحسن العسكري قد طلب من عمته السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد أن تبقى في داره ليلة الخامس عشر
من شهر شعبان واخبرها بأنه سيُولد فيها إبنه وحجة الله في أرضه، فسألته عن أمه
فأخبرها أنها نرجس فذهبت إليها وفحصتها فلم تجد فيها أثراً للحمل، فعادت
للإمام واخبرته بذلك، فابتسم (عليه السلام) وبيّن لها أن مثلها مثل أم موسى
(عليه السلام) التي لم يظهر حملها ولم يعلم به أحد الى وقت ولادتها لأن فرعون
كان يتعقب أولاد بني إسرائيل خشية من ظهور موسى المبشر به فيذبح ابناءهم
ويستحي نساءهم، وهذا الأمر جرى مع الإمام
المهدي(عليه السلام) أيضاً لأن السلطات العباسية كانت ترصد ولادته إذ قد تنبأت بذلك طائفة من الأحاديث الشريفة
كما سنشير لاحقاً. |
إخبار المسبق
عن خفاء الولادة
|
أخبرت الكثير من الأحاديث الشريفة بأن ولادة المهدي من الحسن العسكري ستُحاط بالخفاء والسرية، ونسبت الإخفاء الى الله تبارك
وتعالى وشبهت بعضها إخفاء ولادته باخفاء ولادة موسى وبعضها بولادة ابراهيم (ع
)، وبيّنت علّة ذلك الإخفاء بحفظه (ع ) حتى يؤدي رسالته، نستعرض هنا نماذج قليلة منها. |
خفاء الولادة علامة المهدي
الموعود(عليه السلام)
|
ويُلاحظ أن هذه الأحاديث الشريفة تصرح بأنّ خفاء الولادة من العلائم البارزة المشخصة لهوية المهدي الموعود والقائم
من ولد فاطمة الذي بشرت به الأحاديث النبوية، وهذا أحد الأهداف المهمة للتصريح
بذلك وهو تعريف المسلمين بإحدى العلائم التي يكشفون بها زيف مزاعم مدّعي
المهدوية كما شهد التأريخ الإسلامي الكثير منهم ولم تنطبق على أي منهم هذه
العلامة، فلم تُحَطْ ولادة أي منهم بالخفاء كما هو ثابت تأريخياً(ذكر تراجمهم الدكتور محمد مهدي خان مؤسس صحيفة الحكمة في
القاهرة في كتابه «باب الأبواب»
الذي خصص جانباً منه لدراسة حركات أدعياء المهدوية.). |
الفصل الثاني: مراحل حياة
الإمام المهدي(عليه السلام)
|
تنقسم حياة كل إمام معصوم بشكل عام الى
قسمين رئيسين : المرحلة الرابعة : حياته في مرحلة الظهور التي تبدأ
بعد انتهاء الغيبة الكبرى، وهو عهد الدولة
المهدوية العالمية المرتقبة والتي أخبرت عنها نصوص الكتاب والسنة. |
الفصل الثالث: الإمام المهدي في ظل أبيه (عليهما السلام)
|
دور الإمام العسكري
(عليه السلام) في إعلان الولادة
|
في
ظل تلك الأوضاع الإرهابية الصعبة كانت تواجه الإمام العسكري ـ ع ـ مهمة على درجة
كبيرة من الخطورة والحساسية، فكان عليه أن يخفي أمر الولادة
عن اعين السلطات العباسية بالكامل والحيلولة دون اهتدائهم الى وجوده وولادته ومكانه حتى لو عرفوا إجمالاً بوقوعها، وذلك
حفظاً للوليد من مساعي الإبادة العباسية المتربصة به ولذلك لاحظنا في خبر
الولادة حرص الإمام على خفائها، كما نلاحظ أوامره المشددة لكل مَن
أطلعه على خبر الولادة من أرحامه وخواص شيعته بكتمان الخبر بالكامل فهو
يقول مثلاً لأحمد بن إسحاق :
«ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً ومن جميع الناس مكتوماً »( كمال الدين : 434.) . ومن إجراءاته (عليه السلام) في هذا
المجال ـ
تأكيده على استخدام اسلوب الاحتجاب والتعامل مع
المؤمنين بصورة غير مباشرة تعويداً لهم على مرحلة الغيبة فكان : يكلم شيعته الخواص وغيرهم من وراء الستر إلا في الأوقات التي
يركب فيها الى دار السلطان وانما كان منه ومن أبيه قبله مقدمة لغيبة صاحب
الزمان لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة وتجري العادة بالاحتجاب والإستتار (إثبات الوصية للمسعودي : 262.)، ومن هذه الاجراءات
تثبيت نظام الوكلاء عن إلامام، وتأييد الكتب الحديثية التي جمع فيها أصحاب الائمة مروياتهم عنهم وعن رسول الله (ص )( راجع رجال الكشي: 481، 451، ورجال ابن داود : 272 ـ 273،
ووسائل الشيعة: 18/ 72، فلاح
السائل للسيد ابن طاووس : 183 وغيرها.)، ليرجع
إليها المؤمنون في عصر الغيبة(لمزيد من التفصيلات بشأن
دور الإمام الحسن العسكري(ع ) في هذا المجال راجع كتاب تأريخ الغيبة الصغرى للسيد الشهيد محمد الصدر(رحمه
الله) : 269 وما بعدها، وحياة الإمام
العسكري(ع ) للشيخ الطبسي: 313 ـ 326 .(. |
حضوره وفاة
أبيه (عليه السلام)
|
طبق
ما يرويه الشيخ الصدوق في إكمال الدين والشيخ الطوسي في الغيبة فإن الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ قد حضر وفاة أبيه
العسكري(عليهما السلام)، إلا أن رواية الشيخ الطوسي أكثر تفصيلاً من رواية الصدوق
التي كَنَّتْ عن حضوره ولم تصرح به، فقد نقل
الشيخ الصدوق عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال:
مات أبو محمّدالحسن بن علي (عليهما السلام) يوم جمعة مع صلاة الغداة، وكان في تلك الليلة قد كتب بيده كتباً كثيرة الى المدينة
وذلك في شهر ربيع الأول لثمان خلون منه سنة ستين ومائتين من الهجرة ولم
يحضره في ذلك الوقت إلا صقيل الجارية، وعقيد الخادم ومَن علم الله عزوجل
غيرهما...( كمال الدين : 474.(. ونقل الطوسي الرواية بتفصيل أكثر حيث
قال: |
الباب
الثالث:
|
وفيه فصول: الفصل الأول:الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عليه
السلام) . |
الفصل الأول: الغيبة الصغرى
للإمام المهدي(عليه السلام)
|
تسلّمه مهام الإمامة
صغيراً
|
تسلّم المهدي(ع )
مهام الإمامة وهو ابن خمس أو ست سنين فهو أصغر الائمة سناً عند توليه مهام الإمامة.
وقد أخبرت عن ذلك الأحاديث الشريفة سابقاً
(راجع مثلاً حديث الإمام الباقر(ع ): «صاحب هذا الأمر
أصغرنا سناً وأخملناشخصاً...»
غيبة النعماني: 184.(
. |
صلاته على
أبيه وإعلان وجوده
|
كان
من اُولى المهمات التي قام بها الإمام المهدي (ع ) بُعَيْد تسلمه مهام الإمامة هي الصلاة على أبيه الحسن العسكري (ع
) في داره وقبل إخراج جسده الطاهر الى الصلاة « الرسمية » التي
خططتها السلطات العباسية (يظهر أن الصلاة الأولى
كانت بحضور وجوه أصحاب الإمام وأرحامه والصلاة الرسمية كانت بحضور ممثلي السلطة العباسية ووجوه المدينة وعامة
الناس، راجع تفصيلات ذلك في كتاب بحار
الأنوار: 50/ 328.) وكان قيامه بهذه الصلاة يعتبر أمراً
مهماً في إثبات إمامته رغم المخاطر التي كانت تتوقع بعد نقل خبر هذه الصلاة. |
أهدافه (عليه
السلام) من الصلاة على أبيه
|
حقق
قيام الإمام بالصلاة على أبيه ـ سلام الله عليهما ـ أمرين مهمين، كان من الضروري إنجازهما بعد وفاة الإمام الحادي عشر حيث
تتطلّع أنظار الناس لمعرفة هوية الإمام الثاني عشر، بعد أن عرفنا أنّ ولادة
الإمام المهدي ـ سلام الله عليه ـ كانت قد اُحيطت بالكتمان الشديد بسبب
الترصد العباسي للقضاء على الوليد المصلح المرتقب، لذلك فإن هذا الظرف
الخاص هو الظرف الذي كانت تتطلع فيه الأعين لترى من الذي يصلي على الإمام المتوفى
لتتخذ ذلك قرينة كاشفة عن خليفة الإمام السابق . وهكذا
كان الظرف يمثل فرصة مناسبة للغاية لتعريف الحاضرين في الدار ـ وكثير منهم من عيون أصحاب الإمام
العسكري(ع ) ووكلائه ـ بوجود الإمام المهدي وأنه هو الوصي الحقيقي لأبيه، وأن الرعاية
الإلهية قد حفظته من مساعي الإبادة العباسية خاصة وأن الخليفة العباسي المعتمد قد بعث جلاوزته فور وصول خبر وفاة الإمام
العسكري لتفتيش داره (ع ) بجميع حجرها بحثاً عن ولده واصطحبوا معهم
نساءاً يعرفن الحبل لفحص جواريه (عليه السلام) وكل ذلك كان قبل تهيئة الجسد
الطاهر وتكفينه(راجع تفصيلات ذلك في
كمال الدين : 43، 473.)، لذلك كانت صلاته على أبيه (عليه السلام)
بمثابة إعلان لأولئك الحاضرين ـ وعددهم كان يناهز الأربعين كما في رواية
الهاشمي المتقدمة ـ ; بسلامة الإمام المهدي من الهجوم العباسي السريع الذي باغت
أهل دار العسكري المنشغلين بمصيبة فقده (ع )، الأمر الذي قد يجعل البعض
يتصور بأنهم لم يكونوا يتحسبون لهذا الهجوم المباغت. |
غيبتا الإمام
المهدي (عليه السلام)
|
كان للإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ غيبتان: صغرى وكبرى، أخبرت عنهما معاً الكثير من الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول الأكرم (ص) وعن الائمة المعصومين من أهل بيته (ع ) كما نشير لذلك
لاحقاً، بل وأشارت إليها بعض نصوص الكتب السماوية السابقة كما لاحظنا سابقاً. |
الفصل الثاني: أسباب الغيبة
الصغرى والتمهيد لها
|
أسباب الغيبة الصغرى
|
جاءت
غيبة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ كإجراء تمهيدي لظهوره اقتضته الحكمة الإلهية في تدبير شؤون العباد بهدف تأهيل المجتمع
البشري للمهمة الإصلاحية الكبرى التي يحققها الله تبارك وتعالى على يديه
(عليه السلام) والتي تتمثل في إظهار الإسلام على الدين كله وإقامة
الدولة الإسلامية العادلة في كل الأرض وتأسيس المجتمع التوحيدي الخالص الذي
يعبد الله وحده لا شريك له دونما خوف من كيد منافق أو مشرك كما نصت على
ذلك النصوص الشرعية التي سنتناولها في الفصل الخاص بسيرته (عليه السلام) بعد
ظهوره. والانحراف السياسي ـ الذي سبب انحرافات اُخرى ـ كان قد
طغى على كيان المسلمين واستشرى الفساد في حكوماتهم التي لم يكن لها هدف سوى التمادي في
الملذات المحرمة والتناحر الداخلي بدوافع سلطوية ومطامع استعلائية في
الأرض حتى غابت صورة الخليفة الخادم للرعية المدافع عن كرامتهم الإنسانية
ومصالحهم الدنيوية والاُخروية وحلت محلها صورة الحاكم المستبد الذي لا همّ
له سوى الفساد والإفساد والاستعلاء في الأرض والاحتفاظ بالعرش بما أمكنه
ولو كان على حساب سحق أبسط القيم التي جاء بها مَن يرفعون شعار خلافته أي
النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ولذلك اجتهدوا في محاربة ائمة الهدى من
عترته كما لاحظنا في تعليل الإمام العسكري (عليه السلام) للمطاردة الأموية
والعباسية لهم وخاصة للمهدي الموعود. |
تمهيد
النبي(صلى الله عليه وآله) والائمة (ع) لغيبة الإمام المهدي (ع)
|
سجلت
المصادر الإسلامية الكثير من الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول (ص ) وائمة أهل
البيت (ع ) ; التي أخبرت عن حتمية وقوع غيبة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ، وقد
نقلنا نماذج لها ضمن الحديث عن خفاء ولادته، وننقل
هنا نماذج أخرى لها. قال:
«فإن فيهم لاوي بن ارحيا». قال: أعرفه يا رسول الله، وهو الذي غاب
عن بني اسرائيل سنين ثم عاد فأظهر شريعته بعد دراستها وقاتل مع فريطيا
الملك حتى قتله. وقال(ص ):
« المهدي من ولدي تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الاُمم،
يأتي بذخيرة الأنبياء (ع ) فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت
جوراً وظلماً »( فرائد السمطين: 2/ 335، وينابيع المودة
للحافظ سليمان الحنفي : 488.). وقال(عليه السلام)
« وإن للغائب منا غيبتين إحداهما أطول من الأخرى
فلا يثبت على إمامته إلا مَن قوي يقينه وصحت معرفته »(
ينابيع المودة للحافظ الحنفي : 427.). وعن الإمام الصادق (ع ) : « إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها
»( غيبة الشيخ الطوسي: 102.)، «إن للقائم منّا غيبة يطول أمدها ... لأن الله عز وجل أبى إلا
أن يجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) وأنه لابد يا سدير من استيفاء
مدد غيباتهم »( كمال الدين : 480.). |
فلسفة
مرحليّة الغيبة
|
أشرنا
الى أن الغيبة ـ عموماً ـ إجراء تمهيدي كان لابدّ منه ليتمكن الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ من الظهور وإنجازه لمهمته
الإصلاحية العالمية الكبرى. |
تعقيب السلطة
العباسيّة لخبر الإمام عليه السلام
|
يظهر
من روايات مرحلة الغيبة الصغرى أنّ السلطة العباسية أخذت تتعقب خبر الإمام المهدي (ع )، وكأنها كانت على اطمئنان بوجوده
استناداً الى ما تواتر نقله عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من
أخبار الائمة الإثني عشر من عترته، وكانت تعلم أن الحسن العسكري (ع )
هو الحادي عشر منهم فلابد من ولادة الثاني عشر أيضاً وهو خاتمهم
الموعود بإنهاء الظلم والجور على يديه حسبما ورد في البشارات النبوية المتواترة. |
الفصل الثالث: إنجازات الإمام
المهدي (عليه السلام) في الغيبة الصغرى
|
إثبات وجوده
و إمامته عليه
السلام
|
وهو
الهدف الذي توخاه من حضوره للصلاة على ابيه ـ سلام الله عليهما ـ كما
تحدثنا عن ذلك سابقاً، وهو من أهم خطواته وتحركاته في غيبته الصغرى،
وتبرز أهمية هذا الهدف من كونه يوفر القاعدة الأساس التي يستند اليها
تحرّك المهدي في عصر الغيبة، إذ أنّ من الواضح من النصوص الشرعية أنّ النجاة
من الضلالة وميتة الجاهلية تكمن في معرفة إمام العصر والتمسك بطاعته، وهذا
الإمام مستور غير ظاهر في عصر الغيبة الكبرى لذا فإن الإيمان به ـ وهو
مقدمة طاعته والتمسّك بولايته ـ فرع الاطمئنان والثقة بوجوده الى درجة تمكّن
المؤمن من مواجهة التشكيكات الناتجة من عدم مشاهدته بصورة حسيّة ظاهرة.
وهذا الاطمئنان هو الذي أكملت أسبابه تحركات الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه
ـ في فترة الغيبة الصغرى بما أتم من الحجة في التقائه بالثقات وإظهار
الكرامات التي لا يمكن تصور صدورها عن غير الامام وغير ذلك مما سجلته الروايات
المتحدثة عن هذه الفترة والتي دوّنها العلماء الإثبات في كتبهم (راجع روايات الالتقاء به في عصر الغيبة الصغرى الموجودة في
كتب الغيبة والتي جمع الكثير منها
السيد البحراني في كتاب تبصرة الولي.). |
إكمال ما
تحتاجه الأمة من
معارف الاسلام
|
طوال
ما يزيد على القرنين قام أئمة أهل البيت النبوي ـ صلوات الله عليهم ـ بتبليغ معظم ما تحتاجه الأمة خلال عصر الغيبة الكبرى من
معارف القرآن الكريم وسنّة جدهم سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)
والتي تمثل بمجموعها الإسلام النقي والدين القيّم الذي أمر الله تبارك وتعالى
باتباعه والعمل على وفقه، والعروة الوثقى المعبّرة عن التمسك بالثقلين
اللذين تكون بهما النجاة من الضلالة وميتة الجاهلية، وتضمن هذا التراث
تحديد وتوضيح قواعد وأصول استنباط الأحكام الشرعية والمعارف الإسلامية من هذا
التراث الروائي الثر لسنّة الرسول(صلى الله عليه وآله) وأئمة عترته(عليهم
السلام) الذين أمروا أصحابهم بحفظه وتدوينه ليكون مصدراً ـ الى جانب
القرآن الكريم ـ لجميع المعارف والأحكام الإسلامية التي تحتاجها الأمة
الإسلامية الى ظهور الإمام المهدي(عليه السلام)، وكانت ثمرة هذا الأمر تلك
الروايات الشريفة من قبل أصحاب الأئمة حيث عُرفت بالأصول الأربعمائة التي تم
تدوينها في عصر الأئمة السابقين للإمام المهدي (عليه السلام)، وحفظت فيها
جل نصوص السنة النبوية الشريفة(راجع في هذا
الباب كتاب «منع تدوين الحديث ـ اسباب ونتائج» للسيد علي الشهرستاني: 397 ـ 465 الفصل الخاص بتأريخ
تدوين السنة النبوية عند مدرسة أهل البيت(ع).). |
تثبيت نظام النيابة
|
قام
الإمام المهدي(ع ) في هذه الفترة بتعيين عدد من الثقات المخلصين
في إيمانهم من شيعته وكلاء عنه يتحركون بإذنه وبأمره
ويشكلون جهازاً للارتباط
بالمؤمنين، وقد مهد له في ذلك جده الإمام الهادي ومن قبله الإمام الجواد (ع ) ثم تابعه الإمام العسكري (ع
) الذي رسّخ نظام الوكلاء
تمهيداً لغيبة ولده. فكان
يُعلن توثيق بعض وجوه أصحابه وأنه وكيل عنه، فمثلاً قال(ع ) بشأن عثمان بن سعيد العمري
وكيله الذي أصبح فيما بعد وكيلاً لولده الإمام المهدي(ع )، وكان
وكيلاً للإمام الهادي (ع ) أيضاً: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين
ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدى إليكم
فعنّي يؤديه »( غيبة الطوسي : 215.). |
حفظ الكيان الايماني
|
ولكن
مهمة إثبات وجود الامام (ع ) والتعريف بوكلائِهِ كانت تؤدي أحياناً الى تسرب بعض الأخبار للسلطة فيتدخل الإمام لحفظ
نظام الوكلاء حتى ينجز دوره المطلوب في الغيبة الصغرى. فمثلاً يروي ثقة الإسلام الكليني في الكافي عن الحسين بن الحسن العلوي قال: «كان رجل من ندماء روز حسني وآخر معه فقال له : هوذا يجبي الاموال وله وكلاء وسمّوا جميع
الوكلاء في النواحي وأنهى ذلك إلى عبيد الله بن سليمان الوزير، فهمَّ الوزير
بالقبض عليهم، فقال السلطان: اُطلبوا أين هذا الرجل؟ فانّ هذا أمر غليظ،
فقال عبيد الله ابن سليمان: نقبض على الوكلاء، فقال السلطان: لا، ولكن
دسوا لهم قوماً لا يعرفون بالأموال، فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه قال: فخرج
بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وان يمتنعوا من
ذلك ويتجاهلوا الأمر، فاندس لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال:
معي مال اُريد أن اُوصله، فقال له محمد: غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئاً،
فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه وبثّوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم
لما كان تقدّم اليهم»( الكافي: 1 / 525.). |
إصدار
الرسائل «التوقيعات»
|
حفلت
المصادر المؤرخة لسيرة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ بنصوص العديد من الرسائل والبيانات التي كان يصدرها (عليه السلام) في
فترة الغيبة الصغرى والتي عُرفت بالتوقيعات. وهي تشكل أحد الأدلة الوجدانية
المحسوسة الدالة على وجوده وقيامه بمهام الإمامة في غيبته (راجع نماذجها في المجلد الثاني من كتاب معادن الحكمة. لمحمد
بن الفيض الكاشاني وكتاب الصحيفة
المهدية لوالده وغيرها من كتب الغيبة.(. |
لقاء الإمام
المهدي(عليه السلام) بأتباعه المؤمنين
|
روت
المصادر الروائية المعتبرة الكثير من الروايات التي تتحدث عن التقاء المؤمنين بالإمام المهدي (ع ) في غيبته الصغرى، فلايكاد
يخلو كتاب من الكتب المصنفة في تواريخ الأئمة أو الإمام المهدي ـ عجل الله
فرجه ـ خاصة، من ذكر مجموعة من هذه الروايات. وقد روى
الشيخ الصدوق عن محمد بن أبي عبد الله احصائية
لعدد لقاءاته من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فذكر ثمانية وستين شخصاً(كمال الدين : 242)
وأوصل الميرزا النوري العدد الى (304) اشخاص
استناداً الى الروايات الواردة في المصادر المعتبرة(النجم الثاقب : 2 / 44 ـ 48 من الترجمة العربية.) وفيها المروية بأسانيد صحيحة، ومعظمهم التقوه في الغيبة الصغرى وبعضهم في حياة أبيه (ع)
وهذه الروايات تخص الذين رأوه وعرفوه وليس الذين لم يعرفوه. |
إعلان انتهاء
الغيبة الصغرى
|
قبل ستة أيام من وفاة السفير الرابع أخرج للمؤمنين توقيعاً من الإمام المهدي ـ ع ـ يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفراء المعينين من قبل الإمام مباشرة إيذاناً ببدء الغيبة
الكبرى ونص التوقيع هو:
|
الباب
الرابع:
|
لفصل الأول:الغيبة
الكبرى للإمام المهدي (عليه السلام) وأسبابها . |
الفصل الأول: الغيبة الكبرى
للإمام المهدي(عليه السلام) وأسبابها
|
الاطار العام لتحرك الامام
(عليه السلام)
|
إنّ
الهدف العام لتحرك الإمام المهدي (عليه السلام) في فترة الغيبة الكبرى، هو رعاية مسيرة الأمة الإسلامية وتأهيلها لظهوره والقيام
بالمهمة الكبرى المتمثلة بإنهاء الظلم والجور وإقامة الدولة الإلهية
العادلة في كل أرجاء الأرض وتأسيس المجتمع التوحيدي الخالص كما سنفصل الحديث
عن ذلك في الفصل الخاص بسيرته بعد ظهوره (عليه السلام). |
علل الغيبة
في الأحاديث الشريفة
|
لقد تناولت مجموعة من الأحاديث الشريفة علل وقوع الغيبة. نذكر أولاً
نماذج منها استناداً الى العلل التي تذكرها: مشيرين الى أن لكل نموذج نظائر عديدة رواها المحدثون بأسانيد متعددة: |
علل الغيبة
والأسباب التي تذكرها فيها
بعض التداخل
|
1 ـ استجماع تجارب الأمم
السابقة 2 ـ العامل الأمني 3 ـ السماح بوصول الحق للجميع لخروج ودائع الله 6 ـ حفظ روح الرفض للظلم 7 ـ صلاح أمره وأمر المؤمنين به |
الفصل الثاني: إنجازات الإمام
المهدي(عليه السلام) في غيبته الكبرى
|
كما
أشرنا في مقدمة الحديث فإن سيرة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ
وتحركاته في غيبته الكبرى تتمحور حول هدف التمهيد لظهوره والمساهمة في ازالة
العلل الموجبة لغيبته، وعليه يمكننا القول بأنّه يعمل في سبيل ترشيد
الأمة واستجماعها لخبرات أجيالها المتعاقبة; وفي سبيل إيصال الحق الى
الجميع ودعم وتأييد العاملين من أجل نشر الإسلام النقي وحفظه، وهو يرعى عملية
التمييز والتمحيص الإعدادي لجيل الظهور، ويكشف فشل المدارس الأخرى وعجزها
عن تحقيق السعادة المنشودة للبشرية، ويساهم في حفظ روح الرفض للظلم ويحبط
المساعي لقتلها. إنه (عليه السلام) يقوم بكل ذلك ولكن بأساليب خفية غير
ظاهرة قد يتضح الكثير منها عند ظهوره كما يتضح دوره (عليه السلام) في
الكثير من الحوادث الواقعة التي تصب في صالح تحقق الأهداف المتقدمة والتي لم
تُعرف أسباب وقوعها أو أنّ ما عُرض من الأسباب لم يكن كافياً في
تفسيرها. |
رعايته
للكيان الإسلامي
|
يقول
الإمام المهدي (ع) في رسالته الاُولى للشيخ المفيد: «... فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ولا
يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مُذ جنح كثير منكم الى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ونبذوا العهد
المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم
ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء وأصطلمكم الأعداء»( الاحتجاج: 1/323 وعنه في معادن الحكمة: 2/ 303.). |
حفظ الاسلام
الصحيح وتسديد العمل الاجتهادي
|
إنّ
الإمام المهدي (ع ) يقوم أيضاً في غيبته الكبرى بحفظ الإسلام النقي الذي يحمله مذهب أهل البيت (ع ). وهذه المهمة من
المهام الرئيسة للإمامة، ومن مظاهر قيامه(ع ) بها في غيبته تسديد
العمل الاجتهادي للعلماء والفقهاء ومنع إجماعهم على باطل بطريقة
أو باُخرى: «لأن هذه الآثار والنصوص في الأحكام موجودة مع مَن لا يستحيل
منه الغلط والنسيان، ومسموعة بنقل من يجوز
عليه الترك والكتمان. وإذا جاز ذلك عليهم لم يؤمن وقوعه منهم إلاّ بوجود معصوم يكون من ورائهم، شاهد لأحوالهم، عالم
بأخبارهم، إن غلطوا هداههم، أو نسوا ذكّرهم أو كتموا، علم الحق من دونهم. وفي المستفيض عنهم(عليهم السلام) «إن الارض لا تخلو إلاّ وفيها
عالم اذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم الى الحق وإن نقصوا شيئاً تمم ذلك ولولا ذلك
لالتبس عليهم أمرهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل». |
تسديد
الفقهاء في عصر الغيبة
|
وكما
أشرنا عند الحديث عن نظام «السفارة والنيابة الخاصة» في الغيبة الصغرى، فإن هذا النظام كان تمهيداً لإرجاع الأمة في
الغيبة الكبرى الى الفقهاء العدول كممثلين له(عليه السلام) ينوبون عنهم
كقيادة ظاهرة أمر بالرجوع إليها في توقيعه الصادر الى إسحاق بن يعقوب:
«وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة
الله عليهم». |
أصحاب الإمام
(عليه السلام) في غيبته الكبرى
|
يُستفاد
من عدد من الأحاديث الشريفة أن للامام المهدي ـ ع ـ جماعة من الأولياء المخلصين يلتقون به باستمرار في غيبته
الكبرى ومن أهل كل عصر، وتصرح بعض الأحاديث الشريفة بأن عددهم ثلاثين شخصاً،
فقد روى الشيخ الكليني في الكافي والشيخ الطوسي في الغيبة بأسانيدهما عن الإمام الصادق(ع ) قال: «لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة
ولابد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة»( الكافي: 1/ 340، غيبة النعماني: 188، تقريب المعارف للحلبي:
190.)، وروى الكليني بسنده عن الإمام الصادق(ع ) قال: «للقائم غيبتان إحداهما قصيرة
والاُخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه إلاّ خاصة شيعته
والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه»(
الكافي: 1/ 340، غيبة النعماني: 170، تقريب المعارف: 190.)، وتصرح بعض الأحاديث الشريفة بأن الخضر(عليه
السلام) من مرافقيه في غيبته(كمال الدين: 390 وعنه في
اثبات الهداة: 3/ 480.). ولعله (عليه السلام) يستعين بهؤلاء الأولياء ـ ذوي المراتب العالية في الاخلاص ـ في
القيام بما تقدم من مهام حفظ المؤمنين ورعايتهم وتسديد العلماء ودفع
الأخطار عن الوجود الإيماني وتسيير حركة الأحداث ـ حتى خارج الكيان الإسلامي
بما يخدم مهمة التمهيد لظهوره وإعداد العوامل اللازمة له. |
الالتقاء
بالمؤمنين في غيبته الكبرى
|
إنّ
سيرة الإمام في غيبته الكبرى تفصح بأن لقاءاته فيها لا تنحصر في هذا العدد المحدود من الأولياء المخلصين في كل عصر بل تشمل
غيرهم ـ ولو بصورة غير مستمرة ـ
فالأخبار الخاصة الدالة على مشاهدته في الغيبة الكبرى كثيرة وعددها يفوق حد التواتر، بحيث نعلم لدى مراجعتها
واستقرائها، عدم الكذب والخطأ فيها في الجملة (راجع
تاريخ الغيبة الصغرى: 640 وما بعدها وتاريخ الغيبة الكبرى: 107 وقد ناقش السيد الصدر في هذين الكتابين قضية
الالتقاء بالامام في الغيبة الكبرى وعدم تعارضها مع
امر الامام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ في توقيعه للشيخ السمري بتكذيب من ادعى المشاهدة في الغيبة الكبرى، كما ناقشها الميرزا النوري في الباب السابع من كتاب النجم
الثاقب والعلامة المجلسي في بحار الأنوار وغيرهم
كثير واثبتوا جواز الالتقاء بالامام في الغيبة الكبرى.)، فقد نقل الميرزا
النوري مائة منها في النجم الثاقب
وفي المصادر الأخرى ما يزيد على ذلك بكثير، اضافة الى أن من المؤكد أن هناك مقابلات غير مروية ولا مسجلة في المصادر وإن كانت
متناقلة عبر الثقات وأن المهدي ـ ع ـ يتصل بعدد من المؤمنين في أنحاء العالم في كل جيل مع حرصهم على عدم التفوه بذلك وكتمه الى
الأبد، بل يمكن القول
بأن المقابلات غير المروية أكثر بكثير من المقابلات المروية. |
ترسيخ
الايمان بوجوده
|
وتحققت
من هذه اللقاءات إضافة لذلك ثمار مهمة تتمحور حول ترسيخ الإيمان بوجوده (عليه السلام) وإزالة التشكيكات المثارة تجاه ذلك
في كل عصر بما يعزز مسيرة المؤمنين في التمهيد لظهوره (عليه السلام)، خاصةً
وأن معظم هذه المقابلات تقترن عادة بصدور مالا يمكن صدوره عن غير
الإمام (عليه السلام) من ايضاحات علمية دقيقة أو كرامات إعجازية تقطع أي مجال للشك في هويته ـ عجل الله فرجه ـ وهي في معظم الأحوال تكون بمبادرة
من الإمام نفسه وبصورة لا يتوقعها الفائز بلقياه
(عليه السلام)، وبعد
مدة ـ قد تطول أحياناً ـ من صدق المؤمن في طلب مقابلته والإخلاص لله في القيام بالأعمال
الصالحة بهدف الفوز بذلك، كما أنها عادة ما تكون بالمقدار اللازم لقضاء حاجة
المؤمن الطالب لها أو تحقيق الإمام للغاية المرجوة منها وغالباً ما ينتبه
المؤمن الى أنّ من التقاه هو الإمام المهدي (ع ) بعد انتهاء المقابلة، وكل
ذلك حفظاً لمبدأ الاستتار في هذه الفترة. |
حضور موسم
الحج
|
وتصرح
الأحاديث الشريفة بأن من سيرته (ع ) في غيبته حضور موسم الحج في كل عام، وواضح مافي حضور هذا الموسم السنوي المهم من
فرصة مناسبة للالتقاء بالمؤمنين من أنحاء أقطار العالم وإيصال
التوجيهات إليهم ولو من دون التعريف بنفسه بصراحة والتعرف على أحوالهم عن قرب دون
الحاجة الى أساليب إعجازية. إنّ الأحاديث الشريفة التي تذكر حضوره
(ع ) هذا الاجتماع الإسلامي السنوي العام، ذكرت
أنه (ع ): «يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه»( الكافي: 1/
337، 239، غيبة النعماني: 175.)، ويبدو أن المقصود
هو الرؤية مع تحديد هويته (ع )، بمعنى أن يعرفوه أنه هو المهدي، إذْ توجد عدة روايات اُخرى تصرح برؤيته في هذا
الموسم وبعضها يصرح بعدم معرفة المشاهدين لهويته على نحو التحديد واقتصار
معرفتهم بأنّه من ذرية رسول الله (ص ) ( راجع
مثلاً الرواية التي ينقلها الشيخ الصدوق في كمال الدين: 444.). |
الفصل الثالث: تكاليف عصر
الغيبة الكبرى
|
اهتمت
الأحاديث الشريفة بقضية تكاليف عصر الغيبة بحكم الأبعاد العملية
التي تشتمل عليها فيما يرتبط بتحرك الإنسان في هذه الفترة المتميزة بفتن
كثيرة وصعوبات في مواجهتها ناتجة عن عدم الحضور الظاهر لإمام العصر وعدم
تيسر الرجوع إليه بسهولة. هذه عناوين أبرز التكاليف الخاصة بعصر
الغيبة
وثمة تكاليف خاصة ببعض الحوادث التي تقع فيه أو
بعض علائم الظهور مثل مناصرة حركة الموطئة ـ الذين يوطّئون للمهدي سلطانه ـ أو اجتناب فتنة السفياني أو تشديد الحذر عند
ظهور بعض العلائم القريبة من أوان الظهور وغير ذلك. |
أهمية
الانتظار
|
تؤكد
الأحاديث الشريفة وباهتمام بالغ على عظمة آثار انتظار
الفرج; بعنوانه العام الذي ينطبق على الظهور المهدوي كأحد مصاديقه
البارزة; وكذلك على انتظار ظهور الإمام بالخصوص. فبعضها تصفه بأنه أفضل عبادة
المؤمن كما هو المروي عن الإمام علي(عليه السلام): «أفضل عبادة المؤمن
انتظار فرج الله»( المحاسن للبرقي وعنه في
بحار الأنوار: 52/ 131)، وعبادة المؤمن أفضل بلا شك من عبادة مطلق
المسلم، فيكون الانتظار أفضل العبادات الفضلى إذا كان القيام به بنية التعبد لله
وليس رغبة في شيء من الدنيا; ويكون بذلك من أفضل وسائل التقرب الى الله
تبارك وتعالى كما يشير الى ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في خصوص انتظار الفرج
المهدوي حيث يقول: «طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين
لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون»( كمال الدين: 357.). ولذلك فإن انتظار الفرج هو «أعظم الفرج»(
كمال الدين: 320 .) كما يقول الإمام السجاد (عليه السلام)،
فهو يدخل المنتظر في زمرةِ أولياء الله. وتعتبر الأحاديث الشريفة أنّ صدق انتظار المؤمن لظهور إمام
زمانه الغائب يعزز إخلاصه ونقاء إيمانه من الشك، يقول الإمام الجواد (عليه السلام):
«...له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون..»( كفاية الأثر: 279، كمال الدين: 378.) وحيث إن الانتظار يعزز الإيمان والإخلاص لله عز وجل والثقة بحكمته
ورعايته لعباده، فهو علامة حسن الظن بالله، لذا فلاغرابة أن تصفه الأحاديث
الشريفة بأنه: «أحب الأعمال الى الله»( الخصال
للشيخ الصدوق: 2/ 610، كمال الدين: 645، تحف العقول: 106.)، وبالتالي فهو «أفضل أعمال أمتي»(
كمال الدين: 644.) كما يقول رسول
الله (صلى الله عليه وآله). |
حقيقة
الانتظار
|
الانتظار
عبارة عن: «كيفية نفسانية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره; وضده اليأس; فكلما كان الانتظار أشد كان التهيؤ آكد; ألا ترى
أنّه اذا كان لك مسافر تتوقع قدومه ازداد تهيؤك لقدومه كلما قرب حينه، بل
ربما تبدل رقادك بالسهاد لشدة الانتظار. وكما تتفاوت مراتب الانتظار من هذه الجهة، كذلك
تتفاوت مراتبه من حيث حبك لمن تنتظره، فكلما اشتد الحب ازداد التهيؤ للحبيب
وأوجع فراقه بحيث يغفل المنتظر عن جميع ما يتعلق بحفظ نفسه ولا يشعر بما
يصيبه من الالآم الموجعة والشدائد المفظعة. |
شروط الانتظار |
على
ضوء هذا النص والتوضيحات الذي تقدمته يمكن إجمال شروط الانتظار في النقاط التالية التي تتضمن أيضاً توضيح السبيل العملي
الذي ينبغي للمؤمن انتهاجه لكي يكون منتظراً حقيقياً: |
الانتظار
وتوقّع الظهور الفوري
|
إضافة
الى تصريحهم بوجوب إنتظار الامام المهدي ـ ع ـ في غيبته استناداً الى كثرة النصوص الشرعية الآمرة بذلك على نحو
الفرج الإلهي العام أو الفرج المهدوي على نحو الخصوص، فقد صرحوا بوجوب توقع
ظهور الإمام في كل حين استناداً الى النصوص الشرعية أيضاً، يقول السيدالشهيد محمد الصدر(رحمه الله): «من الأخبار الدالة على التكليف في عصر الغيبة مادل على
وجوب الانتظار الفوري وتوقع الظهور الفوري في كل وقت بالمعنى
الذي سبق أن حققناه»( تأريخ الغيبة الكبرى:
427.)، ويقول السيد
محمد تقي الإصفهاني بعد نقله لمجموعة من الأحاديث الدالة على وجوب الانتظار الفوري: «المقصود من توقع الفرج
صباحا ومساء هو الانتظار للفرج الموعود في كل وقت يمكن وقوع هذا الأمر
المسعود ولا ريب في إمكان وقوع ذلك في جميع الشهور والأعوام بمقتضى أمر
المدبّر العلام، فيجب الانتظار له على الخاص والعام»(
مكيال المكارم: 2/ 158 ـ 159.(. |
الباب
الخامس:
|
وفيه فصول: الفصل الأول:
علائم ظهور المهدي (عليه السلام) . |
الفصل الأول: علائم ظهور
الإمام المهدي (عليه السلام)
|
ملاحظات بشأن علائم الظهور
|
عرفنا
من الحديث عن تكاليف المؤمنين في عصر غيبة الإمام ـ عجل الله فرجه ـ
أن الأحاديث الشريفة تأمر بانتظار ظهوره وتوقعه في كل آن، وهذا تكليف
تربوي يهدف الى جعلهم ساعين باتجاه تحقيق الاستعداد الكامل وباستمرار
لنصرته عندما يظهر. |
العلائم
الحتمية وغير الحتمية
|
وتذكر
الأحاديث الشريفة قسمين رئيسين من علائم ظهور الإمام ـ عجل الله فرجه ـ . القسم الأوّل ماهو حتمي الوقوع، والقسم الثاني
ماهو غير حتمي بل قد لا يقع إذا اقتضت الحكمة الإلهية ذلك. كما أن بعض هذه
العلائم قريبة من زمن الظهور وبعضها سابق له بفترة طويلة. |
اللغة
الرمزية في أحاديث العلامات
|
كما
تنبغي الإشارة هنا الى أن الأحاديث الشريفة تحدثت عن كثير من علائم الظهور بلغة الرمز والإشارة، لذا من الضروري لمعرفتها على
نحو الدقة دراسة هذه اللغة ومعرفتها، كما ينبغي استجماع كل ماورد بشأن كل
علامة من تفصيلات في الأحاديث الشريفة ودراستها بعيداً
عن التأثر بالقناعات السابقة وبتأنّي وبدقة للتوصل الى مصداقها الحقيقي وعدم الوقوع في التطبيقات العجولة
التي تبعد عن الهدف المراد من
ذكر هذه العلائم،
خاصة وأن اللغة الرمزية بطبيعتها تجعل من الممكن تطبيق كل علامة على أكثر من مصداق وهذا
خلاف الهدف المراد من ذكرها أيضاً. |
أبرز علائم
الظهور
|
والبحث
في علائم الظهور طويل لا يسعه هذا المختصر، فنكتفي بعد
هذه الملاحظات بنقل مالخّصه
الشيخ المفيد (رضي الله عنه) من الأحاديث الشريفة مع الإشارة الى أن ثمة علامات أخرى لم يذكرها. |
زوال علل
الغيبة
|
اضافة
الى هذه العلامات التي نصت عليها الأحاديث الشريفة; فإنّ
المستفاد من الأحاديث الشريفة أن من العلائم المهمة لظهور
الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ ; زوال العلل والعوامل التي أدت الى غيبته وتوفر
الأوضاع المناسبة لقيامه ـ سلام الله عليه ـ بمهمته الإصلاحية الكبرى(تُراجع نصوص الأحاديث الشريفة التي أوردناها في الحديث عن علل
الغيبة الكبرى.)، والتي منها: |
الفصل الثاني: سيرة الإمام
المهدي (عليه السلام) عند الظهور
|
وردت
مجموعة من الأحاديث الشريفة في ذكر عصر الظهور وما يجري فيه، وسيرة
الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ عند ظهوره وما يحققه الله تبارك وتعالى
على يديه يومذاك. |
خصائص الدولة المهدوية في القرآن الكريم
|
1 ـ اتمام
النور الالهي وإظهار الإسلام على الدين كله:
|
وهذا
ما صرّح به القرآن المجيد في ثلاث من سوره المباركة. |
2 ـ استخلاف صالحي
المؤمنين
|
أ ـ قال تعالى: (ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون)( الأنبياء: 21 / 105.(. |
3 ـ إقامة المجتمع
التوحيدي الخالص
|
واستناداً
لما تقدم يتضح أن من خصائص عصر المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ هو أن تكون مقاليد المجتمع البشري برمته بيد الصالحين
الذين كانوا يُستضعفون في الأرض والذين يمثلون الإسلام المحمدي
الأصيل، فإذا مكنهم الله في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر أي أقاموا المجتمع التوحيدي الخالص الذي يعبد الله وحده لا
شريك له بأمن دونما خوف من كيد منافق أو كافر، ووفّروا بذلك جميع الظروف
اللازمة لتحقق العبادة الحقّة لله والتكامل الانساني في ظلها، لذا فلا حجة
بالمرّة لمن يكفر بعد ذلك (فأولئك هم الفاسقون) حقاً لانهم أعرضوا عن الصراط
المستقيم مع توفر جميع الأوضاع المناسبة لسلوكه وهذه خصوصية أخرى من
خصوصيات عصر المهدي المنتظر ـ ع ـ ، وتفسير ماروي من شدة تعامله مع المنحرفين. |
4 ـ تحقق
الغاية من خلق النوع الانساني
|
قال عزّ وجلّ: (وما خلقت الجن والانس إلاّ ليعبدون) ( سورة الذاريات (51): 56 .(. |
5 ـ انهاء
الردة عن الدين الحق
|
قال عز من قائل: ( يا أيها الذين آمنوا مَن يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين
أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا
يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) ( المائدة (5): 54 .(. |
تأريخ ومكان
ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)
|
ذكرت
الأحاديث الشريفة أنه(عليه السلام) يظهر في وتر من السنين الهجرية(الإرشاد للشيخ المفيد: 2/379 وعنه في الفصول المهمة: 302
إثبات الهداة(: 3 / 514 .)
أي من الأعوام الفردية، ويكون
ظهوره في يوم الجمعة(إثبات الهداة: 3 / 496.)، فيما ذكرت أحاديث أخرى
أن خروجه يكون يوم السبت العاشر من محرم الحرام(تهذيب
الأحكام للشيخ الطوسي: 4/ 300 وكذلك 333، اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس: 558، كمال الدين: 653، غيبة الطوسي:
274، عقد الدرر للمقدسي الشافعي: 65، البرهان في
علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي: 145.)، ولعل الجمع بين التأريخيين هو أن ظهوره يكون يوم الجمعة وفيها يخطب خطبته
في المسجد الحرام فيما يكون خروجه منها باتجاه الكوفة يوم السبت. |
وقفة عند
خطبتي إعلان الثورة
|
ويُلاحظ في الخطبة الأولى تأكيده (عليه السلام) على مخاطبة أتباع جميع الديانات السماوية انطلاقاً من عالمية ثورته الدينية فهو
يمثل خط الانبياء(عليهم السلام) جميعاً ويدعو الى الأهداف السامية
التي نادوا بها جميعاً. هذا أولاً وثانياً
يؤكد(عليه السلام) على تمثيله لمدرسة الثقلين فهو ممثل أهل البيت (ع )
ثاني الثقلين الذي لا يفترق عن الأول ـ أعني
القرآن المجيد ـ لذلك فهم أولى الناس بكتاب الله جل ذكره وأعرفهم بما فيه وبسبل هداية البشرية على نور هداه السماوي. |
إعلان أهداف الثورة
|
أما في الخطبة الثانية التي يلقيها ـ عجل الله فرجه ـ بعد صلاة العشاء، فهو يحدد الأهداف العامة لثورته، وهي الأهداف التي يستنصر
الناس لأجلها، والتي تمثل الوجه الآخر للثأر لمظلومية أهل البيت ومدرستهم
ومنهجهم (عليهم السلام)، فهو يحدد الهدف الأول والعام المتمثل باقامة
التوحيد الخالص الذي بُعث لأجله الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ واُنزلت معهم
الكتب السماوية، وهو الهدف الذي يتجسد من خلال طاعة الله تبارك وتعالى
وطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) ومن خلال إحياء ما أحيا القرآن، وإحياء سنة
رسول الله(ص )، وإماتة ما أماته القرآن وهو الباطل والبدع والشرك وسائر العبوديات الزائفة. فدعوته هي
دعوة الى الله عز وجل وتوحيده والى رسول الله (صلى الله عليه وآله) والعمل بسنته الموصلة الى الله. |
الاستجابة
لاستنصاره ومبايعته
|
وأول
مَن يبادر لبيعته (ع) في المكان الذي يستنصر فيه المسلمين أي مابين الركن والمقام هم
صفوة أنصاره:
«فيُبايع ما بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف، عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر والأبدال
من أهل الشام والأخيار من أهل العراق»(
غيبة الطوسي: 284، وعنه في بحار الأنوار: 52 / 334، واثبات الهداة 3: /517،.). |
خروجه الى
الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية
|
يخرج (ع) بجيشه متوجهاً للكوفة التي يتخذها منطلقاً لتحركه العسكري(بحار الأنوار: 52 / 308،
إثبات الهداة: 3 / 583، 527، 493.) بعد إنهاء فتنة السفياني والخسف الذي يقع
بجيشه في البيداء(تفسير الطبري، 22 : 72، تذكرة
القرطبي: 2 / 693، سنن الدارمي: 104، مسند أحمد: 6 / 290، صحيح مسلم: 4 / 2208، سنن أبي داود: 4 / 108،
سنن ابن ماجة: 2/ 1351، سنن
الترمذي: 4/407، تأريخ البخاري: 5 / 118، سنن النسائي: 5/ 207. وأحاديث الخسف بجيش
السفياني كثيرة مروية في الصحاح وغيرها ومن طرق أهل البيت(ع) أيضاً.). وينشر
راية رسول الله (صلى
الله عليه وآله) المذخورة عنده في نجف الكوفة (تفسير
العياشي: 1 / 103، غيبة النعماني: 308، كمال الدين: 672.). وتنصره الملائكة التي
نصرت جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) في معركة بدر(تفسير
العياشي: 1 / 197، إثبات الهداة: 3 / 549.). وتذكر الأحاديث
الشريفة أنه يواجه وأصحابه وجيشه صعوبات شديدة وتعباً في بداية تحركه العسكري(غيبة النعماني:
297.) وحروبه التي تستمر ثمانية أشهر لتصفية
الجبهة الداخلية فيما تستمر ملاحمه عشرين عاماً(إثبات
الهداة: 3 / 469 بالنسبة للمدة الأولى، وتقول رواية لابن حماد: 127 أن ملاحمه تستمر عشرين
سنة.). |
دخوله بيت
المقدس ونزول عيسى(عليه السلام)
|
تنص
الكثير من الروايات على دخوله(عليه السلام) بيت المقدس بجيشه ضمن إطار حادثة مهمة للغاية، هي نزول نبي الله عيسى بن مريم
المسيح(عليه السلام) الذي بشرت بعودته نصوص الانجيل إضافة الى الأحاديث
الشريفة المرويّة في الكتب الروائية الموثّقة
عند أهل السنة والشيعة(صحيح البخاري: 4 / 305، مسلم: 1
/ 136، تأريخ البخاري: 7 / 233، سنن ابن ماجة: 2/ 1357، سنن الترمذي: 4/ 512، صحيح البخاري: 3 / 107، فتن
ابن حماد: 103 وغيرها كثير
مروية من طرق الفريقين.). وتذكر الأحاديث الشريفة قصة صلاة عيسى صلاة الفجر خلف الإمام المهدي(عليه السلام) بعد أن يرفض
عرض الإمام بأن يتقدم عيسى لإمامة الصلاة معللاً الرفض بأن هذه الصلاة
اُقيمت لأجل الإمام المهدي فيقدّمه ويصلّي خلفه إشارة الى خاتمية الرسالة
المحمدية، وفي ذلك نصرة مهمة للثورة المهدوية حيث توجّهها للعالم الغربي
الذي يدين معظمه بالمسيحية. |
قتل الدجال
وإنهاء حاكمية الحضارات المادية
|
إنّ
معظم الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن نزول عيسى(عليه السلام) تذكر قيامه بكسر الصليب ورجوع النصارى عن تأليهه(الدر المنثور للسيوطي: 2 / 350.) ثم قتل الدجال ـ الذي هو رمز الحضارات
المادية ـ على يديه أو على يدي الامام المهدي بمعونته (عليهما السلام). |
سيرته سيرة
جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله)
|
تنص
الأحاديث الشريفة أنه (عليه السلام) يسير بسيرة جده (صلى الله عليه وآله) الذي قال: «بُعثت بين جاهليتين لاُخراهما شر من أولاهما»( أمالي الشجري: 2 / 77.)، وبيّن لاُمته الكثير
من مظاهر الجاهلية الثانية الأشد شراً، فالمهدي: «يصنع كما صنع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول
الله(صلى الله عليه وآله) ما كان قبله ويستأنف الإسلام جديداً»( غيبة النعماني: 232، عقد الدرر للمقدسي الشافعي: 227، تهذيب
الأحكام: 6/ 154.) وقد تحدث النبي(صلى الله عليه وآله) عن غربة الإسلام بعده ونقل عنه المسلمون
ذلك(مسند أحمد: 1 / 184، صحيح مسلم: 1 / 130، سنن ابن
ماجة: 2/ 1319، الترمذي: 5:18.). |
إحياء السنة وآثار النبي
(صلى الله عليه وآله)
|
تقوم
حركة المهدي الإصلاحية الكبرى على أساس إحياء السنة المحمدية وإقامتها التي يكون بها قوام كل القيم الإسلامية فهو كما قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): «رجل من عترتي يُقاتل على سنتي كما قاتلت أنا
على الوحي»( فتن ابن حماد: 102، القول المختصر لابن
حجر: 7، برهان المتقي: 95.(
وهو «يقفو أثري لا يُخطئ»( القول المختصر: 10، الفتوحات المكية لابن عربي: 3/ 332.) وهو «رجل منّي اسمه كاسمي يحفظني الله فيه ويعمل بسنتي»( إثبات الهداة: 3/
498.)، فهو «يبين آثار النبي»( إثبات الهداة: 3/ 454.)، ويدعو الناس الى سنة رسول الله (ص ). فهو مجددها كما أنه مجدد الإسلام ويظهر ماخفي واُخفي منها. وقد سمي «المهدي»
لأنه يهدي الناس الى «أمر قد دُثر وضل عنه الجمهور»( سنن الدارمي: 101، فتن ابن حماد: 98، عقد الدرر: 40، اثبات
الهداة: 3/ 527.(. |
شدته مع نفسه
ورأفته باُمته
|
إن
سيرة الإمام المهدي (عليه السلام) مع نفسه واُمته تجسد صورة الحاكم الإسلامي المثالي الذي تكون السلطة عنده وسيلة لخدمة
الناس وهدايتهم لا مصدراً للدخل الوفير والظلم والاستئثار بالأموال واستعباد
الناس، فهو يحيي صورة الحاكم الإسلامي التي جسدها من قبل ـ وبأسمى صورها ـ
أبواه، ومن قبل رسول الله ووصيه الإمام علي ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ
. فهو مع نفسه: «مالباسه إلاّ الغليظ وما طعامه إلاّ الشعير الجشب»( راجع الكافي: 1 / 411، إثبات الهداة: 3 / 515.) وهو الذي «يكون من الله
على حذر، لا يضع حجراً على حجر، ولا يقرع أحداً في ولايته بسوط إلاّ في حد»( ملاحم ابن طاووس: 132.)، أما مع اُمته فهو «الرؤوف الرحيم» بهم وهو الموصوف بأنه «المهدي
كأنما يعلق المساكين الزُّبد»( فتن ابن
حماد: 98، عقد الدرر: 227.)، وهو الصدر الرحب الذي تجد فيه الأمة
ملاذها المنقذ فهي: «تأوي إليه اُمته كما تأوي النحلة الى يعسوبها»( ابن حماد: 99، الحاوي للسيوطي: 2 / 77.) أو «كما تأوي النحل الى
بيوتها»( برهان المتقي الهندي: 78.(. |
سيرته
القضائية
|
والمهدي
الموعود ـ عجل الله فرجه ـ هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً كما تواترت بذلك الأحاديث النبوية،
وإنجاز هذه المهمة يحتاج الى سيرة قضائية صارمة، لذلك
فهو يجسد سيرة جده الإمام علي(عليه السلام) الشديدة في تتبع حقوق الناس المغصوبة وأخذها من الغاصب حتى
لو كانت مخبأة تحت ضرس وحتى لو
تزوج بها الحرائر، و:
«يبلغ من ردّ المهدي المظالم، حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى يرده» ( ابن حماد: 98، الحاوي: 2 / 83، القول المختصر: 25، عقد
الدرر: 36.). فيبلغ من عدله أن «تتمنى
الأحياء الأموات»( ابن حماد: 99، القول المختصر : 5.) أي يتمنوا عودة الأموات لينعموا ببركات عدله. |
سيرته تجاه
الأديان والمذاهب
|
يزيل
الإمام المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ مظاهر الشرك كافة ويروج التوحيد الخالص: «ولا يبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير
الله إلاّ عُبد الله فيها ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون»( إثبات الهداة: 2/410.)، ويقوم (عليه السلام) بعرض الإيمان على الجميع وينهي الحالة المذهبية فيوحد المذاهب
الإسلامية ويصلح الله به أمر الأمة ويرفع اختلافها ويؤلّف قلوبها(ابن حماد: 102، الطبراني الأوسط: 1 / 136.) على أساس السنة النبوية النقية
وما اُخفي أو ضيّع من قيم الإسلام الأصيلة. فهو كما قال جدّه (صلى الله عليه وآله): «سنته سنتي يقيم الناس على ملتي
وشريعتي»( كمال الدين: 411.(. |
محاربة البدع
ونفي تحريف الغالين والمبطلين
|
وينفي
الإمام المهدي ـ ع ـ عن الدين التحريفات بصورة كاملة ويزيل
كل البدع التي ورثها المسلمون من قرون الابتعاد عن الثقلين والسنة النبوية النقية وتعطيلها وهذا هو
هدف ظهوره : «ليمحو الله به البدع كلها ويميتُ
به الفتن كلها، يفتح الله به باب كلّ حقّ، ويُغلق به كل باب باطل»( ملاحم السيد ابن طاووس:
32.(. |
سيرته
الادارية
|
ويختار
المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ لحكم الأرض ولاةً هم خيرة أصحابه الذين يتحلّون بأعلى كفاءات الوالي الإسلامي من العلم
والفقه والشجاعة والنزاهة والإخلاص(إثبات الهداة:
3/ 494.)، وهو مع ذلك متابع لأمورهم وطريقة قيامهم
بمهامهم ويحاسبهم بشدة فإن: «علامة المهدي أن يكون شديداً على
العمال جواداً بالمال رحيماً بالمساكين»( مسند ابن ابي
شيبة: 15 / 199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/ 77.)، وفي عهده: «يُزاد المحسن في إحسانه ويُتاب على المسيء»( مسند ابن أبي شيبة:
15/199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/77.(. |
سيرته
الجهادية
|
ويقوم
الإمام المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ بالسيف، فظهوره يكون بعد إتمام الحجة البالغة واتضاح الحقائق بالكامل وفتح أبواب الحق
وإغلاق الباطل ووقوع المعجزات والكرامات المبرهنة على تمتعه بالتأييد الإلهي ونصرة
الملائكة البدريين له وامتلاكه قميص يوسف وعصا موسى وحجره وخاتم سليمان ودرع
رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسيفه ورايته وسائر مواريث الأنبياء(عليهم
السلام) وإظهاره لها(إثبات الهداة: 439 ـ 440،
494، 478، 487، وراجع عقد الدرر: 135، الفصول المهمة: 298، كفاية الأثر: 147، ابن حماد: 98، القول المختصر: 34،
برهان المتقي: 152.) وإتضاح تمثيله الصادق لمنهجهم وسعيه لتحقيق أهدافهم الإلهية
وإقرار العدالة السماوية. ومع اتضاح كل ذلك لا يبقى على الباطل
إلاّ المنحرفون المفسدون الذين لا يُرجى منهم إلاّ الفساد والأذى والظلم
الذي يجب أن تُطهر منه الدولة المهدوية، لذلك نلاحظ في سيرة الإمام الجهادية
الصرامة والحزم والحدية في التعامل مع الظالمين والمنحرفين فلا يبقى على
الأرض منهم ديّار ولا يسمح لهم بالنشاط الإفسادي. |
سيرته
المالية
|
يعيد
المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ نظام «التسوية في العطاء»( مسند أحمد: 3 / 37، ملاحم ابن المنادي: 42، ميزان الاعتدال:
3/ 97.) الذي كان
سائداً على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثم غيّر وبُدّل من بعده وأُبتدعت بدله معايير جديدة أحدثت نظام التفاضل الطبقي
بالتدريج بالرغم من التزام الوصي الإمام علي(ع ) إبان خلافته بنظام التسوية
في العطاء وتابعه على ذلك ابنه الحسن(عليه السلام) في شهور خلافته
القليلة لكنه قد غاب بالكامل بعد استشهادهما، وبدأ بنو أمية بالاستئثار
بأموال المسلمين وتقييد العطاء من بيت المال بمصالحهم السياسية وتحويله من
عطاء شرعي الى رشاو مقيتة يستجلبون بها الأنصار لهم على الباطل أو
يشترون به سكوت البعض عن الحق. |
الصورة
العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية
|
ونصل
الآن الى خاتمة هذا الفصل فنعرض فيها على نحو الإجمال أيضاً الصورة التي ترسمها النصوص الشرعية لدولة المهدي الموعود، عجل
الله فرجه . |
الفصل الثالث: قبسات من تراث
الإمام المهدي (عليه السلام)
|
من كلامه في التوحيد ونبذ
الغلوّ
|
«إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسّم الارزاق، لأنه
ليس بجسم ولا حالّ في جسم، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم، وأما الأئمة (ع
) فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق إيجاباً لمسألتهم
وإعظاماً لحقهم» ( غيبة الطوسي: 178،
احتجاج الطبرسي: 2 / 471، إثبات الهداة: 3/ 757.). |
في علة الخلق
وبعث الأنبياء وتعيين الأوصياء
|
يا
هذا يرحمُك الله، إنَّ الله تعالى لم يخلُقِ الخلقَ عبثاً، ولا أهملَهم سُدىً، بل خلقهُمْ بقُدرتِهِ وجَعَلَ لَهم أسماعاً
وأبصاراً وقُلُوباً وألباباً، ثمَّ بعثَ إليهمُ النّبيِّينَ(عليهم السلام)
مُبشّرينَ ومُنذرينَ، يأمُرُونُهم بطاعتهِ وينهونَهم عن معصيته،
ويُعرِّفونَهُمْ ماجهلوهُ من أمرِ خالقهم ودينهم، وأنزلَ عليهم كتاباً
وبَعَثَ إليهم ملائكةً، يأتينَ بينهُم وبينَ مَنْ بعثُهم إليهم بالفضلِ
الّذي جعَلَهُ لَهُم عليهم، وما آتاهُم من الدَّلائلِ الظَّاهرةِ
والبراهينِ الباهرةِ والآياتِ الغالبةِ، فمنهم مَنْ جعلَ النَّارَ عليهِ برداً
وسلاماً، واتّخذهُ خليلاً، ومنهم مَنْ كلَّمهُ تكليماً، وجعل عصاهُ
ثُعباناً مُبيناً، ومنهُم من أحيى الموتى بإذنِ الله، وأبْرأ
الأكمه والأبرص بإذن اللهِ، ومنهم مَنْ علّمهُ منطق الطَّيرِ وأُوتي مِن كُلِّ
شيء ثُمّ بعثَ مُحمّداً صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ رحمةً للعالَمينَ،
وتمّمَ به نعمَتَهُ، وخَتَمَ به أنبياءَه، وأرسلَهُ إلى النَّاسِ
كافَّةً، وأظهر مِن صدقِهِ ما أظهرَ، وبيَّنَ من آياته وعَلاماتِهِ مابيَّنَ،
ثُمَّ قبضهُ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ حميداً فقيداً سعيداً، وجَعَلَ
الأمرَ بعدهُ إلى أخيه وابن عمِّه ووصيِّه ووارثه عليِّ بن أبي طالب(عليه
السلام)، ثُمَّ إلى الأوصياء من وُلدهِ واحداً واحداً، أحيى بهم دينه، وأتمَّ
بهم نورهُ، وجعَلَ بينهم وبين إخوانهم وبني عمِّهِم والأدنَينَ
فالأدنينَ من ذَوِي أرحامهم فُرقاناً بيّناً يُعرفُ به الحُجَّةُ من
المحجُوج، والإمامُ من المأمُوم، بأنْ عصَمَهُم من الذُّنُوبِ، وبرَّأهُمْ من
العُيُوبِ، وطهَّرهُم من الدَّنسِ، ونزَّههُمْ من اللّبسِ، وجعلهُم
خزَّان علمهِ، ومُستودَعَ حكمته، وموضع سرَّه، وأيَّدهُم بالدَّلائل،
ولولا ذلك لكانَ النَّاسُ على سواء، ولادَّعى أمْر الله عزَّ وجلَّ كُلُّ
أحد، ولما عُرفَ الحقُّ من الباطل، ولا العالمُ من الجاهلِ(بحار الأنوار: 53/194، معجم أحاديث الإمام المهدي: 4/382 .(. |
في مقام
الأئمة (عليهم السلام)
|
«الّذي يجبُ عليكُمْ ولكُمْ أن تقُولُوا إنَّا قُدوَةُ
اللهِ وأئمَّةٌ، وخلَفاءُ اللهِ في أرضِهِ واُمَناؤُهُ عَلَى خلقِه،
وحُجَجُهُ في بلادِهِ، نَعرفُ الحلالَ والحرامَ ونعرفُ تأويلَ الكتابِ وفَصلَ
الخطابِ» ( تفسير العياشي: 1 / 16، معجم أحاديث الإمام
المهدي: 4/467 .). |
في انتظام
نظام الإمامة وعدم خلو الأرض من الحجة
|
ومن رسالة له الى سفيريه العمري وابنه: «وَفَّقكُما الله لطاعتهِ، وثبَّتكما على دينهِ، وأسعدَكُما بمرضاته، انتهى إلينا
ماذكرتُما أن الميثمي أخبركُما عن الُمختارِ ومناظراته من لقي،
واحتجاجه بأنَّه لا خلف غيرُ جعفر بن عليَّ وتصديقه إيّاه وفهمتُ جميع ما كتبتما
به ممّا قال أصحابُكما عنهُ، وأنا أعُوذُ بالله من العمى بعد الجلاء،
ومَن الضّلالَةِ بعد الهُدى، ومن مُوبقات الأعمال، ومُرديات الفتن،
فإنَّهُ عزَّ وجلَّ يقولُ: (أ لم * أحسبَ الناسُ
أن يتركُوا أن يقُولوا آمنّا وهم لا يُفتنُونَ)( العنكبوت (29): 1 ـ 2.).
كيف يتساقُطون في الفتنة، ويتردّدُون في الحيرة، ويأخُذُونَ
يميناً وشمالاً، فارقُوا دينهم، أم ارتابُوا، أم عاندوا الحقَّ، أم جهلُوا ما جاءت به الرّوايات الصّادقةُ والأخبارُ
الصّحيحةُ، أو علمُوا ذلك فتناسوا، ما يعلمون أن الأرضَ لا تخلو من حُجّة إمّا
ظاهراً وإمّا مغُموراً.أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم(صلى الله
عليه وآله) واحداً بعد واحد إلى أنْ أفضى الأمر بأمرِ الله عزّ وجلَّ إلى
الماضي يعني الحسن بن علي(ع) )ـ فقام مقام آبائه (ع ) يهدي إلى الحق وإلى طريق مُستقيم، كانُوا نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً،
وقمراً زاهراً، ثُمَّ اختارَ اللهُ عزَّ وجلَّ له ما عندهُ فمضى على
منهاج آبائه(ع ) حَذْوَ النَّعل بالنَّعلِ على عهد عهدهُ، ووصيّة أوصى بها إلى وصيٍّ سترهُ الله عزّ وجلّ بأمره إلى غاية، وأخفى مكانهُ
بمشيئة للقضاء السّابقِ والقدرِ النّافذ، وفينا موضعُهُ، ولنا فضلُهُ،
ولو قدْ أذنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيما قدْ منعهُ عنهُ وأزال عنهُ ما قد جرى به
من حُكمِهِ لأراهُم الحقَّ ظاهراً بأحسنِ حلية، وأبين دلالة، وأوضح
علامة، ولأبانَ عن نفسهِ وقامَ بحُجّتهِ، ولكنَّ أقدار الله عزَّ وجلَّ لا
تُغالبُ وإرادتهُ لا تُردُّ وتوفيقهُ لا يُسبقُ، فليدعُوا عنهمُ اتّباعَ
الهوى، وليُقيمُوا على أصلهمُ الّذي كانُوا عليهِ، ولا يبحثُوا عما سُتر عنهُم
فيأثَموا، ولا يكشفُوا سترَ الله عزَّ وجلَّ فيندموا، وليعلموا أنَّ
الحقَّ معنا وفينا، لا يقُولُ ذلكَ سوانَا إلاّ كذَّابٌ مُفتر، ولا يدَّعيه
غيرُنا إلاّ ضالٌّ غويٌّ، فليقتصرُوا منّا على هذِهِ الجُملةِ دُونَ
التَّفسيرِ، ويقنعُوا من ذلكَ بالتَّعريضِ دُونَ التَّصريحِ إن شاءَ الله(كمال الدين: 510، بحار الأنوار: 53/190، معجم أحاديث المهدي:
4/287.). |
تقوى الله
والنجاة من الفتن
|
يقول(عليه السلام) في رسالته الثانية للشيخ المفيد وهي من الرسائل التي صدرت عنه في غيبته الكبرى: «... فلتكُنْ حرسَكَ اللهُ
بعينهِ الّتي لا تنامُ أن تُقابل لذلكَ فتنةً تسبلُّ نُفُوسَ قوم حرثتْ
باطلاً لاسترهاب المُبطلينَ ويبتهجُ لدمارها المُؤمنُونَ، ويحزنُ لذلكَ الُمجرمُونَ، وآيةُ حركَتِنا من هذهِ اللَّوثَة حادِثَةٌ
بالحرَمِ المُعظَّم من رَجس مُنافق مُذمّم، مُستحلٍّ للدَّمِ
الُمحرَّمِ، يعمدُ بكيدهِ أهل الإيمان ولا يبلُغُ بذلك غرضهُ من الظُّلمِ
لهم والعُدوانِ، لأننا مِنْ ورَاءِ حفظِهمْ بالدُّعاءِ الَّذي لا يُحجبُ
عن مَلِكِ الأرضِ والسَّماء، فلتطمئِنَّ بذلِكَ مِنْ أولِيائنا القُلُوبُ،
ولْيَثَّقُوا بِالكفايَةِ منهُ، وإنْ راعتهُمْ بهمُ الخُطُوبُ،
والعاقبةُ بجميلِ صُنعِ اللهِ سُبحانَهُ تكُون حميدةً لهُمْ ما اجتنبُوا
المنْهيَّ عنهُ مِنَ الذُّنُوبِ. |
رعايته
للمسلمين
|
«... فإنا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم
ومَعْرفَتِنا بالذُّلِّ الَّذي أصابَكُمْ مُذْ جَنَحَ كَثيرٌ منكُمْ
إلى ما كانَ السَّلَفُ الصَّالحُ عنهُ شاسِعاً، ونَبذُوا العهدَ
المأخُوذَ ورَاءَ ظُهُورِهِم كأنَّهُمْ لا يَعلمُونَ. |
الاستعداد
الدائم للظهور
|
فَلْيَعْمَلْ
كُلُّ امْرىء مِنكُمْ بِمَا يَقرُبُ بهِ من مَحَبَّتِنا، ويَتَجَنَّبُ مايُدْنيهِ مِنْ كَراهَتِنا وسَخَطِنا فَإِنَّ
أَمْرَنا بَغتَةٌ فُجاءَةٌ حِينَ لا تنْفَعُهُ تَوْبَةٌ وَلا
يُنجِيهِ مِنْ عقابِنا نَدَمٌ علَى حَوبة واللهُ يُلْهِمُكُمُ الرُّشْدَ،
ويَلْطُفُ لَكُمْ في التَّوفِيقِ بِرَحْمَتِهِ (احتجاج
الطبرسي: 2 / 495.(. |
نماذج من
أجوبته القصيرة
|
ومن أجوبته (عليه السلام) على أسئلة اسحاق بن يعقوب : «أما ماسألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا
فأعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومَن أنكرني فليس منّي
وسبيله سبيل ابن نوح، أما سبيل عمّي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف (عليه السلام)... |
نماذج من
أدعيته وزياراته
|
من
دعائه للمؤمنين عامة: «إلهي بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ، وَبِحقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، تَفَضَّلْ عَلَى فُقَراءِ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بالْغناءِ وَالثَّرْوَةِ، وَعَلَى
مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَّةِ، وَعَلَى
أحْياءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرَامة، وَعَلَى
أَمْوَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ
وَالرَّحْمَةِ، وَعَلَى غُرَباءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلَى أَوْطانِهِمْ
سَالِمِينَ غَانِمِينَ، بِمُحَمَّد وَآلِهِ أَجْمَعِينَ»( مهج الدعوات للسيد ابن طاووس: 295 الصحيفة المهدية للفيض
الكاشاني112.). من صلواته على النبي(صلى الله عليه
وآله):
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ،
وَخَاتِمِ النَّبِيِّينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الُمْنَتجَبِ فِي الْمِيثاقِ، الْمُصطَفَى فِي الظِّلالِ،
الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَة، الْبَريءِ مِنْ كُلِّ عَيْب،
الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجاةِ، الْمُرْتَجى لِلشَّفاعَةِ، الْمُفَوَّضِ إَِلْيهِ فِي
دَينِ اللهِ...»( ضمن صلوات طويلة على النبي
وأوصيائه(عليهم السلام)، غيبة الطوسي: 165، الصحيفة المهدية: 53.(. والحمد
لله رب العالمين |
الفهرس أعلام الهداية الإمام المهدي المنتظر خاتم
الأوصياء. الفصل الأول: الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) في
سطور.
الفصل الثاني: المهدي الموعود (عليه السلام) وغيبته في
بشارات الأديان..
البشارات بالمنقذ في الكتب المقدسة.
رسوخ الفكرة في الديانتين اليهودية والنصرانية.
الإيمان بالمصلح العالمي
في الفكر غير الديني...
طول عمر المصلح في
الفكر الانساني..
الإيمان بالمهدي (عليه
السلام) تجسيد لحاجة فطرية. موقف الفكر الانساني من غيبة المهدي (عليه السلام).
الفكر الديني يؤمن
بظهور المصلح العالمي بعد غيبة. الاختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي....
المهدي الإمامي وحل الاختلاف... البشارات السماوية
لا تنطبق على غير المهدي الإمامي... البشارات وغيبة الإمام
الثاني عشر....
البشارات وخصوصيات المهدي الإمامي... البشارات وأوصاف المهدي
الإمامي...
الاهتداء الى هوية المنقذ على ضوء البشارات...
الاستناد الى بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف....
الاستناد الى ما صدّقه
الاسلام من البشارات...
تأثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية.
الفصل الثالث: المهدي الموعود (عليه السلام) وغيبته في
القرآن الكريم.
مصداق الإمام في عصرنا الحاضر..... إذن فالمتحصل من الآيات الكريمة المتقدمة:. 3ـ لا يخلو زمان من
هاد الى الله بأمره
الفصل الرابع: المهدي الموعود وغيبته في المتفق عليه من
السُنّة.
اتصال وجود الخلفاء
الاثني عشر....
2- الاتفاق على أن المهدي
خاتم الخلفاء الاثني عشر.... 3 ـ
حديث الاُمة الظاهرة القائمة بأمر الله.... 4 ـ
أحاديث عدم خلو الزمان من الإمام القرشي المنقذ من الميتة الجاهلية.
معنى « الأمر » في الكتاب والسنة. الفصل الأول: نشأة الإمام محمّد بن الحسن المهدي
(عليهما السلام).
تواتر خبر ولادته (عليه السلام). خفاء الولادة علامة
المهدي الموعود (عليه السلام). الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام المهدي(عليه السلام).
الفصل الثالث:
الإمام المهدي في ظل أبيه (عليهما السلام). دور الإمام العسكري
(عليه السلام) في إعلان الولادة. حضوره وفاة أبيه (عليه السلام). الفصل الأول: الغيبة الصغرى للإمام المهدي(عليه السلام).
أهدافه (عليه السلام) من الصلاة على أبيه.
غيبتا الإمام المهدي (عليه السلام).
الفصل الثاني: أسباب الغيبة الصغرى والتمهيد لها
تمهيد النبي ( صلى الله عليه وآله ) والائمة (ع) لغيبة
الإمام المهدي (ع). تعقيب السلطة العباسيّة لخبر الإمام عليه السلام.
الفصل الثالث: إنجازات الإمام المهدي (عليه السلام) في
الغيبة الصغرى..
إثبات وجوده و إمامته
عليه السلام.
إكمال ما تحتاجه الأمة
من معارف الاسلام.
لقاء الإمام المهدي(عليه السلام) بأتباعه المؤمنين...
الفصل الأول: الغيبة الكبرى للإمام المهدي(عليه السلام)
وأسبابها
الاطار العام لتحرك
الامام (عليه السلام).
علل الغيبة في الأحاديث الشريفة. علل الغيبة والأسباب التي تذكرها فيها بعض التداخل.. الفصل الثاني: إنجازات الإمام المهدي(عليه السلام) في
غيبته الكبرى..
حفظ الاسلام الصحيح وتسديد العمل الاجتهادي...
أصحاب الإمام (عليه السلام) في غيبته الكبرى..
الالتقاء بالمؤمنين في غيبته الكبرى.. الفصل الثالث: تكاليف عصر الغيبة الكبرى..
الانتظار وتوقّع الظهور الفوري.. الفصل الأول: علائم ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
اللغة الرمزية في أحاديث العلامات... الفصل الثاني: سيرة الإمام المهدي (عليه السلام) عند
الظهور.
خصائص الدولة المهدوية
في القرآن الكريم.
1 ـ
اتمام النور الالهي وإظهار الإسلام على الدين كله:. 3 ـ
إقامة المجتمع التوحيدي الخالص....
4 ـ
تحقق الغاية من خلق النوع الانساني.. 5 ـ
انهاء الردة عن الدين الحق.. تأريخ ومكان ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
خروجه الى الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية.
دخوله بيت المقدس ونزول عيسى (عليه السلام).
قتل الدجال وإنهاء حاكمية الحضارات المادية.
سيرته سيرة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
إحياء السنة وآثار
النبي (صلى الله عليه وآله). سيرته تجاه الأديان والمذاهب... محاربة البدع ونفي تحريف الغالين والمبطلين...
الصورة العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية.
الفصل الثالث: قبسات من تراث الإمام المهدي (عليه
السلام).
من كلامه في التوحيد
ونبذ الغلوّ.
في علة الخلق وبعث الأنبياء وتعيين الأوصياء. في مقام الأئمة (عليهم السلام). في انتظام نظام الإمامة وعدم خلو الأرض من الحجة.
|
أعلام
الهداية الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء
|
أعلام
الهداية الإمام المهدي المنتظر خاتم الأوصياء المجمع العالمي لأهل
البيت (عليهم السلام)
قم المقدسة |
أهل البيت في القرآن الكريم |
أهل البيت في السنة النبويّة |
فهرس إجمالي
|
مقدمة
المجمع العالمي لأهل البيت ...
|
المقدمة
|
الحمد
لله الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثم هدى، ثم الصلاة والسلام على من
اختارهم هداةً لعباده، لا سيما خاتم الأنبياء وسيّد الرسل والأصفياء أبوالقاسم
المصطفى محمد(صلَّى الله عليه وآله) وعلى آله الميامين النجباء. (قُلْ إنّ هُدى الله هو الهُدى) (الأنعام (6): 71). 2 ـ إبلاغ الرسالة الإلهية الى البشرية ولمن اُرسلوا إليه، ويتوقّف
الإبلاغ على الكفاءة التامّة التي تتمثّل في «الاستيعاب والإحاطة
اللازمة» بتفاصيل الرسالة وأهدافها ومتطلّباتها، و «العصمة» عن الخطأ
والانحراف معاً، قال تعالى:(كان الناسُ اُمّةً
واحدةً فبعث الله النبيِّين مبشّرين ومنذرين وأنزل معهم الكتابَ بالحقّ ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) (البقرة(2): 213). 4 ـ تأسيس دولة إسلامية
وكيان سياسيٍّ يحمل لواء الإسلام ويطبّق شريعة السماء. إنّ
سيرة الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت (ع ) تمثّل المسيرة الواقعية
للاسلام بعد عصر الرسول(ص )، ودراسة حياتهم بشكل مستوعب تكشف لنا عن صورة مستوعبة لحركة الاسلام الأصيل الذي أخذ يشقّ طريقه
إلى أعماق الاُمة بعد أن أخذت طاقتها الحرارية تتضاءل بعد وفاة
الرسول(صلَّى الله عليه وآله)، فأخذ الأئمة المعصومون (عليهم السلام) يعملون على
توعية الاُمة وتحريك طاقتها باتجاه إيجاد وتصعيد الوعي الرساليِّ
للشريعة ولحركة الرسول(صلَّى الله عليه وآله) وثورته المباركة، غير
خارجين عن مسار السنن الكونية التي تتحكّم في سلوك القيادة والاُمة جمعاء. |
الباب
الأول:
|
وفيه فصول: الفصل الأول: الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) في سطور |
الفصل الأول: الإمام المهدي
المنتظر(عليه السلام) في سطور
|
إنّ قضية الإمام المهدي المنتظر الذي
بشّر به الإسلام وبشّرت به الأديان من قبل، قضية انسانية قبل أن تكون دينية أو إسلامية ; فإنها تعبير دقيق عن
ضرورة تحقق الطموح الإنساني
بشكله التام. وقد ترك الإمام المهدي المنتظر(عليه
السلام) للاُمة الإسلامية خلال مرحلة الغيبة الصغرى، تراثاً غنياً لا يمكن التغافل عنه. وهو
لا يزال يمارس ما يمكنه من مهامه القيادية خلال مرحلة الغيبة
الكبرى. وهو ينتظر مع سائر المنتظرين اليوم الذي يسمح له الله سبحانه فيه أن
يخرج ويقوم بكل استعداداته وطاقاته التي أعدّها وهيّأها الله له ليملأ
الأرض عدلاً بعد أن تُملأ ظلماً وجوراً. وذلك بعد أن تتهيّأ كل الظروف
الموضوعية اللازمة من حيث العدد والعدّة، وسائر الظروف العالمية التي ستمهّد
لخروجه وظهوره كقائد ربّاني عالمي، وتفجير ثورته الإسلامية الكبرى، وتحقيق
أهداف الدين الحق وذلك حين ظهوره على الدين كلّه ولو كره المشركون.
|
الفصل الثاني: المهدي الموعود
(عليه السلام) وغيبته في بشارات الأديان
|
علاقة
الإيمان بالمصلح العالمي يعتبر الايمان بحتمية ظهور المصلح الديني
العالمي وإقامة الدولة الإلهية العادلة في كل الأرض من نقاط الاشتراك
البارزة بين جميع الأديان(راجع مثلاً كتاب آية
الله الشيخ محمد أمين زين الدين، مع الدكتور أحمد أمين في حديث المهدي والمهدوية: 13.)،
والاختلاف فيما بينها إنّما هو في تحديد هوية هذا المصلح الديني العالمي الذي يحقق جميع أهداف الأنبياء (عليهم
السلام). |
البشارات
بالمنقذ في الكتب المقدسة
|
والملاحظ
في عقائد هذه الأديان بشأن المصلح العالمي أنها تستند الى نصوص واضحة في كتبهم المقدسة القديمة وليس الى تفسيرات عرضها
علماؤهم لنصوص غامضة حمّالة لوجوه تأويلية متعددة(راجع النصوص الخاصة بالمهدي الموعود من كتاب «بشارات عهدين»
للشيخ محمد الصادقي.). كما
أن للتبشير بحتمية ظهور هذا المصلح العالمي تأثيراً على هذه الدعوات فهو يشكل عامل دفع لاتباع الأنبياء للتحرك باتجاه تحقيق أهداف رسالتهم
والسعي للمساهمة في تأهيل المجتمع البشري لتحقيق أهداف جميع الدعوات النبوية
كاملة في عصر المنقذ الديني العالمي. |
رسوخ الفكرة
في الديانتين اليهودية والنصرانية
|
إن الإيمان بفكرة ظهور المصلح ثابت عند اليهود مدوّن في التوراة
والمصادر الدينية المعتبرة
عندهم، وقد
فصّل الحديث عن هذه العقيدة عند اليهود كثير من
الباحثين المعاصرين خاصةً في العالم الغربي مثل جورج
رذرفورد في كتابه «ملايين من الذين هم
أحياء اليوم لن يموتوا أبداً»،
والسناتور الأميركي بول منزلي في كتابه (من يجرؤ على الكلام) والباحثة غريس هالسل
في كتابها «النبوءة والسياسة». وغيرهم كثير(راجع أيضاً أهل البيت في الكتاب المقدس، احمد الواسطي : 121 ـ
123.). |
الإيمان
بالمصلح العالمي في
الفكر غير الديني
|
الملاحظ
أن الايمان بحتمية ظهور المصلح العالمي ودولته العادلة التي
تضع فيها الحرب أوزارها ويعم
السلام والعدل في العالم لا
يختص بالأديان السماوية بل يشمل المدارس
الفكرية والفلسفية غير الدينية أيضاً. فنجد في التراث
الفكري الإنساني الكثير من التصريحات بهذه الحتمية، فمثلاً يقول المفكر البريطاني الشهير برتراند رسل : «إن العالم في انتظار مصلح
يُوحّده تحت لواء واحد وشعار واحد»(
المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا الشهرستاني : 6.). ويقول العالم الفيزياوي المعروف ألبرت اينشتاين صاحب النظرية النسبية: (إن اليوم الذي يسود العالمَ كله
فيه السلام والصفاء ويكونُ الناس متحابين متآخين ليس ببعيد»( المهدي الموعود ودفع الشبهات عنه، للسيد عبد الرضا
الشهرستاني: 7.). |
طول عمر
المصلح في الفكر
الانساني
|
إن
الأوصاف التي يذكرها المفكر الايرلندي للمصلح العالمي من الكمال الجسمي والعقلي وطول العمر والقدرة على استجماع خبرات العصور
والأطوار بما يمكنه من انجاز مهمته الاصلاحية الكبرى قريبة من الأوصاف التي
يعتقد بها مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في المهدي المنتظر(عليه السلام)
وغيبته. |
الإيمان
بالمهدي (عليه السلام) تجسيد لحاجة فطرية
|
إنّ
ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموماً يكشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من
الفطرة الانسانية، بمعنى أنها تعبّر عن حاجة فطرية عامة يشترك
فيها بنو الانسان عموماً، وهذه الحاجة تقوم على ما جُبل عليه الإنسان من
تطلّع مستمر للكمال بأشمل صوره وأن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة
في اليوم الموعود يُعبّر عن وصول المجتمع البشري الى كماله المنشود. |
موقف الفكر
الانساني من غيبة المهدي (عليه السلام)
|
إنّ
الفكر الانساني لا يرى مانعاً من طول عمر هذا المصلح العالمي الذي يتضمنه الإيمان بغيبته وفقاً لمذهب أهل البيت (عليه
السلام)، بل يرى طول عمره أمراً ضرورياً للقيام بمهمته الإصلاحيّة الكبرى كما
لاحظنا في كلام المفكر الإيرلندي برناردشو. وعليه فالفكر الانساني العام
لا يرفض مبدئياً الإيمان بالغيبة إذا كانت الأدلة المثبتة لها مقبولة
عقلياً. |
الفكر الديني يؤمن بظهور
المصلح العالمي بعد غيبة
|
إن
الإجماع على حتمية ظهور المصلح العالمي مقترنٌ بالإيمان بأن ظهوره يأتي بعد غيبة طويلة، فقد آمن
اليهود بعودة عزير أو منحاس بن
العازر بن هارون، وآمن النصارى بغيبة المسيح وعودته، وينتظر مسيحيو الأحباش عودة ملكهم تيودور كمهدي في آخر الزمان، وكذلك
الهنود آمنوا بعودة فيشنوا، والمجوس بحياة أوشيدر، وينتظر البوذيون عودة بوذا ومنهم مَن
ينتظر عودة ابراهيم (ع ) وغير ذلك(راجع
مثلاً كتاب «دفاع عن الكافي» للسيد العميدي: 1/181، وإحقاق الحق: 13/ 3 ـ 4 .(. |
الاختلاف في
تشخيص هوية المنقذ العالمي
|
إذن فالإجماع قائم في الأديان السماوية على حتمية اليوم الموعود، كما قال العلامة المتتبع آية الله السيد المرعشي النجفي في مقدمة الجزء
الثالث عشر من «إحقاق الحق»: «وليعلم أن الأمم والمذاهب
والأديان اتفقت كلمتهم ـ إلاّ من شذ وندر ـ على مجيء مصلح سماوي إلهي ملكوتي لإصلاح ما
فسد من العالم وإزاحة ما يرى من الظلم والفساد فيه وإنارة ما غشيه من
الظلم، غاية الأمر أنه اختلفت كلمتهم بين من يراه عُزيراً، وبين مَن يراه
مسيحاً، ومن يراه خليلاً، ومَن يراه ـ من المسلمين ـ من نسل الإمام مولانا
أبي محمد الحسن السبط ومَن يراه من نسل الإمام مولانا أبي عبد الله
الحسين السبط الشهيد...». وإذا اختلفت الأديان بل الفرق
والمذاهب المتشعبة عنها في تحديد هوية المصلح العالمي رغم اتفاقهم على حتمية ظهوره وعلى غيبته قبل
عودته الظاهرة، فما
هو سر هذا الاختلاف؟ لذا كان من الطبيعي أن يقع الاختلاف في تحديد هوية
المصلح العالمي، لأنّ من الطبيعي أن يسعى أتباع كل دين الى اختيار مصداق
للشخصية الغيبية المستقبلية التي تتحدث عنها النصوص والبشارات الثابتة في مراجعهم المعتبرة والمعتمدة
عندهم ممن يعرفون
ويحبون من زعمائهم، يدفعهم لذلك التعصب الشعوري أو اللاشعوري لشريعتهم ورموزها، والرغبة الطبيعية العارمة في أن يكون
لهم افتخار تحقق ذاك الدور التأريخي على يد شخصية تنتمي اليهم أو ينتمون
إليها. |
الخلط بين
البشارات وتأويلها
|
من
هنا أخذت كل طائفة تسعى لتطبيق الصفات التي تذكرها
تلك النصوص والبشارات المروية لدى كل منها
على الشخصية المحبوبة لديها أو أقرب رموزها الى الصفات المذكورة; فإذا
وجدت بعض تلك الصفات صريحةً في عدم انطباقه على الشخصية التي اختارتها عمدت الى معالجة الأمر بالتأويل والتلفيق،
أو بتغييبها أو تحريفها لتنطبق على مَن انتخبته سابقاً أو الخلط بين
النصوص والبشارات السماوية ـ الواردة بشأن النبي اللاحق أو المنقذ للعالم
في برهة معيّنة أو المصحح لإنحراف اُمة معيّنة ـ وبين
النصوص والبشارات الخاصة بالحديث عن المصلح العالمي الذي يقيم الدولة العادلة على كل الأرض في آخر
الزمان ويحقق أهداف الأنبياء
والأوصياء (عليهم السلام) جميعاً. |
منهج لحل
الاختلاف
|
وحيث
اتضح سبب الاختلاف في تحديد هوية المصلح العالمي; أمكن معرفة سبيل حلّه والتوصل الاستدلالي لمصداقه الحقيقي بصورة علمية سليمة
ومقنعة، ويمكن تلخيص مراحله على النحو التالي: |
المهدي
الإمامي وحل الاختلاف
|
من المؤكد أن البشارات السماوية الواردة في الكتب المقدسة تهدي الى المهدي المنتظر الذي يقول به مذهب
أهل البيت (ع ) كما سنشير لذلك لاحقاً، وأثبتته دراسات متعددة في نصوص هذه البشارات(نظير
كتاب بشارات عهدين للشيخ محمد الصادقي وترجمته العربية بقلم المؤلف نفسه المطبوع باسم:
«البشارات والمقارنات». ومثله بالفارسية: بشارات صحف آسماني به ظهور حضرت مهدي(عليه السلام)
لعلي أكبر شعفي اصفهاني، والعربية: المهدي
المنتظر والعقل لمحمد جواد مغنية.). |
رأي القاضي
الساباطي
|
تناول
القاضي الساباطي إحدى البشارات الواردة في كتاب أشعيا من العهد القديم من الكتاب المقدس بشأن المصلح العالمي، ثم ناقش تفسير اليهود والنصارى
لها ودحض تأويلات اليهود والنصارى لها ليخلص الى قوله: «وهذا
نصٌّ صريحٌ في المهدي ـ رضي الله عنه ـ حيث أجمع المسلمون انه (رضي الله عنه) لا يحكم
بمجرد السمع والظاهر، ومجرد البيّنة بل لا يلاحظ إلا الباطن، ولم يتفق ذلك لأحد من الأنبياء والأولياء». والذي أوصله الى الاهتداء للمصداق
الحقيقي هو التعرف على رأي الإمامية في المهدي المنتظر(ع)، وبدون
التعرف على هذا الرأي لعله لم يكن ليتوصّل الى المصداق
الذي تنطبق عليه البشارات المذكورة ولولا ذلك لكان يقتصر إمّا على رد أقوال النصارى بشأن البشارة المذكورة أو اغفالها اصلاً
أو تأويل بعض دلالالتها لتنطبق على رأي المذهب الذي كان ينتمي اليه في
المهدي الموعود. |
البشارات السماوية لا
تنطبق على غير المهدي الإمامي
|
إن
من الواضح لمن يمعن النظر في نصوص تلك البشارات
السماوية أنها تقدم مواصفات للمصلح العالمي لا تنطبق
على غير المهدي المنتظر الإمامي طبقاً لعقيدة
مدرسة أهل البيت (ع ) لذلك فإن مَن لم يتعرف على هذه العقيدة
لا يستطيع التوصل الى المصداق الذي تتحدث عنه كما نلاحظ
ذلك مثلاً في أقوال مفسري الإنجيل
بشأن الآيات (1 ـ 17) من سفر الرؤيا الفصل الثاني عشر «مكاشفات يوحنا اللاهوتي» فهم يصرحون بأن «الشخص الذي
تتحدث عنه البشارة الواردة في
هذه الآيات لم يُولد بعد، لذا فإن تفسيرها الواضح ومعناها البيّن موكول للمستقبل والزمان المجهول الذي سيظهر فيه»( بشارات
عهدين : 264.)، في حين أن
هذه الآيات تتحدث بوضوح عن الحكومة الإلهية التي يقيمها هذا الشخص في كل العالم ويقطع دابر الأشرار والشياطين وهي المهمة التي
حددتها البشارات الاخرى بأنها محور حركة المصلح العالمي. لكن مفسري الإنجيل لم يستطيعوا تطبيقها على المصداق الذي اختاروه لهذا المصلح وهو السيد المسيح عيسى بن مريم (ع ) لأن
البشارة واردة عن يوحنا اللاهوتي عن السيد المسيح فهو المبشر بمجيء هذا المنقذ، كما أنهم لم يتعرفوا على عقيدة أهل البيت (ع ) في المهدي المنتظر(ع )، لذلك لم يستطيعوا الاهتداء الى مصداق تلك الآيات. |
البشارات
وغيبة الإمام
الثاني عشر
|
وهناك باحث من أهل السنّة استطاع الاهتداء الى المصداق الذي تتحدث الآيات المشار اليها عندما تعرّف على عقيدة أهل البيت في المهدي
المنتظر ـ سلام الله عليهم اجمعين ـ وهو الاستاذ
سعيد أيوب حيث يقول في كتابه «المسيح الدجال» عن هذه الآيات نفسها: «ويقول كعب : مكتوب في أسفار الأنبياء : المهدي
ما في عمله عيب» ثم علق على هذا النص بالقول:
«وأشهد اني وجدته كذلك في كتب اهل الكتاب، لقد تتبع اهل الكتاب أخبار المهدي كما
تتبعوا أخبار جده (صلى الله عليه وآله)، فدلت أخبار سفر
الرؤيا الى امرأة، يخرج من صلبها اثنا عشر رجلاً، ثم
أشار الى امرأة اُخرى: أي التي تلد الرجل الأخير
الذي هو من صلب جدته، وقال السفر:
إن هذه المرأة ستحيط بها المخاطر، ورمز للمخاطر
باسم «التنين» وقال: والتنين وقف أمام المرأة
العتيدة حتى تلد، يبتلع ولدها متى ولدت» ( سفر
الرؤيا 12: 3.). |
البشارات
وخصوصيات المهدي الإمامي
|
ويُلاحظ في هذه البشارات الإنجيلية تناولها لخصوصيات في المصلح العالمي لا تنطبق إلا على أبرز ما يميز عقيدة مدرسة أهل البيت (عليهم
السلام) والواقع التاريخي الذي مرت به . |
البشارات
وأوصاف المهدي
الإمامي
|
وردت
في البشارات أيضاً اشارات الى ألقاب اختص بها المهدي الإمامي (عليه السلام) مثل وصف «القائم»( اختص هذا اللقب بأئمة العترة الطاهرة، واذا اُطلق كان المراد
منه الإمام الثاني عشر
المهدي المنتظر(ع )، راجع
كتاب النجم الثاقب لآية الله الميرزا حسين النوري 1: 211، من الطبعة المترجمة الى العربية، وقد ذكر الميرزا النوري أن هذا
اللقب مذكور في الزبور الثالث عشر وغيره، نقل ذلك عن كتاب ذخيرة الألباب للشيخ محمد الاسترابادي.) فمثلاً نلاحظ البشارة التالية من سفر أشعيا النبي
التي تحدث القاضي جواد الساباطي عن دلالتها على
المهدي وفق عقيدة الإمامية الاثني عشرية: «2 ـ ويحلُ عليه روح الرب، وروح الحكمة والفهم، وروح المشورة، والقوة، وروح المعرفة ومخافة الرب. 3 ـ ولذته في
مخافة الرب، ولا يقضي بحسب مرأى عينيه ولا بحسب مسمع اُذنيه، 4 ـ ويحكم
بالانصاف لبائسي الأرض، ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة
شفتيه... 6 ـ
ويسكن الذئب والخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل والشبل معاً
وصبي صغير يسوقها... 9 ـ لا يسيئون
ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة
الرب كما تغطي المياه البحر. 10 ـ وفي ذلك اليوم
سيرفع «القائم» راية الشعوب والاُمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجداً»( أهل البيت في الكتاب المقدس: 123 ـ 127.). |
الاهتداء الى
هوية المنقذ على ضوء البشارات
|
اذن
معرفة هذه الخصوصيات تقودنا الى اثبات أن المصلح العالمي الذي بشرت به جميع الديانات هو المهدي ابن الحسن العسكري (ع ) كما تقوله عقيدة أهل البيت (ع ) لأن البشارات السماوية لا تنطبق على العقائد الاُخرى، فتكون النتيجة
هو أن الديانات السابقة لم تبشر بظهور المنقذ
العالمي في آخر الزمان بعنوانه العام وحسب بل شخّصت أيضاً هويته الحقيقية من خلال تحديد صفات وتفصيلات لا تنطبق على غيره
(ع )، وهكذا تكون هذه البشارات دليلاً اضافياً على
صحة عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) بهذا الشأن. |
الاستناد الى
بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف
|
وتبقى هنا قضيتان من الضروري التطرّق لهما قبل تثبيت النتائج
المتحصّلة من البحث. نعتقد أن الاجابة على هذا التساؤل ممكنة
بقليل من التدبر في حيثيات الموضوع، ويمكن تلخيصها بما يلي: |
الاستناد الى
ما صدّقه
الاسلام من البشارات
|
1 ـ من الثابت اسلامياً أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد بشّر بالمهدي الموعود من أهل بيته ومن ولد فاطمة ـ سلام الله
عليها (بل أثبتت دراسات عدد من علماء أهل السنّة تواتر
هذه الأحاديث الشريفة، مثل كتاب «التوضيح في
تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح» للإمام الشوكاني، وكتاب «الاشاعة في أشراط الساعة» للبرزنجي، وكتاب «التصريح» للكشميري وغيرها.) ـ، لذلك فإن
البشارات الواردة في كتب الأديان السابقة من هذا النمط الذي لم تطاله أيدي التحريف ما دامت منسجمة مع ما صرح في النصوص الشرعية
الاسلامية. اذن لا مانع من الاستناد اليه والاحتجاج به. |
تأثير
البشارات في صياغة العقيدة المهدوية
|
أما القضية الثانية: فهي ترتبط بالاعتراض القائل بأن الاستناد الى هذه البشارات في اثبات عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) في
المهدي المنتظر(عليه السلام) يفتح باب التشكيك والادّعاء بأن هذه العقيدة
تسللت الى الفكر الاسلامي من الاسرائيليات ومحرفات الأديان السابقة. ولو قلنا بأن كل فكرة اسلامية لها نظير
في الأديان السابقة هي من الأفكار الدخيلة في الاسلام;
لأدى الأمر الى اخراج الكثير من الحقائق والبديهيّات الاسلامية التي أقرّها القرآن الكريم وصحاح الأحاديث الشريفة وهي
موجودة في الأديان السابقة، وهذا واضح البطلان ولا يخفى بطلانه على ذي لب.
فالمعيار في تشخيص الأفكار الدخيلة على الاسلام هو عرضها على القرآن والسنّة
والأخذ بما وافقهما ونبذ ما خالفهما، وليس عرضها على ما في كتب
الديانات السابقة ونبذ كل ما وافقها مع العلم بأن فيها ما لم تتطرق له يد
التحريف وفيه ما ثبت صدوره عن المصدر الذي صدر عنه القرآن الكريم. |
نتائج البحث
|
نصل الى القسم الأخير من البحث، وهو تسجيل النتائج الحاصلة منه
في النقاط التالية: |
الفصل الثالث: المهدي الموعود
(عليه السلام) وغيبته في القرآن الكريم
|
إنّ أبرز ما تتميز به عقيدة
مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في المهدي الموعود هو القول بوجوده بالفعل وغيبته وتحدد هويته بأنّه الإمام الثاني عشر من أئمة
العترة النبوية الطاهرة، وأنه قد ولد بالفعل من الحسن العسكري
(عليه السلام) سنة (255 هـ ) وتولى مهام الإمامة بعد وفاة أبيه العسكري سنة (260 هـ ) وكانت له
غيبتان الاُولى وهي الصغرى استمرت الى سنة (329هـ )
كان الإمام يتصل خلالها بشيعته عبر سفرائه الخاصين، ثم بدأت الغيبة الكبرى
المستمرة حتى يومنا هذا والى أن يأذن الله عزّ وجلّ بالظهور لأنجاز
مهمته الكبرى في إقامة الدولة الاسلامية العالمية التي يسيطر فيها العدل
والقسط على أرجاء الأرض ان شاء الله تعالى. |
1 ـ عدم خلو
الزمان من الإمام
|
قال
الله تعالى: (يوم ندعو كل اُناس بإمامهم فمن أُوتي
كتابه بيمينه فاُولئك يقرءون
كتابهم ولا يظلمون فتيلاً * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً)( الاسراء
(17): 71 ـ 72.(. |
الإمام
المقصود في الآية |
فمَن هو «الإمام» المقصود في الآية والذي لا يخلو زمان من مصداق
له ويُدعى به أهل عصره يوم
القيامة؟ هل هو شخصٌ معيّنٌ؟ أم هو أحد الكتب السماوية في كل عصر؟ أم هو اللوح المحفوظ؟ |
2- الإمام
المنقذ من الضلالة
|
وعليه
يكون محصّل الآيتين الكريمتين هو الدلالة على حتمية وجود إمام حق يُهتدى به في كل عصر، يكون حجة الله عزّ وجلّ على أهل
زمانه في الدنيا والآخرة، فتكون معرفته وأتباعه في الدنيا وسيلة النجاة
يوم الحشر; فيما يكون العمى عن معرفته واتباعه في الدنيا سبباً للعمى
والضلال الأشد في الآخرة يوم يُدعى كل اُناس بإمام زمانهم الحق، ويُقال
للضالين عنه: هذا إمامكم الذي كان بين
أظهركم فلماذا عميتم عنه؟ وبذلك تتم الحجة البالغة عليهم، وتتضح حكمة دعوتهم وإحضارهم به يوم القيامة. |
المواصفات
القرآنية لإمام الهدى |
والمستفاد
من تفسير الآيتين المتقدمتين أن الإمام المقصود يجب أن تتوفر فيه الصفات التي تؤهله للاحتجاج به على قومه يوم القيامة مثل
القدرة على الهداية والأهلية لأن يكون اتّباعه موصلاً للهدى وتكون
طاعته معبّرةً عن طاعة الله تبارك وتعالى، وأن يكون قادراً على معرفة حقائق
أعمال الناس وليس ظواهرها، أي أن يكون هادياً لقومه وشهيداً على أعمالهم،
الأمر الذي يستلزم أن يكون قادراً على تلقي الهداية الإلهية وحفظها ونقلها
للناس، كما يجب أن يكون أهلاً لأن يتفضل عليه الله عزّ وجلّ بعلم الكتاب
والأسباب التي تؤهله لمعرفة حقائق أعمال الناس للشهادة بشأنها والاحتجاج به
عليهم يوم القيامة. وسيأتي المزيد من التوضيح لذلك في الفقرتين اللاحقتين. |
مصداق
الإمام في عصرنا الحاضر
|
فمن
الذي تتوفر فيه هذه الصفات في عصرنا الحاضر؟ من الواضح أنه لا يوجد شخص ظاهر تنطبق عليه هذه الصفات وليس ثمة شخصٌ ظاهرٌ يدعيها
أيضاً، فهل يكون عدم وجود شخص ظاهر تتوفر فيه هذه الصفات يعني خلو عصرنا
من مثل هذا الإمام؟ وتكفي
هنا الإشارة الى أن بعض هذه الكتب قد
دوّنت قبل ولادة الإمام المهدي(عليه السلام) بفترة
طويلة تفوق القرن وفيها
أحاديث شريفة تضمّنت النص على إمامته والإخبار عن غيبته وطول هذه الغيبة قبل وقوعها وهذا أوضح شاهد على
صحتها كما استدل بذلك العلماء إذ جاءت
الغيبة مصدّقة لما أخبرت عنه النصوص المتقدمة
عليها وفي ذلك دليل واضح على صدورها من ينابيع الوحي(راجع
هذا الاستدلال في مقدمة كتاب كمال الدين للشيخ الصدوق: 12، والفصل الخامس من الفصول العشرة في الغيبة للشيخ
المفيد، وكذلك الرسالة الخامسة من رسائل الغيبة. وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي: 101 وما بعدها، وإعلام
الورى للشيخ الطبرسي: 2/257
وما بعدها وكشف المحجة للسيد ابن طاووس: 104، وغيرها.(.
|
صفات الشهيد
الإمام
|
إن الآية (89) من سورة الحج تصرّح بأنه من البشر أنفسهم (شهيداً من أنفسهم) وهو المستفاد من الآيات الاُخرى فهي
تستخدم «من» التبعيضية في قوله تعالى: (من كل اُمّة). |
الشهيد عنده
«علم الكتاب
|
وواضح
أن هذا الإطلاع على بواطن الناس غير ممكن بالأسباب الطبيعية المتعارفة بل يحتاج الى نمط خاص من العلم يتفضل به الله
تبارك وتعالى بحكمته على مَن يشاء من عباده ـ وهو عزّ وجلّ الأعلم حيث يجعل
رسالته (إشارة الى قوله تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) الأنعام (6): 124.)
ـ فيتمكن به العبد من تجاوز ما تعارف عليه الناس من الأسباب
الطبيعية والقيام بما يمكن القيام به بواسطة هذه الأسباب فتكون له مرتبة من
الولاية التكوينية وتجاوز الأسباب الطبيعية بإذن الله، وهذا النمط الخاص من
العلم هو ما سُمّي في القرآن الكريم بـ «علم الكتاب». |
إذن فالمتحصل
من الآيات الكريمة المتقدمة:
|
1 ـ حتمية وجود من يجعله الله تبارك وتعالى شهيداً على
أعمال العباد في كل عصر بحيث يحتج به على أهل عصره وأمته يوم القيامة، فهو
إمام زمانهم الذي يُدعون به، ويكون من أنفسهم. 4 ـ ولابدّ أن يكون
هذا الإمام الشهيد على أهل زمانه مسدّداً بالعناية الإلهية ممن تفضّل الله عزّ وجلّ عليه بنمط من الولاية التكوينية التي يصل
بها الى حقائق أعمال من يشهد لهم أو عليهم يوم القيامة. ومظهر هذا
التسديد والفضل الإلهي هو أن يكون لديه علم من الكتاب أو علم الكتاب كلّه. |
3ـ لا يخلو
زمان من هاد الى
الله بأمره
|
قال تعالى:
(ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آيةٌ من ربّه
إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد)( الرعد (13): 7 .(. |
معنى
«الهادي» في القرآن
|
والآية
التي ذكرت أعلاه تدل على أن الأرض لا تخلو من هاد يهدي الناس الى الحق، «إما
أن يكون نبيّاً وإما أن يكون هادياً غير نبيّ يهدي بأمر الله» ( تفسير الميزان: 1/305.)..وإطلاق الآية الكريمة ينفي حصر مصداق
«الهادي» في الآية بالأنبياء (عليهم السلام) كما
ذهب لذلك الزمخشري في الكشاف في تفسير الآية. لأن هذا الحصر يخرج الفترات التي
لم يكن فيها نبيّ من حكم الآية الكريمة العام
وهذا خلاف ظاهرها المصرّح بوجود هاد في كل عصر لا تخلو الأرض منه. |
الهادي منصوب
من الله.
|
وبالرجوع ثانية الى القرآن الكريم نجده يصرّح بأن الذي يكون هادياً للناس بأمر الله تبارك وتعالى هو الإمام المنصوب لذلك من قبل
الله تعالى كما هو واضحٌ من قوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون
بأمرنا)( الأنبياء (21): 73 .). |
الفصل الرابع: المهدي الموعود
وغيبته في المتفق عليه من السُنّة
|
الى
جانب الآيات الكريمة المتقدمة توجد بين أيدينا
الكثير من الأحاديث الشريفة التي صحت روايتها
عند أهل السنة والشيعة عن سيد المرسلين (ص ) بطرق كثيرة،
تؤكد دلالات الطائفة المتقدمة من الآيات الكريمة وتفصل مجملاتها وتكمل الصورة التي ترسمها فيما يرتبط بالدلالة على وجود
الإمام المهدي الموعود (ع ) بالفعل وغيبته وتصرح بالمصداق الذي دلت عليه
الآيات الكريمة بذكر صفاته العامة. |
1 ـ حديث
الثقلين
|
وهو
من الأحاديث المتواترة، رواه حفاظ أهل السنة والشيعة بأسانيد صحيحة عن جم غفير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عدَّ
ابن حجر ـ من علماء أهل السنة ـ أكثر من عشرين منهم في كتابه الصواعق
المحرقة(الصواعق المحرقة : 150 من الطبعة المصرية وقد
صرح ابن حجر بتواتره.) وعدَّ غيره من حفّاظ
أهل السنة أكثر من ثلاثين صحابياً كما في سنن الترمذي(سنن
الترمذي: 5/ 621 ـ 622 ـ مناقب أهل بيت النبي باب 32.)، وألّف الحافظ أبو الفضل المقدسي المعروف بابن القيسراني ـ وهو
من كبار حفّاظ أهل السنّة ـ كتاباً خاصاً عن طرق هذا الحديث الشريف (أهل البيت في المكتبة العربية للسيد عبدالعزيز الطباطبائي :
277 ـ 279.). كما أثبتت العديد من الدراسات الحديثية تواتره بما لا يدع أي مجال للنقاش أو
التشكيك، نظير ما فعل العلامة المتتبع المير حسين حامد الموسوي في موسوعة
عبقات الأنوار وغيره من العلماء (أصدرت دار
التقريب الإسلامية في مصر رسالة مفصلة ألفها أحد أعضاء الدار عن هذا الحديث استوفى فيها أسانيد الحديث في
الكتب المعتمدة عند أهل السنة.(. |
ترابط أحاديث
حجة الوداع
|
2 ـ وعلى ضوء اشتراك
الأحاديث الثلاثة في موضوع واحد، فإن مما يعين على فهم هذا
الحديث الشريف مورد البحث، ملاحظة ارتباطه بالحديثين الآخرين اللذين بلغهما الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع
نفسها أو على الأقل في فترة زمنية واحدة هي الأيام الأخيرة من حياته الشريفة
. وحقيقة الأمر أن الأحاديث الثلاثة ترسم صورة متكاملة لطريق اهتداء
المسلمين لما يضمن مستقبل مسيرتهم من بعده (ص ) . |
مصداق
الخلفاء الاثني عشر
|
وعندما
نرجع للواقع التأريخي الاسلامي لا نجد مصداقاً للنتيجة المتحصلة سوى أئمة أهل البيت الاثني عشر بدءً بالإمام علي وانتهاءً
بالمهدي المنتظر ـ سلام الله عليهم ـ لا يزيد عددهم عن الأثني عشر ولا ينقص
فجاؤا المصداق الوحيد لما أخبر به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)
إذْ لم يدّع غيرهم ذلك، تحقيقاً للنبوة المحمدية الثابتة عند المسلمين
جميعاً. |
دراسة
الأحاديث مستقلة
|
3 ـ الدلالة نفسها يمكن التوصل إليها
من خلال دراسة الحديث المتقدم بصورة مستقلة
وبغض النظر عن ارتباطه بحديثي الثقلين والغدير، واستناداً الى الدلالات المستفادة من الحديث نفسه وطبقاً للمروي في كتب
أهل السنة. فنصوصه تجمع على أن موضوعه الأول إخبارُ المسلمين بأن إثني عشر
شخصاً سيخلفون النبي (ص ) لقوله: « يكون من بعدي »، أي في الفاصلة الزمنية بين رحيله والى يوم القيامة كما هو المستفاد من
قوله في مقدمة الحديث : « إن هذا الأمر لا ينقضي » كما في صحيح مسلم
وغيره والصيغ الاخرى دالة على الأمر نفسه. |
دلالة الواقع
التأريخي
|
يُضاف
الى ذلك أن الواقع التأريخي الاسلامي ينفي أن يكون المقصود بالخليفة هذا المعنى، إذْ انّ عدد مَن وصل للحكم من المسلمين بعد
وفاة رسول الله(ص ) وتسمى بهذا الاسم يفوق الإثني عشر بكثير. |
اتصال وجود الخلفاء
الاثني عشر
|
وهذه الصفة ـ أي قيام الدين بهم ـ تدل على استمرار وجودهم ما بين
وفاة رسول الله (ص ) ويوم
القيامة،
لأن القول بتفرقهم وخلو بعض الأزمان من أحدهم مع ربط قيام الدين بهم، يعني ضياع
الإسلام وعدم قيامه في بعض الأزمان وهذا خلاف ما يدل عليه الحديث الشريف بعبارات
من قبيل « لا يزال الدين قائماً » « لا يزال الإسلام عزيزاً ». |
أدلة التطبيق
|
أولاً :
انّ الحديث يدل بصورة واضحة على لزوم توفر تلك الأوصاف في هؤلاء الخلفاء الاثني عشر والتي تؤهلهم لكي يكون الدين قائماً
بهم. بمعنى أن يكونوا جميعاً معبرين عن خط واحد ومنهج واحد في الدفاع عن
الدين وحفظه وتبليغه ـ كما فعل رسول الله (ص ) ـ، وقد توفرت هذه
الصفات في ائمة العترة النبوية الطاهرة الذين ثبت أن علوم النبي
(ص ) عندهم وثبت عنه وصيته بالتمسك بهم للنجاة من الضلالة كما في حديث الثقلين، وقد أخذ الكثير من المسلمين
ـ ومنهم أئمة المذاهب الأربعة ـ علوم الدين منهم كما هو ثابت تأريخياً وثبت في روايات مختلف الفرق الإسلامية لجوء
الجميع إليهم وفقرهم إليهم في علوم الدين واستغناؤهم (ع ) عن الجميع في ذلك (راجع مثلاً «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» للشيخ أسد حيدر،
وما ورد بشأنهم في تاريخ دمشق
لابن عساكر وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي والصواعق المحرقة لابن حجر وسير أعلام النبلاء للذهبي ووفيات الأعيان لابن
خلكان وغيرها. وسائر من ترجم
لهم (ع ) من مختلف الفرق الإسلامية.(. |
2- الاتفاق
على أن المهدي خاتم
الخلفاء الاثني عشر
|
يؤيد
ذلك موافقة عدد كبير من علماء أهل السنّة لعقيدة أهل البيت (ع ) في كون المهدي
المنتظر هو الخليفة الثاني عشر من الخلفاء الإثني عشر
الذين أخبر الرسول (ص ) عن خلافتهم الدينية، أمثال أبي داود
في سننه (راجع ما نقله الشيخ عبدالمحسن العباد في بحثه
(عقيدة أهل السنّة والأثر في المهدي المنتظر)
المطبوع في مجلة الجامعة الاسلامية العدد الثالث، السنة الاُولى، ذو القعدة 1388 هـ .) وابن كثير في تفسيره(تفسير القرآن
العظيم : 2 / 34 في تفسير الآية 12 من سورة المائدة.) وغيرهم. وصرح بذلك المجمع الفقهي التابع
للأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في جوابه على استفتاء مسلم من كينيا بشأن الإمام الموعود، حيث ورد في جواب المجمع :
« هو) المهدي الموعود
(آخر الخلفاء الراشدين الإثني عشر الذين أخبر عنهم النبي صلوات الله وسلامه عليه في الصحاح ...»( راجع النسخة المصوّرة لفتوى رابطة العالم الاسلامي، المجمع الفقهي المنشورة في كتاب احاديث المهدي من مسند احمد
بن حنبل : 162 ـ 166.(. |
3 ـ حديث
الاُمة الظاهرة القائمة بأمر الله
|
وهو من الأحاديث المشهورة المروية في الكتب الستة وغيرها من المجاميع الروائية المعتبرة عند إخواننا أهل السنّة من
طرق كثيرة
فقد رواه مثلاً أحمد بن حنبل وحده من سبعة وعشرين طريقاً(راجع كتاب «احاديث المهدي (ع ) من مسند احمد بن حنبل»، اعداد السيد محمد جواد الجلالي: 68 ـ 76.). فقد رواه البخاري في
صحيحه بلفظ « لا يزال ناس من اُمتي ظاهرين حتى
يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون »( صحيح البخاري: 4/252.(. وفي رواية للبخاري في تأريخه وأحمد
في مسنده ورجاله كلهم ثقات كما قال الكشميري في تصريحه بلفظ:
« لا تزال طائفة من اُمتي على الحق ظاهرين على مَن ناواهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى، وينزل عيسى بن مريم »( تاريخ البخاري: 5/451 حديث 1468، مسند أحمد: 4/429.(. |
4 ـ أحاديث عدم
خلو الزمان من الإمام القرشي المنقذ من الميتة الجاهلية
|
وهي أيضاً من الأحاديث الشريفة المروية من طريق الفريقين، نختار منها المروي في الكتب المعتبرة عند أهل السنة، فقد روى البخاري
ومسلم في صحيحيهما وأحمد بن حنبل في مسنده وغيرهم بأسانيدهم عن
رسول الله (ص ) أنّه قال: « لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان»( صحيح البخاري: 9/ 78،
صحيح مسلم: 3/ 1452، مسند أحمد: 2/ 29، 2/ 93 بطريق آخر.). |
معنى « الأمر
» في الكتاب والسنة
|
إنّ
الحديث الأول قد صرّح ببقاء «الأمر» في قريش ما بقي البشر على الأرض فلا تخلو الأرض من قرشي يكون له « الأمر »، فما هو المقصود من « الأمر » هنا ؟ ! وهل يمكن تفسيره بالاستلام الفعلي
للحكم الظاهري للمسلمين ؟ ! |
الباب
الثاني:
|
الفصل الأول: نشأة
الإمام المهدي (عليه السلام) . |
الفصل الأول: نشأة الإمام
محمّد بن الحسن المهدي (عليهما السلام)
|
تأريخ
الولادة
|
ولد ـ سلام الله عليه ـ في دار أبيه
الحسن العسكري (عليه السلام) في مدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان وهي من الليالي المباركة التي يُستحب إحياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقاً لروايات شريفة مروية
في الصحاح مثل سنن ابن ماجة وسنن الترمذي وغيرهما من كتب أهل السنة(راجع مثلاً مسند أحمد بن حنبل: 2/ 176، سنن ابن ماجة: 1/ 444
ـ 445، فيض القدير: 4/ 459، سنن
الترمذي: 3/ 116، كنز العمال: 3/ 466 وغيرها كثير.) إضافة الى ما روي عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام)(
ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : 101، مصباح المتهجد للشيخ الطوسي : 762، إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس : 718.). |
تواتر خبر
ولادته (عليه السلام)
|
روى قصة الولادة أو خبرها الكثير من العلماء بأسانيد صحيحة أمثال أبي جعفر الطبري والفضل بن شاذان والحسين بن حمدان وعلي بن الحسين
المسعودي والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والشيخ المفيد وغيرهم، ونقلها بصورة كاملة أو مختصرة أو نقل خبرها عدد من علماء أهل السنة من مختلف
المذاهب الإسلامية
أمثال نورالدين عبدالرحمن الجامي الحنفي في شواهد النبوة
والعلاّمة محمد مبين المولوي الهندي في وسيلة النجاة والعلامة محمد خواجه
بارسا البخاري في فصل الخطاب والحافظ سليمان القندوزي الحنفي في
ينابيع المودة، كما نقل خبر الولادة ما يناهز المائة وثلاثين
من علماء مختلف الفرق الإسلامية بينهم عشرات
المؤرخين ستة منهم عاصروا فترة الغيبة الصغرى أو ولادة الإمام المهدي (ع)، والبقية
من مختلف القرون الى يومنا هذا في سلسلة متصلة
وهذا الاحصاء يشمل جانباً من المصادر الإسلامية وليس كلها. وبين
هؤلاء عدد كبير من العلماء والمؤرخين المشهورين
أمثال ابن خلكان وابن الأثير وأبي الفداء
والذهبي وابن طولون الدمشقي وسبط ابن الجوزي ومحي الدين بن عربي والخوارزمي والبيهقي والصفدي
واليافعي والقرماني وابن حجر الهيثمي وغيرهم كثير. ومثل
هذا الإثبات مما لم يتوفر لولادات الكثير من أعلام التأريخ
الإسلامي(راجع تفصيلات أقوالهم في الاحصائية التي
أوردها السيد ثامر العميدي في كتابه دفاع عن الكافي: 1/535 ـ 592.). |
كيفية ظروف
الولادة
|
يُستفاد
من الروايات الواردة بشأن كيفية ولادته (عليه السلام)، أن والده الإمام الحسن العسكري ـ سلام الله عليه ـ أحاط الولادة
بالكثير من السرية والخفاء، فهي تذكر أن الإمام
الحسن العسكري قد طلب من عمته السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد أن تبقى في داره ليلة الخامس عشر
من شهر شعبان واخبرها بأنه سيُولد فيها إبنه وحجة الله في أرضه، فسألته عن أمه
فأخبرها أنها نرجس فذهبت إليها وفحصتها فلم تجد فيها أثراً للحمل، فعادت
للإمام واخبرته بذلك، فابتسم (عليه السلام) وبيّن لها أن مثلها مثل أم موسى
(عليه السلام) التي لم يظهر حملها ولم يعلم به أحد الى وقت ولادتها لأن فرعون
كان يتعقب أولاد بني إسرائيل خشية من ظهور موسى المبشر به فيذبح ابناءهم
ويستحي نساءهم، وهذا الأمر جرى مع الإمام
المهدي(عليه السلام) أيضاً لأن السلطات العباسية كانت ترصد ولادته إذ قد تنبأت بذلك طائفة من الأحاديث الشريفة
كما سنشير لاحقاً. |
إخبار المسبق
عن خفاء الولادة
|
أخبرت الكثير من الأحاديث الشريفة بأن ولادة المهدي من الحسن العسكري ستُحاط بالخفاء والسرية، ونسبت الإخفاء الى الله تبارك
وتعالى وشبهت بعضها إخفاء ولادته باخفاء ولادة موسى وبعضها بولادة ابراهيم (ع
)، وبيّنت علّة ذلك الإخفاء بحفظه (ع ) حتى يؤدي رسالته، نستعرض هنا نماذج قليلة منها. |
خفاء الولادة علامة المهدي
الموعود(عليه السلام)
|
ويُلاحظ أن هذه الأحاديث الشريفة تصرح بأنّ خفاء الولادة من العلائم البارزة المشخصة لهوية المهدي الموعود والقائم
من ولد فاطمة الذي بشرت به الأحاديث النبوية، وهذا أحد الأهداف المهمة للتصريح
بذلك وهو تعريف المسلمين بإحدى العلائم التي يكشفون بها زيف مزاعم مدّعي
المهدوية كما شهد التأريخ الإسلامي الكثير منهم ولم تنطبق على أي منهم هذه
العلامة، فلم تُحَطْ ولادة أي منهم بالخفاء كما هو ثابت تأريخياً(ذكر تراجمهم الدكتور محمد مهدي خان مؤسس صحيفة الحكمة في
القاهرة في كتابه «باب الأبواب»
الذي خصص جانباً منه لدراسة حركات أدعياء المهدوية.). |
الفصل الثاني: مراحل حياة
الإمام المهدي(عليه السلام)
|
تنقسم حياة كل إمام معصوم بشكل عام الى
قسمين رئيسين : المرحلة الرابعة : حياته في مرحلة الظهور التي تبدأ
بعد انتهاء الغيبة الكبرى، وهو عهد الدولة
المهدوية العالمية المرتقبة والتي أخبرت عنها نصوص الكتاب والسنة. |
الفصل الثالث: الإمام المهدي في ظل أبيه (عليهما السلام)
|
دور الإمام العسكري
(عليه السلام) في إعلان الولادة
|
في
ظل تلك الأوضاع الإرهابية الصعبة كانت تواجه الإمام العسكري ـ ع ـ مهمة على درجة
كبيرة من الخطورة والحساسية، فكان عليه أن يخفي أمر الولادة
عن اعين السلطات العباسية بالكامل والحيلولة دون اهتدائهم الى وجوده وولادته ومكانه حتى لو عرفوا إجمالاً بوقوعها، وذلك
حفظاً للوليد من مساعي الإبادة العباسية المتربصة به ولذلك لاحظنا في خبر
الولادة حرص الإمام على خفائها، كما نلاحظ أوامره المشددة لكل مَن
أطلعه على خبر الولادة من أرحامه وخواص شيعته بكتمان الخبر بالكامل فهو
يقول مثلاً لأحمد بن إسحاق :
«ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً ومن جميع الناس مكتوماً »( كمال الدين : 434.) . ومن إجراءاته (عليه السلام) في هذا
المجال ـ
تأكيده على استخدام اسلوب الاحتجاب والتعامل مع
المؤمنين بصورة غير مباشرة تعويداً لهم على مرحلة الغيبة فكان : يكلم شيعته الخواص وغيرهم من وراء الستر إلا في الأوقات التي
يركب فيها الى دار السلطان وانما كان منه ومن أبيه قبله مقدمة لغيبة صاحب
الزمان لتألف الشيعة ذلك ولا تنكر الغيبة وتجري العادة بالاحتجاب والإستتار (إثبات الوصية للمسعودي : 262.)، ومن هذه الاجراءات
تثبيت نظام الوكلاء عن إلامام، وتأييد الكتب الحديثية التي جمع فيها أصحاب الائمة مروياتهم عنهم وعن رسول الله (ص )( راجع رجال الكشي: 481، 451، ورجال ابن داود : 272 ـ 273،
ووسائل الشيعة: 18/ 72، فلاح
السائل للسيد ابن طاووس : 183 وغيرها.)، ليرجع
إليها المؤمنون في عصر الغيبة(لمزيد من التفصيلات بشأن
دور الإمام الحسن العسكري(ع ) في هذا المجال راجع كتاب تأريخ الغيبة الصغرى للسيد الشهيد محمد الصدر(رحمه
الله) : 269 وما بعدها، وحياة الإمام
العسكري(ع ) للشيخ الطبسي: 313 ـ 326 .(. |
حضوره وفاة
أبيه (عليه السلام)
|
طبق
ما يرويه الشيخ الصدوق في إكمال الدين والشيخ الطوسي في الغيبة فإن الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ قد حضر وفاة أبيه
العسكري(عليهما السلام)، إلا أن رواية الشيخ الطوسي أكثر تفصيلاً من رواية الصدوق
التي كَنَّتْ عن حضوره ولم تصرح به، فقد نقل
الشيخ الصدوق عن محمد بن الحسين بن عباد أنه قال:
مات أبو محمّدالحسن بن علي (عليهما السلام) يوم جمعة مع صلاة الغداة، وكان في تلك الليلة قد كتب بيده كتباً كثيرة الى المدينة
وذلك في شهر ربيع الأول لثمان خلون منه سنة ستين ومائتين من الهجرة ولم
يحضره في ذلك الوقت إلا صقيل الجارية، وعقيد الخادم ومَن علم الله عزوجل
غيرهما...( كمال الدين : 474.(. ونقل الطوسي الرواية بتفصيل أكثر حيث
قال: |
الباب
الثالث:
|
وفيه فصول: الفصل الأول:الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عليه
السلام) . |
الفصل الأول: الغيبة الصغرى
للإمام المهدي(عليه السلام)
|
تسلّمه مهام الإمامة
صغيراً
|
تسلّم المهدي(ع )
مهام الإمامة وهو ابن خمس أو ست سنين فهو أصغر الائمة سناً عند توليه مهام الإمامة.
وقد أخبرت عن ذلك الأحاديث الشريفة سابقاً
(راجع مثلاً حديث الإمام الباقر(ع ): «صاحب هذا الأمر
أصغرنا سناً وأخملناشخصاً...»
غيبة النعماني: 184.(
. |
صلاته على
أبيه وإعلان وجوده
|
كان
من اُولى المهمات التي قام بها الإمام المهدي (ع ) بُعَيْد تسلمه مهام الإمامة هي الصلاة على أبيه الحسن العسكري (ع
) في داره وقبل إخراج جسده الطاهر الى الصلاة « الرسمية » التي
خططتها السلطات العباسية (يظهر أن الصلاة الأولى
كانت بحضور وجوه أصحاب الإمام وأرحامه والصلاة الرسمية كانت بحضور ممثلي السلطة العباسية ووجوه المدينة وعامة
الناس، راجع تفصيلات ذلك في كتاب بحار
الأنوار: 50/ 328.) وكان قيامه بهذه الصلاة يعتبر أمراً
مهماً في إثبات إمامته رغم المخاطر التي كانت تتوقع بعد نقل خبر هذه الصلاة. |
أهدافه (عليه
السلام) من الصلاة على أبيه
|
حقق
قيام الإمام بالصلاة على أبيه ـ سلام الله عليهما ـ أمرين مهمين، كان من الضروري إنجازهما بعد وفاة الإمام الحادي عشر حيث
تتطلّع أنظار الناس لمعرفة هوية الإمام الثاني عشر، بعد أن عرفنا أنّ ولادة
الإمام المهدي ـ سلام الله عليه ـ كانت قد اُحيطت بالكتمان الشديد بسبب
الترصد العباسي للقضاء على الوليد المصلح المرتقب، لذلك فإن هذا الظرف
الخاص هو الظرف الذي كانت تتطلع فيه الأعين لترى من الذي يصلي على الإمام المتوفى
لتتخذ ذلك قرينة كاشفة عن خليفة الإمام السابق . وهكذا
كان الظرف يمثل فرصة مناسبة للغاية لتعريف الحاضرين في الدار ـ وكثير منهم من عيون أصحاب الإمام
العسكري(ع ) ووكلائه ـ بوجود الإمام المهدي وأنه هو الوصي الحقيقي لأبيه، وأن الرعاية
الإلهية قد حفظته من مساعي الإبادة العباسية خاصة وأن الخليفة العباسي المعتمد قد بعث جلاوزته فور وصول خبر وفاة الإمام
العسكري لتفتيش داره (ع ) بجميع حجرها بحثاً عن ولده واصطحبوا معهم
نساءاً يعرفن الحبل لفحص جواريه (عليه السلام) وكل ذلك كان قبل تهيئة الجسد
الطاهر وتكفينه(راجع تفصيلات ذلك في
كمال الدين : 43، 473.)، لذلك كانت صلاته على أبيه (عليه السلام)
بمثابة إعلان لأولئك الحاضرين ـ وعددهم كان يناهز الأربعين كما في رواية
الهاشمي المتقدمة ـ ; بسلامة الإمام المهدي من الهجوم العباسي السريع الذي باغت
أهل دار العسكري المنشغلين بمصيبة فقده (ع )، الأمر الذي قد يجعل البعض
يتصور بأنهم لم يكونوا يتحسبون لهذا الهجوم المباغت. |
غيبتا الإمام
المهدي (عليه السلام)
|
كان للإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ غيبتان: صغرى وكبرى، أخبرت عنهما معاً الكثير من الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول الأكرم (ص) وعن الائمة المعصومين من أهل بيته (ع ) كما نشير لذلك
لاحقاً، بل وأشارت إليها بعض نصوص الكتب السماوية السابقة كما لاحظنا سابقاً. |
الفصل الثاني: أسباب الغيبة
الصغرى والتمهيد لها
|
أسباب الغيبة الصغرى
|
جاءت
غيبة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ كإجراء تمهيدي لظهوره اقتضته الحكمة الإلهية في تدبير شؤون العباد بهدف تأهيل المجتمع
البشري للمهمة الإصلاحية الكبرى التي يحققها الله تبارك وتعالى على يديه
(عليه السلام) والتي تتمثل في إظهار الإسلام على الدين كله وإقامة
الدولة الإسلامية العادلة في كل الأرض وتأسيس المجتمع التوحيدي الخالص الذي
يعبد الله وحده لا شريك له دونما خوف من كيد منافق أو مشرك كما نصت على
ذلك النصوص الشرعية التي سنتناولها في الفصل الخاص بسيرته (عليه السلام) بعد
ظهوره. والانحراف السياسي ـ الذي سبب انحرافات اُخرى ـ كان قد
طغى على كيان المسلمين واستشرى الفساد في حكوماتهم التي لم يكن لها هدف سوى التمادي في
الملذات المحرمة والتناحر الداخلي بدوافع سلطوية ومطامع استعلائية في
الأرض حتى غابت صورة الخليفة الخادم للرعية المدافع عن كرامتهم الإنسانية
ومصالحهم الدنيوية والاُخروية وحلت محلها صورة الحاكم المستبد الذي لا همّ
له سوى الفساد والإفساد والاستعلاء في الأرض والاحتفاظ بالعرش بما أمكنه
ولو كان على حساب سحق أبسط القيم التي جاء بها مَن يرفعون شعار خلافته أي
النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ولذلك اجتهدوا في محاربة ائمة الهدى من
عترته كما لاحظنا في تعليل الإمام العسكري (عليه السلام) للمطاردة الأموية
والعباسية لهم وخاصة للمهدي الموعود. |
تمهيد
النبي(صلى الله عليه وآله) والائمة (ع) لغيبة الإمام المهدي (ع)
|
سجلت
المصادر الإسلامية الكثير من الأحاديث الشريفة المروية عن الرسول (ص ) وائمة أهل
البيت (ع ) ; التي أخبرت عن حتمية وقوع غيبة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ، وقد
نقلنا نماذج لها ضمن الحديث عن خفاء ولادته، وننقل
هنا نماذج أخرى لها. قال:
«فإن فيهم لاوي بن ارحيا». قال: أعرفه يا رسول الله، وهو الذي غاب
عن بني اسرائيل سنين ثم عاد فأظهر شريعته بعد دراستها وقاتل مع فريطيا
الملك حتى قتله. وقال(ص ):
« المهدي من ولدي تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الاُمم،
يأتي بذخيرة الأنبياء (ع ) فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت
جوراً وظلماً »( فرائد السمطين: 2/ 335، وينابيع المودة
للحافظ سليمان الحنفي : 488.). وقال(عليه السلام)
« وإن للغائب منا غيبتين إحداهما أطول من الأخرى
فلا يثبت على إمامته إلا مَن قوي يقينه وصحت معرفته »(
ينابيع المودة للحافظ الحنفي : 427.). وعن الإمام الصادق (ع ) : « إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها
»( غيبة الشيخ الطوسي: 102.)، «إن للقائم منّا غيبة يطول أمدها ... لأن الله عز وجل أبى إلا
أن يجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) وأنه لابد يا سدير من استيفاء
مدد غيباتهم »( كمال الدين : 480.). |
فلسفة
مرحليّة الغيبة
|
أشرنا
الى أن الغيبة ـ عموماً ـ إجراء تمهيدي كان لابدّ منه ليتمكن الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ من الظهور وإنجازه لمهمته
الإصلاحية العالمية الكبرى. |
تعقيب السلطة
العباسيّة لخبر الإمام عليه السلام
|
يظهر
من روايات مرحلة الغيبة الصغرى أنّ السلطة العباسية أخذت تتعقب خبر الإمام المهدي (ع )، وكأنها كانت على اطمئنان بوجوده
استناداً الى ما تواتر نقله عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من
أخبار الائمة الإثني عشر من عترته، وكانت تعلم أن الحسن العسكري (ع )
هو الحادي عشر منهم فلابد من ولادة الثاني عشر أيضاً وهو خاتمهم
الموعود بإنهاء الظلم والجور على يديه حسبما ورد في البشارات النبوية المتواترة. |
الفصل الثالث: إنجازات الإمام
المهدي (عليه السلام) في الغيبة الصغرى
|
إثبات وجوده
و إمامته عليه
السلام
|
وهو
الهدف الذي توخاه من حضوره للصلاة على ابيه ـ سلام الله عليهما ـ كما
تحدثنا عن ذلك سابقاً، وهو من أهم خطواته وتحركاته في غيبته الصغرى،
وتبرز أهمية هذا الهدف من كونه يوفر القاعدة الأساس التي يستند اليها
تحرّك المهدي في عصر الغيبة، إذ أنّ من الواضح من النصوص الشرعية أنّ النجاة
من الضلالة وميتة الجاهلية تكمن في معرفة إمام العصر والتمسك بطاعته، وهذا
الإمام مستور غير ظاهر في عصر الغيبة الكبرى لذا فإن الإيمان به ـ وهو
مقدمة طاعته والتمسّك بولايته ـ فرع الاطمئنان والثقة بوجوده الى درجة تمكّن
المؤمن من مواجهة التشكيكات الناتجة من عدم مشاهدته بصورة حسيّة ظاهرة.
وهذا الاطمئنان هو الذي أكملت أسبابه تحركات الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه
ـ في فترة الغيبة الصغرى بما أتم من الحجة في التقائه بالثقات وإظهار
الكرامات التي لا يمكن تصور صدورها عن غير الامام وغير ذلك مما سجلته الروايات
المتحدثة عن هذه الفترة والتي دوّنها العلماء الإثبات في كتبهم (راجع روايات الالتقاء به في عصر الغيبة الصغرى الموجودة في
كتب الغيبة والتي جمع الكثير منها
السيد البحراني في كتاب تبصرة الولي.). |
إكمال ما
تحتاجه الأمة من
معارف الاسلام
|
طوال
ما يزيد على القرنين قام أئمة أهل البيت النبوي ـ صلوات الله عليهم ـ بتبليغ معظم ما تحتاجه الأمة خلال عصر الغيبة الكبرى من
معارف القرآن الكريم وسنّة جدهم سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله)
والتي تمثل بمجموعها الإسلام النقي والدين القيّم الذي أمر الله تبارك وتعالى
باتباعه والعمل على وفقه، والعروة الوثقى المعبّرة عن التمسك بالثقلين
اللذين تكون بهما النجاة من الضلالة وميتة الجاهلية، وتضمن هذا التراث
تحديد وتوضيح قواعد وأصول استنباط الأحكام الشرعية والمعارف الإسلامية من هذا
التراث الروائي الثر لسنّة الرسول(صلى الله عليه وآله) وأئمة عترته(عليهم
السلام) الذين أمروا أصحابهم بحفظه وتدوينه ليكون مصدراً ـ الى جانب
القرآن الكريم ـ لجميع المعارف والأحكام الإسلامية التي تحتاجها الأمة
الإسلامية الى ظهور الإمام المهدي(عليه السلام)، وكانت ثمرة هذا الأمر تلك
الروايات الشريفة من قبل أصحاب الأئمة حيث عُرفت بالأصول الأربعمائة التي تم
تدوينها في عصر الأئمة السابقين للإمام المهدي (عليه السلام)، وحفظت فيها
جل نصوص السنة النبوية الشريفة(راجع في هذا
الباب كتاب «منع تدوين الحديث ـ اسباب ونتائج» للسيد علي الشهرستاني: 397 ـ 465 الفصل الخاص بتأريخ
تدوين السنة النبوية عند مدرسة أهل البيت(ع).). |
تثبيت نظام النيابة
|
قام
الإمام المهدي(ع ) في هذه الفترة بتعيين عدد من الثقات المخلصين
في إيمانهم من شيعته وكلاء عنه يتحركون بإذنه وبأمره
ويشكلون جهازاً للارتباط
بالمؤمنين، وقد مهد له في ذلك جده الإمام الهادي ومن قبله الإمام الجواد (ع ) ثم تابعه الإمام العسكري (ع
) الذي رسّخ نظام الوكلاء
تمهيداً لغيبة ولده. فكان
يُعلن توثيق بعض وجوه أصحابه وأنه وكيل عنه، فمثلاً قال(ع ) بشأن عثمان بن سعيد العمري
وكيله الذي أصبح فيما بعد وكيلاً لولده الإمام المهدي(ع )، وكان
وكيلاً للإمام الهادي (ع ) أيضاً: «هذا أبو عمرو الثقة الأمين
ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدى إليكم
فعنّي يؤديه »( غيبة الطوسي : 215.). |
حفظ الكيان الايماني
|
ولكن
مهمة إثبات وجود الامام (ع ) والتعريف بوكلائِهِ كانت تؤدي أحياناً الى تسرب بعض الأخبار للسلطة فيتدخل الإمام لحفظ
نظام الوكلاء حتى ينجز دوره المطلوب في الغيبة الصغرى. فمثلاً يروي ثقة الإسلام الكليني في الكافي عن الحسين بن الحسن العلوي قال: «كان رجل من ندماء روز حسني وآخر معه فقال له : هوذا يجبي الاموال وله وكلاء وسمّوا جميع
الوكلاء في النواحي وأنهى ذلك إلى عبيد الله بن سليمان الوزير، فهمَّ الوزير
بالقبض عليهم، فقال السلطان: اُطلبوا أين هذا الرجل؟ فانّ هذا أمر غليظ،
فقال عبيد الله ابن سليمان: نقبض على الوكلاء، فقال السلطان: لا، ولكن
دسوا لهم قوماً لا يعرفون بالأموال، فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه قال: فخرج
بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وان يمتنعوا من
ذلك ويتجاهلوا الأمر، فاندس لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال:
معي مال اُريد أن اُوصله، فقال له محمد: غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئاً،
فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه وبثّوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم
لما كان تقدّم اليهم»( الكافي: 1 / 525.). |
إصدار
الرسائل «التوقيعات»
|
حفلت
المصادر المؤرخة لسيرة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ بنصوص العديد من الرسائل والبيانات التي كان يصدرها (عليه السلام) في
فترة الغيبة الصغرى والتي عُرفت بالتوقيعات. وهي تشكل أحد الأدلة الوجدانية
المحسوسة الدالة على وجوده وقيامه بمهام الإمامة في غيبته (راجع نماذجها في المجلد الثاني من كتاب معادن الحكمة. لمحمد
بن الفيض الكاشاني وكتاب الصحيفة
المهدية لوالده وغيرها من كتب الغيبة.(. |
لقاء الإمام
المهدي(عليه السلام) بأتباعه المؤمنين
|
روت
المصادر الروائية المعتبرة الكثير من الروايات التي تتحدث عن التقاء المؤمنين بالإمام المهدي (ع ) في غيبته الصغرى، فلايكاد
يخلو كتاب من الكتب المصنفة في تواريخ الأئمة أو الإمام المهدي ـ عجل الله
فرجه ـ خاصة، من ذكر مجموعة من هذه الروايات. وقد روى
الشيخ الصدوق عن محمد بن أبي عبد الله احصائية
لعدد لقاءاته من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، فذكر ثمانية وستين شخصاً(كمال الدين : 242)
وأوصل الميرزا النوري العدد الى (304) اشخاص
استناداً الى الروايات الواردة في المصادر المعتبرة(النجم الثاقب : 2 / 44 ـ 48 من الترجمة العربية.) وفيها المروية بأسانيد صحيحة، ومعظمهم التقوه في الغيبة الصغرى وبعضهم في حياة أبيه (ع)
وهذه الروايات تخص الذين رأوه وعرفوه وليس الذين لم يعرفوه. |
إعلان انتهاء
الغيبة الصغرى
|
قبل ستة أيام من وفاة السفير الرابع أخرج للمؤمنين توقيعاً من الإمام المهدي ـ ع ـ يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى وعهد السفراء المعينين من قبل الإمام مباشرة إيذاناً ببدء الغيبة
الكبرى ونص التوقيع هو:
|
الباب
الرابع:
|
لفصل الأول:الغيبة
الكبرى للإمام المهدي (عليه السلام) وأسبابها . |
الفصل الأول: الغيبة الكبرى
للإمام المهدي(عليه السلام) وأسبابها
|
الاطار العام لتحرك الامام
(عليه السلام)
|
إنّ
الهدف العام لتحرك الإمام المهدي (عليه السلام) في فترة الغيبة الكبرى، هو رعاية مسيرة الأمة الإسلامية وتأهيلها لظهوره والقيام
بالمهمة الكبرى المتمثلة بإنهاء الظلم والجور وإقامة الدولة الإلهية
العادلة في كل أرجاء الأرض وتأسيس المجتمع التوحيدي الخالص كما سنفصل الحديث
عن ذلك في الفصل الخاص بسيرته بعد ظهوره (عليه السلام). |
علل الغيبة
في الأحاديث الشريفة
|
لقد تناولت مجموعة من الأحاديث الشريفة علل وقوع الغيبة. نذكر أولاً
نماذج منها استناداً الى العلل التي تذكرها: مشيرين الى أن لكل نموذج نظائر عديدة رواها المحدثون بأسانيد متعددة: |
علل الغيبة
والأسباب التي تذكرها فيها
بعض التداخل
|
1 ـ استجماع تجارب الأمم
السابقة 2 ـ العامل الأمني 3 ـ السماح بوصول الحق للجميع لخروج ودائع الله 6 ـ حفظ روح الرفض للظلم 7 ـ صلاح أمره وأمر المؤمنين به |
الفصل الثاني: إنجازات الإمام
المهدي(عليه السلام) في غيبته الكبرى
|
كما
أشرنا في مقدمة الحديث فإن سيرة الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ
وتحركاته في غيبته الكبرى تتمحور حول هدف التمهيد لظهوره والمساهمة في ازالة
العلل الموجبة لغيبته، وعليه يمكننا القول بأنّه يعمل في سبيل ترشيد
الأمة واستجماعها لخبرات أجيالها المتعاقبة; وفي سبيل إيصال الحق الى
الجميع ودعم وتأييد العاملين من أجل نشر الإسلام النقي وحفظه، وهو يرعى عملية
التمييز والتمحيص الإعدادي لجيل الظهور، ويكشف فشل المدارس الأخرى وعجزها
عن تحقيق السعادة المنشودة للبشرية، ويساهم في حفظ روح الرفض للظلم ويحبط
المساعي لقتلها. إنه (عليه السلام) يقوم بكل ذلك ولكن بأساليب خفية غير
ظاهرة قد يتضح الكثير منها عند ظهوره كما يتضح دوره (عليه السلام) في
الكثير من الحوادث الواقعة التي تصب في صالح تحقق الأهداف المتقدمة والتي لم
تُعرف أسباب وقوعها أو أنّ ما عُرض من الأسباب لم يكن كافياً في
تفسيرها. |
رعايته
للكيان الإسلامي
|
يقول
الإمام المهدي (ع) في رسالته الاُولى للشيخ المفيد: «... فإنّا نحيط علماً بأنبائكم ولا
يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مُذ جنح كثير منكم الى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ونبذوا العهد
المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم
ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء وأصطلمكم الأعداء»( الاحتجاج: 1/323 وعنه في معادن الحكمة: 2/ 303.). |
حفظ الاسلام
الصحيح وتسديد العمل الاجتهادي
|
إنّ
الإمام المهدي (ع ) يقوم أيضاً في غيبته الكبرى بحفظ الإسلام النقي الذي يحمله مذهب أهل البيت (ع ). وهذه المهمة من
المهام الرئيسة للإمامة، ومن مظاهر قيامه(ع ) بها في غيبته تسديد
العمل الاجتهادي للعلماء والفقهاء ومنع إجماعهم على باطل بطريقة
أو باُخرى: «لأن هذه الآثار والنصوص في الأحكام موجودة مع مَن لا يستحيل
منه الغلط والنسيان، ومسموعة بنقل من يجوز
عليه الترك والكتمان. وإذا جاز ذلك عليهم لم يؤمن وقوعه منهم إلاّ بوجود معصوم يكون من ورائهم، شاهد لأحوالهم، عالم
بأخبارهم، إن غلطوا هداههم، أو نسوا ذكّرهم أو كتموا، علم الحق من دونهم. وفي المستفيض عنهم(عليهم السلام) «إن الارض لا تخلو إلاّ وفيها
عالم اذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم الى الحق وإن نقصوا شيئاً تمم ذلك ولولا ذلك
لالتبس عليهم أمرهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل». |
تسديد
الفقهاء في عصر الغيبة
|
وكما
أشرنا عند الحديث عن نظام «السفارة والنيابة الخاصة» في الغيبة الصغرى، فإن هذا النظام كان تمهيداً لإرجاع الأمة في
الغيبة الكبرى الى الفقهاء العدول كممثلين له(عليه السلام) ينوبون عنهم
كقيادة ظاهرة أمر بالرجوع إليها في توقيعه الصادر الى إسحاق بن يعقوب:
«وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة
الله عليهم». |
أصحاب الإمام
(عليه السلام) في غيبته الكبرى
|
يُستفاد
من عدد من الأحاديث الشريفة أن للامام المهدي ـ ع ـ جماعة من الأولياء المخلصين يلتقون به باستمرار في غيبته
الكبرى ومن أهل كل عصر، وتصرح بعض الأحاديث الشريفة بأن عددهم ثلاثين شخصاً،
فقد روى الشيخ الكليني في الكافي والشيخ الطوسي في الغيبة بأسانيدهما عن الإمام الصادق(ع ) قال: «لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة
ولابد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة»( الكافي: 1/ 340، غيبة النعماني: 188، تقريب المعارف للحلبي:
190.)، وروى الكليني بسنده عن الإمام الصادق(ع ) قال: «للقائم غيبتان إحداهما قصيرة
والاُخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه إلاّ خاصة شيعته
والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصة مواليه»(
الكافي: 1/ 340، غيبة النعماني: 170، تقريب المعارف: 190.)، وتصرح بعض الأحاديث الشريفة بأن الخضر(عليه
السلام) من مرافقيه في غيبته(كمال الدين: 390 وعنه في
اثبات الهداة: 3/ 480.). ولعله (عليه السلام) يستعين بهؤلاء الأولياء ـ ذوي المراتب العالية في الاخلاص ـ في
القيام بما تقدم من مهام حفظ المؤمنين ورعايتهم وتسديد العلماء ودفع
الأخطار عن الوجود الإيماني وتسيير حركة الأحداث ـ حتى خارج الكيان الإسلامي
بما يخدم مهمة التمهيد لظهوره وإعداد العوامل اللازمة له. |
الالتقاء
بالمؤمنين في غيبته الكبرى
|
إنّ
سيرة الإمام في غيبته الكبرى تفصح بأن لقاءاته فيها لا تنحصر في هذا العدد المحدود من الأولياء المخلصين في كل عصر بل تشمل
غيرهم ـ ولو بصورة غير مستمرة ـ
فالأخبار الخاصة الدالة على مشاهدته في الغيبة الكبرى كثيرة وعددها يفوق حد التواتر، بحيث نعلم لدى مراجعتها
واستقرائها، عدم الكذب والخطأ فيها في الجملة (راجع
تاريخ الغيبة الصغرى: 640 وما بعدها وتاريخ الغيبة الكبرى: 107 وقد ناقش السيد الصدر في هذين الكتابين قضية
الالتقاء بالامام في الغيبة الكبرى وعدم تعارضها مع
امر الامام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ في توقيعه للشيخ السمري بتكذيب من ادعى المشاهدة في الغيبة الكبرى، كما ناقشها الميرزا النوري في الباب السابع من كتاب النجم
الثاقب والعلامة المجلسي في بحار الأنوار وغيرهم
كثير واثبتوا جواز الالتقاء بالامام في الغيبة الكبرى.)، فقد نقل الميرزا
النوري مائة منها في النجم الثاقب
وفي المصادر الأخرى ما يزيد على ذلك بكثير، اضافة الى أن من المؤكد أن هناك مقابلات غير مروية ولا مسجلة في المصادر وإن كانت
متناقلة عبر الثقات وأن المهدي ـ ع ـ يتصل بعدد من المؤمنين في أنحاء العالم في كل جيل مع حرصهم على عدم التفوه بذلك وكتمه الى
الأبد، بل يمكن القول
بأن المقابلات غير المروية أكثر بكثير من المقابلات المروية. |
ترسيخ
الايمان بوجوده
|
وتحققت
من هذه اللقاءات إضافة لذلك ثمار مهمة تتمحور حول ترسيخ الإيمان بوجوده (عليه السلام) وإزالة التشكيكات المثارة تجاه ذلك
في كل عصر بما يعزز مسيرة المؤمنين في التمهيد لظهوره (عليه السلام)، خاصةً
وأن معظم هذه المقابلات تقترن عادة بصدور مالا يمكن صدوره عن غير
الإمام (عليه السلام) من ايضاحات علمية دقيقة أو كرامات إعجازية تقطع أي مجال للشك في هويته ـ عجل الله فرجه ـ وهي في معظم الأحوال تكون بمبادرة
من الإمام نفسه وبصورة لا يتوقعها الفائز بلقياه
(عليه السلام)، وبعد
مدة ـ قد تطول أحياناً ـ من صدق المؤمن في طلب مقابلته والإخلاص لله في القيام بالأعمال
الصالحة بهدف الفوز بذلك، كما أنها عادة ما تكون بالمقدار اللازم لقضاء حاجة
المؤمن الطالب لها أو تحقيق الإمام للغاية المرجوة منها وغالباً ما ينتبه
المؤمن الى أنّ من التقاه هو الإمام المهدي (ع ) بعد انتهاء المقابلة، وكل
ذلك حفظاً لمبدأ الاستتار في هذه الفترة. |
حضور موسم
الحج
|
وتصرح
الأحاديث الشريفة بأن من سيرته (ع ) في غيبته حضور موسم الحج في كل عام، وواضح مافي حضور هذا الموسم السنوي المهم من
فرصة مناسبة للالتقاء بالمؤمنين من أنحاء أقطار العالم وإيصال
التوجيهات إليهم ولو من دون التعريف بنفسه بصراحة والتعرف على أحوالهم عن قرب دون
الحاجة الى أساليب إعجازية. إنّ الأحاديث الشريفة التي تذكر حضوره
(ع ) هذا الاجتماع الإسلامي السنوي العام، ذكرت
أنه (ع ): «يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه»( الكافي: 1/
337، 239، غيبة النعماني: 175.)، ويبدو أن المقصود
هو الرؤية مع تحديد هويته (ع )، بمعنى أن يعرفوه أنه هو المهدي، إذْ توجد عدة روايات اُخرى تصرح برؤيته في هذا
الموسم وبعضها يصرح بعدم معرفة المشاهدين لهويته على نحو التحديد واقتصار
معرفتهم بأنّه من ذرية رسول الله (ص ) ( راجع
مثلاً الرواية التي ينقلها الشيخ الصدوق في كمال الدين: 444.). |
الفصل الثالث: تكاليف عصر
الغيبة الكبرى
|
اهتمت
الأحاديث الشريفة بقضية تكاليف عصر الغيبة بحكم الأبعاد العملية
التي تشتمل عليها فيما يرتبط بتحرك الإنسان في هذه الفترة المتميزة بفتن
كثيرة وصعوبات في مواجهتها ناتجة عن عدم الحضور الظاهر لإمام العصر وعدم
تيسر الرجوع إليه بسهولة. هذه عناوين أبرز التكاليف الخاصة بعصر
الغيبة
وثمة تكاليف خاصة ببعض الحوادث التي تقع فيه أو
بعض علائم الظهور مثل مناصرة حركة الموطئة ـ الذين يوطّئون للمهدي سلطانه ـ أو اجتناب فتنة السفياني أو تشديد الحذر عند
ظهور بعض العلائم القريبة من أوان الظهور وغير ذلك. |
أهمية
الانتظار
|
تؤكد
الأحاديث الشريفة وباهتمام بالغ على عظمة آثار انتظار
الفرج; بعنوانه العام الذي ينطبق على الظهور المهدوي كأحد مصاديقه
البارزة; وكذلك على انتظار ظهور الإمام بالخصوص. فبعضها تصفه بأنه أفضل عبادة
المؤمن كما هو المروي عن الإمام علي(عليه السلام): «أفضل عبادة المؤمن
انتظار فرج الله»( المحاسن للبرقي وعنه في
بحار الأنوار: 52/ 131)، وعبادة المؤمن أفضل بلا شك من عبادة مطلق
المسلم، فيكون الانتظار أفضل العبادات الفضلى إذا كان القيام به بنية التعبد لله
وليس رغبة في شيء من الدنيا; ويكون بذلك من أفضل وسائل التقرب الى الله
تبارك وتعالى كما يشير الى ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في خصوص انتظار الفرج
المهدوي حيث يقول: «طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين
لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون»( كمال الدين: 357.). ولذلك فإن انتظار الفرج هو «أعظم الفرج»(
كمال الدين: 320 .) كما يقول الإمام السجاد (عليه السلام)،
فهو يدخل المنتظر في زمرةِ أولياء الله. وتعتبر الأحاديث الشريفة أنّ صدق انتظار المؤمن لظهور إمام
زمانه الغائب يعزز إخلاصه ونقاء إيمانه من الشك، يقول الإمام الجواد (عليه السلام):
«...له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون..»( كفاية الأثر: 279، كمال الدين: 378.) وحيث إن الانتظار يعزز الإيمان والإخلاص لله عز وجل والثقة بحكمته
ورعايته لعباده، فهو علامة حسن الظن بالله، لذا فلاغرابة أن تصفه الأحاديث
الشريفة بأنه: «أحب الأعمال الى الله»( الخصال
للشيخ الصدوق: 2/ 610، كمال الدين: 645، تحف العقول: 106.)، وبالتالي فهو «أفضل أعمال أمتي»(
كمال الدين: 644.) كما يقول رسول
الله (صلى الله عليه وآله). |
حقيقة
الانتظار
|
الانتظار
عبارة عن: «كيفية نفسانية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره; وضده اليأس; فكلما كان الانتظار أشد كان التهيؤ آكد; ألا ترى
أنّه اذا كان لك مسافر تتوقع قدومه ازداد تهيؤك لقدومه كلما قرب حينه، بل
ربما تبدل رقادك بالسهاد لشدة الانتظار. وكما تتفاوت مراتب الانتظار من هذه الجهة، كذلك
تتفاوت مراتبه من حيث حبك لمن تنتظره، فكلما اشتد الحب ازداد التهيؤ للحبيب
وأوجع فراقه بحيث يغفل المنتظر عن جميع ما يتعلق بحفظ نفسه ولا يشعر بما
يصيبه من الالآم الموجعة والشدائد المفظعة. |
شروط الانتظار |
على
ضوء هذا النص والتوضيحات الذي تقدمته يمكن إجمال شروط الانتظار في النقاط التالية التي تتضمن أيضاً توضيح السبيل العملي
الذي ينبغي للمؤمن انتهاجه لكي يكون منتظراً حقيقياً: |
الانتظار
وتوقّع الظهور الفوري
|
إضافة
الى تصريحهم بوجوب إنتظار الامام المهدي ـ ع ـ في غيبته استناداً الى كثرة النصوص الشرعية الآمرة بذلك على نحو
الفرج الإلهي العام أو الفرج المهدوي على نحو الخصوص، فقد صرحوا بوجوب توقع
ظهور الإمام في كل حين استناداً الى النصوص الشرعية أيضاً، يقول السيدالشهيد محمد الصدر(رحمه الله): «من الأخبار الدالة على التكليف في عصر الغيبة مادل على
وجوب الانتظار الفوري وتوقع الظهور الفوري في كل وقت بالمعنى
الذي سبق أن حققناه»( تأريخ الغيبة الكبرى:
427.)، ويقول السيد
محمد تقي الإصفهاني بعد نقله لمجموعة من الأحاديث الدالة على وجوب الانتظار الفوري: «المقصود من توقع الفرج
صباحا ومساء هو الانتظار للفرج الموعود في كل وقت يمكن وقوع هذا الأمر
المسعود ولا ريب في إمكان وقوع ذلك في جميع الشهور والأعوام بمقتضى أمر
المدبّر العلام، فيجب الانتظار له على الخاص والعام»(
مكيال المكارم: 2/ 158 ـ 159.(. |
الباب
الخامس:
|
وفيه فصول: الفصل الأول:
علائم ظهور المهدي (عليه السلام) . |
الفصل الأول: علائم ظهور
الإمام المهدي (عليه السلام)
|
ملاحظات بشأن علائم الظهور
|
عرفنا
من الحديث عن تكاليف المؤمنين في عصر غيبة الإمام ـ عجل الله فرجه ـ
أن الأحاديث الشريفة تأمر بانتظار ظهوره وتوقعه في كل آن، وهذا تكليف
تربوي يهدف الى جعلهم ساعين باتجاه تحقيق الاستعداد الكامل وباستمرار
لنصرته عندما يظهر. |
العلائم
الحتمية وغير الحتمية
|
وتذكر
الأحاديث الشريفة قسمين رئيسين من علائم ظهور الإمام ـ عجل الله فرجه ـ . القسم الأوّل ماهو حتمي الوقوع، والقسم الثاني
ماهو غير حتمي بل قد لا يقع إذا اقتضت الحكمة الإلهية ذلك. كما أن بعض هذه
العلائم قريبة من زمن الظهور وبعضها سابق له بفترة طويلة. |
اللغة
الرمزية في أحاديث العلامات
|
كما
تنبغي الإشارة هنا الى أن الأحاديث الشريفة تحدثت عن كثير من علائم الظهور بلغة الرمز والإشارة، لذا من الضروري لمعرفتها على
نحو الدقة دراسة هذه اللغة ومعرفتها، كما ينبغي استجماع كل ماورد بشأن كل
علامة من تفصيلات في الأحاديث الشريفة ودراستها بعيداً
عن التأثر بالقناعات السابقة وبتأنّي وبدقة للتوصل الى مصداقها الحقيقي وعدم الوقوع في التطبيقات العجولة
التي تبعد عن الهدف المراد من
ذكر هذه العلائم،
خاصة وأن اللغة الرمزية بطبيعتها تجعل من الممكن تطبيق كل علامة على أكثر من مصداق وهذا
خلاف الهدف المراد من ذكرها أيضاً. |
أبرز علائم
الظهور
|
والبحث
في علائم الظهور طويل لا يسعه هذا المختصر، فنكتفي بعد
هذه الملاحظات بنقل مالخّصه
الشيخ المفيد (رضي الله عنه) من الأحاديث الشريفة مع الإشارة الى أن ثمة علامات أخرى لم يذكرها. |
زوال علل
الغيبة
|
اضافة
الى هذه العلامات التي نصت عليها الأحاديث الشريفة; فإنّ
المستفاد من الأحاديث الشريفة أن من العلائم المهمة لظهور
الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ ; زوال العلل والعوامل التي أدت الى غيبته وتوفر
الأوضاع المناسبة لقيامه ـ سلام الله عليه ـ بمهمته الإصلاحية الكبرى(تُراجع نصوص الأحاديث الشريفة التي أوردناها في الحديث عن علل
الغيبة الكبرى.)، والتي منها: |
الفصل الثاني: سيرة الإمام
المهدي (عليه السلام) عند الظهور
|
وردت
مجموعة من الأحاديث الشريفة في ذكر عصر الظهور وما يجري فيه، وسيرة
الإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ عند ظهوره وما يحققه الله تبارك وتعالى
على يديه يومذاك. |
خصائص الدولة المهدوية في القرآن الكريم
|
1 ـ اتمام
النور الالهي وإظهار الإسلام على الدين كله:
|
وهذا
ما صرّح به القرآن المجيد في ثلاث من سوره المباركة. |
2 ـ استخلاف صالحي
المؤمنين
|
أ ـ قال تعالى: (ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون)( الأنبياء: 21 / 105.(. |
3 ـ إقامة المجتمع
التوحيدي الخالص
|
واستناداً
لما تقدم يتضح أن من خصائص عصر المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ هو أن تكون مقاليد المجتمع البشري برمته بيد الصالحين
الذين كانوا يُستضعفون في الأرض والذين يمثلون الإسلام المحمدي
الأصيل، فإذا مكنهم الله في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر أي أقاموا المجتمع التوحيدي الخالص الذي يعبد الله وحده لا
شريك له بأمن دونما خوف من كيد منافق أو كافر، ووفّروا بذلك جميع الظروف
اللازمة لتحقق العبادة الحقّة لله والتكامل الانساني في ظلها، لذا فلا حجة
بالمرّة لمن يكفر بعد ذلك (فأولئك هم الفاسقون) حقاً لانهم أعرضوا عن الصراط
المستقيم مع توفر جميع الأوضاع المناسبة لسلوكه وهذه خصوصية أخرى من
خصوصيات عصر المهدي المنتظر ـ ع ـ ، وتفسير ماروي من شدة تعامله مع المنحرفين. |
4 ـ تحقق
الغاية من خلق النوع الانساني
|
قال عزّ وجلّ: (وما خلقت الجن والانس إلاّ ليعبدون) ( سورة الذاريات (51): 56 .(. |
5 ـ انهاء
الردة عن الدين الحق
|
قال عز من قائل: ( يا أيها الذين آمنوا مَن يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين
أعزّة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا
يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) ( المائدة (5): 54 .(. |
تأريخ ومكان
ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)
|
ذكرت
الأحاديث الشريفة أنه(عليه السلام) يظهر في وتر من السنين الهجرية(الإرشاد للشيخ المفيد: 2/379 وعنه في الفصول المهمة: 302
إثبات الهداة(: 3 / 514 .)
أي من الأعوام الفردية، ويكون
ظهوره في يوم الجمعة(إثبات الهداة: 3 / 496.)، فيما ذكرت أحاديث أخرى
أن خروجه يكون يوم السبت العاشر من محرم الحرام(تهذيب
الأحكام للشيخ الطوسي: 4/ 300 وكذلك 333، اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس: 558، كمال الدين: 653، غيبة الطوسي:
274، عقد الدرر للمقدسي الشافعي: 65، البرهان في
علامات مهدي آخر الزمان للمتقي الهندي: 145.)، ولعل الجمع بين التأريخيين هو أن ظهوره يكون يوم الجمعة وفيها يخطب خطبته
في المسجد الحرام فيما يكون خروجه منها باتجاه الكوفة يوم السبت. |
وقفة عند
خطبتي إعلان الثورة
|
ويُلاحظ في الخطبة الأولى تأكيده (عليه السلام) على مخاطبة أتباع جميع الديانات السماوية انطلاقاً من عالمية ثورته الدينية فهو
يمثل خط الانبياء(عليهم السلام) جميعاً ويدعو الى الأهداف السامية
التي نادوا بها جميعاً. هذا أولاً وثانياً
يؤكد(عليه السلام) على تمثيله لمدرسة الثقلين فهو ممثل أهل البيت (ع )
ثاني الثقلين الذي لا يفترق عن الأول ـ أعني
القرآن المجيد ـ لذلك فهم أولى الناس بكتاب الله جل ذكره وأعرفهم بما فيه وبسبل هداية البشرية على نور هداه السماوي. |
إعلان أهداف الثورة
|
أما في الخطبة الثانية التي يلقيها ـ عجل الله فرجه ـ بعد صلاة العشاء، فهو يحدد الأهداف العامة لثورته، وهي الأهداف التي يستنصر
الناس لأجلها، والتي تمثل الوجه الآخر للثأر لمظلومية أهل البيت ومدرستهم
ومنهجهم (عليهم السلام)، فهو يحدد الهدف الأول والعام المتمثل باقامة
التوحيد الخالص الذي بُعث لأجله الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ واُنزلت معهم
الكتب السماوية، وهو الهدف الذي يتجسد من خلال طاعة الله تبارك وتعالى
وطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) ومن خلال إحياء ما أحيا القرآن، وإحياء سنة
رسول الله(ص )، وإماتة ما أماته القرآن وهو الباطل والبدع والشرك وسائر العبوديات الزائفة. فدعوته هي
دعوة الى الله عز وجل وتوحيده والى رسول الله (صلى الله عليه وآله) والعمل بسنته الموصلة الى الله. |
الاستجابة
لاستنصاره ومبايعته
|
وأول
مَن يبادر لبيعته (ع) في المكان الذي يستنصر فيه المسلمين أي مابين الركن والمقام هم
صفوة أنصاره:
«فيُبايع ما بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف، عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر والأبدال
من أهل الشام والأخيار من أهل العراق»(
غيبة الطوسي: 284، وعنه في بحار الأنوار: 52 / 334، واثبات الهداة 3: /517،.). |
خروجه الى
الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية
|
يخرج (ع) بجيشه متوجهاً للكوفة التي يتخذها منطلقاً لتحركه العسكري(بحار الأنوار: 52 / 308،
إثبات الهداة: 3 / 583، 527، 493.) بعد إنهاء فتنة السفياني والخسف الذي يقع
بجيشه في البيداء(تفسير الطبري، 22 : 72، تذكرة
القرطبي: 2 / 693، سنن الدارمي: 104، مسند أحمد: 6 / 290، صحيح مسلم: 4 / 2208، سنن أبي داود: 4 / 108،
سنن ابن ماجة: 2/ 1351، سنن
الترمذي: 4/407، تأريخ البخاري: 5 / 118، سنن النسائي: 5/ 207. وأحاديث الخسف بجيش
السفياني كثيرة مروية في الصحاح وغيرها ومن طرق أهل البيت(ع) أيضاً.). وينشر
راية رسول الله (صلى
الله عليه وآله) المذخورة عنده في نجف الكوفة (تفسير
العياشي: 1 / 103، غيبة النعماني: 308، كمال الدين: 672.). وتنصره الملائكة التي
نصرت جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) في معركة بدر(تفسير
العياشي: 1 / 197، إثبات الهداة: 3 / 549.). وتذكر الأحاديث
الشريفة أنه يواجه وأصحابه وجيشه صعوبات شديدة وتعباً في بداية تحركه العسكري(غيبة النعماني:
297.) وحروبه التي تستمر ثمانية أشهر لتصفية
الجبهة الداخلية فيما تستمر ملاحمه عشرين عاماً(إثبات
الهداة: 3 / 469 بالنسبة للمدة الأولى، وتقول رواية لابن حماد: 127 أن ملاحمه تستمر عشرين
سنة.). |
دخوله بيت
المقدس ونزول عيسى(عليه السلام)
|
تنص
الكثير من الروايات على دخوله(عليه السلام) بيت المقدس بجيشه ضمن إطار حادثة مهمة للغاية، هي نزول نبي الله عيسى بن مريم
المسيح(عليه السلام) الذي بشرت بعودته نصوص الانجيل إضافة الى الأحاديث
الشريفة المرويّة في الكتب الروائية الموثّقة
عند أهل السنة والشيعة(صحيح البخاري: 4 / 305، مسلم: 1
/ 136، تأريخ البخاري: 7 / 233، سنن ابن ماجة: 2/ 1357، سنن الترمذي: 4/ 512، صحيح البخاري: 3 / 107، فتن
ابن حماد: 103 وغيرها كثير
مروية من طرق الفريقين.). وتذكر الأحاديث الشريفة قصة صلاة عيسى صلاة الفجر خلف الإمام المهدي(عليه السلام) بعد أن يرفض
عرض الإمام بأن يتقدم عيسى لإمامة الصلاة معللاً الرفض بأن هذه الصلاة
اُقيمت لأجل الإمام المهدي فيقدّمه ويصلّي خلفه إشارة الى خاتمية الرسالة
المحمدية، وفي ذلك نصرة مهمة للثورة المهدوية حيث توجّهها للعالم الغربي
الذي يدين معظمه بالمسيحية. |
قتل الدجال
وإنهاء حاكمية الحضارات المادية
|
إنّ
معظم الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن نزول عيسى(عليه السلام) تذكر قيامه بكسر الصليب ورجوع النصارى عن تأليهه(الدر المنثور للسيوطي: 2 / 350.) ثم قتل الدجال ـ الذي هو رمز الحضارات
المادية ـ على يديه أو على يدي الامام المهدي بمعونته (عليهما السلام). |
سيرته سيرة
جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله)
|
تنص
الأحاديث الشريفة أنه (عليه السلام) يسير بسيرة جده (صلى الله عليه وآله) الذي قال: «بُعثت بين جاهليتين لاُخراهما شر من أولاهما»( أمالي الشجري: 2 / 77.)، وبيّن لاُمته الكثير
من مظاهر الجاهلية الثانية الأشد شراً، فالمهدي: «يصنع كما صنع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، يهدم ما كان قبله كما هدم رسول
الله(صلى الله عليه وآله) ما كان قبله ويستأنف الإسلام جديداً»( غيبة النعماني: 232، عقد الدرر للمقدسي الشافعي: 227، تهذيب
الأحكام: 6/ 154.) وقد تحدث النبي(صلى الله عليه وآله) عن غربة الإسلام بعده ونقل عنه المسلمون
ذلك(مسند أحمد: 1 / 184، صحيح مسلم: 1 / 130، سنن ابن
ماجة: 2/ 1319، الترمذي: 5:18.). |
إحياء السنة وآثار النبي
(صلى الله عليه وآله)
|
تقوم
حركة المهدي الإصلاحية الكبرى على أساس إحياء السنة المحمدية وإقامتها التي يكون بها قوام كل القيم الإسلامية فهو كما قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): «رجل من عترتي يُقاتل على سنتي كما قاتلت أنا
على الوحي»( فتن ابن حماد: 102، القول المختصر لابن
حجر: 7، برهان المتقي: 95.(
وهو «يقفو أثري لا يُخطئ»( القول المختصر: 10، الفتوحات المكية لابن عربي: 3/ 332.) وهو «رجل منّي اسمه كاسمي يحفظني الله فيه ويعمل بسنتي»( إثبات الهداة: 3/
498.)، فهو «يبين آثار النبي»( إثبات الهداة: 3/ 454.)، ويدعو الناس الى سنة رسول الله (ص ). فهو مجددها كما أنه مجدد الإسلام ويظهر ماخفي واُخفي منها. وقد سمي «المهدي»
لأنه يهدي الناس الى «أمر قد دُثر وضل عنه الجمهور»( سنن الدارمي: 101، فتن ابن حماد: 98، عقد الدرر: 40، اثبات
الهداة: 3/ 527.(. |
شدته مع نفسه
ورأفته باُمته
|
إن
سيرة الإمام المهدي (عليه السلام) مع نفسه واُمته تجسد صورة الحاكم الإسلامي المثالي الذي تكون السلطة عنده وسيلة لخدمة
الناس وهدايتهم لا مصدراً للدخل الوفير والظلم والاستئثار بالأموال واستعباد
الناس، فهو يحيي صورة الحاكم الإسلامي التي جسدها من قبل ـ وبأسمى صورها ـ
أبواه، ومن قبل رسول الله ووصيه الإمام علي ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ
. فهو مع نفسه: «مالباسه إلاّ الغليظ وما طعامه إلاّ الشعير الجشب»( راجع الكافي: 1 / 411، إثبات الهداة: 3 / 515.) وهو الذي «يكون من الله
على حذر، لا يضع حجراً على حجر، ولا يقرع أحداً في ولايته بسوط إلاّ في حد»( ملاحم ابن طاووس: 132.)، أما مع اُمته فهو «الرؤوف الرحيم» بهم وهو الموصوف بأنه «المهدي
كأنما يعلق المساكين الزُّبد»( فتن ابن
حماد: 98، عقد الدرر: 227.)، وهو الصدر الرحب الذي تجد فيه الأمة
ملاذها المنقذ فهي: «تأوي إليه اُمته كما تأوي النحلة الى يعسوبها»( ابن حماد: 99، الحاوي للسيوطي: 2 / 77.) أو «كما تأوي النحل الى
بيوتها»( برهان المتقي الهندي: 78.(. |
سيرته
القضائية
|
والمهدي
الموعود ـ عجل الله فرجه ـ هو الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً كما تواترت بذلك الأحاديث النبوية،
وإنجاز هذه المهمة يحتاج الى سيرة قضائية صارمة، لذلك
فهو يجسد سيرة جده الإمام علي(عليه السلام) الشديدة في تتبع حقوق الناس المغصوبة وأخذها من الغاصب حتى
لو كانت مخبأة تحت ضرس وحتى لو
تزوج بها الحرائر، و:
«يبلغ من ردّ المهدي المظالم، حتى لو كان تحت ضرس إنسان شيء انتزعه حتى يرده» ( ابن حماد: 98، الحاوي: 2 / 83، القول المختصر: 25، عقد
الدرر: 36.). فيبلغ من عدله أن «تتمنى
الأحياء الأموات»( ابن حماد: 99، القول المختصر : 5.) أي يتمنوا عودة الأموات لينعموا ببركات عدله. |
سيرته تجاه
الأديان والمذاهب
|
يزيل
الإمام المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ مظاهر الشرك كافة ويروج التوحيد الخالص: «ولا يبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير
الله إلاّ عُبد الله فيها ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون»( إثبات الهداة: 2/410.)، ويقوم (عليه السلام) بعرض الإيمان على الجميع وينهي الحالة المذهبية فيوحد المذاهب
الإسلامية ويصلح الله به أمر الأمة ويرفع اختلافها ويؤلّف قلوبها(ابن حماد: 102، الطبراني الأوسط: 1 / 136.) على أساس السنة النبوية النقية
وما اُخفي أو ضيّع من قيم الإسلام الأصيلة. فهو كما قال جدّه (صلى الله عليه وآله): «سنته سنتي يقيم الناس على ملتي
وشريعتي»( كمال الدين: 411.(. |
محاربة البدع
ونفي تحريف الغالين والمبطلين
|
وينفي
الإمام المهدي ـ ع ـ عن الدين التحريفات بصورة كاملة ويزيل
كل البدع التي ورثها المسلمون من قرون الابتعاد عن الثقلين والسنة النبوية النقية وتعطيلها وهذا هو
هدف ظهوره : «ليمحو الله به البدع كلها ويميتُ
به الفتن كلها، يفتح الله به باب كلّ حقّ، ويُغلق به كل باب باطل»( ملاحم السيد ابن طاووس:
32.(. |
سيرته
الادارية
|
ويختار
المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ لحكم الأرض ولاةً هم خيرة أصحابه الذين يتحلّون بأعلى كفاءات الوالي الإسلامي من العلم
والفقه والشجاعة والنزاهة والإخلاص(إثبات الهداة:
3/ 494.)، وهو مع ذلك متابع لأمورهم وطريقة قيامهم
بمهامهم ويحاسبهم بشدة فإن: «علامة المهدي أن يكون شديداً على
العمال جواداً بالمال رحيماً بالمساكين»( مسند ابن ابي
شيبة: 15 / 199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/ 77.)، وفي عهده: «يُزاد المحسن في إحسانه ويُتاب على المسيء»( مسند ابن أبي شيبة:
15/199، سنن الدارمي: 101، حاوي السيوطي: 2/77.(. |
سيرته
الجهادية
|
ويقوم
الإمام المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ بالسيف، فظهوره يكون بعد إتمام الحجة البالغة واتضاح الحقائق بالكامل وفتح أبواب الحق
وإغلاق الباطل ووقوع المعجزات والكرامات المبرهنة على تمتعه بالتأييد الإلهي ونصرة
الملائكة البدريين له وامتلاكه قميص يوسف وعصا موسى وحجره وخاتم سليمان ودرع
رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسيفه ورايته وسائر مواريث الأنبياء(عليهم
السلام) وإظهاره لها(إثبات الهداة: 439 ـ 440،
494، 478، 487، وراجع عقد الدرر: 135، الفصول المهمة: 298، كفاية الأثر: 147، ابن حماد: 98، القول المختصر: 34،
برهان المتقي: 152.) وإتضاح تمثيله الصادق لمنهجهم وسعيه لتحقيق أهدافهم الإلهية
وإقرار العدالة السماوية. ومع اتضاح كل ذلك لا يبقى على الباطل
إلاّ المنحرفون المفسدون الذين لا يُرجى منهم إلاّ الفساد والأذى والظلم
الذي يجب أن تُطهر منه الدولة المهدوية، لذلك نلاحظ في سيرة الإمام الجهادية
الصرامة والحزم والحدية في التعامل مع الظالمين والمنحرفين فلا يبقى على
الأرض منهم ديّار ولا يسمح لهم بالنشاط الإفسادي. |
سيرته
المالية
|
يعيد
المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ نظام «التسوية في العطاء»( مسند أحمد: 3 / 37، ملاحم ابن المنادي: 42، ميزان الاعتدال:
3/ 97.) الذي كان
سائداً على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثم غيّر وبُدّل من بعده وأُبتدعت بدله معايير جديدة أحدثت نظام التفاضل الطبقي
بالتدريج بالرغم من التزام الوصي الإمام علي(ع ) إبان خلافته بنظام التسوية
في العطاء وتابعه على ذلك ابنه الحسن(عليه السلام) في شهور خلافته
القليلة لكنه قد غاب بالكامل بعد استشهادهما، وبدأ بنو أمية بالاستئثار
بأموال المسلمين وتقييد العطاء من بيت المال بمصالحهم السياسية وتحويله من
عطاء شرعي الى رشاو مقيتة يستجلبون بها الأنصار لهم على الباطل أو
يشترون به سكوت البعض عن الحق. |
الصورة
العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية
|
ونصل
الآن الى خاتمة هذا الفصل فنعرض فيها على نحو الإجمال أيضاً الصورة التي ترسمها النصوص الشرعية لدولة المهدي الموعود، عجل
الله فرجه . |
الفصل الثالث: قبسات من تراث
الإمام المهدي (عليه السلام)
|
من كلامه في التوحيد ونبذ
الغلوّ
|
«إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسّم الارزاق، لأنه
ليس بجسم ولا حالّ في جسم، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم، وأما الأئمة (ع
) فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق إيجاباً لمسألتهم
وإعظاماً لحقهم» ( غيبة الطوسي: 178،
احتجاج الطبرسي: 2 / 471، إثبات الهداة: 3/ 757.). |
في علة الخلق
وبعث الأنبياء وتعيين الأوصياء
|
يا
هذا يرحمُك الله، إنَّ الله تعالى لم يخلُقِ الخلقَ عبثاً، ولا أهملَهم سُدىً، بل خلقهُمْ بقُدرتِهِ وجَعَلَ لَهم أسماعاً
وأبصاراً وقُلُوباً وألباباً، ثمَّ بعثَ إليهمُ النّبيِّينَ(عليهم السلام)
مُبشّرينَ ومُنذرينَ، يأمُرُونُهم بطاعتهِ وينهونَهم عن معصيته،
ويُعرِّفونَهُمْ ماجهلوهُ من أمرِ خالقهم ودينهم، وأنزلَ عليهم كتاباً
وبَعَثَ إليهم ملائكةً، يأتينَ بينهُم وبينَ مَنْ بعثُهم إليهم بالفضلِ
الّذي جعَلَهُ لَهُم عليهم، وما آتاهُم من الدَّلائلِ الظَّاهرةِ
والبراهينِ الباهرةِ والآياتِ الغالبةِ، فمنهم مَنْ جعلَ النَّارَ عليهِ برداً
وسلاماً، واتّخذهُ خليلاً، ومنهم مَنْ كلَّمهُ تكليماً، وجعل عصاهُ
ثُعباناً مُبيناً، ومنهُم من أحيى الموتى بإذنِ الله، وأبْرأ
الأكمه والأبرص بإذن اللهِ، ومنهم مَنْ علّمهُ منطق الطَّيرِ وأُوتي مِن كُلِّ
شيء ثُمّ بعثَ مُحمّداً صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ رحمةً للعالَمينَ،
وتمّمَ به نعمَتَهُ، وخَتَمَ به أنبياءَه، وأرسلَهُ إلى النَّاسِ
كافَّةً، وأظهر مِن صدقِهِ ما أظهرَ، وبيَّنَ من آياته وعَلاماتِهِ مابيَّنَ،
ثُمَّ قبضهُ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ حميداً فقيداً سعيداً، وجَعَلَ
الأمرَ بعدهُ إلى أخيه وابن عمِّه ووصيِّه ووارثه عليِّ بن أبي طالب(عليه
السلام)، ثُمَّ إلى الأوصياء من وُلدهِ واحداً واحداً، أحيى بهم دينه، وأتمَّ
بهم نورهُ، وجعَلَ بينهم وبين إخوانهم وبني عمِّهِم والأدنَينَ
فالأدنينَ من ذَوِي أرحامهم فُرقاناً بيّناً يُعرفُ به الحُجَّةُ من
المحجُوج، والإمامُ من المأمُوم، بأنْ عصَمَهُم من الذُّنُوبِ، وبرَّأهُمْ من
العُيُوبِ، وطهَّرهُم من الدَّنسِ، ونزَّههُمْ من اللّبسِ، وجعلهُم
خزَّان علمهِ، ومُستودَعَ حكمته، وموضع سرَّه، وأيَّدهُم بالدَّلائل،
ولولا ذلك لكانَ النَّاسُ على سواء، ولادَّعى أمْر الله عزَّ وجلَّ كُلُّ
أحد، ولما عُرفَ الحقُّ من الباطل، ولا العالمُ من الجاهلِ(بحار الأنوار: 53/194، معجم أحاديث الإمام المهدي: 4/382 .(. |
في مقام
الأئمة (عليهم السلام)
|
«الّذي يجبُ عليكُمْ ولكُمْ أن تقُولُوا إنَّا قُدوَةُ
اللهِ وأئمَّةٌ، وخلَفاءُ اللهِ في أرضِهِ واُمَناؤُهُ عَلَى خلقِه،
وحُجَجُهُ في بلادِهِ، نَعرفُ الحلالَ والحرامَ ونعرفُ تأويلَ الكتابِ وفَصلَ
الخطابِ» ( تفسير العياشي: 1 / 16، معجم أحاديث الإمام
المهدي: 4/467 .). |
في انتظام
نظام الإمامة وعدم خلو الأرض من الحجة
|
ومن رسالة له الى سفيريه العمري وابنه: «وَفَّقكُما الله لطاعتهِ، وثبَّتكما على دينهِ، وأسعدَكُما بمرضاته، انتهى إلينا
ماذكرتُما أن الميثمي أخبركُما عن الُمختارِ ومناظراته من لقي،
واحتجاجه بأنَّه لا خلف غيرُ جعفر بن عليَّ وتصديقه إيّاه وفهمتُ جميع ما كتبتما
به ممّا قال أصحابُكما عنهُ، وأنا أعُوذُ بالله من العمى بعد الجلاء،
ومَن الضّلالَةِ بعد الهُدى، ومن مُوبقات الأعمال، ومُرديات الفتن،
فإنَّهُ عزَّ وجلَّ يقولُ: (أ لم * أحسبَ الناسُ
أن يتركُوا أن يقُولوا آمنّا وهم لا يُفتنُونَ)( العنكبوت (29): 1 ـ 2.).
كيف يتساقُطون في الفتنة، ويتردّدُون في الحيرة، ويأخُذُونَ
يميناً وشمالاً، فارقُوا دينهم، أم ارتابُوا، أم عاندوا الحقَّ، أم جهلُوا ما جاءت به الرّوايات الصّادقةُ والأخبارُ
الصّحيحةُ، أو علمُوا ذلك فتناسوا، ما يعلمون أن الأرضَ لا تخلو من حُجّة إمّا
ظاهراً وإمّا مغُموراً.أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم(صلى الله
عليه وآله) واحداً بعد واحد إلى أنْ أفضى الأمر بأمرِ الله عزّ وجلَّ إلى
الماضي يعني الحسن بن علي(ع) )ـ فقام مقام آبائه (ع ) يهدي إلى الحق وإلى طريق مُستقيم، كانُوا نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً،
وقمراً زاهراً، ثُمَّ اختارَ اللهُ عزَّ وجلَّ له ما عندهُ فمضى على
منهاج آبائه(ع ) حَذْوَ النَّعل بالنَّعلِ على عهد عهدهُ، ووصيّة أوصى بها إلى وصيٍّ سترهُ الله عزّ وجلّ بأمره إلى غاية، وأخفى مكانهُ
بمشيئة للقضاء السّابقِ والقدرِ النّافذ، وفينا موضعُهُ، ولنا فضلُهُ،
ولو قدْ أذنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيما قدْ منعهُ عنهُ وأزال عنهُ ما قد جرى به
من حُكمِهِ لأراهُم الحقَّ ظاهراً بأحسنِ حلية، وأبين دلالة، وأوضح
علامة، ولأبانَ عن نفسهِ وقامَ بحُجّتهِ، ولكنَّ أقدار الله عزَّ وجلَّ لا
تُغالبُ وإرادتهُ لا تُردُّ وتوفيقهُ لا يُسبقُ، فليدعُوا عنهمُ اتّباعَ
الهوى، وليُقيمُوا على أصلهمُ الّذي كانُوا عليهِ، ولا يبحثُوا عما سُتر عنهُم
فيأثَموا، ولا يكشفُوا سترَ الله عزَّ وجلَّ فيندموا، وليعلموا أنَّ
الحقَّ معنا وفينا، لا يقُولُ ذلكَ سوانَا إلاّ كذَّابٌ مُفتر، ولا يدَّعيه
غيرُنا إلاّ ضالٌّ غويٌّ، فليقتصرُوا منّا على هذِهِ الجُملةِ دُونَ
التَّفسيرِ، ويقنعُوا من ذلكَ بالتَّعريضِ دُونَ التَّصريحِ إن شاءَ الله(كمال الدين: 510، بحار الأنوار: 53/190، معجم أحاديث المهدي:
4/287.). |
تقوى الله
والنجاة من الفتن
|
يقول(عليه السلام) في رسالته الثانية للشيخ المفيد وهي من الرسائل التي صدرت عنه في غيبته الكبرى: «... فلتكُنْ حرسَكَ اللهُ
بعينهِ الّتي لا تنامُ أن تُقابل لذلكَ فتنةً تسبلُّ نُفُوسَ قوم حرثتْ
باطلاً لاسترهاب المُبطلينَ ويبتهجُ لدمارها المُؤمنُونَ، ويحزنُ لذلكَ الُمجرمُونَ، وآيةُ حركَتِنا من هذهِ اللَّوثَة حادِثَةٌ
بالحرَمِ المُعظَّم من رَجس مُنافق مُذمّم، مُستحلٍّ للدَّمِ
الُمحرَّمِ، يعمدُ بكيدهِ أهل الإيمان ولا يبلُغُ بذلك غرضهُ من الظُّلمِ
لهم والعُدوانِ، لأننا مِنْ ورَاءِ حفظِهمْ بالدُّعاءِ الَّذي لا يُحجبُ
عن مَلِكِ الأرضِ والسَّماء، فلتطمئِنَّ بذلِكَ مِنْ أولِيائنا القُلُوبُ،
ولْيَثَّقُوا بِالكفايَةِ منهُ، وإنْ راعتهُمْ بهمُ الخُطُوبُ،
والعاقبةُ بجميلِ صُنعِ اللهِ سُبحانَهُ تكُون حميدةً لهُمْ ما اجتنبُوا
المنْهيَّ عنهُ مِنَ الذُّنُوبِ. |
رعايته
للمسلمين
|
«... فإنا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم
ومَعْرفَتِنا بالذُّلِّ الَّذي أصابَكُمْ مُذْ جَنَحَ كَثيرٌ منكُمْ
إلى ما كانَ السَّلَفُ الصَّالحُ عنهُ شاسِعاً، ونَبذُوا العهدَ
المأخُوذَ ورَاءَ ظُهُورِهِم كأنَّهُمْ لا يَعلمُونَ. |
الاستعداد
الدائم للظهور
|
فَلْيَعْمَلْ
كُلُّ امْرىء مِنكُمْ بِمَا يَقرُبُ بهِ من مَحَبَّتِنا، ويَتَجَنَّبُ مايُدْنيهِ مِنْ كَراهَتِنا وسَخَطِنا فَإِنَّ
أَمْرَنا بَغتَةٌ فُجاءَةٌ حِينَ لا تنْفَعُهُ تَوْبَةٌ وَلا
يُنجِيهِ مِنْ عقابِنا نَدَمٌ علَى حَوبة واللهُ يُلْهِمُكُمُ الرُّشْدَ،
ويَلْطُفُ لَكُمْ في التَّوفِيقِ بِرَحْمَتِهِ (احتجاج
الطبرسي: 2 / 495.(. |
نماذج من
أجوبته القصيرة
|
ومن أجوبته (عليه السلام) على أسئلة اسحاق بن يعقوب : «أما ماسألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا
فأعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومَن أنكرني فليس منّي
وسبيله سبيل ابن نوح، أما سبيل عمّي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسف (عليه السلام)... |
نماذج من
أدعيته وزياراته
|
من
دعائه للمؤمنين عامة: «إلهي بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ، وَبِحقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، تَفَضَّلْ عَلَى فُقَراءِ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بالْغناءِ وَالثَّرْوَةِ، وَعَلَى
مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَّةِ، وَعَلَى
أحْياءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرَامة، وَعَلَى
أَمْوَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ
وَالرَّحْمَةِ، وَعَلَى غُرَباءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلَى أَوْطانِهِمْ
سَالِمِينَ غَانِمِينَ، بِمُحَمَّد وَآلِهِ أَجْمَعِينَ»( مهج الدعوات للسيد ابن طاووس: 295 الصحيفة المهدية للفيض
الكاشاني112.). من صلواته على النبي(صلى الله عليه
وآله):
«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ،
وَخَاتِمِ النَّبِيِّينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الُمْنَتجَبِ فِي الْمِيثاقِ، الْمُصطَفَى فِي الظِّلالِ،
الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَة، الْبَريءِ مِنْ كُلِّ عَيْب،
الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجاةِ، الْمُرْتَجى لِلشَّفاعَةِ، الْمُفَوَّضِ إَِلْيهِ فِي
دَينِ اللهِ...»( ضمن صلوات طويلة على النبي
وأوصيائه(عليهم السلام)، غيبة الطوسي: 165، الصحيفة المهدية: 53.(. والحمد
لله رب العالمين |
الفهرس أعلام الهداية الإمام المهدي المنتظر خاتم
الأوصياء. الفصل الأول: الإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) في
سطور.
الفصل الثاني: المهدي الموعود (عليه السلام) وغيبته في
بشارات الأديان..
البشارات بالمنقذ في الكتب المقدسة.
رسوخ الفكرة في الديانتين اليهودية والنصرانية.
الإيمان بالمصلح العالمي
في الفكر غير الديني...
طول عمر المصلح في
الفكر الانساني..
الإيمان بالمهدي (عليه
السلام) تجسيد لحاجة فطرية. موقف الفكر الانساني من غيبة المهدي (عليه السلام).
الفكر الديني يؤمن
بظهور المصلح العالمي بعد غيبة. الاختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي....
المهدي الإمامي وحل الاختلاف... البشارات السماوية
لا تنطبق على غير المهدي الإمامي... البشارات وغيبة الإمام
الثاني عشر....
البشارات وخصوصيات المهدي الإمامي... البشارات وأوصاف المهدي
الإمامي...
الاهتداء الى هوية المنقذ على ضوء البشارات...
الاستناد الى بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف....
الاستناد الى ما صدّقه
الاسلام من البشارات...
تأثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية.
الفصل الثالث: المهدي الموعود (عليه السلام) وغيبته في
القرآن الكريم.
مصداق الإمام في عصرنا الحاضر..... إذن فالمتحصل من الآيات الكريمة المتقدمة:. 3ـ لا يخلو زمان من
هاد الى الله بأمره
الفصل الرابع: المهدي الموعود وغيبته في المتفق عليه من
السُنّة.
اتصال وجود الخلفاء
الاثني عشر....
2- الاتفاق على أن المهدي
خاتم الخلفاء الاثني عشر.... 3 ـ
حديث الاُمة الظاهرة القائمة بأمر الله.... 4 ـ
أحاديث عدم خلو الزمان من الإمام القرشي المنقذ من الميتة الجاهلية.
معنى « الأمر » في الكتاب والسنة. الفصل الأول: نشأة الإمام محمّد بن الحسن المهدي
(عليهما السلام).
تواتر خبر ولادته (عليه السلام). خفاء الولادة علامة
المهدي الموعود (عليه السلام). الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام المهدي(عليه السلام).
الفصل الثالث:
الإمام المهدي في ظل أبيه (عليهما السلام). دور الإمام العسكري
(عليه السلام) في إعلان الولادة. حضوره وفاة أبيه (عليه السلام). الفصل الأول: الغيبة الصغرى للإمام المهدي(عليه السلام).
أهدافه (عليه السلام) من الصلاة على أبيه.
غيبتا الإمام المهدي (عليه السلام).
الفصل الثاني: أسباب الغيبة الصغرى والتمهيد لها
تمهيد النبي ( صلى الله عليه وآله ) والائمة (ع) لغيبة
الإمام المهدي (ع). تعقيب السلطة العباسيّة لخبر الإمام عليه السلام.
الفصل الثالث: إنجازات الإمام المهدي (عليه السلام) في
الغيبة الصغرى..
إثبات وجوده و إمامته
عليه السلام.
إكمال ما تحتاجه الأمة
من معارف الاسلام.
لقاء الإمام المهدي(عليه السلام) بأتباعه المؤمنين...
الفصل الأول: الغيبة الكبرى للإمام المهدي(عليه السلام)
وأسبابها
الاطار العام لتحرك
الامام (عليه السلام).
علل الغيبة في الأحاديث الشريفة. علل الغيبة والأسباب التي تذكرها فيها بعض التداخل.. الفصل الثاني: إنجازات الإمام المهدي(عليه السلام) في
غيبته الكبرى..
حفظ الاسلام الصحيح وتسديد العمل الاجتهادي...
أصحاب الإمام (عليه السلام) في غيبته الكبرى..
الالتقاء بالمؤمنين في غيبته الكبرى.. الفصل الثالث: تكاليف عصر الغيبة الكبرى..
الانتظار وتوقّع الظهور الفوري.. الفصل الأول: علائم ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
اللغة الرمزية في أحاديث العلامات... الفصل الثاني: سيرة الإمام المهدي (عليه السلام) عند
الظهور.
خصائص الدولة المهدوية
في القرآن الكريم.
1 ـ
اتمام النور الالهي وإظهار الإسلام على الدين كله:. 3 ـ
إقامة المجتمع التوحيدي الخالص....
4 ـ
تحقق الغاية من خلق النوع الانساني.. 5 ـ
انهاء الردة عن الدين الحق.. تأريخ ومكان ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
خروجه الى الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية.
دخوله بيت المقدس ونزول عيسى (عليه السلام).
قتل الدجال وإنهاء حاكمية الحضارات المادية.
سيرته سيرة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
إحياء السنة وآثار
النبي (صلى الله عليه وآله). سيرته تجاه الأديان والمذاهب... محاربة البدع ونفي تحريف الغالين والمبطلين...
الصورة العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية.
الفصل الثالث: قبسات من تراث الإمام المهدي (عليه
السلام).
من كلامه في التوحيد
ونبذ الغلوّ.
في علة الخلق وبعث الأنبياء وتعيين الأوصياء. في مقام الأئمة (عليهم السلام). في انتظام نظام الإمامة وعدم خلو الأرض من الحجة.
|