- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة الحشرمدنيّة وعَدَدُ
آيَاتِها أربع وعشرون آية
|
|
محتوى
السورة:
|
|
تأخذ هذه السورة بصورة متميّزة قصّة حرب المسلمين مع بعض اليهود (يهود بني النضير) والتي إنتهت بإخراجهم من المدينة وتطهير هذه المدينة المقدّسة
منهم. الخامس: الذي يشمل آية واحدة فقط وهي
الآية الحادية والعشرون ـ فهو عبارة عن وصف بليغ
للقرآن الكريم وبيان أثره في تطهير الروح والنفس. |
|
فضيلة
تلاوة هذه السورة: ذكرت لهذه السورة فضائل عديدة منها:
|
|
ورد في الحديث عن
رسول الله (ص) أنّه قال: «من قرأ سورة
الحشر لم يبق جنّة ولا نار، ولا عرش ولا كرسي ولا حجاب، ولا السماوات السبع ولا
الأرضون السبع، والهوام والرياح والطير والشجر والدواب، والشمس والقمر
والملائكة، إلاّ صلّوا عليه، واستغفروا له، وإن مات من يومه أو ليلته مات شهيداً»( مجمع البيان، ج9، ص255، 256، ونقل القرطبي هذا الحديث أيضاً
في بداية هذه السورة.) . كما نقرأ في حديث
آخر عن الإمام الصادق (ع): «من قرأ إذا أمسى
الرحمن والحشر، وكّل الله بداره ملكاً شاهراً سيفه حتّى يصبح»( المصدر السابق.) . |
|
الآيات(1) (5)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ(1)
|
|
سَبَّحَ لِلَّهِ
مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(1) هُوَ
الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَبِ مِن دِيَرِهِمْ
لاَِوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم
مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللهِ فَأتَهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم
بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَأُوْلِى الاَْبْصَرِ
(2) وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِى
الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الاَْخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ(3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (4) مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَة أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى
أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَسِقِينَ (5) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون
والمحدّثون والمؤرّخون بصورة مفصّلة سبب نزول هذه الآيات، وخلاصة ما ذكروه هي ما يلي: |
|
التّفسير |
|
نهاية
مؤامرة يهود بني النضير:
|
|
بدأت هذه السورة بتنزيه وتسبيح الله وبيان عزّته وحكمته، يقول سبحانه: ( سبّح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم). والخلاصة أنّ المقصود من العبرة والإعتبار
في الآية أعلاه هو الإنتقال المنطقي والقطعي من موضوع إلى آخر، وليس
العمل على أساس التصوّر والخيال. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ الجيوش
الإلهيّة اللا مرئية:
|
|
في الوقت الذي تعتبر القوى
الماديّة أكبر سلاح لتحقيق الإنتصار من وجهة نظر الماديين، فإنّ إعتماد المؤمنين
يتمركز حول محورين (القيم المعنوية والإمكانات المادية)
والذي قرأنا نموذجاً منه في قصّة إندحار بني النضير
كما بيّنت ذلك الآيات السابقة. |
|
2
ـ مؤامرات اليهود المعاصرة
|
إنّ التاريخ الإسلامي إقترن
منذ البداية بمؤامرات اليهود، ففي كثير من الحوادث الأليمة والفجائع الدامية ترى
أصابعهم مشهودة بشكل مباشر أو غير مباشر. والعجيب أنّ هؤلاء نزحوا إلى ديار
الحجاز طمعاً في أن يكونوا في الصفّ الأوّل من أصحاب النبي الموعود إلاّ أنّهم
بعد ظهوره أصبحوا من ألدّ أعدائه. |
|
الآيتان (6) (7)
وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ
خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ
|
|
وَمَا أَفَاءَ
اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ
رِكَاب وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى
كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ (6) مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَمَى
وَالْمَسَكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الاَْغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا ءَاتَكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَكُمْ
عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) |
|
|
سبب
النّزول
|
|
بما أنّ هذه الآيات تكملة
للآيات القرآنية السابقة التي تتحدّث عن إندحار يهود
بني النضير، لذا فإنّ سبب نزولها هو إستمرار
لنفس أسباب نزول الآيات السابقة. والتوضيح كما يلي: |
|
التّفسير
|
|
حكم
الغنائم بغير الحرب:
|
|
إنّ هذه الآيات ـ كما ذكر
سابقاً ـ تبيّن حكم غنائم بني النضير، كما أنّها في نفس الوقت توضّح حكماً عاماً
حول الغنائم التي يحصل عليها المسلمون بدون حرب، كما ذكر ذلك في كتب الفقه
الإسلامي بعنوان (الفيء). |
|
وقد
ذكر في هذه الآية بصورة عامّة ستّ مصارف للفيء.
|
|
وقد ذكر في هذه
الآية بصورة عامّة ستّ مصارف للفيء. |
|
بحوث
|
|
1 ـ مصارف الفيء
|
|
«الفيء» كما قلنا هو الغنائم التي يحصل عليها المسلمون بدون حرب،
وهذه الأموال كانت توضع تحت تصرّف الرّسول (ص) بإعتباره رئيساً للدولة الإسلامية،
وهي أموال كثيرة في الغالب، وخاصّة في بداية الفتوحات الإسلامية ويقدر لهذه
الأموال أن تلعب دوراً هامّاً في تنمية الثروة في المجتمع الإسلامي، خلافاً لما
كان متّبعاً في الجاهلية حيث تقسّم هذه الأموال بين أغنياء القوم فقط، في حين
أنّها وضعت مباشرةً تحت تصرّف رئيس الدولة الإسلامية في التشريع الإسلامي
فيصرفها كما يرى حسب الأولويات. |
|
1 ـ الموارد
الإثني عشر للأنفال هي:
|
|
1 ـ
الموارد الإثني عشر للأنفال هي: ستّة أبواب لمصارف
الفيء، على أن يراعى في صرفها الأولويات الخاصّة. |
2 ـ جواب على
سؤال:
|
|
يمكن أن يطرح هذا
السؤال: كيف ألزم الله سبحانه جميع الناس ـ بدون إستثناء ـ بقبول
التعاليم الصادرة من قبل الرّسول (ص) بدون قيد وشرط؟ |
|
3 ـ القصّة
المؤلمة لـ (فدك)
|
|
«فدك»: إحدى القرى المثمرة في
أطراف المدينة، وتبعد 140كم عن خيبر تقريباً،
ولمّا سقطت قلاع «خيبر» في السنة السابعة للهجرة، الواحدة تلو الاُخرى أمام قوّة
المسلمين، واندحر اليهود .. جاء ساكنو فدك يطلبون الصلح مع رسول الله(ص) وأعطوا نصف أراضيهم وبساتينهم لرسول الله واحتفظوا بالقسم الآخر لأنفسهم، وتعهّدوا للرسول
بزراعة أراضيه وأخذ الاُجرة عوض الجهد الذي يبذلونه. وقد ذكر ابن أبي
الحديد قصّة فدك بصورة مفصّلة في شرح نهج البلاغة(شرح ابن أبي الحديد، ج16، ص209 وما بعدها.، كما ذكرت كذلك في
كتب اُخرى كثيرة.) إلاّ أنّ بعض أصحاب رسول الله (ص) كان يعتقد أنّ وجود (فدك) بيد زوجة الإمام علي (عليه السلام)
تمثّل قدرة إقتصادية يمكن أن تستخدم في مجال التحرّك السياسي الخاصّ بالإمام علي
(عليه السلام). ومن جهة اُخرى كان هنالك موقف
وتصميم على تحجيم حركة الإمام (ع) وأصحابه في المجالات المختلفة، لذا تمّت
مصادرة تلك الأرض بذريعة الحديث الموضوع: (نحن معاشر
الأنبياء لا نورث). مع أنّ (فدك) كانت بيد فاطمة (ع)، وذو اليد لا يطالب
بشهادة أو بيّنة. والجدير بالذكر أنّ الإمام علي (ع) قد أقام الشهادة على أنّ
رسول الله (ص) قد منح فدكاً إلى فاطمة. إلاّ أنّهم مع كلّ هذا لم يرتّبوا أثراً
على هذه الشهادة. |
|
|
الآيات (8) (10) لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يِبْتَغُونَ
فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَناً
|
|
لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يِبْتَغُونَ
فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَناً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ
الصَّدِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالإيمَنَ مِن قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً
مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ
جَاءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَنِ وَلاَ
تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ
رَّحِيمٌ(10) |
|
التّفسير |
|
السمات
الأساسية للأنصار والمهاجرين والتابعين:
|
|
هذه الآيات ـ التي هي إستمرار للآيات السابقة ـ تتحدّث حول طبيعة مصارف الفيء الستّة، التي تشمل الأموال
والغنائم التي حصل عليها المسلمون بغير حرب، وقد أوضحت الآية المعني باليتامى
والمساكين وأبناء السبيل، مع التأكيد على المقصود من أبناء السبيل بلحاظ أنّهم
يشكّلون أكبر رقم من عدد المسلمين المهاجرين في ذلك الوقت، حيث تركوا أموالهم
ووطنهم نتيجة الهجرة، وكانوا فقراء بعد أن هجروا الدنيا من أجل دينهم. ونقرأ في الروايات التي
وصلتنا عن طريق أهل البيت (ع) أنّ المضيف هو الإمام علي (ع) وأطفاله الحسن
والحسين (ع)، والمرأة التي نوّمت الصبية جياعاً هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)( المصدر السابق.) . ونقرأ في حديث عن الإمام
الصادق (ع) أنّه قال لأحد أصحابه: أتدري ما الشحّ؟ فأجاب:
هو البخيل، قال (ع): «الشحّ أشدّ من البخل، إنّ البخيل يبخل ممّا في يده،
والشحيح يشحّ بما في أيدي الناس، وعلى ما في يده، حتّى لا يرى في أيدي الناس
شيئاً إلاّ تمنّى أن يكون له بالحلّ والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزّوجلّ»( نور الثقلين، ج5، ص291، حديث64.) . وبناءً على هذا فإنّ
(الغِلّ) ليس فقط بمعنى الحسد، ولكنّه مفهوم
واسع يشمل الكثير من الصفات الخفيّة والقبيحة أخلاقياً. والتعبير بـ
(إخوان) والإستمداد من الرؤوف الرحيم في نهاية الآية يحكي عن روح المحبّة والصفاء
والاُخوّة التي يجب أن تسود المجتمع الإسلامي أجمع. فكلّ شخص يتمنّى صفة
حسنة لا يتمنّاها لنفسه فحسب، بل للآخرين أيضاً، ولتشمل المجتمع بصورة عامّة،
وبذلك تطهّر القلوب من كلّ أنواع العداء والبغضاء والحسد والحرص، وهذا هو
المجتمع الإسلامي النموذجي. |
|
بحث
|
|
الصحابة
في ميزان القرآن والتاريخ:
|
|
يصرّ بعض المفسّرين ـ بدون الإلتفات إلى الصفات التي مرّت بنا في الآيات
السابقة لكلّ من المهاجرين والأنصار والتابعين ـ على
إعتبار جميع الصحابة بدون إستثناء متّصفين بجميع الصفات الإيجابية (للمهاجرين
والأنصار والتابعين) وأنّهم نموذج يقتدى بهم من حيث نزاهتهم وطهرهم
والتسامح فيما بينهم، وكلّ خلاف صدر منهم أحياناً سواء في زمن الرّسول (ص) أو من
بعده فإنّهم يغضّون النظر عنه، وبهذا اعتبروا كلّ مهاجر وأنصاري وتابع شخصاً
محترماً ومقدّساً بصورة عامّة، دون الإلتفات إلى أعمالهم وتقييمها حسب الموازين
الشرعية. |
|
الآيات(11) (14)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَنِهِمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَبِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ
|
|
أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَنِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَبِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ
أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ
لَكَذِبُونَ(11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا
لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلَّنَّ الاَْدْبَرَ ثُمَّ لاَ
يُنصَرونَ(12) لاََنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِم مِّنَ اللهِ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ (13) لاَ يُقَتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ
فِى قُرىً مُّحَصَّنَة أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرِ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ
تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ
يَعْقِلُونَ (14) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقل بعض المفسّرين
سبباً لنزول الآيات أعلاه، والذي خلاصته ما يلي: إنّ قسماً من منافقي المدينة ـ كعبدالله بن
اُبي وأصحابه ـ أرسلوا شخصاً إلى يهود بني
النضير وأبلغهم بما يلي: أثبتوا في أماكنكم بقوّة، ولا تخرجوا من بيوتكم،
وحصّنوا قلاعكم، وسيكون إلى جنبكم ألفا مقاتل من قومنا مدد لكم، وإنّنا معكم
حتّى النهاية. كما أنّ بني قريظة وقبيلة غطفان والمتعاطفين معكم سيلتحقون بكم
أيضاً. |
|
التّفسير |
|
دور
المنافقين في فتن اليهود:
|
|
بعد بيان ما جرى ليهود بني
النضير في الآيات السابقة، وبيان حالة الأصناف الثلاثة من المؤمنين (المهاجرين والأنصار والتابعين) وخصوصيات كلّ منهم في
الآيات مورد البحث، يتعرّض القرآن الكريم الآن لشرح حالة المنافقين ودورهم في
هذا الحادث، وبيان حالهم بالقياس مع الآخرين، وهذا هو منهج القرآن الكريم، حيث
يعرّف كلّ طائفة بمقارنتها مع الاُخرى. ولا يختّص هذا الأمر بما حدث
تأريخياً في صدر الإسلام، بل إنّنا نلاحظ اليوم بأعيننا نماذج وصوراً حيّة لا
تخفى على أحد، في طبيعة تعامل المنافقين في الدولة الإسلامية مع مختلف الفصائل
المعادية للإسلام، وسوف تصدق أيضاً في المستقبل القريب والبعيد. ومن المسلّم أنّ
المؤمنين الصادقين إذا التزموا بواجباتهم فإنّهم سينتصرون عليهم، ويحبطون خططهم. |
|
الآيات(15) (20)
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَنِ إِذْ قَالَ لِلإنسَنِ
|
|
كَمَثَلِ الَّذِينَ
مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(15) كَمَثَلِ الشَّيْطَنِ إِذْ قَالَ لِلإنسَنِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّى بَرِىءٌ مِّنكَ إِنِّى أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَلَمِينَ (16) فَكَانَ
عَقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِى النَّارِ خَلِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَؤُا
الظَّلِمِينَ(17) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ
نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ (18) وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنَسهُمْ
أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ(19) لاَ يَسْتَوِى أَصْحَبُ النَّارِ
وَأَصْحَبُ الْجَنَّةِ أَصْحَبُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) |
|
التّفسير |
|
حيل
الشيطان والمهالك:
|
|
يستمرّ البحث في هذه الآيات
حول قصّة بني النضير والمنافقين ورسم خصوصية كلّ منهم في تشبيهين رائعين: وعلى كلّ حال فإنّ العذاب الذي يخشاه الشيطان ـ في الظاهر ـ هو عذاب
الدنيا، وبناءً على هذا فإنّ خوفه جدّي وليس هزلا أو مزاحاً، ذلك لأنّ الكثير من
الأشخاص يخشون العقوبات الدنيوية المحدودة، إلاّ أنّهم لا يأبهون للعقوبات
البعيدة المدى ولا يعيرون لها إهتماماً. نعم، التقوى والخوف من الله
يدعوان الإنسان للتفكير بيوم غده (القيامة) بالإضافة إلى السعي إلى تنقية وتخليص
وتطهير أعماله. |
|
بحوث
|
|
1 ـ التعاون
العقيم مع أهل النفاق
|
|
إنّ ما جاء في الآيات أعلاه حول نقض العهد من قبل المنافقين والتخلّي عن حلفائهم في
المواقف الحرجة والحاسمة، هو مسألة ملاحظة في حياتنا العملية أيضاً ..
إنّهم شياطين يعدون هذا وذاك بالعون والدعم ويدفعونهم إلى لهوات الموت، ولكن
حينما تحين ساعة الجدّ والضيق يتخلّون عنهم ويهربون منهم حفاظاً على أنفسهم،
بالإضافة إلى أنّهم يملؤون قلوبهم بالشكّ والوسوسة ويدنسونهم بمختلف الذنوب. وليعلم بهذا كلّ من يروم التعاون مع النفاق وأهله، حيث
سيلقى نفس المصير السابق. |
|
2 ـ قصّة العابد
(برصيصا)
|
|
نقل بعض المفسّرين
وأئمّة الحديث في نهاية الآيات رواية قصيرة
عن عابد إسرائيلي إسمه (برصيصا) وهذه القصّة في
الحقيقة يمكن أن تكون موضع إعتبار وعظة للبشرية أجمع، كي يتجنّبوا طريق الهلاك،
ويحذروا من الوقوع في مصيدة الشراك الشيطانية النخرة والتي تكون نتيجتها ـ حتماً
ـ السقوط في الهاوية. |
|
3 ـ ما ينبغي
عمله
|
|
أكّدت الآيات محل البحث وجوب
إهتمام الإنسان بما يرسله من متاع سلفاً لغده في يوم القيامة، قال تعالى: ( ولتنظر نفس ما قدّمت لغد)
حيث أنّ هذه الذخيرة الاُخروية تمثّل أكبر رأسمال حقيقي للإنسان في مشهد يوم
القيامة، لذا فإنّ هذا النوع من الأعمال الصالحة يلزم إعداده وتهيئته وإرساله
مسبقاً، وإلاّ فلا أحد يهتمّ له بعد وفاته وإنقضاء أجله، وإذا أُرسل شيئاً فليس
له شأن يذكر. |
|
الآيات(21) (24) لَوْ
أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَل لَّرَأَيْتَهُ خَشِعاً مُّتَصَدِّعاً
مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الاَْمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
|
|
لَوْ أَنزَلْنَا
هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَل لَّرَأَيْتَهُ خَشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ
خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الاَْمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ (21)هُوَ اللهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَدَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ
الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَنَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23)
هُوَ اللهُ الْخَلِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الاَْسْمَاءُ الْحُسْنَى
يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ(24) |
|
التّفسير |
|
لو
نزل القرآن على جبل:
|
|
تكملة للآيات السابقة التي
كانت تهدف إلى تحريك النفوس والقلوب الإنسانية، وخاصّة عن طريق التذكير بالنهاية
التي يكون عليها الإنسان، والمصير الذي ينتظره، والذي يجدر أن يهيّئه في أبهى
وأفضل صورة .. تأتي هذه الآيات المباركات التي هي آخر آيات سورة الحشر، والتي تأخذ بنظر
الإعتبار مجمل ما ورد من آيات هذه السورة، لتوضّح حقيقة اُخرى حول القرآن
الكريم، وهي: أنّ هذا الكتاب المبارك له تأثير عميق جدّاً حتّى على الجمادات،
حيث أنّه لو نزل على الجبال لهزّها وحرّكها وجعلها في وضع من الإضطراب المقترن
بالخشوع .. إلاّ أنّه ـ مع الأسف ـ هذا الإنسان القاسي القلب يسمع آيات الله
تتلى عليه ولا تتحرّك روحه ولا يخشع قلبه، يقول سبحانه: ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله وتلك
الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكّرون). ( المصوّر).ولأنّ صفات الله لا تنحصر فقط بالتي ذكرت في هذه الآية
فإنّه سبحانه يشير إلى صفة أساسية لذاته المقدّسة اللامتناهية، حيث يقول عزّوجلّ: ( له الأسماء الحسنى). 7 ـ المؤمن. ومع صفة التوحيد يصبح عدد الصفات ثماني عشرة صفة.
ويرجى الإنتباه إلى أنّ «التوحيد» و «العزيز»
جاء كلّ منها مرّتين. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ التأثير
الخارق للقرآن الكريم
|
|
إنّ لتأثير القرآن الكريم في
القلوب والأفكار واقعية لا تنكر، وعلى طول التاريخ الإسلامي لوحظت شواهد عديدة
على هذا المعنى، وثبت عملياً أنّ أقسى القلوب عند سماعها لآيات محدودة من القرآن
الكريم تلين وتخضع وتؤمن بالذي جاء بالقرآن دفعةً واحدة، اللهمّ عدا الأشخاص
المعاندين المكابرين فقد استثنوا من ذلك حيث طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون،
وليس هنالك من أمل في هداية نفوسهم المدبِرة عن الله سبحانه. |
|
2 ـ عظمة الآيات
الأخيرة لسورة الحشر
|
|
إنّ الآيات الأخيرة لهذه
السورة ـ التي إشتملت على قسم مهمّ من الأسماء والصفات الإلهية ـ آيات خارقة
وعظيمة وملهمة، وهي درس تربوي كبير للإنسان، لأنّها تقول له: إذا كنت تطلب قرب
الله، وتريد العظمة والكمال .. فاقتبس من هذه الصفات نوراً يضيء وجودك. اللهمّ، نقسم عليك
بعظمة أسمائك وصفاتك أن تجعل قلوبنا خاشعة خاضعة أمام القرآن الكريم. نهاية
سورة الحشر |
|
|
|
|
سُورَة الحشرمدنيّة وعَدَدُ
آيَاتِها أربع وعشرون آية
|
|
محتوى
السورة:
|
|
تأخذ هذه السورة بصورة متميّزة قصّة حرب المسلمين مع بعض اليهود (يهود بني النضير) والتي إنتهت بإخراجهم من المدينة وتطهير هذه المدينة المقدّسة
منهم. الخامس: الذي يشمل آية واحدة فقط وهي
الآية الحادية والعشرون ـ فهو عبارة عن وصف بليغ
للقرآن الكريم وبيان أثره في تطهير الروح والنفس. |
|
فضيلة
تلاوة هذه السورة: ذكرت لهذه السورة فضائل عديدة منها:
|
|
ورد في الحديث عن
رسول الله (ص) أنّه قال: «من قرأ سورة
الحشر لم يبق جنّة ولا نار، ولا عرش ولا كرسي ولا حجاب، ولا السماوات السبع ولا
الأرضون السبع، والهوام والرياح والطير والشجر والدواب، والشمس والقمر
والملائكة، إلاّ صلّوا عليه، واستغفروا له، وإن مات من يومه أو ليلته مات شهيداً»( مجمع البيان، ج9، ص255، 256، ونقل القرطبي هذا الحديث أيضاً
في بداية هذه السورة.) . كما نقرأ في حديث
آخر عن الإمام الصادق (ع): «من قرأ إذا أمسى
الرحمن والحشر، وكّل الله بداره ملكاً شاهراً سيفه حتّى يصبح»( المصدر السابق.) . |
|
الآيات(1) (5)
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ(1)
|
|
سَبَّحَ لِلَّهِ
مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(1) هُوَ
الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَبِ مِن دِيَرِهِمْ
لاَِوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم
مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللهِ فَأتَهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم
بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَأُوْلِى الاَْبْصَرِ
(2) وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِى
الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الاَْخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ(3) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ (4) مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَة أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى
أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَسِقِينَ (5) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون
والمحدّثون والمؤرّخون بصورة مفصّلة سبب نزول هذه الآيات، وخلاصة ما ذكروه هي ما يلي: |
|
التّفسير |
|
نهاية
مؤامرة يهود بني النضير:
|
|
بدأت هذه السورة بتنزيه وتسبيح الله وبيان عزّته وحكمته، يقول سبحانه: ( سبّح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم). والخلاصة أنّ المقصود من العبرة والإعتبار
في الآية أعلاه هو الإنتقال المنطقي والقطعي من موضوع إلى آخر، وليس
العمل على أساس التصوّر والخيال. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ الجيوش
الإلهيّة اللا مرئية:
|
|
في الوقت الذي تعتبر القوى
الماديّة أكبر سلاح لتحقيق الإنتصار من وجهة نظر الماديين، فإنّ إعتماد المؤمنين
يتمركز حول محورين (القيم المعنوية والإمكانات المادية)
والذي قرأنا نموذجاً منه في قصّة إندحار بني النضير
كما بيّنت ذلك الآيات السابقة. |
|
2
ـ مؤامرات اليهود المعاصرة
|
إنّ التاريخ الإسلامي إقترن
منذ البداية بمؤامرات اليهود، ففي كثير من الحوادث الأليمة والفجائع الدامية ترى
أصابعهم مشهودة بشكل مباشر أو غير مباشر. والعجيب أنّ هؤلاء نزحوا إلى ديار
الحجاز طمعاً في أن يكونوا في الصفّ الأوّل من أصحاب النبي الموعود إلاّ أنّهم
بعد ظهوره أصبحوا من ألدّ أعدائه. |
|
الآيتان (6) (7)
وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ
خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ
|
|
وَمَا أَفَاءَ
اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ
رِكَاب وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى
كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ (6) مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَمَى
وَالْمَسَكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الاَْغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا ءَاتَكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَكُمْ
عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) |
|
|
سبب
النّزول
|
|
بما أنّ هذه الآيات تكملة
للآيات القرآنية السابقة التي تتحدّث عن إندحار يهود
بني النضير، لذا فإنّ سبب نزولها هو إستمرار
لنفس أسباب نزول الآيات السابقة. والتوضيح كما يلي: |
|
التّفسير
|
|
حكم
الغنائم بغير الحرب:
|
|
إنّ هذه الآيات ـ كما ذكر
سابقاً ـ تبيّن حكم غنائم بني النضير، كما أنّها في نفس الوقت توضّح حكماً عاماً
حول الغنائم التي يحصل عليها المسلمون بدون حرب، كما ذكر ذلك في كتب الفقه
الإسلامي بعنوان (الفيء). |
|
وقد
ذكر في هذه الآية بصورة عامّة ستّ مصارف للفيء.
|
|
وقد ذكر في هذه
الآية بصورة عامّة ستّ مصارف للفيء. |
|
بحوث
|
|
1 ـ مصارف الفيء
|
|
«الفيء» كما قلنا هو الغنائم التي يحصل عليها المسلمون بدون حرب،
وهذه الأموال كانت توضع تحت تصرّف الرّسول (ص) بإعتباره رئيساً للدولة الإسلامية،
وهي أموال كثيرة في الغالب، وخاصّة في بداية الفتوحات الإسلامية ويقدر لهذه
الأموال أن تلعب دوراً هامّاً في تنمية الثروة في المجتمع الإسلامي، خلافاً لما
كان متّبعاً في الجاهلية حيث تقسّم هذه الأموال بين أغنياء القوم فقط، في حين
أنّها وضعت مباشرةً تحت تصرّف رئيس الدولة الإسلامية في التشريع الإسلامي
فيصرفها كما يرى حسب الأولويات. |
|
1 ـ الموارد
الإثني عشر للأنفال هي:
|
|
1 ـ
الموارد الإثني عشر للأنفال هي: ستّة أبواب لمصارف
الفيء، على أن يراعى في صرفها الأولويات الخاصّة. |
2 ـ جواب على
سؤال:
|
|
يمكن أن يطرح هذا
السؤال: كيف ألزم الله سبحانه جميع الناس ـ بدون إستثناء ـ بقبول
التعاليم الصادرة من قبل الرّسول (ص) بدون قيد وشرط؟ |
|
3 ـ القصّة
المؤلمة لـ (فدك)
|
|
«فدك»: إحدى القرى المثمرة في
أطراف المدينة، وتبعد 140كم عن خيبر تقريباً،
ولمّا سقطت قلاع «خيبر» في السنة السابعة للهجرة، الواحدة تلو الاُخرى أمام قوّة
المسلمين، واندحر اليهود .. جاء ساكنو فدك يطلبون الصلح مع رسول الله(ص) وأعطوا نصف أراضيهم وبساتينهم لرسول الله واحتفظوا بالقسم الآخر لأنفسهم، وتعهّدوا للرسول
بزراعة أراضيه وأخذ الاُجرة عوض الجهد الذي يبذلونه. وقد ذكر ابن أبي
الحديد قصّة فدك بصورة مفصّلة في شرح نهج البلاغة(شرح ابن أبي الحديد، ج16، ص209 وما بعدها.، كما ذكرت كذلك في
كتب اُخرى كثيرة.) إلاّ أنّ بعض أصحاب رسول الله (ص) كان يعتقد أنّ وجود (فدك) بيد زوجة الإمام علي (عليه السلام)
تمثّل قدرة إقتصادية يمكن أن تستخدم في مجال التحرّك السياسي الخاصّ بالإمام علي
(عليه السلام). ومن جهة اُخرى كان هنالك موقف
وتصميم على تحجيم حركة الإمام (ع) وأصحابه في المجالات المختلفة، لذا تمّت
مصادرة تلك الأرض بذريعة الحديث الموضوع: (نحن معاشر
الأنبياء لا نورث). مع أنّ (فدك) كانت بيد فاطمة (ع)، وذو اليد لا يطالب
بشهادة أو بيّنة. والجدير بالذكر أنّ الإمام علي (ع) قد أقام الشهادة على أنّ
رسول الله (ص) قد منح فدكاً إلى فاطمة. إلاّ أنّهم مع كلّ هذا لم يرتّبوا أثراً
على هذه الشهادة. |
|
|
الآيات (8) (10) لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يِبْتَغُونَ
فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَناً
|
|
لِلْفُقَرَاءِ
الْمُهَجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَرِهِمْ وَأَمْوَلِهِمْ يِبْتَغُونَ
فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَناً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ
الصَّدِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالإيمَنَ مِن قَبْلِهِمْ
يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً
مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ
جَاءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَنِ وَلاَ
تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ
رَّحِيمٌ(10) |
|
التّفسير |
|
السمات
الأساسية للأنصار والمهاجرين والتابعين:
|
|
هذه الآيات ـ التي هي إستمرار للآيات السابقة ـ تتحدّث حول طبيعة مصارف الفيء الستّة، التي تشمل الأموال
والغنائم التي حصل عليها المسلمون بغير حرب، وقد أوضحت الآية المعني باليتامى
والمساكين وأبناء السبيل، مع التأكيد على المقصود من أبناء السبيل بلحاظ أنّهم
يشكّلون أكبر رقم من عدد المسلمين المهاجرين في ذلك الوقت، حيث تركوا أموالهم
ووطنهم نتيجة الهجرة، وكانوا فقراء بعد أن هجروا الدنيا من أجل دينهم. ونقرأ في الروايات التي
وصلتنا عن طريق أهل البيت (ع) أنّ المضيف هو الإمام علي (ع) وأطفاله الحسن
والحسين (ع)، والمرأة التي نوّمت الصبية جياعاً هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)( المصدر السابق.) . ونقرأ في حديث عن الإمام
الصادق (ع) أنّه قال لأحد أصحابه: أتدري ما الشحّ؟ فأجاب:
هو البخيل، قال (ع): «الشحّ أشدّ من البخل، إنّ البخيل يبخل ممّا في يده،
والشحيح يشحّ بما في أيدي الناس، وعلى ما في يده، حتّى لا يرى في أيدي الناس
شيئاً إلاّ تمنّى أن يكون له بالحلّ والحرام، ولا يقنع بما رزقه الله عزّوجلّ»( نور الثقلين، ج5، ص291، حديث64.) . وبناءً على هذا فإنّ
(الغِلّ) ليس فقط بمعنى الحسد، ولكنّه مفهوم
واسع يشمل الكثير من الصفات الخفيّة والقبيحة أخلاقياً. والتعبير بـ
(إخوان) والإستمداد من الرؤوف الرحيم في نهاية الآية يحكي عن روح المحبّة والصفاء
والاُخوّة التي يجب أن تسود المجتمع الإسلامي أجمع. فكلّ شخص يتمنّى صفة
حسنة لا يتمنّاها لنفسه فحسب، بل للآخرين أيضاً، ولتشمل المجتمع بصورة عامّة،
وبذلك تطهّر القلوب من كلّ أنواع العداء والبغضاء والحسد والحرص، وهذا هو
المجتمع الإسلامي النموذجي. |
|
بحث
|
|
الصحابة
في ميزان القرآن والتاريخ:
|
|
يصرّ بعض المفسّرين ـ بدون الإلتفات إلى الصفات التي مرّت بنا في الآيات
السابقة لكلّ من المهاجرين والأنصار والتابعين ـ على
إعتبار جميع الصحابة بدون إستثناء متّصفين بجميع الصفات الإيجابية (للمهاجرين
والأنصار والتابعين) وأنّهم نموذج يقتدى بهم من حيث نزاهتهم وطهرهم
والتسامح فيما بينهم، وكلّ خلاف صدر منهم أحياناً سواء في زمن الرّسول (ص) أو من
بعده فإنّهم يغضّون النظر عنه، وبهذا اعتبروا كلّ مهاجر وأنصاري وتابع شخصاً
محترماً ومقدّساً بصورة عامّة، دون الإلتفات إلى أعمالهم وتقييمها حسب الموازين
الشرعية. |
|
الآيات(11) (14)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَنِهِمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَبِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ
|
|
أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَنِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
الْكِتَبِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ
أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ
لَكَذِبُونَ(11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا
لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلَّنَّ الاَْدْبَرَ ثُمَّ لاَ
يُنصَرونَ(12) لاََنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِم مِّنَ اللهِ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ (13) لاَ يُقَتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ
فِى قُرىً مُّحَصَّنَة أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرِ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ
تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ
يَعْقِلُونَ (14) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقل بعض المفسّرين
سبباً لنزول الآيات أعلاه، والذي خلاصته ما يلي: إنّ قسماً من منافقي المدينة ـ كعبدالله بن
اُبي وأصحابه ـ أرسلوا شخصاً إلى يهود بني
النضير وأبلغهم بما يلي: أثبتوا في أماكنكم بقوّة، ولا تخرجوا من بيوتكم،
وحصّنوا قلاعكم، وسيكون إلى جنبكم ألفا مقاتل من قومنا مدد لكم، وإنّنا معكم
حتّى النهاية. كما أنّ بني قريظة وقبيلة غطفان والمتعاطفين معكم سيلتحقون بكم
أيضاً. |
|
التّفسير |
|
دور
المنافقين في فتن اليهود:
|
|
بعد بيان ما جرى ليهود بني
النضير في الآيات السابقة، وبيان حالة الأصناف الثلاثة من المؤمنين (المهاجرين والأنصار والتابعين) وخصوصيات كلّ منهم في
الآيات مورد البحث، يتعرّض القرآن الكريم الآن لشرح حالة المنافقين ودورهم في
هذا الحادث، وبيان حالهم بالقياس مع الآخرين، وهذا هو منهج القرآن الكريم، حيث
يعرّف كلّ طائفة بمقارنتها مع الاُخرى. ولا يختّص هذا الأمر بما حدث
تأريخياً في صدر الإسلام، بل إنّنا نلاحظ اليوم بأعيننا نماذج وصوراً حيّة لا
تخفى على أحد، في طبيعة تعامل المنافقين في الدولة الإسلامية مع مختلف الفصائل
المعادية للإسلام، وسوف تصدق أيضاً في المستقبل القريب والبعيد. ومن المسلّم أنّ
المؤمنين الصادقين إذا التزموا بواجباتهم فإنّهم سينتصرون عليهم، ويحبطون خططهم. |
|
الآيات(15) (20)
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَنِ إِذْ قَالَ لِلإنسَنِ
|
|
كَمَثَلِ الَّذِينَ
مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(15) كَمَثَلِ الشَّيْطَنِ إِذْ قَالَ لِلإنسَنِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ
إِنِّى بَرِىءٌ مِّنكَ إِنِّى أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَلَمِينَ (16) فَكَانَ
عَقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِى النَّارِ خَلِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَؤُا
الظَّلِمِينَ(17) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ
نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَد وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ (18) وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنَسهُمْ
أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ(19) لاَ يَسْتَوِى أَصْحَبُ النَّارِ
وَأَصْحَبُ الْجَنَّةِ أَصْحَبُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) |
|
التّفسير |
|
حيل
الشيطان والمهالك:
|
|
يستمرّ البحث في هذه الآيات
حول قصّة بني النضير والمنافقين ورسم خصوصية كلّ منهم في تشبيهين رائعين: وعلى كلّ حال فإنّ العذاب الذي يخشاه الشيطان ـ في الظاهر ـ هو عذاب
الدنيا، وبناءً على هذا فإنّ خوفه جدّي وليس هزلا أو مزاحاً، ذلك لأنّ الكثير من
الأشخاص يخشون العقوبات الدنيوية المحدودة، إلاّ أنّهم لا يأبهون للعقوبات
البعيدة المدى ولا يعيرون لها إهتماماً. نعم، التقوى والخوف من الله
يدعوان الإنسان للتفكير بيوم غده (القيامة) بالإضافة إلى السعي إلى تنقية وتخليص
وتطهير أعماله. |
|
بحوث
|
|
1 ـ التعاون
العقيم مع أهل النفاق
|
|
إنّ ما جاء في الآيات أعلاه حول نقض العهد من قبل المنافقين والتخلّي عن حلفائهم في
المواقف الحرجة والحاسمة، هو مسألة ملاحظة في حياتنا العملية أيضاً ..
إنّهم شياطين يعدون هذا وذاك بالعون والدعم ويدفعونهم إلى لهوات الموت، ولكن
حينما تحين ساعة الجدّ والضيق يتخلّون عنهم ويهربون منهم حفاظاً على أنفسهم،
بالإضافة إلى أنّهم يملؤون قلوبهم بالشكّ والوسوسة ويدنسونهم بمختلف الذنوب. وليعلم بهذا كلّ من يروم التعاون مع النفاق وأهله، حيث
سيلقى نفس المصير السابق. |
|
2 ـ قصّة العابد
(برصيصا)
|
|
نقل بعض المفسّرين
وأئمّة الحديث في نهاية الآيات رواية قصيرة
عن عابد إسرائيلي إسمه (برصيصا) وهذه القصّة في
الحقيقة يمكن أن تكون موضع إعتبار وعظة للبشرية أجمع، كي يتجنّبوا طريق الهلاك،
ويحذروا من الوقوع في مصيدة الشراك الشيطانية النخرة والتي تكون نتيجتها ـ حتماً
ـ السقوط في الهاوية. |
|
3 ـ ما ينبغي
عمله
|
|
أكّدت الآيات محل البحث وجوب
إهتمام الإنسان بما يرسله من متاع سلفاً لغده في يوم القيامة، قال تعالى: ( ولتنظر نفس ما قدّمت لغد)
حيث أنّ هذه الذخيرة الاُخروية تمثّل أكبر رأسمال حقيقي للإنسان في مشهد يوم
القيامة، لذا فإنّ هذا النوع من الأعمال الصالحة يلزم إعداده وتهيئته وإرساله
مسبقاً، وإلاّ فلا أحد يهتمّ له بعد وفاته وإنقضاء أجله، وإذا أُرسل شيئاً فليس
له شأن يذكر. |
|
الآيات(21) (24) لَوْ
أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَل لَّرَأَيْتَهُ خَشِعاً مُّتَصَدِّعاً
مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الاَْمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
|
|
لَوْ أَنزَلْنَا
هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَل لَّرَأَيْتَهُ خَشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ
خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الاَْمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ (21)هُوَ اللهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَدَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللهُ الَّذِى لاَ إِلَهَ
إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ
الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَنَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23)
هُوَ اللهُ الْخَلِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الاَْسْمَاءُ الْحُسْنَى
يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ(24) |
|
التّفسير |
|
لو
نزل القرآن على جبل:
|
|
تكملة للآيات السابقة التي
كانت تهدف إلى تحريك النفوس والقلوب الإنسانية، وخاصّة عن طريق التذكير بالنهاية
التي يكون عليها الإنسان، والمصير الذي ينتظره، والذي يجدر أن يهيّئه في أبهى
وأفضل صورة .. تأتي هذه الآيات المباركات التي هي آخر آيات سورة الحشر، والتي تأخذ بنظر
الإعتبار مجمل ما ورد من آيات هذه السورة، لتوضّح حقيقة اُخرى حول القرآن
الكريم، وهي: أنّ هذا الكتاب المبارك له تأثير عميق جدّاً حتّى على الجمادات،
حيث أنّه لو نزل على الجبال لهزّها وحرّكها وجعلها في وضع من الإضطراب المقترن
بالخشوع .. إلاّ أنّه ـ مع الأسف ـ هذا الإنسان القاسي القلب يسمع آيات الله
تتلى عليه ولا تتحرّك روحه ولا يخشع قلبه، يقول سبحانه: ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله وتلك
الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكّرون). ( المصوّر).ولأنّ صفات الله لا تنحصر فقط بالتي ذكرت في هذه الآية
فإنّه سبحانه يشير إلى صفة أساسية لذاته المقدّسة اللامتناهية، حيث يقول عزّوجلّ: ( له الأسماء الحسنى). 7 ـ المؤمن. ومع صفة التوحيد يصبح عدد الصفات ثماني عشرة صفة.
ويرجى الإنتباه إلى أنّ «التوحيد» و «العزيز»
جاء كلّ منها مرّتين. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ التأثير
الخارق للقرآن الكريم
|
|
إنّ لتأثير القرآن الكريم في
القلوب والأفكار واقعية لا تنكر، وعلى طول التاريخ الإسلامي لوحظت شواهد عديدة
على هذا المعنى، وثبت عملياً أنّ أقسى القلوب عند سماعها لآيات محدودة من القرآن
الكريم تلين وتخضع وتؤمن بالذي جاء بالقرآن دفعةً واحدة، اللهمّ عدا الأشخاص
المعاندين المكابرين فقد استثنوا من ذلك حيث طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون،
وليس هنالك من أمل في هداية نفوسهم المدبِرة عن الله سبحانه. |
|
2 ـ عظمة الآيات
الأخيرة لسورة الحشر
|
|
إنّ الآيات الأخيرة لهذه
السورة ـ التي إشتملت على قسم مهمّ من الأسماء والصفات الإلهية ـ آيات خارقة
وعظيمة وملهمة، وهي درس تربوي كبير للإنسان، لأنّها تقول له: إذا كنت تطلب قرب
الله، وتريد العظمة والكمال .. فاقتبس من هذه الصفات نوراً يضيء وجودك. اللهمّ، نقسم عليك
بعظمة أسمائك وصفاتك أن تجعل قلوبنا خاشعة خاضعة أمام القرآن الكريم. نهاية
سورة الحشر |
|
|
|