- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة الحُجُرَات مدنيّة
وَعَدَدُ آياتها ثماني عشرة آية
|
|
محتوى السورة:
|
|
هذه السورة التي لا تتجاوز 18 آية تحملُ في ما تحمل مسائل مهمة تتعلّق بشخص
النّبي الكريم (ص) والمجتمع الإسلامي
بعضه ببعض وحيث أنّ أغلب المسائل الأخلاقية تدور في هذه السورة فيمكن أن نسمِّي هذه السورة بـ«سورة الأخلاق والآداب»... |
|
فضيلة تلاوة هذه السورة!
|
|
يكفي أن نعرف فضيلة هذه
السورة من حديث نقرؤه عن النّبي في فضلها!... «من قرأ سورة الحجرات اعطي من
الأجر عشر حسنات بعدد من أطاع الله وعصاه». |
|
الآيات( 1 ) (
5 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ اللهِ
وَرسُولِهِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( 1 )
|
|
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ اللهِ وَرسُولِهِ
وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( 1 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ
تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَن تَحْبَطَ
أَعمَلُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ( 2 ) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ
أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ( 3 ) إِنَّ
الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
( 4 )وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً
لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 5 ) |
|
سبب النّزول
|
|
ذكر المفسّرون
لنزول الآية الأُولى من هذه السورة شأناً بل شؤوناً كما ذكروا لنزول الآيات التي بعدها
شؤوناً أُخر! |
|
التّفسير |
|
آداب الحضور عند النبي:
|
|
كما أشرنا آنفاً أنّ في محتوى
هذه السورة قسماً من المباحث الأخلاقية المهمّة والأوامر والتعليمات الإنضباطية
التي تدعونا إلى تسمية هذه السورة بسورة الأخلاق، وهذه المسائل والتعليمات تقع
في الآيات الأوّل من السورة محل البحث ـ والآيات هذه
على نحوين من التعليمات. |
|
بحوث
|
|
1 ـ
الأدب أغلى القيم
|
|
اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً
بمسألة رعاية الأدب، والتعامل مع الآخرين مقروناً بالإحترام والأدب سواءً مع
الفرد أم الجماعة، ونشير إلى طائفة من الأحاديث الشريفة
هنا على أنّها شواهد وأمثال لهذا العنوان... |
|
2 ـ رفع الصوت عند قبر الرسول
|
|
قال جماعة من العلماء
والمفسّرين أنّ الآيات محل البحث كما أنّها تمنع رفع الصوت عند النّبي حال حياته
فهي كذلك شاملة للمنع بعد وفاته(روح المعاني، ج26، ص125.). |
3 ـ الإنضباط الإسلامي في كلّ شيء وفي كلّ مكان!
|
|
إنّ مسألة المديرية لا تتم
بدون رعاية الإنضباط، وإذا أريد للناس العمل تحت مديرية وقيادة ـ حسب رغبتهم،
فإنّ اتساق الأعمال سينعدم عندئذ وإن كان المديرون والقادة جديرين. 2 ـ ومثل آخر ما
حدث في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة حيث أمر النبيّ أن ينادي المنادي: «من لم يسق منكم
هدياً فليحلّ وليجعلها عمرة، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه» ثمّ يؤدّي مناسك الحج وأنّ من جاء بالهدي (وحجّه حجّ إفراد) فعليه أن يبقى على إحرامه... ثمّ
قال (ص) «لولا أنّي سقت الهدي لأحللت، وجعلتها عمرةً، فمن لم يسق هدياً فليحلّ».
إلاّ أنّ جماعة أبوا وقالوا كيف يمكننا أن نحل وما يزال النّبي محرماً أليس قبيحاً أن نمضي للحج بعد أداء العمرة ويسيل منّا ماء
الغسل «من الجنابة». 3 ـ قصة التخلّف عن
جيش أُسامة عندما أراد النّبي (ص)أن
يلتحق بالرفيق الأعلى معروفة حيث أمر (ص) المسلمين أن ينفّذوا جيش أُسامة بن زيد ويتحرّكوا إلى حرب الروم وأمر
المهاجرين والأنصار أن يتحرّكوا مع هذا الجيش... |
|
الآيات( 6 ) (
8 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ
فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَلَة فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَدِمِينَ
|
|
|
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُواْ أَن
تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَلَة فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَدِمِينَ( 6
) وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِير مِنَ
الاَْمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الاِْيمَنَ وَزَيَّنَهُ
فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ
أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ( 7 ) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ( 8 ) |
|
سبب النّزول
|
|
قال بعض المفسّرين
كالطبرسي في مجمع البيان: هناك قولان في
شأن نزول الآية الأولى من الآيات أعلاه، ولكنّ بعضهم اكتفى بقول واحد منهما
كالقرطبي وسيد قطب، ونور الثقلين. |
|
التّفسير |
|
لا تكترث بأخبار الفاسقين:
|
|
كان الكلام في الآيات الآنفة
على ما ينبغي أن يكون عليه المسلمون ووظائفهم أمام قائدهم ونبيّهم محمّد (ص) وقد
ورد في الآيات المتقدّمة أمران مهمّان، الأوّل
أن لا يقدموا بين يديه والآخر هو مراعاة الأدب
عند الكلام معه وعدم رفع الصوت فوق صوته... |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ هداية الله وحريّة الإرادة
|
|
إنّ الآيات الآنفة تجسيدٌ
بيّن لوجهة نظر الإسلام في مسألة «الجبر والإختيار» والهداية والإضلال، لأنّها
توضح هذه اللطيفة ـ بجلاء ـ وهي أنّ الله يهيئ المجال «والأرضية» للهداية والرشد،
فمن جهة يبعث رسوله ويجعله بين الناس وينزل القرآن الذي هو نور ومنهج هداية; ومن
جهة يلقي في النفوس العشق للإيمان ومحبّته; والتنفّر والبراءة من الكفر
والعصيان، لكنْ في النهاية يوكل للإنسان أن يختار ما يشاء ويصمّم بنفسه، ويشرع
سبحانه التكاليف في هذا المجال!... وطبقاً للآيات
المتقدّمة فإنّ عشق الإيمان والتنفّر
من الكفر موجودان في قلوب جميع الناس دون استثناء وإذا لم يكن لدى بعضهم ذلك
فإنّما هو من جهة اخطائهم وسلوكيّاتهم وأعمالهم، فإنّ الله لم يُلقِ في قلب أيّ
شخص حُبَّ العصيان وبغض الإيمان... |
|
2 ـ القيادة والطاعة
|
|
هذه الآيات تؤكد
مرّةً أُخرى أنّ وجود القائد «الإلهي»
ضروري لرشد جماعة ما، بشرط أن يكون مطاعاً لا مطيعاً وأن يتّبع أصحابه وجماعته
أوامره لا أن يؤثّروا عليه ويفرضوا عليه آراءهم (ابتغاء مقاصدهم ومصالحهم). |
|
3 ـ الإيمان نوع من العشق لا إدراك العقل فحسب...
|
هذه الآيات تشير ضمناً إلى
هذه الحقيقة وهي أنّ الإيمان نوع من العلاقة الإلهية الشديدة «والمعنوية» وإن
كانت من الإستدلالات العقلية... ولذلك فإنّنا نقرأ حديثاً عن الإمام الصادق
(عليه السلام) حين سألوه: هل الحب والبغض من الإيمان، فأجاب (عليه السلام): «وهل
الإيمان إلاّ الحبّ والبغض»؟! ثمّ تلا هذه الآية: (...
ولكنّ الله حبَّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق
والعصيان أولئك هم الراشدون)( أصول الكافي، ج2، باب الحب في الله والبغض في الله،
الحديث 5.). |
|
الآيتان( 9 )
( 10 ) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ
بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَتِلُواْ الَّتِى
تَبْغِى
|
|
وَإِن طَائِفَتَانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ
إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ
إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ( 9 ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ( 10 ) |
|
سبب النّزول
|
|
|
ورد في شأن نزول الآيتين ـ
هاتين ـ أنّ خلافاً وقع بين قبيلتي «الأوس» و«الخزرج» «وهما
قبيلتان معروفتان في المدينة» أدّى هذا الخلاف إلى الإقتتال بينهما وأن يتنازعا
بالعصي والهراوات والأحذية فنزلت الآيتان آنفتا الذكر
وعلّمت المسلمين سبيل المواجهة مع أمثال هذه الحوادث(مجمع البيان، ج9، ص132.). |
|
التّفسير |
|
المؤمنون أخوة:
|
|
يقول القرآن هنا قولاً هو
بمثابة القانون الكلّي العام لكلّ زمان ومكان: (وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)( مع أنّ كلمة (طائفتان) مثنى طائفة، إلاّ أنّ
فعلها جاء بصيغة الجمع اقتتلوا لأنّ كلّ طائفة مؤلفة من مجموعة من الأفراد.). |
|
بحثان
|
|
الأوّل: شروط قتال أهل البغي «البُغاة»
|
|
هناك باب في الفقه
الإسلامي بعنوان: «قتال أهل
البغي» ضمن كتاب الجهاد، والمراد منه قتال الظَلَمة الذين ينهضون بوجه «الإمام
العادل في المسلمين» وقد وردت فيهم أحكام كثيرة في هذا الباب... |
|
الثّاني: أهميّة الأخوة الإسلامية
|
|
إنّ جملة: (إنّما المؤمنون أخوة) الواردة في الآيات المتقدّمة
واحدة من الشعارات الأساسية و«المتجذّرة» في الإسلام، فهي شعار عميق، بليغ، مؤثر
وذو معنى غزير... |
|
الآيتان( 11 )
( 12 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى
أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاء
|
|
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً
مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلاَ
تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالاَْلْقَبِ بِئْسَ الاْسْمُ
الْفُسُوقُ بَعْدَ الاِْيَمنِ وَمَن لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ(
11 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضاً
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ( 12 ) |
|
سبب النّزول
|
|
ذكر المفسّرون لهاتين الآيتين شأناً «في
نزولهما» بل شؤوناً مختلفة، منها أنّ جملة (لا
يسخر قومٌ من قوم) نزلت في «ثابت بن قيس»
خطيب النّبي (ص)الذي كان ثقيل السمع وكان حين يدخل المسجد يجلس إلى جنب النّبي
ويُوّفَر له المكان عنده ليسمع حديث النبي، وذات مرّة دخل المسجد والمسلمون
كانوا قد فرغوا من صلاتهم وجلسوا في أماكنهم،
فكان يشقّ الجموع ويقول: تفسّحوا، تفسّحوا حتى وصل إلى رجل من المسلمين فقال له:
اجلسْ (مكانك هنا) فجلس خلفه مُغضَباً حتى انكشفت العُتمة فقال ثابت لذلك الرجل:
من أنت فقال: أنا فلان فقال له: ثابت ابن فلانة؟! وذكر اسم أُمّه بما يكره من
لقبها.. وكانت تعرف به في زمان الجاهلية فاستحيى ذلك الرجل وطأطأ برأسه إلى
الأرض، فنزلت الآية ونهت المسلمين عن مثل هذا العمل.. |
|
التّفسير |
|
الإستهزاء وسوء الظنّ والغيبة والتجسّس والألقاب السيئة حرام!
|
|
حيث أنّ القرآن المجيد اهتمّ
ببناء المجتمع الإسلامي على أساس المعايير الأخلاقية فإنّه بعد البحث عن وظائف
المسلمين في مورد النزاع والمخاصمة بين طوائف المسلمين المختلفة بيَّن في
الآيتين محل البحث قسماً من جذور هذه الإختلافات ليزول الإختلاف (بقطعها) ويُحسم
النزاع! |
|
بحوث
|
|
1 ـ الأمن الإجتماعيُّ الكامل!
|
|
إنّ الأوامر أو التعليمات
الستة الواردة في الآيتين آنفتي الذكر (النهي عن السخرية واللمز والتنابز
بالألقاب وسوء الظن والتجسس والإغتياب) إذا نُفّذت في
المجتمع فإنّ سمعة وكرامة الأفراد في ذلك المجتمع تكون مضمونة من جميع الجهات،
فلا يستطيع أحد أن يسخر من الآخرين ـ على أنّه أفضل ـ ولا يمدّ لسانه باللمز،
ولا يستطيع أن يهتك حرمتهم باستعمال الألقاب القبيحة ولا يحقّ له حتى أن يسيء
الظن بهم، ولا يتجسس عن حياة الأفراد الخاصة ولا يكشف عيوبهم الخفية
(باغتيابهم). |
|
2 ـ لا تجسّسوا!
|
|
رأينا أنّ القرآن يمنع جميع
أنواع التجسس بصراحة تامّة، وحيث إنّه لم يذكر قيداً أو شرطاً في الآية فيدلّ
هذا على أنّ التجسس في أعمال الآخرين والسعي إلى إذاعة أسرارهم إثم، إلاّ أنّ
القرائن الموجودة داخل الآية وخارجها تدل على أنّ هذا الحكم متعلّق بحياة
الأفراد الشخصية والخصوصية. |
|
3 ـ الغيبة من أعظم الذنوب وأكبرها!
|
|
قلنا إنّ رأس مال الإنسان
المهم في حياته ماءُ وجهه وحيثيّته، وأي شيء
يهدّده فكأنّما يهدّد حياته بالخطر. |
|
4 ـ مفهوم الإغتياب؟
|
|
«الغيبة» أو
الإغتياب كما هو ظاهر الاسم ما يقال في غياب الشخص، غاية ما في الأمر أنّه بقوله
هذا يكشف عيباً من عيوب الناس. سواءاً كان عيباً جسدياً أو أخلاقيّاً أو في
الأعمال أو في المقال بل حتى في الأومور المتعلّقة به كاللباس والبيت والزوج
والأبناء وما إلى ذلك! |
|
5 ـ علاج الغيبة والتوبة منها!
|
|
إنّ الغيبة كسائر
الصفات الذميمة تتحوّل تدريجاً إلى صورة مرض
نفسي بحيث يلتذ المغتاب من فعله ويحس بالإغتباط والرضا عندما يريق ماء وجه فلان،
وهذه مرتبة من مراتب المرض القلبي الخطير جداً. |
|
6 ـ موارد الإستثناء!
|
|
وآخر ما ينبغي ذكره
في شأن الغيبة أنّ قانون الغيبة كأي قانون آخر له استثناءات، من جُملتها أنّه يتّفق
أحياناً في مقام «الإستشارة» مثلاً لإنتخاب الزوج أو الشريك في الكسب وما إلى
ذلك أن يسأل إنسان أنساناً آخر، فالأمانة في المشورة التي هي قانون إسلامي مسلّم به توجب
أن تبيّن العيوب إن وجدت في الشخص الآخر لئلاّ يتورّط المسلم في مشكلة، فمثلُ
هذا الإغتياب بمثل هذا القصد لا يكون حراماً. |
|
الآية( 13 )
يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ
شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( 13 ) |
|
التّفسير |
|
التقوى أغلى القيم الإنسانية:
|
|
كان الخطاب في الآيات السابقة
موجّهاً للمؤمنين وكان بصيغة: (يا أيّها الذين آمنوا)
وقد نهى الذكر الحكيم في آيات متعدّدة عمّا يُوقِع المجتمع الإسلامي في خطر،
وتكلّم في جوانب من ذلك. فالله يعرف المتّقين حقّاً وهو مطّلع على درجات تقواهم وخلوص نيّاتهم
وطهارتهم وصفائهم، فهو يكرمهم طبقاً لعلمه ويثيبهم، وأمّا المدّعون الكذَبَة
فإنّه يحاسبهم ويجازيهم على كذبهم أيضاً. |
|
بحثان
|
|
1 ـ القيم الحقّة والقيم الباطلة
|
|
لا شكّ أنّ كلّ إنسان يرغب
بفطرته أن يكون ذا قيمة وافتخار، ولذلك فهو يسعى بجميع
وجوده لكسب القيم... |
|
2 ـ حقيقة التقوى
|
|
كما رأينا من قبل، فإنّ
القرآن جعل أكبر امتياز للقوى، وعدّها معياراً لمعرفة القيم الإنسانية فحسب! |
|
الآيتان( 14 )
( 15 ) قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلكِن قُولُواْ
أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَنُ فِى قُلُوبِكُمْ
|
|
قَالَتِ
الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا
وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَنُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللهَ
وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِنْ أَعمَلِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ( 14 ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ
اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّدِقُونَ( 15 ) |
|
سبب النّزول
|
|
ذكر كثير من
المفسّرين شأناً لنزول الآيتين وخلاصته ما يلي... |
|
التّفسير |
|
الفرق بين الإسلام
والإيمان: |
|
كان الكلام في الآية
المتقدّمة على معيار القيم الإنسانية، أي التقوى، وحيث أنّ التقوى ثمرة لشجرة
الإيمان، الإيمان النافذ في أعماق القلوب، ففي الآيتين الآنفتين بيان لحقيقة
الإيمان إذ تقول الآية الأولى: (قالت الأعراب آمنّا قل
لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم). |
|
الآيات( 16 ) ( 18 ) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَىْء
عَلِيمٌ( 16 )
|
|
قُلْ
أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا
فِى الاَْرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيمٌ( 16 ) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ
أَسْلَمُواْ قُل لاَ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلَمَكُم بَلِ اللهُ يَمُنُّ
عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلاِْيمَنِ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ( 17 ) إِنَّ اللهَ
يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(
18 ) |
|
سبب النّزول
|
|
قال جماعة من المفسّرين إنّه
بعد نزول ما تقدّم من الآيات آنفاً جاء النّبي طائفةٌ من الأعراب وحلفوا أنّهم
صادقون في إدّعائهم بأنّهم المؤمنون وظاهرهم وباطنهم سواء، فنزلت الآية الأولى
من الآيات محل البحث وأنذرتهم أن لا يحلفوا، فالله يعرف باطنهم وظاهرهم، ولا
يخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض(مجمع البيان، الميزان، روح البيان، وتفسير القرطبي.). |
|
التّفسير |
|
لا تمنُّوا عليَّ إسلامكم:
|
|
كانت الآيات السابقة قد بيّنت
علائم المؤمنين الصادقين، وحيث أنّا ذكرنا في شأن النّزول أنّ جماعة جاؤوا
النّبي (ص) وقالوا إنّ ادّعاءهم كان حقيقةً وإنّ الإيمان مستقرٌّ في قلوبهم،
فإنّ هذه الآيات تنذرهم وتبيّن لهم أنّه لا حاجة إلى الإصرار والقسم، كما أنّ
هذا البيان والإنذار هو لجميع الذين على شاكلة تلك الجماعة، فمسألة (الكفر
والإيمان) إنّما يطّلع عليها الله الخبير بكل شيء! أهذه النعمة التي أنعمها الله على الإنسان ذات قيمة، أم ما يمنّه الإنسان
على النبي؟!! إلهنا، أنت عالم بما في قلوبنا، وتعلم نيّاتنا ودوافعناً، فاستر عيوبنا عن
أنظار عبادك، وأصلح ما فسد منّا بكرمك. |
|
|
سُورَة الحُجُرَات مدنيّة
وَعَدَدُ آياتها ثماني عشرة آية
|
|
محتوى السورة:
|
|
هذه السورة التي لا تتجاوز 18 آية تحملُ في ما تحمل مسائل مهمة تتعلّق بشخص
النّبي الكريم (ص) والمجتمع الإسلامي
بعضه ببعض وحيث أنّ أغلب المسائل الأخلاقية تدور في هذه السورة فيمكن أن نسمِّي هذه السورة بـ«سورة الأخلاق والآداب»... |
|
فضيلة تلاوة هذه السورة!
|
|
يكفي أن نعرف فضيلة هذه
السورة من حديث نقرؤه عن النّبي في فضلها!... «من قرأ سورة الحجرات اعطي من
الأجر عشر حسنات بعدد من أطاع الله وعصاه». |
|
الآيات( 1 ) (
5 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ اللهِ
وَرسُولِهِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( 1 )
|
|
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ اللهِ وَرسُولِهِ
وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( 1 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ
تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْض أَن تَحْبَطَ
أَعمَلُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ( 2 ) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ
أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ( 3 ) إِنَّ
الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
( 4 )وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً
لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( 5 ) |
|
سبب النّزول
|
|
ذكر المفسّرون
لنزول الآية الأُولى من هذه السورة شأناً بل شؤوناً كما ذكروا لنزول الآيات التي بعدها
شؤوناً أُخر! |
|
التّفسير |
|
آداب الحضور عند النبي:
|
|
كما أشرنا آنفاً أنّ في محتوى
هذه السورة قسماً من المباحث الأخلاقية المهمّة والأوامر والتعليمات الإنضباطية
التي تدعونا إلى تسمية هذه السورة بسورة الأخلاق، وهذه المسائل والتعليمات تقع
في الآيات الأوّل من السورة محل البحث ـ والآيات هذه
على نحوين من التعليمات. |
|
بحوث
|
|
1 ـ
الأدب أغلى القيم
|
|
اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً
بمسألة رعاية الأدب، والتعامل مع الآخرين مقروناً بالإحترام والأدب سواءً مع
الفرد أم الجماعة، ونشير إلى طائفة من الأحاديث الشريفة
هنا على أنّها شواهد وأمثال لهذا العنوان... |
|
2 ـ رفع الصوت عند قبر الرسول
|
|
قال جماعة من العلماء
والمفسّرين أنّ الآيات محل البحث كما أنّها تمنع رفع الصوت عند النّبي حال حياته
فهي كذلك شاملة للمنع بعد وفاته(روح المعاني، ج26، ص125.). |
3 ـ الإنضباط الإسلامي في كلّ شيء وفي كلّ مكان!
|
|
إنّ مسألة المديرية لا تتم
بدون رعاية الإنضباط، وإذا أريد للناس العمل تحت مديرية وقيادة ـ حسب رغبتهم،
فإنّ اتساق الأعمال سينعدم عندئذ وإن كان المديرون والقادة جديرين. 2 ـ ومثل آخر ما
حدث في حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة حيث أمر النبيّ أن ينادي المنادي: «من لم يسق منكم
هدياً فليحلّ وليجعلها عمرة، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه» ثمّ يؤدّي مناسك الحج وأنّ من جاء بالهدي (وحجّه حجّ إفراد) فعليه أن يبقى على إحرامه... ثمّ
قال (ص) «لولا أنّي سقت الهدي لأحللت، وجعلتها عمرةً، فمن لم يسق هدياً فليحلّ».
إلاّ أنّ جماعة أبوا وقالوا كيف يمكننا أن نحل وما يزال النّبي محرماً أليس قبيحاً أن نمضي للحج بعد أداء العمرة ويسيل منّا ماء
الغسل «من الجنابة». 3 ـ قصة التخلّف عن
جيش أُسامة عندما أراد النّبي (ص)أن
يلتحق بالرفيق الأعلى معروفة حيث أمر (ص) المسلمين أن ينفّذوا جيش أُسامة بن زيد ويتحرّكوا إلى حرب الروم وأمر
المهاجرين والأنصار أن يتحرّكوا مع هذا الجيش... |
|
الآيات( 6 ) (
8 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ
فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَلَة فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَدِمِينَ
|
|
|
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُواْ أَن
تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَلَة فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَدِمِينَ( 6
) وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِير مِنَ
الاَْمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الاِْيمَنَ وَزَيَّنَهُ
فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ
أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ( 7 ) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ( 8 ) |
|
سبب النّزول
|
|
قال بعض المفسّرين
كالطبرسي في مجمع البيان: هناك قولان في
شأن نزول الآية الأولى من الآيات أعلاه، ولكنّ بعضهم اكتفى بقول واحد منهما
كالقرطبي وسيد قطب، ونور الثقلين. |
|
التّفسير |
|
لا تكترث بأخبار الفاسقين:
|
|
كان الكلام في الآيات الآنفة
على ما ينبغي أن يكون عليه المسلمون ووظائفهم أمام قائدهم ونبيّهم محمّد (ص) وقد
ورد في الآيات المتقدّمة أمران مهمّان، الأوّل
أن لا يقدموا بين يديه والآخر هو مراعاة الأدب
عند الكلام معه وعدم رفع الصوت فوق صوته... |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ هداية الله وحريّة الإرادة
|
|
إنّ الآيات الآنفة تجسيدٌ
بيّن لوجهة نظر الإسلام في مسألة «الجبر والإختيار» والهداية والإضلال، لأنّها
توضح هذه اللطيفة ـ بجلاء ـ وهي أنّ الله يهيئ المجال «والأرضية» للهداية والرشد،
فمن جهة يبعث رسوله ويجعله بين الناس وينزل القرآن الذي هو نور ومنهج هداية; ومن
جهة يلقي في النفوس العشق للإيمان ومحبّته; والتنفّر والبراءة من الكفر
والعصيان، لكنْ في النهاية يوكل للإنسان أن يختار ما يشاء ويصمّم بنفسه، ويشرع
سبحانه التكاليف في هذا المجال!... وطبقاً للآيات
المتقدّمة فإنّ عشق الإيمان والتنفّر
من الكفر موجودان في قلوب جميع الناس دون استثناء وإذا لم يكن لدى بعضهم ذلك
فإنّما هو من جهة اخطائهم وسلوكيّاتهم وأعمالهم، فإنّ الله لم يُلقِ في قلب أيّ
شخص حُبَّ العصيان وبغض الإيمان... |
|
2 ـ القيادة والطاعة
|
|
هذه الآيات تؤكد
مرّةً أُخرى أنّ وجود القائد «الإلهي»
ضروري لرشد جماعة ما، بشرط أن يكون مطاعاً لا مطيعاً وأن يتّبع أصحابه وجماعته
أوامره لا أن يؤثّروا عليه ويفرضوا عليه آراءهم (ابتغاء مقاصدهم ومصالحهم). |
|
3 ـ الإيمان نوع من العشق لا إدراك العقل فحسب...
|
هذه الآيات تشير ضمناً إلى
هذه الحقيقة وهي أنّ الإيمان نوع من العلاقة الإلهية الشديدة «والمعنوية» وإن
كانت من الإستدلالات العقلية... ولذلك فإنّنا نقرأ حديثاً عن الإمام الصادق
(عليه السلام) حين سألوه: هل الحب والبغض من الإيمان، فأجاب (عليه السلام): «وهل
الإيمان إلاّ الحبّ والبغض»؟! ثمّ تلا هذه الآية: (...
ولكنّ الله حبَّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق
والعصيان أولئك هم الراشدون)( أصول الكافي، ج2، باب الحب في الله والبغض في الله،
الحديث 5.). |
|
الآيتان( 9 )
( 10 ) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ
بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَتِلُواْ الَّتِى
تَبْغِى
|
|
وَإِن طَائِفَتَانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ
إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُْخْرَى فَقَتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِىءَ
إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ( 9 ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ( 10 ) |
|
سبب النّزول
|
|
|
ورد في شأن نزول الآيتين ـ
هاتين ـ أنّ خلافاً وقع بين قبيلتي «الأوس» و«الخزرج» «وهما
قبيلتان معروفتان في المدينة» أدّى هذا الخلاف إلى الإقتتال بينهما وأن يتنازعا
بالعصي والهراوات والأحذية فنزلت الآيتان آنفتا الذكر
وعلّمت المسلمين سبيل المواجهة مع أمثال هذه الحوادث(مجمع البيان، ج9، ص132.). |
|
التّفسير |
|
المؤمنون أخوة:
|
|
يقول القرآن هنا قولاً هو
بمثابة القانون الكلّي العام لكلّ زمان ومكان: (وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)( مع أنّ كلمة (طائفتان) مثنى طائفة، إلاّ أنّ
فعلها جاء بصيغة الجمع اقتتلوا لأنّ كلّ طائفة مؤلفة من مجموعة من الأفراد.). |
|
بحثان
|
|
الأوّل: شروط قتال أهل البغي «البُغاة»
|
|
هناك باب في الفقه
الإسلامي بعنوان: «قتال أهل
البغي» ضمن كتاب الجهاد، والمراد منه قتال الظَلَمة الذين ينهضون بوجه «الإمام
العادل في المسلمين» وقد وردت فيهم أحكام كثيرة في هذا الباب... |
|
الثّاني: أهميّة الأخوة الإسلامية
|
|
إنّ جملة: (إنّما المؤمنون أخوة) الواردة في الآيات المتقدّمة
واحدة من الشعارات الأساسية و«المتجذّرة» في الإسلام، فهي شعار عميق، بليغ، مؤثر
وذو معنى غزير... |
|
الآيتان( 11 )
( 12 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى
أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاء
|
|
يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً
مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلاَ
تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِالاَْلْقَبِ بِئْسَ الاْسْمُ
الْفُسُوقُ بَعْدَ الاِْيَمنِ وَمَن لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ(
11 ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضاً
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ( 12 ) |
|
سبب النّزول
|
|
ذكر المفسّرون لهاتين الآيتين شأناً «في
نزولهما» بل شؤوناً مختلفة، منها أنّ جملة (لا
يسخر قومٌ من قوم) نزلت في «ثابت بن قيس»
خطيب النّبي (ص)الذي كان ثقيل السمع وكان حين يدخل المسجد يجلس إلى جنب النّبي
ويُوّفَر له المكان عنده ليسمع حديث النبي، وذات مرّة دخل المسجد والمسلمون
كانوا قد فرغوا من صلاتهم وجلسوا في أماكنهم،
فكان يشقّ الجموع ويقول: تفسّحوا، تفسّحوا حتى وصل إلى رجل من المسلمين فقال له:
اجلسْ (مكانك هنا) فجلس خلفه مُغضَباً حتى انكشفت العُتمة فقال ثابت لذلك الرجل:
من أنت فقال: أنا فلان فقال له: ثابت ابن فلانة؟! وذكر اسم أُمّه بما يكره من
لقبها.. وكانت تعرف به في زمان الجاهلية فاستحيى ذلك الرجل وطأطأ برأسه إلى
الأرض، فنزلت الآية ونهت المسلمين عن مثل هذا العمل.. |
|
التّفسير |
|
الإستهزاء وسوء الظنّ والغيبة والتجسّس والألقاب السيئة حرام!
|
|
حيث أنّ القرآن المجيد اهتمّ
ببناء المجتمع الإسلامي على أساس المعايير الأخلاقية فإنّه بعد البحث عن وظائف
المسلمين في مورد النزاع والمخاصمة بين طوائف المسلمين المختلفة بيَّن في
الآيتين محل البحث قسماً من جذور هذه الإختلافات ليزول الإختلاف (بقطعها) ويُحسم
النزاع! |
|
بحوث
|
|
1 ـ الأمن الإجتماعيُّ الكامل!
|
|
إنّ الأوامر أو التعليمات
الستة الواردة في الآيتين آنفتي الذكر (النهي عن السخرية واللمز والتنابز
بالألقاب وسوء الظن والتجسس والإغتياب) إذا نُفّذت في
المجتمع فإنّ سمعة وكرامة الأفراد في ذلك المجتمع تكون مضمونة من جميع الجهات،
فلا يستطيع أحد أن يسخر من الآخرين ـ على أنّه أفضل ـ ولا يمدّ لسانه باللمز،
ولا يستطيع أن يهتك حرمتهم باستعمال الألقاب القبيحة ولا يحقّ له حتى أن يسيء
الظن بهم، ولا يتجسس عن حياة الأفراد الخاصة ولا يكشف عيوبهم الخفية
(باغتيابهم). |
|
2 ـ لا تجسّسوا!
|
|
رأينا أنّ القرآن يمنع جميع
أنواع التجسس بصراحة تامّة، وحيث إنّه لم يذكر قيداً أو شرطاً في الآية فيدلّ
هذا على أنّ التجسس في أعمال الآخرين والسعي إلى إذاعة أسرارهم إثم، إلاّ أنّ
القرائن الموجودة داخل الآية وخارجها تدل على أنّ هذا الحكم متعلّق بحياة
الأفراد الشخصية والخصوصية. |
|
3 ـ الغيبة من أعظم الذنوب وأكبرها!
|
|
قلنا إنّ رأس مال الإنسان
المهم في حياته ماءُ وجهه وحيثيّته، وأي شيء
يهدّده فكأنّما يهدّد حياته بالخطر. |
|
4 ـ مفهوم الإغتياب؟
|
|
«الغيبة» أو
الإغتياب كما هو ظاهر الاسم ما يقال في غياب الشخص، غاية ما في الأمر أنّه بقوله
هذا يكشف عيباً من عيوب الناس. سواءاً كان عيباً جسدياً أو أخلاقيّاً أو في
الأعمال أو في المقال بل حتى في الأومور المتعلّقة به كاللباس والبيت والزوج
والأبناء وما إلى ذلك! |
|
5 ـ علاج الغيبة والتوبة منها!
|
|
إنّ الغيبة كسائر
الصفات الذميمة تتحوّل تدريجاً إلى صورة مرض
نفسي بحيث يلتذ المغتاب من فعله ويحس بالإغتباط والرضا عندما يريق ماء وجه فلان،
وهذه مرتبة من مراتب المرض القلبي الخطير جداً. |
|
6 ـ موارد الإستثناء!
|
|
وآخر ما ينبغي ذكره
في شأن الغيبة أنّ قانون الغيبة كأي قانون آخر له استثناءات، من جُملتها أنّه يتّفق
أحياناً في مقام «الإستشارة» مثلاً لإنتخاب الزوج أو الشريك في الكسب وما إلى
ذلك أن يسأل إنسان أنساناً آخر، فالأمانة في المشورة التي هي قانون إسلامي مسلّم به توجب
أن تبيّن العيوب إن وجدت في الشخص الآخر لئلاّ يتورّط المسلم في مشكلة، فمثلُ
هذا الإغتياب بمثل هذا القصد لا يكون حراماً. |
|
الآية( 13 )
يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ
شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( 13 ) |
|
التّفسير |
|
التقوى أغلى القيم الإنسانية:
|
|
كان الخطاب في الآيات السابقة
موجّهاً للمؤمنين وكان بصيغة: (يا أيّها الذين آمنوا)
وقد نهى الذكر الحكيم في آيات متعدّدة عمّا يُوقِع المجتمع الإسلامي في خطر،
وتكلّم في جوانب من ذلك. فالله يعرف المتّقين حقّاً وهو مطّلع على درجات تقواهم وخلوص نيّاتهم
وطهارتهم وصفائهم، فهو يكرمهم طبقاً لعلمه ويثيبهم، وأمّا المدّعون الكذَبَة
فإنّه يحاسبهم ويجازيهم على كذبهم أيضاً. |
|
بحثان
|
|
1 ـ القيم الحقّة والقيم الباطلة
|
|
لا شكّ أنّ كلّ إنسان يرغب
بفطرته أن يكون ذا قيمة وافتخار، ولذلك فهو يسعى بجميع
وجوده لكسب القيم... |
|
2 ـ حقيقة التقوى
|
|
كما رأينا من قبل، فإنّ
القرآن جعل أكبر امتياز للقوى، وعدّها معياراً لمعرفة القيم الإنسانية فحسب! |
|
الآيتان( 14 )
( 15 ) قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلكِن قُولُواْ
أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَنُ فِى قُلُوبِكُمْ
|
|
قَالَتِ
الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا
وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَنُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللهَ
وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِنْ أَعمَلِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ( 14 ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ
ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ
اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّدِقُونَ( 15 ) |
|
سبب النّزول
|
|
ذكر كثير من
المفسّرين شأناً لنزول الآيتين وخلاصته ما يلي... |
|
التّفسير |
|
الفرق بين الإسلام
والإيمان: |
|
كان الكلام في الآية
المتقدّمة على معيار القيم الإنسانية، أي التقوى، وحيث أنّ التقوى ثمرة لشجرة
الإيمان، الإيمان النافذ في أعماق القلوب، ففي الآيتين الآنفتين بيان لحقيقة
الإيمان إذ تقول الآية الأولى: (قالت الأعراب آمنّا قل
لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم). |
|
الآيات( 16 ) ( 18 ) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَىْء
عَلِيمٌ( 16 )
|
|
قُلْ
أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا
فِى الاَْرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيمٌ( 16 ) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ
أَسْلَمُواْ قُل لاَ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلَمَكُم بَلِ اللهُ يَمُنُّ
عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلاِْيمَنِ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ( 17 ) إِنَّ اللهَ
يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(
18 ) |
|
سبب النّزول
|
|
قال جماعة من المفسّرين إنّه
بعد نزول ما تقدّم من الآيات آنفاً جاء النّبي طائفةٌ من الأعراب وحلفوا أنّهم
صادقون في إدّعائهم بأنّهم المؤمنون وظاهرهم وباطنهم سواء، فنزلت الآية الأولى
من الآيات محل البحث وأنذرتهم أن لا يحلفوا، فالله يعرف باطنهم وظاهرهم، ولا
يخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض(مجمع البيان، الميزان، روح البيان، وتفسير القرطبي.). |
|
التّفسير |
|
لا تمنُّوا عليَّ إسلامكم:
|
|
كانت الآيات السابقة قد بيّنت
علائم المؤمنين الصادقين، وحيث أنّا ذكرنا في شأن النّزول أنّ جماعة جاؤوا
النّبي (ص) وقالوا إنّ ادّعاءهم كان حقيقةً وإنّ الإيمان مستقرٌّ في قلوبهم،
فإنّ هذه الآيات تنذرهم وتبيّن لهم أنّه لا حاجة إلى الإصرار والقسم، كما أنّ
هذا البيان والإنذار هو لجميع الذين على شاكلة تلك الجماعة، فمسألة (الكفر
والإيمان) إنّما يطّلع عليها الله الخبير بكل شيء! أهذه النعمة التي أنعمها الله على الإنسان ذات قيمة، أم ما يمنّه الإنسان
على النبي؟!! إلهنا، أنت عالم بما في قلوبنا، وتعلم نيّاتنا ودوافعناً، فاستر عيوبنا عن
أنظار عبادك، وأصلح ما فسد منّا بكرمك. |
|