- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة الفَتْح مدنيّة
وَعَدَدُ آياتِها تسعٌ وعشرُونَ آية
|
|
محتوى
السورة
|
|
هذه السورة كما هو ظاهر من اسمها تحمل
رسالة الفتح والنصر! الفتح والنصر على أعداء الإسلام، الفتح المبين
والأكيد «سواءً كان هذا
الفتح متعلقاً بفتح مكّة أو بصلح الحديبيّة أو فتح خيبر
أو كان هذا الفتح بشكل مطلق». |
|
فضيلة
تلاوة سورة الفتح:
|
|
تلاحظ روايات عجيبة في فضيلة
هذه السورة في المصادر الإسلامية ففي حديث عن أنس أنّه قال: حين كنّا نعود من
الحديبيّة وكان المشركون قد منعونا من الدخول الى مكّة وأداء مناسك العمرة فكنّا
في حزن وغم شديدين فأنزل الله آيته (إنّا فتحنا لك
فتحاً مبيناً...). |
|
الآية( 1 ) إِنَّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً( 1 )
|
|
إِنَّا فَتَحْنَا
لَكَ فَتْحاً مُبِيناً( 1 ) |
|
التّفسير |
|
الفتح
المبين:
|
|
في الآية الأولى من هذه
السورة بشرى عظيمة للنبيّ (ص)بشرى هي عند النّبي طبقاً لبعض الرّوايات أحبُّ
إليه من الدنيا وما فيها إذ تقول الآية: (إنّا فتحنا لك
فتحاً مبيناً). |
|
قصّة
«صلح الحديبية»:
|
|
في السنة السادسة للهجرة وفي شهر ذي
القعدة منها تحرّك النّبي نحو مكّة لأداء مناسك العُمرة ورغب المسلمين
جميعاً في هذا الأمر.. غير أنّ قسماً منهم امتنع عن ذلك، في حين أنّ معظم
المهاجرين والأنصار وجماعة من أهل البادية عزموا على الاعتمار(الإعتمار مصدر من: اعتمر والعمرة أو اسم مصدر من عمر وكلا
المصدرين بمعنى واحد وهو الزيارة مطلقاً (لغةً) غير أنّه اصطلح عليهما في زيارة
بيت الله خاصّة.) مع النّبي فساروا نحو مكّة!... |
|
الآثار
السياسية والاجتماعية والمذهبية لصلح الحديبية:
|
|
يتّضح بمقايسة إجمالية بين حال المسلمين في السنة السادسة للهجرة «أي عند صلح
الحديبية» وحالهم بعدها بسنتين حيث تحرّك
المسلمون لفتح مكّة بعشرة آلاف مقاتل ليردّوا على نقض العهد بشدّة، وقد فتحوا مكّة دون أية مواجهة عسكرية لأنّ قريشاً لم تجد في
نفسها القدرة على المقاومة أبداً. 6 ـ
وأساساً فإنّ استيحاش قريش من مواجهة الجيش الذي كان يتألّف من ألف وأربعمائة
مسلم فحسب ولا يحمل أي منهم سلاحاً سوى
سلاح السفر وقبول قريش بمعاهدة الصلح كان بنفسه أيضاً عاملاً مهماً على تقوية
المعنويات عند المسلمين وهزيمة أعداء الإسلام إلى درجة
أنّهم كانوا يتهيّبون من مواجهة المسلمين!. |
|
والآن
لنعد ثانية إلى تفسير الآيات!..
|
|
نستطيع أن ندرك ممّا ذكر
آنفاً ـ بشكل جيد ـ أنّ صلح الحديبيّة كان بحق
انتصاراً للإسلام وفتحاً للإسلام والمسلمين فلا غرابة
أن يعبِّر عنه القرآن بالفتح المبين!. |
|
الآيتان( 2 ) ( 3 )
لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً
|
|
لِيَغْفِرَ لَكَ
اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً( 2 ) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْرَاً
عَزِيزاً( 3 ) |
|
التّفسير |
نتائج
الفتح المبين الكبرى:
|
|
في هاتين الآيتين بيان
للنتائج المباركة من «الفتح المبين» |
|
بحثان
|
|
|
1 ـ الإجابة على
بعض الأسئلة المهمة:
|
|
تثار هنا أسئلة كثيرة دأب المفسّرون منذ زمن قديم حتى يومنا هذا بالإجابة
على هذه الأسئلة! ولكن حين ينال الانتصار وتحظى
مناهجه وخططه بالموفقية فإنّ تلك النسب تمضي كما لو كانوا قد رقموا على الماء!!
وتتبدّل جميع أقوالهم إلى حسرات وندامة ويقولون عندئذ لم نكن نعلم! وبتعبير آخر أنّ «الذنب» في اللغة يعني
الآثار السيئة والتبعات التي تنتج عن العمل غير المطلوب، فكان ظهورُ الإسلام في البداية تدميراً لحياة المشركين، غير أنّ انتصاراته المتلاحقة
والمتتابعة كانت سبباً لنسيان تلك التبعات. وقال بعضهم: المراد بما تقدّم هو ما تقدّم على صلح الحديبية، وما
تأخّر أي ما تأخّر عنها من أمور وحوادث!. |
|
الآية( 4 ) هُوَ
الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ
إِيمَناً مَعَ إِيمَنِهِمْ وَللهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ
|
|
هُوَ الَّذِى
أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ إِيمَناً مَعَ
إِيمَنِهِمْ وَللهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ والاَْرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً
حَكِيماً( 4 ) |
|
التّفسير |
|
نزول
السكينة على قلوب المؤمنين:
|
|
ما قرأناه في الآيات السابقة
هو ما أعطاه الله من مواهب عظيمة لنبيّ الإسلام(ص) بالفتح المبين «صلح
الحديبية»، أمّا في الآية أعلاه فالكلام عن الموهبة العظيمة التي تلطف الله بها
على جميع المؤمنين إذ تقول الآية:(هو الذي أنزل السكينة
في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ السكينة التي
لا نظير لها!
|
|
إذا لم يكن للإيمان أية ثمرة
سوى مسألة السكينة لكان على الإنسان أن يتقبَّله! فكيف به وهو يرى آثاره وثمراته
وبركاته!. |
|
2 ـ سلسلة مراتب
الإيمان:
|
الإيمان، سواءً بمعنى العلم
والمعرفة، أم روح التسليم والاذعان للحق فإنّ له درجات وسلسلة مراتب، لأنّ العلم
له درجات، والتسليم والاذعان لهما درجات مختلفة أيضاً، حتى العشق والحب الذي هو
توأم الإيمان يتفاوت من حالة إلى أُخرى! |
|
3 ـ ركني
السكينة:
|
|
قرأنا في ذيل الآية محل البحث
جملتين، كلٌّ منهما تمثّل ركناً من أركان «السكينة» والإطمئنان للمؤمنين. |
|
الآيات( 5 ) ( 7 )
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ جَنَّات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا
الاَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
|
|
|
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَتِ جَنَّات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا
وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذلِكَ عِندَ اللهِ فَوْزاً
عَظِيماً( 5 ) وَيُعَذِّبَ الْمُنَفِقِينَ وَالْمُنَفِقَتِ وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُشْرِكَتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ
السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيراً( 6 ) وَللهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَكَانَ اللهُ
عَزِيزاً حَكِيماً( 7 ) |
|
التّفسير |
|
نتيجة
أُخرى من الفتح المُبين:
|
|
نقل جماعة من مفسّري الشيعة وأهل السنّة أنّه حين بشّر النّبي
(ص)«بالفتح المبين» و«إتمام النعمة» و«الهداية» و«النصرة».. قال بعض المسلمين ممّن كان مستاءً من صلح الحديبيّة: هنيئاً لك يا رسول الله! لقد بيّن لك الله ماذا
يفعل بك! فماذ يفعل بنا فنزلت الآية (ليُدخل المؤمنين والمؤمنات)(
تفسير المراغي، ج26، ص85 وتفسير أبو الفتوح الرازي، ج10، ص26 وتفسير روح المعاني
للآلوسي، ج26، ص86.). من هم الظانّون بالله ظنّ السوء؟! |
|
الآيات( 8 ) ( 10 )
إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً( 8 ) لِتُؤْمِنُواْ
بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلاً
|
|
إِنَّا
أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً( 8 ) لِتُؤْمِنُواْ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً(
9 ) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ
فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَن
أَوْفَى بِمَا عَهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً( 10 ) |
|
التّفسير |
|
مكانة
النّبي وواجب الناس تجاهه!
|
|
قلنا إنّ بعض الجهلاء اعترضوا
بشدّة على صلح الحديبيّة وحتى أنّ بعض تعبيراتهم لم تخل من عدم الإحترام بالنسبة
إلى النّبي (ص)وكان مجموع هذه الأُمور يستوجب أن يؤكّد القرآن مرّةً أُخرى على
عظمة النّبي(ص) وجلالة قدره!. |
|
الآيات( 11 ) ( 14 )
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَّا
وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم
|
|
سَيَقُولُ لَكَ
الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَّا وَأَهْلُونَا
فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ
قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرَّاً أَوْ
أَرَادَ بِكُمْ نَفْعَاً بَلْ كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً( 11 )
بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى
أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِى قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ
السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً( 12 ) وَمَن لَمْ يؤْمِنْ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَفِرِينَ سَعِيراً( 13 ) وَللهِِ مُلْكُ
السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ
وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً( 14 ) |
|
التّفسير |
|
اعتذار
المخلفين:
|
|
ذكرنا ـ في تفسير الآيات الآنفة ـ أنّ النّبي (ص) توجّه من
المدينة إلى مكّة مع ألف وأربعمائة من صحابته «للعُمرة»!. وقد أُبلغ عن النّبي جميع من في البادية من القبائل أن يحضروا معه في سفره
هذا، إلاّ أنّ قسماً من ضعيفي الإيمان لووا رؤوسهم عن هذا الأمر وأعرضوا عنه
وكان تحليلهم هو أنّ المسلمين لا يستطيعون الحفاظ على أرواحهم في هذا السفر في
حين أنّ كفار قريش كانوا في حالة حرب مع المسلمين وقاتلوهم في أُحد والأحزاب على
مقربة من المدينة، فإذا توجّهت هذه الجماعة القليلة العزلاء من كلّ سلاح نحو
مكّة وعرّضت نفسها إلى العدو المدجّج بالسلاح. فكيف ستعود إلى بيوتها بعدئذ؟! |
|
ملاحظة
|
|
تعليل
الذنب وتوجيهه مرض عامٌ:
|
|
مهما كان الذنب كبيراً فإنّه
ليس أكبر من تبريره وتوجيهه، لأنّ المذنب المعترف بالذنب غالباً ما يؤوب للتوبة،
لكنّ المصيبة تبدأ حين يقوم المذنب بتبرير ذنوبه، فلا ينغلق باب التوبة بوجه
الإنسان فحسب بل يتجرّأ على الذنب ويشتدّ على مقارفته! |
|
الآيات( 15 ) ( 17 )
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا
ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَمَ اللهِ
|
|
سَيَقُولُ
الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا
نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَمَ اللهِ قُل لَن تَتَّبِعُونَا
كَذلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ
كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً( 15 ) قُل لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ
الاَْعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْم أُولِى بَأْس شَدِيد تُقَتِلُونَهُمْ
أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن
تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً(
16 ) لَيْسَ عَلَى الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاَْعرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى
الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّت تَجْرِى
مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ وَمَن يَتَوَلَّ يعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً( 17 ) |
|
التّفسير |
|
المخلّفون
الانتهازيّون:
|
|
يعتقد أغلب المفسّرين أنّ هذه الآيات ناظرة إلى «فتح خيبر» الذي كان في بداية
السنة السابعة للهجرة وبعد صلح الحديبيّة!
وتوضيح ذلك أنّه طبقاً للرّوايات حين كان النّبي (ص) يعود من الحديبيّة بشّر
المسلمين المشتركين بالحديبيّة ـ بأمر الله ـ بفتح
خيبر، وصرّح أن يشترك في هذه الحرب من كان في الحديبيّة من المسلمين فحسب، وأنّ
الغنائم لهم وحدهم ولن ينال المخلّفين منها شيء أبداً. |
|
الآيتان( 18 ) ( 19 )
لَقَدْ رَضِىَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ
|
|
لَقَدْ رَضِىَ
اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا
فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَبَهُمْ فَتْحاً
قَرِيباً ( 18 )وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً
حَكِيماً( 19 ) |
|
التّفسير |
|
رضي
الله عن المشتركين في بيعة الرضوان:
|
|
ذكرنا آنفاً أنّه في الحديبيّة
جرى حوار بين ممثلي قريش والنّبي (ص)وكان من ضمن السفراء «عثمان بن عفان» الذي
تشدّه أواصر القُربى بأبي سفيان، ولعلّ هذه العلاقة كان لها أثر في انتخابه
ممثلاً عن النّبي (ص) فبعثه إلى أشراف مكّة ومشركي قريش ليطلعهم على أنّ النّبي
لم يكن يقصد الحرب والقتال بل هدفه زيارة بيت الله واحترام الكعبة المشرّفة
بمعية أصحابه.. إلاّ أنّ قريشاً أوقفت عثمان مؤقتاً
وشاع على أثر ذلك بين المسلمين أنّ عثمان قد قُتل! فقال النّبي (ص): لا
أبرح مكاني هذا حتى أقاتل عدوّي! |
|
بحث
|
|
البيعة
وخصوصيّاتها!
|
|
«البيعة»
من مادة «بيع» وهي في الأصل إعطاء اليد عند إقرار المعاملة. ثمّ أطلق هذا التعبير على مدّ اليد على المعاهدة، وهكذا
كانت حين كان الشخص يريد أن يعلم الآخر بوفائه له وأن يطيع أمره ويعرفه رسميّاً
فيبايعه ويمدّ له يده، ولعلّ إطلاق هذه الكلمة من جهة
أنّ كلاًّ من الطرفين يتعهّد كما يتعهّد ذوا المعاملة فيما بينهما، وكان المبايع
مستعداً أحياناً أن يضحّي بروحه أو بماله أو بولده في سبيل الطاعة! والذي يقبل
البيعة يتعهّد على رعايته وحمايته والدفاع عنه!.. «والتعبير بالعصر لعلّه لشرف هذا الوقت أو
لأنّ كثيراً من الباعة يبيعون أجناسهم بالقيمة التي اشتروها في هذا الوقت». |
|
الآيتان( 20 ) ( 21 )
وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ
وَكَفَّ أَيْدِىَ النَّاسِ عَنكُمْ
|
|
وَعَدَكُمُ اللهُ
مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِىَ
النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ ءآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً
مُسْتَقِيماً( 20 ) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ
بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيراً( 21 ) |
|
التّفسير |
|
من
بركات صلح الحديبيّة مرّةً أخرى!
|
|
تتحدّث هاتان الآيتان كالآيات
السابقة المتعلّقة بصلح الحديبيّة والوقائع التالية لها ـ عن البركات وما حصل
عليه المسلمون من غنائم في هذا الطريق. |
|
ملاحظة
|
|
قصة
غزوة خيبر:
|
|
لمّا عاد النّبي (ص) من الحديبيّة
نحو المدينة أمضى شهر ذي الحجة كلّه وأياماً من شهر محرم الحرام من السنة
السابعة للهجرة في المدينة، ثمّ تحرّك بألف وأربعمائة نفر من المسلمين الذين
كانوا حضروا الحديبيّة نحو «خيبر» |
|
الآيات( 22) ( 25 )
وَلَوْ قَتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوَلَّوُا الاَْدْبَرَ ثُمَّ لاَ
يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً( 21 ) سُنَّةَ اللهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلُ
|
|
وَلَوْ قَتَلَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوَلَّوُا الاَْدْبَرَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ
نَصِيراً( 22) سُنَّةَ اللهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ
لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً( 23 ) وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ
عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً( 24 ) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْىَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ
مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُم مِنْهُم مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْم
لِيُدْخِلَ اللهُ فِى رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوْا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً( 25 ) |
|
التّفسير
|
|
لو
حَدَثتِ الحرب في الحديبيّة!؟
|
|
هذه الآيات تتحدّث أيضاً عن
أبعاد أُخر لما جرى في الحديبيّة وتشير إلى «لطيفتين»
مهمّتين في هذا الشأن! |
|
الآية( 26 ) إِذْ
جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
الْجَهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ
|
|
إِذْ جَعَلَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَهِلِيَّةِ
فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا
وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيماً( 26 ) |
|
التّفسير |
|
التعصّب
«وحمية الجاهلية» أكبر سدٍّ في طريق الكفّار:
|
|
هذه الآية تتحدّث مرّة أُخرى
عن (مجريات) الحديبيّة وتجسّم ميادين أُخرى من قضيتها العظمى.. فتشير أوّلاً إلى
واحد من أهم العوامل التي تمنع الكفار من الإيمان بالله ورسوله والإذعان
والتسليم للحق والعدالة فتقول: (إذ جعل الذين كفروا في
قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية)( يستوفي الفعل
(جعل) مفعولاً واحداً أحياناً وذلك إذا كان معناه «الإيجاد» كالآية محل البحث
وفاعله الذين كفروا ومفعوله الحمية والمراد بالإيجاد هنا البقاء على هذه الحالة
والتعلّق بها، وقد يستوفي هذا الفعل (جعل) مفعولين وذلك إذا كان بمعنى (صار).). |
|
ملاحظة
|
|
ما
هي حميّة الجاهلية؟!
|
|
قلنا أنّ «الحميّة» في الأصل من مادة
«حَمِي» ومعناها الحرارة، ثمّ صارت تستعمل في
معنى الغضب، ثمّ استعملت في النخوة والتعصّب الممزوج بالغضب أيضاً.. |
|
الآية( 27 ) لَقَدْ
صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
|
|
لَقَدْ صَدَقَ
اللهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ
إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ
تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذلِكَ فَتْحاً
قَرِيباً( 27 ) |
|
التّفسير |
|
رؤيا
النّبي الصادقة:
|
|
هذه الآية ـ أيضاً
ـ ترسم جانباً آخر من جوانب قصة
الحديبيّة المهمّة، والقصة كانت على النحو التالي: فنزلت الآية الآنفة في هذا الصدد والنّبي عائد من الحديبية إلى المدينة وأكّدت أنّ هذه الرؤيا
كانت صادقة ولابدّ أنّها كائنة... تقول الآية: (لقد صدق
الله رسوله الرؤيا بالحق)( «صدق» فعل ماض قد
يستوفي مفعولين كما هي الحال في الآية الآنفة فرسوله مفعول به أوّل والرؤيا
مفعول ثان، وقد يستوفي هذا الفعل مفعولاً واحداً يتعدّى إلى المفعول الثّاني بفي
كقولك صدقته في حديثه.) فما رآه النّبي في المنام كان حقّاً وصدقاً. |
|
ملاحظات
تلفت النظر:
|
|
وفي الآية الكريمة
عدّة ملاحظات تلفت النظر: |
|
عمرة
القضاء:
|
|
عمرة القضاء هى العمرة التي أدّاها النّبي (ص) مع أصحابه بعد صلح الحديبيّة بعام، أي في ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة (على وجه الدقّة
بعد عام من منع المشركين أن يدخل الرّسول وأصحابه مكّة). |
|
الآيتان( 28 ) ( 29 )
هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً( 28 )
|
|
هُوَ الَّذِى
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً( 28 ) مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً
سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيَماهُمْ فِى
وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِى الاِْنجِيلِ كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْئَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ مِنْهُم
مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً( 29 ) |
|
التّفسير |
|
(أشدّاء على
الكفّار رحماء بينهم):
|
|
في هاتين الآيتين اللتين بهما
تنتهي سورة الفتح إشارة إلى مسألتين مهمّتين من «الفتح
المبين» أي «صلح الحديبيّة» احداهما
تتعلّق بعالميّة الإسلام والثانية تتعلّق بأوصاف أصحاب النّبي وخصائصهم وما وعدهم الله سبحانه
به! |
|
بحثان
|
|
1 ـ قصة تنزيه
الصحابة!
|
|
المعروف بين علماء أهل السنّة أنّ صحابة رسول الله جميعاً أولو امتياز
خاص دون سائر الناس من أُمّة محمّد فهم مطهّرون أزكياء معصومون من الزلل وليس
لنا الحق في انتقاص أي منهم أو انتقاده ويحرم الإساءة إليهم بالكلام وغيره، حتى
أنّ بعضهم قال بكفر من يفعل ذلك واستدلّوا على ذلك بآيات من الذكر الحكيم منها
هذه الآية: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم
مغفرةً وأجراً عظيماً)... |
|
2 ـ المحبّة
الإسلامية المتبادلة
|
|
في الروايات الإسلامية
الواردة في تفسير الآية الأخيرة من سورة الفتح تأكيد لا مزيد عليه على قوله
تعالى: (رحماء بينهم) ومن بين هذه الروايات ما
نقرأه عن الإمام الصادق (ع): «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه
ويحقّ على المسلم الإجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل
الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض، حتى تكونوا كما أمركم الله عزَّ وجلَّ رحماء بينكم
متراحمين، مغتّمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد
رسول الله»( أصول الكافي ـ طبقاً لتفسير نور الثقلين،
ج5، ص77، الحديث 91.) . آمين
يا ربّ العالمين |
|
|
|
|
سُورَة الفَتْح مدنيّة
وَعَدَدُ آياتِها تسعٌ وعشرُونَ آية
|
|
محتوى
السورة
|
|
هذه السورة كما هو ظاهر من اسمها تحمل
رسالة الفتح والنصر! الفتح والنصر على أعداء الإسلام، الفتح المبين
والأكيد «سواءً كان هذا
الفتح متعلقاً بفتح مكّة أو بصلح الحديبيّة أو فتح خيبر
أو كان هذا الفتح بشكل مطلق». |
|
فضيلة
تلاوة سورة الفتح:
|
|
تلاحظ روايات عجيبة في فضيلة
هذه السورة في المصادر الإسلامية ففي حديث عن أنس أنّه قال: حين كنّا نعود من
الحديبيّة وكان المشركون قد منعونا من الدخول الى مكّة وأداء مناسك العمرة فكنّا
في حزن وغم شديدين فأنزل الله آيته (إنّا فتحنا لك
فتحاً مبيناً...). |
|
الآية( 1 ) إِنَّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً( 1 )
|
|
إِنَّا فَتَحْنَا
لَكَ فَتْحاً مُبِيناً( 1 ) |
|
التّفسير |
|
الفتح
المبين:
|
|
في الآية الأولى من هذه
السورة بشرى عظيمة للنبيّ (ص)بشرى هي عند النّبي طبقاً لبعض الرّوايات أحبُّ
إليه من الدنيا وما فيها إذ تقول الآية: (إنّا فتحنا لك
فتحاً مبيناً). |
|
قصّة
«صلح الحديبية»:
|
|
في السنة السادسة للهجرة وفي شهر ذي
القعدة منها تحرّك النّبي نحو مكّة لأداء مناسك العُمرة ورغب المسلمين
جميعاً في هذا الأمر.. غير أنّ قسماً منهم امتنع عن ذلك، في حين أنّ معظم
المهاجرين والأنصار وجماعة من أهل البادية عزموا على الاعتمار(الإعتمار مصدر من: اعتمر والعمرة أو اسم مصدر من عمر وكلا
المصدرين بمعنى واحد وهو الزيارة مطلقاً (لغةً) غير أنّه اصطلح عليهما في زيارة
بيت الله خاصّة.) مع النّبي فساروا نحو مكّة!... |
|
الآثار
السياسية والاجتماعية والمذهبية لصلح الحديبية:
|
|
يتّضح بمقايسة إجمالية بين حال المسلمين في السنة السادسة للهجرة «أي عند صلح
الحديبية» وحالهم بعدها بسنتين حيث تحرّك
المسلمون لفتح مكّة بعشرة آلاف مقاتل ليردّوا على نقض العهد بشدّة، وقد فتحوا مكّة دون أية مواجهة عسكرية لأنّ قريشاً لم تجد في
نفسها القدرة على المقاومة أبداً. 6 ـ
وأساساً فإنّ استيحاش قريش من مواجهة الجيش الذي كان يتألّف من ألف وأربعمائة
مسلم فحسب ولا يحمل أي منهم سلاحاً سوى
سلاح السفر وقبول قريش بمعاهدة الصلح كان بنفسه أيضاً عاملاً مهماً على تقوية
المعنويات عند المسلمين وهزيمة أعداء الإسلام إلى درجة
أنّهم كانوا يتهيّبون من مواجهة المسلمين!. |
|
والآن
لنعد ثانية إلى تفسير الآيات!..
|
|
نستطيع أن ندرك ممّا ذكر
آنفاً ـ بشكل جيد ـ أنّ صلح الحديبيّة كان بحق
انتصاراً للإسلام وفتحاً للإسلام والمسلمين فلا غرابة
أن يعبِّر عنه القرآن بالفتح المبين!. |
|
الآيتان( 2 ) ( 3 )
لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً
|
|
لِيَغْفِرَ لَكَ
اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً( 2 ) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْرَاً
عَزِيزاً( 3 ) |
|
التّفسير |
نتائج
الفتح المبين الكبرى:
|
|
في هاتين الآيتين بيان
للنتائج المباركة من «الفتح المبين» |
|
بحثان
|
|
|
1 ـ الإجابة على
بعض الأسئلة المهمة:
|
|
تثار هنا أسئلة كثيرة دأب المفسّرون منذ زمن قديم حتى يومنا هذا بالإجابة
على هذه الأسئلة! ولكن حين ينال الانتصار وتحظى
مناهجه وخططه بالموفقية فإنّ تلك النسب تمضي كما لو كانوا قد رقموا على الماء!!
وتتبدّل جميع أقوالهم إلى حسرات وندامة ويقولون عندئذ لم نكن نعلم! وبتعبير آخر أنّ «الذنب» في اللغة يعني
الآثار السيئة والتبعات التي تنتج عن العمل غير المطلوب، فكان ظهورُ الإسلام في البداية تدميراً لحياة المشركين، غير أنّ انتصاراته المتلاحقة
والمتتابعة كانت سبباً لنسيان تلك التبعات. وقال بعضهم: المراد بما تقدّم هو ما تقدّم على صلح الحديبية، وما
تأخّر أي ما تأخّر عنها من أمور وحوادث!. |
|
الآية( 4 ) هُوَ
الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ
إِيمَناً مَعَ إِيمَنِهِمْ وَللهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ
|
|
هُوَ الَّذِى
أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُواْ إِيمَناً مَعَ
إِيمَنِهِمْ وَللهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ والاَْرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً
حَكِيماً( 4 ) |
|
التّفسير |
|
نزول
السكينة على قلوب المؤمنين:
|
|
ما قرأناه في الآيات السابقة
هو ما أعطاه الله من مواهب عظيمة لنبيّ الإسلام(ص) بالفتح المبين «صلح
الحديبية»، أمّا في الآية أعلاه فالكلام عن الموهبة العظيمة التي تلطف الله بها
على جميع المؤمنين إذ تقول الآية:(هو الذي أنزل السكينة
في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ السكينة التي
لا نظير لها!
|
|
إذا لم يكن للإيمان أية ثمرة
سوى مسألة السكينة لكان على الإنسان أن يتقبَّله! فكيف به وهو يرى آثاره وثمراته
وبركاته!. |
|
2 ـ سلسلة مراتب
الإيمان:
|
الإيمان، سواءً بمعنى العلم
والمعرفة، أم روح التسليم والاذعان للحق فإنّ له درجات وسلسلة مراتب، لأنّ العلم
له درجات، والتسليم والاذعان لهما درجات مختلفة أيضاً، حتى العشق والحب الذي هو
توأم الإيمان يتفاوت من حالة إلى أُخرى! |
|
3 ـ ركني
السكينة:
|
|
قرأنا في ذيل الآية محل البحث
جملتين، كلٌّ منهما تمثّل ركناً من أركان «السكينة» والإطمئنان للمؤمنين. |
|
الآيات( 5 ) ( 7 )
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ جَنَّات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا
الاَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
|
|
|
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَتِ جَنَّات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا
وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذلِكَ عِندَ اللهِ فَوْزاً
عَظِيماً( 5 ) وَيُعَذِّبَ الْمُنَفِقِينَ وَالْمُنَفِقَتِ وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُشْرِكَتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ
السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيراً( 6 ) وَللهِِ جُنُودُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَكَانَ اللهُ
عَزِيزاً حَكِيماً( 7 ) |
|
التّفسير |
|
نتيجة
أُخرى من الفتح المُبين:
|
|
نقل جماعة من مفسّري الشيعة وأهل السنّة أنّه حين بشّر النّبي
(ص)«بالفتح المبين» و«إتمام النعمة» و«الهداية» و«النصرة».. قال بعض المسلمين ممّن كان مستاءً من صلح الحديبيّة: هنيئاً لك يا رسول الله! لقد بيّن لك الله ماذا
يفعل بك! فماذ يفعل بنا فنزلت الآية (ليُدخل المؤمنين والمؤمنات)(
تفسير المراغي، ج26، ص85 وتفسير أبو الفتوح الرازي، ج10، ص26 وتفسير روح المعاني
للآلوسي، ج26، ص86.). من هم الظانّون بالله ظنّ السوء؟! |
|
الآيات( 8 ) ( 10 )
إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً( 8 ) لِتُؤْمِنُواْ
بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلاً
|
|
إِنَّا
أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً( 8 ) لِتُؤْمِنُواْ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً(
9 ) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ
فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَن
أَوْفَى بِمَا عَهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً( 10 ) |
|
التّفسير |
|
مكانة
النّبي وواجب الناس تجاهه!
|
|
قلنا إنّ بعض الجهلاء اعترضوا
بشدّة على صلح الحديبيّة وحتى أنّ بعض تعبيراتهم لم تخل من عدم الإحترام بالنسبة
إلى النّبي (ص)وكان مجموع هذه الأُمور يستوجب أن يؤكّد القرآن مرّةً أُخرى على
عظمة النّبي(ص) وجلالة قدره!. |
|
الآيات( 11 ) ( 14 )
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَّا
وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم
|
|
سَيَقُولُ لَكَ
الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الاَْعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَّا وَأَهْلُونَا
فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ
قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرَّاً أَوْ
أَرَادَ بِكُمْ نَفْعَاً بَلْ كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً( 11 )
بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى
أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِى قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ
السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً( 12 ) وَمَن لَمْ يؤْمِنْ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَفِرِينَ سَعِيراً( 13 ) وَللهِِ مُلْكُ
السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ
وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً( 14 ) |
|
التّفسير |
|
اعتذار
المخلفين:
|
|
ذكرنا ـ في تفسير الآيات الآنفة ـ أنّ النّبي (ص) توجّه من
المدينة إلى مكّة مع ألف وأربعمائة من صحابته «للعُمرة»!. وقد أُبلغ عن النّبي جميع من في البادية من القبائل أن يحضروا معه في سفره
هذا، إلاّ أنّ قسماً من ضعيفي الإيمان لووا رؤوسهم عن هذا الأمر وأعرضوا عنه
وكان تحليلهم هو أنّ المسلمين لا يستطيعون الحفاظ على أرواحهم في هذا السفر في
حين أنّ كفار قريش كانوا في حالة حرب مع المسلمين وقاتلوهم في أُحد والأحزاب على
مقربة من المدينة، فإذا توجّهت هذه الجماعة القليلة العزلاء من كلّ سلاح نحو
مكّة وعرّضت نفسها إلى العدو المدجّج بالسلاح. فكيف ستعود إلى بيوتها بعدئذ؟! |
|
ملاحظة
|
|
تعليل
الذنب وتوجيهه مرض عامٌ:
|
|
مهما كان الذنب كبيراً فإنّه
ليس أكبر من تبريره وتوجيهه، لأنّ المذنب المعترف بالذنب غالباً ما يؤوب للتوبة،
لكنّ المصيبة تبدأ حين يقوم المذنب بتبرير ذنوبه، فلا ينغلق باب التوبة بوجه
الإنسان فحسب بل يتجرّأ على الذنب ويشتدّ على مقارفته! |
|
الآيات( 15 ) ( 17 )
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا
ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَمَ اللهِ
|
|
سَيَقُولُ
الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا
نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَمَ اللهِ قُل لَن تَتَّبِعُونَا
كَذلِكُمْ قَالَ اللهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ
كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً( 15 ) قُل لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ
الاَْعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْم أُولِى بَأْس شَدِيد تُقَتِلُونَهُمْ
أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن
تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً(
16 ) لَيْسَ عَلَى الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاَْعرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى
الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّت تَجْرِى
مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ وَمَن يَتَوَلَّ يعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً( 17 ) |
|
التّفسير |
|
المخلّفون
الانتهازيّون:
|
|
يعتقد أغلب المفسّرين أنّ هذه الآيات ناظرة إلى «فتح خيبر» الذي كان في بداية
السنة السابعة للهجرة وبعد صلح الحديبيّة!
وتوضيح ذلك أنّه طبقاً للرّوايات حين كان النّبي (ص) يعود من الحديبيّة بشّر
المسلمين المشتركين بالحديبيّة ـ بأمر الله ـ بفتح
خيبر، وصرّح أن يشترك في هذه الحرب من كان في الحديبيّة من المسلمين فحسب، وأنّ
الغنائم لهم وحدهم ولن ينال المخلّفين منها شيء أبداً. |
|
الآيتان( 18 ) ( 19 )
لَقَدْ رَضِىَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ
|
|
لَقَدْ رَضِىَ
اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا
فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَبَهُمْ فَتْحاً
قَرِيباً ( 18 )وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً
حَكِيماً( 19 ) |
|
التّفسير |
|
رضي
الله عن المشتركين في بيعة الرضوان:
|
|
ذكرنا آنفاً أنّه في الحديبيّة
جرى حوار بين ممثلي قريش والنّبي (ص)وكان من ضمن السفراء «عثمان بن عفان» الذي
تشدّه أواصر القُربى بأبي سفيان، ولعلّ هذه العلاقة كان لها أثر في انتخابه
ممثلاً عن النّبي (ص) فبعثه إلى أشراف مكّة ومشركي قريش ليطلعهم على أنّ النّبي
لم يكن يقصد الحرب والقتال بل هدفه زيارة بيت الله واحترام الكعبة المشرّفة
بمعية أصحابه.. إلاّ أنّ قريشاً أوقفت عثمان مؤقتاً
وشاع على أثر ذلك بين المسلمين أنّ عثمان قد قُتل! فقال النّبي (ص): لا
أبرح مكاني هذا حتى أقاتل عدوّي! |
|
بحث
|
|
البيعة
وخصوصيّاتها!
|
|
«البيعة»
من مادة «بيع» وهي في الأصل إعطاء اليد عند إقرار المعاملة. ثمّ أطلق هذا التعبير على مدّ اليد على المعاهدة، وهكذا
كانت حين كان الشخص يريد أن يعلم الآخر بوفائه له وأن يطيع أمره ويعرفه رسميّاً
فيبايعه ويمدّ له يده، ولعلّ إطلاق هذه الكلمة من جهة
أنّ كلاًّ من الطرفين يتعهّد كما يتعهّد ذوا المعاملة فيما بينهما، وكان المبايع
مستعداً أحياناً أن يضحّي بروحه أو بماله أو بولده في سبيل الطاعة! والذي يقبل
البيعة يتعهّد على رعايته وحمايته والدفاع عنه!.. «والتعبير بالعصر لعلّه لشرف هذا الوقت أو
لأنّ كثيراً من الباعة يبيعون أجناسهم بالقيمة التي اشتروها في هذا الوقت». |
|
الآيتان( 20 ) ( 21 )
وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ
وَكَفَّ أَيْدِىَ النَّاسِ عَنكُمْ
|
|
وَعَدَكُمُ اللهُ
مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِىَ
النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ ءآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً
مُسْتَقِيماً( 20 ) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ
بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيراً( 21 ) |
|
التّفسير |
|
من
بركات صلح الحديبيّة مرّةً أخرى!
|
|
تتحدّث هاتان الآيتان كالآيات
السابقة المتعلّقة بصلح الحديبيّة والوقائع التالية لها ـ عن البركات وما حصل
عليه المسلمون من غنائم في هذا الطريق. |
|
ملاحظة
|
|
قصة
غزوة خيبر:
|
|
لمّا عاد النّبي (ص) من الحديبيّة
نحو المدينة أمضى شهر ذي الحجة كلّه وأياماً من شهر محرم الحرام من السنة
السابعة للهجرة في المدينة، ثمّ تحرّك بألف وأربعمائة نفر من المسلمين الذين
كانوا حضروا الحديبيّة نحو «خيبر» |
|
الآيات( 22) ( 25 )
وَلَوْ قَتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوَلَّوُا الاَْدْبَرَ ثُمَّ لاَ
يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً( 21 ) سُنَّةَ اللهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن
قَبْلُ
|
|
وَلَوْ قَتَلَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوَلَّوُا الاَْدْبَرَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ
نَصِيراً( 22) سُنَّةَ اللهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ
لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً( 23 ) وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ
عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً( 24 ) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْىَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ
مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُم مِنْهُم مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْم
لِيُدْخِلَ اللهُ فِى رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوْا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً( 25 ) |
|
التّفسير
|
|
لو
حَدَثتِ الحرب في الحديبيّة!؟
|
|
هذه الآيات تتحدّث أيضاً عن
أبعاد أُخر لما جرى في الحديبيّة وتشير إلى «لطيفتين»
مهمّتين في هذا الشأن! |
|
الآية( 26 ) إِذْ
جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
الْجَهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ
|
|
إِذْ جَعَلَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى قُلوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَهِلِيَّةِ
فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا
وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيماً( 26 ) |
|
التّفسير |
|
التعصّب
«وحمية الجاهلية» أكبر سدٍّ في طريق الكفّار:
|
|
هذه الآية تتحدّث مرّة أُخرى
عن (مجريات) الحديبيّة وتجسّم ميادين أُخرى من قضيتها العظمى.. فتشير أوّلاً إلى
واحد من أهم العوامل التي تمنع الكفار من الإيمان بالله ورسوله والإذعان
والتسليم للحق والعدالة فتقول: (إذ جعل الذين كفروا في
قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية)( يستوفي الفعل
(جعل) مفعولاً واحداً أحياناً وذلك إذا كان معناه «الإيجاد» كالآية محل البحث
وفاعله الذين كفروا ومفعوله الحمية والمراد بالإيجاد هنا البقاء على هذه الحالة
والتعلّق بها، وقد يستوفي هذا الفعل (جعل) مفعولين وذلك إذا كان بمعنى (صار).). |
|
ملاحظة
|
|
ما
هي حميّة الجاهلية؟!
|
|
قلنا أنّ «الحميّة» في الأصل من مادة
«حَمِي» ومعناها الحرارة، ثمّ صارت تستعمل في
معنى الغضب، ثمّ استعملت في النخوة والتعصّب الممزوج بالغضب أيضاً.. |
|
الآية( 27 ) لَقَدْ
صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ
|
|
لَقَدْ صَدَقَ
اللهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ
إِن شَاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ
تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذلِكَ فَتْحاً
قَرِيباً( 27 ) |
|
التّفسير |
|
رؤيا
النّبي الصادقة:
|
|
هذه الآية ـ أيضاً
ـ ترسم جانباً آخر من جوانب قصة
الحديبيّة المهمّة، والقصة كانت على النحو التالي: فنزلت الآية الآنفة في هذا الصدد والنّبي عائد من الحديبية إلى المدينة وأكّدت أنّ هذه الرؤيا
كانت صادقة ولابدّ أنّها كائنة... تقول الآية: (لقد صدق
الله رسوله الرؤيا بالحق)( «صدق» فعل ماض قد
يستوفي مفعولين كما هي الحال في الآية الآنفة فرسوله مفعول به أوّل والرؤيا
مفعول ثان، وقد يستوفي هذا الفعل مفعولاً واحداً يتعدّى إلى المفعول الثّاني بفي
كقولك صدقته في حديثه.) فما رآه النّبي في المنام كان حقّاً وصدقاً. |
|
ملاحظات
تلفت النظر:
|
|
وفي الآية الكريمة
عدّة ملاحظات تلفت النظر: |
|
عمرة
القضاء:
|
|
عمرة القضاء هى العمرة التي أدّاها النّبي (ص) مع أصحابه بعد صلح الحديبيّة بعام، أي في ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة (على وجه الدقّة
بعد عام من منع المشركين أن يدخل الرّسول وأصحابه مكّة). |
|
الآيتان( 28 ) ( 29 )
هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً( 28 )
|
|
هُوَ الَّذِى
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيداً( 28 ) مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً
سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً سِيَماهُمْ فِى
وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِى الاِْنجِيلِ كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْئَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ مِنْهُم
مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً( 29 ) |
|
التّفسير |
|
(أشدّاء على
الكفّار رحماء بينهم):
|
|
في هاتين الآيتين اللتين بهما
تنتهي سورة الفتح إشارة إلى مسألتين مهمّتين من «الفتح
المبين» أي «صلح الحديبيّة» احداهما
تتعلّق بعالميّة الإسلام والثانية تتعلّق بأوصاف أصحاب النّبي وخصائصهم وما وعدهم الله سبحانه
به! |
|
بحثان
|
|
1 ـ قصة تنزيه
الصحابة!
|
|
المعروف بين علماء أهل السنّة أنّ صحابة رسول الله جميعاً أولو امتياز
خاص دون سائر الناس من أُمّة محمّد فهم مطهّرون أزكياء معصومون من الزلل وليس
لنا الحق في انتقاص أي منهم أو انتقاده ويحرم الإساءة إليهم بالكلام وغيره، حتى
أنّ بعضهم قال بكفر من يفعل ذلك واستدلّوا على ذلك بآيات من الذكر الحكيم منها
هذه الآية: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم
مغفرةً وأجراً عظيماً)... |
|
2 ـ المحبّة
الإسلامية المتبادلة
|
|
في الروايات الإسلامية
الواردة في تفسير الآية الأخيرة من سورة الفتح تأكيد لا مزيد عليه على قوله
تعالى: (رحماء بينهم) ومن بين هذه الروايات ما
نقرأه عن الإمام الصادق (ع): «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه
ويحقّ على المسلم الإجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل
الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض، حتى تكونوا كما أمركم الله عزَّ وجلَّ رحماء بينكم
متراحمين، مغتّمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد
رسول الله»( أصول الكافي ـ طبقاً لتفسير نور الثقلين،
ج5، ص77، الحديث 91.) . آمين
يا ربّ العالمين |
|
|
|