- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة الشّورى مكيّة
وَ عَدَدُ آياتِها ثلاث وخمسُون آية
|
|
نظرة
عامة في محتوى السورة:
|
|
إنّ إطلاق اسم
«الشورى» على هذه السورة المباركة يعود
إلى محتوى الآية (38) منها والتي تدعو المسلمين إلى
المشورة في أُمورهم. |
|
فضيلة
تلاوة السورة:
|
|
جاء في حديث عن رسول الله(ص)
قوله: «من قرأ سورة حم عسق كانَ ممن تصلّي عليه الملائكة، ويستغفرون لهُ
ويترحمون عليه»( مجمع البيان، المجلد 9 ـ 10، ص31، طبعة
دار المعرفة..) |
|
الآيات( 1 ) ( 5 )
حم( 1 ) عسق( 2 ) كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ
اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
|
|
حم( 1 ) عسق( 2 )
كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ( 3 ) لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَهُوَ
الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ( 4 ) تَكَادُ السَّمَوَتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ
وَالْمَلَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى
الاَْرْضِ أَلاَ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( 5 ) |
|
التّفسير |
|
تكادُ
السماوات يَتَفَطّرن!
|
|
مرة اُخرى تواجهنا الحروف المقطّعة في مطلع السورة، وهي هنا تنعكس
بشكل مفصل، إذ بين أيدينا خمسة حروف. |
|
هل
تستغفر الملائكة للجميع؟
|
|
قد يطرح السؤال الآتي حول
قوله تعالى: (ويستغفرون لمن في الأرض)وهو: الآية
تفيد استغفار الملائكة لمطلق أهل الأرض سواء المؤمن منهم أو الكافر، فهل يمكن
ذلك؟ |
|
الآيات( 6 ) ( 8 )
وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ
وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيل( 6 )
|
|
وَالَّذِينَ
اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ
عَلَيْهِمْ بِوَكِيل( 6 ) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءَاناً
عَرَبِيّاً لِّتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ
الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ( 7
) وَلَوْ شَآءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ
يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ وَالظَّلِمُونَ مَا لَهُمْ مِّنْ وَلِىٍّ وَلاَنَصِير( 8
) |
|
التّفسير |
|
انطلاقة
من «أم القرى»:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن قضية
الشرك، لذلك فإنّ الآية الأولى في المجموعة الجديدة، تتناول بالبحث نتيجة عمل
المشركين وعاقبة أمرهم حيث يقول تعالى: (والذين اتخذوا
من دونه أولياء الله حفيظ عليهم). إنّ هذه الآيات تبيّن حقيقة
حرية العباد واختيارهم الطريق الذي يريدونه بإرادتهم وحريتهم، لأنّ القيمة
الحقيقة للإيمان والعمل الصالح تكمن في حرية الإختيار، وليس للإيمان أو العمل
الإجباري أي قيمة معنوية. |
|
الآيات( 9 ) ( 12 )
أَمِ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِىُّ وَهُوَ
يُحْىِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ
|
|
أَمِ اتَّخَذُواْ
مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِىُّ وَهُوَ يُحْىِ الْمَوْتَى
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ( 9 ) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْء
فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
أُنِيبُ( 10 ) فَاطِرُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجاً وَمِنَ الاَْنْعَمِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( 11 ) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَتِ
وَالاَْرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ
شَىْء عَلِيمٌ( 12 ) |
التّفسير |
|
الولي
المطلق:
|
|
أوضحت الآيات السابقة أن لا
وليّ ولا نصير سوى الله، والآيات التي بين أيدينا تعطي أدلة على هذه القضية
،وتنفي الولاية لما دونه سبحانه وتعالى. |
|
|
بحوث
|
|
1ـ معرفة صفات
الله تعالى
|
|
إنّ علمنا وعلوم الكائنات
جميعاً محدود، لذا لا نستطيع أن نصل إلى كنه وحقيقة ذات الخالق غير المحدودة،
لأنّ المعرفة بحقيقة شيء ما تعني الإحاطة به، فكيف يستطيع الكائن المحدود أن
يحيط بالذات غير المحدودة؟ نقول مثلا: إنّ الله هو «الأول» وهو أيضاً «الآخر» هو «الظاهر» وهو «الباطن» هو مع كلّ
شيء وليس مع شيء، وبعيد عن كلّ شيء إلاّ أنّهُ ليس غربياً عنهُ. |
|
2ـ ملاحظة أدبية
|
|
إنّ الكاف في جملة (ليس كمثله شيء)
للتشبيه، وتعني المثل أيضاً. لذا فإنّ هذا
التكرار أصبح سبباً لأن يعتبر الكثير من المفسّرين أنّها زائدة، وأنّها جاءت للتأكيد.
وأمثال ذلك كثير في الكلمات الفصحى. |
|
3 ـ بعض
الملاحظات حول الرزق الإلهي:
|
|
أ: معيار بسط الرزق
وتقديره: ج:عدم اقتصار الرزق على المفهوم المادي: |
|
الآيتان( 13 ) ( 14 )
شَرَعَ لَكُمْ مِّنَ الَّدِينَ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ
إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَهِيمَ
|
|
شَرَعَ لَكُمْ
مِّنَ الَّدِينَ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا
وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ
تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ
اللهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَنْ يَشَآءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ( 13 ) وَمَا
تَفَرَّقُواْ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بِغْيَا بَيْنَهُمْ
وَلَولاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى لَّقُضِىَ
بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الْكِتَبَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِى شَكٍّ
مِّنْهُ مُرِيب( 14 ) |
|
التّفسير |
|
الإسلام
عصارة شرائع جميع الأنبياء:
|
بما أن العديد من بحوث هذه
السورة تتعلق بالمشركين، وأن الآيات السابقة كانت تتحدث عن نفس هذا الموضوع
أيضاً، لذا فإنّ الآيات التي نبحثها تبيّن هذه الحقيقة، وهي أن دعوة الإسلام إلى
التوحيد ليست دعوة جديدة، إنّها دعوة جميع الأنبياء أولي العزم، وليس أصل
التوحيد فحسب، بل إن جميع دعوات الأنبياء في القضايا
الأساسية وفي مختلف الأديان السماوية كانت واحدة. |
|
ملاحظات
في هذه الآية يجب الإنتباه إليها:
|
|
وهناك ملاحظات في
هذه الآية يجب الإنتباه إليها: أمّا آخر جملة فتقوم بتوضيح حال الأشخاص الذين جاؤوا بعد هذه المجموعة، أي الذين لم
يدركوا عصر الرسل، بل جاؤا في فترة طبع فيها المنافقون والمفرقون المجتمع البشري
بطابعهم الشيطاني، لذا لم يسطيعوا إدراك الحق بشكل جيد، حيث تقول: (وإن الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب)( وفقاَ
لهذا التّفسير الذي يتناسق بشكل كامل مع الجمل السابقة، فإن ضمير (بعدهم) يعود
إلى الأمم الأولى التي أوجدت الفرقة بين المذاهب والأديان، وليس إلى الأنبياء
المذكورين في الآية السابقة (فدقق ذلك).). |
|
ملاحظة
|
|
|
نقل تفسير علي بن إبراهيم عن
الإمام الصادق(عليه السلام) في قول الله تعالى: (أن
أقيموا الدين) قال الأمام، (ولا تتفرقوا فيه)
كناية عن أمير المؤمنين الإمام علي (ع) ثمّ قال:(كبر على المشركين ما تدعوهم
إليه) من أمر ولاية علي (الله يجتبي إليه من يشاء)كناية عن علي(ع)( تفسير نور الثقلين، المجلد الرابع، ص 567.). |
|
الآية( 15 )
فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ
وَقُلْ ءَامَنْتُ بِمَآ أَنْزَلَ اللهُ
|
|
فَلِذَلِكَ فَادْعُ
وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنْتُ
بِمَآ أَنْزَلَ اللهُ مِن كِتَبِ وَأُمِرْتُ لاَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ
رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَلُكُمْ لاَ حُجَّةَ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ( 15 ) |
|
التّفسير |
|
فاستقم
كما أمرت!
|
|
بما أن الآيات السابقة تحدثت
عن تفرق الأمم بسبب البغي والظلم والإنحراف، لذا فإنّ الآية التي نبحثها تأمر
النّبي بمحاولة حل الإختلافات وإعادة الحياة إلى دين الأنبياء، وأن يبذل منتهى
الإستقامة في هذا الطريق، فتقول: (فلذلك فادع)( بعض
المفسّرين اعتبر «اللام» في «لذلك» بمعنى (إلى)، والبعض الآخر بمعنى (التعليل)
وفي الحالة الأولى تكون كلمة (ذلك) إشارة إلى دين الأنبياء السابقين، وفي الحالة
الثانية إشارة إلى اختلاف الأمم.) أي ادعوهم إلى الدين الإلهي الواحد
وامنع الإختلافات. |
|
الآيات( 16 ) ( 18 )
وَالَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِى اللهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ
دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
|
|
وَالَّذِينَ
يُحَآجُّونَ فِى اللهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ( 16 ) اللهُ
الَّذِى أَنْزَلَ الْكِتَبَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ
السَّاعَةَ قَرِيبٌ( 17 ) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِهَا
وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ
أَلاَ إِنَّ الَّذيِنَ يُمَارُونَ فِى السَّاعَةِ لَفِى ظَلَل بَعِيد( 18 ) |
|
التّفسير |
|
لا
تستعجلوا بالساعة!!
|
|
الآيات السابقة كانت تتحدث عن
واجبات النّبي(ص)، كاحترامه لمحتوى الكتب السماوية، وتطبيق العدالة بين جميع
الناس وترك أي محاججة أو خصومة بينه وبينهم. أمّا الآيات التي نبحثها، فلكي
تكمّل البحث السابق وتثبت أن حقانية نبيّ الأسلام لا تحتاج إلى دليل، تقول: (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند
ربّهم) وبما أن نقاشهم ومحاججتهم ليس لكشف الحقيقة، بل للعناد والاصرار
تقول الاية (وعليهم غضب). (ولهم عذاب شديد) لعدم وجود غير هذا الجزاء للمعاندين. |
|
الآيتان( 19 ) ( 20 )
اللهُ لَطِيفُ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ(
19 )
|
|
اللهُ لَطِيفُ
بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ( 19 ) مَن كَانَ
يُرِيدُ حَرْثَ الاَْخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الاَْخِرَةِ مِن نَّصِيب( 20
) |
|
التّفسير |
|
مزرعة
الدنيا والآخرة:
|
|
بما أن الآيات السابقة كانت
تتحدث عن العذاب الإلهي الشديد وعن طلب منكري المعاد للتعجيل بقيام القيامة، لذا
فإنّ أوّل آية نبحثها هنا تقرن «الغضب» الالهي مع «اللطف» الالهي في معرض ردها
على استعجال منكري المعاد: (الله لطيف بعباده). ونُنهي هذا الكلام بحديث عن
الرّسول الأكرم(ص) حيث يقول: «من كانت نيّته الدنيا فرق الله عليه أمره، وجعل
الفقر بين عينيه، ولم يأته من لدنيا إلاّ ما كتب له، ومن كانت نيّته الآخرة جمع
الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة»( مجمع البيان، نهاية الآيات التي نبحثها.). |
|
الآيات( 21 ) ( 23 )
أَمْ لَهُمْ شُرَكَؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ الِّدِينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ
اللهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ
|
|
أَمْ لَهُمْ
شُرَكَؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ الِّدِينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ
وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّلِمِينَ لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ( 21 )تَرَى الظَّلِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمِّا كَسَبُواْ وَهُوَ
وَاقِعُ بِهِمْ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ فِى رَوْضَاتِ
الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ
الْكَبِيرُ( 22 ) ذَلِكَ الَّذِى يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً
إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ
فِيهَا حَسَناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ( 23 ) |
|
سبب
النّزول
|
|
لقد ورد في تفسير
مجمع البيان سبب نزول للآيات 23 وحتى 26 من هذه السورة أنّه ذكر أبو حمزة الثمالي
في تفسيره حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس أنّ رسول الله
حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله فنقول
له إن تعروك أُمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير
حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك فنزلت: (قل لا أسألكم
عليه أجراً إلاّ المودة في القربى) فقرأها عليهم وقال تودون قرابتي من
بعدي فخرجوا من عنده مسلّمين لقوله فقال المنافقون: إن هذا لشيء افتراه في مجلسه
أراد بذلك أن يذللنا لقرابته من بعده، فنزلت: (أم
يقولون افترى على الله كذباً)فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم
فانزل الله: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) الآية، فأرسل في أثرهم فبشرهم
وقال: (ويستجيب الذين آمنوا وهم الذين سلّموا لقوله تعالى)( تفسير مجمع البيان، ج9، ص 29.). |
|
التّفسير |
|
أجر
الرسالة في مودة أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
بما أنّ الآية 13
من هذه السورة كانت تتحدث عن تشريع الدين
من قبل الخالق بواسطة الأنبياء أولي العزم، لذا فإن أوّل آية في هذا البحث ـ
كاستمرار للموضوع ـ تقول في مجال نفي تشريع الأخرين، وأن جميع القوانين ليست
معتبرة قبال القانون الإلهي، وأن التقنين يختص بالخالق: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله). |
|
توضيح
|
|
هناك بحوث متعددة
وتفاسير مختلفة للمفسّرين في تفسير هذه الجملة، بحيث إذا ما نظرنا إليها بدون أي موقف مسبق نشاهد أنّها ابتعدت عن المفهوم
الأصلي للآية بسبب الدوافع المختلفة، وذكروا احتمالات
لا تتلاءم مع محتوى الآية، ولامع سبب نزولها ،ولا مع سائر القرائن التأريخية
والروائية. |
|
الروايات
الواردة في تفسير هذه الآية
|
|
الدليل الآخر على
التّفسير أعلاه هو الروايات المتعددة الواردة في مصادر أهل السنة والشيعة، والمنقولة عن
الرّسول(ص)، حيث توضح أن المقصود من (القربى) هم أهل البيت والمقربون وخاصة
الرّسول، وعلى سبيل المثال نذكر: 6 ـ وينقل السيوطي أيضاً في (الدر المنثور) عن ابن جرير عن
أبي الديلم: عندما تأسّر علي بن الحسين(ع)، وأوقفوه في بوابة دمشق، قال رجل من
أهل الشام: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم. |
|
بحوث
|
|
1ـ كلام مع
المفسر المعروف (الآلوسي)
|
|
في هذا المجال يطرح سؤال ذكره الآلوسي في تفسير روح المعاني بشكل
اعتراض على الشيعة، ونحن نذكر ذلك على شكل سؤال ونقوم بمناقشته: يقول: |
|
تحليل
ومناقشة:
|
|
يمكن توضيح جواب العديد من
هذه الإشكالات إذا راجعنا تصورنا لهذه الآية ـ التي نبحثها ـ وفقاً للقرائن
المتعدده القوية الموجودة في نفس هذه الآية، وسائر الآيات القرآنية الأُخرى: |
|
ومع
هذا التوضيح المختصر سنقوم ببحث الإشكالات أعلاه:
|
|
1 ـ يجب القول أنّ بعض الترسبات
الذهنية واتخاذ المواقف المسبقة كانت سبباً لعدم تفسير بعض المفسّرين للآية
بمودة أهل البيت، فمثلا فسّر بعضهم (القربى) لمعنى (التقرب من الخالق) في حين
أنّها وردت بمعنى الأقرباء في جميع الآيات القرآنية التي تحتوي على هذه الكلمة. ومن هنا يتوضح أن طلب مثل هذا الأجر لا يتعارض، لا مع منزلة النبوة، ولا
يشبه تقاليد اصحاب الدنيا، ويتناسق بشكل كامل مع الآية
(104) من سورة يوسف التي تنفي أي نوع من الأجر، لأن أجر مودة أهل البيت
في الحقيقة ـ لا يستفيد منه النّبي، بل إن المسلمين هم الذين يستفيدون منه. إن كان رفضاً حب آل محمّد فليشهد الثقلان أني رافضي ومع هذا لا أعتقد الخروج عما
يعتقده أكابر أهل السنة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم ديناً، وأرى حبّهم فرضاً
علي مبيناً، فقد أوجبه الشارع وقامت على ذلك البراهين السواطع»( تفسير روح المعاني، ج 25، ص32.). |
|
2ـ سفينة النجاة
|
|
ذكر الفخر الرازي في نهاية
هذا البحث ملاحظة، كما ذكرها الآلوسي أيضاً في
روح المعاني بعنوان (ملاحظة لطيفة) وذلك نقلا عن الفخر
الرازي، حيث يعتقد أن بعض التناقضات ستزول من خلال هذه الملاحظة هي: إن
الرّسول الأكرم قال من جانب: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجى» ومن
جانب آخر قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. |
|
3ـ تفسير «ومن
يقترف حسنة...»
|
|
«اقترف» في
جملة: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً)
مأخوذة في الأصل من (قرف) على وزن (حرف) وتعني قطع القشرة الإضافية من الشجرة،
أو من الجروح الحاصلة، حيث تكون أحياناً علامة على شفاء الجرح وتحسنه، هذه
الكلمة استخدمت فيما بعد في الإكتساب سواء كان حسناً أو سيئاً. |
|
4ـ مكان نزول هذه
الآيات
|
|
هذه السورة (سورة الشورى) من
السور المكّية، كما قلنا في البداية، إلاّ أن بعض
المفسّرين يعتقدون أن هذه الآيات الأربع (23 ـ 26) نزلت في المدينة، وسبب
النّزول الذي ذكرناه في بداية تفسير هذه الآيات يشهد على هذا المعنى. |
|
الآيات( 24 ) ( 26 )
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ
عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْبَطِلَ
|
|
أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ
وَيَمْحُ اللهُ الْبَطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ
بِذَاتِ الصُّدُورِ( 24 ) وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ
وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ( 25 ) وَيَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَيَزِيدُهُم مِّنْ فَضْلِهِ
وَالْكَفِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ( 26 ) |
|
التّفسير |
|
يقبل
التوبة عن عباده:
|
|
هذه الآيات تعتبر استمراراً
للآيات السابقة في موضوع الرسالة وأجرها، ومودّة ذوي القربى وأهل البيت(ع). وفي الحقيقة، فإن هذا الأمر
إشارة إلى الإستدلال المنطقي المعروف، وهو أنّه إذا ادعى شخص النبوة، وجاء
بالآيات البينات والمعاجز، وشمله النصر الإلهي، فلو كذب على الخالق فإن الحكمة
الإلهية تقتضي سحب المعاجز منه وفضحه وعدم حمايته، كما
ورد في الآيات (44) إلى (46) من سورة الحاقة:
(ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنامنه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين). |
|
الآيات( 27 ) ( 31 )
وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاَْرْضِ وَلَكِنْ
يُنَزِّلُ بِقَدَر مَّا يَشَآءُ
|
|
وَلَوْ بَسَطَ
اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاَْرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ
بِقَدَر مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ( 27 ) وَهُوَ الَّذِى
يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ
الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ ( 28 )وَمِنْ ءَايَتِهِ خَلْقُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ
وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّة وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ
قَدِيرٌ( 29 ) وَمَآ أَصَبَكُم مِّن مُّصِيبِة فَبَِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُواْ عَنْ كَثِير( 30 ) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الاَْرْضِ
وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللهِ مِن وِلِىٍّ وَلاَ نَصِير( 31 ) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقل عن الصحابي المعروف (خباب بن الأرث) أن الآية الأولى: (ولو بسط...)نزلت
فينا، وذلك بسبب أنّنا كنّا ننظر إلى الأموال الكثيرة لبني
قريظة وبني النظير وبني القينقاع من اليهود، وكنّا نرغب بامتلاكنا لمثل
هذه الأموال، إلاّ أن هذه الآية نزلت وحذرتنا من أن الخالق لو بسط لنا في الرزق
فسوف نطغى(تفسير الفخر الرازي، تفسير أبو الفتوح
الرازي، وتفسير القرطبي (نهاية الآية التي نبحثها).). |
|
التّفسير |
|
المترفون
الباغون:
|
|
قد يكون ارتباط هذه الآيات
بالآيات السابقة بلحاظ ما ورد في آخر آية من الآيات السابقة من أن الخالق يستجيب
دعوة المؤمنين، وفي أعقاب ذلك يطرح هذا السؤال: لماذا نرى البعض منهم فقراء، ولا
ينالون ما يرغبونه مهما يدعون؟ تقول الآية: (ولو بسط
الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء). |
|
ملاحظات
|
|
علّة
المصائب:
|
|
ومن الضروري
الإنتباه إلى بعض الملاحظات الواردة في هذه الآية: |
|
مسائل
مهمّة
|
|
الاولى:
مصائبكم بما كسبت أيديكم:
|
|
يتصور العديد من الناس أن
علاقة أعمال الإنسان بالجزاء الإلهي مثل العقود الدنيوية وما تحتويه من الأجر
والعقاب، في حين قلنا ـ مراراً ـ إن هذه العلاقة
أقرب ما تكون إلى الإرتباط التكويني منه إلى الإرتباط التشريعي. |
|
الثانية:
اشتباه كبير
|
|
قد يستنتج البعض بشكل خاطىء
من هذه الحقيقة القرآنية ويقول بوجوب الإستسلام
لأي حادثة مؤسفة، إلاّ أن هذا الأمر خطير للغاية، لأنّه
يستفيد من هذا الأصل القرآني التربوي بشكل معكوس ويستنتج نتيجة تخديرية. فالقرآن لا يقول أبداً
بالإستسلام حيال المصائب وعدم السعي لحل المشاكل، والركون للظلم والجور والمرض،
بل يقول: إذا شملتك المصائب بالرغم من سعيك ومحاولاتك لدفعها، فاعلم أن ذلك هو
كفارة الذنوب التي قمت بها وارتكبتها، عليك أن تفكر بأعمالك السابقة، وتستغفر
لذنوبك، وتصلح نفسك وتكتشف نقاط ضعفك. |
|
الثّالثة:
من هم أصحاب الصفة؟
|
|
الذين يذهبون إلى زيارة قبر
النّبي(ص) في المدينة، يشاهدون مكاناً مرتفعاً قليلا عن الأرض في زاوية المسجد
وقرب القبر الشريف حيث عزلت أطرافه بشكل جميل عن باقي المسجد، كما أن الكثير ينتخب
هذا المكان لتلاوة القرآن والصلاة. |
|
الآيات( 32 ) ( 36 )
وَمِنْ ءَايَتِهِ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاَْعْلَمِ( 32 ) إِن يَشَأْ
يُسْكِنِ الرِّيْحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ
|
|
وَمِنْ ءَايَتِهِ
الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاَْعْلَمِ( 32 ) إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيْحَ
فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَتِ لِّكُلِّ
صَبَّار شَكُور( 33 ) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعْفُ عَنْ كَثِير (
34 )وَيَعْلَمُ الَّذِينَ يُجَدِلُونَ فِى ءَايَتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيص(
35 ) فَمَا أُوْتِيتُم مِّن شَىْء فَمَتَعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ
اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ( 36 ) |
|
التّفسير |
|
هبوب
الرياح المنتظمة وحركة السفن (عليهم السلام)
|
|
مرّة اُخرى نشاهد أنّ هذه
الآيات تقوم بتبيان علائم الخالق وأدلة التوحيد، وتستمر في البحث الذي أشارت
إليه الآيات السابقة بهذا الخصوص. لذا فقد ورد في حديث عن الرّسول(ص) أنّه قال: «والله ما الدنيا في الآخرة
إلاّ مثل أن يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع؟!»( روح البيان، المجلد الثّالث، ص429 (نهاية الآية 38 من سورة
التوبة)). |
|
الآيات( 37 ) ( 40 )
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَئِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا
غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ
|
|
وَالَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَئِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ
يَغْفِرُونَ( 37 ) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ
الصَّلَوةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنْفِقُونَ(
38 ) وَالَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ( 39 )
وَجَزَؤُاْ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ
عَلَى اللهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّلِمِينَ( 40 ) |
|
التّفسير |
|
المؤمنون
لا يستسلمون للظلم:
|
|
هذه الآيات استمرار للبحث
الوارد في الآيات السابقة بخصوص الأجر الإلهي للمؤمنين المتوكلين. |
|
الآيات( 41 ) ( 43 )
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيل(
41 ) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ
|
|
وَلَمَنِ انْتَصَرَ
بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيل( 41 ) إِنَّمَا
السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى الاَْرْضِ
بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( 42 ) وَلَمَن صَبَرَ وَ
غَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُْمُورِ( 43 ) |
|
التّفسير |
|
الظلم
والإنتصار:
|
|
تعتبر هذه الآيات ـ في
الحقيقة ـ تأكيداً وتوضيحاً وتكميلا للآيات السابقة بشأن الإنتصار ومعاقبة
الظالم والعفو في المكان المناسب، والهدف من ذلك أن معاقبة الظالم والإنتقام منه
من حق المظلوم، ولا يحق لأحد منعه عن حقه، وفي نفس الوقت فإذا صادف أن سيطر
المظلوم على الظالم وانتصر عليه، وعند ذلك صبر ولم ينتقم فإن ذلك يعتبر فضيلة
كبرى. |
|
الآيات( 44 ) ( 46 )
وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِىٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى
الظَّلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ يَقُولُونَ
|
|
وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِىٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّلِمِينَ لَمَّا
رَأَوُاْ الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيل( 44 )
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِن
طَرْف خَفِىٍّ وَقَالَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ الْخَسِرِينَ الَّذِينَ
خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةَ أَلاَ إِنَّ
الظَّلِمِينَ فِى عَذَاب مُّقِيم( 45 ) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّنْ أَوْلِيَآءَ
يَنْصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللهِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيل(
46 ) |
|
التّفسير |
|
هل
من سبيل للرجعة؟
|
|
الآيات السابقة كانت تتحدث عن
الظالمين، أمّا الآيات التي نبحثها فتشير إلى عاقبة هذه المجموعة وجوانب من
عقابها. الملمّون بتعابير القرآن بخصوص الهداية والضلالة، يعرفون بوضوح أنّه لا
الهداية ولا الضلالة مفروضة وجبرية، إنّما هما نتيجتان مباشرتان لأعمال الناس.
فأحياناً يقوم الإنسان بعمل معين وبسببه يسلب الخالق منه التوفيق ويطمس على قلبه
ويمنع عنه نور الهداية ويتركه سابحاً في الظلمات. |
|
الآيات( 47 ) ( 50 )
اسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمَ لاَّ مَرَدَّ لَهُ
مِنَ اللهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَإ يَوْمَئِذ
|
|
اسْتَجِيبُواْ
لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمَ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ مَا
لَكُمْ مِّن مَّلْجَإ يَوْمَئِذ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِير( 47 ) فَإِنْ
أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ
الْبَلَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الاِْنْسَنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا
وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَإِنَّ الاِْنْسَنَ
كَفُورٌ( 48 ) للهِ مُلْكُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ
لِمَنْ يَشَآءُ إِنَثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَآءُ الذُّكُورَ( 49 ) أَوْ
يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ
قَدِيرٌ عَلِيمٌ( 50 ) |
|
التّفسير |
|
الأولاد...هبة
الرحمن:
|
|
بما أنّ الآيات السابقة ذكرت
جانباً من العقاب الأليم الموحش للكافرين والظالمين، فإنّ الآيات اعلاه تحذر
جميع الناس من هذا المصير المشؤوم، وتدعوهم إلى الإستجابة لدعوة الخالق والعودة
إلى طريق الحق. فأوّل آية تقول: (استجيبوا لربّكم من قبل أن
يأتي يوم لا مرد له من الله)( قد تكون عبارة (من الله) في الجملة أعلاه بمعنى
(من قبل الله) يعني لا توجد عودة من قبل الخالق، وقد تكون بمعنى (في مقابل الله)
يعني لا يوجد من يستطيع أن يعيدكم إلى هذه الدنيا ضد إرادة الخالق.). |
|
الآية( 51 ) وَمَا
كَانَ لِبَشَر أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآىءِ حِجَاب
أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ
|
|
وَمَا كَانَ
لِبَشَر أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآىءِ حِجَاب أَوْ
يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ( 51
) |
|
سبب
النّزول
|
|
فيما يلي خلاصة لما ذكره بعض المفسّرين من سبب النّزول في هذه الآية: جاء عدد
من اليهود إلى الرّسول(ص) وقالوا له: لماذا لا تتكلم مع الخالق؟ ولماذا لا تنظر
إليه؟ فلو كنت نبيّاً حقّاً فافعل مثل موسى حيث نظر إلى الخالق وتحدث معه، وسوف
لا نؤمن بك أبداً حتى تفعل ما نطلبه منك، عندها أجابهم النّبي(ص): إنّ موسى لم يَرَ
الخالق أبداً، هنا نزلت الآية أعلاه (حيث وضحت كيفية الإرتباط بين الأنبياء
والخالق)( تفسير القرطبي، المجلد الثامن، ص5873.). |
|
التّفسير |
|
طرق
ارتباط الانبياء بالخالق:
|
|
هذه السورة، كما قلنا في
بدايتها، تهتم بشكل خاص بقضية الوحي والنبوّة، فهي تبدأ بالوحي وتنتهي به، لأن
الآيات الأخيرة تتحدث عن هذا الموضوع (أي الوحي). |
|
بحثان
|
|
الأوّل:
الوحي في اللغة والقرآن والسنة
|
|
يرى الراغب في
مفرداته إن أصل الوحي يعني الإشارة السريعة سواء بالكلام الخافت،
أو الصوت الخالي من التراكيب الكلامية، أو الإشارة بالأعضاء (بالعين واليد والرأس) أو بالكتابة. |
|
1ـ تفسير بعض
الفلاسفة القدماء
|
|
يرى هؤلاء ـ وفقاً لمقدمات مفصلة ـ أن الوحي هو عبارة عن الإتصال
الخارق (لنفس الرّسول) مع (العقل الفعّال) المسيطر بظله على عالم (الحس المشترك)
و(الخيال). |
|
نقد
وتحليل
|
|
هذه النظرية تعتمد على مقدمات
يعتبر القسم الأعظم منها مرفوضاً في الوقت الحاضر، فمثلا أفلاك بطليموس التسع
والنفوس والعقول المرتبطة بها تعتبر جزءاً من الأساطير، لعدم وجود أي دليل على
إثباتها، بل وتوجد أدلة ضدها. |
|
2ـ تفسير بعض
الفلاسفة الجدد
|
|
هذه المجموعة من الفلاسفة
اعتبرت الوحي باختصار نوعاً من (الشعور الباطن)
وجاء في (دائرة معارف القرن العشرين) حول الوحي ما يلي: |
|
نقد
وتحليل
|
|
واضح أن ما تقوله هذه المجموعة هو افتراض بحت، حيث لم يذكروا أيّ دليل
على ذلك، وفي الحقيقة فقد اعتبروا الأنبياء أفراداً لهم نبوغ فكري وشخصية عظيمة،
دون أن يقبلوا بارتباطهم بمصدر عالم الوجود (الخالق
العظيم) واكتسابهم للعلوم عن طريقه ومن خارج كيانهم. |
|
3ـ النبوغ الفكري
|
|
البعض الآخر تجاوز
هذه الأقوال وأعلن بشكل رسمي أن الوحي نتيجة للنبوغ
الفكري للأنبياء، ويقول: إنّ الأنبياء كانوا أفراداً ذوي فطرة طاهرة ونبوغ خارق،
حيث كانوا يدركون مصالح المجتمع الإنساني، وبواسطته يضعون له المعارف والقوانين. ولا بأس من ذكر مثال لتوضيح هذا الموضوع... |
|
منطق
منكري الوحي:
|
|
يذكر بعض الماديين
لدى طرح مسألة الوحي بأن الوحي خلاف العلم! |
|
الايراد
الدائمي والرد الدائمي:
|
|
مثل هذا التعامل للماديين مع
الوحي لا يرتبط بهذا الخصوص فحسب، فهؤلاء لهم
مثل هذا التحليل حيال جميع القضايا التي تختص بما وراء الطبيعة، ولأجل التوضيح
نقول لهم دائماً: لا تنسوا أن حدود العلم هي عالم المادة، والأجهزة والوسائل
المستخدمة في البحوث العلمية ـ كالمختبرات والتلسكوبات والميكروسكوبات وقاعات
التشريح ـ كلها محدود بحدود هذا العالم، فهذه العلوم وأجهزتها لا تستطيع أن
تتحدث أبداً عما هو موجود خارج حدود عالم المادة، لا بالنفي ولا بالإثبات،
والدليل على ذلك واضح، لأن هذه الأجهزة والوسائل لها قدرة محدودة ومحيط خاص بها. |
|
بعض
الأحاديث بخصوص قضية الوحي:
|
|
هناك روايات عديدة
وردت في المصادر الإسلامية بخصوص الوحي، حيث توضح جوانب من هذا الإرتباط المجهول
للأنبياء بمصدر الوحي: |
|
الآيتان( 52 ) ( 53 )
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا
الْكِتَبُ وَلاَ الاِْيمَنُ
|
|
وَكَذَلِكَ
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَبُ
وَلاَ الاِْيمَنُ وَلَكِنْ جَعَلْنَهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِن
عِبَادِناً وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَط مُّسْتَقِيم( 52 ) صِرَطِ اللهِ
الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ
تَصِيرُ الاُْمُورُ( 53 ) |
|
التّفسير |
|
القرآن
روح من الخالق:
|
|
بعد البحث العام الذي ورد في
الآية السابقة بخصوص الوحي، تتحدث الآيات التي نبحثها عن نزول الوحي على شخص
الرّسول الأكرم(ص) حيث تقول: (وكذلك أوحينا أليك روحاً
من أمرنا). |
|
ملاحظات
|
|
1ـ ماذا كان دين
الرّسول الأعظم قبل نبوته؟
|
|
لا يوجد شك في أن الرّسول
الأكرم(ص) لم يسجد لصنم قبل بعثته أبداً، ولم ينحرف عن خط التوحيد، فتاريخ حياته
يعكس بوضوح هذا المعنى، إلاّ أن العلماء يختلفون في الدين الذي كان عليه: |
|
2ـ الجواب على
سؤال
|
|
بعد هذا البحث قد
يُطرح هذا السؤال: لماذا تقول
الآية: (ماكنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) رغم
ما ذكرناه من إيمان وأعمال النّبي(ص) قبل نبوّته؟ |
|
3ـ ملاحظة أدبية
|
|
هناك كلام كثير حول الضمير في
جملة: (لكن جعلناه نوراً) لمن يعود، فذهب البعض أن المقصود هو القرآن نفسه، الكتاب السماوي
لرسول الإسلام(ص)، ويحتمل أن يكون هذا النور هو النور الإلهي لـ(الإيمان). نهاية
سورة الشورى |
|
|
|
|
سُورَة الشّورى مكيّة
وَ عَدَدُ آياتِها ثلاث وخمسُون آية
|
|
نظرة
عامة في محتوى السورة:
|
|
إنّ إطلاق اسم
«الشورى» على هذه السورة المباركة يعود
إلى محتوى الآية (38) منها والتي تدعو المسلمين إلى
المشورة في أُمورهم. |
|
فضيلة
تلاوة السورة:
|
|
جاء في حديث عن رسول الله(ص)
قوله: «من قرأ سورة حم عسق كانَ ممن تصلّي عليه الملائكة، ويستغفرون لهُ
ويترحمون عليه»( مجمع البيان، المجلد 9 ـ 10، ص31، طبعة
دار المعرفة..) |
|
الآيات( 1 ) ( 5 )
حم( 1 ) عسق( 2 ) كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ
اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
|
|
حم( 1 ) عسق( 2 )
كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ( 3 ) لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَهُوَ
الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ( 4 ) تَكَادُ السَّمَوَتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ
وَالْمَلَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى
الاَْرْضِ أَلاَ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( 5 ) |
|
التّفسير |
|
تكادُ
السماوات يَتَفَطّرن!
|
|
مرة اُخرى تواجهنا الحروف المقطّعة في مطلع السورة، وهي هنا تنعكس
بشكل مفصل، إذ بين أيدينا خمسة حروف. |
|
هل
تستغفر الملائكة للجميع؟
|
|
قد يطرح السؤال الآتي حول
قوله تعالى: (ويستغفرون لمن في الأرض)وهو: الآية
تفيد استغفار الملائكة لمطلق أهل الأرض سواء المؤمن منهم أو الكافر، فهل يمكن
ذلك؟ |
|
الآيات( 6 ) ( 8 )
وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ
وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيل( 6 )
|
|
وَالَّذِينَ
اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ
عَلَيْهِمْ بِوَكِيل( 6 ) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءَاناً
عَرَبِيّاً لِّتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ
الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ( 7
) وَلَوْ شَآءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ
يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ وَالظَّلِمُونَ مَا لَهُمْ مِّنْ وَلِىٍّ وَلاَنَصِير( 8
) |
|
التّفسير |
|
انطلاقة
من «أم القرى»:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن قضية
الشرك، لذلك فإنّ الآية الأولى في المجموعة الجديدة، تتناول بالبحث نتيجة عمل
المشركين وعاقبة أمرهم حيث يقول تعالى: (والذين اتخذوا
من دونه أولياء الله حفيظ عليهم). إنّ هذه الآيات تبيّن حقيقة
حرية العباد واختيارهم الطريق الذي يريدونه بإرادتهم وحريتهم، لأنّ القيمة
الحقيقة للإيمان والعمل الصالح تكمن في حرية الإختيار، وليس للإيمان أو العمل
الإجباري أي قيمة معنوية. |
|
الآيات( 9 ) ( 12 )
أَمِ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِىُّ وَهُوَ
يُحْىِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ
|
|
أَمِ اتَّخَذُواْ
مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِىُّ وَهُوَ يُحْىِ الْمَوْتَى
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ( 9 ) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْء
فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
أُنِيبُ( 10 ) فَاطِرُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجاً وَمِنَ الاَْنْعَمِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( 11 ) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَتِ
وَالاَْرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ
شَىْء عَلِيمٌ( 12 ) |
التّفسير |
|
الولي
المطلق:
|
|
أوضحت الآيات السابقة أن لا
وليّ ولا نصير سوى الله، والآيات التي بين أيدينا تعطي أدلة على هذه القضية
،وتنفي الولاية لما دونه سبحانه وتعالى. |
|
|
بحوث
|
|
1ـ معرفة صفات
الله تعالى
|
|
إنّ علمنا وعلوم الكائنات
جميعاً محدود، لذا لا نستطيع أن نصل إلى كنه وحقيقة ذات الخالق غير المحدودة،
لأنّ المعرفة بحقيقة شيء ما تعني الإحاطة به، فكيف يستطيع الكائن المحدود أن
يحيط بالذات غير المحدودة؟ نقول مثلا: إنّ الله هو «الأول» وهو أيضاً «الآخر» هو «الظاهر» وهو «الباطن» هو مع كلّ
شيء وليس مع شيء، وبعيد عن كلّ شيء إلاّ أنّهُ ليس غربياً عنهُ. |
|
2ـ ملاحظة أدبية
|
|
إنّ الكاف في جملة (ليس كمثله شيء)
للتشبيه، وتعني المثل أيضاً. لذا فإنّ هذا
التكرار أصبح سبباً لأن يعتبر الكثير من المفسّرين أنّها زائدة، وأنّها جاءت للتأكيد.
وأمثال ذلك كثير في الكلمات الفصحى. |
|
3 ـ بعض
الملاحظات حول الرزق الإلهي:
|
|
أ: معيار بسط الرزق
وتقديره: ج:عدم اقتصار الرزق على المفهوم المادي: |
|
الآيتان( 13 ) ( 14 )
شَرَعَ لَكُمْ مِّنَ الَّدِينَ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ
إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَهِيمَ
|
|
شَرَعَ لَكُمْ
مِّنَ الَّدِينَ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا
وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ
تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ
اللهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَنْ يَشَآءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ( 13 ) وَمَا
تَفَرَّقُواْ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بِغْيَا بَيْنَهُمْ
وَلَولاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى لَّقُضِىَ
بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الْكِتَبَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِى شَكٍّ
مِّنْهُ مُرِيب( 14 ) |
|
التّفسير |
|
الإسلام
عصارة شرائع جميع الأنبياء:
|
بما أن العديد من بحوث هذه
السورة تتعلق بالمشركين، وأن الآيات السابقة كانت تتحدث عن نفس هذا الموضوع
أيضاً، لذا فإنّ الآيات التي نبحثها تبيّن هذه الحقيقة، وهي أن دعوة الإسلام إلى
التوحيد ليست دعوة جديدة، إنّها دعوة جميع الأنبياء أولي العزم، وليس أصل
التوحيد فحسب، بل إن جميع دعوات الأنبياء في القضايا
الأساسية وفي مختلف الأديان السماوية كانت واحدة. |
|
ملاحظات
في هذه الآية يجب الإنتباه إليها:
|
|
وهناك ملاحظات في
هذه الآية يجب الإنتباه إليها: أمّا آخر جملة فتقوم بتوضيح حال الأشخاص الذين جاؤوا بعد هذه المجموعة، أي الذين لم
يدركوا عصر الرسل، بل جاؤا في فترة طبع فيها المنافقون والمفرقون المجتمع البشري
بطابعهم الشيطاني، لذا لم يسطيعوا إدراك الحق بشكل جيد، حيث تقول: (وإن الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب)( وفقاَ
لهذا التّفسير الذي يتناسق بشكل كامل مع الجمل السابقة، فإن ضمير (بعدهم) يعود
إلى الأمم الأولى التي أوجدت الفرقة بين المذاهب والأديان، وليس إلى الأنبياء
المذكورين في الآية السابقة (فدقق ذلك).). |
|
ملاحظة
|
|
|
نقل تفسير علي بن إبراهيم عن
الإمام الصادق(عليه السلام) في قول الله تعالى: (أن
أقيموا الدين) قال الأمام، (ولا تتفرقوا فيه)
كناية عن أمير المؤمنين الإمام علي (ع) ثمّ قال:(كبر على المشركين ما تدعوهم
إليه) من أمر ولاية علي (الله يجتبي إليه من يشاء)كناية عن علي(ع)( تفسير نور الثقلين، المجلد الرابع، ص 567.). |
|
الآية( 15 )
فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ
وَقُلْ ءَامَنْتُ بِمَآ أَنْزَلَ اللهُ
|
|
فَلِذَلِكَ فَادْعُ
وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنْتُ
بِمَآ أَنْزَلَ اللهُ مِن كِتَبِ وَأُمِرْتُ لاَِعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ
رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَلُكُمْ لاَ حُجَّةَ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ( 15 ) |
|
التّفسير |
|
فاستقم
كما أمرت!
|
|
بما أن الآيات السابقة تحدثت
عن تفرق الأمم بسبب البغي والظلم والإنحراف، لذا فإنّ الآية التي نبحثها تأمر
النّبي بمحاولة حل الإختلافات وإعادة الحياة إلى دين الأنبياء، وأن يبذل منتهى
الإستقامة في هذا الطريق، فتقول: (فلذلك فادع)( بعض
المفسّرين اعتبر «اللام» في «لذلك» بمعنى (إلى)، والبعض الآخر بمعنى (التعليل)
وفي الحالة الأولى تكون كلمة (ذلك) إشارة إلى دين الأنبياء السابقين، وفي الحالة
الثانية إشارة إلى اختلاف الأمم.) أي ادعوهم إلى الدين الإلهي الواحد
وامنع الإختلافات. |
|
الآيات( 16 ) ( 18 )
وَالَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِى اللهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ
دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
|
|
وَالَّذِينَ
يُحَآجُّونَ فِى اللهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ( 16 ) اللهُ
الَّذِى أَنْزَلَ الْكِتَبَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ
السَّاعَةَ قَرِيبٌ( 17 ) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِهَا
وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ
أَلاَ إِنَّ الَّذيِنَ يُمَارُونَ فِى السَّاعَةِ لَفِى ظَلَل بَعِيد( 18 ) |
|
التّفسير |
|
لا
تستعجلوا بالساعة!!
|
|
الآيات السابقة كانت تتحدث عن
واجبات النّبي(ص)، كاحترامه لمحتوى الكتب السماوية، وتطبيق العدالة بين جميع
الناس وترك أي محاججة أو خصومة بينه وبينهم. أمّا الآيات التي نبحثها، فلكي
تكمّل البحث السابق وتثبت أن حقانية نبيّ الأسلام لا تحتاج إلى دليل، تقول: (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند
ربّهم) وبما أن نقاشهم ومحاججتهم ليس لكشف الحقيقة، بل للعناد والاصرار
تقول الاية (وعليهم غضب). (ولهم عذاب شديد) لعدم وجود غير هذا الجزاء للمعاندين. |
|
الآيتان( 19 ) ( 20 )
اللهُ لَطِيفُ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ(
19 )
|
|
اللهُ لَطِيفُ
بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ( 19 ) مَن كَانَ
يُرِيدُ حَرْثَ الاَْخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الاَْخِرَةِ مِن نَّصِيب( 20
) |
|
التّفسير |
|
مزرعة
الدنيا والآخرة:
|
|
بما أن الآيات السابقة كانت
تتحدث عن العذاب الإلهي الشديد وعن طلب منكري المعاد للتعجيل بقيام القيامة، لذا
فإنّ أوّل آية نبحثها هنا تقرن «الغضب» الالهي مع «اللطف» الالهي في معرض ردها
على استعجال منكري المعاد: (الله لطيف بعباده). ونُنهي هذا الكلام بحديث عن
الرّسول الأكرم(ص) حيث يقول: «من كانت نيّته الدنيا فرق الله عليه أمره، وجعل
الفقر بين عينيه، ولم يأته من لدنيا إلاّ ما كتب له، ومن كانت نيّته الآخرة جمع
الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة»( مجمع البيان، نهاية الآيات التي نبحثها.). |
|
الآيات( 21 ) ( 23 )
أَمْ لَهُمْ شُرَكَؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ الِّدِينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ
اللهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ
|
|
أَمْ لَهُمْ
شُرَكَؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ الِّدِينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ
وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّلِمِينَ لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ( 21 )تَرَى الظَّلِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمِّا كَسَبُواْ وَهُوَ
وَاقِعُ بِهِمْ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ فِى رَوْضَاتِ
الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ
الْكَبِيرُ( 22 ) ذَلِكَ الَّذِى يُبَشِّرُ اللهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً
إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ
فِيهَا حَسَناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ( 23 ) |
|
سبب
النّزول
|
|
لقد ورد في تفسير
مجمع البيان سبب نزول للآيات 23 وحتى 26 من هذه السورة أنّه ذكر أبو حمزة الثمالي
في تفسيره حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس أنّ رسول الله
حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها: نأتي رسول الله فنقول
له إن تعروك أُمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير
حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك فنزلت: (قل لا أسألكم
عليه أجراً إلاّ المودة في القربى) فقرأها عليهم وقال تودون قرابتي من
بعدي فخرجوا من عنده مسلّمين لقوله فقال المنافقون: إن هذا لشيء افتراه في مجلسه
أراد بذلك أن يذللنا لقرابته من بعده، فنزلت: (أم
يقولون افترى على الله كذباً)فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم
فانزل الله: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) الآية، فأرسل في أثرهم فبشرهم
وقال: (ويستجيب الذين آمنوا وهم الذين سلّموا لقوله تعالى)( تفسير مجمع البيان، ج9، ص 29.). |
|
التّفسير |
|
أجر
الرسالة في مودة أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
بما أنّ الآية 13
من هذه السورة كانت تتحدث عن تشريع الدين
من قبل الخالق بواسطة الأنبياء أولي العزم، لذا فإن أوّل آية في هذا البحث ـ
كاستمرار للموضوع ـ تقول في مجال نفي تشريع الأخرين، وأن جميع القوانين ليست
معتبرة قبال القانون الإلهي، وأن التقنين يختص بالخالق: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله). |
|
توضيح
|
|
هناك بحوث متعددة
وتفاسير مختلفة للمفسّرين في تفسير هذه الجملة، بحيث إذا ما نظرنا إليها بدون أي موقف مسبق نشاهد أنّها ابتعدت عن المفهوم
الأصلي للآية بسبب الدوافع المختلفة، وذكروا احتمالات
لا تتلاءم مع محتوى الآية، ولامع سبب نزولها ،ولا مع سائر القرائن التأريخية
والروائية. |
|
الروايات
الواردة في تفسير هذه الآية
|
|
الدليل الآخر على
التّفسير أعلاه هو الروايات المتعددة الواردة في مصادر أهل السنة والشيعة، والمنقولة عن
الرّسول(ص)، حيث توضح أن المقصود من (القربى) هم أهل البيت والمقربون وخاصة
الرّسول، وعلى سبيل المثال نذكر: 6 ـ وينقل السيوطي أيضاً في (الدر المنثور) عن ابن جرير عن
أبي الديلم: عندما تأسّر علي بن الحسين(ع)، وأوقفوه في بوابة دمشق، قال رجل من
أهل الشام: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم. |
|
بحوث
|
|
1ـ كلام مع
المفسر المعروف (الآلوسي)
|
|
في هذا المجال يطرح سؤال ذكره الآلوسي في تفسير روح المعاني بشكل
اعتراض على الشيعة، ونحن نذكر ذلك على شكل سؤال ونقوم بمناقشته: يقول: |
|
تحليل
ومناقشة:
|
|
يمكن توضيح جواب العديد من
هذه الإشكالات إذا راجعنا تصورنا لهذه الآية ـ التي نبحثها ـ وفقاً للقرائن
المتعدده القوية الموجودة في نفس هذه الآية، وسائر الآيات القرآنية الأُخرى: |
|
ومع
هذا التوضيح المختصر سنقوم ببحث الإشكالات أعلاه:
|
|
1 ـ يجب القول أنّ بعض الترسبات
الذهنية واتخاذ المواقف المسبقة كانت سبباً لعدم تفسير بعض المفسّرين للآية
بمودة أهل البيت، فمثلا فسّر بعضهم (القربى) لمعنى (التقرب من الخالق) في حين
أنّها وردت بمعنى الأقرباء في جميع الآيات القرآنية التي تحتوي على هذه الكلمة. ومن هنا يتوضح أن طلب مثل هذا الأجر لا يتعارض، لا مع منزلة النبوة، ولا
يشبه تقاليد اصحاب الدنيا، ويتناسق بشكل كامل مع الآية
(104) من سورة يوسف التي تنفي أي نوع من الأجر، لأن أجر مودة أهل البيت
في الحقيقة ـ لا يستفيد منه النّبي، بل إن المسلمين هم الذين يستفيدون منه. إن كان رفضاً حب آل محمّد فليشهد الثقلان أني رافضي ومع هذا لا أعتقد الخروج عما
يعتقده أكابر أهل السنة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم ديناً، وأرى حبّهم فرضاً
علي مبيناً، فقد أوجبه الشارع وقامت على ذلك البراهين السواطع»( تفسير روح المعاني، ج 25، ص32.). |
|
2ـ سفينة النجاة
|
|
ذكر الفخر الرازي في نهاية
هذا البحث ملاحظة، كما ذكرها الآلوسي أيضاً في
روح المعاني بعنوان (ملاحظة لطيفة) وذلك نقلا عن الفخر
الرازي، حيث يعتقد أن بعض التناقضات ستزول من خلال هذه الملاحظة هي: إن
الرّسول الأكرم قال من جانب: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجى» ومن
جانب آخر قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. |
|
3ـ تفسير «ومن
يقترف حسنة...»
|
|
«اقترف» في
جملة: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً)
مأخوذة في الأصل من (قرف) على وزن (حرف) وتعني قطع القشرة الإضافية من الشجرة،
أو من الجروح الحاصلة، حيث تكون أحياناً علامة على شفاء الجرح وتحسنه، هذه
الكلمة استخدمت فيما بعد في الإكتساب سواء كان حسناً أو سيئاً. |
|
4ـ مكان نزول هذه
الآيات
|
|
هذه السورة (سورة الشورى) من
السور المكّية، كما قلنا في البداية، إلاّ أن بعض
المفسّرين يعتقدون أن هذه الآيات الأربع (23 ـ 26) نزلت في المدينة، وسبب
النّزول الذي ذكرناه في بداية تفسير هذه الآيات يشهد على هذا المعنى. |
|
الآيات( 24 ) ( 26 )
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ
عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْبَطِلَ
|
|
أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ
وَيَمْحُ اللهُ الْبَطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ
بِذَاتِ الصُّدُورِ( 24 ) وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ
وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ( 25 ) وَيَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَيَزِيدُهُم مِّنْ فَضْلِهِ
وَالْكَفِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ( 26 ) |
|
التّفسير |
|
يقبل
التوبة عن عباده:
|
|
هذه الآيات تعتبر استمراراً
للآيات السابقة في موضوع الرسالة وأجرها، ومودّة ذوي القربى وأهل البيت(ع). وفي الحقيقة، فإن هذا الأمر
إشارة إلى الإستدلال المنطقي المعروف، وهو أنّه إذا ادعى شخص النبوة، وجاء
بالآيات البينات والمعاجز، وشمله النصر الإلهي، فلو كذب على الخالق فإن الحكمة
الإلهية تقتضي سحب المعاجز منه وفضحه وعدم حمايته، كما
ورد في الآيات (44) إلى (46) من سورة الحاقة:
(ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنامنه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين). |
|
الآيات( 27 ) ( 31 )
وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاَْرْضِ وَلَكِنْ
يُنَزِّلُ بِقَدَر مَّا يَشَآءُ
|
|
وَلَوْ بَسَطَ
اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاَْرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ
بِقَدَر مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ( 27 ) وَهُوَ الَّذِى
يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ
الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ ( 28 )وَمِنْ ءَايَتِهِ خَلْقُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ
وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّة وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ
قَدِيرٌ( 29 ) وَمَآ أَصَبَكُم مِّن مُّصِيبِة فَبَِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُواْ عَنْ كَثِير( 30 ) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الاَْرْضِ
وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللهِ مِن وِلِىٍّ وَلاَ نَصِير( 31 ) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقل عن الصحابي المعروف (خباب بن الأرث) أن الآية الأولى: (ولو بسط...)نزلت
فينا، وذلك بسبب أنّنا كنّا ننظر إلى الأموال الكثيرة لبني
قريظة وبني النظير وبني القينقاع من اليهود، وكنّا نرغب بامتلاكنا لمثل
هذه الأموال، إلاّ أن هذه الآية نزلت وحذرتنا من أن الخالق لو بسط لنا في الرزق
فسوف نطغى(تفسير الفخر الرازي، تفسير أبو الفتوح
الرازي، وتفسير القرطبي (نهاية الآية التي نبحثها).). |
|
التّفسير |
|
المترفون
الباغون:
|
|
قد يكون ارتباط هذه الآيات
بالآيات السابقة بلحاظ ما ورد في آخر آية من الآيات السابقة من أن الخالق يستجيب
دعوة المؤمنين، وفي أعقاب ذلك يطرح هذا السؤال: لماذا نرى البعض منهم فقراء، ولا
ينالون ما يرغبونه مهما يدعون؟ تقول الآية: (ولو بسط
الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء). |
|
ملاحظات
|
|
علّة
المصائب:
|
|
ومن الضروري
الإنتباه إلى بعض الملاحظات الواردة في هذه الآية: |
|
مسائل
مهمّة
|
|
الاولى:
مصائبكم بما كسبت أيديكم:
|
|
يتصور العديد من الناس أن
علاقة أعمال الإنسان بالجزاء الإلهي مثل العقود الدنيوية وما تحتويه من الأجر
والعقاب، في حين قلنا ـ مراراً ـ إن هذه العلاقة
أقرب ما تكون إلى الإرتباط التكويني منه إلى الإرتباط التشريعي. |
|
الثانية:
اشتباه كبير
|
|
قد يستنتج البعض بشكل خاطىء
من هذه الحقيقة القرآنية ويقول بوجوب الإستسلام
لأي حادثة مؤسفة، إلاّ أن هذا الأمر خطير للغاية، لأنّه
يستفيد من هذا الأصل القرآني التربوي بشكل معكوس ويستنتج نتيجة تخديرية. فالقرآن لا يقول أبداً
بالإستسلام حيال المصائب وعدم السعي لحل المشاكل، والركون للظلم والجور والمرض،
بل يقول: إذا شملتك المصائب بالرغم من سعيك ومحاولاتك لدفعها، فاعلم أن ذلك هو
كفارة الذنوب التي قمت بها وارتكبتها، عليك أن تفكر بأعمالك السابقة، وتستغفر
لذنوبك، وتصلح نفسك وتكتشف نقاط ضعفك. |
|
الثّالثة:
من هم أصحاب الصفة؟
|
|
الذين يذهبون إلى زيارة قبر
النّبي(ص) في المدينة، يشاهدون مكاناً مرتفعاً قليلا عن الأرض في زاوية المسجد
وقرب القبر الشريف حيث عزلت أطرافه بشكل جميل عن باقي المسجد، كما أن الكثير ينتخب
هذا المكان لتلاوة القرآن والصلاة. |
|
الآيات( 32 ) ( 36 )
وَمِنْ ءَايَتِهِ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاَْعْلَمِ( 32 ) إِن يَشَأْ
يُسْكِنِ الرِّيْحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ
|
|
وَمِنْ ءَايَتِهِ
الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاَْعْلَمِ( 32 ) إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيْحَ
فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَتِ لِّكُلِّ
صَبَّار شَكُور( 33 ) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعْفُ عَنْ كَثِير (
34 )وَيَعْلَمُ الَّذِينَ يُجَدِلُونَ فِى ءَايَتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيص(
35 ) فَمَا أُوْتِيتُم مِّن شَىْء فَمَتَعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ
اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ( 36 ) |
|
التّفسير |
|
هبوب
الرياح المنتظمة وحركة السفن (عليهم السلام)
|
|
مرّة اُخرى نشاهد أنّ هذه
الآيات تقوم بتبيان علائم الخالق وأدلة التوحيد، وتستمر في البحث الذي أشارت
إليه الآيات السابقة بهذا الخصوص. لذا فقد ورد في حديث عن الرّسول(ص) أنّه قال: «والله ما الدنيا في الآخرة
إلاّ مثل أن يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع؟!»( روح البيان، المجلد الثّالث، ص429 (نهاية الآية 38 من سورة
التوبة)). |
|
الآيات( 37 ) ( 40 )
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَئِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا
غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ
|
|
وَالَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبَئِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ
يَغْفِرُونَ( 37 ) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ
الصَّلَوةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ يُنْفِقُونَ(
38 ) وَالَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ( 39 )
وَجَزَؤُاْ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ
عَلَى اللهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّلِمِينَ( 40 ) |
|
التّفسير |
|
المؤمنون
لا يستسلمون للظلم:
|
|
هذه الآيات استمرار للبحث
الوارد في الآيات السابقة بخصوص الأجر الإلهي للمؤمنين المتوكلين. |
|
الآيات( 41 ) ( 43 )
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيل(
41 ) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ
|
|
وَلَمَنِ انْتَصَرَ
بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيل( 41 ) إِنَّمَا
السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى الاَْرْضِ
بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( 42 ) وَلَمَن صَبَرَ وَ
غَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُْمُورِ( 43 ) |
|
التّفسير |
|
الظلم
والإنتصار:
|
|
تعتبر هذه الآيات ـ في
الحقيقة ـ تأكيداً وتوضيحاً وتكميلا للآيات السابقة بشأن الإنتصار ومعاقبة
الظالم والعفو في المكان المناسب، والهدف من ذلك أن معاقبة الظالم والإنتقام منه
من حق المظلوم، ولا يحق لأحد منعه عن حقه، وفي نفس الوقت فإذا صادف أن سيطر
المظلوم على الظالم وانتصر عليه، وعند ذلك صبر ولم ينتقم فإن ذلك يعتبر فضيلة
كبرى. |
|
الآيات( 44 ) ( 46 )
وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِىٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى
الظَّلِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ الْعَذَابَ يَقُولُونَ
|
|
وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِىٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّلِمِينَ لَمَّا
رَأَوُاْ الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيل( 44 )
وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِن
طَرْف خَفِىٍّ وَقَالَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّ الْخَسِرِينَ الَّذِينَ
خَسِرُواْ أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةَ أَلاَ إِنَّ
الظَّلِمِينَ فِى عَذَاب مُّقِيم( 45 ) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّنْ أَوْلِيَآءَ
يَنْصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللهِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيل(
46 ) |
|
التّفسير |
|
هل
من سبيل للرجعة؟
|
|
الآيات السابقة كانت تتحدث عن
الظالمين، أمّا الآيات التي نبحثها فتشير إلى عاقبة هذه المجموعة وجوانب من
عقابها. الملمّون بتعابير القرآن بخصوص الهداية والضلالة، يعرفون بوضوح أنّه لا
الهداية ولا الضلالة مفروضة وجبرية، إنّما هما نتيجتان مباشرتان لأعمال الناس.
فأحياناً يقوم الإنسان بعمل معين وبسببه يسلب الخالق منه التوفيق ويطمس على قلبه
ويمنع عنه نور الهداية ويتركه سابحاً في الظلمات. |
|
الآيات( 47 ) ( 50 )
اسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمَ لاَّ مَرَدَّ لَهُ
مِنَ اللهِ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَإ يَوْمَئِذ
|
|
اسْتَجِيبُواْ
لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ يَوْمَ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ مَا
لَكُمْ مِّن مَّلْجَإ يَوْمَئِذ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِير( 47 ) فَإِنْ
أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ
الْبَلَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الاِْنْسَنَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا
وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَإِنَّ الاِْنْسَنَ
كَفُورٌ( 48 ) للهِ مُلْكُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ
لِمَنْ يَشَآءُ إِنَثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَآءُ الذُّكُورَ( 49 ) أَوْ
يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ
قَدِيرٌ عَلِيمٌ( 50 ) |
|
التّفسير |
|
الأولاد...هبة
الرحمن:
|
|
بما أنّ الآيات السابقة ذكرت
جانباً من العقاب الأليم الموحش للكافرين والظالمين، فإنّ الآيات اعلاه تحذر
جميع الناس من هذا المصير المشؤوم، وتدعوهم إلى الإستجابة لدعوة الخالق والعودة
إلى طريق الحق. فأوّل آية تقول: (استجيبوا لربّكم من قبل أن
يأتي يوم لا مرد له من الله)( قد تكون عبارة (من الله) في الجملة أعلاه بمعنى
(من قبل الله) يعني لا توجد عودة من قبل الخالق، وقد تكون بمعنى (في مقابل الله)
يعني لا يوجد من يستطيع أن يعيدكم إلى هذه الدنيا ضد إرادة الخالق.). |
|
الآية( 51 ) وَمَا
كَانَ لِبَشَر أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآىءِ حِجَاب
أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ
|
|
وَمَا كَانَ
لِبَشَر أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآىءِ حِجَاب أَوْ
يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ( 51
) |
|
سبب
النّزول
|
|
فيما يلي خلاصة لما ذكره بعض المفسّرين من سبب النّزول في هذه الآية: جاء عدد
من اليهود إلى الرّسول(ص) وقالوا له: لماذا لا تتكلم مع الخالق؟ ولماذا لا تنظر
إليه؟ فلو كنت نبيّاً حقّاً فافعل مثل موسى حيث نظر إلى الخالق وتحدث معه، وسوف
لا نؤمن بك أبداً حتى تفعل ما نطلبه منك، عندها أجابهم النّبي(ص): إنّ موسى لم يَرَ
الخالق أبداً، هنا نزلت الآية أعلاه (حيث وضحت كيفية الإرتباط بين الأنبياء
والخالق)( تفسير القرطبي، المجلد الثامن، ص5873.). |
|
التّفسير |
|
طرق
ارتباط الانبياء بالخالق:
|
|
هذه السورة، كما قلنا في
بدايتها، تهتم بشكل خاص بقضية الوحي والنبوّة، فهي تبدأ بالوحي وتنتهي به، لأن
الآيات الأخيرة تتحدث عن هذا الموضوع (أي الوحي). |
|
بحثان
|
|
الأوّل:
الوحي في اللغة والقرآن والسنة
|
|
يرى الراغب في
مفرداته إن أصل الوحي يعني الإشارة السريعة سواء بالكلام الخافت،
أو الصوت الخالي من التراكيب الكلامية، أو الإشارة بالأعضاء (بالعين واليد والرأس) أو بالكتابة. |
|
1ـ تفسير بعض
الفلاسفة القدماء
|
|
يرى هؤلاء ـ وفقاً لمقدمات مفصلة ـ أن الوحي هو عبارة عن الإتصال
الخارق (لنفس الرّسول) مع (العقل الفعّال) المسيطر بظله على عالم (الحس المشترك)
و(الخيال). |
|
نقد
وتحليل
|
|
هذه النظرية تعتمد على مقدمات
يعتبر القسم الأعظم منها مرفوضاً في الوقت الحاضر، فمثلا أفلاك بطليموس التسع
والنفوس والعقول المرتبطة بها تعتبر جزءاً من الأساطير، لعدم وجود أي دليل على
إثباتها، بل وتوجد أدلة ضدها. |
|
2ـ تفسير بعض
الفلاسفة الجدد
|
|
هذه المجموعة من الفلاسفة
اعتبرت الوحي باختصار نوعاً من (الشعور الباطن)
وجاء في (دائرة معارف القرن العشرين) حول الوحي ما يلي: |
|
نقد
وتحليل
|
|
واضح أن ما تقوله هذه المجموعة هو افتراض بحت، حيث لم يذكروا أيّ دليل
على ذلك، وفي الحقيقة فقد اعتبروا الأنبياء أفراداً لهم نبوغ فكري وشخصية عظيمة،
دون أن يقبلوا بارتباطهم بمصدر عالم الوجود (الخالق
العظيم) واكتسابهم للعلوم عن طريقه ومن خارج كيانهم. |
|
3ـ النبوغ الفكري
|
|
البعض الآخر تجاوز
هذه الأقوال وأعلن بشكل رسمي أن الوحي نتيجة للنبوغ
الفكري للأنبياء، ويقول: إنّ الأنبياء كانوا أفراداً ذوي فطرة طاهرة ونبوغ خارق،
حيث كانوا يدركون مصالح المجتمع الإنساني، وبواسطته يضعون له المعارف والقوانين. ولا بأس من ذكر مثال لتوضيح هذا الموضوع... |
|
منطق
منكري الوحي:
|
|
يذكر بعض الماديين
لدى طرح مسألة الوحي بأن الوحي خلاف العلم! |
|
الايراد
الدائمي والرد الدائمي:
|
|
مثل هذا التعامل للماديين مع
الوحي لا يرتبط بهذا الخصوص فحسب، فهؤلاء لهم
مثل هذا التحليل حيال جميع القضايا التي تختص بما وراء الطبيعة، ولأجل التوضيح
نقول لهم دائماً: لا تنسوا أن حدود العلم هي عالم المادة، والأجهزة والوسائل
المستخدمة في البحوث العلمية ـ كالمختبرات والتلسكوبات والميكروسكوبات وقاعات
التشريح ـ كلها محدود بحدود هذا العالم، فهذه العلوم وأجهزتها لا تستطيع أن
تتحدث أبداً عما هو موجود خارج حدود عالم المادة، لا بالنفي ولا بالإثبات،
والدليل على ذلك واضح، لأن هذه الأجهزة والوسائل لها قدرة محدودة ومحيط خاص بها. |
|
بعض
الأحاديث بخصوص قضية الوحي:
|
|
هناك روايات عديدة
وردت في المصادر الإسلامية بخصوص الوحي، حيث توضح جوانب من هذا الإرتباط المجهول
للأنبياء بمصدر الوحي: |
|
الآيتان( 52 ) ( 53 )
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا
الْكِتَبُ وَلاَ الاِْيمَنُ
|
|
وَكَذَلِكَ
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَبُ
وَلاَ الاِْيمَنُ وَلَكِنْ جَعَلْنَهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِن
عِبَادِناً وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَط مُّسْتَقِيم( 52 ) صِرَطِ اللهِ
الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ
تَصِيرُ الاُْمُورُ( 53 ) |
|
التّفسير |
|
القرآن
روح من الخالق:
|
|
بعد البحث العام الذي ورد في
الآية السابقة بخصوص الوحي، تتحدث الآيات التي نبحثها عن نزول الوحي على شخص
الرّسول الأكرم(ص) حيث تقول: (وكذلك أوحينا أليك روحاً
من أمرنا). |
|
ملاحظات
|
|
1ـ ماذا كان دين
الرّسول الأعظم قبل نبوته؟
|
|
لا يوجد شك في أن الرّسول
الأكرم(ص) لم يسجد لصنم قبل بعثته أبداً، ولم ينحرف عن خط التوحيد، فتاريخ حياته
يعكس بوضوح هذا المعنى، إلاّ أن العلماء يختلفون في الدين الذي كان عليه: |
|
2ـ الجواب على
سؤال
|
|
بعد هذا البحث قد
يُطرح هذا السؤال: لماذا تقول
الآية: (ماكنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) رغم
ما ذكرناه من إيمان وأعمال النّبي(ص) قبل نبوّته؟ |
|
3ـ ملاحظة أدبية
|
|
هناك كلام كثير حول الضمير في
جملة: (لكن جعلناه نوراً) لمن يعود، فذهب البعض أن المقصود هو القرآن نفسه، الكتاب السماوي
لرسول الإسلام(ص)، ويحتمل أن يكون هذا النور هو النور الإلهي لـ(الإيمان). نهاية
سورة الشورى |
|
|
|