- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سورة فصّلت مكيّة وَعددَ
آياتِها أربع وخمسون آية
|
|
نظرة
في المحتوى العام للسورة:
|
|
سورة «فصلت» من السور المكية، وهي بذلك لا تخرج في مضامينها
الأساسية عن مثيلاتها، بل تعكس في محتواها كامل خصائص السور المكّية، من التأكيد على المعارف
الإسلامية التي تتصل بالعقيدة وبالحساب والجزاء، والوعيد والإنذار، وبالبشرى
للذين آمنوا. |
|
فضيلة
تلاوة السورة:
|
|
ورد في الحديث الشريف عن رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «من قرأ «حم السجدة» أعطي بكل حرف منها عشر
حسنات»( مجمع البيان مطلع الحديث عن السورة، المجلد 9،
صفحة 2..) |
|
الآيات( 1 ) ( 5 )
حم( 1 ) تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( 2 ) كِتَبٌ فُصِّلَتْ ءَايَتُهُ
قُرْءَاناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمِ يَعْلَمُونَ
|
|
حم( 1 ) تَنزِيلٌ
مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( 2 ) كِتَبٌ فُصِّلَتْ ءَايَتُهُ قُرْءَاناً
عَرَبِيّاً لِّقَوْمِ يَعْلَمُونَ( 3 ) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ
أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ( 4 ) وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةِ
مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ وَفِى ءَاذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا
وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَمِلُونَ( 5 ) |
|
التّفسير |
|
عظمة
القرآن:
|
|
تذكر الرّوايات أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يكف عن
عيب آلهة المشركين، ويقرأ عليهم القرآن فيقولون: هذا شعر محمّد. ويقول بعضهم: بل
هو كهانة. ويقول بعضهم: بل هو خطب. |
|
الآيات(6) ( 8 ) قُلْ
إِنَّمَآ أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
وَحِدٌ فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ
|
|
قُلْ إِنَّمَآ
أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَحِدٌ
فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ( 6 )
الَّذِينَ لاَ يُؤتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ بِاْلاَْخِرَةِ هُمْ كَفِرُونَ( 7 )
إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون(
8 ) |
|
التّفسير |
|
من
هم المشركون؟
|
|
الآيات التي بين أيدنيا تستمر
في الحديث عن المشركين والكافرين، وهي في الواقع إجابة لما صدر عنهم في الآيات
السابقة، وإزالة لأي وهمّ قد يلصق بدعوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم). |
|
ملاحظة:
الأهمية الإستثنائية للزكاة في الإسلام
|
الآية أعلاه تعتبر تأكيداً
مجدّداً وشديداً حول أهمية الزكاة كفريضة إسلامية، سواء كانت بمعنى الزكاة
الواجبة أو بمفهومها الواسع، وينبغي أن يكون ذلك، لأنّ الزكاة تعتبر أحد الأسباب
الرئيسية لتحقيق العدالة الإجتماعية، ومحاربة الفقر والمحرومية، وملء الفواصل
الطبقية، بالإضافة إلى تقوية البنية المالية للحكومة الإسلامية، وتطهير النفس من
حبّ الدنيا وحبّ المال، والخلاصة: إنّ الزكاة
وسيلة مثلى للتقرب إلى الله تبارك وتعالى: |
|
الآيات( 9 ) ( 12 )
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الاَْرْضَ فِى يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَلَمِينَ
|
|
قُلْ أَئِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الاَْرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَلَمِينَ( 9 ) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَسِىَ مِن
فَوْقِهَا وَبَرَكَ فِيهَآ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيَّام
سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ( 10 ) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِىَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَللاَِرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا
طَآئِعِينَ ( 11 )فَقَضَهُنَّ سَبْعَ سَمَوَات فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِى
كُلِّ سَمَآء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَبِيحَ
وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ( 12 ) |
|
|
التّفسير |
|
مراحل
خلق السماوات والأرض:
|
|
الآيات أعلاه نماذج للآيات
الآفاقية، وعلائم العظمة، وقدرة الخلق جلّ وعلا في خلق الأرض والسماء، وبداية
خلق الكائنات، حيث يأمر تعالى النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بمخاطبة
الكافرين والمشركين وسؤالهم: هل يمكن إنكار خالق
هذه العوالم الواسعة العظيمة؟ |
|
ملاحظتان
: أوّلا: ما هو المقصود من قوله تعالى: (بارك فيها)؟ ثانياً: (في أربعة أيّام) ؟
|
|
تبقى أمامنا
ملاحظتان ينبغي أن نشير إليهما: |
|
الآيات( 13 ) ( 16 )
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَعِقَةً مِّثْلَ صَعِقَةِ عَاد
وَثَمُودَ( 13 )
|
|
فَإِنْ أَعْرَضُوا
فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَعِقَةً مِّثْلَ صَعِقَةِ عَاد وَثَمُودَ( 13 ) إِذْ
جَآءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لاََنْزَلَ مَلَئِكَةً
فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَفِرُونَ( 14 ) فَأَمَّا عَادٌ
فَاسْتَكْبَرُواْ فِى الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ
مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ
مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَتِنَا يَجحَدُونَ( 15 ) فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى أَيَّام نَّحِسَات لِّنُذِْيقَهُمْ عَذَابَ
الْخِزْىِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاَْخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ
لاَ يُنْصَرُونَ( 16 ) |
|
التّفسير |
|
أحذركم
صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود!
|
|
بعد البحث المهم الذي تضمّنته
الآيات السابقة حول التوحيد ومعرفة الخالق جلّ وعلاه تنذر الآيات ـ التي بين
أيدينا ـ المعارضين والمعاندين الذين تجاهلوا كلّ هذه الدلائل الواضحة والآيات
البينات، وتحذرهم أن نتيجة الإعراض نزول العذاب
بهم، يقول تعالى: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل
صاعقة عاد وثمود)( «الفاء» في «فإن اعرضوا» هي
«فاء التفريع» كما قيل، بناءاً على ذلك فإنّ هذا الإنذار الحاسم يعتبر فرعاً
ونتيجة للإعراض عن الآيات التوحيدية السابقة.). لكن القرآن يرد على هؤلاء ودعواهم بالقول: (أو لم
يروا أنّ الله الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوّة). |
|
ملاحظتان
|
أوّلا:
ما هي وسيلة فناء قوم عاد؟
|
|
وفقاً للآية (13)
من هذه السورة، فإنّ قوم عاد وثمود أهلكوا
بالصاعقة. في حين أنّ الآيات التي نبحثها تقول: إنّهم أبيدوا بالريح الصرصر
العاتية، فهل هناك تعارض بين الاثنين؟ |
|
ثانياً:
أيام قوم عاد النحسة
|
|
البعض يعتقد أنّ
أيّام السنة نوعان: أيّام نحسة مشؤومة، وأيام سعيدة
مباركة. ويستدلون على ذلك بالآيات أعلاه، فيقولون: هناك تأثيرات مجهولة
تؤثر في الليالي والأيّام، ونشعر نحن بآثار ذلك، بينما أسبابها ما تزال مبهمة
بالنسبة لنا. |
|
|
الآيتان( 17 ) ( 18 )
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدى
فَأَخَذَتْهُمْ صَعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ
|
|
وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيْنَهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صَعِقَةُ
الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ( 17 ) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَكَانَواْ يَتَّقُونَ( 18 ) |
|
التّفسير |
|
عاقبة
قوم ثمود:
|
|
بعد أن تحدثت الآيات السابقة
عن قوم عاد، تبحث هاتان الآيتان في قضية قوم ثمود ومصيرهم، حيث تقول: إنّ الله
قد بعث الرسل والأنبياء لهم مع الدلائل البينة، إلاّ أنّهم: (وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى). |
|
ملاحظة
|
|
أنواع
الهداية الإلهية:
|
|
الهداية على نوعين:
أوّلا «الهداية التشريعة» وهي تشمل إبانة
الطريق والكشف عنه بجميع العلائم. ثمّ هناك «الهداية التكوينية» التي هي في واقعها إيصال إلى
المطلوب أو الوصول إلى الهدف. |
|
الآيات( 19 ) ( 23 ) وَيَوْمَ
يُحْشَرُ أَعْدَآءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ( 19 ) حَتَّى إِذَا
مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ
|
|
وَيَوْمَ يُحْشَرُ
أَعْدَآءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ( 19 ) حَتَّى إِذَا مَا
جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَرُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِمَا
كَانُواْ يَعْمَلُونَ( 20 ) وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا
قَالُواْ أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِى أَنْطَقَ كُلَّ شَىْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ
أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 21 ) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن
يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن
ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ( 22 )
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِى ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الْخَسِرِينَ( 23 ) |
|
التّفسير |
|
كانت الآيات السابقة تتحدث عن
الجزاء الدنيوي للكفار المغرورين والظالمين والمجرمين. أمّا الآيات التي نبحثها
الآن فتتحدث عن العذاب الأخروي، وعن مراحل مختلفة من عقاب أعداء الله. وكي تتصل الصفوف ببعضها يتمّ تأخيرالصفوف(«يوزعون»
من «وزع» وهي بمعنى المنع، وعندما تستخدم للجنود أو الصفوف الأُخرى، فإن مفهومها
يعني أن يبقى المجموع إلى أن يلتحق بهم آخر نفر.) حتى تلتحق بها الصفوف
الأُخرى: (فهم يوزعون). وهنا نزلت الآية الكريمة: (وما كنتم تستترون أن...)(
نقل هذه الحادثة (باختلاف) الكثير من المفسّرين، منهم: القرطبي، الطبرسي، الفخر
الرازي، الألوسي، المراغي، وكذلك نقل الحادثة كلّ من البخاري ومسلم والترمذي،
وما أوردناه أعلاه مأخوذ عن القرطبي مع التصرّف. المجلد الثامن، صفحة5795.). |
|
بحثان
|
|
الأوّل:
حسن الظن وسوء الظن بالله تعالى
|
|
توضح الآيات بشكل قاطع خطورة
سوء الظن بالله تعالى، ومآل ذلك إلى الهلاك والخسران. |
|
الثّاني:
الشهود في محكمة القيامة
|
|
عندما تقول: إنّ جميع الناس
سيحاكمون في العالم الآخر، فقد يتبادر إلى الذهن أنّ المحكمة هناك تشبه محاكم
هذه الدنيا، إذ سيحضر كلّ فرد أمام القاضي وبيده ملفه، وثمّة شهود في القضية،
ثمّ يبدأ السؤال والجواب قبل أن يصدر الحكم النهائي. |
|
الآيتان( 24 ) ( 25 )
فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوىً لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَاهُمْ
مِّنَ الْمُعْتَبِينَ
|
|
فَإِن يَصْبِرُواْ
فَالنَّارُ مَثْوىً لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَاهُمْ مِّنَ الْمُعْتَبِينَ(
24 ) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُمْ مَّا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمِم قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وِالاِْنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ
خَسِرِينَ( 25 ) |
|
التّفسير |
|
قرناء
السوء:
|
|
في أعقاب البحث السابق الذي
تحدثت في الآيات الكريمة عن مصير «أعداء الله» جاءت الآيتان أعلاه لتشيران إلى نوعين من العقاب الأليم الذي ينتظر هؤلاء
في الدنيا والأخرة. |
|
الآيات( 26 ) ( 29 )
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْاْ
فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
|
|
وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ
تَغْلِبُونَ( 26 ) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ( 27 ) ذَلِكَ
جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَآءً بِمَا
كَانُواْ بِاَيَتِنَا يَجْحَدُونَ( 28 ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ
أَرِنَا الَّذِينَ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ
أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الاَْسْفَلِينَ( 29 ) |
|
التّفسير |
|
الضجيج
في مقابل صوت القرآن!!
|
|
بعد أن تحدثت الآيات السابقة
عن الأقوام الماضين كقوم عاد وثمود، وتحدثت عن جلساء السوء وقرناء الشر، تتحدث
المجموعة التي بين أيدينا من الآيات البينات عن جانب من جوانب الإنحراف لمشركي
عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لقد ورد في بعض الرّوايات أنّ رسول
اللّه(عليهم السلام) ما أن يرفع صوته في مكّة ليتلو القرآن بصوته الجميل
وأُسلوبه الخاشع، حتى كان المشركون يقومون بإبعاد الناس
عنه ويقولون: أطلقوا الصفير وارفعوا أصواتكم بالشعر حتى لا تسمعوا كلامه(تفسير المراغي، المجلد 24، صفحة 125، وتفسير روح المعاني،
المجلد 24، أيضاً، صفحة 106.)! |
|
الآيات( 30 ) ( 32 )
ِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ
الَّتِى كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 )نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا وَفِى الاَْخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنْفُسُكُمْ
وَلَكُمْ فِيهَا مَاتَدَّعُونَ( 31 ) نُزُلا مِّنْ غَفُور رَّحِيمِ( 32 ) |
|
التّفسير |
|
نزول
الملائكة على المؤمنين الصامدين:
|
|
يعتمد القرآن الكريم في
أسلوبه وضع صور متقابلة ومتعارضد للحالات التي يتناولها كي يوضحها بشكل جيد من
خلال المقايسة والمقارنة فبعد أن تحدث عن المنكرين المعاندين الذين يصدون عن
آيات اللّه، وأبان جزاءهم وعقوبتهم، بدأ الآن (في
الصورة المقابلة) في الحديث عن المؤمنين الراسخين في إيمانهم، وأشار إلى
سبعة أنواع من الثواب الذي يشملهم جزاء ومثوبة لهم. |
|
ملاحظات
دقيقة ولطيفة
|
|
في طيات هذه الآيات المبينة،
والتعابير القرآنية القصيرة البليغة ذات المعاني الكبيرة ; ثمّة ملاحظات دقيقة
ولطيفة نقف عليها من خلال النقاط الآتية: وهكذا يكون لهذين العاملين أثران متبادلان
متقابلان. |
|
الآيات( 33 ) ( 36 )
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَلِحاً وَقَالَ
إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 33 )
|
|
وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ( 33 ) وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ
بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَميِمٌ ( 34 )وَمَا يُلَقَّهَآ إَلاَّ الَّذيِنَ صَبَرُواْ
وَمَا يُلَقَّهَآ إَلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم ( 35 )وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطَنِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( 36
) |
|
التّفسير |
|
ادفع
السيئة بالحسنة:
|
|
مازالت هذه المجموعة من
الآيات الكريمة تتحدث عن الصورة الأُخرى; عن المؤمنين الذين يتبعون أحسن القول. يقول
تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً
وقال إنني من المسلمين). |
|
ملاحظتان
|
|
أوّلا:
برنامج الدعاء إلى الله
|
|
لقد تضمّنت الآيات الأربع ـ أعلاه ـ
أربعة بحوث بالنسبة الى كيفية الدعوة إلى الله تعالى. والخطوات الأربع هي: |
|
ثانياً:
الإنسان في مواجهة عواصف الوسواس:
|
|
ثمّة منعطفات صعبة في حياة
المؤمنين يكمن فيها الشيطان، ويحاول أن ينزغ ويحيد بالإنسان عن طريق السعادة
وكسب رضا الله تعالى. |
|
الآيات( 37 ) ( 39 )
وَمِنْ ءَايَتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ
تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ ِللهِ
|
|
وَمِنْ ءَايَتِهِ
الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ
وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ ِللهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُون( 37 ) فَإِنِ اسْتَكْبَرُواْ فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ
يُسَبِّحُونَ لَهُ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ( 38 ) وَمِنْ
ءَايَتِهِ أَنَّكَ تَرَى الاَْرْضَ خَشِعَةً فَإِذَآ أنْزَلْنَا عَلَيْهَا
الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِى أَحْيَاهَا لَُمحِْى الْمَوْتَى
إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ( 39 ) |
|
التّفسير |
|
السّجدة
لله تعالى:
|
|
تعتبر هذه الآيات بداية فصل
جديد في هذه السورة، فهي تختص بقضايا التوحيد والمعاد، ودلائل النبوة وعظمة
القرآن، وهي في الواقع مصداق واضح للدعوة إلى الله في مقابل دعوة المشركين إلى
الأصنام. |
|
الآيات( 40 ) ( 42 )
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى ءَايَتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن
يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَّن يَأْتِى ءَامِناً
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِى ءَايَتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِى
النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَّن يَأْتِى ءَامِناً يَوْمَ الْقِيَمَةِ اعْمَلُواْ مَا
شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ( 40 ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَبٌ عَزِيزٌ( 41 ) لاَّيَأْتِيهِ
الْبَطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيم
حَمِيد( 42 ) |
|
التّفسير |
|
محرفو
آيات الحق:
|
|
المجموعة التي بين أيدينا من
آيات السورة الكريمة، بدأت بتهديد الذين يقومون بتحريف علائم التوحيد، وتضليل
الناس، حيث يقول تعالى: (إنّ الذين يلحدون في آياتنا لا
يخفون علينا). |
|
الآيات( 43 ) ( 46 )
مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ
لَذُو مَغْفِرَة وَذُو عِقَاب أَلِيم
|
|
مَّا يُقَالُ لَكَ
إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَة
وَذُو عِقَاب أَلِيم( 43 ) وَلَوْ جَعَلْنَهُ قُرْءَاناً أَعْجَمِيّاً
لَّقَالُواْ لَوْ لاَ فُصِّلَتْ ءَايَتُهُ ءَاْعَجِمىٌّ وَعَرَبِىٌّ قُلْ هُوَ
لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدىً وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى
ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن
مَّكَان بَعِيد( 44 ) وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ
وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ
لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيب( 45 ) مَّنْ عَمِلَ صَلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ
أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّم لِّلْعَبِيدِ( 46 ) |
|
التّفسير |
|
كتاب
الهداية والشفاء:
|
|
قام الكفار والمشركون بمحاربة
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتكذيبه، والتصدي للاسلام والقرآن والايات
السابقة كانت تحكي عن الحادهم وكفرهم بآيات الله لذلك جاءت الآية الأولى من
الآيات التي بين أيدينا لمواساة النّبي(ص) وارشاد المسلمين
الذين يواجهون الأذى بأنّ لا محيص لهم عن الاستقامة والصبر. |
|
مسائل:
|
|
أوّلا:
الإختيار والعدالة
|
|
قوله تعالى: (وماربّك بظلام للعبيد) دليل واضح على قانون الإختيار
وحربة الإرادة، وفيه حقيقة أنّ الله لا يعاقب أحداً بدون سبب، ولا يزيد في عقاب
أحد دون دليل، فسياستهُ في عباده العدالة المحضة، لأن الظلم يكون بسبب النقص
والجهل والاهواء النفسية، والذات الإلهية المقدسة منزّهة عن كلّ هذه العيوب
والنواقص. لذلك نقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه
السلام) في الإجابة على هذا السؤال: هل يجبر الله عباده على المعاصي؟ |
|
ثانياً:
الذنوب وسلب النعم
|
|
في حديث عميق الدلالة لأمير
المؤمنين نقراً قوله(عليه السلام): «وأيم الله! ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش
فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها، لأنّ الله ليس بظلام للعبيد». |
|
ثالثاً:
لماذا كلّ هذا التحجج؟!
|
|
لا شك أنّ اللغة العربية أغنى
اللغات وأوسعها، ولكن مع هذا فإنّ عظمة القرآن ليست لأنّه باللغة العربية، بل
تعود عربية القرآن إلى أنّ الله يرسل الرسل بلسان قومهم كي يؤمنوا أولا، ثمّ
ينتشر الدين إلى الأخرين. |
|
بداية الجَزء
الخامِسْ والعشرُون مِنَ القرآن الكريم
|
|
الآيات( 47 ) ( 48 )
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَت مِّنْ
أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى
|
|
إِلَيْهِ يُرَدُّ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَت مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا
تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ
أَيْنَ شُرَكَآءِى قَالُوآْ ءَاذَنَّكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيد( 47 ) وَضَلَّ
عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُم مِّن
مَّحِيص( 48 ) |
|
التّفسير |
|
الله
العالمُ بكلِّ شيء:
|
|
الآية الأخيرة ـ في المجموعة السابقة ـ تحدثت عن قانون تحمّل الإنسان
لمسؤولية أعماله خيراً كانت أم شراً، وعودة آثار أعماله على نفسه، وهي إشارة
ضمنية لقضية الثواب والعقاب في يوم القيامة. ثم تضيف الآية: ليس علم الساعة لوحدها من مختصات العلم الإلهي فحسب، بل يندرج معها أشياء
اُخرى مثل أسرار هذا العالم، وما يختص بالكائنات الظاهرة والمخفية: (وماتخرج من
ثمرات من أكمامها وماتحمل من أنثى ولا تضع إلاّ بعلمه)(
«من» في «من الثمرات» و «من أثنى» وكذلك في «من شهيد» تأتي في نهاية الآية
كلّها، زائدة جاءت هنا للتأكيد.). إنّ النباتات لا تنمو، والحيوانات لا
تتكاثر، ولا يضع الإنسان نطفة إلاّ بأمر الخالق العظيم، وبمقتضى علمه وحكمته. |
|
الآيات( 49 ) ( 52 )
لاَّ يَسْئَمُ الاِْنْسَنُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ
فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ( 49 )
|
|
لاَّ يَسْئَمُ
الاِْنْسَنُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ(
49 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ
لَيَقُولَنَّ هَذَا لِى وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِنْ رُّجِعْتُ
إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَاب غَلِيظ( 50 ) وَإِذَآ
أَنْعَمْنَا عَلَى الاِْنْسَنِ أَعْرَضَ وَنَئَا بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ
الشَّرُّ فِذُو دُعَآء عَرِيض( 51 ) قُل أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِنْدِ
اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلَّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقِ بَعِيد( 52 ) |
|
التّفسير |
|
في نفس الاتجاه الذي تحدّثت
فيه الآيات السابقة، نلتقي مع مضمون المجموعة الجديدة من الآيات التي بين
أيدينا، والتي تواصل حديثها عن صور اُخرى حيّة وناطقة من حياة أناس من عديمي
الإيمان وضعافه، الذين يحملون أفكاراً غير ناضجة ومواقف مهزوزة ولا يمتلكون
القدرة على تحمل الصعاب. يقول تعالى: (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير). |
|
مسألة:
|
|
يثار هنا السؤال
الآتي: لقد قرأنا في الآيات التي نبحثها قوله تعالى: (إذا مسّهُ الشر فذو دعاء عريض) ولكنّا نقرأ في سورة «الإسراء» قوله تعالى: (وإذا
مسّهّ الشرّ كان يؤوسا)( الإسراء، الآية 83.) |
|
الآيتان( 53 ) ( 54 )
سَنُرِيهِمْ ءَايَتِنَا فِى الاَْفَاقِ وَفِى أْنَفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
|
|
سَنُرِيهِمْ
ءَايَتِنَا فِى الاَْفَاقِ وَفِى أْنَفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْء شَهِيدٌ(
53 ) أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَة مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ
بِكُلِّ شَىْء مُّحيِطُ( 54 ) |
|
التّفسير |
|
علائم
الحق في العالم الكبير والصغير:
|
|
الآيتان الختاميتان في هذه
السورة تشيران إلى موضوعين مهمين، وهما بمثابة الخلاصة الأخيرة لبحوث هذه السورة
المباركة. (التّفسير
الأوّل لهُ أربعة مرجحات هي: |
|
بحوث
|
|
أوّلا:
التوحيد بين دليل «النظم» ودليل «الصدّيقين»
|
|
أشار الفلاسفة في بحوثهم حول
التوحيد إلى الأهمية الكبيرة لنوعين من الإستدلال على الخالق جلَّ وعلا: أحدهما
الإستدلال من خلال «النظم». |
|
ثانياً:
حقيقة إحاطة الله بكل شيء
|
|
يجب أن لا نتصور ـ مطلقاً ـ
أنّ إحاطة الخالق جلَّ وعلا بالموجودات والكائنات تشبه إحاطة الهواء الذي يلف
الكرة الأرضية ويغلِّفها، لأنّ مثل هذه الإحاطة هي دليل المحدودية، بل الإحاطة
المعنية هنا تتضمن معنى دقيقاً ولطيفاً يتمثل في ارتباط كلّ الكائنات والموجودات
بالذات المقدسة. |
|
ثالثاً:
آيات الآفاق والأنفس
|
|
لو أُتيح للإنسان أن ينكر كلّ
ما يستطيع، فهو لا يستطيع أن ينكر وجود نظام دقيق قائم يعم بنسقه عالم الوجود،
فأحياناً يقضي عالم معين كلّ عمره بالدرس والمطالعة حول تركيب العين وأسرارها أو
المخ أو القلب، ويقرأ الكتب الكثيرة ممّا كتب حول الموضوع، إلاّ أنّه أخيراً
يعترف بأنّ هناك أسراراً كثيرة حول موضوعه لا تزال مجهولة. بعبارة اُخرى: إنّ الحياة مستحيلة بدون هذين السائلين العاديين ظاهراً! وفي إشارة عابرة
لكنّها كبيرة الدلالة والمعنى، يتحدث الإمام الصادق في الحديث المعروف
بتوحيد المفضَّل، الذي هو غني جدّاً في الإشارة إلى الآيات الآفاقية والأنفسية
لله في الوجود، يقول(عليه السلام): «أي مفضل!
تأمل الريق وما فيه من المنفعة، فإنّه جعل يجري جرياناً دائماً إلى الفم، ليبل
الحلق واللهوات فلا يجف، فإنّ هذه المواضع لو جعلت كذلك كان فيه هلاك الإنسان،
ثمّ كان لا يستطيع أن يسيغ طعاماً إذا لم يكن في الفم بلة تنفذه، تشهد بذلك
المشاهدة»( بحار الأنوار، المجلد 3، صفحة 77..) نهاية سورة فصّلت |
|
|
|
|
سورة فصّلت مكيّة وَعددَ
آياتِها أربع وخمسون آية
|
|
نظرة
في المحتوى العام للسورة:
|
|
سورة «فصلت» من السور المكية، وهي بذلك لا تخرج في مضامينها
الأساسية عن مثيلاتها، بل تعكس في محتواها كامل خصائص السور المكّية، من التأكيد على المعارف
الإسلامية التي تتصل بالعقيدة وبالحساب والجزاء، والوعيد والإنذار، وبالبشرى
للذين آمنوا. |
|
فضيلة
تلاوة السورة:
|
|
ورد في الحديث الشريف عن رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «من قرأ «حم السجدة» أعطي بكل حرف منها عشر
حسنات»( مجمع البيان مطلع الحديث عن السورة، المجلد 9،
صفحة 2..) |
|
الآيات( 1 ) ( 5 )
حم( 1 ) تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( 2 ) كِتَبٌ فُصِّلَتْ ءَايَتُهُ
قُرْءَاناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمِ يَعْلَمُونَ
|
|
حم( 1 ) تَنزِيلٌ
مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( 2 ) كِتَبٌ فُصِّلَتْ ءَايَتُهُ قُرْءَاناً
عَرَبِيّاً لِّقَوْمِ يَعْلَمُونَ( 3 ) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ
أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ( 4 ) وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةِ
مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ وَفِى ءَاذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا
وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَمِلُونَ( 5 ) |
|
التّفسير |
|
عظمة
القرآن:
|
|
تذكر الرّوايات أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يكف عن
عيب آلهة المشركين، ويقرأ عليهم القرآن فيقولون: هذا شعر محمّد. ويقول بعضهم: بل
هو كهانة. ويقول بعضهم: بل هو خطب. |
|
الآيات(6) ( 8 ) قُلْ
إِنَّمَآ أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ
وَحِدٌ فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ
|
|
قُلْ إِنَّمَآ
أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَحِدٌ
فَاسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ( 6 )
الَّذِينَ لاَ يُؤتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ بِاْلاَْخِرَةِ هُمْ كَفِرُونَ( 7 )
إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون(
8 ) |
|
التّفسير |
|
من
هم المشركون؟
|
|
الآيات التي بين أيدنيا تستمر
في الحديث عن المشركين والكافرين، وهي في الواقع إجابة لما صدر عنهم في الآيات
السابقة، وإزالة لأي وهمّ قد يلصق بدعوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم). |
|
ملاحظة:
الأهمية الإستثنائية للزكاة في الإسلام
|
الآية أعلاه تعتبر تأكيداً
مجدّداً وشديداً حول أهمية الزكاة كفريضة إسلامية، سواء كانت بمعنى الزكاة
الواجبة أو بمفهومها الواسع، وينبغي أن يكون ذلك، لأنّ الزكاة تعتبر أحد الأسباب
الرئيسية لتحقيق العدالة الإجتماعية، ومحاربة الفقر والمحرومية، وملء الفواصل
الطبقية، بالإضافة إلى تقوية البنية المالية للحكومة الإسلامية، وتطهير النفس من
حبّ الدنيا وحبّ المال، والخلاصة: إنّ الزكاة
وسيلة مثلى للتقرب إلى الله تبارك وتعالى: |
|
الآيات( 9 ) ( 12 )
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الاَْرْضَ فِى يَوْمَيْنِ
وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَلَمِينَ
|
|
قُلْ أَئِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الاَْرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَلَمِينَ( 9 ) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَسِىَ مِن
فَوْقِهَا وَبَرَكَ فِيهَآ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيَّام
سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ( 10 ) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِىَ دُخَانٌ
فَقَالَ لَهَا وَللاَِرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا
طَآئِعِينَ ( 11 )فَقَضَهُنَّ سَبْعَ سَمَوَات فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِى
كُلِّ سَمَآء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَبِيحَ
وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ( 12 ) |
|
|
التّفسير |
|
مراحل
خلق السماوات والأرض:
|
|
الآيات أعلاه نماذج للآيات
الآفاقية، وعلائم العظمة، وقدرة الخلق جلّ وعلا في خلق الأرض والسماء، وبداية
خلق الكائنات، حيث يأمر تعالى النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بمخاطبة
الكافرين والمشركين وسؤالهم: هل يمكن إنكار خالق
هذه العوالم الواسعة العظيمة؟ |
|
ملاحظتان
: أوّلا: ما هو المقصود من قوله تعالى: (بارك فيها)؟ ثانياً: (في أربعة أيّام) ؟
|
|
تبقى أمامنا
ملاحظتان ينبغي أن نشير إليهما: |
|
الآيات( 13 ) ( 16 )
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَعِقَةً مِّثْلَ صَعِقَةِ عَاد
وَثَمُودَ( 13 )
|
|
فَإِنْ أَعْرَضُوا
فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَعِقَةً مِّثْلَ صَعِقَةِ عَاد وَثَمُودَ( 13 ) إِذْ
جَآءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لاََنْزَلَ مَلَئِكَةً
فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَفِرُونَ( 14 ) فَأَمَّا عَادٌ
فَاسْتَكْبَرُواْ فِى الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ
مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ
مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَتِنَا يَجحَدُونَ( 15 ) فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى أَيَّام نَّحِسَات لِّنُذِْيقَهُمْ عَذَابَ
الْخِزْىِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاَْخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ
لاَ يُنْصَرُونَ( 16 ) |
|
التّفسير |
|
أحذركم
صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود!
|
|
بعد البحث المهم الذي تضمّنته
الآيات السابقة حول التوحيد ومعرفة الخالق جلّ وعلاه تنذر الآيات ـ التي بين
أيدينا ـ المعارضين والمعاندين الذين تجاهلوا كلّ هذه الدلائل الواضحة والآيات
البينات، وتحذرهم أن نتيجة الإعراض نزول العذاب
بهم، يقول تعالى: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل
صاعقة عاد وثمود)( «الفاء» في «فإن اعرضوا» هي
«فاء التفريع» كما قيل، بناءاً على ذلك فإنّ هذا الإنذار الحاسم يعتبر فرعاً
ونتيجة للإعراض عن الآيات التوحيدية السابقة.). لكن القرآن يرد على هؤلاء ودعواهم بالقول: (أو لم
يروا أنّ الله الذي خلقهم هو أشدّ منهم قوّة). |
|
ملاحظتان
|
أوّلا:
ما هي وسيلة فناء قوم عاد؟
|
|
وفقاً للآية (13)
من هذه السورة، فإنّ قوم عاد وثمود أهلكوا
بالصاعقة. في حين أنّ الآيات التي نبحثها تقول: إنّهم أبيدوا بالريح الصرصر
العاتية، فهل هناك تعارض بين الاثنين؟ |
|
ثانياً:
أيام قوم عاد النحسة
|
|
البعض يعتقد أنّ
أيّام السنة نوعان: أيّام نحسة مشؤومة، وأيام سعيدة
مباركة. ويستدلون على ذلك بالآيات أعلاه، فيقولون: هناك تأثيرات مجهولة
تؤثر في الليالي والأيّام، ونشعر نحن بآثار ذلك، بينما أسبابها ما تزال مبهمة
بالنسبة لنا. |
|
|
الآيتان( 17 ) ( 18 )
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدى
فَأَخَذَتْهُمْ صَعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ
|
|
وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيْنَهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صَعِقَةُ
الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ( 17 ) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَكَانَواْ يَتَّقُونَ( 18 ) |
|
التّفسير |
|
عاقبة
قوم ثمود:
|
|
بعد أن تحدثت الآيات السابقة
عن قوم عاد، تبحث هاتان الآيتان في قضية قوم ثمود ومصيرهم، حيث تقول: إنّ الله
قد بعث الرسل والأنبياء لهم مع الدلائل البينة، إلاّ أنّهم: (وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى). |
|
ملاحظة
|
|
أنواع
الهداية الإلهية:
|
|
الهداية على نوعين:
أوّلا «الهداية التشريعة» وهي تشمل إبانة
الطريق والكشف عنه بجميع العلائم. ثمّ هناك «الهداية التكوينية» التي هي في واقعها إيصال إلى
المطلوب أو الوصول إلى الهدف. |
|
الآيات( 19 ) ( 23 ) وَيَوْمَ
يُحْشَرُ أَعْدَآءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ( 19 ) حَتَّى إِذَا
مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ
|
|
وَيَوْمَ يُحْشَرُ
أَعْدَآءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ( 19 ) حَتَّى إِذَا مَا
جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَرُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِمَا
كَانُواْ يَعْمَلُونَ( 20 ) وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا
قَالُواْ أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِى أَنْطَقَ كُلَّ شَىْء وَهُوَ خَلَقَكُمْ
أَوَّلَ مَرَّة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( 21 ) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن
يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن
ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ( 22 )
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِى ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ الْخَسِرِينَ( 23 ) |
|
التّفسير |
|
كانت الآيات السابقة تتحدث عن
الجزاء الدنيوي للكفار المغرورين والظالمين والمجرمين. أمّا الآيات التي نبحثها
الآن فتتحدث عن العذاب الأخروي، وعن مراحل مختلفة من عقاب أعداء الله. وكي تتصل الصفوف ببعضها يتمّ تأخيرالصفوف(«يوزعون»
من «وزع» وهي بمعنى المنع، وعندما تستخدم للجنود أو الصفوف الأُخرى، فإن مفهومها
يعني أن يبقى المجموع إلى أن يلتحق بهم آخر نفر.) حتى تلتحق بها الصفوف
الأُخرى: (فهم يوزعون). وهنا نزلت الآية الكريمة: (وما كنتم تستترون أن...)(
نقل هذه الحادثة (باختلاف) الكثير من المفسّرين، منهم: القرطبي، الطبرسي، الفخر
الرازي، الألوسي، المراغي، وكذلك نقل الحادثة كلّ من البخاري ومسلم والترمذي،
وما أوردناه أعلاه مأخوذ عن القرطبي مع التصرّف. المجلد الثامن، صفحة5795.). |
|
بحثان
|
|
الأوّل:
حسن الظن وسوء الظن بالله تعالى
|
|
توضح الآيات بشكل قاطع خطورة
سوء الظن بالله تعالى، ومآل ذلك إلى الهلاك والخسران. |
|
الثّاني:
الشهود في محكمة القيامة
|
|
عندما تقول: إنّ جميع الناس
سيحاكمون في العالم الآخر، فقد يتبادر إلى الذهن أنّ المحكمة هناك تشبه محاكم
هذه الدنيا، إذ سيحضر كلّ فرد أمام القاضي وبيده ملفه، وثمّة شهود في القضية،
ثمّ يبدأ السؤال والجواب قبل أن يصدر الحكم النهائي. |
|
الآيتان( 24 ) ( 25 )
فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوىً لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَاهُمْ
مِّنَ الْمُعْتَبِينَ
|
|
فَإِن يَصْبِرُواْ
فَالنَّارُ مَثْوىً لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَاهُمْ مِّنَ الْمُعْتَبِينَ(
24 ) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُمْ مَّا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمِم قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وِالاِْنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ
خَسِرِينَ( 25 ) |
|
التّفسير |
|
قرناء
السوء:
|
|
في أعقاب البحث السابق الذي
تحدثت في الآيات الكريمة عن مصير «أعداء الله» جاءت الآيتان أعلاه لتشيران إلى نوعين من العقاب الأليم الذي ينتظر هؤلاء
في الدنيا والأخرة. |
|
الآيات( 26 ) ( 29 )
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْاْ
فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ
|
|
وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ
تَغْلِبُونَ( 26 ) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ( 27 ) ذَلِكَ
جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَآءً بِمَا
كَانُواْ بِاَيَتِنَا يَجْحَدُونَ( 28 ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ
أَرِنَا الَّذِينَ أَضَلاَّنَا مِنَ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ
أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الاَْسْفَلِينَ( 29 ) |
|
التّفسير |
|
الضجيج
في مقابل صوت القرآن!!
|
|
بعد أن تحدثت الآيات السابقة
عن الأقوام الماضين كقوم عاد وثمود، وتحدثت عن جلساء السوء وقرناء الشر، تتحدث
المجموعة التي بين أيدينا من الآيات البينات عن جانب من جوانب الإنحراف لمشركي
عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لقد ورد في بعض الرّوايات أنّ رسول
اللّه(عليهم السلام) ما أن يرفع صوته في مكّة ليتلو القرآن بصوته الجميل
وأُسلوبه الخاشع، حتى كان المشركون يقومون بإبعاد الناس
عنه ويقولون: أطلقوا الصفير وارفعوا أصواتكم بالشعر حتى لا تسمعوا كلامه(تفسير المراغي، المجلد 24، صفحة 125، وتفسير روح المعاني،
المجلد 24، أيضاً، صفحة 106.)! |
|
الآيات( 30 ) ( 32 )
ِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ
الْمَلَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ
الَّتِى كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 )نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِى الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا وَفِى الاَْخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِى أَنْفُسُكُمْ
وَلَكُمْ فِيهَا مَاتَدَّعُونَ( 31 ) نُزُلا مِّنْ غَفُور رَّحِيمِ( 32 ) |
|
التّفسير |
|
نزول
الملائكة على المؤمنين الصامدين:
|
|
يعتمد القرآن الكريم في
أسلوبه وضع صور متقابلة ومتعارضد للحالات التي يتناولها كي يوضحها بشكل جيد من
خلال المقايسة والمقارنة فبعد أن تحدث عن المنكرين المعاندين الذين يصدون عن
آيات اللّه، وأبان جزاءهم وعقوبتهم، بدأ الآن (في
الصورة المقابلة) في الحديث عن المؤمنين الراسخين في إيمانهم، وأشار إلى
سبعة أنواع من الثواب الذي يشملهم جزاء ومثوبة لهم. |
|
ملاحظات
دقيقة ولطيفة
|
|
في طيات هذه الآيات المبينة،
والتعابير القرآنية القصيرة البليغة ذات المعاني الكبيرة ; ثمّة ملاحظات دقيقة
ولطيفة نقف عليها من خلال النقاط الآتية: وهكذا يكون لهذين العاملين أثران متبادلان
متقابلان. |
|
الآيات( 33 ) ( 36 )
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَلِحاً وَقَالَ
إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 33 )
|
|
وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلا مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَلِحاً وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ( 33 ) وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ
بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَميِمٌ ( 34 )وَمَا يُلَقَّهَآ إَلاَّ الَّذيِنَ صَبَرُواْ
وَمَا يُلَقَّهَآ إَلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيم ( 35 )وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ
الشَّيْطَنِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( 36
) |
|
التّفسير |
|
ادفع
السيئة بالحسنة:
|
|
مازالت هذه المجموعة من
الآيات الكريمة تتحدث عن الصورة الأُخرى; عن المؤمنين الذين يتبعون أحسن القول. يقول
تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً
وقال إنني من المسلمين). |
|
ملاحظتان
|
|
أوّلا:
برنامج الدعاء إلى الله
|
|
لقد تضمّنت الآيات الأربع ـ أعلاه ـ
أربعة بحوث بالنسبة الى كيفية الدعوة إلى الله تعالى. والخطوات الأربع هي: |
|
ثانياً:
الإنسان في مواجهة عواصف الوسواس:
|
|
ثمّة منعطفات صعبة في حياة
المؤمنين يكمن فيها الشيطان، ويحاول أن ينزغ ويحيد بالإنسان عن طريق السعادة
وكسب رضا الله تعالى. |
|
الآيات( 37 ) ( 39 )
وَمِنْ ءَايَتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ
تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ ِللهِ
|
|
وَمِنْ ءَايَتِهِ
الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ
وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ ِللهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُون( 37 ) فَإِنِ اسْتَكْبَرُواْ فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ
يُسَبِّحُونَ لَهُ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ( 38 ) وَمِنْ
ءَايَتِهِ أَنَّكَ تَرَى الاَْرْضَ خَشِعَةً فَإِذَآ أنْزَلْنَا عَلَيْهَا
الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِى أَحْيَاهَا لَُمحِْى الْمَوْتَى
إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ( 39 ) |
|
التّفسير |
|
السّجدة
لله تعالى:
|
|
تعتبر هذه الآيات بداية فصل
جديد في هذه السورة، فهي تختص بقضايا التوحيد والمعاد، ودلائل النبوة وعظمة
القرآن، وهي في الواقع مصداق واضح للدعوة إلى الله في مقابل دعوة المشركين إلى
الأصنام. |
|
الآيات( 40 ) ( 42 )
إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِى ءَايَتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن
يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَّن يَأْتِى ءَامِناً
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِى ءَايَتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِى
النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَّن يَأْتِى ءَامِناً يَوْمَ الْقِيَمَةِ اعْمَلُواْ مَا
شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ( 40 ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَبٌ عَزِيزٌ( 41 ) لاَّيَأْتِيهِ
الْبَطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيم
حَمِيد( 42 ) |
|
التّفسير |
|
محرفو
آيات الحق:
|
|
المجموعة التي بين أيدينا من
آيات السورة الكريمة، بدأت بتهديد الذين يقومون بتحريف علائم التوحيد، وتضليل
الناس، حيث يقول تعالى: (إنّ الذين يلحدون في آياتنا لا
يخفون علينا). |
|
الآيات( 43 ) ( 46 )
مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ
لَذُو مَغْفِرَة وَذُو عِقَاب أَلِيم
|
|
مَّا يُقَالُ لَكَ
إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَة
وَذُو عِقَاب أَلِيم( 43 ) وَلَوْ جَعَلْنَهُ قُرْءَاناً أَعْجَمِيّاً
لَّقَالُواْ لَوْ لاَ فُصِّلَتْ ءَايَتُهُ ءَاْعَجِمىٌّ وَعَرَبِىٌّ قُلْ هُوَ
لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدىً وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِى
ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن
مَّكَان بَعِيد( 44 ) وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ
وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ
لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيب( 45 ) مَّنْ عَمِلَ صَلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ
أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّم لِّلْعَبِيدِ( 46 ) |
|
التّفسير |
|
كتاب
الهداية والشفاء:
|
|
قام الكفار والمشركون بمحاربة
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتكذيبه، والتصدي للاسلام والقرآن والايات
السابقة كانت تحكي عن الحادهم وكفرهم بآيات الله لذلك جاءت الآية الأولى من
الآيات التي بين أيدينا لمواساة النّبي(ص) وارشاد المسلمين
الذين يواجهون الأذى بأنّ لا محيص لهم عن الاستقامة والصبر. |
|
مسائل:
|
|
أوّلا:
الإختيار والعدالة
|
|
قوله تعالى: (وماربّك بظلام للعبيد) دليل واضح على قانون الإختيار
وحربة الإرادة، وفيه حقيقة أنّ الله لا يعاقب أحداً بدون سبب، ولا يزيد في عقاب
أحد دون دليل، فسياستهُ في عباده العدالة المحضة، لأن الظلم يكون بسبب النقص
والجهل والاهواء النفسية، والذات الإلهية المقدسة منزّهة عن كلّ هذه العيوب
والنواقص. لذلك نقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه
السلام) في الإجابة على هذا السؤال: هل يجبر الله عباده على المعاصي؟ |
|
ثانياً:
الذنوب وسلب النعم
|
|
في حديث عميق الدلالة لأمير
المؤمنين نقراً قوله(عليه السلام): «وأيم الله! ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش
فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها، لأنّ الله ليس بظلام للعبيد». |
|
ثالثاً:
لماذا كلّ هذا التحجج؟!
|
|
لا شك أنّ اللغة العربية أغنى
اللغات وأوسعها، ولكن مع هذا فإنّ عظمة القرآن ليست لأنّه باللغة العربية، بل
تعود عربية القرآن إلى أنّ الله يرسل الرسل بلسان قومهم كي يؤمنوا أولا، ثمّ
ينتشر الدين إلى الأخرين. |
|
بداية الجَزء
الخامِسْ والعشرُون مِنَ القرآن الكريم
|
|
الآيات( 47 ) ( 48 )
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَت مِّنْ
أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى
|
|
إِلَيْهِ يُرَدُّ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَت مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا
تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ
أَيْنَ شُرَكَآءِى قَالُوآْ ءَاذَنَّكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيد( 47 ) وَضَلَّ
عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُم مِّن
مَّحِيص( 48 ) |
|
التّفسير |
|
الله
العالمُ بكلِّ شيء:
|
|
الآية الأخيرة ـ في المجموعة السابقة ـ تحدثت عن قانون تحمّل الإنسان
لمسؤولية أعماله خيراً كانت أم شراً، وعودة آثار أعماله على نفسه، وهي إشارة
ضمنية لقضية الثواب والعقاب في يوم القيامة. ثم تضيف الآية: ليس علم الساعة لوحدها من مختصات العلم الإلهي فحسب، بل يندرج معها أشياء
اُخرى مثل أسرار هذا العالم، وما يختص بالكائنات الظاهرة والمخفية: (وماتخرج من
ثمرات من أكمامها وماتحمل من أنثى ولا تضع إلاّ بعلمه)(
«من» في «من الثمرات» و «من أثنى» وكذلك في «من شهيد» تأتي في نهاية الآية
كلّها، زائدة جاءت هنا للتأكيد.). إنّ النباتات لا تنمو، والحيوانات لا
تتكاثر، ولا يضع الإنسان نطفة إلاّ بأمر الخالق العظيم، وبمقتضى علمه وحكمته. |
|
الآيات( 49 ) ( 52 )
لاَّ يَسْئَمُ الاِْنْسَنُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ
فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ( 49 )
|
|
لاَّ يَسْئَمُ
الاِْنْسَنُ مِن دُعَآءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ(
49 ) وَلَئِنْ أَذَقْنَهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ
لَيَقُولَنَّ هَذَا لِى وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِنْ رُّجِعْتُ
إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَاب غَلِيظ( 50 ) وَإِذَآ
أَنْعَمْنَا عَلَى الاِْنْسَنِ أَعْرَضَ وَنَئَا بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ
الشَّرُّ فِذُو دُعَآء عَرِيض( 51 ) قُل أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِنْدِ
اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلَّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقِ بَعِيد( 52 ) |
|
التّفسير |
|
في نفس الاتجاه الذي تحدّثت
فيه الآيات السابقة، نلتقي مع مضمون المجموعة الجديدة من الآيات التي بين
أيدينا، والتي تواصل حديثها عن صور اُخرى حيّة وناطقة من حياة أناس من عديمي
الإيمان وضعافه، الذين يحملون أفكاراً غير ناضجة ومواقف مهزوزة ولا يمتلكون
القدرة على تحمل الصعاب. يقول تعالى: (لا يسأم الإنسان من دعاء الخير). |
|
مسألة:
|
|
يثار هنا السؤال
الآتي: لقد قرأنا في الآيات التي نبحثها قوله تعالى: (إذا مسّهُ الشر فذو دعاء عريض) ولكنّا نقرأ في سورة «الإسراء» قوله تعالى: (وإذا
مسّهّ الشرّ كان يؤوسا)( الإسراء، الآية 83.) |
|
الآيتان( 53 ) ( 54 )
سَنُرِيهِمْ ءَايَتِنَا فِى الاَْفَاقِ وَفِى أْنَفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
|
|
سَنُرِيهِمْ
ءَايَتِنَا فِى الاَْفَاقِ وَفِى أْنَفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْء شَهِيدٌ(
53 ) أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَة مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ
بِكُلِّ شَىْء مُّحيِطُ( 54 ) |
|
التّفسير |
|
علائم
الحق في العالم الكبير والصغير:
|
|
الآيتان الختاميتان في هذه
السورة تشيران إلى موضوعين مهمين، وهما بمثابة الخلاصة الأخيرة لبحوث هذه السورة
المباركة. (التّفسير
الأوّل لهُ أربعة مرجحات هي: |
|
بحوث
|
|
أوّلا:
التوحيد بين دليل «النظم» ودليل «الصدّيقين»
|
|
أشار الفلاسفة في بحوثهم حول
التوحيد إلى الأهمية الكبيرة لنوعين من الإستدلال على الخالق جلَّ وعلا: أحدهما
الإستدلال من خلال «النظم». |
|
ثانياً:
حقيقة إحاطة الله بكل شيء
|
|
يجب أن لا نتصور ـ مطلقاً ـ
أنّ إحاطة الخالق جلَّ وعلا بالموجودات والكائنات تشبه إحاطة الهواء الذي يلف
الكرة الأرضية ويغلِّفها، لأنّ مثل هذه الإحاطة هي دليل المحدودية، بل الإحاطة
المعنية هنا تتضمن معنى دقيقاً ولطيفاً يتمثل في ارتباط كلّ الكائنات والموجودات
بالذات المقدسة. |
|
ثالثاً:
آيات الآفاق والأنفس
|
|
لو أُتيح للإنسان أن ينكر كلّ
ما يستطيع، فهو لا يستطيع أن ينكر وجود نظام دقيق قائم يعم بنسقه عالم الوجود،
فأحياناً يقضي عالم معين كلّ عمره بالدرس والمطالعة حول تركيب العين وأسرارها أو
المخ أو القلب، ويقرأ الكتب الكثيرة ممّا كتب حول الموضوع، إلاّ أنّه أخيراً
يعترف بأنّ هناك أسراراً كثيرة حول موضوعه لا تزال مجهولة. بعبارة اُخرى: إنّ الحياة مستحيلة بدون هذين السائلين العاديين ظاهراً! وفي إشارة عابرة
لكنّها كبيرة الدلالة والمعنى، يتحدث الإمام الصادق في الحديث المعروف
بتوحيد المفضَّل، الذي هو غني جدّاً في الإشارة إلى الآيات الآفاقية والأنفسية
لله في الوجود، يقول(عليه السلام): «أي مفضل!
تأمل الريق وما فيه من المنفعة، فإنّه جعل يجري جرياناً دائماً إلى الفم، ليبل
الحلق واللهوات فلا يجف، فإنّ هذه المواضع لو جعلت كذلك كان فيه هلاك الإنسان،
ثمّ كان لا يستطيع أن يسيغ طعاماً إذا لم يكن في الفم بلة تنفذه، تشهد بذلك
المشاهدة»( بحار الأنوار، المجلد 3، صفحة 77..) نهاية سورة فصّلت |
|
|
|