- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة
الزُّمَر مكيّة وَ عَدَدُ آيَاتِهَا خَمسٌ وَ سبعُون آية
|
|
«سورة الزّمر» |
|
محتوى سورة الزّمر:
|
|
هذه السورة نزلت في
مكّة المكرمة، ولهذا السبب فإنّها تتطرق للقضايا المتعلقة بالتوحيد والمعاد،
وأهميّة القرآن، ومقام نبوّة نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو
الحال في بقية السور المكّية. |
|
فضيلة سورة الزمر:
|
|
لقد أولت الأحاديث الإسلامية
أهمية كبيرة لتلاوة هذه السورة، وقد ورد حديث عن رسول الله(ص) يقول فيه: «من قرأ
سورة الزّمر لم يقطع الله رجاه، وأعطاه ثواب الخائفين الذين خافو الله تعالى»( مجمع البيان بداية سورة الزمر..) |
|
الآيات( 1 ) ( 3 ) تَنزِيلُ الْكِتبِ مِنَ اللهَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(
1 ) إِنَّآ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَبَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ
مُخْلِصاً
|
|
تَنزِيلُ الْكِتبِ
مِنَ اللهَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ( 1 ) إِنَّآ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَبَ
بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ( 2 ) أَلاَ ِللهَ الدِّينُ
الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ
إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِى
مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ كَذِبٌ
كَفَّارٌ( 3 ) |
|
التّفسير |
|
عليك الاخلاص في الدين!
|
|
هذه السورة تبدأ بآيتين
تتحدثان عن نزول القرآن المجيد: الأولى تقول: إن
الله هو الذي أنزل القرآن، والثانية: تبيّن
محتوى وأهداف القرآن. |
|
ملاحظة |
|
الفرق بين التنزيل والإنزال:
|
|
في الآية الأولى وردت عبارة (تنزيل الكتاب)، وفي الثانية عبارة (أنزلنا إليك الكتاب)، فما الفرق بين الإنزال
والتنزيل؟ وما المراد من تباين العبارتين في هاتين الآيتين؟ |
|
الآيتان( 4 )
( 5 ) لَّوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ
مَا يَشَآءُ سُبْحَنَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
|
|
لَّوْ أَرَادَ
اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ
سُبْحَنَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ( 4 ) خَلَقَ السَّمَوَاتَ وَ
الاََرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَ يُكَوِّرُ
النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى
لاَِجَل مُّسَمًّى أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّرُ( 5 ) |
|
التّفسير |
ما حاجة الله إلى الأولاد؟
|
|
المشركون إضافة إلى أنّهم
يعتبرون الأصنام وسيطاً وشفيعاً لهم عند الله، كما استعرضت ذلك الآيات السابقة،
فقد اعتقدوا ـ أيضاً ـ أن بعض المخلوقات ـ كالملائكة ـ هي بنات الله، والآية الأولى في بحثنا تجيب على هذا الإعتقاد الخاطىء
والتصور القبيح بالقول: (لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو الله
الواحد القهار). رابعاً: احتياجه لزوجة، والله منزّه ومقدّس عن كلّ تلك الأُمور. |
|
الآيتان( 6 )
( 7 ) خَلَقَكُم مِّن نَّفْسِ وَاحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ
أَنْزَلَ لَكُمْ مِّنَ الاَْنْعَمِ ثَمَنِيَةَ أَزْوَاج
|
|
|
خَلَقَكُم مِّن
نَّفْسِ وَاحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِّنَ
الاَْنْعَمِ ثَمَنِيَةَ أَزْوَاج يَخْلُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَتِكُمْ خَلْقاً
مِّنْ بَعْدِ خَلْقً فِى ظُلُمَتِ ثَلَثِ ذَلِكُمُ اللهَُ رَبُّكُمْ لَهُ
الْمُلْكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ( 6 ) إِن تَكْفُرُوا
فَإِنَّ اللهََ غَنِىٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَ إِن
تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى ثُمَّ إِلَى
رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ
عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ( 7 ) |
|
التّفسير |
|
الجميع
مخلوقون من نفس واحدة:
|
|
مرّة اُخرى تستعرض آيات
القرآن الكريم عظمة خلق الله، وتبيّن في نفس الوقت بعض النعم الأُخرى التي منّ
بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان. خلق كلّ بني آدم من نفس واحدة إشارة إلى مسألة خلق آدم أبي البشر، إذ أنّ كل
البشر وبتنوع خلقتهم وأخلاقهم وطبائعهم واستعداداتهم وأذواقهم المختلفة يعودون
في الأصل إلى آدم(عليه السلام) لكنّ التّفسير
الأوّل أكثر مناسبة من غيره، رغم عدم وجود أي
تعارض بين هذه التفاسير، بل من الممكن أن تصب جميعها في
نفس المفهوم والمعنى. |
|
الآيتان( 8 )
( 9 ) وَ إِذَا مَسَّ الاِْنَسنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ
إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُواْ إِلَيْهِ
|
|
وَ إِذَا مَسَّ
الاِْنَسنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ
نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُواْ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَ جَعَلَ
ِللهِ أَنْدَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا
إِنَّكَ مِنْ أَصْحَبِ النَّارِ ( 8 )أَمَّنْ هُوَ
قَنِتٌ ءَانَآءَ الَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الاَْخِرَةَ وَيَرْجُوا
رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ
يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الاَْلْبَبِ( 9 ) |
|
التّفسير |
|
هل العلماء
والجهلة متساوون؟
|
|
الآيات السابقة تحدثت بالأدلة
والبراهين عن توحيد ومعرفة الباريء عزّوجلّ، وذلك من خلال عرض بعض الظواهر
العظيمة له في الآفاق والأنفس، أما آيات بحثنا فتتحدث في البداية عن التوحيد
الفطري وتوضح أن ما يدركه الإنسان عن طريق العقل أو الفهم أو المطالعة في شؤون
الخلق موجود بصورة فطرية في أعماقه، وأنّه يظهر أثناء المشاكل وأعاصير الحوادث
التي تعصف به، ولكن هذا الإنسان الكثير النسيان يبتلى مرّة اُخرى بالغفلة
والغرور فور ما تهدأ العواصف والمشاكل وتقول
الآية الكريمة: (وإذا مسّ الإنسان ضر دعا ربّه منيباً
إليه) ونادماً من ذنوبه وغفلته. |
|
ملاحظة
|
|
تتضمّن هاتان الآيتان إشارات لطيفة إلى نقاط مهمّة:
|
1 ـ
في الآية الأولى، ذكرت فلسفة
الحوادث المرّة والصعبة، وانكشاف ستائر الغرور والغفلة عن عين القلب، وصيرورة
شعاع الإيمان شعلة وهّاجة، والعودة والإنابة إلى لله سبحانه وتعالى، وأجابت
الآية في نفس الوقت أُولئك الذين يتصورون أنّ وجود مثل تلك الحوادث الصعبة في
الحياة إنّما هي نقص في مسألة نظام الخلق وفي عدالة الباريء عزّوجلّ. |
|
الآيات( 10 )
( 16 ) قُلْ يَعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ
أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهَِ وَسِعَةٌ
|
|
قُلْ يَعِبَادِ
الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ
الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهَِ وَسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّبِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب( 10 ) قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهََ
مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ( 11 ) وَأُمِرْتُ ِلأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ
الْمُسْلِمِينَ( 12 ) قُلْ إِنِّى أَخَافَ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْم
عَظِيم( 13 ) قُلِ اللهََ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى( 14 ) فَاعْبُدُواْ
مَا شِئْتُمْ مِّنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوآ
أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ
الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ( 15 ) لَهُمْ مِّنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ
وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهَُ بِهِ عِبَادَهُ يَعِبَادِ
فَاتَّقُونِ( 16 ) |
|
التّفسير |
|
|
الخطوط الرئسية لمناهج العباد المخلصين:
|
|
تتمة لما جاء في بحث الآيات
السابقة التي قارنت بين المشركين المغرورين والمؤمنين المطيعين لله، وبين
العلماء والجهلة، فإنّ آيات بحثنا هذا تبحث الخطوط
الرئيسية لمناهج عباد الله الحقيقيين المخلصين وذلك ضمن سبعة مناهج وردت في عدّة
آيات تبدأ بكلمة (قل). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ حقيقة الخسران!
|
|
يرى الراغب
في مفرداته أنّ الخسران يعني ذهاب رأس المال كلّه أو بعضه، وأحياناً تنسب
إلى الإنسان، عندما يقال: (الشخص الفلاني خسر)
وأحياناً تنسب إلى العمل عندما يقولون: (خسرت تجارته). |
|
3 ـ من هم الأهل؟
|
|
الآيات المذكورة أعلاه تقول:
إنّ أُولئك الخاسرين لم يخسروا ثروة وجودهم فحسب، وإنّما خسروا أهليهم أيضاً. بعض المفسّرين قال: إنّ المراد من (أهل) هم أتباع الإنسان والسائرون على نهجه. |
|
الآيات( 17 )
( 20 ) وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَ أَنَابُوا
إِلَى اللهَِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ( 17 )
|
|
وَ الَّذِينَ
اجْتَنَبُوا الطَّغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَ أَنَابُوا إِلَى اللهَِ لَهُمُ
الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ( 17 ) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقُولَ فَيَتَّبِعُونَ
أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهَُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُواْ
الاَْلْبَبِ( 18 ) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ
تُنْقِذُ مَنْ فِى النَّارِ( 19 ) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ
غُرَفٌ مِّنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ
وَعْدَ اللهَِ لاَ يُخْلِفُ اللهَُ الْمِيعَادَ( 20 ) |
|
التّفسير |
|
عباد الله الحقيقيون:
|
|
استخدم القرآن الكريم مرّة
اُخرى أسلوب المقارنة في هذه الآيات، إذ قارن بين عباد الله الحقيقيين والمشركين
المعاندين الذين لا مصير لهم سوى نار جهنّم، قال تعالى:
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى). |
|
بحوث
|
|
1 ـ منطق حرية التفكير في الإسلام
|
|
الكثير من المذاهب الوضعية
تنصح أتباعها بعدم مطالعة ومناقشة مواضيع و آراء بقية المذاهب، إذ أنّهم يخافون
من أن تكون حجّة الأُخرين أقوى من حجّتهم الضعيفة وبالتالي فقدان اتباعهم. |
|
2 ـ الردّ على بعض الأسئلة
|
|
من الممكن أن تطرح
على ضوء البحث السابق عدّة أسئلة، منها: |
|
4 ـ سبب النّزول
|
|
ذكر المفسّرون
أسباباً لنزول هذه الآيات، ومنها، أنّ الآية: (و الذين اجتنبوا الطاغوت...) والآية التي تلتها نزلنا
بحق ثلاثة أشخاص (لم يستسلموا في عهد الجاهلية لغوغاء المشركين في مكّة) كانو
يقولون لا إله إلا الله، والثلاثة هم (سلمان الفارسي وأبوذر الغفاري وزيد بن
عمرو)( تفسير القرطبي; ومحمع البيان ذيل آيات البحث.). |
|
الآيتان( 21 )
( 22 ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهََ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءِ فَسَلَكَهُ
يَنَبِيعَ فِى الاْرَضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهََ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءِ فَسَلَكَهُ يَنَبِيعَ فِى الاْرَضِ ثُمَّ
يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَنُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ
مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَمَاً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لاُِوْلِى
الاَْلْبَب( 21 ) أَفَمَنْ شَرَحَ اللهَُ صَدْرَهُ لِلاِْسْلَمِ فَهُوَ عَلَى
نُور مِّنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهَِ
أُوْلَئِكَ فِى ظَلَل مُّبِين( 22 ) |
|
التّفسير |
|
الذين هم على مركب من نور!!
|
|
في هذه الآيات يستعرض القرآن الكريم مرّة
اُخرى دلائل التوحيد والمعاد، ليكمل البحوث التي تناولت مسألة الكفر
والإيمان الواردة في الآيات السابقة. إذ تشرح أحد آثار عظمة وربوبية الباريء
عزّوجلّ في نظام عالم الكون، وذلك عندما تشير إلى مسألة (نزول المطر) من السماء،
ثمّ إلى نمو آلاف الأنواع من الزرع بمختلف الألوان بعد أن تسقى من ماء عديم
اللون، وإلى مراحل نموها حتى وصولها إلى المرحلة النهائية وتقول موجهة الخطاب
الى النبي الأكرم(ص)باعتباره القدوة لجميع المؤمنين (ألم تر أن الله أنزل من
السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض)( «ينابع» على ما هو المشهور يكون منصوباً بنزع
الخافض، و هو جمع ينبوع من نبع الماء (راجع تفسير روح المعاني، ج23، ص256; روح
البيان، ج8، ص93.). |
|
بحث
|
|
عوامل (شرح الصدر) و (قسوة القلب)
|
|
الناس ليسوا على وتبرة واحدة
من حيث قبول الحق وإدراك الأُمور، فالبعض يتمكّن من إدارك الحقيقة بمجرّد إشارة
واحدة أو جملة قصيرة، وهذا يعني أنّ تذكيراً واحداً يكفي لإيقاظهم فوراً، وموعظة
واحدة قادرة على إحداث صيحات في أرواحهم وفي حين أنّ البعض الآخر لا يتأثّر
بأبلغ الكلمات وأوضح الأدلّة و أقوى العبارات، وهذه المسألة ليست بالأمر السهل
أو الهيّن. |
|
الآيات( 23 )
( 26 ) اللهَُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَباً مُتَشَبِهاً مَّثَانِى
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
|
|
اللهَُ نَزَّلَ
أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَباً مُتَشَبِهاً مَّثَانِى تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى
ذِكْرِ اللهَِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَآءُ وَ مَن يُضْلِلِ
اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد( 23 ) أَفَمَنْ يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوءَ
الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ قِيلَ لِلظَّلِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ
تَكْسِبُونَ( 24 ) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَهُمُ الْعَذَابُ
مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ( 25 ) فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْىَ فِى الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاَْخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ( 26 ) |
|
سبب النّزول
|
|
نقل بعض المفسّرين عن (عبد
الله بن مسعود) أنّ جمعاً من الصحابة ملّوا وتضجّروا، فقالوا لرسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم): حدّثنا حديثاً يزيل السأم من نفوسنا والملل من قلوبنا،
فنزلت أول آية من الآيات المذكورة أعلاه معرّفة القرآن بـ (أحسن الحديث)( سبب النّزول ورد باختلاف يسير في تفسير
(الكشاف) المجلد الرابع ص 123 و في تفسير (القرطبي) و (الآلوبسي) و (أبو الفتوح
الرازي) و غيرها، و ذلك في ذيل آيات البحث.). |
|
التّفسير |
|
الآيات السابقة تحدثت عن
العباد الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه، كما تحدثت عن الصدور الرحبة المستعدة
لتقبل الحقّ. أما الخاصية الثّانية فهي (مثاني) ـ أي المكرر ـ |
|
بحث: خشية الله
|
|
وردت عدّة روايات في ذيل
الايات مورد البحث تجسّم أمامنا آفاقاً أوسع مهما يفهم من الآية. |
|
الآيات( 27 )
( 31 ) وَ لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلِ
لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ( 27 ) قُرْءَاناً عَرَبِيَّاً
|
|
وَ لَقَدْ
ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلِ لَّعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ( 27 ) قُرْءَاناً عَرَبِيَّاً غَيْرَ ذِى عِوَج لَّعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ ( 28 )ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَكِسُونَ
وَ رَجُلاً سَلَماً لِّرَجُل هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ ِللهِ بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( 29 )إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُم مَّيِّتُونَ(
30 ) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ( 31 ) |
|
التّفسير |
|
قرآن لا عوج فيه:
|
|
الآيات ـ هناـ تبحث خصائص
القرآن المجيد أيضاً، وتكمل البحوث السابقة في هذا المجال. وبكلمة أنّه وضح
فيه كلّ ما هو ضروري لهداية الإنسان على شكل أمثال، لعلهم يتذكرون ويعودون من طريق الضلال إلى الصراط المستقيم (لعلهم يتذكرون). |
|
بداية الجزء الرابعْ
والعشرون مِنَ القُرانُ الكريمْ
|
|
الآيات( 32 ) ( 35 ) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى
اللهِ وَ كَذَّبَ بِالْصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ
|
|
فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللهِ وَ كَذَّبَ بِالْصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى
جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْكَفِرِينَ( 32 ) وَ الَّذِى جَآءَ بِالصِّدْقِ وَ
صَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ( 33 ) لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ
رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ المُحْسِنِينَ( 34 ) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ
أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُواْ وَ يَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِى
كَانُوا يَعْمَلُونَ( 35 ) |
|
التّفسير |
|
أولئك الذين يصدقون كلام الله:
|
|
هذه الآيات تواصل البحث
الخاصّ بموقف الناس في ساحة المحشر، وتخاصمهم في تلك المحكمة الكبرى، وتقسم آيات بحثنا إلى مجموعتين هما (المكذبون) و (المصدقون). وكما هو معلوم فإنّ المكافاة الإلهية في الآخرة وحتى التفضيل الإلهي للبعض دون
البعض الآخر إنّما يتمّ على أساس اللياقة التي حصل عليها الإنسان في هذه الدنيا،
فالذي يعرف أنّ إيمانه وعمله في هذه الدنيا لم يصل إلى درجة إيمان وعمل الأُخرين
لا يأمل يوماً ما أن يكون بمرتبتهم، لإنّ ذلك أمل ورجاء غير منطقي. |
|
مسألة:
|
|
الكثير من المفسّرين المسلمين
من الشيعة والسنة نقلوا الرّواية التالية بشأن
تفسير هذه الآية، وهي أنّ النّبي(ص) هو المقصود في (والذي
جاء بالصدق) وأن الإمام علي (عليه السلام)هو المقصود في (صدّق به). |
|
الآيتان( 36 )
( 37 ) أَلَيْسَ اللهُ بِكَاف عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن
دُونِهِ وَمَن يُظْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد
|
|
أَلَيْسَ اللهُ
بِكَاف عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُظْلِلِ
اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد( 36 ) وَ مَن يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ
أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيز ذِى انْتِقَام( 37 ) |
|
سبب النّزول
|
|
الكثير من
المفسّرين قالوا: إنّ مشركي قريش
كانوا يخوفون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)من آلهتهم ويحذرونه من غضبها
على أثر وصفه تلك الأوثان بأوصاف مزرية، ويوعدونه بأنّه إن لم يسكت عنها فستصيبه
بالأذى، وللرد على كلامهم نزلت الآية المذكورة أعلاه(تفسير
الكشاف ومجمع البيان وأبو الفتوح الرازي وفي ظلال مع اختلافات جزئية.). |
|
التّفسير |
|
إن الله كاف!
|
|
تتمة لتهديدات الباريء عزّو
جلّ التي وردت في الآيات السابقة للمشركين، والوعد التي لأنبيائه، تتطرق الآية
الأولى في بحثنا لتهديد الكفّار (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه). (ومن يهد الله فما له من مضل). |
|
بحثان
|
|
1 ـ الهداية و الإضلال من الله:
|
|
«الهداية»: في اللغة تعني التوجيه
والإرشاد بلطف ودقّة(«مفردات»
مادة (هدى).)، وتنقسم إلى قسمين (بيان الطريق)، و
(الإيصال إلى المطلوب) وبعبارة اُخرى (هداية
تشريعية) و (هداية تكوينية)( نلفت
الإنتباه إلى أن الهداية التكوينية هنا قد استخدمت بمعناها الواسع، حيث تشمل كلّ
أشكال الهداية عدا الهداية التي تأتي عن طريق بيان الشرائع و التوجيه إلى
الطريق.). وثمّة سؤال يبقى مطروحاً، وهو: لماذا يشمل
التوفيق مجموعة دون اُخرى؟ |
|
2 ـ الإتكال على لطف الله
|
|
يعتبر الإنسان كالقشة الضعيفة
في مهب الرياح العاتية التي تهب هنا وهناك في كلّ لحظة من الزمان، ويمكن أن
تتعلق هذه القشة بورقة أو غصن مكسور تأخذه الرياح أيضاً مع تلك القشة الضعيفة،
وترميهما جانباً، وحتى إذا تمكنت يد الإنسان من الإمساك بشجرة كبيرة فإنّ الأعاصير
والرياح العاتية تقتلع أحياناً تلك الشجرة من جذورها، أمّا إذا لجأ الإنسان إلى
جبل عظيم فإن أعتى الأعاصير لا تتمكن من أن تزحزح ذلك الجبل ولو بمقدار رأس إبرة
من مكانه. |
|
الآيات( 38 )
( 40 ) وَ لَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَ الاَْرْضَ
لَيَقُولُنَّ اللهُ
|
|
وَ لَئِن سَأَلْتَهُم
مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَ الاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَءَيْتُمْ
مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ إِنْ أَرَدَنِى اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ
كَشِفَتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَة هَلْ هُنَّ مُمْسِكَتُ رَحْمَتِهِ
قُلْ حَسْبِىَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ( 38 ) قُلْ
يَقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّىِ عَمِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(
39 ) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيْهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ(
40 ) |
|
التّفسير |
|
هل إن آلهتكم قادرة على حل مشاكلكم؟
|
|
الآيات السابقة تحدثت عن
العقائد المنحرفة للمشركين والعواقب الوخيمة التي حلّت بهم، أمّا آيات بحثنا هذا
فإنّها تستعرض دلائل التوحيد كي تكمل البحث السابق بالأدلة، كما تحدثت الآيات
السابقة عن دعم الباريء عزّوجلّ لعباده وكفاية هذا الدعم، والايات أعلاه تتابع
هذه المسألة مع ذكر الدليل. العقل والوجدان لايقبلان أن يكون هذا العالم
الكبير الواسع بكل هذه العظمة مخلوق من قبل بعض الكائنات الأرضية، فكيف يمكن للعقل أن يقبل أنّ الأصنام التي لا روح فيها
ولا عقل ولا شعور هي التي خلقت هذا العالم، وبهذا الشكل فإنّ القران يحاكم
أُولئك إلى عقولهم وشعورهم وفطرتهم، كي يثبّت أول أسس التوحيد في قلوبهم، وهي
مسألة خلق السماوات والأرض. |
|
الآيات( 41 )
( 44 ) إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ
اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ
|
|
إِنَّآ
أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى
فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَ مَآ أَنْتَ عَلَيْهِم
بِوَكِيل( 41 ) اللهُ يَتَوَفَّى الاَْنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِى لَمْ
تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ
يُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَل مُّسَمًّى إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَت لِّقَوْم
يَتَفَكَّرُونَ( 42 ) أَمِ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَ
لَوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَ لاَ يَعْقِلُونَ( 43 ) قُلْ ِللهِ
الشَّفَعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَوَتِ وَ الاَْرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ( 44 ) |
|
التّفسير
|
|
الله سبحانه يتوفى الأنفس:
|
|
بعد ذكر دلائل التوحيد، و
بيان مصير المشركين والموحدين، تبيّن الآية الأُولى ـ في هذا البحث ـ حقيقة
مفادها أن قبول ما جاء في كتاب الله أو عدم قبوله إنّما يعود بالفائدة أو الضرر
عليكم، وإن كان رسول الله(ص) يصرّ عليكم في هذا المجال،
فإنّه لم يكن يبتغي جني الأرباح من وراء ذلك، و إنّما كان يؤدي واجباً إلهياً،
(إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحقّ)( «بالحق»: من
الممكن أن تكون حالا لـ (كتاب) أو للفاعل في (أنزلناه) ، مع أنّ المعنى الأوّل
أنسب، و لذا فإنّ مفهوم الآية يكون: (إنا أنزلنا عليك القرآن مترافقاً بالحق)
..) |
|
من هذه الآية يمكن استنتاج عدة أُمور:
|
|
1 ـ إنّ الإنسان عبارة عن روح وجسد، والروح هي جوهر غير مادي، يرتبط بالجسد فيبعث فيه النور والحياة. وعلى أية حال، فإنّ المراد من قوله تعالى: (إنّ
في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)هو إثبات دلائل قدرة الباريء عزّوجلّ، ومسألة
الخلق، والمعاد، وضعف وعجز الإنسان مقابل إرادة الله عزّوجلّ. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ عجائب عالم الرؤيا؟
|
|
ما هي حقيقة النوم؟ وما سبب
ميل الإنسان إلى النوم؟ وبهذا الشكل فعندما يخفت شعاع الروح في الجسد بأمر من الله، ولا يبقى غير
شعاع خافت اللون يشع في ذلك الجسد، يتعطل جهاز الإدراك والشعور عن العمل، و
يتوقف الحسّ والحركة عند الإنسان، عدا بعض الأجزاء التي تبقى تواصل نشاطها لحفظ
واستمرار الحياة عند الإنسان، كضربات القلب و دوران الدم ونشاطات الجهاز التنفسي
والغذائي. |
|
الآيات( 45 )
( 48 ) وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ
يُؤمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ
|
|
وَإِذَا ذُكِرَ
اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ
وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ( 45 ) قُلِ
الَّلهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَ الاَْرْضِ عَلِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهَدَةِ
أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِى مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ( 46 ) وَ
لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِى الاَْرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ
لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ بَدَا لَهُمْ
مِّنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ( 47 ) وَ بَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ
مَا كَسَبُوا وَ حَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ( 48 ) |
|
التّفسير |
|
الذين يخافون من اسم الله!
|
|
مرّة اُخرى يدور الحديث عن
التوحيد والشرك، إذ عكست الآية الأولى إحدى الصور القبيحة والمشوهة للمشركين
ولمنكري المعاد من خلال تعاملهم مع التوحيد، قال تعالى: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين
من دونه إذا هم يستبشرون)( «اشمأزت»: من مادة (اشمئزاز) و تعني الإنقياض و النفور عن الشيء، (وحده)
منصوب حال أو مفعول مطلق.). |
|
الآيات( 49 ) (52
) فَإِذَا مَسَّ الاِْنسَنَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَهُ نِعْمَةً
مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوْتِيتُهُ عَلَى عَلْم
|
|
فَإِذَا مَسَّ
الاِْنسَنَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ
إِنَّمَا أُوْتِيتُهُ عَلَى عَلْم بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ
لاَ يَعْلَمُونَ ( 49 )قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَآ أَغْنَى
عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 50 )فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا
وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاَءِ سَيُصيِبُهُمْ سَيِّئَاتِ مَا كَسَبُوا وَ
مَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ( 51 ) أَوَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَتِ لِّقَوْمِ
يُؤْمِنُونَ(52) |
|
التّفسير |
|
في الشدائد يذكرون الله، ولكن...
|
|
الآيات هنا تتحدث مرّة اُخرى
عن المشركين والظالمين، وتعكس صورة اُخرى من صورهم القبيحة. |
|
الآيات( 53 )
( 55 ) قُلْ يَعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ
تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
|
|
قُلْ يَعِبَادِىَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ
إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(
53 ) وَ أَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ( 54 ) وَ اتَّبِعُواْ أَحْسَنَ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ
الْعَذَابُ بَغْتَهً وَ أَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ( 55 ) |
|
التّفسير |
|
إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً (عليهم السلام)
|
|
بعد التهديدات المتكررة التي
وردت في الآيات السابقة بشأن المشركين والظالمين، فإنّ آيات بحثنا فتحت الأبواب
أمام المذنبين وأعطتهم الأمل، لأنّ الهدف الرئيسي من كلّ هذه الأمور هو التربية
والهداية وليس الإنتقام والعنف، فبلهجة مملوءة باللطف والمحبة يفتح الباريء
أبواب رحمته أمام الجميع ويصدر أوامر العفو عنهم، عندما يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً). |
|
والدليل على ذلك واضح من وجوه:
|
|
1 ـ التعبير
بـ (يا عبادي) هي بداية لطف الباريء عزّوجلّ. |
|
بحثان
|
|
1 ـ باب التوبة مفتوح للجميع
|
|
من المشاكل التي تقف عائقاً
في طريق بعض المسائل التربوبة، هو إحساس الإنسان بعقدة الذنب من جراء الأعمال
القبيحة السابقة التي ارتكبها، خاصة إذا كانت هذه الذنوب كبيرة، إذ أنّ الذي
يستحوذ على ذهن الإنسان إن أراد التوجّه نحو الطهارة والتقوى والعودة إلى الله،
فكيف يتخلص من أعباء الذنوب الكبيرة السابقة. |
|
2 ـ اصحاب الأحمال الثقيلة
|
|
بعض المفسّرين أوردوا أسباباً متعددة لنزول الآيات آنفة الذكر، ويحتمل أن تكون جميعها من قبيل التطبيق وليس من قبيل أسباب النّزول. |
|
الآيات( 56 )
( 59 ) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنْبِ اللهِ
وَإِن كُنْتُ لَمِنَ السَّخِرِينَ
|
|
أَن تَقُولَ نَفْسٌ
يَحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنْبِ اللهِ وَإِن كُنْتُ لَمِنَ
السَّخِرِينَ( 56 ) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِى لَكُنتُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ( 57 ) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى
كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الُْمحْسِنِينَ( 58 ) بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَتِى
فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكَفِرِينَ( 59 ) |
|
التّفسير |
|
الندم لا ينفع في ذلك اليوم:
|
|
الآيات السابقة أكّدت على
التوبة وإصلاح الذات وإصلاح الأعمال السابقة، وآيات بحثنا الحالي تواصل التطرق
لذلك الموضوع، ففي البداية تقول: (أن تقول نفس يا حسرتا على مافرطت في جنب الله
وإن كنت لمن الساخرين)( في
بداية الآية عبارة تتعلق بالآيات السابقة، ويكون التقدير (لئلا تقول نفس) أو
(حذراً أن تقول نفس) وفي الحالة الثانية تكون مفعولا له لعبارة (أنيبوا واسلموا
واتبعوا) . (إن) في عبارة (وإن كنت لمن الساخرين) مخففة من الثقيلة إذ أنّها
كانت في الأصل، (إنّي كنت من الساخرين) .). |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ التفريط في جنب الله
|
|
قلنا: إنّ (جنب الله) التي
وردت في آيات بحثنا لها معان واسعة، تشمل كلّ ما يرتبط بالله سبحانه وتعالى،
وبهذا الشكل فإنّ التفريط في جنب الله يشمل كلّ أنواع التفريط في طاعة أوامر
الله، واتباع ما جاء في الكتب السماوية، والتأسي بالأنبياء والأولياء. |
|
2 ـ على أعتاب الموت أو القيامة؟
|
|
هل أنّ تلك الأقوال الثلاثة
قالها المجرمون عندما شاهدوا العذاب الإلهي في الدنيا وهو عذاب الاستئصال
والهلاك في نهاية أعمارهم؟ أم عن زمان دخولهم ساحة القيامة؟ |
|
الآيات( 60 )
( 64 ) وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ
مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْمُتَكَبِّرِينَ
|
|
وَيَوْمَ
الْقِيَمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُّسْوَدَّةٌ
أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْمُتَكَبِّرِينَ( 60 ) وَ يُنَجِّى اللهُ
الَّذِينَ اتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ( 61 ) اللهُ خَلِقُ كُلِّ شَىْء وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء وَكِيلٌ(
62 ) لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَتِ
اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَسِرُون( 63 ) قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّى
أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَهِلُونَ( 64 ) |
|
التّفسير |
|
الله خالق كلّ شيء وحافظه:
|
|
الآيات السابقة تتحدث عن المشركين
الكذابين والمستكبرين الذين يندمون يوم القيامة على ما قدمت أيديهم ويتوسلون
لإعادتهم إلى الدنيا، ولكن هيهات أن يستجاب لهم طلبهم، وآيات بحثنا هذه تواصل
الحديث عن هذا الأمر، إذ تقول: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم
مسودة). ولهذا السبب أوردت الآية المذكورة بمثابة استنتاج (والذين
كفروا بآيات الله أُولئك هم الخاسرون). |
|
الآيات( 65 )
( 67 ) وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
|
|
وَلَقَدْ أُوحِىَ
إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ( 65 ) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ
مِّنَ الشَّكِرِينَ( 66 ) وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاَْرْضُ
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَالسَّمَوتُ مَطْوِيَّتُ بِيَمِينِهِ
سُبْحَنَهُ وَتَعَلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ( 67 ) |
|
التّفسير |
|
الشرك محبط للاعمال:
|
|
آيات بحثنا تواصل التطرق
للمسائل المتعلقة بالشرك والتوحيد والتي كانت قد استعرضت في الآيات السابقة
أيضاً. خلاصة الكلام، أنّ كلّ هذه التشبيهات والتعابير هي كناية عن سلطة الله المطلقة على عالم
الوجود في العالم الآخر، حتى يعلم الجميع أن مفتاح النجاة وحل المشاكل يوم
القيامة هو بيد القدرة الإلهية، كي لا يعمدوا إلى عبادة الأصنام وغيرها من
الآلهة بذريعة أنّها ستشفع لهم في ذلك اليوم. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ مسألة إحباط الأعمال
|
|
هل يمكن حقّاً أن تحبط
الأعمال الصالحة للإنسان بسبب أعمال سيئة يرتكبها؟ وهل أنّ هذه المسألة لا
تتعارض مع عدالة الباريء عزّوجلّ من جهة، ومع ظواهر الآيات التي تقول: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً
يره)؟. |
|
2 ـ هل عرف المؤمنون الله؟
|
|
قرأنا في الآيات الآنفة أنّ
المشركين لم يعرفوا الله حق معرفته، إذ أنّهم لو عرفوه لما ساروا في طريق الشرك
ومعنى هذا الكلام أن المؤمنين الموحدين هم وحدهم الذين عرفوا الله حق معرفته. |
|
الآية( 68 )
وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَوَتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ إِلاَّ
مَن شَآءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ اُخرى
|
|
وَنُفِخَ فِى
الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَوَتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ
اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ اُخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ( 68 ) |
|
التّفسير |
|
(النفخ في الصور) وموت وإحياء جميع العباد:
|
|
الآيات الأخيرة في البحث
السابق تحدثت عن يوم القيامة، وآية بحثنا الحالي تواصل الحديث عن ذلك اليوم مع
ذكر إحدى الميزات المهمة له، إذ تبدأ الحديث بنهاية الحياة في الدنيا، وتقول: (ونفخ في الصور من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله). |
|
بحوث
|
|
1 ـ هل أنّ النفخ في الصور يتمّ مرتين، أو أكثر؟
|
|
المشهور بين علماء
المسلمين أنّه يتمّ مرّتين فقط، وظاهر الآية يوضّح هذا أيضأ، كما
أنّ مراجعة آيات القرآن الأُخرى تبيّن أنّ هناك نفختين فقط، لكن البعض قال:
إنّها ثلاث نفخات، والبعض الآخر قال: إنّها أربع. والحقيقة أنّه ليس هناك أكثر من نفختين،
ومسألة الفزع والرعب العام في الواقع هي مقدمة لموت جميع البشر والذي يتم بعد
النفخة الأُولى أو الصيحة الأولى، كما أن نفخة الجمع هي تتمة لنفخة الإحياء
والبعث، وبهذا الشكل فلا يوجد أكثر من نفختين (نفخة الموت) و (نفخة الإحياء)،
وهناك شاهد آخر على هذا القول وهو الآيتان (6 و 7) من
سورة النازعات، اللتان تقولان: (يوم ترجف الراجفة،
تتبعها الرادفة). |
|
2 ـ ما هو صور إسرافيل:
|
|
هناك سؤال يتبادر
إلى الذهن، وهو: كيف تملأه أمواج
الصور الصوتية كلّ العالم في نفس اللحظة؟ رغم أنّنا نعلم أنّ سرعة الأمواج
الصوتية بطيئة ولا تتجاوز الـ (240) متراً في الثانية، في حين أنّ سرعة الضوء هي
أكثر بمليون مرة من هذه السرعة إذ تبلغ (300) ألف كيلومتر في الثانية. |
|
3 ـ من هم المستثنون؟
|
|
كما مرّ علينا في الآية
المبحوثة عنها فإنّ كلّ أهل السموات والأرض يموتون سوى مجموعة واحدة (إلا من شاء الله) فمن هي هذه المجموعة؟ هناك اختلاف
بين المفسّرين بشأن هذا الأمر: |
|
4 ـ فجائية النفختين:
|
|
آيات القرآن الكريم توضح
بصورة جيدة أنّ النفختين تقعان بصورة مفاجئة، والنفخة الأولى تكون فجائية بحيث
أنّ مجموعة كبيرة من الناس تكون منشغلة بالتجارة والجدال والنقاش في أموالهم
وبيعهم وشرائهم، وفجأة يسمعون الصيحة، فيسقطون في أماكنهم ميتين، كما صرحت بذلك الآية (29) في سورة يس (إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم خامدون). |
|
5 ـ ماهي الفاصلة الزمنية بين النفختين؟
|
|
الآيات القرآنية لم تذكر
توضيحاً حول هذا الأمر، سوى كلمة (ثم) التي وردت ضمن آية بحثنا والتي تدل على
وجود فاصل زمني بين النفختين، إلاّ أنّ بعض الرّوايات ذكرت بأن هذه الفاصلة
مقدارها (40) عاماً(نور
الثقلين، المجلد 4، الصفحة 503، الحديث 119.). والمجهول بالنسبة لنا هو معيار هذه السنين، فهل هي سنوات اعتيادية كالتي
نعيشها نحن، أم أنّها سنوات وأيّام كسنوات وأيّام القيامة. |
|
الآيتان( 69 )
( 70 ) وَ أَشْرَقَتِ الاَْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَبُ وَجِاْىءَ
بِالنَّبِيِّنَ وَالشُّهَدآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ
|
|
وَ أَشْرَقَتِ
الاَْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَبُ وَجِاْىءَ بِالنَّبِيِّنَ
وَالشُّهَدآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ( 69
)وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْس مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ( 70
) |
|
التّفسير
|
|
ذلك اليوم الذي تشرق الأرض بنور ربّها:
|
|
آيتا بحثنا تواصلان استعراض
الحديث عن القيامة والذي بدأ قبل عدّة آيات، وهاتان
الآيتان تضمان سبع عبارات منسجمة، كلّ واحدة تتناول أمراً من أُمور
المعاد، لتكمل بعضها البعض، أو أنّها تقيم دليلا
على ذلك. |
|
الآيتان( 71 )
( 72 ) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا
جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ
|
|
وَسِيقَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَبُهَا
وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ
عَلَيْكُمْ ءَايَتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
قَالُواْ بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَفِرِينَ( 71 )
قِيلَ ادْخُلُواْ أَبْوَبَ جَهَنَّمَ خَلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى
الْمُتَكَبِّرِينَ( 72 ) |
|
التّفسير |
|
الذين يدخلون جهنم زمراً:
|
|
تواصل الآيات هنا
بحث المعاد، وتستعرض بالتفصيل ثواب
وجزاء المؤمنين والكافرين الذي استعرض بصورة مختصرة في الآيات السابقة. وتبدأ
بأهل جهنم، إذ تقول: (وسيق الذين كفروا إلى جهنم
زمراً). عبارة «زمر» تعني الجماعة الصغيرة من الناس، وتوضح أن الكافرين يساقون إلى جهنم على شكل
مجموعات مجموعات صغيرة ومتفرقة. و حينما قال الشيطان:
لأغوينهم جميعاً إلاّ عبادك المخلصين، فأجابه الباريء عزّوجلّ (لأملأن جهنم من الجنّة والناس أجمعين)( الم السجدة، 13..) |
|
الآيات( 73 )
( 75 ) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى
إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَبُهَا
|
|
وَسِيقَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا
وَفُتِحَتْ أَبْوَبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَلِدِينَ( 73 ) وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِى صَدَقَنَا
وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الاَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ
فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَمِلِينَ ( 74 )وَتَرَى الْمَلَئِكَةَ حَآفِينَ مِنْ حَوْلِ
الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ
وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَلَمِينِ( 75 ) |
|
التّفسير |
|
المتقون يدخلون الجنّة افواجاً!!
|
|
هذه الآيات ـ التي هي آخر آيات سورة (الزمر) ـ تواصل بحثها حول
موضوع المعاد، حيث تتحدث عن كيفية دخول المؤمنين المتقين الجنّة، بعد أن كانت
الآيات السابقة قد استعرضت كيفية دخول الكافرين جهنم، لتتوضح الأُمور أكثر من
خلال هذه المقارنة. الآية التّالية
تتكون من أربع عبارات قصار غزيرة المعاني
تنقل عن لسان أهل الجنّة السعادة والفرح اللذين غمراهم، حيث تقول: (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده). وهنا يطرح هذه السؤال وهو: هل أنّ هذا القول صادر عن أهل الجنّة، أم أنّه كلام الله
جاء بعد كلام أهل الجنّة؟ نهاية
سورة الزّمر |
|
|
|
|
سُورَة
الزُّمَر مكيّة وَ عَدَدُ آيَاتِهَا خَمسٌ وَ سبعُون آية
|
|
«سورة الزّمر» |
|
محتوى سورة الزّمر:
|
|
هذه السورة نزلت في
مكّة المكرمة، ولهذا السبب فإنّها تتطرق للقضايا المتعلقة بالتوحيد والمعاد،
وأهميّة القرآن، ومقام نبوّة نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو
الحال في بقية السور المكّية. |
|
فضيلة سورة الزمر:
|
|
لقد أولت الأحاديث الإسلامية
أهمية كبيرة لتلاوة هذه السورة، وقد ورد حديث عن رسول الله(ص) يقول فيه: «من قرأ
سورة الزّمر لم يقطع الله رجاه، وأعطاه ثواب الخائفين الذين خافو الله تعالى»( مجمع البيان بداية سورة الزمر..) |
|
الآيات( 1 ) ( 3 ) تَنزِيلُ الْكِتبِ مِنَ اللهَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(
1 ) إِنَّآ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَبَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ
مُخْلِصاً
|
|
تَنزِيلُ الْكِتبِ
مِنَ اللهَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ( 1 ) إِنَّآ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَبَ
بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ( 2 ) أَلاَ ِللهَ الدِّينُ
الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ
إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِى
مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ كَذِبٌ
كَفَّارٌ( 3 ) |
|
التّفسير |
|
عليك الاخلاص في الدين!
|
|
هذه السورة تبدأ بآيتين
تتحدثان عن نزول القرآن المجيد: الأولى تقول: إن
الله هو الذي أنزل القرآن، والثانية: تبيّن
محتوى وأهداف القرآن. |
|
ملاحظة |
|
الفرق بين التنزيل والإنزال:
|
|
في الآية الأولى وردت عبارة (تنزيل الكتاب)، وفي الثانية عبارة (أنزلنا إليك الكتاب)، فما الفرق بين الإنزال
والتنزيل؟ وما المراد من تباين العبارتين في هاتين الآيتين؟ |
|
الآيتان( 4 )
( 5 ) لَّوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ
مَا يَشَآءُ سُبْحَنَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
|
|
لَّوْ أَرَادَ
اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ
سُبْحَنَهُ هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ( 4 ) خَلَقَ السَّمَوَاتَ وَ
الاََرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَ يُكَوِّرُ
النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى
لاَِجَل مُّسَمًّى أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّرُ( 5 ) |
|
التّفسير |
ما حاجة الله إلى الأولاد؟
|
|
المشركون إضافة إلى أنّهم
يعتبرون الأصنام وسيطاً وشفيعاً لهم عند الله، كما استعرضت ذلك الآيات السابقة،
فقد اعتقدوا ـ أيضاً ـ أن بعض المخلوقات ـ كالملائكة ـ هي بنات الله، والآية الأولى في بحثنا تجيب على هذا الإعتقاد الخاطىء
والتصور القبيح بالقول: (لو أراد الله أن يتخذ ولداً لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو الله
الواحد القهار). رابعاً: احتياجه لزوجة، والله منزّه ومقدّس عن كلّ تلك الأُمور. |
|
الآيتان( 6 )
( 7 ) خَلَقَكُم مِّن نَّفْسِ وَاحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ
أَنْزَلَ لَكُمْ مِّنَ الاَْنْعَمِ ثَمَنِيَةَ أَزْوَاج
|
|
|
خَلَقَكُم مِّن
نَّفْسِ وَاحِدَة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِّنَ
الاَْنْعَمِ ثَمَنِيَةَ أَزْوَاج يَخْلُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَتِكُمْ خَلْقاً
مِّنْ بَعْدِ خَلْقً فِى ظُلُمَتِ ثَلَثِ ذَلِكُمُ اللهَُ رَبُّكُمْ لَهُ
الْمُلْكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ( 6 ) إِن تَكْفُرُوا
فَإِنَّ اللهََ غَنِىٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَ إِن
تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى ثُمَّ إِلَى
رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ
عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ( 7 ) |
|
التّفسير |
|
الجميع
مخلوقون من نفس واحدة:
|
|
مرّة اُخرى تستعرض آيات
القرآن الكريم عظمة خلق الله، وتبيّن في نفس الوقت بعض النعم الأُخرى التي منّ
بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان. خلق كلّ بني آدم من نفس واحدة إشارة إلى مسألة خلق آدم أبي البشر، إذ أنّ كل
البشر وبتنوع خلقتهم وأخلاقهم وطبائعهم واستعداداتهم وأذواقهم المختلفة يعودون
في الأصل إلى آدم(عليه السلام) لكنّ التّفسير
الأوّل أكثر مناسبة من غيره، رغم عدم وجود أي
تعارض بين هذه التفاسير، بل من الممكن أن تصب جميعها في
نفس المفهوم والمعنى. |
|
الآيتان( 8 )
( 9 ) وَ إِذَا مَسَّ الاِْنَسنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ
إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُواْ إِلَيْهِ
|
|
وَ إِذَا مَسَّ
الاِْنَسنَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ
نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِىَ مَا كَانَ يَدْعُواْ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَ جَعَلَ
ِللهِ أَنْدَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا
إِنَّكَ مِنْ أَصْحَبِ النَّارِ ( 8 )أَمَّنْ هُوَ
قَنِتٌ ءَانَآءَ الَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الاَْخِرَةَ وَيَرْجُوا
رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ
يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الاَْلْبَبِ( 9 ) |
|
التّفسير |
|
هل العلماء
والجهلة متساوون؟
|
|
الآيات السابقة تحدثت بالأدلة
والبراهين عن توحيد ومعرفة الباريء عزّوجلّ، وذلك من خلال عرض بعض الظواهر
العظيمة له في الآفاق والأنفس، أما آيات بحثنا فتتحدث في البداية عن التوحيد
الفطري وتوضح أن ما يدركه الإنسان عن طريق العقل أو الفهم أو المطالعة في شؤون
الخلق موجود بصورة فطرية في أعماقه، وأنّه يظهر أثناء المشاكل وأعاصير الحوادث
التي تعصف به، ولكن هذا الإنسان الكثير النسيان يبتلى مرّة اُخرى بالغفلة
والغرور فور ما تهدأ العواصف والمشاكل وتقول
الآية الكريمة: (وإذا مسّ الإنسان ضر دعا ربّه منيباً
إليه) ونادماً من ذنوبه وغفلته. |
|
ملاحظة
|
|
تتضمّن هاتان الآيتان إشارات لطيفة إلى نقاط مهمّة:
|
1 ـ
في الآية الأولى، ذكرت فلسفة
الحوادث المرّة والصعبة، وانكشاف ستائر الغرور والغفلة عن عين القلب، وصيرورة
شعاع الإيمان شعلة وهّاجة، والعودة والإنابة إلى لله سبحانه وتعالى، وأجابت
الآية في نفس الوقت أُولئك الذين يتصورون أنّ وجود مثل تلك الحوادث الصعبة في
الحياة إنّما هي نقص في مسألة نظام الخلق وفي عدالة الباريء عزّوجلّ. |
|
الآيات( 10 )
( 16 ) قُلْ يَعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ
أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهَِ وَسِعَةٌ
|
|
قُلْ يَعِبَادِ
الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَذِهِ
الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهَِ وَسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّبِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب( 10 ) قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهََ
مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ( 11 ) وَأُمِرْتُ ِلأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ
الْمُسْلِمِينَ( 12 ) قُلْ إِنِّى أَخَافَ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْم
عَظِيم( 13 ) قُلِ اللهََ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى( 14 ) فَاعْبُدُواْ
مَا شِئْتُمْ مِّنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوآ
أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ
الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ( 15 ) لَهُمْ مِّنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ
وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهَُ بِهِ عِبَادَهُ يَعِبَادِ
فَاتَّقُونِ( 16 ) |
|
التّفسير |
|
|
الخطوط الرئسية لمناهج العباد المخلصين:
|
|
تتمة لما جاء في بحث الآيات
السابقة التي قارنت بين المشركين المغرورين والمؤمنين المطيعين لله، وبين
العلماء والجهلة، فإنّ آيات بحثنا هذا تبحث الخطوط
الرئيسية لمناهج عباد الله الحقيقيين المخلصين وذلك ضمن سبعة مناهج وردت في عدّة
آيات تبدأ بكلمة (قل). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ حقيقة الخسران!
|
|
يرى الراغب
في مفرداته أنّ الخسران يعني ذهاب رأس المال كلّه أو بعضه، وأحياناً تنسب
إلى الإنسان، عندما يقال: (الشخص الفلاني خسر)
وأحياناً تنسب إلى العمل عندما يقولون: (خسرت تجارته). |
|
3 ـ من هم الأهل؟
|
|
الآيات المذكورة أعلاه تقول:
إنّ أُولئك الخاسرين لم يخسروا ثروة وجودهم فحسب، وإنّما خسروا أهليهم أيضاً. بعض المفسّرين قال: إنّ المراد من (أهل) هم أتباع الإنسان والسائرون على نهجه. |
|
الآيات( 17 )
( 20 ) وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَ أَنَابُوا
إِلَى اللهَِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ( 17 )
|
|
وَ الَّذِينَ
اجْتَنَبُوا الطَّغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَ أَنَابُوا إِلَى اللهَِ لَهُمُ
الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ( 17 ) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقُولَ فَيَتَّبِعُونَ
أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهَُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُواْ
الاَْلْبَبِ( 18 ) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ
تُنْقِذُ مَنْ فِى النَّارِ( 19 ) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ
غُرَفٌ مِّنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ
وَعْدَ اللهَِ لاَ يُخْلِفُ اللهَُ الْمِيعَادَ( 20 ) |
|
التّفسير |
|
عباد الله الحقيقيون:
|
|
استخدم القرآن الكريم مرّة
اُخرى أسلوب المقارنة في هذه الآيات، إذ قارن بين عباد الله الحقيقيين والمشركين
المعاندين الذين لا مصير لهم سوى نار جهنّم، قال تعالى:
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى). |
|
بحوث
|
|
1 ـ منطق حرية التفكير في الإسلام
|
|
الكثير من المذاهب الوضعية
تنصح أتباعها بعدم مطالعة ومناقشة مواضيع و آراء بقية المذاهب، إذ أنّهم يخافون
من أن تكون حجّة الأُخرين أقوى من حجّتهم الضعيفة وبالتالي فقدان اتباعهم. |
|
2 ـ الردّ على بعض الأسئلة
|
|
من الممكن أن تطرح
على ضوء البحث السابق عدّة أسئلة، منها: |
|
4 ـ سبب النّزول
|
|
ذكر المفسّرون
أسباباً لنزول هذه الآيات، ومنها، أنّ الآية: (و الذين اجتنبوا الطاغوت...) والآية التي تلتها نزلنا
بحق ثلاثة أشخاص (لم يستسلموا في عهد الجاهلية لغوغاء المشركين في مكّة) كانو
يقولون لا إله إلا الله، والثلاثة هم (سلمان الفارسي وأبوذر الغفاري وزيد بن
عمرو)( تفسير القرطبي; ومحمع البيان ذيل آيات البحث.). |
|
الآيتان( 21 )
( 22 ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهََ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءِ فَسَلَكَهُ
يَنَبِيعَ فِى الاْرَضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهََ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءِ فَسَلَكَهُ يَنَبِيعَ فِى الاْرَضِ ثُمَّ
يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَنُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ
مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَمَاً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لاُِوْلِى
الاَْلْبَب( 21 ) أَفَمَنْ شَرَحَ اللهَُ صَدْرَهُ لِلاِْسْلَمِ فَهُوَ عَلَى
نُور مِّنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهَِ
أُوْلَئِكَ فِى ظَلَل مُّبِين( 22 ) |
|
التّفسير |
|
الذين هم على مركب من نور!!
|
|
في هذه الآيات يستعرض القرآن الكريم مرّة
اُخرى دلائل التوحيد والمعاد، ليكمل البحوث التي تناولت مسألة الكفر
والإيمان الواردة في الآيات السابقة. إذ تشرح أحد آثار عظمة وربوبية الباريء
عزّوجلّ في نظام عالم الكون، وذلك عندما تشير إلى مسألة (نزول المطر) من السماء،
ثمّ إلى نمو آلاف الأنواع من الزرع بمختلف الألوان بعد أن تسقى من ماء عديم
اللون، وإلى مراحل نموها حتى وصولها إلى المرحلة النهائية وتقول موجهة الخطاب
الى النبي الأكرم(ص)باعتباره القدوة لجميع المؤمنين (ألم تر أن الله أنزل من
السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض)( «ينابع» على ما هو المشهور يكون منصوباً بنزع
الخافض، و هو جمع ينبوع من نبع الماء (راجع تفسير روح المعاني، ج23، ص256; روح
البيان، ج8، ص93.). |
|
بحث
|
|
عوامل (شرح الصدر) و (قسوة القلب)
|
|
الناس ليسوا على وتبرة واحدة
من حيث قبول الحق وإدراك الأُمور، فالبعض يتمكّن من إدارك الحقيقة بمجرّد إشارة
واحدة أو جملة قصيرة، وهذا يعني أنّ تذكيراً واحداً يكفي لإيقاظهم فوراً، وموعظة
واحدة قادرة على إحداث صيحات في أرواحهم وفي حين أنّ البعض الآخر لا يتأثّر
بأبلغ الكلمات وأوضح الأدلّة و أقوى العبارات، وهذه المسألة ليست بالأمر السهل
أو الهيّن. |
|
الآيات( 23 )
( 26 ) اللهَُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَباً مُتَشَبِهاً مَّثَانِى
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
|
|
اللهَُ نَزَّلَ
أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَباً مُتَشَبِهاً مَّثَانِى تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى
ذِكْرِ اللهَِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَآءُ وَ مَن يُضْلِلِ
اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد( 23 ) أَفَمَنْ يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوءَ
الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ قِيلَ لِلظَّلِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ
تَكْسِبُونَ( 24 ) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَهُمُ الْعَذَابُ
مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ( 25 ) فَأَذَاقَهُمُ اللهُ الْخِزْىَ فِى الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاَْخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ( 26 ) |
|
سبب النّزول
|
|
نقل بعض المفسّرين عن (عبد
الله بن مسعود) أنّ جمعاً من الصحابة ملّوا وتضجّروا، فقالوا لرسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم): حدّثنا حديثاً يزيل السأم من نفوسنا والملل من قلوبنا،
فنزلت أول آية من الآيات المذكورة أعلاه معرّفة القرآن بـ (أحسن الحديث)( سبب النّزول ورد باختلاف يسير في تفسير
(الكشاف) المجلد الرابع ص 123 و في تفسير (القرطبي) و (الآلوبسي) و (أبو الفتوح
الرازي) و غيرها، و ذلك في ذيل آيات البحث.). |
|
التّفسير |
|
الآيات السابقة تحدثت عن
العباد الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه، كما تحدثت عن الصدور الرحبة المستعدة
لتقبل الحقّ. أما الخاصية الثّانية فهي (مثاني) ـ أي المكرر ـ |
|
بحث: خشية الله
|
|
وردت عدّة روايات في ذيل
الايات مورد البحث تجسّم أمامنا آفاقاً أوسع مهما يفهم من الآية. |
|
الآيات( 27 )
( 31 ) وَ لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلِ
لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ( 27 ) قُرْءَاناً عَرَبِيَّاً
|
|
وَ لَقَدْ
ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلِ لَّعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ( 27 ) قُرْءَاناً عَرَبِيَّاً غَيْرَ ذِى عِوَج لَّعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ ( 28 )ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَكِسُونَ
وَ رَجُلاً سَلَماً لِّرَجُل هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ ِللهِ بَلْ
أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( 29 )إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُم مَّيِّتُونَ(
30 ) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ( 31 ) |
|
التّفسير |
|
قرآن لا عوج فيه:
|
|
الآيات ـ هناـ تبحث خصائص
القرآن المجيد أيضاً، وتكمل البحوث السابقة في هذا المجال. وبكلمة أنّه وضح
فيه كلّ ما هو ضروري لهداية الإنسان على شكل أمثال، لعلهم يتذكرون ويعودون من طريق الضلال إلى الصراط المستقيم (لعلهم يتذكرون). |
|
بداية الجزء الرابعْ
والعشرون مِنَ القُرانُ الكريمْ
|
|
الآيات( 32 ) ( 35 ) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى
اللهِ وَ كَذَّبَ بِالْصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ
|
|
فَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللهِ وَ كَذَّبَ بِالْصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى
جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْكَفِرِينَ( 32 ) وَ الَّذِى جَآءَ بِالصِّدْقِ وَ
صَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ( 33 ) لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ
رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ المُحْسِنِينَ( 34 ) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ
أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُواْ وَ يَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِى
كَانُوا يَعْمَلُونَ( 35 ) |
|
التّفسير |
|
أولئك الذين يصدقون كلام الله:
|
|
هذه الآيات تواصل البحث
الخاصّ بموقف الناس في ساحة المحشر، وتخاصمهم في تلك المحكمة الكبرى، وتقسم آيات بحثنا إلى مجموعتين هما (المكذبون) و (المصدقون). وكما هو معلوم فإنّ المكافاة الإلهية في الآخرة وحتى التفضيل الإلهي للبعض دون
البعض الآخر إنّما يتمّ على أساس اللياقة التي حصل عليها الإنسان في هذه الدنيا،
فالذي يعرف أنّ إيمانه وعمله في هذه الدنيا لم يصل إلى درجة إيمان وعمل الأُخرين
لا يأمل يوماً ما أن يكون بمرتبتهم، لإنّ ذلك أمل ورجاء غير منطقي. |
|
مسألة:
|
|
الكثير من المفسّرين المسلمين
من الشيعة والسنة نقلوا الرّواية التالية بشأن
تفسير هذه الآية، وهي أنّ النّبي(ص) هو المقصود في (والذي
جاء بالصدق) وأن الإمام علي (عليه السلام)هو المقصود في (صدّق به). |
|
الآيتان( 36 )
( 37 ) أَلَيْسَ اللهُ بِكَاف عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن
دُونِهِ وَمَن يُظْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد
|
|
أَلَيْسَ اللهُ
بِكَاف عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُظْلِلِ
اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد( 36 ) وَ مَن يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ
أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيز ذِى انْتِقَام( 37 ) |
|
سبب النّزول
|
|
الكثير من
المفسّرين قالوا: إنّ مشركي قريش
كانوا يخوفون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)من آلهتهم ويحذرونه من غضبها
على أثر وصفه تلك الأوثان بأوصاف مزرية، ويوعدونه بأنّه إن لم يسكت عنها فستصيبه
بالأذى، وللرد على كلامهم نزلت الآية المذكورة أعلاه(تفسير
الكشاف ومجمع البيان وأبو الفتوح الرازي وفي ظلال مع اختلافات جزئية.). |
|
التّفسير |
|
إن الله كاف!
|
|
تتمة لتهديدات الباريء عزّو
جلّ التي وردت في الآيات السابقة للمشركين، والوعد التي لأنبيائه، تتطرق الآية
الأولى في بحثنا لتهديد الكفّار (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه). (ومن يهد الله فما له من مضل). |
|
بحثان
|
|
1 ـ الهداية و الإضلال من الله:
|
|
«الهداية»: في اللغة تعني التوجيه
والإرشاد بلطف ودقّة(«مفردات»
مادة (هدى).)، وتنقسم إلى قسمين (بيان الطريق)، و
(الإيصال إلى المطلوب) وبعبارة اُخرى (هداية
تشريعية) و (هداية تكوينية)( نلفت
الإنتباه إلى أن الهداية التكوينية هنا قد استخدمت بمعناها الواسع، حيث تشمل كلّ
أشكال الهداية عدا الهداية التي تأتي عن طريق بيان الشرائع و التوجيه إلى
الطريق.). وثمّة سؤال يبقى مطروحاً، وهو: لماذا يشمل
التوفيق مجموعة دون اُخرى؟ |
|
2 ـ الإتكال على لطف الله
|
|
يعتبر الإنسان كالقشة الضعيفة
في مهب الرياح العاتية التي تهب هنا وهناك في كلّ لحظة من الزمان، ويمكن أن
تتعلق هذه القشة بورقة أو غصن مكسور تأخذه الرياح أيضاً مع تلك القشة الضعيفة،
وترميهما جانباً، وحتى إذا تمكنت يد الإنسان من الإمساك بشجرة كبيرة فإنّ الأعاصير
والرياح العاتية تقتلع أحياناً تلك الشجرة من جذورها، أمّا إذا لجأ الإنسان إلى
جبل عظيم فإن أعتى الأعاصير لا تتمكن من أن تزحزح ذلك الجبل ولو بمقدار رأس إبرة
من مكانه. |
|
الآيات( 38 )
( 40 ) وَ لَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَ الاَْرْضَ
لَيَقُولُنَّ اللهُ
|
|
وَ لَئِن سَأَلْتَهُم
مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَ الاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَءَيْتُمْ
مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ إِنْ أَرَدَنِى اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ
كَشِفَتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَة هَلْ هُنَّ مُمْسِكَتُ رَحْمَتِهِ
قُلْ حَسْبِىَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ( 38 ) قُلْ
يَقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّىِ عَمِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(
39 ) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيْهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ(
40 ) |
|
التّفسير |
|
هل إن آلهتكم قادرة على حل مشاكلكم؟
|
|
الآيات السابقة تحدثت عن
العقائد المنحرفة للمشركين والعواقب الوخيمة التي حلّت بهم، أمّا آيات بحثنا هذا
فإنّها تستعرض دلائل التوحيد كي تكمل البحث السابق بالأدلة، كما تحدثت الآيات
السابقة عن دعم الباريء عزّوجلّ لعباده وكفاية هذا الدعم، والايات أعلاه تتابع
هذه المسألة مع ذكر الدليل. العقل والوجدان لايقبلان أن يكون هذا العالم
الكبير الواسع بكل هذه العظمة مخلوق من قبل بعض الكائنات الأرضية، فكيف يمكن للعقل أن يقبل أنّ الأصنام التي لا روح فيها
ولا عقل ولا شعور هي التي خلقت هذا العالم، وبهذا الشكل فإنّ القران يحاكم
أُولئك إلى عقولهم وشعورهم وفطرتهم، كي يثبّت أول أسس التوحيد في قلوبهم، وهي
مسألة خلق السماوات والأرض. |
|
الآيات( 41 )
( 44 ) إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ
اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ
|
|
إِنَّآ
أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى
فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَ مَآ أَنْتَ عَلَيْهِم
بِوَكِيل( 41 ) اللهُ يَتَوَفَّى الاَْنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِى لَمْ
تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ
يُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَل مُّسَمًّى إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَت لِّقَوْم
يَتَفَكَّرُونَ( 42 ) أَمِ اتَّخَذُواْ مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَ
لَوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَ لاَ يَعْقِلُونَ( 43 ) قُلْ ِللهِ
الشَّفَعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَوَتِ وَ الاَْرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ( 44 ) |
|
التّفسير
|
|
الله سبحانه يتوفى الأنفس:
|
|
بعد ذكر دلائل التوحيد، و
بيان مصير المشركين والموحدين، تبيّن الآية الأُولى ـ في هذا البحث ـ حقيقة
مفادها أن قبول ما جاء في كتاب الله أو عدم قبوله إنّما يعود بالفائدة أو الضرر
عليكم، وإن كان رسول الله(ص) يصرّ عليكم في هذا المجال،
فإنّه لم يكن يبتغي جني الأرباح من وراء ذلك، و إنّما كان يؤدي واجباً إلهياً،
(إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحقّ)( «بالحق»: من
الممكن أن تكون حالا لـ (كتاب) أو للفاعل في (أنزلناه) ، مع أنّ المعنى الأوّل
أنسب، و لذا فإنّ مفهوم الآية يكون: (إنا أنزلنا عليك القرآن مترافقاً بالحق)
..) |
|
من هذه الآية يمكن استنتاج عدة أُمور:
|
|
1 ـ إنّ الإنسان عبارة عن روح وجسد، والروح هي جوهر غير مادي، يرتبط بالجسد فيبعث فيه النور والحياة. وعلى أية حال، فإنّ المراد من قوله تعالى: (إنّ
في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)هو إثبات دلائل قدرة الباريء عزّوجلّ، ومسألة
الخلق، والمعاد، وضعف وعجز الإنسان مقابل إرادة الله عزّوجلّ. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ عجائب عالم الرؤيا؟
|
|
ما هي حقيقة النوم؟ وما سبب
ميل الإنسان إلى النوم؟ وبهذا الشكل فعندما يخفت شعاع الروح في الجسد بأمر من الله، ولا يبقى غير
شعاع خافت اللون يشع في ذلك الجسد، يتعطل جهاز الإدراك والشعور عن العمل، و
يتوقف الحسّ والحركة عند الإنسان، عدا بعض الأجزاء التي تبقى تواصل نشاطها لحفظ
واستمرار الحياة عند الإنسان، كضربات القلب و دوران الدم ونشاطات الجهاز التنفسي
والغذائي. |
|
الآيات( 45 )
( 48 ) وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ
يُؤمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ
|
|
وَإِذَا ذُكِرَ
اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ
وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ( 45 ) قُلِ
الَّلهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَ الاَْرْضِ عَلِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهَدَةِ
أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِى مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ( 46 ) وَ
لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِى الاَْرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ
لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ بَدَا لَهُمْ
مِّنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ( 47 ) وَ بَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ
مَا كَسَبُوا وَ حَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ( 48 ) |
|
التّفسير |
|
الذين يخافون من اسم الله!
|
|
مرّة اُخرى يدور الحديث عن
التوحيد والشرك، إذ عكست الآية الأولى إحدى الصور القبيحة والمشوهة للمشركين
ولمنكري المعاد من خلال تعاملهم مع التوحيد، قال تعالى: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين
من دونه إذا هم يستبشرون)( «اشمأزت»: من مادة (اشمئزاز) و تعني الإنقياض و النفور عن الشيء، (وحده)
منصوب حال أو مفعول مطلق.). |
|
الآيات( 49 ) (52
) فَإِذَا مَسَّ الاِْنسَنَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَهُ نِعْمَةً
مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوْتِيتُهُ عَلَى عَلْم
|
|
فَإِذَا مَسَّ
الاِْنسَنَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ
إِنَّمَا أُوْتِيتُهُ عَلَى عَلْم بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ
لاَ يَعْلَمُونَ ( 49 )قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَآ أَغْنَى
عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 50 )فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا
وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاَءِ سَيُصيِبُهُمْ سَيِّئَاتِ مَا كَسَبُوا وَ
مَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ( 51 ) أَوَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاََيَتِ لِّقَوْمِ
يُؤْمِنُونَ(52) |
|
التّفسير |
|
في الشدائد يذكرون الله، ولكن...
|
|
الآيات هنا تتحدث مرّة اُخرى
عن المشركين والظالمين، وتعكس صورة اُخرى من صورهم القبيحة. |
|
الآيات( 53 )
( 55 ) قُلْ يَعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ
تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
|
|
قُلْ يَعِبَادِىَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ
إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(
53 ) وَ أَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنْصَرُونَ( 54 ) وَ اتَّبِعُواْ أَحْسَنَ
مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ
الْعَذَابُ بَغْتَهً وَ أَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ( 55 ) |
|
التّفسير |
|
إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً (عليهم السلام)
|
|
بعد التهديدات المتكررة التي
وردت في الآيات السابقة بشأن المشركين والظالمين، فإنّ آيات بحثنا فتحت الأبواب
أمام المذنبين وأعطتهم الأمل، لأنّ الهدف الرئيسي من كلّ هذه الأمور هو التربية
والهداية وليس الإنتقام والعنف، فبلهجة مملوءة باللطف والمحبة يفتح الباريء
أبواب رحمته أمام الجميع ويصدر أوامر العفو عنهم، عندما يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً). |
|
والدليل على ذلك واضح من وجوه:
|
|
1 ـ التعبير
بـ (يا عبادي) هي بداية لطف الباريء عزّوجلّ. |
|
بحثان
|
|
1 ـ باب التوبة مفتوح للجميع
|
|
من المشاكل التي تقف عائقاً
في طريق بعض المسائل التربوبة، هو إحساس الإنسان بعقدة الذنب من جراء الأعمال
القبيحة السابقة التي ارتكبها، خاصة إذا كانت هذه الذنوب كبيرة، إذ أنّ الذي
يستحوذ على ذهن الإنسان إن أراد التوجّه نحو الطهارة والتقوى والعودة إلى الله،
فكيف يتخلص من أعباء الذنوب الكبيرة السابقة. |
|
2 ـ اصحاب الأحمال الثقيلة
|
|
بعض المفسّرين أوردوا أسباباً متعددة لنزول الآيات آنفة الذكر، ويحتمل أن تكون جميعها من قبيل التطبيق وليس من قبيل أسباب النّزول. |
|
الآيات( 56 )
( 59 ) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنْبِ اللهِ
وَإِن كُنْتُ لَمِنَ السَّخِرِينَ
|
|
أَن تَقُولَ نَفْسٌ
يَحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنْبِ اللهِ وَإِن كُنْتُ لَمِنَ
السَّخِرِينَ( 56 ) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِى لَكُنتُ مِنَ
الْمُتَّقِينَ( 57 ) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى
كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الُْمحْسِنِينَ( 58 ) بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَتِى
فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكَفِرِينَ( 59 ) |
|
التّفسير |
|
الندم لا ينفع في ذلك اليوم:
|
|
الآيات السابقة أكّدت على
التوبة وإصلاح الذات وإصلاح الأعمال السابقة، وآيات بحثنا الحالي تواصل التطرق
لذلك الموضوع، ففي البداية تقول: (أن تقول نفس يا حسرتا على مافرطت في جنب الله
وإن كنت لمن الساخرين)( في
بداية الآية عبارة تتعلق بالآيات السابقة، ويكون التقدير (لئلا تقول نفس) أو
(حذراً أن تقول نفس) وفي الحالة الثانية تكون مفعولا له لعبارة (أنيبوا واسلموا
واتبعوا) . (إن) في عبارة (وإن كنت لمن الساخرين) مخففة من الثقيلة إذ أنّها
كانت في الأصل، (إنّي كنت من الساخرين) .). |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ التفريط في جنب الله
|
|
قلنا: إنّ (جنب الله) التي
وردت في آيات بحثنا لها معان واسعة، تشمل كلّ ما يرتبط بالله سبحانه وتعالى،
وبهذا الشكل فإنّ التفريط في جنب الله يشمل كلّ أنواع التفريط في طاعة أوامر
الله، واتباع ما جاء في الكتب السماوية، والتأسي بالأنبياء والأولياء. |
|
2 ـ على أعتاب الموت أو القيامة؟
|
|
هل أنّ تلك الأقوال الثلاثة
قالها المجرمون عندما شاهدوا العذاب الإلهي في الدنيا وهو عذاب الاستئصال
والهلاك في نهاية أعمارهم؟ أم عن زمان دخولهم ساحة القيامة؟ |
|
الآيات( 60 )
( 64 ) وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ
مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْمُتَكَبِّرِينَ
|
|
وَيَوْمَ
الْقِيَمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُّسْوَدَّةٌ
أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوىً لِّلْمُتَكَبِّرِينَ( 60 ) وَ يُنَجِّى اللهُ
الَّذِينَ اتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ( 61 ) اللهُ خَلِقُ كُلِّ شَىْء وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء وَكِيلٌ(
62 ) لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَتِ
اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَسِرُون( 63 ) قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّى
أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَهِلُونَ( 64 ) |
|
التّفسير |
|
الله خالق كلّ شيء وحافظه:
|
|
الآيات السابقة تتحدث عن المشركين
الكذابين والمستكبرين الذين يندمون يوم القيامة على ما قدمت أيديهم ويتوسلون
لإعادتهم إلى الدنيا، ولكن هيهات أن يستجاب لهم طلبهم، وآيات بحثنا هذه تواصل
الحديث عن هذا الأمر، إذ تقول: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم
مسودة). ولهذا السبب أوردت الآية المذكورة بمثابة استنتاج (والذين
كفروا بآيات الله أُولئك هم الخاسرون). |
|
الآيات( 65 )
( 67 ) وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ
أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
|
|
وَلَقَدْ أُوحِىَ
إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ( 65 ) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ
مِّنَ الشَّكِرِينَ( 66 ) وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاَْرْضُ
جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَالسَّمَوتُ مَطْوِيَّتُ بِيَمِينِهِ
سُبْحَنَهُ وَتَعَلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ( 67 ) |
|
التّفسير |
|
الشرك محبط للاعمال:
|
|
آيات بحثنا تواصل التطرق
للمسائل المتعلقة بالشرك والتوحيد والتي كانت قد استعرضت في الآيات السابقة
أيضاً. خلاصة الكلام، أنّ كلّ هذه التشبيهات والتعابير هي كناية عن سلطة الله المطلقة على عالم
الوجود في العالم الآخر، حتى يعلم الجميع أن مفتاح النجاة وحل المشاكل يوم
القيامة هو بيد القدرة الإلهية، كي لا يعمدوا إلى عبادة الأصنام وغيرها من
الآلهة بذريعة أنّها ستشفع لهم في ذلك اليوم. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ مسألة إحباط الأعمال
|
|
هل يمكن حقّاً أن تحبط
الأعمال الصالحة للإنسان بسبب أعمال سيئة يرتكبها؟ وهل أنّ هذه المسألة لا
تتعارض مع عدالة الباريء عزّوجلّ من جهة، ومع ظواهر الآيات التي تقول: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً
يره)؟. |
|
2 ـ هل عرف المؤمنون الله؟
|
|
قرأنا في الآيات الآنفة أنّ
المشركين لم يعرفوا الله حق معرفته، إذ أنّهم لو عرفوه لما ساروا في طريق الشرك
ومعنى هذا الكلام أن المؤمنين الموحدين هم وحدهم الذين عرفوا الله حق معرفته. |
|
الآية( 68 )
وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَوَتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ إِلاَّ
مَن شَآءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ اُخرى
|
|
وَنُفِخَ فِى
الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَوَتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ
اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ اُخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ( 68 ) |
|
التّفسير |
|
(النفخ في الصور) وموت وإحياء جميع العباد:
|
|
الآيات الأخيرة في البحث
السابق تحدثت عن يوم القيامة، وآية بحثنا الحالي تواصل الحديث عن ذلك اليوم مع
ذكر إحدى الميزات المهمة له، إذ تبدأ الحديث بنهاية الحياة في الدنيا، وتقول: (ونفخ في الصور من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله). |
|
بحوث
|
|
1 ـ هل أنّ النفخ في الصور يتمّ مرتين، أو أكثر؟
|
|
المشهور بين علماء
المسلمين أنّه يتمّ مرّتين فقط، وظاهر الآية يوضّح هذا أيضأ، كما
أنّ مراجعة آيات القرآن الأُخرى تبيّن أنّ هناك نفختين فقط، لكن البعض قال:
إنّها ثلاث نفخات، والبعض الآخر قال: إنّها أربع. والحقيقة أنّه ليس هناك أكثر من نفختين،
ومسألة الفزع والرعب العام في الواقع هي مقدمة لموت جميع البشر والذي يتم بعد
النفخة الأُولى أو الصيحة الأولى، كما أن نفخة الجمع هي تتمة لنفخة الإحياء
والبعث، وبهذا الشكل فلا يوجد أكثر من نفختين (نفخة الموت) و (نفخة الإحياء)،
وهناك شاهد آخر على هذا القول وهو الآيتان (6 و 7) من
سورة النازعات، اللتان تقولان: (يوم ترجف الراجفة،
تتبعها الرادفة). |
|
2 ـ ما هو صور إسرافيل:
|
|
هناك سؤال يتبادر
إلى الذهن، وهو: كيف تملأه أمواج
الصور الصوتية كلّ العالم في نفس اللحظة؟ رغم أنّنا نعلم أنّ سرعة الأمواج
الصوتية بطيئة ولا تتجاوز الـ (240) متراً في الثانية، في حين أنّ سرعة الضوء هي
أكثر بمليون مرة من هذه السرعة إذ تبلغ (300) ألف كيلومتر في الثانية. |
|
3 ـ من هم المستثنون؟
|
|
كما مرّ علينا في الآية
المبحوثة عنها فإنّ كلّ أهل السموات والأرض يموتون سوى مجموعة واحدة (إلا من شاء الله) فمن هي هذه المجموعة؟ هناك اختلاف
بين المفسّرين بشأن هذا الأمر: |
|
4 ـ فجائية النفختين:
|
|
آيات القرآن الكريم توضح
بصورة جيدة أنّ النفختين تقعان بصورة مفاجئة، والنفخة الأولى تكون فجائية بحيث
أنّ مجموعة كبيرة من الناس تكون منشغلة بالتجارة والجدال والنقاش في أموالهم
وبيعهم وشرائهم، وفجأة يسمعون الصيحة، فيسقطون في أماكنهم ميتين، كما صرحت بذلك الآية (29) في سورة يس (إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم خامدون). |
|
5 ـ ماهي الفاصلة الزمنية بين النفختين؟
|
|
الآيات القرآنية لم تذكر
توضيحاً حول هذا الأمر، سوى كلمة (ثم) التي وردت ضمن آية بحثنا والتي تدل على
وجود فاصل زمني بين النفختين، إلاّ أنّ بعض الرّوايات ذكرت بأن هذه الفاصلة
مقدارها (40) عاماً(نور
الثقلين، المجلد 4، الصفحة 503، الحديث 119.). والمجهول بالنسبة لنا هو معيار هذه السنين، فهل هي سنوات اعتيادية كالتي
نعيشها نحن، أم أنّها سنوات وأيّام كسنوات وأيّام القيامة. |
|
الآيتان( 69 )
( 70 ) وَ أَشْرَقَتِ الاَْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَبُ وَجِاْىءَ
بِالنَّبِيِّنَ وَالشُّهَدآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ
|
|
وَ أَشْرَقَتِ
الاَْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَبُ وَجِاْىءَ بِالنَّبِيِّنَ
وَالشُّهَدآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ( 69
)وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْس مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ( 70
) |
|
التّفسير
|
|
ذلك اليوم الذي تشرق الأرض بنور ربّها:
|
|
آيتا بحثنا تواصلان استعراض
الحديث عن القيامة والذي بدأ قبل عدّة آيات، وهاتان
الآيتان تضمان سبع عبارات منسجمة، كلّ واحدة تتناول أمراً من أُمور
المعاد، لتكمل بعضها البعض، أو أنّها تقيم دليلا
على ذلك. |
|
الآيتان( 71 )
( 72 ) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا
جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ
|
|
وَسِيقَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَبُهَا
وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ
عَلَيْكُمْ ءَايَتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا
قَالُواْ بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَفِرِينَ( 71 )
قِيلَ ادْخُلُواْ أَبْوَبَ جَهَنَّمَ خَلِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى
الْمُتَكَبِّرِينَ( 72 ) |
|
التّفسير |
|
الذين يدخلون جهنم زمراً:
|
|
تواصل الآيات هنا
بحث المعاد، وتستعرض بالتفصيل ثواب
وجزاء المؤمنين والكافرين الذي استعرض بصورة مختصرة في الآيات السابقة. وتبدأ
بأهل جهنم، إذ تقول: (وسيق الذين كفروا إلى جهنم
زمراً). عبارة «زمر» تعني الجماعة الصغيرة من الناس، وتوضح أن الكافرين يساقون إلى جهنم على شكل
مجموعات مجموعات صغيرة ومتفرقة. و حينما قال الشيطان:
لأغوينهم جميعاً إلاّ عبادك المخلصين، فأجابه الباريء عزّوجلّ (لأملأن جهنم من الجنّة والناس أجمعين)( الم السجدة، 13..) |
|
الآيات( 73 )
( 75 ) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى
إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَبُهَا
|
|
وَسِيقَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا
وَفُتِحَتْ أَبْوَبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَلِدِينَ( 73 ) وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِى صَدَقَنَا
وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الاَْرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ
فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَمِلِينَ ( 74 )وَتَرَى الْمَلَئِكَةَ حَآفِينَ مِنْ حَوْلِ
الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ
وَقِيلَ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَلَمِينِ( 75 ) |
|
التّفسير |
|
المتقون يدخلون الجنّة افواجاً!!
|
|
هذه الآيات ـ التي هي آخر آيات سورة (الزمر) ـ تواصل بحثها حول
موضوع المعاد، حيث تتحدث عن كيفية دخول المؤمنين المتقين الجنّة، بعد أن كانت
الآيات السابقة قد استعرضت كيفية دخول الكافرين جهنم، لتتوضح الأُمور أكثر من
خلال هذه المقارنة. الآية التّالية
تتكون من أربع عبارات قصار غزيرة المعاني
تنقل عن لسان أهل الجنّة السعادة والفرح اللذين غمراهم، حيث تقول: (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده). وهنا يطرح هذه السؤال وهو: هل أنّ هذا القول صادر عن أهل الجنّة، أم أنّه كلام الله
جاء بعد كلام أهل الجنّة؟ نهاية
سورة الزّمر |
|
|
|