- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
سُورَة
يس مكّية وعَدَدُ آيَاتِها ثلاث و ثمانون آية
|
|
|
«سورة يس» |
|
محتوى
السورة:
|
|
هذه السورة من السور المكّية، لذا فهي من حيث النظرة الإجمالية لها نفس المحتوى العام للسور المكّية، فهي تتحدّث عن التوحيد والمعاد والوحي والقرآن والإنذار
والبشارة، ويلاحظ في هذه السورة أربعة أقسام رئيسيّة: وخلال هذه البحوث
الأربعة ترد آيات محرّكة ومحفّزة لأجل تنبيه وإنذار الغافلين
والجهّال، لها الأثر القوي في القلوب والنفوس. |
|
فضيلة
سورة «يس»:
|
|
سورة يس ـ بشهادة الأحاديث المتعدّدة التي وردت بهذا الخصوص ـ من أهمّ السور القرآنية، إلى حدّ أنّ الأحاديث لقّبتها بـ «قلب القرآن» ففي حديث عن رسول الإسلام (ص)
نقرأ «إنّ لكلّ شيء قلباً، وقلب القرآن يس»( مجمع البيان، مجلّد 4، صفحة 413..) وفي حديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق (ع): «إنّ
لكلّ شيء قلباً وقلب القرآن يس، فمن قرأ يس في نهاره قبل أن يمسي كان في
نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتّى يمسي، ومن قرأها في ليلة قبل أن ينام وكّل
به ألف ملك يحفظونه من كلّ شيطان رجيم ومن كلّ آفة ...» (مجمع البيان، مجلّد 4، صفحة 413..) وكما أشرنا سابقاً فإنّ هذه
الفضيلة والثواب لا ينالهما من يكتفي بقراءة الألفاظ ـ فقط ـ مشيحاً عن مفاهيم
السورة، بل إنّ عظمة فضيلة هذه السورة إنّما هي لعظمة محتواها .. |
|
الآيات(1) (10) يس
(1) وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى
صِرَط مُّسْتَقِيم
|
|
يس (1)
وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَط
مُّسْتَقِيم (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا
أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَفِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى
أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَقِهِمْ
أَغْلَلا فَهِىَ إِلَى الاَْذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِن
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَهُمْ فَهُمْ
لاَ يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ
تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (10) |
|
التّفسير |
|
هذه السورة تبدأ ـ كما هو الحال في ثمان وعشرين سورة اُخرى ـ بحروف
مقطّعة وهي (ياء) و (سين). من جملتها أنّ هذه
الكلمة (يس) تتكوّن من «ياء» حرف نداء و «سين» أي شخص الرّسول الأكرم (ص)، وعليه فيكون المعنى أنّه خطاب للرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم)لتوضيح قضايا لاحقة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ فقدان وسائل
المعرفة
|
|
يحتاج الإنسان للتعرّف على العالم الخارجي إلى الإستفادة من وسائل وأدوات تسمّى «وسائل
المعرفة». هذه الأعمال المغلوطة والمواقف المنحرفة هي التي تصادر وسائل المعرفة من
الإنسان، ولهذا السبب فإنّ المقصّر الأصلي هو الإنسان، وهو الذي جنى على نفسه. |
|
2 ـ السدود من
الأمام والخلف
|
|
طرح بعض المفسّرين
هذا السؤال، وهو أنّ المانع الأساسي من
إستمرار الحركة هو السدّ الذي يكون أمام الإنسان، فما معنى السدّ من الخلف؟ |
|
3
ـ الحرمان من السير الآفاقي والأنفسي
|
|
هناك
طريقان معروفان لمعرفة الله، الأوّل التأمّل والتفكّر في آثار الله في جسم الإنسان وروحه، وتلك «الآيات الأنفسية»، والثاني التأمّل في الآيات الخارجية الموجودة في الأرض والسماء
والثوابت والسيارات من الكواكب، والجبال والبحار. وتلك
تسمّى «الآيات الآفاقية» وقد أشار القرآن إليهما في الآية (53) من سورة فصّلت (سنريهم
آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ). وحينما يفقد
الإنسان قدرة المعرفة، فإنّه يغلق عليه طريق مشاهدة الآيات الأنفسية والآفاقية
على حدّ سواء. |
الآيتان(11) (12)
إنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ
فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَة وَأَجْر كَرِيم
|
|
إنَّمَا تُنذِرُ
مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ
بِمَغْفِرَة وَأَجْر كَرِيم (11) إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ
مَا قَدَّمُوا وَءَاثَرَهُمْ وَكُلَّ شَىْء أَحْصَيْنَهُ فِى إِمَام مُّبِين
(12) |
|
التّفسير |
|
|
من
هم الذين يتقبّلون إنذارك؟
|
|
كان الحديث في الآيات السابقة
عن مجموعة لا تملك أي إستعداد لتقبّل الإنذارات الإلهيّة ويتساوى عندهم الإنذار
وعدمه، أمّا هذه الآيات فتتحدّث عن فئة اُخرى هي على النقيض من تلك الفئة، وذلك
لكي يتّضح المطلب بالمقارنة بين الفئتين كما هو اُسلوب القرآن. |
|
مسألتان:
|
|
1 ـ أنواع الكتب
التي تثبت بها أعمال الناس
|
|
يُستفاد من الآيات القرآنية
الكريمة أنّ أعمال الإنسان تدون وتضبط في أكثر من كتاب، حتّى لا يبقى له حجّة أو
غدر يوم الحساب. |
|
2 ـ كلّ شيء
أحصيناه
|
|
ورد في حديث عن الإمام الصادق أنّ رسول الله (ص) نزل بأرض قرعاء،
فقال لأصحابه: «ائتوا بحطب، فقالوا: يارسول
الله، نحن بأرض قرعاء! قال: فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه. فجاؤوا به حتّى رموا
بين يديه، بعضه على بعض، فقال رسول الله :هكذا تجمع
الذنوب، ثمّ قال: إيّاكم والمحقّرات من الذنوب، فإنّ لكلّ شيء طالباً،
ألا وإنّ طالبها يكتب ما قدّموا وآثارهم وكلّ شيء أحصيناه في إمام مبين»( نور الثقلين، ج4، ص378، ح25.). |
|
الآيات(13) (19)
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلا أَصْحَبَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ
|
|
وَاضْرِبْ لَهُم
مَّثَلا أَصْحَبَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)إِذْ
أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِث
فَقَالُواْ إِنَّآ إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ
بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَىْء إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ
تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ
(16) وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ الْبَلَغُ الْمُبِينُ (17) قَالُواْ إِنَّآ
تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ
وَلََيمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(18) قَالُواْ طَئِرُكُم مَّعَكُمْ
أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ(19) |
|
التّفسير |
|
واضرب
لهم مثلا أصحاب القرية:
|
|
لمتابعة البحوث الماضية في
الآيات السابقة حول القرآن ونبوّة الرّسول (ص)، والمؤمنين الصادقين، والكفّار
المعاندين، تطرح هذه الآيات نموذجاً من موقف الاُمم السابقة بهذا الصدد، إنّ هذه
الآيات وبعضاً من الآيات التالية لها، والتي تشكّل بمجموعها ثماني عشرة آية، تتحدّث حول تأريخ عدد من الأنبياء السابقين الذين بعثوا
لهداية المشركين عبّاد الأوثان الذين سمّاهم القرآن الكريم (أصحاب القرية) وكيف أنّهم نهضوا لمخالفة اُولئك
الأنبياء، وتكذيبهم، وكانت خاتمتهم أن أخذهم العذاب الأليم، لتكون تنبيهاً
لمشركي مكّة من جهة، وتسلية للرسول (ص) وفئة المؤمنين القليلة به في ذلك اليوم.
على كلّ حال فإنّ التأكيد على إيراد هذه القصّة في قلب هذه السورة التي تعتبر هي
بدورها قلب القرآن الكريم، بسبب تشابه ظروف تلك القصّة مع ظروف المسلمين في ذلك
اليوم. |
|
الآيات(20) (30)
وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَقَوْمِ اتَّبِعُوا
الْمُرْسَلِينَ
|
وَجَآءَ مِنْ
أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ
(20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ (21)وَمَا
لِىَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) ءَأَتَّخِذُ
مِن دُونِهِ ءَالِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّى
شَفَعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ (23) إِنِّى إِذاً لَّفِى ضَلَل مُّبِين
(24) إِنِّى ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ
قَالَ يَلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى
مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن
جُند مِّنَ السَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلينَ(28) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً
وَحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَمِدُونَ (29)يَحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا
يَأْتِيهِم مِّن رَّسُول إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (30) |
|
التّفسير |
|
المجاهدون
الذين حملوا أرواحهم على الأكف!
|
|
|
تشير هذه الآيات إلى جانب آخر
من جهاد الرسل الذي وردت الإشارة إليه في هذه القصّة. والإشارة تتعلّق بالدفاع
المدروس للمؤمنين القلائل وبشجاعتهم في قبال الأكثرية الكافرة المشركة .. وكيف
وقفوا حتّى الرمق الأخير متصدّين للدفاع عن الرسل. والخلاصة: لا
يريدون منكم أجراً ولا أي شيء آخر. |
|
بدايَة الجزء الثالث
و العشرون مِنَ القُرآن الكريم
|
|
فلسنا بحاجة إلى تلك الاُمور،
وأساساً فانّه ليس من سنّتنا لإهلاك قوم ظالمين أن نستخدم جنود السماء، لأنّ
إشارة واحدة كانت كافية للقضاء عليهم جميعاً وإرسالهم إلى ديار العدم والفناء،
إشارة واحدة كانت كافية لتبديل عوامل حياتهم ومعيشتهم إلى عوامل موت وفناء، وفي
لحظة خاطفة تقلب حياتهم عاليها سافلها. |
|
بحوث
|
|
1 ـ قصّة رسل
أنطاكية
|
|
(أنطاكية)
واحدة من أقدم مدن الشام التي بنيت ـ على قول البعض ـ بحدود ثلاثمائة
سنة قبل الميلاد. وكانت تعدّ من أكبر ثلاث مدن
رومية في ذلك الزمان من حيث الثروة والعلم
والتجارة. (أنطاكية) تعتبر بالنسبة إلى النصارى كالمدينة المنورة
للمسلمين، المدينة الثانية في الأهمية بعد بيت
المقدس، التي ابتدأ المسيح (ع) منها دعوته، ثمّ هاجر بعض من آمن بالمسيح
(ع) ـ بولس وبرنابا ـ(«بولس» من المبلّغين المسيحيين
المعروفين الذي سعى كثيراً في نشر الديانة المسيحية. «برنابا» ـ بفتح الباء ـ
إسمه الأصلي «يوسف» كان من أصدقاء بولس ومرقس، له انجيل معروف ذكر فيه كثيراً
البشارة بظهور نبي الإسلام، ولكن المسيحيين لا يعتقدون بصحّته ويقولون انّ هذا
الإنجيل قد كتبه أحد المسلمين.) إلى أنطاكية ودعوا الناس هناك إلى المسيحية،
وبذا إنتشرت المسيحية هناك، وبهذا اللحاظ أشار القرآن الكريم إلى هذه المدينة
لأهميّتها(تفسير «أبو الفتوح الرازي» وهامش العالم
«الشعراني».). فقال الملك: إنّ هاهنا ميّتاً مات منذ سبعة أيّام لم ندفنه حتّى يرجع أبوه ـ
وكان غائباً ـ فجاءوا بالميّت وقد تغيّر وأروح، فجعلا يدعوان ربّهما علانيةً، وجعل
شمعون يدعو ربّه سرّاً، فقام الميّت وقال لهم: إنّي قد متّ منذ سبعة أيّام،
وأدخلت في سبعة أودية من النار وأنا اُحذّركم ممّا أنتم فيه، فآمنوا بالله
فتعجّب الملك. |
|
2 ـ ما نتعلّمه
من هذه القصّة
|
|
نتعلّم من القصّة
التي عرضتها الآيات السابقة اُموراً عديدة منها: |
|
3 ـ ثواب وعقاب
البرزخ
|
|
ورد في الآيات الماضية أنّ (المؤمن حبيب النجّار) بعد شهادته دخل الجنّة وتمنّى
أن لو يعلم قومه بمصيره. ومن المسلّم أنّ هذه الآيات ـ كما هو الحال في الآيات
الاُخرى التي تتحدّث عن الشهداء ـ ليست مربوطة بالجنّة المقصودة بعد يوم القيامة
والتي تكون بعد البعث والحساب في المحشر. |
|
4 ـ قادة الاُمم
|
|
نقل في تفسير الثعلبي عن
الرّسول الأكرم (ص) «سبّاق الاُمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي
طالب وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون، فهم الصدّيقون وعلي أفضلهم»( مجمع البيان، ج4، ص421 القرطبي
ـ الميزان، نور الثقلين.). |
|
الآيتان(31) (32)
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ
إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ(31)
|
|
أَلَمْ يَرَوْا
كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ
يَرْجِعُونَ(31) وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) |
|
التّفسير |
|
الغفلة
الدائمة:
|
|
تتحدّث هاتان الآيتان ـ
إستناداً إلى ما مرّ في الآيات السابقة ـ عن الغفلة المستمرّة لمجموعة كبيرة من
البشر في هذا العالم على مرّ العصور والقرون، فتقول الآية: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون)( الإستفهام في الآية أعلاه إستفهام تقريري و
«كم» خبرية، وهي هنا بمعنى الكثرة في محلّ مفعول به للفعل (يروا) و (من القرون)
توضيح لذلك. و «قرون» كما ذكرنا سابقاً تأتي بمعنى العصور وهي جمع (قرن) = مائة
سنة أو بمعنى (الجيل) الذي يعيش في زمان معيّن.). |
|
الآيات(33) (36)
وَءَايَةٌ لَّهُمُ الاَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً
فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
|
|
وَءَايَةٌ لَّهُمُ
الاَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ
يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّت مِّن نَّخِيل وَأَعْنَب
وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا
عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَنَ الَّذِى خَلَقَ
الاَْزْوَجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الاَْرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا
لاَ يَعْلَمُونَ (36) |
|
التّفسير |
|
توضّح
الآيات ـ مورد البحث ـ مسألتي التوحيد والمعاد معاً
|
|
ممّا مرّ بحثه في الآيات
السابقة حول جهاد الرسل ضدّ الشرك وعبادة الأوثان، وكذلك التعرّض إلى مسألة
المعاد في الآية الأخيرة من المقطع السابق، توضّح
الآيات ـ مورد البحث ـ مسألتي التوحيد والمعاد معاً لإيقاظ المنكرين
لهاتين المسألتين ودفعهم إلى الإيمان. |
|
الآيات(37) (40)
وَءَايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم
مُّظْلِمُونَ (37)وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا
|
|
وَءَايَةٌ لَّهُمُ
الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37)وَالشَّمْسُ
تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
(38)وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ
الْقَدِيمِ(39) لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ
الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَك يَسْبَحُونَ (40) |
|
التّفسير |
|
هذه الآيات تتحدّث في قسم آخر
من آثار عظمة الله في عالم الوجود، وحلقة اُخرى من حلقات التوحيد التي مرّ منها
في الآيات السابقة ما يتعلّق بالمعاد وإحياء الأرض الميتة، ونمو النباتات
والأشجار. بعد إستعراضنا لأشكال القمر ومنازله يتّضح تماماً معنى الجملة التالية (حتّى عاد كالعرجون القديم)( «عرجون» كما قال أغلب
المفسّرين وأهل اللغة: من الإنعراج وهو الإعوجاج والإنعطاف، وعليه فالنون زائدة
وهو على وزن فعلون، ويعتقد آخرون أنّه مأخوذ من «عرجن» فالنون ليست زائدة،
وبمعنى: أصل عنقود الرطب المتّصل بالنخلة، وتوضيح ذلك أنّ الرطب يظهر على شكل
عنقود من النخلة، وأصل ذلك العنقود يكون على شكل مقوّس أصفر اللون يبقى معلّقاً
في النخلة، و «قديم»: بمعنى العتيق الذي مضى زمنه.). |
|
بحوث
|
|
1 ـ حركة الشمس
(الدورانية) و (الجريانية)
|
|
1
ـ حركة الشمس (الدورانية) و (الجريانية) أمّا بعد أن تداعت الاُسس التي تقوم عليها فرضية بطليموس في ضوء الإكتشافات
الجديدة في القرون الأخيرة، وتحرّرت الأجرام السماوية من قيد الأفلاك البلورية،
فقد قويت نظرية كون الشمس هي مركز المنظومة الشمسية، وهي ثابتة وجميع المنظومة
الشمسية تدور حولها. |
|
2 ـ تعبير «تدرك»
و «سابق»
|
|
إنّ التعبيرات القرآنية
إستعملت بدقّة متناهية لا يمكن الإحاطة بجميع أبعادها. ففي الآيات أعلاه حينما
تتحدّث عن الحركة الظاهرية للقمر والشمس خلال المسيرة الشهرية والسنوية تقول: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر). إذ أنّ القمر
ينهي مسيرته في شهر واحد بينما الشمس في عام كامل. |
|
3 ـ نظام النور
والظلام في حياة البشر:
|
|
تعرّضت الآيات أعلاه إلى موضوعين
من أهمّ المواضيع المتعلّقة بحياة البشر. |
|
الآيات(41) (44)
وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
(41) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ
|
|
وَءَايَةٌ لَّهُمْ
أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا
لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ
صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَعاً
إِلَى حِين (44) |
|
التّفسير |
|
حركة
السفن في البحار آية إلهيّة:
|
|
رغم أنّ بعض
المفسّرين أمثال القرطبي اعتبر الآية
الاُولى من هذه الآيات من أعقد وأصعب آيات هذه السورة، إلاّ
أنّه وبتدقيق النظر في هذه الآيات وربطها بالآيات السابقة، يتّضح أن ليس
هناك تعقيد في هذه الآيات، لأنّ الآيات السابقة تحدّثت عن دلالة قدرة الباري
عزّوجلّ في خلق الشمس والقمر والليل والنهار وكذلك الأرض وبركاتها، وفي هذه
الآيات التي أمامنا يتحدّث الباري عزّوجلّ عن البحار وقسم من بركات ونعم ومواهب
البحار، يعني حركة السفن التجارية والسياحية على سطحها. لذا فإنّ الآيات الكريمة تقول أوّلا: (وآية لهم
أنّا حملنا ذرّيتهم في الفلك المشحون). ومع أنّ البعض فسّر هذه الآية بخصوص «الجمل» الذي لقّب بـ «سفينة الصحراء»، والبعض الآخر ذهب إلى
شمولية الآية لجميع الحيوانات، والبعض فسّرها بالطائرات والسفن الفضائية التي
اخترعت في عصرنا الحالي تعبير «خلقنا» يشملها بلحاظ أنّ موادّها ووسائل صنعها
خلقت مسبقاً) ولكن إطلاق تعبير الآية يعطي مفهوماً واسعاً يشمل جميع ما ذكر
وكثيراً غيره. نعم، فالأشخاص الذين ركبوا السفن أيّاً كان نوعها وحجمها يدركون عمق معنى
هذه الآية، فإنّ أعظم السفن في العالم تكون كالقشّة حيال الأمواج البحرية
الهائلة أو الطوفانات المفجعة للمحيطات، ولولا شمول الرحمة الإلهية فلا سبيل إلى
نجاة أحد منهم إطلاقاً. |
|
الآيات(45) (47)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(45)
|
|
وَإِذَا قِيلَ
لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ(45) وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَة مِّنْ ءَايَتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ
كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا
رَزَقَكُمُ اللهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنُطْعِمُ مَن
لَّوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَل مُّبِين (47) |
|
التّفسير |
|
الإعراض
عن جميع آيات الله:
|
|
بعد أن كان الحديث في الآيات
السابقة عن الآيات الإلهيّة في عالم الوجود، تنتقل هذه الآيات لتتحدّث عن ردّ
فعل الكفّار المعاندين في مواجهة هذه الآيات الإلهيّة، وكذلك توضّح دعوة النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) لهم وإنذارهم بالعذاب الإلهي الأليم. |
|
الآيات(48) (53)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ
إِلاَّ صَيْحَةً وَحِدَةً
|
|
وَيَقُولُونَ مَتَى
هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً
وَحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِى الصُّورِ
فَإِذَا هُم مِّنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا
يَوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ
وَصَدَقُ الْمُرْسَلُونَ (52) إن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَحِدَةً فَإِذَا هُمْ
جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) |
|
التّفسير |
|
صيحة
النشور!
|
|
بعد ذكر المنطق الأجوف
والذرائع التي تشبّث بها الكفّار في مسألة الإنفاق في الآيات السابقة، تتعرّض
هذه الآيات إلى الحديث عن إستهزائهم بالقيامة، لتنسف بجواب قاطع منطقهم الفارغ
حول إنكار المعاد. تقول الآية الكريمة الاُولى: (ويقولون متى هذا
الوعد إن كنتم صادقين). فإذا لم تستطيعوا تشخيص زمان دقيق لقيام الساعة،
فمعنى هذا أنّكم لستم صادقين في حديثكم. |
|
الآيات(54) (58)
فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(54)
|
|
فَالْيَوْمَ لاَ
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(54)إِنَّ أَصْحَبَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِى شُغُل فَكِهُونَ (55)
هُمْ وَأَزْوَجُهُمْ فِى ظِلَل عَلَى الاَْرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ
فِيهَا فَكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ(57) سَلَمٌ قَوْلا مِّن رَّبٍّ رَّحِيم
(58) |
|
التّفسير |
|
أصحاب
الجنّة فاكهون!
|
|
هنا يبدأ البحث حول كيفية
الحساب في المحشر، ثمّ ينتقل في الختام إلى تفصيل وضع المؤمنين الصلحاء والكفّار
الطالحين، فتقول الآية الكريمة الاُولى: (فاليوم لا
تظلم نفس شيئاً). |
|
ملاحظة
|
|
أنواع
«السلام» المنثور على أهل الجنّة
|
|
الجنّة هي «دار السلام» كما ورد في الآية (25) من سورة يونس حيث نقرأ: (والله يدعو إلى دار السلام). |
|
الآيات(59) (62)
وَامْتَزُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الُْمجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ
يَبَنِى ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَنَ
|
|
وَامْتَزُوا
الْيَوْمَ أَيُّهَا الُْمجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَبَنِى
ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60)
وَأَنِ اعْبُدُونِى هَذَا صِرَطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ
جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) |
|
التّفسير |
|
لماذا
عبدتم الشيطان؟!
|
|
مرّ في الآيات السابقة جانب
من المصير المشوّق لأهل الجنّة، وفي هذه الآيات مورد البحث جانب بئيس من مصير
أهل النار وعبدة الشيطان. |
|
الآيات(63) (68)
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا
كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)
|
|
هَذِهِ جَهَنَّمُ
الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
(64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ
وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاءُ
لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ
(66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَعُوا
مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ (67) وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ
أَفَلاَ يَعْقِلُونَ (68) |
|
التّفسير |
|
يوم
تسكت الألسن وتشهد الأعضاء!!
|
|
تعرّضت الآيات السابقة، إلى قسم من التوبيخات والتقريعات الإلهيّة وإلى
مخاطبته سبحانه المجرمين في يوم القيامة. فقد بُعث إليكم الأنبياء واحداً بعد واحد، وحذّروكم من مثل هذا اليوم ومن
مثل هذه النار، ولكنّكم لم تأخذوا أقوالهم إلاّ على محمل السخرية والإستهزاء (اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون)( «أصلوها» من (صلا) أصل الصَّلي إيقاد النار، ويقال صَلِيَ
بالنار وبكذا، أي بُلي بها واصطلى بها.). «ليست تشهد الجوارح على مؤمن، إنّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب،
فأمّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، قال الله عزّوجلّ: (فمن
اُوتي كتابه بيمينه فاُولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا)( تفسير الصافي، مجلّد 4، صفحة 258). |
|
الآيتان(69) (70)
وَمَا عَلَّمْنَهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ
وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ(69)
|
|
وَمَا عَلَّمْنَهُ
الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ(69)
لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَفِرِينَ (70) |
|
التّفسير |
|
انّه
ليس بشاعر .. بل نذير!!
|
|
قلنا أنّ في هذه السورة
بحوثاً حيّة وجامعة حول اُصول الإعتقادات: التوحيد، والمعاد، والنبوّة، وتنتقل
الآيات من بحث إلى آخر ضمن مقاطع مختلفة من الآيات. |
|
بحث
|
|
حياة
وموت القلوب:
|
|
في الإنسان أنواع
من الحياة والموت: |
|
الآيات(71) (76) أَوَ
لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَماً
فَهُمْ لَهَا مَلِكُونَ (71)
|
|
أَوَ لَمْ يَرَوْا
أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَماً فَهُمْ لَهَا
مَلِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا
يَأْكُلُونَ (72)وَلَهُمْ فِيهَا مَنَفِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ (73)
وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ ءَالِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لاَ
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75) فَلاَ
يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) |
|
التّفسير |
|
فوائد
الأنعام للإنسان!!
|
|
يعود القرآن الكريم مرّة
اُخرى في هذه الآيات إلى مسألة التوحيد والشرك، ويشير ـ ضمن تعداد قسم من آثار
عظمة الله في حياة البشر، وحلّ مشكلاتهم ورفع حاجاتهم ـ إلى ضعف وعجز الأصنام،
وبمقارنة واضحة يشطب على الشرك ويثبت بطلانه، وفي نفس الوقت يثبت حقّانية خطّ
التوحيد. |
|
بحث
الثقافة التوحيدية
|
|
الثقافة التوحيدية تمنح عباد
الله المؤمنين طريقة خاصّة في الحياة، تبعدهم عن السُبل الملوثة بالشرك القائمة
على أساس عبادة الأوثان، أو اللجوء إلى بعض البشر الضعاف. |
|
الآيات(77) (79) أَوَ
لَمْ يَرَ الإنسَنُ أَنَّا خَلَقْنَهُ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ
مُّبِينٌ (77)
|
|
أَوَ لَمْ يَرَ
الإنسَنُ أَنَّا خَلَقْنَهُ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
(77)وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَمَ وَهِىَ
رَمِيمٌ(78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ
خَلْق عَلِيمٌ (79) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقلت أغلب التفاسير عن أبي
عبدالله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «جاء أُبيّ بن خلف (أو العاص بن وائل)
فأخذ عظماً بالياً من حائط ففتّه ثمّ قال: إذا كنّا عظاماً ورفاتاً إنّا
لمبعوثون خلقاً؟» فأنزل الله: (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي
أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم). |
|
التّفسير |
|
قلنا أنّ البحوث المختلفة حول
المبدأ والمعاد والنبوّة في سورة (يس) التي هي قلب القرآن وردت بشكل مقاطع
مختلفة، فهذه السورة ابتدأت بمسألة النبوّة، وإختتمت بسبعة آيات تمثّل أقوى
البيانات حول المعاد. في البدء تأخذ بيد الإنسان وتشير له إلى بدء حياته في ذلك اليوم حيث كان
نطفة مهينة لا غير وتدعوه إلى التأمّل والتفكّر، فتقول: (أو لم ير الإنسان أنّا
خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين)( «خصيم» بمعنى
المصرّ على الخصومة والجدال، و (الرؤية) بمعنى (العلم).). يا له من تعبير
حيوي؟ فالآية تؤكّد أوّلا على مخاطبة الإنسان، أيّاً كان وأيّ إعتقاد كان يعتقد،
وعلى أيّ مستوى كان من العلم، فهو يستطيع إدراك هذه الحقيقة. المحيط بكلّ شيء علماً وهو على كلّ شيء قدير وعليه فإنّ الحساب على الأعمال
والنوايا والإعتقادات المضمرة لا يشكل له. |
|
الآية(80) الَّذِى
جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ
تُوقِدُونَ (80)
|
|
الَّذِى جَعَلَ
لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ
(80) |
|
التّفسير |
|
تتابع هذه الآية البحوث
المختلفة حول المعاد والإشارات العميقة المعنى حول مسألة إمكان المعاد ورفع أي
إستبعاد لذلك، والآية أعلاه شرح أوسع وأوضح حول هذه المسألة، تقول: (الذي جعل
لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون) ويا له من تعبير رائع ذلك الذي
كلّما دقّقنا فيه أفاض علينا معاني أعمق وأدقّ؟! |
|
مسألتان
|
|
1 ـ شجر أخضر ..
لماذا؟
|
|
يرد على الذهن أنّه لماذا
عبّر القرآن هنا بالشجر الأخضر؟ في حين أنّ توليد النار
من الخشب الطري والرطب يتمّ بصعوبة بالغة، فكم كان جميلا لو عبّر عوضاً عن ذلك
«بالشجر اليابس»، لكي ينسجم مع المعنى تماماً!!؟ |
|
2 ـ الفرق بين
الوَقُودْ والوُقُودْ:
|
|
«توقدون» من
«وُقُود» ـ على زنة قبور ـ بمعنى إشتعال النار ـ و «الإيقاد» بمعنى إشعال النار،
و «الوَقُود» ـ على زنة ثمود ـ بمعنى الحطب المعدّ للإحراق. |
|
الآيات(81) (83) أَوَ
لَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ بِقَدِر عَلَى أَن يَخْلُقَ
مِثْلَهُم بَلَى
|
|
أَوَ لَيْسَ
الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ بِقَدِر عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم
بَلَى وَهُوَ الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ
شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَنَ الَّذِى بِيَدِهِ
مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْء وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) |
|
التّفسير |
|
هو
المالك والحاكم على كلّ شيء !!
|
|
بعد ذكر دلائل المعاد والفات
الأنظار إلى الخلق الأوّل، ونشوء النار من الشجر الأخضر في الآيات السابقة،
تتابع الآية الاُولى هنا بحث ذلك الموضوع من طريق ثالث وهو قدرة الله
اللامتناهية، فتقول الآية الاُولى: (أو ليس الذي خلق
السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العليم). |
|
بحث
مركّز في مسألة المعاد من خلال ستّة مباحث
|
|
لقد تقدّمت منّا الوعود بأن نتعرّض لبحث مركّز في مسألة المعاد في ختام سورة
(يس) وها نحن نفي بهذه الوعود ونشبع هذه المسألة بحثاً من خلال ستّة مباحث
لنعرضها للقرّاء الأعزّاء كما يلي: |
|
1 ـ الإعتقاد
بالمعاد أمر فطري:
|
|
1
ـ الإعتقاد بالمعاد أمر فطري: |
|
2 ـ أثر الإعتقاد
بالمعاد على حياة البشر:
|
|
إنّ الإعتقاد بعالم ما بعد
الموت وبقاء آثار الأعمال البشرية، وخلود الأعمال ـ سواء كانت خيراً أو شرّاً ـ
يترك أثره العميق على فكر وأعصاب وجسد الإنسان، ويمكنه أن يكون عاملا مؤثّراً في
التشجيع على الأعمال الحسنة. |
|
3 ـ الدلائل
العقليّة على المعاد:
|
|
فضلا عن الدلائل النقلية
الكثيرة على المعاد سواء الواردة في القرآن المجيد، والتي تشمل مئات الآيات بهذا
الخصوص، فإنّ هناك أدلّة عقليّة واضحة أيضاً على هذه
المسألة، والتي نحاول ذكرها هنا بشكل مختصر: |
|
أ ـ برهان الحكمة:
|
|
إذا نظرنا إلى هذا العالم
بدون العالم الآخر، فسيكون فارغاً وبلا معنى تماماً، كما لو افترضنا بوجود
الحياة في الأطوار الجنينية بدون الحياة في هذه الدنيا. |
|
ب ـ برهان العدالة:
|
|
التدقيق في نظام الوجود
وقوانين الخلق، يستنتج منه أنّ كلّ شيء منها محسوب بدقّة متناهية. ففي مؤسسة
البدن البشري، يحكم نظام عادل دقيق، بحيث أنّه لو تعرّض لأدنى تغيير أو عارض ما
لأدّى إلى إصابته بالمرض أو حتّى الموت، حركات القلب، دوران الدم، أجفان العين،
وكلّ جزء من خلايا الجسم البشري مشمول بهذا النظام الدقيق، الذي يحكم العالم
بأسره «وبالعدل قامت السموات والأرض»( تفسير الصافي،
المجلّد الخامس، صفحة 107.) فهل يستطيع الإنسان أن يكون وحده النغمة
النشاز في هذا العالم الواسع؟! |
|
ج ـ برهان الهدف:
|
|
على خلاف ما
يتوهّمه المادّيون، فإنّ الإلهيين
يرون أنّ هناك هدفاً من خلق الإنسان، والذي يعبّر عنه الفلاسفة بـ «التكامل» وفي
لسان القرآن والحديث فهو «القرب إلى الله» أو «العبادة» (وما خلقت الجنّ والإنس
إلاّ ليعبدون).( الذاريات، 56.) |
|
د ـ برهان نفي
الإختلاف:
|
|
لا شكّ أنّنا جميعاً نتعذّب
كثيراً من الإختلافات بين المذاهب والعقائد في هذا العالم، وكلّنا نتمنّى أن
تحلّ هذه الإختلافات، في حين أنّ جميع القرائن تدلّل على أنّ هذه الإختلافات هي
من طبيعة الحياة. ويستفاد من عدّة دلائل بأنّه حتّى بعد قيام المهدي (ع) ـ وهو
المقيم لحكومة العدل العالمية والمزيل لكثير من الإختلافات ـ ستبقى بعض
الإختلافات العقائدية بلا حلّ تامّ، وكما يقول القرآن الكريم فإنّ اليهود
والنصارى سيبقون على إختلافاتهم إلى قيام القيامة: (فأغرينا
بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة).( المائدة، 14.) |
|
4 ـ القرآن
ومسألة المعاد:
|
|
تعتبر مسألة المعاد المسألة
الثانية بعد مسألة التوحيد والتي تعتبر المسألة الأساس في تعليمات الأنبياء
بخصائصها وآثارها التربوية، لذا ففي بحوث القرآن الكريم نجد أنّ أكثر الآيات
اختّصت ببحث مسألة المعاد، بعد الكثرة الكاثرة التي اختّصت ببحث مسألة التوحيد. |
|
5 ـ المعاد
الجسماني:
|
|
المقصود من المعاد
الجسماني ليس إعادة الجسم وحده في العالم الآخر، بل إنّ الهدف هو
بعث الروح والجسم معاً، وبتعبير آخر فإنّ عودة الروح أمر مسلّم به، والحديث حول
عودة الجسم. |
|
6 الجنّة والنار
|
|
الكثيرون يتوهّمون بأنّ عالم
ما بعد الموت يشبه هذا العالم تماماً ولكنّه بشكل أكمل وأجمل، غير أنّ لدينا
قرائن عديدة تدلّل على الفروق الكبيرة بين العالمين من حيث الكيفية والكميّة، لو
أردنا تشبيهها بالفروق بين العالم الجنيني وهذه الدنيا لظلّت المقايسة أيضاً غير
كاملة. (وقالوا لجلودهم
لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كلّ شيء).(3) * * * |
|
|
|
سُورَة
يس مكّية وعَدَدُ آيَاتِها ثلاث و ثمانون آية
|
|
|
«سورة يس» |
|
محتوى
السورة:
|
|
هذه السورة من السور المكّية، لذا فهي من حيث النظرة الإجمالية لها نفس المحتوى العام للسور المكّية، فهي تتحدّث عن التوحيد والمعاد والوحي والقرآن والإنذار
والبشارة، ويلاحظ في هذه السورة أربعة أقسام رئيسيّة: وخلال هذه البحوث
الأربعة ترد آيات محرّكة ومحفّزة لأجل تنبيه وإنذار الغافلين
والجهّال، لها الأثر القوي في القلوب والنفوس. |
|
فضيلة
سورة «يس»:
|
|
سورة يس ـ بشهادة الأحاديث المتعدّدة التي وردت بهذا الخصوص ـ من أهمّ السور القرآنية، إلى حدّ أنّ الأحاديث لقّبتها بـ «قلب القرآن» ففي حديث عن رسول الإسلام (ص)
نقرأ «إنّ لكلّ شيء قلباً، وقلب القرآن يس»( مجمع البيان، مجلّد 4، صفحة 413..) وفي حديث عن أبي بصير عن الإمام الصادق (ع): «إنّ
لكلّ شيء قلباً وقلب القرآن يس، فمن قرأ يس في نهاره قبل أن يمسي كان في
نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتّى يمسي، ومن قرأها في ليلة قبل أن ينام وكّل
به ألف ملك يحفظونه من كلّ شيطان رجيم ومن كلّ آفة ...» (مجمع البيان، مجلّد 4، صفحة 413..) وكما أشرنا سابقاً فإنّ هذه
الفضيلة والثواب لا ينالهما من يكتفي بقراءة الألفاظ ـ فقط ـ مشيحاً عن مفاهيم
السورة، بل إنّ عظمة فضيلة هذه السورة إنّما هي لعظمة محتواها .. |
|
الآيات(1) (10) يس
(1) وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى
صِرَط مُّسْتَقِيم
|
|
يس (1)
وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَط
مُّسْتَقِيم (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا
أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَفِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى
أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (7) إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَقِهِمْ
أَغْلَلا فَهِىَ إِلَى الاَْذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ (8) وَجَعَلْنَا مِن
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَهُمْ فَهُمْ
لاَ يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ
تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (10) |
|
التّفسير |
|
هذه السورة تبدأ ـ كما هو الحال في ثمان وعشرين سورة اُخرى ـ بحروف
مقطّعة وهي (ياء) و (سين). من جملتها أنّ هذه
الكلمة (يس) تتكوّن من «ياء» حرف نداء و «سين» أي شخص الرّسول الأكرم (ص)، وعليه فيكون المعنى أنّه خطاب للرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم)لتوضيح قضايا لاحقة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ فقدان وسائل
المعرفة
|
|
يحتاج الإنسان للتعرّف على العالم الخارجي إلى الإستفادة من وسائل وأدوات تسمّى «وسائل
المعرفة». هذه الأعمال المغلوطة والمواقف المنحرفة هي التي تصادر وسائل المعرفة من
الإنسان، ولهذا السبب فإنّ المقصّر الأصلي هو الإنسان، وهو الذي جنى على نفسه. |
|
2 ـ السدود من
الأمام والخلف
|
|
طرح بعض المفسّرين
هذا السؤال، وهو أنّ المانع الأساسي من
إستمرار الحركة هو السدّ الذي يكون أمام الإنسان، فما معنى السدّ من الخلف؟ |
|
3
ـ الحرمان من السير الآفاقي والأنفسي
|
|
هناك
طريقان معروفان لمعرفة الله، الأوّل التأمّل والتفكّر في آثار الله في جسم الإنسان وروحه، وتلك «الآيات الأنفسية»، والثاني التأمّل في الآيات الخارجية الموجودة في الأرض والسماء
والثوابت والسيارات من الكواكب، والجبال والبحار. وتلك
تسمّى «الآيات الآفاقية» وقد أشار القرآن إليهما في الآية (53) من سورة فصّلت (سنريهم
آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ). وحينما يفقد
الإنسان قدرة المعرفة، فإنّه يغلق عليه طريق مشاهدة الآيات الأنفسية والآفاقية
على حدّ سواء. |
الآيتان(11) (12)
إنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ
فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَة وَأَجْر كَرِيم
|
|
إنَّمَا تُنذِرُ
مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ
بِمَغْفِرَة وَأَجْر كَرِيم (11) إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ
مَا قَدَّمُوا وَءَاثَرَهُمْ وَكُلَّ شَىْء أَحْصَيْنَهُ فِى إِمَام مُّبِين
(12) |
|
التّفسير |
|
|
من
هم الذين يتقبّلون إنذارك؟
|
|
كان الحديث في الآيات السابقة
عن مجموعة لا تملك أي إستعداد لتقبّل الإنذارات الإلهيّة ويتساوى عندهم الإنذار
وعدمه، أمّا هذه الآيات فتتحدّث عن فئة اُخرى هي على النقيض من تلك الفئة، وذلك
لكي يتّضح المطلب بالمقارنة بين الفئتين كما هو اُسلوب القرآن. |
|
مسألتان:
|
|
1 ـ أنواع الكتب
التي تثبت بها أعمال الناس
|
|
يُستفاد من الآيات القرآنية
الكريمة أنّ أعمال الإنسان تدون وتضبط في أكثر من كتاب، حتّى لا يبقى له حجّة أو
غدر يوم الحساب. |
|
2 ـ كلّ شيء
أحصيناه
|
|
ورد في حديث عن الإمام الصادق أنّ رسول الله (ص) نزل بأرض قرعاء،
فقال لأصحابه: «ائتوا بحطب، فقالوا: يارسول
الله، نحن بأرض قرعاء! قال: فليأت كلّ إنسان بما قدر عليه. فجاؤوا به حتّى رموا
بين يديه، بعضه على بعض، فقال رسول الله :هكذا تجمع
الذنوب، ثمّ قال: إيّاكم والمحقّرات من الذنوب، فإنّ لكلّ شيء طالباً،
ألا وإنّ طالبها يكتب ما قدّموا وآثارهم وكلّ شيء أحصيناه في إمام مبين»( نور الثقلين، ج4، ص378، ح25.). |
|
الآيات(13) (19)
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلا أَصْحَبَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ
|
|
وَاضْرِبْ لَهُم
مَّثَلا أَصْحَبَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)إِذْ
أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِث
فَقَالُواْ إِنَّآ إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ
بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَىْء إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ
تَكْذِبُونَ (15) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ
(16) وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ الْبَلَغُ الْمُبِينُ (17) قَالُواْ إِنَّآ
تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ
وَلََيمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(18) قَالُواْ طَئِرُكُم مَّعَكُمْ
أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ(19) |
|
التّفسير |
|
واضرب
لهم مثلا أصحاب القرية:
|
|
لمتابعة البحوث الماضية في
الآيات السابقة حول القرآن ونبوّة الرّسول (ص)، والمؤمنين الصادقين، والكفّار
المعاندين، تطرح هذه الآيات نموذجاً من موقف الاُمم السابقة بهذا الصدد، إنّ هذه
الآيات وبعضاً من الآيات التالية لها، والتي تشكّل بمجموعها ثماني عشرة آية، تتحدّث حول تأريخ عدد من الأنبياء السابقين الذين بعثوا
لهداية المشركين عبّاد الأوثان الذين سمّاهم القرآن الكريم (أصحاب القرية) وكيف أنّهم نهضوا لمخالفة اُولئك
الأنبياء، وتكذيبهم، وكانت خاتمتهم أن أخذهم العذاب الأليم، لتكون تنبيهاً
لمشركي مكّة من جهة، وتسلية للرسول (ص) وفئة المؤمنين القليلة به في ذلك اليوم.
على كلّ حال فإنّ التأكيد على إيراد هذه القصّة في قلب هذه السورة التي تعتبر هي
بدورها قلب القرآن الكريم، بسبب تشابه ظروف تلك القصّة مع ظروف المسلمين في ذلك
اليوم. |
|
الآيات(20) (30)
وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَقَوْمِ اتَّبِعُوا
الْمُرْسَلِينَ
|
وَجَآءَ مِنْ
أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ
(20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ (21)وَمَا
لِىَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) ءَأَتَّخِذُ
مِن دُونِهِ ءَالِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّى
شَفَعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ (23) إِنِّى إِذاً لَّفِى ضَلَل مُّبِين
(24) إِنِّى ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ
قَالَ يَلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى
مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن
جُند مِّنَ السَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلينَ(28) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً
وَحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَمِدُونَ (29)يَحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا
يَأْتِيهِم مِّن رَّسُول إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (30) |
|
التّفسير |
|
المجاهدون
الذين حملوا أرواحهم على الأكف!
|
|
|
تشير هذه الآيات إلى جانب آخر
من جهاد الرسل الذي وردت الإشارة إليه في هذه القصّة. والإشارة تتعلّق بالدفاع
المدروس للمؤمنين القلائل وبشجاعتهم في قبال الأكثرية الكافرة المشركة .. وكيف
وقفوا حتّى الرمق الأخير متصدّين للدفاع عن الرسل. والخلاصة: لا
يريدون منكم أجراً ولا أي شيء آخر. |
|
بدايَة الجزء الثالث
و العشرون مِنَ القُرآن الكريم
|
|
فلسنا بحاجة إلى تلك الاُمور،
وأساساً فانّه ليس من سنّتنا لإهلاك قوم ظالمين أن نستخدم جنود السماء، لأنّ
إشارة واحدة كانت كافية للقضاء عليهم جميعاً وإرسالهم إلى ديار العدم والفناء،
إشارة واحدة كانت كافية لتبديل عوامل حياتهم ومعيشتهم إلى عوامل موت وفناء، وفي
لحظة خاطفة تقلب حياتهم عاليها سافلها. |
|
بحوث
|
|
1 ـ قصّة رسل
أنطاكية
|
|
(أنطاكية)
واحدة من أقدم مدن الشام التي بنيت ـ على قول البعض ـ بحدود ثلاثمائة
سنة قبل الميلاد. وكانت تعدّ من أكبر ثلاث مدن
رومية في ذلك الزمان من حيث الثروة والعلم
والتجارة. (أنطاكية) تعتبر بالنسبة إلى النصارى كالمدينة المنورة
للمسلمين، المدينة الثانية في الأهمية بعد بيت
المقدس، التي ابتدأ المسيح (ع) منها دعوته، ثمّ هاجر بعض من آمن بالمسيح
(ع) ـ بولس وبرنابا ـ(«بولس» من المبلّغين المسيحيين
المعروفين الذي سعى كثيراً في نشر الديانة المسيحية. «برنابا» ـ بفتح الباء ـ
إسمه الأصلي «يوسف» كان من أصدقاء بولس ومرقس، له انجيل معروف ذكر فيه كثيراً
البشارة بظهور نبي الإسلام، ولكن المسيحيين لا يعتقدون بصحّته ويقولون انّ هذا
الإنجيل قد كتبه أحد المسلمين.) إلى أنطاكية ودعوا الناس هناك إلى المسيحية،
وبذا إنتشرت المسيحية هناك، وبهذا اللحاظ أشار القرآن الكريم إلى هذه المدينة
لأهميّتها(تفسير «أبو الفتوح الرازي» وهامش العالم
«الشعراني».). فقال الملك: إنّ هاهنا ميّتاً مات منذ سبعة أيّام لم ندفنه حتّى يرجع أبوه ـ
وكان غائباً ـ فجاءوا بالميّت وقد تغيّر وأروح، فجعلا يدعوان ربّهما علانيةً، وجعل
شمعون يدعو ربّه سرّاً، فقام الميّت وقال لهم: إنّي قد متّ منذ سبعة أيّام،
وأدخلت في سبعة أودية من النار وأنا اُحذّركم ممّا أنتم فيه، فآمنوا بالله
فتعجّب الملك. |
|
2 ـ ما نتعلّمه
من هذه القصّة
|
|
نتعلّم من القصّة
التي عرضتها الآيات السابقة اُموراً عديدة منها: |
|
3 ـ ثواب وعقاب
البرزخ
|
|
ورد في الآيات الماضية أنّ (المؤمن حبيب النجّار) بعد شهادته دخل الجنّة وتمنّى
أن لو يعلم قومه بمصيره. ومن المسلّم أنّ هذه الآيات ـ كما هو الحال في الآيات
الاُخرى التي تتحدّث عن الشهداء ـ ليست مربوطة بالجنّة المقصودة بعد يوم القيامة
والتي تكون بعد البعث والحساب في المحشر. |
|
4 ـ قادة الاُمم
|
|
نقل في تفسير الثعلبي عن
الرّسول الأكرم (ص) «سبّاق الاُمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي
طالب وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون، فهم الصدّيقون وعلي أفضلهم»( مجمع البيان، ج4، ص421 القرطبي
ـ الميزان، نور الثقلين.). |
|
الآيتان(31) (32)
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ
إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ(31)
|
|
أَلَمْ يَرَوْا
كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ
يَرْجِعُونَ(31) وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) |
|
التّفسير |
|
الغفلة
الدائمة:
|
|
تتحدّث هاتان الآيتان ـ
إستناداً إلى ما مرّ في الآيات السابقة ـ عن الغفلة المستمرّة لمجموعة كبيرة من
البشر في هذا العالم على مرّ العصور والقرون، فتقول الآية: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون)( الإستفهام في الآية أعلاه إستفهام تقريري و
«كم» خبرية، وهي هنا بمعنى الكثرة في محلّ مفعول به للفعل (يروا) و (من القرون)
توضيح لذلك. و «قرون» كما ذكرنا سابقاً تأتي بمعنى العصور وهي جمع (قرن) = مائة
سنة أو بمعنى (الجيل) الذي يعيش في زمان معيّن.). |
|
الآيات(33) (36)
وَءَايَةٌ لَّهُمُ الاَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً
فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ
|
|
وَءَايَةٌ لَّهُمُ
الاَْرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ
يَأْكُلُونَ (33) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّت مِّن نَّخِيل وَأَعْنَب
وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا
عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ (35) سُبْحَنَ الَّذِى خَلَقَ
الاَْزْوَجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الاَْرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا
لاَ يَعْلَمُونَ (36) |
|
التّفسير |
|
توضّح
الآيات ـ مورد البحث ـ مسألتي التوحيد والمعاد معاً
|
|
ممّا مرّ بحثه في الآيات
السابقة حول جهاد الرسل ضدّ الشرك وعبادة الأوثان، وكذلك التعرّض إلى مسألة
المعاد في الآية الأخيرة من المقطع السابق، توضّح
الآيات ـ مورد البحث ـ مسألتي التوحيد والمعاد معاً لإيقاظ المنكرين
لهاتين المسألتين ودفعهم إلى الإيمان. |
|
الآيات(37) (40)
وَءَايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم
مُّظْلِمُونَ (37)وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا
|
|
وَءَايَةٌ لَّهُمُ
الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37)وَالشَّمْسُ
تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ
(38)وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ
الْقَدِيمِ(39) لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ
الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَك يَسْبَحُونَ (40) |
|
التّفسير |
|
هذه الآيات تتحدّث في قسم آخر
من آثار عظمة الله في عالم الوجود، وحلقة اُخرى من حلقات التوحيد التي مرّ منها
في الآيات السابقة ما يتعلّق بالمعاد وإحياء الأرض الميتة، ونمو النباتات
والأشجار. بعد إستعراضنا لأشكال القمر ومنازله يتّضح تماماً معنى الجملة التالية (حتّى عاد كالعرجون القديم)( «عرجون» كما قال أغلب
المفسّرين وأهل اللغة: من الإنعراج وهو الإعوجاج والإنعطاف، وعليه فالنون زائدة
وهو على وزن فعلون، ويعتقد آخرون أنّه مأخوذ من «عرجن» فالنون ليست زائدة،
وبمعنى: أصل عنقود الرطب المتّصل بالنخلة، وتوضيح ذلك أنّ الرطب يظهر على شكل
عنقود من النخلة، وأصل ذلك العنقود يكون على شكل مقوّس أصفر اللون يبقى معلّقاً
في النخلة، و «قديم»: بمعنى العتيق الذي مضى زمنه.). |
|
بحوث
|
|
1 ـ حركة الشمس
(الدورانية) و (الجريانية)
|
|
1
ـ حركة الشمس (الدورانية) و (الجريانية) أمّا بعد أن تداعت الاُسس التي تقوم عليها فرضية بطليموس في ضوء الإكتشافات
الجديدة في القرون الأخيرة، وتحرّرت الأجرام السماوية من قيد الأفلاك البلورية،
فقد قويت نظرية كون الشمس هي مركز المنظومة الشمسية، وهي ثابتة وجميع المنظومة
الشمسية تدور حولها. |
|
2 ـ تعبير «تدرك»
و «سابق»
|
|
إنّ التعبيرات القرآنية
إستعملت بدقّة متناهية لا يمكن الإحاطة بجميع أبعادها. ففي الآيات أعلاه حينما
تتحدّث عن الحركة الظاهرية للقمر والشمس خلال المسيرة الشهرية والسنوية تقول: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر). إذ أنّ القمر
ينهي مسيرته في شهر واحد بينما الشمس في عام كامل. |
|
3 ـ نظام النور
والظلام في حياة البشر:
|
|
تعرّضت الآيات أعلاه إلى موضوعين
من أهمّ المواضيع المتعلّقة بحياة البشر. |
|
الآيات(41) (44)
وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
(41) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ
|
|
وَءَايَةٌ لَّهُمْ
أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا
لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ
صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَعاً
إِلَى حِين (44) |
|
التّفسير |
|
حركة
السفن في البحار آية إلهيّة:
|
|
رغم أنّ بعض
المفسّرين أمثال القرطبي اعتبر الآية
الاُولى من هذه الآيات من أعقد وأصعب آيات هذه السورة، إلاّ
أنّه وبتدقيق النظر في هذه الآيات وربطها بالآيات السابقة، يتّضح أن ليس
هناك تعقيد في هذه الآيات، لأنّ الآيات السابقة تحدّثت عن دلالة قدرة الباري
عزّوجلّ في خلق الشمس والقمر والليل والنهار وكذلك الأرض وبركاتها، وفي هذه
الآيات التي أمامنا يتحدّث الباري عزّوجلّ عن البحار وقسم من بركات ونعم ومواهب
البحار، يعني حركة السفن التجارية والسياحية على سطحها. لذا فإنّ الآيات الكريمة تقول أوّلا: (وآية لهم
أنّا حملنا ذرّيتهم في الفلك المشحون). ومع أنّ البعض فسّر هذه الآية بخصوص «الجمل» الذي لقّب بـ «سفينة الصحراء»، والبعض الآخر ذهب إلى
شمولية الآية لجميع الحيوانات، والبعض فسّرها بالطائرات والسفن الفضائية التي
اخترعت في عصرنا الحالي تعبير «خلقنا» يشملها بلحاظ أنّ موادّها ووسائل صنعها
خلقت مسبقاً) ولكن إطلاق تعبير الآية يعطي مفهوماً واسعاً يشمل جميع ما ذكر
وكثيراً غيره. نعم، فالأشخاص الذين ركبوا السفن أيّاً كان نوعها وحجمها يدركون عمق معنى
هذه الآية، فإنّ أعظم السفن في العالم تكون كالقشّة حيال الأمواج البحرية
الهائلة أو الطوفانات المفجعة للمحيطات، ولولا شمول الرحمة الإلهية فلا سبيل إلى
نجاة أحد منهم إطلاقاً. |
|
الآيات(45) (47)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(45)
|
|
وَإِذَا قِيلَ
لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ(45) وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَة مِّنْ ءَايَتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ
كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا
رَزَقَكُمُ اللهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنُطْعِمُ مَن
لَّوْ يَشَاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَل مُّبِين (47) |
|
التّفسير |
|
الإعراض
عن جميع آيات الله:
|
|
بعد أن كان الحديث في الآيات
السابقة عن الآيات الإلهيّة في عالم الوجود، تنتقل هذه الآيات لتتحدّث عن ردّ
فعل الكفّار المعاندين في مواجهة هذه الآيات الإلهيّة، وكذلك توضّح دعوة النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) لهم وإنذارهم بالعذاب الإلهي الأليم. |
|
الآيات(48) (53)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ
إِلاَّ صَيْحَةً وَحِدَةً
|
|
وَيَقُولُونَ مَتَى
هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ (48) مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً
وَحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِى الصُّورِ
فَإِذَا هُم مِّنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا
يَوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ
وَصَدَقُ الْمُرْسَلُونَ (52) إن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَحِدَةً فَإِذَا هُمْ
جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) |
|
التّفسير |
|
صيحة
النشور!
|
|
بعد ذكر المنطق الأجوف
والذرائع التي تشبّث بها الكفّار في مسألة الإنفاق في الآيات السابقة، تتعرّض
هذه الآيات إلى الحديث عن إستهزائهم بالقيامة، لتنسف بجواب قاطع منطقهم الفارغ
حول إنكار المعاد. تقول الآية الكريمة الاُولى: (ويقولون متى هذا
الوعد إن كنتم صادقين). فإذا لم تستطيعوا تشخيص زمان دقيق لقيام الساعة،
فمعنى هذا أنّكم لستم صادقين في حديثكم. |
|
الآيات(54) (58)
فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(54)
|
|
فَالْيَوْمَ لاَ
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(54)إِنَّ أَصْحَبَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِى شُغُل فَكِهُونَ (55)
هُمْ وَأَزْوَجُهُمْ فِى ظِلَل عَلَى الاَْرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ
فِيهَا فَكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ(57) سَلَمٌ قَوْلا مِّن رَّبٍّ رَّحِيم
(58) |
|
التّفسير |
|
أصحاب
الجنّة فاكهون!
|
|
هنا يبدأ البحث حول كيفية
الحساب في المحشر، ثمّ ينتقل في الختام إلى تفصيل وضع المؤمنين الصلحاء والكفّار
الطالحين، فتقول الآية الكريمة الاُولى: (فاليوم لا
تظلم نفس شيئاً). |
|
ملاحظة
|
|
أنواع
«السلام» المنثور على أهل الجنّة
|
|
الجنّة هي «دار السلام» كما ورد في الآية (25) من سورة يونس حيث نقرأ: (والله يدعو إلى دار السلام). |
|
الآيات(59) (62)
وَامْتَزُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الُْمجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ
يَبَنِى ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَنَ
|
|
وَامْتَزُوا
الْيَوْمَ أَيُّهَا الُْمجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَبَنِى
ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60)
وَأَنِ اعْبُدُونِى هَذَا صِرَطٌ مُّسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ
جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) |
|
التّفسير |
|
لماذا
عبدتم الشيطان؟!
|
|
مرّ في الآيات السابقة جانب
من المصير المشوّق لأهل الجنّة، وفي هذه الآيات مورد البحث جانب بئيس من مصير
أهل النار وعبدة الشيطان. |
|
الآيات(63) (68)
هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا
كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (64)
|
|
هَذِهِ جَهَنَّمُ
الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
(64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ
وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاءُ
لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ
(66) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَعُوا
مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ (67) وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ
أَفَلاَ يَعْقِلُونَ (68) |
|
التّفسير |
|
يوم
تسكت الألسن وتشهد الأعضاء!!
|
|
تعرّضت الآيات السابقة، إلى قسم من التوبيخات والتقريعات الإلهيّة وإلى
مخاطبته سبحانه المجرمين في يوم القيامة. فقد بُعث إليكم الأنبياء واحداً بعد واحد، وحذّروكم من مثل هذا اليوم ومن
مثل هذه النار، ولكنّكم لم تأخذوا أقوالهم إلاّ على محمل السخرية والإستهزاء (اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون)( «أصلوها» من (صلا) أصل الصَّلي إيقاد النار، ويقال صَلِيَ
بالنار وبكذا، أي بُلي بها واصطلى بها.). «ليست تشهد الجوارح على مؤمن، إنّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب،
فأمّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه، قال الله عزّوجلّ: (فمن
اُوتي كتابه بيمينه فاُولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا)( تفسير الصافي، مجلّد 4، صفحة 258). |
|
الآيتان(69) (70)
وَمَا عَلَّمْنَهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ
وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ(69)
|
|
وَمَا عَلَّمْنَهُ
الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ(69)
لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَفِرِينَ (70) |
|
التّفسير |
|
انّه
ليس بشاعر .. بل نذير!!
|
|
قلنا أنّ في هذه السورة
بحوثاً حيّة وجامعة حول اُصول الإعتقادات: التوحيد، والمعاد، والنبوّة، وتنتقل
الآيات من بحث إلى آخر ضمن مقاطع مختلفة من الآيات. |
|
بحث
|
|
حياة
وموت القلوب:
|
|
في الإنسان أنواع
من الحياة والموت: |
|
الآيات(71) (76) أَوَ
لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَماً
فَهُمْ لَهَا مَلِكُونَ (71)
|
|
أَوَ لَمْ يَرَوْا
أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَماً فَهُمْ لَهَا
مَلِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا
يَأْكُلُونَ (72)وَلَهُمْ فِيهَا مَنَفِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ (73)
وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ ءَالِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ (74) لاَ
يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75) فَلاَ
يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76) |
|
التّفسير |
|
فوائد
الأنعام للإنسان!!
|
|
يعود القرآن الكريم مرّة
اُخرى في هذه الآيات إلى مسألة التوحيد والشرك، ويشير ـ ضمن تعداد قسم من آثار
عظمة الله في حياة البشر، وحلّ مشكلاتهم ورفع حاجاتهم ـ إلى ضعف وعجز الأصنام،
وبمقارنة واضحة يشطب على الشرك ويثبت بطلانه، وفي نفس الوقت يثبت حقّانية خطّ
التوحيد. |
|
بحث
الثقافة التوحيدية
|
|
الثقافة التوحيدية تمنح عباد
الله المؤمنين طريقة خاصّة في الحياة، تبعدهم عن السُبل الملوثة بالشرك القائمة
على أساس عبادة الأوثان، أو اللجوء إلى بعض البشر الضعاف. |
|
الآيات(77) (79) أَوَ
لَمْ يَرَ الإنسَنُ أَنَّا خَلَقْنَهُ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ
مُّبِينٌ (77)
|
|
أَوَ لَمْ يَرَ
الإنسَنُ أَنَّا خَلَقْنَهُ مِن نُّطْفَة فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
(77)وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَمَ وَهِىَ
رَمِيمٌ(78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ
خَلْق عَلِيمٌ (79) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقلت أغلب التفاسير عن أبي
عبدالله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «جاء أُبيّ بن خلف (أو العاص بن وائل)
فأخذ عظماً بالياً من حائط ففتّه ثمّ قال: إذا كنّا عظاماً ورفاتاً إنّا
لمبعوثون خلقاً؟» فأنزل الله: (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي
أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم). |
|
التّفسير |
|
قلنا أنّ البحوث المختلفة حول
المبدأ والمعاد والنبوّة في سورة (يس) التي هي قلب القرآن وردت بشكل مقاطع
مختلفة، فهذه السورة ابتدأت بمسألة النبوّة، وإختتمت بسبعة آيات تمثّل أقوى
البيانات حول المعاد. في البدء تأخذ بيد الإنسان وتشير له إلى بدء حياته في ذلك اليوم حيث كان
نطفة مهينة لا غير وتدعوه إلى التأمّل والتفكّر، فتقول: (أو لم ير الإنسان أنّا
خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين)( «خصيم» بمعنى
المصرّ على الخصومة والجدال، و (الرؤية) بمعنى (العلم).). يا له من تعبير
حيوي؟ فالآية تؤكّد أوّلا على مخاطبة الإنسان، أيّاً كان وأيّ إعتقاد كان يعتقد،
وعلى أيّ مستوى كان من العلم، فهو يستطيع إدراك هذه الحقيقة. المحيط بكلّ شيء علماً وهو على كلّ شيء قدير وعليه فإنّ الحساب على الأعمال
والنوايا والإعتقادات المضمرة لا يشكل له. |
|
الآية(80) الَّذِى
جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ
تُوقِدُونَ (80)
|
|
الَّذِى جَعَلَ
لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاَْخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ
(80) |
|
التّفسير |
|
تتابع هذه الآية البحوث
المختلفة حول المعاد والإشارات العميقة المعنى حول مسألة إمكان المعاد ورفع أي
إستبعاد لذلك، والآية أعلاه شرح أوسع وأوضح حول هذه المسألة، تقول: (الذي جعل
لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون) ويا له من تعبير رائع ذلك الذي
كلّما دقّقنا فيه أفاض علينا معاني أعمق وأدقّ؟! |
|
مسألتان
|
|
1 ـ شجر أخضر ..
لماذا؟
|
|
يرد على الذهن أنّه لماذا
عبّر القرآن هنا بالشجر الأخضر؟ في حين أنّ توليد النار
من الخشب الطري والرطب يتمّ بصعوبة بالغة، فكم كان جميلا لو عبّر عوضاً عن ذلك
«بالشجر اليابس»، لكي ينسجم مع المعنى تماماً!!؟ |
|
2 ـ الفرق بين
الوَقُودْ والوُقُودْ:
|
|
«توقدون» من
«وُقُود» ـ على زنة قبور ـ بمعنى إشتعال النار ـ و «الإيقاد» بمعنى إشعال النار،
و «الوَقُود» ـ على زنة ثمود ـ بمعنى الحطب المعدّ للإحراق. |
|
الآيات(81) (83) أَوَ
لَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ بِقَدِر عَلَى أَن يَخْلُقَ
مِثْلَهُم بَلَى
|
|
أَوَ لَيْسَ
الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ بِقَدِر عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم
بَلَى وَهُوَ الْخَلَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ
شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَنَ الَّذِى بِيَدِهِ
مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْء وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) |
|
التّفسير |
|
هو
المالك والحاكم على كلّ شيء !!
|
|
بعد ذكر دلائل المعاد والفات
الأنظار إلى الخلق الأوّل، ونشوء النار من الشجر الأخضر في الآيات السابقة،
تتابع الآية الاُولى هنا بحث ذلك الموضوع من طريق ثالث وهو قدرة الله
اللامتناهية، فتقول الآية الاُولى: (أو ليس الذي خلق
السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاّق العليم). |
|
بحث
مركّز في مسألة المعاد من خلال ستّة مباحث
|
|
لقد تقدّمت منّا الوعود بأن نتعرّض لبحث مركّز في مسألة المعاد في ختام سورة
(يس) وها نحن نفي بهذه الوعود ونشبع هذه المسألة بحثاً من خلال ستّة مباحث
لنعرضها للقرّاء الأعزّاء كما يلي: |
|
1 ـ الإعتقاد
بالمعاد أمر فطري:
|
|
1
ـ الإعتقاد بالمعاد أمر فطري: |
|
2 ـ أثر الإعتقاد
بالمعاد على حياة البشر:
|
|
إنّ الإعتقاد بعالم ما بعد
الموت وبقاء آثار الأعمال البشرية، وخلود الأعمال ـ سواء كانت خيراً أو شرّاً ـ
يترك أثره العميق على فكر وأعصاب وجسد الإنسان، ويمكنه أن يكون عاملا مؤثّراً في
التشجيع على الأعمال الحسنة. |
|
3 ـ الدلائل
العقليّة على المعاد:
|
|
فضلا عن الدلائل النقلية
الكثيرة على المعاد سواء الواردة في القرآن المجيد، والتي تشمل مئات الآيات بهذا
الخصوص، فإنّ هناك أدلّة عقليّة واضحة أيضاً على هذه
المسألة، والتي نحاول ذكرها هنا بشكل مختصر: |
|
أ ـ برهان الحكمة:
|
|
إذا نظرنا إلى هذا العالم
بدون العالم الآخر، فسيكون فارغاً وبلا معنى تماماً، كما لو افترضنا بوجود
الحياة في الأطوار الجنينية بدون الحياة في هذه الدنيا. |
|
ب ـ برهان العدالة:
|
|
التدقيق في نظام الوجود
وقوانين الخلق، يستنتج منه أنّ كلّ شيء منها محسوب بدقّة متناهية. ففي مؤسسة
البدن البشري، يحكم نظام عادل دقيق، بحيث أنّه لو تعرّض لأدنى تغيير أو عارض ما
لأدّى إلى إصابته بالمرض أو حتّى الموت، حركات القلب، دوران الدم، أجفان العين،
وكلّ جزء من خلايا الجسم البشري مشمول بهذا النظام الدقيق، الذي يحكم العالم
بأسره «وبالعدل قامت السموات والأرض»( تفسير الصافي،
المجلّد الخامس، صفحة 107.) فهل يستطيع الإنسان أن يكون وحده النغمة
النشاز في هذا العالم الواسع؟! |
|
ج ـ برهان الهدف:
|
|
على خلاف ما
يتوهّمه المادّيون، فإنّ الإلهيين
يرون أنّ هناك هدفاً من خلق الإنسان، والذي يعبّر عنه الفلاسفة بـ «التكامل» وفي
لسان القرآن والحديث فهو «القرب إلى الله» أو «العبادة» (وما خلقت الجنّ والإنس
إلاّ ليعبدون).( الذاريات، 56.) |
|
د ـ برهان نفي
الإختلاف:
|
|
لا شكّ أنّنا جميعاً نتعذّب
كثيراً من الإختلافات بين المذاهب والعقائد في هذا العالم، وكلّنا نتمنّى أن
تحلّ هذه الإختلافات، في حين أنّ جميع القرائن تدلّل على أنّ هذه الإختلافات هي
من طبيعة الحياة. ويستفاد من عدّة دلائل بأنّه حتّى بعد قيام المهدي (ع) ـ وهو
المقيم لحكومة العدل العالمية والمزيل لكثير من الإختلافات ـ ستبقى بعض
الإختلافات العقائدية بلا حلّ تامّ، وكما يقول القرآن الكريم فإنّ اليهود
والنصارى سيبقون على إختلافاتهم إلى قيام القيامة: (فأغرينا
بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة).( المائدة، 14.) |
|
4 ـ القرآن
ومسألة المعاد:
|
|
تعتبر مسألة المعاد المسألة
الثانية بعد مسألة التوحيد والتي تعتبر المسألة الأساس في تعليمات الأنبياء
بخصائصها وآثارها التربوية، لذا ففي بحوث القرآن الكريم نجد أنّ أكثر الآيات
اختّصت ببحث مسألة المعاد، بعد الكثرة الكاثرة التي اختّصت ببحث مسألة التوحيد. |
|
5 ـ المعاد
الجسماني:
|
|
المقصود من المعاد
الجسماني ليس إعادة الجسم وحده في العالم الآخر، بل إنّ الهدف هو
بعث الروح والجسم معاً، وبتعبير آخر فإنّ عودة الروح أمر مسلّم به، والحديث حول
عودة الجسم. |
|
6 الجنّة والنار
|
|
الكثيرون يتوهّمون بأنّ عالم
ما بعد الموت يشبه هذا العالم تماماً ولكنّه بشكل أكمل وأجمل، غير أنّ لدينا
قرائن عديدة تدلّل على الفروق الكبيرة بين العالمين من حيث الكيفية والكميّة، لو
أردنا تشبيهها بالفروق بين العالم الجنيني وهذه الدنيا لظلّت المقايسة أيضاً غير
كاملة. (وقالوا لجلودهم
لِمَ شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كلّ شيء).(3) * * * |
|
|
|