- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سورة فاطر وعَدَدُ
آيَاتِها خَمس وأربعُون آية
|
|
المجَلّد الرابع
عَشَر سُورَة فاطر
|
|
محتوى
السورة:
|
|
سمّيت هذه السورة
بـ«فاطر» أو «الملائكة» لإبتداء آياتها
بآية ذكر فيها «فاطر» و «الملائكة». وهي من السور المكيّة، مع أنّ البعض يستثني منها الآيات (29 و32) ويعتبرها مدنية، إلاّ أنّنا لم نجد
دليلا على صحّة هذا الإستثناء. بعض المفسّرين لخّص جميع هذه السورة في موضوع واحد
وهو: هيمنة وقهّارية الله في جميع الاُمور(تفسير
في ظلال القرآن، بداية سورة فاطر..) |
|
فضيلة
هذه السورة:
|
|
ورد في الحديث الشريف عن
الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) «من قرأ سورة الملائكة، دعته يوم
القيامة ثلاثة أبواب من الجنّة أن ادخل من أي الأبواب شئت»( مجمع البيان، المجلّد 4، صفحة 399..) |
|
الآيات(1) (3)
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَئِكَةِ
رُسُلا أُوْلِى أَجْنِحَة مَّثْنَى وَثُلَثَ وَرُبَعَ
|
|
الْحَمْدُ لِلَّهِ
فَاطِرِ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَئِكَةِ رُسُلا أُوْلِى
أَجْنِحَة مَّثْنَى وَثُلَثَ وَرُبَعَ يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ
اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ (1) مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن
رَّحْمَة فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ
عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَلِق غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ
وَالاَْرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) |
|
التّفسير |
|
فاتح
مغاليق الأبواب!
|
|
تبدأ هذه السورة ـ كما هو
الحال في سورة الفاتحة وسبأ والكهف ـ بحمد الله والثناء عليه لخلقه هذا الكون
الفسيح، يقول تعالى: (الحمد لله فاطر السموات والأرض). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ التعبير
بـ «يفتح» ـ من مادّة «فتح» ـ إشارة إلى وجود خزائن الرحمة الإلهية التي ورد
ذكرها أيضاً في آيات اُخرى من القرآن الكريم، والملفت للنظر أنّ هذه الخزائن
بمجرّد فتحها تجري الرحمة على الخلائق بلا أدنى حاجة إلى شيء آخر، وبدون أن
يستطيع أحد منعها من ذلك. |
|
«بحث»الملائكة
في القرآن الكريم:
|
تعرّض القرآن الكريم كثيراً
لذكر الملائكة .. فقد تحدّثت آيات عديدة عن صفات، خصائص، مأموريات، ووظائف
الملائكة. حتّى أنّ القرآن الكريم جعل الإيمان بالملائكة مرادفاً للإيمان بالله
والأنبياء والكتب السماوية، ممّا يدلّل على أهميّة هذه المسألة الأساسية. |
|
الآيات(4) (7) وَإِن
يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ
الاُْمُورُ
|
|
وَإِن يُكَذِّبُوكَ
فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الاُْمُورُ (4)
يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ
الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَنَ
لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا
مِنْ أَصْحَبِ السَّعِيرِ(6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ
ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) |
|
|
التّفسير |
|
لا
يغرنّكم الشيطان والدنيا
|
|
ينتقل القسم الثاني من هذه
المجموعة من الآيات ـ وبعد أن كان الحديث حول توحيد الخالقية والرازقية ـ إلى
الحديث في تفصيل البرامج العملية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)ويوجّه الخطاب
إليه أوّلا، ثمّ لعموم الناس وبيان المناهج العملية لهم بعد تفصيل البرامج
العقائدية سابقاً. 1 ـ مظاهر الدنيا الخدّاعة، كالجاه والمقام والمال والكبرياء
وأنواع الشهوات. |
|
الآيات(8) (10)
أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ
مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ
|
|
أَفَمَن زُيِّنَ
لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ
وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَت إِنَّ اللهَ
عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) وَاللهُ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَحَ فَتُثِيرُ
سَحَاباً فَسُقْنَهُ إِلَى بَلَد مَيِّت فَأَحْيَيْنَا بِهِ الاَْرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ
الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ
الصَّلِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ
شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) |
|
التّفسير |
|
إليه
يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه:
|
|
ممّا مرّ من تقسيم الناس إلى مجموعتين «المجموعة
المؤمنة» و «المجموعة الكافرة» أو «حزب الله» و «حزب الشيطان»،
تنتقل هذه الآيات إلى بيان إحدى الخصائص المهمّة لهاتين المجموعتين والتي هي في
الواقع المصدر لسائر برامجهما. تقول الآية الاُولى: (أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً)
كمن يرى الحقائق كما هي من حيث الحسن والقبح؟! |
|
ملاحظتان1
ـ العزّة جميعاً من الله عزّ اسمه2 ـ الفرق بين «الكلام الطيّب» و «العمل
الصالح»
|
|
ما هي حقيقة
العزّة؟ هل هي سوى بلوغ مرحلة المنعة؟ وإن كان كذلك فأين يجب
البحث عن العزّة؟ وأي شيء يمكنه أن يعطي للإنسان العزّة؟!. هذا في مرحلة الفكر والإعتقاد والروح، أمّا في مرحلة العمل فإنّ «العزّة»
تنبع من الأعمال السليمة الأصل والدقيقة الاُسلوب، وبتعبير
آخر يمكن تلخيص ذلك بـ«العمل الصالح» هذان الإثنان يعطيان الإنسان العظمة
والرفعة والعزّة والمنعة. |
الآيتان(11) (12)
وَاللهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَجاً
وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ
|
|
وَاللهُ خَلَقَكُم
مِّن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ
أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّر وَلاَ
يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ
(11)وَمَا يَسْتَوِى الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ
وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ
حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن
فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) |
|
التّفسير |
|
وما
يستوي البحران!!
|
|
|
مع الإلتفات إلى ما كان من
حديث في الآيات السابقة حول التوحيد والمعاد وصفات الله، تتعرّض هذه الآيات
أيضاً إلى قسم آخر من آيات «الأنفس والآفاق» التي تدلّل على قدرة الله من جانب،
وعلى علمه من جانب آخر، وقضيّة إمكانية المعاد من جانب ثالث. في البداية تشير إلى خلق الإنسان في مراحله المختلفة فتقول: (والله خلقكم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ جعلكم أزواجاً). |
|
بحث
|
|
العوامل
المعنوية المؤثّرة في طول العمر
|
|
قام المفسّرون
ببحوث مختلفة بما يتناسب مع البحث الوارد
في هذه الآيات حول إطالة وإقصار العمر بأمر الله، وذلك بما يتوافق مع الروايات
الواردة في هذا الخصوص. |
|
الآيتان(13) (14)
يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لاَِجَل مُّسَمّىً
|
|
يُولِجُ الَّيْلَ
فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لاَِجَل مُّسَمّىً ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ
الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِير (13)
إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا
لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ
خَبِير (14) |
|
التّفسير |
|
الأصنام
لا تسمع دعاءكم!!
|
|
تعاود هذه الآيات الإشارة إلى
قسم آخر من آيات التوحيد والنعم الإلهية اللامتناهية، لكي تدفع الإنسان مع
تعريفه بتلك النعم إلى شكرها ومعرفة المعبود الحقيقي، وليرجع عن أيّ شرك أو
عبادة خرافية، يقول تعالى: (يولج الليل في النهار ويولج
النهار في الليل). |
|
بحث
|
|
الدين
أصل التحوّلات:
|
|
بسبب إحساس العقائد المادية
والشيوعية بالخطر من المذاهب السماوية الحقّة، فهي تدعوها بـ (أفيون الشعوب) أي أنّها عامل تخدير لأفكار الجماهير!! واُخرى تقول: (إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون)
(الرعد ـ 3، والزمر ـ 42، والجاثية ـ 13) وثالثة
تقول: (لعلّهم يتفكّرون) (الحشر ـ 21، والأعراف
ـ 176)، وأحياناً تطرح الآيات القرآنية نفس
المفهوم وجهاً لوجه (كذلك يبيّن الله لكم الآيات لعلّكم
تتفكّرون) (البقرة ـ 219 و266). |
|
الآيات(15) (18)
يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ
الْحَمِيدُ (15)إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ
(15)إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْق جَدِيد (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى
اللهِ بِعَزِيز (17) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ
مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِها لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا
الصَّلَوةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ
الْمَصِيرُ (18) |
|
التّفسير |
|
لا
تزر وازرة وزر اُخرى:
|
|
بعد الدعوة المؤكّدة إلى
التوحيد ومحاربة أي شكل من أشكال الشرك وعبادة الأوثان، يحتمل أن يتوهّم البعض
فيقول: ما هي حاجة الله لأن يُعبد بحيث يصرّ كلّ هذا الإصرار، ويؤكّد كلّ هذا
التأكيد على عبادته وحده؟ لذا فإنّ هذه الآيات توضّح هذه الحقيقة وهي أنّنا نحن
المحتاجون لعبادته لا هو سبحانه وتعالى، فتقول الآية الكريمة: (ياأيّها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني
الحميد). فيا له من حديث مهمّ وقيم ذلك الذي يوضّح موقعنا في عالم الوجود من خالق
الوجود، ويكشف الكثير من الغموض، ويجيب على الكثير من الأسئلة. |
|
الآيات(19) (23)
وَمَا يَسْتَوِى الاَْعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلاَ الظُّلُمَتُ وَلاَ
النُّورُ(20)
|
|
وَمَا يَسْتَوِى
الاَْعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلاَ الظُّلُمَتُ وَلاَ النُّورُ(20) وَلاَ
الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِى الاَْحْيَاءُ وَلاَ الاَْمْوَتُ
إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِع مَّن فِى الْقُبُورِ
(22) إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) |
|
التّفسير |
|
وما
تستوي الظلمات ولا النّور:
|
|
تذكر الآيات مورد البحث ـ بما
يتناسب مع البحوث التي مرّت حول الإيمان والكفر في الآيات السابقة ـ أربعة أمثلة
جميلة للمؤمن والكافر، توضّح بأجلى شكل آثار الإيمان والكفر. تشير
الآية (257) من سورة البقرة إلى هذا الموضوع فتقول: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين
كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات اُولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون). |
|
بحوث
|
|
1 ـ آثار الإيمان
والكفر
|
|
نعلم أنّ القرآن لا يعير
إهتماماً للحواجز الجغرافية والعرقية والطبقية وأمثالها ممّا يفرّق بين الناس،
فالقرآن الكريم يعتبر أنّ الحدّ هو الحدّ بين [الإيمان والكفر]، وعليه فإنّه يقسّم المجتمع البشري إلى قسمين «المؤمنين» و
«الكافرين». |
|
2 ـ هل أنّ
الموتى واقعاً لا يدركون؟
|
|
من ملاحظة ما ورد
في الآيات أعلاه، يطرح هنا سؤالان: |
|
3 ـ تنويع
التعبيرات جزء من الفصاحة
|
|
لوحظ في التشبيهات
الأربعة الواردة في الآيات أعلاه، تعبيرات
متفاوتة تماماً مثلا (أعمى ـ بصير) و (ظلّ ـ حرور) جاءت بصورة المفرد في حال أنّ
(أحياء ـ أموات) بصورة الجمع، وجاءت (ظلمات ـ نور) بصورة جمع والثانية بصورة
مفرد.. هذا من جانب. |
|
الآيات(24) (26)
إِنَّآ أَرْسَلْنَكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّة إِلاَّ
خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ
|
|
إِنَّآ
أَرْسَلْنَكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّة إِلاَّ خَلاَ
فِيهَا نَذِيرٌ (24) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن
قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكَتَبِ
الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) |
|
التّفسير |
|
لا
عجب من عدم إيمان:
|
|
توصّلنا في الآيات السابقة
إلى أنّ هناك أفراداً كالأموات والُعميان لا تترك مواعظ الأنبياء في قلوبهم أدنى
أثر، وعلى ذلك فإنّ الآيات مورد البحث تقصد مواساة الرّسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) بهذا الخصوص وتخفيف آلامه لكي لا يغتمّ كثيراً. |
|
الآيتان(27) (28)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ
ثَمَرَت مُّخْتَلِفاً أَلْوَنُهَا وَمِنَ الْجِبَال
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَت مُّخْتَلِفاً
أَلْوَنُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَنُهَا
وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالاَْنْعَمِ
مُخْتَلِفٌ أَلْوَنُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَؤُا إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) |
|
التّفسير |
|
العجائب
المختلفة للخلقة
|
|
مرّة اُخرى تعود هذه الآيات
إلى مسألة التوحيد، وتفتح صفحة جديدة من كتاب التكوين أمام ذوي البصائر من
الناس، لكي ترد بعنف على المشركين المعاندين ومنكري التوحيد المتعصّبين. |
|
الآيتان(29) (30)
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَبَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَأَنفَقُوا
مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَرَةً
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
يَتْلُونَ كِتَبَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَهُمْ
سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَرَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ
أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) |
|
التّفسير |
|
التجارة
المربحة مع الله:
|
|
بعد أن أشارت الآيات السابقة
إلى مرتبة الخوف والخشية عند العلماء، تشير الآيات مورد البحث إلى مرتبة «الأمل والرجاء»
عندهم أيضاً، إذ أنّ الإنسان بهذين الجناحين ـ
فقط ـ يمكنه أن يحلّق في سماء السعادة، ويطوي سبيل تكامله، يقول تعالى أوّلا: (إنّ الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا ممّا
رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارةً لن تبور)(
يلاحظ أنّ «يرجون» خبر «أنّ».). |
|
تعليقة
|
|
شروط
تلك التجارة العجيبة:
|
|
الملفت للنظر أنّ كثيراً من
الآيات القرآنية الكريمة تشبّه هذا العالم بالمتجر الذي تُجّاره الناس، والمشتري
هو الله سبحانه وتعالى، وبضاعته العمل الصالح، والقيمة أو الأجر: الجنّة والرحمة
والرضا منه تعالى(سورة الصف: آية 1 والتوبة ـ آية 111
والبقرة 207 والنساء ـ 74.). |
|
الآيتان(31) (32)
وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ
|
|
وَالَّذِى
أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتَبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ
لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَتِ بِإِذْنِ
اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) |
|
التّفسير |
|
الورثة
الحقيقيّون لميراث الأنبياء:
|
|
بعد أن كان الحديث في الآيات
السابقة عن المؤمنين المخلصين الذين يتلون الكتاب الإلهي ويطبّقون وصاياه،
تتحدّث هذه الآيات عن ذلك الكتاب السماوي وأدلّة حقّانيّته، وكذلك عن الحملة
الحقيقيين لذلك الكتاب، وبذا يستكمل الحديث الذي إفتتحته الآيات السابقة حول
التوحيد، بالبحث الذي تثيره هذه الآيات حول النبوّة. |
|
ملاحظة
|
|
من
هم حرّاس الكتاب الإلهي؟
|
|
على ما ذكر القرآن الكريم
فإنّ الله سبحانه وتعالى يشمل الاُمّة الإسلامية بمواهب عظيمة، من أهمّها ذلك
الميراث الإلهي العظيم وهو «القرآن». وعلى المذنبين أيضاً أن لا ينسوا حقيقة أنّهم كانوا مشمولين بمضمون الآية
الكريمة في زمرة (الذين إصطفينا) وإنّ لهم ذلك الإستعداد بالقوّة، فعليهم أن
يتجاوزوا مرحلة «الظالم لنفسه» وينتقلوا إلى مرحلة «المقتصد» وليرتقوا من هناك
حتّى ينالوا فخر «السابقين بالخيرات»، حيث أنّهم من جهة الفطرة والبناء الروحي
من الذين إصطفاهم الحقّ. |
|
الآيات(33) (35)
جَنَّتُ عَدْن يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب
وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ
|
|
جَنَّتُ عَدْن
يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً
وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى
أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِى
أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ
يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) |
|
التّفسير |
|
الحمد
لله الذي أذهب عنّا الحزن:
|
|
هذه الآيات في الحقيقة نتيجة
لما ورد ذكره في الآيات الماضية، يقول تعالى: (جنّات عدن يدخلونها)( «جنّات عدن»: يمكن أن تكون
خبراً لمبتدأ محذوف تقديره «جزائهم» أو «اُولئك لهم جنّات عدن»، نظير الآية (31
ـ سورة الكهف) بعضهم أيضاً قال: إنّها (بدل) عن «الفضل الكبير»، ولكن باعتبار
أنّ «الفضل الكبير» إشارة إلى ميراث الكتاب السماوي، فلا يمكن أن تكون «جنّات»
بدلا عنها، إلاّ إذا اعتبرنا المسبّب في مقام السبب.). |
|
الآيات(36) (38)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا
|
|
وَالَّذِينَ
كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ
يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُور (36) وَهُمْ
يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا
نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ
وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّلِمِينَ مِن نَّصِير (37) إِنَّ
اللهَ عَلِمُ غَيْبِ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ (38) |
|
التّفسير |
|
ربّنا
أخرجنا نعمل صالحاً!
|
|
القرآن الكريم يقرن (الوعيد) (بالوعود) ويذكر «الإنذارات»، إلى جانب «البشارات» لتقوية عاملي الخوف والرجاء الباعثين
للحركة التكاملية في الإنسان، إذ أنّ الإنسان بمقتضى «حبّ الذات» يقع تحت تأثير
غريزتي «جلب المنفعة» و «دفع الضرر». (مجمع
البيان، ج 4، ص 410.) |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ ما هو
المقصود من «ذات الصدور»؟
|
|
ورد هذا اللفظ بتفاوت يسير في
أكثر من عشرة آيات من القرآن الكريم (إنّ الله عليم
بذات الصدور). |
|
2 ـ لا سبيل
للرجوع!
|
|
من المسلّم به أنّ القيامة
والحياة بعد الموت مرحلة تكاملية نسبة إلى الدنيا، وأنّ الرجوع إلى هذه الدنيا
ليس معقولا، فهل يمكننا العودة إلى الأمس؟ هل يمكن للوليد أن يعود إلى طي
الأدوار الجنينية من جديد؟ وهل يمكن للثمرة التي قطفت من غصنها أن تعاد إليه
مرّة ثانية؟ لهذا السبب فإنّ العودة إلى الدنيا غير ممكنة لأهل الآخرة. |
|
الآيات(39) (41) هُوَ
الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَئِفَ فِى الاَْرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ
وَلاَ يَزِيدُ الْكَفِرِينَ
|
|
هُوَ الَّذِى
جَعَلَكُمْ خَلَئِفَ فِى الاَْرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ
يَزِيدُ الْكَفِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ
الْكَفِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً (39) قُلْ أَرَءَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ
الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الاَْرْضِ
أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّمَوَتِ أَمْ ءَاتَيْنَهُمْ كِتَباً فَهُمْ عَلَى
بَيِّنَت مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّلِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ
غُرُوراً (40) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ أَن تَزُولاَ
وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ
حَلِيماً غَفُوراً (41) |
|
التّفسير |
|
السماوات
والأرض بيد القدرة الإلهية:
|
|
تنتقل الآيات إلى مرحلة اُخرى
من تشخيص عوامل ضعف وبطلان مناهج الكفّار والمشركين في التعامل أو التفكير لتكمل
البحوث التي مرّت في الآيات السابقة، فتقول أوّلا: (هو
الذي جعلكم خلائف في الأرض). «خلائف» هنا سواء كانت بمعنى خلفاء
وممثّلي الله في الأرض، أم بمعنى خلفاء الأقوام
السابقين (وإن كان المعنى الثاني هنا أقرب على ما يبدو)
فهي دليل على منتهى اللطف الإلهي على البشر حيث أنّه قيّض لهم جميع إمكانات
الحياة. أعطاهم العقل والشعور والإدراك، أعطاهم أنواع الطاقات الجسدية، ملأ
للإنسان صفحة الأرض بمختلف أنواع النعم والبركات، وعلّمه طريقة الإستفادة من تلك
الإمكانات، فكيف نسي الإنسان والحال هذه ولي نعمته الأصلي، وراح يعبد آلهة
خرافية ومصنوعة؟! |
|
ملاحظة
|
|
الصغير
والكبير سيّان أمام قدرة الله!
|
|
الملفت للنظر أنّ الآيات
أعلاه ذكرت أنّ السماوات تستند إلى قدرة الله في ثباتها وبقائها، وفي آيات اُخرى
من القرآن ورد نفس التعبير فيما يخصّ حفظ الطيور حال طيرانها في السماء. (ألم
يروا إلى الطير مسخّرات في جوّ السماء ما يمسكهنّ إلاّ الله، إنّ في ذلك لآيات
لقوم يؤمنون). |
|
الآيات(42) (44)
وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ
لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الاُْمَمِ
|
|
وَأَقْسَمُوا
بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى
مِنْ إِحْدَى الاُْمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ
نُفُوراً (42)اسْتِكْبَاراً فِى الاَْرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّىء وَلاَ يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ
الاَْوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ
اللهِ تَحْوِيلا (43) أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِى الاَْرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ
كَانَ عَقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْء فِى السَّمَوَتِ وَلاَ فِى الاَْرْضِ
إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً (44) |
|
سبب النّزول
|
|
ورد في تفسير «الدرّ المنثور»
و «روح المعاني» و «مفاتيح الغيب» وتفاسير اُخرى: «بلغ قريشاً قبل مبعث رسول
الله (ص) أنّ أهل الكتاب كذّبوا رسلهم فقالوا: لعن الله اليهود والنصارى أتتهم
الرسل فكذّبوهم، فوالله لئن أتانا رسول لنكوننّ أهدى من إحدى الاُمم»( أغلب التفاسير.). فلّما أشرقت شمس الإسلام من اُفق
بلادهم، وجاءهم النّبي (ص) بالكتاب السماوي، رفضوا، بل كذّبوا، وحاربوا، ومارسوا
أنواع المكر والخديعة. |
|
التّفسير |
|
إستكبارهم
ومكرهم سبب شقائهم:
|
|
تواصل هذه الآيات الحديث عن
المشركين ومصيرهم في الدنيا والآخرة. |
|
الآية(45) وَلَوْ
يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن
دَابَّة وَلَكنِ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمّىً
|
|
وَلَوْ يُؤَاخِذُ
اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّة وَلَكنِ
يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ
كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) |
|
التّفسير |
|
لولا
لطف الله ورحمته!
|
|
الآية مورد البحث وهي الآية الأخيرة من آيات سورة فاطر، وبعد تلك البحوث
الحادّة والتهديدات الشديدة التي مرّت في الآيات المختلفة للسورة، تنهي هذه الآية السورة ببيان اللطف والرحمة الإلهيّة
بالبشر، تماماً كما ابتدأت السورة بذكر إفتتاح الله الرحمة للناس. وعليه فإنّ البدء والختام متّفقان ومنسجمان في توضيح رحمة الله. الثاني: هل أنّ التعبير بـ «دابّة» في الآية أعلاه يشير إلى شمول غير البشر، أي
أنّ تلك الدواب أيضاً سوف تتعرّض للفناء نتيجة إيقاع الجزاء على البشر؟! |
|
|
|
|
سورة فاطر وعَدَدُ
آيَاتِها خَمس وأربعُون آية
|
|
المجَلّد الرابع
عَشَر سُورَة فاطر
|
|
محتوى
السورة:
|
|
سمّيت هذه السورة
بـ«فاطر» أو «الملائكة» لإبتداء آياتها
بآية ذكر فيها «فاطر» و «الملائكة». وهي من السور المكيّة، مع أنّ البعض يستثني منها الآيات (29 و32) ويعتبرها مدنية، إلاّ أنّنا لم نجد
دليلا على صحّة هذا الإستثناء. بعض المفسّرين لخّص جميع هذه السورة في موضوع واحد
وهو: هيمنة وقهّارية الله في جميع الاُمور(تفسير
في ظلال القرآن، بداية سورة فاطر..) |
|
فضيلة
هذه السورة:
|
|
ورد في الحديث الشريف عن
الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) «من قرأ سورة الملائكة، دعته يوم
القيامة ثلاثة أبواب من الجنّة أن ادخل من أي الأبواب شئت»( مجمع البيان، المجلّد 4، صفحة 399..) |
|
الآيات(1) (3)
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَئِكَةِ
رُسُلا أُوْلِى أَجْنِحَة مَّثْنَى وَثُلَثَ وَرُبَعَ
|
|
الْحَمْدُ لِلَّهِ
فَاطِرِ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ جَاعِلِ الْمَلَئِكَةِ رُسُلا أُوْلِى
أَجْنِحَة مَّثْنَى وَثُلَثَ وَرُبَعَ يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ
اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ (1) مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن
رَّحْمَة فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ
عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَلِق غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ
وَالاَْرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) |
|
التّفسير |
|
فاتح
مغاليق الأبواب!
|
|
تبدأ هذه السورة ـ كما هو
الحال في سورة الفاتحة وسبأ والكهف ـ بحمد الله والثناء عليه لخلقه هذا الكون
الفسيح، يقول تعالى: (الحمد لله فاطر السموات والأرض). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ التعبير
بـ «يفتح» ـ من مادّة «فتح» ـ إشارة إلى وجود خزائن الرحمة الإلهية التي ورد
ذكرها أيضاً في آيات اُخرى من القرآن الكريم، والملفت للنظر أنّ هذه الخزائن
بمجرّد فتحها تجري الرحمة على الخلائق بلا أدنى حاجة إلى شيء آخر، وبدون أن
يستطيع أحد منعها من ذلك. |
|
«بحث»الملائكة
في القرآن الكريم:
|
تعرّض القرآن الكريم كثيراً
لذكر الملائكة .. فقد تحدّثت آيات عديدة عن صفات، خصائص، مأموريات، ووظائف
الملائكة. حتّى أنّ القرآن الكريم جعل الإيمان بالملائكة مرادفاً للإيمان بالله
والأنبياء والكتب السماوية، ممّا يدلّل على أهميّة هذه المسألة الأساسية. |
|
الآيات(4) (7) وَإِن
يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ
الاُْمُورُ
|
|
وَإِن يُكَذِّبُوكَ
فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الاُْمُورُ (4)
يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ
الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَنَ
لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا
مِنْ أَصْحَبِ السَّعِيرِ(6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ
ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) |
|
|
التّفسير |
|
لا
يغرنّكم الشيطان والدنيا
|
|
ينتقل القسم الثاني من هذه
المجموعة من الآيات ـ وبعد أن كان الحديث حول توحيد الخالقية والرازقية ـ إلى
الحديث في تفصيل البرامج العملية للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)ويوجّه الخطاب
إليه أوّلا، ثمّ لعموم الناس وبيان المناهج العملية لهم بعد تفصيل البرامج
العقائدية سابقاً. 1 ـ مظاهر الدنيا الخدّاعة، كالجاه والمقام والمال والكبرياء
وأنواع الشهوات. |
|
الآيات(8) (10)
أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ
مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ
|
|
أَفَمَن زُيِّنَ
لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ
وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَت إِنَّ اللهَ
عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8) وَاللهُ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَحَ فَتُثِيرُ
سَحَاباً فَسُقْنَهُ إِلَى بَلَد مَيِّت فَأَحْيَيْنَا بِهِ الاَْرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ
الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ
الصَّلِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ
شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) |
|
التّفسير |
|
إليه
يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه:
|
|
ممّا مرّ من تقسيم الناس إلى مجموعتين «المجموعة
المؤمنة» و «المجموعة الكافرة» أو «حزب الله» و «حزب الشيطان»،
تنتقل هذه الآيات إلى بيان إحدى الخصائص المهمّة لهاتين المجموعتين والتي هي في
الواقع المصدر لسائر برامجهما. تقول الآية الاُولى: (أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسناً)
كمن يرى الحقائق كما هي من حيث الحسن والقبح؟! |
|
ملاحظتان1
ـ العزّة جميعاً من الله عزّ اسمه2 ـ الفرق بين «الكلام الطيّب» و «العمل
الصالح»
|
|
ما هي حقيقة
العزّة؟ هل هي سوى بلوغ مرحلة المنعة؟ وإن كان كذلك فأين يجب
البحث عن العزّة؟ وأي شيء يمكنه أن يعطي للإنسان العزّة؟!. هذا في مرحلة الفكر والإعتقاد والروح، أمّا في مرحلة العمل فإنّ «العزّة»
تنبع من الأعمال السليمة الأصل والدقيقة الاُسلوب، وبتعبير
آخر يمكن تلخيص ذلك بـ«العمل الصالح» هذان الإثنان يعطيان الإنسان العظمة
والرفعة والعزّة والمنعة. |
الآيتان(11) (12)
وَاللهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَجاً
وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ
|
|
وَاللهُ خَلَقَكُم
مِّن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ
أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّر وَلاَ
يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ
(11)وَمَا يَسْتَوِى الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ
وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ
حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن
فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) |
|
التّفسير |
|
وما
يستوي البحران!!
|
|
|
مع الإلتفات إلى ما كان من
حديث في الآيات السابقة حول التوحيد والمعاد وصفات الله، تتعرّض هذه الآيات
أيضاً إلى قسم آخر من آيات «الأنفس والآفاق» التي تدلّل على قدرة الله من جانب،
وعلى علمه من جانب آخر، وقضيّة إمكانية المعاد من جانب ثالث. في البداية تشير إلى خلق الإنسان في مراحله المختلفة فتقول: (والله خلقكم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ جعلكم أزواجاً). |
|
بحث
|
|
العوامل
المعنوية المؤثّرة في طول العمر
|
|
قام المفسّرون
ببحوث مختلفة بما يتناسب مع البحث الوارد
في هذه الآيات حول إطالة وإقصار العمر بأمر الله، وذلك بما يتوافق مع الروايات
الواردة في هذا الخصوص. |
|
الآيتان(13) (14)
يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لاَِجَل مُّسَمّىً
|
|
يُولِجُ الَّيْلَ
فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لاَِجَل مُّسَمّىً ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ
الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِير (13)
إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا
لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ
خَبِير (14) |
|
التّفسير |
|
الأصنام
لا تسمع دعاءكم!!
|
|
تعاود هذه الآيات الإشارة إلى
قسم آخر من آيات التوحيد والنعم الإلهية اللامتناهية، لكي تدفع الإنسان مع
تعريفه بتلك النعم إلى شكرها ومعرفة المعبود الحقيقي، وليرجع عن أيّ شرك أو
عبادة خرافية، يقول تعالى: (يولج الليل في النهار ويولج
النهار في الليل). |
|
بحث
|
|
الدين
أصل التحوّلات:
|
|
بسبب إحساس العقائد المادية
والشيوعية بالخطر من المذاهب السماوية الحقّة، فهي تدعوها بـ (أفيون الشعوب) أي أنّها عامل تخدير لأفكار الجماهير!! واُخرى تقول: (إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون)
(الرعد ـ 3، والزمر ـ 42، والجاثية ـ 13) وثالثة
تقول: (لعلّهم يتفكّرون) (الحشر ـ 21، والأعراف
ـ 176)، وأحياناً تطرح الآيات القرآنية نفس
المفهوم وجهاً لوجه (كذلك يبيّن الله لكم الآيات لعلّكم
تتفكّرون) (البقرة ـ 219 و266). |
|
الآيات(15) (18)
يَأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ
الْحَمِيدُ (15)إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَآءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ
(15)إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْق جَدِيد (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى
اللهِ بِعَزِيز (17) وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ
مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِها لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا
الصَّلَوةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ
الْمَصِيرُ (18) |
|
التّفسير |
|
لا
تزر وازرة وزر اُخرى:
|
|
بعد الدعوة المؤكّدة إلى
التوحيد ومحاربة أي شكل من أشكال الشرك وعبادة الأوثان، يحتمل أن يتوهّم البعض
فيقول: ما هي حاجة الله لأن يُعبد بحيث يصرّ كلّ هذا الإصرار، ويؤكّد كلّ هذا
التأكيد على عبادته وحده؟ لذا فإنّ هذه الآيات توضّح هذه الحقيقة وهي أنّنا نحن
المحتاجون لعبادته لا هو سبحانه وتعالى، فتقول الآية الكريمة: (ياأيّها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني
الحميد). فيا له من حديث مهمّ وقيم ذلك الذي يوضّح موقعنا في عالم الوجود من خالق
الوجود، ويكشف الكثير من الغموض، ويجيب على الكثير من الأسئلة. |
|
الآيات(19) (23)
وَمَا يَسْتَوِى الاَْعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلاَ الظُّلُمَتُ وَلاَ
النُّورُ(20)
|
|
وَمَا يَسْتَوِى
الاَْعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلاَ الظُّلُمَتُ وَلاَ النُّورُ(20) وَلاَ
الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِى الاَْحْيَاءُ وَلاَ الاَْمْوَتُ
إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِع مَّن فِى الْقُبُورِ
(22) إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (23) |
|
التّفسير |
|
وما
تستوي الظلمات ولا النّور:
|
|
تذكر الآيات مورد البحث ـ بما
يتناسب مع البحوث التي مرّت حول الإيمان والكفر في الآيات السابقة ـ أربعة أمثلة
جميلة للمؤمن والكافر، توضّح بأجلى شكل آثار الإيمان والكفر. تشير
الآية (257) من سورة البقرة إلى هذا الموضوع فتقول: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين
كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات اُولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون). |
|
بحوث
|
|
1 ـ آثار الإيمان
والكفر
|
|
نعلم أنّ القرآن لا يعير
إهتماماً للحواجز الجغرافية والعرقية والطبقية وأمثالها ممّا يفرّق بين الناس،
فالقرآن الكريم يعتبر أنّ الحدّ هو الحدّ بين [الإيمان والكفر]، وعليه فإنّه يقسّم المجتمع البشري إلى قسمين «المؤمنين» و
«الكافرين». |
|
2 ـ هل أنّ
الموتى واقعاً لا يدركون؟
|
|
من ملاحظة ما ورد
في الآيات أعلاه، يطرح هنا سؤالان: |
|
3 ـ تنويع
التعبيرات جزء من الفصاحة
|
|
لوحظ في التشبيهات
الأربعة الواردة في الآيات أعلاه، تعبيرات
متفاوتة تماماً مثلا (أعمى ـ بصير) و (ظلّ ـ حرور) جاءت بصورة المفرد في حال أنّ
(أحياء ـ أموات) بصورة الجمع، وجاءت (ظلمات ـ نور) بصورة جمع والثانية بصورة
مفرد.. هذا من جانب. |
|
الآيات(24) (26)
إِنَّآ أَرْسَلْنَكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّة إِلاَّ
خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ
|
|
إِنَّآ
أَرْسَلْنَكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّة إِلاَّ خَلاَ
فِيهَا نَذِيرٌ (24) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن
قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكَتَبِ
الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) |
|
التّفسير |
|
لا
عجب من عدم إيمان:
|
|
توصّلنا في الآيات السابقة
إلى أنّ هناك أفراداً كالأموات والُعميان لا تترك مواعظ الأنبياء في قلوبهم أدنى
أثر، وعلى ذلك فإنّ الآيات مورد البحث تقصد مواساة الرّسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) بهذا الخصوص وتخفيف آلامه لكي لا يغتمّ كثيراً. |
|
الآيتان(27) (28)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ
ثَمَرَت مُّخْتَلِفاً أَلْوَنُهَا وَمِنَ الْجِبَال
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَت مُّخْتَلِفاً
أَلْوَنُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَنُهَا
وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالاَْنْعَمِ
مُخْتَلِفٌ أَلْوَنُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَؤُا إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) |
|
التّفسير |
|
العجائب
المختلفة للخلقة
|
|
مرّة اُخرى تعود هذه الآيات
إلى مسألة التوحيد، وتفتح صفحة جديدة من كتاب التكوين أمام ذوي البصائر من
الناس، لكي ترد بعنف على المشركين المعاندين ومنكري التوحيد المتعصّبين. |
|
الآيتان(29) (30)
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَبَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَأَنفَقُوا
مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَرَةً
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
يَتْلُونَ كِتَبَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَهُمْ
سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَرَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ
أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) |
|
التّفسير |
|
التجارة
المربحة مع الله:
|
|
بعد أن أشارت الآيات السابقة
إلى مرتبة الخوف والخشية عند العلماء، تشير الآيات مورد البحث إلى مرتبة «الأمل والرجاء»
عندهم أيضاً، إذ أنّ الإنسان بهذين الجناحين ـ
فقط ـ يمكنه أن يحلّق في سماء السعادة، ويطوي سبيل تكامله، يقول تعالى أوّلا: (إنّ الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا ممّا
رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارةً لن تبور)(
يلاحظ أنّ «يرجون» خبر «أنّ».). |
|
تعليقة
|
|
شروط
تلك التجارة العجيبة:
|
|
الملفت للنظر أنّ كثيراً من
الآيات القرآنية الكريمة تشبّه هذا العالم بالمتجر الذي تُجّاره الناس، والمشتري
هو الله سبحانه وتعالى، وبضاعته العمل الصالح، والقيمة أو الأجر: الجنّة والرحمة
والرضا منه تعالى(سورة الصف: آية 1 والتوبة ـ آية 111
والبقرة 207 والنساء ـ 74.). |
|
الآيتان(31) (32)
وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ
|
|
وَالَّذِى
أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتَبَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ
لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَتِ بِإِذْنِ
اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) |
|
التّفسير |
|
الورثة
الحقيقيّون لميراث الأنبياء:
|
|
بعد أن كان الحديث في الآيات
السابقة عن المؤمنين المخلصين الذين يتلون الكتاب الإلهي ويطبّقون وصاياه،
تتحدّث هذه الآيات عن ذلك الكتاب السماوي وأدلّة حقّانيّته، وكذلك عن الحملة
الحقيقيين لذلك الكتاب، وبذا يستكمل الحديث الذي إفتتحته الآيات السابقة حول
التوحيد، بالبحث الذي تثيره هذه الآيات حول النبوّة. |
|
ملاحظة
|
|
من
هم حرّاس الكتاب الإلهي؟
|
|
على ما ذكر القرآن الكريم
فإنّ الله سبحانه وتعالى يشمل الاُمّة الإسلامية بمواهب عظيمة، من أهمّها ذلك
الميراث الإلهي العظيم وهو «القرآن». وعلى المذنبين أيضاً أن لا ينسوا حقيقة أنّهم كانوا مشمولين بمضمون الآية
الكريمة في زمرة (الذين إصطفينا) وإنّ لهم ذلك الإستعداد بالقوّة، فعليهم أن
يتجاوزوا مرحلة «الظالم لنفسه» وينتقلوا إلى مرحلة «المقتصد» وليرتقوا من هناك
حتّى ينالوا فخر «السابقين بالخيرات»، حيث أنّهم من جهة الفطرة والبناء الروحي
من الذين إصطفاهم الحقّ. |
|
الآيات(33) (35)
جَنَّتُ عَدْن يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب
وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ
|
|
جَنَّتُ عَدْن
يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً
وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى
أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِى
أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ
يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) |
|
التّفسير |
|
الحمد
لله الذي أذهب عنّا الحزن:
|
|
هذه الآيات في الحقيقة نتيجة
لما ورد ذكره في الآيات الماضية، يقول تعالى: (جنّات عدن يدخلونها)( «جنّات عدن»: يمكن أن تكون
خبراً لمبتدأ محذوف تقديره «جزائهم» أو «اُولئك لهم جنّات عدن»، نظير الآية (31
ـ سورة الكهف) بعضهم أيضاً قال: إنّها (بدل) عن «الفضل الكبير»، ولكن باعتبار
أنّ «الفضل الكبير» إشارة إلى ميراث الكتاب السماوي، فلا يمكن أن تكون «جنّات»
بدلا عنها، إلاّ إذا اعتبرنا المسبّب في مقام السبب.). |
|
الآيات(36) (38)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ
فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا
|
|
وَالَّذِينَ
كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ
يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُور (36) وَهُمْ
يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا
نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ
وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّلِمِينَ مِن نَّصِير (37) إِنَّ
اللهَ عَلِمُ غَيْبِ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ
الصُّدُورِ (38) |
|
التّفسير |
|
ربّنا
أخرجنا نعمل صالحاً!
|
|
القرآن الكريم يقرن (الوعيد) (بالوعود) ويذكر «الإنذارات»، إلى جانب «البشارات» لتقوية عاملي الخوف والرجاء الباعثين
للحركة التكاملية في الإنسان، إذ أنّ الإنسان بمقتضى «حبّ الذات» يقع تحت تأثير
غريزتي «جلب المنفعة» و «دفع الضرر». (مجمع
البيان، ج 4، ص 410.) |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ ما هو
المقصود من «ذات الصدور»؟
|
|
ورد هذا اللفظ بتفاوت يسير في
أكثر من عشرة آيات من القرآن الكريم (إنّ الله عليم
بذات الصدور). |
|
2 ـ لا سبيل
للرجوع!
|
|
من المسلّم به أنّ القيامة
والحياة بعد الموت مرحلة تكاملية نسبة إلى الدنيا، وأنّ الرجوع إلى هذه الدنيا
ليس معقولا، فهل يمكننا العودة إلى الأمس؟ هل يمكن للوليد أن يعود إلى طي
الأدوار الجنينية من جديد؟ وهل يمكن للثمرة التي قطفت من غصنها أن تعاد إليه
مرّة ثانية؟ لهذا السبب فإنّ العودة إلى الدنيا غير ممكنة لأهل الآخرة. |
|
الآيات(39) (41) هُوَ
الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَئِفَ فِى الاَْرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ
وَلاَ يَزِيدُ الْكَفِرِينَ
|
|
هُوَ الَّذِى
جَعَلَكُمْ خَلَئِفَ فِى الاَْرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ
يَزِيدُ الْكَفِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ
الْكَفِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً (39) قُلْ أَرَءَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ
الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الاَْرْضِ
أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى السَّمَوَتِ أَمْ ءَاتَيْنَهُمْ كِتَباً فَهُمْ عَلَى
بَيِّنَت مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّلِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ
غُرُوراً (40) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ أَن تَزُولاَ
وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ
حَلِيماً غَفُوراً (41) |
|
التّفسير |
|
السماوات
والأرض بيد القدرة الإلهية:
|
|
تنتقل الآيات إلى مرحلة اُخرى
من تشخيص عوامل ضعف وبطلان مناهج الكفّار والمشركين في التعامل أو التفكير لتكمل
البحوث التي مرّت في الآيات السابقة، فتقول أوّلا: (هو
الذي جعلكم خلائف في الأرض). «خلائف» هنا سواء كانت بمعنى خلفاء
وممثّلي الله في الأرض، أم بمعنى خلفاء الأقوام
السابقين (وإن كان المعنى الثاني هنا أقرب على ما يبدو)
فهي دليل على منتهى اللطف الإلهي على البشر حيث أنّه قيّض لهم جميع إمكانات
الحياة. أعطاهم العقل والشعور والإدراك، أعطاهم أنواع الطاقات الجسدية، ملأ
للإنسان صفحة الأرض بمختلف أنواع النعم والبركات، وعلّمه طريقة الإستفادة من تلك
الإمكانات، فكيف نسي الإنسان والحال هذه ولي نعمته الأصلي، وراح يعبد آلهة
خرافية ومصنوعة؟! |
|
ملاحظة
|
|
الصغير
والكبير سيّان أمام قدرة الله!
|
|
الملفت للنظر أنّ الآيات
أعلاه ذكرت أنّ السماوات تستند إلى قدرة الله في ثباتها وبقائها، وفي آيات اُخرى
من القرآن ورد نفس التعبير فيما يخصّ حفظ الطيور حال طيرانها في السماء. (ألم
يروا إلى الطير مسخّرات في جوّ السماء ما يمسكهنّ إلاّ الله، إنّ في ذلك لآيات
لقوم يؤمنون). |
|
الآيات(42) (44)
وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ
لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الاُْمَمِ
|
|
وَأَقْسَمُوا
بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى
مِنْ إِحْدَى الاُْمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ
نُفُوراً (42)اسْتِكْبَاراً فِى الاَْرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّىء وَلاَ يَحِيقُ
الْمَكْرُ السَّيّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ
الاَْوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ
اللهِ تَحْوِيلا (43) أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِى الاَْرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ
كَانَ عَقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْء فِى السَّمَوَتِ وَلاَ فِى الاَْرْضِ
إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً (44) |
|
سبب النّزول
|
|
ورد في تفسير «الدرّ المنثور»
و «روح المعاني» و «مفاتيح الغيب» وتفاسير اُخرى: «بلغ قريشاً قبل مبعث رسول
الله (ص) أنّ أهل الكتاب كذّبوا رسلهم فقالوا: لعن الله اليهود والنصارى أتتهم
الرسل فكذّبوهم، فوالله لئن أتانا رسول لنكوننّ أهدى من إحدى الاُمم»( أغلب التفاسير.). فلّما أشرقت شمس الإسلام من اُفق
بلادهم، وجاءهم النّبي (ص) بالكتاب السماوي، رفضوا، بل كذّبوا، وحاربوا، ومارسوا
أنواع المكر والخديعة. |
|
التّفسير |
|
إستكبارهم
ومكرهم سبب شقائهم:
|
|
تواصل هذه الآيات الحديث عن
المشركين ومصيرهم في الدنيا والآخرة. |
|
الآية(45) وَلَوْ
يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن
دَابَّة وَلَكنِ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمّىً
|
|
وَلَوْ يُؤَاخِذُ
اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّة وَلَكنِ
يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ
كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً (45) |
|
التّفسير |
|
لولا
لطف الله ورحمته!
|
|
الآية مورد البحث وهي الآية الأخيرة من آيات سورة فاطر، وبعد تلك البحوث
الحادّة والتهديدات الشديدة التي مرّت في الآيات المختلفة للسورة، تنهي هذه الآية السورة ببيان اللطف والرحمة الإلهيّة
بالبشر، تماماً كما ابتدأت السورة بذكر إفتتاح الله الرحمة للناس. وعليه فإنّ البدء والختام متّفقان ومنسجمان في توضيح رحمة الله. الثاني: هل أنّ التعبير بـ «دابّة» في الآية أعلاه يشير إلى شمول غير البشر، أي
أنّ تلك الدواب أيضاً سوف تتعرّض للفناء نتيجة إيقاع الجزاء على البشر؟! |
|
|
|