- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سورة الأَحزَاب مَدنيّة
وعددُ آياتِها ثلاث وسَبعُونَ آية
|
|
سبب
التسمية وفضلها:
|
|
هذه السورة نزلت في المدينة باتّفاق علماء الإسلام، ومجموع آياتها (73) آية، ولمّا كان جزء مهمّ من هذه
السورة يتحدّث عن أحداث غزوة الأحزاب (الخندق)
فإنّ هذا الإسم قد اختير
لها. |
|
محتوى
سورة الأحزاب:
|
|
إنّ هذه السورة من أغنى سور القرآن المجيد وأجناها ثماراً، وتتابع
وتبحث مسائل متنوّعة وكثيرة جدّاً في باب اُصول
الإسلام وفروعه. |
|
الآيات(1) (3)
يَأَيُّهَا النَّبِىُّ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَالْمُنَفِقِينَ
إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَالْمُنَفِقِينَ إِنَّ
اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً(1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ
إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً(2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ
وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلا (3) |
|
سبب
النّزول
|
|
لقد ذكر المفسّرون هنا أسباب نزول مختلفة، تبحث كلّها تقريباً
موضوعاً واحداً. |
|
التّفسير |
|
اتّبع
الوحي الإلهي فقط:
|
|
إنّ من أخطر المنعطفات
والمنحدرات التي تعترض طريق القادة الكبار قضيّة إقتراحات الصلح والتنازل
والوفاق التي تطرح من قبل المخالفين، وتضع الخطوط الملتوية والطرق المنحرفة إلى
جانب طريق القادة، وتسعى لحرفهم عن مسيرهم الأصلي، وهذا إمتحان صعب وعسير
لهؤلاء. وقال بعض
المفسّرين: إنّ الخطاب بـ (ياأيّها)
خاصّ بالموارد التي يراد منها جلب إنتباه العموم لمطلب ما، وإن كان المخاطب
واحداً، بخلاف الخطاب بـ (يا) والذي يستعمل في الموارد التي يراد منها شخص
المخاطب(تفسير الفخر الرازي، المجلّد 15، صفحة 190) ذيل
الآيات مورد البحث.. ولمّا كانت هذه الآيات قد بدأت بـ (ياأيّها) فإنّها
تؤكّد كون الهدف من هذه الآيات هو العموم. |
|
الآيات(4) (6) مَّا
جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَجَكُمُ
الَّئى تُظَهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَتِكُمْ
|
|
مَّا جَعَلَ اللهُ
لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَجَكُمُ الَّئى
تُظَهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ
أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ
وَهُوَ يَهْدِى السَّبِيلَ (4)ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ
اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا ءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَنُكُمْ فِى الدِّينِ
وَمَوَلِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيَما أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن
مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً (5)النَّبِىُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَجُهُ أُمَّهَّتُهُمْ
وَأُوْلُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِى كِتَبِ اللهِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم
مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِى الْكِتَبِ مَسْطُوراً(6) |
|
التّفسير |
|
إدّعاءات
جوفاء:
|
|
تعقيباً للآيات السابقة التي
كانت تأمر النّبي (ص) أن يتّبع الوحي الإلهي
فقط، ولا يتّبع الكافرين والمنافقين، تعكس هذه الآيات التي نحن بصددها عاقبة
اتّباع هؤلاء وأنّه يدعو الإنسان إلى مجموعة من الخرافات والأباطيل، وقد ذكرت الآية الاُولى من الآيات مورد البحث ثلاث منها،
فتقول أوّلا: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه). إنّكم تقولون: إنّ فلاناً
ولدي، وأنتم تعلمون علم اليقين أنّ الأمر ليس كذلك، فإنّ الأمواج الصوتية فقط هي
التي تخرج من أفواهكم ولا تنبع مطلقاً من إعتقاد قلبي، وهذا كلام باطل ليس إلاّ (والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل). |
|
1
ـ ما هو المراد من كون النّبي أولى بالمؤمنين؟
|
لقد ذكر القرآن في هذه الآية
أولوية النّبي (صلى الله عليه وآله) بالمسلمين بصورة مطلقة، ومعنى ذلك أنّ
النّبي (صلى الله عليه وآله) أولى بالإنسان المسلم من نفسه في جميع الصلاحيات
التي يمتلكها الإنسان في حقّ نفسه. بناءً على هذا فإنّ
مفهوم الآية يصبح: إنّ اُولي
الأرحام أولى من الأجانب من ناحية الإرث، أمّا كيف يرث هؤلاء الأرحام؟ وعلى أي
أساس ومعيار؟ فإنّ القرآن سكت عن ذلك في هذا الموضع، مع أنّه بحث الموضوع مفصّلا
في آيات سورة النساء(بناءً على هذا، فإنّ إستدلال بعض
الفقهاء بهذا التعبير على أولوية طبقات الإرث بالنسبة إلى بعضها البعض لا يبدو
صحيحاً، وربّما سبّب حرف الباء في (أولى ببعض) مثل هذا الإشتباه، فظنّوا أنّ
المفضّل عليهم هنا هم البعض، في حين أنّ القرآن الكريم ذكر صريحاً أنّ المفضّل
عليهم هم من المؤمنين والمهاجرين. |
|
ملاحظة :فيما يتعلّق باُولي الأرحام |
|
وردت روايات كثيرة عن أئمّة
أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية أعلاه فيما يتعلّق باُولي الأرحام، حيث
فسّرت هذه الآية في بعض منها بمسألة «إرث الأموال»، كما هو المعروف بين
المفسّرين، في حين فسّرت في البعض الآخر بمسألة «إرث الخلافة والحكومة» في آل
النّبي (صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت (ع). |
|
|
الآيتان(7) (8)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّنّ مِيثَقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوح
وَإِبْرَهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
|
|
وَإِذْ أَخَذْنَا
مِنَ النَّبِيِّنّ مِيثَقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوح وَإِبْرَهِيمَ وَمُوسَى
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَقاً غَلِيظاً (7)لِّيَسْئَلَ
الصَّدِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَفِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً(8) |
|
التّفسير |
|
ميثاق
الله الغليظ:
|
|
لمّا كانت الآيات السابقة قد
بيّنت الصلاحيات الواسعة للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)تحت عنوان (النّبي
أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فإنّ هذه الآيات تبيّن واجبات النّبي (صلى الله عليه
وآله) وسائر الأنبياء العظام الثقيلة العظيمة، لأنّا نعلم أنّ الصلاحيات تقترن
دائماً بالمسؤوليات، وحيثما وجد «حقّ» كان إلى جانبه «تكليف»
ومسؤولية، فإنّ هذين الأمرين لا يفترقان أبداً. بناءً على هذا فإنّ
النّبي (صلى الله عليه وآله) إن كان له حقّ وصلاحية واسعة، فإنّ عليه في المقابل
مسؤوليات ضخمة. |
|
الآيات(9) (11)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ
جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ
اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً(9) إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ
أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَرُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ
الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا(10) هُنَالِكَ ابْتُلِىَ
الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيداً (11) |
|
التّفسير |
|
الإمتحان
الإلهي العظيم في مواجهة الأحزاب:
|
|
تتحدّث هذه الآيات والآيات
الاُخرى التالية، والتي تشكّل بمجموعها سبع عشرة آية، عن أعسر الإمتحانات
والإختبارات الإلهية للمؤمنين والمنافقين، وإختبار مدى صدقهم في العمل، الذي بحث
في الآيات السابقة. |
|
الآيات(12) (17)
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَفِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا
وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً(12)
|
وَإِذْ يَقُولُ
الْمُنَفِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ
وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً(12) وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُم يَأَهْلَ
يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ
النَّبِىَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِىَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ
إِلاَّ فِرَاراً(13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ
سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لاََتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيراً(14)
وَلَقَدْ كَانُوا عَهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الاَْدْبَرَ وَكَانَ
عَهْدُ اللهِ مَسْئُولا(15) قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم
مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلا(16)
قُلْ مَن ذَا الَّذِى يَعْصِمُكُم مِّن اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ
أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلاَ
نَصِيراً(17) |
|
التّفسير |
|
المنافقون
في عرصة الأحزاب:
|
|
فار تنوّر إمتحان
حرب الأحزاب، وابتلي الجميع بهذا الإمتحان الكبير العسير، ومن الواضح أنّ الناس الذين يقفون ظاهراً في صفّ واحد في الظروف العادية،
ينقسمون إلى صفوف مختلفة في مثل هذه الموارد المضطربة الصعبة، وهنا أيضاً إنقسم المسلمون إلى فئات مختلفة: فمنهم
المؤمنون الحقيقيون، وفئة خواصّ المؤمنين، وجماعة ضعاف الإيمان، وفرقة
المنافقين، وجمع المنافقين العنودين المتعصّبين، وبعضهم كان يفكّر في بيته
وحياته والفرار، وجماعة كانوا يسعون إلى صرف الآخرين عن الجهاد، والبعض الآخر
كان يسعى إلى تحكيم أواصر الودّ مع المنافقين. |
|
|
الآيات(18) (20) قَدْ
يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لاِِخْوَنِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ
|
|
قَدْ يَعْلَمُ
اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لاِِخْوَنِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلا(18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ
فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ
كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم
بِأَلْسِنَة حِدَاد أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَلَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً(19)
يَحْسَبُونَ الاَْحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الاَْحْزَابُ يَوَدُّوا
لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِى الاَْعْرَابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ
كَانُوا فِيكُم مَّا قَتَلُوا إِلاَّ قَلِيلا(20) |
|
التّفسير |
|
فئة
المعوّقين:
|
|
أشارت هذه الآيات إلى وضع فئة اُخرى من المنافقين الذين إعتزلوا حرب
الأحزاب، وكانوا يدعون الآخرين أيضاً إلى إعتزال القتال، فقالت: (قد يعلم الله المعوّقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا
ولا يأتون البأس إلاّ قليلا). «المعوّقين» من مادّة (عوق) على زنة (شوق)
تعني منع الشيء ومحاولة صرف الآخرين عنه، و
«البأس» في الأصل يعني (الشدّة)، والمراد منه
هنا الحرب. |
|
الآيات(21) (25)
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ
|
|
لَّقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ
وَالْيَوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً(21) وَلَمَّا رَءَا
الْمُؤْمِنُونَ الاَْحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَناً وَتَسْلِيماً(22)
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم
مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا(23)
لِّيَجْزِىَ اللهُ الصَّدِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَفِقِينَ إِن
شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
(24)وَرَدَّ اللهُ الَّذِين كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً
وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً(25) |
|
التّفسير |
|
دور
المؤمنين المخلصين في معركة الأحزاب:
|
|
يستمرّ الكلام إلى الآن عن
الفئات المختلفة ومخطّطاتهم وأدوارهم في غزوة الأحزاب، وقد تقدّم الكلام عن
ضعفاء الإيمان والمنافقين ورؤوس الكفر والنفاق والمعوّقين
عن الجهاد. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ملاحظات
هامّة في معركة الأحزاب
|
|
أ ـ إنّ معركة
الأحزاب ـ وكما هو معلوم من اسمها ـ |
|
كانت حرباً اتّحدت فيها كلّ
القبائل والفئات المختلفة التي تعادي الإسلام، للقضاء على الإسلام اليافع. |
|
ب ـ بعض المؤرخّين أنّ عدد أفراد جيوش الكفر |
|
ب ـ ذكر بعض
المؤرخّين أنّ عدد أفراد جيوش الكفر
كان أكثر من عشرة آلاف محارب، ويقول «المقريزي» في «الإمتاع»: إنّ قريشاً أتت
لوحدها بأربعة آلاف رجل، وألف وثلاثمائة فرس، وألف وخمسمائة من الإبل، ونزلت عند
حافّة الخندق، وجاءت قبيلة بني سليم بسبعمائة رجل والتقوا بهم في مرّ الظهران،
وجاء «بنو فزارة» بألف، وكلّ من «بني أشجع» و «بني مرّة» بأربعمائة، والقبائل
الاُخرى أرسلت عدداً من الرجال، فتجاوز مجموع كلّ من
حضر عشرة آلاف رجل. |
|
ج ـ إنّ مسألة حفر
الخندق قد تمّت ـ كما نعلم ـ
بمشورة «سلمان الفارسي»، |
|
ج ـ إنّ مسألة حفر
الخندق قد تمّت ـ كما نعلم ـ
بمشورة «سلمان الفارسي»، وكانت هذه المسألة
اُسلوباً دفاعياً معتاداً في بلاد فارس آنذاك، ولم يكن معروفاً في جزيرة العرب
إلى ذلك اليوم، وكان يعتبر ظاهرة جديدة، وكانت لإقامته في أطراف المدينة أهميّة
عظيمة، سواء من الناحية العسكرية، أم من جهة إضعاف معنويات العدوّ ورفع معنويات
المسلمين. |
|
د ـ ساحة إمتحان
عظيمة |
|
إنّ غزوة «الأحزاب» كانت محكّاً
وإمتحاناً عجيباً لكلّ المسلمين، ولمن كانوا يدّعون الإسلام، وكذلك لاُولئك
الذين كانوا يدّعون الحياد أحياناً، وكان لهم في الباطن إرتباط وتعامل مع أعداء
الإسلام ويتعاونون معهم ضدّ دين الله. |
|
هـ ـ نزال علي
(عليه السلام) التاريخي لعمرو بن عبد ودّ |
|
من المواقف الحسّاسة
والتاريخية لهذه الحرب مبارزة علي (ع) لبطل معسكر العدوّ العظيم «عمرو بن عبد
ودّ»، فقد جاء في التواريخ أنّ جيش الأحزاب كان قد دعا أشدّاء شجعان العرب
للإشتراك والمساهمة في هذه الحرب، وكان الأشهر من بين
هؤلاء خمسة: عمرو بن عبد ودّ، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة، ونوفل، وضرار. لقد إستعدّ هؤلاء في أحد أيّام الحرب للمبارزة الفردية، ولبسوا عدّة الحرب،
وإستطاعوا إختراق الخندق والعبور بخيولهم إلى الجانب الآخر من خلال نقطة ضيّقة
فيه، كانت بعيدة نسبياً عن مرمى الرماة المسلمين، وأن يقفوا أمام جيش المسلمين،
وكان أشهرهم «عمرو بن عبد ودّ». من ضربة نجلاء يبقى صوتها بعد الهزاهز |
|
و ـ إجراءات النّبي
العسكرية والسياسية في هذه الحرب |
|
كانت هناك مجموعة من العوامل
المختلفة، والأساليب العسكرية والسياسية، وكذلك عامل العقيدة والإيمان، ساهمت في
إنتصار النّبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمين في معركة الأحزاب، إضافةً إلى
التأييد الإلهي. عن طريق الرياح والعواصف الهوجاء التي مزّقت جيوش الأحزاب شرّ
ممزّق، وكذلك جنود الله الغيبيين، ومن جملة هذه العوامل
والإجراءات: |
|
ز ـ نعيم بن مسعود
وبثّ الفُرقة في جيش العدوّ! |
|
جاء «نعيم» إلى
النّبي (ص) وكان قد أسلم لتوّه، ولم تعلم قبيلته (غطفان) بإسلامه، فقال: أسلمت ولم يعلم بي أحد من قومي فمرني بأمرك، فقال
له النّبي (ص): «إنّما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنّا ما
إستطعت، فإنّما الحرب خدعة». |
|
ح ـ قصّة حذيفة |
|
جاء في كثير من
التواريخ أنّ «حذيفة اليماني» قال: والله، لقد رأيتنا يوم الخندق وبنا من الجهد والجوع والخوف ما لا يعلمه
إلاّ الله، وفي ليلة من الليالي ـ بعد أن وقع الإختلاف بين جيش الأحزاب ـ قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ألا رجل يأتينا بخبر القوم يجعله الله رفيقي
في الجنّة». |
|
2 ـ النّبي اُسوة
وقدوة
|
|
نعلم أنّ إختيار رسول الله من
بين البشر إنّما هو من أجل أن يكونوا قدوة عملية للاُمم، لأنّ
أهمّ جانب من جوانب دعوة الأنبياء وأكثرها تأثيراً هي الدعوة العملية، ولذلك
فإنّ علماء الإسلام اعتبروا العصمة شرطاً لمقام النبوّة، وإحدى أدلّتها
وبراهينها هي أنّهم يجب أن يكونوا «قدوة» للناس، و «اُسوة» للبشر. |
|
3
ـ اذكروا الله كثيراً
|
|
لقد وردت الوصيّة بذكر الله ـ
وخاصّة الذكر الكثير ـ مراراً في الآيات القرآنية، وقد أولته الروايات الإسلامية
إهتماماً كبيراً أيضاً، حتّى أنّنا نقرأ في حديث عن أبي ذرّ أنّه قال: دخلت
المسجد فأتيت النّبي (صلى الله عليه وآله) ... فقال لي: «عليك بتلاوة كتاب الله
وذكر الله كثيراً فإنّه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض»( الخصال، طبقاً لنقل نور الثقلين، المجلّد 4، ص257.). |
|
الآيتان(26) (27)
وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَبِ مِن صَيَاصِيهِمْ
وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
|
|
وَأَنزَلَ
الَّذِينَ ظَهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَبِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِى
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً
(26)وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَرَهُمْ وَأَمْوَلَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ
تَطَؤُهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيراً(27) |
|
التّفسير |
|
غزوة
بني قريظة إنتصار عظيم آخر:
|
|
كان في المدينة ثلاث طوائف معروفة من اليهود، وهم: بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو قينقاع، وكانت هذه
الطوائف قد عاهدت النّبي (ص) على أن لا تعين عدوّاً له ولا يتجسّسوا لذلك
العدوّ، وأن يعيشوا مع المسلمين بسلام، إلاّ أنّ «بني قينقاع» قد نقضوا عهدهم في
السنة الثّانية للهجرة، و «بنو النضير» في السنة الرّابعة للهجرة بأعذار شتّى،
وصمّموا على مواجهة النّبي (ص) وإنهارت مقاومتهم في النهاية، وطردوا إلى خارج المدينة،
فذهب «بنو قينقاع» إلى أذرعات الشام، وذهب بعض «بني
النضير» إلى خيبر، وبعضهم الآخر إلى الشام(الكامل لابن
الأثير، المجلّد 2، صفحة 137 ـ 173.). |
|
بحوث
|
|
1 ـ غزوة بني
قريظة ودوافعها
|
|
إنّ القرآن الكريم يشهد بأنّ
الدافع الأساس لهذه الحرب هو دعم يهود بني قريظة لمشركي العرب ومساندتهم في حرب
الأحزاب، لأنّه يقول: (الذين ظاهروهم). |
|
2 ـ أحداث غزوة
بني قريظة
|
|
قلنا: إنّ النّبي (صلى الله
عليه وآله) قد اُمر بعد إنتهاء معركة الأحزاب مباشرةً أن يحاسب بني قريظة على
أعمالهم، ويقال: إنّ المسلمين قد تعجّلوا الوصول إلى حصون بني قريظة بحيث إنّ
البعض قد غفل عن صلاة العصر فاضطّروا إلى قضائها فيما بعد، فقد أمر النّبي (ص)
أن تحاصر حصونهم، ودام الحصار خمسة وعشرين يوماً، وقد ألقى الله عزّوجلّ الرعب الشديد
في قلوب اليهود، كما يتحدّث القرآن عن ذلك. |
|
3 ـ نتائج غزوة
بني قريظة
|
|
إنّ الإنتصار على
اُولئك القوم الظالمين العنودين قد حمل معه نتائج مثمرة للمسلمين، ومن جملتها: أ ـ تطهير الجبهة الداخلية
للمدينة، وإطمئنان المسلمين وتخلّصهم من جواسيس اليهود. |
|
4 ـ الآيات وتعبيراتها
العميقة!
|
|
إنّ من جملة التعبيرات التي
تلاحظ في الآيات أعلاه أنّها تقول في مورد قتلى هذه الحرب: (فريقاً تقتلون) أي أنّها قدّمت (فريقاً) على (تقتلون)
في حين أنّها أخّرت (فريقاً)
عن الفعل «تأسرون»! والتعبير بـ (أورثكم أرضهم وديارهم) يبيّن
حقيقة أنّ الله سبحانه قد سلّطكم على أراضيهم وديارهم وأموالهم دون أن تبذلوا
كثير جهد في هذه الغزوة. |
|
الآيات(28) (31)
يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا
وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا(28)
وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ
أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً(29) يَنِسَاءَ النَّبِىِّ مَن
يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (30)وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَلِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا
لَهَا رِزْقاً كَرِيماً(31) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون أسباب نزول
عديدة للآيات أعلاه، وهي لا تختلف عن بعضها كثيراً من
جهة النتيجة. وطبقاً لنقل بعض التفاسير فإنّ «اُمّ سلمة» طلبت من النّبي (ص) خادماً لها، وطلبت «ميمونة» حلّة،
وأرادت «زينب بنت جحش» قماشاً يمنياً خاصّاً، و «حفصة» لباساً مصرياً، و
«جويرية» لباساً خاصّاً، و «سودة» بساطاً خيبرياً! والنتيجة أنّ كلا منهنّ طلبت
شيئاً. فامتنع النّبي (ص) عن تلبية طلباتهنّ، وهو يعلم أنّ الإستسلام أمام هذه
الطلبات التي لا تنتهي سيحمل معه عواقب وخيمة، وإعتزلهنّ شهراً، فنزلت الآيات
أعلاه وخاطبتهنّ بنبرة التهديد والحزم الممتزج بالرأفة والرحمة، بأنكنّ إن كنتنّ
تردن حياة مملوءة بزخارف الدنيا وزبارجها فبإمكانكن الإنفصال عن النّبي (ص)
والذهاب إلى حيث تردن، وإن فضّلتنّ علاقتكنّ بالله ورسوله واليوم الآخر،
وإقتنعتنّ بحياة النّبي (ص) البسيطة والباعثة على الفخر، فابقين معه، وتنعمنّ
بمواهب الله العظيمة. |
|
التّفسير |
|
أمّا
السعادة الخالدة أو زخارف الدنيا!
|
|
لم يعزب عن أذهانكم أنّ
الآيات الاُولى من هذه السورة قد توّجت نساء النّبي بتاج الفخر حيث سمّتهنّ بـ (اُمّهات المؤمنين) ومن البديهي أنّ المناصب والمقامات
الحسّاسة التي تبعث على الفخر تصاحبها مسؤوليات ثقيلة، فكيف يمكن أن تكون نساء
النّبي اُمّهات المؤمنين وقلوبهنّ وأفكارهنّ مشغولة بحبّ الدنيا ومغرياتها؟ |
|
بحث
لماذا يضاعف ثواب وعقاب المرموقين؟
|
|
قلنا: إنّ هذه الآيات وإن
كانت تتحدّث عن نساء النّبي بأنّهنّ إن أطعن الله فلهنّ أجر مضاعف، وإن ارتكبن
ذنباً مبيّناً فلهنّ عذاب الضعف بما إكتسبن، إلاّ أنّ الملاك والمعيار الأصلي
لما كان إمتلاك المقام والمكانة المرموقة، والشخصية الإجتماعية البارزة، فإنّ
هذا الحكم صادق في حقّ الأفراد الآخرين الذين لهم مكانة ومركز إجتماعي مهمّ. |
|
الآيات(32) (34)
يَنِسَاءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ
فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
|
|
يَنِسَاءَ
النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ
تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا
مَّعْرُوفاً (32)وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرَّجَ
الْجَهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَوةَ وَءَاتِينَ الزَّكَوةَ
وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33)وَاذْكُرْنَ مَا
يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ
لَطِيفاً خَبِيراً(34) |
|
التّفسير |
|
هكذا
يجب أن تكون نساء النّبي!
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة
عن موقع نساء النّبي ومسؤولياتهنّ الخطيرة، ويستمرّ هذا الحديث في هذه الآيات،
وتأمر الآيات نساء النّبي (صلى الله عليه وآله) بسبعة أوامر مهمّة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ آية التطهير
برهان واضح على العصمة:
|
|
إعتبر بعض المفسّرين «الرجس» في الآية المذكورة إشارة إلى الشرك أو الكبائر
ـ كالزنا ـ فقط، في حين لا يوجد دليل على هذا التحديد، بل إنّ إطلاق الرجس ـ وخاصّة بملاحظة ألفه ولامه، وهي ألف لام
الجنس ـ يشمل كلّ أنواع الذنوب والمعاصي، لأنّ كلّ المعاصي رجس، ولذلك فإنّ هذه
الكلمة أُطلقت في القرآن على الشرك والخمور والقمار والنفاق واللحوم المحرّمة
والنجسة وأمثال ذلك. |
|
2 ـ فيمن نزلت آية التطهير؟
|
|
قلنا: إنّ هذه الآية بالرغم
من أنّها وردت ضمن الآيات المتعلّقة بنساء النّبي، إلاّ أنّ تغيير سياقها ـ حيث تبدّل
ضمير الجمع المؤنث إلى ضمير الجمع المذكّر ـ دليل على أنّ لهذه الآية
معنىً ومحتوىً مستقلا عن تلك الآيات، ولهذا فحتّى
اُولئك الذين لم يعتبروا الآية مختّصة بمحمّد (صلى الله عليه وآله) وعلي
وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فإنّهم إعتقدوا
أنّ لها معنىً واسعاً يشمل هؤلاء العظام ونساء النّبي
(صلى الله عليه وآله). |
|
3 ـ هل أنّ
الإرادة الإلهيّة هنا تكوينية أم تشريعية؟
|
|
مرّت الإشارة في طيّات تفسير
هذه الآية إلى هذا الموضوع، وقلنا: إنّ الإرادة في جملة: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) إرادة تكوينية لا
تشريعية. |
|
4 ـ جاهلية القرن
العشرين!
|
|
مرّت الإشارة إلى أنّ جمعاً
من المفسّرين تورّطوا في تفسير (الجاهلية الاُولى) وكأنّهم لم يقدروا أن يصدّقوا
ظهور جاهلية اُخرى في العالم بعد ظهور الإسلام، وأنّ جاهلية العرب قبل الإسلام
ضئيلة تجاه الجاهلية الجديدة، إلاّ أنّ هذا الأمر قد تجلّى للجميع اليوم، حيث
نرى مظاهر جاهلية القرن العشرين المرعبة، ويجب أن تعدّ تلك إحدى تنبؤات القرآن
الإعجازية. |
|
الآية(35) إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ
وَالْقَنِتِينَ وَالْقَنِتَتِ
|
|
إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ
وَالْقَنِتِينَ وَالْقَنِتَتِ وَالصَّدِقِينَ وَالصَّدِقَتِ وَالصَّبِرِينَ
وَالصَّبِرَتِ وَالْخَشِعِينَ وَالْخَشِعَتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَتِ وَالصَّئِمِينَ وَالصَّئِمَتِ وَالْحَفِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَفِظَتِ وَالذَّكرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّكِرَتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم
مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً(35) |
|
سبب
النّزول
|
|
أورد جمع من المفسّرين في سبب
نزول هذه الآية انّه عندما رجعت «أسماء بنت عميس»
زوجة «جعفر بن أبي طالب» من الحبشة مع زوجها،
جاءت إلى زوجات النّبي، فسألتهن: هل نزل فينا
شيء من القرآن؟ فقلن: لا، فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: |
|
التّفسير |
|
شخصية
المرأة ومكانتها في الأسلام:
|
|
بعد البحوث التي ذكرت في
الآيات السابقة حول واجبات أزواج النّبي (ص)، فقد ورد في هذه الآية كلام جامع
عميق المحتوى في شأن كلّ النساء والرجال وصفاتهم، وبعد أن ذكرت عشر صفات من
صفاتهم العقائدية والأخلاقية والعملية، بيّنت الثواب العظيم المعدّ لهم في
نهايتها. |
|
بحث
مساواة الرجل والمرأة عند الله:
|
|
يتصوّر البعض أحياناً أنّ
الإسلام قد رجّح كفّة شخصية الرجال، ولا مكانة مهمّة للنساء في برامج الإسلام،
وربّما كان منشأ هذا الإشتباه هو بعض الإختلافات الحقوقية، والتي لكلّ منها
فلسفة خاصّة. ومع غضّ النظر عن مثل هذه الإختلافات التي لها علاقة بالمكانات والمراكز
الإجتماعية وظروفها الطبيعية ـ فلا شكّ في عدم وجود أي فرق بين الرجل والمرأة في
تعليمات الإسلام من الناحية الإنسانية والمقامات المعنوية، والآية المذكورة دليل واضح على هذه الحقيقة، لأنّها
وضعت المرأة والرجل في مرتبة واحدة ككفّتي ميزان لدى تبيانها خصائص المؤمنين،
وأهمّ المسائل العقائدية والأخلاقية والعملية، ووعدت الإثنين بمكافآت متكافئة
وثواب متساو بدون أي تفاوت وإختلاف. وإذا رجعنا إلى تاريخ العرب قبل الإسلام، وحقّقنا في وضع النساء في ذلك
المجتمع، ورأينا كيف أنهنّ كنّ محرومات من أبسط حقوق الإنسان، بل لم يكن
المشركون يعتقدون بأنّ لهنّ حقّ الحياة أحياناً، ولذلك كانوا يئدونهنّ وهنّ
أحياء بعد ولادتهنّ!! |
|
الآيات(36) (38)
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً
أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
|
|
وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلَلا مُّبِيناً(36) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ
وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِى فِى
نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَهُ
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولا(37) مَّا كَانَ عَلَى
النَّبِىِّ مِنْ حَرَج فِيَما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِى الَّذِينَ
خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً(38) |
|
سبب
النّزول
|
|
نزلت هذه الآيات ـ على قول أغلب المفسّرين ـ في قضيّة زواج «زينب بنت جحش» ـ
بنت عمّة الرّسول الأكرم ـ بزيد بن حارثة مولى النّبي (صلى الله عليه
وآله) المعتق، وكانت القصّة كما يلي: كانت خديجة قد إشترت قبل البعثة وبعد زواجها بالنّبي (صلى الله عليه وآله)
عبداً إسمه زيد، ثمّ وهبته للنبي (ص) فأعتقه رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
فلمّا طردته عشيرته وتبرّأت منه تبنّاه النّبي (ص). |
|
التّفسير |
|
تمرّد
عظيم على العرف:
|
|
نعلم أنّ روح الإسلام
التسليم، ويجب أن يكون تسليماً لأمر الله تعالى بدون قيد أو شرط، وقد ورد هذا
المعنى في آيات مختلفة من القرآن الكريم، وبعبارات مختلفة، ومن جملتها الآية أعلاه،
والتي تقول: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم
الخيرة من أمرهم) بل يجب أن يجعلوا إرادتهم تبعاً لإرادة الله تعالى، كما أنّ
كلّ وجودهم من الشعر حتّى أخمص القدمين مرتبط به ومذعن له. |
|
بحثان
|
|
1 ـ أساطير كاذبة
|
|
مع أنّ القرآن الكريم كان
غاية في الصراحة في قصّة زواج النّبي الأكرم (ص)من زينب، وفي تبيان هذه المسألة،
والهدف من هذا الزواج، وأعلن أنّ الهدف هو محاربة سنّة
جاهلية فيما يتعلّق بالزواج من مطلّقة الإبن المدّعى، إلاّ أنّها ظلّت
مورد إستغلال جمع من أعداء الإسلام، فحاولوا إختلاق
قصّة غرامية منها ليشوّهوا بها صورة النّبي المقدّسة، واتّخذوا من
الأحاديث المشكوك فيها أو الموضوعة في هذا الباب آلة وحربة يلوّحون بها. |
|
2 ـ روح الإسلام
التسليم أمام الله
|
|
لا شكّ أنّ إستقلال الإنسان
الفكري والروحي لا يسمح له أن يستسلم لأحد بدون قيد أو شرط، لأنّه إنسان مثله،
ومن الممكن أن تكون له أخطاء وإشتباهات في المسائل. |
|
الآية(39)
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَلَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً
إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً
|
|
الَّذِينَ
يُبَلِّغُونَ رِسَلَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ
اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً(39) |
|
التّفسير |
|
من
هم المبلّغون الحقيقيون؟
|
|
تشير الآية مورد البحث،
ومناسبة للبحث الذي مرّ حول الأنبياء السابقين في آخر آية من الآيات السابقة،
إلى أحد أهم برامج الأنبياء العامّة، فتقول: (الذين
يبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلاّ الله). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ المراد من
«التبيلغ» هنا هو الإبلاغ والإيصال، وعندما يرتبط الأمر بـ «رسالات الله» فإنّه
يعني أن يعلّم الأنبياء الناس ما علّمهم الله عن طريق الوحي، وأن ينفذوه إلى
القلوب عن طريق الإستدلال والإنذار والتبشير والموعظة والنصيحة. |
|
الآية(40) مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ
النَّبِيِّنَ
|
|
مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ
النَّبِيِّنَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيماً(40) |
|
التّفسير |
|
مسألة
الخاتمية:
|
|
هذه الآية هي آخر ما بيّنه
الله سبحانه فيما يتعلّق بمسألة زواج النّبي (صلى الله عليه وآله)بمطلّقة زيد
لكسر عرف جاهلي خاطيء، وهي جواب مختصر كآخر جواب يقال
هنا، وتبيّن في نهايتها حقيقة مهمّة اُخرى ـ وهي مسألة الخاتمية ـ بمناسبة
خاصّة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ما هو
الخاتم؟
|
|
«الخاتم» ـ
على زنة حاتم ـ لدى أرباب اللغة: هو الشيء الذي تُنهى به الاُمور، وكذلك جاء بمعنى الشيء الذي تختم به الأوراق وما شابهها. |
|
3 ـ إجابة عن
عدّة أسئلة:
|
|
1 ـ
كيف تتناسب الخاتمية مع سير الإنسان التكاملي؟ |
|
2 ـ كيف تتلاءم
القوانين الثابتة مع الحاجات المتغيّرة؟
|
|
بغضّ النظر عن مسألة السير التكاملي للبشر، فإنّ هناك سؤالا آخر يطرح هنا،
وهو: أنّنا نعلم أنّ مقتضيات الأزمنة والأمكنة ومتطلباتها متفاوتة، وبتعبير آخر
فإنّ حاجات الإنسان في تغيّر مستمر، في حين أنّ للشريعة الخاتمة قوانين ثابتة،
فهل تقوى هذه القوانين الثابتة على أن تؤمّن حاجات الإنسان المتغيّرة على مدى
الزمان؟ |
|
3 ـ كيف يحرم
البشر من فيض الإرتباط بعالم الغيب؟
|
|
السؤال الآخر هو: إنّ نزول الوحي والإتّصال بعالم الغيب وما وراء الطبيعة يعتبر نافذة أمل
لكلّ المؤمنين الحقيقيين، إضافةً إلى أنّه موهبة وفخر لعالم البشرية، ألا يعتبر
قطع طريق الإتّصال هذا، وغلق نافذة الأمل هذه حرماناً عظيماً للبشر الذين يعيشون
بعد وفاة خاتم الأنبياء؟ |
|
الآيات(41) (44)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً(41)
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً(41) وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلا(42) هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَئِكَتُهُ
لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَحِيماً(43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقُوْنَهُ سَلَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ
أَجْراً كَرِيماً (44) |
|
التّفسير |
|
تحيّة
الله والملائكة فرج للمؤمنين:
|
|
لمّا كان الكلام في الآيات
السابقة عن مسؤوليات نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) وواجباته الثقيلة
الملقاة على عاتقه، فإنّ الآيات مورد البحث تبيّن جانباً من وظائف المؤمنين من
أجل تهيئة الأرضية اللازمة لهذا التبليغ، وتوسعة أطرافه في جميع الأبعاد، فوجّهت
الخطاب إليهم جميعاً وقالت: (ياأيّها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً)
ونزّهوه صباحاً ومساءاً (وسبّحوه بكرةً وأصيلا). إنّ «الذكر الكثير» ـ بالمعنى الواقعي للكلمة ـ يعني التوجّه إلى الله
سبحانه بكلّ الوجود، لا بلقلقة اللسان وحسب. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ذكر الله على
كلّ حال:
|
|
عندما يذكر اسم الله تعالى
يتجلّى في قلب الإنسان عالم من العظمة والقدرة والعلم والحكمة، لأنّ له الأسماء
الحسنى والصفات العليا، وربّ كلّ الكمالات، ومنزّه عن كلّ عيب ونقص. |
|
2 ـ توضيح حول
«لقاء الله»:
|
|
قلنا: إنّ هذا التعبير في
القرآن المجيد يشير إلى القيامة عادةً، ولمّا كان اللقاء الحسّي لا يصدق في شأن
الله، إذ ليس هو بجسم، وليس له العوارض الجسمية، ولذلك اضطر بعض المفسّرين إلى
تقدير شيء هنا، فقالوا: إن المراد هو «لقاء ثواب الله»، أو «لقاء ملائكة الله». |
|
الآيات (45) (48) يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)وَدَاعِياً
إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)وَدَاعِياً
إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً(46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلا كَبِيراً(47) وَلاَ تُطِعِ الْكَفِرِينَ
وَالْمُنَفِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ
وَكِيلا(48) |
|
التّفسير |
|
السّراج
المنير!
|
|
الخطاب في هذه
الآيات موجّه إلى النّبي (صلى الله عليه
وآله)، إلاّ أنّ نتيجته لكلّ المؤمنين، وبذلك
فإنّها تكمل الآيات السابقة التي كانت تبحث في بعض وظائف المؤمنين وواجباتهم. |
|
ملاحظات:
ينبغي الإنتباه إلى عدّة ملاحظات:
|
|
1 ـ لقد ذكر
مقام «الشهادة»، وكون النّبي (صلى الله عليه وآله) شاهداً قبل جميع صفاته
الاُخرى، وذلك لأنّ هذا المقام لا يحتاج إلى مقدّمة سوى وجود النّبي ورسالته،
فعندما يتمّ نصبه في هذا المقام يكون شاهداً من جميع الجهات التي ذكرناها
سابقاً، غير أنّ مقام «البشارة» و «الإنذار» أمر يتحقّق بعد ذلك. وفي الآيتين الاُخريين من الآيات مورد البحث
بياناً لخمسة واجبات من واجبات النّبي الأكرم (ص) المهمّة بعد بيان صفاته الخمس،
فتقول أوّلا: (وبشّر المؤمنين بأنّ
لهم من الله فضلا كبيراً) وهي إشارة إلى أنّ مسألة تبشير النّبي (ص) لا
يحدّ بالثواب الإلهي بمقدار أعمال المؤمنين الصالحة، بل إنّ الله سبحانه يفيض
عليهم من فضله بحيث تضطرب المعادلة بين العمل والجزاء تماماً كما تشهد بذلك
الآيات القرآنية. وقد إستعملت هذه الكلمة في الآيات القرآنية في
«الأذى اللساني» تارةً كالآية (61) من سورة
التوبة، حيث تقول: (ومنهم الذين يؤذون النّبي
ويقولون هو اُذن). |
|
الآية(49) يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ
مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ
مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة
تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا(49) |
|
التّفسير |
|
جانب
من أحكام الطلاق:
|
|
إنّ آيات هذه السورة ـ
الأحزاب ـ جاءت على شكل مجموعات مختلفة، والخطاب في
بعضها موجّه إلى النّبي (ص)، وفي بعضها الآخر
إلى كلّ المؤمنين، ولذلك تقول أحياناً: (ياأيّها
النّبي)، وأحياناً اُخرى: (ياأيّها الذين آمنوا)
قد وردت فيها الأوامر اللازمة يوازي بعضها بعضاً، وهذا يعني أنّ النّبي (صلى الله
عليه وآله) كان مراداً بهذه التعليمات، كما أنّ عموم المؤمنين يرادون بها أيضاً. تقول الآية: (ياأيّها الذين آمنوا إذا نكحتم
المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدّونها). |
|
الآية(50) يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَجَكَ الَّتِى ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ
وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَجَكَ الَّتِى ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ
وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ
وَبَنَاتِ عَمَّتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَلَتِكَ الَّتِى هَاجَرْنَ
مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ
أَرَادَ النَّبِىُّ أَن يَسْتَنِكحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَجِهِمْ وَمَا
مَلَكَتْ أَيْمَنُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللهُ
غَفُوراً رَّحِيماً(50) |
|
التّفسير |
|
يمكنك
الزواج من هذه النّسوة:
|
|
قلنا: إنّ بعض مقاطع هذه
السورة تبحث واجبات النّبي (ص) والمؤمنين على طريقة اللفّ والنشر المرتّب، ولذلك
فبعد ذكر جانب من الأحكام المتعلّقة بطلاق النساء، وجّهت الخطاب هنا إلى النّبي
(ص)، وفصّلت الموارد السبعة التي يجوز للنبي
الزواج فيها من تلك النسوة: |
|
1 ـ
فقالت أوّلا: (ياأيّها النّبي إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت اُجورهنّ). |
|
1 ـ
فقالت أوّلا: (ياأيّها النّبي إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت اُجورهنّ). والمراد من هؤلاء النساء ـ بقرينة الجمل التالية ـ
النساء اللاتي لم يكنّ يرتبطن بالنّبي (صلى الله عليه وآله) برابطة قرابة وقد
تزوّجنه، وربّما كانت مسألة دفع المهر لهذا السبب، لأنّ العرف المتّبع آنذاك هو
أنّهم كانوا يدفعون المهر نقداً عند زواجهم من الأجنبيات، إضافةً إلى أفضلية
التعجيل في هذا الدفع، وخاصّة إذا كانت الزوجة بحاجة إليه. إلاّ أنّ هذا الأمر
ليس من الواجبات على أي حال، إذ يمكن أن يبقى المهر ديناً في ذمّة الزوج إذا ما
اتّفق الطرفان على ذلك. |
|
2 ـ
(وما ملكت يمينك ممّا أفاء الله عليك). |
|
2 ـ
(وما ملكت يمينك ممّا أفاء الله عليك). |
|
3 ـ
(وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك) |
|
3 ـ
(وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك) وبهذا فإنّ اللاّتي يحلّ للنّبي الزواج منهنّ من بين
جميع الأقارب: بنات العمّ والعمّة، وبنات الخال والخالة، وبشرط أن يكنّ قد هاجرن
مع النّبي (صلى الله عليه وآله). |
|
4 ـ
(وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي (من دون مهر) |
|
4 ـ
(وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي (من دون مهر) إن أراد النّبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين) أي أنّ هذا الحكم
خاص للنبي (ص) ولا يشمل سائر المؤمنين (قد علمنا ما
فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم)وبناءً على هذا فإذا كنّا قد
حدّدنا بعض المسائل فيما يتعلّق بالزواج من هؤلاء النسوة، فقد كان ذلك إستناداً
إلى مصلحة حاكمة في حياتك وحياتهن، ولم يكن أيٍّ من هذه الأحكام والمقرّرات
إعتباطياً وبدون حساب. لا شكّ أنّ أمثال هؤلاء
النسوة كنّ لا يطمعن إلاّ في الفخر المعنوي عن طريق الإقتران بالنّبي (ص)، ولذلك
كنّ على إستعداد للزواج منه بدون أيّ مهر، إلاّ أنّ وجود مثل هذا المصداق للحكم
أعلاه غير مسلّم من الناحية التأريخية كما قلنا، بل المسلّم أنّ الله سبحانه كان
قد أذن لنبيّه بذلك للغاية التي سنشير إليها فيما بعد. |
|
بحث
|
|
جانب
من حكمة تعدّد زوجات النّبي:
|
|
إنّ الجملة الأخيرة في الآية
أعلاه إشارة في الواقع إلى فلسفة هذه الأحكام الخاصّة بنبيّنا الأكرم، حيث تقول:
إنّ للنبي (ص) ظروفاً لا يعيشها الآخرون، وهذا التفاوت في الظروف أصبح سبباً
للتفاوت في الأحكام. |
|
الآية(51) تُرْجِى
مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤِى إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ
عَزَلْتَ
|
|
تُرْجِى مَن
تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤِى إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ
عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ
وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَاءَ ءَاتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً(51) |
|
سبب
النّزول
|
|
قلنا في تفسير الآيتين 28 و29
من هذه السورة وبيان سبب النّزول: إنّ جمعاً من نساء النّبي ـ بناءً على ما نقله
المفسّرون ـ قلن للنبيّ (صلى الله عليه وآله): زد في نفقتنا واُمور معاشنا ـ
طمعاً في الغنائم الحربية، فكنّ يحسبن أنّ قسماً كبيراً منها من نصيبهنّ فنزلت
الآيات المذكورة وخاطبتهنّ بصراحة بأنهنّ إن أردن الحياة الدنيا وزينتها
فليفارقن النّبي إلى الأبد، وإن أردن الله ورسوله واليوم الآخر فليعشن معه حياة
بسيطة. |
|
التّفسير |
|
حلّ
مشكلة اُخرى في حياة النّبي:
|
|
إنّ قائداً ربّانياً عظيماً
كالنّبي (ص) خاصّة وأنّه ابتلي بسيل من الحوادث الصعبة المرّة، وكانوا يحوكون له
الدسائس والمؤامرات داخلياً وخارجياً، لا يقدر أن يشغل فكره بحياته الخاصّة
كثيراً، بل يجب أن يكون له هدوء نسبي في حياته الداخلية ليقوى على التفرّغ لحلّ
سيل المشاكل التي أحاطت به من كلّ جانب. |
|
ملاحظة
هل كان هذا الحكم في حقّ كلّ نساء النّبي:
|
|
لقد كانت هذه المسألة موضع
بحث في الفقه الإسلامي في باب خصائص النّبي(صلى الله عليه وآله) بأنّ تقسيم
الأوقات بين الزوجات المتعدّدة بالتساوي هل يجب على النّبي(ص) كما يجب على عامّة
المسلمين، أم أنّ النّبي كان له حكم التخيير الإستثنائي؟ |
|
الآية(52) لاَّ
يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَج
وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ
|
|
لاَّ يَحِلُّ لَكَ
النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَج وَلَوْ
أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللهُ عَلَى
كُلِّ شَىْء رَّقِيباً(52) |
|
التّفسير |
|
حكم
مهمّ آخر فيما يتعلّق بأزواج النّبي:
|
|
لقد بيّن الله سبحانه في هذه
الآية حكماً آخر من الأحكام المتعلّقة بزوجات النّبي، فقال عزّوجلّ: (لا يحلّ لك النساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواج ولو
أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك) فالآية منعت الرّسول من الزواج الجديد
إلاّ الاماء والجواري (وكان الله على كلّ شيء رقيباً). |
|
مسائل
مهمّة:
|
|
1 ـ فلسفة هذا
الحكم:
|
|
إنّ هذا التحديد للنبي (ص) لا
يعتبر نقصاً، بل هو حكم له فلسفة دقيقة جدّاً، فطبقاً
للشواهد التي تستفاد من التأريخ، أنّ النّبي (ص) كان تحت ضغط شديد من قبل
مختلف الأفراد والقبائل بأن يتزوّج بنساء اُخر منهم، وكلّ واحدة من القبائل
المسلمة كانت تفتخر على قبائل العرب بأنّ النّبي قد
صاهرهم وحتّى أنّ بعض النساء كنّ على إستعداد أن يهبن أنفسهنّ للنبي بدون مهر ـ
كما مرّ ذلك ـ ويتزوّجنه بدون أيّ قيد أو شرط. لقد كان هناك أفراد في هذا
الوسط يتوسّلون للوصول إلى هدفهم بحجّة أنّ أغلب أزواجك أيامى، ومن بينهنّ من
لاحظ لها من الجمال، فاللائق بك أن تتزوّج بامرأة ذات جمال، ولذلك فإنّ القرآن
أكّد على هذه المسألة بأنّه لا يحقّ لك أن تتزوّج النساء فيما بعد وإن أعجبك
حسنهنّ وكنّ ذوات جمال. |
|
2 ـ الروايات
المخالفة:
|
|
إعتبرت جملة: (لا يحلّ لك النساء من بعد) في روايات عديدة ـ بعضها ضعيفة من ناحية السند، وبعضها
يستحقّ الملاحظة ـ إشارةً إلى النساء اللواتي بُيّن تحريمهم في الآيتين (23 و24) من سورة النساء ـ وهنّ الاُمّ
والبنت والاُخت والعمّة والخالة و.. ، وصرّح في ذيل بعض هذه الأخبار بأنّه: كيف
يمكن أن تكون النساء حلال على الآخرين وحرام على النّبي؟ فلم تكن أيّة امرأة
محرّمة عليه سوى ما حرّم على الجميع(تفسير نور الثقلين،
المجلّد 4، صفحة 294 ـ 295.). |
|
3 ـ هل يمكن
النظر إلى زوجة المستقبل قبل الزواج؟
|
|
اعتبر جمع من المفسّرين جملة (ولو
أعجبك حسنهنّ) دليلا على حكم معروف اُشير إليه في الروايات الإسلامية
أيضاً، وهو: أنّ من أراد من أن يتزوّج بامرأة يستطيع النظر إليها من قبل نظرة
تبيّن له هيكلها وأوصافها. |
|
الآيتان(53) (54)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن
يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَظِرِينَ إِنَيهُ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ
لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَظِرِينَ إِنَيهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ
فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيث
إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْى مِنكُمْ وَاللهُ لاَ
يَسْتَحْى مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلُْتمُوهُنَّ مَتَعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِن
وَرَاءِ حِجَاب ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ
لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَجَهُ مِن بَعْدِهِ
أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً(53) إِن تُبْدُوا شَيْئاً
أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شِىْء عَلِيماً(54) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون في
سبب نزول هذه الآية: أنّ النّبي (ص)
لمّا تزوّج «زينب بنت جحش» أولم للناس وليمة فخمة تقريباً. وقلنا سابقاً: إنّ
هذه الأحكام ربّما كانت من أجل تحطيم سنّة جاهلية في مجال تحريم مطلّقات
الأدعياء بحزم تامّ، وليكون لهذا التحطيم شعاع أوسع، ولتمحى هذه السنّة الجاهلية
التي كانت تعتبر الزواج بأيامى العبيد
المحرّرين عيباً وعاراً. |
|
التّفسير |
|
مرّة اُخرى يوجّه الخطاب إلى
المؤمنين، لتبيّن الآية جانباً آخر من أحكام الإسلام ضمن جمل قصيرة بليغة
وصريحة، وخاصّة ما كان مرتبطاً بآداب معاشرة النّبي (ص) وبيت النبوّة، فتقول أوّلا: لا ينبغي لكم دخول بيوت النّبي إلاّ إذا
دعيتم إلى طعام واُذِن لكم بالدخول بشرط أن تدخلوا في الوقت المقرّر، لا أن
تأتوا قبل ذلك بفترة وتجلسون في إنتظار وقت الغذاء (ياأيّها
الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبي إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه)( «إناه» من مادّة «أنّى يأني» أي حلول وقت الشيء، وتعني هنا
تهيئة الطعام للتناول.). والمسألة التي ينبغي
الإنتباه إليها هنا هي أنّه ليس المراد من الحجاب في هذه الآية لباس
النساء، بل هو حكم يضاف إلى ما كان خاصّاً بنساء النّبي، وهو: أنّ الناس مكلّفون
إذا أرادوا شيئاً من نساء النّبي أن يأخذوه من وراء حجاب لظروف نساء النّبي
الخاصّة، ويجب عليهنّ أن لا يخرجن إلى الناس ويظهرن لهم في مثل هذه الموارد حتّى
وإن كن محجّبات، وهذا الحكم لم يرد طبعاً في شأن النساء الاُخريات، بل يكفيهنّ
أن يراعين الحجاب الإسلامي. |
|
بحوث
|
|
مناسبة للبحث الذي ورد في
الآيات المذكورة في شأن واجبات المسلمين عندما يدعون إلى ضيافة النّبي (ص)، نورد
جانباً من تعليمات الإسلام فيما يتعلّق بأصل مسألة «الضيافة»، وحقّ الضيف،
وواجبات المضيف: |
|
1 ـ الضيافة:
|
|
لقد أولى الإسلام مسألة
الضيافة أهميّة خاصّة، حتّى أنّه ورد في حديث عن النّبي (ص): «الضيف دليل الجنّة»( بحار الأنوار، المجلّد 75، صفحة 460 باب 93 حديث 14.). |
|
2 ـ مراعاة
البساطة في الضيافة:
|
|
مع كلّ الأهمية التي يتمتّع
بها الضيف، فإنّ الضيافة إذا اتّسمت بالتكلّف فإنّها غير راجحة من وجهة نظر
الإسلام، بل ونهى عنها، فإنّ الإسلام يوصي بأن تكون الضيافة بسيطة، وجعل معياراً
عادلا بين الضيف والمضيف، وهو: أن لا يبخل المضيف بما عنده ويحضره، وأن لا
يتوقّع الضيف أكثر من ذلك! |
|
3 ـ حقّ الضيف:
|
|
قلنا: إنّ الضيف كالهدية
السماوية من وجهة نظر الإسلام، ويجب أن يرحّب به ويكرم غاية الإكرام، ويحترم
أقصى ما يمكن، حتّى أنّ أمير المؤمنين علياً (عليه السلام)يروي عن النّبي الأكرم
(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى
البر»( بحار الأنوار، المجلّد 75، صفحة 451.). |
|
4 ـ واجبات
الضيف:
|
|
إنّ المسؤوليات تكون متقابلة
دائماً، فكما أنّ على المضيف واجبات تجاه الضيف، فكذلك توجد على الضيف واجبات
ينبغي أن يراعيها. |
|
الآية(55) لاَّ
جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ
إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ
|
|
لاَّ جُنَاحَ
عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ
أَبْنَاءِ إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ
وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى
كُلِّ شَىْء شَهيداً(55) |
|
سبب
النّزول
|
|
يروي بعض المفسّرين أنّ آباء نساء النّبي وأبناءهنّ وعوائلهنّ سألوا رسول
الله (ص) بعد نزول آية الحجاب ـ الآية السابقة ـ : يارسول الله، ونحن أيضاً
نحدّثهنّ من وراء حجاب؟ فنزلت هذه الآية بأنّها لا
تشملكم. |
|
التّفسير |
|
هنا؟ في حين أنّهما
ذكرا من جملة المحارم في الآية (31) من سورة النور. الموارد المستثناة
من قانون الحجاب: |
|
الآيات(56) (58)
إِنَّ اللهَ وَمَلَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ
ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
|
|
ِ إِنَّ اللهَ وَمَلَئِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ
لَعَنَهُمُ اللهُ فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً
مُّهِيناً(57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ بِغَيْرِ
مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَناً وَإِثْماً مُّبِيناً(58) |
|
التّفسير |
|
الصلاة على النّبي والسلام
عليه: (الطريف أنّ البدء بهذه الآيات صادف ليلة ميلاد
النّبي (صلى الله عليه وآله) في شهر ربيع الأوّل سنة الف وأربعمائة وأربع
للهجرة. ) |
|
الآيات(59) (62)
يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِيُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً(59) لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَفِقُونَ
وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ
لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلا(60)
مَّلْعُونِينَ أَيْنََما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا (61)سُنَّةَ
اللهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ
تَبْدِيلا(62) |
|
سبب
النّزول
|
|
جاء في تفسير «علي بن
إبراهيم» في سبب نزول الآية الاُولى: فإنّه كان سبب نزولها أنّ النساء كن يخرجن
إلى المسجد ويصلّين خلف رسول الله (ص) وإذا كان بالليل خرجن إلى صلاة المغرب
والعشاء الآخرة والغداة، يقعد الشبّان لهنّ في طريقهنّ فيؤذونهن ويتعرّضون لهنّ
فأنزل الله: (ياأيّها النّبي قل لأزواجك وبناتك ونساء
المؤمنين ـ إلى قوله ـ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً)( تفسير القمّي ج2 ص196.). |
|
التّفسير |
|
تحذير
شديد للمؤذين ومختلقي الإشاعات!
|
|
بعد النهي عن إيذاء رسول الله
(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين الذي ورد في الآية السابقة، أكّدت الآية هنا على
أحد موارد الأذى، ومن أجل الوقوف أمامه سلكت طريقين: فأمرت المؤمنات أوّلا أن لا
يدعن في يد المفسدين والعابثين حجّة يتشبّثون بها في سبيل تحقيق أذاهم، ثمّ
هاجمت المنافقين ومختلقي الإشاعات وهدّدتهم بتهديد قلّ نظيره في آيات القرآن. |
|
تعليقات
|
|
1 ـ
إبدأ بنفسك! |
|
الآيات(63) (68)
يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ
|
|
يَسْئَلُكَ
النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً(63) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَفِرِينَ
وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً(64) خَلِدِينَ فِيهَا أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ
وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (65)يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ
يَقُولُونَ يَلَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ(66) وَقَالُوا
رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا
السَّبِيلاَْ(67) رَبَّنَا ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ
لَعْناً كَبِيراً(68) |
|
التّفسير
|
|
يسألون أيّان يوم
القيامة؟!
|
|
كانت الآيات السابقة تتحدّث
عن مؤامرات المنافقين والأشرار، وقد اُشير في هذه الآيات التي نبحثها إلى واحدة
اُخرى من خططهم الهدّامة، وأعمالهم المخرّبة، حيث كانوا يطرحون أحياناً هذا
السؤال: متى تقوم القيامة التي يخبر بها محمّد ويذكر لها كلّ هذه الصفات؟ وذلك
إمّا استهزاءً، أو لزرع الشكّ فيها في قلوب البسطاء،
فتقول الآية: (يسألك الناس عن الساعة). هنا ستنطلق صرخات حسرتهم، و (يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا
الرسولا)فإنّا لو كنّا أطعناهما لم يكن ينتظرنا مثل هذا المصير الأسود الأليم. |
|
الآيات(69) (71)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ
اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهاً(69) يَأَيُّهَا الَّذِينَ
ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71) |
|
التّفسير |
|
بماذا
رموا موسى (عليه السلام) واتّهموه؟
|
|
بعد البحوث التي مرّت في
الآيات السابقة حول وجوب إحترام مقام النّبي (صلى الله عليه وآله)، وترك كلّ ما
يؤذيه والإبتعاد عنه، فقد وجّهت هذه الآيات الخطاب للمؤمنين، وقالت: (ياأيّها
الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله
وجيهاً). |
|
الآيتان(72) ا(73)
إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
|
|
إِنَّا عَرَضْنَا
الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن
يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسَنُ إِنَّهُ كَانَ
ظَلُوماً جَهُولا(72) لِّيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَفِقِينَ وَالْمُنَفِقَتِ
وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَتِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيَما(73) |
|
التّفسير |
|
حمل
الأمانة الإلهية أعظم إفتخارات البشر:
|
|
تكمل هاتان الآيتان ـ اللتان
هما آخر آيات سورة الأحزاب ـ المسائل المهمّة التي وردت في هذه السورة في مجالات
الإيمان، والعمل الصالح، والجهاد، والإيثار، والعفّة والأدب والأخلاق، وتبيّن
كيف أنّ الإنسان يحتل موقعاً سامياً جدّاً بحيث يستطيع أن يكون حامل رسالة الله
العظيمة، وكيف أنّه إذا ما جهل قيمه الحياتية والوجودية سيظلم نفسه غاية الظلم،
وينحدر إلى أسفل سافلين! ومن هنا يتّضح جواب
السؤال الثالث أيضاً، بأنّ هذه
الموجودات لماذا وكيف رفضت وأبت حمل هذه الأمانة العظمى، وأظهرت إشفاقها من ذلك؟ نهاية
سورة الأحزاب |
|
|
|
|
سورة الأَحزَاب مَدنيّة
وعددُ آياتِها ثلاث وسَبعُونَ آية
|
|
سبب
التسمية وفضلها:
|
|
هذه السورة نزلت في المدينة باتّفاق علماء الإسلام، ومجموع آياتها (73) آية، ولمّا كان جزء مهمّ من هذه
السورة يتحدّث عن أحداث غزوة الأحزاب (الخندق)
فإنّ هذا الإسم قد اختير
لها. |
|
محتوى
سورة الأحزاب:
|
|
إنّ هذه السورة من أغنى سور القرآن المجيد وأجناها ثماراً، وتتابع
وتبحث مسائل متنوّعة وكثيرة جدّاً في باب اُصول
الإسلام وفروعه. |
|
الآيات(1) (3)
يَأَيُّهَا النَّبِىُّ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَالْمُنَفِقِينَ
إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَفِرِينَ وَالْمُنَفِقِينَ إِنَّ
اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً(1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ
إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً(2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ
وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلا (3) |
|
سبب
النّزول
|
|
لقد ذكر المفسّرون هنا أسباب نزول مختلفة، تبحث كلّها تقريباً
موضوعاً واحداً. |
|
التّفسير |
|
اتّبع
الوحي الإلهي فقط:
|
|
إنّ من أخطر المنعطفات
والمنحدرات التي تعترض طريق القادة الكبار قضيّة إقتراحات الصلح والتنازل
والوفاق التي تطرح من قبل المخالفين، وتضع الخطوط الملتوية والطرق المنحرفة إلى
جانب طريق القادة، وتسعى لحرفهم عن مسيرهم الأصلي، وهذا إمتحان صعب وعسير
لهؤلاء. وقال بعض
المفسّرين: إنّ الخطاب بـ (ياأيّها)
خاصّ بالموارد التي يراد منها جلب إنتباه العموم لمطلب ما، وإن كان المخاطب
واحداً، بخلاف الخطاب بـ (يا) والذي يستعمل في الموارد التي يراد منها شخص
المخاطب(تفسير الفخر الرازي، المجلّد 15، صفحة 190) ذيل
الآيات مورد البحث.. ولمّا كانت هذه الآيات قد بدأت بـ (ياأيّها) فإنّها
تؤكّد كون الهدف من هذه الآيات هو العموم. |
|
الآيات(4) (6) مَّا
جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَجَكُمُ
الَّئى تُظَهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَتِكُمْ
|
|
مَّا جَعَلَ اللهُ
لِرَجُل مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَجَكُمُ الَّئى
تُظَهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ
أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ
وَهُوَ يَهْدِى السَّبِيلَ (4)ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ
اللهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا ءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَنُكُمْ فِى الدِّينِ
وَمَوَلِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيَما أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن
مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً (5)النَّبِىُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَجُهُ أُمَّهَّتُهُمْ
وَأُوْلُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِى كِتَبِ اللهِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم
مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِى الْكِتَبِ مَسْطُوراً(6) |
|
التّفسير |
|
إدّعاءات
جوفاء:
|
|
تعقيباً للآيات السابقة التي
كانت تأمر النّبي (ص) أن يتّبع الوحي الإلهي
فقط، ولا يتّبع الكافرين والمنافقين، تعكس هذه الآيات التي نحن بصددها عاقبة
اتّباع هؤلاء وأنّه يدعو الإنسان إلى مجموعة من الخرافات والأباطيل، وقد ذكرت الآية الاُولى من الآيات مورد البحث ثلاث منها،
فتقول أوّلا: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه). إنّكم تقولون: إنّ فلاناً
ولدي، وأنتم تعلمون علم اليقين أنّ الأمر ليس كذلك، فإنّ الأمواج الصوتية فقط هي
التي تخرج من أفواهكم ولا تنبع مطلقاً من إعتقاد قلبي، وهذا كلام باطل ليس إلاّ (والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل). |
|
1
ـ ما هو المراد من كون النّبي أولى بالمؤمنين؟
|
لقد ذكر القرآن في هذه الآية
أولوية النّبي (صلى الله عليه وآله) بالمسلمين بصورة مطلقة، ومعنى ذلك أنّ
النّبي (صلى الله عليه وآله) أولى بالإنسان المسلم من نفسه في جميع الصلاحيات
التي يمتلكها الإنسان في حقّ نفسه. بناءً على هذا فإنّ
مفهوم الآية يصبح: إنّ اُولي
الأرحام أولى من الأجانب من ناحية الإرث، أمّا كيف يرث هؤلاء الأرحام؟ وعلى أي
أساس ومعيار؟ فإنّ القرآن سكت عن ذلك في هذا الموضع، مع أنّه بحث الموضوع مفصّلا
في آيات سورة النساء(بناءً على هذا، فإنّ إستدلال بعض
الفقهاء بهذا التعبير على أولوية طبقات الإرث بالنسبة إلى بعضها البعض لا يبدو
صحيحاً، وربّما سبّب حرف الباء في (أولى ببعض) مثل هذا الإشتباه، فظنّوا أنّ
المفضّل عليهم هنا هم البعض، في حين أنّ القرآن الكريم ذكر صريحاً أنّ المفضّل
عليهم هم من المؤمنين والمهاجرين. |
|
ملاحظة :فيما يتعلّق باُولي الأرحام |
|
وردت روايات كثيرة عن أئمّة
أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية أعلاه فيما يتعلّق باُولي الأرحام، حيث
فسّرت هذه الآية في بعض منها بمسألة «إرث الأموال»، كما هو المعروف بين
المفسّرين، في حين فسّرت في البعض الآخر بمسألة «إرث الخلافة والحكومة» في آل
النّبي (صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت (ع). |
|
|
الآيتان(7) (8)
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّنّ مِيثَقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوح
وَإِبْرَهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
|
|
وَإِذْ أَخَذْنَا
مِنَ النَّبِيِّنّ مِيثَقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوح وَإِبْرَهِيمَ وَمُوسَى
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَقاً غَلِيظاً (7)لِّيَسْئَلَ
الصَّدِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَفِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً(8) |
|
التّفسير |
|
ميثاق
الله الغليظ:
|
|
لمّا كانت الآيات السابقة قد
بيّنت الصلاحيات الواسعة للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)تحت عنوان (النّبي
أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فإنّ هذه الآيات تبيّن واجبات النّبي (صلى الله عليه
وآله) وسائر الأنبياء العظام الثقيلة العظيمة، لأنّا نعلم أنّ الصلاحيات تقترن
دائماً بالمسؤوليات، وحيثما وجد «حقّ» كان إلى جانبه «تكليف»
ومسؤولية، فإنّ هذين الأمرين لا يفترقان أبداً. بناءً على هذا فإنّ
النّبي (صلى الله عليه وآله) إن كان له حقّ وصلاحية واسعة، فإنّ عليه في المقابل
مسؤوليات ضخمة. |
|
الآيات(9) (11)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ
جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ
اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً(9) إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ
أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَرُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ
الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا(10) هُنَالِكَ ابْتُلِىَ
الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيداً (11) |
|
التّفسير |
|
الإمتحان
الإلهي العظيم في مواجهة الأحزاب:
|
|
تتحدّث هذه الآيات والآيات
الاُخرى التالية، والتي تشكّل بمجموعها سبع عشرة آية، عن أعسر الإمتحانات
والإختبارات الإلهية للمؤمنين والمنافقين، وإختبار مدى صدقهم في العمل، الذي بحث
في الآيات السابقة. |
|
الآيات(12) (17)
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَفِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا
وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً(12)
|
وَإِذْ يَقُولُ
الْمُنَفِقُونَ وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ
وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً(12) وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُم يَأَهْلَ
يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ
النَّبِىَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِىَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ
إِلاَّ فِرَاراً(13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ
سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لاََتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلاَّ يَسِيراً(14)
وَلَقَدْ كَانُوا عَهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الاَْدْبَرَ وَكَانَ
عَهْدُ اللهِ مَسْئُولا(15) قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم
مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلا(16)
قُلْ مَن ذَا الَّذِى يَعْصِمُكُم مِّن اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ
أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللهِ وَلِيّاً وَلاَ
نَصِيراً(17) |
|
التّفسير |
|
المنافقون
في عرصة الأحزاب:
|
|
فار تنوّر إمتحان
حرب الأحزاب، وابتلي الجميع بهذا الإمتحان الكبير العسير، ومن الواضح أنّ الناس الذين يقفون ظاهراً في صفّ واحد في الظروف العادية،
ينقسمون إلى صفوف مختلفة في مثل هذه الموارد المضطربة الصعبة، وهنا أيضاً إنقسم المسلمون إلى فئات مختلفة: فمنهم
المؤمنون الحقيقيون، وفئة خواصّ المؤمنين، وجماعة ضعاف الإيمان، وفرقة
المنافقين، وجمع المنافقين العنودين المتعصّبين، وبعضهم كان يفكّر في بيته
وحياته والفرار، وجماعة كانوا يسعون إلى صرف الآخرين عن الجهاد، والبعض الآخر
كان يسعى إلى تحكيم أواصر الودّ مع المنافقين. |
|
|
الآيات(18) (20) قَدْ
يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لاِِخْوَنِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ
|
|
قَدْ يَعْلَمُ
اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لاِِخْوَنِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلا(18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ
فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ
كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم
بِأَلْسِنَة حِدَاد أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَلَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً(19)
يَحْسَبُونَ الاَْحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الاَْحْزَابُ يَوَدُّوا
لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِى الاَْعْرَابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ
كَانُوا فِيكُم مَّا قَتَلُوا إِلاَّ قَلِيلا(20) |
|
التّفسير |
|
فئة
المعوّقين:
|
|
أشارت هذه الآيات إلى وضع فئة اُخرى من المنافقين الذين إعتزلوا حرب
الأحزاب، وكانوا يدعون الآخرين أيضاً إلى إعتزال القتال، فقالت: (قد يعلم الله المعوّقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا
ولا يأتون البأس إلاّ قليلا). «المعوّقين» من مادّة (عوق) على زنة (شوق)
تعني منع الشيء ومحاولة صرف الآخرين عنه، و
«البأس» في الأصل يعني (الشدّة)، والمراد منه
هنا الحرب. |
|
الآيات(21) (25)
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ
يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ
|
|
لَّقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ
وَالْيَوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً(21) وَلَمَّا رَءَا
الْمُؤْمِنُونَ الاَْحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَناً وَتَسْلِيماً(22)
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم
مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا(23)
لِّيَجْزِىَ اللهُ الصَّدِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَفِقِينَ إِن
شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
(24)وَرَدَّ اللهُ الَّذِين كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً
وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً(25) |
|
التّفسير |
|
دور
المؤمنين المخلصين في معركة الأحزاب:
|
|
يستمرّ الكلام إلى الآن عن
الفئات المختلفة ومخطّطاتهم وأدوارهم في غزوة الأحزاب، وقد تقدّم الكلام عن
ضعفاء الإيمان والمنافقين ورؤوس الكفر والنفاق والمعوّقين
عن الجهاد. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ملاحظات
هامّة في معركة الأحزاب
|
|
أ ـ إنّ معركة
الأحزاب ـ وكما هو معلوم من اسمها ـ |
|
كانت حرباً اتّحدت فيها كلّ
القبائل والفئات المختلفة التي تعادي الإسلام، للقضاء على الإسلام اليافع. |
|
ب ـ بعض المؤرخّين أنّ عدد أفراد جيوش الكفر |
|
ب ـ ذكر بعض
المؤرخّين أنّ عدد أفراد جيوش الكفر
كان أكثر من عشرة آلاف محارب، ويقول «المقريزي» في «الإمتاع»: إنّ قريشاً أتت
لوحدها بأربعة آلاف رجل، وألف وثلاثمائة فرس، وألف وخمسمائة من الإبل، ونزلت عند
حافّة الخندق، وجاءت قبيلة بني سليم بسبعمائة رجل والتقوا بهم في مرّ الظهران،
وجاء «بنو فزارة» بألف، وكلّ من «بني أشجع» و «بني مرّة» بأربعمائة، والقبائل
الاُخرى أرسلت عدداً من الرجال، فتجاوز مجموع كلّ من
حضر عشرة آلاف رجل. |
|
ج ـ إنّ مسألة حفر
الخندق قد تمّت ـ كما نعلم ـ
بمشورة «سلمان الفارسي»، |
|
ج ـ إنّ مسألة حفر
الخندق قد تمّت ـ كما نعلم ـ
بمشورة «سلمان الفارسي»، وكانت هذه المسألة
اُسلوباً دفاعياً معتاداً في بلاد فارس آنذاك، ولم يكن معروفاً في جزيرة العرب
إلى ذلك اليوم، وكان يعتبر ظاهرة جديدة، وكانت لإقامته في أطراف المدينة أهميّة
عظيمة، سواء من الناحية العسكرية، أم من جهة إضعاف معنويات العدوّ ورفع معنويات
المسلمين. |
|
د ـ ساحة إمتحان
عظيمة |
|
إنّ غزوة «الأحزاب» كانت محكّاً
وإمتحاناً عجيباً لكلّ المسلمين، ولمن كانوا يدّعون الإسلام، وكذلك لاُولئك
الذين كانوا يدّعون الحياد أحياناً، وكان لهم في الباطن إرتباط وتعامل مع أعداء
الإسلام ويتعاونون معهم ضدّ دين الله. |
|
هـ ـ نزال علي
(عليه السلام) التاريخي لعمرو بن عبد ودّ |
|
من المواقف الحسّاسة
والتاريخية لهذه الحرب مبارزة علي (ع) لبطل معسكر العدوّ العظيم «عمرو بن عبد
ودّ»، فقد جاء في التواريخ أنّ جيش الأحزاب كان قد دعا أشدّاء شجعان العرب
للإشتراك والمساهمة في هذه الحرب، وكان الأشهر من بين
هؤلاء خمسة: عمرو بن عبد ودّ، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة، ونوفل، وضرار. لقد إستعدّ هؤلاء في أحد أيّام الحرب للمبارزة الفردية، ولبسوا عدّة الحرب،
وإستطاعوا إختراق الخندق والعبور بخيولهم إلى الجانب الآخر من خلال نقطة ضيّقة
فيه، كانت بعيدة نسبياً عن مرمى الرماة المسلمين، وأن يقفوا أمام جيش المسلمين،
وكان أشهرهم «عمرو بن عبد ودّ». من ضربة نجلاء يبقى صوتها بعد الهزاهز |
|
و ـ إجراءات النّبي
العسكرية والسياسية في هذه الحرب |
|
كانت هناك مجموعة من العوامل
المختلفة، والأساليب العسكرية والسياسية، وكذلك عامل العقيدة والإيمان، ساهمت في
إنتصار النّبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمين في معركة الأحزاب، إضافةً إلى
التأييد الإلهي. عن طريق الرياح والعواصف الهوجاء التي مزّقت جيوش الأحزاب شرّ
ممزّق، وكذلك جنود الله الغيبيين، ومن جملة هذه العوامل
والإجراءات: |
|
ز ـ نعيم بن مسعود
وبثّ الفُرقة في جيش العدوّ! |
|
جاء «نعيم» إلى
النّبي (ص) وكان قد أسلم لتوّه، ولم تعلم قبيلته (غطفان) بإسلامه، فقال: أسلمت ولم يعلم بي أحد من قومي فمرني بأمرك، فقال
له النّبي (ص): «إنّما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنّا ما
إستطعت، فإنّما الحرب خدعة». |
|
ح ـ قصّة حذيفة |
|
جاء في كثير من
التواريخ أنّ «حذيفة اليماني» قال: والله، لقد رأيتنا يوم الخندق وبنا من الجهد والجوع والخوف ما لا يعلمه
إلاّ الله، وفي ليلة من الليالي ـ بعد أن وقع الإختلاف بين جيش الأحزاب ـ قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ألا رجل يأتينا بخبر القوم يجعله الله رفيقي
في الجنّة». |
|
2 ـ النّبي اُسوة
وقدوة
|
|
نعلم أنّ إختيار رسول الله من
بين البشر إنّما هو من أجل أن يكونوا قدوة عملية للاُمم، لأنّ
أهمّ جانب من جوانب دعوة الأنبياء وأكثرها تأثيراً هي الدعوة العملية، ولذلك
فإنّ علماء الإسلام اعتبروا العصمة شرطاً لمقام النبوّة، وإحدى أدلّتها
وبراهينها هي أنّهم يجب أن يكونوا «قدوة» للناس، و «اُسوة» للبشر. |
|
3
ـ اذكروا الله كثيراً
|
|
لقد وردت الوصيّة بذكر الله ـ
وخاصّة الذكر الكثير ـ مراراً في الآيات القرآنية، وقد أولته الروايات الإسلامية
إهتماماً كبيراً أيضاً، حتّى أنّنا نقرأ في حديث عن أبي ذرّ أنّه قال: دخلت
المسجد فأتيت النّبي (صلى الله عليه وآله) ... فقال لي: «عليك بتلاوة كتاب الله
وذكر الله كثيراً فإنّه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض»( الخصال، طبقاً لنقل نور الثقلين، المجلّد 4، ص257.). |
|
الآيتان(26) (27)
وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَبِ مِن صَيَاصِيهِمْ
وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
|
|
وَأَنزَلَ
الَّذِينَ ظَهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَبِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِى
قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً
(26)وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَرَهُمْ وَأَمْوَلَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ
تَطَؤُهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيراً(27) |
|
التّفسير |
|
غزوة
بني قريظة إنتصار عظيم آخر:
|
|
كان في المدينة ثلاث طوائف معروفة من اليهود، وهم: بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو قينقاع، وكانت هذه
الطوائف قد عاهدت النّبي (ص) على أن لا تعين عدوّاً له ولا يتجسّسوا لذلك
العدوّ، وأن يعيشوا مع المسلمين بسلام، إلاّ أنّ «بني قينقاع» قد نقضوا عهدهم في
السنة الثّانية للهجرة، و «بنو النضير» في السنة الرّابعة للهجرة بأعذار شتّى،
وصمّموا على مواجهة النّبي (ص) وإنهارت مقاومتهم في النهاية، وطردوا إلى خارج المدينة،
فذهب «بنو قينقاع» إلى أذرعات الشام، وذهب بعض «بني
النضير» إلى خيبر، وبعضهم الآخر إلى الشام(الكامل لابن
الأثير، المجلّد 2، صفحة 137 ـ 173.). |
|
بحوث
|
|
1 ـ غزوة بني
قريظة ودوافعها
|
|
إنّ القرآن الكريم يشهد بأنّ
الدافع الأساس لهذه الحرب هو دعم يهود بني قريظة لمشركي العرب ومساندتهم في حرب
الأحزاب، لأنّه يقول: (الذين ظاهروهم). |
|
2 ـ أحداث غزوة
بني قريظة
|
|
قلنا: إنّ النّبي (صلى الله
عليه وآله) قد اُمر بعد إنتهاء معركة الأحزاب مباشرةً أن يحاسب بني قريظة على
أعمالهم، ويقال: إنّ المسلمين قد تعجّلوا الوصول إلى حصون بني قريظة بحيث إنّ
البعض قد غفل عن صلاة العصر فاضطّروا إلى قضائها فيما بعد، فقد أمر النّبي (ص)
أن تحاصر حصونهم، ودام الحصار خمسة وعشرين يوماً، وقد ألقى الله عزّوجلّ الرعب الشديد
في قلوب اليهود، كما يتحدّث القرآن عن ذلك. |
|
3 ـ نتائج غزوة
بني قريظة
|
|
إنّ الإنتصار على
اُولئك القوم الظالمين العنودين قد حمل معه نتائج مثمرة للمسلمين، ومن جملتها: أ ـ تطهير الجبهة الداخلية
للمدينة، وإطمئنان المسلمين وتخلّصهم من جواسيس اليهود. |
|
4 ـ الآيات وتعبيراتها
العميقة!
|
|
إنّ من جملة التعبيرات التي
تلاحظ في الآيات أعلاه أنّها تقول في مورد قتلى هذه الحرب: (فريقاً تقتلون) أي أنّها قدّمت (فريقاً) على (تقتلون)
في حين أنّها أخّرت (فريقاً)
عن الفعل «تأسرون»! والتعبير بـ (أورثكم أرضهم وديارهم) يبيّن
حقيقة أنّ الله سبحانه قد سلّطكم على أراضيهم وديارهم وأموالهم دون أن تبذلوا
كثير جهد في هذه الغزوة. |
|
الآيات(28) (31)
يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا
وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا(28)
وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاْخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ
أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً(29) يَنِسَاءَ النَّبِىِّ مَن
يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَحِشَة مُّبَيِّنَة يُضَعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ
وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (30)وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَلِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا
لَهَا رِزْقاً كَرِيماً(31) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون أسباب نزول
عديدة للآيات أعلاه، وهي لا تختلف عن بعضها كثيراً من
جهة النتيجة. وطبقاً لنقل بعض التفاسير فإنّ «اُمّ سلمة» طلبت من النّبي (ص) خادماً لها، وطلبت «ميمونة» حلّة،
وأرادت «زينب بنت جحش» قماشاً يمنياً خاصّاً، و «حفصة» لباساً مصرياً، و
«جويرية» لباساً خاصّاً، و «سودة» بساطاً خيبرياً! والنتيجة أنّ كلا منهنّ طلبت
شيئاً. فامتنع النّبي (ص) عن تلبية طلباتهنّ، وهو يعلم أنّ الإستسلام أمام هذه
الطلبات التي لا تنتهي سيحمل معه عواقب وخيمة، وإعتزلهنّ شهراً، فنزلت الآيات
أعلاه وخاطبتهنّ بنبرة التهديد والحزم الممتزج بالرأفة والرحمة، بأنكنّ إن كنتنّ
تردن حياة مملوءة بزخارف الدنيا وزبارجها فبإمكانكن الإنفصال عن النّبي (ص)
والذهاب إلى حيث تردن، وإن فضّلتنّ علاقتكنّ بالله ورسوله واليوم الآخر،
وإقتنعتنّ بحياة النّبي (ص) البسيطة والباعثة على الفخر، فابقين معه، وتنعمنّ
بمواهب الله العظيمة. |
|
التّفسير |
|
أمّا
السعادة الخالدة أو زخارف الدنيا!
|
|
لم يعزب عن أذهانكم أنّ
الآيات الاُولى من هذه السورة قد توّجت نساء النّبي بتاج الفخر حيث سمّتهنّ بـ (اُمّهات المؤمنين) ومن البديهي أنّ المناصب والمقامات
الحسّاسة التي تبعث على الفخر تصاحبها مسؤوليات ثقيلة، فكيف يمكن أن تكون نساء
النّبي اُمّهات المؤمنين وقلوبهنّ وأفكارهنّ مشغولة بحبّ الدنيا ومغرياتها؟ |
|
بحث
لماذا يضاعف ثواب وعقاب المرموقين؟
|
|
قلنا: إنّ هذه الآيات وإن
كانت تتحدّث عن نساء النّبي بأنّهنّ إن أطعن الله فلهنّ أجر مضاعف، وإن ارتكبن
ذنباً مبيّناً فلهنّ عذاب الضعف بما إكتسبن، إلاّ أنّ الملاك والمعيار الأصلي
لما كان إمتلاك المقام والمكانة المرموقة، والشخصية الإجتماعية البارزة، فإنّ
هذا الحكم صادق في حقّ الأفراد الآخرين الذين لهم مكانة ومركز إجتماعي مهمّ. |
|
الآيات(32) (34)
يَنِسَاءَ النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ
فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
|
|
يَنِسَاءَ
النَّبِىِّ لَسْتُنَّ كَأَحَد مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ
تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا
مَّعْرُوفاً (32)وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرَّجَ
الْجَهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَوةَ وَءَاتِينَ الزَّكَوةَ
وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33)وَاذْكُرْنَ مَا
يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ
لَطِيفاً خَبِيراً(34) |
|
التّفسير |
|
هكذا
يجب أن تكون نساء النّبي!
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة
عن موقع نساء النّبي ومسؤولياتهنّ الخطيرة، ويستمرّ هذا الحديث في هذه الآيات،
وتأمر الآيات نساء النّبي (صلى الله عليه وآله) بسبعة أوامر مهمّة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ آية التطهير
برهان واضح على العصمة:
|
|
إعتبر بعض المفسّرين «الرجس» في الآية المذكورة إشارة إلى الشرك أو الكبائر
ـ كالزنا ـ فقط، في حين لا يوجد دليل على هذا التحديد، بل إنّ إطلاق الرجس ـ وخاصّة بملاحظة ألفه ولامه، وهي ألف لام
الجنس ـ يشمل كلّ أنواع الذنوب والمعاصي، لأنّ كلّ المعاصي رجس، ولذلك فإنّ هذه
الكلمة أُطلقت في القرآن على الشرك والخمور والقمار والنفاق واللحوم المحرّمة
والنجسة وأمثال ذلك. |
|
2 ـ فيمن نزلت آية التطهير؟
|
|
قلنا: إنّ هذه الآية بالرغم
من أنّها وردت ضمن الآيات المتعلّقة بنساء النّبي، إلاّ أنّ تغيير سياقها ـ حيث تبدّل
ضمير الجمع المؤنث إلى ضمير الجمع المذكّر ـ دليل على أنّ لهذه الآية
معنىً ومحتوىً مستقلا عن تلك الآيات، ولهذا فحتّى
اُولئك الذين لم يعتبروا الآية مختّصة بمحمّد (صلى الله عليه وآله) وعلي
وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فإنّهم إعتقدوا
أنّ لها معنىً واسعاً يشمل هؤلاء العظام ونساء النّبي
(صلى الله عليه وآله). |
|
3 ـ هل أنّ
الإرادة الإلهيّة هنا تكوينية أم تشريعية؟
|
|
مرّت الإشارة في طيّات تفسير
هذه الآية إلى هذا الموضوع، وقلنا: إنّ الإرادة في جملة: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) إرادة تكوينية لا
تشريعية. |
|
4 ـ جاهلية القرن
العشرين!
|
|
مرّت الإشارة إلى أنّ جمعاً
من المفسّرين تورّطوا في تفسير (الجاهلية الاُولى) وكأنّهم لم يقدروا أن يصدّقوا
ظهور جاهلية اُخرى في العالم بعد ظهور الإسلام، وأنّ جاهلية العرب قبل الإسلام
ضئيلة تجاه الجاهلية الجديدة، إلاّ أنّ هذا الأمر قد تجلّى للجميع اليوم، حيث
نرى مظاهر جاهلية القرن العشرين المرعبة، ويجب أن تعدّ تلك إحدى تنبؤات القرآن
الإعجازية. |
|
الآية(35) إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ
وَالْقَنِتِينَ وَالْقَنِتَتِ
|
|
إِنَّ
الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ
وَالْقَنِتِينَ وَالْقَنِتَتِ وَالصَّدِقِينَ وَالصَّدِقَتِ وَالصَّبِرِينَ
وَالصَّبِرَتِ وَالْخَشِعِينَ وَالْخَشِعَتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَتِ وَالصَّئِمِينَ وَالصَّئِمَتِ وَالْحَفِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَفِظَتِ وَالذَّكرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّكِرَتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم
مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً(35) |
|
سبب
النّزول
|
|
أورد جمع من المفسّرين في سبب
نزول هذه الآية انّه عندما رجعت «أسماء بنت عميس»
زوجة «جعفر بن أبي طالب» من الحبشة مع زوجها،
جاءت إلى زوجات النّبي، فسألتهن: هل نزل فينا
شيء من القرآن؟ فقلن: لا، فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: |
|
التّفسير |
|
شخصية
المرأة ومكانتها في الأسلام:
|
|
بعد البحوث التي ذكرت في
الآيات السابقة حول واجبات أزواج النّبي (ص)، فقد ورد في هذه الآية كلام جامع
عميق المحتوى في شأن كلّ النساء والرجال وصفاتهم، وبعد أن ذكرت عشر صفات من
صفاتهم العقائدية والأخلاقية والعملية، بيّنت الثواب العظيم المعدّ لهم في
نهايتها. |
|
بحث
مساواة الرجل والمرأة عند الله:
|
|
يتصوّر البعض أحياناً أنّ
الإسلام قد رجّح كفّة شخصية الرجال، ولا مكانة مهمّة للنساء في برامج الإسلام،
وربّما كان منشأ هذا الإشتباه هو بعض الإختلافات الحقوقية، والتي لكلّ منها
فلسفة خاصّة. ومع غضّ النظر عن مثل هذه الإختلافات التي لها علاقة بالمكانات والمراكز
الإجتماعية وظروفها الطبيعية ـ فلا شكّ في عدم وجود أي فرق بين الرجل والمرأة في
تعليمات الإسلام من الناحية الإنسانية والمقامات المعنوية، والآية المذكورة دليل واضح على هذه الحقيقة، لأنّها
وضعت المرأة والرجل في مرتبة واحدة ككفّتي ميزان لدى تبيانها خصائص المؤمنين،
وأهمّ المسائل العقائدية والأخلاقية والعملية، ووعدت الإثنين بمكافآت متكافئة
وثواب متساو بدون أي تفاوت وإختلاف. وإذا رجعنا إلى تاريخ العرب قبل الإسلام، وحقّقنا في وضع النساء في ذلك
المجتمع، ورأينا كيف أنهنّ كنّ محرومات من أبسط حقوق الإنسان، بل لم يكن
المشركون يعتقدون بأنّ لهنّ حقّ الحياة أحياناً، ولذلك كانوا يئدونهنّ وهنّ
أحياء بعد ولادتهنّ!! |
|
الآيات(36) (38)
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً
أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
|
|
وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِن وَلاَ مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلَلا مُّبِيناً(36) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ
وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِى فِى
نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَهُ
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا
مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولا(37) مَّا كَانَ عَلَى
النَّبِىِّ مِنْ حَرَج فِيَما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِى الَّذِينَ
خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً(38) |
|
سبب
النّزول
|
|
نزلت هذه الآيات ـ على قول أغلب المفسّرين ـ في قضيّة زواج «زينب بنت جحش» ـ
بنت عمّة الرّسول الأكرم ـ بزيد بن حارثة مولى النّبي (صلى الله عليه
وآله) المعتق، وكانت القصّة كما يلي: كانت خديجة قد إشترت قبل البعثة وبعد زواجها بالنّبي (صلى الله عليه وآله)
عبداً إسمه زيد، ثمّ وهبته للنبي (ص) فأعتقه رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
فلمّا طردته عشيرته وتبرّأت منه تبنّاه النّبي (ص). |
|
التّفسير |
|
تمرّد
عظيم على العرف:
|
|
نعلم أنّ روح الإسلام
التسليم، ويجب أن يكون تسليماً لأمر الله تعالى بدون قيد أو شرط، وقد ورد هذا
المعنى في آيات مختلفة من القرآن الكريم، وبعبارات مختلفة، ومن جملتها الآية أعلاه،
والتي تقول: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم
الخيرة من أمرهم) بل يجب أن يجعلوا إرادتهم تبعاً لإرادة الله تعالى، كما أنّ
كلّ وجودهم من الشعر حتّى أخمص القدمين مرتبط به ومذعن له. |
|
بحثان
|
|
1 ـ أساطير كاذبة
|
|
مع أنّ القرآن الكريم كان
غاية في الصراحة في قصّة زواج النّبي الأكرم (ص)من زينب، وفي تبيان هذه المسألة،
والهدف من هذا الزواج، وأعلن أنّ الهدف هو محاربة سنّة
جاهلية فيما يتعلّق بالزواج من مطلّقة الإبن المدّعى، إلاّ أنّها ظلّت
مورد إستغلال جمع من أعداء الإسلام، فحاولوا إختلاق
قصّة غرامية منها ليشوّهوا بها صورة النّبي المقدّسة، واتّخذوا من
الأحاديث المشكوك فيها أو الموضوعة في هذا الباب آلة وحربة يلوّحون بها. |
|
2 ـ روح الإسلام
التسليم أمام الله
|
|
لا شكّ أنّ إستقلال الإنسان
الفكري والروحي لا يسمح له أن يستسلم لأحد بدون قيد أو شرط، لأنّه إنسان مثله،
ومن الممكن أن تكون له أخطاء وإشتباهات في المسائل. |
|
الآية(39)
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَلَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً
إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً
|
|
الَّذِينَ
يُبَلِّغُونَ رِسَلَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ
اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً(39) |
|
التّفسير |
|
من
هم المبلّغون الحقيقيون؟
|
|
تشير الآية مورد البحث،
ومناسبة للبحث الذي مرّ حول الأنبياء السابقين في آخر آية من الآيات السابقة،
إلى أحد أهم برامج الأنبياء العامّة، فتقول: (الذين
يبلّغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلاّ الله). |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ المراد من
«التبيلغ» هنا هو الإبلاغ والإيصال، وعندما يرتبط الأمر بـ «رسالات الله» فإنّه
يعني أن يعلّم الأنبياء الناس ما علّمهم الله عن طريق الوحي، وأن ينفذوه إلى
القلوب عن طريق الإستدلال والإنذار والتبشير والموعظة والنصيحة. |
|
الآية(40) مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ
النَّبِيِّنَ
|
|
مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ
النَّبِيِّنَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيماً(40) |
|
التّفسير |
|
مسألة
الخاتمية:
|
|
هذه الآية هي آخر ما بيّنه
الله سبحانه فيما يتعلّق بمسألة زواج النّبي (صلى الله عليه وآله)بمطلّقة زيد
لكسر عرف جاهلي خاطيء، وهي جواب مختصر كآخر جواب يقال
هنا، وتبيّن في نهايتها حقيقة مهمّة اُخرى ـ وهي مسألة الخاتمية ـ بمناسبة
خاصّة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ما هو
الخاتم؟
|
|
«الخاتم» ـ
على زنة حاتم ـ لدى أرباب اللغة: هو الشيء الذي تُنهى به الاُمور، وكذلك جاء بمعنى الشيء الذي تختم به الأوراق وما شابهها. |
|
3 ـ إجابة عن
عدّة أسئلة:
|
|
1 ـ
كيف تتناسب الخاتمية مع سير الإنسان التكاملي؟ |
|
2 ـ كيف تتلاءم
القوانين الثابتة مع الحاجات المتغيّرة؟
|
|
بغضّ النظر عن مسألة السير التكاملي للبشر، فإنّ هناك سؤالا آخر يطرح هنا،
وهو: أنّنا نعلم أنّ مقتضيات الأزمنة والأمكنة ومتطلباتها متفاوتة، وبتعبير آخر
فإنّ حاجات الإنسان في تغيّر مستمر، في حين أنّ للشريعة الخاتمة قوانين ثابتة،
فهل تقوى هذه القوانين الثابتة على أن تؤمّن حاجات الإنسان المتغيّرة على مدى
الزمان؟ |
|
3 ـ كيف يحرم
البشر من فيض الإرتباط بعالم الغيب؟
|
|
السؤال الآخر هو: إنّ نزول الوحي والإتّصال بعالم الغيب وما وراء الطبيعة يعتبر نافذة أمل
لكلّ المؤمنين الحقيقيين، إضافةً إلى أنّه موهبة وفخر لعالم البشرية، ألا يعتبر
قطع طريق الإتّصال هذا، وغلق نافذة الأمل هذه حرماناً عظيماً للبشر الذين يعيشون
بعد وفاة خاتم الأنبياء؟ |
|
الآيات(41) (44)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً(41)
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً(41) وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلا(42) هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَئِكَتُهُ
لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَحِيماً(43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقُوْنَهُ سَلَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ
أَجْراً كَرِيماً (44) |
|
التّفسير |
|
تحيّة
الله والملائكة فرج للمؤمنين:
|
|
لمّا كان الكلام في الآيات
السابقة عن مسؤوليات نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) وواجباته الثقيلة
الملقاة على عاتقه، فإنّ الآيات مورد البحث تبيّن جانباً من وظائف المؤمنين من
أجل تهيئة الأرضية اللازمة لهذا التبليغ، وتوسعة أطرافه في جميع الأبعاد، فوجّهت
الخطاب إليهم جميعاً وقالت: (ياأيّها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً)
ونزّهوه صباحاً ومساءاً (وسبّحوه بكرةً وأصيلا). إنّ «الذكر الكثير» ـ بالمعنى الواقعي للكلمة ـ يعني التوجّه إلى الله
سبحانه بكلّ الوجود، لا بلقلقة اللسان وحسب. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ذكر الله على
كلّ حال:
|
|
عندما يذكر اسم الله تعالى
يتجلّى في قلب الإنسان عالم من العظمة والقدرة والعلم والحكمة، لأنّ له الأسماء
الحسنى والصفات العليا، وربّ كلّ الكمالات، ومنزّه عن كلّ عيب ونقص. |
|
2 ـ توضيح حول
«لقاء الله»:
|
|
قلنا: إنّ هذا التعبير في
القرآن المجيد يشير إلى القيامة عادةً، ولمّا كان اللقاء الحسّي لا يصدق في شأن
الله، إذ ليس هو بجسم، وليس له العوارض الجسمية، ولذلك اضطر بعض المفسّرين إلى
تقدير شيء هنا، فقالوا: إن المراد هو «لقاء ثواب الله»، أو «لقاء ملائكة الله». |
|
الآيات (45) (48) يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)وَدَاعِياً
إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَكَ شَهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45)وَدَاعِياً
إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً(46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ
بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلا كَبِيراً(47) وَلاَ تُطِعِ الْكَفِرِينَ
وَالْمُنَفِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ
وَكِيلا(48) |
|
التّفسير |
|
السّراج
المنير!
|
|
الخطاب في هذه
الآيات موجّه إلى النّبي (صلى الله عليه
وآله)، إلاّ أنّ نتيجته لكلّ المؤمنين، وبذلك
فإنّها تكمل الآيات السابقة التي كانت تبحث في بعض وظائف المؤمنين وواجباتهم. |
|
ملاحظات:
ينبغي الإنتباه إلى عدّة ملاحظات:
|
|
1 ـ لقد ذكر
مقام «الشهادة»، وكون النّبي (صلى الله عليه وآله) شاهداً قبل جميع صفاته
الاُخرى، وذلك لأنّ هذا المقام لا يحتاج إلى مقدّمة سوى وجود النّبي ورسالته،
فعندما يتمّ نصبه في هذا المقام يكون شاهداً من جميع الجهات التي ذكرناها
سابقاً، غير أنّ مقام «البشارة» و «الإنذار» أمر يتحقّق بعد ذلك. وفي الآيتين الاُخريين من الآيات مورد البحث
بياناً لخمسة واجبات من واجبات النّبي الأكرم (ص) المهمّة بعد بيان صفاته الخمس،
فتقول أوّلا: (وبشّر المؤمنين بأنّ
لهم من الله فضلا كبيراً) وهي إشارة إلى أنّ مسألة تبشير النّبي (ص) لا
يحدّ بالثواب الإلهي بمقدار أعمال المؤمنين الصالحة، بل إنّ الله سبحانه يفيض
عليهم من فضله بحيث تضطرب المعادلة بين العمل والجزاء تماماً كما تشهد بذلك
الآيات القرآنية. وقد إستعملت هذه الكلمة في الآيات القرآنية في
«الأذى اللساني» تارةً كالآية (61) من سورة
التوبة، حيث تقول: (ومنهم الذين يؤذون النّبي
ويقولون هو اُذن). |
|
الآية(49) يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ
مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ
مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة
تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلا(49) |
|
التّفسير |
|
جانب
من أحكام الطلاق:
|
|
إنّ آيات هذه السورة ـ
الأحزاب ـ جاءت على شكل مجموعات مختلفة، والخطاب في
بعضها موجّه إلى النّبي (ص)، وفي بعضها الآخر
إلى كلّ المؤمنين، ولذلك تقول أحياناً: (ياأيّها
النّبي)، وأحياناً اُخرى: (ياأيّها الذين آمنوا)
قد وردت فيها الأوامر اللازمة يوازي بعضها بعضاً، وهذا يعني أنّ النّبي (صلى الله
عليه وآله) كان مراداً بهذه التعليمات، كما أنّ عموم المؤمنين يرادون بها أيضاً. تقول الآية: (ياأيّها الذين آمنوا إذا نكحتم
المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدّونها). |
|
الآية(50) يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَجَكَ الَّتِى ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ
وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِىُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَجَكَ الَّتِى ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ
وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ
وَبَنَاتِ عَمَّتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَلَتِكَ الَّتِى هَاجَرْنَ
مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ
أَرَادَ النَّبِىُّ أَن يَسْتَنِكحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَجِهِمْ وَمَا
مَلَكَتْ أَيْمَنُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللهُ
غَفُوراً رَّحِيماً(50) |
|
التّفسير |
|
يمكنك
الزواج من هذه النّسوة:
|
|
قلنا: إنّ بعض مقاطع هذه
السورة تبحث واجبات النّبي (ص) والمؤمنين على طريقة اللفّ والنشر المرتّب، ولذلك
فبعد ذكر جانب من الأحكام المتعلّقة بطلاق النساء، وجّهت الخطاب هنا إلى النّبي
(ص)، وفصّلت الموارد السبعة التي يجوز للنبي
الزواج فيها من تلك النسوة: |
|
1 ـ
فقالت أوّلا: (ياأيّها النّبي إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت اُجورهنّ). |
|
1 ـ
فقالت أوّلا: (ياأيّها النّبي إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت اُجورهنّ). والمراد من هؤلاء النساء ـ بقرينة الجمل التالية ـ
النساء اللاتي لم يكنّ يرتبطن بالنّبي (صلى الله عليه وآله) برابطة قرابة وقد
تزوّجنه، وربّما كانت مسألة دفع المهر لهذا السبب، لأنّ العرف المتّبع آنذاك هو
أنّهم كانوا يدفعون المهر نقداً عند زواجهم من الأجنبيات، إضافةً إلى أفضلية
التعجيل في هذا الدفع، وخاصّة إذا كانت الزوجة بحاجة إليه. إلاّ أنّ هذا الأمر
ليس من الواجبات على أي حال، إذ يمكن أن يبقى المهر ديناً في ذمّة الزوج إذا ما
اتّفق الطرفان على ذلك. |
|
2 ـ
(وما ملكت يمينك ممّا أفاء الله عليك). |
|
2 ـ
(وما ملكت يمينك ممّا أفاء الله عليك). |
|
3 ـ
(وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك) |
|
3 ـ
(وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك) وبهذا فإنّ اللاّتي يحلّ للنّبي الزواج منهنّ من بين
جميع الأقارب: بنات العمّ والعمّة، وبنات الخال والخالة، وبشرط أن يكنّ قد هاجرن
مع النّبي (صلى الله عليه وآله). |
|
4 ـ
(وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي (من دون مهر) |
|
4 ـ
(وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي (من دون مهر) إن أراد النّبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين) أي أنّ هذا الحكم
خاص للنبي (ص) ولا يشمل سائر المؤمنين (قد علمنا ما
فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم)وبناءً على هذا فإذا كنّا قد
حدّدنا بعض المسائل فيما يتعلّق بالزواج من هؤلاء النسوة، فقد كان ذلك إستناداً
إلى مصلحة حاكمة في حياتك وحياتهن، ولم يكن أيٍّ من هذه الأحكام والمقرّرات
إعتباطياً وبدون حساب. لا شكّ أنّ أمثال هؤلاء
النسوة كنّ لا يطمعن إلاّ في الفخر المعنوي عن طريق الإقتران بالنّبي (ص)، ولذلك
كنّ على إستعداد للزواج منه بدون أيّ مهر، إلاّ أنّ وجود مثل هذا المصداق للحكم
أعلاه غير مسلّم من الناحية التأريخية كما قلنا، بل المسلّم أنّ الله سبحانه كان
قد أذن لنبيّه بذلك للغاية التي سنشير إليها فيما بعد. |
|
بحث
|
|
جانب
من حكمة تعدّد زوجات النّبي:
|
|
إنّ الجملة الأخيرة في الآية
أعلاه إشارة في الواقع إلى فلسفة هذه الأحكام الخاصّة بنبيّنا الأكرم، حيث تقول:
إنّ للنبي (ص) ظروفاً لا يعيشها الآخرون، وهذا التفاوت في الظروف أصبح سبباً
للتفاوت في الأحكام. |
|
الآية(51) تُرْجِى
مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤِى إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ
عَزَلْتَ
|
|
تُرْجِى مَن
تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤِى إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ
عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ
وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَاءَ ءَاتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ
يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً(51) |
|
سبب
النّزول
|
|
قلنا في تفسير الآيتين 28 و29
من هذه السورة وبيان سبب النّزول: إنّ جمعاً من نساء النّبي ـ بناءً على ما نقله
المفسّرون ـ قلن للنبيّ (صلى الله عليه وآله): زد في نفقتنا واُمور معاشنا ـ
طمعاً في الغنائم الحربية، فكنّ يحسبن أنّ قسماً كبيراً منها من نصيبهنّ فنزلت
الآيات المذكورة وخاطبتهنّ بصراحة بأنهنّ إن أردن الحياة الدنيا وزينتها
فليفارقن النّبي إلى الأبد، وإن أردن الله ورسوله واليوم الآخر فليعشن معه حياة
بسيطة. |
|
التّفسير |
|
حلّ
مشكلة اُخرى في حياة النّبي:
|
|
إنّ قائداً ربّانياً عظيماً
كالنّبي (ص) خاصّة وأنّه ابتلي بسيل من الحوادث الصعبة المرّة، وكانوا يحوكون له
الدسائس والمؤامرات داخلياً وخارجياً، لا يقدر أن يشغل فكره بحياته الخاصّة
كثيراً، بل يجب أن يكون له هدوء نسبي في حياته الداخلية ليقوى على التفرّغ لحلّ
سيل المشاكل التي أحاطت به من كلّ جانب. |
|
ملاحظة
هل كان هذا الحكم في حقّ كلّ نساء النّبي:
|
|
لقد كانت هذه المسألة موضع
بحث في الفقه الإسلامي في باب خصائص النّبي(صلى الله عليه وآله) بأنّ تقسيم
الأوقات بين الزوجات المتعدّدة بالتساوي هل يجب على النّبي(ص) كما يجب على عامّة
المسلمين، أم أنّ النّبي كان له حكم التخيير الإستثنائي؟ |
|
الآية(52) لاَّ
يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَج
وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ
|
|
لاَّ يَحِلُّ لَكَ
النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَج وَلَوْ
أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللهُ عَلَى
كُلِّ شَىْء رَّقِيباً(52) |
|
التّفسير |
|
حكم
مهمّ آخر فيما يتعلّق بأزواج النّبي:
|
|
لقد بيّن الله سبحانه في هذه
الآية حكماً آخر من الأحكام المتعلّقة بزوجات النّبي، فقال عزّوجلّ: (لا يحلّ لك النساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواج ولو
أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك) فالآية منعت الرّسول من الزواج الجديد
إلاّ الاماء والجواري (وكان الله على كلّ شيء رقيباً). |
|
مسائل
مهمّة:
|
|
1 ـ فلسفة هذا
الحكم:
|
|
إنّ هذا التحديد للنبي (ص) لا
يعتبر نقصاً، بل هو حكم له فلسفة دقيقة جدّاً، فطبقاً
للشواهد التي تستفاد من التأريخ، أنّ النّبي (ص) كان تحت ضغط شديد من قبل
مختلف الأفراد والقبائل بأن يتزوّج بنساء اُخر منهم، وكلّ واحدة من القبائل
المسلمة كانت تفتخر على قبائل العرب بأنّ النّبي قد
صاهرهم وحتّى أنّ بعض النساء كنّ على إستعداد أن يهبن أنفسهنّ للنبي بدون مهر ـ
كما مرّ ذلك ـ ويتزوّجنه بدون أيّ قيد أو شرط. لقد كان هناك أفراد في هذا
الوسط يتوسّلون للوصول إلى هدفهم بحجّة أنّ أغلب أزواجك أيامى، ومن بينهنّ من
لاحظ لها من الجمال، فاللائق بك أن تتزوّج بامرأة ذات جمال، ولذلك فإنّ القرآن
أكّد على هذه المسألة بأنّه لا يحقّ لك أن تتزوّج النساء فيما بعد وإن أعجبك
حسنهنّ وكنّ ذوات جمال. |
|
2 ـ الروايات
المخالفة:
|
|
إعتبرت جملة: (لا يحلّ لك النساء من بعد) في روايات عديدة ـ بعضها ضعيفة من ناحية السند، وبعضها
يستحقّ الملاحظة ـ إشارةً إلى النساء اللواتي بُيّن تحريمهم في الآيتين (23 و24) من سورة النساء ـ وهنّ الاُمّ
والبنت والاُخت والعمّة والخالة و.. ، وصرّح في ذيل بعض هذه الأخبار بأنّه: كيف
يمكن أن تكون النساء حلال على الآخرين وحرام على النّبي؟ فلم تكن أيّة امرأة
محرّمة عليه سوى ما حرّم على الجميع(تفسير نور الثقلين،
المجلّد 4، صفحة 294 ـ 295.). |
|
3 ـ هل يمكن
النظر إلى زوجة المستقبل قبل الزواج؟
|
|
اعتبر جمع من المفسّرين جملة (ولو
أعجبك حسنهنّ) دليلا على حكم معروف اُشير إليه في الروايات الإسلامية
أيضاً، وهو: أنّ من أراد من أن يتزوّج بامرأة يستطيع النظر إليها من قبل نظرة
تبيّن له هيكلها وأوصافها. |
|
الآيتان(53) (54)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن
يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَظِرِينَ إِنَيهُ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ
لَكُمْ إِلَى طَعَام غَيْرَ نَظِرِينَ إِنَيهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ
فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيث
إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْى مِنكُمْ وَاللهُ لاَ
يَسْتَحْى مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلُْتمُوهُنَّ مَتَعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِن
وَرَاءِ حِجَاب ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ
لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَجَهُ مِن بَعْدِهِ
أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً(53) إِن تُبْدُوا شَيْئاً
أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شِىْء عَلِيماً(54) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون في
سبب نزول هذه الآية: أنّ النّبي (ص)
لمّا تزوّج «زينب بنت جحش» أولم للناس وليمة فخمة تقريباً. وقلنا سابقاً: إنّ
هذه الأحكام ربّما كانت من أجل تحطيم سنّة جاهلية في مجال تحريم مطلّقات
الأدعياء بحزم تامّ، وليكون لهذا التحطيم شعاع أوسع، ولتمحى هذه السنّة الجاهلية
التي كانت تعتبر الزواج بأيامى العبيد
المحرّرين عيباً وعاراً. |
|
التّفسير |
|
مرّة اُخرى يوجّه الخطاب إلى
المؤمنين، لتبيّن الآية جانباً آخر من أحكام الإسلام ضمن جمل قصيرة بليغة
وصريحة، وخاصّة ما كان مرتبطاً بآداب معاشرة النّبي (ص) وبيت النبوّة، فتقول أوّلا: لا ينبغي لكم دخول بيوت النّبي إلاّ إذا
دعيتم إلى طعام واُذِن لكم بالدخول بشرط أن تدخلوا في الوقت المقرّر، لا أن
تأتوا قبل ذلك بفترة وتجلسون في إنتظار وقت الغذاء (ياأيّها
الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبي إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه)( «إناه» من مادّة «أنّى يأني» أي حلول وقت الشيء، وتعني هنا
تهيئة الطعام للتناول.). والمسألة التي ينبغي
الإنتباه إليها هنا هي أنّه ليس المراد من الحجاب في هذه الآية لباس
النساء، بل هو حكم يضاف إلى ما كان خاصّاً بنساء النّبي، وهو: أنّ الناس مكلّفون
إذا أرادوا شيئاً من نساء النّبي أن يأخذوه من وراء حجاب لظروف نساء النّبي
الخاصّة، ويجب عليهنّ أن لا يخرجن إلى الناس ويظهرن لهم في مثل هذه الموارد حتّى
وإن كن محجّبات، وهذا الحكم لم يرد طبعاً في شأن النساء الاُخريات، بل يكفيهنّ
أن يراعين الحجاب الإسلامي. |
|
بحوث
|
|
مناسبة للبحث الذي ورد في
الآيات المذكورة في شأن واجبات المسلمين عندما يدعون إلى ضيافة النّبي (ص)، نورد
جانباً من تعليمات الإسلام فيما يتعلّق بأصل مسألة «الضيافة»، وحقّ الضيف،
وواجبات المضيف: |
|
1 ـ الضيافة:
|
|
لقد أولى الإسلام مسألة
الضيافة أهميّة خاصّة، حتّى أنّه ورد في حديث عن النّبي (ص): «الضيف دليل الجنّة»( بحار الأنوار، المجلّد 75، صفحة 460 باب 93 حديث 14.). |
|
2 ـ مراعاة
البساطة في الضيافة:
|
|
مع كلّ الأهمية التي يتمتّع
بها الضيف، فإنّ الضيافة إذا اتّسمت بالتكلّف فإنّها غير راجحة من وجهة نظر
الإسلام، بل ونهى عنها، فإنّ الإسلام يوصي بأن تكون الضيافة بسيطة، وجعل معياراً
عادلا بين الضيف والمضيف، وهو: أن لا يبخل المضيف بما عنده ويحضره، وأن لا
يتوقّع الضيف أكثر من ذلك! |
|
3 ـ حقّ الضيف:
|
|
قلنا: إنّ الضيف كالهدية
السماوية من وجهة نظر الإسلام، ويجب أن يرحّب به ويكرم غاية الإكرام، ويحترم
أقصى ما يمكن، حتّى أنّ أمير المؤمنين علياً (عليه السلام)يروي عن النّبي الأكرم
(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «من حقّ الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى
البر»( بحار الأنوار، المجلّد 75، صفحة 451.). |
|
4 ـ واجبات
الضيف:
|
|
إنّ المسؤوليات تكون متقابلة
دائماً، فكما أنّ على المضيف واجبات تجاه الضيف، فكذلك توجد على الضيف واجبات
ينبغي أن يراعيها. |
|
الآية(55) لاَّ
جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ
إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ
|
|
لاَّ جُنَاحَ
عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ
أَبْنَاءِ إِخْوَنِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ
وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى
كُلِّ شَىْء شَهيداً(55) |
|
سبب
النّزول
|
|
يروي بعض المفسّرين أنّ آباء نساء النّبي وأبناءهنّ وعوائلهنّ سألوا رسول
الله (ص) بعد نزول آية الحجاب ـ الآية السابقة ـ : يارسول الله، ونحن أيضاً
نحدّثهنّ من وراء حجاب؟ فنزلت هذه الآية بأنّها لا
تشملكم. |
|
التّفسير |
|
هنا؟ في حين أنّهما
ذكرا من جملة المحارم في الآية (31) من سورة النور. الموارد المستثناة
من قانون الحجاب: |
|
الآيات(56) (58)
إِنَّ اللهَ وَمَلَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ
ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
|
|
ِ إِنَّ اللهَ وَمَلَئِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ
لَعَنَهُمُ اللهُ فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً
مُّهِيناً(57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَتِ بِغَيْرِ
مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَناً وَإِثْماً مُّبِيناً(58) |
|
التّفسير |
|
الصلاة على النّبي والسلام
عليه: (الطريف أنّ البدء بهذه الآيات صادف ليلة ميلاد
النّبي (صلى الله عليه وآله) في شهر ربيع الأوّل سنة الف وأربعمائة وأربع
للهجرة. ) |
|
الآيات(59) (62)
يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّبِيُّ قُل لاَِّزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً(59) لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَفِقُونَ
وَالَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِى الْمَدِينَةِ
لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلا(60)
مَّلْعُونِينَ أَيْنََما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا (61)سُنَّةَ
اللهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ
تَبْدِيلا(62) |
|
سبب
النّزول
|
|
جاء في تفسير «علي بن
إبراهيم» في سبب نزول الآية الاُولى: فإنّه كان سبب نزولها أنّ النساء كن يخرجن
إلى المسجد ويصلّين خلف رسول الله (ص) وإذا كان بالليل خرجن إلى صلاة المغرب
والعشاء الآخرة والغداة، يقعد الشبّان لهنّ في طريقهنّ فيؤذونهن ويتعرّضون لهنّ
فأنزل الله: (ياأيّها النّبي قل لأزواجك وبناتك ونساء
المؤمنين ـ إلى قوله ـ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً)( تفسير القمّي ج2 ص196.). |
|
التّفسير |
|
تحذير
شديد للمؤذين ومختلقي الإشاعات!
|
|
بعد النهي عن إيذاء رسول الله
(صلى الله عليه وآله) والمؤمنين الذي ورد في الآية السابقة، أكّدت الآية هنا على
أحد موارد الأذى، ومن أجل الوقوف أمامه سلكت طريقين: فأمرت المؤمنات أوّلا أن لا
يدعن في يد المفسدين والعابثين حجّة يتشبّثون بها في سبيل تحقيق أذاهم، ثمّ
هاجمت المنافقين ومختلقي الإشاعات وهدّدتهم بتهديد قلّ نظيره في آيات القرآن. |
|
تعليقات
|
|
1 ـ
إبدأ بنفسك! |
|
الآيات(63) (68)
يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَمَا
يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ
|
|
يَسْئَلُكَ
النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً(63) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَفِرِينَ
وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً(64) خَلِدِينَ فِيهَا أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ
وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً (65)يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ
يَقُولُونَ يَلَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ(66) وَقَالُوا
رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا
السَّبِيلاَْ(67) رَبَّنَا ءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ
لَعْناً كَبِيراً(68) |
|
التّفسير
|
|
يسألون أيّان يوم
القيامة؟!
|
|
كانت الآيات السابقة تتحدّث
عن مؤامرات المنافقين والأشرار، وقد اُشير في هذه الآيات التي نبحثها إلى واحدة
اُخرى من خططهم الهدّامة، وأعمالهم المخرّبة، حيث كانوا يطرحون أحياناً هذا
السؤال: متى تقوم القيامة التي يخبر بها محمّد ويذكر لها كلّ هذه الصفات؟ وذلك
إمّا استهزاءً، أو لزرع الشكّ فيها في قلوب البسطاء،
فتقول الآية: (يسألك الناس عن الساعة). هنا ستنطلق صرخات حسرتهم، و (يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا
الرسولا)فإنّا لو كنّا أطعناهما لم يكن ينتظرنا مثل هذا المصير الأسود الأليم. |
|
الآيات(69) (71)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ ءَاذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ
اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهاً(69) يَأَيُّهَا الَّذِينَ
ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً(71) |
|
التّفسير |
|
بماذا
رموا موسى (عليه السلام) واتّهموه؟
|
|
بعد البحوث التي مرّت في
الآيات السابقة حول وجوب إحترام مقام النّبي (صلى الله عليه وآله)، وترك كلّ ما
يؤذيه والإبتعاد عنه، فقد وجّهت هذه الآيات الخطاب للمؤمنين، وقالت: (ياأيّها
الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله
وجيهاً). |
|
الآيتان(72) ا(73)
إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا
|
|
إِنَّا عَرَضْنَا
الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن
يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسَنُ إِنَّهُ كَانَ
ظَلُوماً جَهُولا(72) لِّيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَفِقِينَ وَالْمُنَفِقَتِ
وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَتِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيَما(73) |
|
التّفسير |
|
حمل
الأمانة الإلهية أعظم إفتخارات البشر:
|
|
تكمل هاتان الآيتان ـ اللتان
هما آخر آيات سورة الأحزاب ـ المسائل المهمّة التي وردت في هذه السورة في مجالات
الإيمان، والعمل الصالح، والجهاد، والإيثار، والعفّة والأدب والأخلاق، وتبيّن
كيف أنّ الإنسان يحتل موقعاً سامياً جدّاً بحيث يستطيع أن يكون حامل رسالة الله
العظيمة، وكيف أنّه إذا ما جهل قيمه الحياتية والوجودية سيظلم نفسه غاية الظلم،
وينحدر إلى أسفل سافلين! ومن هنا يتّضح جواب
السؤال الثالث أيضاً، بأنّ هذه
الموجودات لماذا وكيف رفضت وأبت حمل هذه الأمانة العظمى، وأظهرت إشفاقها من ذلك؟ نهاية
سورة الأحزاب |
|
|
|