- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سورة السَّجدَة مكّيّة
وعددُ آياتِها ثلاثونَ آية |
|
أسماء
هذه السورة:
|
|
المعروف أنّ هذه السورة نزلت
في مكّة، إلاّ أنّ البعض الآخر يرى أنّ الآيات 18 , 20 مدنيّة، في حين لا تلاحظ أيّة قرينة أو علامة في هذه الآيات على كونها
مدنية. |
|
فضل
تلاوة سورة السجدة:
|
|
ورد في حديث عن الرّسول
الأكرم (صلى الله عليه وآله): «من قرأ الم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك،
فكأنّما أحيى ليلة القدر»( مجمع البيان، الجزء 8، صفحة
324..) |
|
محتوى
سورة السجدة:
|
|
هذه السورة بحكم كونها من
السور المكّية تتابع بقوّة الخطوط الأصلية للسور المكّية،
أي البحث في المبدأ والمعاد، والبشارة والإنذار، وعلى العموم تنقسم مباحثها إلى عدّة أقسام: |
|
الآيات(1) (5) الم(1)
تَنزِيلُ الْكِتَبِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَلَمِينَ(2) أَمْ
يَقُولُونَ افْتَرَاهُ
|
|
الم(1) تَنزِيلُ
الْكِتَبِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَلَمِينَ(2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ
بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا آتَهُم مِّن نَّذِير
مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ(3) اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ
وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ شَفِيع أَفَلاَ
تَتَذَكَّرُونَ(4) يُدَبِّرُ الاَْمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الاَْرْضِ ثُمَّ
يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة مِّمَّا
تَعُدُّونَ(5) |
|
التّفسير |
|
عظمة
القرآن، والمبدأ والمعاد:
|
|
مرّة اُخرى نواجه الحروف
المقطّعة (الف ـ لام ـ ميم) في هذه السورة، وهذه هي المرّة الخامسة عشرة التي
نرى فيها مثل هذه الحروف في بداية السور القرآنية. ولقد بحثنا بصورة
مفصّلة في بداية سورة البقرة، وآل عمران والأعراف التفاسير المختلفة لهذه
الحروف. والبحث الذي جاء بعد هذه الحروف مباشرة حول أهميّة
القرآن يبيّن مرّة اُخرى هذه الحقيقة، وهي أنّ (الم) إشارة إلى عظمة القرآن، والقدرة على إظهار عظمة
الله سبحانه، وهذا الكتاب العظيم الغنيّ المحتوى، والذي هو معجزة محمّد (صلى
الله عليه وآله) الخالدة يتكوّن من حروف المعجم البسيطة التي يعرفها الجميع. هذه الآية ـ في الواقع ـ جواب عن سؤالين:
الأوّل عن محتوى هذا الكتاب السماوي، فتقول في الجواب: إنّ محتواه حقّ ولا مجال
لأدنى شكّ فيه. والسؤال الثّاني يدور حول مبدع هذا الكتاب، وفي الجواب تقول: إنّ
هذا الكتاب من قبل ربّ العالمين. ـ وفي يوم آخر إنفصلت
السيارات عن الشمس وبدأت تدور حولها. بملاحظة هذه التعبيرات، والتعبيرات الاُخرى التي تقول: (وإليه يرجع الأمر كلّه)( سورة
هود، 123.)، يتّضح أنّ الآية مورد البحث تتحدّث أيضاً عن بداية ونهاية
العالم وقيام يوم القيامة، والذي يعبّرون عنه أحياناً بـ «قوس النّزول» و «قوس
الصعود». |
|
بحث
|
|
إساءة
الإستفادة من آية (يدبّر الأمر)
|
|
لقد اتّخذ بعض أتباع المذاهب
المصطنعة المبتدعة(«البهائية والبابية».) الآية
أعلاه وسيلة ودليلا لتوجيه مسلكهم ومذهبهم، وأرادوا أن يطبّقوا هذه الآية على
مرادهم بإرتكاب المغالطات والإشتباهات وادّعوا أنّ المراد من «الأمر» في الآية: الدين والمذهب، و «التدبير»: يعني إرسال الدين، و
«العروج»: يعني رفع ونسخ الدين! وإستناداً إلى هذا فإنّ كلّ مذهب أو دين لا يمكنه أن يعمّر أكثر من الف سنة، ويجب أن يترك
مكانه لدين آخر، وبهذا فإنّهم يقولون: إنّنا
نقبل القرآن، لكن، وإستناداً إلى نفس هذا القرآن فإنّ ديناً آخر سيأتي بعد مرور
الف سنة! وأساساً فإنّ كلّ مورد يأتي
الكلام فيه عن السماء والأرض، والخلق والخلقة وأمثال ذلك، فإنّ «الأمر» يأتي
بهذا المعنى (فتأمّل). 4 ـ إنّ كلمة «العروج»، تعني الصعود
والإرتفاع، لا نسخ الأديان وزوالها، ولا
يلاحظ العروج في أي موضع من القرآن بمعنى النسخ ـ
وهذه الكلمة قد ذكرت في خمس آيات من القرآن، ولا
تؤدّي هذا المعنى في أيّ منها ـ بل تستعمل كلمة
النسخ أو التبديل وأمثالهما في مورد الأديان. |
|
الآيات(6) (9) ذَلِكَ
عَلِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَدَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(6) الَّذِى أَحْسَنَ
كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ
|
|
ذَلِكَ عَلِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَدَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(6) الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ
وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسَنِ مِن طِين(7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَلَة مِّن
مَّاء مَّهِين(8) ثُمَّ سَوَّيهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالاَْبْصَرَ وَالاَْفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ(9) |
التّفسير |
|
مراحل
خلق الإنسان العجيبة!
|
|
|
إنّ الآيات ـ مورد البحث ـ
إشارة وتأكيد في البداية على بحوث التوحيد التي مرّت في الآيات السابقة، والتي كانت تتلخّص في أربع مراحل: توحيد الخالقية،
والحاكمية، والولاية، والربوبية، فتقول: (ذلك عالم
الغيب والشهادة العزيز الرحيم). وفي نفس الوقت الذي يجب أن
يكون هذا المدبّر عزيزاً قويّاً لا يقهر ليقوى على القيام بهذه الأعمال المهمّة،
ينبغي أن تقترن هذه العزّة باللطف والرحمة، لا الخشونة والغلظة. وهنا يطرح سؤال حول خلق الشرور والآفات، وكيفية إنسجامها مع
النظام العالم الأحسن، وسنبحثه إن شاء الله تعالى فيما بعد. وأشار القرآن في آخر مرحلة ـ والتي تعتبر المرحلة الخامسة في خلق الإنسان ـ إلى
نعمة الاُذن والعين والقلب، ومن الطبيعي أنّ المراد هنا ليس خلقة هذه الأعضاء، لأنّ هذه الخلقة تتكوّن قبل نفخ الروح، بل المراد حسّ
السمع والبصر والإدراك والعقل. |
|
بحث
|
|
كيفية
خلق آدم من التراب:
|
|
رغم أنّ الآيات القرآنية
تحدّثت أحياناً عن خلق الإنسان من «طين» (كالآيات محلّ
البحث)، وكما ورد في قصّة آدم وإبليس في قوله تعالى: (فسجدوا إلاّ إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً).( سورة
الإسراء، الآية 61.) أمّا من الناحية العلمية ـ أي العلوم الطبيعية ـ فإنّنا ننفي فرضية التكامل ـ وكما اُشير إلى ذلك ـ
من جهة عدم إمتلاكها الأدلّة القطعيّة على ثبوتها. |
|
الآيات(10) (14)
وَقَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْق جَدِيد بَلْ
هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَفِرُونَ
|
|
وَقَالُوا أَءِذَا
ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْق جَدِيد بَلْ هُم بِلِقَاءِ
رَبِّهِمْ كَفِرُونَ(10) قُلْ يَتَوَفَّكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ
بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ(11) وَلَوْ تَرَى إِذِ الُْمجْرِمُونَ
نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا
فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ(12) وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا
كُلَّ نَفْس هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّى لاََمْلاََنَّ جَهَنَّمَ
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ
يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(14) |
|
التّفسير |
|
الندم
وطلب الرجوع:
|
|
تبدأ هذه الآيات ببحث واضح
جلي حول المعاد، ثمّ تبيّن وتبحث حال المجرمين في العالم الآخر، وهي في المجموع
تتمّة للبحوث السابقة التي تحدّثت حول المبدأ، إذ أنّ
البحث عن المبدأ والمعاد مقترنان غالباً في القرآن المجيد فتقول: إنّ هؤلاء الكفّار يتساءلون باستغراب بأنّنا إذا متنا
وتحوّلت أبداننا إلى تراب وإندثرت تماماً فهل سوف نُخلق من جديد: (وقالوا ءإذا ضللنا في الأرض أءِنّا لفي خلق جديد). |
|
مسألتان
|
|
1 ـ إستقلال
الروح وأصالتها
|
|
الآية الاُولى من الآيات مورد البحث، والتي لها دلالة على قبض الأرواح
بواسطة ملك الموت، من أدلّة إستقلال روح الإنسان، لأنّ التعبير بالتوفّي (والذي يعني القبض) يوحي بأنّ الروح تبقى بعد إنفصالها
عن البدن ولا تفنى. |
|
2 ـ ملك الموت
|
يستفاد من آيات القرآن المجيد
أنّ الله سبحانه يدبّر اُمور هذا العالم بواسطة مجموعة من الملائكة، كما في الآية (5) من سورة النازعات حيث يقول: (فالمدبّرات أمراً)ونعلم أنّ السنّة الإلهيّة قد جرت
على أن تمضي الاُمور بأسبابها. |
|
الآيات(15) (20)
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
|
|
إِنَّمَا يُؤْمِنُ
بِآيَتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ(15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ
الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ
يُنفِقُونَ(16) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(17) أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ
فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُنَ(18) أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّلِحَتِ فَلَهُمْ جَنَّتُ الْمَأْوَى نُزُلاًَ بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ(19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا
أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا
عَذَابَ النَّارِ الَّذِى كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ(20) |
|
التّفسير |
|
|
جوائز
عظيمة لم يطّلع عليها أحد!
|
|
إنّ طريقة القرآن هي أنّه
يبيّن كثيراً من الحقائق من خلال مقارنتها مع بعضها،
لتكون مفهومة ومستقرّة في القلب تماماً، وهنا أيضاً بعد الشرح والتفصيل الذي مرّ في الآيات السابقة حول المجرمين والكافرين، فإنّه يتطرّق إلى صفات المؤمنين الحقيقيين البارزة، ويبيّن
اُصولهم العقائدية، وبرامجهم العملية بصورة مضغوطة ضمن آيتين بذكر ثمان صفات(ينبغي الإلتفات إلى أنّ الآية الاُولى هي اُولى السجدات
الواجبة في القرآن الكريم، وإذا ما تلاها أحد بتمامها، أو سمعها من آخر فيجب أن
يسجد. طبعاً لا يجب فيها الوضوء، لكن يجب الإحتياط في وضع الجبهة على ما يصحّ
السجود عليه.، ) فيقول أوّلا: (إنّما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خرّوا سجّداً وسبحوا
بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون). وبالرغم من أنّ الآيات هنا
ذكرت بصورة مطلقة، ولكن من المعلوم أنّ المراد
منها غالباً الآيات التي تدعو إلى التوحيد ومحاربة الشرك. وهنا تذكر الآية صفتين اُخريين لهؤلاء هما: «الخوف»
و «الرجاء»، فلا يأمنون غضب الله
عزّوجلّ، ولا ييأسون من رحمته، والتوازن بين
الخوف والرجاء هو ضمان تكاملهم وتوغّلهم في
الطريق إلى الله سبحانه، والحاكم على وجودهم
دائماً، لأنّ غلبة الخوف تجرّ الإنسان إلى اليأس والقنوط، وغلبة الرجاء تغري الإنسان وتجعله في غفلة، وكلاهما عدوّ للإنسان في سيره التكاملي إلى الله سبحانه. وتبيّن الآية التالية عدم المساواة هذه بصورة أوسع
وأكثر تفصيلا، فتقول: (أمّا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات فلهم جنّات المأوى(«المأوى» من مادّة (أوى) بمعنى إنضمام شيء إلى شيء
آخر، ثمّ قيلت للمكان والمسكن والمستقرّ.)) ثمّ تضيف الآية بأنّ هذه
الجنّات قد أعدّها الله تعالى لإستقبالهم في مقابل أعمالهم الصالحة: (نزلا بما كانوا يعملون). مرّة اُخرى نرى هنا العذاب الإلهي
قد جعل في مقابل «الكفر والتكذيب»، والثواب والجزاء
في مقابل «العمل»، وهذا
إشارة إلى أنّ الإيمان لا يكفي لوحده، بل
يجب أن يكون حافزاً وباعثاً على العمل، إلاّ أنّ
الكفر كاف لوحده للعذاب، وإن لم يرافقه ويقترن
به عمل. |
|
بحث
|
|
أصحاب
الليل!
|
|
ورد لجملة: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) تفسيران في الروايات
الإسلامية: |
|
الآيتان(21) (22)
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21)
|
|
وَلَنُذِيقَنَّهُم
مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ(21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ
عَنْهَا إِنَّا مِنَ الُْمجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ(22) |
|
التّفسير |
|
عقوبات
تربوية:
|
|
بعد البحث الذي مرّ في الآيات
السابقة حول المجرمين وعقابهم الأليم، فإنّ الآيات مورد البحث تشير إلى أحد الألطاف الإلهية الخفيّة وهي موارد العذاب الخفيف
في الدنيا ليتّضح أنّ الله سبحانه لا يريد أن يبتلى عبد بالعذاب الخالد أبداً، ولذلك يستخدم كلّ وسائل التوعية لنجاته، فيرسل الأنبياء،
وينزل الكتب السماوية، ينعم ويبتلي بالمصائب، وإذا لم تنفع أيّة وسيلة منها فليس
إلاّ نار الجحيم. وتتّضح من هذه الآية إحدى حكم المصائب والإبتلاءات والآلام التي تعتبر من
المسائل الملحّة والمثيرة للجدل في بحث التوحيد ومعرفة الله وعدله. |
|
الآيات(23) (25)
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَة مِّن لِّقَائِهِ
وَجَعَلْنَهُ هُدىً
|
|
وَلَقَدْ
ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَة مِّن لِّقَائِهِ
وَجَعَلْنَهُ هُدىً لِّبَنِى إِسْرَءِيلَ(23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً
يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَتِنَا يُوقِنُونَ(24)
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ فِيَما كَانُوا
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) |
|
التّفسير |
|
شرط
الإمامة: الصبر والإيمان:
|
|
تشير الآيات مورد البحث إشارة قصيرة وعابرة إلى
قصّة «موسى» (عليه السلام) وبني إسرائيل لتسلّي نبيّ الإسلام (صلى الله
عليه وآله) والمؤمنين الأوائل وتطيّب خواطرهم، وتدعوهم إلى الصبر والتحمّل
والثبات أمام تكذيب وإنكار المشركين التي اُشير إليها
في الآيات السابقة، ولتكون بشارة للمؤمنين بإنتصارهم على القوم الكافرين
العنودين كما إنتصر بنو إسرائيل على أعدائهم وأصبحوا أئمّة في الأرض. وتوضيح ذلك: أنّ الهداية قد وردت في الآيات والروايات بمعنيين: «تبيان الطريق»، و «الإيصال
إلى المطلوب»، وكذلك هداية الأئمّة الإلهيين تتّخذ صورتين:
فيكتفون أحياناً بالأمر والنهي، وأحياناً اُخرى ينفذون إلى أعماق القلوب المستعدّة والجديرة بالهداية
ليوصلوها إلى الأهداف التربوية والمقامات المعنوية. |
|
ملاحظة
|
|
صمود
وإستقامة القادة الإلهيين
|
|
قلنا: إنّه قد ذكر في الآيات
مورد البحث شرطان للأئمّة: الأوّل: الصبر
والثبات، والآخر: الإيمان واليقين بآيات الله. ولهذا الصبر والثبات فروعاً وأشكالا كثيرة: |
|
الآيات(26) (30) أَوَ
لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ
فِى مَسَكِنِهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ
|
|
أَوَ لَمْ يَهْدِ
لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِى
مَسَكِنِهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَت أَفَلاَ يَسْمَعُونَ(26) أَوَ لَمْ
يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الاَْرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ
زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَمُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ(27) وَيَقُولُونَ
مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ(28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ
يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَنُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ(29) فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ(30) |
|
التّفسير |
|
يوم
إنتصارنا:
|
|
كانت الآيات السابقة ممزوجة
بتهديد المجرمين من الكفّار، وتقول الآية الاُولى من الآيات مورد البحث إكمالا
لهذا التهديد: (أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون(فاعل (لم يهد) يفهم من جملة (كم أهلكنا من قبلهم) والتقدير:
أو لم يهد لهم كثرة من أهلكنا.)) فهؤلاء يسيرون بين الخرائب ويرون آثار
اُولئك الأقوام الذين هلكوا من قبلهم (يمشون في مساكنهم)( ذكر أغلب المفسّرين في تفسير الآية ما ذكرناه
أعلاه، إلاّ أنّ البعض إحتمل أن تكون جملة (يمشون) بياناً لحال المهلكين، أي أنّ
اُولئك الأقوام كانوا في غفلة تامّة عن العذاب الإلهي، وكانوا يسيرون في مساكنهم
ويتنّعمون بها، إذ أتاهم عذاب الله بغتةً وأهلكهم. إلاّ أنّ هذا الإحتمال يبدو
بعيداً..) ب : إذا كان المراد من يوم الفتح يوم القيامة ـ كما إرتضى ذلك بعض المفسّرين ـ فإنّ ذلك لا يناسب
جملة: (ولا هم ينظرون) لأنّ إعطاء الفرصة وعدمه
يرتبط بالحياة الدنيا، إضافةً إلى أنّ «يوم الفتح» لم
يستعمل بمعنى يوم القيامة في أيّ موضع من القرآن الكريم. |
|
|
|
|
سورة السَّجدَة مكّيّة
وعددُ آياتِها ثلاثونَ آية |
|
أسماء
هذه السورة:
|
|
المعروف أنّ هذه السورة نزلت
في مكّة، إلاّ أنّ البعض الآخر يرى أنّ الآيات 18 , 20 مدنيّة، في حين لا تلاحظ أيّة قرينة أو علامة في هذه الآيات على كونها
مدنية. |
|
فضل
تلاوة سورة السجدة:
|
|
ورد في حديث عن الرّسول
الأكرم (صلى الله عليه وآله): «من قرأ الم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك،
فكأنّما أحيى ليلة القدر»( مجمع البيان، الجزء 8، صفحة
324..) |
|
محتوى
سورة السجدة:
|
|
هذه السورة بحكم كونها من
السور المكّية تتابع بقوّة الخطوط الأصلية للسور المكّية،
أي البحث في المبدأ والمعاد، والبشارة والإنذار، وعلى العموم تنقسم مباحثها إلى عدّة أقسام: |
|
الآيات(1) (5) الم(1)
تَنزِيلُ الْكِتَبِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَلَمِينَ(2) أَمْ
يَقُولُونَ افْتَرَاهُ
|
|
الم(1) تَنزِيلُ
الْكِتَبِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَلَمِينَ(2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ
بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا آتَهُم مِّن نَّذِير
مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ(3) اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَتِ
وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ شَفِيع أَفَلاَ
تَتَذَكَّرُونَ(4) يُدَبِّرُ الاَْمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الاَْرْضِ ثُمَّ
يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْم كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة مِّمَّا
تَعُدُّونَ(5) |
|
التّفسير |
|
عظمة
القرآن، والمبدأ والمعاد:
|
|
مرّة اُخرى نواجه الحروف
المقطّعة (الف ـ لام ـ ميم) في هذه السورة، وهذه هي المرّة الخامسة عشرة التي
نرى فيها مثل هذه الحروف في بداية السور القرآنية. ولقد بحثنا بصورة
مفصّلة في بداية سورة البقرة، وآل عمران والأعراف التفاسير المختلفة لهذه
الحروف. والبحث الذي جاء بعد هذه الحروف مباشرة حول أهميّة
القرآن يبيّن مرّة اُخرى هذه الحقيقة، وهي أنّ (الم) إشارة إلى عظمة القرآن، والقدرة على إظهار عظمة
الله سبحانه، وهذا الكتاب العظيم الغنيّ المحتوى، والذي هو معجزة محمّد (صلى
الله عليه وآله) الخالدة يتكوّن من حروف المعجم البسيطة التي يعرفها الجميع. هذه الآية ـ في الواقع ـ جواب عن سؤالين:
الأوّل عن محتوى هذا الكتاب السماوي، فتقول في الجواب: إنّ محتواه حقّ ولا مجال
لأدنى شكّ فيه. والسؤال الثّاني يدور حول مبدع هذا الكتاب، وفي الجواب تقول: إنّ
هذا الكتاب من قبل ربّ العالمين. ـ وفي يوم آخر إنفصلت
السيارات عن الشمس وبدأت تدور حولها. بملاحظة هذه التعبيرات، والتعبيرات الاُخرى التي تقول: (وإليه يرجع الأمر كلّه)( سورة
هود، 123.)، يتّضح أنّ الآية مورد البحث تتحدّث أيضاً عن بداية ونهاية
العالم وقيام يوم القيامة، والذي يعبّرون عنه أحياناً بـ «قوس النّزول» و «قوس
الصعود». |
|
بحث
|
|
إساءة
الإستفادة من آية (يدبّر الأمر)
|
|
لقد اتّخذ بعض أتباع المذاهب
المصطنعة المبتدعة(«البهائية والبابية».) الآية
أعلاه وسيلة ودليلا لتوجيه مسلكهم ومذهبهم، وأرادوا أن يطبّقوا هذه الآية على
مرادهم بإرتكاب المغالطات والإشتباهات وادّعوا أنّ المراد من «الأمر» في الآية: الدين والمذهب، و «التدبير»: يعني إرسال الدين، و
«العروج»: يعني رفع ونسخ الدين! وإستناداً إلى هذا فإنّ كلّ مذهب أو دين لا يمكنه أن يعمّر أكثر من الف سنة، ويجب أن يترك
مكانه لدين آخر، وبهذا فإنّهم يقولون: إنّنا
نقبل القرآن، لكن، وإستناداً إلى نفس هذا القرآن فإنّ ديناً آخر سيأتي بعد مرور
الف سنة! وأساساً فإنّ كلّ مورد يأتي
الكلام فيه عن السماء والأرض، والخلق والخلقة وأمثال ذلك، فإنّ «الأمر» يأتي
بهذا المعنى (فتأمّل). 4 ـ إنّ كلمة «العروج»، تعني الصعود
والإرتفاع، لا نسخ الأديان وزوالها، ولا
يلاحظ العروج في أي موضع من القرآن بمعنى النسخ ـ
وهذه الكلمة قد ذكرت في خمس آيات من القرآن، ولا
تؤدّي هذا المعنى في أيّ منها ـ بل تستعمل كلمة
النسخ أو التبديل وأمثالهما في مورد الأديان. |
|
الآيات(6) (9) ذَلِكَ
عَلِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَدَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(6) الَّذِى أَحْسَنَ
كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ
|
|
ذَلِكَ عَلِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَدَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(6) الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ
وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسَنِ مِن طِين(7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَلَة مِّن
مَّاء مَّهِين(8) ثُمَّ سَوَّيهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ
السَّمْعَ وَالاَْبْصَرَ وَالاَْفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ(9) |
التّفسير |
|
مراحل
خلق الإنسان العجيبة!
|
|
|
إنّ الآيات ـ مورد البحث ـ
إشارة وتأكيد في البداية على بحوث التوحيد التي مرّت في الآيات السابقة، والتي كانت تتلخّص في أربع مراحل: توحيد الخالقية،
والحاكمية، والولاية، والربوبية، فتقول: (ذلك عالم
الغيب والشهادة العزيز الرحيم). وفي نفس الوقت الذي يجب أن
يكون هذا المدبّر عزيزاً قويّاً لا يقهر ليقوى على القيام بهذه الأعمال المهمّة،
ينبغي أن تقترن هذه العزّة باللطف والرحمة، لا الخشونة والغلظة. وهنا يطرح سؤال حول خلق الشرور والآفات، وكيفية إنسجامها مع
النظام العالم الأحسن، وسنبحثه إن شاء الله تعالى فيما بعد. وأشار القرآن في آخر مرحلة ـ والتي تعتبر المرحلة الخامسة في خلق الإنسان ـ إلى
نعمة الاُذن والعين والقلب، ومن الطبيعي أنّ المراد هنا ليس خلقة هذه الأعضاء، لأنّ هذه الخلقة تتكوّن قبل نفخ الروح، بل المراد حسّ
السمع والبصر والإدراك والعقل. |
|
بحث
|
|
كيفية
خلق آدم من التراب:
|
|
رغم أنّ الآيات القرآنية
تحدّثت أحياناً عن خلق الإنسان من «طين» (كالآيات محلّ
البحث)، وكما ورد في قصّة آدم وإبليس في قوله تعالى: (فسجدوا إلاّ إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً).( سورة
الإسراء، الآية 61.) أمّا من الناحية العلمية ـ أي العلوم الطبيعية ـ فإنّنا ننفي فرضية التكامل ـ وكما اُشير إلى ذلك ـ
من جهة عدم إمتلاكها الأدلّة القطعيّة على ثبوتها. |
|
الآيات(10) (14)
وَقَالُوا أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْق جَدِيد بَلْ
هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَفِرُونَ
|
|
وَقَالُوا أَءِذَا
ضَلَلْنَا فِى الاَْرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْق جَدِيد بَلْ هُم بِلِقَاءِ
رَبِّهِمْ كَفِرُونَ(10) قُلْ يَتَوَفَّكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ
بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ(11) وَلَوْ تَرَى إِذِ الُْمجْرِمُونَ
نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا
فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ(12) وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا
كُلَّ نَفْس هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّى لاََمْلاََنَّ جَهَنَّمَ
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ
يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ(14) |
|
التّفسير |
|
الندم
وطلب الرجوع:
|
|
تبدأ هذه الآيات ببحث واضح
جلي حول المعاد، ثمّ تبيّن وتبحث حال المجرمين في العالم الآخر، وهي في المجموع
تتمّة للبحوث السابقة التي تحدّثت حول المبدأ، إذ أنّ
البحث عن المبدأ والمعاد مقترنان غالباً في القرآن المجيد فتقول: إنّ هؤلاء الكفّار يتساءلون باستغراب بأنّنا إذا متنا
وتحوّلت أبداننا إلى تراب وإندثرت تماماً فهل سوف نُخلق من جديد: (وقالوا ءإذا ضللنا في الأرض أءِنّا لفي خلق جديد). |
|
مسألتان
|
|
1 ـ إستقلال
الروح وأصالتها
|
|
الآية الاُولى من الآيات مورد البحث، والتي لها دلالة على قبض الأرواح
بواسطة ملك الموت، من أدلّة إستقلال روح الإنسان، لأنّ التعبير بالتوفّي (والذي يعني القبض) يوحي بأنّ الروح تبقى بعد إنفصالها
عن البدن ولا تفنى. |
|
2 ـ ملك الموت
|
يستفاد من آيات القرآن المجيد
أنّ الله سبحانه يدبّر اُمور هذا العالم بواسطة مجموعة من الملائكة، كما في الآية (5) من سورة النازعات حيث يقول: (فالمدبّرات أمراً)ونعلم أنّ السنّة الإلهيّة قد جرت
على أن تمضي الاُمور بأسبابها. |
|
الآيات(15) (20)
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً
وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
|
|
إِنَّمَا يُؤْمِنُ
بِآيَتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ(15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ
الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَهُمْ
يُنفِقُونَ(16) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُن
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(17) أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ
فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُنَ(18) أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّلِحَتِ فَلَهُمْ جَنَّتُ الْمَأْوَى نُزُلاًَ بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ(19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا
أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا
عَذَابَ النَّارِ الَّذِى كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ(20) |
|
التّفسير |
|
|
جوائز
عظيمة لم يطّلع عليها أحد!
|
|
إنّ طريقة القرآن هي أنّه
يبيّن كثيراً من الحقائق من خلال مقارنتها مع بعضها،
لتكون مفهومة ومستقرّة في القلب تماماً، وهنا أيضاً بعد الشرح والتفصيل الذي مرّ في الآيات السابقة حول المجرمين والكافرين، فإنّه يتطرّق إلى صفات المؤمنين الحقيقيين البارزة، ويبيّن
اُصولهم العقائدية، وبرامجهم العملية بصورة مضغوطة ضمن آيتين بذكر ثمان صفات(ينبغي الإلتفات إلى أنّ الآية الاُولى هي اُولى السجدات
الواجبة في القرآن الكريم، وإذا ما تلاها أحد بتمامها، أو سمعها من آخر فيجب أن
يسجد. طبعاً لا يجب فيها الوضوء، لكن يجب الإحتياط في وضع الجبهة على ما يصحّ
السجود عليه.، ) فيقول أوّلا: (إنّما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خرّوا سجّداً وسبحوا
بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون). وبالرغم من أنّ الآيات هنا
ذكرت بصورة مطلقة، ولكن من المعلوم أنّ المراد
منها غالباً الآيات التي تدعو إلى التوحيد ومحاربة الشرك. وهنا تذكر الآية صفتين اُخريين لهؤلاء هما: «الخوف»
و «الرجاء»، فلا يأمنون غضب الله
عزّوجلّ، ولا ييأسون من رحمته، والتوازن بين
الخوف والرجاء هو ضمان تكاملهم وتوغّلهم في
الطريق إلى الله سبحانه، والحاكم على وجودهم
دائماً، لأنّ غلبة الخوف تجرّ الإنسان إلى اليأس والقنوط، وغلبة الرجاء تغري الإنسان وتجعله في غفلة، وكلاهما عدوّ للإنسان في سيره التكاملي إلى الله سبحانه. وتبيّن الآية التالية عدم المساواة هذه بصورة أوسع
وأكثر تفصيلا، فتقول: (أمّا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات فلهم جنّات المأوى(«المأوى» من مادّة (أوى) بمعنى إنضمام شيء إلى شيء
آخر، ثمّ قيلت للمكان والمسكن والمستقرّ.)) ثمّ تضيف الآية بأنّ هذه
الجنّات قد أعدّها الله تعالى لإستقبالهم في مقابل أعمالهم الصالحة: (نزلا بما كانوا يعملون). مرّة اُخرى نرى هنا العذاب الإلهي
قد جعل في مقابل «الكفر والتكذيب»، والثواب والجزاء
في مقابل «العمل»، وهذا
إشارة إلى أنّ الإيمان لا يكفي لوحده، بل
يجب أن يكون حافزاً وباعثاً على العمل، إلاّ أنّ
الكفر كاف لوحده للعذاب، وإن لم يرافقه ويقترن
به عمل. |
|
بحث
|
|
أصحاب
الليل!
|
|
ورد لجملة: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) تفسيران في الروايات
الإسلامية: |
|
الآيتان(21) (22)
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21)
|
|
وَلَنُذِيقَنَّهُم
مِّنَ الْعَذَابِ الاَْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاَْكْبَرِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ(21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ
عَنْهَا إِنَّا مِنَ الُْمجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ(22) |
|
التّفسير |
|
عقوبات
تربوية:
|
|
بعد البحث الذي مرّ في الآيات
السابقة حول المجرمين وعقابهم الأليم، فإنّ الآيات مورد البحث تشير إلى أحد الألطاف الإلهية الخفيّة وهي موارد العذاب الخفيف
في الدنيا ليتّضح أنّ الله سبحانه لا يريد أن يبتلى عبد بالعذاب الخالد أبداً، ولذلك يستخدم كلّ وسائل التوعية لنجاته، فيرسل الأنبياء،
وينزل الكتب السماوية، ينعم ويبتلي بالمصائب، وإذا لم تنفع أيّة وسيلة منها فليس
إلاّ نار الجحيم. وتتّضح من هذه الآية إحدى حكم المصائب والإبتلاءات والآلام التي تعتبر من
المسائل الملحّة والمثيرة للجدل في بحث التوحيد ومعرفة الله وعدله. |
|
الآيات(23) (25)
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَة مِّن لِّقَائِهِ
وَجَعَلْنَهُ هُدىً
|
|
وَلَقَدْ
ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَبَ فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَة مِّن لِّقَائِهِ
وَجَعَلْنَهُ هُدىً لِّبَنِى إِسْرَءِيلَ(23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً
يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَتِنَا يُوقِنُونَ(24)
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ فِيَما كَانُوا
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) |
|
التّفسير |
|
شرط
الإمامة: الصبر والإيمان:
|
|
تشير الآيات مورد البحث إشارة قصيرة وعابرة إلى
قصّة «موسى» (عليه السلام) وبني إسرائيل لتسلّي نبيّ الإسلام (صلى الله
عليه وآله) والمؤمنين الأوائل وتطيّب خواطرهم، وتدعوهم إلى الصبر والتحمّل
والثبات أمام تكذيب وإنكار المشركين التي اُشير إليها
في الآيات السابقة، ولتكون بشارة للمؤمنين بإنتصارهم على القوم الكافرين
العنودين كما إنتصر بنو إسرائيل على أعدائهم وأصبحوا أئمّة في الأرض. وتوضيح ذلك: أنّ الهداية قد وردت في الآيات والروايات بمعنيين: «تبيان الطريق»، و «الإيصال
إلى المطلوب»، وكذلك هداية الأئمّة الإلهيين تتّخذ صورتين:
فيكتفون أحياناً بالأمر والنهي، وأحياناً اُخرى ينفذون إلى أعماق القلوب المستعدّة والجديرة بالهداية
ليوصلوها إلى الأهداف التربوية والمقامات المعنوية. |
|
ملاحظة
|
|
صمود
وإستقامة القادة الإلهيين
|
|
قلنا: إنّه قد ذكر في الآيات
مورد البحث شرطان للأئمّة: الأوّل: الصبر
والثبات، والآخر: الإيمان واليقين بآيات الله. ولهذا الصبر والثبات فروعاً وأشكالا كثيرة: |
|
الآيات(26) (30) أَوَ
لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ
فِى مَسَكِنِهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ
|
|
أَوَ لَمْ يَهْدِ
لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِى
مَسَكِنِهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَت أَفَلاَ يَسْمَعُونَ(26) أَوَ لَمْ
يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الاَْرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ
زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَمُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ(27) وَيَقُولُونَ
مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ(28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لاَ
يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَنُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ(29) فَأَعْرِضْ
عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ(30) |
|
التّفسير |
|
يوم
إنتصارنا:
|
|
كانت الآيات السابقة ممزوجة
بتهديد المجرمين من الكفّار، وتقول الآية الاُولى من الآيات مورد البحث إكمالا
لهذا التهديد: (أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون(فاعل (لم يهد) يفهم من جملة (كم أهلكنا من قبلهم) والتقدير:
أو لم يهد لهم كثرة من أهلكنا.)) فهؤلاء يسيرون بين الخرائب ويرون آثار
اُولئك الأقوام الذين هلكوا من قبلهم (يمشون في مساكنهم)( ذكر أغلب المفسّرين في تفسير الآية ما ذكرناه
أعلاه، إلاّ أنّ البعض إحتمل أن تكون جملة (يمشون) بياناً لحال المهلكين، أي أنّ
اُولئك الأقوام كانوا في غفلة تامّة عن العذاب الإلهي، وكانوا يسيرون في مساكنهم
ويتنّعمون بها، إذ أتاهم عذاب الله بغتةً وأهلكهم. إلاّ أنّ هذا الإحتمال يبدو
بعيداً..) ب : إذا كان المراد من يوم الفتح يوم القيامة ـ كما إرتضى ذلك بعض المفسّرين ـ فإنّ ذلك لا يناسب
جملة: (ولا هم ينظرون) لأنّ إعطاء الفرصة وعدمه
يرتبط بالحياة الدنيا، إضافةً إلى أنّ «يوم الفتح» لم
يستعمل بمعنى يوم القيامة في أيّ موضع من القرآن الكريم. |
|
|
|