- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سورة لقمان مكّيّة
وعددُ آياتِها أربعَ وثلاثونَ آية
|
|
« محتوى سورة لقمان»
|
|
المعروف والمشهور بين المفسّرين أنّ هذه السورة نزلت في مكّة، وبالرغم من أنّ بعض
المفسّرين قد استثنى بعض آيات هذه السورة
كالشيخ الطوسي في (التبيان) حيث استثنى الآية
الرّابعة التي تتحدّث عن الصلاة والزكاة، أو الفخر
الرازي الذي استثنى مضافاً إلى هذه الآية،
والآية (27) التي تبحث في علم الله الواسع، إلاّ
أنّه لا يوجد دليل واضح لهذه الإستثناءات، لأنّ الصلاة
والزكاة ـ الزكاة بصورة عامّة طبعاً ـ كانتا موجودتين في مكّة أيضاً، وقضيّة
البحث عن سعة علم الله لا تصلح لأن تكون دليلا على كونها مدنية. القسم الثّالث: ينقل جانباً من كلام لقمان الحكيم والمتألّه في وصيّته
لإبنه، ويبدأ من التوحيد ومحاربة الشرك، وينتهي بالوصيّة بالإحسان إلى الوالدين،
والصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثبات أمام الحوادث الصعبة،
والبشاشة والطلاقة مع الناس، والتواضع والإعتدال في الاُمور. |
|
الآيات(1) (5) الم(1)
تِلْكَ ءَايَتُ الْكِتَبِ الْحَكِيمِ(2) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ
|
|
الم(1) تِلْكَ
ءَايَتُ الْكِتَبِ الْحَكِيمِ(2) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ(3) الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُم بِالاْخِرَةِ هُمْ
يُوقِنُونَ(4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ(5) |
|
التّفسير |
|
من
هم المحسنون؟
|
|
(الم) تبدأ
هذه السورة بذكر أهميّة وعظمة القرآن، وبيان
الحروف المقطّعة في بدايتها إشارة لطيفة إلى هذه
الحقيقة، وهي أنّ هذه الآيات التي تتركّب من حروف الألف باء البسيطة، لها محتوى
ومفهوم سام يغيّر مصير البشر بصورة تامّة. ولذلك فإنّها تقول بعد ذكر الحروف
المقطّعة: (تلك أيات الكتاب الحكيم). إنّ وصف «الكتاب» بـ «الحكيم» إمّا لقوّة ومتانة محتواه، لأنّ
الباطل لا يجد إليه طريقاً وسبيلا، ويطرد عن نفسه كلّ نوع من الخرافات
والأساطير، ولا يقول إلاّ الحقّ، ولا يدعو إلاّ إليه، وهذا
التعبير في مقابل (لهو الحديث) الذي يأتي في الآيات التالية تماماً. |
|
الآيات(6) (9) وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ
عِلْم وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً
|
|
وَمِنَ النَّاسِ
مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْم
وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ(6) وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِ ءَايَتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِى
أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَاب أَلِيم(7) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَهُمْ جَنَّتُ النَّعِيمِ(8) خَلِدِينَ فِيهَا وَعْدَ
اللهِ حَقَّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(9) |
|
سبب
النّزول
|
|
قال بعض المفسّرين: إنّ الآية الاُولى من هذه الآيات نزلت في «النضر بن
الحارث»، فقد كان تاجراً يسافر إلى ايران، وكان يحدّث قريشاً بقصص الإيرانيين
وأحاديثهم، وكان يقول: إذا كان محمّد يحدّثكم بقصص عاد وثمود فإنّي اُحدّثكم
بقصص رستم وإسفنديار وأخبار كسرى وسلاطين العجم، فكانوا يجتمعون حوله ويتركون
إستماع القرآن. |
|
التّفسير |
|
الغناء
أحد مكائد الشياطين الكبيرة.
|
|
الكلام في هذه الآيات عن
جماعة يقعون تماماً في الطرف المقابل لجماعة المحسنين والمؤمنين الذين ذكروا في
الآيات السابقة. ثمّ تذكر أخيراً عقاب مثل هؤلاء الأفراد الأليم فتقول: (فبشّره بعذاب أليم). |
|
بحوث
|
|
1
ـ تحريم الغناء
|
|
لا شكّ في أنّ الغناء بصورة إجمالية حرام على المشهور بين علماء الشيعة، وتصل هذه الشهرة إلى حدّ الإجماع. ففي حديث مروي عن
جابر بن عبدالله، عن النّبي (ص):
«كان إبليس أوّل من تغنّى»( المصدر السابق.). |
2 ـ ما هو
الغناء؟
|
|
لا يواجهنا إشكال مهم في حرمة
الغناء، إنّما الإشكال الصعب هو تشخيص موضوع الغناء، فهل أنّ كلّ صوت حسن غناء؟ |
|
3 ـ فلسفة تحريم
الغناء:
|
|
|
إنّ التدقيق في مفهوم الغناء
ـ مع الشروط التي قلناها في شرح هذا المفهوم ـ تجعل الغاية من تحريم الغناء
واضحة جدّاً. فبنظرة سريعة إلى معطيات الغناء سنواجه
المفاسد أدناه: |
|
أوّلا:
الترغيب والدعوة إلى فساد الأخلاق.
|
|
لقد بيّنت التجربة ـ والتجربة خير شاهد ـ أنّ كثيراً من الأفراد الواقعين
تحت تأثير موسيقى وألحان الغناء قد تركوا طريق التقوى، واتّجهوا نحو الشهوات
والفساد. |
|
ثانياً:
الغفلة عن ذكر الله:
|
|
إنّ التعبير باللهو الذي فسّر بالغناء في بعض الرّوايات الإسلامية إشارة إلى حقيقة أنّ الغناء يجعل الإنسان عبداً ثملا
من الشهوات حتّى يغفل عن ذكر الله. |
|
ثالثاً:
الإضرار بالأعصاب:
|
|
إنّ الغناء
والموسيقى ـ في الحقيقة ـ أحد العوامل
المهمّة في تخدير الأعصاب، وبتعبير آخر: إنّ
الموادّ المخدّرة ترد البدن عن طريق الفمّ والشرب أحياناً كالخمر، وأحياناً عن
طريق الشمّ وحاسّة الشمّ كالهيروئين، وأحياناً عن طريق التزريق كالمورفين،
وأحياناً عن طريق حاسّة السمع كالغناء. |
|
رابعاً:
الغناء أحد وسائل الإستعمار:
|
|
إنّ مستعمري العالم يخافون
دائماً من وعي الشعوب، وخاصّة الشباب، ولذلك فإنّ جانباً من برامجهم الواسعة
لإستمرار وإدامة الإستعمار هو إغراق المجتمعات بالغفلة والجهل والضلال، وتوسعة
وسائل اللهو المفسدة. |
|
الآيتان(10) (11)
خَلَق السَّمَوَتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الاَْرْضِ رَوَسِىَ
أَن تَمِيدَ بِكُمْ
|
|
خَلَق السَّمَوَتِ
بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الاَْرْضِ رَوَسِىَ أَن تَمِيدَ
بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّة وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْج كَرِيم(10) هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونى
مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّلِمُونَ فِى ضَلَل مُّبِين(11) |
التّفسير |
|
هذا خلق الله:
|
|
مواصلة للبحث حول القرآن
والإيمان به في الآيات السابقة، تتحدّث الآيتان أعلاه عن أدلّة التوحيد الذي هو
أهمّ الاُصول العقائدية. وبعد ذكر نعمة إستقرار السماء بأعمدة الجاذبية. وإستقرار وثبات الأرض بواسطة
الجبال، تصل النوبة إلى خلق الكائنات الحيّة وإستقرارها، بحيث تستطيع أن تضع
أقدامها في محيط هاديء مطمئن، فتقول: (وبثّ فيها من كلّ
دابّة). |
|
الآيات(12) (15)
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَنَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
|
|
|
وَلَقَدْ
ءَاتَيْنَا لُقْمَنَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ(12)
وَإِذْ قَالَ لُقْمَنُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ
بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)وَوَصَّيْنَا الإنسَنَ بِوَلِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن وَفِصَلُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ
لِى وَلِوَلِدَيْكَ إِلَىَّ الْمَصِيرُ(14) وَإِن جَهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ
بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى
الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ ثُمَّ إِلَىَّ
مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(15) |
|
التّفسير |
|
إحترام الوالدين:
|
|
لتكميل البحوث السابقة حول
التوحيد والشرك، وأهميّة وعظمة القرآن، والحكمة التي استعملت واتّبعت في هذا
الكتاب السماوي، فقد ورد الكلام في هذه الآيات التي
نبحثها والآيات الاُخرى التالية عن لقمان الحكيم، وعن جانب من المواعظ المهمّة
لهذا الرجل المتألّه في باب التوحيد ومحاربة الشرك، وقد إنعكست المسائل الأخلاقيّة المهمّة في مواعظ لقمان لإبنه. |
|
فما
هي الحكمة؟
|
|
في معرض الحديث عن ماهية
الحكمة ينبغي القول: إنّهم قد ذكروا للحكمة معاني كثيرة، مثل: معرفة أسرار عالم الوجود، والإحاطة
والعلم بحقائق القرآن، والوصول إلى الحقّ من جهة القول والعمل، ومعرفة الله. |
|
بحثان
|
|
1 ـ من هو لقمان؟
|
|
لقد ورد اسم
«لقمان» في آيتين من القرآن في هذه السورة، ولا يوجد في القرآن دليل صريح على أنّه كان نبيّاً أم لا، كما أنّ اُسلوب القرآن في شأن لقمان يوحي بأنّه لم يكن
نبيّاً، لأنّه يلاحظ في القرآن أنّ الكلام في شأن الأنبياء عادةً يدور
حول الرسالة والدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك وإنحرافات البيئة، وعدم المطالبة بالأجر والمكافأة، وكذلك بشارة الاُمم
وإنذارها، في حين أنّ أيّاً من هذه الاُمور لم يذكر في
شأن لقمان، والذي ورد هو مجموعة مواعظ خاصّة مع ولده (رغم شموليتها وعموميتها)، وهذا دليل على أنّه كان
رجلا حكيماً وحسب. |
|
2 ـ صور من حكمة
لقمان
|
|
لقد ذكر بعض المفسّرين بعضاً
من كلمات لقمان الحكيمة مناسبة للمواعظ التي وردت في آيات هذه السورة، ونحن نذكر هنا مختصراً منها: وأكثر التبسّم في وجوههم. وننهي هذا البحث بحديث عن الإمام
الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «والله ما اُوتي لقمان الحكمة لحسب ولا
مال ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنّه كان رجلا قويّاً في أمر الله، متورّعاً في
الله، ساكتاً سكيناً عميق النظر، طويل التفكّر، حديد البصر. |
|
الآيات(16) (19)
يَبُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي
صَخْرَة أَوْ فِى السَّمَوَتِ أَو فِى الاَْرْضِ
|
|
يَبُنَىَّ إِنَّهَا
إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي صَخْرَة أَوْ فِى
السَّمَوَتِ أَو فِى الاَْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
(16)يَبُنَىَّ أَقِمِ الصَّلَوةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْم
الاُْمُورِ(17) وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى الاَْرْضِ
مَرَحاً إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور(18) وَاقْصِدْ فِى
مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَتِ لَصَوْتُ
الْحَمِيرِ(19) |
|
التّفسير |
|
أثبت
كالجبل، وعامل الناس بالحسنى!
|
|
كانت اُولى مواعظ لقمان عن مسألة التوحيد ومحاربة الشرك، وثانيتها عن حساب الأعمال والمعاد، والتي تكمّل حلقة
المبدأ والمعاد، فيقول: (يابنيّ إنّها إن تك مثقال حبّة
من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله) أي في
يوم القيامة ويضعها للحساب (إنّ الله لطيف خبير). «الخردل»: نبات له حبّات سوداء صغيرة جدّاً يضرب المثل بصغرها،
وهذا التعبير إشارة إلى أنّ أعمال الخير والشرّ مهما كانت صغيرة لا قيمة لها،
ومهما كانت خفيّة كخردلة في بطن صخرة في أعماق الأرض، أو في زاوية من السماء،
فإنّ الله اللطيف الخبير المطّلع على كلّ الموجودات، صغيرها وكبيرها في جميع
أنحاء العالم، سيحضرها للحساب والعقاب والثواب، ولا يضيّع شيء في هذا الحساب. «تُصَعّر»: من
مادّة (صعّر)، وهي في الأصل مرض يصيب البعير فيؤدّي إلى إعوجاج رقبته. |
|
تعليقات
|
|
1 ـ آداب المشي
|
|
صحيح أنّ المشي مسألة سهلة
وبسيطة، إلاّ أنّ نفس هذه المسألة السهلة يمكن أن تعكس أحوال وأوضاع الإنسان
الداخلية والأخلاقية، وقد تحدّد ملامح شخصيته، لأنّ
روحيّة الإنسان وأخلاقه تنعكس في طيّات كلّ
أعماله، كما قلنا سابقاً، وقد يكون العمل الصغير حاكياً عن روحية متأصّلة
أحياناً. ولمّا كان الإسلام قد اهتمّ بكلّ أبعاد الحياة، فإنّه لم يهمل شيئاً في
هذا الباب أيضاً. |
|
2 ـ آداب الحديث
|
|
لقد وردت إشارة إلى آداب
الحديث في مواعظ لقمان، وقد فتح في الإسلام باب واسع لهذه المسألة، وذكرت فيه
آداب كثيرة من جملتها: |
|
3 ـ آداب العشرة
|
|
لقد اهتّمت الروايات
الإسلامية الواردة عن النّبي (صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت (عليهم
السلام)بمسألة التواضع وحسن الخُلُق والملاطفة في المعاملة، وترك الخشونة
والجفاء في المعاشرة، إهتماماً قلّ نظيره في الموارد الاُخرى، وأفضل وأبلغ شاهد
في هذا الباب هي الروايات الإسلامية نفسها، ونذكر منها هنا نماذج: |
|
الآيات(20) (24)
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى
الاَْرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
|
|
أَلَمْ تَرَوْا
أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمنَ النَّاسِ مَن يُجَدِلُ فِى
اللهِ بِغَيْرِ عِلْم وَلاَ هُدىً وَلاَ كِتَب مُّنِير(20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ
ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَنُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ
السَّعِيرِ(21) وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللهِ عَقِبَةُ الاُْمُورِ(22)
وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم
بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا
ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَاب غَلِيظ(24) |
|
التّفسير |
|
بعد إنتهاء مواعظ
لقمان العشر حول المبدأ والمعاد وطريقة
الحياة، وخطط وبرامج القرآن الأخلاقية والإجتماعية، ولأجل إكمال البحث، تتّجه
الآيات إلى بيان نعم الله تعالى لتبعث في الناس حسن الشكر .. الشكر الذي يكون
منبعاً لمعرفة الله وطاعة أوامره(إعتقد بعض المفسّرين
كالآلوسي في روح المعاني، والفخر الرازي في التّفسير الكبير، بأنّ هذه الآيات
مرتبطة بالآيات التي سبقت مواعظ لقمان، حيث تخاطب المشركين: (هذا خلق الله
فأروني ماذا خلق الذين من دونه) وتقول في الآيات مورد البحث: (ألم تروا أنّ الله
سخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض). إلاّ أنّ آخر هذه الآية والآيات التي
بعدها، والروايات الواردة في تفسيرها تتناسب مع عموميّة الآية.)، فيوجّه
الخطاب لكلّ البشر، فيقول: (ألم تروا أنّ الله سخّر لكم
ما في السماوات وما في الأرض). وفي حديث عن
الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أنّ ابن عبّاس سأله عن النعم الظاهرة والباطنة فقال (صلى الله عليه وآله): «يابن عبّاس،
أمّا ما ظهر فالإسلام وما سوّى الله من خلقك، وما أفاض عليك من الرزق، وأمّا ما
بطن فستر مساويء عملك ولم يفضحك به»( مجمع البيان، ذيل
الآية مورد البحث.). ومثل هذه التعبيرات التي وردت
مراراً في القرآن، تبيّن أنّ النّبي الأكرم (ص)كان يتألّم ويتعذّب كثيراً عندما
يرى الجاهلين العنودين يتركون سبيل الله مع تلك الدلائل البيّنة والعلامات الواضحة،
ويسلكون سبيل الغيّ والضلال، وكان يغتمّ إلى درجة أنّ الله تعالى كان يسلّي
خاطره في عدّة مرّات، وهذا دأب وحال المرشد والقائد الحريص المخلص. |
|
الآيات(25) (30)
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
|
|
وَلَئِن
سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ(25) لِلَّهِ مَا فِى
السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ(26) وَلَوْ
أَنَّمَا فِى الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن
بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ(27) مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْس وَحِدَة إِنَّ
اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ الَّيْلَ فِى
النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
كُلٌّ يَجْرِى إِلَى أَجَل مُّسَمّىً وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ(29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن
دُونِهِ الْبَطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ(30) |
|
التّفسير |
|
عشر
صفات لله سبحانه:
|
|
بيّنت الآيات الستّة أعلاه
مجموعة من صفات الله سبحانه، وهي عشر صفات رئيسيّة،
أو عشرة أسماء من الأسماء الحسنى: إنّه غنيّ على الإطلاق، وحميد
من كلّ جهة، لأنّ كلّ موهبة في هذا العالم تعود إليه، وكلّ ما يملكه الإنسان فانّه
صادر منه وخزائن كلّ الخيرات بيده، وهذا دليل حيّ على غناه. وعلى كلّ حال، فإنّ القرآن
الكريم ولأجل تجسيد علم الله اللامتناهي يقول: (ولو أنّ
ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله
إنّ الله عزيز حكيم). وكذلك لو كانت كلّ البحار
والمحيطات الموجودة، والتي تشكّل ثلاثة أرباع الكرة الأرضيّة تقريباً، بذلك
العمق الساحق، تصبح حبراً، عند ذلك يتّضح عظمة ما سيكتب، وكم من العلوم يمكن
كتابتها بهذا المقدار من الأقلام والحبر! سيّما مع ملاحظة مضاعفة ذلك بإضافة
سبعة أبحر اُخرى، وكلّ واحد منها يعادل كلّ محيطات الأرض، وبالأخصّ إذا علمنا
أنّ عدد السبعة هنا لا يعني العدد، بل للكثرة والإشارة إلى البحار التي لا عدّ
لها، فعند ذلك ستّتضح سعة علم الله عزّوجلّ وترامي أطرافه، ومع ذلك فإنّ كلّ هذه
الأقلام والمحابر تنتهي ولكنّ علومه سبحانه لا تعرف النهاية. إنتخاب كلمة (سبع)
للكثرة في لغة العرب، ربّما كان بسبب
أنّ السابقين كانوا يعتقدون أنّ عدد كواكب المنظومة الشمسية سبعة كواكب ـ وفي
أنّ ما يرى اليوم بالعين المجرّدة من المنظومة الشمسية سبعة كواكب لا أكثر ـ ومع
ملاحظة أنّ الأسبوع دورة زمانية كاملة تتكوّن من سبعة أيّام لا أكثر، وأنّهم
كانوا يقسّمون كلّ الكرة الأرضية إلى سبع مناطق، وكانوا
قد وضعوا لها اسم الأقاليم السبعة، سيتّضح لماذا إنتخب عدد السبعة كعدد
كامل من بين الأعداد، واستعمل لبيان الكثرة(تحدّثنا حول
(علم الله المطلق) في ذيل الآية (109) من سورة الكهف.). إنّ الحقّ إشارة إلى الوجود
الحقيقي الثابت، وفي هذا العالم فإنّ الوجود الحقيقي القائم بذاته والثابت
المستقرّ الخالد هو الله فقط، وكلّ ما عداه لا وجود له بذاته وهو عين البطلان،
حيث إنّه يستمدّ وجوده عن طريق الإرتباط بذلك الوجود الحقّ الدائم، فإذا إنقطع
الفيض عنه لحظة فإنّه سيفنى ويُمحى في ظلمات الفناء والعدم، وبهذا فإنّه كلّما
قوي إرتباط الموجودات الاُخرى بوجود الله تعالى فإنّها تكتسب بتلك النسبة حقّاً
أكبر. |
|
الآيتان(31) (32)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ
لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَتِهِ
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَتِهِ
إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَت لِّكُلِّ صَبَّار شَكُور(31) وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ
كَالظُّلَلِ دَعُوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّهُمْ إِلَى
الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّار
كَفُور(32) |
|
التّفسير |
|
في
دوّامة البلاء!
|
|
يدور البحث والحديث في هاتين
الآيتين أيضاً عن نعم الله سبحانه، وأدلّة التوحيد في الآفاق والأنفس، فالحديث
في الآية الاُولى عن دليل النظام، وفي الآية الثّانية عن التوحيد الفطري، وهما
في المجموع تكمّلان البحوث التي وردت في الآيات السابقة. |
|
الآيتان(33) (34)
يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِى
وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن
وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَاز عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ
حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ
الْغَرُورُ(33) إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ
وَيَعْلَمُ مَا فِى الاَْرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً
وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْض تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(34) |
|
التّفسير |
|
سعة
علم الله:
|
|
في هاتين الآيتين اللتين هما آخر آيات سورة لقمان، تلخيص للمواعظ والنصائح السابقة ولأدلّة التوحيد
والمعاد، وتوجيه الناس إلى الله واليوم الآخر وتحذير من الغرور الناشيء من
الدنيا والشيطان، ثمّ الحديث عن سعة علم الله سبحانه وشموله لكلّ شيء، فتقول: (ياأيّها الناس اتّقوا ربّكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن
ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً). إنّ الدستور الأوّل هو
التوجّه إلى المعاد، فالدستور الأوّل يحيي في الإنسان قوّة المراقبة، والثّاني
ينمّي روح الثواب والعقاب، ولا شكّ أنّ الإنسان الذي يعلم أنّ شخصاً خبيراً
ومطّلعاً على كلّ أعماله يراه ويعلم به ويسجّل كلّ أعماله، ومن ناحية اُخرى يعلم
أنّ محكمة عادلة ستتشكّل للتحقيق في كلّ جزئيات أعماله، لا يمكن أن يتلوّث بأدنى
فساد ومعصية. |
|
بحوث
|
|
1 ـ أنواع الغرور
والخدع!
|
|
إنّ الآيات أعلاه تحذّر من
الإنخداع والإغترار بزخارف الحياة الدنيا وبهارجها، ثمّ تتحدّث عن خدع الشيطان
ومكائده، وتعلن عن خطورته، لأنّ الناس عدّة أقسام: |
|
2 ـ خداع الدنيا
|
|
لا شكّ أنّ كثيراً من مظاهر
الحياة الدنيا غارّة ومضلّة، وقد تشغل الإنسان بها نهاية
سورة لقمان |
|
|
|
|
سورة لقمان مكّيّة
وعددُ آياتِها أربعَ وثلاثونَ آية
|
|
« محتوى سورة لقمان»
|
|
المعروف والمشهور بين المفسّرين أنّ هذه السورة نزلت في مكّة، وبالرغم من أنّ بعض
المفسّرين قد استثنى بعض آيات هذه السورة
كالشيخ الطوسي في (التبيان) حيث استثنى الآية
الرّابعة التي تتحدّث عن الصلاة والزكاة، أو الفخر
الرازي الذي استثنى مضافاً إلى هذه الآية،
والآية (27) التي تبحث في علم الله الواسع، إلاّ
أنّه لا يوجد دليل واضح لهذه الإستثناءات، لأنّ الصلاة
والزكاة ـ الزكاة بصورة عامّة طبعاً ـ كانتا موجودتين في مكّة أيضاً، وقضيّة
البحث عن سعة علم الله لا تصلح لأن تكون دليلا على كونها مدنية. القسم الثّالث: ينقل جانباً من كلام لقمان الحكيم والمتألّه في وصيّته
لإبنه، ويبدأ من التوحيد ومحاربة الشرك، وينتهي بالوصيّة بالإحسان إلى الوالدين،
والصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثبات أمام الحوادث الصعبة،
والبشاشة والطلاقة مع الناس، والتواضع والإعتدال في الاُمور. |
|
الآيات(1) (5) الم(1)
تِلْكَ ءَايَتُ الْكِتَبِ الْحَكِيمِ(2) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ
|
|
الم(1) تِلْكَ
ءَايَتُ الْكِتَبِ الْحَكِيمِ(2) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ(3) الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُم بِالاْخِرَةِ هُمْ
يُوقِنُونَ(4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدىً مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ(5) |
|
التّفسير |
|
من
هم المحسنون؟
|
|
(الم) تبدأ
هذه السورة بذكر أهميّة وعظمة القرآن، وبيان
الحروف المقطّعة في بدايتها إشارة لطيفة إلى هذه
الحقيقة، وهي أنّ هذه الآيات التي تتركّب من حروف الألف باء البسيطة، لها محتوى
ومفهوم سام يغيّر مصير البشر بصورة تامّة. ولذلك فإنّها تقول بعد ذكر الحروف
المقطّعة: (تلك أيات الكتاب الحكيم). إنّ وصف «الكتاب» بـ «الحكيم» إمّا لقوّة ومتانة محتواه، لأنّ
الباطل لا يجد إليه طريقاً وسبيلا، ويطرد عن نفسه كلّ نوع من الخرافات
والأساطير، ولا يقول إلاّ الحقّ، ولا يدعو إلاّ إليه، وهذا
التعبير في مقابل (لهو الحديث) الذي يأتي في الآيات التالية تماماً. |
|
الآيات(6) (9) وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ
عِلْم وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً
|
|
وَمِنَ النَّاسِ
مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْم
وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ(6) وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِ ءَايَتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِى
أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَاب أَلِيم(7) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَهُمْ جَنَّتُ النَّعِيمِ(8) خَلِدِينَ فِيهَا وَعْدَ
اللهِ حَقَّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(9) |
|
سبب
النّزول
|
|
قال بعض المفسّرين: إنّ الآية الاُولى من هذه الآيات نزلت في «النضر بن
الحارث»، فقد كان تاجراً يسافر إلى ايران، وكان يحدّث قريشاً بقصص الإيرانيين
وأحاديثهم، وكان يقول: إذا كان محمّد يحدّثكم بقصص عاد وثمود فإنّي اُحدّثكم
بقصص رستم وإسفنديار وأخبار كسرى وسلاطين العجم، فكانوا يجتمعون حوله ويتركون
إستماع القرآن. |
|
التّفسير |
|
الغناء
أحد مكائد الشياطين الكبيرة.
|
|
الكلام في هذه الآيات عن
جماعة يقعون تماماً في الطرف المقابل لجماعة المحسنين والمؤمنين الذين ذكروا في
الآيات السابقة. ثمّ تذكر أخيراً عقاب مثل هؤلاء الأفراد الأليم فتقول: (فبشّره بعذاب أليم). |
|
بحوث
|
|
1
ـ تحريم الغناء
|
|
لا شكّ في أنّ الغناء بصورة إجمالية حرام على المشهور بين علماء الشيعة، وتصل هذه الشهرة إلى حدّ الإجماع. ففي حديث مروي عن
جابر بن عبدالله، عن النّبي (ص):
«كان إبليس أوّل من تغنّى»( المصدر السابق.). |
2 ـ ما هو
الغناء؟
|
|
لا يواجهنا إشكال مهم في حرمة
الغناء، إنّما الإشكال الصعب هو تشخيص موضوع الغناء، فهل أنّ كلّ صوت حسن غناء؟ |
|
3 ـ فلسفة تحريم
الغناء:
|
|
|
إنّ التدقيق في مفهوم الغناء
ـ مع الشروط التي قلناها في شرح هذا المفهوم ـ تجعل الغاية من تحريم الغناء
واضحة جدّاً. فبنظرة سريعة إلى معطيات الغناء سنواجه
المفاسد أدناه: |
|
أوّلا:
الترغيب والدعوة إلى فساد الأخلاق.
|
|
لقد بيّنت التجربة ـ والتجربة خير شاهد ـ أنّ كثيراً من الأفراد الواقعين
تحت تأثير موسيقى وألحان الغناء قد تركوا طريق التقوى، واتّجهوا نحو الشهوات
والفساد. |
|
ثانياً:
الغفلة عن ذكر الله:
|
|
إنّ التعبير باللهو الذي فسّر بالغناء في بعض الرّوايات الإسلامية إشارة إلى حقيقة أنّ الغناء يجعل الإنسان عبداً ثملا
من الشهوات حتّى يغفل عن ذكر الله. |
|
ثالثاً:
الإضرار بالأعصاب:
|
|
إنّ الغناء
والموسيقى ـ في الحقيقة ـ أحد العوامل
المهمّة في تخدير الأعصاب، وبتعبير آخر: إنّ
الموادّ المخدّرة ترد البدن عن طريق الفمّ والشرب أحياناً كالخمر، وأحياناً عن
طريق الشمّ وحاسّة الشمّ كالهيروئين، وأحياناً عن طريق التزريق كالمورفين،
وأحياناً عن طريق حاسّة السمع كالغناء. |
|
رابعاً:
الغناء أحد وسائل الإستعمار:
|
|
إنّ مستعمري العالم يخافون
دائماً من وعي الشعوب، وخاصّة الشباب، ولذلك فإنّ جانباً من برامجهم الواسعة
لإستمرار وإدامة الإستعمار هو إغراق المجتمعات بالغفلة والجهل والضلال، وتوسعة
وسائل اللهو المفسدة. |
|
الآيتان(10) (11)
خَلَق السَّمَوَتِ بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الاَْرْضِ رَوَسِىَ
أَن تَمِيدَ بِكُمْ
|
|
خَلَق السَّمَوَتِ
بِغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى الاَْرْضِ رَوَسِىَ أَن تَمِيدَ
بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّة وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْج كَرِيم(10) هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونى
مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّلِمُونَ فِى ضَلَل مُّبِين(11) |
التّفسير |
|
هذا خلق الله:
|
|
مواصلة للبحث حول القرآن
والإيمان به في الآيات السابقة، تتحدّث الآيتان أعلاه عن أدلّة التوحيد الذي هو
أهمّ الاُصول العقائدية. وبعد ذكر نعمة إستقرار السماء بأعمدة الجاذبية. وإستقرار وثبات الأرض بواسطة
الجبال، تصل النوبة إلى خلق الكائنات الحيّة وإستقرارها، بحيث تستطيع أن تضع
أقدامها في محيط هاديء مطمئن، فتقول: (وبثّ فيها من كلّ
دابّة). |
|
الآيات(12) (15)
وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَنَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
|
|
|
وَلَقَدْ
ءَاتَيْنَا لُقْمَنَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ
فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ(12)
وَإِذْ قَالَ لُقْمَنُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَبُنَىَّ لاَ تُشْرِكْ
بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)وَوَصَّيْنَا الإنسَنَ بِوَلِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن وَفِصَلُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ
لِى وَلِوَلِدَيْكَ إِلَىَّ الْمَصِيرُ(14) وَإِن جَهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ
بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى
الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَىَّ ثُمَّ إِلَىَّ
مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(15) |
|
التّفسير |
|
إحترام الوالدين:
|
|
لتكميل البحوث السابقة حول
التوحيد والشرك، وأهميّة وعظمة القرآن، والحكمة التي استعملت واتّبعت في هذا
الكتاب السماوي، فقد ورد الكلام في هذه الآيات التي
نبحثها والآيات الاُخرى التالية عن لقمان الحكيم، وعن جانب من المواعظ المهمّة
لهذا الرجل المتألّه في باب التوحيد ومحاربة الشرك، وقد إنعكست المسائل الأخلاقيّة المهمّة في مواعظ لقمان لإبنه. |
|
فما
هي الحكمة؟
|
|
في معرض الحديث عن ماهية
الحكمة ينبغي القول: إنّهم قد ذكروا للحكمة معاني كثيرة، مثل: معرفة أسرار عالم الوجود، والإحاطة
والعلم بحقائق القرآن، والوصول إلى الحقّ من جهة القول والعمل، ومعرفة الله. |
|
بحثان
|
|
1 ـ من هو لقمان؟
|
|
لقد ورد اسم
«لقمان» في آيتين من القرآن في هذه السورة، ولا يوجد في القرآن دليل صريح على أنّه كان نبيّاً أم لا، كما أنّ اُسلوب القرآن في شأن لقمان يوحي بأنّه لم يكن
نبيّاً، لأنّه يلاحظ في القرآن أنّ الكلام في شأن الأنبياء عادةً يدور
حول الرسالة والدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك وإنحرافات البيئة، وعدم المطالبة بالأجر والمكافأة، وكذلك بشارة الاُمم
وإنذارها، في حين أنّ أيّاً من هذه الاُمور لم يذكر في
شأن لقمان، والذي ورد هو مجموعة مواعظ خاصّة مع ولده (رغم شموليتها وعموميتها)، وهذا دليل على أنّه كان
رجلا حكيماً وحسب. |
|
2 ـ صور من حكمة
لقمان
|
|
لقد ذكر بعض المفسّرين بعضاً
من كلمات لقمان الحكيمة مناسبة للمواعظ التي وردت في آيات هذه السورة، ونحن نذكر هنا مختصراً منها: وأكثر التبسّم في وجوههم. وننهي هذا البحث بحديث عن الإمام
الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «والله ما اُوتي لقمان الحكمة لحسب ولا
مال ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنّه كان رجلا قويّاً في أمر الله، متورّعاً في
الله، ساكتاً سكيناً عميق النظر، طويل التفكّر، حديد البصر. |
|
الآيات(16) (19)
يَبُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي
صَخْرَة أَوْ فِى السَّمَوَتِ أَو فِى الاَْرْضِ
|
|
يَبُنَىَّ إِنَّهَا
إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي صَخْرَة أَوْ فِى
السَّمَوَتِ أَو فِى الاَْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
(16)يَبُنَىَّ أَقِمِ الصَّلَوةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْم
الاُْمُورِ(17) وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى الاَْرْضِ
مَرَحاً إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور(18) وَاقْصِدْ فِى
مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَتِ لَصَوْتُ
الْحَمِيرِ(19) |
|
التّفسير |
|
أثبت
كالجبل، وعامل الناس بالحسنى!
|
|
كانت اُولى مواعظ لقمان عن مسألة التوحيد ومحاربة الشرك، وثانيتها عن حساب الأعمال والمعاد، والتي تكمّل حلقة
المبدأ والمعاد، فيقول: (يابنيّ إنّها إن تك مثقال حبّة
من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله) أي في
يوم القيامة ويضعها للحساب (إنّ الله لطيف خبير). «الخردل»: نبات له حبّات سوداء صغيرة جدّاً يضرب المثل بصغرها،
وهذا التعبير إشارة إلى أنّ أعمال الخير والشرّ مهما كانت صغيرة لا قيمة لها،
ومهما كانت خفيّة كخردلة في بطن صخرة في أعماق الأرض، أو في زاوية من السماء،
فإنّ الله اللطيف الخبير المطّلع على كلّ الموجودات، صغيرها وكبيرها في جميع
أنحاء العالم، سيحضرها للحساب والعقاب والثواب، ولا يضيّع شيء في هذا الحساب. «تُصَعّر»: من
مادّة (صعّر)، وهي في الأصل مرض يصيب البعير فيؤدّي إلى إعوجاج رقبته. |
|
تعليقات
|
|
1 ـ آداب المشي
|
|
صحيح أنّ المشي مسألة سهلة
وبسيطة، إلاّ أنّ نفس هذه المسألة السهلة يمكن أن تعكس أحوال وأوضاع الإنسان
الداخلية والأخلاقية، وقد تحدّد ملامح شخصيته، لأنّ
روحيّة الإنسان وأخلاقه تنعكس في طيّات كلّ
أعماله، كما قلنا سابقاً، وقد يكون العمل الصغير حاكياً عن روحية متأصّلة
أحياناً. ولمّا كان الإسلام قد اهتمّ بكلّ أبعاد الحياة، فإنّه لم يهمل شيئاً في
هذا الباب أيضاً. |
|
2 ـ آداب الحديث
|
|
لقد وردت إشارة إلى آداب
الحديث في مواعظ لقمان، وقد فتح في الإسلام باب واسع لهذه المسألة، وذكرت فيه
آداب كثيرة من جملتها: |
|
3 ـ آداب العشرة
|
|
لقد اهتّمت الروايات
الإسلامية الواردة عن النّبي (صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت (عليهم
السلام)بمسألة التواضع وحسن الخُلُق والملاطفة في المعاملة، وترك الخشونة
والجفاء في المعاشرة، إهتماماً قلّ نظيره في الموارد الاُخرى، وأفضل وأبلغ شاهد
في هذا الباب هي الروايات الإسلامية نفسها، ونذكر منها هنا نماذج: |
|
الآيات(20) (24)
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى
الاَْرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
|
|
أَلَمْ تَرَوْا
أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَوَتِ وَمَا فِى الاَْرْضِ وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمنَ النَّاسِ مَن يُجَدِلُ فِى
اللهِ بِغَيْرِ عِلْم وَلاَ هُدىً وَلاَ كِتَب مُّنِير(20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ
اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ
ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَنُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ
السَّعِيرِ(21) وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللهِ عَقِبَةُ الاُْمُورِ(22)
وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم
بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ(23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا
ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَاب غَلِيظ(24) |
|
التّفسير |
|
بعد إنتهاء مواعظ
لقمان العشر حول المبدأ والمعاد وطريقة
الحياة، وخطط وبرامج القرآن الأخلاقية والإجتماعية، ولأجل إكمال البحث، تتّجه
الآيات إلى بيان نعم الله تعالى لتبعث في الناس حسن الشكر .. الشكر الذي يكون
منبعاً لمعرفة الله وطاعة أوامره(إعتقد بعض المفسّرين
كالآلوسي في روح المعاني، والفخر الرازي في التّفسير الكبير، بأنّ هذه الآيات
مرتبطة بالآيات التي سبقت مواعظ لقمان، حيث تخاطب المشركين: (هذا خلق الله
فأروني ماذا خلق الذين من دونه) وتقول في الآيات مورد البحث: (ألم تروا أنّ الله
سخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض). إلاّ أنّ آخر هذه الآية والآيات التي
بعدها، والروايات الواردة في تفسيرها تتناسب مع عموميّة الآية.)، فيوجّه
الخطاب لكلّ البشر، فيقول: (ألم تروا أنّ الله سخّر لكم
ما في السماوات وما في الأرض). وفي حديث عن
الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أنّ ابن عبّاس سأله عن النعم الظاهرة والباطنة فقال (صلى الله عليه وآله): «يابن عبّاس،
أمّا ما ظهر فالإسلام وما سوّى الله من خلقك، وما أفاض عليك من الرزق، وأمّا ما
بطن فستر مساويء عملك ولم يفضحك به»( مجمع البيان، ذيل
الآية مورد البحث.). ومثل هذه التعبيرات التي وردت
مراراً في القرآن، تبيّن أنّ النّبي الأكرم (ص)كان يتألّم ويتعذّب كثيراً عندما
يرى الجاهلين العنودين يتركون سبيل الله مع تلك الدلائل البيّنة والعلامات الواضحة،
ويسلكون سبيل الغيّ والضلال، وكان يغتمّ إلى درجة أنّ الله تعالى كان يسلّي
خاطره في عدّة مرّات، وهذا دأب وحال المرشد والقائد الحريص المخلص. |
|
الآيات(25) (30)
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
|
|
وَلَئِن
سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ(25) لِلَّهِ مَا فِى
السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ(26) وَلَوْ
أَنَّمَا فِى الاَْرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن
بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ(27) مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْس وَحِدَة إِنَّ
اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ الَّيْلَ فِى
النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
كُلٌّ يَجْرِى إِلَى أَجَل مُّسَمّىً وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرٌ(29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن
دُونِهِ الْبَطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ(30) |
|
التّفسير |
|
عشر
صفات لله سبحانه:
|
|
بيّنت الآيات الستّة أعلاه
مجموعة من صفات الله سبحانه، وهي عشر صفات رئيسيّة،
أو عشرة أسماء من الأسماء الحسنى: إنّه غنيّ على الإطلاق، وحميد
من كلّ جهة، لأنّ كلّ موهبة في هذا العالم تعود إليه، وكلّ ما يملكه الإنسان فانّه
صادر منه وخزائن كلّ الخيرات بيده، وهذا دليل حيّ على غناه. وعلى كلّ حال، فإنّ القرآن
الكريم ولأجل تجسيد علم الله اللامتناهي يقول: (ولو أنّ
ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله
إنّ الله عزيز حكيم). وكذلك لو كانت كلّ البحار
والمحيطات الموجودة، والتي تشكّل ثلاثة أرباع الكرة الأرضيّة تقريباً، بذلك
العمق الساحق، تصبح حبراً، عند ذلك يتّضح عظمة ما سيكتب، وكم من العلوم يمكن
كتابتها بهذا المقدار من الأقلام والحبر! سيّما مع ملاحظة مضاعفة ذلك بإضافة
سبعة أبحر اُخرى، وكلّ واحد منها يعادل كلّ محيطات الأرض، وبالأخصّ إذا علمنا
أنّ عدد السبعة هنا لا يعني العدد، بل للكثرة والإشارة إلى البحار التي لا عدّ
لها، فعند ذلك ستّتضح سعة علم الله عزّوجلّ وترامي أطرافه، ومع ذلك فإنّ كلّ هذه
الأقلام والمحابر تنتهي ولكنّ علومه سبحانه لا تعرف النهاية. إنتخاب كلمة (سبع)
للكثرة في لغة العرب، ربّما كان بسبب
أنّ السابقين كانوا يعتقدون أنّ عدد كواكب المنظومة الشمسية سبعة كواكب ـ وفي
أنّ ما يرى اليوم بالعين المجرّدة من المنظومة الشمسية سبعة كواكب لا أكثر ـ ومع
ملاحظة أنّ الأسبوع دورة زمانية كاملة تتكوّن من سبعة أيّام لا أكثر، وأنّهم
كانوا يقسّمون كلّ الكرة الأرضية إلى سبع مناطق، وكانوا
قد وضعوا لها اسم الأقاليم السبعة، سيتّضح لماذا إنتخب عدد السبعة كعدد
كامل من بين الأعداد، واستعمل لبيان الكثرة(تحدّثنا حول
(علم الله المطلق) في ذيل الآية (109) من سورة الكهف.). إنّ الحقّ إشارة إلى الوجود
الحقيقي الثابت، وفي هذا العالم فإنّ الوجود الحقيقي القائم بذاته والثابت
المستقرّ الخالد هو الله فقط، وكلّ ما عداه لا وجود له بذاته وهو عين البطلان،
حيث إنّه يستمدّ وجوده عن طريق الإرتباط بذلك الوجود الحقّ الدائم، فإذا إنقطع
الفيض عنه لحظة فإنّه سيفنى ويُمحى في ظلمات الفناء والعدم، وبهذا فإنّه كلّما
قوي إرتباط الموجودات الاُخرى بوجود الله تعالى فإنّها تكتسب بتلك النسبة حقّاً
أكبر. |
|
الآيتان(31) (32)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ
لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَتِهِ
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَتِهِ
إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَت لِّكُلِّ صَبَّار شَكُور(31) وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ
كَالظُّلَلِ دَعُوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّهُمْ إِلَى
الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّار
كَفُور(32) |
|
التّفسير |
|
في
دوّامة البلاء!
|
|
يدور البحث والحديث في هاتين
الآيتين أيضاً عن نعم الله سبحانه، وأدلّة التوحيد في الآفاق والأنفس، فالحديث
في الآية الاُولى عن دليل النظام، وفي الآية الثّانية عن التوحيد الفطري، وهما
في المجموع تكمّلان البحوث التي وردت في الآيات السابقة. |
|
الآيتان(33) (34)
يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِى
وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ
|
|
يَأَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن
وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَاز عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ
حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ
الْغَرُورُ(33) إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ
وَيَعْلَمُ مَا فِى الاَْرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً
وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْض تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(34) |
|
التّفسير |
|
سعة
علم الله:
|
|
في هاتين الآيتين اللتين هما آخر آيات سورة لقمان، تلخيص للمواعظ والنصائح السابقة ولأدلّة التوحيد
والمعاد، وتوجيه الناس إلى الله واليوم الآخر وتحذير من الغرور الناشيء من
الدنيا والشيطان، ثمّ الحديث عن سعة علم الله سبحانه وشموله لكلّ شيء، فتقول: (ياأيّها الناس اتّقوا ربّكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن
ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً). إنّ الدستور الأوّل هو
التوجّه إلى المعاد، فالدستور الأوّل يحيي في الإنسان قوّة المراقبة، والثّاني
ينمّي روح الثواب والعقاب، ولا شكّ أنّ الإنسان الذي يعلم أنّ شخصاً خبيراً
ومطّلعاً على كلّ أعماله يراه ويعلم به ويسجّل كلّ أعماله، ومن ناحية اُخرى يعلم
أنّ محكمة عادلة ستتشكّل للتحقيق في كلّ جزئيات أعماله، لا يمكن أن يتلوّث بأدنى
فساد ومعصية. |
|
بحوث
|
|
1 ـ أنواع الغرور
والخدع!
|
|
إنّ الآيات أعلاه تحذّر من
الإنخداع والإغترار بزخارف الحياة الدنيا وبهارجها، ثمّ تتحدّث عن خدع الشيطان
ومكائده، وتعلن عن خطورته، لأنّ الناس عدّة أقسام: |
|
2 ـ خداع الدنيا
|
|
لا شكّ أنّ كثيراً من مظاهر
الحياة الدنيا غارّة ومضلّة، وقد تشغل الإنسان بها نهاية
سورة لقمان |
|
|
|