- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة
العنكبوت مكيّة وَعَدَدُ آياتِهَا تسع وسَتُونَ آية
|
|
محتوى
سورة العنكبوت!
|
|
المشهور بين جمع من المحققين أنّ جميع
آيات هذه السورة نازلة بمكّة، فيكون محتواها منسجماً مع محتوى السور المكية. |
|
فضيلة
هذه السورة!
|
|
ورد في تفسير مجمع
البيان عن الرّسول الأكرم(صفي فضيلة هذه السورة مايلي: «من قرأ سورة العنكبوت كان له عشر حسنات بعدد كل
المؤمنين والمنافقين».ولتلاوة سورتي العنكبوت والروم في
شهر رمضان في الليلة الثّالثة والعشرين منه فضيلة قصوى،
حتى أنّنا نقرأ في هذا الصدد حديثاً للإمام الصادق(عليه
السلام) يقول: «من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث
وعشرين فهو والله من أهل الجنّة، لا استثنى فيه أبداً... ولا أخاف أن يكتب الله
علي في يميني إثماً، وإن لهاتين السورتين من الله مكاناً» .( «ثواب الأعمال» «طبقاً لتفسير نورالثقلين، ج 4، ص 147» من
الجدير بالذكر أنّنا نكتب هذا القسم من هذا التّفسير في بداية ليلة 23 من شهر
رمضان لسنة 1403 هجرية...) |
|
الآيات(1) (3) الم
(1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ
يُفْتَنُونَ (2)
|
|
الم (1) أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (2)
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَذِبِينَ (3) |
|
سبب النّزول |
|
طبقاً لما نقل بعض المفسّرين، أنّ الآيات الإحدى
عشرة الأُولى من بداية سورة العنكبوت نزلت في المدينة في شأن المسلمين الذين كانوا في مكّة وغير راغبين بالهجرة إلى المدينة..
وكانوا قد تلقوا رسائل من إخوة لهم في المدينة جاء فيها: «إن الله لا يقبل
إقراركم بالإيمان حتى تهاجروا إلى المدينة» فصمموا على الهجرة وخرجوا من مكّة،
فتبعهم جماعة من المشركين والتحموا بالقتال فقتل منهم جماعة وجرح آخرون «وربّما
سلّم بعضهم نفسه ورجعوا إلى مكّة». |
|
التّفسير |
|
الامتحان
الإلهي سنة خالدة:
|
|
نواجه في بداية هذه السورة الحروف المقطعة [ألف ـ لام ـ ميم] أيضاً.. وقد بيّنا
تفسيرها عدة مرات من وجوه مختلفة(يراجع بداية تفسير
سورة البقرة وبداية سورة آل عمران وبداية تفسير سورة الأعراف من التّفسير
الأمثل.. ) فيقول أوّلا: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ).
(«يفتنون» مشتق من «الفتنة» وهي في الأصل وضع الذهب في
النّار لمعرفة مقدار خلوصه، ثمّ أطلق هذا التعبير على كل امتحان ظاهريومعنوي..
«لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآية (193) من سورة البقرة».) |
|
بحث
|
|
الإمتحانات
في وجوه مختلفة:
|
|
وبالرّغم من أن بيان عمومية
الإمتحان لجميع الأمم والأقوام كان له أثر كبير فعّال بالنسبة لمؤمني مكّة،
الذين كانوا يمثلون الأقلية في ذلك العصر، وكان التفاتهم إلى هذه الحقيقة سبباً
في وقوفهم بوجه الأعداء بصبر واستقامة... إلاّ أن ذلك
لم يكن منحصراً في مؤمني مكّة، بل إن كل جماعة وطائفة لها نصيب من هذه
السنة الإلهية فهم شركاء فيها، إلاّ أن الإمتحانات الإلهية لهم تأتي بصور
مختلفة. فالجماعة الذين يعيشون في محيط ملوث بالمفاسد والوساوس تحيط بهم من كل جانب، فإن امتحانهم الكبير في مثل هذا
الجو والظروف، هو أن لا يتأثروا بلون المحيط وأن يحفظوا
أصالتهم ونقاءهم. |
|
الآيات(4) (7) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ
يَسْبِقُونا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
|
|
أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)
مَن كَانَ يَرْجُوا لِقَآءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لاَت وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَهَدَ فَأِنَّمَا يُجَهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ
اللهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَلمِينَ (6) وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ
لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى
كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) |
التّفسير |
|
لا
مهربَ من سلطان الله:
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة
عن امتحان المؤمنين الشامل، والآية الأُولى من الآيات أعلاه تهديد شديد للكفار
والمذنبين، لئلا يتصوروا أنّهم حين يضيّقون على المؤمنين ويضغطون عليهم ولا
يعاقبهم الله فوراً، فإنّ الله غافل عنهم أو عاجز عن عذابهم، تقول الآية هذه: (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ). |
|
|
الآيتان(8) (9)
وَوَصَّيْنَا الاِْنْسَنَ بِوَلِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
|
|
وَوَصَّيْنَا
الاِْنْسَنَ بِوَلِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَىَّ مَرْجِعُكمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّلَحَتِ
لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الْصَّلِحِينَ (9) |
|
سبب النّزول |
|
وردت روايات مختلفة في شأن نزول الآية الآنفة الذكر، ومضمون الجميع واحد وهي أنّ بعض الرجال الذين كانوا في مكّة وأسلموا(ورد في بعض الروايات اسم (سعد بن أبي وقاص) وفي بعضها اسم (عياش
بن أبي ربيعة المخزومي).)، حين سمعت أمهاتهم بذلك صممن على أن لا يتناولن
طعاماً ولا يشربن ماءً حتى يرجع أبناؤهن عن الإسلام، وبالرغم
من أن أية واحدة من هؤلاء الأُمهات لم تف بقولها، ورجعت عن إضرابها عن
الطعام، إلاّ أنّ الآية المتقدمة نزلت لتوضح للجميع اُسلوب المعاملة بين الأبناء
والآباء والأُمهات، في مجال الكفر والإيمان. |
|
التّفسير |
|
أفضل
الوصايا بالنسبة للوالدين:
|
|
إنّ واحداً من أهم الإمتحانات
الإلهية، هي مسألة «التضاد» بين خط الإيمان والتقوى وبين علاقة العاطفية
والقرابة.. والقرآن في هذا المجال ـ يوضح وظيفة المسلمين بجلاء! فهذا الاتباع هو اتّباع
للجهل، فلو أن الوالدين أمراك باتباع الجهل فلا تطعهما. |
|
ملاحظة
|
|
الإحسان
إلى الوالدين:
|
|
ليست هذه هي المرّة الأُولى التي يشير فيها القرآن إلى هذه المسألة الإنسانية المهمّة، فقد أشار إليها في سورة الإسراء الآية (23) من قبل، وسترد الإشارة إليها بعد في سورة لقمان الآيتين (14)
و (15) وسورة الأحقاف الآية (15) أيضاً. |
|
الآيات(10) (13)
وَمِنَ النَّاسَ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللهِ
جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ
|
|
وَمِنَ النَّاسَ
مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ
النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّنْ رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ
إنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ
الْعَلَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ
الْمُنَفِقِينَ (11) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ
اتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَيَكُمْ وَمَا هُم بِحَمِلِينَ مِّنْ
خَطَيَهُم مِّن شَىْء إِنَّهُمْ لَكَذِبُونَ (12)وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ
وَأَثْقَالا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَمَةِ عَمَّا
كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) |
التّفسير |
|
شركاء
في الانتصار أمّا في الشدّة فلا!
|
|
حيث أنّ الآيات المتقدمة
تحدثت عن المؤمنين الصالحين والمشركين بشكل صريح، ففي الآيات الأُولى من هذا
المقطع يقع الكلام على الفريق الثّالث ـ أي المنافقين ـ فيقول القرآن فيهم: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة
الناس كعذاب الله ) فلا يصبرون على الاذى والشدائد، ويحسبون تعذيب المشركين لهم واذى الناس أنّه عذاب من
الله (ولئن جاء نصر من ربّك ليقولن إنّا كنّا معكم )فنحن
معكم في هذا الافتخار والفتح. |
|
مسألتان
|
|
|
1 ـ السنن الحسنة
والسنن السيئة:
|
|
التخطيط لعمل ما ـ أو لمنهج
ما ـ في المنطق الإسلامي له أثرهُ.. ويحمل صاحبه المسؤولية عنه ـ شاء أم أبى ـ
ويكون مشاركاً للآخرين الذين يعملون بما خططه وسنّه، لأنّ
أسباب العمل هي من مقدمات العمل، ونعرف أن كل شخص يكون دخيلا في مقدمة
عمل إنسان آخر فهو شريكه أيضاً، فحتى لو كانت المقدمة بسيطة، إلاّ أن ذلك الشخص
شريك مع ذي المقدمة. |
|
2 ـ جواب على
سؤال:
|
|
أثار بعضهم هنا هذا السؤال،
وهو أنّنا نلاحظ أحياناً في القوانين الإسلامية أن الدية تقع على شخص آخر...
فمثلا في حالة قتل «الخطأ المحض» تقع الدية على العاقلة «والمراد بالعاقلة أقارب الرجل الذكور من
طرف الأب... الذين تتوزع فيما بينهم دية قتل الخطأ المحض، ويدفع كلٌّ منهم قسماً
حتى تتمّ الدية!». وفي الجواب على هذا
السؤال نقول: إنّ «ضمان العاقلة» في
الحقيقة نوع من التأمين الإلزامي المتقابل بين
أعضاء العشيرة الواحدة. |
|
الآيات(14) (19)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إلاَّ
خَمْسَيْنَ عَاماً
|
|
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إلاَّ خَمْسَيْنَ عَاماً
فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَلِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَهُ وَأَصْحَبَ
السَّفِيْنَةِ وَجَعَلْنَهَآ ءَايَةً لِّلْعَلَمِينَ (15) وَإِبْراهِيمَ إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوالله وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أَوْثَناً
وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ
يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ
وَاشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ
أُمَمٌ مِّنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبََلَغُ الْمُبِينُ
(18) أَوَ لَمْ يَرَواْ كَيْفَ يُبْدِىءُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (19) |
|
التّفسير |
|
إشارة
لقصتي نوح وإبراهيم:
|
|
لما كان الكلام في البحوث
السابقة عن الإمتحانات العامّة في الناس، فإنّ الكلام
هنا ـ وفي ما بعد ـ يقع على الإمتحانات الشديدة للأنبياء، وكيف أنّهم كانوا تحت
ضغط الأعداء وإيذائهم، وكيف صبروا وكانت عاقبة صبرهم النصر! ليكون هذا الكلام
تسلية لقلوب أصحاب النّبي(ص) الذين كانوا تحت وطأة التعذيب الشديد من قبل
الأعداء ـ من جانب ـ وتهديداً للأعداء لينتظروا عاقبتهم الوخيمة من جانب آخر. والمراد بالرؤية
هنا هي الرؤية «القلبية» والعلم، أي كيف
لا يعرف هؤلاء خلق الله؟ فالذي له القدرة على الإيجاد أولا قادر على إعادته
أيضاً، فالقدرة على شيء ما هي قدرة على أمثاله وأشباهه أيضاً. |
|
الآيات(20) (23) قُلْ
سِيِرُوا فِى الاَْرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ
يُنشِىءُ النَّشْأةَ الاَْخِرَةَ
|
|
قُلْ سِيِرُوا فِى
الاَْرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنشِىءُ النَّشْأةَ
الاَْخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ
وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَآ أَنْتُمْ
بِمُعْجِزِينَ فِى الاَْرْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّنْ دُونِ
اللهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ نَصِير (22) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَاَيَتِ اللهِ
وَلِقآئِهِ أُولَئِك يئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (23) |
|
التّفسير |
|
الآيسون من رحمة
الله:
|
|
هذه الآيات تواصل البحث في
المعاد أيضاً، على صُورة جُمَل معترضة في قصّة إبراهيم(عليه السلام). هذا وإن كلمة «النشأة» في الأصل، تعني
إيجاد الشيء وتربيته، وقد يعبرأحياناً عن الدنيا بالنشأة الأولى، كما
يعبر عن الأُخرى بالنشأة الآخرة!. |
|
يبقى
هنا سؤالان: ـ أوّلا:
|
|
أوّلا: مع الإلتفات إلى هذه الحقيقة، وهي أن مقصود الآية هو في
الكفار والمشركين، وهم سكنة الأرض، فما معنى قوله تعالى: (ولا في السماء ) وأي
مفهوم له هنا؟! |
|
ثانياً:
ما الفرق بين الولي والنصير؟!
|
|
يرى العلامة «الطبرسي» في
«مجمع البيان» وقيل: إن الولي الذي يتولى المعونة بنفسه والنصير يتولى النصرة
تارةً بنفسه بأن يأمره غيره به»( مجمع البيان، ج ، ص
352.). ثمّ يضيف مؤكداً: (وأُولئك لهم عذاب أليم ). |
|
الآيات(24) (27)
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاِّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ
فَأَنْجَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ
|
|
فَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إلاِّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَهُ اللهُ مِنَ
النَّارِ إِنَّ فِى ذلِكَ لاََيَت لِّقَوْم يُؤمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّما
اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْض وَيَلْعَنُ
بَعْضُكُمْ بَعضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّصِرِينَ (25)
فَأَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّى مُهِاجِرٌ إِلَئ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا
فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَبَ وَءاتَيْنَهُ أَجْرَهُ فِى
الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الاَْخِرَةِ لَمِّنَ الصَّلِحِينَ (27) |
|
التّفسير |
|
اسلوب
المستكبرين في جوابهم لإبراهيم:
|
|
والآن علينا أن نعرف ماذا قال
هؤلاء القوم الضّالون لإبراهيم(عليه السلام) ردّاً على أدلته الثّلاثة في مجال
التوحيد والنّبوة والمعاد؟! ويستفاد من هذا
التعبير أن جماعة كانوا يميلون إلى حرق إبراهيم بالنّار، في حين
كانت جماعة أُخرى تقترح أن يقتل بالسيف أو ما شاكله! أجل، إنّ نار الجهل وجناية
المنحرفين إنّما أحرقت وسائل الاسر، فتحرر إبراهيم(عليه السلام) منها... وهذه
بنفسها تعدُّ آية أُخرى. ولكن هذه العلائق والوشائج
والإرتباطات الخاوية تتقطع جميعها يوم القيامة،
وكل فرد يلقي التبعة والذنب على رقبة الآخر، ويلعنه ويتبرأ. منه ومن عمله، حتى
المعبودات التي كانوا يتصورون أنّها الوسيلة إلى الله، وكانوا يقولون في شأنها (ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى )،( سورة الزمر، الآية 3.) ـ تتبرأ منهم. والشاهد على هذا الكلام قول
إبراهيم(ع) في الآية (99) من سورة الصافات (إنّي ذاهب إلى ربّي سيهدين ). (هناك بحث مفصل في هجرة إبراهيم(عليه السلام) من بابل إلى
الشام في ذيل الآية (71) من سورة الأنبياء من التّفسير الأمثل، فلا بأس
بمراجعته.) |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ أكبر
الفخر!...
|
|
«الدخول
في الصالحين» بالشكل الذي يستنتج من كثير
من آيات القرآن هو أوج الفخر، وقد يحظى به انسان معين فيكون من نصيبه. ولذلك
فإنّ كثيراً من الأنبياء كانوا يسألون الله أن يدخلهم في زمرة عباده الصالحين. كما نلاحظ في كثير من الآيات
أن الله سبحانه حين يمدح أنبياءه العظام في كتابه، يصفهم بأنّهم «من عباده
الصالحين». وكان إبراهيم(ع) في بداية
أمره مجهولا لا يعرفه الناس حتى أن عبدة الأوثان في بابل حين أرادوا تعريفه (قالوا سمعنا فتىً يذكرهم يقال له إبراهيم ). |
|
الآيات(28) (30)
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الْفَحِشَةَ مَا
سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد
|
|
وَلُوطاً إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الْفَحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ
أَحَد مِّنَ الْعَلَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ
السَّبِيلَ وَتأتُونَ فِى نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ
إلاَّ أَنْ قَالُواْ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّدِقِينَ
(29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِى عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) |
|
التّفسير |
|
المنحرفون
جنسياً:
|
|
بعد بيان جانب ممّا جرى
لإبراهيم(ع) يتحدث القرآن عن قسم من قصّة حياة النّبي المعاصر لإبراهيم «لوط» (عليه
السلام) فيقول: (ولوطاً إذْ قال لقومه إنّكم لتأتون
الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين )( يمكن أن تكون كلمة «لوطاً» عطفاً على
كلمة (نوحاً) فتكون بمنزلة المفعول «لأرسلنا» ويمكن أن يكون مفعولا لفعل محذوف
تقديره «واذكر لوطاً».). وهنا لم يكن للوط بدّ إلاّ أن
يلتفت إلى الله بقلب حزين مهموم. و(قال ربّ انصرني على
القوم المفسدين ). |
|
ملاحظة
|
|
بلاء
الإنحراف الجنسي:
|
|
الإنحراف الجنسي ـ سواءً كان في أوساط الرجال «اللواط» أم في أوساط
النساء «المساحقة» ـ لهو من أسوأ الإنحرافات
الأخلاقية، ومصدر المفاسد الكثيرة في المجتمع. بحيث أن أمثال هؤلاء الرجال
والنساء المنحرفين جنسياً يبتلون بضعف جنسي شديد، ولا يستطيعون أن يكونوا آباءً
وأمهات صالحين لأبنائهم في المستقبل، وربّما كانوا غير قادرين حتى على الإنجاب
بصورة كلية «بسبب هذا الإنحراف». |
|
الآيات(31) (35)
وَلَمَّآ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَهِيمَ بِالْبُشْرى قَالُواْ إِنَّا
مُهْلِكُوآاْهْلَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ
|
|
وَلَمَّآ جَآءَتْ
رُسُلُنَآ إِبْرَهِيمَ بِالْبُشْرى قَالُواْ إِنَّا مُهْلِكُوآاْهْلَ هَذِهِ
الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظََلِمِينَ (31) قَالَ اِنَّ فِيهَا
لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ
إلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَبِرِينَ (32) وَلَمَا أَنْ جَآءَتْ
رُسُلُنَا لُوطاً سِىءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ
تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ
الْغَبِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً
مِّنَ السَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسِقُونَ (34) وَلَقَدْ تَّرَكْنَا مِنْهَآ
ءَايَةَ بَيِّنَةً لِّقَوْم يَعْقِلُونَ (35) |
|
التّفسير |
|
وهذه
هي عاقبة المنحرفين:
|
|
لقد أستجيب دعاءُ لوط أخيراً،
وصدر الأمر من الله تعالى بالعقاب الصارم والشديد لهؤلاء القوم المنحرفين
والمفسدين، فمرّ الملائكة المأمورون بعذاب قوم لوط بالأرض التي فيها
إبراهيم(عليه السلام) لأداء رسالة أُخرى قبل أن ينزلوا العقاب بقوم لوط، وهذه
الرسالة التي سبقت العذاب، هي بشارتهم لإبراهيم(عليه السلام) بالوَلد: «بشروه
بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب». والآيات المتقدمة
تذكر أوّلا قصّة مرورهم بإبراهيم(عليه
السلام) فتقول: (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا
إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ). ويتّضح من هنا أن انحرافها
كان من جهة العقيدة، ولا يبعد أن يكون هذا الإنحراف متأثراً بسبب محيطها...
وكانت في بداية الأمر مؤمنة موحدة، وبهذا فلن يرد أي إشكال على لوط(عليه السلام)
في أنّه لم تزوّج بمثل هذه المرأة؟! |
|
الآيات(36) (40)
وِاِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ
وَارْجُواْ الْيَوْمَ الاَْخِرَ
|
|
وِاِلَى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ وَارْجُواْ الْيَوْمَ
الاَْخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الاَْرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأصْبَحُواْ فِى دَارِهِمْ جَثِمِينَ (37) وَعَاداً
وَثَمُودَاْ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِّنْ مَّسَكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَنُ أَعْمَلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُواْ
مُسْتَبْصِرِينَ (38)وَقَرُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَمَنَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ
مُّوسَى بِالْبَيِّنتِ فَاسْتَكْبَرُواْ فِى الاَْرْضِ وَمَا كَانُواْ سَبِقِينَ
(39) فَكُلاَّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ
حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا
بِهِ الاَْرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) |
|
التّفسير |
|
تنوع
العذاب للظالمين:
|
|
بعد بيان قصّة لوط وقومه يقع
الكلام عن أقوام آخرين أمثال قوم شعيب وعاد وثمود، وقارون وفرعون، وقد أشير في
هذه الآيات ـ محل البحث ـ إلى كلٍّ منهم إشارة
موجزة «مكثفة» للإستنتاج والعبرة! |
|
الآيات(41) (44)
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ
الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً
|
|
مَثَلُ الَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ
بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَآنُواْ
يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَىْء
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الاَْمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ
وَمَا يَعْقِلُهَا اِلاَّ الْعَلِمُونَ (43) خَلَقَ اللهُ السَّمَوَتِ
وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِى ذلِكَ لاَيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ (44) |
|
التّفسير |
|
دعامة
واهية كبيت العنكبوت:
|
|
بيّنت الآيات السابقة ما آل
إليه المشركون والمفسدون الظلمة والأنانيون من مصير وخيم وعاقبة سوداء وعذاب
أليم... وبهذه المناسبة، ففي الآيات التي بين
أيدينا، يبيّن القرآن الكريم مثالا بليغاً ومؤثراً يعبدون غير الله ويتخذون من
دونه أولياء! وكلما أمعنا النظر في هذا المثال وفكرنا
فيه مليّاً انقدحت في أذهاننا منه لطائف دقيقة،
يقول تعالى: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل
العنكبوت اتّخذت بيتاً وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ). تأمّلوا بدقّة... إنّ كل
حيوان ـ وكل حشرة ـ له بيت أو وكر وما أشبه ذلك، لكن ليس في هذه البيوت بيت أوهن
من بيت العنكبوت! فكل بيت ـ عادةً ـ يحتوي على سقف وباب وجدار، وهو يحفظ صاحبه
من الحوادث، ويكون مكاناً أميناً لإيداع الأطعمة والأشياء الأُخرى وحفظها...
فبعض البيوت لا سقف لها إلاّ أنّها على الأقل لها جدار، كما أنّ هناك بيوتاً لا
جدار لها إلاّ أن لها سقفاً. فالقرآن يبيّن أن الله يعلم
الأشياء التي تدعونها ـ كائناً من كان، وأي شيء كان ـ
فكل أُولئك المعبودين إزاء قدرته كمثل بيت
العنكبوت، ولا يملكون لأنفسهم شيئاً كي يعطوه لكم.، |
|
الآية(45) اتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ وَأَقِمَ
الصَّلوة إِنَّ الصَّلوة تَنْهَى
|
|
اتْلُ مَآ أُوحِىَ
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ وَأَقِمَ الصَّلوة إِنَّ الصَّلوة تَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
(45) |
|
التّفسير |
|
إن
الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر:
|
|
بعد الفراغ من بيان أقسام
مختلفة من قصص الأُمم السابقة وأنبيائهم العظام وما عاملهم به قومهم من معاملة
سيئة مذمومة، وبيان نهاية هؤلاء الظالمين الاليمة، يتوجه الخطاب ـ على سبيل
تسلية الخاطر، وتقوية الروحية، وإراءة الخط الكلّي أو الخطوط العامة ـ
للنبيّ(صلى الله عليه وآله) ويأمره بما ينبغي عليه أن يفعل. وقال بعضهم: إنّ أعمال الصلاة وأذكارها بمثابة عبارات وجمل، كل جملة
تنهى الإنسان عن الفحشاء والمنكر، فمثلا كل من التكبير والتهليل والتسبيح.. كلٌّ
منها يقول للإنسان: لا تذنب ولكن هل أنّ هذا الإنسان يصغي لهذا النهي أم لا...
فهذا أمر آخر. |
|
بحث
|
|
تأثير
الصلاة في تربية الفرد والمجتمع:
|
|
بالرغم من أن فائدة الصلاة لا
تخفى على أحد، لكن التدقيق في متون الروايات الإسلامية يدلنا على لطائف ودقائق
أكثر في هذا المجال!. 7 ـ إن الصلاة تعطي القيمة والروح لسائر أعمال الإنسان; لأنّ
الصلاة توقظ في الإنسان روح الإخلاص... فهي مجموعة من النية الخالصة والكلام
الطاهر «الطيب» والأعمال الخالصة... وتكرار هذه المجموعة في اليوم والليلة ينثر
في روح الإنسان بذور سائر الأعمال الصالحة ويقوّي فيه روح الإخلاص. |
|
بداية الجزء الحَادي
والعشرون من القرآن الكريم
|
|
ويبدأ
من بداية الآية ست وأربعون سورة العنكبوت
|
|
الآية(46) (49) وَلاَ
تُجَدِلُوا أَهْلَ الْكِتَبِ إلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ
ظَلَمُواْ مِنْهُمْ
|
|
وَلاَ تُجَدِلُوا
أَهْلَ الْكِتَبِ إلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ
مِنْهُمْ وَقُولُواْ ءَامَنَّا بِالَّذى أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)
وَكَذلِكَ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَبَ فالَّذِينَ ءَاَتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ
يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ
بَاَيَتِنَآ إلاَّ الْكَفِرُونَ (47)وَمَا كنْتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن
كِتَب وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذاً لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ
هُوَ ءَايَتٌ بَيِّنَتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَمَا
يَجْحَدُ بِاَيَتِنَآ إلاّ الظَّلِمُونَ (49) |
|
التّفسير |
|
اتّبعوا
أحسن الأساليب في البحث والجدال:
|
|
كان أكثر الكلام في الآيات
المتقدمة في كيفية التعامل مع المشركين المعاندين وكان مقتضى الحال أن يكون
الكلام شديد اللهجة حادّاً، وأن يعدَّ ما يعبدون من دون الله أوهى من بيت
العنكبوت، أمّا في هذه الآيات ـ محل البحث ـ فيقع الكلام في شأن مجادلة أهل
الكتاب الذين ينبغي أن يكون الكلام معهم لطيفاً، إذ أنّهم ـ على الأقل ـ قد سمعوا
قسماً ممّا جاء به الأنبياء والكتب السماوية،
ولديهم استعداد أكثر للتعامل المنطقي، إذ ينبغي أن يكلم كل شخص بمقدار علمه
وعقله وأخلاقه. وكثيراً ما يتفق أنّه لو
استطاع الإنسان أن يبيّن قول الحق بصورة يراه الطرف الآخر متطابقاً لفكره ورأيه،
فسرعان ما ينعطف إليه وينسجم معه، لأنّ الإنسان ذو علاقة بفكره كعلاقته بأبنائه. وهذا مثل واحد من المجادلة بالتي هي أحسن التي
ينجذب إليها كل من يسمعها، ويدلّ على أن الإنسان يجب أن يكون بعيداً عن
التحزب أو طلب التفرقة، فنداء الإسلام هو نداء الوحدة والتسليم لكل كلام حق. |
|
بحوث
|
|
1 ـ الرّسول صل
الله عليه وآله وسلمّ.. الأمي
|
|
صحيح أن القراءة والكتابة
تعدّان ـ لكل إنسان ـ كمالا.. إلاّ أنّه يتفق
أحياناً ـ وفي ظروف معينة ـ أن يكون من الكمال في عدم القراءة والكتابة... ويصدق هذا الموضوع في شأن الأنبياء، وخاصة في نبوّة خاتم الأنبياء
«محمّد»(صلى الله عليه وآله). |
|
2 ـ طريق النفوذ
في الآخرين
|
|
لا يكفي الأستدلال القوي
المتين للنفوذ إلى قلوب الآخرين واكتسابهم بالكلام الحق، فانّ أُسلوب التعامل مع
الطرف الآخر وطريقة البحث والمناظرة تترك أعمق الأثر في هذه المرحلة.. فكثيراً
ما يتفق أن يوجد أناس مطّلعون ولهم يد طولى في البحوث العلمية الدقيقة، إلاّ
أنّهم قلّما يوفقون للنفوذ إلى قلوب الآخرين، بسبب عدم معرفتهم بكيفية المجادلة
بالتي هي أحسن، وعدم معرفتهم بالبحوث البنّاءة!. |
|
3 ـ الكافرون
والظالمون
|
|
نواجه في الآيات المتقدمة
آنفاً هذا التعبير (وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون )ومرّة
أُخرى نواجه المضمون ذاته مع شيء من التفاوت فبدلا
من كلمة «الكافرون» جاءت كلمة «الظالمون» (وما يجحد بآياتنا
إلاّ الظالمون ). فالآية الأُولى
تقول: إنّ الذين اختاروا الشرك والكفر بأحكامهم المسبّقة
الباطلة وتقليدهم الأعمى لأسلافهم، لا يرون آيةً من آيات الله إلاّ أنكروها وإن
تقبلتها عقولهم»! |
|
الآية(50) (55)
وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيهِ ءَاَيَتٌ مِّنْ رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا
الاَْيَتُ عِنْدَ اللهِ
|
|
وَقَالُوا لَوْلاَ
أُنْزِلَ عَلَيهِ ءَاَيَتٌ مِّنْ رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الاَْيَتُ عِنْدَ اللهِ
وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ
أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذلِكَ لَرَحْمَةً
وَذِكْرَى لِقَوْم يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللهِ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ
شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ وَالَّذِينَ ءَاَمَنُؤا
بِالْبَطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمَّىً لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ
وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (53)يَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَُمحِيطَةٌ بِالْكَفِرِينَ (54) يَوْمَ
يَغْشَهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ
ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) |
|
التّفسير |
|
أليس
القرآن كافياً في إعجازه؟!
|
|
الأشخاص الذين لم يذعنوا
ويسلّموا للبيان الإستدلالي والمنطقي الذي جاء به القرآن بسبب عنادهم وإصرارهم
على الباطل، ولم يقبلوا بكتاب كالقرآن الذي جاء
به إنسان أمي كالنّبي محمّد(صلى الله عليه وآله) دليلا جليّاً على حقانية
دعوته... تذرعوا بحجّة أخرى على سبيل الإستهزاء والسخرية، وهي أنّه لم لا تأت ـ
يا محمّد ـ بمعجزة من المعاجز التي جاء بها موسى وعيسى (وقالوا
لولا أنزل عليه آيات من ربّه ). لذلك فإن القرآن يقول في الآية (111) من سورة الأنعام (ولو أنّنا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم
كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا ). ولمّا كان كل مدع بحاجة إلى
الشاهد، فالقرآن يبيّن في الآية الأُخرى أن خير شاهد هو الله (قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً ). |
|
ملاحظات
:إعجاز القرآن
|
|
1 ـ
دلائل إعجاز القرآن: 2 ـ التشبث بالحيل
لإنكار المعجزات: |
|
الآية(56) (60)
يَعِبَادِىَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إنَّ أَرْضِى وَسِعَةٌ فَإِيَّىَ فَاْعبُدُونَ
|
|
يَعِبَادِىَ
الَّذِينَ ءَامَنُوا إنَّ أَرْضِى وَسِعَةٌ فَإِيَّىَ فَاْعبُدُونَ (56)كُلُّ
نَفْس ذآئِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ
ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً
تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَمِلِينَ
(58) الِّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّن
مِّنْ دَآبَّة لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) |
|
سبب
النّزول
|
|
يعتقد كثير من المفسّرين أنّ الآية ـ من هذا المقطع ـ نزلت
في شأن المؤمنين الذين كانوا تحت ضغط الكفار الشديد، حتى أنّهم لم يستطيعوا أن
يؤدوا وظائفهم الإسلامية، فجاءت هذه الآية لتأمرهم
بالهجرة من هذه الأرض. |
|
التّفسير |
|
لابدّ
من الهجرة:
|
|
حيث أنّ الآيات السابقة كانت
تتحدث عن مواقف المشركين المختلفة من الإسلام والمسلمين، ففي الآيات محل البحث
يقع الكلام عن حال المسلمين ومسؤولياتهم قبال المشاكل المختلفة، أي مشاكل أذى
الكفار وضغوطهم وقلّة عدد المسلمين وما إلى ذلك، فتقول
الآية: (يا عبادى الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإيّاي فاعبدون ). وفي مثل هذه الموارد يقول
الإمام أمير المؤمنين علي(ع): «ليس بلد بأحق بك من بلدك، خير البلاد ما حملك» (الكلمات القصار، رقم 442.). أجل، هذا الصبر وهذه
الإستقامة هما رمز انتصارهم وعامل فخرهم الكبير، وبدونه لا يتحقق عمل إيجابي في
الحياة. |
|
الآيات(61) (66)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَوتِ وَالاَْرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ لَيَقُوُلُنَّ اللهُ
|
|
وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَوتِ وَالاَْرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ لَيَقُوُلُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللهُ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ
شَىْء عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَّنْ نَّزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً
فَأَحْيَا بِهِ الاَْرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قَلِ
الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الحَيَوةُ
الدُّنْيَا إلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَاِنَّ الدَّارَ الاَْخِرَةَ لَهِىَ
الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (64) فَإِذا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ
دَعَوُاْ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّهُمْ إِلى الْبَرِّ
إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَهُمْ
وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) |
|
التّفسير |
|
الاقرار
بالتوحيد في الباطن والشرك في الظاهر:
|
|
كان الحديث في الآيات السابقة
موجّهاً إلى المشركين الذين أدركوا حقانية الإسلام، إلاّ أنّهم لم يكونوا
مستعدين للإيمان والهجرة، خوفاً من انقطاع الرزق عليهم.
أمّا في هذه الآيات، فالحديث
موجه للنّبي(ص)، وفي الواقع لجميع المؤمنين، وهو يبيّن دلائل التوحيد عن طرق
«الخلقة»، و«الربوبيّة»، و«الفطرة»، أي عن ثلاث طرائق متفاوتة، ويريهم أن مصيرهم
وعاقبة أمرهم بيد الله الذي يجدون آثاره في الآفاق وفي
أنفسهم، لابأيدي الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع. |
|
ملاحظة |
|
الشدائد
واشراق القطرة:
|
|
سنتحدث بإذن الله في ذيل
الآية الثلاثين من سورة الروم حول «فطريّة» أصل التوحيد ومعرفة الله بشكل مفصّل،
وما يلزم ذكره هنا هو أنّ القرآن المجيد يتحدث في آيات كثيرة عن المشاكل والصعاب
على أنّها باعثة على ظهور الفطرة الإنسانية وبروزها «فالمشاكل والصعاب وسيلة
لاشراق الفطرة». قد يقال: إنّ هذه الحالة من التوجه تحصل على أثر التلقين
والرسوبات الفكرية من الثقافة الإجتماعية وأفكار المحيط. |
|
الآيات(67) (69) أَوَ
لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ
حَوْلِهِمْ
|
|
أَوَ لَمْ يَرَوْاْ
أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
أَفَبِالْبَطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّآ
جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَفِرِينَ (68) وَالَّذِينَ
جَهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ (69) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقل في تفسير «الدر المنثور»
عن ابن عباس ـ ذيل الآية محل البحث ـ أن جماعة
من المشركين قالو: يا محمّد ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلاّ مخافة أن يتخطفنا
الناس لِقلَّتنا والعرب أكثر منّا فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا
فكنّا أكلة رأس، فانزل الله: (أولم يروا أنا جعلنا حرماً ) وكانت جواباً لهم. |
|
التّفسير |
|
أشارت الآيات ـ التي سبق
ذكرها ـ إلى بعض الحجج الواهية للمشركين، وهي أنّنا نخاف على حياتنا إذا أظهرنا
الإيمان ثمّ هاجرنا معك يا رسول الله، وقد ردّ عليها القرآن بطرق مختلفة. وفي الآيات ـ محل البحث ـ
يردّ القرآن عليهم بطريق آخر فيقول: (أولم يروا أنا
جعلنا حرماً آمناً ) أي أرض مكّة المكرمة. للمفسّرين آراء في
هذا المجال. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ الجهاد
والإخلاص
|
|
يستفاد من الآية
المتقدمة بصورة جيدة أنّنا إذا أصبنا
بأي نوع من الهزيمة عدم الموفقية، فسبب ذلك وعلته أحد أمرين: إمّا أنا قصّرنا في
جهادنا، أو لم يكن لدينا إخلاص في العمل، وإذا اجتمع الجهاد والإخلاص ـ فبناء
على وعد الله ـ فإن النصر والهداية حتميّان. |
|
2 ـ الناس ثلاثة
أصناف:
|
|
فصنف لجوج معاند لا تنفعه أية هداية. انتهاء
سورة العنكبوت |
|
|
|
|
سُورَة
العنكبوت مكيّة وَعَدَدُ آياتِهَا تسع وسَتُونَ آية
|
|
محتوى
سورة العنكبوت!
|
|
المشهور بين جمع من المحققين أنّ جميع
آيات هذه السورة نازلة بمكّة، فيكون محتواها منسجماً مع محتوى السور المكية. |
|
فضيلة
هذه السورة!
|
|
ورد في تفسير مجمع
البيان عن الرّسول الأكرم(صفي فضيلة هذه السورة مايلي: «من قرأ سورة العنكبوت كان له عشر حسنات بعدد كل
المؤمنين والمنافقين».ولتلاوة سورتي العنكبوت والروم في
شهر رمضان في الليلة الثّالثة والعشرين منه فضيلة قصوى،
حتى أنّنا نقرأ في هذا الصدد حديثاً للإمام الصادق(عليه
السلام) يقول: «من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث
وعشرين فهو والله من أهل الجنّة، لا استثنى فيه أبداً... ولا أخاف أن يكتب الله
علي في يميني إثماً، وإن لهاتين السورتين من الله مكاناً» .( «ثواب الأعمال» «طبقاً لتفسير نورالثقلين، ج 4، ص 147» من
الجدير بالذكر أنّنا نكتب هذا القسم من هذا التّفسير في بداية ليلة 23 من شهر
رمضان لسنة 1403 هجرية...) |
|
الآيات(1) (3) الم
(1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ
يُفْتَنُونَ (2)
|
|
الم (1) أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (2)
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَذِبِينَ (3) |
|
سبب النّزول |
|
طبقاً لما نقل بعض المفسّرين، أنّ الآيات الإحدى
عشرة الأُولى من بداية سورة العنكبوت نزلت في المدينة في شأن المسلمين الذين كانوا في مكّة وغير راغبين بالهجرة إلى المدينة..
وكانوا قد تلقوا رسائل من إخوة لهم في المدينة جاء فيها: «إن الله لا يقبل
إقراركم بالإيمان حتى تهاجروا إلى المدينة» فصمموا على الهجرة وخرجوا من مكّة،
فتبعهم جماعة من المشركين والتحموا بالقتال فقتل منهم جماعة وجرح آخرون «وربّما
سلّم بعضهم نفسه ورجعوا إلى مكّة». |
|
التّفسير |
|
الامتحان
الإلهي سنة خالدة:
|
|
نواجه في بداية هذه السورة الحروف المقطعة [ألف ـ لام ـ ميم] أيضاً.. وقد بيّنا
تفسيرها عدة مرات من وجوه مختلفة(يراجع بداية تفسير
سورة البقرة وبداية سورة آل عمران وبداية تفسير سورة الأعراف من التّفسير
الأمثل.. ) فيقول أوّلا: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ).
(«يفتنون» مشتق من «الفتنة» وهي في الأصل وضع الذهب في
النّار لمعرفة مقدار خلوصه، ثمّ أطلق هذا التعبير على كل امتحان ظاهريومعنوي..
«لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآية (193) من سورة البقرة».) |
|
بحث
|
|
الإمتحانات
في وجوه مختلفة:
|
|
وبالرّغم من أن بيان عمومية
الإمتحان لجميع الأمم والأقوام كان له أثر كبير فعّال بالنسبة لمؤمني مكّة،
الذين كانوا يمثلون الأقلية في ذلك العصر، وكان التفاتهم إلى هذه الحقيقة سبباً
في وقوفهم بوجه الأعداء بصبر واستقامة... إلاّ أن ذلك
لم يكن منحصراً في مؤمني مكّة، بل إن كل جماعة وطائفة لها نصيب من هذه
السنة الإلهية فهم شركاء فيها، إلاّ أن الإمتحانات الإلهية لهم تأتي بصور
مختلفة. فالجماعة الذين يعيشون في محيط ملوث بالمفاسد والوساوس تحيط بهم من كل جانب، فإن امتحانهم الكبير في مثل هذا
الجو والظروف، هو أن لا يتأثروا بلون المحيط وأن يحفظوا
أصالتهم ونقاءهم. |
|
الآيات(4) (7) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ
يَسْبِقُونا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ
|
|
أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)
مَن كَانَ يَرْجُوا لِقَآءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لاَت وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَهَدَ فَأِنَّمَا يُجَهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ
اللهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَلمِينَ (6) وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ
لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى
كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) |
التّفسير |
|
لا
مهربَ من سلطان الله:
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة
عن امتحان المؤمنين الشامل، والآية الأُولى من الآيات أعلاه تهديد شديد للكفار
والمذنبين، لئلا يتصوروا أنّهم حين يضيّقون على المؤمنين ويضغطون عليهم ولا
يعاقبهم الله فوراً، فإنّ الله غافل عنهم أو عاجز عن عذابهم، تقول الآية هذه: (أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ). |
|
|
الآيتان(8) (9)
وَوَصَّيْنَا الاِْنْسَنَ بِوَلِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
|
|
وَوَصَّيْنَا
الاِْنْسَنَ بِوَلِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَىَّ مَرْجِعُكمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّلَحَتِ
لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِى الْصَّلِحِينَ (9) |
|
سبب النّزول |
|
وردت روايات مختلفة في شأن نزول الآية الآنفة الذكر، ومضمون الجميع واحد وهي أنّ بعض الرجال الذين كانوا في مكّة وأسلموا(ورد في بعض الروايات اسم (سعد بن أبي وقاص) وفي بعضها اسم (عياش
بن أبي ربيعة المخزومي).)، حين سمعت أمهاتهم بذلك صممن على أن لا يتناولن
طعاماً ولا يشربن ماءً حتى يرجع أبناؤهن عن الإسلام، وبالرغم
من أن أية واحدة من هؤلاء الأُمهات لم تف بقولها، ورجعت عن إضرابها عن
الطعام، إلاّ أنّ الآية المتقدمة نزلت لتوضح للجميع اُسلوب المعاملة بين الأبناء
والآباء والأُمهات، في مجال الكفر والإيمان. |
|
التّفسير |
|
أفضل
الوصايا بالنسبة للوالدين:
|
|
إنّ واحداً من أهم الإمتحانات
الإلهية، هي مسألة «التضاد» بين خط الإيمان والتقوى وبين علاقة العاطفية
والقرابة.. والقرآن في هذا المجال ـ يوضح وظيفة المسلمين بجلاء! فهذا الاتباع هو اتّباع
للجهل، فلو أن الوالدين أمراك باتباع الجهل فلا تطعهما. |
|
ملاحظة
|
|
الإحسان
إلى الوالدين:
|
|
ليست هذه هي المرّة الأُولى التي يشير فيها القرآن إلى هذه المسألة الإنسانية المهمّة، فقد أشار إليها في سورة الإسراء الآية (23) من قبل، وسترد الإشارة إليها بعد في سورة لقمان الآيتين (14)
و (15) وسورة الأحقاف الآية (15) أيضاً. |
|
الآيات(10) (13)
وَمِنَ النَّاسَ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللهِ
جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ
|
|
وَمِنَ النَّاسَ
مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللهِ فَإِذَآ أُوذِىَ فِى اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ
النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّنْ رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ
إنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَ لَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِى صُدُورِ
الْعَلَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللهَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ
الْمُنَفِقِينَ (11) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ
اتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَيَكُمْ وَمَا هُم بِحَمِلِينَ مِّنْ
خَطَيَهُم مِّن شَىْء إِنَّهُمْ لَكَذِبُونَ (12)وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ
وَأَثْقَالا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَمَةِ عَمَّا
كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) |
التّفسير |
|
شركاء
في الانتصار أمّا في الشدّة فلا!
|
|
حيث أنّ الآيات المتقدمة
تحدثت عن المؤمنين الصالحين والمشركين بشكل صريح، ففي الآيات الأُولى من هذا
المقطع يقع الكلام على الفريق الثّالث ـ أي المنافقين ـ فيقول القرآن فيهم: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة
الناس كعذاب الله ) فلا يصبرون على الاذى والشدائد، ويحسبون تعذيب المشركين لهم واذى الناس أنّه عذاب من
الله (ولئن جاء نصر من ربّك ليقولن إنّا كنّا معكم )فنحن
معكم في هذا الافتخار والفتح. |
|
مسألتان
|
|
|
1 ـ السنن الحسنة
والسنن السيئة:
|
|
التخطيط لعمل ما ـ أو لمنهج
ما ـ في المنطق الإسلامي له أثرهُ.. ويحمل صاحبه المسؤولية عنه ـ شاء أم أبى ـ
ويكون مشاركاً للآخرين الذين يعملون بما خططه وسنّه، لأنّ
أسباب العمل هي من مقدمات العمل، ونعرف أن كل شخص يكون دخيلا في مقدمة
عمل إنسان آخر فهو شريكه أيضاً، فحتى لو كانت المقدمة بسيطة، إلاّ أن ذلك الشخص
شريك مع ذي المقدمة. |
|
2 ـ جواب على
سؤال:
|
|
أثار بعضهم هنا هذا السؤال،
وهو أنّنا نلاحظ أحياناً في القوانين الإسلامية أن الدية تقع على شخص آخر...
فمثلا في حالة قتل «الخطأ المحض» تقع الدية على العاقلة «والمراد بالعاقلة أقارب الرجل الذكور من
طرف الأب... الذين تتوزع فيما بينهم دية قتل الخطأ المحض، ويدفع كلٌّ منهم قسماً
حتى تتمّ الدية!». وفي الجواب على هذا
السؤال نقول: إنّ «ضمان العاقلة» في
الحقيقة نوع من التأمين الإلزامي المتقابل بين
أعضاء العشيرة الواحدة. |
|
الآيات(14) (19)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إلاَّ
خَمْسَيْنَ عَاماً
|
|
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَة إلاَّ خَمْسَيْنَ عَاماً
فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَلِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَهُ وَأَصْحَبَ
السَّفِيْنَةِ وَجَعَلْنَهَآ ءَايَةً لِّلْعَلَمِينَ (15) وَإِبْراهِيمَ إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوالله وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أَوْثَناً
وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ
يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِندَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ
وَاشْكُرُواْ لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ
أُمَمٌ مِّنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ الْبََلَغُ الْمُبِينُ
(18) أَوَ لَمْ يَرَواْ كَيْفَ يُبْدِىءُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (19) |
|
التّفسير |
|
إشارة
لقصتي نوح وإبراهيم:
|
|
لما كان الكلام في البحوث
السابقة عن الإمتحانات العامّة في الناس، فإنّ الكلام
هنا ـ وفي ما بعد ـ يقع على الإمتحانات الشديدة للأنبياء، وكيف أنّهم كانوا تحت
ضغط الأعداء وإيذائهم، وكيف صبروا وكانت عاقبة صبرهم النصر! ليكون هذا الكلام
تسلية لقلوب أصحاب النّبي(ص) الذين كانوا تحت وطأة التعذيب الشديد من قبل
الأعداء ـ من جانب ـ وتهديداً للأعداء لينتظروا عاقبتهم الوخيمة من جانب آخر. والمراد بالرؤية
هنا هي الرؤية «القلبية» والعلم، أي كيف
لا يعرف هؤلاء خلق الله؟ فالذي له القدرة على الإيجاد أولا قادر على إعادته
أيضاً، فالقدرة على شيء ما هي قدرة على أمثاله وأشباهه أيضاً. |
|
الآيات(20) (23) قُلْ
سِيِرُوا فِى الاَْرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ
يُنشِىءُ النَّشْأةَ الاَْخِرَةَ
|
|
قُلْ سِيِرُوا فِى
الاَْرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنشِىءُ النَّشْأةَ
الاَْخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ
وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَآ أَنْتُمْ
بِمُعْجِزِينَ فِى الاَْرْضِ وَلاَ فِى السَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّنْ دُونِ
اللهِ مِن وَلِىٍّ وَلاَ نَصِير (22) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَاَيَتِ اللهِ
وَلِقآئِهِ أُولَئِك يئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ (23) |
|
التّفسير |
|
الآيسون من رحمة
الله:
|
|
هذه الآيات تواصل البحث في
المعاد أيضاً، على صُورة جُمَل معترضة في قصّة إبراهيم(عليه السلام). هذا وإن كلمة «النشأة» في الأصل، تعني
إيجاد الشيء وتربيته، وقد يعبرأحياناً عن الدنيا بالنشأة الأولى، كما
يعبر عن الأُخرى بالنشأة الآخرة!. |
|
يبقى
هنا سؤالان: ـ أوّلا:
|
|
أوّلا: مع الإلتفات إلى هذه الحقيقة، وهي أن مقصود الآية هو في
الكفار والمشركين، وهم سكنة الأرض، فما معنى قوله تعالى: (ولا في السماء ) وأي
مفهوم له هنا؟! |
|
ثانياً:
ما الفرق بين الولي والنصير؟!
|
|
يرى العلامة «الطبرسي» في
«مجمع البيان» وقيل: إن الولي الذي يتولى المعونة بنفسه والنصير يتولى النصرة
تارةً بنفسه بأن يأمره غيره به»( مجمع البيان، ج ، ص
352.). ثمّ يضيف مؤكداً: (وأُولئك لهم عذاب أليم ). |
|
الآيات(24) (27)
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاِّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ
فَأَنْجَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ
|
|
فَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إلاِّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَهُ اللهُ مِنَ
النَّارِ إِنَّ فِى ذلِكَ لاََيَت لِّقَوْم يُؤمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّما
اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَمَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْض وَيَلْعَنُ
بَعْضُكُمْ بَعضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّصِرِينَ (25)
فَأَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّى مُهِاجِرٌ إِلَئ رَبِّى إِنَّهُ هُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا
فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَبَ وَءاتَيْنَهُ أَجْرَهُ فِى
الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الاَْخِرَةِ لَمِّنَ الصَّلِحِينَ (27) |
|
التّفسير |
|
اسلوب
المستكبرين في جوابهم لإبراهيم:
|
|
والآن علينا أن نعرف ماذا قال
هؤلاء القوم الضّالون لإبراهيم(عليه السلام) ردّاً على أدلته الثّلاثة في مجال
التوحيد والنّبوة والمعاد؟! ويستفاد من هذا
التعبير أن جماعة كانوا يميلون إلى حرق إبراهيم بالنّار، في حين
كانت جماعة أُخرى تقترح أن يقتل بالسيف أو ما شاكله! أجل، إنّ نار الجهل وجناية
المنحرفين إنّما أحرقت وسائل الاسر، فتحرر إبراهيم(عليه السلام) منها... وهذه
بنفسها تعدُّ آية أُخرى. ولكن هذه العلائق والوشائج
والإرتباطات الخاوية تتقطع جميعها يوم القيامة،
وكل فرد يلقي التبعة والذنب على رقبة الآخر، ويلعنه ويتبرأ. منه ومن عمله، حتى
المعبودات التي كانوا يتصورون أنّها الوسيلة إلى الله، وكانوا يقولون في شأنها (ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى )،( سورة الزمر، الآية 3.) ـ تتبرأ منهم. والشاهد على هذا الكلام قول
إبراهيم(ع) في الآية (99) من سورة الصافات (إنّي ذاهب إلى ربّي سيهدين ). (هناك بحث مفصل في هجرة إبراهيم(عليه السلام) من بابل إلى
الشام في ذيل الآية (71) من سورة الأنبياء من التّفسير الأمثل، فلا بأس
بمراجعته.) |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ أكبر
الفخر!...
|
|
«الدخول
في الصالحين» بالشكل الذي يستنتج من كثير
من آيات القرآن هو أوج الفخر، وقد يحظى به انسان معين فيكون من نصيبه. ولذلك
فإنّ كثيراً من الأنبياء كانوا يسألون الله أن يدخلهم في زمرة عباده الصالحين. كما نلاحظ في كثير من الآيات
أن الله سبحانه حين يمدح أنبياءه العظام في كتابه، يصفهم بأنّهم «من عباده
الصالحين». وكان إبراهيم(ع) في بداية
أمره مجهولا لا يعرفه الناس حتى أن عبدة الأوثان في بابل حين أرادوا تعريفه (قالوا سمعنا فتىً يذكرهم يقال له إبراهيم ). |
|
الآيات(28) (30)
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الْفَحِشَةَ مَا
سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَد
|
|
وَلُوطاً إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الْفَحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ
أَحَد مِّنَ الْعَلَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ
السَّبِيلَ وَتأتُونَ فِى نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ
إلاَّ أَنْ قَالُواْ ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّدِقِينَ
(29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِى عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) |
|
التّفسير |
|
المنحرفون
جنسياً:
|
|
بعد بيان جانب ممّا جرى
لإبراهيم(ع) يتحدث القرآن عن قسم من قصّة حياة النّبي المعاصر لإبراهيم «لوط» (عليه
السلام) فيقول: (ولوطاً إذْ قال لقومه إنّكم لتأتون
الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين )( يمكن أن تكون كلمة «لوطاً» عطفاً على
كلمة (نوحاً) فتكون بمنزلة المفعول «لأرسلنا» ويمكن أن يكون مفعولا لفعل محذوف
تقديره «واذكر لوطاً».). وهنا لم يكن للوط بدّ إلاّ أن
يلتفت إلى الله بقلب حزين مهموم. و(قال ربّ انصرني على
القوم المفسدين ). |
|
ملاحظة
|
|
بلاء
الإنحراف الجنسي:
|
|
الإنحراف الجنسي ـ سواءً كان في أوساط الرجال «اللواط» أم في أوساط
النساء «المساحقة» ـ لهو من أسوأ الإنحرافات
الأخلاقية، ومصدر المفاسد الكثيرة في المجتمع. بحيث أن أمثال هؤلاء الرجال
والنساء المنحرفين جنسياً يبتلون بضعف جنسي شديد، ولا يستطيعون أن يكونوا آباءً
وأمهات صالحين لأبنائهم في المستقبل، وربّما كانوا غير قادرين حتى على الإنجاب
بصورة كلية «بسبب هذا الإنحراف». |
|
الآيات(31) (35)
وَلَمَّآ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَهِيمَ بِالْبُشْرى قَالُواْ إِنَّا
مُهْلِكُوآاْهْلَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ
|
|
وَلَمَّآ جَآءَتْ
رُسُلُنَآ إِبْرَهِيمَ بِالْبُشْرى قَالُواْ إِنَّا مُهْلِكُوآاْهْلَ هَذِهِ
الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظََلِمِينَ (31) قَالَ اِنَّ فِيهَا
لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ
إلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَبِرِينَ (32) وَلَمَا أَنْ جَآءَتْ
رُسُلُنَا لُوطاً سِىءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ
تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ
الْغَبِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً
مِّنَ السَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسِقُونَ (34) وَلَقَدْ تَّرَكْنَا مِنْهَآ
ءَايَةَ بَيِّنَةً لِّقَوْم يَعْقِلُونَ (35) |
|
التّفسير |
|
وهذه
هي عاقبة المنحرفين:
|
|
لقد أستجيب دعاءُ لوط أخيراً،
وصدر الأمر من الله تعالى بالعقاب الصارم والشديد لهؤلاء القوم المنحرفين
والمفسدين، فمرّ الملائكة المأمورون بعذاب قوم لوط بالأرض التي فيها
إبراهيم(عليه السلام) لأداء رسالة أُخرى قبل أن ينزلوا العقاب بقوم لوط، وهذه
الرسالة التي سبقت العذاب، هي بشارتهم لإبراهيم(عليه السلام) بالوَلد: «بشروه
بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب». والآيات المتقدمة
تذكر أوّلا قصّة مرورهم بإبراهيم(عليه
السلام) فتقول: (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا
إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ). ويتّضح من هنا أن انحرافها
كان من جهة العقيدة، ولا يبعد أن يكون هذا الإنحراف متأثراً بسبب محيطها...
وكانت في بداية الأمر مؤمنة موحدة، وبهذا فلن يرد أي إشكال على لوط(عليه السلام)
في أنّه لم تزوّج بمثل هذه المرأة؟! |
|
الآيات(36) (40)
وِاِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ
وَارْجُواْ الْيَوْمَ الاَْخِرَ
|
|
وِاِلَى مَدْيَنَ
أَخَاهُمْ شُعَيباً فَقَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ وَارْجُواْ الْيَوْمَ
الاَْخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الاَْرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأصْبَحُواْ فِى دَارِهِمْ جَثِمِينَ (37) وَعَاداً
وَثَمُودَاْ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِّنْ مَّسَكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَنُ أَعْمَلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُواْ
مُسْتَبْصِرِينَ (38)وَقَرُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَمَنَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ
مُّوسَى بِالْبَيِّنتِ فَاسْتَكْبَرُواْ فِى الاَْرْضِ وَمَا كَانُواْ سَبِقِينَ
(39) فَكُلاَّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ
حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا
بِهِ الاَْرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) |
|
التّفسير |
|
تنوع
العذاب للظالمين:
|
|
بعد بيان قصّة لوط وقومه يقع
الكلام عن أقوام آخرين أمثال قوم شعيب وعاد وثمود، وقارون وفرعون، وقد أشير في
هذه الآيات ـ محل البحث ـ إلى كلٍّ منهم إشارة
موجزة «مكثفة» للإستنتاج والعبرة! |
|
الآيات(41) (44)
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ
الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً
|
|
مَثَلُ الَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ
بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَآنُواْ
يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَىْء
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الاَْمْثَلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ
وَمَا يَعْقِلُهَا اِلاَّ الْعَلِمُونَ (43) خَلَقَ اللهُ السَّمَوَتِ
وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِى ذلِكَ لاَيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ (44) |
|
التّفسير |
|
دعامة
واهية كبيت العنكبوت:
|
|
بيّنت الآيات السابقة ما آل
إليه المشركون والمفسدون الظلمة والأنانيون من مصير وخيم وعاقبة سوداء وعذاب
أليم... وبهذه المناسبة، ففي الآيات التي بين
أيدينا، يبيّن القرآن الكريم مثالا بليغاً ومؤثراً يعبدون غير الله ويتخذون من
دونه أولياء! وكلما أمعنا النظر في هذا المثال وفكرنا
فيه مليّاً انقدحت في أذهاننا منه لطائف دقيقة،
يقول تعالى: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل
العنكبوت اتّخذت بيتاً وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ). تأمّلوا بدقّة... إنّ كل
حيوان ـ وكل حشرة ـ له بيت أو وكر وما أشبه ذلك، لكن ليس في هذه البيوت بيت أوهن
من بيت العنكبوت! فكل بيت ـ عادةً ـ يحتوي على سقف وباب وجدار، وهو يحفظ صاحبه
من الحوادث، ويكون مكاناً أميناً لإيداع الأطعمة والأشياء الأُخرى وحفظها...
فبعض البيوت لا سقف لها إلاّ أنّها على الأقل لها جدار، كما أنّ هناك بيوتاً لا
جدار لها إلاّ أن لها سقفاً. فالقرآن يبيّن أن الله يعلم
الأشياء التي تدعونها ـ كائناً من كان، وأي شيء كان ـ
فكل أُولئك المعبودين إزاء قدرته كمثل بيت
العنكبوت، ولا يملكون لأنفسهم شيئاً كي يعطوه لكم.، |
|
الآية(45) اتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ وَأَقِمَ
الصَّلوة إِنَّ الصَّلوة تَنْهَى
|
|
اتْلُ مَآ أُوحِىَ
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَبِ وَأَقِمَ الصَّلوة إِنَّ الصَّلوة تَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
(45) |
|
التّفسير |
|
إن
الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر:
|
|
بعد الفراغ من بيان أقسام
مختلفة من قصص الأُمم السابقة وأنبيائهم العظام وما عاملهم به قومهم من معاملة
سيئة مذمومة، وبيان نهاية هؤلاء الظالمين الاليمة، يتوجه الخطاب ـ على سبيل
تسلية الخاطر، وتقوية الروحية، وإراءة الخط الكلّي أو الخطوط العامة ـ
للنبيّ(صلى الله عليه وآله) ويأمره بما ينبغي عليه أن يفعل. وقال بعضهم: إنّ أعمال الصلاة وأذكارها بمثابة عبارات وجمل، كل جملة
تنهى الإنسان عن الفحشاء والمنكر، فمثلا كل من التكبير والتهليل والتسبيح.. كلٌّ
منها يقول للإنسان: لا تذنب ولكن هل أنّ هذا الإنسان يصغي لهذا النهي أم لا...
فهذا أمر آخر. |
|
بحث
|
|
تأثير
الصلاة في تربية الفرد والمجتمع:
|
|
بالرغم من أن فائدة الصلاة لا
تخفى على أحد، لكن التدقيق في متون الروايات الإسلامية يدلنا على لطائف ودقائق
أكثر في هذا المجال!. 7 ـ إن الصلاة تعطي القيمة والروح لسائر أعمال الإنسان; لأنّ
الصلاة توقظ في الإنسان روح الإخلاص... فهي مجموعة من النية الخالصة والكلام
الطاهر «الطيب» والأعمال الخالصة... وتكرار هذه المجموعة في اليوم والليلة ينثر
في روح الإنسان بذور سائر الأعمال الصالحة ويقوّي فيه روح الإخلاص. |
|
بداية الجزء الحَادي
والعشرون من القرآن الكريم
|
|
ويبدأ
من بداية الآية ست وأربعون سورة العنكبوت
|
|
الآية(46) (49) وَلاَ
تُجَدِلُوا أَهْلَ الْكِتَبِ إلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ
ظَلَمُواْ مِنْهُمْ
|
|
وَلاَ تُجَدِلُوا
أَهْلَ الْكِتَبِ إلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ
مِنْهُمْ وَقُولُواْ ءَامَنَّا بِالَّذى أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)
وَكَذلِكَ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَبَ فالَّذِينَ ءَاَتَيْنَهُمُ الْكِتَبَ
يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ
بَاَيَتِنَآ إلاَّ الْكَفِرُونَ (47)وَمَا كنْتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن
كِتَب وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذاً لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ
هُوَ ءَايَتٌ بَيِّنَتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَمَا
يَجْحَدُ بِاَيَتِنَآ إلاّ الظَّلِمُونَ (49) |
|
التّفسير |
|
اتّبعوا
أحسن الأساليب في البحث والجدال:
|
|
كان أكثر الكلام في الآيات
المتقدمة في كيفية التعامل مع المشركين المعاندين وكان مقتضى الحال أن يكون
الكلام شديد اللهجة حادّاً، وأن يعدَّ ما يعبدون من دون الله أوهى من بيت
العنكبوت، أمّا في هذه الآيات ـ محل البحث ـ فيقع الكلام في شأن مجادلة أهل
الكتاب الذين ينبغي أن يكون الكلام معهم لطيفاً، إذ أنّهم ـ على الأقل ـ قد سمعوا
قسماً ممّا جاء به الأنبياء والكتب السماوية،
ولديهم استعداد أكثر للتعامل المنطقي، إذ ينبغي أن يكلم كل شخص بمقدار علمه
وعقله وأخلاقه. وكثيراً ما يتفق أنّه لو
استطاع الإنسان أن يبيّن قول الحق بصورة يراه الطرف الآخر متطابقاً لفكره ورأيه،
فسرعان ما ينعطف إليه وينسجم معه، لأنّ الإنسان ذو علاقة بفكره كعلاقته بأبنائه. وهذا مثل واحد من المجادلة بالتي هي أحسن التي
ينجذب إليها كل من يسمعها، ويدلّ على أن الإنسان يجب أن يكون بعيداً عن
التحزب أو طلب التفرقة، فنداء الإسلام هو نداء الوحدة والتسليم لكل كلام حق. |
|
بحوث
|
|
1 ـ الرّسول صل
الله عليه وآله وسلمّ.. الأمي
|
|
صحيح أن القراءة والكتابة
تعدّان ـ لكل إنسان ـ كمالا.. إلاّ أنّه يتفق
أحياناً ـ وفي ظروف معينة ـ أن يكون من الكمال في عدم القراءة والكتابة... ويصدق هذا الموضوع في شأن الأنبياء، وخاصة في نبوّة خاتم الأنبياء
«محمّد»(صلى الله عليه وآله). |
|
2 ـ طريق النفوذ
في الآخرين
|
|
لا يكفي الأستدلال القوي
المتين للنفوذ إلى قلوب الآخرين واكتسابهم بالكلام الحق، فانّ أُسلوب التعامل مع
الطرف الآخر وطريقة البحث والمناظرة تترك أعمق الأثر في هذه المرحلة.. فكثيراً
ما يتفق أن يوجد أناس مطّلعون ولهم يد طولى في البحوث العلمية الدقيقة، إلاّ
أنّهم قلّما يوفقون للنفوذ إلى قلوب الآخرين، بسبب عدم معرفتهم بكيفية المجادلة
بالتي هي أحسن، وعدم معرفتهم بالبحوث البنّاءة!. |
|
3 ـ الكافرون
والظالمون
|
|
نواجه في الآيات المتقدمة
آنفاً هذا التعبير (وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون )ومرّة
أُخرى نواجه المضمون ذاته مع شيء من التفاوت فبدلا
من كلمة «الكافرون» جاءت كلمة «الظالمون» (وما يجحد بآياتنا
إلاّ الظالمون ). فالآية الأُولى
تقول: إنّ الذين اختاروا الشرك والكفر بأحكامهم المسبّقة
الباطلة وتقليدهم الأعمى لأسلافهم، لا يرون آيةً من آيات الله إلاّ أنكروها وإن
تقبلتها عقولهم»! |
|
الآية(50) (55)
وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيهِ ءَاَيَتٌ مِّنْ رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا
الاَْيَتُ عِنْدَ اللهِ
|
|
وَقَالُوا لَوْلاَ
أُنْزِلَ عَلَيهِ ءَاَيَتٌ مِّنْ رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الاَْيَتُ عِنْدَ اللهِ
وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ
أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذلِكَ لَرَحْمَةً
وَذِكْرَى لِقَوْم يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللهِ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ
شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ وَالَّذِينَ ءَاَمَنُؤا
بِالْبَطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمَّىً لَّجَاءَهُمُ الْعَذَابُ
وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (53)يَسْتَعْجِلُونَكَ
بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَُمحِيطَةٌ بِالْكَفِرِينَ (54) يَوْمَ
يَغْشَهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ
ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) |
|
التّفسير |
|
أليس
القرآن كافياً في إعجازه؟!
|
|
الأشخاص الذين لم يذعنوا
ويسلّموا للبيان الإستدلالي والمنطقي الذي جاء به القرآن بسبب عنادهم وإصرارهم
على الباطل، ولم يقبلوا بكتاب كالقرآن الذي جاء
به إنسان أمي كالنّبي محمّد(صلى الله عليه وآله) دليلا جليّاً على حقانية
دعوته... تذرعوا بحجّة أخرى على سبيل الإستهزاء والسخرية، وهي أنّه لم لا تأت ـ
يا محمّد ـ بمعجزة من المعاجز التي جاء بها موسى وعيسى (وقالوا
لولا أنزل عليه آيات من ربّه ). لذلك فإن القرآن يقول في الآية (111) من سورة الأنعام (ولو أنّنا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم
كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا ). ولمّا كان كل مدع بحاجة إلى
الشاهد، فالقرآن يبيّن في الآية الأُخرى أن خير شاهد هو الله (قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً ). |
|
ملاحظات
:إعجاز القرآن
|
|
1 ـ
دلائل إعجاز القرآن: 2 ـ التشبث بالحيل
لإنكار المعجزات: |
|
الآية(56) (60)
يَعِبَادِىَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إنَّ أَرْضِى وَسِعَةٌ فَإِيَّىَ فَاْعبُدُونَ
|
|
يَعِبَادِىَ
الَّذِينَ ءَامَنُوا إنَّ أَرْضِى وَسِعَةٌ فَإِيَّىَ فَاْعبُدُونَ (56)كُلُّ
نَفْس ذآئِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ
ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً
تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَرُ خَلِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَمِلِينَ
(58) الِّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّن
مِّنْ دَآبَّة لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) |
|
سبب
النّزول
|
|
يعتقد كثير من المفسّرين أنّ الآية ـ من هذا المقطع ـ نزلت
في شأن المؤمنين الذين كانوا تحت ضغط الكفار الشديد، حتى أنّهم لم يستطيعوا أن
يؤدوا وظائفهم الإسلامية، فجاءت هذه الآية لتأمرهم
بالهجرة من هذه الأرض. |
|
التّفسير |
|
لابدّ
من الهجرة:
|
|
حيث أنّ الآيات السابقة كانت
تتحدث عن مواقف المشركين المختلفة من الإسلام والمسلمين، ففي الآيات محل البحث
يقع الكلام عن حال المسلمين ومسؤولياتهم قبال المشاكل المختلفة، أي مشاكل أذى
الكفار وضغوطهم وقلّة عدد المسلمين وما إلى ذلك، فتقول
الآية: (يا عبادى الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإيّاي فاعبدون ). وفي مثل هذه الموارد يقول
الإمام أمير المؤمنين علي(ع): «ليس بلد بأحق بك من بلدك، خير البلاد ما حملك» (الكلمات القصار، رقم 442.). أجل، هذا الصبر وهذه
الإستقامة هما رمز انتصارهم وعامل فخرهم الكبير، وبدونه لا يتحقق عمل إيجابي في
الحياة. |
|
الآيات(61) (66)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَوتِ وَالاَْرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ لَيَقُوُلُنَّ اللهُ
|
|
وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَوتِ وَالاَْرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ لَيَقُوُلُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللهُ يَبْسُطُ
الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ
شَىْء عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَّنْ نَّزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً
فَأَحْيَا بِهِ الاَْرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قَلِ
الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الحَيَوةُ
الدُّنْيَا إلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَاِنَّ الدَّارَ الاَْخِرَةَ لَهِىَ
الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ (64) فَإِذا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ
دَعَوُاْ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّهُمْ إِلى الْبَرِّ
إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَهُمْ
وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) |
|
التّفسير |
|
الاقرار
بالتوحيد في الباطن والشرك في الظاهر:
|
|
كان الحديث في الآيات السابقة
موجّهاً إلى المشركين الذين أدركوا حقانية الإسلام، إلاّ أنّهم لم يكونوا
مستعدين للإيمان والهجرة، خوفاً من انقطاع الرزق عليهم.
أمّا في هذه الآيات، فالحديث
موجه للنّبي(ص)، وفي الواقع لجميع المؤمنين، وهو يبيّن دلائل التوحيد عن طرق
«الخلقة»، و«الربوبيّة»، و«الفطرة»، أي عن ثلاث طرائق متفاوتة، ويريهم أن مصيرهم
وعاقبة أمرهم بيد الله الذي يجدون آثاره في الآفاق وفي
أنفسهم، لابأيدي الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع. |
|
ملاحظة |
|
الشدائد
واشراق القطرة:
|
|
سنتحدث بإذن الله في ذيل
الآية الثلاثين من سورة الروم حول «فطريّة» أصل التوحيد ومعرفة الله بشكل مفصّل،
وما يلزم ذكره هنا هو أنّ القرآن المجيد يتحدث في آيات كثيرة عن المشاكل والصعاب
على أنّها باعثة على ظهور الفطرة الإنسانية وبروزها «فالمشاكل والصعاب وسيلة
لاشراق الفطرة». قد يقال: إنّ هذه الحالة من التوجه تحصل على أثر التلقين
والرسوبات الفكرية من الثقافة الإجتماعية وأفكار المحيط. |
|
الآيات(67) (69) أَوَ
لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ
حَوْلِهِمْ
|
|
أَوَ لَمْ يَرَوْاْ
أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
أَفَبِالْبَطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّآ
جَآءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَفِرِينَ (68) وَالَّذِينَ
جَهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ (69) |
|
سبب
النّزول
|
|
نقل في تفسير «الدر المنثور»
عن ابن عباس ـ ذيل الآية محل البحث ـ أن جماعة
من المشركين قالو: يا محمّد ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلاّ مخافة أن يتخطفنا
الناس لِقلَّتنا والعرب أكثر منّا فمتى بلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا
فكنّا أكلة رأس، فانزل الله: (أولم يروا أنا جعلنا حرماً ) وكانت جواباً لهم. |
|
التّفسير |
|
أشارت الآيات ـ التي سبق
ذكرها ـ إلى بعض الحجج الواهية للمشركين، وهي أنّنا نخاف على حياتنا إذا أظهرنا
الإيمان ثمّ هاجرنا معك يا رسول الله، وقد ردّ عليها القرآن بطرق مختلفة. وفي الآيات ـ محل البحث ـ
يردّ القرآن عليهم بطريق آخر فيقول: (أولم يروا أنا
جعلنا حرماً آمناً ) أي أرض مكّة المكرمة. للمفسّرين آراء في
هذا المجال. |
|
ملاحظتان
|
|
1 ـ الجهاد
والإخلاص
|
|
يستفاد من الآية
المتقدمة بصورة جيدة أنّنا إذا أصبنا
بأي نوع من الهزيمة عدم الموفقية، فسبب ذلك وعلته أحد أمرين: إمّا أنا قصّرنا في
جهادنا، أو لم يكن لدينا إخلاص في العمل، وإذا اجتمع الجهاد والإخلاص ـ فبناء
على وعد الله ـ فإن النصر والهداية حتميّان. |
|
2 ـ الناس ثلاثة
أصناف:
|
|
فصنف لجوج معاند لا تنفعه أية هداية. انتهاء
سورة العنكبوت |
|
|
|