- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَةُ
النُّور مَدنيّة وعددُ آياتِها أربَع وَسِتُّونَ آية
|
|
المجَلّد الحَادي
عَشَر
|
|
وهي تشكل الجزء الثّامن عشر من القرآن الكريم |
|
فضل
سورة النور:
|
|
جاء في حديث عن
الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر
حسنات بعدد كل مؤمِن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقى». |
|
محتوى
سورة النّور:
|
|
يمكن اعتبار هذه
السورة خاصّة بالطهارة والعفة، وكفاح الإِنحطاط الخلقي، لأن محور تعاليمها ينصب على تطهير المجتمع بطرق
مختلفة مِن الرذائل والفواحش، والقرآن الكريم يحقق
هذا الهدف عبر مراحل، هي: المرحلة الثّانية: بيان حد الزنا الذي لا تَنْبِغي إِقامَتُه
إِلاّ بشروط مشدّدة للغاية، إذ لابُدَّ من أربعةِ شهود يشهدون أنّهم رأوا بأُمِّ
أعيُنِهم رجلا غريباً يَزْني بأمرأة غريبة عنه، يَفْعَلُ بِها فِعْلَ الزوج
بزوجِه ساعة مُباشرته إيَّاها. |
|
الآيات(1) (3)
سُورَةٌ أَنزَلْنَهَا وَفَرَضْنَهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَآ ءَاَيَتِ بَيِّنَت
لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
|
|
سُورَةٌ
أَنزَلْنَهَا وَفَرَضْنَهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَآ ءَاَيَتِ بَيِّنَت
لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَحِد
مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ
اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)الزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ
زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَان أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) |
|
التّفسير |
|
حد
الزاني والزانية:
|
|
سمّيت هذه السورة
بالنّور لأنّ آية النور فيها من أهم
آياتها، إضافة إِلى أنّ مضمونها يشعشع في
جوانح الرجل والمرأة والأسرة والبشر عفّة وطهارة، وحرارة تقوى، ويعمر القلوب
بالتوحيد والإِيمان بالمعاد والإِستجابة لدعوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم). «سورة» كلمة مشتقّة من «السور»
أي الجدار المرتفع، ثمّ أطلقت على الجدران التي تحيط بالمدن لحمايتها من مهاجمة
الأعداء. وبما أنّ هذه الجدران كانت تعزل المدينة عن المنطقة المحيطة بها، فقد
استعملت كلمة «سورة» تدريجياً في كل قطعة مفصولة عن شيء، ومنها استعملت لتعني
قِسماً من القرآن. كما قال بعض اللغويين: إِنَّ
«سورة» بناء جميل مرتفع، وهذه الكلمة تطلق أيضاً على قسم من بناء كبير، وتطلق
السورة على أقسام القرآن المختلفة المفصولة بعضها عن بعض(«لسان العرب» المجلد الرّابع، مادة «سور».). وبهذا يتّضح الجواب
عن السؤال: لِمَ يعرّض الإِسلامُ كرامة
إنسان بين الناس إلى الخدش والامتهان؟ فيقال: ما دَامَ الذنبُ سِرَّاً لِمَ
يَطَّلِعْ عليه أحَدٌ وَلم يبلُغ القضاء، فلا بأسَ بكتمانِهِ في النفس وإستغفارِ
الله مِنْهُ، فإنَّه تعالى يَسْتُرُهْ بلطفِهِ ويُحبُّ مَنْ يَسْتُرهُ، أمّا إذا
ظهر الجُرْمُ بالأدِلَّةِ الشرعيّةِ، فلابُدَّ من تنفيذ العقاب بشكل يبطل آثار
الذنب السيئة، ويبعثُ على استفظاعه وَبَشاعته. ومن الطبيعي أن يولي المجتمع
السليم الأحكامَ اهتماماً كبيراً، فتكرار التحدِّي للحدود الشرعيَّة يُفْقِدُها
فاعليتها في صيانَةَ الطمأنينة والأستقرار في النفوس، ومِنْ هنا وجبت إقامة هذا
الحَدِّ عَلَناً ليمتنع الناسُ مِن تكرار فاحِشَة ساءَتْ سبيلا. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ الحالات التي
يعدم فيها الزاني
|
|
ما ذكرته الآيةُ السابقة
حكْمٌ عامٌّ يُستثنى منه زنا المحصّن والمحصنة،
فحدُّهُما القتل، إذا ثبت عليهما الجُرْمُ. |
|
2
ـ لماذا ذكرت الزانية أولا؟
|
لا شك في أنّ ممارسة هذا
العمل الذي يخالف العفة، هي في غايةِ القبح، وتزدادُ قُبحاً وبشاعةً بالنسبة
للمرأةِ، فحياؤها أكثر من حياء الرجل، والخروج عليه دليل تمرد شديد جدّاً.
وإضافة إلى أنّ عاقبته المشؤومةَ بالنسبةِ لها أكبر رغم فداحتِهِ وَوَبالِه على
الطرفين كليهما. ويحتمل أن تكون
المرأة مصدر الوساوس في اقتراف هذا الذنب، وتعتبر في كثير من الأحيان السبب الأصلي فيه. ولهذا
كله ذكرت الآية الزانية أولا ثمّ الزاني. إلاّ
أن النساء والرجال من أهل العفّة والإيمان يجتنبون هذه الأعمال. |
|
3 ـ لماذا تكون
العقوبة علنية؟
|
|
تستوجب الآية السابقة ـ التي
جاءت بصيغة الأمر ـ حضور طائفة من المؤمنين حين تنفيذَ حدّ الزنا، لكنّ القرآن
لم يشترط أن يجري ذلك في الملأ العام، بل وقفه على الظروف، ويكفي حضور ثلاثة
أشخاص أو أكثر وفق ما يقرر القاضي(شكك عدد من المفسّرين في ضرورة حضور مجموعة من المؤمنين حين
تنفيذ حدّ الزنا، في حين أن الأمر بالحضور ظاهر من الآية، وهي لا تقصد
الإِستحباب.). |
|
|
4 ـ ماذا كان حدّ
الزاني سابقاً؟
|
|
يستفاد من الآيتين (15) و (16) من سورة النساء أنّ الحكم قبل
نزول سورة النّور كان السجن المؤَيَّد للزانية (فامسكوهن
في البيوت حتى يتوفاهن الموت)وإلحاق الأذى بالزناة غير المحصنين (فآذوهما) ولم يحدد مقدار هذا الأذى حتى حددته هذه
الآيةُ بمائة جلدة. وعلى هذا حلّ الإِعدام محل السجن المؤيد في الحكم على
الزانية المحصنة، وحُدِّدَ الأذى لغير المحصن بمائة جلدة (ولمزيد من الإِطّلاع راجع التّفسير الأمثل في تفسير الآيتين
(15) و (16) من سورة النساء). |
|
5 ـ منع الإِفراط والتفريط
عند تنفيذ الحدّ!
|
|
لا ريب في أنّ القضايا
الإِنسانية والعاطفية توجب بذل أقصى الجهود لمنع إصابة بريء بهذا العقاب، وإصدار
العفو وفق الأحكام الإِلهية، أمّا إذا ثبت الذنب فلابُدَّ مِن الحسم مِن غير
تأثر بالمشاعر الكاذبة والعواطف البشرية إلاّ بالحَقّ، فهيجانُها الجارفُ
يُلحِقُ بالنظام الإِجتماعي ضرراً كبيراً. |
|
6 ـ شروط تحريم
الزواج بالزانية والزاني:
|
|
ذكرنا أن ظاهر الآيات السابقة
يحرّم الزواج من الزانية والزاني، وخصصتِ الأحاديث الشريفةُ ذلك بالذين اشتهروا
بالزنى ولم يتوبوا، وأمّا إذا لم يشتهروا بهذا العمل القبيح، أو أنّهم تركوه
وطهّروا أنفسهم منه، وحافظوا على عفتهم، فلا مانع من الزواج منهم. |
|
7 ـ فلسفة تحريم
الزنا:
|
|
لا يخفى على أحد مساويء هذا
العمل القبيح على الفرد والمجتمع، ومع ذلك نرى من اللازم بيان هذا المعنى باختصار: إنّ ممارسة هذا العمل القبيح وانتشاره يعرّض
النظام الأسريّ إلى الدمار. |
|
الآيتان(4) (5)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الُمحْصَنتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدآءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَنِينَ جَلْدَةً
|
|
وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الُمحْصَنتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدآءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَنِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَدَةً أَبَدَاً
وَأُؤلَئكَ هُمُ الْفَسِقُونَ(4) إَلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رِّحِيمٌ(5) |
|
التّفسير |
عقوبة
البهتان:
|
|
قَد يستغِلّ المعترضون ما
نَصَّتْ عليه الآيات السابقة من عقوبات شديدة للزاني والزانية فيسيئون
للمتطهّرين، فبيّنت الآيات اللاحقةُ هنا عقوبات شديدة للذين يرمون المحصنات،
ويُسخّرونَ هذا الحكم لأغراضهم الدنيئة. فجاءت هاتان الآيتان لحفظ الحرمات
الطاهرة وصيانة الكرامات مِن عبث هؤلاء المفسدين. |
|
بحوث
|
|
1 ـ المراد من
كلمة «رمى»
|
|
|
«الرّمي»
في الأصل هو اطلاق السهم أو قذف
الحجر وأمثالهما، وطبيعي أنه يؤذي في معظم الأوقات، وقد استخدمت الكلمة
هنا كناية عن اتهام الأشخاص وسبابهم ووصفِهم بما لا يليق، لأن هذه الكلمات
كالسهم يصيب الشخص ويجرحه. |
|
2 ـ لماذا أربعة
شهود؟
|
|
من المعلوم أن شاهدين عادلين
يكفيان ـ في الشريعة الإِسلامية ـ لإثبات حق، أوذنب اقترفه شخص ما، حتى وإن كان
قتل النفس. أمّا في إثبات الزنا فقد اشترط الله تعالى
أربعة شهود. وقد يكون ذلك لأن الناس يتعجلون الحكم في هذه المسألة،
ويتطاولون بإلصاق تهمة الزنا بمجرّد الشك، ولهذا شدّد الإِسلام في هذا المجال
ليحفظ حرمات الناس وشرفهم. أمّا في القضايا الأُخرى ـ
حتى قتل النفس ـ فإن موقف الناس يختلف. |
|
3 ـ الشّرط المهم
في قبول التوبة
|
|
قلنا مراراً: إنّ التوبة ليست فقط بالندامة على ما اقترفه الإنسان
وتصميمه على تركه في المستقبل، بل تقتضي ـ إضافة إلى هذا ـ أن يقوم الشخص بالتعويض عن ذنوبه اقترفها، فإذا وجّه المرء تهمة لامرأة أو
رجل طاهر ثمّ تاب، فيجب عليه أن يعيد الاعتبار إلى من تَضَرَّرَ باتّهامِه،
وذلِك بأن يكذب هذه التهمة بَيْنَ كل الذين سمعوها عنه. |
|
4 ـ أحكام القذف:
|
|
يوجد باب تحت عنوان «حد
القذف» في كتاب الحدود. |
|
الآيات(6) (10)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدآءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَدَةُ أَحَدِهِمْ
|
|
وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدآءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَدَتِ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّدِقِينَ
(6)وَالْخَمِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَذِبينَ
(7)وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَدَتِ بِاللهِ
إِنَّهُ لَمِنَ الْكَذِبينَ(8) وَالْخَمِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَآ إِن
كَانَ مِنَ الْصَّدِقينَ(9) وَلَوْ لاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
وَأنَّ اللهُ تَوَّابٌ حَكِيمٌ(10) |
|
سبب
النّزول
|
|
روى ابن عباس أن سعد بن عبادة
(سيد الأنصار) من الخزرج، قال لرسول الله(ص)
بحضور جمع من الأصحاب: «يا رسول الله! لو أتيت لكاع (زوجته) وقد يفخذها رجل لم
يكن لي أن أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله ما كنت لآتي باربعة شهداء حتى يفرغ
من حاجته ويذهب، وإن قلت ما رأيت إن في ظهري لثمانين جلدة، فقال النّبي(صلى الله
عليه وآله وسلم). يا معشر الأنصار ما تَسمعون
إلى ما قال سيدكم؟ |
|
التّفسير |
|
عقاب
توجيه التهمة إلى الزوجة!
|
|
يستنتج من سبب النّزول أنّ
هذه الآيات في حكم الإِستثناء الوارد على حد القذف، فلا يُطبق حدّ القذف (ثمانين جلدة) على زوج يتّهم زوجته بممارسة الزنا مع
رجل آخر، وتقبل شهادته لوحدها. ويمكن في هذه الحالة أن يكون صادقاً كما يمكن أن
يكون كاذباً في شهادته. وهنا يقدم القرآن المجيد حلا أمثل هو: أوّلها: انفصالهما دون طلاق. ومن جهة خامسة توضح الآية مستقبل الوليد الذي يولد بعد توجيه هذه
التهمة. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ لماذا استثني
الزوجان من حكم القذف؟
|
|
السّؤال الأوّل
الذي يطرح نفسه هنا: ما هي خاصية
الزوجين، ليصدر هذا الحكم المستثنى بحقّهما؟ |
|
2 ـ كيفية اللعان
|
|
توصلنا بعد الإِيضاحات التي
ذكرناها خلال تفسير هذه الآيات، إلى وجوب تكرار الرجل شهادته أربع مرات ليثبت
صحة دعواه في اتهامه لزوجته بالزنا، ولينجو من حَدِّ القذف. وبهذا فإن هذه
الشهادات الأربع من الزوج بمثابة أربعة شهود، وفي الخامسة يتقبل لعنة الله عليه
إن كان كاذباً. |
|
3 ـ العقاب
المحذوف في الآية:
|
|
جاءت الآية الأخيرةُ ـ ممّا
نحن بصدده ـ جملةً شرطيةً لم يذكر جزاءها حيث
تقول: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وإن الله توّاب
حكيم). لكنّها لم تذكر نتيجة ذلك.
وبملاحظة القرائن فيها يتّضح لنا جواب الشرط. والصمت إزاء مسألة ما يكشف عن
أهميتها البالغة، ويثير في مخيلة المرء تصورات عديدة لها. وكل تصور منها له
مفهوم جديد. فهنا قد يكون جواب الشرط: لو لا فضل
الله ورحمته عليكم، لكشف عن أعمالكم وفضحكم. |
|
الآيات(11) (16)
إِنَّ الَّذِينَ جَآءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً
لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
جَآءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ
خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىء مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الاِْثْمِ
وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ(11) لَّوْلاَ إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً
وَقَالُوا هَذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ (12)لَّولاَ جَآءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَآءَ فَإِذَ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلئِكَ عِندَ اللهِ هُمُ
الْكَذِبُونَ(13) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى
الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ(14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم
مَّا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللهِ
عَظِيمٌ(15) وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَنْ
نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَنَكَ هَذَا بُهْتَنٌ عَظِيمٌ(16) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر سببين لنزول
الآيات السابقة: أوّلهما: ما روته عائشة زوجة الرّسول
قالت: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فأيّتهنّ خرج سهمها
خرج بها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في
غزوة(هي غزوة بني المصطلق في العام الخامس لللهجرة.)
غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما نزل
الحجاب وأنا أُحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) من غزوته تلك وقفل. ودعا رسول الله(ص) علي بن أبي
طالب وأُسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، فأمّا اسامة
فأشار على رسول الله(ص) بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من
الودّ فقال: يا رسول الله (ص) أهلك ولا نعلم إلاّ خيراً، وأمّا علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيّق
الله عليك، والنساء سواها كثيرة وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله(ص)بريرة فقال: أي بريرة هل رأيت شيئاً يريبك؟
قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً أغمضه أكثر من أنّها جارية
حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله. فبينما هما جالسان
عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من
الأبصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله(ص)ثمّ
جلس ولم يجلس عندي منذ قيل فيّ ما قيل قبلها وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني
بشيء، فتشهد حين جلس ثمّ قال: أمّا بعد يا عائشة
إنّه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا إعترف بذنبه
ثمّ تاب تاب الله عليه. |
|
تحقيق
المسألة:
|
|
على رغم ممّا ذكرته معظم
المصادر الإسلامية لهذين السببين فإن هناك أموراً غامضةً في السبب الأوّل تثير
النقاش، منها: 2 ـ رغم أن ظاهر الآيات يَدُلُّ على أن حكم القذف (الإتهام بعمل مخل بالشرف والعفة) نزل قبل حديث
الإِفك، فلماذا لم يستدع النّبي(ص) عبدالله بن أبي سلول وعدداً آخر ممَّنْ نشروا
هذه الشائعة ليجري الحد الذي فرضه الله؟ (الاّ أن يقال
بأن آيات القذف والافك نزلت سويةً، وأن حكم القذف قد شرح حينذاك لتناسبه مع
الموضوع، ففي هذه الصورة ينتفي هذا الإشكال ولكن يبقى الأوّل على قوّته). |
|
التّفسير |
|
حديث
الافك المثير:
|
|
تقول أوّل آية من الآيات موضع
البحث، دون أن تطرح أصل الحادثة (إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم) لأن من علائم
الفصاحة والبلاغة، حذفَ الجملِ الزائدة، والإكتفاء بما تدلّ عليه الكلمات من
معان شاملة. واستخدام هذه
الكلمة يكشف عن الإِرتباط الوثيق بين المتآمرين المشتركين في
ترويج حديث الإفك، حيث كانوا يشكلون شبكة قوية منسجمة
ومستعدة لتنفيذ المؤامرات. والمسألة الثّانية: (والذي تولى كبره منهم له عذاب
عظيم) قال بعض المفسّرين: إن الشخص
المقصود هو «عبدالله بن أبي سلول» قائد أصحاب
الإفك. وسبق لهذه الآية أن وجهت
اللوم لهم لسوء ظنهم بالذي وجه إليه الإتهام باطلا، وهنا تقول الآية: إضافة إلى
وجوب حسن الظن بالمتهم يجب ألا تسمحوا لأنفسكم بالتحدث عنه، ولا تتناولوا التهمة
الموجهة إليه، فكيف بكم وقد كنتم سبباً لنشرها! |
|
الآيات(17) (20)
يَعُظِكُمُ اللهُ أَن تَعُودُوا لْمِثْلِهِ أبَدَاً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(17)
وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الاَْيَتِ
|
|
يَعُظِكُمُ اللهُ
أَن تَعُودُوا لْمِثْلِهِ أبَدَاً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(17) وَيُبَيِّنُ
اللهُ لَكُمُ الاَْيَتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ
أَن تَشِيعَ الْفَحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى
الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَتَعْلَمُونَ(19)
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ
رَّحِيمٌ(20) |
|
التّفسير |
|
حرمة
إشاعة الفحشاء:
|
|
تحدثت هذه الآيات أيضاً عن
حديث الإفك، والنتائج المشؤومة والأليمة لاختلاق الشائعات ونشرها، واتهام
الأشخاص الطاهرين بتهمة تمس شرفهم وعفتهم. وهذه القضية مهمه بدرجة أن القرآن
المجيد تناولها عدّة مرات، وعَرَضَ لها من طرق مختلفة مؤثرة، باحثاً محللا لها
من أجل ألاّ تتكرر مثل هذه الواقعة الأليمة في المجتمع الإسلامي، فذكر أولا (يعظكم الله أن تعودوا
لمثله)( لهذه الجملة كلمة محذوفة هي حرف «لا» أي أن من علامات الإيمان أن
لا يتوجه الإنسان نحو الذنوب العظام، وإذا ارتكبها فذلك يدلّ على عدم إيمانه أو
ضعفه، والجملة المذكورة تشكل ـ في الحقيقة ـ أحد أركان التوبة، إذ أنَّ الندم
على الماضي لا يكفي، بل يجب التصميم على عدم تكرار ارتكاب الذنوب في المستقبل،
لتكون توبة كاملة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ مامعنى إشاعة
الفحشاء؟
|
|
بما أن الإنسان مخلوق إجتماعي،
فالمجتمع البشري الذي يعيش فيه لَهُ حُرْمة يجب أن لا تقِلَّ عَنْ حرْمتِهِ
الشخصيَّةِ، وطهارةُ كِلَّ مِنْهُما تُساعِدُ في طهارةِ الآخر، وقبح كلِّ منهما
يسري إلى صاحِبه. وبموجب هذا المبدأ كافح الإسلام بشدّة كُلَّ عمل ينشر السموم
في المجتمع، أو يدفعه نحو الهاوية والإِنحطاط. |
|
2 ـ مصيبة
الشائعات
|
|
إن اختلاق ونشر
الشائعة الكاذبة يُودِّي إلى
سَيْطَرةِ القَلَقِ واستبدادِ الإضطراب وانعدام الثقةِ، وهذِهِ مِن أهَمِّ ما
تَرْمي إليه الحَرْبُ النفسيّةُ للعدو بغية إثارة الْبَلْبلةِ وَنشْرَ الفَزَع،
ليتسنى لهم التَّغَلُّب العَسكريّ والسياسيّ. |
|
3 ـ استصغار
الذنب
|
|
يستفاد من الآيات السابقة
أنها استنكرتْ استصغار نشر البهتان والتهمة، وهو خطأ فادِحٌ وَجُرْمٌ عظيمٌ وفي
الحقيقة إن استصغار الذنب بذاته ذنب آخر. فالذي يرتكب الذنب ويشعر بعظمة ذنبه،
ويندم على ما فعل هو الذي يؤمل فيه التوبة والجبران. |
|
الآيات(21) (26)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّبِعُوا خُطُوَتِ الشَّيْطَنِ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّبِعُوا خُطُوَتِ الشَّيْطَنِ وَمَنْ يَتَّبِعْ
خُطُوَتِ الشَّيْطَنِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَد
أَبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(21)
وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوآ أُولِى
الْقُرْبَى وَالْمَسَكِينَ وَالْمُهَجِرينَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا
وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَالله غَفُورٌ
رَّحِيمٌ(22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الُْمحْصَنَتِ الْغَفِلَتِ الْمُؤْمَنَتِ
لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(23) يَوْمَ
تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنتُهُمْ وأَيْدِيهِمْ وَأرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ(24) يَوْمَئِذ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ
أنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبينُ(25) الْخَبِيثَتُ لِلْخَبِيثينَ
وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَتِ وَالطَّيِّبَتُ لِلطَّيِّبينَ وَالطَّيِّبُونَ
لِلطَّيِّبَتِ أُوْلَئكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ
وَرِزقٌ كَرِيمٌ(26) |
|
التّفسير |
|
للعقوبات
حساب!
|
|
على الرغم من عدم متابعة هذه
الآيات حديث الإفك بصراحة، إلاّ إنّها تعتبر مكملة لمضمون ذلك البحث، وتحذّر
المؤمنين جميعاً من تأثير الأفكار الشيطانية التي تبدو أوّلا في صورة باهتة،
فلابدّ من الإنتباه إليها، وإلاّ فالنتيجة سيئة للغاية، ولا يمكن تلافيها بسهولة
فعلى هذا حينما يشعر الفرد بأوّل وسوسة شيطانية بإشاعةِ الفحشاء أو إرتكاب أي
ذنب آخر فيجب التصدي له بقوّة حاسمة، حتى يمنع من انتشاره وتوسّعه. ويحتمل أن يكون المراد من
«الغافلات» أنهن لا يعلمن بما ينسب اليهنّ من بهتان في الخارج، ولهذا لسن في صدد
الدفاع عن أنفسهنّ، وفي النتيجة فإنّ الآية تطرح موضوعاً جديداً للبحث، لأن
الآيات السابقة تحدثت عن مثيري التهم الذين يمكن التعرف عليهم ومعاقبتهم. إلاّ
أنّ الحديث هنا يدور حول مثيري الشايعات الذين أخفوا أنفسهم عن العقاب والحدّ
الشرعي: فتقول الآية: أنّ هؤلاء لا يتصوروا أنّهم بهذا العمل سيكون بإمكانهم
تجنب العقاب الإلهي دائماً، لأنّ الله تعالى سيبعدهم عن رحمته في هذه الدنيا.
كما ينتظرهم العذاب العظيم في الآخرة. وتحدد الآية
التالية وضع الذين يتهمون الناس بالباطل في ساحة العدل الإلهي،
قائلة (ويوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما
كانوا يعلمون). |
|
بحوث
|
|
1 ـ مَن هن
الخبيثات ومَن هم الخبيثون؟
|
|
ذكر المفسّرون
تعاريف مختلفة لـ «الخبيثات» و«الخبيثون» و«الطيبات» و«الطيبون». |
|
الآيات(27) (29)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى
تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيرٌ لَّكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَداً فَلاَ
تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا
هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(28) لَّيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَة فِيهَا مَتعٌ لَّكُمْ
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(29) |
|
التّفسير |
|
لا
تدخلوا بُيُوت الناس حَتَّى يؤذنَ لَكُم:
|
|
بيّنت هذه الآيات جانباً من
أدب المعاشرة، والتعاليم الإسلامية الإِجتماعية التي لها علاقة وثيقة بقضايا
عامّة حول حفظ العفّة، أي كيفية الدخول إلى بيوت الناس، وكيفية الإستئذان
بالدخول إليها. |
|
بحوث
|
|
1 ـ الأمن
والحرية في حريم المنزل
|
|
لا ريب في أن لوجود
الإنسان بعدين: بعد
فردي، وآخر إجتماعي، ولهذا فله نوعان من الحياة: حياة خاصّة، وأخرى عامّة. ولكل
واحدة خصائصها وآدابها، حيث يضطر الإنسان في البيئة الإجتماعية إلى تحمل قيود
كثيرة من حيث اللباس والحركة، ومواصلة الإنسان حياته على هذا النسق وحده ـ خلال
الأربع والعشرين ساعة ـ مُتعب ويبعث على الضجر،
إذ أنّه يرغب في أن يكون حراً خلال فترة من الليل والنهار ليستريح بعيداً عن هذه
القيود، مع أسرته وبين أولاده، لهذا يلجأ إلى منزله الخاص به، وينعزل بذلك عن
المجتمع بشكل مؤقت، ليتخلص من قيوده، فيجب أن يكون محيط المنزل آمناً إلى حدٍّ
كاف. |
|
2 ـ ما المقصود
بالبيوت غيرالمسكونة؟
|
|
في معرض الإجابة على هذا
السؤال لابدّ من الإشارة إلى اختلاف المفسّرين في ذلك،
فقد قال البعض: يقصد بها المباني التي لا يسكنها شخص معين، وهي لعموم الناس،
كالمنازل العامّة في الطرق البرية والفنادق والحمامات العامّة وأمثالها. وقدجاء
هذا المعنى بصراحة في حديث للإمام الصادق(ع)( وسائل
الشيعة، المجلد الرّابع عشر، صفحة 161.). |
|
الآيتان(30) (31) قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَرِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ
|
|
قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَرِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30) وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنِى
أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُنَّ أَوِ
التَّبِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الاْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ
بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعَلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى
اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31) |
|
سبب
النّزول
|
|
جاء في كتاب الكافي حول سبب
نزول أوّل آية من الآيات السابقة، عن الإمام
الباقر(عليه السلام) قال: استقبل شاب من الأنصار أمرأة بالمدينة وكان النساء
يقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل زقاق قد
سمّاه يعني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ
وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لاتين
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولأخبرنّه، قال: فآتاه فلمّا رآه رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا فأخبره، مهبط جبرئيل(عليه السلام)
بهذه الآية: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله
خبير بما يصنعون).( وسائل الشيعة، المجلد الرّابع عشر،
صفحة 39، تفسير نور الثقلين، والميزان، وروح المعاني مع بعض الإختلاف في تفسير
الآية موضع البحث.) |
|
التّفسير |
|
مكافحة
السفور وخائنة الاعين:
|
|
قلنا في البداية: إنّ هذه
السورة ـ في الحقيقة ـ اختصت بالعفة والطهارة وتطهير الناس من جميع الإنحرافات
الجنسية، وبحوثها منسجمة، وهي تدور حول الأحكام الخاصّة بالنظر إلى الإجنبية
والحجاب، ولا يخفى على أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصّة بالقذف. وتناولت الآية التالية شرح
واجبات النساء في هذا المجال، فأشارت أوّلا إلى الواجبات التي تشابه ما على
الرجال، فتقول: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن
فروجهن). وذكرت الأحاديث
التي رُويت عن أهل البيت(عليهم السلام) هذا المعنى، فقد فسّروا الزينة المخفية بالقلادة والدملج (حلي يشدُّ أعلى الساعد)
والخلخال(تفسير على بن إبراهيم لآخر الآية موضع البحث.). 6 ـ (أو إخوانهن). |
|
بحوث
|
|
1 ـ فلسفة الحجاب
|
|
ممّا لا شكّ فيه أنّ الحديث
عن الحجاب للمتغربين في عصرنا الذي سمّوه بعصر التعري والحرية الجنسية، ليس
حديثاً سارّاً حيث يتصوّرونه أُسطوره يعود لعصور خلت. 4 ـ قضية «ابتذال
المرأة» وسقوط شخصيتها في المجتمع الغربي ذات أهمية كبيرة لا
تحتاج إلى أرقام، فعندما يرغب المجتمع في تعري المرأة، فمن الطبيعي أن يتبعه
طلبها لادوات التجميل والتظاهر الفاضح والإنحدار السلوكي، وتسقط شخصيّة المرأة
في مجتمع يركز على جاذبيتها الجنسية، ليجعلها وسيلةً إعلاميّة يُروّج بها لبيع
سلعة أو لكسب سائح. |
|
الإشكال
الذي يورده معارضو الحجاب:
|
|
نصل هنا إلى
الإنتقادات التي يطرحها معارضو الحجاب، فنبحثها بشكل مضغوط: |
|
3 ـ ما المقصود
من نسائهنّ؟
|
|
ذكرنا في تفسير الآية السابقة
أنّ تاسع مجموعة مستثناة بالإطلاع على زينة النساء هنّ النساء الأُخريات،
وبملاحظة عبارة «نسائهنّ» ندرك أنّها تقصد النساء المسلمات، ولا يكشفن عن
زينتهنّ لغير المسلمات، وفلسفة ذلك، أنّه من المحتمل أن يصفن ـ غير المسلمات ـ
لأزواجهنّ ما شاهدنه من زينة النساء المسلمات. وهذا ليس عملا صائباً من قبل
المسلمات. |
|
4 ـ تفسير عبارة
(أو ما ملكت أيمانهن)
|
|
لظاهر هذه العبارة مفهوم
واسع، ويدل على أنّه بإمكان المرأة الظهور دون حجاب بحضور عبدها، إلاّ أنّ بعض
الأحاديث صرّحت بأنّ ذلك يعني فقط الظهور بين الجواري حتى لوكنّ غير مسلمات، ولا
يشمل هذا الحكم العبيد. ففي حديث للإمام أميرالمؤمنين علي(عليه السلام): «لا
ينظر العبد إلى شعر سيّدته»( وسائل الشيعة، الباب 124،
من مقدمات النكاح، الحديث الثامن.). |
|
5 ـ تفسير (أولي
الإِربة من الرجال)
|
|
«الإِربة»
في الأصل مشتقة من «أَرَب»
على وزن «عرب» وكما يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته،
شدّة الحاجة التي تدفع بالإنسان إلى إيجاد حلٍّ لها. |
|
6 ـ أي طفل
مستثنى من هذا الحكم؟
|
|
ذكرنا أنّ المجموعة الثّانية
عشرة ـ أي الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم ـ مستثنون من حكم الحجاب. |
|
7 ـ لماذا لم
يذكر العم والخال ضمن المحارم؟
|
|
يطرح هذا السؤال
بعد دراسة الآيات السابقة: لماذا لم يذكر العم والخال ضمن المحارم ـ قط ـ وهم من
المحارم؟ |
|
8 ـ تحريم سبل
الإثارة!
|
|
آخر كلام في هذا المجال هو
أنّ الآية السابقة نصّت على حرمة المشي بقوّة من قبل
النساء ليسمعن صوت الخلخال. |
|
الآيات(32) (34)
وَأَنكِحُواْ الاَْيَمَى مِنكُمْ وَالصَّلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ
|
|
وَأَنكِحُواْ
الاَْيَمَى مِنكُمْ وَالصَّلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِن
يَكُونُوا فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ
(32)وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَيَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ
اللهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَبَ مِمَّا مَلَكَتْ
أَيْمَنُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَءَاتُوهُم مِّن
مَّالِ اللهِ الَّذِى ءَاتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَتِكُمْ عَلَى
الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهِهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعْدِ إِكْرهِهِنَّ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ(33) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ ءَايَت مُّبَيِّنَت وَمَثَلا
مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ(34) |
|
التّفسير |
|
الترغيب
في زواج يسير التكاليف:
|
|
طرحت هذه الآية ـ منذ بدايتها
حتى الآن ـ سبلا أمينةً متعدّدةً للحيلولة دون الإنحطاط الخلقي والفساد، فكلّ
واحد من هذه السبل يرتقي بالأُمَّة فَرداً وجماعةً إلى
عالم أرحب من الطّهر والإستقامة، ويحول دون تقهقرها أو انحدارها في مهاوي
الرّذيلة، وقد أشارت الآيات ـ موضع البحث ـ إلى أهم طرق مكافحة الفحشاء، ألا وهو
الزواج اليسير الذي يتمّ بعيداً عن أجواء الرياء والبذخ، لأنّ إشباع الغرائز
بشكل سليم وشرعي خير سبيل لاقتلاع جذور الذنوب، أو بعبارة أُخرى: كل مكافحة
سلبية لابدّ أن ترافقها مكافحة إبجابية. ويهتم الإسلام كعادته بالعبيد
الضعفاء اجتماعياً من أجل تيسير حريتهم، فيتناول القرآن المجيد مسألة المكاتبة
(وهي تعهد الغلام بتوقيعه إتفاقاً ينص على القيام بعمل معيّن أو دفع مبلغ مقابل
عتقه)، فتقول الآية (والذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت
أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً). وبالرغم من أن العالم المعاصر
يدّعي التحضّر وإزالة معالم العبودية القديمة، إلاّ أنّ الجرائم والمفاسد
الخُلقية تشيع بشكل أكثر توحّشاً من كلّ ما حدث في غابر الأيّام، ونسأل الله أن
يحفظ الإِنسانية من شرّ هؤلاء الذين يدّعون التمدّن. كما نحمده ونشكره على زوال
هذه المعالم من إيران بعيد انتصار الثورة الإسلامية. |
|
مسائل
مهمّة:
|
|
1 ـ الزواج سُنّة إلهية
|
|
على الرغم من أن الزواج في
الوقت الحاضر قد تعقد بما أحاطته الأعراف الإجتماعية من عادات خاطئة وخرافية
أحياناً، فأصبح طريقاً صعباً لا يتمكن الشاب من سلوكه، فإنّه لو اجتزنا هذه
العراقيل لأدركنا أنّ الزواج تعبير فطري منسجم مع قانون الخليقة وضروري لبقاء
نسل الإنسان، وسكن لروحه، وراحة لجسمه، وحل للمشاكل النفسية والإجتماعية.
فالإسلام يخطو بانسجام مع الخلق، وله تعابير جميلة مؤثرة، ومن جملتها حديث مشهور
عن الرّسول الأعظم(ص)«تناكحوا وتناسلوا تكثروا. فإنّي أباهي بكم الأُمم يوم
القيامة ولو بالسقط»( سفينة البحار، المجلد الأول، صفحة
561 (مادة الزوج).). ولا جدال في أنَّ الإمدادات
الإِلهية والقوى الروحية الخفية تساعد هذا الشخص الذي تزوج ليحفظ نفسه ويطهرها.
وعلى كلّ مؤمن أن يطمئن لما وعده الله، فقد ذكر رسول الله(ص) «من ترك التزويج
مخافة العيلة فقد ساء ظنّه بالله، إن الله عزَّوجلّ يقول: (أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)( وسائل الشيعة، المجلد
الرّابع عشر، صفحة 24، الباب 10 «من أبواب مقدمات النكاح».). |
|
2 ـ المراد من
عبارة (والصالحين من عبادكم وإمائكم).
|
|
ممّا يلفت النظر في الآيات
موضع البحث أنّها حين التحدّث عن زواج الرجال والنساء الأيامي تأمر بالتعجيل في
الزواج، وعدم وضع العراقيل في وجهه، أمّا بالنسبة للعبيد والجوارى، فتطلب توفر
شرط الصلاح فيهم للزواج. ومفهوم هذه الآية أن يعدّوا
العبيد للزواج أوّلا بتهذيب أخلاقهم وزيادة صلاحهم، ليكونوا بمستوى المسؤولية
التي تقع على عاتقهم بعد الزواج. |
|
3 ـ ما هو عقد
المكاتبة؟
|
|
قلنا: إنَّ الإسلام وضع
برنامج التحرر التدريجي للعبيد، واستفاد من كل فرصة لعتقهم، فكانت قضية
«المكاتبة» حكماً يجب اتباعه، كما نصّت عليه الآيات موضع البحث. |
|
الآيات(35) (38)
اللهُ نُورُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوة فِيهَا
مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ
|
|
اللهُ نُورُ
السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوة فِيهَا مِصْبَاحٌ
المِصْبَاحُ فِى زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ
مِن شَجَرَة مُّبَرَكَة زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة يَكَادُ
زَيْتُهَا يُضِىءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلى نُور يَهْدِى اللهُ
لِنُورِهِ مَنْ يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الاْمْثَلَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ
شَىْء عَلِيمٌ(35) فِى بُيُوت أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا
اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالاْصَالِ(36) رِجَالٌ لاَّ
تُلْهِيهِمْ تِجَرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَوةِ
وَإيِتَآءِ الزَّكَوةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ
وَالاَْبْصَرُ(37) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم
مِّن فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَاب(38) |
|
التّفسير |
|
آية
النور!
|
|
تحدث الفلاسفة والمفسّرون
والعرفاء الاسلاميون كثيراً عن مقاصد الآيات أعلاه،
وهي مُرتبطة بما سبقها من الآيات الشريفة التي عرضت لقضية العفة ومكافحة الفحشاء
بمختلف السبل. 6 ـ إنّ جميع أنواع الطاقة
الموجودة في محيطنا (باستثناء الطاقة النووية) مصدرها الشمس من قبيل حركة
الرياح، سقوط المطر، وحركة الأنهر والوسائط فيها والشلالات ولو دققنا في حركة
جميع المخلوقات الحية لوجدناها ترتبط بنور الشمس. «محفظة للمصباح» لا تقلل من نوره، بل تركز هذا النور وتعكسه و «زجاجة»
تنظم جريان الهواء حول الشعلة، ويجب أن تكون شفّافة بدرجة لا تمنع تشعشع النور،
و«مصباح» هو مصدر النور، وهو عبارة عن إناء فيه زيت وفي أعلاه الفتيل. |
|
ملاحظات
|
|
بيّنا كثيراً من مسائل هذه
الآيات خلال تفسيرنا لها، وبقيت عدّة أحاديث يقتضي الأمر ذكرها بُغية إتمام هذا
البحث. |
|
الآيتان(39) (40)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَلُهُمْ كَسَرابِ بِقِيعَةِ يَحْسَبُهُ الظَّمأَنُ
مَآءً
|
|
وَالَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمَلُهُمْ كَسَرابِ بِقِيعَةِ يَحْسَبُهُ الظَّمأَنُ مَآءً حَتَّى
إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ
حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(39) أَوْ كَظُلُمَت فِى بَحْر لُّجِّىٍّ
يَغْشَهُ مَوْجٌ مِّنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَتٌ
بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَريَهَا وَمَن لَّمْ
يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور(40) |
|
التّفسير |
|
أعمال
سرابية
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن نور
الله، نور الإيمان والهداية. ولإتمام هذا البحث ولتوضيح المقارنة بين الذين نوّر
الله قلوبهم وبين الآخرين تناوَلَتْ هذه الآيات عالَم الكفر والجهل والإلحاد
المظلم، وتحدثت عن الكفار والمنافقين الذين وجودهم (ظلمات بعضها فوق بعض) خلافاً
للمؤمنين الذين أصبحت حياتهم وأفكارهم (نور على نور). الكلام في الآية الأُولى عن
الذين يبحثون عن الماء في صحراءَ جاقّة حارقة، ولا يجدون غير السراب فيموتون
عطشاً، في الوقت الذي عثر فيه المؤمنون على نور الإِيمان، ومنبع الهداية الرائعة،
فاستراحوا بجنبها، فتقول أوّلا: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن
ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً) ولكن يجد الله عند أعماله (ووجد الله عنده
فوفّاه حسابه والله سريع الحساب). وطبيعي أنّ المرءُ في هذه
الظلمات في وحدة مطلقة وجهل دائم، لا يجد طريقه، ولا رفيق سفره، ولا موقف له،
ولا يملك وسيلة للنجاة، لأنّه لم يكتسِب شيئاً من مصدر النور، أي الله سبحانه
وتعالى، وقد ختم الله على قلبه بالجهل والضلال. |
|
الآيتان(41) (42)
أَلَمْ تَرَ أنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ
وَالطَّيْرُ صَفَّت
|
|
أَلَمْ تَرَ أنَّ
اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ وَالطَّيْرُ صَفَّت كُلٌّ
قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ(41)
وَللهِ مُلْكُ السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ(42) |
|
التّفسير |
|
الجميع
يسبّح لله:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن نور
الله، نور الهداية والإيمان، وعن الظلمات المضاعفة للكفر والضلال. كما يحتمل وجود رابطة بين هذه
الآية وسابقتها، حيث تحدّثت الآية الأُولى في آخر جملة لها، عن علم الله بأعمال
البشر جميعاً وعلمه بالمسبحين له. |
|
مسائل
مهمة:
|
|
1 ـ ماذا تعني
عبارة (ألم تر)
|
|
حسبما يراها الكثير من
المفسّرين، تَعني: ألم تعلم، حيث التسبيح العام من قبل جميع المخلوقات في العالم
لا يمكن ادراكه بالعين، بل بالقلب والعقل. |
|
2 ـ
التسبيح العامّ لجميع المخلوقات |
|
تحدّثت الآيات المختلفة في
القرآن المجيد عن أربع عبادات تمارسها مخلوقات هذا الكون العظيم، هي: التسبيح،
والحمد، والسجود، والصلاة، أمّا الآية موضع البحث، فقد تناولت الصلاة والتبسيح. وإذا قلُنا: إنَّ عبارة
(يسبّح له من في السموات والأرض) تعني تسبيح كلّ من في السماوات والأرض، ونحدد
كلمة «من» بذوي العقول، فإنّ التسبيح يخصّ هنا المعنى الأوّل، فهو تسبيح بوعي
وإرادة ولازم هذا القول أن الطيور أيضاً لها شعور، لأنّ كلمة الطيور جاءت بعد
حرف «من». ولا عجب في ذلك، لأنّ آيات قرآنية أُخرى قالت بوجود مثل هذا الشعور
لدى بعض الطيور (يراجع تفسير الآية 38 من سورة
الأنعام). |
|
3 ـ التسبيح
الخاصّ بالطيور:
|
|
ما السبب في ذكر تسبيحِ
الطيور من بين جميع المخلوقات، وخاصّة في حالة بسط جناحيها في السماء؟ وعلى كل حال فإنّ هناك
أُموراً عجيبة في الطيور جعلت القرآن المجيد يخصّها بالذكر. |
|
4 ـ عبارة (كل قد
علم صلاته وتسبيحه):
|
|
نسب عدد من المفسّرين ضمير
«علم» إلى كلمة «كلّ»، وبهذا يصبح معنى العبارة السابقة: كلّ من في الأرض
والسماء، وكذلك الطيور علم صلاته وتسبيحه. |
|
5 ـ ما المقصود
بالصلاة؟
|
|
قال بعض
المفسّرين كالمرحوم «الطبرسي» في مجمع البيان، و«الآلوسي» في روح البيان:
إنّ الصلاة هي الدعاء. |
|
الآيات(43) (45)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِى سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ
يَجْعَلُهُ رُكَاماً
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ يُزْجِى سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً
فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن
جِبَال فِيهَا مِن بَرَد فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن
يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاَْبْصَرِ(43) يُقَلِّبُ اللهُ
الَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لاُِّولِى الاْبْصَرِ(44)
وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّة مِّن مَّآء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَى بَطْنِهِ
وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَى أَرْبَع
يَخْلُقُ اللهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ(45) |
|
التّفسير |
|
جانب
آخر من الخلق العجيب:
|
|
نواجه ثانية ـ في هذه الآيات
ـ جانباً آخر من مسألة الخلق المدهشة، وما احتوته من آيات العلم والحكمه
والعظمة، وكلّ ذلك من أدلّة توحيد ذاتِ اللهِ الطاهرة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ماذا يعني
الماء هنا؟
|
|
وإلى أي نوع من الماء أشارت
الآية موضع البحث؟ فهي تتناول الحيواناتِ كافّة،
مضافاً إلى أن أهم الحيوانات التي يستخدمها الإنسان، هي هذه الأنواع الثلاثة. |
|
الآيات(46) (50)
لَّقَدْ أَنزَلْنَآ ءَايَت مُّبَيِّنَت وَاللهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرط
مُّسْتَقِيم
|
|
لَّقَدْ أَنزَلْنَآ
ءَايَت مُّبَيِّنَت وَاللهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرط مُّسْتَقِيم(46)
وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى
فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَآ أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ(47)
وَإذَا دُعُواْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ
مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ (48)وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ
مُذْعِنِينَ(49) أَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن
يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ(50) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون سببين لنزول
بعض هذه الآيات: |
|
التّفسير |
|
الإيمان
وقبول حكم الله:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن
الإيمان بالله وعن دلائل توحيده وعلائمه في عالم التكوين، بينما تناولت الآيات ـ
موضع البحث ـ أثَرَ الإيمان وانعكاس التوحيد في حياة الإنسان، وإذعانه للحقّ
والحقيقة. |
|
بحثان
|
|
1 ـ مرض النفاق
|
|
ليست هذهِ المرة الأُولى التي
يستخدم فيها القرآن عبارة «المرض» للنفاق، فقد استخدمها في مطلع سورةِ البقرة
عند بيانه لصفات المنافقين (في قلوبهم مرض فزادهم الله
مَرضاً) وكما قُلنا في المجلد الأوّل في أثناءِ تفسير الآية المذكورة،
فإنّ النفاق في حقيقته مرض وانحراف عن الطريق السوي، فالإنسان السليم له صورة
واحدة هي انسجامٌ روحِه مع بدنه. |
|
2 ـ الحكومة
العادلة هي الحكومة الإلهية فقط:
|
|
لاشك في أن الانسان مهما سعى
في تهذيب نفسه مِن الصفات الرذيلة، خاصّة الكِبر والبغضاء وحب الذات والأنانية،
فإنّه قد يبتلى ببعضها دون وعي منه، إلاّ المعصوم من البشر، إذ يعصمه الله من
الخطأ والزلل. |
|
الآيات(51) (54)
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ
|
|
إِنَّمَا كَانَ
قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُؤلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ(51) وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَآئِزُونَ (52)وَأقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنهِمْ
لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ
إِنَّ اللهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ(53) قُلْ أطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا
حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ
الْبَلَغُ الْمُبِينُ(54) |
|
التّفسير |
|
الإيمان
والتسليم التام إزاء الحقّ:
|
|
لاحظنا في الآيات السابقة ردّ
فعل المنافقين، الذين اسودّتْ قلوبهم، وأصبحت ظلمات في ظلمات. وكيف لم يرضخوا
لحكم الله ورسوله(ص)، وكأنَّهُم يَخَافُونَ أن يحيف الله ورسوله عليهم، فيضيع
حقّهم! أمّا الآيات ـ موضع البحث ـ
فإنّها تشرح موقف المؤمنين إزاء حكم الله ورسوله، فتقول
(إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا
وأطعنا). وقد وردت كلمة «الخروج»
ومشتقاتها في القرآن المجيد بمعنى الخروج إلى ميادين الجهاد تارة، وتركِ المنزل
والأهل والوطن في سبيل الله تعالى تارة أخرى، إلاّ أنّ الآيات السابقة التي
تحدثت عن حكم الرّسول(ص) في القضايا المختلفة يجعلنا نتقبل التّفسير الثّاني.
بمعنى أن المنافقين جاءوا إلى النبي(ص)ليعربوا عن طاعتهم لحكمُه(ص) والتسليم له،
فأقسموا على اخراج قسم من أموالهم، بل أن يتركوا الحياة الدنيا إن أمرهم بذلك. |
|
الآية(55) وَعَدَ
اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلوُاْ الصَّلِحتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الاَْرْضِ
|
|
وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلوُاْ الصَّلِحتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى
الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ(55) |
|
سبب
النّزول
|
|
روى كثير
من المفسّرين. ومنهم السيوطي في «أسباب التنزيل» والطبرسي في «مجمع
البيان» وسيد قطب في «في ظلال القرآن» والقرطبي في تفسيره، مع بعض الإختلاف، سبب
نزول هذه الآية أنه: عندما هاجر الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)والمسلمون إلى
المدينة، استقبلهم الأنصار بترحاب، ولكن العرب تحالفوا ضدهم. لهذا كان المسلمون
يبيتون ليلتهم والسلاح إلى جانبهم لا يفارقهم، إذ كانوا في حالة تأهّب تامّ. وقد
شقّ على المسلمين ذلك. حتى تساءل البعض: إلى متى يدوم هذا الوضع؟ وهل يأتي زمان
نستريح وتطمئنّ أنفسنا ولا نخشى إلاّ الله؟ فنزلت الآية السابقة تبشرهم بتحقّق
ما يصبون إليه. |
|
التّفسير |
|
حكومة
المستضعفين العالمية:
|
|
تحدثت الآية السابقة عن طاعة
الله ورسوله والتسليم له، وقد واصلت الآية ـ موضع البحث ـ هذا الموضوع، وبيّنت
نتيجة هذه الطاعة ألا وهي الحكومة العالمية التي: وعدها الله المؤمنين به. فقالت
الآية مؤكّدة (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض
كما استخلف الذين من قبلهم). (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) ويجعله متجذراً
وثابتاً وقوياً بين شعوب العالم. |
|
بحوث
|
|
1 ـ تفسير عبارة
(كما استخلف الذين من قبلهم)
|
|
هناك اختلاف بين المفسّرين
حول الذين أشارت إليهم الآية الشريفة من الذين استخلفوا في الأرض قبل المسلمين. |
|
2 ـ الذين وعدهم
الله باستخلاف الأرض:
|
|
لقد وعدالله المؤمنين ذوي
الأعمال الصالحة بالإستخلاف في الأرض وتمكينهم من نشر دينهم وتمتعهم بالأمن
الكامل، فما هي خصائص هؤلاء الموعودين بالإستخلاف؟ وروى القرطبي المفسّر المشهور
من أهل السنة عن المقداد بن الأسود عن الرّسول(ص) أنّه قال: «ما على ظهر الأرض
بيت حجر ولا مدر إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام»( تفسير
القرطبي، المجلد السابع، صفحة 4292.). هذا ويمكن كسب مجموعة من
الناس إلى جانب الحقّ بالتربية والتعليم والتبليغ المستمر، ولا يمكن تعميم هذه
الحالة في المجتمع إلاّ بتشكيل حكومة عادلة يقودها المؤمنون الصالحون، ولهذا سعى
الأنبياء إلى تشكيل مثل هذه الحكومة خاصّة الرّسول الأكرم(ص)، فَبمجرَّد
وصوله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة المنورة، وفي أوّل فرصة، شكَّل
نموذجاً لها. |
|
الآيتان(56) (57)
وَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَءَاتُوْا الزَّكَوةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
|
|
وَأَقِيمُوا
الصَّلَوةَ وَءَاتُوْا الزَّكَوةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ(56) لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِى الاْرْضِ
وَمَأْوَيهُمْ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ(57) |
|
التّفسير |
|
استحالة
الفرار من حكومته تعالى:
|
|
وعدت الآية السابقة المؤمنين
الصالحين بالخلافة في الأرض، وتعيىء هاتان الآيتان الناس للتمهيد لهذه الحكومة،
وخلال نفيها وجود حواجز كبيرة لهذا العمل، تضمن هي بذاتها نجاحه. وفي الحقيقة أن
إحدى هاتين الآيتين بيّنت المقتضي، بينما نفت الثّانية المانع، فهي تقول أوّلا: (وأقيموا
الصلاة). |
|
الآيات(58) (60)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِيَسْتَئْذِنُكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ
أَيْمَنُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لِيَسْتَئْذِنُكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ وَالَّذِينَ
لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَثَ مَرَّت مِنْ قَبْلِ صَلَوةِ الْفَجْرِ
وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَوةِ
الْعِشَاءِ ثَلَثُ عَوْرَت لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ
بَعْدَهُنَّ طَوَّفُونَ عَلَيْكُمْ بَعضُكُمْ عَلَى بَعْض كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللهُ لَكُمْ الاَْيَتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(58) وَإِذَا بَلَغَ الاَْطْفَلُ
مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَئْذِنُوا كَمَا اسْتَئْذَن الَّذِينَ مِن
قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ ءَايتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ(59) وَالْقَوَعِدُ مِنَ النِّسآءِ الَّتِى لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً
فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ
بِزينَة وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(60) |
|
التّفسير |
|
آداب
الدخول إلى المكان الخاصّ بالوالدين:
|
|
إنّ أهم مسألة تابعتها هذه
السورة ـ كما ذكرنا ـ هي مسألة العفاف العام ومكافحة
كل انحطاط خلقي، بأبعاده المختلفة. |
|
بحثان
|
|
1 ـ فلسفة
الإستئذان والمفاسد المترتبة على عدم الإلتزام به
|
|
لا يكفي اللجوء إلى القوة
لاقتلاع جذور المفاسد الإجتماعية كالأعمال المخلة بالشرف، ولا يرجى نتيجة مرضية
من العقاب فقط في القضايا الإجتماعية. وإنّما يستوجب اتباع عدة أُمور كالتثقيف
الإسلامي، وتعليم آدابه الخلقية، واتباع السبل الصحيحة في القضايا العاطفية.
وإلى جانب هذه الأُمور يكون العقاب كعامل لردع المنحرفين عن الطريق السوي. |
|
2 ـ حكم الحجاب
بالنسبة للنساء العجائز:
|
|
لاخلاف في أصل هذا الإستثناء
في حكم الحجاب بين علماء المسلمين، لأنّ القرآن صريح في هذا الأمر. إلاّ أنّ
هناك أقوالا في خصوصيات هذا الحكم. وعلى كلّ حال،
فإنّ ذلك مسموح لهنّ بشرط أن يكنّ (غير متبرجات بزينة)وأن
يخفين الزينة التي تحت الحجاب، والتي من الواجب إخفاؤها من قبل جميع النساء، وأن
لا يرتدين الملابس التي تنزين بها النساء، والتي تثير انتباه الآخرين. وبتعبير آخر: إنّه مسموح لهنّ بعدم التحجب على أن
يخرجن إلى الشارع بلباس محتشم ودون تزين بزينة. |
|
الآية(61) لَيْسَ
عَلَى الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ
حَرَجٌ
|
|
لَيْسَ عَلَى
الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
وَلا عَلى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ أُمَّهَتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَتِكُم أَوْ
بُيُوتِ أَعْمَمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَلِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ خَلَتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ
عَلَيْكُم جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً
فَسَلِّمُوا عَلى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةْ مِّن عِندِ اللهِ مَبَرِكَةً طَيِّبَةً
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ الاَْيَتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(61) |
|
التّفسير |
|
البيوت
التي يسمح بالأكل فيها:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن
الإستئذان في أوقات معينة، أو بشكل عام حين الدخول إلى المنزل الخاصّ بالأب
والأُم. لقد رفعت الآية
المذكورة هذه التقاليد واعتبروا غير
محمودة(المصدر السابق.) |
|
بحوث
|
|
1 ـ هل أن تناول
غذاء الآخرين غير منوط بإذنهم؟
|
|
كما شاهدنا في الآية السابقة،
أنّ الله تعالى سمح أن يأكل الإنسان في بيوت أقربائه المُقرّبين وبعض الأصدقاء
وأمثالهم، وأصبح عدد هذه البيوت أحد عشر بيتاً. ولم تشترط الآية استئذانهم
لتناول الطعام، ولا شك في عدم وجوب الاستئذان. إذ أنّ بوجود الإذن بالأكل يمكن
تناول الغذاء العائد لأي شخص، وبذلك لا تبقى ميزة لهذه المجموعة المؤلفة من أحد
عشر بيتاً. وحول عبارتي «عدم الإفساد»
و«عدم الإسراف» فقد صرحت بعض الأحاديث بذلك أيضاً(المصدر
السابق، الحديث4.). |
|
2 ـ فلسفة هذا
الحكم الإسلامي:
|
|
يمكن أن يثير هذا الحكم
تساؤلا بالمقارنة مع الأحكام الشديدة التي نصت عليها التعاليم في تحريم الغصب،
هو: كيف سمح الإسلام بذلك، رغم تشديده في قضية التصرف بأموال الآخرين؟! |
|
3 ـ من هو
الصديق؟
|
|
لا شك أنّ للصداقة مفهوماً
واسعاً، وهي تعني هنا بالتأكيد الأصدقاء الخاصين الذين تربطهم علاقات وثيقة،
وهذه العلاقة توجب التزاور فيما بينهم والأكل من طعام الآخر، ولا حاجة هنا ـ كما
أسلفنا ـ إلى احراز الرضا، بل يجوز الأكل بمجرّد عدم العلم بعدم رضا صاحب
الغذاء. والثّاني: أن يرى زينك زينه وشينك شينه. |
|
4 ـ تفسير عبارة
(ماملكتم مفاتحه)
|
|
جاء في
بعض أسباب النّزول أنّ المسلمين في صدر الإسلام كانوا يسلمون أحياناً
مفاتيح منازلهم إلى الذين لا يشملهم الجهاد. حين توجههم إلى الجهاد في سبيل
الله. وكانوا يسمحون له بتناول الطعام من هذه المنازل، إلاّ أنّ هؤلاء كانوا
يمتنعون من الأكل في هذه المنازل خوفاً من ارتكاب إثم في ذلك. وإذا لاحظنا أنّ بعض الأحاديث
تفسر عبارة (ما ملكتم مفاتحه) بالوكيل الذي
يتعهد بالإِشراف على أموال شخص آخر، فإنّ ذلك مصداق للآية وليس لتحديد معناها
وحصرها بهذا التّفسير. |
|
5 ـ السلام
والتحية
|
|
«التحية»
مشتقّة من الحياة، بمعنى الدعاء لسلامة الآخرين، سواء كانت بشكل السلام عليكم،
أو السلام علينا، أو قولا كحيّاك الله، فكل هذا إعراب عن المحبة التي يبديها
الشخص عند لقائه بآخر، وتدعى بالتحية. |
|
الآيات(62) (64)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا
كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْر جَامِع
|
|
إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ
عَلَى أَمْر جَامِع لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَئْذِنُوكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا
اسْتَئْذَنُوكَ لِبَعْضِ شأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَنِ شِئْتَ مِنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(62) لاَّ تَجْعَلُوا
دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ
الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(63)أَلاَ إِنَّ للهِ مَا فِى السَّمَواتِ وَالاَْرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ
أنَتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا
وَاللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيمٌ(64) |
|
سبب النّزول |
|
ذكرت عدة أسباب
لنزول الآية الأُولى من الآيات أعلاه،
فقد جاء في بعض الأحاديث أنّ هذه الآيه نزلت في «حنظلة بن أبي عياش» الذي صادف
زواجه ليلة معركة أُحد، وكان الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يشاور أصحابه حول
هذه المعركة، فجاءه حنظلة يستأذنه المبيت عند
زوجته، فأجازه(صلى الله عليه وآله وسلم). |
|
التّفسير |
|
لا
تتركوا النبيّ وحده!
|
|
قال بعض المفسّرين حول علاقة
هذه الآيات بسابقتها، وفيهم المرحوم «الطبرسي» في مجمع البيان «وسيد قطب» في
تفسير في ظلال القرآن: بما أنّ الآيات السابقة طرحت للبحث جانباً من أُسلوب
التعامل مع الأصدقاء والأقرباء. فإنّ الآيات موضع البحث تناولت كيفية تعامل المسلمين
مع قائدهم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). وقد أكّدت التزام الوقار أمامه،
وطاعته وعدم ترك الجماعة إلاّ بإذنه. و ممّا يجب
الإنتباه إليه في تفسير الآية محل البحث وجود احتمالين إضافة إلى ما ذكرناه هما: فإنّها تعني الإبتهال
والدعاء، أمّا إذا جاء الحرف «على» و آخر آية من
الآيات موضع البحث، ـ والتي هي آخر
سورة النور ـ اشارة بليغة إلى قضية المبدأ والمعاد التي تعتبر دافعاً
لإمتثال التعاليم الإلهية جميعاً، وضمان لتنفيذ جميع الأوامر والنواهي، ومنها
التي وردت في هذه السورة حيث تقول: (ألا أن لله ما في
السموات والأرض) |
|
|
|
|
سُورَةُ
النُّور مَدنيّة وعددُ آياتِها أربَع وَسِتُّونَ آية
|
|
المجَلّد الحَادي
عَشَر
|
|
وهي تشكل الجزء الثّامن عشر من القرآن الكريم |
|
فضل
سورة النور:
|
|
جاء في حديث عن
الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: «من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر
حسنات بعدد كل مؤمِن ومؤمنة فيما مضى وفيما بقى». |
|
محتوى
سورة النّور:
|
|
يمكن اعتبار هذه
السورة خاصّة بالطهارة والعفة، وكفاح الإِنحطاط الخلقي، لأن محور تعاليمها ينصب على تطهير المجتمع بطرق
مختلفة مِن الرذائل والفواحش، والقرآن الكريم يحقق
هذا الهدف عبر مراحل، هي: المرحلة الثّانية: بيان حد الزنا الذي لا تَنْبِغي إِقامَتُه
إِلاّ بشروط مشدّدة للغاية، إذ لابُدَّ من أربعةِ شهود يشهدون أنّهم رأوا بأُمِّ
أعيُنِهم رجلا غريباً يَزْني بأمرأة غريبة عنه، يَفْعَلُ بِها فِعْلَ الزوج
بزوجِه ساعة مُباشرته إيَّاها. |
|
الآيات(1) (3)
سُورَةٌ أَنزَلْنَهَا وَفَرَضْنَهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَآ ءَاَيَتِ بَيِّنَت
لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
|
|
سُورَةٌ
أَنزَلْنَهَا وَفَرَضْنَهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَآ ءَاَيَتِ بَيِّنَت
لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُوا كُلَّ وَحِد
مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ
اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)الزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ
زَانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَان أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) |
|
التّفسير |
|
حد
الزاني والزانية:
|
|
سمّيت هذه السورة
بالنّور لأنّ آية النور فيها من أهم
آياتها، إضافة إِلى أنّ مضمونها يشعشع في
جوانح الرجل والمرأة والأسرة والبشر عفّة وطهارة، وحرارة تقوى، ويعمر القلوب
بالتوحيد والإِيمان بالمعاد والإِستجابة لدعوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم). «سورة» كلمة مشتقّة من «السور»
أي الجدار المرتفع، ثمّ أطلقت على الجدران التي تحيط بالمدن لحمايتها من مهاجمة
الأعداء. وبما أنّ هذه الجدران كانت تعزل المدينة عن المنطقة المحيطة بها، فقد
استعملت كلمة «سورة» تدريجياً في كل قطعة مفصولة عن شيء، ومنها استعملت لتعني
قِسماً من القرآن. كما قال بعض اللغويين: إِنَّ
«سورة» بناء جميل مرتفع، وهذه الكلمة تطلق أيضاً على قسم من بناء كبير، وتطلق
السورة على أقسام القرآن المختلفة المفصولة بعضها عن بعض(«لسان العرب» المجلد الرّابع، مادة «سور».). وبهذا يتّضح الجواب
عن السؤال: لِمَ يعرّض الإِسلامُ كرامة
إنسان بين الناس إلى الخدش والامتهان؟ فيقال: ما دَامَ الذنبُ سِرَّاً لِمَ
يَطَّلِعْ عليه أحَدٌ وَلم يبلُغ القضاء، فلا بأسَ بكتمانِهِ في النفس وإستغفارِ
الله مِنْهُ، فإنَّه تعالى يَسْتُرُهْ بلطفِهِ ويُحبُّ مَنْ يَسْتُرهُ، أمّا إذا
ظهر الجُرْمُ بالأدِلَّةِ الشرعيّةِ، فلابُدَّ من تنفيذ العقاب بشكل يبطل آثار
الذنب السيئة، ويبعثُ على استفظاعه وَبَشاعته. ومن الطبيعي أن يولي المجتمع
السليم الأحكامَ اهتماماً كبيراً، فتكرار التحدِّي للحدود الشرعيَّة يُفْقِدُها
فاعليتها في صيانَةَ الطمأنينة والأستقرار في النفوس، ومِنْ هنا وجبت إقامة هذا
الحَدِّ عَلَناً ليمتنع الناسُ مِن تكرار فاحِشَة ساءَتْ سبيلا. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ الحالات التي
يعدم فيها الزاني
|
|
ما ذكرته الآيةُ السابقة
حكْمٌ عامٌّ يُستثنى منه زنا المحصّن والمحصنة،
فحدُّهُما القتل، إذا ثبت عليهما الجُرْمُ. |
|
2
ـ لماذا ذكرت الزانية أولا؟
|
لا شك في أنّ ممارسة هذا
العمل الذي يخالف العفة، هي في غايةِ القبح، وتزدادُ قُبحاً وبشاعةً بالنسبة
للمرأةِ، فحياؤها أكثر من حياء الرجل، والخروج عليه دليل تمرد شديد جدّاً.
وإضافة إلى أنّ عاقبته المشؤومةَ بالنسبةِ لها أكبر رغم فداحتِهِ وَوَبالِه على
الطرفين كليهما. ويحتمل أن تكون
المرأة مصدر الوساوس في اقتراف هذا الذنب، وتعتبر في كثير من الأحيان السبب الأصلي فيه. ولهذا
كله ذكرت الآية الزانية أولا ثمّ الزاني. إلاّ
أن النساء والرجال من أهل العفّة والإيمان يجتنبون هذه الأعمال. |
|
3 ـ لماذا تكون
العقوبة علنية؟
|
|
تستوجب الآية السابقة ـ التي
جاءت بصيغة الأمر ـ حضور طائفة من المؤمنين حين تنفيذَ حدّ الزنا، لكنّ القرآن
لم يشترط أن يجري ذلك في الملأ العام، بل وقفه على الظروف، ويكفي حضور ثلاثة
أشخاص أو أكثر وفق ما يقرر القاضي(شكك عدد من المفسّرين في ضرورة حضور مجموعة من المؤمنين حين
تنفيذ حدّ الزنا، في حين أن الأمر بالحضور ظاهر من الآية، وهي لا تقصد
الإِستحباب.). |
|
|
4 ـ ماذا كان حدّ
الزاني سابقاً؟
|
|
يستفاد من الآيتين (15) و (16) من سورة النساء أنّ الحكم قبل
نزول سورة النّور كان السجن المؤَيَّد للزانية (فامسكوهن
في البيوت حتى يتوفاهن الموت)وإلحاق الأذى بالزناة غير المحصنين (فآذوهما) ولم يحدد مقدار هذا الأذى حتى حددته هذه
الآيةُ بمائة جلدة. وعلى هذا حلّ الإِعدام محل السجن المؤيد في الحكم على
الزانية المحصنة، وحُدِّدَ الأذى لغير المحصن بمائة جلدة (ولمزيد من الإِطّلاع راجع التّفسير الأمثل في تفسير الآيتين
(15) و (16) من سورة النساء). |
|
5 ـ منع الإِفراط والتفريط
عند تنفيذ الحدّ!
|
|
لا ريب في أنّ القضايا
الإِنسانية والعاطفية توجب بذل أقصى الجهود لمنع إصابة بريء بهذا العقاب، وإصدار
العفو وفق الأحكام الإِلهية، أمّا إذا ثبت الذنب فلابُدَّ مِن الحسم مِن غير
تأثر بالمشاعر الكاذبة والعواطف البشرية إلاّ بالحَقّ، فهيجانُها الجارفُ
يُلحِقُ بالنظام الإِجتماعي ضرراً كبيراً. |
|
6 ـ شروط تحريم
الزواج بالزانية والزاني:
|
|
ذكرنا أن ظاهر الآيات السابقة
يحرّم الزواج من الزانية والزاني، وخصصتِ الأحاديث الشريفةُ ذلك بالذين اشتهروا
بالزنى ولم يتوبوا، وأمّا إذا لم يشتهروا بهذا العمل القبيح، أو أنّهم تركوه
وطهّروا أنفسهم منه، وحافظوا على عفتهم، فلا مانع من الزواج منهم. |
|
7 ـ فلسفة تحريم
الزنا:
|
|
لا يخفى على أحد مساويء هذا
العمل القبيح على الفرد والمجتمع، ومع ذلك نرى من اللازم بيان هذا المعنى باختصار: إنّ ممارسة هذا العمل القبيح وانتشاره يعرّض
النظام الأسريّ إلى الدمار. |
|
الآيتان(4) (5)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الُمحْصَنتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدآءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَنِينَ جَلْدَةً
|
|
وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الُمحْصَنتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدآءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَنِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَدَةً أَبَدَاً
وَأُؤلَئكَ هُمُ الْفَسِقُونَ(4) إَلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ
وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رِّحِيمٌ(5) |
|
التّفسير |
عقوبة
البهتان:
|
|
قَد يستغِلّ المعترضون ما
نَصَّتْ عليه الآيات السابقة من عقوبات شديدة للزاني والزانية فيسيئون
للمتطهّرين، فبيّنت الآيات اللاحقةُ هنا عقوبات شديدة للذين يرمون المحصنات،
ويُسخّرونَ هذا الحكم لأغراضهم الدنيئة. فجاءت هاتان الآيتان لحفظ الحرمات
الطاهرة وصيانة الكرامات مِن عبث هؤلاء المفسدين. |
|
بحوث
|
|
1 ـ المراد من
كلمة «رمى»
|
|
|
«الرّمي»
في الأصل هو اطلاق السهم أو قذف
الحجر وأمثالهما، وطبيعي أنه يؤذي في معظم الأوقات، وقد استخدمت الكلمة
هنا كناية عن اتهام الأشخاص وسبابهم ووصفِهم بما لا يليق، لأن هذه الكلمات
كالسهم يصيب الشخص ويجرحه. |
|
2 ـ لماذا أربعة
شهود؟
|
|
من المعلوم أن شاهدين عادلين
يكفيان ـ في الشريعة الإِسلامية ـ لإثبات حق، أوذنب اقترفه شخص ما، حتى وإن كان
قتل النفس. أمّا في إثبات الزنا فقد اشترط الله تعالى
أربعة شهود. وقد يكون ذلك لأن الناس يتعجلون الحكم في هذه المسألة،
ويتطاولون بإلصاق تهمة الزنا بمجرّد الشك، ولهذا شدّد الإِسلام في هذا المجال
ليحفظ حرمات الناس وشرفهم. أمّا في القضايا الأُخرى ـ
حتى قتل النفس ـ فإن موقف الناس يختلف. |
|
3 ـ الشّرط المهم
في قبول التوبة
|
|
قلنا مراراً: إنّ التوبة ليست فقط بالندامة على ما اقترفه الإنسان
وتصميمه على تركه في المستقبل، بل تقتضي ـ إضافة إلى هذا ـ أن يقوم الشخص بالتعويض عن ذنوبه اقترفها، فإذا وجّه المرء تهمة لامرأة أو
رجل طاهر ثمّ تاب، فيجب عليه أن يعيد الاعتبار إلى من تَضَرَّرَ باتّهامِه،
وذلِك بأن يكذب هذه التهمة بَيْنَ كل الذين سمعوها عنه. |
|
4 ـ أحكام القذف:
|
|
يوجد باب تحت عنوان «حد
القذف» في كتاب الحدود. |
|
الآيات(6) (10)
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدآءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَدَةُ أَحَدِهِمْ
|
|
وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدآءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَدَتِ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّدِقِينَ
(6)وَالْخَمِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَذِبينَ
(7)وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَدَتِ بِاللهِ
إِنَّهُ لَمِنَ الْكَذِبينَ(8) وَالْخَمِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَآ إِن
كَانَ مِنَ الْصَّدِقينَ(9) وَلَوْ لاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
وَأنَّ اللهُ تَوَّابٌ حَكِيمٌ(10) |
|
سبب
النّزول
|
|
روى ابن عباس أن سعد بن عبادة
(سيد الأنصار) من الخزرج، قال لرسول الله(ص)
بحضور جمع من الأصحاب: «يا رسول الله! لو أتيت لكاع (زوجته) وقد يفخذها رجل لم
يكن لي أن أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله ما كنت لآتي باربعة شهداء حتى يفرغ
من حاجته ويذهب، وإن قلت ما رأيت إن في ظهري لثمانين جلدة، فقال النّبي(صلى الله
عليه وآله وسلم). يا معشر الأنصار ما تَسمعون
إلى ما قال سيدكم؟ |
|
التّفسير |
|
عقاب
توجيه التهمة إلى الزوجة!
|
|
يستنتج من سبب النّزول أنّ
هذه الآيات في حكم الإِستثناء الوارد على حد القذف، فلا يُطبق حدّ القذف (ثمانين جلدة) على زوج يتّهم زوجته بممارسة الزنا مع
رجل آخر، وتقبل شهادته لوحدها. ويمكن في هذه الحالة أن يكون صادقاً كما يمكن أن
يكون كاذباً في شهادته. وهنا يقدم القرآن المجيد حلا أمثل هو: أوّلها: انفصالهما دون طلاق. ومن جهة خامسة توضح الآية مستقبل الوليد الذي يولد بعد توجيه هذه
التهمة. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ لماذا استثني
الزوجان من حكم القذف؟
|
|
السّؤال الأوّل
الذي يطرح نفسه هنا: ما هي خاصية
الزوجين، ليصدر هذا الحكم المستثنى بحقّهما؟ |
|
2 ـ كيفية اللعان
|
|
توصلنا بعد الإِيضاحات التي
ذكرناها خلال تفسير هذه الآيات، إلى وجوب تكرار الرجل شهادته أربع مرات ليثبت
صحة دعواه في اتهامه لزوجته بالزنا، ولينجو من حَدِّ القذف. وبهذا فإن هذه
الشهادات الأربع من الزوج بمثابة أربعة شهود، وفي الخامسة يتقبل لعنة الله عليه
إن كان كاذباً. |
|
3 ـ العقاب
المحذوف في الآية:
|
|
جاءت الآية الأخيرةُ ـ ممّا
نحن بصدده ـ جملةً شرطيةً لم يذكر جزاءها حيث
تقول: (ولولا فضل الله عليكم ورحمته وإن الله توّاب
حكيم). لكنّها لم تذكر نتيجة ذلك.
وبملاحظة القرائن فيها يتّضح لنا جواب الشرط. والصمت إزاء مسألة ما يكشف عن
أهميتها البالغة، ويثير في مخيلة المرء تصورات عديدة لها. وكل تصور منها له
مفهوم جديد. فهنا قد يكون جواب الشرط: لو لا فضل
الله ورحمته عليكم، لكشف عن أعمالكم وفضحكم. |
|
الآيات(11) (16)
إِنَّ الَّذِينَ جَآءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً
لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
|
|
إِنَّ الَّذِينَ
جَآءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ
خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىء مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الاِْثْمِ
وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ(11) لَّوْلاَ إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً
وَقَالُوا هَذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ (12)لَّولاَ جَآءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَآءَ فَإِذَ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلئِكَ عِندَ اللهِ هُمُ
الْكَذِبُونَ(13) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى
الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ(14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم
مَّا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللهِ
عَظِيمٌ(15) وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَنْ
نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَنَكَ هَذَا بُهْتَنٌ عَظِيمٌ(16) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر سببين لنزول
الآيات السابقة: أوّلهما: ما روته عائشة زوجة الرّسول
قالت: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فأيّتهنّ خرج سهمها
خرج بها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في
غزوة(هي غزوة بني المصطلق في العام الخامس لللهجرة.)
غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما نزل
الحجاب وأنا أُحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) من غزوته تلك وقفل. ودعا رسول الله(ص) علي بن أبي
طالب وأُسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، فأمّا اسامة
فأشار على رسول الله(ص) بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من
الودّ فقال: يا رسول الله (ص) أهلك ولا نعلم إلاّ خيراً، وأمّا علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله لم يضيّق
الله عليك، والنساء سواها كثيرة وإن تسأل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله(ص)بريرة فقال: أي بريرة هل رأيت شيئاً يريبك؟
قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً أغمضه أكثر من أنّها جارية
حديثة السن تنام عن عجين أهلها فيأتي الداجن فيأكله. فبينما هما جالسان
عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من
الأبصار فأذنت لها فجلست تبكي معي فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله(ص)ثمّ
جلس ولم يجلس عندي منذ قيل فيّ ما قيل قبلها وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني
بشيء، فتشهد حين جلس ثمّ قال: أمّا بعد يا عائشة
إنّه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرؤك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا إعترف بذنبه
ثمّ تاب تاب الله عليه. |
|
تحقيق
المسألة:
|
|
على رغم ممّا ذكرته معظم
المصادر الإسلامية لهذين السببين فإن هناك أموراً غامضةً في السبب الأوّل تثير
النقاش، منها: 2 ـ رغم أن ظاهر الآيات يَدُلُّ على أن حكم القذف (الإتهام بعمل مخل بالشرف والعفة) نزل قبل حديث
الإِفك، فلماذا لم يستدع النّبي(ص) عبدالله بن أبي سلول وعدداً آخر ممَّنْ نشروا
هذه الشائعة ليجري الحد الذي فرضه الله؟ (الاّ أن يقال
بأن آيات القذف والافك نزلت سويةً، وأن حكم القذف قد شرح حينذاك لتناسبه مع
الموضوع، ففي هذه الصورة ينتفي هذا الإشكال ولكن يبقى الأوّل على قوّته). |
|
التّفسير |
|
حديث
الافك المثير:
|
|
تقول أوّل آية من الآيات موضع
البحث، دون أن تطرح أصل الحادثة (إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم) لأن من علائم
الفصاحة والبلاغة، حذفَ الجملِ الزائدة، والإكتفاء بما تدلّ عليه الكلمات من
معان شاملة. واستخدام هذه
الكلمة يكشف عن الإِرتباط الوثيق بين المتآمرين المشتركين في
ترويج حديث الإفك، حيث كانوا يشكلون شبكة قوية منسجمة
ومستعدة لتنفيذ المؤامرات. والمسألة الثّانية: (والذي تولى كبره منهم له عذاب
عظيم) قال بعض المفسّرين: إن الشخص
المقصود هو «عبدالله بن أبي سلول» قائد أصحاب
الإفك. وسبق لهذه الآية أن وجهت
اللوم لهم لسوء ظنهم بالذي وجه إليه الإتهام باطلا، وهنا تقول الآية: إضافة إلى
وجوب حسن الظن بالمتهم يجب ألا تسمحوا لأنفسكم بالتحدث عنه، ولا تتناولوا التهمة
الموجهة إليه، فكيف بكم وقد كنتم سبباً لنشرها! |
|
الآيات(17) (20)
يَعُظِكُمُ اللهُ أَن تَعُودُوا لْمِثْلِهِ أبَدَاً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(17)
وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الاَْيَتِ
|
|
يَعُظِكُمُ اللهُ
أَن تَعُودُوا لْمِثْلِهِ أبَدَاً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(17) وَيُبَيِّنُ
اللهُ لَكُمُ الاَْيَتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ
أَن تَشِيعَ الْفَحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى
الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَتَعْلَمُونَ(19)
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ
رَّحِيمٌ(20) |
|
التّفسير |
|
حرمة
إشاعة الفحشاء:
|
|
تحدثت هذه الآيات أيضاً عن
حديث الإفك، والنتائج المشؤومة والأليمة لاختلاق الشائعات ونشرها، واتهام
الأشخاص الطاهرين بتهمة تمس شرفهم وعفتهم. وهذه القضية مهمه بدرجة أن القرآن
المجيد تناولها عدّة مرات، وعَرَضَ لها من طرق مختلفة مؤثرة، باحثاً محللا لها
من أجل ألاّ تتكرر مثل هذه الواقعة الأليمة في المجتمع الإسلامي، فذكر أولا (يعظكم الله أن تعودوا
لمثله)( لهذه الجملة كلمة محذوفة هي حرف «لا» أي أن من علامات الإيمان أن
لا يتوجه الإنسان نحو الذنوب العظام، وإذا ارتكبها فذلك يدلّ على عدم إيمانه أو
ضعفه، والجملة المذكورة تشكل ـ في الحقيقة ـ أحد أركان التوبة، إذ أنَّ الندم
على الماضي لا يكفي، بل يجب التصميم على عدم تكرار ارتكاب الذنوب في المستقبل،
لتكون توبة كاملة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ مامعنى إشاعة
الفحشاء؟
|
|
بما أن الإنسان مخلوق إجتماعي،
فالمجتمع البشري الذي يعيش فيه لَهُ حُرْمة يجب أن لا تقِلَّ عَنْ حرْمتِهِ
الشخصيَّةِ، وطهارةُ كِلَّ مِنْهُما تُساعِدُ في طهارةِ الآخر، وقبح كلِّ منهما
يسري إلى صاحِبه. وبموجب هذا المبدأ كافح الإسلام بشدّة كُلَّ عمل ينشر السموم
في المجتمع، أو يدفعه نحو الهاوية والإِنحطاط. |
|
2 ـ مصيبة
الشائعات
|
|
إن اختلاق ونشر
الشائعة الكاذبة يُودِّي إلى
سَيْطَرةِ القَلَقِ واستبدادِ الإضطراب وانعدام الثقةِ، وهذِهِ مِن أهَمِّ ما
تَرْمي إليه الحَرْبُ النفسيّةُ للعدو بغية إثارة الْبَلْبلةِ وَنشْرَ الفَزَع،
ليتسنى لهم التَّغَلُّب العَسكريّ والسياسيّ. |
|
3 ـ استصغار
الذنب
|
|
يستفاد من الآيات السابقة
أنها استنكرتْ استصغار نشر البهتان والتهمة، وهو خطأ فادِحٌ وَجُرْمٌ عظيمٌ وفي
الحقيقة إن استصغار الذنب بذاته ذنب آخر. فالذي يرتكب الذنب ويشعر بعظمة ذنبه،
ويندم على ما فعل هو الذي يؤمل فيه التوبة والجبران. |
|
الآيات(21) (26)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّبِعُوا خُطُوَتِ الشَّيْطَنِ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّبِعُوا خُطُوَتِ الشَّيْطَنِ وَمَنْ يَتَّبِعْ
خُطُوَتِ الشَّيْطَنِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ
وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَد
أَبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّى مَنْ يَشَآءُ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(21)
وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوآ أُولِى
الْقُرْبَى وَالْمَسَكِينَ وَالْمُهَجِرينَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا
وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أن يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَالله غَفُورٌ
رَّحِيمٌ(22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الُْمحْصَنَتِ الْغَفِلَتِ الْمُؤْمَنَتِ
لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(23) يَوْمَ
تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنتُهُمْ وأَيْدِيهِمْ وَأرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ(24) يَوْمَئِذ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ
أنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبينُ(25) الْخَبِيثَتُ لِلْخَبِيثينَ
وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَتِ وَالطَّيِّبَتُ لِلطَّيِّبينَ وَالطَّيِّبُونَ
لِلطَّيِّبَتِ أُوْلَئكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ
وَرِزقٌ كَرِيمٌ(26) |
|
التّفسير |
|
للعقوبات
حساب!
|
|
على الرغم من عدم متابعة هذه
الآيات حديث الإفك بصراحة، إلاّ إنّها تعتبر مكملة لمضمون ذلك البحث، وتحذّر
المؤمنين جميعاً من تأثير الأفكار الشيطانية التي تبدو أوّلا في صورة باهتة،
فلابدّ من الإنتباه إليها، وإلاّ فالنتيجة سيئة للغاية، ولا يمكن تلافيها بسهولة
فعلى هذا حينما يشعر الفرد بأوّل وسوسة شيطانية بإشاعةِ الفحشاء أو إرتكاب أي
ذنب آخر فيجب التصدي له بقوّة حاسمة، حتى يمنع من انتشاره وتوسّعه. ويحتمل أن يكون المراد من
«الغافلات» أنهن لا يعلمن بما ينسب اليهنّ من بهتان في الخارج، ولهذا لسن في صدد
الدفاع عن أنفسهنّ، وفي النتيجة فإنّ الآية تطرح موضوعاً جديداً للبحث، لأن
الآيات السابقة تحدثت عن مثيري التهم الذين يمكن التعرف عليهم ومعاقبتهم. إلاّ
أنّ الحديث هنا يدور حول مثيري الشايعات الذين أخفوا أنفسهم عن العقاب والحدّ
الشرعي: فتقول الآية: أنّ هؤلاء لا يتصوروا أنّهم بهذا العمل سيكون بإمكانهم
تجنب العقاب الإلهي دائماً، لأنّ الله تعالى سيبعدهم عن رحمته في هذه الدنيا.
كما ينتظرهم العذاب العظيم في الآخرة. وتحدد الآية
التالية وضع الذين يتهمون الناس بالباطل في ساحة العدل الإلهي،
قائلة (ويوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما
كانوا يعلمون). |
|
بحوث
|
|
1 ـ مَن هن
الخبيثات ومَن هم الخبيثون؟
|
|
ذكر المفسّرون
تعاريف مختلفة لـ «الخبيثات» و«الخبيثون» و«الطيبات» و«الطيبون». |
|
الآيات(27) (29)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ
حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى
تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيرٌ لَّكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَداً فَلاَ
تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا
هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(28) لَّيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَة فِيهَا مَتعٌ لَّكُمْ
وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(29) |
|
التّفسير |
|
لا
تدخلوا بُيُوت الناس حَتَّى يؤذنَ لَكُم:
|
|
بيّنت هذه الآيات جانباً من
أدب المعاشرة، والتعاليم الإسلامية الإِجتماعية التي لها علاقة وثيقة بقضايا
عامّة حول حفظ العفّة، أي كيفية الدخول إلى بيوت الناس، وكيفية الإستئذان
بالدخول إليها. |
|
بحوث
|
|
1 ـ الأمن
والحرية في حريم المنزل
|
|
لا ريب في أن لوجود
الإنسان بعدين: بعد
فردي، وآخر إجتماعي، ولهذا فله نوعان من الحياة: حياة خاصّة، وأخرى عامّة. ولكل
واحدة خصائصها وآدابها، حيث يضطر الإنسان في البيئة الإجتماعية إلى تحمل قيود
كثيرة من حيث اللباس والحركة، ومواصلة الإنسان حياته على هذا النسق وحده ـ خلال
الأربع والعشرين ساعة ـ مُتعب ويبعث على الضجر،
إذ أنّه يرغب في أن يكون حراً خلال فترة من الليل والنهار ليستريح بعيداً عن هذه
القيود، مع أسرته وبين أولاده، لهذا يلجأ إلى منزله الخاص به، وينعزل بذلك عن
المجتمع بشكل مؤقت، ليتخلص من قيوده، فيجب أن يكون محيط المنزل آمناً إلى حدٍّ
كاف. |
|
2 ـ ما المقصود
بالبيوت غيرالمسكونة؟
|
|
في معرض الإجابة على هذا
السؤال لابدّ من الإشارة إلى اختلاف المفسّرين في ذلك،
فقد قال البعض: يقصد بها المباني التي لا يسكنها شخص معين، وهي لعموم الناس،
كالمنازل العامّة في الطرق البرية والفنادق والحمامات العامّة وأمثالها. وقدجاء
هذا المعنى بصراحة في حديث للإمام الصادق(ع)( وسائل
الشيعة، المجلد الرّابع عشر، صفحة 161.). |
|
الآيتان(30) (31) قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَرِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ
|
|
قُل
لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَرِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30) وَقُل
لِّلْمُؤْمِنَتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَنِهِنَّ أَوْ بَنِى
أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُنَّ أَوِ
التَّبِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الاْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ
بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعَلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى
اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31) |
|
سبب
النّزول
|
|
جاء في كتاب الكافي حول سبب
نزول أوّل آية من الآيات السابقة، عن الإمام
الباقر(عليه السلام) قال: استقبل شاب من الأنصار أمرأة بالمدينة وكان النساء
يقنعن خلف آذانهن، فنظر إليها وهي مقبلة، فلمّا جازت نظر إليها ودخل زقاق قد
سمّاه يعني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشقّ
وجهه، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على ثوبه وصدره، فقال: والله لاتين
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولأخبرنّه، قال: فآتاه فلمّا رآه رسول
الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: ما هذا فأخبره، مهبط جبرئيل(عليه السلام)
بهذه الآية: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم أن الله
خبير بما يصنعون).( وسائل الشيعة، المجلد الرّابع عشر،
صفحة 39، تفسير نور الثقلين، والميزان، وروح المعاني مع بعض الإختلاف في تفسير
الآية موضع البحث.) |
|
التّفسير |
|
مكافحة
السفور وخائنة الاعين:
|
|
قلنا في البداية: إنّ هذه
السورة ـ في الحقيقة ـ اختصت بالعفة والطهارة وتطهير الناس من جميع الإنحرافات
الجنسية، وبحوثها منسجمة، وهي تدور حول الأحكام الخاصّة بالنظر إلى الإجنبية
والحجاب، ولا يخفى على أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصّة بالقذف. وتناولت الآية التالية شرح
واجبات النساء في هذا المجال، فأشارت أوّلا إلى الواجبات التي تشابه ما على
الرجال، فتقول: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن
فروجهن). وذكرت الأحاديث
التي رُويت عن أهل البيت(عليهم السلام) هذا المعنى، فقد فسّروا الزينة المخفية بالقلادة والدملج (حلي يشدُّ أعلى الساعد)
والخلخال(تفسير على بن إبراهيم لآخر الآية موضع البحث.). 6 ـ (أو إخوانهن). |
|
بحوث
|
|
1 ـ فلسفة الحجاب
|
|
ممّا لا شكّ فيه أنّ الحديث
عن الحجاب للمتغربين في عصرنا الذي سمّوه بعصر التعري والحرية الجنسية، ليس
حديثاً سارّاً حيث يتصوّرونه أُسطوره يعود لعصور خلت. 4 ـ قضية «ابتذال
المرأة» وسقوط شخصيتها في المجتمع الغربي ذات أهمية كبيرة لا
تحتاج إلى أرقام، فعندما يرغب المجتمع في تعري المرأة، فمن الطبيعي أن يتبعه
طلبها لادوات التجميل والتظاهر الفاضح والإنحدار السلوكي، وتسقط شخصيّة المرأة
في مجتمع يركز على جاذبيتها الجنسية، ليجعلها وسيلةً إعلاميّة يُروّج بها لبيع
سلعة أو لكسب سائح. |
|
الإشكال
الذي يورده معارضو الحجاب:
|
|
نصل هنا إلى
الإنتقادات التي يطرحها معارضو الحجاب، فنبحثها بشكل مضغوط: |
|
3 ـ ما المقصود
من نسائهنّ؟
|
|
ذكرنا في تفسير الآية السابقة
أنّ تاسع مجموعة مستثناة بالإطلاع على زينة النساء هنّ النساء الأُخريات،
وبملاحظة عبارة «نسائهنّ» ندرك أنّها تقصد النساء المسلمات، ولا يكشفن عن
زينتهنّ لغير المسلمات، وفلسفة ذلك، أنّه من المحتمل أن يصفن ـ غير المسلمات ـ
لأزواجهنّ ما شاهدنه من زينة النساء المسلمات. وهذا ليس عملا صائباً من قبل
المسلمات. |
|
4 ـ تفسير عبارة
(أو ما ملكت أيمانهن)
|
|
لظاهر هذه العبارة مفهوم
واسع، ويدل على أنّه بإمكان المرأة الظهور دون حجاب بحضور عبدها، إلاّ أنّ بعض
الأحاديث صرّحت بأنّ ذلك يعني فقط الظهور بين الجواري حتى لوكنّ غير مسلمات، ولا
يشمل هذا الحكم العبيد. ففي حديث للإمام أميرالمؤمنين علي(عليه السلام): «لا
ينظر العبد إلى شعر سيّدته»( وسائل الشيعة، الباب 124،
من مقدمات النكاح، الحديث الثامن.). |
|
5 ـ تفسير (أولي
الإِربة من الرجال)
|
|
«الإِربة»
في الأصل مشتقة من «أَرَب»
على وزن «عرب» وكما يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته،
شدّة الحاجة التي تدفع بالإنسان إلى إيجاد حلٍّ لها. |
|
6 ـ أي طفل
مستثنى من هذا الحكم؟
|
|
ذكرنا أنّ المجموعة الثّانية
عشرة ـ أي الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم ـ مستثنون من حكم الحجاب. |
|
7 ـ لماذا لم
يذكر العم والخال ضمن المحارم؟
|
|
يطرح هذا السؤال
بعد دراسة الآيات السابقة: لماذا لم يذكر العم والخال ضمن المحارم ـ قط ـ وهم من
المحارم؟ |
|
8 ـ تحريم سبل
الإثارة!
|
|
آخر كلام في هذا المجال هو
أنّ الآية السابقة نصّت على حرمة المشي بقوّة من قبل
النساء ليسمعن صوت الخلخال. |
|
الآيات(32) (34)
وَأَنكِحُواْ الاَْيَمَى مِنكُمْ وَالصَّلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ
|
|
وَأَنكِحُواْ
الاَْيَمَى مِنكُمْ وَالصَّلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِن
يَكُونُوا فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ
(32)وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَيَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ
اللهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَبَ مِمَّا مَلَكَتْ
أَيْمَنُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَءَاتُوهُم مِّن
مَّالِ اللهِ الَّذِى ءَاتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَتِكُمْ عَلَى
الْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَوةِ
الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهِهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعْدِ إِكْرهِهِنَّ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ(33) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ ءَايَت مُّبَيِّنَت وَمَثَلا
مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ(34) |
|
التّفسير |
|
الترغيب
في زواج يسير التكاليف:
|
|
طرحت هذه الآية ـ منذ بدايتها
حتى الآن ـ سبلا أمينةً متعدّدةً للحيلولة دون الإنحطاط الخلقي والفساد، فكلّ
واحد من هذه السبل يرتقي بالأُمَّة فَرداً وجماعةً إلى
عالم أرحب من الطّهر والإستقامة، ويحول دون تقهقرها أو انحدارها في مهاوي
الرّذيلة، وقد أشارت الآيات ـ موضع البحث ـ إلى أهم طرق مكافحة الفحشاء، ألا وهو
الزواج اليسير الذي يتمّ بعيداً عن أجواء الرياء والبذخ، لأنّ إشباع الغرائز
بشكل سليم وشرعي خير سبيل لاقتلاع جذور الذنوب، أو بعبارة أُخرى: كل مكافحة
سلبية لابدّ أن ترافقها مكافحة إبجابية. ويهتم الإسلام كعادته بالعبيد
الضعفاء اجتماعياً من أجل تيسير حريتهم، فيتناول القرآن المجيد مسألة المكاتبة
(وهي تعهد الغلام بتوقيعه إتفاقاً ينص على القيام بعمل معيّن أو دفع مبلغ مقابل
عتقه)، فتقول الآية (والذين يبتغون الكتاب ممّا ملكت
أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً). وبالرغم من أن العالم المعاصر
يدّعي التحضّر وإزالة معالم العبودية القديمة، إلاّ أنّ الجرائم والمفاسد
الخُلقية تشيع بشكل أكثر توحّشاً من كلّ ما حدث في غابر الأيّام، ونسأل الله أن
يحفظ الإِنسانية من شرّ هؤلاء الذين يدّعون التمدّن. كما نحمده ونشكره على زوال
هذه المعالم من إيران بعيد انتصار الثورة الإسلامية. |
|
مسائل
مهمّة:
|
|
1 ـ الزواج سُنّة إلهية
|
|
على الرغم من أن الزواج في
الوقت الحاضر قد تعقد بما أحاطته الأعراف الإجتماعية من عادات خاطئة وخرافية
أحياناً، فأصبح طريقاً صعباً لا يتمكن الشاب من سلوكه، فإنّه لو اجتزنا هذه
العراقيل لأدركنا أنّ الزواج تعبير فطري منسجم مع قانون الخليقة وضروري لبقاء
نسل الإنسان، وسكن لروحه، وراحة لجسمه، وحل للمشاكل النفسية والإجتماعية.
فالإسلام يخطو بانسجام مع الخلق، وله تعابير جميلة مؤثرة، ومن جملتها حديث مشهور
عن الرّسول الأعظم(ص)«تناكحوا وتناسلوا تكثروا. فإنّي أباهي بكم الأُمم يوم
القيامة ولو بالسقط»( سفينة البحار، المجلد الأول، صفحة
561 (مادة الزوج).). ولا جدال في أنَّ الإمدادات
الإِلهية والقوى الروحية الخفية تساعد هذا الشخص الذي تزوج ليحفظ نفسه ويطهرها.
وعلى كلّ مؤمن أن يطمئن لما وعده الله، فقد ذكر رسول الله(ص) «من ترك التزويج
مخافة العيلة فقد ساء ظنّه بالله، إن الله عزَّوجلّ يقول: (أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)( وسائل الشيعة، المجلد
الرّابع عشر، صفحة 24، الباب 10 «من أبواب مقدمات النكاح».). |
|
2 ـ المراد من
عبارة (والصالحين من عبادكم وإمائكم).
|
|
ممّا يلفت النظر في الآيات
موضع البحث أنّها حين التحدّث عن زواج الرجال والنساء الأيامي تأمر بالتعجيل في
الزواج، وعدم وضع العراقيل في وجهه، أمّا بالنسبة للعبيد والجوارى، فتطلب توفر
شرط الصلاح فيهم للزواج. ومفهوم هذه الآية أن يعدّوا
العبيد للزواج أوّلا بتهذيب أخلاقهم وزيادة صلاحهم، ليكونوا بمستوى المسؤولية
التي تقع على عاتقهم بعد الزواج. |
|
3 ـ ما هو عقد
المكاتبة؟
|
|
قلنا: إنَّ الإسلام وضع
برنامج التحرر التدريجي للعبيد، واستفاد من كل فرصة لعتقهم، فكانت قضية
«المكاتبة» حكماً يجب اتباعه، كما نصّت عليه الآيات موضع البحث. |
|
الآيات(35) (38)
اللهُ نُورُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوة فِيهَا
مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ
|
|
اللهُ نُورُ
السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوة فِيهَا مِصْبَاحٌ
المِصْبَاحُ فِى زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ يُوقَدُ
مِن شَجَرَة مُّبَرَكَة زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة يَكَادُ
زَيْتُهَا يُضِىءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلى نُور يَهْدِى اللهُ
لِنُورِهِ مَنْ يَشَآءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الاْمْثَلَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ
شَىْء عَلِيمٌ(35) فِى بُيُوت أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا
اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالاْصَالِ(36) رِجَالٌ لاَّ
تُلْهِيهِمْ تِجَرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَوةِ
وَإيِتَآءِ الزَّكَوةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ
وَالاَْبْصَرُ(37) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم
مِّن فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَاب(38) |
|
التّفسير |
|
آية
النور!
|
|
تحدث الفلاسفة والمفسّرون
والعرفاء الاسلاميون كثيراً عن مقاصد الآيات أعلاه،
وهي مُرتبطة بما سبقها من الآيات الشريفة التي عرضت لقضية العفة ومكافحة الفحشاء
بمختلف السبل. 6 ـ إنّ جميع أنواع الطاقة
الموجودة في محيطنا (باستثناء الطاقة النووية) مصدرها الشمس من قبيل حركة
الرياح، سقوط المطر، وحركة الأنهر والوسائط فيها والشلالات ولو دققنا في حركة
جميع المخلوقات الحية لوجدناها ترتبط بنور الشمس. «محفظة للمصباح» لا تقلل من نوره، بل تركز هذا النور وتعكسه و «زجاجة»
تنظم جريان الهواء حول الشعلة، ويجب أن تكون شفّافة بدرجة لا تمنع تشعشع النور،
و«مصباح» هو مصدر النور، وهو عبارة عن إناء فيه زيت وفي أعلاه الفتيل. |
|
ملاحظات
|
|
بيّنا كثيراً من مسائل هذه
الآيات خلال تفسيرنا لها، وبقيت عدّة أحاديث يقتضي الأمر ذكرها بُغية إتمام هذا
البحث. |
|
الآيتان(39) (40)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَلُهُمْ كَسَرابِ بِقِيعَةِ يَحْسَبُهُ الظَّمأَنُ
مَآءً
|
|
وَالَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمَلُهُمْ كَسَرابِ بِقِيعَةِ يَحْسَبُهُ الظَّمأَنُ مَآءً حَتَّى
إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ
حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(39) أَوْ كَظُلُمَت فِى بَحْر لُّجِّىٍّ
يَغْشَهُ مَوْجٌ مِّنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَتٌ
بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَريَهَا وَمَن لَّمْ
يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور(40) |
|
التّفسير |
|
أعمال
سرابية
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن نور
الله، نور الإيمان والهداية. ولإتمام هذا البحث ولتوضيح المقارنة بين الذين نوّر
الله قلوبهم وبين الآخرين تناوَلَتْ هذه الآيات عالَم الكفر والجهل والإلحاد
المظلم، وتحدثت عن الكفار والمنافقين الذين وجودهم (ظلمات بعضها فوق بعض) خلافاً
للمؤمنين الذين أصبحت حياتهم وأفكارهم (نور على نور). الكلام في الآية الأُولى عن
الذين يبحثون عن الماء في صحراءَ جاقّة حارقة، ولا يجدون غير السراب فيموتون
عطشاً، في الوقت الذي عثر فيه المؤمنون على نور الإِيمان، ومنبع الهداية الرائعة،
فاستراحوا بجنبها، فتقول أوّلا: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن
ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً) ولكن يجد الله عند أعماله (ووجد الله عنده
فوفّاه حسابه والله سريع الحساب). وطبيعي أنّ المرءُ في هذه
الظلمات في وحدة مطلقة وجهل دائم، لا يجد طريقه، ولا رفيق سفره، ولا موقف له،
ولا يملك وسيلة للنجاة، لأنّه لم يكتسِب شيئاً من مصدر النور، أي الله سبحانه
وتعالى، وقد ختم الله على قلبه بالجهل والضلال. |
|
الآيتان(41) (42)
أَلَمْ تَرَ أنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ
وَالطَّيْرُ صَفَّت
|
|
أَلَمْ تَرَ أنَّ
اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِى السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ وَالطَّيْرُ صَفَّت كُلٌّ
قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ(41)
وَللهِ مُلْكُ السَّمَوتِ وَالاَْرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ(42) |
|
التّفسير |
|
الجميع
يسبّح لله:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن نور
الله، نور الهداية والإيمان، وعن الظلمات المضاعفة للكفر والضلال. كما يحتمل وجود رابطة بين هذه
الآية وسابقتها، حيث تحدّثت الآية الأُولى في آخر جملة لها، عن علم الله بأعمال
البشر جميعاً وعلمه بالمسبحين له. |
|
مسائل
مهمة:
|
|
1 ـ ماذا تعني
عبارة (ألم تر)
|
|
حسبما يراها الكثير من
المفسّرين، تَعني: ألم تعلم، حيث التسبيح العام من قبل جميع المخلوقات في العالم
لا يمكن ادراكه بالعين، بل بالقلب والعقل. |
|
2 ـ
التسبيح العامّ لجميع المخلوقات |
|
تحدّثت الآيات المختلفة في
القرآن المجيد عن أربع عبادات تمارسها مخلوقات هذا الكون العظيم، هي: التسبيح،
والحمد، والسجود، والصلاة، أمّا الآية موضع البحث، فقد تناولت الصلاة والتبسيح. وإذا قلُنا: إنَّ عبارة
(يسبّح له من في السموات والأرض) تعني تسبيح كلّ من في السماوات والأرض، ونحدد
كلمة «من» بذوي العقول، فإنّ التسبيح يخصّ هنا المعنى الأوّل، فهو تسبيح بوعي
وإرادة ولازم هذا القول أن الطيور أيضاً لها شعور، لأنّ كلمة الطيور جاءت بعد
حرف «من». ولا عجب في ذلك، لأنّ آيات قرآنية أُخرى قالت بوجود مثل هذا الشعور
لدى بعض الطيور (يراجع تفسير الآية 38 من سورة
الأنعام). |
|
3 ـ التسبيح
الخاصّ بالطيور:
|
|
ما السبب في ذكر تسبيحِ
الطيور من بين جميع المخلوقات، وخاصّة في حالة بسط جناحيها في السماء؟ وعلى كل حال فإنّ هناك
أُموراً عجيبة في الطيور جعلت القرآن المجيد يخصّها بالذكر. |
|
4 ـ عبارة (كل قد
علم صلاته وتسبيحه):
|
|
نسب عدد من المفسّرين ضمير
«علم» إلى كلمة «كلّ»، وبهذا يصبح معنى العبارة السابقة: كلّ من في الأرض
والسماء، وكذلك الطيور علم صلاته وتسبيحه. |
|
5 ـ ما المقصود
بالصلاة؟
|
|
قال بعض
المفسّرين كالمرحوم «الطبرسي» في مجمع البيان، و«الآلوسي» في روح البيان:
إنّ الصلاة هي الدعاء. |
|
الآيات(43) (45)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِى سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ
يَجْعَلُهُ رُكَاماً
|
|
أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ يُزْجِى سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً
فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن
جِبَال فِيهَا مِن بَرَد فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن
يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاَْبْصَرِ(43) يُقَلِّبُ اللهُ
الَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لاُِّولِى الاْبْصَرِ(44)
وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّة مِّن مَّآء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَى بَطْنِهِ
وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِى عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِى عَلَى أَرْبَع
يَخْلُقُ اللهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ(45) |
|
التّفسير |
|
جانب
آخر من الخلق العجيب:
|
|
نواجه ثانية ـ في هذه الآيات
ـ جانباً آخر من مسألة الخلق المدهشة، وما احتوته من آيات العلم والحكمه
والعظمة، وكلّ ذلك من أدلّة توحيد ذاتِ اللهِ الطاهرة. |
|
بحوث
|
|
1 ـ ماذا يعني
الماء هنا؟
|
|
وإلى أي نوع من الماء أشارت
الآية موضع البحث؟ فهي تتناول الحيواناتِ كافّة،
مضافاً إلى أن أهم الحيوانات التي يستخدمها الإنسان، هي هذه الأنواع الثلاثة. |
|
الآيات(46) (50)
لَّقَدْ أَنزَلْنَآ ءَايَت مُّبَيِّنَت وَاللهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرط
مُّسْتَقِيم
|
|
لَّقَدْ أَنزَلْنَآ
ءَايَت مُّبَيِّنَت وَاللهُ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرط مُّسْتَقِيم(46)
وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى
فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَآ أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ(47)
وَإذَا دُعُواْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ
مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ (48)وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ
مُذْعِنِينَ(49) أَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن
يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ(50) |
|
سبب
النّزول
|
|
ذكر المفسّرون سببين لنزول
بعض هذه الآيات: |
|
التّفسير |
|
الإيمان
وقبول حكم الله:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن
الإيمان بالله وعن دلائل توحيده وعلائمه في عالم التكوين، بينما تناولت الآيات ـ
موضع البحث ـ أثَرَ الإيمان وانعكاس التوحيد في حياة الإنسان، وإذعانه للحقّ
والحقيقة. |
|
بحثان
|
|
1 ـ مرض النفاق
|
|
ليست هذهِ المرة الأُولى التي
يستخدم فيها القرآن عبارة «المرض» للنفاق، فقد استخدمها في مطلع سورةِ البقرة
عند بيانه لصفات المنافقين (في قلوبهم مرض فزادهم الله
مَرضاً) وكما قُلنا في المجلد الأوّل في أثناءِ تفسير الآية المذكورة،
فإنّ النفاق في حقيقته مرض وانحراف عن الطريق السوي، فالإنسان السليم له صورة
واحدة هي انسجامٌ روحِه مع بدنه. |
|
2 ـ الحكومة
العادلة هي الحكومة الإلهية فقط:
|
|
لاشك في أن الانسان مهما سعى
في تهذيب نفسه مِن الصفات الرذيلة، خاصّة الكِبر والبغضاء وحب الذات والأنانية،
فإنّه قد يبتلى ببعضها دون وعي منه، إلاّ المعصوم من البشر، إذ يعصمه الله من
الخطأ والزلل. |
|
الآيات(51) (54)
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ
|
|
إِنَّمَا كَانَ
قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُؤلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ(51) وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَآئِزُونَ (52)وَأقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَنهِمْ
لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ
إِنَّ اللهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ(53) قُلْ أطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا
حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلاَّ
الْبَلَغُ الْمُبِينُ(54) |
|
التّفسير |
|
الإيمان
والتسليم التام إزاء الحقّ:
|
|
لاحظنا في الآيات السابقة ردّ
فعل المنافقين، الذين اسودّتْ قلوبهم، وأصبحت ظلمات في ظلمات. وكيف لم يرضخوا
لحكم الله ورسوله(ص)، وكأنَّهُم يَخَافُونَ أن يحيف الله ورسوله عليهم، فيضيع
حقّهم! أمّا الآيات ـ موضع البحث ـ
فإنّها تشرح موقف المؤمنين إزاء حكم الله ورسوله، فتقول
(إنّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا
وأطعنا). وقد وردت كلمة «الخروج»
ومشتقاتها في القرآن المجيد بمعنى الخروج إلى ميادين الجهاد تارة، وتركِ المنزل
والأهل والوطن في سبيل الله تعالى تارة أخرى، إلاّ أنّ الآيات السابقة التي
تحدثت عن حكم الرّسول(ص) في القضايا المختلفة يجعلنا نتقبل التّفسير الثّاني.
بمعنى أن المنافقين جاءوا إلى النبي(ص)ليعربوا عن طاعتهم لحكمُه(ص) والتسليم له،
فأقسموا على اخراج قسم من أموالهم، بل أن يتركوا الحياة الدنيا إن أمرهم بذلك. |
|
الآية(55) وَعَدَ
اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلوُاْ الصَّلِحتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى الاَْرْضِ
|
|
وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلوُاْ الصَّلِحتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى
الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَُيمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِى ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ(55) |
|
سبب
النّزول
|
|
روى كثير
من المفسّرين. ومنهم السيوطي في «أسباب التنزيل» والطبرسي في «مجمع
البيان» وسيد قطب في «في ظلال القرآن» والقرطبي في تفسيره، مع بعض الإختلاف، سبب
نزول هذه الآية أنه: عندما هاجر الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)والمسلمون إلى
المدينة، استقبلهم الأنصار بترحاب، ولكن العرب تحالفوا ضدهم. لهذا كان المسلمون
يبيتون ليلتهم والسلاح إلى جانبهم لا يفارقهم، إذ كانوا في حالة تأهّب تامّ. وقد
شقّ على المسلمين ذلك. حتى تساءل البعض: إلى متى يدوم هذا الوضع؟ وهل يأتي زمان
نستريح وتطمئنّ أنفسنا ولا نخشى إلاّ الله؟ فنزلت الآية السابقة تبشرهم بتحقّق
ما يصبون إليه. |
|
التّفسير |
|
حكومة
المستضعفين العالمية:
|
|
تحدثت الآية السابقة عن طاعة
الله ورسوله والتسليم له، وقد واصلت الآية ـ موضع البحث ـ هذا الموضوع، وبيّنت
نتيجة هذه الطاعة ألا وهي الحكومة العالمية التي: وعدها الله المؤمنين به. فقالت
الآية مؤكّدة (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض
كما استخلف الذين من قبلهم). (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) ويجعله متجذراً
وثابتاً وقوياً بين شعوب العالم. |
|
بحوث
|
|
1 ـ تفسير عبارة
(كما استخلف الذين من قبلهم)
|
|
هناك اختلاف بين المفسّرين
حول الذين أشارت إليهم الآية الشريفة من الذين استخلفوا في الأرض قبل المسلمين. |
|
2 ـ الذين وعدهم
الله باستخلاف الأرض:
|
|
لقد وعدالله المؤمنين ذوي
الأعمال الصالحة بالإستخلاف في الأرض وتمكينهم من نشر دينهم وتمتعهم بالأمن
الكامل، فما هي خصائص هؤلاء الموعودين بالإستخلاف؟ وروى القرطبي المفسّر المشهور
من أهل السنة عن المقداد بن الأسود عن الرّسول(ص) أنّه قال: «ما على ظهر الأرض
بيت حجر ولا مدر إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام»( تفسير
القرطبي، المجلد السابع، صفحة 4292.). هذا ويمكن كسب مجموعة من
الناس إلى جانب الحقّ بالتربية والتعليم والتبليغ المستمر، ولا يمكن تعميم هذه
الحالة في المجتمع إلاّ بتشكيل حكومة عادلة يقودها المؤمنون الصالحون، ولهذا سعى
الأنبياء إلى تشكيل مثل هذه الحكومة خاصّة الرّسول الأكرم(ص)، فَبمجرَّد
وصوله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة المنورة، وفي أوّل فرصة، شكَّل
نموذجاً لها. |
|
الآيتان(56) (57)
وَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَءَاتُوْا الزَّكَوةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
|
|
وَأَقِيمُوا
الصَّلَوةَ وَءَاتُوْا الزَّكَوةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ(56) لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِى الاْرْضِ
وَمَأْوَيهُمْ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ(57) |
|
التّفسير |
|
استحالة
الفرار من حكومته تعالى:
|
|
وعدت الآية السابقة المؤمنين
الصالحين بالخلافة في الأرض، وتعيىء هاتان الآيتان الناس للتمهيد لهذه الحكومة،
وخلال نفيها وجود حواجز كبيرة لهذا العمل، تضمن هي بذاتها نجاحه. وفي الحقيقة أن
إحدى هاتين الآيتين بيّنت المقتضي، بينما نفت الثّانية المانع، فهي تقول أوّلا: (وأقيموا
الصلاة). |
|
الآيات(58) (60)
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِيَسْتَئْذِنُكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ
أَيْمَنُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ
|
|
يَأَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا لِيَسْتَئْذِنُكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ وَالَّذِينَ
لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَثَ مَرَّت مِنْ قَبْلِ صَلَوةِ الْفَجْرِ
وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَوةِ
الْعِشَاءِ ثَلَثُ عَوْرَت لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ
بَعْدَهُنَّ طَوَّفُونَ عَلَيْكُمْ بَعضُكُمْ عَلَى بَعْض كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللهُ لَكُمْ الاَْيَتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(58) وَإِذَا بَلَغَ الاَْطْفَلُ
مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَئْذِنُوا كَمَا اسْتَئْذَن الَّذِينَ مِن
قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ ءَايتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ(59) وَالْقَوَعِدُ مِنَ النِّسآءِ الَّتِى لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً
فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ
بِزينَة وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(60) |
|
التّفسير |
|
آداب
الدخول إلى المكان الخاصّ بالوالدين:
|
|
إنّ أهم مسألة تابعتها هذه
السورة ـ كما ذكرنا ـ هي مسألة العفاف العام ومكافحة
كل انحطاط خلقي، بأبعاده المختلفة. |
|
بحثان
|
|
1 ـ فلسفة
الإستئذان والمفاسد المترتبة على عدم الإلتزام به
|
|
لا يكفي اللجوء إلى القوة
لاقتلاع جذور المفاسد الإجتماعية كالأعمال المخلة بالشرف، ولا يرجى نتيجة مرضية
من العقاب فقط في القضايا الإجتماعية. وإنّما يستوجب اتباع عدة أُمور كالتثقيف
الإسلامي، وتعليم آدابه الخلقية، واتباع السبل الصحيحة في القضايا العاطفية.
وإلى جانب هذه الأُمور يكون العقاب كعامل لردع المنحرفين عن الطريق السوي. |
|
2 ـ حكم الحجاب
بالنسبة للنساء العجائز:
|
|
لاخلاف في أصل هذا الإستثناء
في حكم الحجاب بين علماء المسلمين، لأنّ القرآن صريح في هذا الأمر. إلاّ أنّ
هناك أقوالا في خصوصيات هذا الحكم. وعلى كلّ حال،
فإنّ ذلك مسموح لهنّ بشرط أن يكنّ (غير متبرجات بزينة)وأن
يخفين الزينة التي تحت الحجاب، والتي من الواجب إخفاؤها من قبل جميع النساء، وأن
لا يرتدين الملابس التي تنزين بها النساء، والتي تثير انتباه الآخرين. وبتعبير آخر: إنّه مسموح لهنّ بعدم التحجب على أن
يخرجن إلى الشارع بلباس محتشم ودون تزين بزينة. |
|
الآية(61) لَيْسَ
عَلَى الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ
حَرَجٌ
|
|
لَيْسَ عَلَى
الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
وَلا عَلى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ أُمَّهَتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَتِكُم أَوْ
بُيُوتِ أَعْمَمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَلِكُمْ أَوْ
بُيُوتِ خَلَتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ
عَلَيْكُم جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً
فَسَلِّمُوا عَلى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةْ مِّن عِندِ اللهِ مَبَرِكَةً طَيِّبَةً
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ الاَْيَتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(61) |
|
التّفسير |
|
البيوت
التي يسمح بالأكل فيها:
|
|
تحدثت الآيات السابقة عن
الإستئذان في أوقات معينة، أو بشكل عام حين الدخول إلى المنزل الخاصّ بالأب
والأُم. لقد رفعت الآية
المذكورة هذه التقاليد واعتبروا غير
محمودة(المصدر السابق.) |
|
بحوث
|
|
1 ـ هل أن تناول
غذاء الآخرين غير منوط بإذنهم؟
|
|
كما شاهدنا في الآية السابقة،
أنّ الله تعالى سمح أن يأكل الإنسان في بيوت أقربائه المُقرّبين وبعض الأصدقاء
وأمثالهم، وأصبح عدد هذه البيوت أحد عشر بيتاً. ولم تشترط الآية استئذانهم
لتناول الطعام، ولا شك في عدم وجوب الاستئذان. إذ أنّ بوجود الإذن بالأكل يمكن
تناول الغذاء العائد لأي شخص، وبذلك لا تبقى ميزة لهذه المجموعة المؤلفة من أحد
عشر بيتاً. وحول عبارتي «عدم الإفساد»
و«عدم الإسراف» فقد صرحت بعض الأحاديث بذلك أيضاً(المصدر
السابق، الحديث4.). |
|
2 ـ فلسفة هذا
الحكم الإسلامي:
|
|
يمكن أن يثير هذا الحكم
تساؤلا بالمقارنة مع الأحكام الشديدة التي نصت عليها التعاليم في تحريم الغصب،
هو: كيف سمح الإسلام بذلك، رغم تشديده في قضية التصرف بأموال الآخرين؟! |
|
3 ـ من هو
الصديق؟
|
|
لا شك أنّ للصداقة مفهوماً
واسعاً، وهي تعني هنا بالتأكيد الأصدقاء الخاصين الذين تربطهم علاقات وثيقة،
وهذه العلاقة توجب التزاور فيما بينهم والأكل من طعام الآخر، ولا حاجة هنا ـ كما
أسلفنا ـ إلى احراز الرضا، بل يجوز الأكل بمجرّد عدم العلم بعدم رضا صاحب
الغذاء. والثّاني: أن يرى زينك زينه وشينك شينه. |
|
4 ـ تفسير عبارة
(ماملكتم مفاتحه)
|
|
جاء في
بعض أسباب النّزول أنّ المسلمين في صدر الإسلام كانوا يسلمون أحياناً
مفاتيح منازلهم إلى الذين لا يشملهم الجهاد. حين توجههم إلى الجهاد في سبيل
الله. وكانوا يسمحون له بتناول الطعام من هذه المنازل، إلاّ أنّ هؤلاء كانوا
يمتنعون من الأكل في هذه المنازل خوفاً من ارتكاب إثم في ذلك. وإذا لاحظنا أنّ بعض الأحاديث
تفسر عبارة (ما ملكتم مفاتحه) بالوكيل الذي
يتعهد بالإِشراف على أموال شخص آخر، فإنّ ذلك مصداق للآية وليس لتحديد معناها
وحصرها بهذا التّفسير. |
|
5 ـ السلام
والتحية
|
|
«التحية»
مشتقّة من الحياة، بمعنى الدعاء لسلامة الآخرين، سواء كانت بشكل السلام عليكم،
أو السلام علينا، أو قولا كحيّاك الله، فكل هذا إعراب عن المحبة التي يبديها
الشخص عند لقائه بآخر، وتدعى بالتحية. |
|
الآيات(62) (64)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا
كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْر جَامِع
|
|
إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ
عَلَى أَمْر جَامِع لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَئْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ
يَسْتَئْذِنُوكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا
اسْتَئْذَنُوكَ لِبَعْضِ شأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَنِ شِئْتَ مِنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(62) لاَّ تَجْعَلُوا
دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ
الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(63)أَلاَ إِنَّ للهِ مَا فِى السَّمَواتِ وَالاَْرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَآ
أنَتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا
وَاللهُ بِكُلِّ شَىْء عَلِيمٌ(64) |
|
سبب النّزول |
|
ذكرت عدة أسباب
لنزول الآية الأُولى من الآيات أعلاه،
فقد جاء في بعض الأحاديث أنّ هذه الآيه نزلت في «حنظلة بن أبي عياش» الذي صادف
زواجه ليلة معركة أُحد، وكان الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يشاور أصحابه حول
هذه المعركة، فجاءه حنظلة يستأذنه المبيت عند
زوجته، فأجازه(صلى الله عليه وآله وسلم). |
|
التّفسير |
|
لا
تتركوا النبيّ وحده!
|
|
قال بعض المفسّرين حول علاقة
هذه الآيات بسابقتها، وفيهم المرحوم «الطبرسي» في مجمع البيان «وسيد قطب» في
تفسير في ظلال القرآن: بما أنّ الآيات السابقة طرحت للبحث جانباً من أُسلوب
التعامل مع الأصدقاء والأقرباء. فإنّ الآيات موضع البحث تناولت كيفية تعامل المسلمين
مع قائدهم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). وقد أكّدت التزام الوقار أمامه،
وطاعته وعدم ترك الجماعة إلاّ بإذنه. و ممّا يجب
الإنتباه إليه في تفسير الآية محل البحث وجود احتمالين إضافة إلى ما ذكرناه هما: فإنّها تعني الإبتهال
والدعاء، أمّا إذا جاء الحرف «على» و آخر آية من
الآيات موضع البحث، ـ والتي هي آخر
سورة النور ـ اشارة بليغة إلى قضية المبدأ والمعاد التي تعتبر دافعاً
لإمتثال التعاليم الإلهية جميعاً، وضمان لتنفيذ جميع الأوامر والنواهي، ومنها
التي وردت في هذه السورة حيث تقول: (ألا أن لله ما في
السموات والأرض) |
|
|
|