- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سُورَة الحِجرمكيّة وَعَدَدُ
آياتِها تسع وتسعون آيَة
|
|
«سورة الحجر» |
|
المجَلّد الثامن |
|
محتوى
السّورة:
|
|
المشهور عند جل
المفسّرين أنّ سورة الحجر مكّية، و هي السورة الثّانية و الخمسون من السور التي نزلت على
النّبي ص في مكّة المكرمة على ما ذكره ابن
النديم في فهرسته تحت موضوع تاريخ القرآن، و عدد آياتها تسع و تسعون آية باتفاق كل المفسّرين. 5 ـ زيادة في
محاولة الإِيقاظ و التنبيه من خلال عرض القصص القرآني
لما جرى لأقوام لوط و صالح و شعيب (ع). |
|
الآيات(1) (5) الر تِلْكَ
ءَايَتُ الْكِتَبِ وَ قُرْءَان مُّبِين(1) رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذيِنَ كَفَرُواْ
لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ
|
|
الر تِلْكَ ءَايَتُ
الْكِتَبِ وَ قُرْءَان مُّبِين(1) رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذيِنَ كَفَرُواْ لَوْ
كَانُواْ مُسْلِمِينَ(2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَ يَتَمَتَّعُواْ وَ يُلْهِهِمُ
الأَْمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(3) وَ مَآ أَهْلَكنَا مِن قَرْيَة إِلاَّ وَ
لَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ(4) مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّة أَجَلَهَا وَمَا
يَسْتَئْخِروُنَ(5) |
|
التّفسير |
|
الأماني الزّائفة!
|
|
سورة أُخرى تفتتح بالحروف المقطعة (ألف،
لام، وراء) لتبيّن من جديد أنّ مفردات كتاب نور السماء إَلى ظلام أهل
الأرض، ما هي إِلاّ عين تلك الأبجدية التي تلوك ألفاظها ألسن كل البشر، صغيرهم و
كبيرهم، بين مختلف اللغات، و مع ذلك فلا يستطيع أي مخلوق الوصول لبناء و تركيب
كلام القرآن، و هو ذروة التحدي الرباني المعجز، وعليه فقد جاءت (تلك آيات الكتاب
وقرآن مبين)مباشرة. |
|
ملاحظة: |
|
الغفلة
وطول الأمل
|
|
ممّا لا شك فيه أن الأمل
بمثابة العامل المحرك لعجلة حياة الإنسان، فلو ارتفع الأمل يوماً من قلوب الناس
لارتبكت مسيرة الحياة ولا تجد إّلا القليل ممن يجد في نفسه دافعاً لمواجهة صراع
الحياة معه، والحديث النبوي الشريف: «الأمل رحمة
لأُمتي، ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها، ولا غرس غارس شجراً»( سفينة البحار، ج1، 30 (أمل).)يشير لهذه الحقيقة. |
|
الآيات(6) (8) وَقَالُواْ يَأَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ
إِنَّكَ لمجْنُونٌ(6)
|
|
وَقَالُواْ
يَأَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمجْنُونٌ(6) لَّوْ مَا
تَأْتِينَا بِالْمَلَئِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّدِقِينَ(7) مَا نُنَزِّلُ
الْمَلَئِكَةَ إِلاَّ بِآلْحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ(8) |
|
التّفسير |
|
طلب نزول الملائكة:
|
|
تبتدىء الآيات بتبيان موقف العداء الأعمى والتعصب الأصم للقرآن الحكيم
والنّبي الأكرم (ص) من قبل الكفار، فتقول: (وقالوا يا أيّها الذي نزّل عليه الذكر إنّك لمجنون). هؤلاء الاشخاص لديهم تعصب خاص نحو كل ما ألفوه
في محيطهم الاجتماعي حتى وإن كان ضلالا وانحرافاً، لذا تراهم يواجهون كل
دعوة جديدة على أساس أنّها غير معقولة، فهم يخشون من كل جديد، و يتمسكون بشدّة
بالعادات والتقاليد القديمة. وبعبارة أُخرى، فالإِعجاز ليس أمراً ترفيهياً يناغي تصورات الأخرين بقدر
ما هو حجة إِلهية لإِثبات الحق وإِماطة الباطل. |
الآية(9) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ
|
|
إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ(9) |
|
التّفسير |
|
|
حفظ القرآن من التحريف:
|
|
بعد أن استعرضت الآيات
السابقة تحجج الكفار واستهزاءهم بالنّبي (صلى
الله عليه وآله وسلم)والقرآن، تأتي هذه الآية المباركة لتواسي قلب النّبي (ص) من
جهة ولتطمئن قلوب المؤمنين المخلصين من جهة أُخرى، من خلال طرح مسألة حيوية ذات
أهمية بالغة لحياة الرسالة، ألا وهي.. حفظ
القرآن من أيادي التلاعب والتحريف (إِنا نحن نزلنا
الذكر وإِنا له لحافظون).. فبناء هذا القرآن مستحكم وشمس وجوده لا يغطيها
غبار الضلال، ومصباح هديه أبدي الإِنارة، ولو اتحد أعتى جبابرة التاريخ وطغاته
وحكامه الظلمة، محفوفين بعلماء السوء، ومزودين بأقوى الجيوش عدّة وعتاداً، على
أن يخمدوا نور القرآن، فلن يستطيعوا، لأنّ الحكيم الجبار سبحانه تعهد بحفظه
وصيانته.. 3 ـ وقال غيرهم: حفظه أمام المعتقدات المضلة المخالفة له. |
|
بحث في عدم تحريف القرآن:
|
|
المشهور بين أوساط جلّ علماء المسلمين شيعة وسنة، أنّ القرآن لم يتعرض لأي نوع من التحريف، وأن الذي بين
أيدينا هو عين القرآن الذي نزل على صدر الحبيب محّمد
النّبي (ص). فلا زيادة أو نقصان، حتى ولو بكلمة واحدة، أو قل بحرف واحد. |
|
1 ـ أدلة عدم تحريف القرآن:
|
|
1 ـ أدلة عدم
تحريف القرآن كثيرة ـ فبالإضافة الى الآية محل البحث وآيات اخُر ـ كيفية تعامل
الناس مع هذا الكتاب السماوي العظيم عبّر التأريخ. |
|
2
ـ مسألة (كتّاب الوحي)
|
|
2 ـ بالإضافة
إلى ما تقدم تواجهنا مسألة (كتّاب الوحي) وهم
الأشخاص الذين أوكل إِليهم النّبي (ص) مهمّة
تسجيل الآيات القرآنية بعد نزولها، ويذكر أن عددهم كان
بين 14 ـ 43 رجلا. |
|
3
ـ دعوة الأئمّة المعصومين عليهم السلام للعمل بالقرآن الموجود بين أيدينا.
|
|
3 ـ دعوة
الأئمّة المعصومين عليهم السلام للعمل بالقرآن الموجود بين أيدينا. ولو تفحصنا
كلامهم عليهم السلام لوجدنا أنّهم قد دعوا الناس لتلاوة ودراسة القرآن والعمل
على هديه منذ صدر الإسلام وعلى امتداد وجودهم المبارك بين الناس، وهذا دليل على أن الأيادي المفسدة ما استطاعت النيل من هذا
الكتاب السماوي. وخطب الإِمام علي
(عليه السلام) في نهج البلاغة خير شاهد ينطق بهذا الإِدعاء: فنقرأ في الخطبة
(133) : «وكتاب اللّه بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، وبيت لا
تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه». |
|
4
ـ (خاتمية) النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
|
|
4 ـ وإِذا ما
سلمنا بـ (خاتمية) النّبي (ص) أنّ الدين الإِسلامي هو خاتم الأديان الإِلهية،
وإِنّ رسالة القرآن باقية إِلى يوم القيامة. |
|
5
ـ روايات الثقلين
|
5 ـ وهناك
دليل آخر على أصالة القرآن وحفظه من أية شائبة نتلمسه في روايات الثقلين المروية
عن النّبي (ص) بطرق متعددة معتبرة. فقد روي عن رسول
اللّه (ص) أنّه قال: «إِنّي تارك
فيكم الثقلين، كتاب اللّه وعترتي، ما إِن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً»( حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة، رواه عن النّبي (ص جمع
من الصحابة مثل: أبو سعيد الخدري، زيد بن أرقم، زيد بن ثابت، أبو هريرة، حذيفة بن
أسيد، جابر بن عبد اللّه الإنصاري، عبد اللّه حنطب، عبد بن حميد، جبير بن مطعم،
ضمرّة الأسلمي، أبوذر الغفاري، أبو رافع، أم سلمة وغيرهم.). |
|
6
ـ القرآن : الحد الفاصل المأمون الجانب
|
|
6 ـ بالإِضافة
إِلى كل ذلك فالقرآن طُرح على المسلمين باعتباره الحد الفاصل المأمون الجانب في تمييز الأحاديث الصادقة من الكاذبة، وتشير كثير من
الرّوايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام إِلى أن صدق أو كذب أي حديث يتبيّن
من خلال عرضه على القرآن، فما وافق القرآن فهو حق وما
خالفه فهو باطل. |
|
روايات التّحريف:
|
|
|
يستند القائلون بتحريف القرآن
مرّة على روايات قد أُسيء فهمها نتيجة عدم الوصول لما كانت ترمز إِليه من معنى،
وأُخرى على روايات ضعيفة السند ويمكن تقسيم روايات
التحريف إِلى ثلاثة أقسام: وأخيراً.. فالأيادي المغلولة لا يسعها في هذا المجال إِلاّ أن تبذل
كل جهودها للنيل من أصالة وعظمة وقدسية كتاب السماء عند المسلمين عن طريق بث
الخرافات والأباطيل. |
|
الآيات(10) (15)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى شِيَعِ الأَْوَّلِينَ(10) وَمَا
يَأْتِيهِم مِّنْ رَّسُول إِلاَّ كَانُواْ بِهِ
|
|
وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى شِيَعِ الأَْوَّلِينَ(10) وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ
رَّسُول إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ(11) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِى
قُلُوبِ الُْمجْرِمِينَ(12) لاَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ
الأَْوَّلِينَ(13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَآءِ
فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ(14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَرُنَا
بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ(15) |
|
التّفسير |
|
العناد
والتعصب:
|
|
تواسي الآياتُ قلب النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) وقلوب المؤمنين لما كانوا يواجهونه من صعاب في طريق
دعوتهم، من خلال الإشارة إلى صراع الأنبياء السابقين مع أقوامهم الضالة
والمتعصبة. ـ مرةً، يريدون بالسخرية إسقاط شخصية النّبي كي لا يؤثر في أوساط
الفئة الواعية. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ
(شيع) جمع (شيعة)، ويطلق على المجموعة
والفرقة التي تمتلك نهجاً مشتركاً. |
|
الآيات(16) (18) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السَّمآءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّها
لِلنَّظِرِينَ(16)وَحَفِظْنَهَا
|
|
وَلَقَدْ جَعَلْنَا
فِى السَّمآءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّها لِلنَّظِرِينَ(16)وَحَفِظْنَهَا مِن كُلِّ
شَيْطَن رَّجِيم(17) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ
مُّبِينٌ(18) |
|
التّفسير |
|
تشير الآيات إِلى جانب من
عالم المخلوقات للدلالة على معرفة وتوحيد اللّه، وبسياقها جاءت تكملةً لبحثي
القرآن والنّبوة المذكورين في الآيات السابقة. |
|
نتيجة البحث:
|
|
طال بنا البحث في تفسير
الآيات الآنفة الذكر، وقبل الخروج بمحصلة البحث لابدّ
من ذكر بعض الملاحظات: ولكنْ.. بما أن القرآن الكريم بحر غير متناه، فلا ينبغي البناء القطعي على هذا التأويل، وربّما
المستقبل سيحفل بتفسير آخر لهذه الآيات مستنداً على حقائق لم نصل لها في زماننا. |
|
الآيات(19) (21) وَالاَْرْضَ مَدَدْنَهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَ سِىَ
وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَىْء مَّوزُون
|
|
وَالاَْرْضَ
مَدَدْنَهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَ سِىَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ
شَىْء مَّوزُون(19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فَيها مَعَيِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ
بِرزِقِينَ(20) وَإِن مِّن شَىْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ
إِلاَّ بِقَدَر مَّعْلُوم(21) |
|
التّفسير |
|
وإِتماماً لما سبق يتناول
القرآن بعض آيات الخلق، ومظاهر عظمة الباري على وجه البسيطة، ويبدأ بنفس الأرض (والأرض مددناها). عبّر سبحانه عن خلق الجبال
بالإِلقاء، ولعل المراد بـ «إلقاء» هنا بمعنى (إِيجاد) لأنّ الجبال هي
الإِرتفاعات الشاخصة على سطح الأرض الناشئة من برودة قشرة الأرض التدريجي، أو من
المواد البركانية. |
|
بحوث
|
|
1
ـ ما هي خزائن اللّه تعالى؟
|
|
نقرأ فى آيات القرآن أن: للّه
عزَّ وجلّ خزائن، للّه خزائن السماوات والأرض، بيده خزائن كل شيء.. فما هي خزائنه تعالى؟ بديهي، أن مَنْ كانت قدرته محدودة وغير قادر على أن يهيء لنفسه
كل ما يحتاج إِليه على الدوام، يبدأ بجمع ما يملك وخزنه لوقت الحاجة إِليه
مستقبلا. |
|
2
ـ النّزول مكانيّ ومقامى
|
|
كما بيّنا سابقاً أن النّزول
لا يرمز إِلى الحالة المكانية دوماً (أيْ النّزول من مكان عال إِلى أسفل)، بل
يرمز إِلى النّزول المقامي في بعض الموارد، فمثلا.. في حال وصول نعمة من شخص ذي
شأن إِلى من هم أقل منه شأناً، فإنّه يعبر عنها بالنّزول. |
|
الآيات(22) (25) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَحَ لَوَقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ
السَّمَآءِ مَآءً فَأَسْقَيْنَكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَزِنِينَ
|
|
وَأَرْسَلْنَا
الرِّيَحَ لَوَقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَسْقَيْنَكُمُوهُ
وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَزِنِينَ(22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ
وَنَحْنُ الْوَ رِثُونَ(23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئْخِرِينَ(24) وَإِنِّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ
إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ(25) |
|
التّفسير |
|
دور الرّياح والأمطار:
|
|
بعد أن عرض القرآن الكريم في
الآيات السابقة قسماً من أسرار الخليقة والنعم الإِلهية كخلق الأرض والجبال
والنباتات وما تحتاجه الحياة من مستلزمات، يشير في أولى الآيات المبحوثة إلى
حركة الرياح وما لها من آثار في عملية نزول المطر، فيقول: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما
أنتم له بخازنين). |
|
بحث
|
|
مَنْ هم المستقدمون
والمستأخرون؟ |
|
ذكر المفسّرون في
تفسير (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين) احتمالات كثيرة، فذكر العلامة
الطبرسي في (مجمع البيان) ستة احتمالات،
والقرطبي ثمانية احتمالات، وأبو الفتوح الرازي بحدود العشرة احتمالات، والملاحظة الدقيقة تظهر أنّه يمكن لنا أن نجمع كل ما ذكروه في تفسير واحد، لأن
كلمة «المستقدمين» و«المستأخرين» لهما معنيان واسعان يشملان المتقدمين
والمتأخرين من حيث الزمان، وكذلك من حيث أعمال الخير والجهاد وحتى الحضور في
الصفوف المتقدمة لصلاة الجماعة وما شابهها. وإِذا ما
أخذنا بهذا المعنى الجامع فيمكننا جمع كل الإِحتمالات الواردة في «تقدم» و«تأخر» المذكورتين في الآية في تفسير واحد. |
|
الآيات(26) (44) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنَسنَ مِنْ صَلْصَل مِّنْ حَمَإ
مَّسْنُون.....
|
|
وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الإِْنَسنَ مِنْ صَلْصَل مِّنْ حَمَإ مَّسْنُون(26)وَالْجَآنَّ خَلَقْنهُ مِنْ
قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ(27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّى
خَلِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَل مِّنْ حَمَإ مَّسْنُون(28)فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَجِدِينَ(29)فَسَجَدَ
الْمَلَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(30) إِلآَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ
مَعَ السَّجِدِينَ(31) قَالَ يإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ
السَّجِدِين(32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَِسْجُدَ لِبَشَر خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَل
مِّن حَمَإ مَّسْنُون(33) قَالَ فَاخْرُجْ مَنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ(34) وَإِنَّ
عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ(35) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ(36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ(37) إِلى يَوْمِ
الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ(38) قَالَ رَبِّ بَمَا أَغْوَيْتَنِى لأَُزَيِّنَنَّ
لَهُمْ فِى الأَْرْضَ وَلأَُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ
مِنْهُمُ الُْمخْلَصِينَ(40) قَالَ هَذَا صِرَ طٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ(41) إِنَّ
عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَنٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغاوِينَ(42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ(43) لَهَا
سَبْعَةُ أَبْواب لِّكُلِّ بَاب مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ(44) |
|
التّفسير |
|
خلق الإنسان:
|
|
بعد ذكر خلق نماذج من مخلوقات
اللّه في الآيات السابقة، تأتي هذه الآيات لتبيّن أن الهدف الأساسي من إيجاد كل
الخليقة إِنّما هو خلق الإِنسان. وتتطرق الآيات إِلى جزئيات عديدة في شأن الخلق،
زاخرةً بالمعاني. ولم يعص هذا الأمر إِلاّ
إِبليس: (إِلاّ إِبليس أبى أن يكون مع الساجدين). |
|
بحوث
|
|
1
ـ التكبر والغرور من المهالك العظام:
|
|
المستفاد تربوياً
من قصة إِبليس في القرآن هو أن الكبر
والغرور من الأسباب الخطيرة في عملية الإِنهيار والسقوط من المكانة المحترمة
المرموقة إِلى مدارك الدون والخسران. |
|
2
ـ على مَنْ يتسلط الشيطان؟
|
|
نرى من الضروري أن نكرر القول
بأنّ نفوذ الوساوس الشيطانية في قلب الإِنسان لا تأتي فجأة أو إِجباراً، وإِنما
بوجود الرغبة الكافية عند الإِنسان بفسح المجال أمام دخول الوساوس إِلى دواخله، وعلى هذا فالشيطان يعلم تماماً بأنْ ليس له سبيل على
المخلصين الذين طهّروا أنفسهم في ظل التربية الخالصة من الشوائب والأدران
وغسلوا قلوبهم من صدأ الشرك والضلال. وبتعبير القرآن الكريم إِنّ رابطة الشيطان
مع الضالين هي رابطة التابع والمتبوع وليس رابطة المُجْبِرْ والمجبور. |
|
3
ـ أبواب جهنم!
|
|
قرأنا في الآيات مورد البحث أن لجهنم سبعة أبواب (وليس بعيداً أن يكون ذكر العدد
في هذا المورد للكثرة كما ورد هذا العدد في الآية
السابعة والعشرين من سورة لقمان بهذا
المعنى أيضاً). |
|
4
ـ (الحمأ المسنون) و (روح اللّه):
|
|
يستفاد من الآيات أن خلق الإِنسان تمّ بشيئين متغايرين، أحدهما في أعلى
درجات الشرف والآخر في أدنى الدرجات (بقياس ظاهر القيمة). |
|
5
ـ ما هو الجان؟
|
|
إنّ كلمة (الجن) في الأصل بمعنى: الشيء الذي
يُسْتَرُ عن حس الانسان، فمثلا نقول (جَنَّهُ
الليلُ) أو (فلما جنَّ عليه الليل) أي
عندما غطته ستارة الليل السوداء، ويقال (مجنون)
لمن فقد عقله أيْ سُتِرْ، و(الجنين) للطفل
المستور في رحم أُمّه، و(الجنّة) للبستان الذي
تغطي أشجاره أرضه، و(الجِنَان) للقلب الذي
سُتِرَ داخل صدر الانسان، و(الجُنّه) للدرع الذي
يحمي الإنسان من ضربات الأعداد. |
|
6
ـ القرآن وخلق الإِنسان:
|
|
شاهدنا في الآيات الأنفة أن
القرآن قد تناول مسألة خلق الإِنسان بشكل مختصر ومكثف تقريباً، لأنّ الهدف
الأساسي من التناول هو الجانب التربوي في الخلق،
وورد نظير ذلك في أماكن أُخرى من القرآن، كما في
سورة السجدة، والمؤمنون، وسورة ص، وغيرها. وبعبارة أوضح: إنّ إثبات فرضية التكامل وانتقالها من صورة فرض علمي إلى
قانون علمي قطعي.. إمّا أن يكون عن طريق الدليل العقلي، أو عن طريق الحس
والتجربة والإِختيار، ولا ثالث لها. نظرية التكامل و..
الإِيمان باللّه: |
|
الآيات(45) (50) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّت وَعُيُون(45) ادْخُلُوهَا
بِسَلَم ءَامِنِينَ
|
|
إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّت وَعُيُون(45) ادْخُلُوهَا بِسَلَم
ءَامِنِينَ(46)وَنَزَعْنا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانَاً عَلى
سُرُر مُّتَقَبِلِينِ(47) لاَ يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُم مِّنْها
بِمُخْرَجِينَ(48)نَبِّىء عِبَادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الْرَّحِيمُ(49)
وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ الْعَذَابُ الأَْلِيمُ(50) |
|
التّفسير |
|
نِعَمُ الجنّة الثّمان:
|
|
رأينا في الآيات السابقة كيف
وصف اللّه تعالى عاقبة أمر الشيطان وأنصاره وأتباعه، وأنّ جهنم بأبوابها السبعة
مفتحة لهم. |
|
بحوث
|
|
1
ـ رياض وعيون الجنّة:
|
|
إِنّ فهم واستيعاب أبعاد
النعم الإِلهية التي تزخر بها الجنّة ونحن نعيش في هذا العالم الدنيوي المحدود،
يعتبر أمراً صعباً جداً، بل ومن غير الممكن، لأنّ نعم هذا العالم بالنسبة لنعم
الآخرة كنسبة الصفر إِلى رقم كبير جدّاً.. ومع ذلك فلا يمنع من أن نحس ببعض
أشعتها بفكرنا وروحنا. |
|
2
ـ النّعم المادية وغير المادية:
|
|
على خلاف ما يتصور البعض..
فإِنّ القرآن لم يبشر الناس دائماً بالنعم المادية للجنّة فقط، بل تحدث مراراً
عن النعم المعنوية أيضاً، والآيات مورد البحث نموذج واضح لذلك حيث نرى أن اول ما
يواجه أهل الجنّة هناك هو الترحيب والبشارة من الملائكة لأهل الجنّة عند دخولهم
فيها (ادخلوها بسلام آمين). |
|
3
ـ الحقد والحسد عدوّا الأخوة:
|
|
من لطيف ما يلاحظ
في هذه الآيات أنّها بعد أن ذكرت نعمة
السلامة والأمن، وقبل أن تتعرض لبيان حال الأخوّة والألفة التي سيكون عليها أهل
الجنّة، أشارت إِلى مسألة نزع الصفات المانعة للأخوّة، كالحقد والحسد والغرور
والخيانة، جامعة كل ذلك بكلمة «الغل» ذات المفهوم
الواسع. |
|
4
ـ الجزاء الكامل:
|
|
يقول بعض
المفسّرين: إِنّ الجزاء لا يكتمل إِلاّ بأربعة اُمور: منافع وخيرة، أن تكون
مقرونة بالإِحترام، خالية من أيّ ألم، دائمة وخالدة. |
|
5
ـ تعالو لنجعل من هذه الدنيا جنّة:
|
|
إِنّ النعم المادية والروحية
الأخروية التي صورتها الآيات السابقة في حقيقتها تشكل
أصول النعم لهذا العالم، ولعل القرآن الكريم
يريد أن يفهمنا بأنّنا يمكن أن نوجد جنّة صغيرة في حياتنا تكون شبيهة
بتلك الجنّة الكبيرة، فيما لو استطعنا أن نوفر شرائطها المطلوبة اللازمة. |
|
الآيات(51) (60) وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراهِيمَ(51) إِذْ دَخَلُوا
عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلماً
|
|
وَنَبِّئْهُمْ عَن
ضَيْفِ إِبْراهِيمَ(51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلماً قالَ إِنَّا
مِنكُمْ وَجِلُونَ(52) قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلم
عَلِيم(53) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَن مَّسَّنِى الْكِبَرُ فَبِمَ
تُبَشِّرُونَ(54)قالُوا بَشَّرْنكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُن مِّنَ الْقنِطِينَ(55)
قالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ(56) قالَ فَما خَطْبُكُمْ
أَيُّها الْمُرْسَلُونَ(57) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنآ إِلى قَوْم
مُّجْرِمِينَ(58) إِلآَّ ءَالَ لُوط إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ(59)
إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنآ إِنَّها لَمِنَ الْغبِرِينَ(60) |
|
التّفسير |
|
الضّيوف الغرباء..!
|
|
تتحدث هذه الآيات المباركات
وما بعدها عن الجنبة التربوية في تاريخ حياة الأنبياء عليهم السلام وما جرى لهم
مع العصاة من أقوامهم، وتطرح الآيات نماذج حيّة
للإِعتبار، لكلا الطرفين (عباد اللّه المخلصين من
طرف وأتباع الشيطان من طرف آخر). |
|
مَنْ هو المقصود بالغلام العليم؟
|
|
يبدو من خلال متابعة الآيات
القرآنية أنّ المقصود هو (إِسحاق)، حيث نقرأ في سورة
هود، الآية (71) أن امرأة إِبراهيم كانت واقفة بقربه عندما بشرته
الملائكة، ويظهر كذلك أنّها كانت امرأة عاقراً
فبشروها أيضاً (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإِسحاق). |
|
الآيات(61) (77)
فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوط الْمُرْسَلُونَ(61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ
مُّنْكَرُونَ
|
|
فَلَمَّا جَآءَ
ءَالَ لُوط الْمُرْسَلُونَ(61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنْكَرُونَ(62) قَالوا
بَلْ جِئْنْكَ بِما كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ(63) وَأَتَيْنكَ بِالْحَقِّ
وَإِنّا لَصدِقُونَ(64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْع مِّنَ الَّيْلِ وَاتَّبِعْ
أَدْبرَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُم أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ
تُؤْمَرُونَ(65)وَقَضَيْنآ إِلَيْهِ ذلِكَ الأَْمْرَ أَنّ دَابِرَ هؤُلآءِ
مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ(66)وَجآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ(67) قالَ
إِنَّ هَؤُلآَءَ ضَيْفِى فَلا تَفْضَحُونِ(68) وَاتَّقَوُا اللّهَ وَلاَ
تُخْزُونِ(69) قَالوُا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعلَمِينَ(70) قالَ هَؤُلآَءِ
بَناتِى إِن كُنْتُمْ فعِلِينَ(71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِم
يَعْمَهُونَ(72) فَأَخَذَتْهُمُ الْصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ(73)فَجَعَلْنا
علِيَهَا سَافِلَها وَأمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيل(73)إِنَّ فِى
ذلِكَ لأََيت لِّلْمُتَوَسِّمِينَ(75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيل مُّقِيم(76) إِنَّ
فِى ذلِكَ لأََيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ(77) |
|
التّفسير |
|
عاقبة مذنبي قوم لوط:
|
|
طالعتنا الآيات السابقة بقصة
اللقاء بين ملائكة العذاب هؤلاء وبين إِبراهيم(عليه السلام)، وهذه الآيات تكمل لنا سير أحدث القصّة فتبتدأ من
خروجهم من عند إِبراهيم حتى لقائهم بلوط(عليه السلام). ويمكن حمل «الصيحة» على أنّها صاعقة عظيمة أو صوت زلزلة رهيب، والمهم أنّه
كان صوتاً مرعباً أسقط الجميع مغمياً عليهم أو ميتين. |
|
بحوث
|
|
1
ـ ما المقصود بـ (قطع من الليل) ؟
|
|
«القطع» بمعنى سواد الليل. يقول المرحوم
الطبرسي في (مجمع البيان): القطع كأنّه جمع قطعة، ومعناه: سر بأهلك بعدما
يمضي أكثر الليل وتبقى قطعة منه. |
|
2
ـ تفسير قوله تعالى: (وامضوا حيث تؤمرون).
|
|
ذكرنا أنّ الملائكة أوصت آل
لوط بالخروج آخر الليل إِلى المكان الذي عين لهم، إِلاّ أن الآيات القرآنية لم
تدخل في تفاصيل ذلك السفر ولم تعين المنطقة التي سيذهبون إِليها، لذلك عرض المفسّرون جملة آراء بهذا الخصوص. |
|
3
ـ علاقة الرّبط بين «المتوسم» و «المؤمن».
|
|
لاحظنا تعبير (إِنّ في ذلك لآيات للمتوسمين) و (إِنّ في ذلك لآية للمؤمنين)في الآيات الحاكية عن قصّة
قوم لوط، والجمع بين التعبيرين يعطينا: أنّ المؤمن الحقيقي هو المتوسم الذكي ذو
الفراسة والنباهة. |
|
4
ـ سكر الشّهوة والغرور!
|
|
إِن سكر الخمر معروف، وثمة
سكر أشد منه آثاراً كسكر المنصب وسكر الشهوة، وقرأنا في الآيات السابقة كيف أن
اللّه يقسم بروح نبيّه (لعمرك إنّه لفي سكرتهم يعمهون)،
ولهذا فإنّهم لا يبصرون أوضح طرق النجاة، وبلغ بهم الحال أنْ يردوا ما عرض عليهم
نبيّهم(عليهم السلام) أن يشبعوا شهواتهم بالطريق الصحيح المشروع ليتخلصوا من
الذنوب والتلوثات وقبائح الأفعال! |
|
الآيات(78) (84) وَإِن كَانَ أَصْحبُ الأَْيْكَةِ لَظَلِمِينَ(78)
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَام مُّبين
|
|
وَإِن كَانَ
أَصْحبُ الأَْيْكَةِ لَظَلِمِينَ(78) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا
لَبِإِمَام مُّبين(79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحبُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ(80)
وَءَاتَيْنهُمْ ءَايتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ(81)وَكَانُوا
يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً ءَامِنِينَ(82) فَأَخَذَتْهُمُ
الْصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ(83) فَمَآ أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا
يَكْسِبُونَ(84) |
|
التّفسير |
|
خاتمة أصحاب الأيكة وأصحاب الحجر:
|
|
يشير القرآن الكريم في هذه
الآيات إلى قصّتين من قصص الأُمم السالفة، وهما (أصحاب
الأيكة) و (أصحاب الحجر) ليكمل البحث الذي عرضه في الآيات السابقة حول
قوم لوط. |
|
مَنْ هم أصحاب الأيكة؟
|
|
قال جمع من
المفسّرين، بالإِضافة إِلى أرباب اللغة:
«الأيكة»: هي الأشجار المتشابكة مع بعضها،
و«أصحاب الأيكة»: هم قوم «شعيب» الذين عاشوا في بلدة مليئة بالماء والأشجار بين
الحجاز والشام وكانت حياتهم مرفهة ثرية فأُصيبوا بالغرور والغفلة، فأدى ذلك إلى
الإحتكار والفساد في الأرض. |
|
«أصحاب
الحجر»
|
|
أمّا «أصحاب الحجر» فهم قومٌ
عُصاة عاشوا مرفهين في بلدة تدعى «الحجر» وقد بعث اللّه إِليهم نبيّه صالح(ع)
لهدايتهم. ويذكرون أنّها كانت إِحدى
المدن التجارية في الجزيرة العربية، ولها من الأهمية بحيث ذكرها (بطليموس) في
مذكراته لكونها إِحدى المدن التجارية. |
|
الآيات(85) (91) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوتِ وَالأَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لأََتِيَةٌ
|
|
وَمَا خَلَقْنَا
السَّمَوتِ وَالأَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ
لأََتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ(85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَلَّقُ
الْعَلِيمُ(86) وَلَقَدْ ءَاتَيْنكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِى وَالْقُرْءَانَ
الْعَظِيمَ(87)لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوجاً
مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ(88)
وَقُلْ إِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ(89)كَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى
الْمُقْتَسِمِينَ(90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ(91) |
|
التّفسير |
|
يعود القرآن بعد طرح قصص
الأقوام السالفة ـ كقوم لوط وقوم شعيب وصالح ـ إِلى مسألة التوحيد والمعاد، لأنّ
سبب ضلال الإِنسان يعود إِلى عدم اعتناقه عقيدة صحيحة، ولعدم ارتباطه بمسألة المبدأ والمعاد، فيشير إِليهما معاً في آية واحدة (وما خلقنا
السماوات والأرض وما بينهما إِلاّ بالحق). فنظامها محسوب ومحكم وهو حق،
وكذا هدف خلقها حقٌّ. |
|
بحوث
|
|
1 ـ القرآن..
عطاء إِلهي عظيم
|
|
يخبر اللّه تعالىْ في الآيات
المذكورة نبيّه الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) وبعنوان تنبيه لجميع مسلمي
العالم، أن هذا القرآن جعل في اختياركم، وفيه من العطاء ما لا يُعَدْ، وليكن
رأسمالكم الذي تتعاملون فيه في حياتكم، ولو عملتم به لجعلتم دنياكم كلها سعادة
ورفاه وأمن وصلاح. |
|
2
ـ الطمع بما عند الغير.. مصدر الإِنحطاط
|
|
هناك الكثير من أصحاب العيون
الضيقة الذين يلاحظون هذا وذاك باستمرار بعيون ملؤها الطمع والجشع! |
|
3
ـ تواضع القائد
|
|
لقد أُوصي النّبي(ص) مراراً
من خلال القرآن أنْ يكون مع المؤمنين متواضعاً، محبّاً، سهلا ورحيماً، والوصايا ليست منحصرة بخصوص نبي الإِسلام(ص)، بل هي
عامّة لكل قائد وموجّه، سواء كانت دائرة قيادته واسعة أم محدودة، فعليه أن يأخذ
بهذا الأصل الأساسي في الإِدارة والقيادة الصحيحة. |
|
4 ـ مَنْ هم
المقتسمون؟
|
|
إنّ التوجيهات الإِلهية بلاشك
تراعى فيها المصلحة العامّة ومصلحة الأفراد بصورة عامة، ولكن البعض منها قد
يوافق مصالحنا الشخصية بحسب الظاهر والبعض الآخر على خلافها. ومن خلال قبول أو
رفض ما يدعونا إِليه اللّه يمحص المؤمن الخالص من المدعي للإِيمان، فالذي يقبل
كل شيء نازل من اللّه ويسلم له، حتى وإِنّ ظاهره لا يتوافق مع مصلحته، ويقول «كل
من عند ربّنا» ولا يجرؤ على تجزئة أو تقسيم أو تبعيض الأحكام الإِلهية.. فذلك هو
المؤمن حقّاً. |
|
الآيات(92) (99) فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ(93).....
|
|
فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ(93) إِنَّا كَفَيْنكَ
الْمُسْتَهْزِءِينَ(95)الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً ءَاخَرَ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا
يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ السَّجِدِينَ(98)
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) |
|
التّفسير |
|
إصدع بما تؤمر!
|
|
يبيّن القرآن في أواخر سورة
الحجر مصير المقتسمين الذين ذُكروا في الآيات السابقة فيقول: (فَوَربِّك لنسئلنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون). |
|
بحوث
|
|
1
ـ بداية الدعوة العلنية للإِسلام
|
|
المستفاد من بعض الرّوايات
أنّ الآيتين (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين إِنّا
كفيناك المستهزئين) نزلتا في مكّة بعد أنْ قضى رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله وسلم) ثلاث سنوات في الدعوة السرية لرسالته، ولم يؤمن به إِلاّ القليل من
المقربين إليه، وأول مَنْ آمن من النساء خديجة(ع) ومن الرجال علي(ع). |
|
2
ـ الأثر الرّوحي لذكر اللّه
|
|
إِنّ حياة الإِنسان (كانت وما
زالت) زاخرة بالمشاكل بحسب ما تقتضيه طبيعة الحياة الدنيا، وكلما علا الإِنسان
درجة كثرت مشاكله وتعددت، ومن هنا نفهم شدة ما واجهه النّبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) من مشاكل وصعاب في طريق دعوته الكبيرة. |
|
3
ـ العبادة والتكامل
|
|
وكما هو معلوم فإِنّ الإِنسان
قد بدأ انطلاقته في الحياة من نقطة العدم ولا يزال يسير نحو المطلق، ولن تتوقف
عجلة تكامله (مادام مداوماً على الطريق) كما
أنّه يمتلك مقومات السير ويمتاز بقابلية فائقة واستعداد كامل في طلبه للتكامل،
هذا من جهة. ونعلم أيضاً أنّ الأحكام
العبادية تشكل جزءاً من هذا التكامل الفردي والإجتماعي. * * * |
|
|
|
|
سُورَة الحِجرمكيّة وَعَدَدُ
آياتِها تسع وتسعون آيَة
|
|
«سورة الحجر» |
|
المجَلّد الثامن |
|
محتوى
السّورة:
|
|
المشهور عند جل
المفسّرين أنّ سورة الحجر مكّية، و هي السورة الثّانية و الخمسون من السور التي نزلت على
النّبي ص في مكّة المكرمة على ما ذكره ابن
النديم في فهرسته تحت موضوع تاريخ القرآن، و عدد آياتها تسع و تسعون آية باتفاق كل المفسّرين. 5 ـ زيادة في
محاولة الإِيقاظ و التنبيه من خلال عرض القصص القرآني
لما جرى لأقوام لوط و صالح و شعيب (ع). |
|
الآيات(1) (5) الر تِلْكَ
ءَايَتُ الْكِتَبِ وَ قُرْءَان مُّبِين(1) رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذيِنَ كَفَرُواْ
لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ
|
|
الر تِلْكَ ءَايَتُ
الْكِتَبِ وَ قُرْءَان مُّبِين(1) رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذيِنَ كَفَرُواْ لَوْ
كَانُواْ مُسْلِمِينَ(2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَ يَتَمَتَّعُواْ وَ يُلْهِهِمُ
الأَْمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(3) وَ مَآ أَهْلَكنَا مِن قَرْيَة إِلاَّ وَ
لَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ(4) مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّة أَجَلَهَا وَمَا
يَسْتَئْخِروُنَ(5) |
|
التّفسير |
|
الأماني الزّائفة!
|
|
سورة أُخرى تفتتح بالحروف المقطعة (ألف،
لام، وراء) لتبيّن من جديد أنّ مفردات كتاب نور السماء إَلى ظلام أهل
الأرض، ما هي إِلاّ عين تلك الأبجدية التي تلوك ألفاظها ألسن كل البشر، صغيرهم و
كبيرهم، بين مختلف اللغات، و مع ذلك فلا يستطيع أي مخلوق الوصول لبناء و تركيب
كلام القرآن، و هو ذروة التحدي الرباني المعجز، وعليه فقد جاءت (تلك آيات الكتاب
وقرآن مبين)مباشرة. |
|
ملاحظة: |
|
الغفلة
وطول الأمل
|
|
ممّا لا شك فيه أن الأمل
بمثابة العامل المحرك لعجلة حياة الإنسان، فلو ارتفع الأمل يوماً من قلوب الناس
لارتبكت مسيرة الحياة ولا تجد إّلا القليل ممن يجد في نفسه دافعاً لمواجهة صراع
الحياة معه، والحديث النبوي الشريف: «الأمل رحمة
لأُمتي، ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها، ولا غرس غارس شجراً»( سفينة البحار، ج1، 30 (أمل).)يشير لهذه الحقيقة. |
|
الآيات(6) (8) وَقَالُواْ يَأَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ
إِنَّكَ لمجْنُونٌ(6)
|
|
وَقَالُواْ
يَأَيُّهَا الَّذِى نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمجْنُونٌ(6) لَّوْ مَا
تَأْتِينَا بِالْمَلَئِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّدِقِينَ(7) مَا نُنَزِّلُ
الْمَلَئِكَةَ إِلاَّ بِآلْحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ(8) |
|
التّفسير |
|
طلب نزول الملائكة:
|
|
تبتدىء الآيات بتبيان موقف العداء الأعمى والتعصب الأصم للقرآن الحكيم
والنّبي الأكرم (ص) من قبل الكفار، فتقول: (وقالوا يا أيّها الذي نزّل عليه الذكر إنّك لمجنون). هؤلاء الاشخاص لديهم تعصب خاص نحو كل ما ألفوه
في محيطهم الاجتماعي حتى وإن كان ضلالا وانحرافاً، لذا تراهم يواجهون كل
دعوة جديدة على أساس أنّها غير معقولة، فهم يخشون من كل جديد، و يتمسكون بشدّة
بالعادات والتقاليد القديمة. وبعبارة أُخرى، فالإِعجاز ليس أمراً ترفيهياً يناغي تصورات الأخرين بقدر
ما هو حجة إِلهية لإِثبات الحق وإِماطة الباطل. |
الآية(9) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ
|
|
إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ(9) |
|
التّفسير |
|
|
حفظ القرآن من التحريف:
|
|
بعد أن استعرضت الآيات
السابقة تحجج الكفار واستهزاءهم بالنّبي (صلى
الله عليه وآله وسلم)والقرآن، تأتي هذه الآية المباركة لتواسي قلب النّبي (ص) من
جهة ولتطمئن قلوب المؤمنين المخلصين من جهة أُخرى، من خلال طرح مسألة حيوية ذات
أهمية بالغة لحياة الرسالة، ألا وهي.. حفظ
القرآن من أيادي التلاعب والتحريف (إِنا نحن نزلنا
الذكر وإِنا له لحافظون).. فبناء هذا القرآن مستحكم وشمس وجوده لا يغطيها
غبار الضلال، ومصباح هديه أبدي الإِنارة، ولو اتحد أعتى جبابرة التاريخ وطغاته
وحكامه الظلمة، محفوفين بعلماء السوء، ومزودين بأقوى الجيوش عدّة وعتاداً، على
أن يخمدوا نور القرآن، فلن يستطيعوا، لأنّ الحكيم الجبار سبحانه تعهد بحفظه
وصيانته.. 3 ـ وقال غيرهم: حفظه أمام المعتقدات المضلة المخالفة له. |
|
بحث في عدم تحريف القرآن:
|
|
المشهور بين أوساط جلّ علماء المسلمين شيعة وسنة، أنّ القرآن لم يتعرض لأي نوع من التحريف، وأن الذي بين
أيدينا هو عين القرآن الذي نزل على صدر الحبيب محّمد
النّبي (ص). فلا زيادة أو نقصان، حتى ولو بكلمة واحدة، أو قل بحرف واحد. |
|
1 ـ أدلة عدم تحريف القرآن:
|
|
1 ـ أدلة عدم
تحريف القرآن كثيرة ـ فبالإضافة الى الآية محل البحث وآيات اخُر ـ كيفية تعامل
الناس مع هذا الكتاب السماوي العظيم عبّر التأريخ. |
|
2
ـ مسألة (كتّاب الوحي)
|
|
2 ـ بالإضافة
إلى ما تقدم تواجهنا مسألة (كتّاب الوحي) وهم
الأشخاص الذين أوكل إِليهم النّبي (ص) مهمّة
تسجيل الآيات القرآنية بعد نزولها، ويذكر أن عددهم كان
بين 14 ـ 43 رجلا. |
|
3
ـ دعوة الأئمّة المعصومين عليهم السلام للعمل بالقرآن الموجود بين أيدينا.
|
|
3 ـ دعوة
الأئمّة المعصومين عليهم السلام للعمل بالقرآن الموجود بين أيدينا. ولو تفحصنا
كلامهم عليهم السلام لوجدنا أنّهم قد دعوا الناس لتلاوة ودراسة القرآن والعمل
على هديه منذ صدر الإسلام وعلى امتداد وجودهم المبارك بين الناس، وهذا دليل على أن الأيادي المفسدة ما استطاعت النيل من هذا
الكتاب السماوي. وخطب الإِمام علي
(عليه السلام) في نهج البلاغة خير شاهد ينطق بهذا الإِدعاء: فنقرأ في الخطبة
(133) : «وكتاب اللّه بين أظهركم، ناطق لا يعيا لسانه، وبيت لا
تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه». |
|
4
ـ (خاتمية) النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
|
|
4 ـ وإِذا ما
سلمنا بـ (خاتمية) النّبي (ص) أنّ الدين الإِسلامي هو خاتم الأديان الإِلهية،
وإِنّ رسالة القرآن باقية إِلى يوم القيامة. |
|
5
ـ روايات الثقلين
|
5 ـ وهناك
دليل آخر على أصالة القرآن وحفظه من أية شائبة نتلمسه في روايات الثقلين المروية
عن النّبي (ص) بطرق متعددة معتبرة. فقد روي عن رسول
اللّه (ص) أنّه قال: «إِنّي تارك
فيكم الثقلين، كتاب اللّه وعترتي، ما إِن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً»( حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة، رواه عن النّبي (ص جمع
من الصحابة مثل: أبو سعيد الخدري، زيد بن أرقم، زيد بن ثابت، أبو هريرة، حذيفة بن
أسيد، جابر بن عبد اللّه الإنصاري، عبد اللّه حنطب، عبد بن حميد، جبير بن مطعم،
ضمرّة الأسلمي، أبوذر الغفاري، أبو رافع، أم سلمة وغيرهم.). |
|
6
ـ القرآن : الحد الفاصل المأمون الجانب
|
|
6 ـ بالإِضافة
إِلى كل ذلك فالقرآن طُرح على المسلمين باعتباره الحد الفاصل المأمون الجانب في تمييز الأحاديث الصادقة من الكاذبة، وتشير كثير من
الرّوايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام إِلى أن صدق أو كذب أي حديث يتبيّن
من خلال عرضه على القرآن، فما وافق القرآن فهو حق وما
خالفه فهو باطل. |
|
روايات التّحريف:
|
|
|
يستند القائلون بتحريف القرآن
مرّة على روايات قد أُسيء فهمها نتيجة عدم الوصول لما كانت ترمز إِليه من معنى،
وأُخرى على روايات ضعيفة السند ويمكن تقسيم روايات
التحريف إِلى ثلاثة أقسام: وأخيراً.. فالأيادي المغلولة لا يسعها في هذا المجال إِلاّ أن تبذل
كل جهودها للنيل من أصالة وعظمة وقدسية كتاب السماء عند المسلمين عن طريق بث
الخرافات والأباطيل. |
|
الآيات(10) (15)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى شِيَعِ الأَْوَّلِينَ(10) وَمَا
يَأْتِيهِم مِّنْ رَّسُول إِلاَّ كَانُواْ بِهِ
|
|
وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى شِيَعِ الأَْوَّلِينَ(10) وَمَا يَأْتِيهِم مِّنْ
رَّسُول إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ(11) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِى
قُلُوبِ الُْمجْرِمِينَ(12) لاَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ
الأَْوَّلِينَ(13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَآءِ
فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ(14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَرُنَا
بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ(15) |
|
التّفسير |
|
العناد
والتعصب:
|
|
تواسي الآياتُ قلب النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) وقلوب المؤمنين لما كانوا يواجهونه من صعاب في طريق
دعوتهم، من خلال الإشارة إلى صراع الأنبياء السابقين مع أقوامهم الضالة
والمتعصبة. ـ مرةً، يريدون بالسخرية إسقاط شخصية النّبي كي لا يؤثر في أوساط
الفئة الواعية. |
|
ملاحظات
|
|
1 ـ
(شيع) جمع (شيعة)، ويطلق على المجموعة
والفرقة التي تمتلك نهجاً مشتركاً. |
|
الآيات(16) (18) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السَّمآءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّها
لِلنَّظِرِينَ(16)وَحَفِظْنَهَا
|
|
وَلَقَدْ جَعَلْنَا
فِى السَّمآءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّها لِلنَّظِرِينَ(16)وَحَفِظْنَهَا مِن كُلِّ
شَيْطَن رَّجِيم(17) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ
مُّبِينٌ(18) |
|
التّفسير |
|
تشير الآيات إِلى جانب من
عالم المخلوقات للدلالة على معرفة وتوحيد اللّه، وبسياقها جاءت تكملةً لبحثي
القرآن والنّبوة المذكورين في الآيات السابقة. |
|
نتيجة البحث:
|
|
طال بنا البحث في تفسير
الآيات الآنفة الذكر، وقبل الخروج بمحصلة البحث لابدّ
من ذكر بعض الملاحظات: ولكنْ.. بما أن القرآن الكريم بحر غير متناه، فلا ينبغي البناء القطعي على هذا التأويل، وربّما
المستقبل سيحفل بتفسير آخر لهذه الآيات مستنداً على حقائق لم نصل لها في زماننا. |
|
الآيات(19) (21) وَالاَْرْضَ مَدَدْنَهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَ سِىَ
وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَىْء مَّوزُون
|
|
وَالاَْرْضَ
مَدَدْنَهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَ سِىَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ
شَىْء مَّوزُون(19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فَيها مَعَيِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ
بِرزِقِينَ(20) وَإِن مِّن شَىْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ
إِلاَّ بِقَدَر مَّعْلُوم(21) |
|
التّفسير |
|
وإِتماماً لما سبق يتناول
القرآن بعض آيات الخلق، ومظاهر عظمة الباري على وجه البسيطة، ويبدأ بنفس الأرض (والأرض مددناها). عبّر سبحانه عن خلق الجبال
بالإِلقاء، ولعل المراد بـ «إلقاء» هنا بمعنى (إِيجاد) لأنّ الجبال هي
الإِرتفاعات الشاخصة على سطح الأرض الناشئة من برودة قشرة الأرض التدريجي، أو من
المواد البركانية. |
|
بحوث
|
|
1
ـ ما هي خزائن اللّه تعالى؟
|
|
نقرأ فى آيات القرآن أن: للّه
عزَّ وجلّ خزائن، للّه خزائن السماوات والأرض، بيده خزائن كل شيء.. فما هي خزائنه تعالى؟ بديهي، أن مَنْ كانت قدرته محدودة وغير قادر على أن يهيء لنفسه
كل ما يحتاج إِليه على الدوام، يبدأ بجمع ما يملك وخزنه لوقت الحاجة إِليه
مستقبلا. |
|
2
ـ النّزول مكانيّ ومقامى
|
|
كما بيّنا سابقاً أن النّزول
لا يرمز إِلى الحالة المكانية دوماً (أيْ النّزول من مكان عال إِلى أسفل)، بل
يرمز إِلى النّزول المقامي في بعض الموارد، فمثلا.. في حال وصول نعمة من شخص ذي
شأن إِلى من هم أقل منه شأناً، فإنّه يعبر عنها بالنّزول. |
|
الآيات(22) (25) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَحَ لَوَقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ
السَّمَآءِ مَآءً فَأَسْقَيْنَكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَزِنِينَ
|
|
وَأَرْسَلْنَا
الرِّيَحَ لَوَقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَسْقَيْنَكُمُوهُ
وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَزِنِينَ(22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ
وَنَحْنُ الْوَ رِثُونَ(23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئْخِرِينَ(24) وَإِنِّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ
إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ(25) |
|
التّفسير |
|
دور الرّياح والأمطار:
|
|
بعد أن عرض القرآن الكريم في
الآيات السابقة قسماً من أسرار الخليقة والنعم الإِلهية كخلق الأرض والجبال
والنباتات وما تحتاجه الحياة من مستلزمات، يشير في أولى الآيات المبحوثة إلى
حركة الرياح وما لها من آثار في عملية نزول المطر، فيقول: (وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما
أنتم له بخازنين). |
|
بحث
|
|
مَنْ هم المستقدمون
والمستأخرون؟ |
|
ذكر المفسّرون في
تفسير (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين) احتمالات كثيرة، فذكر العلامة
الطبرسي في (مجمع البيان) ستة احتمالات،
والقرطبي ثمانية احتمالات، وأبو الفتوح الرازي بحدود العشرة احتمالات، والملاحظة الدقيقة تظهر أنّه يمكن لنا أن نجمع كل ما ذكروه في تفسير واحد، لأن
كلمة «المستقدمين» و«المستأخرين» لهما معنيان واسعان يشملان المتقدمين
والمتأخرين من حيث الزمان، وكذلك من حيث أعمال الخير والجهاد وحتى الحضور في
الصفوف المتقدمة لصلاة الجماعة وما شابهها. وإِذا ما
أخذنا بهذا المعنى الجامع فيمكننا جمع كل الإِحتمالات الواردة في «تقدم» و«تأخر» المذكورتين في الآية في تفسير واحد. |
|
الآيات(26) (44) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنَسنَ مِنْ صَلْصَل مِّنْ حَمَإ
مَّسْنُون.....
|
|
وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الإِْنَسنَ مِنْ صَلْصَل مِّنْ حَمَإ مَّسْنُون(26)وَالْجَآنَّ خَلَقْنهُ مِنْ
قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ(27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّى
خَلِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَل مِّنْ حَمَإ مَّسْنُون(28)فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ سَجِدِينَ(29)فَسَجَدَ
الْمَلَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(30) إِلآَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ
مَعَ السَّجِدِينَ(31) قَالَ يإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ
السَّجِدِين(32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَِسْجُدَ لِبَشَر خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَل
مِّن حَمَإ مَّسْنُون(33) قَالَ فَاخْرُجْ مَنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ(34) وَإِنَّ
عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ(35) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلى
يَوْمِ يُبْعَثُونَ(36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ(37) إِلى يَوْمِ
الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ(38) قَالَ رَبِّ بَمَا أَغْوَيْتَنِى لأَُزَيِّنَنَّ
لَهُمْ فِى الأَْرْضَ وَلأَُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ
مِنْهُمُ الُْمخْلَصِينَ(40) قَالَ هَذَا صِرَ طٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ(41) إِنَّ
عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَنٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغاوِينَ(42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ(43) لَهَا
سَبْعَةُ أَبْواب لِّكُلِّ بَاب مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ(44) |
|
التّفسير |
|
خلق الإنسان:
|
|
بعد ذكر خلق نماذج من مخلوقات
اللّه في الآيات السابقة، تأتي هذه الآيات لتبيّن أن الهدف الأساسي من إيجاد كل
الخليقة إِنّما هو خلق الإِنسان. وتتطرق الآيات إِلى جزئيات عديدة في شأن الخلق،
زاخرةً بالمعاني. ولم يعص هذا الأمر إِلاّ
إِبليس: (إِلاّ إِبليس أبى أن يكون مع الساجدين). |
|
بحوث
|
|
1
ـ التكبر والغرور من المهالك العظام:
|
|
المستفاد تربوياً
من قصة إِبليس في القرآن هو أن الكبر
والغرور من الأسباب الخطيرة في عملية الإِنهيار والسقوط من المكانة المحترمة
المرموقة إِلى مدارك الدون والخسران. |
|
2
ـ على مَنْ يتسلط الشيطان؟
|
|
نرى من الضروري أن نكرر القول
بأنّ نفوذ الوساوس الشيطانية في قلب الإِنسان لا تأتي فجأة أو إِجباراً، وإِنما
بوجود الرغبة الكافية عند الإِنسان بفسح المجال أمام دخول الوساوس إِلى دواخله، وعلى هذا فالشيطان يعلم تماماً بأنْ ليس له سبيل على
المخلصين الذين طهّروا أنفسهم في ظل التربية الخالصة من الشوائب والأدران
وغسلوا قلوبهم من صدأ الشرك والضلال. وبتعبير القرآن الكريم إِنّ رابطة الشيطان
مع الضالين هي رابطة التابع والمتبوع وليس رابطة المُجْبِرْ والمجبور. |
|
3
ـ أبواب جهنم!
|
|
قرأنا في الآيات مورد البحث أن لجهنم سبعة أبواب (وليس بعيداً أن يكون ذكر العدد
في هذا المورد للكثرة كما ورد هذا العدد في الآية
السابعة والعشرين من سورة لقمان بهذا
المعنى أيضاً). |
|
4
ـ (الحمأ المسنون) و (روح اللّه):
|
|
يستفاد من الآيات أن خلق الإِنسان تمّ بشيئين متغايرين، أحدهما في أعلى
درجات الشرف والآخر في أدنى الدرجات (بقياس ظاهر القيمة). |
|
5
ـ ما هو الجان؟
|
|
إنّ كلمة (الجن) في الأصل بمعنى: الشيء الذي
يُسْتَرُ عن حس الانسان، فمثلا نقول (جَنَّهُ
الليلُ) أو (فلما جنَّ عليه الليل) أي
عندما غطته ستارة الليل السوداء، ويقال (مجنون)
لمن فقد عقله أيْ سُتِرْ، و(الجنين) للطفل
المستور في رحم أُمّه، و(الجنّة) للبستان الذي
تغطي أشجاره أرضه، و(الجِنَان) للقلب الذي
سُتِرَ داخل صدر الانسان، و(الجُنّه) للدرع الذي
يحمي الإنسان من ضربات الأعداد. |
|
6
ـ القرآن وخلق الإِنسان:
|
|
شاهدنا في الآيات الأنفة أن
القرآن قد تناول مسألة خلق الإِنسان بشكل مختصر ومكثف تقريباً، لأنّ الهدف
الأساسي من التناول هو الجانب التربوي في الخلق،
وورد نظير ذلك في أماكن أُخرى من القرآن، كما في
سورة السجدة، والمؤمنون، وسورة ص، وغيرها. وبعبارة أوضح: إنّ إثبات فرضية التكامل وانتقالها من صورة فرض علمي إلى
قانون علمي قطعي.. إمّا أن يكون عن طريق الدليل العقلي، أو عن طريق الحس
والتجربة والإِختيار، ولا ثالث لها. نظرية التكامل و..
الإِيمان باللّه: |
|
الآيات(45) (50) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّت وَعُيُون(45) ادْخُلُوهَا
بِسَلَم ءَامِنِينَ
|
|
إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّت وَعُيُون(45) ادْخُلُوهَا بِسَلَم
ءَامِنِينَ(46)وَنَزَعْنا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانَاً عَلى
سُرُر مُّتَقَبِلِينِ(47) لاَ يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُم مِّنْها
بِمُخْرَجِينَ(48)نَبِّىء عِبَادِى أَنِّى أَنَا الْغَفُورُ الْرَّحِيمُ(49)
وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ الْعَذَابُ الأَْلِيمُ(50) |
|
التّفسير |
|
نِعَمُ الجنّة الثّمان:
|
|
رأينا في الآيات السابقة كيف
وصف اللّه تعالى عاقبة أمر الشيطان وأنصاره وأتباعه، وأنّ جهنم بأبوابها السبعة
مفتحة لهم. |
|
بحوث
|
|
1
ـ رياض وعيون الجنّة:
|
|
إِنّ فهم واستيعاب أبعاد
النعم الإِلهية التي تزخر بها الجنّة ونحن نعيش في هذا العالم الدنيوي المحدود،
يعتبر أمراً صعباً جداً، بل ومن غير الممكن، لأنّ نعم هذا العالم بالنسبة لنعم
الآخرة كنسبة الصفر إِلى رقم كبير جدّاً.. ومع ذلك فلا يمنع من أن نحس ببعض
أشعتها بفكرنا وروحنا. |
|
2
ـ النّعم المادية وغير المادية:
|
|
على خلاف ما يتصور البعض..
فإِنّ القرآن لم يبشر الناس دائماً بالنعم المادية للجنّة فقط، بل تحدث مراراً
عن النعم المعنوية أيضاً، والآيات مورد البحث نموذج واضح لذلك حيث نرى أن اول ما
يواجه أهل الجنّة هناك هو الترحيب والبشارة من الملائكة لأهل الجنّة عند دخولهم
فيها (ادخلوها بسلام آمين). |
|
3
ـ الحقد والحسد عدوّا الأخوة:
|
|
من لطيف ما يلاحظ
في هذه الآيات أنّها بعد أن ذكرت نعمة
السلامة والأمن، وقبل أن تتعرض لبيان حال الأخوّة والألفة التي سيكون عليها أهل
الجنّة، أشارت إِلى مسألة نزع الصفات المانعة للأخوّة، كالحقد والحسد والغرور
والخيانة، جامعة كل ذلك بكلمة «الغل» ذات المفهوم
الواسع. |
|
4
ـ الجزاء الكامل:
|
|
يقول بعض
المفسّرين: إِنّ الجزاء لا يكتمل إِلاّ بأربعة اُمور: منافع وخيرة، أن تكون
مقرونة بالإِحترام، خالية من أيّ ألم، دائمة وخالدة. |
|
5
ـ تعالو لنجعل من هذه الدنيا جنّة:
|
|
إِنّ النعم المادية والروحية
الأخروية التي صورتها الآيات السابقة في حقيقتها تشكل
أصول النعم لهذا العالم، ولعل القرآن الكريم
يريد أن يفهمنا بأنّنا يمكن أن نوجد جنّة صغيرة في حياتنا تكون شبيهة
بتلك الجنّة الكبيرة، فيما لو استطعنا أن نوفر شرائطها المطلوبة اللازمة. |
|
الآيات(51) (60) وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراهِيمَ(51) إِذْ دَخَلُوا
عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلماً
|
|
وَنَبِّئْهُمْ عَن
ضَيْفِ إِبْراهِيمَ(51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلماً قالَ إِنَّا
مِنكُمْ وَجِلُونَ(52) قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلم
عَلِيم(53) قالَ أَبَشَّرْتُمُونِى عَلَى أَن مَّسَّنِى الْكِبَرُ فَبِمَ
تُبَشِّرُونَ(54)قالُوا بَشَّرْنكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُن مِّنَ الْقنِطِينَ(55)
قالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ(56) قالَ فَما خَطْبُكُمْ
أَيُّها الْمُرْسَلُونَ(57) قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنآ إِلى قَوْم
مُّجْرِمِينَ(58) إِلآَّ ءَالَ لُوط إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ(59)
إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنآ إِنَّها لَمِنَ الْغبِرِينَ(60) |
|
التّفسير |
|
الضّيوف الغرباء..!
|
|
تتحدث هذه الآيات المباركات
وما بعدها عن الجنبة التربوية في تاريخ حياة الأنبياء عليهم السلام وما جرى لهم
مع العصاة من أقوامهم، وتطرح الآيات نماذج حيّة
للإِعتبار، لكلا الطرفين (عباد اللّه المخلصين من
طرف وأتباع الشيطان من طرف آخر). |
|
مَنْ هو المقصود بالغلام العليم؟
|
|
يبدو من خلال متابعة الآيات
القرآنية أنّ المقصود هو (إِسحاق)، حيث نقرأ في سورة
هود، الآية (71) أن امرأة إِبراهيم كانت واقفة بقربه عندما بشرته
الملائكة، ويظهر كذلك أنّها كانت امرأة عاقراً
فبشروها أيضاً (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإِسحاق). |
|
الآيات(61) (77)
فَلَمَّا جَآءَ ءَالَ لُوط الْمُرْسَلُونَ(61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ
مُّنْكَرُونَ
|
|
فَلَمَّا جَآءَ
ءَالَ لُوط الْمُرْسَلُونَ(61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنْكَرُونَ(62) قَالوا
بَلْ جِئْنْكَ بِما كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ(63) وَأَتَيْنكَ بِالْحَقِّ
وَإِنّا لَصدِقُونَ(64) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْع مِّنَ الَّيْلِ وَاتَّبِعْ
أَدْبرَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُم أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ
تُؤْمَرُونَ(65)وَقَضَيْنآ إِلَيْهِ ذلِكَ الأَْمْرَ أَنّ دَابِرَ هؤُلآءِ
مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ(66)وَجآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ(67) قالَ
إِنَّ هَؤُلآَءَ ضَيْفِى فَلا تَفْضَحُونِ(68) وَاتَّقَوُا اللّهَ وَلاَ
تُخْزُونِ(69) قَالوُا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعلَمِينَ(70) قالَ هَؤُلآَءِ
بَناتِى إِن كُنْتُمْ فعِلِينَ(71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِم
يَعْمَهُونَ(72) فَأَخَذَتْهُمُ الْصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ(73)فَجَعَلْنا
علِيَهَا سَافِلَها وَأمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيل(73)إِنَّ فِى
ذلِكَ لأََيت لِّلْمُتَوَسِّمِينَ(75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيل مُّقِيم(76) إِنَّ
فِى ذلِكَ لأََيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ(77) |
|
التّفسير |
|
عاقبة مذنبي قوم لوط:
|
|
طالعتنا الآيات السابقة بقصة
اللقاء بين ملائكة العذاب هؤلاء وبين إِبراهيم(عليه السلام)، وهذه الآيات تكمل لنا سير أحدث القصّة فتبتدأ من
خروجهم من عند إِبراهيم حتى لقائهم بلوط(عليه السلام). ويمكن حمل «الصيحة» على أنّها صاعقة عظيمة أو صوت زلزلة رهيب، والمهم أنّه
كان صوتاً مرعباً أسقط الجميع مغمياً عليهم أو ميتين. |
|
بحوث
|
|
1
ـ ما المقصود بـ (قطع من الليل) ؟
|
|
«القطع» بمعنى سواد الليل. يقول المرحوم
الطبرسي في (مجمع البيان): القطع كأنّه جمع قطعة، ومعناه: سر بأهلك بعدما
يمضي أكثر الليل وتبقى قطعة منه. |
|
2
ـ تفسير قوله تعالى: (وامضوا حيث تؤمرون).
|
|
ذكرنا أنّ الملائكة أوصت آل
لوط بالخروج آخر الليل إِلى المكان الذي عين لهم، إِلاّ أن الآيات القرآنية لم
تدخل في تفاصيل ذلك السفر ولم تعين المنطقة التي سيذهبون إِليها، لذلك عرض المفسّرون جملة آراء بهذا الخصوص. |
|
3
ـ علاقة الرّبط بين «المتوسم» و «المؤمن».
|
|
لاحظنا تعبير (إِنّ في ذلك لآيات للمتوسمين) و (إِنّ في ذلك لآية للمؤمنين)في الآيات الحاكية عن قصّة
قوم لوط، والجمع بين التعبيرين يعطينا: أنّ المؤمن الحقيقي هو المتوسم الذكي ذو
الفراسة والنباهة. |
|
4
ـ سكر الشّهوة والغرور!
|
|
إِن سكر الخمر معروف، وثمة
سكر أشد منه آثاراً كسكر المنصب وسكر الشهوة، وقرأنا في الآيات السابقة كيف أن
اللّه يقسم بروح نبيّه (لعمرك إنّه لفي سكرتهم يعمهون)،
ولهذا فإنّهم لا يبصرون أوضح طرق النجاة، وبلغ بهم الحال أنْ يردوا ما عرض عليهم
نبيّهم(عليهم السلام) أن يشبعوا شهواتهم بالطريق الصحيح المشروع ليتخلصوا من
الذنوب والتلوثات وقبائح الأفعال! |
|
الآيات(78) (84) وَإِن كَانَ أَصْحبُ الأَْيْكَةِ لَظَلِمِينَ(78)
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَام مُّبين
|
|
وَإِن كَانَ
أَصْحبُ الأَْيْكَةِ لَظَلِمِينَ(78) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا
لَبِإِمَام مُّبين(79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحبُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ(80)
وَءَاتَيْنهُمْ ءَايتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ(81)وَكَانُوا
يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً ءَامِنِينَ(82) فَأَخَذَتْهُمُ
الْصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ(83) فَمَآ أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا
يَكْسِبُونَ(84) |
|
التّفسير |
|
خاتمة أصحاب الأيكة وأصحاب الحجر:
|
|
يشير القرآن الكريم في هذه
الآيات إلى قصّتين من قصص الأُمم السالفة، وهما (أصحاب
الأيكة) و (أصحاب الحجر) ليكمل البحث الذي عرضه في الآيات السابقة حول
قوم لوط. |
|
مَنْ هم أصحاب الأيكة؟
|
|
قال جمع من
المفسّرين، بالإِضافة إِلى أرباب اللغة:
«الأيكة»: هي الأشجار المتشابكة مع بعضها،
و«أصحاب الأيكة»: هم قوم «شعيب» الذين عاشوا في بلدة مليئة بالماء والأشجار بين
الحجاز والشام وكانت حياتهم مرفهة ثرية فأُصيبوا بالغرور والغفلة، فأدى ذلك إلى
الإحتكار والفساد في الأرض. |
|
«أصحاب
الحجر»
|
|
أمّا «أصحاب الحجر» فهم قومٌ
عُصاة عاشوا مرفهين في بلدة تدعى «الحجر» وقد بعث اللّه إِليهم نبيّه صالح(ع)
لهدايتهم. ويذكرون أنّها كانت إِحدى
المدن التجارية في الجزيرة العربية، ولها من الأهمية بحيث ذكرها (بطليموس) في
مذكراته لكونها إِحدى المدن التجارية. |
|
الآيات(85) (91) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوتِ وَالأَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لأََتِيَةٌ
|
|
وَمَا خَلَقْنَا
السَّمَوتِ وَالأَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ
لأََتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ(85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَلَّقُ
الْعَلِيمُ(86) وَلَقَدْ ءَاتَيْنكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِى وَالْقُرْءَانَ
الْعَظِيمَ(87)لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوجاً
مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ(88)
وَقُلْ إِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ(89)كَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى
الْمُقْتَسِمِينَ(90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ(91) |
|
التّفسير |
|
يعود القرآن بعد طرح قصص
الأقوام السالفة ـ كقوم لوط وقوم شعيب وصالح ـ إِلى مسألة التوحيد والمعاد، لأنّ
سبب ضلال الإِنسان يعود إِلى عدم اعتناقه عقيدة صحيحة، ولعدم ارتباطه بمسألة المبدأ والمعاد، فيشير إِليهما معاً في آية واحدة (وما خلقنا
السماوات والأرض وما بينهما إِلاّ بالحق). فنظامها محسوب ومحكم وهو حق،
وكذا هدف خلقها حقٌّ. |
|
بحوث
|
|
1 ـ القرآن..
عطاء إِلهي عظيم
|
|
يخبر اللّه تعالىْ في الآيات
المذكورة نبيّه الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) وبعنوان تنبيه لجميع مسلمي
العالم، أن هذا القرآن جعل في اختياركم، وفيه من العطاء ما لا يُعَدْ، وليكن
رأسمالكم الذي تتعاملون فيه في حياتكم، ولو عملتم به لجعلتم دنياكم كلها سعادة
ورفاه وأمن وصلاح. |
|
2
ـ الطمع بما عند الغير.. مصدر الإِنحطاط
|
|
هناك الكثير من أصحاب العيون
الضيقة الذين يلاحظون هذا وذاك باستمرار بعيون ملؤها الطمع والجشع! |
|
3
ـ تواضع القائد
|
|
لقد أُوصي النّبي(ص) مراراً
من خلال القرآن أنْ يكون مع المؤمنين متواضعاً، محبّاً، سهلا ورحيماً، والوصايا ليست منحصرة بخصوص نبي الإِسلام(ص)، بل هي
عامّة لكل قائد وموجّه، سواء كانت دائرة قيادته واسعة أم محدودة، فعليه أن يأخذ
بهذا الأصل الأساسي في الإِدارة والقيادة الصحيحة. |
|
4 ـ مَنْ هم
المقتسمون؟
|
|
إنّ التوجيهات الإِلهية بلاشك
تراعى فيها المصلحة العامّة ومصلحة الأفراد بصورة عامة، ولكن البعض منها قد
يوافق مصالحنا الشخصية بحسب الظاهر والبعض الآخر على خلافها. ومن خلال قبول أو
رفض ما يدعونا إِليه اللّه يمحص المؤمن الخالص من المدعي للإِيمان، فالذي يقبل
كل شيء نازل من اللّه ويسلم له، حتى وإِنّ ظاهره لا يتوافق مع مصلحته، ويقول «كل
من عند ربّنا» ولا يجرؤ على تجزئة أو تقسيم أو تبعيض الأحكام الإِلهية.. فذلك هو
المؤمن حقّاً. |
|
الآيات(92) (99) فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ(93).....
|
|
فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ(92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ(93) إِنَّا كَفَيْنكَ
الْمُسْتَهْزِءِينَ(95)الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً ءَاخَرَ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا
يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ السَّجِدِينَ(98)
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) |
|
التّفسير |
|
إصدع بما تؤمر!
|
|
يبيّن القرآن في أواخر سورة
الحجر مصير المقتسمين الذين ذُكروا في الآيات السابقة فيقول: (فَوَربِّك لنسئلنّهم أجمعين عمّا كانوا يعملون). |
|
بحوث
|
|
1
ـ بداية الدعوة العلنية للإِسلام
|
|
المستفاد من بعض الرّوايات
أنّ الآيتين (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين إِنّا
كفيناك المستهزئين) نزلتا في مكّة بعد أنْ قضى رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله وسلم) ثلاث سنوات في الدعوة السرية لرسالته، ولم يؤمن به إِلاّ القليل من
المقربين إليه، وأول مَنْ آمن من النساء خديجة(ع) ومن الرجال علي(ع). |
|
2
ـ الأثر الرّوحي لذكر اللّه
|
|
إِنّ حياة الإِنسان (كانت وما
زالت) زاخرة بالمشاكل بحسب ما تقتضيه طبيعة الحياة الدنيا، وكلما علا الإِنسان
درجة كثرت مشاكله وتعددت، ومن هنا نفهم شدة ما واجهه النّبي(صلى الله عليه وآله
وسلم) من مشاكل وصعاب في طريق دعوته الكبيرة. |
|
3
ـ العبادة والتكامل
|
|
وكما هو معلوم فإِنّ الإِنسان
قد بدأ انطلاقته في الحياة من نقطة العدم ولا يزال يسير نحو المطلق، ولن تتوقف
عجلة تكامله (مادام مداوماً على الطريق) كما
أنّه يمتلك مقومات السير ويمتاز بقابلية فائقة واستعداد كامل في طلبه للتكامل،
هذا من جهة. ونعلم أيضاً أنّ الأحكام
العبادية تشكل جزءاً من هذا التكامل الفردي والإجتماعي. * * * |
|
|
|