- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
وصايا الأمير عليه السلام |
|
وصايا الأمير عليه السلام - الأول
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم |
|
المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسل رحمة للعالمين
وعلى وصيه وخليفته علي أمير المؤمنين. |
|
خطب الامام علي عليه السلام
|
|
من وصية للإمام علي بن أبي طالب لابنه الإمام الحسن عليه السلام،
كتبها إليه بحاضرين منصرفاً من صفين: |
|
الدرس الاول : الإنسان في هذه
الدنيا
|
|
من الْوالد الْفان، الْمُقرّ
للزّمان، الْمُدْبر الْعُمُر، الْمُسْتسْلم، للدُّنْيا، السّاكن مساكن الْموْتى،
الظّاعن عنْها غداً، إلى الْموْلُود الْمُؤمّل ما لا يُدْركُ، السّالك سبيل منْ
قدْ هلك، غرض الْأسْقام رهينة الْأيّام، ورميّة الْمصائب، وعبْد الدُّنْيا،
وتاجر الْغُرُور، وغريم الْمنايا، وأسير الْموْت، وحليف الْهُمُوم، قرين
الْأحْزان، ونُصْب الْآفات، وصريع الشّهوات، وخليفة الْأمْوات. |
|
تمهيد
|
|
عندما أراد الإمام
أمير المؤمنين عليه السلام أن يشرع بالوصية لابنه الإمام الحسن عليه السلام، كان
من الطبيعي أن يبدأ بتعريف هذه الدنيا التي تمثل الساحة التي يعيش فيها الإنسان،
ما هي ظروف هذه الساحة ومخاطرها وعلاقة الإنسان بها؟ فإن الإنسان إذا عرف هذه
الساحة وطبيعتها ومقدار علاقته بها، فإن ذلك كله سيحدد له السلوك والمسار في هذه
الدنيا، وهذا في الحقيقة تأسيس لكل ما يأتي بعد ذلك في الوصية. |
|
أولاً:
مخاطر الحياة
|
|
إن الإنسان في هذه
الحياة الدنيا يواجه العديد من التحديات التي تواجهه، وهي تحديات متعددة
ومتنوعة، ومعرفتها بداية الطريق لتجهيز النفس لمواجهتها، فمن هذه الأمور التي
أشار إليها أمير المؤمنين عليه السلام : |
|
ثانياً:
ماذا نربح من الدنيا؟
|
|
تحدثنا عن كون الإنسان في الدنيا هدفاً للمصائب والابتلاءات، وهذه
نظرة لزاوية من زوايا الدنيا، ولكن في الدنيا أيضاً الكثير من الأمور التي يحبها
الإنسان ويطلبها، بل ربما يصرف عمره كله في طلبها، فتستحوذ على قلبه ونفسه، فهل لهذه
الأمور الدنيوية قيمة حقيقة؟ - حليف الهموم وقرين
الأحزان |
|
ثالثاً:
التعلّق بالدنيا
|
|
رغم كون الدنيا مكان المصائب والابتلاءات ورغم كونها لا ربح
دنيوياً حقيقياً فيها، نجد أن الكثير من الناس ارتبطوا بهذه الدنيا وتعلقوا بها
بشكل يتنافى مع صفاتها الحقيقية، وكان وصف أمير المؤمنين عليه السلام لهذه
العلاقة بعدة عبارات: ويصف الإمام علي
عليه السلام هذا الشخص العابد لهذه الدنيا بقوله: "قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت
الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها، ولمن في يديه شيء منها، حيثما زالت
زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها..." [نهج البلاغة، الخطبة ١٠٩.] . |
|
رابعاً:
الدنيا ممر
|
|
إن أجلى وأوضح حقيقة للدنيا أنها غير دائمة، وأنها زائلة، وأن الإنسان
مهما سعى وحصّل فيها واغتر بمفاتنها، فإنه في نهاية الأمر سيتركها بل ويدخل في
تلك الحفرة الصغيرة نافضاً يديه من كل ما فيها، فالإنسان في الحقيقة هو: |
|
وصايا الأمير عليه السلام – الثاني |
|
وصايا الأمير عليه السلام – الدرس الثاني : حياةالقلب
|
|
أحْي قلْبك بالْموْعظة، وأمتْهُ بالزّهادة، وقوّه بالْيقين،
ونوّرْهُ بالْحكْمة، وذلّلْهُ بذكْر الْموْت، وقرّرْهُ بالْفناء، وبصّرْهُ فجائع
الدُّنْيا، وحذّرْهُ صوْلة الدّهْر وفُحْش تقلُّب اللّيالي والْأيّام، واعْرضْ
عليْه أخْبار الْماضين، وذكّرْهُ بما أصاب منْ كان قبْلك من الْأوّلين، وسرْ في
ديارهمْ وآثارهمْ، فانْظُر فيْما فعلُوا عمّا انْتقلُوا، وأيْن حلُّوا ونزلُوا!
فإنّك تجدُهُمْ قد انْتقلُوا عن الْأحبّة، وحلُّوا ديار الْغُرْبة، وكأنّك عنْ
قليلٍ قدْ صرْت كأحدهمْ. |
|
تمهيد
|
|
لقد اهتمّ الإسلام
بقلب الإنسان اهتماماً بالغاً، حتى نزلت الكثير من آيات القرآن الكريم لتشرح
أهمية القلب ودوره. |
|
الأمر
الأول : أسباب الظلمات ورفعها:
|
|
هناك العديد من الأمور التي تتسبب بالظلمات في القلب، أشار إليها
أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته هذه، أو أشارت إليها الآيات القرآنية، لا بد
من التعرف عليها لرفعها، والوقوف بوجهها، لما تشكله من خطر على هذا القلب، ومن
هذه الأمور: إن التعلق بالدنيا وحبها يفسد القلب، ويجعله ساحة سهلة أمام زمر
الشيطان، من هنا لا بد للإنسان المؤمن من أن يقطع هذا التعلق بالدنيا الذي
يجعلها هدفاً وغاية بدل الآخرة، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام
بقوله "وأمته بالزهادة" فلإماتة هذا الافتتان بالدنيا طريق هو عبارة
عن الزهد، والزهد يحصل من خلال المعرفة، أي الإدراك والإيمان بأن هذه الدنيا
ليست هي الهدف والغاية، بل هي منقطعة وليست سوى طريق للآخرة، وقد ورد في الرواية
عن الإمام علي عليه السلام : "أعرفُ الناس بالزهادة من عرف نقص
الدنيا" [علي بن محمد الواسطي- عيون الحكم والمواعظ- ص ١٢٢.] . |
|
ثانياً:
بعث النور في القلب من جديد
|
|
للقلب حياة وموت،
فكم من إنسان حي ببدنه يعيش في هذه الأرض ولكنه ميت القلب، لا يشعر بالآخرة ولا
يرى أمامه سوى هذه الدنيا. وأما لو كان القلب حياً فإن سائر أعضاء هذا الجسد سوف
تنبض بالحياة لأنه هو الموجه لها وهي مطيعة له ولذا ورد في رواية عن النبي صلى
الله عليه وسلم: "القلب ملك وله جنود، فإذا صلح الملك صلحت جنوده، وإذا فسد
الملك فسدت جنوده" [كنز العمال: ١٢٢٣، ١٢٠٥.]. |
|
ثالثاً:
تقوية القلب
|
|
على الإنسان أن يصنع للقلب دفاعات وحواجز تقيه وتحرسه في مواجهة
تحديات الدنيا، ويكون ذلك من خلال بعض الأمور التي أشار إليها الإمام عليه
السلام في وصيته: |
|
الدرس الثالث : النصيحة وضرورة
استماعها
|
|
"بادرْتُ
بوصيّتي إليْك، وأوْردْتُ خصالاً منْها قبْل أنْ يعْجل بي أجلي دُون أنْ أُفْضي
إليْك بما في نفْسي، أوْ أنْ أنْقُص في رأْيي كما نُقصْتُ في جسْمي، أوْ يسْبقني
إليْك بعْضُ غلبات الْهوى وفتن الدُّنْيا، فتكُون كالصّعْب النّفُور. وإنّما
قلْبُ الْحدث كالْأرْض الْخالية ما ألْقي فيها منْ شيءٍ قبلتْهُ. فبادرْتُك
بالْأدب قبْل أنْ يقْسُو قلْبُك، ويشْتغل لُبُّك، لتسْتقْبل بجدّ رأْيك من
الْأمْر ما قدْ كفاك أهْلُ التّجارب بُغْيتهُ وتجْربتهُ، فتكُون قدْ كُفيت
مؤُونة الطّلب، وعُوفيت منْ علاج التّجْربة، فأتاك منْ ذلك ما قدْ كُنّا نأْتيه،
واسْتبان لك ما رُبّما أظْلم عليْنا منْهُ". |
|
تمهيد
|
|
النصيحة هي من أهم
ما يمكن أن يهديه الإنسان لأخيه المؤمن، فهي تصدر عنه من خالص المحبة ولذا ورد
في الحديث: "ناصحك مشفق عليك، محسن إليك، ناظر في عواقبك، مستدرك فوارطك،
ففي طاعته رشادك، وفي مخالفته فسادك" [الري شهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى - ج ٤ ص
٣٢٧٩.] ، والنصيحة إن جاءت من الأب لولده
كانت أزيد شفقة ومحبة من النصيحة التي تأتي من غيره، والإمام عليه السلام في
الوقت الذي يوجه النصيحة لولده الإمام الحسن عليه السلام، يمهّد لذلك بذكر
الأسباب التي دعته إلى اختيار ذلك الوقت لأجل توجيه النصيحة لولده، مبيّنا أنه
لو تأخر في أداء تلك النصيحة عن ذلك الوقت، فإن ذلك سوف يؤدي إلى ضياع النصيحة،
لأنها سوف تتأخر عن وقتها الذي كان ينبغي أن تؤدى فيه، ولذا يشير الإمام إلى
موانع الاستماع إلى النصيحة. |
|
موانع
الاستماع إلى النصيحة
|
|
أ- "يسبقني
إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا". |
|
ثمرة
النصيحة
|
|
١-
"لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته". |
|
الدرس الرابع : حال المؤمن في الدنيا
|
|
"إن
ّما مثلُ منْ خبرٍ الدُّنْيا كمثل قوْمٍ سفْرٍ، نبا بهمْ منْزلٌ جديبٌ، فأمُّوا
منْزلاً خصيباً وجناباً مريعاً، فاحْتملُوا وعْثاء الطّريق، وفراق الصّديق،
وخُشُونة السّفر، وجُشُوبة الْمطْعم، ليأتُوا سعة دارهمْ، ومنْزل قرارهمْ، فليْس
يجدُون لشيْءٍ منْ ذلك ألماً، ولا يروْن نفقةً مغْرماً، ولا شيْء أحبُّ إليْهمْ
ممّا قرّبهُمْ منْ منْزلهمْ، وأدْناهُمْ منْ محلّهمْ. ومثلُ من اغْترّ بها كمثل
قوْمٍ كانُوا بمنْزلٍ خصيبٍ، فنبا بهمْ إلى منْزلٍ جديب، فليْس شيْءٌ أكْره
إليْهمْ ولا أفْظع عنْدهُمْ منْ مُفارقة ما كانُوا فيه، إلى ما يهْجُمُون عليْه،
ويصيرُون إليْه". |
|
تمهيد
|
|
يصف الإمام عليه
السلام في وصيته هذه لولده حال الإنسان المؤمن وحال الإنسان الكافر في هذه
الدنيا وكيف يعيش كل منهما. |
|
حال
المؤمن
|
|
-
"قوم سفر نبا بهم منزل جديب فأموا منزلاً خصيباً وجناباً مريعاً" |
|
يصف
الإمام حال المؤمن بالتالي:
|
|
١-
"احتملوا وعثاء الطريق" ٣- وخشونة السفر |
|
حال
الكافر المغتّر بهذه الدنيا
|
|
"ومثل
من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب فنبا بهم إلى منزل جديب" |
|
الدرس الخامس : قواعد التعامل مع الناس
|
|
"يا
بُنيّ اجْعلْ نفْسك ميزاناً فيما بيْنك وبيْن غيْرك، فأحْببْ لغيْرك ما تُحبُّ
لنفْسك، واكْرهْ لهُ ما تكْرهُ لها، ولا تظْلم كما لا تُحبُّ أنْ تُظْلم،
وأحْسنْ كما تُحبُّ أنْ يُحْسن إليْك، واسْتقْبحْ منْ نفْسك ما تسْتقْبحُهُ منْ
غيْرك، وارْض من النّاس بما ترْضاهُ لهُمْ منْ نفْسك، ولا تقُلْ ما لا تعْلمُ
وإنْ قلّ ما تعْلمُ، ولا تقُلْ ما لا تُحبُّ أنْ يُقال لك. واعْلمْ، أنّ
الْإعْجاب ضدُّ الصّواب، وآفة ُالْألْباب. فاسْع في كدْحك، ولا تكُنْ خازناً
لغيْرك". |
|
القاعدة
العامة في المعاملة
|
|
اجعل
نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك.
|
|
بهذه الكلمات المختصرة والموجزة يبيّن الإمام علي عليه السلام
الطريقة الصحيحة في التعامل مع الناس، وهي طريقة العدل والإنصاف، بأن تجعل نفسك
معيارا بينك وبين الآخرين. |
|
تطبيقات
القاعدة
|
|
بعد أن ذكر الإمام عليه السلام هذه القاعدة العامة في العشرة، ذكر
بعض التطبيقات لهذه القاعدة، والتي من خلال سلوكها يتمكن الإنسان من اتباع
تعاليم الإسلام: كثيرا ما ينظر الإنسان إلى بعض ما يصدر عن الغير بعين السخط، ويراه
قبيحا، ولكن قبل أن يصدر حكمه على ذلك الغير فليرجع إلى نفسه، وليضع نفسه مكان
ذلك الشخص، وفي الظروف التي يعيشها ذلك الشخص، ولينظر هل سيقوم بفعل ذلك الذي
يراه قبيحا أو لا؟ المشكلة تكمن في إننا ننظر إلى ما يقوم به الآخرون بعين
أنفسنا لا بعين غيرنا. لا تنه عن خلق وتأتي مثله ***** عار عليك إذا فعلت عظيم |
|
الدرس السادس : الله رؤوف بالعباد
|
|
قدْ أذن لك في الدُّعاء، وتكفّل لك بالْإجابة، أمرك أنْ تسْألهُ
ليُعْطيك، وتسْترْحمهُ ليرْحمك، ولمْ يجْعلْ بيْنك وبيْنهُ منْ يحْجُبُك عنْهُ،
ولمْ يُلْجئْك إلى منْ يشْفعُ لك إليْه، ولمْ يمْنعْك إنْ أسأْت من التّوْبة،
ولمْ يُعاجلْك بالنّقْمة، ولمْ يُعيّرْك بالْإنابة، ولمْ يفْضحْك حيْثُ
الْفضيحةُ بك أوْلى، ولمْ يُشدّدْ عليْك في قبُول الْإنابة، ولمْ يُناقشْك
بالْجريمة. |
|
تمهيد
|
|
من الأسماء
الإلهية الحسنى التي تكرر وصف الله عز وجل بها هي صفة الرأفة والرحمة، كيف وقد
قرن الله عز وجل اسمه بصفة الرحمن الرحيم في البسملة، وفي ابتداء كل سورة من سور
القرآن الكريم. |
|
يذكر
الإمام علي عليه السلام في وصيته لولده الحسن بعد مظاهر هذه الرحمة الخاصة.
|
|
-
أذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة وهذا الأمر لا يختص بالبلاء إذا نزل بل هو يشمل البلاء الذي لم
ينزل على العبد بعد، ولذا ورد في الرواية: عن الإمام علي عليه السلام:
"ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء، ما المبتلى الذي استدر به البلاء بأحوج إلى
الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء" [الري شهري- محمد - ميزان الحكمة - دار الحديث, الطبعة الأولى - ج٢،
ص ٨٧١.] . |
|
الدرس السابع : ذكر الموت
|
|
"أكْثرْ
منْ ذكْر الْموْت، وذكْر ما تهْجُمُ عليْه، وتُفْضي بعْد الْموْت إليْه، حتّى
يأْتيك وقدْ أخذْت منْهُ حذْرك، وشددْت لهُ أزْرك، ولا يأْتيك بغْتةً فيبْهرك.
وإيّاك أنْ تغْترّ بما ترى منْ إخْلاد أهْل الدُّنْيا إليْها، وتكالُبهمْ
عليْها، فقدْ نبّأك اللهُ عنْها، ونعتْ لك نفْسها، وتكشّفتْ لك عنْ
مساويها". |
|
أثر ذكر
الموت
|
|
الموت هذه الحقيقة التي إليها يكون مصير كل إنسان، وهو في الحقيقة
انتقال من دار البلاء والامتحان إلى دار الأجر والجزاء، فمن أحسن عملاً أحب وقت
الجزاء، ومن أساء العمل خاف من ذلك اليوم، وقد ورد في الرواية عن لإمام الباقر عليه السلام: "لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان
حتى يكون فيه ثلاث خصال: حتى يكون الموت أحب إليه من الحياة" [الري شهري- محمد - ميزان الحكمة - دار
الحديث, الطبعة الأولى - ج١، ص ١٩٣.] . |
|
الحذر من
الموت
|
|
"حتى
يأتيك وقد أخذت منه حذرك". |
|
الاستعداد
لتلك الرحلة
|
|
"وشددت
له أزرك". |
|
صورة موت
المؤمن
|
|
تتلخص صورة موت
المؤمن بما يلي: |
|
صورة موت
أهل النار
|
|
تتلخص صورة موته بما يلي: |
|
الدرس الثامن : المؤمن عزيز
|
|
"وأكْرمْ
نفْسك عنْ كُلّ دنيّةٍ وإنْ ساقتْك إلى الرّغائب، فإنّك لنْ تعْتاض بما تبْذُلُ
منْ نفْسك عوضاً. ولا تكُنْ عبْد غيْرك وقدْ جعلك اللهُ حُرّاً. وما خيْرُ خيْرٍ
لا يُنالُ إلاّ بشرٍّ، ويُسْرٍ لا يُنالُ إلاّ بعُسْرٍ ؟! وإيّاك أنْ تُوجف بك
مطايا الطّمع، فتُوردك مناهل الْهلكة، وإن اسْتطعْت ألاّ يكُون بيْنك بيْن الله
ذُونعْمة فافْعلْ، فإنّك مُدْركٌ قسْمك، وآخذٌ سهْمك، وإنّ الْيسير من الله
سُبْحانهُ أعْظمُ و أكْرمُ من الْكثير منْ خلْقه وإنْ كان كُلٌّ منْهُ. وتلافيك
ما فرط منْ صمْتك أيْسرُ منْ إدْراكك ما فات منْ منْطقك، وحفْظُ ما في الْوعاء
بشدّ الْوكاء، وحفْظُ ما في يديْك أحبُّ إليّ منْ طلب ما في يديْ غيْرك. ومرارةُ
الْيأْس خيْرٌ من الطّلب إلى النّاس، والْحرْفةُ مع الْعفّة خيْرٌ من الْغنى مع
الْفُجُور". |
|
المؤمن
لا يُذل
|
|
"أكرم
نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك
عوضاً". |
|
المؤمن
حر
|
|
"لا
تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً". هذه العبارة من الإمام عليه السلام
أصبحت من الأمثال التي سار بها الناس، فالمؤمن هو عبد لله عز وجل فقط ولا يمكنه
أن يكون عبداً لغيره لأن في ذلك ذلّه، وقد وردت الروايات بالنهي عن أن يؤجر
الإنسان المؤمن نفسه عن عمل من الأعمال ولو كان ذلك لأجل الرزق ففي رواية عن لإمام الصادق عليه السلام: "من آجر نفسه فقد حظر على
نفسه الرزق". وفي رواية أخرى: "وكيف لا يحظره؟! وما أصاب فيه فهو لربه
الذي آجره". |
|
الغاية
والوسيلة
|
|
"وما
خير خير لا ينال إلا بشر، ويسر لا ينال إلا بعسر". |
|
موجبات
العزة
|
|
أ- طاعة الله: إن من موجبات كرامة النفس عند النفس ان يتعامل الإنسان بإكرام مع
سائر الناس، فقد ورد في الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "إن مكرمة
صنعتها إلى أحد من الناس إنما أكرمت بها نفسك وزينت بها عرضك، فلا تطلب من غيرك
شكر ما صنعت إلى نفسك" [غرر الحكم: ٣٥٤٢.]. |
|
الدرس التاسع : العلاقة مع الإخوان
"١"
|
|
"احْملْ
نفْسك منْ أخيك عنْد صرْمه على الصّلة، وعنْد صُدُوده على اللّطف والْمُقاربة،
وعنْد جُمُوده على الْبذْل، وعنْد تباعُده على الدُّنُوّ، وعنْد شدّته على
اللّين، وعنْد جُرْمه على الْعُذْر، حتّى كأنّك لهُ عبْدٌ، وكأنّهُ ذُو نعْمة
عليْك. وإيّاك أنْ تضع ذلك في غيْر موْضعه، أوْ أنْ تفْعلهُ بغيْر أهْله، لا
تتّخذنّ عدُوّ صديقك صديقاً فتُعادي صديقك، وامْحضْ أخاك النّصيحة، حسنةً كانتْ
أمْ قبيحةً". |
|
تمهيد
|
|
كما حث الإسلام الناس
على اكتساب الإخوان حتى جعل ذلك من علامات القدرة والقوة، فقد ورد في رواية عن
أمير المؤمنين عليه السلام: "أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز
منه من ضيع من ظفر به منهم" [المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار-
مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة: ٧٤ / ٢٧٨.] . |
|
عدم
قطيعة الإخوان
|
|
إن ارتباك علاقة المؤمنين ببعضهم مما أكد عليه الإمام عليه السلام،
ومن مفردات العلاقة الحسنة: |
|
الحذر في
العلاقة
|
|
١-
"إياك أن تضع ذلك في غير موضعه أو أن تفعله بغير أهله". |
|
الدرس العاشر: العلاقة مع الإخوان "٢"
|
|
"وإنْ
أردْت قطيعة أخيك فاسْتبْق لهُ منْ نفْسك بقيّةً يرْجعُ إليْها إنْ بدا لهُ ذلك
يوْماً مّا، ومنْ ظنّ بك خيْراً فصدّقْ ظّنهُ، ولا تُضيعنّ حقّ أخيك اتّكالاً
على ما بيْنك وبيْنهُ، فإنّهُ ليْس لك بأخٍ منْ أضعْت حقّه، ولا يكُنْ أهْلُك
أشْقى الْخلْق بك، ولا ترْغبنّ فيمنْ زهد فيك، ولا يكُوننّ أخُوك أقْوى على
قطيعتك منْك على صلته، ولا تكُوننّ على الْإساءة أقْوى منْك على
الْإحْسان". |
|
تمهيد
|
|
بعد أن نهت
التعاليم الأخلاقية الإسلامية عن القطيعة، ودعت إلى عدم اللجوء إليها بين
الإخوان، أراد الإمام أن يعالج ما قد يقع خارجا من قبل الناس من القطيعة أحيانا،
فلعل مشكلة ما أو سببا ما يؤدي إلى حصول القطيعة بين أخوين، فهل ينبغي أن تكون
هذه القطيعة لا رجعة فيها؟ والجواب بالنفي فهذا هو الذي يحذّر منه الإمام عليه
السلام فيحث في وصيته على أن يبقي الإنسان شيئا من الصلة لعل القلوب تعود إلى
صفائها فتكون في تلك البقية فرصة لإعادة العلاقة الأخوية. |
|
كن عند
حسن ظن أخيك"ومن ظن بك خيراً فصدق ظنه".
|
|
إن من أهم الأسباب المؤدية إلى العداوة والقطيعة أن يطلب الأخ من
أخيه شيئا فلا يستجيب له أو أن يتوقع منه المبادرة إلى أمر فلا يبادر إلى ذلك،
كما لو وقع في ضيق أو حاجة فلم يجد استجابة أو مبادرة، وكلما استحكمت العلاقة
واشتدت الصداقة، زاد توقع الإنسان من أخيه وزاد أمله فيه. |
|
راع حق
أخيك
|
|
"ولا
تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه". |
|
الحرص
على العلاقة
|
|
١-
"ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته". فهذه المفردات التي تعرضت لها الرواية هي عبارة عن أنواع من الصلة،
والتقصير فيها او فعل ما يقابلها هو عبارة عن القطيعة. |
|
الدرس الحادي عشر: القناعة
في الرزق
|
|
"واعْلمْ
يا بُنيّ، أنّ الرّزْق رزْقان: رزْقٌ تطْلُبُهُ، ورزْقٌ يطْلُبُك، فإنْ أنْت لمْ
تأْته أتاك، ما أقْبح الْخُضُوع عنْد الْحاجة، والْجفاء عنْد الْغنى! إنّما لك
منْ دُنْياك، ما أصْلحْت به مثْواك، وإنْ كُنْت جازعاً على ما تفلّت منْ يديْك،
فاجْزعْ على كُلّ ما لمْ يصلْ إليْك". |
|
قوة
الدين
|
|
-
"ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى". |
|
الدنيا
فرصة للآخرة
|
|
-
"إن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك". ولذا ورد في الروايات أيضا بيان حقيقة أن الدنيا تبلغ الغاية من
الهوان عند الله عز وجل فهي ليست ذات قيمة عند الله، ففي رواية عن الإمام علي
عليه السلام: "مالها عند الله عز وجل قدر ولا وزن، ولا خلق فيما بلغنا خلقا
أبغض إليه منها، ولا نظر إليها مذ خلقها. ولقد عرضت على نبينا صلى الله عليه
وآله وسلم بمفاتيحها وخزائنها لا ينقصه ذلك من حظه من الآخرة، فأبى أن يقبلها لعلمه
أن الله عز وجل أبغض شيئا فأبغضه، وصغر شيئا فصغره". |
|
لا تجزع
من فوت الدنيا
|
|
-
"وإن جزعت على ما تفلت من يديك، فاجزع على كل ما لم يصل إليك". وورد في رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي لا إله إلا هو،
لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لأن الله كريم بيده
الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه،
فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه" [المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار-
مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة: ٧٠ / ٣٦٦.] . |
|
الدرس الثاني عشر: القرابة
والرحم
|
|
" وأكْرمْ عشيرتك، فإنّهُمْ جناحُك الّذي به تطيرُ، وأصْلُك الّذي
إليْه تصيرُ، ويدُك الّتي بها تصُول ُ". |
|
العشيرة
بمفهومها الإيجابي .
|
|
العشيرة هي الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد، والعشيرة مشتقة من "العشرة" العدد المعروف وحيث أن العشرة تعتبر في نفسها عدداً كاملاً، فقد
سمي أقرباء الرجل الذين يكمل بهم عشيرة. ولا شك في أن الإسلام أعطى لمفهوم
العشيرة الذي كان سائداً بين العرب في عصر الدعوة بُعده الإيجابي، وأعلن رفضه
لبعض المفاهيم السلبية التي كانت سائدة بين العشائر. والتي تتنافى مع التعاليم
الأخلاقية والقيم الإنسانية. فإكرام الكريم، وعيادة المريض وإعانة المحتاج هي من تعاليم الإسلام
التي أمر المؤمن بأن تكون خلقاً من أخلاقه. |
|
خصائص
العشيرة
|
|
ويشير الإمام إلى بعض خصائص العشيرة فيقول: |
|
المفهوم
السلبي للعشيرة
|
|
في الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى التمسك بالعشيرة فيما يكون في
طاعة الله وبغرض الوصول إلى رضاه، نهى عن اتباع العشيرة فيما كانت عليه العرب من
عصبية ونصرة للعشيرة في حق أو باطل. |
|
|
وصايا الأمير عليه السلام |
|
وصايا الأمير عليه السلام - الأول
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم |
|
المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من أرسل رحمة للعالمين
وعلى وصيه وخليفته علي أمير المؤمنين. |
|
خطب الامام علي عليه السلام
|
|
من وصية للإمام علي بن أبي طالب لابنه الإمام الحسن عليه السلام،
كتبها إليه بحاضرين منصرفاً من صفين: |
|
الدرس الاول : الإنسان في هذه
الدنيا
|
|
من الْوالد الْفان، الْمُقرّ
للزّمان، الْمُدْبر الْعُمُر، الْمُسْتسْلم، للدُّنْيا، السّاكن مساكن الْموْتى،
الظّاعن عنْها غداً، إلى الْموْلُود الْمُؤمّل ما لا يُدْركُ، السّالك سبيل منْ
قدْ هلك، غرض الْأسْقام رهينة الْأيّام، ورميّة الْمصائب، وعبْد الدُّنْيا،
وتاجر الْغُرُور، وغريم الْمنايا، وأسير الْموْت، وحليف الْهُمُوم، قرين
الْأحْزان، ونُصْب الْآفات، وصريع الشّهوات، وخليفة الْأمْوات. |
|
تمهيد
|
|
عندما أراد الإمام
أمير المؤمنين عليه السلام أن يشرع بالوصية لابنه الإمام الحسن عليه السلام، كان
من الطبيعي أن يبدأ بتعريف هذه الدنيا التي تمثل الساحة التي يعيش فيها الإنسان،
ما هي ظروف هذه الساحة ومخاطرها وعلاقة الإنسان بها؟ فإن الإنسان إذا عرف هذه
الساحة وطبيعتها ومقدار علاقته بها، فإن ذلك كله سيحدد له السلوك والمسار في هذه
الدنيا، وهذا في الحقيقة تأسيس لكل ما يأتي بعد ذلك في الوصية. |
|
أولاً:
مخاطر الحياة
|
|
إن الإنسان في هذه
الحياة الدنيا يواجه العديد من التحديات التي تواجهه، وهي تحديات متعددة
ومتنوعة، ومعرفتها بداية الطريق لتجهيز النفس لمواجهتها، فمن هذه الأمور التي
أشار إليها أمير المؤمنين عليه السلام : |
|
ثانياً:
ماذا نربح من الدنيا؟
|
|
تحدثنا عن كون الإنسان في الدنيا هدفاً للمصائب والابتلاءات، وهذه
نظرة لزاوية من زوايا الدنيا، ولكن في الدنيا أيضاً الكثير من الأمور التي يحبها
الإنسان ويطلبها، بل ربما يصرف عمره كله في طلبها، فتستحوذ على قلبه ونفسه، فهل لهذه
الأمور الدنيوية قيمة حقيقة؟ - حليف الهموم وقرين
الأحزان |
|
ثالثاً:
التعلّق بالدنيا
|
|
رغم كون الدنيا مكان المصائب والابتلاءات ورغم كونها لا ربح
دنيوياً حقيقياً فيها، نجد أن الكثير من الناس ارتبطوا بهذه الدنيا وتعلقوا بها
بشكل يتنافى مع صفاتها الحقيقية، وكان وصف أمير المؤمنين عليه السلام لهذه
العلاقة بعدة عبارات: ويصف الإمام علي
عليه السلام هذا الشخص العابد لهذه الدنيا بقوله: "قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت
الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها، ولمن في يديه شيء منها، حيثما زالت
زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها..." [نهج البلاغة، الخطبة ١٠٩.] . |
|
رابعاً:
الدنيا ممر
|
|
إن أجلى وأوضح حقيقة للدنيا أنها غير دائمة، وأنها زائلة، وأن الإنسان
مهما سعى وحصّل فيها واغتر بمفاتنها، فإنه في نهاية الأمر سيتركها بل ويدخل في
تلك الحفرة الصغيرة نافضاً يديه من كل ما فيها، فالإنسان في الحقيقة هو: |
|
وصايا الأمير عليه السلام – الثاني |
|
وصايا الأمير عليه السلام – الدرس الثاني : حياةالقلب
|
|
أحْي قلْبك بالْموْعظة، وأمتْهُ بالزّهادة، وقوّه بالْيقين،
ونوّرْهُ بالْحكْمة، وذلّلْهُ بذكْر الْموْت، وقرّرْهُ بالْفناء، وبصّرْهُ فجائع
الدُّنْيا، وحذّرْهُ صوْلة الدّهْر وفُحْش تقلُّب اللّيالي والْأيّام، واعْرضْ
عليْه أخْبار الْماضين، وذكّرْهُ بما أصاب منْ كان قبْلك من الْأوّلين، وسرْ في
ديارهمْ وآثارهمْ، فانْظُر فيْما فعلُوا عمّا انْتقلُوا، وأيْن حلُّوا ونزلُوا!
فإنّك تجدُهُمْ قد انْتقلُوا عن الْأحبّة، وحلُّوا ديار الْغُرْبة، وكأنّك عنْ
قليلٍ قدْ صرْت كأحدهمْ. |
|
تمهيد
|
|
لقد اهتمّ الإسلام
بقلب الإنسان اهتماماً بالغاً، حتى نزلت الكثير من آيات القرآن الكريم لتشرح
أهمية القلب ودوره. |
|
الأمر
الأول : أسباب الظلمات ورفعها:
|
|
هناك العديد من الأمور التي تتسبب بالظلمات في القلب، أشار إليها
أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته هذه، أو أشارت إليها الآيات القرآنية، لا بد
من التعرف عليها لرفعها، والوقوف بوجهها، لما تشكله من خطر على هذا القلب، ومن
هذه الأمور: إن التعلق بالدنيا وحبها يفسد القلب، ويجعله ساحة سهلة أمام زمر
الشيطان، من هنا لا بد للإنسان المؤمن من أن يقطع هذا التعلق بالدنيا الذي
يجعلها هدفاً وغاية بدل الآخرة، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام
بقوله "وأمته بالزهادة" فلإماتة هذا الافتتان بالدنيا طريق هو عبارة
عن الزهد، والزهد يحصل من خلال المعرفة، أي الإدراك والإيمان بأن هذه الدنيا
ليست هي الهدف والغاية، بل هي منقطعة وليست سوى طريق للآخرة، وقد ورد في الرواية
عن الإمام علي عليه السلام : "أعرفُ الناس بالزهادة من عرف نقص
الدنيا" [علي بن محمد الواسطي- عيون الحكم والمواعظ- ص ١٢٢.] . |
|
ثانياً:
بعث النور في القلب من جديد
|
|
للقلب حياة وموت،
فكم من إنسان حي ببدنه يعيش في هذه الأرض ولكنه ميت القلب، لا يشعر بالآخرة ولا
يرى أمامه سوى هذه الدنيا. وأما لو كان القلب حياً فإن سائر أعضاء هذا الجسد سوف
تنبض بالحياة لأنه هو الموجه لها وهي مطيعة له ولذا ورد في رواية عن النبي صلى
الله عليه وسلم: "القلب ملك وله جنود، فإذا صلح الملك صلحت جنوده، وإذا فسد
الملك فسدت جنوده" [كنز العمال: ١٢٢٣، ١٢٠٥.]. |
|
ثالثاً:
تقوية القلب
|
|
على الإنسان أن يصنع للقلب دفاعات وحواجز تقيه وتحرسه في مواجهة
تحديات الدنيا، ويكون ذلك من خلال بعض الأمور التي أشار إليها الإمام عليه
السلام في وصيته: |
|
الدرس الثالث : النصيحة وضرورة
استماعها
|
|
"بادرْتُ
بوصيّتي إليْك، وأوْردْتُ خصالاً منْها قبْل أنْ يعْجل بي أجلي دُون أنْ أُفْضي
إليْك بما في نفْسي، أوْ أنْ أنْقُص في رأْيي كما نُقصْتُ في جسْمي، أوْ يسْبقني
إليْك بعْضُ غلبات الْهوى وفتن الدُّنْيا، فتكُون كالصّعْب النّفُور. وإنّما
قلْبُ الْحدث كالْأرْض الْخالية ما ألْقي فيها منْ شيءٍ قبلتْهُ. فبادرْتُك
بالْأدب قبْل أنْ يقْسُو قلْبُك، ويشْتغل لُبُّك، لتسْتقْبل بجدّ رأْيك من
الْأمْر ما قدْ كفاك أهْلُ التّجارب بُغْيتهُ وتجْربتهُ، فتكُون قدْ كُفيت
مؤُونة الطّلب، وعُوفيت منْ علاج التّجْربة، فأتاك منْ ذلك ما قدْ كُنّا نأْتيه،
واسْتبان لك ما رُبّما أظْلم عليْنا منْهُ". |
|
تمهيد
|
|
النصيحة هي من أهم
ما يمكن أن يهديه الإنسان لأخيه المؤمن، فهي تصدر عنه من خالص المحبة ولذا ورد
في الحديث: "ناصحك مشفق عليك، محسن إليك، ناظر في عواقبك، مستدرك فوارطك،
ففي طاعته رشادك، وفي مخالفته فسادك" [الري شهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى - ج ٤ ص
٣٢٧٩.] ، والنصيحة إن جاءت من الأب لولده
كانت أزيد شفقة ومحبة من النصيحة التي تأتي من غيره، والإمام عليه السلام في
الوقت الذي يوجه النصيحة لولده الإمام الحسن عليه السلام، يمهّد لذلك بذكر
الأسباب التي دعته إلى اختيار ذلك الوقت لأجل توجيه النصيحة لولده، مبيّنا أنه
لو تأخر في أداء تلك النصيحة عن ذلك الوقت، فإن ذلك سوف يؤدي إلى ضياع النصيحة،
لأنها سوف تتأخر عن وقتها الذي كان ينبغي أن تؤدى فيه، ولذا يشير الإمام إلى
موانع الاستماع إلى النصيحة. |
|
موانع
الاستماع إلى النصيحة
|
|
أ- "يسبقني
إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا". |
|
ثمرة
النصيحة
|
|
١-
"لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته". |
|
الدرس الرابع : حال المؤمن في الدنيا
|
|
"إن
ّما مثلُ منْ خبرٍ الدُّنْيا كمثل قوْمٍ سفْرٍ، نبا بهمْ منْزلٌ جديبٌ، فأمُّوا
منْزلاً خصيباً وجناباً مريعاً، فاحْتملُوا وعْثاء الطّريق، وفراق الصّديق،
وخُشُونة السّفر، وجُشُوبة الْمطْعم، ليأتُوا سعة دارهمْ، ومنْزل قرارهمْ، فليْس
يجدُون لشيْءٍ منْ ذلك ألماً، ولا يروْن نفقةً مغْرماً، ولا شيْء أحبُّ إليْهمْ
ممّا قرّبهُمْ منْ منْزلهمْ، وأدْناهُمْ منْ محلّهمْ. ومثلُ من اغْترّ بها كمثل
قوْمٍ كانُوا بمنْزلٍ خصيبٍ، فنبا بهمْ إلى منْزلٍ جديب، فليْس شيْءٌ أكْره
إليْهمْ ولا أفْظع عنْدهُمْ منْ مُفارقة ما كانُوا فيه، إلى ما يهْجُمُون عليْه،
ويصيرُون إليْه". |
|
تمهيد
|
|
يصف الإمام عليه
السلام في وصيته هذه لولده حال الإنسان المؤمن وحال الإنسان الكافر في هذه
الدنيا وكيف يعيش كل منهما. |
|
حال
المؤمن
|
|
-
"قوم سفر نبا بهم منزل جديب فأموا منزلاً خصيباً وجناباً مريعاً" |
|
يصف
الإمام حال المؤمن بالتالي:
|
|
١-
"احتملوا وعثاء الطريق" ٣- وخشونة السفر |
|
حال
الكافر المغتّر بهذه الدنيا
|
|
"ومثل
من اغتر بها كمثل قوم كانوا بمنزل خصيب فنبا بهم إلى منزل جديب" |
|
الدرس الخامس : قواعد التعامل مع الناس
|
|
"يا
بُنيّ اجْعلْ نفْسك ميزاناً فيما بيْنك وبيْن غيْرك، فأحْببْ لغيْرك ما تُحبُّ
لنفْسك، واكْرهْ لهُ ما تكْرهُ لها، ولا تظْلم كما لا تُحبُّ أنْ تُظْلم،
وأحْسنْ كما تُحبُّ أنْ يُحْسن إليْك، واسْتقْبحْ منْ نفْسك ما تسْتقْبحُهُ منْ
غيْرك، وارْض من النّاس بما ترْضاهُ لهُمْ منْ نفْسك، ولا تقُلْ ما لا تعْلمُ
وإنْ قلّ ما تعْلمُ، ولا تقُلْ ما لا تُحبُّ أنْ يُقال لك. واعْلمْ، أنّ
الْإعْجاب ضدُّ الصّواب، وآفة ُالْألْباب. فاسْع في كدْحك، ولا تكُنْ خازناً
لغيْرك". |
|
القاعدة
العامة في المعاملة
|
|
اجعل
نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك.
|
|
بهذه الكلمات المختصرة والموجزة يبيّن الإمام علي عليه السلام
الطريقة الصحيحة في التعامل مع الناس، وهي طريقة العدل والإنصاف، بأن تجعل نفسك
معيارا بينك وبين الآخرين. |
|
تطبيقات
القاعدة
|
|
بعد أن ذكر الإمام عليه السلام هذه القاعدة العامة في العشرة، ذكر
بعض التطبيقات لهذه القاعدة، والتي من خلال سلوكها يتمكن الإنسان من اتباع
تعاليم الإسلام: كثيرا ما ينظر الإنسان إلى بعض ما يصدر عن الغير بعين السخط، ويراه
قبيحا، ولكن قبل أن يصدر حكمه على ذلك الغير فليرجع إلى نفسه، وليضع نفسه مكان
ذلك الشخص، وفي الظروف التي يعيشها ذلك الشخص، ولينظر هل سيقوم بفعل ذلك الذي
يراه قبيحا أو لا؟ المشكلة تكمن في إننا ننظر إلى ما يقوم به الآخرون بعين
أنفسنا لا بعين غيرنا. لا تنه عن خلق وتأتي مثله ***** عار عليك إذا فعلت عظيم |
|
الدرس السادس : الله رؤوف بالعباد
|
|
قدْ أذن لك في الدُّعاء، وتكفّل لك بالْإجابة، أمرك أنْ تسْألهُ
ليُعْطيك، وتسْترْحمهُ ليرْحمك، ولمْ يجْعلْ بيْنك وبيْنهُ منْ يحْجُبُك عنْهُ،
ولمْ يُلْجئْك إلى منْ يشْفعُ لك إليْه، ولمْ يمْنعْك إنْ أسأْت من التّوْبة،
ولمْ يُعاجلْك بالنّقْمة، ولمْ يُعيّرْك بالْإنابة، ولمْ يفْضحْك حيْثُ
الْفضيحةُ بك أوْلى، ولمْ يُشدّدْ عليْك في قبُول الْإنابة، ولمْ يُناقشْك
بالْجريمة. |
|
تمهيد
|
|
من الأسماء
الإلهية الحسنى التي تكرر وصف الله عز وجل بها هي صفة الرأفة والرحمة، كيف وقد
قرن الله عز وجل اسمه بصفة الرحمن الرحيم في البسملة، وفي ابتداء كل سورة من سور
القرآن الكريم. |
|
يذكر
الإمام علي عليه السلام في وصيته لولده الحسن بعد مظاهر هذه الرحمة الخاصة.
|
|
-
أذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة وهذا الأمر لا يختص بالبلاء إذا نزل بل هو يشمل البلاء الذي لم
ينزل على العبد بعد، ولذا ورد في الرواية: عن الإمام علي عليه السلام:
"ادفعوا أمواج البلاء بالدعاء، ما المبتلى الذي استدر به البلاء بأحوج إلى
الدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء" [الري شهري- محمد - ميزان الحكمة - دار الحديث, الطبعة الأولى - ج٢،
ص ٨٧١.] . |
|
الدرس السابع : ذكر الموت
|
|
"أكْثرْ
منْ ذكْر الْموْت، وذكْر ما تهْجُمُ عليْه، وتُفْضي بعْد الْموْت إليْه، حتّى
يأْتيك وقدْ أخذْت منْهُ حذْرك، وشددْت لهُ أزْرك، ولا يأْتيك بغْتةً فيبْهرك.
وإيّاك أنْ تغْترّ بما ترى منْ إخْلاد أهْل الدُّنْيا إليْها، وتكالُبهمْ
عليْها، فقدْ نبّأك اللهُ عنْها، ونعتْ لك نفْسها، وتكشّفتْ لك عنْ
مساويها". |
|
أثر ذكر
الموت
|
|
الموت هذه الحقيقة التي إليها يكون مصير كل إنسان، وهو في الحقيقة
انتقال من دار البلاء والامتحان إلى دار الأجر والجزاء، فمن أحسن عملاً أحب وقت
الجزاء، ومن أساء العمل خاف من ذلك اليوم، وقد ورد في الرواية عن لإمام الباقر عليه السلام: "لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان
حتى يكون فيه ثلاث خصال: حتى يكون الموت أحب إليه من الحياة" [الري شهري- محمد - ميزان الحكمة - دار
الحديث, الطبعة الأولى - ج١، ص ١٩٣.] . |
|
الحذر من
الموت
|
|
"حتى
يأتيك وقد أخذت منه حذرك". |
|
الاستعداد
لتلك الرحلة
|
|
"وشددت
له أزرك". |
|
صورة موت
المؤمن
|
|
تتلخص صورة موت
المؤمن بما يلي: |
|
صورة موت
أهل النار
|
|
تتلخص صورة موته بما يلي: |
|
الدرس الثامن : المؤمن عزيز
|
|
"وأكْرمْ
نفْسك عنْ كُلّ دنيّةٍ وإنْ ساقتْك إلى الرّغائب، فإنّك لنْ تعْتاض بما تبْذُلُ
منْ نفْسك عوضاً. ولا تكُنْ عبْد غيْرك وقدْ جعلك اللهُ حُرّاً. وما خيْرُ خيْرٍ
لا يُنالُ إلاّ بشرٍّ، ويُسْرٍ لا يُنالُ إلاّ بعُسْرٍ ؟! وإيّاك أنْ تُوجف بك
مطايا الطّمع، فتُوردك مناهل الْهلكة، وإن اسْتطعْت ألاّ يكُون بيْنك بيْن الله
ذُونعْمة فافْعلْ، فإنّك مُدْركٌ قسْمك، وآخذٌ سهْمك، وإنّ الْيسير من الله
سُبْحانهُ أعْظمُ و أكْرمُ من الْكثير منْ خلْقه وإنْ كان كُلٌّ منْهُ. وتلافيك
ما فرط منْ صمْتك أيْسرُ منْ إدْراكك ما فات منْ منْطقك، وحفْظُ ما في الْوعاء
بشدّ الْوكاء، وحفْظُ ما في يديْك أحبُّ إليّ منْ طلب ما في يديْ غيْرك. ومرارةُ
الْيأْس خيْرٌ من الطّلب إلى النّاس، والْحرْفةُ مع الْعفّة خيْرٌ من الْغنى مع
الْفُجُور". |
|
المؤمن
لا يُذل
|
|
"أكرم
نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك
عوضاً". |
|
المؤمن
حر
|
|
"لا
تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً". هذه العبارة من الإمام عليه السلام
أصبحت من الأمثال التي سار بها الناس، فالمؤمن هو عبد لله عز وجل فقط ولا يمكنه
أن يكون عبداً لغيره لأن في ذلك ذلّه، وقد وردت الروايات بالنهي عن أن يؤجر
الإنسان المؤمن نفسه عن عمل من الأعمال ولو كان ذلك لأجل الرزق ففي رواية عن لإمام الصادق عليه السلام: "من آجر نفسه فقد حظر على
نفسه الرزق". وفي رواية أخرى: "وكيف لا يحظره؟! وما أصاب فيه فهو لربه
الذي آجره". |
|
الغاية
والوسيلة
|
|
"وما
خير خير لا ينال إلا بشر، ويسر لا ينال إلا بعسر". |
|
موجبات
العزة
|
|
أ- طاعة الله: إن من موجبات كرامة النفس عند النفس ان يتعامل الإنسان بإكرام مع
سائر الناس، فقد ورد في الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "إن مكرمة
صنعتها إلى أحد من الناس إنما أكرمت بها نفسك وزينت بها عرضك، فلا تطلب من غيرك
شكر ما صنعت إلى نفسك" [غرر الحكم: ٣٥٤٢.]. |
|
الدرس التاسع : العلاقة مع الإخوان
"١"
|
|
"احْملْ
نفْسك منْ أخيك عنْد صرْمه على الصّلة، وعنْد صُدُوده على اللّطف والْمُقاربة،
وعنْد جُمُوده على الْبذْل، وعنْد تباعُده على الدُّنُوّ، وعنْد شدّته على
اللّين، وعنْد جُرْمه على الْعُذْر، حتّى كأنّك لهُ عبْدٌ، وكأنّهُ ذُو نعْمة
عليْك. وإيّاك أنْ تضع ذلك في غيْر موْضعه، أوْ أنْ تفْعلهُ بغيْر أهْله، لا
تتّخذنّ عدُوّ صديقك صديقاً فتُعادي صديقك، وامْحضْ أخاك النّصيحة، حسنةً كانتْ
أمْ قبيحةً". |
|
تمهيد
|
|
كما حث الإسلام الناس
على اكتساب الإخوان حتى جعل ذلك من علامات القدرة والقوة، فقد ورد في رواية عن
أمير المؤمنين عليه السلام: "أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز
منه من ضيع من ظفر به منهم" [المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار-
مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة: ٧٤ / ٢٧٨.] . |
|
عدم
قطيعة الإخوان
|
|
إن ارتباك علاقة المؤمنين ببعضهم مما أكد عليه الإمام عليه السلام،
ومن مفردات العلاقة الحسنة: |
|
الحذر في
العلاقة
|
|
١-
"إياك أن تضع ذلك في غير موضعه أو أن تفعله بغير أهله". |
|
الدرس العاشر: العلاقة مع الإخوان "٢"
|
|
"وإنْ
أردْت قطيعة أخيك فاسْتبْق لهُ منْ نفْسك بقيّةً يرْجعُ إليْها إنْ بدا لهُ ذلك
يوْماً مّا، ومنْ ظنّ بك خيْراً فصدّقْ ظّنهُ، ولا تُضيعنّ حقّ أخيك اتّكالاً
على ما بيْنك وبيْنهُ، فإنّهُ ليْس لك بأخٍ منْ أضعْت حقّه، ولا يكُنْ أهْلُك
أشْقى الْخلْق بك، ولا ترْغبنّ فيمنْ زهد فيك، ولا يكُوننّ أخُوك أقْوى على
قطيعتك منْك على صلته، ولا تكُوننّ على الْإساءة أقْوى منْك على
الْإحْسان". |
|
تمهيد
|
|
بعد أن نهت
التعاليم الأخلاقية الإسلامية عن القطيعة، ودعت إلى عدم اللجوء إليها بين
الإخوان، أراد الإمام أن يعالج ما قد يقع خارجا من قبل الناس من القطيعة أحيانا،
فلعل مشكلة ما أو سببا ما يؤدي إلى حصول القطيعة بين أخوين، فهل ينبغي أن تكون
هذه القطيعة لا رجعة فيها؟ والجواب بالنفي فهذا هو الذي يحذّر منه الإمام عليه
السلام فيحث في وصيته على أن يبقي الإنسان شيئا من الصلة لعل القلوب تعود إلى
صفائها فتكون في تلك البقية فرصة لإعادة العلاقة الأخوية. |
|
كن عند
حسن ظن أخيك"ومن ظن بك خيراً فصدق ظنه".
|
|
إن من أهم الأسباب المؤدية إلى العداوة والقطيعة أن يطلب الأخ من
أخيه شيئا فلا يستجيب له أو أن يتوقع منه المبادرة إلى أمر فلا يبادر إلى ذلك،
كما لو وقع في ضيق أو حاجة فلم يجد استجابة أو مبادرة، وكلما استحكمت العلاقة
واشتدت الصداقة، زاد توقع الإنسان من أخيه وزاد أمله فيه. |
|
راع حق
أخيك
|
|
"ولا
تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه". |
|
الحرص
على العلاقة
|
|
١-
"ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته". فهذه المفردات التي تعرضت لها الرواية هي عبارة عن أنواع من الصلة،
والتقصير فيها او فعل ما يقابلها هو عبارة عن القطيعة. |
|
الدرس الحادي عشر: القناعة
في الرزق
|
|
"واعْلمْ
يا بُنيّ، أنّ الرّزْق رزْقان: رزْقٌ تطْلُبُهُ، ورزْقٌ يطْلُبُك، فإنْ أنْت لمْ
تأْته أتاك، ما أقْبح الْخُضُوع عنْد الْحاجة، والْجفاء عنْد الْغنى! إنّما لك
منْ دُنْياك، ما أصْلحْت به مثْواك، وإنْ كُنْت جازعاً على ما تفلّت منْ يديْك،
فاجْزعْ على كُلّ ما لمْ يصلْ إليْك". |
|
قوة
الدين
|
|
-
"ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى". |
|
الدنيا
فرصة للآخرة
|
|
-
"إن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك". ولذا ورد في الروايات أيضا بيان حقيقة أن الدنيا تبلغ الغاية من
الهوان عند الله عز وجل فهي ليست ذات قيمة عند الله، ففي رواية عن الإمام علي
عليه السلام: "مالها عند الله عز وجل قدر ولا وزن، ولا خلق فيما بلغنا خلقا
أبغض إليه منها، ولا نظر إليها مذ خلقها. ولقد عرضت على نبينا صلى الله عليه
وآله وسلم بمفاتيحها وخزائنها لا ينقصه ذلك من حظه من الآخرة، فأبى أن يقبلها لعلمه
أن الله عز وجل أبغض شيئا فأبغضه، وصغر شيئا فصغره". |
|
لا تجزع
من فوت الدنيا
|
|
-
"وإن جزعت على ما تفلت من يديك، فاجزع على كل ما لم يصل إليك". وورد في رواية أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي لا إله إلا هو،
لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لأن الله كريم بيده
الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه،
فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه" [المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار-
مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة: ٧٠ / ٣٦٦.] . |
|
الدرس الثاني عشر: القرابة
والرحم
|
|
" وأكْرمْ عشيرتك، فإنّهُمْ جناحُك الّذي به تطيرُ، وأصْلُك الّذي
إليْه تصيرُ، ويدُك الّتي بها تصُول ُ". |
|
العشيرة
بمفهومها الإيجابي .
|
|
العشيرة هي الجماعة التي ترجع إلى عقد واحد، والعشيرة مشتقة من "العشرة" العدد المعروف وحيث أن العشرة تعتبر في نفسها عدداً كاملاً، فقد
سمي أقرباء الرجل الذين يكمل بهم عشيرة. ولا شك في أن الإسلام أعطى لمفهوم
العشيرة الذي كان سائداً بين العرب في عصر الدعوة بُعده الإيجابي، وأعلن رفضه
لبعض المفاهيم السلبية التي كانت سائدة بين العشائر. والتي تتنافى مع التعاليم
الأخلاقية والقيم الإنسانية. فإكرام الكريم، وعيادة المريض وإعانة المحتاج هي من تعاليم الإسلام
التي أمر المؤمن بأن تكون خلقاً من أخلاقه. |
|
خصائص
العشيرة
|
|
ويشير الإمام إلى بعض خصائص العشيرة فيقول: |
|
المفهوم
السلبي للعشيرة
|
|
في الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى التمسك بالعشيرة فيما يكون في
طاعة الله وبغرض الوصول إلى رضاه، نهى عن اتباع العشيرة فيما كانت عليه العرب من
عصبية ونصرة للعشيرة في حق أو باطل. |
|