سُورَةُ التّوبة وهي مَدنيّة وعددُ
آياتِهَا مَائة وتسع وعشرون آية فحَسب
ينبغي الإِلتفات إِلى الأُمور التالية قبل
الشروع في تفسير سورة التّوبة
1 ـ أسماء هذه السّورة.... ذكر المفسّرون لهذه السّورة أسماءً عديدة تبلغ العشرة، غير أنّ المشهور منها هو ما يلي: سورة البراءة، وسورة التوبة، والسورة الفاضحة. ولكلّ
من التسميات سبب جلي.
فالبراءة، لأنّها تُبتدأ بإعلان براءة الله من المشركين، والذين ينقضون
عهدهم. والتوبة، لما ورد من مزيد الكلام عن التوبة في
هذه السورة. والفاضحة، لما فيها من الآيات التي تكشف النقاب
عن أعمال المنافقين لتعريتهم وخزيهم وفضيحتهم.
2 ـ متى نزلت هذه السورة
هذه السورة هي آخر سورة نزلت على النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)أو
من أواخر السور النازلة عليه في المدينة،
وهي كما قلنا ذات 129 آية فحسب. والمعروف أن بداية نزول هذه السورة كانت في السنة التاسعة للهجرة، ويدلّ تتبع آياتها على أنّ قسماً منها نزل قبل معركة تبوك، وقسماً منها نزل عند الإِستعداد للمعركة أو «الغزوة»، وقسماً منها نزل بعد الرجوع من المعركة والفراغ منها. ومن بداية السورة حتى الآية (28) نزل قُبيل موسم الحج، كما سنبيّن ذلك بعون الله،
والآيات الأُولى ـ هذه ـ والتي تتعلق بمن بقي من المشركين بلّغها أميرالمؤمنين(عليه السلام) في موسم الحج.
3 ـ محتوى السّورة
لمّا كان نزول هذه السورة إبّان انتشار الإِسلام في الجزيزة العربية، وتحطيم آخر
مقاومة للمشركين فقد كان لما حوته من مفاهيم أهمية بالغة ومواضيع حساسة. إذ
يتعلق قسم منها بالبقية الباقية من عبدة الأوثان
والمشركين، وقطع العلاقات معهم، وإلغاء
المعاهدات والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين، لنقضهم لها مراراً،
ليتم تطهير المحيط الإِسلامي من رجس الوثنية الي الأبد.
وحيث إن بعض الأعداء عند انتشار رقعة الإسلام وتحطيم قوى الشرك غيّر مظهره بغية
النفوذ بين المسلمين، ولتوجيه ضربة قاضية للإِسلام من قبل المنافقين فإنّ قسماً
مهماً من آيات هذه السورة تتحدّت عن المنافقين وعقابهم،
وتحذر المسلمين منهم. وبعض آيات هذه السورة تتحّدث
عن الجهاد في سبيل الله وأهميته، لأنّ الغفلة عن هذا الأمر الحياتي في
ذلك الظرف الحساس تبعث على ضعف المسلمين وتقهقرهم أو انكسارهم. كما أنّ قسماً منه يكمل البحوث السابقة التي
تناولت انحراف أهل الكتاب «اليهود والنصارى» عن حقيقة
التوحيد، وتتكلم عن انصراف علمائهم عن واجبهم في التبليغ وقيادة المجتمع. وفي بعض آيات هذه السورة حثّ للمسلمين على الإِتحاد ورص الصفوف ـ تعقيباً على ما جاء آنفاً في
الحث على الجهاد ـ وتوبيخ للمتخاذلين المتحرّفين أو الضعاف الذين يتذرعون بذرائع
واهية للتخلص من هذا الواجب، ثمّ إنّ فيها ثناءً على المهاجرين
السابقين إِلى الهجرة، والصفوة من المؤمنين الصادقين. وحيث سبّب انتشار الإِسلام واتساع رقعة مجتمعه آنئذ ظهور حاجات مختلفة
ينبغي توفيرها، فقد عرضت بقية الآيات من هذه السورة موضوع
الزكاة وتحريم تراكم الثروات واكتنازها، ووجوب
طلب العلم أو التعلّم وتعليم الجهلة، وتناولت بحوثاً
متنوعة أُخرى كقصة هجرة النّبي، والأشهر الحرم
التي يحرم فيها القتال، وأخذالجزية من الأقليات الدينية غير الإِسلامية كاليهود والنصارى، وما إِلى ذلك.
4 ـ لِمَ لَمْ تبدأ هذه السورة بالبسملة؟
يُجيب استهلال السورة على السؤال آنف الذكر فقد بُدئت بالبراءة ـ من قبل الله ـ من المشركين، وإعلان الحرب عليهم،
واتباع أسلوب شديد لمواجهتهم، وبيان غضب الله عليهم، وكل
ذلك لا يتناسب والبسملة (بسم الله الرحمن
الرحيم)الدالة على الصفاء والصدق والسلام والحب; والكاشفة عن صفة الرحمة
واللطف الإِلهي.
وقد ورد هذا التعليل عن علي(عليه السلام)(1). جاء في
مجمع البيان عن الشيخ الطبرسي عن علي(عليه السلام) أنّه قال «لم تنزل بسم
الله الرحمن الرحيم على رأس سورة «براءة» لأنّ
بسم الله للأمان والرحمة ونزلت براءة لرفع الأمان والسيف فيه!». ويعتقد بعض المفسّرين أن سورة براءة ـ في الحقيقة ـ تتمة لسورة
لأنفال، لأنّ الأنفال تتحدث عن العهود، وبراءة
تتحدث عن نقض تلك العهود، فلم تذكر البسملة بين هاتين السورتين لإِرتباط بعضهما ببعض. وقد ورد عن الإِمام الصادق هذا
المعنى أيضاً. قال الطبري نقلا عن الإِمام الصادق (عليه
السلام) «الأنفال وبراءة واحدة!».
ولا مانع أن يكون السبب في عدم ذكر البسملة مجموع
الأمرين آنفي الذكر ـ معاً ـ فالأوّل ناظر إِلى الرواية الأُولى«رواية الإِمام علي» (عليه السلام).والثّاني يشير إِلى رواية الإِمام
الصادق(عليه السلام).
سُورَةُ التّوبة وهي مَدنيّة وعددُ
آياتِهَا مَائة وتسع وعشرون آية فحَسب
ينبغي الإِلتفات إِلى الأُمور التالية قبل
الشروع في تفسير سورة التّوبة
1 ـ أسماء هذه السّورة.... ذكر المفسّرون لهذه السّورة أسماءً عديدة تبلغ العشرة، غير أنّ المشهور منها هو ما يلي: سورة البراءة، وسورة التوبة، والسورة الفاضحة. ولكلّ
من التسميات سبب جلي.
فالبراءة، لأنّها تُبتدأ بإعلان براءة الله من المشركين، والذين ينقضون
عهدهم. والتوبة، لما ورد من مزيد الكلام عن التوبة في
هذه السورة. والفاضحة، لما فيها من الآيات التي تكشف النقاب
عن أعمال المنافقين لتعريتهم وخزيهم وفضيحتهم.
2 ـ متى نزلت هذه السورة
هذه السورة هي آخر سورة نزلت على النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)أو
من أواخر السور النازلة عليه في المدينة،
وهي كما قلنا ذات 129 آية فحسب. والمعروف أن بداية نزول هذه السورة كانت في السنة التاسعة للهجرة، ويدلّ تتبع آياتها على أنّ قسماً منها نزل قبل معركة تبوك، وقسماً منها نزل عند الإِستعداد للمعركة أو «الغزوة»، وقسماً منها نزل بعد الرجوع من المعركة والفراغ منها. ومن بداية السورة حتى الآية (28) نزل قُبيل موسم الحج، كما سنبيّن ذلك بعون الله،
والآيات الأُولى ـ هذه ـ والتي تتعلق بمن بقي من المشركين بلّغها أميرالمؤمنين(عليه السلام) في موسم الحج.
3 ـ محتوى السّورة
لمّا كان نزول هذه السورة إبّان انتشار الإِسلام في الجزيزة العربية، وتحطيم آخر
مقاومة للمشركين فقد كان لما حوته من مفاهيم أهمية بالغة ومواضيع حساسة. إذ
يتعلق قسم منها بالبقية الباقية من عبدة الأوثان
والمشركين، وقطع العلاقات معهم، وإلغاء
المعاهدات والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين، لنقضهم لها مراراً،
ليتم تطهير المحيط الإِسلامي من رجس الوثنية الي الأبد.
وحيث إن بعض الأعداء عند انتشار رقعة الإسلام وتحطيم قوى الشرك غيّر مظهره بغية
النفوذ بين المسلمين، ولتوجيه ضربة قاضية للإِسلام من قبل المنافقين فإنّ قسماً
مهماً من آيات هذه السورة تتحدّت عن المنافقين وعقابهم،
وتحذر المسلمين منهم. وبعض آيات هذه السورة تتحّدث
عن الجهاد في سبيل الله وأهميته، لأنّ الغفلة عن هذا الأمر الحياتي في
ذلك الظرف الحساس تبعث على ضعف المسلمين وتقهقرهم أو انكسارهم. كما أنّ قسماً منه يكمل البحوث السابقة التي
تناولت انحراف أهل الكتاب «اليهود والنصارى» عن حقيقة
التوحيد، وتتكلم عن انصراف علمائهم عن واجبهم في التبليغ وقيادة المجتمع. وفي بعض آيات هذه السورة حثّ للمسلمين على الإِتحاد ورص الصفوف ـ تعقيباً على ما جاء آنفاً في
الحث على الجهاد ـ وتوبيخ للمتخاذلين المتحرّفين أو الضعاف الذين يتذرعون بذرائع
واهية للتخلص من هذا الواجب، ثمّ إنّ فيها ثناءً على المهاجرين
السابقين إِلى الهجرة، والصفوة من المؤمنين الصادقين. وحيث سبّب انتشار الإِسلام واتساع رقعة مجتمعه آنئذ ظهور حاجات مختلفة
ينبغي توفيرها، فقد عرضت بقية الآيات من هذه السورة موضوع
الزكاة وتحريم تراكم الثروات واكتنازها، ووجوب
طلب العلم أو التعلّم وتعليم الجهلة، وتناولت بحوثاً
متنوعة أُخرى كقصة هجرة النّبي، والأشهر الحرم
التي يحرم فيها القتال، وأخذالجزية من الأقليات الدينية غير الإِسلامية كاليهود والنصارى، وما إِلى ذلك.
4 ـ لِمَ لَمْ تبدأ هذه السورة بالبسملة؟
يُجيب استهلال السورة على السؤال آنف الذكر فقد بُدئت بالبراءة ـ من قبل الله ـ من المشركين، وإعلان الحرب عليهم،
واتباع أسلوب شديد لمواجهتهم، وبيان غضب الله عليهم، وكل
ذلك لا يتناسب والبسملة (بسم الله الرحمن
الرحيم)الدالة على الصفاء والصدق والسلام والحب; والكاشفة عن صفة الرحمة
واللطف الإِلهي.
وقد ورد هذا التعليل عن علي(عليه السلام)(1). جاء في
مجمع البيان عن الشيخ الطبرسي عن علي(عليه السلام) أنّه قال «لم تنزل بسم
الله الرحمن الرحيم على رأس سورة «براءة» لأنّ
بسم الله للأمان والرحمة ونزلت براءة لرفع الأمان والسيف فيه!». ويعتقد بعض المفسّرين أن سورة براءة ـ في الحقيقة ـ تتمة لسورة
لأنفال، لأنّ الأنفال تتحدث عن العهود، وبراءة
تتحدث عن نقض تلك العهود، فلم تذكر البسملة بين هاتين السورتين لإِرتباط بعضهما ببعض. وقد ورد عن الإِمام الصادق هذا
المعنى أيضاً. قال الطبري نقلا عن الإِمام الصادق (عليه
السلام) «الأنفال وبراءة واحدة!».
ولا مانع أن يكون السبب في عدم ذكر البسملة مجموع
الأمرين آنفي الذكر ـ معاً ـ فالأوّل ناظر إِلى الرواية الأُولى«رواية الإِمام علي» (عليه السلام).والثّاني يشير إِلى رواية الإِمام
الصادق(عليه السلام).