- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
|
|
|
|
سُورَة الأحقاف مكيّة وَعَدَدُ آياتها خمسٌ
وثلاثونَ آية |
|
|
|
هذه السورة من السور المكية ـ وإن كان جمع من المفسّرين ذهبوا إلى أنّ بعض آياتها قد نزلت في المدينة وسنبحث ذلك في شرح تلك الآيات إن شاء الله تعالى ـ ولما كان زمان نزولها
وظروفه زمان مواجهة الشرك والدعوة إلى التوحيد والمعاد ومسائل الإسلام الأساسية
فإنها تتحدث حول هذه الأُمور وتدور حول هذه المحاور. |
|
|
|
ورد في حديث عن النّبي (ص) في فضل هذه السورة: «من قرأ سورة الأحقاف أُعطي
من الأجر بعدد كلّ رمل في الدنيا عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر
درجات»( تفسير مجمع البيان بداية سورة
الأحقاف..) |
|
|
|
حم( 1 ) تَنزِيلُ الْكِتَبِ مِنَ اللهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ( 2 ) مَا خَلَقْنَا السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَل مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا
أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ( 3 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
هذه السورة هي آخر سورة تبدأ بـ (حم) وتسمى جميعاً الحواميم. |
|
|
|
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ
اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الاَْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى
السَّموَاتِ ائْتُونِى بِكِتَب مِن قَبْلِ هذَا أَوْ أَثَرَة مِنْ عِلْم إِن
كُنتُمْ صَدِقِينَ( 4 ) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللهِ مَن
لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ
غَفِلُونَ( 5 ) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُواْ
بِعِبَادَتِهِمْ كَفِرِينَ( 6 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة عن خلق السماوات والأرض وأنّها جميعاً من صنع
الله العزيز الحكيم ولازم ذلك أن لا يكون في الكون إله سواه لأنّ من له أهلية
الأُلوهية هو خالق العالم ومدبره وهاتان الصفتان قد جمعتا في الذات المقدسة. وقد ذكر علماء اللغة والمفسّرون عدةّ معان لكلمة «أثارة» ـ على وزن حلاوة ـ فمنها: بقية الشيء الرواية
العلامة. لكنّ الظاهر أنّها تعود إلى معنى واحد وقد وردت مثل هذه المناظرة والمحاكمة مع الوثنيين في الآية (40) من سورة
فاطر حيث تقول: (قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من
الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه بل إن يعد
الظالمون بعضهم بعضاً إلاّ غروراً). |
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَتُنَا بَيِّنَت
قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هذَا سِحْرٌ مُبِينٌ( 7 )
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى
مِنَّ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً
بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( 8 ) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً
مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ
إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌّ مُبِينٌ( 9 ) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِن
بَنِى إِسْرَاءِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى
الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ( 10 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
|
يستمر الحديث في هذه الآيات عن حال المشركين وكيفية تعاملهم مع آيات الله
فتقول: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا
للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) فهم لا يستطيعون إنكار نفوذ القرآن
السريع في القلوب وجاذبيته التي لا تقاوم من جهة وهم من جهة أُخرى غير مستعدين لأن يخضعوا أمام عظمته
وكونه حقّاً ولذلك فإنّهم يفسّرون هذا النفوذ القوي بتفسير خاطئ منحرف ويقولون:
إنّه سحر مبين وهذا القول ـ بحدِّ ذاته ـ اعتراف ضمني واضح بتأثير القرآن الخارق
في قلوب البشر. إلاّ أنّ هذا الإحتمال غير صحيح بملاحظة جملة: (فآمن واستكبرتم) التي توحي بأنّ هذا الشاهد من بني
إسرائيل قد آمن بنبيّ الإسلام (ص)في الوقت الذي استكبر فيه المشركون ولم يؤمنوا
لأنّ ظاهر الجملة يوحي بأنّ هذا الشاهد كان موجوداً في عصر نبيّ الإسلام(ص) وآمن
به بينما اختار الآخرون طريق الإستكبار والكفر. |
|
|
|
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ
آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ
بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ( 11 ) وَمِن قَبْلِهِ كِتَبُ مُوسَى
إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهذَا كِتَبٌ مُصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنذِرَ
الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ( 12 ) إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ
رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ ( 13 )أُولَئِكَ أَصْحَبُ الْجَنَّةِ خَلِدِينَ فِيهَا جَزَاءً
بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ( 14 ) |
|
|
|
|
|
1 ـ إنّ هذه الآية نزلت في «أبي ذر الغفاري» الذي أسلم في مكّة ثمّ تابعته في
الإيمان قبيلته ـ بنو غفار ـولما كانت قبيلة بني غفار من سكان البادية وكانوا فقراء قال كفار قريش ـ وكانوا أثرياء من أهل المدن ـ : لو كان الإسلام خيراً ما سبقنا إليه غفار الحلفاء فنزلت هذه الآية
وأجابتهم. |
|
التّفسير |
|
|
|
تستمر هذه الآيات في تحليل أقوال المشركين وأفعالهم ثمّ تقريعهم وملامتهم
بعد ذلك فتشير أوّلاً إلى ما نطق به هؤلاء من كلام بعيد عن المنطق السليم مبنيّ
على أساس الكبر والغرور فتقول: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما
سبقونا إليه)( بحث المفسّرون كثيراً في معنى «اللام» في (للذين آمنوا) إلاّ أنّ أنسب
الإحتمالات جميعاً هو أن «اللام» بمعنى (في) وبناءً على هذا فإنّ معنى الجملة:
إنّ الكافرين قالوا في المؤمنين ولا يأتي في هذه الحالة إشكال من جهة كون فعل
(سبقونا) للغائب. في حين أنّ البعض قد اعتبر اللام لام التعليل! وقال آخرون
(الذين آمنوا) هنا مخاطبون وجملة (سبقونا) بمعنى سبقتمونا!.) لقد غفل هؤلاء عن أن العيب فيهم لا في
الإسلام فلو لا حجب الكبر والغرور الملقاة على قلوبهم ولولا أنّهم سكرى من خمرة
المال والجاه والمقام ولولا أنّ غرورهم وتكبرهم يمنعهم من التحقيق في أمر هذا
الدين إذن لانجذبوا بسرعة الى الإسلام كما انجذب الفقراء إليه. |
|
|
وَوَصَّيْنَا الاِْنسَنَ بِوَالِدَيْهِ
إِحْسَناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ
وَفِصَلُهُ ثَلَثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ
أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى
أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَلِحاً تَرْضَهُ
وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِى إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ( 15 ) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا
عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئِاتِهِمْ فِى أَصْحَبِ الْجَنَّةِ وَعْدَ
الصِّدْقِ الَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ( 16 ) |
|
التّفسير |
|
أيّها الإنسان أحسن إلى والديك: |
|
|
وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا
أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا
يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا
هذَا إِلاَّ أَسَطِيرُ الاَْوَّلِينَ( 17 ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ
عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمَم قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِنَ الْجِنِّ
وَالاِْنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَسِرِينَ( 18 ) وَلِكُلٍّ دَرَجَتٌ مِمَّا
عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ( 19 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة عن المؤمنين
الذين سلكوا طريق القرب من الله فبلغوا الغاية ووسعتهم رحمة الله وكرمهم لطفه
وكلّ ذلك في ظل الإيمان والعمل الصالح وشكر نعم الله سبحانه والإلتفات إلى حقوق
الأبوين والذرية وأدائها. |
|
ملاحظة |
|
|
|
ورد في رواية أنّ «معاوية» أرسل رسالة إلى
«مروان» ـ وإليه على المدينة ـ يأمره بأخذ البيعة من الناس لابنه يزيد وكان
«عبدالرحمن بن أبي بكر» حاضراً في المجلس فقال: يريد معاوية أن يجعل هذا الأمر
هرقلياً وكسروياً ـ ملكي الروم وفارس ـ إذا مات الآباء جعلوا أبناءهم مكانهم وإن
لم يكونوا أهلاً لذلك أو كانوا فساقاً... |
|
|
|
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى
النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا
وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ
تَسْتَكْبِرُونَ فِى الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ(
20 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
تستمر هذه الآية في البحث حول عقوبة الكافرين والمجرمين وتذكر جانباً من أنواع العذاب الجسمي
والروحي الذي سينال هؤلاء فتقول: (ويوم يعرض الذين كفروا على النّار أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا...)(
(يوم) ظرف متعلق بفعل محذوف يستفاد من الجمل التالية والتقدير: ويوم يعرض الذين
كفروا على النّار يقال لهم أذهبتم طيّباتكم...). |
|
|
|
1 ـ تقول هذه الآية: إنّ الكفار يعرضون على النّار في القيامة وقد ورد نظير هذا في الآية (46) من سورة المؤمن حول عذاب الفراعنة في البرزخ إذ
تقول: (النّار يعرضون عليها غدواً وعشياً) في حين أنّنا نقرأ في بعض آيات القرآن الأُخرى أنّ جهنّم تعرض على
الكافرين: (وعرضنا جهنّم للكافرين عرضاً)( الكهف الآية 100.). |
|
|
|
وَاذْكُرْ أَخَا عَاد إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ
بِالاَْحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم
عَظِيم( 21 ) قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا
بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّدِقِينَ( 22 ) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ
عِندَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُم مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْماً
تَجْهَلُونَ( 23 ) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ
قَالُواْ هذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ
فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ( 24 ) تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْء بِأَمْرِ رَبِّهَا
فَأَصْبَحُواْ لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ
الْمُجْرِمِينَ( 25 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
لما كان القرآن يذكر قضايا كلية ثمّ يتطرق
إلى بيان مصاديق واضحة لها ليطبق تلك الكليات. فإنّه هنا يسلك نفس السبيل فبعد أن فصل حال المستكبرين
المتمردين تطرّق إلى ذكر قصة قوم عاد الذين هم صورة واضحة لأولئك العتاة فتقول
الآية: (واذكر أخا عاد). |
|
|
|
وَلَقَدْ مَكَّنَّهُمْ فِيَما إِن مَكَّنكُمْ
فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى
عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَرُهُمْ وَلاَ أَفِئِدَتُهُم مِن شَىْء إِذْ
كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ( 26 ) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِنَ الْقُرَى
وَصَرَّفْنَا الآيَتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( 27 ) فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ
الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّواْ
عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ( 28 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
إنّ هذه الآيات بمثابة استنتاج للآيات السابقة التي كانت تتحدث عن عقاب قوم
عاد الأليم فتخاطب مشركي مكّة وتقول: (ولقد مكّناهم فيما إن مكّناكم فيه)( «إن» في جملة (إن مكّناكم فيه) نافية
ولدينا شواهد متعددة من آيات القرآن الكريم وردت في المتن. إلاّ أنّ البعض
اعتبرها شرطية أو زائدة ولا نرى ذلك صواباً.) فقد كانوا أقوى منكم من الناحية الجسمية وأقدر منكم من ناحية المال
والثروة والإمكانات المادية فإذا كان بإمكان القوّة الجسمية والمال والثروة
والتطور المادي أن تنقذ أحداً من قبضة الجزاء الإلهي فكان ينبغي على قوم عاد أن
يصمدوا أمام العاصفة ولا يكونوا كالقشة في مهب الرياح تتقاذفهم كيف شاءت ولا
يبقى من آثارهم إلاّ أطلال مساكنهم! لقد كان كلّ قوم من أُولئك عبرة وكان كلّ منهم شاهداً ناطقاً معبراً يسأل:
كيف لا يستيقظ هؤلاء ولا يعون مع كلّ وسائل التوعية هذه...! |
|
|
|
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ
الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ
فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْ إِلَى قَوْمِهِم مُنذِرِينَ( 29 ) قَالُواْ يَقَوْمَنَا
إِنَّا سَمِعْنَا كِتَباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم( 30 ) يَقَوْمَنَا
أَجِيبُواْ دَاعِىَ اللهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِن ذُنُوبِكُمْ
وَيُجِرْكُم مِنْ عَذَاب أَلِيم( 31 ) وَمَن لاَ يُجِبْ دَاعِىَ اللهِ فَلَيْسَ
بِمُعْجِز فِى الاَْرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِى
ضَلَل مُبِين( 32 ) |
|
|
|
وردت روايات مختلفة في سبب نزول هذه الآيات
ومن جملتها: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج من مكّة إلى سوق عكاظ
في الطائف ـ وكان معه زيد بن حارثة ـ من أجل أن يدعو الناس إلى الإسلام إلاّ أنّ
أحداً لم يجبه فاضطر الى الرجوع إلى مكّة وفي طريق عودته وصل إلى موضع يقال له:
وادي الجن فبدأ بتلاوة القرآن في جوف الليل وكانت طائفة من الجن يمرون من هناك
فلما سمعوا قراءة النّبي(ص) للقرآن أصغوا إليه وقال بعضهم لبعض: اسكتوا وأنصتوا فلما
أتمّ رسول الله (ص) تلاوته آمنوا به وأتوا قومهم كرسل يدعونهم إلى الإسلام فآمن
لهم جماعة وأتوا جميعاً الى النّبي(ص) فعلّمهم رسول الله (ص) الإسلام فنزلت هذه
الآيات وآيات سورة الجن(تفسير علي بن إبراهيم طبقاً لنقل نور الثقلين
المجلد 5 صفحة 19 باختصار يسير..) |
|
التّفسير |
|
|
|
جاء في هذه الآيات ـ وكما أُشير في سبب
النّزول ـ بحث مختصر حول إيمان طائفة من الجن بنبيّ الإسلام (ص) وكتابه السماوي
لتوضح لمشركي مكّة حقيقة هي: كيف تؤمن طائفة من الجن البعيدين ـ ظاهراً ـ بهذا
النبي الذي هو من الإنس وبعث من بين أظهركم وأنتم تصرون على الكفر وتستمرون في
عنادكم ومخالفتكم... |
|
|
|
|
|
كما قلنا سابقاً فإنّ البحث حول الجن
وكيفية حياتهم والخصوصيات الاُخرى المتعلقة بهم ستأتي في تفسير سورة الجن إن شاء
الله تعالى والذي يستفاد من هذه الآيات أنّ الجن موجودات عاقلة لها إدراك وشعور
وهم مكلّفون بالواجبات الإلهية وفيهم المؤمن والكافر ولديهم الإطلاع الكافي على
الدعوات الإلهية. |
|
|
|
يظهر جلياً من الآيات أعلاه ـ وآيات سورة
الجن ـ أنّ هذه الفرقة من الجن قد انجذبوا إلى القرآن وانشدوا إليه بمجرّد سماع
آياته ولا يوجد أي دليل على أنّهم قد طلبوا من نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله
وسلم) معجزة أُخرى. |
|
|
|
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ
السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَدِر عَلَى أَن يُحِْىَ
الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ( 33 ) وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى
وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ( 34 )
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل
لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ
سَاعَةً مِن نَهَار بَلَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَسِقُونَ( 35 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
تواصل هذه الآيات ـ وهي آخر آيات سورة الأحقاف ـ البحث حول المعاد حيث جاءت
الإشارة إلى مسألة المعاد في الآيات السابقة حكاية عن لسان مبلغي الجن. هذا من
جهة. ومن جهة أُخرى فإنّ سورة الأحقاف تتحدث في
فصولها الأولى عن مسألة التوحيد وعظمة القرآن المجيد وإثبات نبوة نبي الإسلام(ص )
وتبحث في آخر فصل من هذه السورة مسألة المعاد لتكمل بذلك البحث في الأصول
الإعتقادية الثلاثة. غير أنّ أُولئك الذين لا حيلة لهم: (قالوا بلى وربّنا) فهنا يقول الله سبحانه أو ملائكة
العذاب: (قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون). |
|
|
|
كان نبيّ الإسلام مثال الصبر والإستقامة: اللّهمَّ امنحنا هذه الموهبة العظيمة هذه العطية السماوية وهذا الصبر
والثبات والإستقامة أمام المشاكل. آمين يا ربّ العالمين. نهاية سورة الأحقاف |
|
|
|
|
|
سُورَة الأحقاف مكيّة وَعَدَدُ آياتها خمسٌ
وثلاثونَ آية |
|
|
|
هذه السورة من السور المكية ـ وإن كان جمع من المفسّرين ذهبوا إلى أنّ بعض آياتها قد نزلت في المدينة وسنبحث ذلك في شرح تلك الآيات إن شاء الله تعالى ـ ولما كان زمان نزولها
وظروفه زمان مواجهة الشرك والدعوة إلى التوحيد والمعاد ومسائل الإسلام الأساسية
فإنها تتحدث حول هذه الأُمور وتدور حول هذه المحاور. |
|
|
|
ورد في حديث عن النّبي (ص) في فضل هذه السورة: «من قرأ سورة الأحقاف أُعطي
من الأجر بعدد كلّ رمل في الدنيا عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر
درجات»( تفسير مجمع البيان بداية سورة
الأحقاف..) |
|
|
|
حم( 1 ) تَنزِيلُ الْكِتَبِ مِنَ اللهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ( 2 ) مَا خَلَقْنَا السَّموَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَل مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا
أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ( 3 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
هذه السورة هي آخر سورة تبدأ بـ (حم) وتسمى جميعاً الحواميم. |
|
|
|
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ
اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الاَْرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِى
السَّموَاتِ ائْتُونِى بِكِتَب مِن قَبْلِ هذَا أَوْ أَثَرَة مِنْ عِلْم إِن
كُنتُمْ صَدِقِينَ( 4 ) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللهِ مَن
لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَمَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ
غَفِلُونَ( 5 ) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُواْ
بِعِبَادَتِهِمْ كَفِرِينَ( 6 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة عن خلق السماوات والأرض وأنّها جميعاً من صنع
الله العزيز الحكيم ولازم ذلك أن لا يكون في الكون إله سواه لأنّ من له أهلية
الأُلوهية هو خالق العالم ومدبره وهاتان الصفتان قد جمعتا في الذات المقدسة. وقد ذكر علماء اللغة والمفسّرون عدةّ معان لكلمة «أثارة» ـ على وزن حلاوة ـ فمنها: بقية الشيء الرواية
العلامة. لكنّ الظاهر أنّها تعود إلى معنى واحد وقد وردت مثل هذه المناظرة والمحاكمة مع الوثنيين في الآية (40) من سورة
فاطر حيث تقول: (قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من
الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه بل إن يعد
الظالمون بعضهم بعضاً إلاّ غروراً). |
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَتُنَا بَيِّنَت
قَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هذَا سِحْرٌ مُبِينٌ( 7 )
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى
مِنَّ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً
بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( 8 ) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً
مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ
إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌّ مُبِينٌ( 9 ) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِن
بَنِى إِسْرَاءِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِى
الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ( 10 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
|
يستمر الحديث في هذه الآيات عن حال المشركين وكيفية تعاملهم مع آيات الله
فتقول: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا
للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) فهم لا يستطيعون إنكار نفوذ القرآن
السريع في القلوب وجاذبيته التي لا تقاوم من جهة وهم من جهة أُخرى غير مستعدين لأن يخضعوا أمام عظمته
وكونه حقّاً ولذلك فإنّهم يفسّرون هذا النفوذ القوي بتفسير خاطئ منحرف ويقولون:
إنّه سحر مبين وهذا القول ـ بحدِّ ذاته ـ اعتراف ضمني واضح بتأثير القرآن الخارق
في قلوب البشر. إلاّ أنّ هذا الإحتمال غير صحيح بملاحظة جملة: (فآمن واستكبرتم) التي توحي بأنّ هذا الشاهد من بني
إسرائيل قد آمن بنبيّ الإسلام (ص)في الوقت الذي استكبر فيه المشركون ولم يؤمنوا
لأنّ ظاهر الجملة يوحي بأنّ هذا الشاهد كان موجوداً في عصر نبيّ الإسلام(ص) وآمن
به بينما اختار الآخرون طريق الإستكبار والكفر. |
|
|
|
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ
آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ
بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ( 11 ) وَمِن قَبْلِهِ كِتَبُ مُوسَى
إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهذَا كِتَبٌ مُصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنذِرَ
الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ( 12 ) إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ
رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَمُواْ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ
يَحْزَنُونَ ( 13 )أُولَئِكَ أَصْحَبُ الْجَنَّةِ خَلِدِينَ فِيهَا جَزَاءً
بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ( 14 ) |
|
|
|
|
|
1 ـ إنّ هذه الآية نزلت في «أبي ذر الغفاري» الذي أسلم في مكّة ثمّ تابعته في
الإيمان قبيلته ـ بنو غفار ـولما كانت قبيلة بني غفار من سكان البادية وكانوا فقراء قال كفار قريش ـ وكانوا أثرياء من أهل المدن ـ : لو كان الإسلام خيراً ما سبقنا إليه غفار الحلفاء فنزلت هذه الآية
وأجابتهم. |
|
التّفسير |
|
|
|
تستمر هذه الآيات في تحليل أقوال المشركين وأفعالهم ثمّ تقريعهم وملامتهم
بعد ذلك فتشير أوّلاً إلى ما نطق به هؤلاء من كلام بعيد عن المنطق السليم مبنيّ
على أساس الكبر والغرور فتقول: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما
سبقونا إليه)( بحث المفسّرون كثيراً في معنى «اللام» في (للذين آمنوا) إلاّ أنّ أنسب
الإحتمالات جميعاً هو أن «اللام» بمعنى (في) وبناءً على هذا فإنّ معنى الجملة:
إنّ الكافرين قالوا في المؤمنين ولا يأتي في هذه الحالة إشكال من جهة كون فعل
(سبقونا) للغائب. في حين أنّ البعض قد اعتبر اللام لام التعليل! وقال آخرون
(الذين آمنوا) هنا مخاطبون وجملة (سبقونا) بمعنى سبقتمونا!.) لقد غفل هؤلاء عن أن العيب فيهم لا في
الإسلام فلو لا حجب الكبر والغرور الملقاة على قلوبهم ولولا أنّهم سكرى من خمرة
المال والجاه والمقام ولولا أنّ غرورهم وتكبرهم يمنعهم من التحقيق في أمر هذا
الدين إذن لانجذبوا بسرعة الى الإسلام كما انجذب الفقراء إليه. |
|
|
وَوَصَّيْنَا الاِْنسَنَ بِوَالِدَيْهِ
إِحْسَناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ
وَفِصَلُهُ ثَلَثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ
أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى
أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَلِحاً تَرْضَهُ
وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِى إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ( 15 ) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا
عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئِاتِهِمْ فِى أَصْحَبِ الْجَنَّةِ وَعْدَ
الصِّدْقِ الَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ( 16 ) |
|
التّفسير |
|
أيّها الإنسان أحسن إلى والديك: |
|
|
وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا
أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا
يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا
هذَا إِلاَّ أَسَطِيرُ الاَْوَّلِينَ( 17 ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ
عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمَم قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِنَ الْجِنِّ
وَالاِْنسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَسِرِينَ( 18 ) وَلِكُلٍّ دَرَجَتٌ مِمَّا
عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ( 19 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
كان الكلام في الآيات السابقة عن المؤمنين
الذين سلكوا طريق القرب من الله فبلغوا الغاية ووسعتهم رحمة الله وكرمهم لطفه
وكلّ ذلك في ظل الإيمان والعمل الصالح وشكر نعم الله سبحانه والإلتفات إلى حقوق
الأبوين والذرية وأدائها. |
|
ملاحظة |
|
|
|
ورد في رواية أنّ «معاوية» أرسل رسالة إلى
«مروان» ـ وإليه على المدينة ـ يأمره بأخذ البيعة من الناس لابنه يزيد وكان
«عبدالرحمن بن أبي بكر» حاضراً في المجلس فقال: يريد معاوية أن يجعل هذا الأمر
هرقلياً وكسروياً ـ ملكي الروم وفارس ـ إذا مات الآباء جعلوا أبناءهم مكانهم وإن
لم يكونوا أهلاً لذلك أو كانوا فساقاً... |
|
|
|
وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى
النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا
وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ
تَسْتَكْبِرُونَ فِى الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ(
20 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
تستمر هذه الآية في البحث حول عقوبة الكافرين والمجرمين وتذكر جانباً من أنواع العذاب الجسمي
والروحي الذي سينال هؤلاء فتقول: (ويوم يعرض الذين كفروا على النّار أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدنيا...)(
(يوم) ظرف متعلق بفعل محذوف يستفاد من الجمل التالية والتقدير: ويوم يعرض الذين
كفروا على النّار يقال لهم أذهبتم طيّباتكم...). |
|
|
|
1 ـ تقول هذه الآية: إنّ الكفار يعرضون على النّار في القيامة وقد ورد نظير هذا في الآية (46) من سورة المؤمن حول عذاب الفراعنة في البرزخ إذ
تقول: (النّار يعرضون عليها غدواً وعشياً) في حين أنّنا نقرأ في بعض آيات القرآن الأُخرى أنّ جهنّم تعرض على
الكافرين: (وعرضنا جهنّم للكافرين عرضاً)( الكهف الآية 100.). |
|
|
|
وَاذْكُرْ أَخَا عَاد إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ
بِالاَْحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ
أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللهَ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْم
عَظِيم( 21 ) قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا
بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّدِقِينَ( 22 ) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ
عِندَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُم مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْماً
تَجْهَلُونَ( 23 ) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ
قَالُواْ هذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ
فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ( 24 ) تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْء بِأَمْرِ رَبِّهَا
فَأَصْبَحُواْ لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ
الْمُجْرِمِينَ( 25 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
لما كان القرآن يذكر قضايا كلية ثمّ يتطرق
إلى بيان مصاديق واضحة لها ليطبق تلك الكليات. فإنّه هنا يسلك نفس السبيل فبعد أن فصل حال المستكبرين
المتمردين تطرّق إلى ذكر قصة قوم عاد الذين هم صورة واضحة لأولئك العتاة فتقول
الآية: (واذكر أخا عاد). |
|
|
|
وَلَقَدْ مَكَّنَّهُمْ فِيَما إِن مَكَّنكُمْ
فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى
عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَرُهُمْ وَلاَ أَفِئِدَتُهُم مِن شَىْء إِذْ
كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَتِ اللهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ( 26 ) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِنَ الْقُرَى
وَصَرَّفْنَا الآيَتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ( 27 ) فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ
الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللهِ قُرْبَاناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّواْ
عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ( 28 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
إنّ هذه الآيات بمثابة استنتاج للآيات السابقة التي كانت تتحدث عن عقاب قوم
عاد الأليم فتخاطب مشركي مكّة وتقول: (ولقد مكّناهم فيما إن مكّناكم فيه)( «إن» في جملة (إن مكّناكم فيه) نافية
ولدينا شواهد متعددة من آيات القرآن الكريم وردت في المتن. إلاّ أنّ البعض
اعتبرها شرطية أو زائدة ولا نرى ذلك صواباً.) فقد كانوا أقوى منكم من الناحية الجسمية وأقدر منكم من ناحية المال
والثروة والإمكانات المادية فإذا كان بإمكان القوّة الجسمية والمال والثروة
والتطور المادي أن تنقذ أحداً من قبضة الجزاء الإلهي فكان ينبغي على قوم عاد أن
يصمدوا أمام العاصفة ولا يكونوا كالقشة في مهب الرياح تتقاذفهم كيف شاءت ولا
يبقى من آثارهم إلاّ أطلال مساكنهم! لقد كان كلّ قوم من أُولئك عبرة وكان كلّ منهم شاهداً ناطقاً معبراً يسأل:
كيف لا يستيقظ هؤلاء ولا يعون مع كلّ وسائل التوعية هذه...! |
|
|
|
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ
الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ
فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْ إِلَى قَوْمِهِم مُنذِرِينَ( 29 ) قَالُواْ يَقَوْمَنَا
إِنَّا سَمِعْنَا كِتَباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيق مُسْتَقِيم( 30 ) يَقَوْمَنَا
أَجِيبُواْ دَاعِىَ اللهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِن ذُنُوبِكُمْ
وَيُجِرْكُم مِنْ عَذَاب أَلِيم( 31 ) وَمَن لاَ يُجِبْ دَاعِىَ اللهِ فَلَيْسَ
بِمُعْجِز فِى الاَْرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِى
ضَلَل مُبِين( 32 ) |
|
|
|
وردت روايات مختلفة في سبب نزول هذه الآيات
ومن جملتها: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج من مكّة إلى سوق عكاظ
في الطائف ـ وكان معه زيد بن حارثة ـ من أجل أن يدعو الناس إلى الإسلام إلاّ أنّ
أحداً لم يجبه فاضطر الى الرجوع إلى مكّة وفي طريق عودته وصل إلى موضع يقال له:
وادي الجن فبدأ بتلاوة القرآن في جوف الليل وكانت طائفة من الجن يمرون من هناك
فلما سمعوا قراءة النّبي(ص) للقرآن أصغوا إليه وقال بعضهم لبعض: اسكتوا وأنصتوا فلما
أتمّ رسول الله (ص) تلاوته آمنوا به وأتوا قومهم كرسل يدعونهم إلى الإسلام فآمن
لهم جماعة وأتوا جميعاً الى النّبي(ص) فعلّمهم رسول الله (ص) الإسلام فنزلت هذه
الآيات وآيات سورة الجن(تفسير علي بن إبراهيم طبقاً لنقل نور الثقلين
المجلد 5 صفحة 19 باختصار يسير..) |
|
التّفسير |
|
|
|
جاء في هذه الآيات ـ وكما أُشير في سبب
النّزول ـ بحث مختصر حول إيمان طائفة من الجن بنبيّ الإسلام (ص) وكتابه السماوي
لتوضح لمشركي مكّة حقيقة هي: كيف تؤمن طائفة من الجن البعيدين ـ ظاهراً ـ بهذا
النبي الذي هو من الإنس وبعث من بين أظهركم وأنتم تصرون على الكفر وتستمرون في
عنادكم ومخالفتكم... |
|
|
|
|
|
كما قلنا سابقاً فإنّ البحث حول الجن
وكيفية حياتهم والخصوصيات الاُخرى المتعلقة بهم ستأتي في تفسير سورة الجن إن شاء
الله تعالى والذي يستفاد من هذه الآيات أنّ الجن موجودات عاقلة لها إدراك وشعور
وهم مكلّفون بالواجبات الإلهية وفيهم المؤمن والكافر ولديهم الإطلاع الكافي على
الدعوات الإلهية. |
|
|
|
يظهر جلياً من الآيات أعلاه ـ وآيات سورة
الجن ـ أنّ هذه الفرقة من الجن قد انجذبوا إلى القرآن وانشدوا إليه بمجرّد سماع
آياته ولا يوجد أي دليل على أنّهم قد طلبوا من نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله
وسلم) معجزة أُخرى. |
|
|
|
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ
السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَدِر عَلَى أَن يُحِْىَ
الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ( 33 ) وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى
وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ( 34 )
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل
لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ
سَاعَةً مِن نَهَار بَلَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَسِقُونَ( 35 ) |
|
التّفسير |
|
|
|
تواصل هذه الآيات ـ وهي آخر آيات سورة الأحقاف ـ البحث حول المعاد حيث جاءت
الإشارة إلى مسألة المعاد في الآيات السابقة حكاية عن لسان مبلغي الجن. هذا من
جهة. ومن جهة أُخرى فإنّ سورة الأحقاف تتحدث في
فصولها الأولى عن مسألة التوحيد وعظمة القرآن المجيد وإثبات نبوة نبي الإسلام(ص )
وتبحث في آخر فصل من هذه السورة مسألة المعاد لتكمل بذلك البحث في الأصول
الإعتقادية الثلاثة. غير أنّ أُولئك الذين لا حيلة لهم: (قالوا بلى وربّنا) فهنا يقول الله سبحانه أو ملائكة
العذاب: (قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون). |
|
|
|
كان نبيّ الإسلام مثال الصبر والإستقامة: اللّهمَّ امنحنا هذه الموهبة العظيمة هذه العطية السماوية وهذا الصبر
والثبات والإستقامة أمام المشاكل. آمين يا ربّ العالمين. نهاية سورة الأحقاف |