- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
سر الشك في نهج
البلاغة
|
|||
|
السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني
|
|||
|
||||
|
إن مجموعة نهج البلاغة عِقْدٌ في
الأدب ثمين وينبوع للعلم عزيز المادة لا ينبغي أن يستخف بوزنه لمجرد تعصب أشخاص
أوطوائف ضعيفة المركز لا تعرف ثمن الحكمة ولا تلتفت إلى العواقب، قام في عصره
سيد الشعراء بلا مراء ألا وهوالشريف الرضي فسّنَّ لنهضة النَّشْأ العربي نهج
البلاغة واختار من مختار كلام أميرالبلاغة وإمام الإنشاء مجموعة وافية بالغرض
وثق من أسنادها وهوالثقة عند الجميع. فما بال بعض إخواننا المنتمين إلى أهل السنة يقدحون في هذا الكتاب كله لمجرد تأثرهم مما في الخطبة الشقشقية وحدها ؟! وما بال بعض المتطرفين من إخواننا الشيعة يتوقفون في توثيق هذه المجموعة
القيمة لمجرد استبعادهم لخطبة (لله بلاء فلان) المتضمنة تأبين سيدنا علي عليه السلام لعمر ونعته
بالوصف الجميل ؟! ولنا في كلتا الخطبتين مجال التأويل. |
|||
|
صحة
إسناد الشقشقية
|
|||
|
صحة إسناد الشقشقية[الشَّقْسقيةُ:
لهَاة البعير ولا تكون إلا للعربيّ من الإبل، وهوشيء كالرَّئة يخرجها البعيرمن
فيه إذا هاج. لسان العرب ج ١ / ١٨٥ مادة (شقق) وتاج العروس: ج١٣ / ٢٥٠ مادة
(شقق).] أما الخطبة الشقشقية[شّرحّهّا غيْرُ واحِدٍ من الأَعلام، كانَ آخِرهم العلاّمة الخطيب الكبير الشيخ عبد
اللطيف البغداديّ رحمه الله تعالى والتفتَ فيها إلى نكاتٍ عِلميْة لم يُنَبّه
عليها غْيرُهُ وقد قَرَأَ عَلَيَّ الشَّرْحَ في أَثْناء إتمامِهِ، ولا ادري
أطُبعَ بعد وفاته ام لا.] فلا يجوز لعالم أومنتحل للعلم أن
يراها من الشريف الرضي، لأن كثيراً من أدباء عصره أثبتوها في مدوناتهم وأرسلوا نسبتها إلى علي إرسال
المسلمات، كالوزير الآبي ابي سعيد منصور[الوزير السعيد ذوالمعالي زين الكفاة أبوسعيد منصور بن الحسين الأبي،
فاضل، عالم، فقيه، شاعر نحوي، لغوي، جامع لأنواع الفضل، قرأ على الشيخ الطوسي،
وزيرلمجد الدولة البويهي، له كتاب نزهة الأدب وكتاب نثر الدرر، توفي سنة ٤٢٢ هـ
أعيان الشيعة: ج ١٠ / ١٣٨٨.] المتوفى ٤٢٢ هـ في كتابه نثرالدرر ونزهة الأديب. ولوكانت الشقشقية وليدة عصرهم لعرفوا
أمرها وتثبتوا في إسنادها شأن المعاصر مع معاصريه، ويدلك على أن شقشقية الوزير غيرمنقولة عن نهج البلاغة اختلاف بينهما في بعض الألفاظ والجمل. وهناك من مشايخ الرضي الشيخ المفيد[محمد بن محمد بن النعمان المفيد، المكني أباعبدالله المعروف بابن
المعلم، المولود سنة ٣٣٨ هـ له كتاب المقنعة وكتاب الإرشاد وكتاب في أحكام أهل
الجمل وغيرها توفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ٤١٣ هـ. الفهرست: ٢٣٨.] أبوعبدالله محمد بن محمد بن النعمان علامة بغداد ورئيس المتكلمين بها في
دولة بني بويه، وكان الشريف الرضي قد تلمذ على هذا الشيخ من عهد صباه وألف شيخه
هذا كتاباً في المناقب اسماه الإرشاد نسبته إليه تجد فيه كثيراً من خطب الإمام
عليه السلام ومن جملتها الخطبة الشقشقية أوردها في الصحيفة ١٣٥٥ قائلاً: وروى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس قال: كنت عند
أميرالمؤمنين عليه السلام بالرحبة فذكرت الخلافَةُ وتقديم من تقدم عليه فتنفس
الصعداء ثم قال: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة... الخ. ولا يجوز اقتباس الشيخ المفيد هذه
الخطبة من نهج البلاغة ونقلها إلى كتابه: لأن الرضي لا يُمَهَّد للخُطْبَةِ إسْناداً بل يقول: ( ومن خطبة له وهي معروفة
بالشقشقية: أما والله لقد تقصمها ) إلى آخر
الخطبة في حين أن شيخه المفيد يمهد لها قصة وإسناداً. زد
على ذلك أن العادة تقضي بنقل التلامذة عن
شيوخهم لا الشيوخ عن تلامذتهم، ويدلك على أن شقشقية المفيد غيرمنقولة عن نهج البلاغة لاختلاف بينهما في بعض الألفاظ والجمل. والنتيجة أنفرد الشريف الرضي في نقله من مصدر له، وأنفرد شيخه المفيد في نقله عن مصدر آخر وأنفرد الوزير في نقله عن مصدر ثالث. نعم
إنَّ جوهرالمعاني والمقاصد واحد في الجميع. |
|||
|
الشقشقية
كما في نهج البلاغة
|
|||
|
اَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصّها
فُلانَّ (كما وردت في شرح ابن أبي الحديد.) ، وَأِنَّهُ لَيَعْلَمُ أنَّ مَحَلَّيَ مِنَهَا مَحَلُّ القُطْبِ
منَ الرَّحاء، يَنْحَدِرُ عَنَّي السَّيْلٌ، وَلا يَرْقًى إِلىَّ الطَّيْرُ،
فَسَدلْتُ دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً، وَطَفِقْتُ أَرتَني
بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جّذَّاَ أَوأَصْبرَ عَلى طَخْيَة عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ
فيهّا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فيهّا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى
يَلْقَى رَبَّهُ. فَرأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَعَلَى هَاتَا أَحْجِى، فَصَبَرتُ وفي
الْعَيْنِ قَذىً، وَفي الحَلْقِ شَجاً، أرى تُرَاثي نَهْباً، حَتَّى مّضّى
الأوَلُ لِسبِيِلهِ، فّأدْلّى بهّا إلَى فلان بَعْدَهُ. ثم تمثل بقول الاعشى:
فَيَا عَجَبَا !! بَيْنَا
هُويَسْتَقِيلُها في حَيَاتِهِ إَذْ عَقَدَهَا لاخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ. لَشَدَّ
مَا تَشَطَّراَ ضَرْعَيْهَا ! فَصَيَّرّهَا في حَوْزَة خَشْنَاءَ يَغرّضْلُظٌ
كَلمُهَا، وَيَخْشُنُ مَسَّهَا، وَيَكْثُرُ العِثَارُ (فيها) وَالاْعْتَذَارُ
مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَراكِب الصَّعْبَةِ، أَنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ، وَإِنْ
أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ، فَمُنِيَ النَّاسُ. لَعَمْراللهِ. بِخَبْط وَشِمَاس،
وَتَلَوَّن وَاَعْتِرَاض. فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ المْدَّة، وَشدَّةِ
المِحْنَةِ، حَتَّى إذا مَضَى لِسبِيلهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَة زَعَمَ أَنَّي
أَحدُهُمْ فَياللهِ وَلِشَّورى ! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأوَّلِ
مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أٌقرّن إلى هِذهِ النَّظَائِرِ! لكِنَّي أَسفَفْتُ إذْ
أَسَفَّوا، وَطِرْتُ إذْ طَارُوا، فَصَغَا[أيْ: مالَ.] رَجُلُ مِنْهُمْ لِضِغْنِه، وَمِالَ
الاْخَرُ لِصهرْهِ مَعَ هَن وَهَن. إلى أَنْ قَامِ ثالِثُ القَوْمِ،
نَافِجَاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نِثِيلهِ ومُعْتَلَفِهِ، وَقَامَ مَعَهُ
بَنُوأبِيهِ يَخْضَموُنَ مَالَ اللهِ خَضْمَ الاْبِل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ،إلىَ
أَنِ انْتَكَثَ عَليْهِ فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ بِه
بِطْنَتُهُ. فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وّالنَّاسُ إلىَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ،
يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلَّ جَانِب، حَتَّى لّقَدْ
وُطِيءَ الحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلي كَرَبِيضَةِ
الغَنَمِ. فَلمَّا نَهضْتُ بِالأمْرِ نَكَثَتْ
طًائِفَةٌ،وَمَرَقَتْ أُخْرَى، فَسَقَ (وقسط) آخرُونَ كأنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا
اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكِ الدَّارُ الْاخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذيِنَ
لَا يُرِيدُوُنَ عُلُوَّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقين
)[
القصص: ٨٣.] بَلَى ! وَللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْها، ولَكِنَّهُمْ حَليَتَ الدَّنْيَا في أَعْيُنَهمْ،
وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا ! أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ،
وَبَرَأَ النَّسَمَة،لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِر، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بُوجُودِ
النَّاصِرِ، وَمَا أّخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاء ألاَّ يُقَاروَّا عَلَى
كِظَّةِ ظاَلم، ولاَ سَغَبِ مَظْلُوم،لاَلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا،
وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوِلَّها، وَلاَ لفَيْتُم دُنْيَاكُمْ هِذِ
أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزِ! (قالوا) وقام إليه رجل من أهل السواد
عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتاباً فاقبل ينظر فيه، قال له ابن
عباس (رض): يا أمير المؤمنين لواطْرَدْتَ خطبتك من حيث أفضيت ؟ قال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة
هدرت ثم قرت. قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على
كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن يكون أميرالمؤمنين بلغ منه حيث أراد. |
|||
|
الشقشقية
كما في نسخة الآبي
|
|||
|
قال الوزير: وذكرت عنده الخلافة فقال: لقد تقصمها ابن أبي قحافة وهويعلم أن
محلي منها محل القطب ينحدر عني السيل ولا تترقى إلى الطير، فصبرت وفي الحلق شجى
وفي العين قذى لما رأيت تراثي نهباً فلما مضى لسبيله صَيَّرها إلى أخي عدي
فصيرها في ناحية حشناء تمنع مسها ويعظم كلامها فمني الناس بتلوم وتلوم وزلل
واعتذار، فلما مضى لسبيله صيرها إلى ستة زعم أني أحدهم ! فيالله وللشورى متى
اعترض فِيَّ الريب فأقرن بهذه النظائر، فما رجل لضعنه وصفى آخر لصهره وقام ثالث
القوم نافجا حضنية بين نثلة ومعلفة وقام معه بنوأبيه يهضمون مال الله هضم الإبل
نبته الربيع، فلما أجهزعليه عمله ومضى لسبيله ما راعني إلا والناس إلي سراعا
كعرف الضبع وانثالوا عليَّ من كل فج حتى وطئ الحسنان وأنشق عطفاي فلما نهضت
بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وفسق آخرون كانهم لم يسمعوا كلام الله يقول:
(تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ عُلُوَّا فِي
الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوها
ولكنهم احلولت الدنيا في عيونهم وراعهم زبرجها. أما والله لولا حضور الحاضر
ولزوم الطاعة وما اخذ الله على العباد أن لا يقروا كظة ظالم ولا شغب مظلوم
لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أهون عندي
من عفطة عنز: سيان[هذا تصحيف طريف لكن المعنى فيه ضد المعنى في الرواية المشهورة
(شتان).] ما يومي على كورها ويوم حيان أخي جابر فقام رجل من القوم ناوله كتاباً شغل
به. قال ابن عباس: فقمت إليه وقلت: يا
أمير المؤمنين لوبلغت مقالتك من حيث قطعت ؟ فقال: هيهات كانت شقشقة هدرت فقرت. |
|||
|
الشقشقية
كما في إرشاد المفيد
|
|||
|
أم والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة
وأنه ليعلم أن محلي محل القطب من الرحا ينحدرعني السيل ولا يرقى إلىَّ لكني سدلت
دونها ثوباً وطويت عنها كشحا، وطفقت ارتاي بين أن أصول بيد جذاء أواصبر على طخية
عمياء يهرم فيها الكبيرويشيب فيها الصغيرويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن
الصبرعلى هاتا أحجي فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهباً، إلى أن
حضره أجله فادلى بها إلى عمر فيا عجبا بينا هويستقيلها في حياته إذ عقدها لأخر
بعد وفاته لشد ما تشطر ضرعيها:
فصيرها والله في ناحية خشناء يجفومسها
ويغلظ كلمها ويكثر العثاروالاعتذارمنها صاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها خرم وإن
أسلس لها عسفأ فمعنى الناس لعمرلله يخبط وشماس وتلون واعتراض، إلى أن حضرته
الوفاة فجعلها شورى بين جماعة زعم أنى أحدهم ! فيالله ولشورى متى أعترض الريب
فِيَّ مع الأولين منهم حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر، لكني اسففت إذ اسفوا
وطرت إذ طاروا صبراً على طول المحنة وانقضاء المدة فمال رجل لضغنه وضفى آخرلصهره
مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم ناجفاً حضينة بين نثيله ومعتلفه وأسرع معه
بنوأبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، إلى أن ثوت بطنته وأجهز عليه
عليه عمله فما راعني من الناس إلا وهم رسل إليَّ كعرف الضبع يسألونني أن
أبايعهم. وانثالوا عليَّ حتى لقد وطئ الحسنان
وشق عطفاي، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة مرقت آخرون كانهم لم يسمعوا الله تعالى
يقول (تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا
لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ عُلُوَّا فِي الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوا ووعوها ولكن حليت دنياهم في أعينهم وراقهم
زبرجها، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر ولزوم الحجة بوجود
الناصر وما أخذ الله على حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفوا
دنياهم بهذه أزهد عندي من عفطة عنز. قال: فقال إليه رجل من أهل السواد
فناوله كتاباً فقطع كلامه قال ابن عباس، فما اسفت على شيء ولا تفجعت كتفجعي على
ما فاتني من كلام أميرالمؤمنين عليه السلام فلما فرغ من قراءة الكتاب قلت: يا
أمير المؤمنين لواطردت مقالك من حيث انتهيت إليها ؟ فقال:هيهات يا بن عباس كانت شقشقة
هدرت ثم قرت. |
|||
|
شقشقية
البرقي
|
|||
|
شقشقية البرقي[أحمد بن
أبي عبد الله محمد البرقي، أبوجعفر، كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء واعتمد
المراسيل، له كتاب المحاسن وكتاب صوم الأيام وكتاب البلدان والمساحة وغيرها،
توفي سنة ٢٧٤ هـ.رجال النجاشي: ٧٦.] عن كتاب علل الشرائع[علل
الشرائع: ج١ / ١٥٠.] والله لقد تقصمها ابن أبي قحافة وأنه
ليعلم أن محلي القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ولا يرتقي إليه الطير، فسدلت
دونها ثوباً وطويت عنها كشحا وطفقت ارتاي بين أن أصول بيد جذاء أوأصبرعلى طخية
عمياء يشيب فيها الصغيرويهرم فيها الكبيرويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن
الصبرعلى هاتي أحجي فصبرت وفي القلب قضى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهباً حتى إذا
مضى لسبيله فادلى بها إلى فلان بعد ! فيا عجبا بينا هويستقيلها في حياته إذ
عقدها لآخر بعد وفاته، فصبر والله في حوزة خشناء يخشن مسها ويغلظ كلمها ويكثر
العثار والاعتذارمنها، فصاحبها كراكب الصعبة أنْ عنف بها حرن وإنْ اسلس بها غسق
فمني الناس لعمرالله بخبط وشماس وتلون واعتراض مع هن وهن، فصبرت على طول المدة
وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم إني منهم ! فيالله ولشورى
متى أعترض الريب فِيَّ من الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، فمال رجل
لضغنه وأصفى آخر لصهره وقام ثالث القوم ناجفا حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه
بنوأبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع حتى أجهزعليه عمله وكبت به
مطيبته فا راعني إلا والناس إلى كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من كل جانب حتى لقد
وطا الحسنان وشق عطفاي حتى أذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون،
كانهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: يقول (تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ
عُلُوَّا فِي الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكن
احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها، والذي المحبة وبرا النسمة لولا
حضوروقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء إلا يقروا على كظة ظالم
ولا سغب مظلوم لألفيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفتم دنياكم
أزهدعندي من عفطة عنز. قال: وناوله رجل من أهل السواد كتاباً
فقطع كلامه وتناول الكتاب.فقلت يا أميرالمؤمنين لواطردت مقالك إلى حيث بلغت ؟ فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة
هدرت ثم قرت، فقال ابن عباس: فما أسفت قط كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين
عليه السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد. |
|||
|
شقشقية الجلودي
|
|||
|
شقشقية الجلودي[عبد
العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي يكنى أبا أحمد من أهل البصرة، له كتاب المرشد
والمسترشد وكتاب المتعة وما جاء في تحليلها وكتاب مجموع قراءة أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه السلام، توفي سنة ٣٣٢. الكنى والالقاب ج٢ / ١٤٨.] عن كتاب معاني الأخبار والله لقد تقمصها أخوتيم وأنه ليعلم
أن محلي محل القطب من الرحى ينحدر منه السيل ولا يرتقي إليه الطير فسدلت دونها
ثوباً وطويت عنها كشحا، وطفقت ارتأي بين أن أصول بيد جزاء أواصبرعلى طخية عمياء
يدب فيها الصغيرويهرم فيها الكبيرويكدح مؤمن حتى يلقى الله، فرأيت الصبرعلى
هاتين أحجي فصبرت وفي العين قذى وفي الحق شجى أرى تراثي نهباً حتى إذامضى لسبيله
عقدها لأخي عدي بعدهُ فيا عجباً بينا هويستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد
وفاته فصيرها والله في حوزة يخشن مسها ويغلظ كَلمُها ويكثرالعثاروالاعتذار
فصاحبها كراكب الصعبة إنْ عنف بها حرن وأن أسلس بها عسف فمني الناس بتلون
واعتراض وبلواي مع هن وهنَي فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله
جعلها في جماعة زعم أني منهم ! فيالله لهم وللشورى متى أعترض الريب فِيَّ مع
الأول حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر، فمال رجل بضغنه واصفى آخر لصره وقام ثالث
القوم الآن أقرن بهذه النظائر، فمال رجل بضغنه واصغى آخرلصهره وقام ثالث القوم ناجفاً
حضينه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنوأبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبت الربيع
حتى أجهزعليه عمله فما راعني الا والناس إليَّ كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من
كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان وشق عطفاي حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت
أخرى ومرق آخرون ومرق آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: (تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا
لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ عُلُوَّا فِي الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوا ولكن احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الناصروقيام الحجة وما أخذ الله على
العلماء ألا يقروا كظة ظالم ولا سغب مظلوم ولألقيت حبلها على غاربها ولسقيت
آخرها بكاس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من حبقة عنز. قال: وناوله رجل من أهل السواد كتاباً
فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت:يا أميرالمؤمنين لواطردت مقالتك إلى حيث بلغت ؟
فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت، فما أسفت على كلام قط كأسفي عن
كلام امير المؤمنين صلوات عليه أنه لم يبلغ حيث أراد. |
|||
|
الناقلون
للخطبة الشقشقية قبل الرضي
|
|||
|
سبقت منا الإشارة إلى أن الخطبة
الشقشقية ليست وليدة عصر الشريف الرضي ولا هي مختصة بمجموعة (نهج البلاغة)، وكان في ايراد هذه الخطبة عن كتابَي نثر الدرر ونزهة الأديب بصورة تختلف بعض الاختلاف عما في النهج، وكذا اختلاف نسخة المفيد عنه دلالة على انفراد كل منهم بمصدر خاص به وأن أحدهم لم يطلع على ما رواه الآخر. وفي قول الرضي في صدر الخطبة: (ومن
خطبة له عليه السلام المعروفة بالشقشقية )، دلالة أخرى على كونها مشهورة بين أهل العلم. وأقوى برهان على صحة ما أدعيناه ورود هذه الخطبة بخطوط أقدم من
عصرالرضي وروايتها عن شيوخ وجدوا من قبل أن يخلق الرضي وقبل أن يخلق أبوه كأبي علي الجبائي[أبوعلي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان مولى
عثمان بن عفان الجبائي، من رؤساء المعتزلة له مقالات على مذهب الاعتزال، توفي
سنة ٣٠٣ هـ. الكنى والألقاب: ج٢ / ١٤١.] المتوفى سنة ٣٠٣ هـ حسبما نقل عنه الشيخ إبراهيم القطيفي[هوالشيخ أبوأسماعيل إبراهيم بن سليمان
القطيفي الغروي الحلي، هاجر إلى النجف اواخر جمادي الآخر سنة ٩١٣ هـ له شرح
الفية الشهيد والهادي إلى الرشاد في شرح الإرشاد وكتاب الفرقة الناجية، كان حياً
سنة ٩٥١.الفرقة الناجية: ص ١٦.] في كتابه الفرقة الناجية قال: (وقد روى الخطبة الشقشقية جماعة قبل
الرضي كابن عبد ربه[أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم القرطبي (أبوعمر)
عالم، أديب شاعر. ولد في ١٠ رمضان سنة ٢٤٦ هـ، من آثاره، العقد الفريد، ديوان
شعر، وأخبارفقهاء قرطبة، وتوفي في ١٨ جمادي الأول سنة ٣٢٨ هـ بقرطبة، معجم المؤلفين: ج ٢ / ١١٥. * سَماَه الُمؤلَف (العِقْد) وِانَما
طُبعِ باسْم (العِقد الْفَرِيد) وِمَنْ ذَكَرَهُ مِنْ قُدِماء الْمؤلَفْينِ لا
يَسمَّيْهِ إلاَ (العْقِدْ).] في الجزء الرابع من العقد[تحرينا الجزء الرابع فلم نجد الشقشقية فيه فإما ان يداً أثيمة حذفت هذه الخطبة من النسخة الأصلية عند الطبع
وإما أن
القطيفي اشتبه في هذه النسبة عند نقله.] وأبي علي الجبائي في كتابه وابن الخشاب[أبومحمد عبد الله بن أحمد المعروف باب
الخشاب البغدادي العالم المشهور، ولد سنة ٤٩٢ هـ، له كتاب المرتجل في شرح الجمل
وشرح (اللمع) لأبن جنّي، توفي ببغداد سنة ٥٦٧ هـ. وفيات الأعيان: ج ٣ / ١٠٢.] في درسه والحسن بن عبدالله بن سعيد
العسكري[أبواحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري اللغوي العلامة، ولد سنة
٢٩٣ هـ، له كتاب صناعة الشعر وكتاب الزواجر والمواعظ وكتاب الحكم والامثال، توفي
ببغداد سنة ٥٦٧ هـ. معجم الادباء: ج ٨ / ٢٣٣.] في كتاب المواعظ والزواجر والصدوق في
معاني الآخبار والشیخ المفید. أقول: وابن عبد ربه هذا هوالمتوفى سنة ٣٢٧ هـ وهوعثماني لأن له أرجوزة في تواريخ عَدَّ معاوية فيها رابع الخلفاء الراشدين ولم يذكرعلياً من شدة نصبه، فهل بعد روايته للشقشقية عن علي عليه
السلام يشك فيها منصف ! وقد صرح فيلسوف المؤرخين ابن أبي
الحديد[عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد،
عالم الأدب، من أعيان المعتزلة ولد في المدائن سنة ٥٨٦ هـ، وخدم في الدواوين
السلطانية، وكان حظيا عند الوزير ابن العلقمي، له كتاب شرح نهج البلاغة وكتاب
الفلك الدائرعلى المثل السائر وكتاب القصائد السبع العلويات الأعيان: ج٣ /١٠٢٢.] في آخرشرحه للشقشقية ص ٦٩ ج ١١ قال: (حدثني أبوالخير مُصَدّقُ بْن شَبيْب سنة ٦٠٣ هـ قال قرات على الشيخ
أبي عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة... إلى أن قال: فقلت له: اتقول أنها منحولة ؟ فقال: لا والله وإني أعلم أنها كلامه
عليه السلام، كما اعلم أنك مصدق. قال: فقلت: له أن كثيراً من الناس يقولون أنها
من كلام الرضي ؟ فقال: أنيَّ للرضي ولغيرالرضي هذا النفس وهذا الأسلوب ؟ قد
وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور وما يقع مع هذا
الكلام في خل ولا خمر ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن
يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة أعرفها وأعرف خطوط من هي من العلماء
وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب
أوأبوأحمد والد الرضي. قال أبن أبي الحديد: قلت ووجدت
انا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي[عبد الله بن أحمد بن محمود،أبوالقاسم البلخي، من متكلمي المعتزلة
البغداديين،صنف في الكلام كتبا كثيرة وأقام ببغداد مدة طويلة،وانتشرت بها كتبه
ثم عاد إلى بلخ فأقام بها، توفي ببلخ سنة ٣١٩.تاريخ الخطب البغدادي: ج / ٣٩٢.] إمام البغداديين من المعتزلة، وكان في
دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضاً كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبة[محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي، أبوجعفر، متكلم، عظيم القدر، له
كتاب الإنصاف في الإمامة وكتاب الرد على الزيدية وكتاب المسالة المفردة في
الإمامية وغيرها، توفي في الري. رجال النجاشي: ٣٧٥.] أحد متكلمي الإمامية وهوالكتاب المشهور المعروف بكتاب الإنصاف: وكان أبوجعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي موجوداً[
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ / ٢٠٥.] انتهى كلامه. أقول: وقال مدرس دارالعلوم المصرية أحمد صفوة المؤرخين[أحمد زكي صفوت: كاتب ومؤلف مصري خريج مدرسة دار العلوم ومدرس اللغة
العربية بمدرسة الأمير فاروق الثانوية سنة ١٣٤٥هـ، ثم في دارالعلوم المصرية، له
كتاب جمهرة خطب العرب وكتاب جمهرة رسائل العرب. معجم المطبوعات العربية: ج ١ / ص
٣٨٨.] في كتاب علي ع ص ١١٣٥ س ٩: ( من ذلك يتبين لك أن الشقشقية كانت معروفة قبل مولد
الرضي من أكثر من طريق فلا تبعه إذن عليه ولا سبيل إلى اتهامه بانتحاله ). وقال أستاذ الحكماء ميثم بن علي بن ميثم البحراني[كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، العالم الرباني والحكيم
المتأله المدقق، صاحب الشروح على نهج البلاغة، يروي عن المحقق نصير الدين الطوسي
والشيخ كمال الدين علي بن سليمان البحراني، ويروي عنه آية الله العلامة والسيد
عبد الكريم بن طاوُس، توفي سنة ٦٧٩ هـ وقبره في هلتا من قرى ماحوز.الكنى
والألقاب: ج١ / ٤٣٣٣.] المتوفى سنة ٦٧٩ هـ أنه رأى الخطبة الشقشقية في كتاب الإنصاف لأبي
جعفر بن قبة من أبناء القرن الثالث كما أنه رآها في نسخة عليها خط أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات[علي بن محمد بن موسى بن الفرات،أبوالحسن: وزير،من الدهاة الفصحاء
الأدباء الأجواد , وهوممهد الدولة للمقتدرالعباسي،ولد في النهروان الأعلى (بين
بغداد وواسط) سنة ٢٤١ هـ، قتل ببغداد سنة ٣١٢ هـ الأعلام: ج ٤ / ٣٢٤.] وزير المقتدر بالله العباسي[المقتدر بالله،أبوالفضل جعفر بن
المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله العباسي البغدادي، ولد
سنة ٢٨٢هـ،أنخرم نظام الإمامة في ايامه، وصغرمنصب الخلافة، وكان سمحا متلافا
للأموال، محق ما لا يعد ولا يحصى، قتل سنة ٣٢٠ هـ سيرأعلام النبلاء للذهبي: ج١٥
/٤٣٣.] وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة. أقول: وممن نقل الشقشقية في كتابه قبل عصرالرضي أحمد بن محمد البرقي المتوفى ٢٧٤ هـ صاحب المؤلفات الوافرة، وقد نقل عنه
الصدوق في كتاب علل الشرائع في الباب ١٢٢ مسنداً عن محمد بن علي ماجيلوية عن
محمد بن القاسم عن احمد بن أبي عبدالله البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان
بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: والله لقد تقصمها ابن أبي قحافة...
الخ. وممن نقل الخطبة الشقشقية قبل الرضي هوعبد العزيز بن يحيى الجلودي من شيوخ المائة الثالثة ومن الجامعين لخطب أميرالمؤمنين عليه السلام، وقد روى عنه الصدوق[أبوجعفر محمد بن علي الحسين بن بابويه القمي، شيخ الحفظة ووجه
الطائفة المستحفظة رئيس المحدثين والصدوق فيما يرويه عن الأئمة الطاهرين عليهم
السلام ولد بدعاء مولانا صاحب الأمرعليه السلام ونال بذلك عظيم الفضل والفخر
فعمت بركته الأنام وبقيت آثاره ومصنفاته مدى الأيام، له نحومن ثلاثمائة مصنف
منها: كتاب التوحيد وكتاب معاني الأخبار وكتاب علل الشرايع وغيرها، توفي بالري
سنة ٣٨١ هـ الكنى والألقاب: ج١ / ٢٢١١.] المتوفى سنة ٣٨١ هـ في كتاب معاني
الأخبار في الباب ٤٠٤٤ قال:حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال:حدثنا
عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال:حدثنا أبوعبدالله أحمد بن عمر بن خالد قال:حدثنا
يحيى بن عبد الحميد الحمائي قال:حدثني عيسى بن راشد عن علي بن خزيمة عن عكرمة عن
أبن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،
فقال: والله لقد تقمصها أخوتيم وهويعلم... الخ. ولقد ذكرنا هذه الخطبة على الوجه الذي
رواه الجلودي كما رأيناها في معاني الأخبار ضمن الجداول الخمسة وهي تختلف عن رواية البرقي لها قليلاً كما انهما تختلفان مع التي رواها المفيد وغيره اختلافاً يسيراً ولم يذكر القاءها
في الرحبة أحد غير المفيد، وينشأ مثل هذا الاختلاف غالباً في النقل بسبب خيانة القوة الحافظة من
الرواة أو التباس
الحروف في الكتابة على النُسّاخ. وممن روى الشقشقية قبل الشريف الرضي هوالحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري
المتوفى سنة ٣٩٥ هـ حسبما نقل عنه ابن بابويه في معاني الأخبار باب ٤٠٤، ونقل عنه تفسيراً لكلمات هذه الخطبة وهذا من الجامعين لخطب أميرالمؤمنين عليه السلام. |
|||
|
والخلاصة
من تعداد أسماء الناقلين للشقشقية قبل الشريف الرضي
حسبما تتبعناهم عشرة:
|
|||
|
١.
شيخ المعتزلة أبوالقاسم البلخي المتوفى سنة ٣١٧ هـ حسبما رواه ابن أبي الحديد في شرح
النهج ج ١ ص ٦٩ ط مصر من أبناء المائة الثالثة. ٢. الشيخ أبوجعفر بن قبة من أبناء
المائة الثالثة في كتاب الإنصاف برواية ابن أبي الحديد والشيخ ابن ميثم البحراني في شرحيهما على
الشقشقية. ٣. نسخة الخطية الشقشقية قديمة الخط
عليها كتابة الوزير أبي الحسن علي بن الفرات المتوفى سنة ٣١٢ هـ حسبما رواه شيخ المتكلمين ابن ميثم
البحراني في شرحه. ٤. احمد بن محمد البرقي المتوفى
سنة٢٧٤هـ مصنف كتاب المحاسن
حسبما روى عنه الشيخ الصدوق محمد بن بابويه في كتاب علل الشرايع في الباب الثاني
والعشرون بعد المائة وقد طبع هذا الكتاب سنة ١٢٨٩ هـ. ٥. شيخ المؤرخين عبد العزيز بن يحيى
الجلودي البصري من أبناء القرن الثالث حسبما رواه عنه ابن بابويه في الباب ٤٠٤ من
كتاب ( معاني الأخبار) المطبوع سنة ١٢٨٩ هـ. ٦. شيخ المحدثين الحسن بن عبد الله بن
سعيد[وصف العسكري هذا بـ (الشيخ المحدّثين) فيه فهوأديب لغوّي شاعر وإن
كان له اطلاع على الحديث فعلى نحوالمشاركة لا التضلع والاختصاص.] العسكري من أبناء القرن الثالث في كتاب المواعظ والزواجر حسبما روى
عنه القطيفي في كتاب الفرقة الناجية، وروى عنه الصدوق ابن بابويه شرح الخطبة في
معاني الأخبار باب ٤٠٤٤. ٧. شيخ المتكلمين ببغداد أبوعبدالله
محمد بن محمد بن النعمان المفيد من شيوخ الشريف الرضي في كتابه الإرشاد ص ١٣٥. ٨. الوزير الآبي أبوسعيد منصور من أبناء
القرن الرابع في كتابه نثر الدرر. ٩.عبد الجبار[عبد الجبار المعتزلي ابن احمد بن عبد
الجبار الهّمَذاني الأسد آبادي شيخ المعتزلة في عصره. استدعاه الصاحب بن عباد
إلى الري من بغداد بعد سنة ٣٦٠ هـ، وبقي فيها مواظبا على التدريس إلى أن توفى
سنة ٤١٥ هـ. الوافي بالوفيات: ١٨ /٢٠، الكنى والألقاب: ج ٣ / ٥٣٣.] قاضي القضاة وشيخ معتزلة بغداد المعاصر للشريف الرضي فإنه أَوَّلَ
عبارات هذه الخطبة دون أن يطعن في صدورها. ١٠.شيخ المعتزلة محمد بن عبد الوهاب أبوعلي الجبائي المتوفى سنة ٣٠٣
هـ حسبما رواه عنه الشيخ إبراهيم القطيفي في كتابه الفرقة الناجية
وقد سَقَطَ اسْمُهُ وما يتعلَّقُ بهِ من السلام البالغ نحوسَطْرَيْن من المطبع
من هذا الكتاب وأَثْبَتْناهُ اعْتِماداً على النَسخة الخطّية الموجودة في مكتبة
الجوادين عليهما السلام في الكاظمية. |
|||
|
الدفاع
عن الشقشقية
|
|||
|
وقفت أيها الناظرعلى جملة من
مشاهيرأهل العلم الذين أوردوا في كتبهم الخطبة الشقشقية مروية عن الإمام عليه
السلام ممن وجدوا قبل أن يوجد الشريف الرضي،وسوف تقف على جملة أخرى من ثِقاتِ
أهل الأثر وزعماء الفرق الإسلامية واعتمد على هؤلاء وامثالهم من تأخر عنهم. فقد حكي عن نهاية[النهاية في غريب الحديث: ج٢ / ٤٨٩.] ابن الأثير[المبارك بن محمد الشيباني الجزري ثم
الموصلي، ولد ٥٥٤ هـ في جزيرة ابن عمر في أحد الربيعين، له: جامع الأصول وغريب
الحديث وغيرهما، توفي سنة ٦٠٦ هـ في الموصل. سير أعلام النبلاء: ج٢١ / ٤٨٨.] المتوفى سنة ٦٠٦ هـ أنه أشار إليها في مادة (شقق) وعن مناقب[لم نَقِفْ على كتاب (المناقب) لأبْن الجْوزِيَ لا مطبوعاً ولا
مخطوطاً، نعم في (مكتبة الإمام الرضا عليه السلام) في مَشْهد المقدّسة نسخةُ في
مناقب الأئمة عليه السلام نَسَبَها مُفهْرِسُ المكتبة المذكورة إلى ابْنِ
الجوزيَ صديقُنا العلاّمة الكبير الدكتور عبد الحكيم الأنيس الحَلَبيَّ الحنفيَ قد
أَرْسَلَ إليَ أَيّام إقامتي في مدينة قُم المقدّسة نُسْخَتُهُ الخطيّة في (
مكتبة الإمام الرضا عليه السلام) فَغَلَبَ على ظَنّي أنه كتاب (تذكرة الخواص)
لسِبطه، وبّعْدَ التحقيق والمقابلة ظَهَرَ أنه على ما ظَنَتْتُ (تذكرة الخواص)
فَعَدَلْت عن تصويرهِ لكونهِ مطبوعاً غير مَرَّة، وآخر طبعاتهِ ما صَدَر عن
دارالكتب العلمية في بيروت بتحقيق الأستاذ خالد عبد الغني محفوظ وهوتحقيق
جَيَّدٌ. والظاهِرُ أنه هوالمقصودُ هُنا. * يوسف بن قزأوغلي بن عبدالله، سبط أبي
الجوزي، ولد سنة ٥٨١ هـ ببغداد ونشأ بها، له منتهى السول في سيرة الرسول
والانتصار والترجيح واللوامع في الحديث، توفي سنة ٦٥٤ هـ في دمشق. الأعلام ج٨ /
٢٤٦.] ابن الجوزي[أبوالفرج عبد الرحمن بن علي محمد
التَيْميَ الكبريّ البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي، ولد سنة ٥١٠ هـ
تقديراً، له زاد المسير في التفسير والمنتظم وتلقيح فهوم الأثر وغيرها، توفي
ببغداد سنة ٥٩٧ هـ. وفيات الأعيان: ج٣ / ١٤٠.] المتوفى سنة ٥٩٧ هـ ورواها، وهو الرأي
السائد عند أهل العلم، إذا فالنصفة تدعوإلى الإذعان بها وأن جملها مفروقة عن لسان علي عليه
السلام ومن تأثراته الشخصية التي لابد أَنْ تكون صادرة من مثله. ونشعر في الوقت نفسه أن الأسلوب فيها
هوأسلوب علي عليه السلام في خطبة والتنهدات تنهداته. أما القول بأن لا يجهر مثله في المجتمعات بمثل
هذا الكلام على أولي أمرسبقوه في ملك وطدوه، فقول لا ينطبق على نفس الأمر،لأن
الذين رووا عنه الخطبة لم يشيروا إلى إلقائها في محتشد
من الناس أوعلى جمهور، وإنما ذكروا أنها شقشقة
هدرت منه عند بعض أصحابه في الرحبة اي بصورة
خصوصية، فلا يستبعد بث شكواه لدى خاصته وإن
اشتملت على بعض القوارص. وفي كتابه إلى عامله عثمان بن حنيف
يقول: (بلى كانت في ايدينا فدك من كل ما أظلت عليها السماء فشحت عليها نفوس قوم
وسخت عنها نفوس قوم )[
نهج البلاغة: ج٣ / ٧١.]...
الخ. يعني بالأول من سبقوه بالخلافة ويعني
بالأخرين أهل بيت النبي صلوات الله عليهم. وكان أبوالحسن عليه السلام خشنا في جنب الحق صريحاً في المعتقد، حتى أنه خاطب عمروبن العاص بابن النابغة وقد عَيَّرعثمان بن عفان من قبل،
ونعت معاوية بالفاجرابن الفاجر. وخلاصة القول أن نظرات ضعيفة كهذه لا تستوقف الباحث عن الحقائق إذا صح النقلُ وَتَجلَى الأَمْرُ. |
|||
|
الجامعون
لخطب الإمام قبل الرضي
|
|||
|
يظن من أشرف على مجموعة الشريف الرضي قبل أن يبحث عما
كتبه السلف أن الشريف الرضي هو أول مّنْ دَوَّنَ الْخُطَبَ أَوهو أول جامع لخطب الإمام عليه السلام. ولكن يجب أن يعلم بالحاجة الشديدة التي
مست المسلمين عامة في بدء توسع الحضارة الإسلامية فدفعتهم إلى حفظ الكلام البيلغ
واستكتابه، إذ كانت العرب قبل
حضارتها تتوجه إلى الكلام البليغ من شعر وخطبة وحكمة فتحفظ ما تعيه ولا تجهل
فائدة ذلك إلا أنهم بعد التوسع في الحضارة شعروا بالحاجة القوية إلى براعة
اللسان والقلم، وان الواحد منهم يُقَدَّرُ بلسانه لا بطيلسانه، وترفع منزلته في
دواوين الدولة على قدر مقدرته الإنشائية، وينال الزلفى لدى الملوك والأمراء حسب
مبلغه من بلاغه الكلام ومبلغ حفظه للكلم الممتاز والحكم العالية. هذه وغير هذه دفعت العرب إلى جَمْعِ النوادر والخطب، وكان أمير المؤمنين
عليه السلام في مقدمة المشهورين بنوادر الحكم وطرائف الكلم، فآثر الناس جمع المأثور عنه على غيره
إذ كان إلإعجاب ببلاغته أعظم والمأثورعنه أوفر. وقد ظَفِرْتُ بكثير
ممن جمعوا خطب الإمام عليه السلام في أعصار قبل
الشريف الرضي - أي من أبناء المائة الأولى والمائة الثانية والمأئة
الثالثة وما بعدها - |
|||
|
أسماء
ممن جمعوا خطب الإمام عليه السلام في أعصار قبل الشريف
الرضي
|
|||
|
أقدم للقارئ الكريم أسماءهم للشبهة
وتقوية للحجة وخدمة للتاريخ كي لا يستوحش أحد من الخطب المجموعة من الشريف الرضي
أويستغرب كثرتها. وقد نشرأبوعبيد القاسم بن سلام[القاسم بن سالم المكنى أبا عبيد من الأعلام المشهورين، له كتاب غريب
القرآن وكتاب غريب الحديث وغيرهما، ولي القضاء بطرطوس ثماني عشرة سنة توفي في
مكة بعد فراغه من الحج سنة ٢٢٤ هـ.] المتوفى سنة ٢٢٤ هـ في غريبه وابن
قتيبة عبد الله بن مسلم المروزي[أبومحمد عبد الله بن مسلم الدينوري المعروف بابن قتيبة، من أكابر
علماء العامة، وكان قاضياً بالدينور فنسب إليها، له المعارف في التاريخ وكتاب
أدب الكاتب وكتاب الإمامة بقتيبة بن مسلم الباهلي القائد في أيام الأمويين فهذا
عربي، وابن قتيبة فارسي الأصل وَهِمَ بعض الأساطين في نسبته إليه لتشابه الأسماء لذا نبهتُ عليه
(السَيَّد الحَسَنَّي ).] المتوفى سنة ٢٧٦ هـ في كتابه غريب الحديث وفي غيره وكثيرمن
المؤلفين في عهد التابعين شذرات من المأثور عن أمير المؤمنين عليه السلام في أبواب المواعظ والحكم
والدعاء وغيرها. قال ابن أبي الحديد في أواخر شرحه لنهج
البلاغة ما لفظه: (وأنا الآن أذكر من كلامه الغريب - يعني أمير المؤمنين عليه
السلام - ما لم يورده أبوعبيد ولا ابن قتيبة في كلامهما وأشرحه أيضاً )[
شرح نهج البلاغة: ج ١٩ / ١٤٠.]. |
|||
|
أما
الجامعون لخطب الإمام عليه السلام من الأٌقدمين
فمنهم:
|
|||
|
١.زيد
بن وهب المتوفى سنة ٩٦ هـ، قال شيخنا النوري في خاتمة مستدركه على الوسائل ص ٨٠٥
نقلاً عن الشيخ الطوسي أبي جعفر محمد بن الحسن المتوفى سنة ٤٦٠ هـ، قال: إن لزيد
بن وهب كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر في الجمع والأعياد. ٢. نصر ابن مزاحم[نصر بن مزاحم المنقري العطار أبوالمفضل، كوفي من علماء المائة
الثانية، له كتاب صفين وكتاب النهروان وكتاب الغارات وغيرها. رجال النجاشي: ٤٢٧.] صاحب كتاب صفين ومن مشاهير الأخباريين في المائة الثانية: له كتاب
في خطب علي عليه السلام كما في خاتمة مستدركات النوري ص ٨٠٥، وقد أورد له عليه
السلام خطباً وكلمات في كتبه الأخرى، أما كتب المغازي والحروب والأخبار والْسير التي اشتملت
على كلمات علي عليه السلام وخطبه فهي أكثر من خمسمائة مصنف توفي أصحابها قبل أن
يولد الشريف الرضي. ٣.إسماعيل بن مهران أبويعقوب السكوني[إسماعيل بن مهران أبويعقوب السكوني، من علماء المائة الثانية، مولى
كوفي ثقة معتمد عليه له كتاب الملاحم وكتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب
ثواب القرآن. الفهرست ٤٦.] من العلماء المحدثين في المائة الثانية، صنف كتاب خطب
أميرالمؤمنين، صرح بذلك الشيخ أبوعَمْروومحمد ابن عمر الكشي من أبناء المائة
الرابعة والشيخ أبوعباس النجاشي المتوفى سنة ٤٥١١ هـ وغيرهما في فهارسهم. ٤. أبوالمنذر هشام بن محمد بن السائب
الكلبي[هشام بن محمد بن السالب الكلبي، أبوالمنذر، النَاسب العالم من أصحاب
الإمام الصادق عليه السلام، له كتاب الُمذَيَّل الكبير وكتاب المُعَمَّرِيْنَ
وكتاب أخبار قريش وغيرها. رجال النجاشي: ٤٣٤.] المؤرخ المشهور المتوفى سنة ٢٠٦ هـ صنف
كتاب خطب علي عليه السلام وكثيراً ما ينقل عنه المفيد في إرشاده والرضي في
مجموعته. ٥. أبومخنف لوط بن يحيى الأزدي[لوط بن يحيى، أبومخنف، من علماء المائة الثانية، من أصحاب الإمام
الحسن والحسين عليه السلام، له كتاب أخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي وكتاب
خطبة الزهراء عليها السلام وغيرهما. الفهرست: ٢٠٤.] الأخباري المشهور من أبناء المائة
الثانية، صنف كتاب الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين عليه السلام صرح بذلك أبوالفرج
ابن النديم في الفهرست. ٦. الواقدي محمد بن عمر بن واقد
الأسلمي[محمد بن عمر بن واقد المدني، أبوعبدالله، ولد سنة ١٣٠ هـ من أقدم
مؤرخي الإسلام ولي القضاء في محلة الرصافة من بغداد، له كتاب التصانيف وكتاب
المغازي وكتاب الردة وغيرها توفي سنة ٢٠٧ هـ. الكنى والألقاب: ج ٣ / ٢٧٨.] المتوفى سنة ٢٠٧ هـ، وقد نقل الشريف الرضي عن خَطَّهِ في نهج
البلاغة بعض الخطب. ٧. أبواسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد
الثقفي الكوفي[إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي الكوفي، أبوإسحاق كوفي أصله انتقل
إلى أصفهان وأقام بها وكان زيدياً أولاً ثم انتقل إلى القول بالإمانة، له كتاب
بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب الجمل وكتاب أخبار المختار، توفي سنة ٢٨٣
هـ. الفهرست: ٣٦.] المحدث المشهور المتوفى سنة ٢٨٣ هـ، فقد صنف كتاب رسائل علي
أميرالمؤمنين عليه السلام وكتاب كلامه في الشورى وكتاب الخطب المعربات (خ ل المقريات كما قاله النجاشي ). روى
كثيراً من كلامه وجوامع الفاظه في كثير من كتبه. ٨. المدائني أبوالحسن علي بن محمد[علي بن محمد المدائني، أبوالحسن، عامي المذهب، له كتاب مقتل الإمام
الحسين بن علي عليه السلام وكتاب الخونة لأميرالمؤمنين عليه السلام. الفهرست:
١٥٩.] المولود سنة ١٣٥ هـ والمتوفى سنة ٢١٥ هـ صنف كتاب خطب علي عليه
السلام وكتبه إلى عماله عن ابن النديم وغيره. ٩. الحسن بن علي بن الحسن بن شعبة
الحراني[الشيخ أبومحمد الحسن بن علي بن الحسن بن شعبة الحرائي الحلبي، وهومن
أقل المائة الرابعة معاصر للصدوق الذي توفي سنة ٣٨١ هـ، ويروي عن أبي علي محمد
بن همام المتوفى سنة ٣٣٦ هـ، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول.] من علماء المائة الثالثة له كتاب تحف العقول مشحون بخطب أمير
المؤمنين عليه السلام وكلماته الغرّ. ١٠. صالح بن أبي حماد أبي الخير[صالح بن أبي حماد الرازي، أبوالخير، لقي أبوالحسن العسكري عليه
السلام، له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب النوادر. رجال النجاشي:
١٩٨.] من المحدثين في المائة الثالثة ومن اصحاب سيدنا الحسن العسكري عليه
السلام، له كتاب خطب علي عليه السلام كما فهرست النجاشي. ١١. السيد عبد العظيم بن عبدالله
الحسني[عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب
عليه السلام، نزيل الري، له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام. رجال النجاشي:
١٩٨.] المعروف بالشاه والمدفون في الري بقرب طهران من أبناء المائة
الثانية ومن أصحاب سيدنا الإمام الرضا عليه السلام، له كتاب في خطب جده أمير
المؤمنين عليه السلام كما في فهرست النجاشي. ١٢. مسعدة بن صدقة العبيدي[مسعدة بن صدقة العبديّ، أبومحمد، يروي عن أبي عبد الله وأبي الحسن
عليه السلام، له كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السلام. رجال النجاشي: ٤١٥.] من أصحاب الإمام الصادق وسيدنا الكاظم عليه السلام في المائة
الثانية له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام حسبما قاله النجاشي. ١٣. إبراهيم بن سليمان النهمي الخزاز
الكوفي[إبراهيم بن سليمان النهمي الخزاز الكوفي، ثقة في الحديث سكن الكوفة،
له كتاب النوادر وكتاب الخطب وكتاب أخبار ذي القرنين. الفهرست: ٣٨.] له كتاب الخطب لأمير المؤمنين عليه السلام وهومن المائة الثالثة
كما في فهرست النجاشي. ١٤.أبوعثمان الجاحظ عمروبن بحر
المتوفى سنة ٢٢٥ هـ له كتاب مائة كلمة من كلمات علي أمير المؤمنين عليه السلام. ١٥.عبد العزيز الجلودي بن يحيى البصري
الأخباري المشهور من علماء المائة للهجرة صنف وحده في هذا الموضوع كتباً عشرة
وهي: أ) كتاب خطب أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام. ب) كتاب شعر علي عليه السلام. ج) كتاب رسائل علي عليه السلام. د) كتاب مواعظ علي عليه السلام. هـ) كتاب ملاحم علي في الملاحم يعني
المغيبات من الحوادث المستقبلة. و) كتاب علي في الشورى. ز) كتاب ما كان بين علي وبين عثمان
من الكلام. ط) كتاب ذكر علي لخديجة ولفضائل أهل
البيت عليهم السلام. ي) كتاب بقية رسائل علي وخطبه كرم
الله وجه. فإذا وقفت على هؤلاء الجماهير من حملة
الآثار وَثقِات النقلة وقدرت الاهتمام العظيم من السلف بحفظ الخطب واستظهارها
واستنساخ الكتب والرسائل ممن قصصنا عليك أسماءهم ومنهم من لم نقصص عليك وربما
كان هذا القسم أكثر، انجلت عن قلبك غيوم الشبهة التي يأتي بها من هنا وهناك
الشاكُّون والمنحرفون. |
|||
|
مصادر قديمة لما في نهج البلاغة
|
|||
|
إن من أقوى ما يجلو غيوم الشكوك
والأوهام عن أفق هذه المجموعة التي حوت بين الدفة خطب الإمام وكتبه وكلماته وحول
نزاهة الشريف الرضي عن إضافة شيء فيها غيرمأثور لهوهذا الذي نبديه الآن، فإنا
نحصي عليك[الوجه: لَكَ.] عديداً من المؤلفين الاثبات الذين رووا خطب أمير المؤمنين عليه
السلام ورسائله في كتبهم من قبل أن يولد الرضي وقبل أن يخلق، وهذا الفصل يعد
علاوة لما فصلناه فيما سبق من أسماء الجامعين لخطبه وكتبه وكلمه. ولقد ظفرنا على[الوَجْه أنْ يُقالَ:ظَفِرْنا بكُتُبِ.] كتب قديمة العهد تشمل على كثير من خطب
الإمام علي عليه السلام ولا تعدم الخطبة سنداً أواسانيد يجلب نحوها اعتماد النفس
وهي: ١. الكافي للشيخ الكليني محمد بن
يعقوب[أبوجعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي الملقب ثقة الإسلام،
قدوة الأنام، وملاذ المحدثين العظام، ومروج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام،
وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم. صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى
الكافي في عشرين سنة، وله غير كتاب الكافي كتاب الرد على القرامطة وكتاب رسائل
الأئمة عليه السلام وكتاب ما قيل في الأئمة عليه السلام من الشعر، توفي ببغداد
سنة ٣٢٩ هـ.الكنى والألقاب: ج ٣ / ١٢٠٠.] المتوفى سنة ٣٢٨ هـ ولا سيما في جزء
الروضة منه ففيه عشرات من خطب الإمام ضافية الذيول موصولة الأسناد بالأسناد وكذا
في كتابه الرسائل. ٢. كتاب التوحيد للشيخ الصدوق محمد بن
بابويه القمي المتوفى سنة ٣٨١ هـ، ففيه عدد لا يستهان به من خطب التوحيد وما
يناسبه، وكذلك في كتبه الأخرى كمن لا يحضره الفقيه وفي أماليه وفي مدينة العلم
وفي الخصال وفي علل الشرائع وفي معاني الأخبار. ٣. كتاب الإرشاد للشيخ المفيد أبي
عبدالله محمد بن محمد النعمان المتوفى ببغداد سنة ٤١٣ هـ فإن في أبواب فضائل
الإمام علي عليه السلام لقدراً كبيراً من خطبة الغرَ في أبواب شتى نحوأربعين
صحيفة وبعضها يختلف عما في النهج اختلافاً يسيراً. ٤. العقد الفريد للمؤرخ في الدولة
الأموية المغربية أحمد بن عبد ربه المتوفى سنة ٣٢٧ هـ. ٥. نزهة الأديب وكذا نثرالدرر للوزير
الآبي أبي سعيد منصور المتوفى سنة ٤٢٢ هـ في سبعة مجلدات، ويوجد بكتابة قديمة
الخط في بعض خزائن النجف. ٦.تحف العقول للحسن بن شعبة الحراني
من علماء المائة الثالثة. ٧. روضة الواعظين للفتال النيسابوري[الشيخ الأجل السعيد الشهيد أبوعلي محمد بن الحسن بن علي بن احمد
النيسابوري، كان من علماء المائة السادسة ومن مشايخ ابن شهرآشوب، يروي عن الشيخ
الطوسي وعن أبيه الحسن بن علي عن السيد المرتضى رضي الله تعالى، له كتاب روضة
الواعظين وكتاب التنوير في التفسير، قتله أبوالمحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور
الملقب بشهاب الاسلام. الكنى والألقاب: ج ٣ / ١٢٢.]. ٨.تاريخ الملوك والأمم لمحمد بن جرير
الطبري[محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبوجعفر بآمل طبرستان في آخرسنة ٢٤٢
هـ أوأول ٢٢٥ هـ، أستوطن بغداد، واختار لنفسه مذهبا في الفقه، من تصانيفه، جامع
البيان في تأويل القرآن، تاريخ الأمم والملوك , تذهيب الآثار وغيرها وتوفي
ليومين بقيا من شوال سنة ٣١٠ هـ في بغداد. معجم المؤلفين: ج٩ / ١٤٧٧.] المتوفى سنة ٣١٠ هـ. ٩. المسترشد في الإمامة لمحمد بن جرير
بن رستم الطبري الاملي[محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الآملي، أبوجعفر، من علماء
الإمامية. ولد سنة ٢٦٦ هـ له كتاب المسترشد في الإمة، دلائل الإمامة الواضحة،
مناقب فاطمة ويولدها وغيرها، توفي في بغداد أوائل شوال سنة ٣١٠ هـ. معجم
المؤلفين: ج ٩ / ١٤٦.] المعاصر لسميه السالف ذكره وعبثاً أحاول إثبات أرقام متسلسلة لهذا
المبحث الذي لا يدخل تحت الحساب، وقلما يوجد سفر أدبي أوديني أوتاريخي يخلومن خطب الإمام وكلمه. وقد قال مدرس دار العلوم المصرية أحمد صفوة المؤرخين في كتاب علي عليه السلام ص
١٢٥: (أن الأدباء والمؤرخين الذين تقدموا الشريف الرضي كانوا يوقنون أن خطب الإمام بضع مِئات). وقال المسعودي المتوفى سنة ٣٤٦ هـ: (إن الخطب المنقولة عن أمير المؤمنين
عليه السلام هي أربعمائة ونيف وثمانون خطبة )، وهذا المؤرخ الثقة توفي قبل أنْ
يولد الشريف الرضي ببضعة عشر عاماً. أضف إلى ذلك كتب محمد بن السائب الكلبي[محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي صاحب التفسير وعلم النسب توفي
بالكوفة سنة ١٤٦ هـ. وفيات الأعيان: ج ٤ / ٣٠٩.] المتوفى سنة ١٤٦ هـ وكتب محمد بن عمر الواقدي المتوفى سنة ٢٠٧ هـ وكتب عبد الملك بن هشام[عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبومحمد، له، كتاب في
أنساب بني حِمْير وملوكها سيرة رسول الله صلى عليه واله المعروف بسيرة أبن هشام
وغيرها، توفي بمصر سنة ٢١٣ هـ. وفيان الأعيان ج ٣ / ١٧٧.] المتوفى سنة ٢١٣ هـ وكتب أحمد ابن يحيى البلاذري[أحمد بن يحيي بن جابر أبوالحسن، ولد
أوائل القرن الثاني الهجري، من أهل بغداد، له كتاب فتوح البلدان وكتاب أنساب
الأشراف، توفي سنة ٢٧٩ هـ. معجم الأدباء: ج٥ / ٨٩.] المتوفى سنة ٢٧٩ هـ وكتب أبوالفرج علي بن الحسين الأصفهاني
المرواني[علي بن الحسين بن محمد الاصبهاني الأصل والبغدادي المنشأ، له كتاب
الأغاني وكتاب مقاتل الطالبين وكتاب التجار، توفي سنة ٣٥٦ هـ. وفيات الأعيان ج ٣
/ ٣٠٧.] المتوفى سنة ٢٥٦ هـ وكتب أحمد بن محمد البرقي المتوفى سنة ٢٧٤٤ هـ. وأما الناقلون لخطبة بعد الشريف فهم لا يحصون كالقاضي القضاعي[محمد بن سلامة أبوعبدالله، القاضي القضاعي، توفي بمصر سنة ٤٥٤
هـ.الكنى والألقاب: ج٣ / ٥٥.] في دستور الحكم[كذا ورد في المخطوط والنسخ المطبوعة، والصحيح دستور معالم الحكم،
والكتاب بأكمله يحتوي على كلام أمير المؤمنين عليه السلام.] وأخطب خوارزم موفق بن أحمد[الموفق بن أحمد الخوارزمي ( أخطب
خوارزم)، أبوالمؤيد، من علماء المائة الخامسة الهجرية، له كتاب مناقب أهل البيت
عليه السلام، توفي سنة ٥٦٨ هـ. الكنى والألقاب: ج٢ / ١٥.] في مناقبة[المناقب: ٣٦٤.] والكنجي الشافعي[محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي، الحافظ أبوعبدالله، له كتاب
كفاية الطالب في المناقب وكتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، توفي سنة ٦٥٨ هـ.
الكنى والألقاب:ج٣ / ١٢٣.] في كفاية الطالب[كفاية الطالب في مناقب علي بن ابي طالب عليه السلام: ٣٩١.] وابن طلحة الشافعي[محمد بن طلحة القرشي الشافعي، أبوسالم ولد بالعمرية من قرى
نَصِيْبيْنَ سنة ٥٨٢ هـ، سمع بنيسابور من المؤيد الطوسي وزينب الشعرية وحدث بحلب
ودمشق وكان صدرا معظما محتشما، له كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلى
الله عليه واله، توفي بحلب في رجب سنة ٦٥٢ هـ. الوافي بالوفيات: ج٣ / ٧٦٤٤.] في مطالبه[مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلى الله عليه واله: ٢٤٢.] وابن الجوزي في المدهش[كَذا ذَكّرَ سيّدنا الُمؤلِفُ.
والواقِفُ على كِتابِ (المُدْهِش) للعْلامة أبي الفَرَج أبْنِ الجَوْزيّ (ت: ٥٩٧
) في غَيْرِ ما طَبْعَةٍ لا يَرَى فِيْهِ كّلاماً لمولانا أمير المؤمنين على
عليه السلام وإنَّما المذكورُ فيه ( باب تزويج علي من فاطمة ) وهُوخِلْومن
كّلامِهِ عليه السلام كما تَتَبَّع ذلك السيد علي الغريفي سلمه الله تعالى،
والظاهر أّنَّ المقصود ( سِبْطَ ابن الجوزي ) (ت: ٦٥٤٤ ) فقد ذّكَرَ (السَّبطُ)
المذكور في كتابه ( تذكرة خَواصَّ الأُمة ) – الباب السادس – فَصْلاً في ذِكْرِ كلام أمير المؤمنين عليه السلام. ] والشيخ إبراهيم الكراجكي[كذا في الأصل المخطوط والنسخ المطبوعة، لكن الظاهر أنه الوالفتح
محمد بن علي بن عثمان الكراجكي من مشايخه الشيخ المفيد والسيد المرتضى، له كتاب
كنز الفوائد الذي اخذ عنه جل من أتى بعده وسائر كتبه في غاية المتانة، توفي سنة
٤٤٩ هـ. الكنى والألقاب: ٣ / ١٠٨٨.] في فوائده[كنز الفوائد: ٢٠٠.] وغيرهم في غيرها. |
|||
|
هل
في النهج دخيل ؟
|
|||
|
ذهب شطرمن الكتاب وفيهم الكاتب المعتزلي عبد الحميد بن أبي الحديد فيلسوف
المؤرخين إلى القول بأن المجموع في نهج
البلاغة من الدفة إلى الدفة معلوم الثبوت
قطعي الصدور من أمير المؤمنين عليه السلام من
فمه أومن قلمه. يظهر هذا من مقاله الآتي في
شرحه على نهج البلاغة ج ١٠ ص ٥٤٦ بعد إيراده
لخطبة أبن أبي الشحناء المشهورة ونصه: (كثير من أرباب الهوى يقولون أن
كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة وربما عزوا بعضه إلى الرضي أبي الحسن وغيره، وهؤلاء قوم أعمت
العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح ونكبواعن بينات الطريق ضلالة وقلة معرفة
باساليب الكلام وانا اوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط. فأقول: لا يخلوا إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً اوبعضه والأول باطل بالضرورة لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين وقد نقل
المحدثون كلهم أوجلهم والمؤرخون كثير منهم وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك، والثاني يدل على ما قلناه لأن من قد آنس بالكلام والخطابة
وشَدَا طرفاً من علم البيان وصار له ذوق في هذا الباب لابد أن يفرق بين الكلام
الركيك وبين الفصيح والأفصح وبين الأصيل والمولد، وإذا وقفت على كراس واحد يتضمن
كلاما لجماعة من الخطباء أولاثنين منهم فقط فلابد أن تفرق بين الكلامين وتميز
بين الطريقتين. الأ ترى: أنا مع معرفتنا بالشعر ونقده
لوتصفحنا ديوان أبي تمام فوجدناه قد كتب في اثنائه قصائد أوقصيدة واحدة لغيره
لعرفنا بالذوق مبانيّها لشعر أبي تمام ونفسه وطريقته ومذهبه في القريض ؟ ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا
من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر ؟ وكذلك حذفوا من شعر أبي نُواس شيئاً
كثيراً لما ظهرلهم أنه ليس من الفاظه ولامن شعره ولم يعتمدوا في ذلك إلا على
الذوق خاصة ؟ وأنت إذا ما تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماءً واحداً وأسلوباً
واحداً كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الابعاض في الماهية،
وكالقرآن العزيز أوله كأوسطه وأوسطه كآخره وكل سورة منه وكل آية مماثلة في
المآخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقي الآيات والسور. ولوكان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال
من زعم أن هذا الكتاب أوبعضه محول إلى أمير المؤمنين عليه السلام. وأعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه مالا قبل له به لأنا متى فتحنا هذا الباب وسطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحولم نثق بصحة كلام منقول عن رسول الله صلى الله عليه وآله أبداً وساع لطاعن
أن يطعن ويقول هذا الخبر منحول وهذا الكلام مصنوع، وكذلك ما نقل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والأدب
وغير ذلك، وكل شيء جعله هذا الطاعن - يعني في خطب النهج - مستنداً له فيما ترويه
عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الراشدين والصحابة والتابعين والشعراء
والمترسلين فلناصري أمير
المؤمنين عليه السلام أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة وغيره وهذا واضح ) انتهى كلامه. ونحن النمرقة الوسطى من أهل العلم نقول: أن أخواننا الشيعة يعتقدون بأن الخطب والكتب والكلم المرويات في نهج البلاغة حالها كحال الخطب المروية عن رسول الله صلي الله عليه وآله التي بعضها متواتر قطعي الصدور وبعضها
غير متواتر فهوظني السند لا نحكم عليه بالانتحال والافتعال إلا بعد قيام الدليل العلمي على كذبه كما أننا لا نحكم بصحته
جزماً إلا بعد قيام الدليل، ومن أسند غير هذا إلينا فقد افترى علينا، وكيف يسند منصف إلى الشيعة أعتقاداً
بثبوت جميع ما بين الدفتين من هذا الكتاب وفيها ما يخالفهم أكثر مما يوافقهم كَتَأبيْنِ علي لعمر ؟! ولوكان ذوي الأغراض من الشيعة أن يلعبوا
في نهج البلاغة محواً أوإثباتاً لحذفوا هذا التأبين. وعليه فالاعتدال والحق الذي أحق أن يُتّبّع يقضيان علينا بأن نجعل لهذا الكتاب من القيمة الدينية ما نجعله لغيره من الجوامع الصحاح
والكتب الدينية المعتبرة ونعترف بقيمته الأدبية وتفوقها من هذه الجهة على كل كتاب بعد كتاب
الله سبحانه. |
|||
|
دفع
الشبهات عن نهج البلاغة
|
|||
|
لقد نال موضوع تصحيح نهج البلاغة
منزلة من الوضوح وتنورت أطرافه من حيث كثرة الأسانيد لحد لم يدع مجالاً
للمتقوَّلين عليه فبما بحثنا عنه: الأ أن البعض ممن ركبوا العصبية ونكبوا عن النهج قد يضربون عن كل هذه الحجج والدلائل صفحاً ويتشبثون واهية: |
|||
|
الشبهة الأولى:
|
|||
|
كثرة الخطب وطولها وتعذر الحفظ والضبط
في أمثالها، فإن الخطب الطوال يصعب حفظها وتذكر الفاظها بعد الأجيال. |
|||
|
||||
|
أنها ليست بأعجب من رواية المعلقات
السبع والقصائد الأخرى من الأوائل ومن الخطب والمأثورات الضافية التي رويت عن
النبي المصطفى صلى الله عليه وآله ومن غيره ممن تقدم عليه زمانه أوتأخر، في حين
أن العناية بالحفظ والكتابة كانت في زمن الراشدين أهم وأعظم مما قبله، ونعتوا
ابن عباس بأنه كان يحفظ القصائد الطوال لأول مرة من سماعها وكان مثله في عامة
العرب كثيراً ولا يزال حتى اليوم، والاعتناء بحفظ خطب الإمام كان أكثر حتى قال
مدرس دار العلوم المصرية في كتاب علي عليه السلام ص ١٢٥: أن الأدباء والمؤرخين
الذين تقدموا الشريف الرضي كانوا يعتقدون أن خطب الإمام عليه السلام كانت بضع
مئات، وحكي عن المسعودي أربعمائة ونيفاً وثمانين خطبة. |
|||
|
الشبهة الثانية:
|
|||
|
إسناد بعض الخطب المروية في النهج إلى
القطر الخارجي[قَطَرِيّ بن الفُجاءة أبونعامة، وأسمه جعونة بن مازن بن يزيد
المازني الخارجي، خرج زمن عبد الله بن الزبير، وبقي قَطَرٍيّ عشرين سنة يقاتل
ويُسلم عليه بالخلافة، قتل سنة ٧٨ هـ. وفيات الأعيان: ج٤ / ٩٣.] وغيره. |
|||
|
||||
|
أن الشريف الرضي أحق بالتصديق في
روايته من غيره وأعرف بأساليب بلغاء العرب، ولا يبعد ان يكون الذين جاؤوا بعد
الإمام اقتفوا أثره في خُطَبهِ وأفرغوها بألسنتهم، وربما نحلها هؤلاء أشياعهم
كما نحلوا معاوية بن أبي سفيان بعض خطب الإمام. قال مدرس دار العلوم أحمد زكي صفوة
المؤرخين: ومما يستوقف الباحث في هذا الباب ما
أورده الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥ هـ في البيان والتبيين، قال: قالوا: لما حضرت
معاوية الوفاة قال لمولى له: مَنْ بالباب ؟ قال: نفر من قريش يتباشرون بموتك. فقال: ويحك ولم ؟ قال: لا أدري. قال: فوالله ما لهم بعدي إلا الذي
يسؤوهم، وأذن للناس فدخلوا فحمدلله وأثنى عليه وأوجز ثم خطبهم خطبة أوردها
الجاحظ وعَقّبها بقوله: وفي هذه الخطبة – أبقاك الله – ضروب من العجب: منها أن هذا الكلام لا يُشْبُه السبب الذي من أجله
دعاهم معاوية، ومنها أن هذا المذهب في تصنيف الناس وفي الإخبار عنهم وعما هم
عليه من القهر والإذلال ومن التقية والخوف أشبه بكلام علي وبمعانيه بحاله منه
حال معاوية، ومنها إنّا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه مسلك
الزهاد ولا يذهب مذاهب العباد وإنما نكتب لكم ونخبر بما سمعناه، والله أعلم
بأصحاب الأخبار وبكثير منهم. وفي الحق أن الناقد المتأمل لا
تُخالِجُهُ ريبة في أن هذه الخطبة أخرى بها أن تعزي إلى الإمام إذ ترى روحه
واضحة جلية فيها أسلوباً ومعنى وغرضاً، وكأني بالجاحظ يبغي أن يقول: أن الرواة
نحلوها معاوية وهويتشكك في صدق روايتهم هذه كما يلمح من قوله: ( والله أعلم
بأصحاب الأخبار وبكثير منهم )، ولكنه يتحرج من المجاهرة بذلك لأنه ( إنما يكتب
ويخبر بما سمعه ). أقول: ويؤيد ما احتملناه إسناد الوزير
الآبي بعض الخطب إلى زيد الشهيد في حين أنها مسندة في النهج إلى جده الإمام عليه
السلام، ويعتز سند الشريف الرضي بالمصادر القديمة لخطب النهج التي تروي هاتيك
الخطب عن أمير المؤمنين عليه السلام فلا يكون إلقاء زيد الشهيد لها ضرباً من
الاقتفاء والاقتباس. |
|||
|
الشبهة الثالثة:
|
|||
|
أن المجموع من خطبة عليه السلام يتضمن
أنباء غيبة وأخبارالملاحم والفتن مما يختص علمه بالله وحده. |
|||
|
||||
|
أنّ الغيب يختص علمه بالله سبحانه ومن
ارتضاهم من أنبيائه وأوليائه وكم حوت السنة النبوية أنباء غيبة وأخباراً عن
الملاحم والفتن، وما ذلك عن النبي الكريم إلا بوحي من ربه العليم الخبير، كذلك
لا يَنْطِقُ ابن عمه وربيب حجره وصاحب سره في الملاحم والخفايا إلا بخبر عن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد أعطيت يا أميرالمؤمنين علم الغيب ؟ فأجاب عليه السلام: ليس هوبعلم غيب
وإنما تعلم من ذي علم[نهج البلاغة: ج٢ / ١٠.] ولا غروا فقد ثبت عن رسول الله صلى
الله عليه وآله فيه أنه قال: ( أنا مدينة العلم وعلي بابها )[
تاريخ بغداد: ج ١١ / ٥٠.] ، وقول علي عليه السلام: لقد علمني رسول الله صلى الله عليه وآله
ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب[كنز العمال: ج ١٣ / ١١٤.]. فمن أختص من مهبط الوحي ومدينة العلم
بمثل هذا الاختصاص لا يستغرب منه أن يملأ الكتب من أسرار الكائنات وكامنات
الحوادث ولنعتزل عن خطبه المروية في النهج ونسلك آثاره المتواترة في التاريخ،
فقد روى عنه المؤرخون كالمسعودي في مروج المذهب وابن أبي الحديد في شرح النهج ص
٤٢٥، مجلد ١ وابن بطة في الإبانة وأبي داوود في السنن وغيرهم في غيرها أنه تنبأ
بمصير الخوارج حينما أخبره الناس بأنهم عبروا النهر قال عليه السلام: (لا يفلت
منهم عشرة ولا يقتل منا عشرة )[
نهج البلاغة: ج ١ / ١٠٧.] ، فكان الأمر كذلك. واستفاض عنه الخبر بمقتله وإنه سوف
يخضب أشقاها هذه من هذه وأشار بيده إلى لحيته وجبهته - وكان إذا رأى ابن ملجم
قال: أريد حياته ويريد قتلي عذيرك من خليلك
من مراد واستفاضت أنباؤه في توسع ملك بني أمية
وبني العباس وخبره بمقتل الحسين في كربلاء[راجع ص ٢٠٨ من المجلد الأول لشرح أبن
أبي الحديد على النهج ففيه جمهرة من الروايات في أخباره عليه السلام من
المغيبات، وكذا ص ٤٢٥ منه.]. ومما يدلك على جواز مثله واستقاء هذه العلوم من رسول الله صلى
الله عليه وآله خبر أم سلمة زوجة النبي بمقتل الحسين قبل وقوعه كما رواه الترمذي في
صحيحه، فإذا جاز لمثلها
النبأ عن الحوادث المستقبلية واستقائها العلم عن رسول الله صلى اله عليه وآله
فلم لا يجوز مثل ذلك من علي عليه السلام وهوعيبة علمه وصاحب سره الذي كان يسكن
في ظله ويتحرك في ضوئه ؟! هذا من ناحية الدين وأما من سواها فقد
بلغتنا عن ساسة الأمم وحكمائها تنبؤات صادقة عن مصيرها في مسيرها، ونحن لا نماري
في ذلك مبدئيا فكيف نماري في المنقول عن ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله
وترجمان وحيه وخازن علمه ؟ |
|||
|
الشبهة الرابعة:
|
|||
|
اشتمال خطب النهج على علوم تولدت في
المجتمع الإسلامي بعد عصر الصحابة والتابعين مما يستبعد التحدث عنها قبلاً
كدقائق على التوحيد وأبحاث الرؤية والعدل والتوسع في كيفية كلام الخالق وابتعاده
عن صفات الجسم وكيفياته وتنزهه عن مجانسة مخلوقاته. وأجاب عنها أحمد زكي صفوة المؤرخين في ص
١٢٦ من كتابه علي بن أبي طالب عليه السلام قائلاً: هل في فكر الإمام وحكمه نظريات
فلسفية يعتاص على الباحث فهمها ويفتقر في درسها إلى كَدَّ ذهنِ وكدحِ
خاطرٍ،اللهم الإ أنها حكم سائغة مرسلة تمتزج بالروح من أقرب طريق وتدب إلى القلب
دون تعمل أوعناء وليس أحد يماري في أن ايراد العرب للحكمة البالغة وضربهم
الأمثال الرائعة فِطْرِيَّ فيهم معروف عنهم منذ جاهليتهم لما أوتوه من صفاء
الذهن واتقاد الحرية وسرعة الخاطر. وقد اشتهر منهم بذلك كثير قبل الإسلام
أفتستكثر الحكمة السامية على علي عليه السلام ؟ وهومن علمت سليل قريش الذين كانوا
أفصح العرب لساناً وأعذبها بياناً وأرقها لفظاً واصفاها مزاجاً وألطفها ذوقاً! وقد قدمنا لك أنه عليه السلام ربى في بيت النبي صلى الله عليه وآله
منذ حداثته فنشأ وشبَّ في بيت
النبوة ومهد الحكمة وينبوعها ولازم الرسول حتى مماته. وقد قال علي عليه السلام
في بعض خطبه: (كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه
علماً ويأمرني بالاقتداء به )[
نهج البلاغة: ج٢ / ١٥٧.]. وكان من كبار كتاب وحيه وحفظ القرآن
كله حفظاً جيداً وسمع الحديث الشريف ووعاه وتفقه في الدين حتى كان إماماً هادياً
وعالماً عليماً، وفوق ذلك فأنت تعلم أن الشدائد ثِقافُ الأذهان وصِقال العقول
تفتق عن مكنون الحكمة وتستخرج عصيها، وقد مرَّ بالإمام حين من عمره حافل
بالشدائد مليء[الوجه إنْ يقول: مَدلْآنُ.] بالعظائم والأهوال. وحسبه أن يحمل مع أبن عمَّهِ صلى الله
عليه وآله أعباء أمره ويبيته في فراشه ليلة الحرب في كل غزواته - الإ واحدة – ثم هويقضي طول خلافته مذ بويع إلى أن
قتل – أربع سنين وتسعة أشهر – في شجار ونضال وجلاد وكفاح تارة مع
عائشة ومناصريها وأخرى مع معاوية وأشياعه ثم يبتلي بخلاف أصحابه عليه ويعاني من
اختلاف مشاربهم وتباين أهوائهم وغريب شذوذهم وتحكمهم واعتسافهم ما يضيق عنه صدر
الحليم ويندّ معه صبر الصبور. كل اولئك التجاريب والظروف قد حنكته
وصفت من جوهر عقله وثقفت من حديد ذهنه وأمدته بفيض زاخر من الحكم الثاقبة
والآراء الناضجة، وما العقل إلاّ التجربة والاختبار ؟! وَاخِالُك تذكر ما قدمناه لك اًنفاً
من أنه كان معروفاً بين الصحابة بأصالة الرأي وسداد الفكر، فكان بعض الخلفاء
يفزع إلى مشورته إذا حَزَّبه أمر فيجيد الحز ويطبق المفصل، ولم يكن رضي الله عنه
بالرجل الخامل الغمر بل كان من سادة القوم وعليتهم، وكان ما يجري من الشؤون
السياسية في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وعهد الخلفاء السابقين له بمرأي منه
ومسمع بل كان له في بعضها ضلع قوية وشأن خطير، هذا المران السياسي الطويل العهد
- وهوخمس وثلاثون سنة من بدء الهجرة عدا ما تقدمها أفادة شحذا الذهن وثقوباً في
الفكر فليس بمستنكر على مثل علي أن يكون حكيماً – انتهى كلامه. |
|||
|
||||
|
فهوأن المتأخر أخذ عن المتقدم لأن
المتأخر نسب إلى المتقدم، وبيان ذلك: إن علماء الإسلام المتأخرين إنما توسعوا في علومهم بعد ما تعمقوا
في آيات التوحيد والمعارف القرآنية وما وصل إليهم من خطب علي عليه السلام وكلمه
في أبواب التوحيد وشؤون العالم الربوبي، حتى أن الحجاج ألقى على علماء التابعين
يوماً شبهة الجبر فرده كل منهم أنه أخذ ذلك عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال
الحجاج: لقد جئتموها من عين صافية[كنز الفوائد: ١٧٠.]. ولقد كان ابن عم رسول الله يفيض على
أبناء عصره ومصره بعلوم النبوة ومعارف الدين العالية، إلا أن أكثرهم لم يكونوا
ليفهموها بل كانوا يحملون هاتيك الكلم الجامعة إلى من ولدوا بعدهم كما قيل: (رب
حامل فقه إلى من هوأفقه )[
ينظر الحديث في بحار الأنوار: ج ٧٤ / ١٤٦، ومسند احمد بن حنبل: ج ٥ / ١٨٣.]. ونظير هذا آيات التوحيد والرؤية
والكلام والعدل تلك آيات التي تدبر فيها حكماء الإسلام في القرون المتأخرة
وأظهروا معارفها العالية التي لم تخطر ببال أحد في عصر الصحابة. وأوضح برهان لنا في المقام وجود جمل
في خطب نهج البلاغة تنطق بحركة الأرض وتنطبق على أصول الهيئة الجديدة ومسائلها
التي حدثت بعد الألف الهجري، كقوله عليه السلام في صفة الأرض: فسكنت على حركتها
من أن تميد بأهلها أوتسبح بحملها )[ نهج البلاغة: ج ٢/ ١٩٢.] ، وقوله عليه السلام: (وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها )[
نهج البلاغة: ج ١ / ١٧٤.] ، وكنا نعلم أن الرأي القائل بتحرك الأرض مع سكونها الظاهر مستحدث
من بعد (غاليو) الايطالي، و(كوبرينك) الألماني و(نيوتن) الأنكليزي، ورأي ثبوت الحركات العشر للأرض متأخر عنهم
جداً. وكل هذه الآراء حادثة بعد انتشار شروح
نهج البلاغة فضلاً عن النهج الذي أشتهر أمره من قبلها فهل يسوغ لامرئ أن يشك في
تأليف نهج البلاغة وشروحه بحجة أنها مشتملة على مسائل الهيئة المتأخرة عن الألف
الهجري ؟ |
|||
|
الشبهة الخامسة:
|
|||
|
اشتمال الخطب على اصطلاحات وجدت في
القرون المتأخرة وعلى سبك حديث الطراز كقوله عليه السلام: وكمال توحيده الإخلاص
له، وكمال الإخلاص له، نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة
كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصَفَ الله سبحانه وتعالى فقد قرنه، ومن قرنه فقد
ثنَّاه ومَنْ ثناهُ فقد جَزَّاه ومن جزاء...الخ[نهج البلاغة: ج ١ / ١٥.]. |
|||
|
||||
|
يعرف مما سبق فإنَّ المتاخرين إنما
توسعوا في معارفهم بعد العثور على هذه الحكم الجلائل وأختاروا الاصطلاحات من
قبيل (الكيف والآين) بعد ما استأنسوا بمبادئها في كلام الإمام عليه السلام لأن
الكلام نسب إلى الإمام بعد ظهور هذه المصطلحات، بدليل أن أمثال هذه المبادئ
مستفيضة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وفي كلام فصحاء العرب الأوائل ولا
يعز المتتبع وافره، وأي عاقل يستطيع أن يصوغ هذه الجمل العسجدية ثم ينسبها إلى
غيره ؟ ولوكان أحد ينسب إلى الإمام شيئاً من المصطلحات بعد تاريخ حدوثها لجاءت
في خطبة كلمة الماهية المنحوتة من (ما هي )، واللمية المنحوتة من (لم)، والإنية
المنحوتة من (أنه)، والهيولي المنحوتة من (هي الأولى)، وأمثال ذلك من مصطلحات
حكماء الإسلام في حين أن النهج كله خلوعن كل هذا. ونظيرهذا قول ابي نؤاس (كان صغرى وكبرى
من فَواقِعها )، الذي يظن فيه سامعه لأول وهلة أنه أخذ عن المنطقيين مصطلحهم في
صغرى وكبرى القياس في حين الاصطلاح متأخر جداً ولا يستلزم تأخرة نفي ذلك الشعر
المتقدم، ومثل هذا غير عزيز على من طلبه. ومن الغريب استغراب بعضهم في كلام
الإمام استنتاجه الجمل متفرعة بعضها من بعض كقوله عليه السلام: فمن وصف الله
سبحانه وتعالى فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه... الخ. بحسب أن ترتيب الكلام على شاكلة القياس لمؤلف من صغراه وكبراه غيرمألوف من العرب في حين أن هذا الحسبان قدح في الأدب
العربي من حيث لا يقصد، ومعناه أن نظم القياس المعقول قصّي عن الذوق العربي،
وهذا شيء لا نقبله والعرب هم الأقربون إلى القياس المنقول لفطرتهم وكم له نظير في الكتاب والسنة ؟ قال تعالى: (وَلَوْعَلِمَ اللهُ
فِيهِمْ خَيْراً لَّاسْمَعَهُمْ وَلَوأَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ )[
الأنفال: ٢٣.] ، وروى البخاري في صحيحة عنه صلى الله عليه وآله سلم: (فاطمة بضعة
مني من أغضبها فقد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله )[ صحيح البخاري: ج ٤ /
٢١٩.]. فإذا ورد في أفضح الكلم نظم القياس
وتفريع الجمل فهل يستغرب من حفظة القرآن أن يتوسعوا في نظم الأقيسة الاقترانية
والاستثنائية في أساليب حديثهم ؟ ولقد قطعناه جهيزة كل خطيب[قَطَعَتْ جَهِيزَةُ خَطِيبِ، يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه
بحمَاقة يأتي بها. مجمع الأمثال ج٢ / ٩١.] بأن المسانيد المشتهرة إذا حوت خطبة
للإمام بأسانيد معتبرة فغير جدير الإصغاء إلى أمثال هذه الشبهات الضعيفة ومضى
دفع شبهات أخرى في خلال أبحاثنا الماضية... والله يحق الحق وهوأحكم الحاكمين... والحمدلله رب العالمين |
|||
|
|
سر الشك في نهج
البلاغة
|
|||
|
السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني
|
|||
|
||||
|
إن مجموعة نهج البلاغة عِقْدٌ في
الأدب ثمين وينبوع للعلم عزيز المادة لا ينبغي أن يستخف بوزنه لمجرد تعصب أشخاص
أوطوائف ضعيفة المركز لا تعرف ثمن الحكمة ولا تلتفت إلى العواقب، قام في عصره
سيد الشعراء بلا مراء ألا وهوالشريف الرضي فسّنَّ لنهضة النَّشْأ العربي نهج
البلاغة واختار من مختار كلام أميرالبلاغة وإمام الإنشاء مجموعة وافية بالغرض
وثق من أسنادها وهوالثقة عند الجميع. فما بال بعض إخواننا المنتمين إلى أهل السنة يقدحون في هذا الكتاب كله لمجرد تأثرهم مما في الخطبة الشقشقية وحدها ؟! وما بال بعض المتطرفين من إخواننا الشيعة يتوقفون في توثيق هذه المجموعة
القيمة لمجرد استبعادهم لخطبة (لله بلاء فلان) المتضمنة تأبين سيدنا علي عليه السلام لعمر ونعته
بالوصف الجميل ؟! ولنا في كلتا الخطبتين مجال التأويل. |
|||
|
صحة
إسناد الشقشقية
|
|||
|
صحة إسناد الشقشقية[الشَّقْسقيةُ:
لهَاة البعير ولا تكون إلا للعربيّ من الإبل، وهوشيء كالرَّئة يخرجها البعيرمن
فيه إذا هاج. لسان العرب ج ١ / ١٨٥ مادة (شقق) وتاج العروس: ج١٣ / ٢٥٠ مادة
(شقق).] أما الخطبة الشقشقية[شّرحّهّا غيْرُ واحِدٍ من الأَعلام، كانَ آخِرهم العلاّمة الخطيب الكبير الشيخ عبد
اللطيف البغداديّ رحمه الله تعالى والتفتَ فيها إلى نكاتٍ عِلميْة لم يُنَبّه
عليها غْيرُهُ وقد قَرَأَ عَلَيَّ الشَّرْحَ في أَثْناء إتمامِهِ، ولا ادري
أطُبعَ بعد وفاته ام لا.] فلا يجوز لعالم أومنتحل للعلم أن
يراها من الشريف الرضي، لأن كثيراً من أدباء عصره أثبتوها في مدوناتهم وأرسلوا نسبتها إلى علي إرسال
المسلمات، كالوزير الآبي ابي سعيد منصور[الوزير السعيد ذوالمعالي زين الكفاة أبوسعيد منصور بن الحسين الأبي،
فاضل، عالم، فقيه، شاعر نحوي، لغوي، جامع لأنواع الفضل، قرأ على الشيخ الطوسي،
وزيرلمجد الدولة البويهي، له كتاب نزهة الأدب وكتاب نثر الدرر، توفي سنة ٤٢٢ هـ
أعيان الشيعة: ج ١٠ / ١٣٨٨.] المتوفى ٤٢٢ هـ في كتابه نثرالدرر ونزهة الأديب. ولوكانت الشقشقية وليدة عصرهم لعرفوا
أمرها وتثبتوا في إسنادها شأن المعاصر مع معاصريه، ويدلك على أن شقشقية الوزير غيرمنقولة عن نهج البلاغة اختلاف بينهما في بعض الألفاظ والجمل. وهناك من مشايخ الرضي الشيخ المفيد[محمد بن محمد بن النعمان المفيد، المكني أباعبدالله المعروف بابن
المعلم، المولود سنة ٣٣٨ هـ له كتاب المقنعة وكتاب الإرشاد وكتاب في أحكام أهل
الجمل وغيرها توفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ٤١٣ هـ. الفهرست: ٢٣٨.] أبوعبدالله محمد بن محمد بن النعمان علامة بغداد ورئيس المتكلمين بها في
دولة بني بويه، وكان الشريف الرضي قد تلمذ على هذا الشيخ من عهد صباه وألف شيخه
هذا كتاباً في المناقب اسماه الإرشاد نسبته إليه تجد فيه كثيراً من خطب الإمام
عليه السلام ومن جملتها الخطبة الشقشقية أوردها في الصحيفة ١٣٥٥ قائلاً: وروى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس قال: كنت عند
أميرالمؤمنين عليه السلام بالرحبة فذكرت الخلافَةُ وتقديم من تقدم عليه فتنفس
الصعداء ثم قال: أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة... الخ. ولا يجوز اقتباس الشيخ المفيد هذه
الخطبة من نهج البلاغة ونقلها إلى كتابه: لأن الرضي لا يُمَهَّد للخُطْبَةِ إسْناداً بل يقول: ( ومن خطبة له وهي معروفة
بالشقشقية: أما والله لقد تقصمها ) إلى آخر
الخطبة في حين أن شيخه المفيد يمهد لها قصة وإسناداً. زد
على ذلك أن العادة تقضي بنقل التلامذة عن
شيوخهم لا الشيوخ عن تلامذتهم، ويدلك على أن شقشقية المفيد غيرمنقولة عن نهج البلاغة لاختلاف بينهما في بعض الألفاظ والجمل. والنتيجة أنفرد الشريف الرضي في نقله من مصدر له، وأنفرد شيخه المفيد في نقله عن مصدر آخر وأنفرد الوزير في نقله عن مصدر ثالث. نعم
إنَّ جوهرالمعاني والمقاصد واحد في الجميع. |
|||
|
الشقشقية
كما في نهج البلاغة
|
|||
|
اَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصّها
فُلانَّ (كما وردت في شرح ابن أبي الحديد.) ، وَأِنَّهُ لَيَعْلَمُ أنَّ مَحَلَّيَ مِنَهَا مَحَلُّ القُطْبِ
منَ الرَّحاء، يَنْحَدِرُ عَنَّي السَّيْلٌ، وَلا يَرْقًى إِلىَّ الطَّيْرُ،
فَسَدلْتُ دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً، وَطَفِقْتُ أَرتَني
بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جّذَّاَ أَوأَصْبرَ عَلى طَخْيَة عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ
فيهّا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فيهّا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى
يَلْقَى رَبَّهُ. فَرأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَعَلَى هَاتَا أَحْجِى، فَصَبَرتُ وفي
الْعَيْنِ قَذىً، وَفي الحَلْقِ شَجاً، أرى تُرَاثي نَهْباً، حَتَّى مّضّى
الأوَلُ لِسبِيِلهِ، فّأدْلّى بهّا إلَى فلان بَعْدَهُ. ثم تمثل بقول الاعشى:
فَيَا عَجَبَا !! بَيْنَا
هُويَسْتَقِيلُها في حَيَاتِهِ إَذْ عَقَدَهَا لاخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ. لَشَدَّ
مَا تَشَطَّراَ ضَرْعَيْهَا ! فَصَيَّرّهَا في حَوْزَة خَشْنَاءَ يَغرّضْلُظٌ
كَلمُهَا، وَيَخْشُنُ مَسَّهَا، وَيَكْثُرُ العِثَارُ (فيها) وَالاْعْتَذَارُ
مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَراكِب الصَّعْبَةِ، أَنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ، وَإِنْ
أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ، فَمُنِيَ النَّاسُ. لَعَمْراللهِ. بِخَبْط وَشِمَاس،
وَتَلَوَّن وَاَعْتِرَاض. فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ المْدَّة، وَشدَّةِ
المِحْنَةِ، حَتَّى إذا مَضَى لِسبِيلهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَة زَعَمَ أَنَّي
أَحدُهُمْ فَياللهِ وَلِشَّورى ! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأوَّلِ
مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أٌقرّن إلى هِذهِ النَّظَائِرِ! لكِنَّي أَسفَفْتُ إذْ
أَسَفَّوا، وَطِرْتُ إذْ طَارُوا، فَصَغَا[أيْ: مالَ.] رَجُلُ مِنْهُمْ لِضِغْنِه، وَمِالَ
الاْخَرُ لِصهرْهِ مَعَ هَن وَهَن. إلى أَنْ قَامِ ثالِثُ القَوْمِ،
نَافِجَاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نِثِيلهِ ومُعْتَلَفِهِ، وَقَامَ مَعَهُ
بَنُوأبِيهِ يَخْضَموُنَ مَالَ اللهِ خَضْمَ الاْبِل نِبْتَةَ الرَّبِيعِ،إلىَ
أَنِ انْتَكَثَ عَليْهِ فَتْلُهُ، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ، وَكَبَتْ بِه
بِطْنَتُهُ. فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وّالنَّاسُ إلىَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ،
يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلَّ جَانِب، حَتَّى لّقَدْ
وُطِيءَ الحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ، مُجْتَمِعِينَ حَوْلي كَرَبِيضَةِ
الغَنَمِ. فَلمَّا نَهضْتُ بِالأمْرِ نَكَثَتْ
طًائِفَةٌ،وَمَرَقَتْ أُخْرَى، فَسَقَ (وقسط) آخرُونَ كأنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا
اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكِ الدَّارُ الْاخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذيِنَ
لَا يُرِيدُوُنَ عُلُوَّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقين
)[
القصص: ٨٣.] بَلَى ! وَللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْها، ولَكِنَّهُمْ حَليَتَ الدَّنْيَا في أَعْيُنَهمْ،
وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا ! أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ،
وَبَرَأَ النَّسَمَة،لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِر، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بُوجُودِ
النَّاصِرِ، وَمَا أّخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاء ألاَّ يُقَاروَّا عَلَى
كِظَّةِ ظاَلم، ولاَ سَغَبِ مَظْلُوم،لاَلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا،
وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوِلَّها، وَلاَ لفَيْتُم دُنْيَاكُمْ هِذِ
أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزِ! (قالوا) وقام إليه رجل من أهل السواد
عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتاباً فاقبل ينظر فيه، قال له ابن
عباس (رض): يا أمير المؤمنين لواطْرَدْتَ خطبتك من حيث أفضيت ؟ قال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة
هدرت ثم قرت. قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على
كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن يكون أميرالمؤمنين بلغ منه حيث أراد. |
|||
|
الشقشقية
كما في نسخة الآبي
|
|||
|
قال الوزير: وذكرت عنده الخلافة فقال: لقد تقصمها ابن أبي قحافة وهويعلم أن
محلي منها محل القطب ينحدر عني السيل ولا تترقى إلى الطير، فصبرت وفي الحلق شجى
وفي العين قذى لما رأيت تراثي نهباً فلما مضى لسبيله صَيَّرها إلى أخي عدي
فصيرها في ناحية حشناء تمنع مسها ويعظم كلامها فمني الناس بتلوم وتلوم وزلل
واعتذار، فلما مضى لسبيله صيرها إلى ستة زعم أني أحدهم ! فيالله وللشورى متى
اعترض فِيَّ الريب فأقرن بهذه النظائر، فما رجل لضعنه وصفى آخر لصهره وقام ثالث
القوم نافجا حضنية بين نثلة ومعلفة وقام معه بنوأبيه يهضمون مال الله هضم الإبل
نبته الربيع، فلما أجهزعليه عمله ومضى لسبيله ما راعني إلا والناس إلي سراعا
كعرف الضبع وانثالوا عليَّ من كل فج حتى وطئ الحسنان وأنشق عطفاي فلما نهضت
بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وفسق آخرون كانهم لم يسمعوا كلام الله يقول:
(تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ عُلُوَّا فِي
الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوها
ولكنهم احلولت الدنيا في عيونهم وراعهم زبرجها. أما والله لولا حضور الحاضر
ولزوم الطاعة وما اخذ الله على العباد أن لا يقروا كظة ظالم ولا شغب مظلوم
لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أهون عندي
من عفطة عنز: سيان[هذا تصحيف طريف لكن المعنى فيه ضد المعنى في الرواية المشهورة
(شتان).] ما يومي على كورها ويوم حيان أخي جابر فقام رجل من القوم ناوله كتاباً شغل
به. قال ابن عباس: فقمت إليه وقلت: يا
أمير المؤمنين لوبلغت مقالتك من حيث قطعت ؟ فقال: هيهات كانت شقشقة هدرت فقرت. |
|||
|
الشقشقية
كما في إرشاد المفيد
|
|||
|
أم والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة
وأنه ليعلم أن محلي محل القطب من الرحا ينحدرعني السيل ولا يرقى إلىَّ لكني سدلت
دونها ثوباً وطويت عنها كشحا، وطفقت ارتاي بين أن أصول بيد جذاء أواصبر على طخية
عمياء يهرم فيها الكبيرويشيب فيها الصغيرويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن
الصبرعلى هاتا أحجي فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهباً، إلى أن
حضره أجله فادلى بها إلى عمر فيا عجبا بينا هويستقيلها في حياته إذ عقدها لأخر
بعد وفاته لشد ما تشطر ضرعيها:
فصيرها والله في ناحية خشناء يجفومسها
ويغلظ كلمها ويكثر العثاروالاعتذارمنها صاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها خرم وإن
أسلس لها عسفأ فمعنى الناس لعمرلله يخبط وشماس وتلون واعتراض، إلى أن حضرته
الوفاة فجعلها شورى بين جماعة زعم أنى أحدهم ! فيالله ولشورى متى أعترض الريب
فِيَّ مع الأولين منهم حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر، لكني اسففت إذ اسفوا
وطرت إذ طاروا صبراً على طول المحنة وانقضاء المدة فمال رجل لضغنه وضفى آخرلصهره
مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم ناجفاً حضينة بين نثيله ومعتلفه وأسرع معه
بنوأبيه يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، إلى أن ثوت بطنته وأجهز عليه
عليه عمله فما راعني من الناس إلا وهم رسل إليَّ كعرف الضبع يسألونني أن
أبايعهم. وانثالوا عليَّ حتى لقد وطئ الحسنان
وشق عطفاي، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة مرقت آخرون كانهم لم يسمعوا الله تعالى
يقول (تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا
لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ عُلُوَّا فِي الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوا ووعوها ولكن حليت دنياهم في أعينهم وراقهم
زبرجها، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر ولزوم الحجة بوجود
الناصر وما أخذ الله على حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفوا
دنياهم بهذه أزهد عندي من عفطة عنز. قال: فقال إليه رجل من أهل السواد
فناوله كتاباً فقطع كلامه قال ابن عباس، فما اسفت على شيء ولا تفجعت كتفجعي على
ما فاتني من كلام أميرالمؤمنين عليه السلام فلما فرغ من قراءة الكتاب قلت: يا
أمير المؤمنين لواطردت مقالك من حيث انتهيت إليها ؟ فقال:هيهات يا بن عباس كانت شقشقة
هدرت ثم قرت. |
|||
|
شقشقية
البرقي
|
|||
|
شقشقية البرقي[أحمد بن
أبي عبد الله محمد البرقي، أبوجعفر، كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء واعتمد
المراسيل، له كتاب المحاسن وكتاب صوم الأيام وكتاب البلدان والمساحة وغيرها،
توفي سنة ٢٧٤ هـ.رجال النجاشي: ٧٦.] عن كتاب علل الشرائع[علل
الشرائع: ج١ / ١٥٠.] والله لقد تقصمها ابن أبي قحافة وأنه
ليعلم أن محلي القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ولا يرتقي إليه الطير، فسدلت
دونها ثوباً وطويت عنها كشحا وطفقت ارتاي بين أن أصول بيد جذاء أوأصبرعلى طخية
عمياء يشيب فيها الصغيرويهرم فيها الكبيرويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن
الصبرعلى هاتي أحجي فصبرت وفي القلب قضى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهباً حتى إذا
مضى لسبيله فادلى بها إلى فلان بعد ! فيا عجبا بينا هويستقيلها في حياته إذ
عقدها لآخر بعد وفاته، فصبر والله في حوزة خشناء يخشن مسها ويغلظ كلمها ويكثر
العثار والاعتذارمنها، فصاحبها كراكب الصعبة أنْ عنف بها حرن وإنْ اسلس بها غسق
فمني الناس لعمرالله بخبط وشماس وتلون واعتراض مع هن وهن، فصبرت على طول المدة
وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم إني منهم ! فيالله ولشورى
متى أعترض الريب فِيَّ من الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، فمال رجل
لضغنه وأصفى آخر لصهره وقام ثالث القوم ناجفا حضنيه بين نثيله ومعتلفه وقام معه
بنوأبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع حتى أجهزعليه عمله وكبت به
مطيبته فا راعني إلا والناس إلى كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من كل جانب حتى لقد
وطا الحسنان وشق عطفاي حتى أذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون،
كانهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: يقول (تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ
عُلُوَّا فِي الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكن
احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها، والذي المحبة وبرا النسمة لولا
حضوروقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء إلا يقروا على كظة ظالم
ولا سغب مظلوم لألفيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفتم دنياكم
أزهدعندي من عفطة عنز. قال: وناوله رجل من أهل السواد كتاباً
فقطع كلامه وتناول الكتاب.فقلت يا أميرالمؤمنين لواطردت مقالك إلى حيث بلغت ؟ فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة
هدرت ثم قرت، فقال ابن عباس: فما أسفت قط كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين
عليه السلام إذ لم يبلغ به حيث أراد. |
|||
|
شقشقية الجلودي
|
|||
|
شقشقية الجلودي[عبد
العزيز بن يحيى بن أحمد الجلودي يكنى أبا أحمد من أهل البصرة، له كتاب المرشد
والمسترشد وكتاب المتعة وما جاء في تحليلها وكتاب مجموع قراءة أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب عليه السلام، توفي سنة ٣٣٢. الكنى والالقاب ج٢ / ١٤٨.] عن كتاب معاني الأخبار والله لقد تقمصها أخوتيم وأنه ليعلم
أن محلي محل القطب من الرحى ينحدر منه السيل ولا يرتقي إليه الطير فسدلت دونها
ثوباً وطويت عنها كشحا، وطفقت ارتأي بين أن أصول بيد جزاء أواصبرعلى طخية عمياء
يدب فيها الصغيرويهرم فيها الكبيرويكدح مؤمن حتى يلقى الله، فرأيت الصبرعلى
هاتين أحجي فصبرت وفي العين قذى وفي الحق شجى أرى تراثي نهباً حتى إذامضى لسبيله
عقدها لأخي عدي بعدهُ فيا عجباً بينا هويستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد
وفاته فصيرها والله في حوزة يخشن مسها ويغلظ كَلمُها ويكثرالعثاروالاعتذار
فصاحبها كراكب الصعبة إنْ عنف بها حرن وأن أسلس بها عسف فمني الناس بتلون
واعتراض وبلواي مع هن وهنَي فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله
جعلها في جماعة زعم أني منهم ! فيالله لهم وللشورى متى أعترض الريب فِيَّ مع
الأول حتى صرت الآن أقرن بهذه النظائر، فمال رجل بضغنه واصفى آخر لصره وقام ثالث
القوم الآن أقرن بهذه النظائر، فمال رجل بضغنه واصغى آخرلصهره وقام ثالث القوم ناجفاً
حضينه بين نثيله ومعتلفه وقام معه بنوأبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبت الربيع
حتى أجهزعليه عمله فما راعني الا والناس إليَّ كعرف الضبع قد انثالوا عليَّ من
كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان وشق عطفاي حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت
أخرى ومرق آخرون ومرق آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: (تِلْكَ الدَّارُالْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا
لِلَّذينَ لَا يُريدُونَ عُلُوَّا فِي الْأرْضِ وِلَا فَساداً وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِين ) بلى والله لقد سمعوا ولكن احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الناصروقيام الحجة وما أخذ الله على
العلماء ألا يقروا كظة ظالم ولا سغب مظلوم ولألقيت حبلها على غاربها ولسقيت
آخرها بكاس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من حبقة عنز. قال: وناوله رجل من أهل السواد كتاباً
فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت:يا أميرالمؤمنين لواطردت مقالتك إلى حيث بلغت ؟
فقال: هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت، فما أسفت على كلام قط كأسفي عن
كلام امير المؤمنين صلوات عليه أنه لم يبلغ حيث أراد. |
|||
|
الناقلون
للخطبة الشقشقية قبل الرضي
|
|||
|
سبقت منا الإشارة إلى أن الخطبة
الشقشقية ليست وليدة عصر الشريف الرضي ولا هي مختصة بمجموعة (نهج البلاغة)، وكان في ايراد هذه الخطبة عن كتابَي نثر الدرر ونزهة الأديب بصورة تختلف بعض الاختلاف عما في النهج، وكذا اختلاف نسخة المفيد عنه دلالة على انفراد كل منهم بمصدر خاص به وأن أحدهم لم يطلع على ما رواه الآخر. وفي قول الرضي في صدر الخطبة: (ومن
خطبة له عليه السلام المعروفة بالشقشقية )، دلالة أخرى على كونها مشهورة بين أهل العلم. وأقوى برهان على صحة ما أدعيناه ورود هذه الخطبة بخطوط أقدم من
عصرالرضي وروايتها عن شيوخ وجدوا من قبل أن يخلق الرضي وقبل أن يخلق أبوه كأبي علي الجبائي[أبوعلي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان مولى
عثمان بن عفان الجبائي، من رؤساء المعتزلة له مقالات على مذهب الاعتزال، توفي
سنة ٣٠٣ هـ. الكنى والألقاب: ج٢ / ١٤١.] المتوفى سنة ٣٠٣ هـ حسبما نقل عنه الشيخ إبراهيم القطيفي[هوالشيخ أبوأسماعيل إبراهيم بن سليمان
القطيفي الغروي الحلي، هاجر إلى النجف اواخر جمادي الآخر سنة ٩١٣ هـ له شرح
الفية الشهيد والهادي إلى الرشاد في شرح الإرشاد وكتاب الفرقة الناجية، كان حياً
سنة ٩٥١.الفرقة الناجية: ص ١٦.] في كتابه الفرقة الناجية قال: (وقد روى الخطبة الشقشقية جماعة قبل
الرضي كابن عبد ربه[أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم القرطبي (أبوعمر)
عالم، أديب شاعر. ولد في ١٠ رمضان سنة ٢٤٦ هـ، من آثاره، العقد الفريد، ديوان
شعر، وأخبارفقهاء قرطبة، وتوفي في ١٨ جمادي الأول سنة ٣٢٨ هـ بقرطبة، معجم المؤلفين: ج ٢ / ١١٥. * سَماَه الُمؤلَف (العِقْد) وِانَما
طُبعِ باسْم (العِقد الْفَرِيد) وِمَنْ ذَكَرَهُ مِنْ قُدِماء الْمؤلَفْينِ لا
يَسمَّيْهِ إلاَ (العْقِدْ).] في الجزء الرابع من العقد[تحرينا الجزء الرابع فلم نجد الشقشقية فيه فإما ان يداً أثيمة حذفت هذه الخطبة من النسخة الأصلية عند الطبع
وإما أن
القطيفي اشتبه في هذه النسبة عند نقله.] وأبي علي الجبائي في كتابه وابن الخشاب[أبومحمد عبد الله بن أحمد المعروف باب
الخشاب البغدادي العالم المشهور، ولد سنة ٤٩٢ هـ، له كتاب المرتجل في شرح الجمل
وشرح (اللمع) لأبن جنّي، توفي ببغداد سنة ٥٦٧ هـ. وفيات الأعيان: ج ٣ / ١٠٢.] في درسه والحسن بن عبدالله بن سعيد
العسكري[أبواحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري اللغوي العلامة، ولد سنة
٢٩٣ هـ، له كتاب صناعة الشعر وكتاب الزواجر والمواعظ وكتاب الحكم والامثال، توفي
ببغداد سنة ٥٦٧ هـ. معجم الادباء: ج ٨ / ٢٣٣.] في كتاب المواعظ والزواجر والصدوق في
معاني الآخبار والشیخ المفید. أقول: وابن عبد ربه هذا هوالمتوفى سنة ٣٢٧ هـ وهوعثماني لأن له أرجوزة في تواريخ عَدَّ معاوية فيها رابع الخلفاء الراشدين ولم يذكرعلياً من شدة نصبه، فهل بعد روايته للشقشقية عن علي عليه
السلام يشك فيها منصف ! وقد صرح فيلسوف المؤرخين ابن أبي
الحديد[عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد،
عالم الأدب، من أعيان المعتزلة ولد في المدائن سنة ٥٨٦ هـ، وخدم في الدواوين
السلطانية، وكان حظيا عند الوزير ابن العلقمي، له كتاب شرح نهج البلاغة وكتاب
الفلك الدائرعلى المثل السائر وكتاب القصائد السبع العلويات الأعيان: ج٣ /١٠٢٢.] في آخرشرحه للشقشقية ص ٦٩ ج ١١ قال: (حدثني أبوالخير مُصَدّقُ بْن شَبيْب سنة ٦٠٣ هـ قال قرات على الشيخ
أبي عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة... إلى أن قال: فقلت له: اتقول أنها منحولة ؟ فقال: لا والله وإني أعلم أنها كلامه
عليه السلام، كما اعلم أنك مصدق. قال: فقلت: له أن كثيراً من الناس يقولون أنها
من كلام الرضي ؟ فقال: أنيَّ للرضي ولغيرالرضي هذا النفس وهذا الأسلوب ؟ قد
وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور وما يقع مع هذا
الكلام في خل ولا خمر ثم قال: والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن
يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة أعرفها وأعرف خطوط من هي من العلماء
وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب
أوأبوأحمد والد الرضي. قال أبن أبي الحديد: قلت ووجدت
انا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي[عبد الله بن أحمد بن محمود،أبوالقاسم البلخي، من متكلمي المعتزلة
البغداديين،صنف في الكلام كتبا كثيرة وأقام ببغداد مدة طويلة،وانتشرت بها كتبه
ثم عاد إلى بلخ فأقام بها، توفي ببلخ سنة ٣١٩.تاريخ الخطب البغدادي: ج / ٣٩٢.] إمام البغداديين من المعتزلة، وكان في
دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. ووجدت أيضاً كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبة[محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي، أبوجعفر، متكلم، عظيم القدر، له
كتاب الإنصاف في الإمامة وكتاب الرد على الزيدية وكتاب المسالة المفردة في
الإمامية وغيرها، توفي في الري. رجال النجاشي: ٣٧٥.] أحد متكلمي الإمامية وهوالكتاب المشهور المعروف بكتاب الإنصاف: وكان أبوجعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي موجوداً[
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ / ٢٠٥.] انتهى كلامه. أقول: وقال مدرس دارالعلوم المصرية أحمد صفوة المؤرخين[أحمد زكي صفوت: كاتب ومؤلف مصري خريج مدرسة دار العلوم ومدرس اللغة
العربية بمدرسة الأمير فاروق الثانوية سنة ١٣٤٥هـ، ثم في دارالعلوم المصرية، له
كتاب جمهرة خطب العرب وكتاب جمهرة رسائل العرب. معجم المطبوعات العربية: ج ١ / ص
٣٨٨.] في كتاب علي ع ص ١١٣٥ س ٩: ( من ذلك يتبين لك أن الشقشقية كانت معروفة قبل مولد
الرضي من أكثر من طريق فلا تبعه إذن عليه ولا سبيل إلى اتهامه بانتحاله ). وقال أستاذ الحكماء ميثم بن علي بن ميثم البحراني[كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، العالم الرباني والحكيم
المتأله المدقق، صاحب الشروح على نهج البلاغة، يروي عن المحقق نصير الدين الطوسي
والشيخ كمال الدين علي بن سليمان البحراني، ويروي عنه آية الله العلامة والسيد
عبد الكريم بن طاوُس، توفي سنة ٦٧٩ هـ وقبره في هلتا من قرى ماحوز.الكنى
والألقاب: ج١ / ٤٣٣٣.] المتوفى سنة ٦٧٩ هـ أنه رأى الخطبة الشقشقية في كتاب الإنصاف لأبي
جعفر بن قبة من أبناء القرن الثالث كما أنه رآها في نسخة عليها خط أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات[علي بن محمد بن موسى بن الفرات،أبوالحسن: وزير،من الدهاة الفصحاء
الأدباء الأجواد , وهوممهد الدولة للمقتدرالعباسي،ولد في النهروان الأعلى (بين
بغداد وواسط) سنة ٢٤١ هـ، قتل ببغداد سنة ٣١٢ هـ الأعلام: ج ٤ / ٣٢٤.] وزير المقتدر بالله العباسي[المقتدر بالله،أبوالفضل جعفر بن
المعتضد بالله أحمد بن أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله العباسي البغدادي، ولد
سنة ٢٨٢هـ،أنخرم نظام الإمامة في ايامه، وصغرمنصب الخلافة، وكان سمحا متلافا
للأموال، محق ما لا يعد ولا يحصى، قتل سنة ٣٢٠ هـ سيرأعلام النبلاء للذهبي: ج١٥
/٤٣٣.] وذلك قبل مولد الرضي بنيف وستين سنة. أقول: وممن نقل الشقشقية في كتابه قبل عصرالرضي أحمد بن محمد البرقي المتوفى ٢٧٤ هـ صاحب المؤلفات الوافرة، وقد نقل عنه
الصدوق في كتاب علل الشرائع في الباب ١٢٢ مسنداً عن محمد بن علي ماجيلوية عن
محمد بن القاسم عن احمد بن أبي عبدالله البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان
بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: والله لقد تقصمها ابن أبي قحافة...
الخ. وممن نقل الخطبة الشقشقية قبل الرضي هوعبد العزيز بن يحيى الجلودي من شيوخ المائة الثالثة ومن الجامعين لخطب أميرالمؤمنين عليه السلام، وقد روى عنه الصدوق[أبوجعفر محمد بن علي الحسين بن بابويه القمي، شيخ الحفظة ووجه
الطائفة المستحفظة رئيس المحدثين والصدوق فيما يرويه عن الأئمة الطاهرين عليهم
السلام ولد بدعاء مولانا صاحب الأمرعليه السلام ونال بذلك عظيم الفضل والفخر
فعمت بركته الأنام وبقيت آثاره ومصنفاته مدى الأيام، له نحومن ثلاثمائة مصنف
منها: كتاب التوحيد وكتاب معاني الأخبار وكتاب علل الشرايع وغيرها، توفي بالري
سنة ٣٨١ هـ الكنى والألقاب: ج١ / ٢٢١١.] المتوفى سنة ٣٨١ هـ في كتاب معاني
الأخبار في الباب ٤٠٤٤ قال:حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال:حدثنا
عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال:حدثنا أبوعبدالله أحمد بن عمر بن خالد قال:حدثنا
يحيى بن عبد الحميد الحمائي قال:حدثني عيسى بن راشد عن علي بن خزيمة عن عكرمة عن
أبن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،
فقال: والله لقد تقمصها أخوتيم وهويعلم... الخ. ولقد ذكرنا هذه الخطبة على الوجه الذي
رواه الجلودي كما رأيناها في معاني الأخبار ضمن الجداول الخمسة وهي تختلف عن رواية البرقي لها قليلاً كما انهما تختلفان مع التي رواها المفيد وغيره اختلافاً يسيراً ولم يذكر القاءها
في الرحبة أحد غير المفيد، وينشأ مثل هذا الاختلاف غالباً في النقل بسبب خيانة القوة الحافظة من
الرواة أو التباس
الحروف في الكتابة على النُسّاخ. وممن روى الشقشقية قبل الشريف الرضي هوالحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري
المتوفى سنة ٣٩٥ هـ حسبما نقل عنه ابن بابويه في معاني الأخبار باب ٤٠٤، ونقل عنه تفسيراً لكلمات هذه الخطبة وهذا من الجامعين لخطب أميرالمؤمنين عليه السلام. |
|||
|
والخلاصة
من تعداد أسماء الناقلين للشقشقية قبل الشريف الرضي
حسبما تتبعناهم عشرة:
|
|||
|
١.
شيخ المعتزلة أبوالقاسم البلخي المتوفى سنة ٣١٧ هـ حسبما رواه ابن أبي الحديد في شرح
النهج ج ١ ص ٦٩ ط مصر من أبناء المائة الثالثة. ٢. الشيخ أبوجعفر بن قبة من أبناء
المائة الثالثة في كتاب الإنصاف برواية ابن أبي الحديد والشيخ ابن ميثم البحراني في شرحيهما على
الشقشقية. ٣. نسخة الخطية الشقشقية قديمة الخط
عليها كتابة الوزير أبي الحسن علي بن الفرات المتوفى سنة ٣١٢ هـ حسبما رواه شيخ المتكلمين ابن ميثم
البحراني في شرحه. ٤. احمد بن محمد البرقي المتوفى
سنة٢٧٤هـ مصنف كتاب المحاسن
حسبما روى عنه الشيخ الصدوق محمد بن بابويه في كتاب علل الشرايع في الباب الثاني
والعشرون بعد المائة وقد طبع هذا الكتاب سنة ١٢٨٩ هـ. ٥. شيخ المؤرخين عبد العزيز بن يحيى
الجلودي البصري من أبناء القرن الثالث حسبما رواه عنه ابن بابويه في الباب ٤٠٤ من
كتاب ( معاني الأخبار) المطبوع سنة ١٢٨٩ هـ. ٦. شيخ المحدثين الحسن بن عبد الله بن
سعيد[وصف العسكري هذا بـ (الشيخ المحدّثين) فيه فهوأديب لغوّي شاعر وإن
كان له اطلاع على الحديث فعلى نحوالمشاركة لا التضلع والاختصاص.] العسكري من أبناء القرن الثالث في كتاب المواعظ والزواجر حسبما روى
عنه القطيفي في كتاب الفرقة الناجية، وروى عنه الصدوق ابن بابويه شرح الخطبة في
معاني الأخبار باب ٤٠٤٤. ٧. شيخ المتكلمين ببغداد أبوعبدالله
محمد بن محمد بن النعمان المفيد من شيوخ الشريف الرضي في كتابه الإرشاد ص ١٣٥. ٨. الوزير الآبي أبوسعيد منصور من أبناء
القرن الرابع في كتابه نثر الدرر. ٩.عبد الجبار[عبد الجبار المعتزلي ابن احمد بن عبد
الجبار الهّمَذاني الأسد آبادي شيخ المعتزلة في عصره. استدعاه الصاحب بن عباد
إلى الري من بغداد بعد سنة ٣٦٠ هـ، وبقي فيها مواظبا على التدريس إلى أن توفى
سنة ٤١٥ هـ. الوافي بالوفيات: ١٨ /٢٠، الكنى والألقاب: ج ٣ / ٥٣٣.] قاضي القضاة وشيخ معتزلة بغداد المعاصر للشريف الرضي فإنه أَوَّلَ
عبارات هذه الخطبة دون أن يطعن في صدورها. ١٠.شيخ المعتزلة محمد بن عبد الوهاب أبوعلي الجبائي المتوفى سنة ٣٠٣
هـ حسبما رواه عنه الشيخ إبراهيم القطيفي في كتابه الفرقة الناجية
وقد سَقَطَ اسْمُهُ وما يتعلَّقُ بهِ من السلام البالغ نحوسَطْرَيْن من المطبع
من هذا الكتاب وأَثْبَتْناهُ اعْتِماداً على النَسخة الخطّية الموجودة في مكتبة
الجوادين عليهما السلام في الكاظمية. |
|||
|
الدفاع
عن الشقشقية
|
|||
|
وقفت أيها الناظرعلى جملة من
مشاهيرأهل العلم الذين أوردوا في كتبهم الخطبة الشقشقية مروية عن الإمام عليه
السلام ممن وجدوا قبل أن يوجد الشريف الرضي،وسوف تقف على جملة أخرى من ثِقاتِ
أهل الأثر وزعماء الفرق الإسلامية واعتمد على هؤلاء وامثالهم من تأخر عنهم. فقد حكي عن نهاية[النهاية في غريب الحديث: ج٢ / ٤٨٩.] ابن الأثير[المبارك بن محمد الشيباني الجزري ثم
الموصلي، ولد ٥٥٤ هـ في جزيرة ابن عمر في أحد الربيعين، له: جامع الأصول وغريب
الحديث وغيرهما، توفي سنة ٦٠٦ هـ في الموصل. سير أعلام النبلاء: ج٢١ / ٤٨٨.] المتوفى سنة ٦٠٦ هـ أنه أشار إليها في مادة (شقق) وعن مناقب[لم نَقِفْ على كتاب (المناقب) لأبْن الجْوزِيَ لا مطبوعاً ولا
مخطوطاً، نعم في (مكتبة الإمام الرضا عليه السلام) في مَشْهد المقدّسة نسخةُ في
مناقب الأئمة عليه السلام نَسَبَها مُفهْرِسُ المكتبة المذكورة إلى ابْنِ
الجوزيَ صديقُنا العلاّمة الكبير الدكتور عبد الحكيم الأنيس الحَلَبيَّ الحنفيَ قد
أَرْسَلَ إليَ أَيّام إقامتي في مدينة قُم المقدّسة نُسْخَتُهُ الخطيّة في (
مكتبة الإمام الرضا عليه السلام) فَغَلَبَ على ظَنّي أنه كتاب (تذكرة الخواص)
لسِبطه، وبّعْدَ التحقيق والمقابلة ظَهَرَ أنه على ما ظَنَتْتُ (تذكرة الخواص)
فَعَدَلْت عن تصويرهِ لكونهِ مطبوعاً غير مَرَّة، وآخر طبعاتهِ ما صَدَر عن
دارالكتب العلمية في بيروت بتحقيق الأستاذ خالد عبد الغني محفوظ وهوتحقيق
جَيَّدٌ. والظاهِرُ أنه هوالمقصودُ هُنا. * يوسف بن قزأوغلي بن عبدالله، سبط أبي
الجوزي، ولد سنة ٥٨١ هـ ببغداد ونشأ بها، له منتهى السول في سيرة الرسول
والانتصار والترجيح واللوامع في الحديث، توفي سنة ٦٥٤ هـ في دمشق. الأعلام ج٨ /
٢٤٦.] ابن الجوزي[أبوالفرج عبد الرحمن بن علي محمد
التَيْميَ الكبريّ البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي، ولد سنة ٥١٠ هـ
تقديراً، له زاد المسير في التفسير والمنتظم وتلقيح فهوم الأثر وغيرها، توفي
ببغداد سنة ٥٩٧ هـ. وفيات الأعيان: ج٣ / ١٤٠.] المتوفى سنة ٥٩٧ هـ ورواها، وهو الرأي
السائد عند أهل العلم، إذا فالنصفة تدعوإلى الإذعان بها وأن جملها مفروقة عن لسان علي عليه
السلام ومن تأثراته الشخصية التي لابد أَنْ تكون صادرة من مثله. ونشعر في الوقت نفسه أن الأسلوب فيها
هوأسلوب علي عليه السلام في خطبة والتنهدات تنهداته. أما القول بأن لا يجهر مثله في المجتمعات بمثل
هذا الكلام على أولي أمرسبقوه في ملك وطدوه، فقول لا ينطبق على نفس الأمر،لأن
الذين رووا عنه الخطبة لم يشيروا إلى إلقائها في محتشد
من الناس أوعلى جمهور، وإنما ذكروا أنها شقشقة
هدرت منه عند بعض أصحابه في الرحبة اي بصورة
خصوصية، فلا يستبعد بث شكواه لدى خاصته وإن
اشتملت على بعض القوارص. وفي كتابه إلى عامله عثمان بن حنيف
يقول: (بلى كانت في ايدينا فدك من كل ما أظلت عليها السماء فشحت عليها نفوس قوم
وسخت عنها نفوس قوم )[
نهج البلاغة: ج٣ / ٧١.]...
الخ. يعني بالأول من سبقوه بالخلافة ويعني
بالأخرين أهل بيت النبي صلوات الله عليهم. وكان أبوالحسن عليه السلام خشنا في جنب الحق صريحاً في المعتقد، حتى أنه خاطب عمروبن العاص بابن النابغة وقد عَيَّرعثمان بن عفان من قبل،
ونعت معاوية بالفاجرابن الفاجر. وخلاصة القول أن نظرات ضعيفة كهذه لا تستوقف الباحث عن الحقائق إذا صح النقلُ وَتَجلَى الأَمْرُ. |
|||
|
الجامعون
لخطب الإمام قبل الرضي
|
|||
|
يظن من أشرف على مجموعة الشريف الرضي قبل أن يبحث عما
كتبه السلف أن الشريف الرضي هو أول مّنْ دَوَّنَ الْخُطَبَ أَوهو أول جامع لخطب الإمام عليه السلام. ولكن يجب أن يعلم بالحاجة الشديدة التي
مست المسلمين عامة في بدء توسع الحضارة الإسلامية فدفعتهم إلى حفظ الكلام البيلغ
واستكتابه، إذ كانت العرب قبل
حضارتها تتوجه إلى الكلام البليغ من شعر وخطبة وحكمة فتحفظ ما تعيه ولا تجهل
فائدة ذلك إلا أنهم بعد التوسع في الحضارة شعروا بالحاجة القوية إلى براعة
اللسان والقلم، وان الواحد منهم يُقَدَّرُ بلسانه لا بطيلسانه، وترفع منزلته في
دواوين الدولة على قدر مقدرته الإنشائية، وينال الزلفى لدى الملوك والأمراء حسب
مبلغه من بلاغه الكلام ومبلغ حفظه للكلم الممتاز والحكم العالية. هذه وغير هذه دفعت العرب إلى جَمْعِ النوادر والخطب، وكان أمير المؤمنين
عليه السلام في مقدمة المشهورين بنوادر الحكم وطرائف الكلم، فآثر الناس جمع المأثور عنه على غيره
إذ كان إلإعجاب ببلاغته أعظم والمأثورعنه أوفر. وقد ظَفِرْتُ بكثير
ممن جمعوا خطب الإمام عليه السلام في أعصار قبل
الشريف الرضي - أي من أبناء المائة الأولى والمائة الثانية والمأئة
الثالثة وما بعدها - |
|||
|
أسماء
ممن جمعوا خطب الإمام عليه السلام في أعصار قبل الشريف
الرضي
|
|||
|
أقدم للقارئ الكريم أسماءهم للشبهة
وتقوية للحجة وخدمة للتاريخ كي لا يستوحش أحد من الخطب المجموعة من الشريف الرضي
أويستغرب كثرتها. وقد نشرأبوعبيد القاسم بن سلام[القاسم بن سالم المكنى أبا عبيد من الأعلام المشهورين، له كتاب غريب
القرآن وكتاب غريب الحديث وغيرهما، ولي القضاء بطرطوس ثماني عشرة سنة توفي في
مكة بعد فراغه من الحج سنة ٢٢٤ هـ.] المتوفى سنة ٢٢٤ هـ في غريبه وابن
قتيبة عبد الله بن مسلم المروزي[أبومحمد عبد الله بن مسلم الدينوري المعروف بابن قتيبة، من أكابر
علماء العامة، وكان قاضياً بالدينور فنسب إليها، له المعارف في التاريخ وكتاب
أدب الكاتب وكتاب الإمامة بقتيبة بن مسلم الباهلي القائد في أيام الأمويين فهذا
عربي، وابن قتيبة فارسي الأصل وَهِمَ بعض الأساطين في نسبته إليه لتشابه الأسماء لذا نبهتُ عليه
(السَيَّد الحَسَنَّي ).] المتوفى سنة ٢٧٦ هـ في كتابه غريب الحديث وفي غيره وكثيرمن
المؤلفين في عهد التابعين شذرات من المأثور عن أمير المؤمنين عليه السلام في أبواب المواعظ والحكم
والدعاء وغيرها. قال ابن أبي الحديد في أواخر شرحه لنهج
البلاغة ما لفظه: (وأنا الآن أذكر من كلامه الغريب - يعني أمير المؤمنين عليه
السلام - ما لم يورده أبوعبيد ولا ابن قتيبة في كلامهما وأشرحه أيضاً )[
شرح نهج البلاغة: ج ١٩ / ١٤٠.]. |
|||
|
أما
الجامعون لخطب الإمام عليه السلام من الأٌقدمين
فمنهم:
|
|||
|
١.زيد
بن وهب المتوفى سنة ٩٦ هـ، قال شيخنا النوري في خاتمة مستدركه على الوسائل ص ٨٠٥
نقلاً عن الشيخ الطوسي أبي جعفر محمد بن الحسن المتوفى سنة ٤٦٠ هـ، قال: إن لزيد
بن وهب كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر في الجمع والأعياد. ٢. نصر ابن مزاحم[نصر بن مزاحم المنقري العطار أبوالمفضل، كوفي من علماء المائة
الثانية، له كتاب صفين وكتاب النهروان وكتاب الغارات وغيرها. رجال النجاشي: ٤٢٧.] صاحب كتاب صفين ومن مشاهير الأخباريين في المائة الثانية: له كتاب
في خطب علي عليه السلام كما في خاتمة مستدركات النوري ص ٨٠٥، وقد أورد له عليه
السلام خطباً وكلمات في كتبه الأخرى، أما كتب المغازي والحروب والأخبار والْسير التي اشتملت
على كلمات علي عليه السلام وخطبه فهي أكثر من خمسمائة مصنف توفي أصحابها قبل أن
يولد الشريف الرضي. ٣.إسماعيل بن مهران أبويعقوب السكوني[إسماعيل بن مهران أبويعقوب السكوني، من علماء المائة الثانية، مولى
كوفي ثقة معتمد عليه له كتاب الملاحم وكتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب
ثواب القرآن. الفهرست ٤٦.] من العلماء المحدثين في المائة الثانية، صنف كتاب خطب
أميرالمؤمنين، صرح بذلك الشيخ أبوعَمْروومحمد ابن عمر الكشي من أبناء المائة
الرابعة والشيخ أبوعباس النجاشي المتوفى سنة ٤٥١١ هـ وغيرهما في فهارسهم. ٤. أبوالمنذر هشام بن محمد بن السائب
الكلبي[هشام بن محمد بن السالب الكلبي، أبوالمنذر، النَاسب العالم من أصحاب
الإمام الصادق عليه السلام، له كتاب الُمذَيَّل الكبير وكتاب المُعَمَّرِيْنَ
وكتاب أخبار قريش وغيرها. رجال النجاشي: ٤٣٤.] المؤرخ المشهور المتوفى سنة ٢٠٦ هـ صنف
كتاب خطب علي عليه السلام وكثيراً ما ينقل عنه المفيد في إرشاده والرضي في
مجموعته. ٥. أبومخنف لوط بن يحيى الأزدي[لوط بن يحيى، أبومخنف، من علماء المائة الثانية، من أصحاب الإمام
الحسن والحسين عليه السلام، له كتاب أخبار المختار بن أبي عبيدة الثقفي وكتاب
خطبة الزهراء عليها السلام وغيرهما. الفهرست: ٢٠٤.] الأخباري المشهور من أبناء المائة
الثانية، صنف كتاب الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين عليه السلام صرح بذلك أبوالفرج
ابن النديم في الفهرست. ٦. الواقدي محمد بن عمر بن واقد
الأسلمي[محمد بن عمر بن واقد المدني، أبوعبدالله، ولد سنة ١٣٠ هـ من أقدم
مؤرخي الإسلام ولي القضاء في محلة الرصافة من بغداد، له كتاب التصانيف وكتاب
المغازي وكتاب الردة وغيرها توفي سنة ٢٠٧ هـ. الكنى والألقاب: ج ٣ / ٢٧٨.] المتوفى سنة ٢٠٧ هـ، وقد نقل الشريف الرضي عن خَطَّهِ في نهج
البلاغة بعض الخطب. ٧. أبواسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد
الثقفي الكوفي[إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي الكوفي، أبوإسحاق كوفي أصله انتقل
إلى أصفهان وأقام بها وكان زيدياً أولاً ثم انتقل إلى القول بالإمانة، له كتاب
بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب الجمل وكتاب أخبار المختار، توفي سنة ٢٨٣
هـ. الفهرست: ٣٦.] المحدث المشهور المتوفى سنة ٢٨٣ هـ، فقد صنف كتاب رسائل علي
أميرالمؤمنين عليه السلام وكتاب كلامه في الشورى وكتاب الخطب المعربات (خ ل المقريات كما قاله النجاشي ). روى
كثيراً من كلامه وجوامع الفاظه في كثير من كتبه. ٨. المدائني أبوالحسن علي بن محمد[علي بن محمد المدائني، أبوالحسن، عامي المذهب، له كتاب مقتل الإمام
الحسين بن علي عليه السلام وكتاب الخونة لأميرالمؤمنين عليه السلام. الفهرست:
١٥٩.] المولود سنة ١٣٥ هـ والمتوفى سنة ٢١٥ هـ صنف كتاب خطب علي عليه
السلام وكتبه إلى عماله عن ابن النديم وغيره. ٩. الحسن بن علي بن الحسن بن شعبة
الحراني[الشيخ أبومحمد الحسن بن علي بن الحسن بن شعبة الحرائي الحلبي، وهومن
أقل المائة الرابعة معاصر للصدوق الذي توفي سنة ٣٨١ هـ، ويروي عن أبي علي محمد
بن همام المتوفى سنة ٣٣٦ هـ، له كتاب تحف العقول عن آل الرسول.] من علماء المائة الثالثة له كتاب تحف العقول مشحون بخطب أمير
المؤمنين عليه السلام وكلماته الغرّ. ١٠. صالح بن أبي حماد أبي الخير[صالح بن أبي حماد الرازي، أبوالخير، لقي أبوالحسن العسكري عليه
السلام، له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام وكتاب النوادر. رجال النجاشي:
١٩٨.] من المحدثين في المائة الثالثة ومن اصحاب سيدنا الحسن العسكري عليه
السلام، له كتاب خطب علي عليه السلام كما فهرست النجاشي. ١١. السيد عبد العظيم بن عبدالله
الحسني[عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب
عليه السلام، نزيل الري، له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام. رجال النجاشي:
١٩٨.] المعروف بالشاه والمدفون في الري بقرب طهران من أبناء المائة
الثانية ومن أصحاب سيدنا الإمام الرضا عليه السلام، له كتاب في خطب جده أمير
المؤمنين عليه السلام كما في فهرست النجاشي. ١٢. مسعدة بن صدقة العبيدي[مسعدة بن صدقة العبديّ، أبومحمد، يروي عن أبي عبد الله وأبي الحسن
عليه السلام، له كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السلام. رجال النجاشي: ٤١٥.] من أصحاب الإمام الصادق وسيدنا الكاظم عليه السلام في المائة
الثانية له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام حسبما قاله النجاشي. ١٣. إبراهيم بن سليمان النهمي الخزاز
الكوفي[إبراهيم بن سليمان النهمي الخزاز الكوفي، ثقة في الحديث سكن الكوفة،
له كتاب النوادر وكتاب الخطب وكتاب أخبار ذي القرنين. الفهرست: ٣٨.] له كتاب الخطب لأمير المؤمنين عليه السلام وهومن المائة الثالثة
كما في فهرست النجاشي. ١٤.أبوعثمان الجاحظ عمروبن بحر
المتوفى سنة ٢٢٥ هـ له كتاب مائة كلمة من كلمات علي أمير المؤمنين عليه السلام. ١٥.عبد العزيز الجلودي بن يحيى البصري
الأخباري المشهور من علماء المائة للهجرة صنف وحده في هذا الموضوع كتباً عشرة
وهي: أ) كتاب خطب أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام. ب) كتاب شعر علي عليه السلام. ج) كتاب رسائل علي عليه السلام. د) كتاب مواعظ علي عليه السلام. هـ) كتاب ملاحم علي في الملاحم يعني
المغيبات من الحوادث المستقبلة. و) كتاب علي في الشورى. ز) كتاب ما كان بين علي وبين عثمان
من الكلام. ط) كتاب ذكر علي لخديجة ولفضائل أهل
البيت عليهم السلام. ي) كتاب بقية رسائل علي وخطبه كرم
الله وجه. فإذا وقفت على هؤلاء الجماهير من حملة
الآثار وَثقِات النقلة وقدرت الاهتمام العظيم من السلف بحفظ الخطب واستظهارها
واستنساخ الكتب والرسائل ممن قصصنا عليك أسماءهم ومنهم من لم نقصص عليك وربما
كان هذا القسم أكثر، انجلت عن قلبك غيوم الشبهة التي يأتي بها من هنا وهناك
الشاكُّون والمنحرفون. |
|||
|
مصادر قديمة لما في نهج البلاغة
|
|||
|
إن من أقوى ما يجلو غيوم الشكوك
والأوهام عن أفق هذه المجموعة التي حوت بين الدفة خطب الإمام وكتبه وكلماته وحول
نزاهة الشريف الرضي عن إضافة شيء فيها غيرمأثور لهوهذا الذي نبديه الآن، فإنا
نحصي عليك[الوجه: لَكَ.] عديداً من المؤلفين الاثبات الذين رووا خطب أمير المؤمنين عليه
السلام ورسائله في كتبهم من قبل أن يولد الرضي وقبل أن يخلق، وهذا الفصل يعد
علاوة لما فصلناه فيما سبق من أسماء الجامعين لخطبه وكتبه وكلمه. ولقد ظفرنا على[الوَجْه أنْ يُقالَ:ظَفِرْنا بكُتُبِ.] كتب قديمة العهد تشمل على كثير من خطب
الإمام علي عليه السلام ولا تعدم الخطبة سنداً أواسانيد يجلب نحوها اعتماد النفس
وهي: ١. الكافي للشيخ الكليني محمد بن
يعقوب[أبوجعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي الملقب ثقة الإسلام،
قدوة الأنام، وملاذ المحدثين العظام، ومروج المذهب في غيبة الإمام عليه السلام،
وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم. صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى
الكافي في عشرين سنة، وله غير كتاب الكافي كتاب الرد على القرامطة وكتاب رسائل
الأئمة عليه السلام وكتاب ما قيل في الأئمة عليه السلام من الشعر، توفي ببغداد
سنة ٣٢٩ هـ.الكنى والألقاب: ج ٣ / ١٢٠٠.] المتوفى سنة ٣٢٨ هـ ولا سيما في جزء
الروضة منه ففيه عشرات من خطب الإمام ضافية الذيول موصولة الأسناد بالأسناد وكذا
في كتابه الرسائل. ٢. كتاب التوحيد للشيخ الصدوق محمد بن
بابويه القمي المتوفى سنة ٣٨١ هـ، ففيه عدد لا يستهان به من خطب التوحيد وما
يناسبه، وكذلك في كتبه الأخرى كمن لا يحضره الفقيه وفي أماليه وفي مدينة العلم
وفي الخصال وفي علل الشرائع وفي معاني الأخبار. ٣. كتاب الإرشاد للشيخ المفيد أبي
عبدالله محمد بن محمد النعمان المتوفى ببغداد سنة ٤١٣ هـ فإن في أبواب فضائل
الإمام علي عليه السلام لقدراً كبيراً من خطبة الغرَ في أبواب شتى نحوأربعين
صحيفة وبعضها يختلف عما في النهج اختلافاً يسيراً. ٤. العقد الفريد للمؤرخ في الدولة
الأموية المغربية أحمد بن عبد ربه المتوفى سنة ٣٢٧ هـ. ٥. نزهة الأديب وكذا نثرالدرر للوزير
الآبي أبي سعيد منصور المتوفى سنة ٤٢٢ هـ في سبعة مجلدات، ويوجد بكتابة قديمة
الخط في بعض خزائن النجف. ٦.تحف العقول للحسن بن شعبة الحراني
من علماء المائة الثالثة. ٧. روضة الواعظين للفتال النيسابوري[الشيخ الأجل السعيد الشهيد أبوعلي محمد بن الحسن بن علي بن احمد
النيسابوري، كان من علماء المائة السادسة ومن مشايخ ابن شهرآشوب، يروي عن الشيخ
الطوسي وعن أبيه الحسن بن علي عن السيد المرتضى رضي الله تعالى، له كتاب روضة
الواعظين وكتاب التنوير في التفسير، قتله أبوالمحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور
الملقب بشهاب الاسلام. الكنى والألقاب: ج ٣ / ١٢٢.]. ٨.تاريخ الملوك والأمم لمحمد بن جرير
الطبري[محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبوجعفر بآمل طبرستان في آخرسنة ٢٤٢
هـ أوأول ٢٢٥ هـ، أستوطن بغداد، واختار لنفسه مذهبا في الفقه، من تصانيفه، جامع
البيان في تأويل القرآن، تاريخ الأمم والملوك , تذهيب الآثار وغيرها وتوفي
ليومين بقيا من شوال سنة ٣١٠ هـ في بغداد. معجم المؤلفين: ج٩ / ١٤٧٧.] المتوفى سنة ٣١٠ هـ. ٩. المسترشد في الإمامة لمحمد بن جرير
بن رستم الطبري الاملي[محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الآملي، أبوجعفر، من علماء
الإمامية. ولد سنة ٢٦٦ هـ له كتاب المسترشد في الإمة، دلائل الإمامة الواضحة،
مناقب فاطمة ويولدها وغيرها، توفي في بغداد أوائل شوال سنة ٣١٠ هـ. معجم
المؤلفين: ج ٩ / ١٤٦.] المعاصر لسميه السالف ذكره وعبثاً أحاول إثبات أرقام متسلسلة لهذا
المبحث الذي لا يدخل تحت الحساب، وقلما يوجد سفر أدبي أوديني أوتاريخي يخلومن خطب الإمام وكلمه. وقد قال مدرس دار العلوم المصرية أحمد صفوة المؤرخين في كتاب علي عليه السلام ص
١٢٥: (أن الأدباء والمؤرخين الذين تقدموا الشريف الرضي كانوا يوقنون أن خطب الإمام بضع مِئات). وقال المسعودي المتوفى سنة ٣٤٦ هـ: (إن الخطب المنقولة عن أمير المؤمنين
عليه السلام هي أربعمائة ونيف وثمانون خطبة )، وهذا المؤرخ الثقة توفي قبل أنْ
يولد الشريف الرضي ببضعة عشر عاماً. أضف إلى ذلك كتب محمد بن السائب الكلبي[محمد بن السائب بن بشر الكلبي الكوفي صاحب التفسير وعلم النسب توفي
بالكوفة سنة ١٤٦ هـ. وفيات الأعيان: ج ٤ / ٣٠٩.] المتوفى سنة ١٤٦ هـ وكتب محمد بن عمر الواقدي المتوفى سنة ٢٠٧ هـ وكتب عبد الملك بن هشام[عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبومحمد، له، كتاب في
أنساب بني حِمْير وملوكها سيرة رسول الله صلى عليه واله المعروف بسيرة أبن هشام
وغيرها، توفي بمصر سنة ٢١٣ هـ. وفيان الأعيان ج ٣ / ١٧٧.] المتوفى سنة ٢١٣ هـ وكتب أحمد ابن يحيى البلاذري[أحمد بن يحيي بن جابر أبوالحسن، ولد
أوائل القرن الثاني الهجري، من أهل بغداد، له كتاب فتوح البلدان وكتاب أنساب
الأشراف، توفي سنة ٢٧٩ هـ. معجم الأدباء: ج٥ / ٨٩.] المتوفى سنة ٢٧٩ هـ وكتب أبوالفرج علي بن الحسين الأصفهاني
المرواني[علي بن الحسين بن محمد الاصبهاني الأصل والبغدادي المنشأ، له كتاب
الأغاني وكتاب مقاتل الطالبين وكتاب التجار، توفي سنة ٣٥٦ هـ. وفيات الأعيان ج ٣
/ ٣٠٧.] المتوفى سنة ٢٥٦ هـ وكتب أحمد بن محمد البرقي المتوفى سنة ٢٧٤٤ هـ. وأما الناقلون لخطبة بعد الشريف فهم لا يحصون كالقاضي القضاعي[محمد بن سلامة أبوعبدالله، القاضي القضاعي، توفي بمصر سنة ٤٥٤
هـ.الكنى والألقاب: ج٣ / ٥٥.] في دستور الحكم[كذا ورد في المخطوط والنسخ المطبوعة، والصحيح دستور معالم الحكم،
والكتاب بأكمله يحتوي على كلام أمير المؤمنين عليه السلام.] وأخطب خوارزم موفق بن أحمد[الموفق بن أحمد الخوارزمي ( أخطب
خوارزم)، أبوالمؤيد، من علماء المائة الخامسة الهجرية، له كتاب مناقب أهل البيت
عليه السلام، توفي سنة ٥٦٨ هـ. الكنى والألقاب: ج٢ / ١٥.] في مناقبة[المناقب: ٣٦٤.] والكنجي الشافعي[محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي، الحافظ أبوعبدالله، له كتاب
كفاية الطالب في المناقب وكتاب البيان في أخبار صاحب الزمان، توفي سنة ٦٥٨ هـ.
الكنى والألقاب:ج٣ / ١٢٣.] في كفاية الطالب[كفاية الطالب في مناقب علي بن ابي طالب عليه السلام: ٣٩١.] وابن طلحة الشافعي[محمد بن طلحة القرشي الشافعي، أبوسالم ولد بالعمرية من قرى
نَصِيْبيْنَ سنة ٥٨٢ هـ، سمع بنيسابور من المؤيد الطوسي وزينب الشعرية وحدث بحلب
ودمشق وكان صدرا معظما محتشما، له كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلى
الله عليه واله، توفي بحلب في رجب سنة ٦٥٢ هـ. الوافي بالوفيات: ج٣ / ٧٦٤٤.] في مطالبه[مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلى الله عليه واله: ٢٤٢.] وابن الجوزي في المدهش[كَذا ذَكّرَ سيّدنا الُمؤلِفُ.
والواقِفُ على كِتابِ (المُدْهِش) للعْلامة أبي الفَرَج أبْنِ الجَوْزيّ (ت: ٥٩٧
) في غَيْرِ ما طَبْعَةٍ لا يَرَى فِيْهِ كّلاماً لمولانا أمير المؤمنين على
عليه السلام وإنَّما المذكورُ فيه ( باب تزويج علي من فاطمة ) وهُوخِلْومن
كّلامِهِ عليه السلام كما تَتَبَّع ذلك السيد علي الغريفي سلمه الله تعالى،
والظاهر أّنَّ المقصود ( سِبْطَ ابن الجوزي ) (ت: ٦٥٤٤ ) فقد ذّكَرَ (السَّبطُ)
المذكور في كتابه ( تذكرة خَواصَّ الأُمة ) – الباب السادس – فَصْلاً في ذِكْرِ كلام أمير المؤمنين عليه السلام. ] والشيخ إبراهيم الكراجكي[كذا في الأصل المخطوط والنسخ المطبوعة، لكن الظاهر أنه الوالفتح
محمد بن علي بن عثمان الكراجكي من مشايخه الشيخ المفيد والسيد المرتضى، له كتاب
كنز الفوائد الذي اخذ عنه جل من أتى بعده وسائر كتبه في غاية المتانة، توفي سنة
٤٤٩ هـ. الكنى والألقاب: ٣ / ١٠٨٨.] في فوائده[كنز الفوائد: ٢٠٠.] وغيرهم في غيرها. |
|||
|
هل
في النهج دخيل ؟
|
|||
|
ذهب شطرمن الكتاب وفيهم الكاتب المعتزلي عبد الحميد بن أبي الحديد فيلسوف
المؤرخين إلى القول بأن المجموع في نهج
البلاغة من الدفة إلى الدفة معلوم الثبوت
قطعي الصدور من أمير المؤمنين عليه السلام من
فمه أومن قلمه. يظهر هذا من مقاله الآتي في
شرحه على نهج البلاغة ج ١٠ ص ٥٤٦ بعد إيراده
لخطبة أبن أبي الشحناء المشهورة ونصه: (كثير من أرباب الهوى يقولون أن
كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة وربما عزوا بعضه إلى الرضي أبي الحسن وغيره، وهؤلاء قوم أعمت
العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح ونكبواعن بينات الطريق ضلالة وقلة معرفة
باساليب الكلام وانا اوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط. فأقول: لا يخلوا إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً اوبعضه والأول باطل بالضرورة لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين وقد نقل
المحدثون كلهم أوجلهم والمؤرخون كثير منهم وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك، والثاني يدل على ما قلناه لأن من قد آنس بالكلام والخطابة
وشَدَا طرفاً من علم البيان وصار له ذوق في هذا الباب لابد أن يفرق بين الكلام
الركيك وبين الفصيح والأفصح وبين الأصيل والمولد، وإذا وقفت على كراس واحد يتضمن
كلاما لجماعة من الخطباء أولاثنين منهم فقط فلابد أن تفرق بين الكلامين وتميز
بين الطريقتين. الأ ترى: أنا مع معرفتنا بالشعر ونقده
لوتصفحنا ديوان أبي تمام فوجدناه قد كتب في اثنائه قصائد أوقصيدة واحدة لغيره
لعرفنا بالذوق مبانيّها لشعر أبي تمام ونفسه وطريقته ومذهبه في القريض ؟ ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا
من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر ؟ وكذلك حذفوا من شعر أبي نُواس شيئاً
كثيراً لما ظهرلهم أنه ليس من الفاظه ولامن شعره ولم يعتمدوا في ذلك إلا على
الذوق خاصة ؟ وأنت إذا ما تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماءً واحداً وأسلوباً
واحداً كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الابعاض في الماهية،
وكالقرآن العزيز أوله كأوسطه وأوسطه كآخره وكل سورة منه وكل آية مماثلة في
المآخذ والمذهب والفن والطريق والنظم لباقي الآيات والسور. ولوكان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال
من زعم أن هذا الكتاب أوبعضه محول إلى أمير المؤمنين عليه السلام. وأعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه مالا قبل له به لأنا متى فتحنا هذا الباب وسطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحولم نثق بصحة كلام منقول عن رسول الله صلى الله عليه وآله أبداً وساع لطاعن
أن يطعن ويقول هذا الخبر منحول وهذا الكلام مصنوع، وكذلك ما نقل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والأدب
وغير ذلك، وكل شيء جعله هذا الطاعن - يعني في خطب النهج - مستنداً له فيما ترويه
عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الراشدين والصحابة والتابعين والشعراء
والمترسلين فلناصري أمير
المؤمنين عليه السلام أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة وغيره وهذا واضح ) انتهى كلامه. ونحن النمرقة الوسطى من أهل العلم نقول: أن أخواننا الشيعة يعتقدون بأن الخطب والكتب والكلم المرويات في نهج البلاغة حالها كحال الخطب المروية عن رسول الله صلي الله عليه وآله التي بعضها متواتر قطعي الصدور وبعضها
غير متواتر فهوظني السند لا نحكم عليه بالانتحال والافتعال إلا بعد قيام الدليل العلمي على كذبه كما أننا لا نحكم بصحته
جزماً إلا بعد قيام الدليل، ومن أسند غير هذا إلينا فقد افترى علينا، وكيف يسند منصف إلى الشيعة أعتقاداً
بثبوت جميع ما بين الدفتين من هذا الكتاب وفيها ما يخالفهم أكثر مما يوافقهم كَتَأبيْنِ علي لعمر ؟! ولوكان ذوي الأغراض من الشيعة أن يلعبوا
في نهج البلاغة محواً أوإثباتاً لحذفوا هذا التأبين. وعليه فالاعتدال والحق الذي أحق أن يُتّبّع يقضيان علينا بأن نجعل لهذا الكتاب من القيمة الدينية ما نجعله لغيره من الجوامع الصحاح
والكتب الدينية المعتبرة ونعترف بقيمته الأدبية وتفوقها من هذه الجهة على كل كتاب بعد كتاب
الله سبحانه. |
|||
|
دفع
الشبهات عن نهج البلاغة
|
|||
|
لقد نال موضوع تصحيح نهج البلاغة
منزلة من الوضوح وتنورت أطرافه من حيث كثرة الأسانيد لحد لم يدع مجالاً
للمتقوَّلين عليه فبما بحثنا عنه: الأ أن البعض ممن ركبوا العصبية ونكبوا عن النهج قد يضربون عن كل هذه الحجج والدلائل صفحاً ويتشبثون واهية: |
|||
|
الشبهة الأولى:
|
|||
|
كثرة الخطب وطولها وتعذر الحفظ والضبط
في أمثالها، فإن الخطب الطوال يصعب حفظها وتذكر الفاظها بعد الأجيال. |
|||
|
||||
|
أنها ليست بأعجب من رواية المعلقات
السبع والقصائد الأخرى من الأوائل ومن الخطب والمأثورات الضافية التي رويت عن
النبي المصطفى صلى الله عليه وآله ومن غيره ممن تقدم عليه زمانه أوتأخر، في حين
أن العناية بالحفظ والكتابة كانت في زمن الراشدين أهم وأعظم مما قبله، ونعتوا
ابن عباس بأنه كان يحفظ القصائد الطوال لأول مرة من سماعها وكان مثله في عامة
العرب كثيراً ولا يزال حتى اليوم، والاعتناء بحفظ خطب الإمام كان أكثر حتى قال
مدرس دار العلوم المصرية في كتاب علي عليه السلام ص ١٢٥: أن الأدباء والمؤرخين
الذين تقدموا الشريف الرضي كانوا يعتقدون أن خطب الإمام عليه السلام كانت بضع
مئات، وحكي عن المسعودي أربعمائة ونيفاً وثمانين خطبة. |
|||
|
الشبهة الثانية:
|
|||
|
إسناد بعض الخطب المروية في النهج إلى
القطر الخارجي[قَطَرِيّ بن الفُجاءة أبونعامة، وأسمه جعونة بن مازن بن يزيد
المازني الخارجي، خرج زمن عبد الله بن الزبير، وبقي قَطَرٍيّ عشرين سنة يقاتل
ويُسلم عليه بالخلافة، قتل سنة ٧٨ هـ. وفيات الأعيان: ج٤ / ٩٣.] وغيره. |
|||
|
||||
|
أن الشريف الرضي أحق بالتصديق في
روايته من غيره وأعرف بأساليب بلغاء العرب، ولا يبعد ان يكون الذين جاؤوا بعد
الإمام اقتفوا أثره في خُطَبهِ وأفرغوها بألسنتهم، وربما نحلها هؤلاء أشياعهم
كما نحلوا معاوية بن أبي سفيان بعض خطب الإمام. قال مدرس دار العلوم أحمد زكي صفوة
المؤرخين: ومما يستوقف الباحث في هذا الباب ما
أورده الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥ هـ في البيان والتبيين، قال: قالوا: لما حضرت
معاوية الوفاة قال لمولى له: مَنْ بالباب ؟ قال: نفر من قريش يتباشرون بموتك. فقال: ويحك ولم ؟ قال: لا أدري. قال: فوالله ما لهم بعدي إلا الذي
يسؤوهم، وأذن للناس فدخلوا فحمدلله وأثنى عليه وأوجز ثم خطبهم خطبة أوردها
الجاحظ وعَقّبها بقوله: وفي هذه الخطبة – أبقاك الله – ضروب من العجب: منها أن هذا الكلام لا يُشْبُه السبب الذي من أجله
دعاهم معاوية، ومنها أن هذا المذهب في تصنيف الناس وفي الإخبار عنهم وعما هم
عليه من القهر والإذلال ومن التقية والخوف أشبه بكلام علي وبمعانيه بحاله منه
حال معاوية، ومنها إنّا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه مسلك
الزهاد ولا يذهب مذاهب العباد وإنما نكتب لكم ونخبر بما سمعناه، والله أعلم
بأصحاب الأخبار وبكثير منهم. وفي الحق أن الناقد المتأمل لا
تُخالِجُهُ ريبة في أن هذه الخطبة أخرى بها أن تعزي إلى الإمام إذ ترى روحه
واضحة جلية فيها أسلوباً ومعنى وغرضاً، وكأني بالجاحظ يبغي أن يقول: أن الرواة
نحلوها معاوية وهويتشكك في صدق روايتهم هذه كما يلمح من قوله: ( والله أعلم
بأصحاب الأخبار وبكثير منهم )، ولكنه يتحرج من المجاهرة بذلك لأنه ( إنما يكتب
ويخبر بما سمعه ). أقول: ويؤيد ما احتملناه إسناد الوزير
الآبي بعض الخطب إلى زيد الشهيد في حين أنها مسندة في النهج إلى جده الإمام عليه
السلام، ويعتز سند الشريف الرضي بالمصادر القديمة لخطب النهج التي تروي هاتيك
الخطب عن أمير المؤمنين عليه السلام فلا يكون إلقاء زيد الشهيد لها ضرباً من
الاقتفاء والاقتباس. |
|||
|
الشبهة الثالثة:
|
|||
|
أن المجموع من خطبة عليه السلام يتضمن
أنباء غيبة وأخبارالملاحم والفتن مما يختص علمه بالله وحده. |
|||
|
||||
|
أنّ الغيب يختص علمه بالله سبحانه ومن
ارتضاهم من أنبيائه وأوليائه وكم حوت السنة النبوية أنباء غيبة وأخباراً عن
الملاحم والفتن، وما ذلك عن النبي الكريم إلا بوحي من ربه العليم الخبير، كذلك
لا يَنْطِقُ ابن عمه وربيب حجره وصاحب سره في الملاحم والخفايا إلا بخبر عن رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد أعطيت يا أميرالمؤمنين علم الغيب ؟ فأجاب عليه السلام: ليس هوبعلم غيب
وإنما تعلم من ذي علم[نهج البلاغة: ج٢ / ١٠.] ولا غروا فقد ثبت عن رسول الله صلى
الله عليه وآله فيه أنه قال: ( أنا مدينة العلم وعلي بابها )[
تاريخ بغداد: ج ١١ / ٥٠.] ، وقول علي عليه السلام: لقد علمني رسول الله صلى الله عليه وآله
ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب[كنز العمال: ج ١٣ / ١١٤.]. فمن أختص من مهبط الوحي ومدينة العلم
بمثل هذا الاختصاص لا يستغرب منه أن يملأ الكتب من أسرار الكائنات وكامنات
الحوادث ولنعتزل عن خطبه المروية في النهج ونسلك آثاره المتواترة في التاريخ،
فقد روى عنه المؤرخون كالمسعودي في مروج المذهب وابن أبي الحديد في شرح النهج ص
٤٢٥، مجلد ١ وابن بطة في الإبانة وأبي داوود في السنن وغيرهم في غيرها أنه تنبأ
بمصير الخوارج حينما أخبره الناس بأنهم عبروا النهر قال عليه السلام: (لا يفلت
منهم عشرة ولا يقتل منا عشرة )[
نهج البلاغة: ج ١ / ١٠٧.] ، فكان الأمر كذلك. واستفاض عنه الخبر بمقتله وإنه سوف
يخضب أشقاها هذه من هذه وأشار بيده إلى لحيته وجبهته - وكان إذا رأى ابن ملجم
قال: أريد حياته ويريد قتلي عذيرك من خليلك
من مراد واستفاضت أنباؤه في توسع ملك بني أمية
وبني العباس وخبره بمقتل الحسين في كربلاء[راجع ص ٢٠٨ من المجلد الأول لشرح أبن
أبي الحديد على النهج ففيه جمهرة من الروايات في أخباره عليه السلام من
المغيبات، وكذا ص ٤٢٥ منه.]. ومما يدلك على جواز مثله واستقاء هذه العلوم من رسول الله صلى
الله عليه وآله خبر أم سلمة زوجة النبي بمقتل الحسين قبل وقوعه كما رواه الترمذي في
صحيحه، فإذا جاز لمثلها
النبأ عن الحوادث المستقبلية واستقائها العلم عن رسول الله صلى اله عليه وآله
فلم لا يجوز مثل ذلك من علي عليه السلام وهوعيبة علمه وصاحب سره الذي كان يسكن
في ظله ويتحرك في ضوئه ؟! هذا من ناحية الدين وأما من سواها فقد
بلغتنا عن ساسة الأمم وحكمائها تنبؤات صادقة عن مصيرها في مسيرها، ونحن لا نماري
في ذلك مبدئيا فكيف نماري في المنقول عن ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله
وترجمان وحيه وخازن علمه ؟ |
|||
|
الشبهة الرابعة:
|
|||
|
اشتمال خطب النهج على علوم تولدت في
المجتمع الإسلامي بعد عصر الصحابة والتابعين مما يستبعد التحدث عنها قبلاً
كدقائق على التوحيد وأبحاث الرؤية والعدل والتوسع في كيفية كلام الخالق وابتعاده
عن صفات الجسم وكيفياته وتنزهه عن مجانسة مخلوقاته. وأجاب عنها أحمد زكي صفوة المؤرخين في ص
١٢٦ من كتابه علي بن أبي طالب عليه السلام قائلاً: هل في فكر الإمام وحكمه نظريات
فلسفية يعتاص على الباحث فهمها ويفتقر في درسها إلى كَدَّ ذهنِ وكدحِ
خاطرٍ،اللهم الإ أنها حكم سائغة مرسلة تمتزج بالروح من أقرب طريق وتدب إلى القلب
دون تعمل أوعناء وليس أحد يماري في أن ايراد العرب للحكمة البالغة وضربهم
الأمثال الرائعة فِطْرِيَّ فيهم معروف عنهم منذ جاهليتهم لما أوتوه من صفاء
الذهن واتقاد الحرية وسرعة الخاطر. وقد اشتهر منهم بذلك كثير قبل الإسلام
أفتستكثر الحكمة السامية على علي عليه السلام ؟ وهومن علمت سليل قريش الذين كانوا
أفصح العرب لساناً وأعذبها بياناً وأرقها لفظاً واصفاها مزاجاً وألطفها ذوقاً! وقد قدمنا لك أنه عليه السلام ربى في بيت النبي صلى الله عليه وآله
منذ حداثته فنشأ وشبَّ في بيت
النبوة ومهد الحكمة وينبوعها ولازم الرسول حتى مماته. وقد قال علي عليه السلام
في بعض خطبه: (كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه
علماً ويأمرني بالاقتداء به )[
نهج البلاغة: ج٢ / ١٥٧.]. وكان من كبار كتاب وحيه وحفظ القرآن
كله حفظاً جيداً وسمع الحديث الشريف ووعاه وتفقه في الدين حتى كان إماماً هادياً
وعالماً عليماً، وفوق ذلك فأنت تعلم أن الشدائد ثِقافُ الأذهان وصِقال العقول
تفتق عن مكنون الحكمة وتستخرج عصيها، وقد مرَّ بالإمام حين من عمره حافل
بالشدائد مليء[الوجه إنْ يقول: مَدلْآنُ.] بالعظائم والأهوال. وحسبه أن يحمل مع أبن عمَّهِ صلى الله
عليه وآله أعباء أمره ويبيته في فراشه ليلة الحرب في كل غزواته - الإ واحدة – ثم هويقضي طول خلافته مذ بويع إلى أن
قتل – أربع سنين وتسعة أشهر – في شجار ونضال وجلاد وكفاح تارة مع
عائشة ومناصريها وأخرى مع معاوية وأشياعه ثم يبتلي بخلاف أصحابه عليه ويعاني من
اختلاف مشاربهم وتباين أهوائهم وغريب شذوذهم وتحكمهم واعتسافهم ما يضيق عنه صدر
الحليم ويندّ معه صبر الصبور. كل اولئك التجاريب والظروف قد حنكته
وصفت من جوهر عقله وثقفت من حديد ذهنه وأمدته بفيض زاخر من الحكم الثاقبة
والآراء الناضجة، وما العقل إلاّ التجربة والاختبار ؟! وَاخِالُك تذكر ما قدمناه لك اًنفاً
من أنه كان معروفاً بين الصحابة بأصالة الرأي وسداد الفكر، فكان بعض الخلفاء
يفزع إلى مشورته إذا حَزَّبه أمر فيجيد الحز ويطبق المفصل، ولم يكن رضي الله عنه
بالرجل الخامل الغمر بل كان من سادة القوم وعليتهم، وكان ما يجري من الشؤون
السياسية في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وعهد الخلفاء السابقين له بمرأي منه
ومسمع بل كان له في بعضها ضلع قوية وشأن خطير، هذا المران السياسي الطويل العهد
- وهوخمس وثلاثون سنة من بدء الهجرة عدا ما تقدمها أفادة شحذا الذهن وثقوباً في
الفكر فليس بمستنكر على مثل علي أن يكون حكيماً – انتهى كلامه. |
|||
|
||||
|
فهوأن المتأخر أخذ عن المتقدم لأن
المتأخر نسب إلى المتقدم، وبيان ذلك: إن علماء الإسلام المتأخرين إنما توسعوا في علومهم بعد ما تعمقوا
في آيات التوحيد والمعارف القرآنية وما وصل إليهم من خطب علي عليه السلام وكلمه
في أبواب التوحيد وشؤون العالم الربوبي، حتى أن الحجاج ألقى على علماء التابعين
يوماً شبهة الجبر فرده كل منهم أنه أخذ ذلك عن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال
الحجاج: لقد جئتموها من عين صافية[كنز الفوائد: ١٧٠.]. ولقد كان ابن عم رسول الله يفيض على
أبناء عصره ومصره بعلوم النبوة ومعارف الدين العالية، إلا أن أكثرهم لم يكونوا
ليفهموها بل كانوا يحملون هاتيك الكلم الجامعة إلى من ولدوا بعدهم كما قيل: (رب
حامل فقه إلى من هوأفقه )[
ينظر الحديث في بحار الأنوار: ج ٧٤ / ١٤٦، ومسند احمد بن حنبل: ج ٥ / ١٨٣.]. ونظير هذا آيات التوحيد والرؤية
والكلام والعدل تلك آيات التي تدبر فيها حكماء الإسلام في القرون المتأخرة
وأظهروا معارفها العالية التي لم تخطر ببال أحد في عصر الصحابة. وأوضح برهان لنا في المقام وجود جمل
في خطب نهج البلاغة تنطق بحركة الأرض وتنطبق على أصول الهيئة الجديدة ومسائلها
التي حدثت بعد الألف الهجري، كقوله عليه السلام في صفة الأرض: فسكنت على حركتها
من أن تميد بأهلها أوتسبح بحملها )[ نهج البلاغة: ج ٢/ ١٩٢.] ، وقوله عليه السلام: (وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها )[
نهج البلاغة: ج ١ / ١٧٤.] ، وكنا نعلم أن الرأي القائل بتحرك الأرض مع سكونها الظاهر مستحدث
من بعد (غاليو) الايطالي، و(كوبرينك) الألماني و(نيوتن) الأنكليزي، ورأي ثبوت الحركات العشر للأرض متأخر عنهم
جداً. وكل هذه الآراء حادثة بعد انتشار شروح
نهج البلاغة فضلاً عن النهج الذي أشتهر أمره من قبلها فهل يسوغ لامرئ أن يشك في
تأليف نهج البلاغة وشروحه بحجة أنها مشتملة على مسائل الهيئة المتأخرة عن الألف
الهجري ؟ |
|||
|
الشبهة الخامسة:
|
|||
|
اشتمال الخطب على اصطلاحات وجدت في
القرون المتأخرة وعلى سبك حديث الطراز كقوله عليه السلام: وكمال توحيده الإخلاص
له، وكمال الإخلاص له، نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة
كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصَفَ الله سبحانه وتعالى فقد قرنه، ومن قرنه فقد
ثنَّاه ومَنْ ثناهُ فقد جَزَّاه ومن جزاء...الخ[نهج البلاغة: ج ١ / ١٥.]. |
|||
|
||||
|
يعرف مما سبق فإنَّ المتاخرين إنما
توسعوا في معارفهم بعد العثور على هذه الحكم الجلائل وأختاروا الاصطلاحات من
قبيل (الكيف والآين) بعد ما استأنسوا بمبادئها في كلام الإمام عليه السلام لأن
الكلام نسب إلى الإمام بعد ظهور هذه المصطلحات، بدليل أن أمثال هذه المبادئ
مستفيضة في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وفي كلام فصحاء العرب الأوائل ولا
يعز المتتبع وافره، وأي عاقل يستطيع أن يصوغ هذه الجمل العسجدية ثم ينسبها إلى
غيره ؟ ولوكان أحد ينسب إلى الإمام شيئاً من المصطلحات بعد تاريخ حدوثها لجاءت
في خطبة كلمة الماهية المنحوتة من (ما هي )، واللمية المنحوتة من (لم)، والإنية
المنحوتة من (أنه)، والهيولي المنحوتة من (هي الأولى)، وأمثال ذلك من مصطلحات
حكماء الإسلام في حين أن النهج كله خلوعن كل هذا. ونظيرهذا قول ابي نؤاس (كان صغرى وكبرى
من فَواقِعها )، الذي يظن فيه سامعه لأول وهلة أنه أخذ عن المنطقيين مصطلحهم في
صغرى وكبرى القياس في حين الاصطلاح متأخر جداً ولا يستلزم تأخرة نفي ذلك الشعر
المتقدم، ومثل هذا غير عزيز على من طلبه. ومن الغريب استغراب بعضهم في كلام
الإمام استنتاجه الجمل متفرعة بعضها من بعض كقوله عليه السلام: فمن وصف الله
سبحانه وتعالى فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه... الخ. بحسب أن ترتيب الكلام على شاكلة القياس لمؤلف من صغراه وكبراه غيرمألوف من العرب في حين أن هذا الحسبان قدح في الأدب
العربي من حيث لا يقصد، ومعناه أن نظم القياس المعقول قصّي عن الذوق العربي،
وهذا شيء لا نقبله والعرب هم الأقربون إلى القياس المنقول لفطرتهم وكم له نظير في الكتاب والسنة ؟ قال تعالى: (وَلَوْعَلِمَ اللهُ
فِيهِمْ خَيْراً لَّاسْمَعَهُمْ وَلَوأَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ )[
الأنفال: ٢٣.] ، وروى البخاري في صحيحة عنه صلى الله عليه وآله سلم: (فاطمة بضعة
مني من أغضبها فقد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله )[ صحيح البخاري: ج ٤ /
٢١٩.]. فإذا ورد في أفضح الكلم نظم القياس
وتفريع الجمل فهل يستغرب من حفظة القرآن أن يتوسعوا في نظم الأقيسة الاقترانية
والاستثنائية في أساليب حديثهم ؟ ولقد قطعناه جهيزة كل خطيب[قَطَعَتْ جَهِيزَةُ خَطِيبِ، يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه
بحمَاقة يأتي بها. مجمع الأمثال ج٢ / ٩١.] بأن المسانيد المشتهرة إذا حوت خطبة
للإمام بأسانيد معتبرة فغير جدير الإصغاء إلى أمثال هذه الشبهات الضعيفة ومضى
دفع شبهات أخرى في خلال أبحاثنا الماضية... والله يحق الحق وهوأحكم الحاكمين... والحمدلله رب العالمين |
|||
|