- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
النبوة العامة والخاصة
|
|
النبوة
|
|
عندما يتحدث الامام أميرالمؤمنين عليه
السلام عن النبوة، يتحدث عن عمق الفكر وسعة المعرفة بدقائق الأمور فهو لايتكلم
عن اجتهاد أو مظنة أويلقي رأيأ كما يفعل ذالك الحكماء والمتكلمون. وَتجلي هذهِ
المعرفة الدقيقة بخبايا النبوة في كلماته الدقيقة التي تجد فيها آية زياده أو
نقيصته لا في اللفظ ولا في المعنى. يقول اميرالمؤمنين عليه السلام فبعث
فيهم رُسُله، وواتر اليهِمْ أنبياءه ليستأدُهُمْ ميثاق فطرته، ويذكِّرُ هُم
منسِيَّ نعمتِهِ، ويحتجّوا عَلَيهم بالتَّبليغ، ويُثيرا لهم دَفائنَ العقول،
ويُروهم الآيات المقَدَّره. فقد ذكر الشيخ المفيد بأن العقل
البشري يحتاج في علمه ونتائجه الى السمع... وأنه لابد في أول التكليف وإبتدائه
في العالم من رسول [أوائل المقالات: ص ٥٠.] وواجب الرسول كما يقول أميرالمؤمنين عليه السلام: أولاً: ليستأدُوهُمْ ميثاق فطرَته، إشارة الى الآية الكريمة (وإذ أخذ ربك
في بني آدم في ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن
تقولوا يوم القيامة، إنا كنّا عن هذا غافلين) [سورة الأعراف آية ٧٢.] ، فقد أخذ اللّه في البشر عهداً أن يقروا بربوبيته ويعترفوا بأنه
الخالق العليم القدير وقد جاء الأنبياء ليطلبوا من البشر العمل بموجب هذا
الميثاق الإلهي. ثانياً: ويُذكِّرُوهُم؟ نعمته، فالإنسان مأخوذٌ في النسيان لفظاً ومعنىً
وقد نست الأقوام الماضية نعم اللّه فجاء الأنبياء ليذكروهم بتلك لنعم: فهذا بني
اللّه هود جاء قومه ليذكرهم بأنّ اللّه جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح وزادهم في
الخلق بسطة وذلك صالح بني اللّه جاء ليذكر قومه نعمة اللّه في تبؤهم الأرض
يتخذون في سهولها قصوراً وينحتون في الجبال بيوتاً وذلك موسى بني اللّه جاء
ليذكر بني اسرائيل بنعم اللّه ع ليهم. وهكذا كل بنيّ جاء لتذكير الناس بما أنعم
اللّه عليهم. ثالثاً: يحتجون عليهم بالتبليغ لئلا يعتذروا في ترك طاعته. رابعاً: ويثيروا لهم دفائن العقول؛ من علم وحكمه ومعرفة أنعم اللّه بها
على الانسان. خامساً: ويرهم الآيات المقدرة: وهي المعجزات التي لا تستطيع العين
مشاهدتها بدون مرشد. |
|
في
الرّسالة الالهية
|
|
الْحَمْدُلِلّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ
غَيْرِ رُؤْيَةٍ، الْخالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنصَبَةٍ، [المنصبة- كمصطبة- التعب.] خَلَقَ الْخَلائِقَ بِقُدُرَتِهِ، وَاسْتَعْبَدَ الْأَرْبابَ
بِعِزَّتِهِ، وَسادَ الْعُظَماءَ بِجُودِهِ. وَهُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيا خَلْقَهُ،
وَبَعَثَ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ رُسُلَهُ... [الخطبة :١٨٣، ربيع الابرار: ٥٣:١ للزمخشري، النهاية: ٢٩٩:٥، لابن
الاثير، تفسير البرهان: ٩:١ للسيد البحراني.] وَواتَرَ [واتر اليهم أنبياءه: أرسلهم وبين كل نبيّ ومن بعده فترة، وقوله
'ليستادوهم': ليطلبوا الأداء .] إلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثاقَ فِطْرَتِهِ،
وَيُذَكِّروُهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّواْ عَلَيْهِمْ
بِالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفائِنَ الْعُقُولِ وَيُرُوهُمْ آياتِ
الْمُقْدِرَةِ: مِن سَقْفٍ فَوْقَهُم مَرْفُوعٍ، وَمِهادٍ تَحْتَهُم مَوْضُوعٍ،
وَمَعايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجالٍ تُفْنِيهمْ، وَأَوْصابٍ [الأوصاب: المتاعب.] تُهْرِمُهُمْ، وَأَحْداثٍ تَتابَعُ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يُخْلِ
اللَّه سُبْحانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِىٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ كِتابٍ مُنْزَلٍ، اَوْ
حُجَّةٍ لازِمَةٍ، اَوْ مَحَجَّةٍ [المحجّة: الطريق القويم الواضح.] قائِمَهٍ... [الخطبة: '١'، الكافي: ١٤٠:١ للشيخ الكليني "المتوفى ٣٢٨
هـ"، الارشاد: ص ١٠٨ للشيخ المفيد "المتوفى ٤١٣ هـ".] فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ
مُسْتَودَعٍ، وَأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ، تَناسَخَتْهُمْ [تناسختهم: تناقلتهم.] كرائِمُ الْأَصْلابِ إلى مُطَهَّراتِ الْأَرْحامِ، كُلَّما مَضى
مِنْهُمْ سَلَفٌ قامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللَّهِ خَلَفٌ... [الخطبة: '٩٤' الكافي: ١٣٤:١- التوحيد: ص ٢٨ للشيخ الصدوق
"المتوفى ٣٨١ هـ".] رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ
عَدَدِهِمْ، وَلا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ: مِنْ سابِقٍ سُمِّىَ لَهُ
مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ: عَلى ذلِكَ نَسَلَتِ [نَسَلت: بالبناء للفاعل: مضت متتابعة.] الْقُروُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الْاباءُ، وَخَلَفَتِ
الْأَبْناءُ. الخطبة: '١'. |
|
الرّسالة
المحمدية
|
|
إلى أَنْ بَعثَ
اللَّه سُبْحانَهُ مُحَمَّدَاً رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَالِهِ
لِإنْجازِ عِدَتِهِ، [الضمير في 'عِدَته' للَّه تعالى، والمراد وعد اللَّه بارسال محمد
صلى الله عليه و آله و سلم على لسان انبيائه السّابقين] وَتَمامِ نُبُوَّتِهِ، مَأخُوذاً عَلَى النَّبيَّينَ مِيثاقُهُ،
مَشْهُورَةً سِماتُهُ، [سماته: علاماته التي ذُكرت في كتب الأنبياء السّابقين الذين بشّروا
به.] كَرِيماً مِيلادُهُ... [الخطبة: '١' الكافي: ١٤٠:١- مطالب السؤل لمحمد بن طلحة الشافعي.] خَيْرَالْبَرِيَّةِ طِفْلاً، وَأَنْجَبَها كَهْلاً، أَطْهَرَ
الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً، [الشيمة: الخُلُق.] وَأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً... [الدّيمة- بكسر الدال-: المطر، يدوم في سكون، والمستمطر- بفتح الطاء-
من يُطلَب منه المطر.] ، [الخطبة: ١٠٥، الارشاد ص ١٦٠ تفسير علي بن ابراهيم: ٣٨٤:١.] كُلَّما نَسَخَ اللُّهُ الْخَلْقَ [نسخ الخلق: نقلهم بالتناسل عن أصولهم،
فجعلهم بعد الوحدة في الاصول، فرقا.] فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِما، لَمْ يُسْهِمْ فِيهِ
عاهِرٌ، [العاهر: الزّاني ومن يأتي غير حلّه كالفاجر.] وَلاضَرَبَ [ضرب في الشي ء: صار له نصيب منه.] فِيهِ فاجِرٌ... [الخطبة: ٢١٤، غرر الحكم آمدي- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد:
١١:٩.]فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ
الْمَعادِنِ مَنْبِتاً، [منبت، كمجلس: موضع النبات منبت فيه.] وَأَعَزِّ الْأُروُماتِ [الأرومات: جمع أرومة: الأصل.] مَغْرِساً، [المغرس: موضع الغرس.] مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ [صدع: شقّ.] مِنْها أَنبِياءَهُ، وَانتَجَبَ [انتجب: اختار واصطفى.] مِنها أُمَناءَهُ... [الخطبة: ٩٤.] عِتْرَتُهُ خَيْرُ الْعِتَرِ، [عترته: آل بيته، وعترة الرّجل: نسله
ورهطُهُ الأدنون.] وَاُسْرَتُهُ خَيْرُ الْأُسَرِ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ،
نَبَتَتْ فِي حَرَمٍ، وَبَسَقَتْ [بَسَقَتْ: ارتفعت.] فِي كَرَمٍ، لَها فُروُعٌ طِوالٌ، وَثَمَرَةٌ لا تُنالُ.. [الخطبة: ٩٤.] أَغْصانُها مُعْتَدِلَةٌ، وَثِمارُها مُتَهَدِّلَةٌ، [متهدّلة: متدليّة: دانية للإقتطاف.] مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ، [طَيبْة: المدينة المنورة.] عَلابِها ذِكْرُهُ، وَامْتَدَّ مِنْها صَوْتُهُ، أَرْسَلَهُ
بِحُجَّةِ كافِيَةٍ، وَمَوْعِظَةٍ شافِيَةٍ، وَدَعْوَةٍ مُتَلافِيَةٍ [متلافية: من تلافاه: تداركه بالاصلاح قبل أن يهلكه الفساد، فدعوة
النبي تلافت امور الناس قبل هلاكهم.] ، أَظْهَرَ بِهِ الشَّرائِعَ الْمَجْهُولَةَ، وَقَمَعَ بِهِ
الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ، وَبَيَّنَ بِهِ الْأَحْكامَ الْمَفْصُولَةَ [المفصولة: التي فصلها اللَّه أي قضى بها على عباده.] ، [الخطبة: ١٦١، بحارالانوار: ٢٢٢:١٨.] . |
|
رسالة
الاسلام في ظلمة الجاهلية
|
|
أَرْسَلَهُ بِالدَّينِ الْمَشْهُورِ،
وَالْعِلْمِ المَأثُورِ، وَالْكِتابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السّاطِعِ،
وَالضِّياءِ اللاّمِعِ، وَالْأَمْرِ الصّادِعِ. إزاحَةً لِلشُّبُهاتِ، وَاحْتِجاجاً
بِالبَيِّناتِ، وَتَحْذِيراً بِالْآياتِ، وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلاتِ، [المثلات: بفتح فضم: العقوبات، جمع مثلة- بضم الثاء وسكونها بعد
الميم-.] وَالنّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَذَمَ [انقطع.] فِيها حَبْلُ الدّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوارِي [السواري: جمع سارية، وهي العمود والدعامة.] الْيَقينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ، [النجر: بفتح النون وسكون الجيم: الأصل.] وَتَشَتَّتَ الْأَمْرُ، وَضاقَ الْمَخْرَجُ، وَعَمِيَ الْمَصْدَرُ.
فَالْهُدى خامِلٌ، وَالْعَمى شامِلٌ، عُصِيَ الرَّحْمنُ، وَنُصِرَ الشَّيْطانُ،
وَخُذِلَ الْإيمانُ، فَانْهارَتْ دَعائِمُهُ، وَتَنَكَّرَتْ مَعالِمُهُ،
وَدَرَسَتْ[دَرَسَت: كانْدَرَسَتْ: انطَمَسَتْ.] سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ [الشِّرك: جمع شراك ككتاب، وهي الطريق.] ، أَطاعُواْ الشَّيْطانَ فسَلَكُوا مَسالِكَهُ، وَوَرَدُوا
مَناهِلَهُ [المناهِلُ: جمع مَنْهل،وهو مورد النهر.] ، بِهِمْ سارَتْ أَعْلامُهُ، وَقامَ لِواؤُهُ، فِىِ فِتَنٍ
داسَتْهُمْ بِأَخْفافِها، [الأخفاف: جمع خُفّ، وهو للبعير كالقدم للإنسان.] وَوَطِئَتْهُمْ بِأَضْلافِها، [الأظلاف: جمع ظِلْف- بالكسر- للبقر
والشاة وشبههما كالخف للبعير والقدم للإنسان.] وَقامَتْ عَلى سَنابِكِها. [السنابك: جمع سُنْبُك كقُنْفُذْ: وهو
طرف الحافر . ] فَهُمْ فِيها تائِهُونَ حائِرونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ، فِي
خَيْرِ دارٍ وَشَرِّ جِيرانٍ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ،
بِأَرْضٍ عالِمُها مُلْجَمٌ، وَجاهِلُها مُكْرَمٌ... [الخطبة: '٢' المسترشد: ص ٧٣ للطبري. عيون الاخبار: ٣٢٦:١، لابن
قتيبة. العقد الفريد: ١١٢:٣ لابن عبد ربه "المتوفى ٣٢٨"، مطالب السؤل:
لمحمد بن طلحة الشافعي.] . |
|
ظلمات
قبل الظهور
|
أَرْسَلَهُ عَلى حِينِ فَتْرَةٍ [الفَترة: مابين زماني الرّسالة.] مِنَ الرُّسُلِ، وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَاعْتِزامٍ ['اعتزام'
من قولهم 'اعتزم الفرس' إذا مرّ جامحاً.] مِنَ الْفِتَنِ، وَانتِشارٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَتَلَظٍّ ['تَلَظّ':
أي تَلَهُّب.] مِنَ الْحُرُوبِ، وَالدُّنْيا كاسِفَةُ النُّورِ، ظاهِرَةُ
الْغُرُورِ، عَلى حِينِ اصْفِرارٍ مِنْ وَرَقِها وَإياسٍ مِنْ ثَمَرِها،
واغْوِرارٍ [اغورار الماء: ذهابه.] مِنْ مائِها، قَد دَرَسَتْ أعْلامُ الْهُدى، وَظَهَرَتْ أعْلامُ
الرَّدى، فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ ['متجهّمة'
من 'تجهّمه' اي: استقبله بوجه كريه.] لاَهْلِها، عابِسَةٌ فِي وَجْهِ طالِبِها. ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ ['ثمرها
الفتنة' اي: ليست لها نتيجة سوى الفتن.] وَطَعامَهَا الجِيفَةُ، [الجيفة: اشارة إلى أكل العرب للميتة من
شدة الاضطرار.] وَشِعارُهَا [الشعار من الثياب: ما يلي البدن.] الْخَوْفُ، وَدِثارُهَا [الدثار: فوق الشعار.]
السَّيْفُ... [الخطبة: '٨٩' الكافي: ١٥:١ و ٦٠- الطراز: ٣٤٢:١ للسيد العلوي
اليماني.] بَعَثَهُ وَالنّاسُ ضُلاَّلٌ فِي
حَيْرَةٍ، وَحاطِبُونَ [حاطبون: جمع حاطب، وهو الذي يجمع الحطب، يقال لمن يجمع الصواب
والخطأ: حاطب ليل.] فِي فِتْنَةٍ، قَدِاسْتَهْوَتْهُمُ الْأَهْواءُ، وَاسْتَزَلَّتْهُمُ [استزلتهم: أدّت الى الزّلل والسقوط في المضارّ.] الْكِبْرِياءُ، وَاسْتَخَفَّتْهُمُ [استخفتّهم: طيَّشَتْهُمْ: من لا يقصد
وجهاً واحداً لخفّة عقله.] الْجاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ، [الجَهلاء: وصف مبالغة للجهل.] حَيارى فِي زِلْزالٍ مِنَ الْأَمْرِ، وَبَلاءٍ مِنَ الْأَمْرِ،
وَبَلاءٍ مِنَ الْجَهْلِ. |
|
فجر
الإسلام
|
|
فَبالَغَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَالِهِ فِي النَّصِيحَةِ، وَمَضى عَلَى الطَّرِيقَةِ، وَدَعا إلَى الْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. [الخطبة: '٩٥' بحار الانوار: ٢١٩:١٨.] ...حَتّى أَراهُمْ مَنجاتَهُمْ،
وَبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، فَاسْتَدارَتْ رَحاهُمْ، [استدارت رَحاهم: كناية عن وفرة أرزاقهم، فانّ الرحى انما تدور على
ما تطحنه من الحَبّ، والرحى: رحى الحرب يطحنون ها.] وَاسْتَقامَتْ قَناتُهُمْ... [القناة: الرمح، واستقامتها كناية عن
صحة الاحوال وصلاحها.] ، [الخطبة: '١٠٤' الارشاد: ١٥٤- الخصائص للشيخ المفيد.] . ... أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ
الْحُحَجِ،وَظُهُورِالْفَلَجِ، [الفَلَج: الظّفر، وظهوره: علوّ كلمة الدّين.] وَإيضاحِ الْمَنْهَجِ، فَبَلَّغَ الرِّسالَةَ صادِعاً [صادعاً: جاهراً.] بِها،حَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ دالاً عَلَيْها،وَأَقامَ أَعْلامَ
الإِهْتِداءِ،وَمَنارَ الضِّياءِ،وَجَعَلَ أَمْراسَ [الأمراس: جمع مَرَس بالتحريك وهو جمع مَرَسة- بالتحريك- وهو الحبل.] الإسْلامِ مَتِينَةً، وَعُرَى الإيْمانِ وَثِيقَةً . [الخطبة: '١٨٥' الاحتجاج للطبرسي: ٣٠٥:١.] إِبْتَعَتَهُ بِالنُّورِ الْمُضِي ءِ،
وَالْبُرْهانِ الْجَلِيِّ، وَالْمِنْهاج الْبادِي، [المنهاج البادي: اي الظاهر.] وَالْكِتابِ الْهادِي... [الخطبة: '١٦١' بحارالانوار: ٢٢٢:١٨.] . |
|
النبوة العامة والخاصة
|
|
النبوة
|
|
عندما يتحدث الامام أميرالمؤمنين عليه
السلام عن النبوة، يتحدث عن عمق الفكر وسعة المعرفة بدقائق الأمور فهو لايتكلم
عن اجتهاد أو مظنة أويلقي رأيأ كما يفعل ذالك الحكماء والمتكلمون. وَتجلي هذهِ
المعرفة الدقيقة بخبايا النبوة في كلماته الدقيقة التي تجد فيها آية زياده أو
نقيصته لا في اللفظ ولا في المعنى. يقول اميرالمؤمنين عليه السلام فبعث
فيهم رُسُله، وواتر اليهِمْ أنبياءه ليستأدُهُمْ ميثاق فطرته، ويذكِّرُ هُم
منسِيَّ نعمتِهِ، ويحتجّوا عَلَيهم بالتَّبليغ، ويُثيرا لهم دَفائنَ العقول،
ويُروهم الآيات المقَدَّره. فقد ذكر الشيخ المفيد بأن العقل
البشري يحتاج في علمه ونتائجه الى السمع... وأنه لابد في أول التكليف وإبتدائه
في العالم من رسول [أوائل المقالات: ص ٥٠.] وواجب الرسول كما يقول أميرالمؤمنين عليه السلام: أولاً: ليستأدُوهُمْ ميثاق فطرَته، إشارة الى الآية الكريمة (وإذ أخذ ربك
في بني آدم في ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن
تقولوا يوم القيامة، إنا كنّا عن هذا غافلين) [سورة الأعراف آية ٧٢.] ، فقد أخذ اللّه في البشر عهداً أن يقروا بربوبيته ويعترفوا بأنه
الخالق العليم القدير وقد جاء الأنبياء ليطلبوا من البشر العمل بموجب هذا
الميثاق الإلهي. ثانياً: ويُذكِّرُوهُم؟ نعمته، فالإنسان مأخوذٌ في النسيان لفظاً ومعنىً
وقد نست الأقوام الماضية نعم اللّه فجاء الأنبياء ليذكروهم بتلك لنعم: فهذا بني
اللّه هود جاء قومه ليذكرهم بأنّ اللّه جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح وزادهم في
الخلق بسطة وذلك صالح بني اللّه جاء ليذكر قومه نعمة اللّه في تبؤهم الأرض
يتخذون في سهولها قصوراً وينحتون في الجبال بيوتاً وذلك موسى بني اللّه جاء
ليذكر بني اسرائيل بنعم اللّه ع ليهم. وهكذا كل بنيّ جاء لتذكير الناس بما أنعم
اللّه عليهم. ثالثاً: يحتجون عليهم بالتبليغ لئلا يعتذروا في ترك طاعته. رابعاً: ويثيروا لهم دفائن العقول؛ من علم وحكمه ومعرفة أنعم اللّه بها
على الانسان. خامساً: ويرهم الآيات المقدرة: وهي المعجزات التي لا تستطيع العين
مشاهدتها بدون مرشد. |
|
في
الرّسالة الالهية
|
|
الْحَمْدُلِلّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ
غَيْرِ رُؤْيَةٍ، الْخالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنصَبَةٍ، [المنصبة- كمصطبة- التعب.] خَلَقَ الْخَلائِقَ بِقُدُرَتِهِ، وَاسْتَعْبَدَ الْأَرْبابَ
بِعِزَّتِهِ، وَسادَ الْعُظَماءَ بِجُودِهِ. وَهُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيا خَلْقَهُ،
وَبَعَثَ إِلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ رُسُلَهُ... [الخطبة :١٨٣، ربيع الابرار: ٥٣:١ للزمخشري، النهاية: ٢٩٩:٥، لابن
الاثير، تفسير البرهان: ٩:١ للسيد البحراني.] وَواتَرَ [واتر اليهم أنبياءه: أرسلهم وبين كل نبيّ ومن بعده فترة، وقوله
'ليستادوهم': ليطلبوا الأداء .] إلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثاقَ فِطْرَتِهِ،
وَيُذَكِّروُهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّواْ عَلَيْهِمْ
بِالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفائِنَ الْعُقُولِ وَيُرُوهُمْ آياتِ
الْمُقْدِرَةِ: مِن سَقْفٍ فَوْقَهُم مَرْفُوعٍ، وَمِهادٍ تَحْتَهُم مَوْضُوعٍ،
وَمَعايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجالٍ تُفْنِيهمْ، وَأَوْصابٍ [الأوصاب: المتاعب.] تُهْرِمُهُمْ، وَأَحْداثٍ تَتابَعُ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يُخْلِ
اللَّه سُبْحانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِىٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ كِتابٍ مُنْزَلٍ، اَوْ
حُجَّةٍ لازِمَةٍ، اَوْ مَحَجَّةٍ [المحجّة: الطريق القويم الواضح.] قائِمَهٍ... [الخطبة: '١'، الكافي: ١٤٠:١ للشيخ الكليني "المتوفى ٣٢٨
هـ"، الارشاد: ص ١٠٨ للشيخ المفيد "المتوفى ٤١٣ هـ".] فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ
مُسْتَودَعٍ، وَأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ، تَناسَخَتْهُمْ [تناسختهم: تناقلتهم.] كرائِمُ الْأَصْلابِ إلى مُطَهَّراتِ الْأَرْحامِ، كُلَّما مَضى
مِنْهُمْ سَلَفٌ قامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللَّهِ خَلَفٌ... [الخطبة: '٩٤' الكافي: ١٣٤:١- التوحيد: ص ٢٨ للشيخ الصدوق
"المتوفى ٣٨١ هـ".] رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ
عَدَدِهِمْ، وَلا كَثْرَةُ الْمُكَذِّبِينَ لَهُمْ: مِنْ سابِقٍ سُمِّىَ لَهُ
مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ: عَلى ذلِكَ نَسَلَتِ [نَسَلت: بالبناء للفاعل: مضت متتابعة.] الْقُروُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الْاباءُ، وَخَلَفَتِ
الْأَبْناءُ. الخطبة: '١'. |
|
الرّسالة
المحمدية
|
|
إلى أَنْ بَعثَ
اللَّه سُبْحانَهُ مُحَمَّدَاً رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَالِهِ
لِإنْجازِ عِدَتِهِ، [الضمير في 'عِدَته' للَّه تعالى، والمراد وعد اللَّه بارسال محمد
صلى الله عليه و آله و سلم على لسان انبيائه السّابقين] وَتَمامِ نُبُوَّتِهِ، مَأخُوذاً عَلَى النَّبيَّينَ مِيثاقُهُ،
مَشْهُورَةً سِماتُهُ، [سماته: علاماته التي ذُكرت في كتب الأنبياء السّابقين الذين بشّروا
به.] كَرِيماً مِيلادُهُ... [الخطبة: '١' الكافي: ١٤٠:١- مطالب السؤل لمحمد بن طلحة الشافعي.] خَيْرَالْبَرِيَّةِ طِفْلاً، وَأَنْجَبَها كَهْلاً، أَطْهَرَ
الْمُطَهَّرِينَ شِيمَةً، [الشيمة: الخُلُق.] وَأَجْوَدَ الْمُسْتَمْطَرِينَ دِيمَةً... [الدّيمة- بكسر الدال-: المطر، يدوم في سكون، والمستمطر- بفتح الطاء-
من يُطلَب منه المطر.] ، [الخطبة: ١٠٥، الارشاد ص ١٦٠ تفسير علي بن ابراهيم: ٣٨٤:١.] كُلَّما نَسَخَ اللُّهُ الْخَلْقَ [نسخ الخلق: نقلهم بالتناسل عن أصولهم،
فجعلهم بعد الوحدة في الاصول، فرقا.] فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِما، لَمْ يُسْهِمْ فِيهِ
عاهِرٌ، [العاهر: الزّاني ومن يأتي غير حلّه كالفاجر.] وَلاضَرَبَ [ضرب في الشي ء: صار له نصيب منه.] فِيهِ فاجِرٌ... [الخطبة: ٢١٤، غرر الحكم آمدي- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد:
١١:٩.]فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَفْضَلِ
الْمَعادِنِ مَنْبِتاً، [منبت، كمجلس: موضع النبات منبت فيه.] وَأَعَزِّ الْأُروُماتِ [الأرومات: جمع أرومة: الأصل.] مَغْرِساً، [المغرس: موضع الغرس.] مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي صَدَعَ [صدع: شقّ.] مِنْها أَنبِياءَهُ، وَانتَجَبَ [انتجب: اختار واصطفى.] مِنها أُمَناءَهُ... [الخطبة: ٩٤.] عِتْرَتُهُ خَيْرُ الْعِتَرِ، [عترته: آل بيته، وعترة الرّجل: نسله
ورهطُهُ الأدنون.] وَاُسْرَتُهُ خَيْرُ الْأُسَرِ، وَشَجَرَتُهُ خَيْرُ الشَّجَرِ،
نَبَتَتْ فِي حَرَمٍ، وَبَسَقَتْ [بَسَقَتْ: ارتفعت.] فِي كَرَمٍ، لَها فُروُعٌ طِوالٌ، وَثَمَرَةٌ لا تُنالُ.. [الخطبة: ٩٤.] أَغْصانُها مُعْتَدِلَةٌ، وَثِمارُها مُتَهَدِّلَةٌ، [متهدّلة: متدليّة: دانية للإقتطاف.] مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهِجْرَتُهُ بِطَيْبَةَ، [طَيبْة: المدينة المنورة.] عَلابِها ذِكْرُهُ، وَامْتَدَّ مِنْها صَوْتُهُ، أَرْسَلَهُ
بِحُجَّةِ كافِيَةٍ، وَمَوْعِظَةٍ شافِيَةٍ، وَدَعْوَةٍ مُتَلافِيَةٍ [متلافية: من تلافاه: تداركه بالاصلاح قبل أن يهلكه الفساد، فدعوة
النبي تلافت امور الناس قبل هلاكهم.] ، أَظْهَرَ بِهِ الشَّرائِعَ الْمَجْهُولَةَ، وَقَمَعَ بِهِ
الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ، وَبَيَّنَ بِهِ الْأَحْكامَ الْمَفْصُولَةَ [المفصولة: التي فصلها اللَّه أي قضى بها على عباده.] ، [الخطبة: ١٦١، بحارالانوار: ٢٢٢:١٨.] . |
|
رسالة
الاسلام في ظلمة الجاهلية
|
|
أَرْسَلَهُ بِالدَّينِ الْمَشْهُورِ،
وَالْعِلْمِ المَأثُورِ، وَالْكِتابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السّاطِعِ،
وَالضِّياءِ اللاّمِعِ، وَالْأَمْرِ الصّادِعِ. إزاحَةً لِلشُّبُهاتِ، وَاحْتِجاجاً
بِالبَيِّناتِ، وَتَحْذِيراً بِالْآياتِ، وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلاتِ، [المثلات: بفتح فضم: العقوبات، جمع مثلة- بضم الثاء وسكونها بعد
الميم-.] وَالنّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَذَمَ [انقطع.] فِيها حَبْلُ الدّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوارِي [السواري: جمع سارية، وهي العمود والدعامة.] الْيَقينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ، [النجر: بفتح النون وسكون الجيم: الأصل.] وَتَشَتَّتَ الْأَمْرُ، وَضاقَ الْمَخْرَجُ، وَعَمِيَ الْمَصْدَرُ.
فَالْهُدى خامِلٌ، وَالْعَمى شامِلٌ، عُصِيَ الرَّحْمنُ، وَنُصِرَ الشَّيْطانُ،
وَخُذِلَ الْإيمانُ، فَانْهارَتْ دَعائِمُهُ، وَتَنَكَّرَتْ مَعالِمُهُ،
وَدَرَسَتْ[دَرَسَت: كانْدَرَسَتْ: انطَمَسَتْ.] سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ [الشِّرك: جمع شراك ككتاب، وهي الطريق.] ، أَطاعُواْ الشَّيْطانَ فسَلَكُوا مَسالِكَهُ، وَوَرَدُوا
مَناهِلَهُ [المناهِلُ: جمع مَنْهل،وهو مورد النهر.] ، بِهِمْ سارَتْ أَعْلامُهُ، وَقامَ لِواؤُهُ، فِىِ فِتَنٍ
داسَتْهُمْ بِأَخْفافِها، [الأخفاف: جمع خُفّ، وهو للبعير كالقدم للإنسان.] وَوَطِئَتْهُمْ بِأَضْلافِها، [الأظلاف: جمع ظِلْف- بالكسر- للبقر
والشاة وشبههما كالخف للبعير والقدم للإنسان.] وَقامَتْ عَلى سَنابِكِها. [السنابك: جمع سُنْبُك كقُنْفُذْ: وهو
طرف الحافر . ] فَهُمْ فِيها تائِهُونَ حائِرونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ، فِي
خَيْرِ دارٍ وَشَرِّ جِيرانٍ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ،
بِأَرْضٍ عالِمُها مُلْجَمٌ، وَجاهِلُها مُكْرَمٌ... [الخطبة: '٢' المسترشد: ص ٧٣ للطبري. عيون الاخبار: ٣٢٦:١، لابن
قتيبة. العقد الفريد: ١١٢:٣ لابن عبد ربه "المتوفى ٣٢٨"، مطالب السؤل:
لمحمد بن طلحة الشافعي.] . |
|
ظلمات
قبل الظهور
|
أَرْسَلَهُ عَلى حِينِ فَتْرَةٍ [الفَترة: مابين زماني الرّسالة.] مِنَ الرُّسُلِ، وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَاعْتِزامٍ ['اعتزام'
من قولهم 'اعتزم الفرس' إذا مرّ جامحاً.] مِنَ الْفِتَنِ، وَانتِشارٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَتَلَظٍّ ['تَلَظّ':
أي تَلَهُّب.] مِنَ الْحُرُوبِ، وَالدُّنْيا كاسِفَةُ النُّورِ، ظاهِرَةُ
الْغُرُورِ، عَلى حِينِ اصْفِرارٍ مِنْ وَرَقِها وَإياسٍ مِنْ ثَمَرِها،
واغْوِرارٍ [اغورار الماء: ذهابه.] مِنْ مائِها، قَد دَرَسَتْ أعْلامُ الْهُدى، وَظَهَرَتْ أعْلامُ
الرَّدى، فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ ['متجهّمة'
من 'تجهّمه' اي: استقبله بوجه كريه.] لاَهْلِها، عابِسَةٌ فِي وَجْهِ طالِبِها. ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ ['ثمرها
الفتنة' اي: ليست لها نتيجة سوى الفتن.] وَطَعامَهَا الجِيفَةُ، [الجيفة: اشارة إلى أكل العرب للميتة من
شدة الاضطرار.] وَشِعارُهَا [الشعار من الثياب: ما يلي البدن.] الْخَوْفُ، وَدِثارُهَا [الدثار: فوق الشعار.]
السَّيْفُ... [الخطبة: '٨٩' الكافي: ١٥:١ و ٦٠- الطراز: ٣٤٢:١ للسيد العلوي
اليماني.] بَعَثَهُ وَالنّاسُ ضُلاَّلٌ فِي
حَيْرَةٍ، وَحاطِبُونَ [حاطبون: جمع حاطب، وهو الذي يجمع الحطب، يقال لمن يجمع الصواب
والخطأ: حاطب ليل.] فِي فِتْنَةٍ، قَدِاسْتَهْوَتْهُمُ الْأَهْواءُ، وَاسْتَزَلَّتْهُمُ [استزلتهم: أدّت الى الزّلل والسقوط في المضارّ.] الْكِبْرِياءُ، وَاسْتَخَفَّتْهُمُ [استخفتّهم: طيَّشَتْهُمْ: من لا يقصد
وجهاً واحداً لخفّة عقله.] الْجاهِلِيَّةُ الْجَهْلاءُ، [الجَهلاء: وصف مبالغة للجهل.] حَيارى فِي زِلْزالٍ مِنَ الْأَمْرِ، وَبَلاءٍ مِنَ الْأَمْرِ،
وَبَلاءٍ مِنَ الْجَهْلِ. |
|
فجر
الإسلام
|
|
فَبالَغَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَالِهِ فِي النَّصِيحَةِ، وَمَضى عَلَى الطَّرِيقَةِ، وَدَعا إلَى الْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. [الخطبة: '٩٥' بحار الانوار: ٢١٩:١٨.] ...حَتّى أَراهُمْ مَنجاتَهُمْ،
وَبَوَّأَهُمْ مَحَلَّتَهُمْ، فَاسْتَدارَتْ رَحاهُمْ، [استدارت رَحاهم: كناية عن وفرة أرزاقهم، فانّ الرحى انما تدور على
ما تطحنه من الحَبّ، والرحى: رحى الحرب يطحنون ها.] وَاسْتَقامَتْ قَناتُهُمْ... [القناة: الرمح، واستقامتها كناية عن
صحة الاحوال وصلاحها.] ، [الخطبة: '١٠٤' الارشاد: ١٥٤- الخصائص للشيخ المفيد.] . ... أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ
الْحُحَجِ،وَظُهُورِالْفَلَجِ، [الفَلَج: الظّفر، وظهوره: علوّ كلمة الدّين.] وَإيضاحِ الْمَنْهَجِ، فَبَلَّغَ الرِّسالَةَ صادِعاً [صادعاً: جاهراً.] بِها،حَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ دالاً عَلَيْها،وَأَقامَ أَعْلامَ
الإِهْتِداءِ،وَمَنارَ الضِّياءِ،وَجَعَلَ أَمْراسَ [الأمراس: جمع مَرَس بالتحريك وهو جمع مَرَسة- بالتحريك- وهو الحبل.] الإسْلامِ مَتِينَةً، وَعُرَى الإيْمانِ وَثِيقَةً . [الخطبة: '١٨٥' الاحتجاج للطبرسي: ٣٠٥:١.] إِبْتَعَتَهُ بِالنُّورِ الْمُضِي ءِ،
وَالْبُرْهانِ الْجَلِيِّ، وَالْمِنْهاج الْبادِي، [المنهاج البادي: اي الظاهر.] وَالْكِتابِ الْهادِي... [الخطبة: '١٦١' بحارالانوار: ٢٢٢:١٨.] . |