- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
المعاد "يوم القيامة"
|
|
المعاد
|
|
يتكلم عليٌ أميرالمؤمنين عليه السلام
عن المعاد وكأن يراه، لانه هو القائل لو كُشف لي الغطاء مازدادتُ يقيناً. فهو يصف لنا نار جهنم كأنه يراها:
وأتقوا ناراً حَرُّهَا شديدٌ وقعرها بعيدٌ، وحليتها حديدٌ، وشرابُهَا صديد. [خطبة: ١١٦.] ويصف لنا النفخ في الصور: وينفخُ في الصُور، فتزهقُ كُلُّ مهجة
وتبكُمْ كُلّ لهجة، وتذلُّ الشُمُ الشوامخ والصَمُّ الروامِخُ فيصيرُ صلدُها
شراباً رقُرَقاً ومعقدُها قاعاً، فلا شفيعٌ شِفَعُ، ولا حيمٌ ييَدْمَعُ، ولا
مَعذِرةُ تَدْمَع [خطبة: ١٩٠. . فوراء هذا الوصف احساسٌ عميق نشعر
وكأنّ الامام يسمع صوت النفخة فيصفه لنا وصف السامع الناظر إليه. وهدفه في هذا
الوصف هو دفع البشرية نحو الصلاح والهداية، لعله ترتعد إلى كلماته النفوس فتطهر. فغاية أميرالمؤمنين في ذكر القيامة هو
تهذيب النفوس يقول في هذا المجال: وأعلّمُوا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبرٌ
على النار، فأرحموا نفوسَكُم، فإنَّكُمْ قد جربتُمُوها في مصائب الدُّنيا،
فَرَأيتُم جَزَعَ أحدكم من الشوكة تصيبه والعثرة تُدميه، والرمضاء تحرقه، فكيف
إذا كان بين طابقين في نار ضجيع حَجَرٍ، وقرينَ شيطانٍ، أعلِمتُم أن مالِكاً إذا
غضب على النار حَطَمَ بعضُهَا بَعْضاً لِغضبه، وإذا زَجَرَها توثَّبَتْ بين
أبوابِها جَزَعاً في زجرته [خطبة: ١٧٨.] . وهكذا يأخذنا أميرالمؤمنين أي عالم
سيستقبلنا في يوم من الايام يقرب إلينا حوادثه ويصور لنا ما يجري فيه. انه يريد
منّا أن نتغلّب على أهواءنا وان لا تكون الدنيا كل همنا. |
|
الموت، سنّة كونية
|
|
الْحَمْدُ للّهِ الَّذِي جَعَلَ
الْحَمْدَ مِفْتاحاً لِذِكْرِهِ، وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ،
وَدَلِيلاً عَلى آلائِهِ وَعَظَمَتِهِ. عِبادَ اللّهِ، إِنَّ الدَّهْرَ
يَجْرِي بِالْباقِينَ كَجَرْيِهِ بِالْماضِينَ، لايَعُودُ ما قَدْ وَلّى مِنْهُ،
وَلا يَبْقى سَرْمَداً ما فِيهِ، آخِرُ فَعالِهِ كَأَوَّلِهِ، مُتَسابِقَةٌ [متشابهة اموره: لأنّه- كما كان من قبل- يرفع ويضع، ويغني ويفقر،
ويعز ويذلّ- فكذلك هو الآن أفعاله متشابهة، وروي |متسابقة| اي كأن كلّ منها يطلب
النزول قبل الآخر، وكانّها خيل تتسابق في مضمار.] أُمُورُهُ، مُتَظاهِرَةٌ أَعْلامُهُ [متظاهرة أعلامه: اي دلالته على سجيّته التي عامل الناس بها قديماً
وحديثاً.] . فَكَأَنَّكُمْ بِالسّاعَةِ [السّاعة: القيامة، وحَدْوُها: سوقها وحثّها لأهل الدنيا على المسير
للوصول اليها.] تَحْدُوكُمْ حَدْوَالزّاجِرِ [زاجر الإبل: سائقها.] بِشَوْلِه [الشَوْل- بالفتح-: جمع شائلة، وهي من النوق ما مضى عليها من وضعها
سبعة اشهر فخفّ لبنها وارتفع ضرعها.] ، فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ
نَفْسِهِ تَحَيَّرَ في الظُّلُماتِ، وَارْتَبَكَ في الْهَلكاتِ، وَمَدَّتْ بِهِ
شَياطِينُهُ في طُغْيانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّي ءَ أَعْمالِهِ،
فَالْجَنَّةُ غايَةُ السّابِقِينَ، وَالنّارُ غايَةُ الْمُفَرِّطِينَ [الخطبة: '١٥٧' الكافي: ٦٠:١.] . اعْلَمُوا عِبادَ اللّهِ، أَنَّ
التَّقْوى دارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ، وَالْفُجُورَ دارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ، لايَمْنَعُ
أَهْلَهُ، وَلايُحْرِزُ [لا يُحْرِز: لا يحفظ.] مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ. أَلا
وَبِالتَّقْوى تُقْطَعُ حُمَةُ [الحُمَة- بضم ففتح-: في الأصل إبرة الزّنبور والعقرب ونحوها تلسع
بها، والمراد هنا سطوة الخطايا على النفس.] الْخَطايا، وَبِالْيَقِينِ تُدْرَكُ
الْغايَةُ الْقُصْوى. |
|
الموت يأتي بغتة
|
|
عِبادَ اللّهِ، أَللّهَ اللّهَ في
أَعَزِّ الْأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ، وَأَحَبَّها إِلَيْكُمْ، فَإِنَّ اللّهَ قَدْ
أَوْضَحَ سَبِيلَ الْحَقِّ وَأَنارَ طُرُقَهُ، فَشِقْوَةٌ لازِمَةٌ،
أَوْسَعادَةٌ دائِمَةٌ، فَتَزَوَّدُوا في أَيّامِ [أيّام الفناء: يريد أيّام الدنيا.] .الْفَناءِ لِأَيّامِ الْبَقاءِ، قَدْ
دُلِلْتُمْ عَلَى الزّادِ، وَأُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ [المراد 'بالظّعن' المأمور به هاهنا السّير الى السّعادة بالأعمال
الصّالحة، وهذا ما حثّنا اللَّه عليه.]، وَحُثِثْتُمْ عَلَى
الْمَسِيرِ، فَإِنَّما أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لاَتَدْرُونَ مَتى تُؤْمَرُونَ
بِالسَّيْرِ. أَلافَما يَصْنَعُ بِالدُّنْيا مَنْ خُلِقَ لِلْآخِرَةِ؟ وَما
يَصْنَعُ بِالْمالِ مَنْ عَمّا قَلِيلٍ يُسْلَبُهُ، وَتَبْقى عَلَيْهِ
تَبِعَتُهُ [تَبِعَتُهُ: ما يتعلّق به من حق الغير فيه.] وَحِسابُهُ؟! [الخطبة: '١٥٧' الكافي: ٦٠:١.] |
|
استعدّوا للموت، حتى
تستعدّوا للحياة
|
|
فَاحْذَرُوا عِبادَ
اللّهِ الْمَوْتَ وَقُرْبَهُ، وَأَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، فَإِنَّهُ يَأْتِي
بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَخَطْبٍ جَلِيلٍ: بِخَيْرٍ لايَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَدًا،
أَوْ شَرٍّ لايَكُونُ مَعَهُ خَيْرٌ أَبَدًا. فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ
مِنْ عامِلِها، وَمَنْ أَقْرَبُ إِلَى النّارِ مِنْ عامِلِها؟ وَأَنْتُمْ طُرَداءُ
الْمَوْتِ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ فَرَرْتُم مِنْهُ
أَدْرَكَكُمْ، وَمهُوَ أَلْزَمُ لَكُم مِنْ ظِلِّكُمْ!! الْمَوْتُ مَعْقُودٌ
بِنَواصِيكُمْ، [النّاصي- جمع ناصية-: مُقَدَّمُ شعر الرّأس.] وَالدُّنْيا تُطْوى مِنْ خَلفِكُمْ[الكتاب: '٢٧'، المجالس: ص ١٣٧ للشيخ
المفيد- الامالي: ٢٤:١ للشيخ الطوسي- بشارة المصطفى: ص ٦٢، للطبري.]. فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبادَاللّهِ،
وَبادِرُوا اجالَكُمْ بِاَعْمالِكُمْ، ['بادروا آجالكم
باعمالكم' اي: سابقوها وعاجلوها بها.] وَابْتاعُوا [ابتاعوا: اشتروا ما يبقى من النّعيم الأبدي، بما يفنى من لذّة
الحياة الدّنيا وشهواتها المنقضية.] ما يَبْقى لَكُمْ بِما يَزُولُ
عَنكُمْ، وَتَرَحَّلُوا [الترحل: الانتقال،والمراد هنا لازمه وهو: إعداد الزّاد الذي لابدّ
منه للرّاحل.] فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ ، [جُدَّبكم: أي حثثتم وأزعجتم إلى
الرّحيل.] وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ، [أظلّكم: قرب منكم من كأنّ له ظلاً قد ألقاه عليكم.] وَكُونوا قَوماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا، وَعَلِمُوا أَنَّ
الدُّنْيا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدارٍ فَااسْتَبْدَلوُا،فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ
لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى. [سدىً: مهملين.] وَمابَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النّارِ إلاَّ
الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ وَإنَّ غايَةً تَنقُصُهَا اللَّحْظَةُ
وَتَهْدِمُهَا السّاعَةُ لَجَدِيرَةٌ بِقَصْرِ الْمُدَّةِ وَإنَّ غائباً
يَحُدُوهُ [يحدوه: يسوقه، والجديدان: الليل والنهار.] .الجَدِيدانِ، اللَّيْلُ وَالنَّهارُ
لَحَرِىٌّ [حريّ: جدير.] بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ [الأوبة:الرّجعة.] ، وِإِنَّ قادِماً يَقْدَمُ بِالْفَوزِ أَوِ الشَّقْوَةِ
لَمُسْتَحِقٌّ لِأَفْضَلِ لْعُدَّةِ [الخطبة: '٦٤'، تذكرة الخواص: ص ١٤٥.] . اعْلَمُوا عِبادَ اللّهِ، إِنَّ
عَلَيْكُمْ رَصَداً [الرَّصَد: الرقيب، ويريد به هنا رقيب الذمة وواعظ السرّ.] مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَعُيُونً مِنْ جَوارِ حِكُمْ، وَحُفّاظَ
صِدْقٍ يَحْفَظُونَ أَعْمالَكُمْ، وَعَدَدَ أَنْفاسِكُمْ، لاتَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ
ظُلْمَةُ لَيْلٍ داجٍ، وَلايُكُنُّكُمْ مِنْهُمْ بابٌ ذُورِ تاجٍ، [الرّتاج- ككتاب-: الباب العظيم اذا كان محكم الغَلْق.] وَإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ. يَذْهَبُ الْيَوْمُ بِما
فِيهِ، وَيَجِي ءُ الْغَدُ لاحِقاً بِهِ، فَكَأَنَّ كُلَّ امْرِيءٍ مِنْكُمْ
قَدْ بَلَغَ مِنَ الْأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ، ['منزل
وحدته': هو القبر.] وَمَخَطَّ حُفْرَتِهِ، فَيالَهُ مِنْ بَيْتِ وَحْدَةٍ، وَمَنْزِلِ
وَحْشَةٍ، وَمَفْرَدِ غُرْبَةٍ! وَكَاَنَّ الصَّيْحَةَ [المراد 'بالصيحة' هنا الصيحة الثانية.] قَدْ أَتَتْكُمْ، وَالسّاعَةَ قَدْ
غَشِيَتْكُم، وَبَرَزْتُمْ لِفَصْلِ الْقَضاءِ [الخطبة: '١٥٧' الكافي: ٦٠:١.] . فِي يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ
الْأَبْصارُ، وَتُظْلِمُ لَهُ الْأَقْطارُ، وَتُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ [الصّروم- جمع صِرمة بالكسر- وهي قطعة من الابل فوق العشرة الى تسعة
عشر او فوق العشرين الى الثلاثين او الأربعين أو الخمسين.] الْعِشارِ، [العِشار- جمع عُشراء بضم ففتح كنُفَساء- وهي الناقة، مضى لحملها
عشرة أشهر، وتعطيل جماعات الإبل: اهمالها من الرعي. والمراد انّ يوم القيامة
تهمل فيه نفائس الأموال لاشتغال كل شخص بنجاة نفسه.] وَيُنفَخُ فِي الصّوُرِ، فَتزْهِقُ
كُلُّ مُهْجَةٍ، وَتَبْكَمُ كُلُّ لَهْجَةٍ، وَتَذِلُّ الشُّمُّ [الشُّم:- جمع أشم- أي رفيع، والمراد الجبال العالية.] الشَّوامِخُ، [الشّامخ: المتسامي في الارتفاع، وذلّها: تدكدكها.] وَالصُّمُ [الصُّم:- جمع أصمّ- وهو الصُّلب المُصْمَت، أي الّذي لا تجويف فيه.] الرَّواسِخُ [الرّاسخ: الثابت.] . فَيَصِيرُ صَلْدُها [الصَّلد: الصُّلب الأملس.] سَراباً [السّراب: ما يخيله ضوء الشّمس كالماء خصوصاً في الأراضي السَّنِجَة
وليس بما.] رَقْرَقاً، [الرَّقْرَقْ:- كجعفر- المضطرب.] وَمَعْهَدُها [معهدها: المحلّ الّذي كان يعهد وجودها فيه.] قاعاً [القاع: ما اطمأنّ من الأرض.] سَمْلَقاً، [السَّمْلَق:- كجَعْفَر-، الصَفْصَفْ المستوى: أي تُنْسَفْ تلك
الجبال ويصير مكانها قاعا صفصفاً: أي مستوياً.] فَلا شَفِيعٌ يَشْفَعُ، وَلاحَمِيمٌ
يَدْفَعُ، وَلا مَعْذِرَةٌ تَنْفَعُ. [الخطبة: '١٩٥'، بحارالأنوار: ٣١٤:٧.] ? |
|
حساب يوم القيامة
ينتظركم
|
|
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِهذَا
الْجِلْدِ الرَّقِيقِ صَبْرٌ عَلَى النّارِ، فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ
فَإِنَّكُمْ قَدْجَرَّ بتُمُوها في مَصائِبِ الدُّنْيا. أَفَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُم مِنَ
الشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ، وَالْعَثْرَةِ تُدْمِيهِ، وَالرَّمْضاءِ تُحْرِقُهُ؟
فَكَيْفَ إِذا كانَ بَيْنَ طابَقَيْنِ مِنْ نارٍ ضَجِيعَ حَجَرٍ وَقَرِينَ
شَيْطانٍ؟! أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مالِكاً [مالك: هو الموكّل بالجحيم.] إِذا غَضِبَ عَلَى النّارِ حَطَمَ بَعْضُها بَعْضاً لِغَضَبِهِ،
وَإِذا زَجَرَها تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوابِها جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ؟!... فَاللّهَ اللّهَ، مَعْشَرَ الْعِبادِ،
وَانْتُمْ سالِمُونَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ، وَفِي الْفُسْحَةِ قَبْلَ
الضِّيْق، فَاسْعَوْا فِي فَكاكِ رِقابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ
رَهائِنُها [غَلِقَ الرّهن- كفرح -: استحقّه صاحب الحقّ، وذلك إذا لم يكن فكاكه
في الوقت المشروط.] . أَسْهِرُوا عُيُونَكُمْ، وَأَضْمِرُوا
بُطوُنَكُمْ، وَاسْتَعْمِلُوا أَقْدامَكُمْ، وَأَنْفِقُوا أَمْوالَكُمْ،
وَخُذُوا مِنْ أَجْسادِكُمْ تَجُودُوا بِها عَلى أَنْفُسِكُمْ وَلا تَبْخَلُوا
بِها عَنْها، فَقَدْ قالَ اللّهُ سُبْحانَهُ: 'إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ
يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ'، [سورة محمد صلى الله عليه و آله: ٧.] وَقالَ تَعالى: 'مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً
فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ' [سورة الحديد: ١١.] . فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُم مِنْ ذُلٍّ، وَلَمْ يَسْتَقْرِضْكُم مِنْ
قُلٍّ، اسْتَنصَرَكُمْ وَلَهُ جُنُودُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ . [سورة الفتح: ٤.] وَاسْتَقْرَضَكُمْ وَلَهُ خَزائِنُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ
الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ. [سورة المنافقين: ٧.] وَإِنَّما أَرادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ [٨٠] أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً. فَبادِرُوا بِأَعْمالِكُمْ تَكُونُوا
مَعَ جِيرانِ اللّهِ فِي دارِهِ، رافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ، وَأَزارَهُم
مَلائِكَتَهُ، وَأكْرَمَ أَسْماعَهُمْ أَنْ تَسْمَعَ حَسِيسَ [الحَسيس: الصوت الخفيّ.] نارٍ أَبَداً، وَصانَ أَجْسادَهُمْ
أَنْ تَلْقى لُغُوباً [لَغِبَ: كسمع ومنع وكرم- لَغَباً ولغوباً: أعيي أشدّ الإعياء،
والنَصَب: التّعب أيضاً.] وَنَصَباً 'ذ لِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللّهُ
ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ'. [سورة الحديد: ٢١.] أَقُولُ ماتَسْمَعُونَ، وَاللّهُ
الْمُسْتَعانُ عَلى نَفْسِي وَأَنْفُسِكُمْ، وَهُوَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الْوَكيلُ [الخطبة: '١٨٣' ربيع الابرار للزمخشري: ٥٣:١- النهاية: ٢٩٩:٥، لابن
الأثير- تفسير البرهان: ٩:١ للسيد البحراني.] . |
|
المعاد "يوم القيامة"
|
|
المعاد
|
|
يتكلم عليٌ أميرالمؤمنين عليه السلام
عن المعاد وكأن يراه، لانه هو القائل لو كُشف لي الغطاء مازدادتُ يقيناً. فهو يصف لنا نار جهنم كأنه يراها:
وأتقوا ناراً حَرُّهَا شديدٌ وقعرها بعيدٌ، وحليتها حديدٌ، وشرابُهَا صديد. [خطبة: ١١٦.] ويصف لنا النفخ في الصور: وينفخُ في الصُور، فتزهقُ كُلُّ مهجة
وتبكُمْ كُلّ لهجة، وتذلُّ الشُمُ الشوامخ والصَمُّ الروامِخُ فيصيرُ صلدُها
شراباً رقُرَقاً ومعقدُها قاعاً، فلا شفيعٌ شِفَعُ، ولا حيمٌ ييَدْمَعُ، ولا
مَعذِرةُ تَدْمَع [خطبة: ١٩٠. . فوراء هذا الوصف احساسٌ عميق نشعر
وكأنّ الامام يسمع صوت النفخة فيصفه لنا وصف السامع الناظر إليه. وهدفه في هذا
الوصف هو دفع البشرية نحو الصلاح والهداية، لعله ترتعد إلى كلماته النفوس فتطهر. فغاية أميرالمؤمنين في ذكر القيامة هو
تهذيب النفوس يقول في هذا المجال: وأعلّمُوا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبرٌ
على النار، فأرحموا نفوسَكُم، فإنَّكُمْ قد جربتُمُوها في مصائب الدُّنيا،
فَرَأيتُم جَزَعَ أحدكم من الشوكة تصيبه والعثرة تُدميه، والرمضاء تحرقه، فكيف
إذا كان بين طابقين في نار ضجيع حَجَرٍ، وقرينَ شيطانٍ، أعلِمتُم أن مالِكاً إذا
غضب على النار حَطَمَ بعضُهَا بَعْضاً لِغضبه، وإذا زَجَرَها توثَّبَتْ بين
أبوابِها جَزَعاً في زجرته [خطبة: ١٧٨.] . وهكذا يأخذنا أميرالمؤمنين أي عالم
سيستقبلنا في يوم من الايام يقرب إلينا حوادثه ويصور لنا ما يجري فيه. انه يريد
منّا أن نتغلّب على أهواءنا وان لا تكون الدنيا كل همنا. |
|
الموت، سنّة كونية
|
|
الْحَمْدُ للّهِ الَّذِي جَعَلَ
الْحَمْدَ مِفْتاحاً لِذِكْرِهِ، وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ،
وَدَلِيلاً عَلى آلائِهِ وَعَظَمَتِهِ. عِبادَ اللّهِ، إِنَّ الدَّهْرَ
يَجْرِي بِالْباقِينَ كَجَرْيِهِ بِالْماضِينَ، لايَعُودُ ما قَدْ وَلّى مِنْهُ،
وَلا يَبْقى سَرْمَداً ما فِيهِ، آخِرُ فَعالِهِ كَأَوَّلِهِ، مُتَسابِقَةٌ [متشابهة اموره: لأنّه- كما كان من قبل- يرفع ويضع، ويغني ويفقر،
ويعز ويذلّ- فكذلك هو الآن أفعاله متشابهة، وروي |متسابقة| اي كأن كلّ منها يطلب
النزول قبل الآخر، وكانّها خيل تتسابق في مضمار.] أُمُورُهُ، مُتَظاهِرَةٌ أَعْلامُهُ [متظاهرة أعلامه: اي دلالته على سجيّته التي عامل الناس بها قديماً
وحديثاً.] . فَكَأَنَّكُمْ بِالسّاعَةِ [السّاعة: القيامة، وحَدْوُها: سوقها وحثّها لأهل الدنيا على المسير
للوصول اليها.] تَحْدُوكُمْ حَدْوَالزّاجِرِ [زاجر الإبل: سائقها.] بِشَوْلِه [الشَوْل- بالفتح-: جمع شائلة، وهي من النوق ما مضى عليها من وضعها
سبعة اشهر فخفّ لبنها وارتفع ضرعها.] ، فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ
نَفْسِهِ تَحَيَّرَ في الظُّلُماتِ، وَارْتَبَكَ في الْهَلكاتِ، وَمَدَّتْ بِهِ
شَياطِينُهُ في طُغْيانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّي ءَ أَعْمالِهِ،
فَالْجَنَّةُ غايَةُ السّابِقِينَ، وَالنّارُ غايَةُ الْمُفَرِّطِينَ [الخطبة: '١٥٧' الكافي: ٦٠:١.] . اعْلَمُوا عِبادَ اللّهِ، أَنَّ
التَّقْوى دارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ، وَالْفُجُورَ دارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ، لايَمْنَعُ
أَهْلَهُ، وَلايُحْرِزُ [لا يُحْرِز: لا يحفظ.] مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ. أَلا
وَبِالتَّقْوى تُقْطَعُ حُمَةُ [الحُمَة- بضم ففتح-: في الأصل إبرة الزّنبور والعقرب ونحوها تلسع
بها، والمراد هنا سطوة الخطايا على النفس.] الْخَطايا، وَبِالْيَقِينِ تُدْرَكُ
الْغايَةُ الْقُصْوى. |
|
الموت يأتي بغتة
|
|
عِبادَ اللّهِ، أَللّهَ اللّهَ في
أَعَزِّ الْأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ، وَأَحَبَّها إِلَيْكُمْ، فَإِنَّ اللّهَ قَدْ
أَوْضَحَ سَبِيلَ الْحَقِّ وَأَنارَ طُرُقَهُ، فَشِقْوَةٌ لازِمَةٌ،
أَوْسَعادَةٌ دائِمَةٌ، فَتَزَوَّدُوا في أَيّامِ [أيّام الفناء: يريد أيّام الدنيا.] .الْفَناءِ لِأَيّامِ الْبَقاءِ، قَدْ
دُلِلْتُمْ عَلَى الزّادِ، وَأُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ [المراد 'بالظّعن' المأمور به هاهنا السّير الى السّعادة بالأعمال
الصّالحة، وهذا ما حثّنا اللَّه عليه.]، وَحُثِثْتُمْ عَلَى
الْمَسِيرِ، فَإِنَّما أَنْتُمْ كَرَكْبٍ وُقُوفٍ لاَتَدْرُونَ مَتى تُؤْمَرُونَ
بِالسَّيْرِ. أَلافَما يَصْنَعُ بِالدُّنْيا مَنْ خُلِقَ لِلْآخِرَةِ؟ وَما
يَصْنَعُ بِالْمالِ مَنْ عَمّا قَلِيلٍ يُسْلَبُهُ، وَتَبْقى عَلَيْهِ
تَبِعَتُهُ [تَبِعَتُهُ: ما يتعلّق به من حق الغير فيه.] وَحِسابُهُ؟! [الخطبة: '١٥٧' الكافي: ٦٠:١.] |
|
استعدّوا للموت، حتى
تستعدّوا للحياة
|
|
فَاحْذَرُوا عِبادَ
اللّهِ الْمَوْتَ وَقُرْبَهُ، وَأَعِدُّوا لَهُ عُدَّتَهُ، فَإِنَّهُ يَأْتِي
بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَخَطْبٍ جَلِيلٍ: بِخَيْرٍ لايَكُونُ مَعَهُ شَرٌّ أَبَدًا،
أَوْ شَرٍّ لايَكُونُ مَعَهُ خَيْرٌ أَبَدًا. فَمَنْ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ
مِنْ عامِلِها، وَمَنْ أَقْرَبُ إِلَى النّارِ مِنْ عامِلِها؟ وَأَنْتُمْ طُرَداءُ
الْمَوْتِ، إِنْ أَقَمْتُمْ لَهُ أَخَذَكُمْ، وَإِنْ فَرَرْتُم مِنْهُ
أَدْرَكَكُمْ، وَمهُوَ أَلْزَمُ لَكُم مِنْ ظِلِّكُمْ!! الْمَوْتُ مَعْقُودٌ
بِنَواصِيكُمْ، [النّاصي- جمع ناصية-: مُقَدَّمُ شعر الرّأس.] وَالدُّنْيا تُطْوى مِنْ خَلفِكُمْ[الكتاب: '٢٧'، المجالس: ص ١٣٧ للشيخ
المفيد- الامالي: ٢٤:١ للشيخ الطوسي- بشارة المصطفى: ص ٦٢، للطبري.]. فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبادَاللّهِ،
وَبادِرُوا اجالَكُمْ بِاَعْمالِكُمْ، ['بادروا آجالكم
باعمالكم' اي: سابقوها وعاجلوها بها.] وَابْتاعُوا [ابتاعوا: اشتروا ما يبقى من النّعيم الأبدي، بما يفنى من لذّة
الحياة الدّنيا وشهواتها المنقضية.] ما يَبْقى لَكُمْ بِما يَزُولُ
عَنكُمْ، وَتَرَحَّلُوا [الترحل: الانتقال،والمراد هنا لازمه وهو: إعداد الزّاد الذي لابدّ
منه للرّاحل.] فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ ، [جُدَّبكم: أي حثثتم وأزعجتم إلى
الرّحيل.] وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ، [أظلّكم: قرب منكم من كأنّ له ظلاً قد ألقاه عليكم.] وَكُونوا قَوماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا، وَعَلِمُوا أَنَّ
الدُّنْيا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدارٍ فَااسْتَبْدَلوُا،فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ
لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى. [سدىً: مهملين.] وَمابَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النّارِ إلاَّ
الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ وَإنَّ غايَةً تَنقُصُهَا اللَّحْظَةُ
وَتَهْدِمُهَا السّاعَةُ لَجَدِيرَةٌ بِقَصْرِ الْمُدَّةِ وَإنَّ غائباً
يَحُدُوهُ [يحدوه: يسوقه، والجديدان: الليل والنهار.] .الجَدِيدانِ، اللَّيْلُ وَالنَّهارُ
لَحَرِىٌّ [حريّ: جدير.] بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ [الأوبة:الرّجعة.] ، وِإِنَّ قادِماً يَقْدَمُ بِالْفَوزِ أَوِ الشَّقْوَةِ
لَمُسْتَحِقٌّ لِأَفْضَلِ لْعُدَّةِ [الخطبة: '٦٤'، تذكرة الخواص: ص ١٤٥.] . اعْلَمُوا عِبادَ اللّهِ، إِنَّ
عَلَيْكُمْ رَصَداً [الرَّصَد: الرقيب، ويريد به هنا رقيب الذمة وواعظ السرّ.] مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَعُيُونً مِنْ جَوارِ حِكُمْ، وَحُفّاظَ
صِدْقٍ يَحْفَظُونَ أَعْمالَكُمْ، وَعَدَدَ أَنْفاسِكُمْ، لاتَسْتُرُكُمْ مِنْهُمْ
ظُلْمَةُ لَيْلٍ داجٍ، وَلايُكُنُّكُمْ مِنْهُمْ بابٌ ذُورِ تاجٍ، [الرّتاج- ككتاب-: الباب العظيم اذا كان محكم الغَلْق.] وَإِنَّ غَداً مِنَ الْيَوْمِ قَرِيبٌ. يَذْهَبُ الْيَوْمُ بِما
فِيهِ، وَيَجِي ءُ الْغَدُ لاحِقاً بِهِ، فَكَأَنَّ كُلَّ امْرِيءٍ مِنْكُمْ
قَدْ بَلَغَ مِنَ الْأَرْضِ مَنْزِلَ وَحْدَتِهِ، ['منزل
وحدته': هو القبر.] وَمَخَطَّ حُفْرَتِهِ، فَيالَهُ مِنْ بَيْتِ وَحْدَةٍ، وَمَنْزِلِ
وَحْشَةٍ، وَمَفْرَدِ غُرْبَةٍ! وَكَاَنَّ الصَّيْحَةَ [المراد 'بالصيحة' هنا الصيحة الثانية.] قَدْ أَتَتْكُمْ، وَالسّاعَةَ قَدْ
غَشِيَتْكُم، وَبَرَزْتُمْ لِفَصْلِ الْقَضاءِ [الخطبة: '١٥٧' الكافي: ٦٠:١.] . فِي يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ
الْأَبْصارُ، وَتُظْلِمُ لَهُ الْأَقْطارُ، وَتُعَطَّلُ فِيهِ صُرُومُ [الصّروم- جمع صِرمة بالكسر- وهي قطعة من الابل فوق العشرة الى تسعة
عشر او فوق العشرين الى الثلاثين او الأربعين أو الخمسين.] الْعِشارِ، [العِشار- جمع عُشراء بضم ففتح كنُفَساء- وهي الناقة، مضى لحملها
عشرة أشهر، وتعطيل جماعات الإبل: اهمالها من الرعي. والمراد انّ يوم القيامة
تهمل فيه نفائس الأموال لاشتغال كل شخص بنجاة نفسه.] وَيُنفَخُ فِي الصّوُرِ، فَتزْهِقُ
كُلُّ مُهْجَةٍ، وَتَبْكَمُ كُلُّ لَهْجَةٍ، وَتَذِلُّ الشُّمُّ [الشُّم:- جمع أشم- أي رفيع، والمراد الجبال العالية.] الشَّوامِخُ، [الشّامخ: المتسامي في الارتفاع، وذلّها: تدكدكها.] وَالصُّمُ [الصُّم:- جمع أصمّ- وهو الصُّلب المُصْمَت، أي الّذي لا تجويف فيه.] الرَّواسِخُ [الرّاسخ: الثابت.] . فَيَصِيرُ صَلْدُها [الصَّلد: الصُّلب الأملس.] سَراباً [السّراب: ما يخيله ضوء الشّمس كالماء خصوصاً في الأراضي السَّنِجَة
وليس بما.] رَقْرَقاً، [الرَّقْرَقْ:- كجعفر- المضطرب.] وَمَعْهَدُها [معهدها: المحلّ الّذي كان يعهد وجودها فيه.] قاعاً [القاع: ما اطمأنّ من الأرض.] سَمْلَقاً، [السَّمْلَق:- كجَعْفَر-، الصَفْصَفْ المستوى: أي تُنْسَفْ تلك
الجبال ويصير مكانها قاعا صفصفاً: أي مستوياً.] فَلا شَفِيعٌ يَشْفَعُ، وَلاحَمِيمٌ
يَدْفَعُ، وَلا مَعْذِرَةٌ تَنْفَعُ. [الخطبة: '١٩٥'، بحارالأنوار: ٣١٤:٧.] ? |
|
حساب يوم القيامة
ينتظركم
|
|
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِهذَا
الْجِلْدِ الرَّقِيقِ صَبْرٌ عَلَى النّارِ، فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ
فَإِنَّكُمْ قَدْجَرَّ بتُمُوها في مَصائِبِ الدُّنْيا. أَفَرَأَيْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُم مِنَ
الشَّوْكَةِ تُصِيبُهُ، وَالْعَثْرَةِ تُدْمِيهِ، وَالرَّمْضاءِ تُحْرِقُهُ؟
فَكَيْفَ إِذا كانَ بَيْنَ طابَقَيْنِ مِنْ نارٍ ضَجِيعَ حَجَرٍ وَقَرِينَ
شَيْطانٍ؟! أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مالِكاً [مالك: هو الموكّل بالجحيم.] إِذا غَضِبَ عَلَى النّارِ حَطَمَ بَعْضُها بَعْضاً لِغَضَبِهِ،
وَإِذا زَجَرَها تَوَثَّبَتْ بَيْنَ أَبْوابِها جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ؟!... فَاللّهَ اللّهَ، مَعْشَرَ الْعِبادِ،
وَانْتُمْ سالِمُونَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ، وَفِي الْفُسْحَةِ قَبْلَ
الضِّيْق، فَاسْعَوْا فِي فَكاكِ رِقابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ
رَهائِنُها [غَلِقَ الرّهن- كفرح -: استحقّه صاحب الحقّ، وذلك إذا لم يكن فكاكه
في الوقت المشروط.] . أَسْهِرُوا عُيُونَكُمْ، وَأَضْمِرُوا
بُطوُنَكُمْ، وَاسْتَعْمِلُوا أَقْدامَكُمْ، وَأَنْفِقُوا أَمْوالَكُمْ،
وَخُذُوا مِنْ أَجْسادِكُمْ تَجُودُوا بِها عَلى أَنْفُسِكُمْ وَلا تَبْخَلُوا
بِها عَنْها، فَقَدْ قالَ اللّهُ سُبْحانَهُ: 'إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ
يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ'، [سورة محمد صلى الله عليه و آله: ٧.] وَقالَ تَعالى: 'مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً
فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ' [سورة الحديد: ١١.] . فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُم مِنْ ذُلٍّ، وَلَمْ يَسْتَقْرِضْكُم مِنْ
قُلٍّ، اسْتَنصَرَكُمْ وَلَهُ جُنُودُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ . [سورة الفتح: ٤.] وَاسْتَقْرَضَكُمْ وَلَهُ خَزائِنُ السَّمواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ
الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ. [سورة المنافقين: ٧.] وَإِنَّما أَرادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ [٨٠] أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً. فَبادِرُوا بِأَعْمالِكُمْ تَكُونُوا
مَعَ جِيرانِ اللّهِ فِي دارِهِ، رافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ، وَأَزارَهُم
مَلائِكَتَهُ، وَأكْرَمَ أَسْماعَهُمْ أَنْ تَسْمَعَ حَسِيسَ [الحَسيس: الصوت الخفيّ.] نارٍ أَبَداً، وَصانَ أَجْسادَهُمْ
أَنْ تَلْقى لُغُوباً [لَغِبَ: كسمع ومنع وكرم- لَغَباً ولغوباً: أعيي أشدّ الإعياء،
والنَصَب: التّعب أيضاً.] وَنَصَباً 'ذ لِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللّهُ
ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ'. [سورة الحديد: ٢١.] أَقُولُ ماتَسْمَعُونَ، وَاللّهُ
الْمُسْتَعانُ عَلى نَفْسِي وَأَنْفُسِكُمْ، وَهُوَ حَسْبُنا وَنِعْمَ الْوَكيلُ [الخطبة: '١٨٣' ربيع الابرار للزمخشري: ٥٣:١- النهاية: ٢٩٩:٥، لابن
الأثير- تفسير البرهان: ٩:١ للسيد البحراني.] . |