- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل السادس النبوة و الأنبياء
|
|
مدخل :
|
|
الامداد الغيبي : الفطري و الرسالي كما بيّن ذلك الامام علي ( ع ) في قوله في آخر الخطبة
الشقشقيّة : « أما و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة ، لو لا حضور الحاضر
، و قيام الحجّة بوجود النّاصر ، و ما أخذ اللّه على العلماء في أن لا يقارّوا
على كظّة ظالم و لا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها . . . » . |
|
( 45 ) الأنبياء
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : نسأل اللّه منازل الشّهداء ، و معايشة السّعداء ، و
مرافقة الأنبياء . ( الخطبة 23 ، 69 ) أين أصحاب مدائن
الرّسّ ، الّذين قتلوا النّبيّين ، و أطفؤوا سنن المرسلين ، و أحيوا سنن
الجبّارين . ( الخطبة 180 ، 327 ) أيّها النّاس ، إنّي قد بثثت لكم المواعظ ، الّتي وعظ
الأنبياء بها أممهم . ( الخطبة 180 ، 328 ) و اعلم يا بنيّ أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) إنّ أولى النّاس
بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ تلا : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ
لَلَّذِينَ اتَّبعُوهُ ، وَ هذا النَّبيّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا . ( 96 ح ، 581 ) |
|
( بعض الأنبياء ( ع ) و بيان
زهدهم و تواضعهم ) :
|
|
( 46 ) موسى و هارون ( ع )
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : لم يوجس موسى عليه السّلام خيفة على نفسه ، بل أشفق من
غلبة الجهّال و دول الضّلال . ( الخطبة 4 ، 47 ) الّذي كلّم موسى تكليما ، و أراه من آياته عظيما . بلا
جوارح و لا أدوات ، و لا نطق و لا لهوات . ( الخطبة 180
، 326 ) و
يتابع الإمام ( ع ) كلامه عن تواضع الأنبياء ( ع ) فيقول : و لقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون عليهما
السّلام على فرعون ، و عليهما مدارع الصّوف ، و بأيديهما العصيّ ، فشرطا له إن
أسلم ، بقاء ملكه و دوام عزّه . فقال « ألا
تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العزّ و بقاء الملك ، و هما بما ترون من حال
الفقر و الذّلّ ؟ فهلاّ ألقي عليهما أساورة من ذهب » إعظاما للذّهب و جمعه و
احتقارا للصّوف و لبسه . ( الخطبة 190 ، 2 ، 363 )
|
|
( 47 ) داود و سليمان ( ع )
|
|
و
قال ( ع ) عن زهد داود ( ع ) : و إن شئت
ثلّثت بداود عليه السّلام صاحب المزامير ( جمع مزمور و ليس جمع مزمار ) ، و قارى ء أهل الجنّة
. فلقد كان يعمل سفائف ( أي منسوجات ) الخوص
بيده ، و يقول لجلسائه : أيّكم يكفيني بيعها ؟ و يأكل قرص الشّعير من ثمنها . ( الخطبة 158 ، 282 ) فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع
الموت سبيلا ، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام
الّذي سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النّبوّة و عظيم الزّلفة . فلمّا استوفى
طعمته و استكمل مدّته رمته قسيّ الفناء بنبال الموت ، و أصبحت الدّيار منه خالية
، و المساكن معطّلة ، و ورثها قوم آخرون . و إنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة .
( الخطبة 180 ، 326 ) و
قال ( ع ) لنوف البكالي : يا نوف إنّ
داود عليه السّلام قام في مثل هذه السّاعة من
اللّيل فقال : إنّها ساعة لا يدعو فيها عبد إلاّ
استجيب له ، إلاّ أن يكون عشّارا ( هو المكّاس الذي
يأخذ أعشار المال ) ، أو عريفا أو شرطيا ، أو صاحب عرطبة ( و هي الطنبور ) أو صاحب كوبة ( و هي الطبل أو الدربكة ) . (
104 ح ، 583 ) |
|
( 48 ) عيسى المسيح ( ع )
|
|
قال
الإمام علي ( ع ) عن زهد عيسى ( ع ) : و قال ( ع ) لنوف البكالي : يا نوف ، طوبى للزّاهدين في الدّنيا ، الرّاغبين في
الآخرة . أولئك قوم اتّخذوا الأرض بساطا ، و ترابها فراشا ، و ماءها طيبا ، و
القرآن شعارا ، و الدّعاء دثارا ، ثمّ قرضوا الدّنيا قرضا على منهاج المسيح ( ع ) . ( 104 ح ، 583
) |
|
( 49 ) سبب ارسال الأنبياء و حال
الناس قبل بعثتهم
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : لم يوجس موسى عليه السّلام خيفة على نفسه ، بل أشفق من غلبة الجهّال
و دول الضّلال . ( الخطبة
4 ، 47 ) و ليقيم الحجّة به ( أي آدم )
على عباده ، و لم يخلهم بعد أن قبضه ، ممّا يؤكّد حجّة ربوبيّته ، و يصل بينهم و
بين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ، و متحمّلي ودائع
رسالاته ، قرنا فقرنا ، حتّى تمّت بنبيّنا محمّد صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم حجّته ، و بلغ المقطع (
أي النهاية ) عذره و نذره . الخطبة 89 ، 3 ، 174
) فاستودعهم في أفضل مستودع ، و أقرّهم في خير مستقرّ ،
تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام . كلّما مضى منهم سلف ، قام منهم
بدين اللّه خلف . حتّى أفضت كرامة اللّه سبحانه و تعالى إلى محمّد صلى اللّه عليه و آله .
. . أرسله على حين فترة من الرّسل و هفوة عن العمل ، و غباوة من الأمم . ( الخطبة 92 ، 185 ) و قال ( ع ) عن سبب مبعث الرسل ( ع ) : بعث اللّه رسله بما خصّهم به من وحيه ، و جعلهم حجّة له
على خلقه ، لئلاّ تجب الحجّة لهم بترك الإعذار إليهم . فدعاهم بلسان الصّدق إلى
سبيل الحقّ . ألا إنّ اللّه تعالى قد كشف الخلق كشفة ، لا أنّه جهل ما أخفوه من
مصون أسرارهم و مكنون ضمائرهم ، و لكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا . فيكون الثّواب
جزاء و العقاب بواء ( من باء فلان بفلان أي قتل به )
. ( الخطبة 142 ، 255 ) فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع الموت سبيلا
، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام الّذي
سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النّبوّة و عظيم الزّلفة . . ( الخطبة 180 ، 326 ) . فلو رخّص اللّه
في الكبر لأحد من عباده لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه و أوليائه . و لكنّه سبحانه
كرّه إليهم التّكابر ، و رضي لهم التّواضع . فألصقوا بالأرض خدودهم ، و عفّروا
في التّراب وجوههم . و خفضوا أجنحتهم للمؤمنين ، و كانوا قوما مستضعفين . و لم يرسل الأنبياء لعبا ، و لم ينزل الكتاب للعباد عبثا
. ( 78 ح ، 578 ) |
|
( 50 ) بعثة النبي ( ص ) و حال العرب
قبل بعثته الجاهلية
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : و قال ( ع ) عن بعثة النبي ( ص ) و أحوال الجاهلية قبله :
و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بالدّين المشهور ، و العلم المأثور ، و
الكتاب المسطور ، و النّور السّاطع ، و الضّياء اللاّمع ، و الأمر الصّادع .
إزاحة للشّبهات ، و احتجاجا بالبيّنات ، و تحذيرا بالآيات ، و تخويفا بالمثلات و
النّاس في فتن انجذم فيها حبل الدّين ، و تزعزعت سواري اليقين ، و اختلف النّجر ( أي الأصل ) ، و تشتّت الأمر ، و ضاق المخرج ، و عمي
المصدر . فالهدى خامل ، و العمى شامل . عصي الرّحمن ، و نصر الشّيطان . و خذل
الإيمان فانهارت دعائمه ، و تنكّرت معالمه ، و درست سبله ، و عفت شركه . أطاعوا
الشّيطان فسلكوا مسالكه ، و وردوا مناهله . بهم سارت أعلامه و قام لواؤه . في
فتن داستهم بأخفافها ، و وطئتهم بأظلافها ، و قامت على سنابكها . فهم فيها
تائهون حائرون ، جاهلون مفتونون . في خير دار و شرّ جيران . نومهم سهود ، و
كحلهم دموع . بأرض عالمها ملجم ، و جاهلها مكرم . (
الخطبة 2 ، 36 ) إنّ اللّه بعث
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نذيرا
للعالمين ، و أمينا على التّنزيل ، و أنتم معشر العرب على شرّ دين ، و في شرّ
دار ، منيخون بين حجارة خشن ، و حيّات صمّ . تشربون الكدر ، و تأكلون الجشب ، و
تسفكون دماءكم ، و تقطعون أرحامكم . الأصنام فيكم منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة
. ( الخطبة 26 ، 73 ) إنّ اللّه بعث
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و ليس أحد من
العرب يقرأ كتابا ، و لا يدّعي نبوّة ، فساق النّاس حتّى بوّأهم محلّتهم ، و
بلّغهم منجاتهم . فاستقامت قناتهم ، و اطمأنّت صفاتهم . ( الخطبة 33 ، 89 ) و أشهد أنّ
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله ،
أرسله لإنفاذ أمره ، و إنهاء عذره ، و تقديم نذره . (
الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) أرسله على حين
فترة من الرّسل ، و طول هجعة من الأمم ، و اعتزام من الفتن ، و انتشار من الأمور
، و تلظّ من الحروب . و الدّنيا كاسفة النّور ، ظاهره الغرور . على حين اصفرار
من ورقها ، و أياس من ثمرها ، و اغورار من مائها . قد درست منار الهدى ، و ظهرت
أعلام الرّدى ، فهي متجهّمة لأهلها ، عابسة في وجه طالبها . ثمرها الفتنة ، و
طعامها الجيفة ، و شعارها الخوف ، و دثارها السّيف . (
الخطبة 87 ، 157 ) أمّا بعد ، فإنّ
اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله
و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا ، و لا يدّعي نبوّة و لا وحيا . . . ( الخطبة 102 ، 198 ) حتّى بعث اللّه
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله شهيدا و بشيرا و
نذيرا . خير البريّة طفلا ، و أنجبها كهلا ، و أطهر المطهّرين شيمة ، و أجود
المستمطرين ديمة . ( الخطبة 103 ، 199 ) أرسله على حين فترة من الرّسل ، و تنازع من الألسن .
فقفّى به الرّسل ، و ختم به الوحي ، فجاهد في اللّه المدبرين عنه ، و العادلين
به . ( الخطبة 131 ،
245 ) فبعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالحقّ ليخرج عبادة من عبادة
الأوثان إلى عبادته ، و من طاعة الشّيطان إلى طاعته ، بقرآن قد بيّنه و أحكمه .
ليعلم العباد ربّهم إذ جهلوه ، و ليقرّوا به بعد إذ جحدوه ، و ليثبتوه بعد إذ
أنكروه . . . ( الخطبة
145 ، 258 ) و قال ( ع ) عن الجاهلية و أهلها : و طال الأمد بهم
ليستكملوا الخزي و يستوجبوا الغير . و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و نجيبه و صفوته . لا يؤازى فضله
و لا يجبر فقده . أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، و الجهالة الغالبة ، و
الجفوة الجافية . و النّاس يستحلّون الحريم و يستذلّون الحكيم . يحيون على فترة
، و يموتون على كفرة . ( الخطبة 149 ، 264 ) أرسله على حين فترة من الرّسل ، و طول هجعة من الأمم ، و
انتقاض من المبرم . فجاءهم بتصديق الّذي بين يديه ، و النّور المقتدى به . ذلك
القرآن . . . ( الخطبة
156 ، 278 ) أرسله بحجّة
كافية ، و موعظة شافية ، و دعوة متلافية . أظهر به الشّرائع المجهولة ، و قمع به
البدع المدخولة ، و بيّن به الأحكام المفصولة . (
الخطبة 159 ، 286 ) و لا تكونوا
كجفاة الجاهليّة : لا في الدّين يتفقّهون ، و لا عن اللّه يعقلون . كقيض بيض في
أداح ( القيض : القشرة اليابسة للبيضة . و الأداح : جمع
ادحيّ ، و هو المكان الذي تدحوه النعامة برجلها لتبيض فيه . و بيض النعام إذا
مرّ به شخص ظنّه بيض القطا أو غيره ، فلا يكسره ، فاذا فقس أنتج نتاجا كلّه شر )
، يكون كسرها وزرا ، و يخرج حضانها شرّا . ( الخطبة 164
، 299 ) إنّ اللّه بعث رسولا هاديا ، بكتاب ناطق و أمر قائم ، لا
يهلك عنه إلاّ هالك . ( الخطبة 167 ، 303 ) و أشهد أنّ
محمّدا عبده و رسوله الصّفيّ ، و أمينه الرّضيّ صلّى
اللّه عليه و آله أرسله بوجوب الحجج ، و ظهور الفلج ، و إيضاح المنهج .
فبلّغ الرّسالة صادعا بها ، و حمل على المحجّة دالا عليها . و أقام أعلام
الإهتداء و منار الضّياء . و جعل أمراس الإسلام متينة و عرى الإيمان وثيقة . ( الخطبة 183 ، 334 ) و أشهد أنّ محمّدا
عبده و رسوله . ابتعثه و النّاس يضربون في غمرة ( يقصد
غمرة الجهل أو الفتن ) و يموجون في حيرة . قد قادتهم أزمّة الحين ( أي الهلاك ) ، و استغلقت على أفئدتهم أقفال الرّين ( أي حجاب الضلال ) . (
الخطبة 189 ، 353 ) و قال
( ع ) يصف حال الجاهلية : فالأحوال مضطربة
و الأيدي مختلفة و الكثرة متفرّقة . فانظروا إلى
مواقع نعم اللّه عليهم حين بعث إليهم رسولا . فعقد بملّته طاعتهم ، و جمع على
دعوته ألفتهم . كيف نشرت النّعمة عليهم جناح كرامتها ، و أسالت لهم جداول نعيمها
، و التفّت الملّة بهم في عوائد بركتها . فأصبحوا في نعمتها غرقين ، و في خضرة
عيشها فكهين . قد تربّعت الأمور بهم ، في ظلّ سلطان قاهر ، و آوتهم الحال إلى
كنف عزّ غالب . و تعطّفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت . فهم حكّام على العالمين
، و ملوك في أطراف الأرضين . يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم . و يمضون
الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم . لا تغمز لهم قناة ، و لا تقرع لهم صفاة ( و هي الحجر الصلد ) ألا و إنّكم قد نفضتم أيديكم من
حبل الطّاعة ، و ثلمتم حصن اللّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة . ( الخطبة 190 ، 4 ، 371 ) و نشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله . خاض إلى رضوان اللّه
كلّ غمرة ، و تجرّع فيه كلّ غصّة . و قد تلوّن له الأدنون ، و تألّب عليه
الأقصون . و خلعت إليه العرب أعنّتها ، و ضربت إلى محاربته بطون رواحلها ، حتّى
أنزلت بساحته عداوتها . من أبعد الدّار و أسحق ( أي
أقصى ) المزار . ( الخطبة 192 ، 380 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله و أعلام الهدى
دارسة ، و مناهج الدّين طامسة . فصدع بالحقّ و نصح للخلق . و هدى إلى الرّشد و
أمر بالقصد ، صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . ( الخطبة 193 ، 383 ) بعثه حين لا علم
قائم ، و لا منار ساطع ، و لا منهج واضح . ( الخطبة 194
، 385 ) ثمّ إنّ اللّه
سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالحقّ
، حين دنا من الدّنيا الإنقطاع ، و أقبل من الآخرة الإطّلاع . و أظلمت بهجتها
بعد إشراق ، و قامت بأهلها على ساق . و خشن منها مهاد ، و أزف منها قياد . في
انقطاع من مدّتها ، و اقتراب من أشراطها . و تصرّم من أهلها ، و انفصام من
حلقتها . و انتشار من سببها ، و عفاء من أعلامها . و تكشّف من عوراتها ، و قصر
من طولها . أمّا بعد ، فإنّ
اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
نذيرا للعالمين ، و مهيمنا على المرسلين . ( الخطبة 301
، 547 ) |
|
( 51 ) شخصية النبي محمد ( ص ) و
بعض صفاته و مآثره
|
|
يراجع المبحث ( 141 ) الإمام علي ( ع ) و النبي
الأعظم ( ص ) . قال
الإمام علي ( ع ) : إلى أن بعث
اللّه سبحانه محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم . . . مشهورة سماته ، كريما
ميلاده . . . ثمّ اختار سبحانه لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقاءه ، و رضي له ما
عنده ، و أكرمه عن دار الدّنيا ، و رغب به عن مقام البلوى ، فقبضه إليه كريما صلّى اللّه عليه و آله . (
الخطبة 1 ، 32 ) أم أنزل اللّه سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن تبليغه و أدائه ؟ و
اللّه سبحانه يقول : ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ
شَي ءٍ و قال : فِيهِ تِبْيانٌ لِكُلِّ شَي ءٍ
. ( الخطبة 18 ، 62 ) اللّهمّ اجعل
شرائف صلواتك ، و نوامي بركاتك ، على محمّد عبدك و رسولك . الخاتم لما سبق ، و
الفاتح لما انغلق ، و المعلن الحقّ بالحقّ . و الدّافع جيشات الأباطيل ( جمع جيشة ، من جاشت القدر إذا ارتفع غليانها ) ، و
الدّامغ صولات الأضاليل . كما حمّل فاضطلع . قائما بأمرك ، مستوفزا ( أي مسرعا ) في مرضاتك . غير ناكل عن قدم ( و هو المشي الى الحرب ) ، و لا واه في عزم . واعيا
لوحيك ، حافظا لعهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك . حتّى أورى قبس القابس ، و أضاء
الطّريق للخابط . و هديت به القلوب ، بعد خوضات الفتن و الآثام ، و أقام بموضحات
الأعلام ، و نيّرات الأحكام . فهو أمينك المأمون ، و خازن علمك المخزون ، و
شهيدك يوم الدّين . و بعيثك بالحقّ ، و رسولك إلى الخلق . ( الخطبة 70 ، 126 ) و عمّر فيكم
نبيّه أزمانا ، حتّى أكمل له و لكم فيما أنزل من كتابه دينه الّذي رضي لنفسه ، و
أنهى إليكم على لسانه محابّه من الأعمال و مكارهه ، و نواهيه و أوامره . ( الخطبة 84 ، 151 ) حتّى أفضت كرامة
اللّه سبحانه و تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله فأخرجه
من أفضل المعادن منبتا ، و أعزّ الأرومات مغرسا . من الشّجرة الّتي صدع منها
أنبياءه ، و انتجب منها أمناءه . . . فهو إمام
من اتّقى ، و بصيرة من اهتدى . سراج لمع ضوؤه ، و شهاب سطع نوره ، و زند برق
لمعه . سيرته القصد ، و سنّته الرّشد ، و كلامه الفصل ، و حكمه العدل . أرسله
على حين فترة من الرّسل ، و هفوة عن العمل ( أي زلة و
انحراف من الناس عن العمل بما أمر اللّه على لسان أنبيائه السابقين ) ، و
غباوة من الأمم . ( الخطبة 92 ، 185 ) فبالغ صلّى اللّه عليه و آله في النّصيحة ، و مضى على
الطّريقة ، و دعا إلى الحكمة ، و الموعظة الحسنة . (
الخطبة 93 ، 187 ) مستقرّه خير مستقرّ ، و منبته أشرف منبت . في معادن
الكرامة ، و مماهد السّلامة . قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار ، و ثنيت إليه أزمّة
الأبصار . دفن اللّه به الضّغائن ، و أطفأ به الثّوائر . ألّف به إخوانا ، و
فرّق به أقرانا ، أعزّ به الذّلّة ، و أذلّ به العزّة . كلامه بيان ، و صمته
لسان . ( الخطبة 94 ، 187 ) و نشهد أن لا إله
غيره ، و أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بأمره صادعا ، و بذكره ناطقا ، فأدّى
أمينا ، و مضى رشيدا ، و خلّف فينا راية الحقّ . (
الخطبة 98 ، 193 ) فقاتل ( أي النبي ) بمن أطاعه من عصاه ، يسوقهم إلى منجاتهم
، و يبادر بهم السّاعة أن تنزل بهم . يحسر الحسير ( أي
يعالج الضعيف ) ، و يقف الكسير ( أي المكسور )
، فيقيم عليه حتّى يلحقه غايته . إلاّ هالكا لا خير فيه . حتّى أراهم منجاتهم ،
و بوّأهم محلّتهم . فاستدارت رحاهم ، و استقامت قناتهم . ( الخطبة 102 ، 198 ) حتّى أورى قبسا
لقابس ، و أنار علما لحابس ، فهو أمينك المأمون ، و شهيدك يوم الدّين ، و بعيثك
نعمة ، و رسولك بالحقّ رحمة . اللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك ، و اجزه مضعّفات
الخير من فضلك . اللّهمّ أعل على بناء البانين بناءه ، و أكرم لديك نزله ، و
شرّف عندك منزله ، و آته الوسيلة ، و أعطه السّناء ( أي
الرفعة ) و الفضيلة ، و احشرنا في زمرته غير خزايا ، و لا نادمين و لا
ناكبين ، و لا ناكثين و لا ضالّين ، و لا مضلّين و لا مفتونين . ( الخطبة 104 ، 202 ) اختاره من شجرة الأنبياء ، و مشكاة الضّياء ، و ذؤابة
العلياء ، و سرّة البطحاء ، و مصابيح الظّلمة ، و ينابيع الحكمة . ( الخطبة 106 ، 205 ) و قال ( ع ) في ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله : قد
حقّر الدّنيا و صغّرها و أهون بها و هوّنها . و اقتدوا بهدي
نبيّكم فإنّه أفضل الهدي ، و استنّوا بسنّته فإنّها أهدى السّنن . ( الخطبة 108 ، 213 ) أرسله داعيا إلى الحقّ و شاهدا على الخلق . فبلّغ رسالات
ربّه غير وان و لا مقصّر ، و جاهد في اللّه أعداءه غير واهن و لا معذّر . إمام
من اتّقى ، و بصر من اهتدى . ( الخطبة 114 ، 224 ) و نشهد أن لا إله
غيره ، و أنّ محمّدا نجيبه و بعيثه ، شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان و القلب
اللّسان . ( الخطبة 130 ، 243 ) و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و نجيبه و صفوته . لا يوازى فضله
و لا يجبر فقده . أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، و الجهالة الغالبة ، و
الجفوة ( أي
علامة ) ، و مبشّرا بالجنّة ، و منذرا بالعقوبة . خرج من الدّنيا خميصا ( أي خالي البطن ) ، و ورد الآخرة سليما . لم يضع حجرا
على حجر ، حتّى مضى لسبيله ، و أجاب داعي ربّه . فما أعظم منّة اللّه عندنا حين
أنعم علينا به ، سلفا نتّبعه ، و قائدا نطأ عقبه ( أي
نتبعه ) . ( الخطبة 158 ، 283 ) ابتعثه بالنّور المضي ء و البرهان الجليّ ، و المنهاج
البادي و الكتاب الهادي . اسرته خير أسرة و شجرته خير شجرة . أغصانها معتدلة و
ثمارها متهدّلة . مولده بمكّة و هجرته بطيبة . علا بها ذكره و امتدّ منها صوته .
( الخطبة 159 ، 285 ) أمين وحيه و خاتم
رسله ، و بشير رحمته و نذير نقمته . ( الخطبة 171 ، 308
) و أشهد أنّ
محمّدا عبده و رسوله المجتبى من خلائقه ، و المعتام (
أي المختار ) لشرح حقائقه ، و المختصّ بعقائل كراماته . و المصطفى لكرائم
رسالاته . و الموضّحة به أشراط الهدى ، و المجلوّ به غربيب العمى . ( الخطبة 176 ، 319 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله دعا إلى طاعته ، و قاهر
أعداءه جهادا عن دينه ، لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه ، و التماس لإطفاء
نوره . ( الخطبة 188 ، 350 ) و لقد قرن اللّه به صلّى اللّه
عليه و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق
المكارم ، و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره . . .
( الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و أشهد أنّ محمّدا نجيب اللّه ، و سفير وحيه ، و رسول
رحمته . ( الخطبة 196 ، 387 ) أرسله بالضّياء ، و قدّمه في الإصطفاء . فرتق به المفاتق
، و ساور به المغالب . و ذلّل به الصّعوبة ، و سهّل به الحزونة . حتّى سرّح
الضّلال عن يمين و شمال . ( الخطبة 211 ، 406 ) و أشهد أنّ
محمّدا عبده و رسوله ، و سيّد عباده . كلّما نسخ اللّه الخلق فرقتين ، جعله في
خيرهما . لم يسهم فيه عاهر ، و لا ضرب فيه فاجر . (
الخطبة 212 ، 406 ) و اعلم يا بنيّ أنّ أحدا لم ينبى ء عن اللّه سبحانه كما
أنبأ عنه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فارض به
رائدا ، و إلى النّجاة قائدا . فإنّي لم الك نصيحة . (
الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) و حكى عنه الامام محمد الباقر ( ع ) انّه قال : كان في الأرض
أمانان من عذاب اللّه . و قد رفع أحدهما . فدونكم الآخر فتمسّكوا به . أمّا
الأمان الّذي رفع فهو رسول اللّه الجافية . ( الخطبة
149 ، 264 ) و قال ( ع ) يصف زهد رسول اللّه ( ص ) و تركه
للدنيا : و لقد كان في رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله كاف لك في الأسوة . و دليل لك على ذمّ الدّنيا و عيبها
، و كثرة مخازيها و مساويها ، إذ قبضت عنه أطرافها ، و وطّئت لغيره أكنافها . و
فطم عن رضاعها ، و زوي عن زخارفها . ( الخطبة 158 ، 282
) فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر صلّى اللّه عليه و آله
فإنّ فيه اسوة لمن تأسّى ، و عزاء لمن تعزّى . و أحبّ العباد إلى اللّه المتأسّي
بنبيّه ، و المقتصّ لأثره . قضم الدّنيا قضما ، و لم يعرها طرفا . أهضم أهل
الدّنيا كشحا ، و أخمصهم من الدّنيا بطنا . عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها .
و علم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه ، و حقر شيئا فحقّره ، و صغّر شيئا
فصغّره . و لو لم يكن فينا إلاّ حبّنا ما أبغض اللّه و رسوله ، و تعظيمنا ما
صغّر اللّه و رسوله ، لكفى به شقاقا للّه ، و محادّة عن أمر اللّه . و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل على
الأرض ، و يجلس جلسة العبد ، و يخصف بيده نعله ، و يرقع بيده ثوبه ، و يركب
الحمار العاري ، و يردف خلفه . و يكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير
، فيقول : يا فلانة لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي ،
فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا و زخارفها . فأعرض عن الدّنيا بقلبه ، و أمات
ذكرها من نفسه ، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا ، و لا
يعتقدها قرارا ، و لا يرجو فيها مقاما . فأخرجها من النّفس ، و أشخصها عن القلب
، و غيّبها عن البصر . و قال
( ع ) : إنّ أولى النّاس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ
تلا إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ، وَ هذَا
النَّبِيُّ ، وَ الَّذِينَ آمَنُوا . ثمّ قال : إنّ وليّ محمّد من أطاع اللّه ،
و إن بعدت لحمته ( أي نسبه ) ، و إنّ عدوّ محمّد
من عصى اللّه ، و إن قربت قرابته . ( 96 ح ، 581 ) و قال
( ع ) : كنّا إذا احمرّ البأس ( أي
اشتدّ الخوف ) إتّقينا برسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم فلم يكن أحد منّا أقرب إلى العدوّ منه . ( 9 غريب كلامه ، 617 ) إنّ المسكين رسول
اللّه ، فمن منعه فقد منع اللّه ، و من أعطاه فقد أعطى اللّه . ( 304 ح ، 627 ) قال له ( ع ) بعض اليهود : ما دفنتم نبيّكم حتى
اختلفتم فيه ؟ فقال عليه السلام له : إنّما اختلفنا عنه لا فيه . و لكنّكم ما
جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم لنبيّكم اجْعَلْ لَنَا إِلهاً كَما لَهُمْ
آلِهَةٌ . فَقَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . ( 317
ح ، 630 ) إذا كانت لك إلى اللّه سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة
الصّلاة على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
ثمّ سل حاجتك ، فإنّ اللّه أكرم من أن يسأل حاجتين ، فيقضي إحداهما و يمنع
الأخرى . ( 361 ح ، 638 ) و قال
( ع ) عن النبيّ ( ص ) : و وليهم
وال فأقام و استقام ، حتّى ضرب الدّين بجرانه ( كناية
عن التمكن ) . ( 467 ح ، 660 )
|
|
( 52 ) أ - الوحي
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : عن ادم ( ع ) : و اصطفى
سبحانه من ولده أنبياء ، أخذ على الوحي ميثاقهم ( أي أخذ عليهم الميثاق أن
يبلغوا ما أوحى إليهم ) . ( الخطبة 1 ، 31 ) و قال ( ع ) عن الملائكة : جعلهم اللّه فيما هنالك أهل
الأمانة على وحيه . ( الخطبة 89 ، 2 167 ) و قال ( ع ) عن نبيّنا الأعظم ( ص ) : أرسله على حين
فترة من الرّسل ، و تنازع من الألسن . بعث اللّه رسله
بما خصّهم به من وحيه ، و جعلهم حجّة له على خلقه . (
الخطبة 142 ، 255 ) و قال ( ع ) في الخطبة القاصعة : و لقد قرن اللّه به ( أي النبي ) صلّى اللّه عليه
و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، و
محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره . و لقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل ( أي ولد الناقة ) أثر أمّه . و أشهد أنّ
محمّدا نجيب اللّه ، و سفير وحيه ، و رسول رحمته . (
الخطبة 196 ، 387 ) |
|
52 ب- المعجزات
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : |
|
الفصل السادس النبوة و الأنبياء
|
|
مدخل :
|
|
الامداد الغيبي : الفطري و الرسالي كما بيّن ذلك الامام علي ( ع ) في قوله في آخر الخطبة
الشقشقيّة : « أما و الّذي فلق الحبّة و برأ النسمة ، لو لا حضور الحاضر
، و قيام الحجّة بوجود النّاصر ، و ما أخذ اللّه على العلماء في أن لا يقارّوا
على كظّة ظالم و لا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها . . . » . |
|
( 45 ) الأنبياء
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : نسأل اللّه منازل الشّهداء ، و معايشة السّعداء ، و
مرافقة الأنبياء . ( الخطبة 23 ، 69 ) أين أصحاب مدائن
الرّسّ ، الّذين قتلوا النّبيّين ، و أطفؤوا سنن المرسلين ، و أحيوا سنن
الجبّارين . ( الخطبة 180 ، 327 ) أيّها النّاس ، إنّي قد بثثت لكم المواعظ ، الّتي وعظ
الأنبياء بها أممهم . ( الخطبة 180 ، 328 ) و اعلم يا بنيّ أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) إنّ أولى النّاس
بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ تلا : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ
لَلَّذِينَ اتَّبعُوهُ ، وَ هذا النَّبيّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا . ( 96 ح ، 581 ) |
|
( بعض الأنبياء ( ع ) و بيان
زهدهم و تواضعهم ) :
|
|
( 46 ) موسى و هارون ( ع )
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : لم يوجس موسى عليه السّلام خيفة على نفسه ، بل أشفق من
غلبة الجهّال و دول الضّلال . ( الخطبة 4 ، 47 ) الّذي كلّم موسى تكليما ، و أراه من آياته عظيما . بلا
جوارح و لا أدوات ، و لا نطق و لا لهوات . ( الخطبة 180
، 326 ) و
يتابع الإمام ( ع ) كلامه عن تواضع الأنبياء ( ع ) فيقول : و لقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون عليهما
السّلام على فرعون ، و عليهما مدارع الصّوف ، و بأيديهما العصيّ ، فشرطا له إن
أسلم ، بقاء ملكه و دوام عزّه . فقال « ألا
تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العزّ و بقاء الملك ، و هما بما ترون من حال
الفقر و الذّلّ ؟ فهلاّ ألقي عليهما أساورة من ذهب » إعظاما للذّهب و جمعه و
احتقارا للصّوف و لبسه . ( الخطبة 190 ، 2 ، 363 )
|
|
( 47 ) داود و سليمان ( ع )
|
|
و
قال ( ع ) عن زهد داود ( ع ) : و إن شئت
ثلّثت بداود عليه السّلام صاحب المزامير ( جمع مزمور و ليس جمع مزمار ) ، و قارى ء أهل الجنّة
. فلقد كان يعمل سفائف ( أي منسوجات ) الخوص
بيده ، و يقول لجلسائه : أيّكم يكفيني بيعها ؟ و يأكل قرص الشّعير من ثمنها . ( الخطبة 158 ، 282 ) فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع
الموت سبيلا ، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام
الّذي سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النّبوّة و عظيم الزّلفة . فلمّا استوفى
طعمته و استكمل مدّته رمته قسيّ الفناء بنبال الموت ، و أصبحت الدّيار منه خالية
، و المساكن معطّلة ، و ورثها قوم آخرون . و إنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة .
( الخطبة 180 ، 326 ) و
قال ( ع ) لنوف البكالي : يا نوف إنّ
داود عليه السّلام قام في مثل هذه السّاعة من
اللّيل فقال : إنّها ساعة لا يدعو فيها عبد إلاّ
استجيب له ، إلاّ أن يكون عشّارا ( هو المكّاس الذي
يأخذ أعشار المال ) ، أو عريفا أو شرطيا ، أو صاحب عرطبة ( و هي الطنبور ) أو صاحب كوبة ( و هي الطبل أو الدربكة ) . (
104 ح ، 583 ) |
|
( 48 ) عيسى المسيح ( ع )
|
|
قال
الإمام علي ( ع ) عن زهد عيسى ( ع ) : و قال ( ع ) لنوف البكالي : يا نوف ، طوبى للزّاهدين في الدّنيا ، الرّاغبين في
الآخرة . أولئك قوم اتّخذوا الأرض بساطا ، و ترابها فراشا ، و ماءها طيبا ، و
القرآن شعارا ، و الدّعاء دثارا ، ثمّ قرضوا الدّنيا قرضا على منهاج المسيح ( ع ) . ( 104 ح ، 583
) |
|
( 49 ) سبب ارسال الأنبياء و حال
الناس قبل بعثتهم
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : لم يوجس موسى عليه السّلام خيفة على نفسه ، بل أشفق من غلبة الجهّال
و دول الضّلال . ( الخطبة
4 ، 47 ) و ليقيم الحجّة به ( أي آدم )
على عباده ، و لم يخلهم بعد أن قبضه ، ممّا يؤكّد حجّة ربوبيّته ، و يصل بينهم و
بين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ، و متحمّلي ودائع
رسالاته ، قرنا فقرنا ، حتّى تمّت بنبيّنا محمّد صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم حجّته ، و بلغ المقطع (
أي النهاية ) عذره و نذره . الخطبة 89 ، 3 ، 174
) فاستودعهم في أفضل مستودع ، و أقرّهم في خير مستقرّ ،
تناسختهم كرائم الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام . كلّما مضى منهم سلف ، قام منهم
بدين اللّه خلف . حتّى أفضت كرامة اللّه سبحانه و تعالى إلى محمّد صلى اللّه عليه و آله .
. . أرسله على حين فترة من الرّسل و هفوة عن العمل ، و غباوة من الأمم . ( الخطبة 92 ، 185 ) و قال ( ع ) عن سبب مبعث الرسل ( ع ) : بعث اللّه رسله بما خصّهم به من وحيه ، و جعلهم حجّة له
على خلقه ، لئلاّ تجب الحجّة لهم بترك الإعذار إليهم . فدعاهم بلسان الصّدق إلى
سبيل الحقّ . ألا إنّ اللّه تعالى قد كشف الخلق كشفة ، لا أنّه جهل ما أخفوه من
مصون أسرارهم و مكنون ضمائرهم ، و لكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا . فيكون الثّواب
جزاء و العقاب بواء ( من باء فلان بفلان أي قتل به )
. ( الخطبة 142 ، 255 ) فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع الموت سبيلا
، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام الّذي
سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النّبوّة و عظيم الزّلفة . . ( الخطبة 180 ، 326 ) . فلو رخّص اللّه
في الكبر لأحد من عباده لرخّص فيه لخاصّة أنبيائه و أوليائه . و لكنّه سبحانه
كرّه إليهم التّكابر ، و رضي لهم التّواضع . فألصقوا بالأرض خدودهم ، و عفّروا
في التّراب وجوههم . و خفضوا أجنحتهم للمؤمنين ، و كانوا قوما مستضعفين . و لم يرسل الأنبياء لعبا ، و لم ينزل الكتاب للعباد عبثا
. ( 78 ح ، 578 ) |
|
( 50 ) بعثة النبي ( ص ) و حال العرب
قبل بعثته الجاهلية
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : و قال ( ع ) عن بعثة النبي ( ص ) و أحوال الجاهلية قبله :
و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بالدّين المشهور ، و العلم المأثور ، و
الكتاب المسطور ، و النّور السّاطع ، و الضّياء اللاّمع ، و الأمر الصّادع .
إزاحة للشّبهات ، و احتجاجا بالبيّنات ، و تحذيرا بالآيات ، و تخويفا بالمثلات و
النّاس في فتن انجذم فيها حبل الدّين ، و تزعزعت سواري اليقين ، و اختلف النّجر ( أي الأصل ) ، و تشتّت الأمر ، و ضاق المخرج ، و عمي
المصدر . فالهدى خامل ، و العمى شامل . عصي الرّحمن ، و نصر الشّيطان . و خذل
الإيمان فانهارت دعائمه ، و تنكّرت معالمه ، و درست سبله ، و عفت شركه . أطاعوا
الشّيطان فسلكوا مسالكه ، و وردوا مناهله . بهم سارت أعلامه و قام لواؤه . في
فتن داستهم بأخفافها ، و وطئتهم بأظلافها ، و قامت على سنابكها . فهم فيها
تائهون حائرون ، جاهلون مفتونون . في خير دار و شرّ جيران . نومهم سهود ، و
كحلهم دموع . بأرض عالمها ملجم ، و جاهلها مكرم . (
الخطبة 2 ، 36 ) إنّ اللّه بعث
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نذيرا
للعالمين ، و أمينا على التّنزيل ، و أنتم معشر العرب على شرّ دين ، و في شرّ
دار ، منيخون بين حجارة خشن ، و حيّات صمّ . تشربون الكدر ، و تأكلون الجشب ، و
تسفكون دماءكم ، و تقطعون أرحامكم . الأصنام فيكم منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة
. ( الخطبة 26 ، 73 ) إنّ اللّه بعث
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و ليس أحد من
العرب يقرأ كتابا ، و لا يدّعي نبوّة ، فساق النّاس حتّى بوّأهم محلّتهم ، و
بلّغهم منجاتهم . فاستقامت قناتهم ، و اطمأنّت صفاتهم . ( الخطبة 33 ، 89 ) و أشهد أنّ
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله ،
أرسله لإنفاذ أمره ، و إنهاء عذره ، و تقديم نذره . (
الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) أرسله على حين
فترة من الرّسل ، و طول هجعة من الأمم ، و اعتزام من الفتن ، و انتشار من الأمور
، و تلظّ من الحروب . و الدّنيا كاسفة النّور ، ظاهره الغرور . على حين اصفرار
من ورقها ، و أياس من ثمرها ، و اغورار من مائها . قد درست منار الهدى ، و ظهرت
أعلام الرّدى ، فهي متجهّمة لأهلها ، عابسة في وجه طالبها . ثمرها الفتنة ، و
طعامها الجيفة ، و شعارها الخوف ، و دثارها السّيف . (
الخطبة 87 ، 157 ) أمّا بعد ، فإنّ
اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله
و ليس أحد من العرب يقرأ كتابا ، و لا يدّعي نبوّة و لا وحيا . . . ( الخطبة 102 ، 198 ) حتّى بعث اللّه
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله شهيدا و بشيرا و
نذيرا . خير البريّة طفلا ، و أنجبها كهلا ، و أطهر المطهّرين شيمة ، و أجود
المستمطرين ديمة . ( الخطبة 103 ، 199 ) أرسله على حين فترة من الرّسل ، و تنازع من الألسن .
فقفّى به الرّسل ، و ختم به الوحي ، فجاهد في اللّه المدبرين عنه ، و العادلين
به . ( الخطبة 131 ،
245 ) فبعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالحقّ ليخرج عبادة من عبادة
الأوثان إلى عبادته ، و من طاعة الشّيطان إلى طاعته ، بقرآن قد بيّنه و أحكمه .
ليعلم العباد ربّهم إذ جهلوه ، و ليقرّوا به بعد إذ جحدوه ، و ليثبتوه بعد إذ
أنكروه . . . ( الخطبة
145 ، 258 ) و قال ( ع ) عن الجاهلية و أهلها : و طال الأمد بهم
ليستكملوا الخزي و يستوجبوا الغير . و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و نجيبه و صفوته . لا يؤازى فضله
و لا يجبر فقده . أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، و الجهالة الغالبة ، و
الجفوة الجافية . و النّاس يستحلّون الحريم و يستذلّون الحكيم . يحيون على فترة
، و يموتون على كفرة . ( الخطبة 149 ، 264 ) أرسله على حين فترة من الرّسل ، و طول هجعة من الأمم ، و
انتقاض من المبرم . فجاءهم بتصديق الّذي بين يديه ، و النّور المقتدى به . ذلك
القرآن . . . ( الخطبة
156 ، 278 ) أرسله بحجّة
كافية ، و موعظة شافية ، و دعوة متلافية . أظهر به الشّرائع المجهولة ، و قمع به
البدع المدخولة ، و بيّن به الأحكام المفصولة . (
الخطبة 159 ، 286 ) و لا تكونوا
كجفاة الجاهليّة : لا في الدّين يتفقّهون ، و لا عن اللّه يعقلون . كقيض بيض في
أداح ( القيض : القشرة اليابسة للبيضة . و الأداح : جمع
ادحيّ ، و هو المكان الذي تدحوه النعامة برجلها لتبيض فيه . و بيض النعام إذا
مرّ به شخص ظنّه بيض القطا أو غيره ، فلا يكسره ، فاذا فقس أنتج نتاجا كلّه شر )
، يكون كسرها وزرا ، و يخرج حضانها شرّا . ( الخطبة 164
، 299 ) إنّ اللّه بعث رسولا هاديا ، بكتاب ناطق و أمر قائم ، لا
يهلك عنه إلاّ هالك . ( الخطبة 167 ، 303 ) و أشهد أنّ
محمّدا عبده و رسوله الصّفيّ ، و أمينه الرّضيّ صلّى
اللّه عليه و آله أرسله بوجوب الحجج ، و ظهور الفلج ، و إيضاح المنهج .
فبلّغ الرّسالة صادعا بها ، و حمل على المحجّة دالا عليها . و أقام أعلام
الإهتداء و منار الضّياء . و جعل أمراس الإسلام متينة و عرى الإيمان وثيقة . ( الخطبة 183 ، 334 ) و أشهد أنّ محمّدا
عبده و رسوله . ابتعثه و النّاس يضربون في غمرة ( يقصد
غمرة الجهل أو الفتن ) و يموجون في حيرة . قد قادتهم أزمّة الحين ( أي الهلاك ) ، و استغلقت على أفئدتهم أقفال الرّين ( أي حجاب الضلال ) . (
الخطبة 189 ، 353 ) و قال
( ع ) يصف حال الجاهلية : فالأحوال مضطربة
و الأيدي مختلفة و الكثرة متفرّقة . فانظروا إلى
مواقع نعم اللّه عليهم حين بعث إليهم رسولا . فعقد بملّته طاعتهم ، و جمع على
دعوته ألفتهم . كيف نشرت النّعمة عليهم جناح كرامتها ، و أسالت لهم جداول نعيمها
، و التفّت الملّة بهم في عوائد بركتها . فأصبحوا في نعمتها غرقين ، و في خضرة
عيشها فكهين . قد تربّعت الأمور بهم ، في ظلّ سلطان قاهر ، و آوتهم الحال إلى
كنف عزّ غالب . و تعطّفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت . فهم حكّام على العالمين
، و ملوك في أطراف الأرضين . يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم . و يمضون
الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم . لا تغمز لهم قناة ، و لا تقرع لهم صفاة ( و هي الحجر الصلد ) ألا و إنّكم قد نفضتم أيديكم من
حبل الطّاعة ، و ثلمتم حصن اللّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة . ( الخطبة 190 ، 4 ، 371 ) و نشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله . خاض إلى رضوان اللّه
كلّ غمرة ، و تجرّع فيه كلّ غصّة . و قد تلوّن له الأدنون ، و تألّب عليه
الأقصون . و خلعت إليه العرب أعنّتها ، و ضربت إلى محاربته بطون رواحلها ، حتّى
أنزلت بساحته عداوتها . من أبعد الدّار و أسحق ( أي
أقصى ) المزار . ( الخطبة 192 ، 380 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله و أعلام الهدى
دارسة ، و مناهج الدّين طامسة . فصدع بالحقّ و نصح للخلق . و هدى إلى الرّشد و
أمر بالقصد ، صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . ( الخطبة 193 ، 383 ) بعثه حين لا علم
قائم ، و لا منار ساطع ، و لا منهج واضح . ( الخطبة 194
، 385 ) ثمّ إنّ اللّه
سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله بالحقّ
، حين دنا من الدّنيا الإنقطاع ، و أقبل من الآخرة الإطّلاع . و أظلمت بهجتها
بعد إشراق ، و قامت بأهلها على ساق . و خشن منها مهاد ، و أزف منها قياد . في
انقطاع من مدّتها ، و اقتراب من أشراطها . و تصرّم من أهلها ، و انفصام من
حلقتها . و انتشار من سببها ، و عفاء من أعلامها . و تكشّف من عوراتها ، و قصر
من طولها . أمّا بعد ، فإنّ
اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
نذيرا للعالمين ، و مهيمنا على المرسلين . ( الخطبة 301
، 547 ) |
|
( 51 ) شخصية النبي محمد ( ص ) و
بعض صفاته و مآثره
|
|
يراجع المبحث ( 141 ) الإمام علي ( ع ) و النبي
الأعظم ( ص ) . قال
الإمام علي ( ع ) : إلى أن بعث
اللّه سبحانه محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم . . . مشهورة سماته ، كريما
ميلاده . . . ثمّ اختار سبحانه لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقاءه ، و رضي له ما
عنده ، و أكرمه عن دار الدّنيا ، و رغب به عن مقام البلوى ، فقبضه إليه كريما صلّى اللّه عليه و آله . (
الخطبة 1 ، 32 ) أم أنزل اللّه سبحانه دينا تامّا فقصّر الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن تبليغه و أدائه ؟ و
اللّه سبحانه يقول : ما فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ
شَي ءٍ و قال : فِيهِ تِبْيانٌ لِكُلِّ شَي ءٍ
. ( الخطبة 18 ، 62 ) اللّهمّ اجعل
شرائف صلواتك ، و نوامي بركاتك ، على محمّد عبدك و رسولك . الخاتم لما سبق ، و
الفاتح لما انغلق ، و المعلن الحقّ بالحقّ . و الدّافع جيشات الأباطيل ( جمع جيشة ، من جاشت القدر إذا ارتفع غليانها ) ، و
الدّامغ صولات الأضاليل . كما حمّل فاضطلع . قائما بأمرك ، مستوفزا ( أي مسرعا ) في مرضاتك . غير ناكل عن قدم ( و هو المشي الى الحرب ) ، و لا واه في عزم . واعيا
لوحيك ، حافظا لعهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك . حتّى أورى قبس القابس ، و أضاء
الطّريق للخابط . و هديت به القلوب ، بعد خوضات الفتن و الآثام ، و أقام بموضحات
الأعلام ، و نيّرات الأحكام . فهو أمينك المأمون ، و خازن علمك المخزون ، و
شهيدك يوم الدّين . و بعيثك بالحقّ ، و رسولك إلى الخلق . ( الخطبة 70 ، 126 ) و عمّر فيكم
نبيّه أزمانا ، حتّى أكمل له و لكم فيما أنزل من كتابه دينه الّذي رضي لنفسه ، و
أنهى إليكم على لسانه محابّه من الأعمال و مكارهه ، و نواهيه و أوامره . ( الخطبة 84 ، 151 ) حتّى أفضت كرامة
اللّه سبحانه و تعالى إلى محمّد صلّى اللّه عليه و آله فأخرجه
من أفضل المعادن منبتا ، و أعزّ الأرومات مغرسا . من الشّجرة الّتي صدع منها
أنبياءه ، و انتجب منها أمناءه . . . فهو إمام
من اتّقى ، و بصيرة من اهتدى . سراج لمع ضوؤه ، و شهاب سطع نوره ، و زند برق
لمعه . سيرته القصد ، و سنّته الرّشد ، و كلامه الفصل ، و حكمه العدل . أرسله
على حين فترة من الرّسل ، و هفوة عن العمل ( أي زلة و
انحراف من الناس عن العمل بما أمر اللّه على لسان أنبيائه السابقين ) ، و
غباوة من الأمم . ( الخطبة 92 ، 185 ) فبالغ صلّى اللّه عليه و آله في النّصيحة ، و مضى على
الطّريقة ، و دعا إلى الحكمة ، و الموعظة الحسنة . (
الخطبة 93 ، 187 ) مستقرّه خير مستقرّ ، و منبته أشرف منبت . في معادن
الكرامة ، و مماهد السّلامة . قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار ، و ثنيت إليه أزمّة
الأبصار . دفن اللّه به الضّغائن ، و أطفأ به الثّوائر . ألّف به إخوانا ، و
فرّق به أقرانا ، أعزّ به الذّلّة ، و أذلّ به العزّة . كلامه بيان ، و صمته
لسان . ( الخطبة 94 ، 187 ) و نشهد أن لا إله
غيره ، و أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بأمره صادعا ، و بذكره ناطقا ، فأدّى
أمينا ، و مضى رشيدا ، و خلّف فينا راية الحقّ . (
الخطبة 98 ، 193 ) فقاتل ( أي النبي ) بمن أطاعه من عصاه ، يسوقهم إلى منجاتهم
، و يبادر بهم السّاعة أن تنزل بهم . يحسر الحسير ( أي
يعالج الضعيف ) ، و يقف الكسير ( أي المكسور )
، فيقيم عليه حتّى يلحقه غايته . إلاّ هالكا لا خير فيه . حتّى أراهم منجاتهم ،
و بوّأهم محلّتهم . فاستدارت رحاهم ، و استقامت قناتهم . ( الخطبة 102 ، 198 ) حتّى أورى قبسا
لقابس ، و أنار علما لحابس ، فهو أمينك المأمون ، و شهيدك يوم الدّين ، و بعيثك
نعمة ، و رسولك بالحقّ رحمة . اللّهمّ اقسم له مقسما من عدلك ، و اجزه مضعّفات
الخير من فضلك . اللّهمّ أعل على بناء البانين بناءه ، و أكرم لديك نزله ، و
شرّف عندك منزله ، و آته الوسيلة ، و أعطه السّناء ( أي
الرفعة ) و الفضيلة ، و احشرنا في زمرته غير خزايا ، و لا نادمين و لا
ناكبين ، و لا ناكثين و لا ضالّين ، و لا مضلّين و لا مفتونين . ( الخطبة 104 ، 202 ) اختاره من شجرة الأنبياء ، و مشكاة الضّياء ، و ذؤابة
العلياء ، و سرّة البطحاء ، و مصابيح الظّلمة ، و ينابيع الحكمة . ( الخطبة 106 ، 205 ) و قال ( ع ) في ذكر النبي صلّى اللّه عليه و آله : قد
حقّر الدّنيا و صغّرها و أهون بها و هوّنها . و اقتدوا بهدي
نبيّكم فإنّه أفضل الهدي ، و استنّوا بسنّته فإنّها أهدى السّنن . ( الخطبة 108 ، 213 ) أرسله داعيا إلى الحقّ و شاهدا على الخلق . فبلّغ رسالات
ربّه غير وان و لا مقصّر ، و جاهد في اللّه أعداءه غير واهن و لا معذّر . إمام
من اتّقى ، و بصر من اهتدى . ( الخطبة 114 ، 224 ) و نشهد أن لا إله
غيره ، و أنّ محمّدا نجيبه و بعيثه ، شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان و القلب
اللّسان . ( الخطبة 130 ، 243 ) و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه ، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، و نجيبه و صفوته . لا يوازى فضله
و لا يجبر فقده . أضاءت به البلاد بعد الضّلالة المظلمة ، و الجهالة الغالبة ، و
الجفوة ( أي
علامة ) ، و مبشّرا بالجنّة ، و منذرا بالعقوبة . خرج من الدّنيا خميصا ( أي خالي البطن ) ، و ورد الآخرة سليما . لم يضع حجرا
على حجر ، حتّى مضى لسبيله ، و أجاب داعي ربّه . فما أعظم منّة اللّه عندنا حين
أنعم علينا به ، سلفا نتّبعه ، و قائدا نطأ عقبه ( أي
نتبعه ) . ( الخطبة 158 ، 283 ) ابتعثه بالنّور المضي ء و البرهان الجليّ ، و المنهاج
البادي و الكتاب الهادي . اسرته خير أسرة و شجرته خير شجرة . أغصانها معتدلة و
ثمارها متهدّلة . مولده بمكّة و هجرته بطيبة . علا بها ذكره و امتدّ منها صوته .
( الخطبة 159 ، 285 ) أمين وحيه و خاتم
رسله ، و بشير رحمته و نذير نقمته . ( الخطبة 171 ، 308
) و أشهد أنّ
محمّدا عبده و رسوله المجتبى من خلائقه ، و المعتام (
أي المختار ) لشرح حقائقه ، و المختصّ بعقائل كراماته . و المصطفى لكرائم
رسالاته . و الموضّحة به أشراط الهدى ، و المجلوّ به غربيب العمى . ( الخطبة 176 ، 319 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله دعا إلى طاعته ، و قاهر
أعداءه جهادا عن دينه ، لا يثنيه عن ذلك اجتماع على تكذيبه ، و التماس لإطفاء
نوره . ( الخطبة 188 ، 350 ) و لقد قرن اللّه به صلّى اللّه
عليه و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق
المكارم ، و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره . . .
( الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و أشهد أنّ محمّدا نجيب اللّه ، و سفير وحيه ، و رسول
رحمته . ( الخطبة 196 ، 387 ) أرسله بالضّياء ، و قدّمه في الإصطفاء . فرتق به المفاتق
، و ساور به المغالب . و ذلّل به الصّعوبة ، و سهّل به الحزونة . حتّى سرّح
الضّلال عن يمين و شمال . ( الخطبة 211 ، 406 ) و أشهد أنّ
محمّدا عبده و رسوله ، و سيّد عباده . كلّما نسخ اللّه الخلق فرقتين ، جعله في
خيرهما . لم يسهم فيه عاهر ، و لا ضرب فيه فاجر . (
الخطبة 212 ، 406 ) و اعلم يا بنيّ أنّ أحدا لم ينبى ء عن اللّه سبحانه كما
أنبأ عنه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فارض به
رائدا ، و إلى النّجاة قائدا . فإنّي لم الك نصيحة . (
الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) و حكى عنه الامام محمد الباقر ( ع ) انّه قال : كان في الأرض
أمانان من عذاب اللّه . و قد رفع أحدهما . فدونكم الآخر فتمسّكوا به . أمّا
الأمان الّذي رفع فهو رسول اللّه الجافية . ( الخطبة
149 ، 264 ) و قال ( ع ) يصف زهد رسول اللّه ( ص ) و تركه
للدنيا : و لقد كان في رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله كاف لك في الأسوة . و دليل لك على ذمّ الدّنيا و عيبها
، و كثرة مخازيها و مساويها ، إذ قبضت عنه أطرافها ، و وطّئت لغيره أكنافها . و
فطم عن رضاعها ، و زوي عن زخارفها . ( الخطبة 158 ، 282
) فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر صلّى اللّه عليه و آله
فإنّ فيه اسوة لمن تأسّى ، و عزاء لمن تعزّى . و أحبّ العباد إلى اللّه المتأسّي
بنبيّه ، و المقتصّ لأثره . قضم الدّنيا قضما ، و لم يعرها طرفا . أهضم أهل
الدّنيا كشحا ، و أخمصهم من الدّنيا بطنا . عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها .
و علم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه ، و حقر شيئا فحقّره ، و صغّر شيئا
فصغّره . و لو لم يكن فينا إلاّ حبّنا ما أبغض اللّه و رسوله ، و تعظيمنا ما
صغّر اللّه و رسوله ، لكفى به شقاقا للّه ، و محادّة عن أمر اللّه . و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يأكل على
الأرض ، و يجلس جلسة العبد ، و يخصف بيده نعله ، و يرقع بيده ثوبه ، و يركب
الحمار العاري ، و يردف خلفه . و يكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير
، فيقول : يا فلانة لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي ،
فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا و زخارفها . فأعرض عن الدّنيا بقلبه ، و أمات
ذكرها من نفسه ، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشا ، و لا
يعتقدها قرارا ، و لا يرجو فيها مقاما . فأخرجها من النّفس ، و أشخصها عن القلب
، و غيّبها عن البصر . و قال
( ع ) : إنّ أولى النّاس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ
تلا إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ، وَ هذَا
النَّبِيُّ ، وَ الَّذِينَ آمَنُوا . ثمّ قال : إنّ وليّ محمّد من أطاع اللّه ،
و إن بعدت لحمته ( أي نسبه ) ، و إنّ عدوّ محمّد
من عصى اللّه ، و إن قربت قرابته . ( 96 ح ، 581 ) و قال
( ع ) : كنّا إذا احمرّ البأس ( أي
اشتدّ الخوف ) إتّقينا برسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم فلم يكن أحد منّا أقرب إلى العدوّ منه . ( 9 غريب كلامه ، 617 ) إنّ المسكين رسول
اللّه ، فمن منعه فقد منع اللّه ، و من أعطاه فقد أعطى اللّه . ( 304 ح ، 627 ) قال له ( ع ) بعض اليهود : ما دفنتم نبيّكم حتى
اختلفتم فيه ؟ فقال عليه السلام له : إنّما اختلفنا عنه لا فيه . و لكنّكم ما
جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم لنبيّكم اجْعَلْ لَنَا إِلهاً كَما لَهُمْ
آلِهَةٌ . فَقَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . ( 317
ح ، 630 ) إذا كانت لك إلى اللّه سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة
الصّلاة على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
ثمّ سل حاجتك ، فإنّ اللّه أكرم من أن يسأل حاجتين ، فيقضي إحداهما و يمنع
الأخرى . ( 361 ح ، 638 ) و قال
( ع ) عن النبيّ ( ص ) : و وليهم
وال فأقام و استقام ، حتّى ضرب الدّين بجرانه ( كناية
عن التمكن ) . ( 467 ح ، 660 )
|
|
( 52 ) أ - الوحي
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : عن ادم ( ع ) : و اصطفى
سبحانه من ولده أنبياء ، أخذ على الوحي ميثاقهم ( أي أخذ عليهم الميثاق أن
يبلغوا ما أوحى إليهم ) . ( الخطبة 1 ، 31 ) و قال ( ع ) عن الملائكة : جعلهم اللّه فيما هنالك أهل
الأمانة على وحيه . ( الخطبة 89 ، 2 167 ) و قال ( ع ) عن نبيّنا الأعظم ( ص ) : أرسله على حين
فترة من الرّسل ، و تنازع من الألسن . بعث اللّه رسله
بما خصّهم به من وحيه ، و جعلهم حجّة له على خلقه . (
الخطبة 142 ، 255 ) و قال ( ع ) في الخطبة القاصعة : و لقد قرن اللّه به ( أي النبي ) صلّى اللّه عليه
و آله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، و
محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره . و لقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل ( أي ولد الناقة ) أثر أمّه . و أشهد أنّ
محمّدا نجيب اللّه ، و سفير وحيه ، و رسول رحمته . (
الخطبة 196 ، 387 ) |
|
52 ب- المعجزات
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : |