- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل السابع و الأربعون حب الدنيا
|
|
( 369 ) طابع الدنيا التقلب
|
|
مدخل : |
|
بيّن الامام علي ( ع ) من خلال ذمه للتعلق بالدنيا ، أهم خاصة للدنيا ، و هي
التقلب و التغير و التنكر للانسان ، فهي لا تسير على وتيرة واحدة ، بل تغدر
بتبدلها و تحولها من حال الى حال . فالانسان فيها بينا يكون قويا صحيحا اذ به
يصير عليلا مريضا ، و بينا يكون غنيا وجيها اذ به يصير فقيرا حقيرا . |
|
النصوص : |
|
قال الامام علي ( ع ) : أيّها النّاس ،
إنّما أنتم في هذه الدّنيا غرض تنتضل ( أي تترامى )
فيه المنايا . مع كلّ جرعة شرق ، و في كلّ أكلة غصص . لا تنالون منها نعمة إلاّ
بفراق أخرى ، و لا يعمّر معمّر منكم يوما من عمره ، إلاّ بهدم آخر من أجله . و
لا تجدّد له زيادة في أكله ، إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه . و لا يحيا له أثر ،
إلاّ مات له أثر . و لا يتجدّد له جديد ، إلاّ بعد أن يخلق له جديد . و لا تقوم
له نابتة إلاّ و تسقط منه محصودة . و قد مضت أصول نحن فروعها ، فما بقاء فرع بعد
ذهاب أصله . ( الخطبة 143 ، 256 ) و قيل للامام ( ع ) : كيف نجدك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام : كيف يكون حال من يفنى ببقائه ، و
يسقم بصحّته ، و يؤتى من مأمنه . ( 115 ح ، 586 ) إنّما المرء في
الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا ، و نهب تبادره المصائب . و مع كلّ جرعة شرق ، و
في كلّ أكلة غصص . و لا ينال العبد نعمة إلاّ بفراق أخرى ، و لا يستقبل يوما من
عمره إلاّ بفراق آخر من أجله . فنحن أعوان المنون ، و أنفسنا نصب الحتوف . فمن
أين نرجو البقاء ، و هذا اللّيل و النّهار ، لم يرفعا من شي ء شرفا ، إلاّ أسرعا
الكرّة في هدم ما بنيا ، و تفريق ما جمعا ؟ ( 191 ح ،
601 ) لا ينبغي للعبد
أن يثق بخصلتين : العافية و الغنى . بينا تراه معافى إذ سقم ، و بينا تراه غنيّا
إذ افتقر . ( 426 ح ، 653 ) |
|
( 370 ) ماهي الدنيا المذمومة ؟
|
|
مدخل : |
|
الانسان بفطرته يحبّ الحياة ، و ليس المقصود من ذمّ
الدنيا ذم الحياة ، و لا ذمّ العلاقات الطبيعية و الفطرية . و انّما المقصود من
ذلك هو ذمّ العلاقة القلبية الموجبة لأسر الانسان بيد الدنيا و من في يده شي ء
منها . و هذا ما يسميه الاسلام : عبادة الدنيا ، و يكافحه مكافحة شديدة . |
|
النصوص : |
|
يقسم الامام ( ع ) أبناء الدنيا الى أربعة
أقسام فيقول : و النّاس على أربعة أصناف : و منهم : المصلت لسيفه و المعلن بشرّه ، و المجلب بخيله و رجله . قد أشرط نفسه و
أوبق دينه ، لحطام ينتهزه أو مقنب ( طائفة من الخيل )
يقوده أو منبر يفرعه ( أي يعلوه ) . و لبئس
المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا ، و ممّا لك عند اللّه عوضا . فأصلح مثواك ، و لا تبع آخرتك بدنياك . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك في طلب
الدّنيا . ( الخطبة 308 ، 558 ) |
|
( 371 ) الذم للانسان و ليس للدنيا
|
|
مدخل : |
|
ان الاسلام المتمثل في نهج بلاغة
الامام علي ( ع ) يرى علاقة الانسان بالدنيا ، كعلاقة
الزارع بزرعه : « الدنيا مزرعة الآخرة » . أو علاقة
التاجر بالمتجر : « الدنيا متجر أولياء اللّه » . أو علاقة المسابق بميدان السباق : « ألا و إنّ اليوم
المضمار و غدا السباق ، و السبقة الجنّة و الغاية النار » . أو علاقة العابد بالمسجد : « الدنيا مسجد أحباء اللّه » . |
|
النصوص : |
|
قال الامام علي ( ع ) : ثم قال
( ع ) . . . و حقا أقول ما الدّنيا غرّتك
، و لكن بها اغتررت ، و لقد كاشفتك العظات ، و آذنتك على سواء . و لهي بما تعدك
من نزول البلاء بجسمك ، و النّقص في قوّتك ، أصدق و أوفى من أن تكذبك أو تغرّك .
و لربّ ناصح لها عندك متّهم و صادق من خبرها مكذّب . و لئن تعرّفتها في الدّيار
الخاوية ، و الرّبوع الخالية ، لتجدنّها من حسن تذكيرك ، و بلاغ موعظتك ، بمحلّة
الشّفيق عليك ، و الشّحيح بك . و لنعم دار من لم يرض بها دارا و محلّ من لم
يوطّنها محلاّ و إنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم . ( الخطبة 221 ، 424 ) و قال ( ع ) و قد سمع رجلا يذم الدنيا : أيّها الذّامّ للدّنيا ، المغترّ بغرورها ، المخدوع
بأباطيلها أتغترّ بالدّنيا ثمّ تذّمّها ؟ أنت المتجرّم عليها ، أم هي المتجرّمة
عليك ؟ متى استهوتك ، أم متى غرّتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ، أم بمضاجع
أمّهاتك تحت الثّرى ؟ كم علّلت بكفّيك ؟ و كم مرّضت بيديك ؟ تبغي لهم الشّفاء ،
و تستوصف لهم الأطبّاء ، غداة لا يغني عنهم دواؤك ، و لا يجدي عليهم بكاؤك . لم
ينفع أحدهم إشفاقك ، و لم تسعف فيه بطلبتك ، و لم تدفع عنه بقوّتك و قد مثّلت لك
به الدّنيا نفسك ، و بمصرعه مصرعك . إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها ، و دار
عافية لمن فهم عنها ، و دار غنى لمن تزوّد منها ، و دار موعظة لمن اتّعظ بها .
مسجد أحبّاء اللّه ، و مصلّى ملائكة اللّه ، و مهبط وحي اللّه ، و متجر أولياء
اللّه . اكتسبوا فيها الرّحمة ، و ربحوا
فيها الجنّة . فمن ذا يذمّها و قد اذنت ببينها ( أي
أعلمت أهلها ببعدها و زوالها عنهم ) ، و نادت بفراقها ، و نعت نفسها و
أهلها ، فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، و شوّقتهم بسرورها إلى السّرور ؟ راحت
بعافية ، و ابتكرت بفجيعة ، ترغيبا و ترهيبا ، و تخويفا و تحذيرا . فذمّها رجال
غداة النّدامة ، و حمدها آخرون يوم القيامة . ذكّرتهم الدّنيا فتذكّروا ، و
حدّثتهم فصدّقوا ، و وعظتهم فاتّعظوا . ( 131 ح ، 590 ) |
|
( 372 ) التحذير من الدنيا و غرورها
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) في آخر الشقشقيّة : و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم و راقهم زبرجها ( الزبرج : الزينة ) . الخطبة
3 ، 44 ) و قال ( ع ) عن حال الدنيا : و لقلّما أدبر شي ء فأقبل . (
الخطبة 16 ، 57 ) فإن رأى أحدكم لأخيه غفيرة ( أي
زيادة ) في أهل أو مال أو نفس ، فلا تكوننّ له فتنة . ( الخطبة 23 ، 68 ) و لبئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا ، و ممّا لك عند
اللّه عوضا . ( الخطبة 32 ، 86 ) فلتكن الدّنيا في
أعينكم أصغر من حثالة القرظ ( هو ثمر السنط يدبغ به )
و قراظة الجلم ( هو المقصّ الذي يجزّ به الصوف )
. و اتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم . و ارفضوها ذميمة ،
فإنّها قد رفضت من كان أشغف بها منكم . ( الخطبة 32 ،
87 ) و الدّنيا دار
مني لها الفناء ، و لأهلها منها الجلاء ، و هي حلوة خضراء . و قد عجلت للطّالب ،
و التبست بقلب النّاظر ، فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزّاد ، و لا
تسألوا فيها فوق الكفاف ، و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ . ( الخطبة 45 ، 103 ) قال ( ع ) : ألا و إنّ الدّنيا قد تصرّمت ، و آذنت
بانقضاء . و تنكّر معروفها ، و أدبرت حذّاء ( أي مسرعة
) . فهي تحفز بالفناء سكّانها ، و تحدو بالموت جيرانها . و قد أمرّ فيها
ما كان حلوا ، و كدر منها ما كان صفوا . فلم يبق منها إلاّ سملة ( أي بقية ) كسملة الإداوة (
هو وعاء الماء الذي يتطهر به ) ، أو جرعة كجرعة المقلة ( المقلة : هي الحصاة يضعها المسافرون في اناء ، و يصبون
عليها الماء ، فيشرب كل واحد مقدار ما يغمرها . يفعلون ذلك اذا قلّ الماء )
، لو تمزّزها الصّديان لم ينقع ( أي اذا امتصّها
العطشان لم يرتو ) . فازمعوا عباد اللّه الرّحيل عن هذه الدّار المقدور على
أهلها الزّوال ، و لا يغلبنّكم فيها الأمل ، و لا يطولنّ عليكم فيها الأمد . ( الخطبة 52 ، 108 ) ألا و إنّ
الدّنيا دار لا يسلم منها إلاّ فيها ، و لا ينجى بشي ء كان لها : ابتلي النّاس
بها فتنة . . . فإنّها عند ذوي العقول كفي ء
الظّلّ ، بينا تراه سابغا حتّى قلص ، و زائدا حتّى نقص . ( الخطبة 61 ، 116 ) ما أصف من دار
أوّلها عناء ، و آخرها فناء . في حلالها حساب ، و في حرامها عقاب . و قال
( ع ) عن الدنيا : . . . في قرار خبرة و
دار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون عليها (
الخطبة 81 ، 1 ، 137 ) ثم قال ( ع ) : فإنّ الدّنيا رنق مشربها ، ردغ مشرعها
. يونق منظرها ، و يوبق مخبرها . و قال ( ع ) في صفة المغتر بالدنيا : حتّى إذا قام
اعتداله ، و استوى مثاله ، نفر مستكبرا ، و خبط سادرا . ماتحا في غرب هواه ،
كادحا سعيا لدنياه . في لذّات طربه ، و بدوات أريه . لا يحتسب رزيّة ، و لا يخشع
تقيّة . فمات في فتنته غريرا ، و عاش في هفوته يسيرا . لم يفد عوضا ، و لم يقض
مفترضا . ( الخطبة 81 ، 3 ، 146 ) فأنّى تؤفكون ؟
أم أين تصرفون ؟ أم بماذا تغترّون ؟ و إنّما حظّ أحدكم من الأرض ، ذات الطّول و
العرض ، قيد قدّه ، متعفّرا على خدّه . ( الخطبة 81 ، 3
، 148 ) و قال ( ع ) عن بني أمية و الدنيا : بل هي مجّة من لذيذ العيش ، يتطعّمونها برهة ، ثمّ
يلفظونها جملة . ( الخطبة 85 ، 156 ) فلا يغرّنّكم ما أصبح فيه أهل الغرور ، فإنّما هو ظلّ
ممدود ، إلى أجل معدود . ( الخطبة 87 ، 158 ) عباد اللّه ، أوصيكم بالرّفض لهذه الدّنيا ، التّاركة لكم
و إن لم تحبّوا تركها ، و المبلية لأجسامكم و إن كنتم تحبّون تجديدها . فإنّما
مثلكم و مثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنّهم قد قطعوه ، و أمّوا علما فكأنّهم قد
بلغوه . و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتّى يبلغها . و ما عسى أن
يكون بقاء من له يوم لا يعدوه ، و طالب حثيث من الموت يحدوه ، و مزعج في الدّنيا
عن الدّنيا حتّى يفارقها رغما ؟ فلا تنافسوا في عزّ الدّنيا و فخرها ، و لا تعجبوا
بزينتها و نعيمها ، و لا تجزعوا من ضرّائها و بؤسها . فإنّ عزّها و فخرها إلى
انقطاع ، و إنّ زينتها و نعيمها إلى زوال ، و ضرّاءها و بؤسها إلى نفاد . أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها ، و اصطلحوا على حبّها
. ( الخطبة 107 ، 209 ) و قال ( ع ) في ذم الدنيا : أمّا بعد ، فإنّي أحذّركم
الدّنيا ، فإنّها حلوة خضرة ، حفّت بالشّهوات ، و تحبّبت بالعاجلة . وراقت
بالقليل ، و تحلّت بالآمال ، و تزيّنت بالغرور . و إن جانب منها اعذوذب و احلولى ، أمرّ منها جانب فأوبى
لا ينال امرؤ من غضارتها رغبا ، إلاّ أرهقته من نوائبها تبعا . و لا يمسي منها
في جناح أمن ، إلاّ أصبح على قوادم خوف . غرّارة ، غرور ما فيها . فانية ، فان
من عليها . لا خير في شي ء من أزوادها إلاّ التّقوى . من أقلّ منها استكثر ممّا
يؤمنه . و من استكثر منها استكثر ممّا يوبقه ، و زال عمّا قليل عنه . كم من واثق
بها قد فجعته ، و ذي طمأنينة إليها قد صرعته . و أحذّركم الدّنيا فإنّها
منزل قلعة ( أي غير مستقرة ) و ليست بدار نجعة .
قد تزيّنت بغرورها ، و غرّت بزينتها . دار هانت على ربّها فخلط حلالها بحرامها ،
و خيرها بشرّها ، و حياتها بموتها ، و حلوها بمرّها . لم يصفها اللّه تعالى
لأوليائه ، و لم يضنّ بها على أعدائه . خيرها زهيد و شرّها عتيد . و جمعها ينفد
، و ملكها يسلب ، و عامرها يخرب . فما خير دار تنقض نقض البناء ، و عمر يفنى
فيها فناء الزّاد ، و مدّة تنقطع انقطاع السّير اجعلوا ما افترض اللّه عليكم من
طلبكم ، و اسألوه من أداء حقّه ما سألكم . ثمّ إنّ الدّنيا
دار فناء و عناء ، و غير و عبر . فمن الفناء أنّ الدّهر موتر قوسه ، لا تخطئ
سهامه ، و لا تؤسى جراحه . يرمي الحيّ بالموت ، و الصّحيح بالسّقم ، و النّاجي
بالعطب . آكل لا يشبع و شارب لا ينقع . و من العناء أنّ المرء يجمع ما لا يأكل و
يبني ما لا يسكن . ثمّ يخرج إلى اللّه تعالى لا مالا حمل ، و لا بناء نقل . و من
غيرها أنّك ترى المرحوم مغبوطا ، و المغبوط مرحوما ، ليس ذلك إلاّ نعيما زلّ ، و
بؤسا نزل . و من عبرها أنّ المرء يشرف على أمله ، فيقتطعه حضور أجله . فلا أمل
يدرك ، و لا مؤمّل يترك . و اعلموا أنّ ما
نقص من الدّنيا و زاد في الآخرة خير ممّا نقص من الآخرة و زاد في الدّنيا . فكم
من منقوص رابح ، و مزيد خاسر . ( الخطبة 112 ، 221 ) عباد اللّه ، إنّكم و ما تأملون من هذه الدّنيا أثوياء ( أي ضعفاء ) مؤجّلون ، و مدينون مقتضون . أجل منقوص ،
و عمل محفوظ ، فربّ دائب مضيّع ، و ربّ كادح خاسر . و قد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلاّ إدبارا ، و
لا الشّرّ فيه إلاّ إقبالا ، و لا الشّيطان في هلاك النّاس إلاّ طمعا . فهذا
أوان قويت عدّته ، و عمّت مكيدته ، و أمكنت فريسته . اضرب بطرفك حيث شئت من
النّاس ، فهل تبصر إلاّ فقيرا يكابد فقرا ، أو غنيّا بدّل نعمة اللّه كفرا ، أو
بخيلا اتّخذ البخل بحقّ اللّه وفرا ، أو متمرّدا كأنّ بأذنه عن سمع المواعظ وقرا
أين أخياركم و صلحاؤكم ، و أين أحراركم و سمحاؤكم . و أين المتورّعون في مكاسبهم
، و المتنزّهون في مذاهبهم أليس قد ظعنوا جميعا عن هذه الدّنيا الدّنيّة ، و
العاجلة المنغّصة . و هل خلّفتم إلاّ في حثالة لا تلتقي بذمّهم الشّفتان ،
استصغارا لقدرهم ، و ذهابا عن ذكرهم ، فَإنَّا لِلّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ
رَاجِعُونَ . ( الخطبة 127 ، 240 ) أما رأيتم الّذين
يأملون بعيدا ، و يبنون مشيدا ، و يجمعون كثيرا كيف أصبحت بيوتهم قبورا ، و ما
جمعوا بورا . و صارت أموالهم للوارثين ، و أزواجهم لقوم آخرين . لا في حسنة
يزيدون ، و لا من سيّئة يستعتبون . . . فإنّ
الدّنيا لم تخلق لكم دار مقام ، بل خلقت لكم مجازا . .
. ( الخطبة 130 ، 243 ) أيّها النّاس ،
إنّما أنتم في هذه الدّنيا غرض تنتضل فيه ( أي تترامى
فيه ) المنايا . مع كلّ جرعة شرق ، و في كلّ أكلة غصص . لا تنالون منها
نعمة إلاّ بفراق أخرى ، و لا يعمّر معمّر منكم يوما من عمره ، إلاّ بهدم آخر من
أجله . و لا تجدّد له زيادة في أكله ، إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه . و لا يحيا
له أثر ، إلاّ مات له أثر . و لا يتجدّد له جديد ، إلاّ بعد أن يخلق له جديد . و
لا تقوم له نابتة إلاّ و تسقط منه محصودة . و قد مضت أصول نحن فروعها ، فما بقاء
فرع بعد ذهاب أصله . ( الخطبة 143 ، 256 ) ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت ، فاتّقوا سكرات النّعمة ، و احذروا بوائق النّقمة
. ( الخطبة 149 ، 264 ) ألا فما يصنع
بالدّنيا من خلق للآخرة ؟ و ما يصنع بالمال من عمّا قليل يسلبه ، و تبقى عليه
تبعته و حسابه . ( الخطبة 155 ، 277 ) و يقول ( ع ) : و كذلك من عظمت الدّنيا في عينه ، و
كبر موقعها من قلبه ، آثرها على اللّه تعالى ، فانقطع إليها ، و صار عبدا لها . ثم
يقول ( ع ) : و إن شئت ثنّيت بموسى كليم اللّه عليه السّلام حيث يقول : و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله يأكل على الأرض ، و يجلس جلسة
العبد ، و يخصف بيده نعله ، و يرقع بيده ثوبه ، و يركب الحمار العاري ، و يردف
خلفه ، و يكون السّتر على باب بيته ، فتكون فيه التّصاوير ، فيقول : يا فلانة
لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا و زخارفها . فأعرض
عن الدّنيا بقلبه ، و أمات ذكرها من نفسه ، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ،
لكيلا يتّخذ منها رياشا ، و لا يعتقدها قرارا ، و لا يرجو فيها مقاما . فأخرجها
من النّفس ، و أشخصها عن القلب ، و غيّبها عن البصر . و كذلك من أبغض شيئا أبغض
أن ينظر إليه ، و أن يذكر عنده . رهّب فأبلغ ، و
رغّب فأسبغ . و وصف لكم الدّنيا و انقطاعها ، و زوالها و انتقالها . فاحذروا عباد
اللّه حذر الغالب لنفسه ، المانع لشهوته ، النّاظر بعقله . فإنّ الأمر واضح ، و
العلم قائم ، و الطّريق جدد ، و السّبيل قصد . ( الخطبة
159 ، 287 ) ألا و إنّ هذه
الدّنيا الّتي أصبحتم تتمنّونها و ترغبون فيها ، و أصبحت تغضبكم و ترضيكم ، ليست
بداركم ، و لا منزلكم الّذي خلقتم له ، و لا الّذي دعيتم إليه . ألا و إنّها
ليست بباقية لكم و لا تبقون عليها . و هي و إن غرّتكم منها فقد حذّرتكم شرّها .
فدعوا غرورها لتحذيرها ، و أطماعها لتخويفها . و سابقوا فيها إلى الدّار الّتي
دعيتم إليها ، و انصرفوا بقلوبكم عنها . و لا يخنّنّ أحدكم خنين ( أي بكاء ) الأمة على ما زوي عنه منها . . . أخذ اللّه بقلوبنا و قلوبكم إلى الحقّ ، و
ألهمنا و إيّاكم الصّبر . ( الخطبة 171 ، 309 ) أيّها النّاس إنّ
الدّنيا تغرّ المؤمّل لها و المخلد إليها ، و لا تنفس بمن نافس فيها ، و تغلب من
غلب عليها . ( الخطبة 176 ، 319 ) أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الّذي ألبسكم الرّياش ،
و أسبغ عليكم المعاش . فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع الموت سبيلا
، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام الّذي
سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النّبوّة و عظيم الزّلفة . فلمّا استوفى طعمته ،
و استكمل مدّته ، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت . و أصبحت الدّيار منه خالية ، و
المساكن معطّلة . و ورثها قوم آخرون . و إنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة . ( الخطبة 180 ، 326 ) ألا إنّه قد أدبر
من الدّنيا ما كان مقبلا ، و أقبل منها ما كان مدبرا ، و أزمع التّرحال عباد
اللّه الأخيار . و باعوا قليلا من الدّنيا لا يبقى ، بكثير من الآخرة لا يفنى . ( الخطبة 180 ، 328 ) ذاك حيث تسكرون
من غير شراب ، بل من النّعمة و النّعيم . ( الخطبة 185
، 346 ) . . . و لا ترفعوا من رفعته الدّنيا . و لا تشيموا بارقها ( أي لا تنظروا لما يغركم من مطامعها كالناظر الى البرق أين
يمطر ) و لا تسمعوا ناطقها ، و لا تجيبوا
ناعقها . و لا تستضئوا بإشراقها ، و لا تفتنوا بأعلاقها ( جمع علق و هو الشي ء النفيس ) . فإنّ برقها خالب ، و نطقها كاذب .
و أموالها محروبة ، و أعلاقها مسلوبة . ألا و هي المتصدّية العنون ، و الجامحة
الحرون ، و المائنة الخؤون . و الجحود الكنود ، و العنود الصّدود ، و الحيود
الميود . حالها انتقال ، و وطأتها زلزال . و عزّها ذلّ ، و جدّها هزل ، و علوها
سفل . دار حرب و سلب ، و نهب و عطب . أهلها على ساق و سياق ، و لحاق و فراق . قد
تحيّرت مذاهبها ، و أعجزت مهاربها ، و خابت مطالبها . فأسلمتهم المعاقل ، و
لفظتهم المنازل ، و أعيتهم المحاول . فمن ناج معقور و لحم مجزور . و شلو مذبوح و
دم مسفوح . و عاضّ على يديه ، و صافق بكفّيه ، و مرتفق بخدّيه . و زار على رأيه
، و راجع عن عزمه . أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه . و أحذّركم الدّنيا ، فإنّها دار شخوص و محلّة تنغيص . أيّها النّاس ،
إنّما الدّنيا دار مجاز ، و الآخرة دار قرار . فخذوا من ممرّكم لمقرّكم و لا
تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم . و أخرجوا من الدّنيا قلوبكم من قبل أن
تخرج منها أبدانكم . ( الخطبة 201 ، 396 ) قال (
ع ) عند تلاوته يَا أَيُّهَا
الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ : .
. . يا أيّها الإنسان ، ما جرّأك على ذنبك ، و ما غرّك بربّك ، و ما
أنّسك بهلكة نفسك ؟ . ( الخطبة 221 ، 423 ) ثم قال
( ع ) : . . . و حقّا أقول ما الدّنيا
غرّتك ، و لكن بها اغتررت ، و لقد كاشفتك العظات ، و آذنتك على سواء . و لهي بما
تعدك من نزول البلاء بجسمك ، و النّقص في قوّتك ، أصدق و أوفى من أن تكذبك أو
تغرّك . و لربّ ناصح لها عندك متّهم ، و صادق من خبرها مكذّب . و لئن تعرّفتها
في الدّيار الخاوية ، و الرّبوع الخالية ، لتجدنّها من حسن تذكيرك ، و بلاغ
موعظتك ، بمحلّة الشّفيق عليك ، و الشّحيح بك . و لنعم دار من لم يرض بها دارا و
محلّ من لم يوطّنها محلاّ و إنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم .
( الخطبة 221 ، 424 ) دار بالبلاء
محفوفة ، و بالغدر معروفة ، لا تدوم أحوالها ، و لا يسلم نزّالها . أحوال مختلفة
، و تارات متصرّفة . العيش فيها مذموم ، و الأمان فيها معدوم . و إنّما أهلها
فيها أغراض مستهدفة . ترميهم بسهامها ، و تفنيهم بحمامها . ( الخطبة 224 ، 427 ) . . . فاحذروا الدّنيا فإنّها غدّارة غرّارة خدوع ، معطية منوع ، ملبسة نزوع . لا
يدوم رخاؤها ، و لا ينقضي عناؤها ، و لا يركد بلاؤها . (
الخطبة 228 ، 432 ) عاتب
الامام ( ع ) قاضيه شريح بن الحارث لشرائه دارا بثمانين دينارا ، و قد كتب لها
كتابا . و قال له ( ع ) : أما إنّك لو كنت
أتيتني عند شرائك ما اشتريت ، لكتبت لك كتابا على هذه النّسخة . فلم ترغب في
شراء هذه الدّار بدرهم فما فوق . و النّسخة هذه :
هذا ما اشترى عبد ذليل ، من عبد قد أزعج للرّحيل . اشترى منه دارا من دار الغرور
. من جانب الفانين ، و خطّة الهالكين . و تجمع هذه
الدّار حدود أربعة : الحدّ الأوّل ينتهي
إلى دواعي الآفات . و الحدّ الثّاني ينتهي إلى
دواعي المصيبات . و الحدّ الثّالث ينتهي إلى
الهوى المردي . و الحدّ الرّابع ينتهي إلى
الشّيطان المغوي ، و فيه يشرع باب هذه الدّار . اشترى هذا المغترّ بالأمل ، من
هذا المزعج بالأجل ، هذه الدّار ، بالخروج من عزّ القناعة ، و الدّخول في ذلّ
الطّلب و الضّراعة . فما أدرك هذا المشتري فيما اشترى منه من درك ( الدرك هو التبعة . و المقصود به الضمان الذي يقع على البائع
) . . . . و أنّ الدّنيا لم تكن لتستقرّ إلاّ على ما جعلها
اللّه عليه من النّعماء و الإبتلاء ، و الجزاء في المعاد ، أو ما شاء ممّا لا
تعلم . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) و إيّاك أن تغترّ
بما ترى من إخلاد أهل الدّنيا إليها ، و تكالبهم عليها . فقد نبّأك اللّه عنها ،
و نعت لك نفسها ، و تكشّفت لك عن مساويها . فإنّما أهلها كلاب عاوية و سباع
ضارية ، يهرّ بعضها على بعض ، و يأكل عزيزها ذليلها ، و يقهر كبيرها صغيرها .
نعم معقّلة ( أي إبل مربوطة عن فعل الشر ) و
أخرى مهملة ( غير مربوطة ) . قد أضلّت عقولها و
ركبت مجهولها . سروح عاهة ( أي يسرحون لرعي الآفات )
بواد وعث . ليس لها راع يقيمها و لا مسيم يسيمها . سلكت بهم الدّنيا طريق العمى
، و أخذت بأبصارهم عن منار الهدى . فتاهوا في حيرتها ، و غرقوا في نعمتها . و
اتّخذوها ربّا ، فلعبت بهم و لعبوا بها ، و نسوا ما ورأها . ( الخطبة 270 ، 3 ، 483 ) من أمن الزّمان
خانه ، و من أعظمه أهانه . ( الخطبة 270 ، 4 ، 489 ) إليك عنّي يا
دنيا فحبلك على غاربك ( شبه الدنيا بالناقة ، و الغارب
ما بين السنام و العنق ) قد انسللت من مخالبك ، و أفلت من حبائلك ، و
اجتنبت الذّهاب في مداحضك ( أي مساقطك ) . أين
القرون الّذين غررتهم بمداعبك أين الأمم الّذين فتنتهم بزخارفك فها هم رهائن
القبور ، و مضامين اللّحود و اللّه لو كنت شخصا مرئيّا ، و قالبا حسّيّا ، لأقمت
عليك حدود اللّه في عباد غررتهم بالأماني ، و امم القيتهم في المهاوي ، و ملوك
أسلمتهم إلى التّلف ، و أوردتهم موارد البلاء . إذ لا ورد و لا صدر هيهات من وطى
ء دحضك زلق ( الدحض : المكان الذي لا تثبت فيه القدم )
و من ركب لججك غرق ، و من ازورّ ( أي مال ) عن
حبائلك وفّق . و السّالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه ، و الدّنيا عنده كيوم
حان انسلاخه ( أي زواله ) . أعزبي عنّي . . . « تراجع تتمة الكتاب في المبحث ( 132 ) عدالة الامام ( ع ) »
. ( الخطبة 284 ، 508 ) من كتاب له ( ع ) : أمّا بعد ، فإنّ الدّنيا مشغلة عن غيرها ، و لم يصب
صاحبها منها شيئا إلاّ فتحت له حرصا عليها ، و لهجا بها . و لن يستغني صاحبها
بما نال فيها عمّا لم يبلغه منها . و من وراء ذلك فراق ما جمع و نقض ما أبرم و
لو اعتبرت بما مضى حفظت ما بقي ، و السّلام . ( الخطبة
288 ، 513 ) من
كتاب له ( ع ) الى عبد اللّه بن عباس : أمّا بعد ، فإنّ المرء ليفرح بالشّي ء الّذي لم يكن ليفوته ، و يحزن على
الشّي ء الّذي لم يكن ليصيبه ، فلا يكن أفضل ما نلت في نفسك من دنياك بلوغ لذّة
أو شفاء غيظ ، و لكن إطفاء باطل أو إحياء حقّ . و ليكن سرورك بما قدّمت ، و أسفك
على ما خلّفت ، و همّك فيما بعد الموت . ( الخطبة 305 ،
554 ) و من
كتاب له ( ع ) الى سلمان الفارسي رحمه اللّه قبل أيّام خلافته : أمّا بعد ، فإنّما مثل الدّنيا مثل الحيّة : ليّن مسّها
، قاتل سمّها . فأعرض عمّا يعجبك فيها ، لقلّة ما يصحبك منها . وضع عنك همومها
لما أيقنت به من فراقها و تصرّف حالاتها . و كن آنس ما تكون بها ، أحذر ما تكون
منها ( أي فليكن أشد حذرك منها في حال شدة انسك بها )
، فإنّ صاحبها كلّما اطمأنّ فيها إلى سرور ، أشخصته عنه إلى محذور ، أو إلى
إيناس أزالته عنه إلى إيحاش ، و السّلام . ( الخطبة 307 ، 556 ) و من كتاب له ( ع ) الى الحارث الهمداني : . . . و
اعتبر بما مضى من الدّنيا ما بقي منها ، فإنّ بعضها يشبه بعضا ، و آخرها لاحق
بأوّلها ، و كلّها حائل ( أي زائل ) مفارق . ( الخطبة
308 ، 556 ) . . . و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق ( أي هارب )
من ربّك في طلب الدّنيا . ( الخطبة 308 ، 558 ) من كتاب له ( ع ) الى عبد اللّه بن العباس : أمّا بعد
، فإنّك لست بسابق أجلك ، و لا مرزوق ما ليس لك . و اعلم بأنّ الدّهر يومان :
يوم لك و يوم عليك . و أنّ الدّنيا دار دول ( جمع دولة
أي تنتقل سعادتها من يد الى يد دون ثبات و استقرار ) ، فما كان منها لك
أتاك على ضعفك ، و ما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك . (
الخطبة 311 ، 560 ) إذا أقبلت الدّنيا على أحد أعارته محاسن غيره ، و إذا
أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه . ( 8 ح ، 566 ) إذا كنت في إدبار
و الموت في إقبال ، فما أسرع الملتقى . ( 28 ح ، 569 )
أهل الدّنيا كركب يسار بهم و هم نيام . ( 64 ح ، 576 ) الدّهر يخلق
الأبدان ، و يجدّد الآمال ، و يقرّب المنيّة ، و يباعد الأمنيّة . من ظفر به نصب
، و من فاته تعب . ( 72 ح ، 577 ) و من
خبر ضرار بن حمزة الضبائي عند دخوله على معاوية و مسألته له عن أمير المؤمنين ،
قال : فأشهد لقد رأيته في
بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله ، و هو قائم في محرابه قابض على لحيته ،
يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين ، و يقول :
يا دنيا يا دنيا إليك عنّي . أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت ؟ لا حان حينك ، هيهات
غرّي غيري ، لا حاجة لي فيك . قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير ، و خطرك
يسير ، و أملك حقير . آه من قلّة الزّاد ، و طول الطّريق ، و بعد السّفر ، و
عظيم المورد . ( 77 ح ، 577 ) مثل الدّنيا كمثل
الحيّة ، ليّن مسّها ، و السّمّ النّاقع في جوفها . يهوي إليها الغرّ الجاهل ، و
يحذرها ذو اللّبّ العاقل . ( 119 ح ، 587 ) و قال
( ع ) و قد سمع رجلا يذمّ الدنيا : أيّها
الذّامّ للدّنيا ، المغترّ بغرورها ، المخدوع بأباطيلها أتغترّ بالدّنيا ثمّ
تذمّها ؟ أنت المتجرّم عليها ، أم هي المتجرّمة عليك ؟ متى استهوتك ، أم متى
غرّتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ، أم بمضاجع أمّهاتك تحت الثّرى ؟ كم علّلت
بكفّيك ؟ و كم مرّضت بيديك ؟ تبغي لهم الشّفاء ، و تستوصف لهم الأطبّاء ، غداة
لا يغني عنهم دواؤك ، و لا يجدي عليهم بكاؤك . لم ينفع أحدهم إشفاقك ، و لم تسعف
فيه بطلبتك ، و لم تدفع عنه بقوّتك و قد مثّلت لك به الدّنيا نفسك ، و بمصرعه
مصرعك . إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها ، و دار عافية لمن فهم عنها ، و دار غنى
لمن تزوّد منها ، و دار موعظة لمن اتّعظ بها . مسجد أحبّاء اللّه ، و مصلّى
ملائكة اللّه ، و مهبط وحي اللّه ، و متجر أولياء اللّه . اكتسبوا فيها الرّحمة
، و ربحوا فيها الجنّة . فمن ذا يذّمّها و قد آذنت ببينها ( أي أعلمت أهلها ببعدها و زوالها عنهم ) ، و نادت
بفراقها ، و نعت نفسها و أهلها ، فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، و شوّقتهم بسرورها
إلى السّرور ؟ راحت بعافية ، و ابتكرت بفجيعة ، ترغيبا و ترهيبا ، و تخويفا و
تحذيرا . فذمّها رجال غداة النّدامة ، و حمدها آخرون يوم القيامة . ذكّرتهم
الدّنيا فتذكّروا ، و حدّثتهم فصدّقوا ، و وعظتهم فاتّعظوا . ( 131 ح ، 590 ) إنّ
للّه ملكا ينادي في كلّ يوم : لدوا
للموت ، و اجمعوا للفناء ، و ابنوا للخراب . ( 132 ح ،
591 ) و قال
( ع ) : الدّنيا دار ممرّ لا دار مقرّ . و النّاس فيها رجلان : رجل باع فيها نفسه
فأوبقها ( أي أهلكها ) ، و رجل ابتاع نفسه
فأعتقها . ( 133 ح ، 591 ) لكلّ مقبل إدبار ، و ما أدبر كأن لم يكن . ( 152 ح ، 597 ) إنّما المرء في الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا ، و نهب
تبادره المصائب . و مع كلّ جرعة شرق ، و في كلّ أكلة غصص . و لا ينال العبد نعمة
إلاّ بفراق أخرى ، و لا يستقبل يوما من عمره إلاّ بفراق آخر من أجله . فنحن
أعوان المنون ، و أنفسنا نصب الحتوف . فمن أين نرجو البقاء ، و هذا اللّيل و
النّهار ، لم يرفعا من شي ء شرفا ، إلاّ أسرعا الكرّة في هدم ما بنيا ، و تفريق
ما جمعا ؟ . ( 191 ح ، 601 ) يا ابن آدم ما
كسبت فوق قوتك ، فأنت فيه خازن لغيرك . ( 192 ح ، 601 )
و قال ( ع ) و قد مرّ بقذر على مزبلة : هذا ما بخل به الباخلون ( و في
رواية أخرى ) هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس . ( 195 ح ، 602 ) و من لهج قلبه بحبّ الدّنيا ألتاط قلبه ( أي التصق ) منها بثلاث : همّ لا يغبّه ، و حرص لا
يتركه ، و أمل لا يدركه . ( 228 ح ، 607 ) بينكم و بين
الموعظة حجاب من الغرّة ( أي الغرور بالدنيا ) .
( 282 ح ، 623 ) ما قال النّاس
لشي ء « طوبى له » إلاّ و قد خبأ له الدّهر يوم سوء . (
286 ح ، 624 ) النّاس أبناء
الدّنيا ، و لا يلام الرّجل على حبّ أمّه . ( 303 ح ،
627 ) معاشر النّاس ، اتّقوا اللّه ، فكم من مؤمّل ما لا يبلغه
، و بان ما لا يسكنه ، و جامع ما سوف يتركه . . .
( 344 ح ، 635 ) و من أكثر من ذكر
الموت رضي من الدّنيا باليسير . ( 349 ح ، 636 ) يا أسرى الرّغبة
أقصروا ، فإنّ المعرّج على الدّنيا لا يروعه منها إلاّ صريف أنياب الحدثان ( أي صوت أسنان المصائب ) . 359
ح ، 637 ) يا أيّها النّاس
، متاع الدّنيا حطام موبى ء فتجنّبوا مرعاه قلعتها أحظى من طمأنينتها ، و بلغتها
أزكى من ثروتها . حكم على مكثر بالفاقة ، و أعين من غني عنها بالرّاحة . و من راقه زبرجها أعقبت ناظريه كمها ، و من استشعر الشّغف
بها ملأت ضميره أشجانا . لهنّ رقص على سويداء قلبه . همّ يشغله ، و همّ يحزنه .
كذلك حتّى يؤخذ بكظمه فيلقى بالفضاء ( أي يموت )
منقطعا أبهراه ، هيّنا على اللّه فناؤه ، و على الإخوان إلقاؤه . و إنّما ينظر
المؤمن إلى الدّنيا بعين الاعتبار ، و يقتات منها ببطن الاضطرار ، و يسمع فيها
بأذن المقت و الإبغاض . إن قيل أثرى قيل أكدى ( أي
افتقر ) و إن فرح له بالبقاء حزن له بالفناء هذا و لم يأتهم يوم فيه
يبلسون ( أي يتحيرون ، و هذا اليوم هو يوم القيامة )
. ( 367 ح ، 639 ) ربّ مستقبل يوما ليس بمستدبره ، و مغبوط في أوّل ليله ، قامت
بواكيه في آخره . ( 380 ح ، 644 ) الرّكون إلى الدّنيا مع ما تعاين منها ، جهل . ( 384 ح ، 645 ) من هوان الدّنيا على اللّه أنّه لا يعصى إلاّ فيها ، و لا
ينال ما عنده إلاّ بتركها . ( 385 ح ، 645 ) خذ من الدّنيا ما أتاك ، و تولّ عمّا تولّى عنك ، فإن أنت
لم تفعل فأجمل في الطّلب . ( 393 ح ، 646 ) و
الدّهر يومان : يوم لك و يوم عليك ، فإذا
كان لك فلا تبطر ، و إذا كان عليك فاصبر . ( 396 ح ،
647 ) و قال
( ع ) في صفة الدنيا : تغرّ و تضرّ و
تمرّ . إنّ اللّه تعالى لم يرضها ثوابا لأوليائه ، و لا عقابا لأعدائه . و إنّ
أهل الدّنيا كركب بينا هم حلّوا ، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا . ( 415 ح ، 650 ) لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين : العافية و الغنى . بينا
تراه معافى إذ سقم ، و بينا تراه غنيّا إذ افتقر . 426
ح ، 653 ) ألا حرّ يدع هذه
الّلماظة لأهلها ( اللماظة : بقية الطعام في الفم ،
يريد بها الدنيا ) . الخطبة 456 ح ، 658 ) منهومان لا
يشبعان : طالب علم و طالب دنيا . ( 457 ح ، 658 ) |
|
الفصل السابع و الأربعون حب الدنيا
|
|
( 369 ) طابع الدنيا التقلب
|
|
مدخل : |
|
بيّن الامام علي ( ع ) من خلال ذمه للتعلق بالدنيا ، أهم خاصة للدنيا ، و هي
التقلب و التغير و التنكر للانسان ، فهي لا تسير على وتيرة واحدة ، بل تغدر
بتبدلها و تحولها من حال الى حال . فالانسان فيها بينا يكون قويا صحيحا اذ به
يصير عليلا مريضا ، و بينا يكون غنيا وجيها اذ به يصير فقيرا حقيرا . |
|
النصوص : |
|
قال الامام علي ( ع ) : أيّها النّاس ،
إنّما أنتم في هذه الدّنيا غرض تنتضل ( أي تترامى )
فيه المنايا . مع كلّ جرعة شرق ، و في كلّ أكلة غصص . لا تنالون منها نعمة إلاّ
بفراق أخرى ، و لا يعمّر معمّر منكم يوما من عمره ، إلاّ بهدم آخر من أجله . و
لا تجدّد له زيادة في أكله ، إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه . و لا يحيا له أثر ،
إلاّ مات له أثر . و لا يتجدّد له جديد ، إلاّ بعد أن يخلق له جديد . و لا تقوم
له نابتة إلاّ و تسقط منه محصودة . و قد مضت أصول نحن فروعها ، فما بقاء فرع بعد
ذهاب أصله . ( الخطبة 143 ، 256 ) و قيل للامام ( ع ) : كيف نجدك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام : كيف يكون حال من يفنى ببقائه ، و
يسقم بصحّته ، و يؤتى من مأمنه . ( 115 ح ، 586 ) إنّما المرء في
الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا ، و نهب تبادره المصائب . و مع كلّ جرعة شرق ، و
في كلّ أكلة غصص . و لا ينال العبد نعمة إلاّ بفراق أخرى ، و لا يستقبل يوما من
عمره إلاّ بفراق آخر من أجله . فنحن أعوان المنون ، و أنفسنا نصب الحتوف . فمن
أين نرجو البقاء ، و هذا اللّيل و النّهار ، لم يرفعا من شي ء شرفا ، إلاّ أسرعا
الكرّة في هدم ما بنيا ، و تفريق ما جمعا ؟ ( 191 ح ،
601 ) لا ينبغي للعبد
أن يثق بخصلتين : العافية و الغنى . بينا تراه معافى إذ سقم ، و بينا تراه غنيّا
إذ افتقر . ( 426 ح ، 653 ) |
|
( 370 ) ماهي الدنيا المذمومة ؟
|
|
مدخل : |
|
الانسان بفطرته يحبّ الحياة ، و ليس المقصود من ذمّ
الدنيا ذم الحياة ، و لا ذمّ العلاقات الطبيعية و الفطرية . و انّما المقصود من
ذلك هو ذمّ العلاقة القلبية الموجبة لأسر الانسان بيد الدنيا و من في يده شي ء
منها . و هذا ما يسميه الاسلام : عبادة الدنيا ، و يكافحه مكافحة شديدة . |
|
النصوص : |
|
يقسم الامام ( ع ) أبناء الدنيا الى أربعة
أقسام فيقول : و النّاس على أربعة أصناف : و منهم : المصلت لسيفه و المعلن بشرّه ، و المجلب بخيله و رجله . قد أشرط نفسه و
أوبق دينه ، لحطام ينتهزه أو مقنب ( طائفة من الخيل )
يقوده أو منبر يفرعه ( أي يعلوه ) . و لبئس
المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا ، و ممّا لك عند اللّه عوضا . فأصلح مثواك ، و لا تبع آخرتك بدنياك . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق من ربّك في طلب
الدّنيا . ( الخطبة 308 ، 558 ) |
|
( 371 ) الذم للانسان و ليس للدنيا
|
|
مدخل : |
|
ان الاسلام المتمثل في نهج بلاغة
الامام علي ( ع ) يرى علاقة الانسان بالدنيا ، كعلاقة
الزارع بزرعه : « الدنيا مزرعة الآخرة » . أو علاقة
التاجر بالمتجر : « الدنيا متجر أولياء اللّه » . أو علاقة المسابق بميدان السباق : « ألا و إنّ اليوم
المضمار و غدا السباق ، و السبقة الجنّة و الغاية النار » . أو علاقة العابد بالمسجد : « الدنيا مسجد أحباء اللّه » . |
|
النصوص : |
|
قال الامام علي ( ع ) : ثم قال
( ع ) . . . و حقا أقول ما الدّنيا غرّتك
، و لكن بها اغتررت ، و لقد كاشفتك العظات ، و آذنتك على سواء . و لهي بما تعدك
من نزول البلاء بجسمك ، و النّقص في قوّتك ، أصدق و أوفى من أن تكذبك أو تغرّك .
و لربّ ناصح لها عندك متّهم و صادق من خبرها مكذّب . و لئن تعرّفتها في الدّيار
الخاوية ، و الرّبوع الخالية ، لتجدنّها من حسن تذكيرك ، و بلاغ موعظتك ، بمحلّة
الشّفيق عليك ، و الشّحيح بك . و لنعم دار من لم يرض بها دارا و محلّ من لم
يوطّنها محلاّ و إنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم . ( الخطبة 221 ، 424 ) و قال ( ع ) و قد سمع رجلا يذم الدنيا : أيّها الذّامّ للدّنيا ، المغترّ بغرورها ، المخدوع
بأباطيلها أتغترّ بالدّنيا ثمّ تذّمّها ؟ أنت المتجرّم عليها ، أم هي المتجرّمة
عليك ؟ متى استهوتك ، أم متى غرّتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ، أم بمضاجع
أمّهاتك تحت الثّرى ؟ كم علّلت بكفّيك ؟ و كم مرّضت بيديك ؟ تبغي لهم الشّفاء ،
و تستوصف لهم الأطبّاء ، غداة لا يغني عنهم دواؤك ، و لا يجدي عليهم بكاؤك . لم
ينفع أحدهم إشفاقك ، و لم تسعف فيه بطلبتك ، و لم تدفع عنه بقوّتك و قد مثّلت لك
به الدّنيا نفسك ، و بمصرعه مصرعك . إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها ، و دار
عافية لمن فهم عنها ، و دار غنى لمن تزوّد منها ، و دار موعظة لمن اتّعظ بها .
مسجد أحبّاء اللّه ، و مصلّى ملائكة اللّه ، و مهبط وحي اللّه ، و متجر أولياء
اللّه . اكتسبوا فيها الرّحمة ، و ربحوا
فيها الجنّة . فمن ذا يذمّها و قد اذنت ببينها ( أي
أعلمت أهلها ببعدها و زوالها عنهم ) ، و نادت بفراقها ، و نعت نفسها و
أهلها ، فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، و شوّقتهم بسرورها إلى السّرور ؟ راحت
بعافية ، و ابتكرت بفجيعة ، ترغيبا و ترهيبا ، و تخويفا و تحذيرا . فذمّها رجال
غداة النّدامة ، و حمدها آخرون يوم القيامة . ذكّرتهم الدّنيا فتذكّروا ، و
حدّثتهم فصدّقوا ، و وعظتهم فاتّعظوا . ( 131 ح ، 590 ) |
|
( 372 ) التحذير من الدنيا و غرورها
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) في آخر الشقشقيّة : و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم و راقهم زبرجها ( الزبرج : الزينة ) . الخطبة
3 ، 44 ) و قال ( ع ) عن حال الدنيا : و لقلّما أدبر شي ء فأقبل . (
الخطبة 16 ، 57 ) فإن رأى أحدكم لأخيه غفيرة ( أي
زيادة ) في أهل أو مال أو نفس ، فلا تكوننّ له فتنة . ( الخطبة 23 ، 68 ) و لبئس المتجر أن ترى الدّنيا لنفسك ثمنا ، و ممّا لك عند
اللّه عوضا . ( الخطبة 32 ، 86 ) فلتكن الدّنيا في
أعينكم أصغر من حثالة القرظ ( هو ثمر السنط يدبغ به )
و قراظة الجلم ( هو المقصّ الذي يجزّ به الصوف )
. و اتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يتّعظ بكم من بعدكم . و ارفضوها ذميمة ،
فإنّها قد رفضت من كان أشغف بها منكم . ( الخطبة 32 ،
87 ) و الدّنيا دار
مني لها الفناء ، و لأهلها منها الجلاء ، و هي حلوة خضراء . و قد عجلت للطّالب ،
و التبست بقلب النّاظر ، فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزّاد ، و لا
تسألوا فيها فوق الكفاف ، و لا تطلبوا منها أكثر من البلاغ . ( الخطبة 45 ، 103 ) قال ( ع ) : ألا و إنّ الدّنيا قد تصرّمت ، و آذنت
بانقضاء . و تنكّر معروفها ، و أدبرت حذّاء ( أي مسرعة
) . فهي تحفز بالفناء سكّانها ، و تحدو بالموت جيرانها . و قد أمرّ فيها
ما كان حلوا ، و كدر منها ما كان صفوا . فلم يبق منها إلاّ سملة ( أي بقية ) كسملة الإداوة (
هو وعاء الماء الذي يتطهر به ) ، أو جرعة كجرعة المقلة ( المقلة : هي الحصاة يضعها المسافرون في اناء ، و يصبون
عليها الماء ، فيشرب كل واحد مقدار ما يغمرها . يفعلون ذلك اذا قلّ الماء )
، لو تمزّزها الصّديان لم ينقع ( أي اذا امتصّها
العطشان لم يرتو ) . فازمعوا عباد اللّه الرّحيل عن هذه الدّار المقدور على
أهلها الزّوال ، و لا يغلبنّكم فيها الأمل ، و لا يطولنّ عليكم فيها الأمد . ( الخطبة 52 ، 108 ) ألا و إنّ
الدّنيا دار لا يسلم منها إلاّ فيها ، و لا ينجى بشي ء كان لها : ابتلي النّاس
بها فتنة . . . فإنّها عند ذوي العقول كفي ء
الظّلّ ، بينا تراه سابغا حتّى قلص ، و زائدا حتّى نقص . ( الخطبة 61 ، 116 ) ما أصف من دار
أوّلها عناء ، و آخرها فناء . في حلالها حساب ، و في حرامها عقاب . و قال
( ع ) عن الدنيا : . . . في قرار خبرة و
دار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون عليها (
الخطبة 81 ، 1 ، 137 ) ثم قال ( ع ) : فإنّ الدّنيا رنق مشربها ، ردغ مشرعها
. يونق منظرها ، و يوبق مخبرها . و قال ( ع ) في صفة المغتر بالدنيا : حتّى إذا قام
اعتداله ، و استوى مثاله ، نفر مستكبرا ، و خبط سادرا . ماتحا في غرب هواه ،
كادحا سعيا لدنياه . في لذّات طربه ، و بدوات أريه . لا يحتسب رزيّة ، و لا يخشع
تقيّة . فمات في فتنته غريرا ، و عاش في هفوته يسيرا . لم يفد عوضا ، و لم يقض
مفترضا . ( الخطبة 81 ، 3 ، 146 ) فأنّى تؤفكون ؟
أم أين تصرفون ؟ أم بماذا تغترّون ؟ و إنّما حظّ أحدكم من الأرض ، ذات الطّول و
العرض ، قيد قدّه ، متعفّرا على خدّه . ( الخطبة 81 ، 3
، 148 ) و قال ( ع ) عن بني أمية و الدنيا : بل هي مجّة من لذيذ العيش ، يتطعّمونها برهة ، ثمّ
يلفظونها جملة . ( الخطبة 85 ، 156 ) فلا يغرّنّكم ما أصبح فيه أهل الغرور ، فإنّما هو ظلّ
ممدود ، إلى أجل معدود . ( الخطبة 87 ، 158 ) عباد اللّه ، أوصيكم بالرّفض لهذه الدّنيا ، التّاركة لكم
و إن لم تحبّوا تركها ، و المبلية لأجسامكم و إن كنتم تحبّون تجديدها . فإنّما
مثلكم و مثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنّهم قد قطعوه ، و أمّوا علما فكأنّهم قد
بلغوه . و كم عسى المجري إلى الغاية أن يجري إليها حتّى يبلغها . و ما عسى أن
يكون بقاء من له يوم لا يعدوه ، و طالب حثيث من الموت يحدوه ، و مزعج في الدّنيا
عن الدّنيا حتّى يفارقها رغما ؟ فلا تنافسوا في عزّ الدّنيا و فخرها ، و لا تعجبوا
بزينتها و نعيمها ، و لا تجزعوا من ضرّائها و بؤسها . فإنّ عزّها و فخرها إلى
انقطاع ، و إنّ زينتها و نعيمها إلى زوال ، و ضرّاءها و بؤسها إلى نفاد . أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها ، و اصطلحوا على حبّها
. ( الخطبة 107 ، 209 ) و قال ( ع ) في ذم الدنيا : أمّا بعد ، فإنّي أحذّركم
الدّنيا ، فإنّها حلوة خضرة ، حفّت بالشّهوات ، و تحبّبت بالعاجلة . وراقت
بالقليل ، و تحلّت بالآمال ، و تزيّنت بالغرور . و إن جانب منها اعذوذب و احلولى ، أمرّ منها جانب فأوبى
لا ينال امرؤ من غضارتها رغبا ، إلاّ أرهقته من نوائبها تبعا . و لا يمسي منها
في جناح أمن ، إلاّ أصبح على قوادم خوف . غرّارة ، غرور ما فيها . فانية ، فان
من عليها . لا خير في شي ء من أزوادها إلاّ التّقوى . من أقلّ منها استكثر ممّا
يؤمنه . و من استكثر منها استكثر ممّا يوبقه ، و زال عمّا قليل عنه . كم من واثق
بها قد فجعته ، و ذي طمأنينة إليها قد صرعته . و أحذّركم الدّنيا فإنّها
منزل قلعة ( أي غير مستقرة ) و ليست بدار نجعة .
قد تزيّنت بغرورها ، و غرّت بزينتها . دار هانت على ربّها فخلط حلالها بحرامها ،
و خيرها بشرّها ، و حياتها بموتها ، و حلوها بمرّها . لم يصفها اللّه تعالى
لأوليائه ، و لم يضنّ بها على أعدائه . خيرها زهيد و شرّها عتيد . و جمعها ينفد
، و ملكها يسلب ، و عامرها يخرب . فما خير دار تنقض نقض البناء ، و عمر يفنى
فيها فناء الزّاد ، و مدّة تنقطع انقطاع السّير اجعلوا ما افترض اللّه عليكم من
طلبكم ، و اسألوه من أداء حقّه ما سألكم . ثمّ إنّ الدّنيا
دار فناء و عناء ، و غير و عبر . فمن الفناء أنّ الدّهر موتر قوسه ، لا تخطئ
سهامه ، و لا تؤسى جراحه . يرمي الحيّ بالموت ، و الصّحيح بالسّقم ، و النّاجي
بالعطب . آكل لا يشبع و شارب لا ينقع . و من العناء أنّ المرء يجمع ما لا يأكل و
يبني ما لا يسكن . ثمّ يخرج إلى اللّه تعالى لا مالا حمل ، و لا بناء نقل . و من
غيرها أنّك ترى المرحوم مغبوطا ، و المغبوط مرحوما ، ليس ذلك إلاّ نعيما زلّ ، و
بؤسا نزل . و من عبرها أنّ المرء يشرف على أمله ، فيقتطعه حضور أجله . فلا أمل
يدرك ، و لا مؤمّل يترك . و اعلموا أنّ ما
نقص من الدّنيا و زاد في الآخرة خير ممّا نقص من الآخرة و زاد في الدّنيا . فكم
من منقوص رابح ، و مزيد خاسر . ( الخطبة 112 ، 221 ) عباد اللّه ، إنّكم و ما تأملون من هذه الدّنيا أثوياء ( أي ضعفاء ) مؤجّلون ، و مدينون مقتضون . أجل منقوص ،
و عمل محفوظ ، فربّ دائب مضيّع ، و ربّ كادح خاسر . و قد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلاّ إدبارا ، و
لا الشّرّ فيه إلاّ إقبالا ، و لا الشّيطان في هلاك النّاس إلاّ طمعا . فهذا
أوان قويت عدّته ، و عمّت مكيدته ، و أمكنت فريسته . اضرب بطرفك حيث شئت من
النّاس ، فهل تبصر إلاّ فقيرا يكابد فقرا ، أو غنيّا بدّل نعمة اللّه كفرا ، أو
بخيلا اتّخذ البخل بحقّ اللّه وفرا ، أو متمرّدا كأنّ بأذنه عن سمع المواعظ وقرا
أين أخياركم و صلحاؤكم ، و أين أحراركم و سمحاؤكم . و أين المتورّعون في مكاسبهم
، و المتنزّهون في مذاهبهم أليس قد ظعنوا جميعا عن هذه الدّنيا الدّنيّة ، و
العاجلة المنغّصة . و هل خلّفتم إلاّ في حثالة لا تلتقي بذمّهم الشّفتان ،
استصغارا لقدرهم ، و ذهابا عن ذكرهم ، فَإنَّا لِلّهِ وَ إنَّا إلَيْهِ
رَاجِعُونَ . ( الخطبة 127 ، 240 ) أما رأيتم الّذين
يأملون بعيدا ، و يبنون مشيدا ، و يجمعون كثيرا كيف أصبحت بيوتهم قبورا ، و ما
جمعوا بورا . و صارت أموالهم للوارثين ، و أزواجهم لقوم آخرين . لا في حسنة
يزيدون ، و لا من سيّئة يستعتبون . . . فإنّ
الدّنيا لم تخلق لكم دار مقام ، بل خلقت لكم مجازا . .
. ( الخطبة 130 ، 243 ) أيّها النّاس ،
إنّما أنتم في هذه الدّنيا غرض تنتضل فيه ( أي تترامى
فيه ) المنايا . مع كلّ جرعة شرق ، و في كلّ أكلة غصص . لا تنالون منها
نعمة إلاّ بفراق أخرى ، و لا يعمّر معمّر منكم يوما من عمره ، إلاّ بهدم آخر من
أجله . و لا تجدّد له زيادة في أكله ، إلاّ بنفاد ما قبلها من رزقه . و لا يحيا
له أثر ، إلاّ مات له أثر . و لا يتجدّد له جديد ، إلاّ بعد أن يخلق له جديد . و
لا تقوم له نابتة إلاّ و تسقط منه محصودة . و قد مضت أصول نحن فروعها ، فما بقاء
فرع بعد ذهاب أصله . ( الخطبة 143 ، 256 ) ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت ، فاتّقوا سكرات النّعمة ، و احذروا بوائق النّقمة
. ( الخطبة 149 ، 264 ) ألا فما يصنع
بالدّنيا من خلق للآخرة ؟ و ما يصنع بالمال من عمّا قليل يسلبه ، و تبقى عليه
تبعته و حسابه . ( الخطبة 155 ، 277 ) و يقول ( ع ) : و كذلك من عظمت الدّنيا في عينه ، و
كبر موقعها من قلبه ، آثرها على اللّه تعالى ، فانقطع إليها ، و صار عبدا لها . ثم
يقول ( ع ) : و إن شئت ثنّيت بموسى كليم اللّه عليه السّلام حيث يقول : و لقد كان صلّى اللّه عليه و آله يأكل على الأرض ، و يجلس جلسة
العبد ، و يخصف بيده نعله ، و يرقع بيده ثوبه ، و يركب الحمار العاري ، و يردف
خلفه ، و يكون السّتر على باب بيته ، فتكون فيه التّصاوير ، فيقول : يا فلانة
لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا و زخارفها . فأعرض
عن الدّنيا بقلبه ، و أمات ذكرها من نفسه ، و أحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ،
لكيلا يتّخذ منها رياشا ، و لا يعتقدها قرارا ، و لا يرجو فيها مقاما . فأخرجها
من النّفس ، و أشخصها عن القلب ، و غيّبها عن البصر . و كذلك من أبغض شيئا أبغض
أن ينظر إليه ، و أن يذكر عنده . رهّب فأبلغ ، و
رغّب فأسبغ . و وصف لكم الدّنيا و انقطاعها ، و زوالها و انتقالها . فاحذروا عباد
اللّه حذر الغالب لنفسه ، المانع لشهوته ، النّاظر بعقله . فإنّ الأمر واضح ، و
العلم قائم ، و الطّريق جدد ، و السّبيل قصد . ( الخطبة
159 ، 287 ) ألا و إنّ هذه
الدّنيا الّتي أصبحتم تتمنّونها و ترغبون فيها ، و أصبحت تغضبكم و ترضيكم ، ليست
بداركم ، و لا منزلكم الّذي خلقتم له ، و لا الّذي دعيتم إليه . ألا و إنّها
ليست بباقية لكم و لا تبقون عليها . و هي و إن غرّتكم منها فقد حذّرتكم شرّها .
فدعوا غرورها لتحذيرها ، و أطماعها لتخويفها . و سابقوا فيها إلى الدّار الّتي
دعيتم إليها ، و انصرفوا بقلوبكم عنها . و لا يخنّنّ أحدكم خنين ( أي بكاء ) الأمة على ما زوي عنه منها . . . أخذ اللّه بقلوبنا و قلوبكم إلى الحقّ ، و
ألهمنا و إيّاكم الصّبر . ( الخطبة 171 ، 309 ) أيّها النّاس إنّ
الدّنيا تغرّ المؤمّل لها و المخلد إليها ، و لا تنفس بمن نافس فيها ، و تغلب من
غلب عليها . ( الخطبة 176 ، 319 ) أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الّذي ألبسكم الرّياش ،
و أسبغ عليكم المعاش . فلو أنّ أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع الموت سبيلا
، لكان ذلك سليمان بن داود عليه السّلام الّذي
سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النّبوّة و عظيم الزّلفة . فلمّا استوفى طعمته ،
و استكمل مدّته ، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت . و أصبحت الدّيار منه خالية ، و
المساكن معطّلة . و ورثها قوم آخرون . و إنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة . ( الخطبة 180 ، 326 ) ألا إنّه قد أدبر
من الدّنيا ما كان مقبلا ، و أقبل منها ما كان مدبرا ، و أزمع التّرحال عباد
اللّه الأخيار . و باعوا قليلا من الدّنيا لا يبقى ، بكثير من الآخرة لا يفنى . ( الخطبة 180 ، 328 ) ذاك حيث تسكرون
من غير شراب ، بل من النّعمة و النّعيم . ( الخطبة 185
، 346 ) . . . و لا ترفعوا من رفعته الدّنيا . و لا تشيموا بارقها ( أي لا تنظروا لما يغركم من مطامعها كالناظر الى البرق أين
يمطر ) و لا تسمعوا ناطقها ، و لا تجيبوا
ناعقها . و لا تستضئوا بإشراقها ، و لا تفتنوا بأعلاقها ( جمع علق و هو الشي ء النفيس ) . فإنّ برقها خالب ، و نطقها كاذب .
و أموالها محروبة ، و أعلاقها مسلوبة . ألا و هي المتصدّية العنون ، و الجامحة
الحرون ، و المائنة الخؤون . و الجحود الكنود ، و العنود الصّدود ، و الحيود
الميود . حالها انتقال ، و وطأتها زلزال . و عزّها ذلّ ، و جدّها هزل ، و علوها
سفل . دار حرب و سلب ، و نهب و عطب . أهلها على ساق و سياق ، و لحاق و فراق . قد
تحيّرت مذاهبها ، و أعجزت مهاربها ، و خابت مطالبها . فأسلمتهم المعاقل ، و
لفظتهم المنازل ، و أعيتهم المحاول . فمن ناج معقور و لحم مجزور . و شلو مذبوح و
دم مسفوح . و عاضّ على يديه ، و صافق بكفّيه ، و مرتفق بخدّيه . و زار على رأيه
، و راجع عن عزمه . أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه . و أحذّركم الدّنيا ، فإنّها دار شخوص و محلّة تنغيص . أيّها النّاس ،
إنّما الدّنيا دار مجاز ، و الآخرة دار قرار . فخذوا من ممرّكم لمقرّكم و لا
تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم . و أخرجوا من الدّنيا قلوبكم من قبل أن
تخرج منها أبدانكم . ( الخطبة 201 ، 396 ) قال (
ع ) عند تلاوته يَا أَيُّهَا
الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ : .
. . يا أيّها الإنسان ، ما جرّأك على ذنبك ، و ما غرّك بربّك ، و ما
أنّسك بهلكة نفسك ؟ . ( الخطبة 221 ، 423 ) ثم قال
( ع ) : . . . و حقّا أقول ما الدّنيا
غرّتك ، و لكن بها اغتررت ، و لقد كاشفتك العظات ، و آذنتك على سواء . و لهي بما
تعدك من نزول البلاء بجسمك ، و النّقص في قوّتك ، أصدق و أوفى من أن تكذبك أو
تغرّك . و لربّ ناصح لها عندك متّهم ، و صادق من خبرها مكذّب . و لئن تعرّفتها
في الدّيار الخاوية ، و الرّبوع الخالية ، لتجدنّها من حسن تذكيرك ، و بلاغ
موعظتك ، بمحلّة الشّفيق عليك ، و الشّحيح بك . و لنعم دار من لم يرض بها دارا و
محلّ من لم يوطّنها محلاّ و إنّ السّعداء بالدّنيا غدا هم الهاربون منها اليوم .
( الخطبة 221 ، 424 ) دار بالبلاء
محفوفة ، و بالغدر معروفة ، لا تدوم أحوالها ، و لا يسلم نزّالها . أحوال مختلفة
، و تارات متصرّفة . العيش فيها مذموم ، و الأمان فيها معدوم . و إنّما أهلها
فيها أغراض مستهدفة . ترميهم بسهامها ، و تفنيهم بحمامها . ( الخطبة 224 ، 427 ) . . . فاحذروا الدّنيا فإنّها غدّارة غرّارة خدوع ، معطية منوع ، ملبسة نزوع . لا
يدوم رخاؤها ، و لا ينقضي عناؤها ، و لا يركد بلاؤها . (
الخطبة 228 ، 432 ) عاتب
الامام ( ع ) قاضيه شريح بن الحارث لشرائه دارا بثمانين دينارا ، و قد كتب لها
كتابا . و قال له ( ع ) : أما إنّك لو كنت
أتيتني عند شرائك ما اشتريت ، لكتبت لك كتابا على هذه النّسخة . فلم ترغب في
شراء هذه الدّار بدرهم فما فوق . و النّسخة هذه :
هذا ما اشترى عبد ذليل ، من عبد قد أزعج للرّحيل . اشترى منه دارا من دار الغرور
. من جانب الفانين ، و خطّة الهالكين . و تجمع هذه
الدّار حدود أربعة : الحدّ الأوّل ينتهي
إلى دواعي الآفات . و الحدّ الثّاني ينتهي إلى
دواعي المصيبات . و الحدّ الثّالث ينتهي إلى
الهوى المردي . و الحدّ الرّابع ينتهي إلى
الشّيطان المغوي ، و فيه يشرع باب هذه الدّار . اشترى هذا المغترّ بالأمل ، من
هذا المزعج بالأجل ، هذه الدّار ، بالخروج من عزّ القناعة ، و الدّخول في ذلّ
الطّلب و الضّراعة . فما أدرك هذا المشتري فيما اشترى منه من درك ( الدرك هو التبعة . و المقصود به الضمان الذي يقع على البائع
) . . . . و أنّ الدّنيا لم تكن لتستقرّ إلاّ على ما جعلها
اللّه عليه من النّعماء و الإبتلاء ، و الجزاء في المعاد ، أو ما شاء ممّا لا
تعلم . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) و إيّاك أن تغترّ
بما ترى من إخلاد أهل الدّنيا إليها ، و تكالبهم عليها . فقد نبّأك اللّه عنها ،
و نعت لك نفسها ، و تكشّفت لك عن مساويها . فإنّما أهلها كلاب عاوية و سباع
ضارية ، يهرّ بعضها على بعض ، و يأكل عزيزها ذليلها ، و يقهر كبيرها صغيرها .
نعم معقّلة ( أي إبل مربوطة عن فعل الشر ) و
أخرى مهملة ( غير مربوطة ) . قد أضلّت عقولها و
ركبت مجهولها . سروح عاهة ( أي يسرحون لرعي الآفات )
بواد وعث . ليس لها راع يقيمها و لا مسيم يسيمها . سلكت بهم الدّنيا طريق العمى
، و أخذت بأبصارهم عن منار الهدى . فتاهوا في حيرتها ، و غرقوا في نعمتها . و
اتّخذوها ربّا ، فلعبت بهم و لعبوا بها ، و نسوا ما ورأها . ( الخطبة 270 ، 3 ، 483 ) من أمن الزّمان
خانه ، و من أعظمه أهانه . ( الخطبة 270 ، 4 ، 489 ) إليك عنّي يا
دنيا فحبلك على غاربك ( شبه الدنيا بالناقة ، و الغارب
ما بين السنام و العنق ) قد انسللت من مخالبك ، و أفلت من حبائلك ، و
اجتنبت الذّهاب في مداحضك ( أي مساقطك ) . أين
القرون الّذين غررتهم بمداعبك أين الأمم الّذين فتنتهم بزخارفك فها هم رهائن
القبور ، و مضامين اللّحود و اللّه لو كنت شخصا مرئيّا ، و قالبا حسّيّا ، لأقمت
عليك حدود اللّه في عباد غررتهم بالأماني ، و امم القيتهم في المهاوي ، و ملوك
أسلمتهم إلى التّلف ، و أوردتهم موارد البلاء . إذ لا ورد و لا صدر هيهات من وطى
ء دحضك زلق ( الدحض : المكان الذي لا تثبت فيه القدم )
و من ركب لججك غرق ، و من ازورّ ( أي مال ) عن
حبائلك وفّق . و السّالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه ، و الدّنيا عنده كيوم
حان انسلاخه ( أي زواله ) . أعزبي عنّي . . . « تراجع تتمة الكتاب في المبحث ( 132 ) عدالة الامام ( ع ) »
. ( الخطبة 284 ، 508 ) من كتاب له ( ع ) : أمّا بعد ، فإنّ الدّنيا مشغلة عن غيرها ، و لم يصب
صاحبها منها شيئا إلاّ فتحت له حرصا عليها ، و لهجا بها . و لن يستغني صاحبها
بما نال فيها عمّا لم يبلغه منها . و من وراء ذلك فراق ما جمع و نقض ما أبرم و
لو اعتبرت بما مضى حفظت ما بقي ، و السّلام . ( الخطبة
288 ، 513 ) من
كتاب له ( ع ) الى عبد اللّه بن عباس : أمّا بعد ، فإنّ المرء ليفرح بالشّي ء الّذي لم يكن ليفوته ، و يحزن على
الشّي ء الّذي لم يكن ليصيبه ، فلا يكن أفضل ما نلت في نفسك من دنياك بلوغ لذّة
أو شفاء غيظ ، و لكن إطفاء باطل أو إحياء حقّ . و ليكن سرورك بما قدّمت ، و أسفك
على ما خلّفت ، و همّك فيما بعد الموت . ( الخطبة 305 ،
554 ) و من
كتاب له ( ع ) الى سلمان الفارسي رحمه اللّه قبل أيّام خلافته : أمّا بعد ، فإنّما مثل الدّنيا مثل الحيّة : ليّن مسّها
، قاتل سمّها . فأعرض عمّا يعجبك فيها ، لقلّة ما يصحبك منها . وضع عنك همومها
لما أيقنت به من فراقها و تصرّف حالاتها . و كن آنس ما تكون بها ، أحذر ما تكون
منها ( أي فليكن أشد حذرك منها في حال شدة انسك بها )
، فإنّ صاحبها كلّما اطمأنّ فيها إلى سرور ، أشخصته عنه إلى محذور ، أو إلى
إيناس أزالته عنه إلى إيحاش ، و السّلام . ( الخطبة 307 ، 556 ) و من كتاب له ( ع ) الى الحارث الهمداني : . . . و
اعتبر بما مضى من الدّنيا ما بقي منها ، فإنّ بعضها يشبه بعضا ، و آخرها لاحق
بأوّلها ، و كلّها حائل ( أي زائل ) مفارق . ( الخطبة
308 ، 556 ) . . . و إيّاك أن ينزل بك الموت و أنت آبق ( أي هارب )
من ربّك في طلب الدّنيا . ( الخطبة 308 ، 558 ) من كتاب له ( ع ) الى عبد اللّه بن العباس : أمّا بعد
، فإنّك لست بسابق أجلك ، و لا مرزوق ما ليس لك . و اعلم بأنّ الدّهر يومان :
يوم لك و يوم عليك . و أنّ الدّنيا دار دول ( جمع دولة
أي تنتقل سعادتها من يد الى يد دون ثبات و استقرار ) ، فما كان منها لك
أتاك على ضعفك ، و ما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك . (
الخطبة 311 ، 560 ) إذا أقبلت الدّنيا على أحد أعارته محاسن غيره ، و إذا
أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه . ( 8 ح ، 566 ) إذا كنت في إدبار
و الموت في إقبال ، فما أسرع الملتقى . ( 28 ح ، 569 )
أهل الدّنيا كركب يسار بهم و هم نيام . ( 64 ح ، 576 ) الدّهر يخلق
الأبدان ، و يجدّد الآمال ، و يقرّب المنيّة ، و يباعد الأمنيّة . من ظفر به نصب
، و من فاته تعب . ( 72 ح ، 577 ) و من
خبر ضرار بن حمزة الضبائي عند دخوله على معاوية و مسألته له عن أمير المؤمنين ،
قال : فأشهد لقد رأيته في
بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله ، و هو قائم في محرابه قابض على لحيته ،
يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين ، و يقول :
يا دنيا يا دنيا إليك عنّي . أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت ؟ لا حان حينك ، هيهات
غرّي غيري ، لا حاجة لي فيك . قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير ، و خطرك
يسير ، و أملك حقير . آه من قلّة الزّاد ، و طول الطّريق ، و بعد السّفر ، و
عظيم المورد . ( 77 ح ، 577 ) مثل الدّنيا كمثل
الحيّة ، ليّن مسّها ، و السّمّ النّاقع في جوفها . يهوي إليها الغرّ الجاهل ، و
يحذرها ذو اللّبّ العاقل . ( 119 ح ، 587 ) و قال
( ع ) و قد سمع رجلا يذمّ الدنيا : أيّها
الذّامّ للدّنيا ، المغترّ بغرورها ، المخدوع بأباطيلها أتغترّ بالدّنيا ثمّ
تذمّها ؟ أنت المتجرّم عليها ، أم هي المتجرّمة عليك ؟ متى استهوتك ، أم متى
غرّتك ؟ أبمصارع آبائك من البلى ، أم بمضاجع أمّهاتك تحت الثّرى ؟ كم علّلت
بكفّيك ؟ و كم مرّضت بيديك ؟ تبغي لهم الشّفاء ، و تستوصف لهم الأطبّاء ، غداة
لا يغني عنهم دواؤك ، و لا يجدي عليهم بكاؤك . لم ينفع أحدهم إشفاقك ، و لم تسعف
فيه بطلبتك ، و لم تدفع عنه بقوّتك و قد مثّلت لك به الدّنيا نفسك ، و بمصرعه
مصرعك . إنّ الدّنيا دار صدق لمن صدقها ، و دار عافية لمن فهم عنها ، و دار غنى
لمن تزوّد منها ، و دار موعظة لمن اتّعظ بها . مسجد أحبّاء اللّه ، و مصلّى
ملائكة اللّه ، و مهبط وحي اللّه ، و متجر أولياء اللّه . اكتسبوا فيها الرّحمة
، و ربحوا فيها الجنّة . فمن ذا يذّمّها و قد آذنت ببينها ( أي أعلمت أهلها ببعدها و زوالها عنهم ) ، و نادت
بفراقها ، و نعت نفسها و أهلها ، فمثّلت لهم ببلائها البلاء ، و شوّقتهم بسرورها
إلى السّرور ؟ راحت بعافية ، و ابتكرت بفجيعة ، ترغيبا و ترهيبا ، و تخويفا و
تحذيرا . فذمّها رجال غداة النّدامة ، و حمدها آخرون يوم القيامة . ذكّرتهم
الدّنيا فتذكّروا ، و حدّثتهم فصدّقوا ، و وعظتهم فاتّعظوا . ( 131 ح ، 590 ) إنّ
للّه ملكا ينادي في كلّ يوم : لدوا
للموت ، و اجمعوا للفناء ، و ابنوا للخراب . ( 132 ح ،
591 ) و قال
( ع ) : الدّنيا دار ممرّ لا دار مقرّ . و النّاس فيها رجلان : رجل باع فيها نفسه
فأوبقها ( أي أهلكها ) ، و رجل ابتاع نفسه
فأعتقها . ( 133 ح ، 591 ) لكلّ مقبل إدبار ، و ما أدبر كأن لم يكن . ( 152 ح ، 597 ) إنّما المرء في الدّنيا غرض تنتضل فيه المنايا ، و نهب
تبادره المصائب . و مع كلّ جرعة شرق ، و في كلّ أكلة غصص . و لا ينال العبد نعمة
إلاّ بفراق أخرى ، و لا يستقبل يوما من عمره إلاّ بفراق آخر من أجله . فنحن
أعوان المنون ، و أنفسنا نصب الحتوف . فمن أين نرجو البقاء ، و هذا اللّيل و
النّهار ، لم يرفعا من شي ء شرفا ، إلاّ أسرعا الكرّة في هدم ما بنيا ، و تفريق
ما جمعا ؟ . ( 191 ح ، 601 ) يا ابن آدم ما
كسبت فوق قوتك ، فأنت فيه خازن لغيرك . ( 192 ح ، 601 )
و قال ( ع ) و قد مرّ بقذر على مزبلة : هذا ما بخل به الباخلون ( و في
رواية أخرى ) هذا ما كنتم تتنافسون فيه بالأمس . ( 195 ح ، 602 ) و من لهج قلبه بحبّ الدّنيا ألتاط قلبه ( أي التصق ) منها بثلاث : همّ لا يغبّه ، و حرص لا
يتركه ، و أمل لا يدركه . ( 228 ح ، 607 ) بينكم و بين
الموعظة حجاب من الغرّة ( أي الغرور بالدنيا ) .
( 282 ح ، 623 ) ما قال النّاس
لشي ء « طوبى له » إلاّ و قد خبأ له الدّهر يوم سوء . (
286 ح ، 624 ) النّاس أبناء
الدّنيا ، و لا يلام الرّجل على حبّ أمّه . ( 303 ح ،
627 ) معاشر النّاس ، اتّقوا اللّه ، فكم من مؤمّل ما لا يبلغه
، و بان ما لا يسكنه ، و جامع ما سوف يتركه . . .
( 344 ح ، 635 ) و من أكثر من ذكر
الموت رضي من الدّنيا باليسير . ( 349 ح ، 636 ) يا أسرى الرّغبة
أقصروا ، فإنّ المعرّج على الدّنيا لا يروعه منها إلاّ صريف أنياب الحدثان ( أي صوت أسنان المصائب ) . 359
ح ، 637 ) يا أيّها النّاس
، متاع الدّنيا حطام موبى ء فتجنّبوا مرعاه قلعتها أحظى من طمأنينتها ، و بلغتها
أزكى من ثروتها . حكم على مكثر بالفاقة ، و أعين من غني عنها بالرّاحة . و من راقه زبرجها أعقبت ناظريه كمها ، و من استشعر الشّغف
بها ملأت ضميره أشجانا . لهنّ رقص على سويداء قلبه . همّ يشغله ، و همّ يحزنه .
كذلك حتّى يؤخذ بكظمه فيلقى بالفضاء ( أي يموت )
منقطعا أبهراه ، هيّنا على اللّه فناؤه ، و على الإخوان إلقاؤه . و إنّما ينظر
المؤمن إلى الدّنيا بعين الاعتبار ، و يقتات منها ببطن الاضطرار ، و يسمع فيها
بأذن المقت و الإبغاض . إن قيل أثرى قيل أكدى ( أي
افتقر ) و إن فرح له بالبقاء حزن له بالفناء هذا و لم يأتهم يوم فيه
يبلسون ( أي يتحيرون ، و هذا اليوم هو يوم القيامة )
. ( 367 ح ، 639 ) ربّ مستقبل يوما ليس بمستدبره ، و مغبوط في أوّل ليله ، قامت
بواكيه في آخره . ( 380 ح ، 644 ) الرّكون إلى الدّنيا مع ما تعاين منها ، جهل . ( 384 ح ، 645 ) من هوان الدّنيا على اللّه أنّه لا يعصى إلاّ فيها ، و لا
ينال ما عنده إلاّ بتركها . ( 385 ح ، 645 ) خذ من الدّنيا ما أتاك ، و تولّ عمّا تولّى عنك ، فإن أنت
لم تفعل فأجمل في الطّلب . ( 393 ح ، 646 ) و
الدّهر يومان : يوم لك و يوم عليك ، فإذا
كان لك فلا تبطر ، و إذا كان عليك فاصبر . ( 396 ح ،
647 ) و قال
( ع ) في صفة الدنيا : تغرّ و تضرّ و
تمرّ . إنّ اللّه تعالى لم يرضها ثوابا لأوليائه ، و لا عقابا لأعدائه . و إنّ
أهل الدّنيا كركب بينا هم حلّوا ، إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا . ( 415 ح ، 650 ) لا ينبغي للعبد أن يثق بخصلتين : العافية و الغنى . بينا
تراه معافى إذ سقم ، و بينا تراه غنيّا إذ افتقر . 426
ح ، 653 ) ألا حرّ يدع هذه
الّلماظة لأهلها ( اللماظة : بقية الطعام في الفم ،
يريد بها الدنيا ) . الخطبة 456 ح ، 658 ) منهومان لا
يشبعان : طالب علم و طالب دنيا . ( 457 ح ، 658 ) |