- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل السابع و العشرون نظام الإدارة
|
|
( 214 ) طبقات
الرعية و تكاملها
|
|
من كتاب للامام
علي ( ع ) كتبه لمالك الاشتر النخعي ، لما ولاه على مصر و أعمالها ، حين اضطرب
أمر محمد بن أبي بكر . و هو أطول عهد و أجمع كتبه للمحاسن . يقول فيه : |
|
( 215 )
الغوغاء
|
|
و قال
الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) و قد أتي بجان و معه غوغاء : لا مرحبا بوجوه لا ترى إلاّ عند كلّ سوأة . ( 200 ح ، 603 |
|
( 216 ) سياسة
الخاصة و اختيار البطانة الصالحة
|
|
يراجع
من هذا الفصل المبحث ( 220 ) سياسة القضاة و المبحث ( 221 ) سياسة العمال على
البلاد . و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ، و من شركهم
في الآثام ، فلا يكوننّ لك بطانة . فإنّهم أعوان الأثمة ، و إخوان الظّلمة . فاتّخذ أولئك
خاصّة لخلواتك و حفلاتك . ثمّ ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك ( أي الحق الذي قوله مر ) و أقلّهم مساعدة فيما يكون
منك ، ممّا كره اللّه لأوليائه ، واقعا ذلك من هواك حيث وقع . و الصق بأهل الورع
و الصّدق ، ثمّ رضهم على أن لا يطروك و لا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فإنّ كثرة
الإطراء تحدث الزّهو و تدني من العزّة . ( الخطبة 292 ،
1 ، 520 ) و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : ثم الصق بذوي المروءات و الأحساب و أهل البيوتات
الصّالحة و السّوابق الحسنة ، ثمّ أهل النّجدة و الشّجاعة و السّخاء و السّماحة
، فإنّهم جماع من الكرم ، و شعب من العرف ( أي المعروف
) . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) و من كتابه ( ع )
لمالك الاشتر : ثمّ إنّ للوالي خاصّة و بطانة ، فيهم استئثار و تطاول و
قلّة إنصاف في معاملة ، فاحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال . و لا تقطعنّ
لأحد من حاشيتك و حامّتك ( أي قرابتك ) قطيعة ( أي منحة من الارض ) ، و لا يطمعنّ منك في اعتقاد
عقدة ، تضرّ بمن يليها من النّاس ، في شرب أو عمل مشترك ، يحملون مؤونته على
غيرهم ، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك ، و عيبه عليك في الدّنيا و الآخرة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 535 ) |
|
( 217 )
المشيرون
|
|
يراجع المبحث ( 399
) المشاورة . و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل
، و يعدك الفقر . و لا جبانا يضعفك عن الأمور . و لا حريصا يزيّن لك الشّره
بالجور . فإنّ البخل و الجبن و الحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظّنّ باللّه . ( الخطبة 292 ، 1 ، 520 ) و أكثر مدارسة العلماء ، و منافثة الحكماء ، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك
، و إقامة ما استقام به النّاس قبلك . ( الخطبة 292 ، 1
، 522 ) و قال ( ع ) لعبد
اللّه بن العباس : لك أن تشير عليّ و أرى ، فإن عصيتك فأطعني . ( 321 ح ، 630 ) |
|
( 218 )
معاملة ذوي المروءات و الاحساب
|
|
و من
كتابه ( ع ) لمالك الاشتر ، لما ولاه مصر : ثمّ الصق بذوي المروءات و الأحساب و أهل البيوتات الصّالحة و السّوابق
الحسنة ، ثمّ أهل النّجدة و الشّجاعة و السّخاء و السّماحة ، فإنّهم جماع من
الكرم ، و شعب من العرف ( أي المعروف ) . ثمّ
تفقّد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما ، و لا يتفاقمنّ في نفسك شي ء
قوّيتهم به ، و لا تحقرنّ لطفا تعاهدتهم به و إن قلّ ، فإنّه داعية لهم إلى بذل
النّصيحة لك ، و حسن الظّنّ بك . و لا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالا على جسيمها
، فإنّ لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به ، و للجسيم موقعا لا يستغنون عنه . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) |
|
( 219 ) سياسة
( الجنود )
|
|
و يتابع الامام ( ع
) كتابه لمالك الاشتر قائلا : و ليكن آثر رؤوس جندك عندك ، من واساهم في
معونته ، و أفضل عليهم من جدته . بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف أهليهم ،
حتّى يكون همّهم هما واحدا في جهاد العدوّ . فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك .
و إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد ، و ظهور مودّة الرّعيّة .
و إنّه لا تظهر مودّتهم إلاّ بسلامة صدورهم ، و لا تصحّ نصيحتهم إلاّ بحيطتهم
على ولاة الأمور ، و قلّة استثقال دولهم ، و ترك استبطاء انقطاع مدّتهم . فافسح
في آمالهم ، و واصل في حسن الثّناء عليهم ، و تعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم ،
فإنّ كثرة الذّكر لحسن أفعالهم تهزّ الشّجاع ، و تحرّض النّاكل ، إن شاء اللّه . |
|
( 220 ) سياسة
( القضاة )
|
|
و يتابع الامام ( ع
) كتابه لمالك الاشتر قائلا : |
|
( 221 ) سياسة
( العمال على البلاد )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ انظر في أمور عمّالك فاستعملهم اختبارا ( أي و
لهم الاعمال بعد الامتحان ) ، و لا تولّهم محاباة و أثرة ، فإنّهما جماع
من شعب الجور و الخيانة . و توخّ منهم أهل التّجربة و الحياء ، من أهل البيوتات
الصّالحة و القدم في الإسلام المتقدّمة ، فإنّهم أكرم أخلاقا و أصحّ أعراضا ، و
أقلّ في المطامع إشراقا ، و أغلب في عواقب الأمور نظرا . ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق
، فإنّ ذلك قوّة لهم على استصلاح أنفسهم ، و غنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، و
حجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك . ثمّ تفقّد أعمالهم و ابعث العيون
من أهل الصّدق و الوفاء عليهم ، فإنّ تعاهدك في السّرّ لأمورهم حدوة لهم على
استعمال الأمانة و الرّفق بالرّعيّة . و تحفّظ من الأعوان ، فإن أحد منهم بسط
يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهدا ، فبسطت
عليه العقوبة في بدنه ، و أخذته بما أصاب من عمله . ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، و
وسمته بالخيانة ، و قلّدته عار التّهمة . ( الخطبة 292
، 3 ، 527 ) |
|
( 222 ) سياسة
( جباية الخراج و عمارة الارض )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : و تفقّد أمر الخراج بما يصلح أهله ، فإنّ في صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن
سواهم ، و لا صلاح لمن سواهم إلاّ بهم . لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج و
أهله . و ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأنّ ذلك
لا يدرك إلاّ بالعمارة . و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد و أهلك العباد
، و لم يستقم أمره إلاّ قليلا . فإن شكوا ثقلا أو علّة أو انقطاع شرب أو بالّة ( أي مطر تبل الارض ) ، أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو
أجحف بها عطش ، خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم ، و لا يثقلنّ عليك شي ء
خفّفت به المؤونة عنهم ، فإنّه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك ، و تزيين
ولايتك ، مع استجلابك حسن ثنائهم ، و تبجّحك باستفاضة العدل فيهم ، معتمدا فضل
قوّتهم ، بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم ( أي اراحتك لهم
) و الثّقة منهم بما عوّدتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم ، فربّما حدث من
الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به . فإنّ العمران
محتمل ما حمّلته ، و إنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها ، و إنّما يعوز أهلها
لإشراف أنفس الولاة على الجمع ، و سوء ظنّهم بالبقاء ، و قلّة انتفاعهم بالعبر .
( الخطبة 292 ، 3 ، 528 ) |
|
( 223 ) سياسة
( الكتّاب )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ انظر في حال كتّابك ، فولّ على أمورك خيرهم ، و اخصص رسائلك الّتي تدخل
فيها مكائدك و أسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ، ممّن لا تبطره الكرامة ،
فيجتري ء بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ ، و لا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات
عمّالك عليك ، و إصدار جواباتها على الصّواب عنك ، فيما يأخذ لك و يعطي منك ، و
لا يضعف عقدا اعتقده لك ، و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك . و لا يجهل مبلغ قدر
نفسه في الأمور ، فإنّ الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل . ثمّ لا يكن
اختيارك إيّاهم على فراستك و استنامتك ( أي ثقتك )
و حسن الظّنّ منك ، فإنّ الرّجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم و حسن خدمتهم
، و ليس وراء ذلك من النّصيحة و الأمانة شي ء . و لكن اختبرهم بما ولّوا
للصّالحين قبلك ، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا ، و أعرفهم بالأمانة وجها ،
فإنّ ذلك دليل على نصيحتك للّه و لمن ولّيت أمره . و اجعل لرأس كلّ أمر من أمورك
رأسا منهم ، لا يقهره كبيرها ، و لا يتشتّت عليه كثيرها ، و مهما كان في كتّابك
من عيب فتغابيت عنه ألزمته . ( الخطبة 292 ، 3 ، 529 ) |
|
( 224 ) سياسة
( التجار و ذوي الصناعات )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ استوص بالتّجّار و ذوي الصّناعات و أوص بهم خيرا : المقيم منهم و
المضطرب بماله و المترفّق ببدنه ، فإنّهم موادّ المنافع ، و أسباب المرافق ، و
جلاّبها من المباعد و المطارح ، في برّك و بحرك و سهلك و جبلك ، و حيث لا يلتئم
النّاس لمواضعها و لا يجترؤون عليها ، فإنّهم سلم لا تخاف بائقته ، و صلح لا
تخشى غائلته . و تفقّد أمورهم بحضرتك و في حواشي بلادك . |
|
( 225 )
معاملة الطبقة السفلى ( المحرومين )
|
|
و يتابع الامام ( ع
) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ
اللّه اللّه في الطّبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين
و أهل البؤسى و الزّمنى ( أي أصحاب العاهات المانعة من
الكسب ) ، فإنّ في هذه الطّبقة قانعا ( أي سائلا
) و معترا ( أي يعطى بلا سؤال ) . و احفظ
للّه ما استحفظك من حقّه فيهم ، و اجعل لهم قسما من بيت مالك ، و قسما من غلاّت
صوافي الإسلام في كلّ بلد ، فإنّ للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى ، و كلّ قد
استرعيت حقّه ، فلا يشغلنّك عنهم بطر ، فإنّك لا تعذر بتضييعك التّافه ، لإحكامك
الكثير المهمّ . فلا تشخص ( أي لا تصرف ) همّك
عنهم ، |
|
( 226 ) سياسة
الرعية ( العامة )
|
|
يراجع
المبحث ( 214 ) : وصايا الامام ( ع ) لأصحابه و حكامه و ولاته و عماله و قضاته . و من عهد له ( ع ) الى محمد بن أبي بكر يوصيه
بالرعية : فاخفض لهم جناحك ، و ألن لهم جانبك ، و أبسط لهم وجهك
. و آس ( أي سوّ ) بينهم في اللّحظة و النّظرة .
حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم ، و لا ييأس الضّعفاء من عدلك عليهم . فإنّ
اللّه تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم و الكبيرة ، و الظّاهرة
و المستورة ، فإن يعذّب فأنتم أظلم ، و إن يعف فهو أكرم . . . ( الخطبة 266 ، 465 ) و من كتاب له ( ع ) الى بعض عماله : أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدّين ، و
أقمع به نخوة الأثيم ، و أسدّ به لهاة الثّغر المخوف . فاستعن باللّه على ما
أهمّك ، و اخلط الشّدّة بضغث من اللّين ، و ارفق ما كان الرّفق أرفق ، و اعتزم
بالشّدّة حين لا يغني عنك إلاّ الشّدّة . و اخفض للرّعيّة جناحك ، و ابسط لهم
وجهك ، و ألن لهم جانبك و آس ( أي سوّ ) بينهم
في اللّحظة و النّظرة ، و الإشارة و التّحيّة ، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك ،
و لا ييأس الضّعفاء من عدلك ، و السّلام ( الخطبة 285 ،
510 ) من كتاب له ( ع ) كتبه لمالك الاشتر لما ولاه
مصر : ثمّ اعلم يا مالك ، أنّي قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت
عليها دول قبلك من عدل و جور ، و أنّ النّاس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر
فيه من أمور الولاة قبلك ، و يقولون فيك ما كنت تقول فيهم ، و إنّما يستدلّ على
الصّالحين بما يجري اللّه لهم على ألسن عباده . فليكن أحبّ الذّخائر إليك ذخيرة
العمل الصّالح . فاملك هواك و شحّ بنفسك عمّا لا يحلّ لك ، فإنّ الشّحّ بالنّفس
الإنصاف منها فيما أحبّت أو كرهت . و أشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة ، و المحبّة
لهم ، و اللّطف بهم ، و لا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان
: إمّا أخ لك في الدّين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزّلل ( أي يسبق منهم الخطأ ) ، و تعرض لهم العلل ، و يؤتى
على أيديهم في العمد و الخطإ . فأعطهم من عفوك و صفحك مثل الّذي تحبّ أن يعطيك
اللّه من عفوه و صفحه ، فإنّك فوقهم ، و والي الأمر عليك فوقك ، و اللّه فوق من
ولاّك و قد استكفاك أمرهم و ابتلاك بهم . و لا تنصبنّ نفسك لحرب اللّه ، فإنّه
لا يد لك بنقمته ، و لا غنى بك عن عفوه و رحمته ، و لا تندمنّ على عفو ، و لا
تبجحنّ ( أي تفرحن ) بعقوبة ، و لا تسرعنّ إلى
بادرة وجدت منها مندوحة ، و لا تقولنّ إنّي مؤمّر آمر فأطاع ، فإنّ ذلك إدغال في
القلب ، و منهكة للدّين ، و تقرّب من الغير ( نوائب الدهر ) . ( الخطبة 292 ، 1 ، 517 ) أنصف اللّه و أنصف النّاس من نفسك و من خاصّة
أهلك و من لك فيه هوى من رعيّتك ، فإنّك إلاّ تفعل تظلم و من ظلم عباد اللّه كان
اللّه خصمه دون عباده ، و من خاصمه اللّه أدحض حجّته ، و كان للّه حربا حتّى
ينزع أو يتوب . و ليس شي ء أدعى إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته من إقامة
على ظلم ، فإنّ اللّه سميع دعوة المضطهدين و هو للظّالمين بالمرصاد . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و ليكن أبعد رعيّتك منك و أشنأهم عندك ( أي أبغضهم ) أطلبهم لمعائب النّاس ، فإنّ في النّاس
عيوبا ، الوالي أحقّ من سترها . فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها ، فإنّما عليك
تطهير ما ظهر لك . و اللّه يحكم على ما غاب عنك . فاستر العورة ما استطعت يستر
اللّه منك ما تحبّ ستره من رعيّتك . أطلق عن النّاس عقدة كلّ حقد ، و اقطع عنك
سبب كلّ وتر ، و تغاب ( أي تغافل ) عن كلّ ما لا
يصحّ لك ، و لا تعجلنّ إلى تصديق ساع ، فإنّ السّاعي غاشّ ، و إن تشبّه
بالنّاصحين . و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر . و لا
جبانا يضعفك عن الأمور . و لا حريصا يزيّن لك الشّره بالجور . فإنّ البخل و
الجبن و الحرص غرائز شتّى ، يجمعها سوء الظّنّ باللّه . ( الخطبة 292 ، 1 ، 520 ) و إنّما عماد الدّين ، و جماع المسلمين ، و
العدّة للأعداء العامّة من الأمّة ، فليكن صغوك لهم ، و ميلك معهم . ( 292 ، 1 ، 520 ) و لا يكوننّ المحسن و المسي ء عندك بمنزلة سواء ، فإنّ في ذلك تزهيدا لأهل
الإحسان في الإحسان ، و تدريبا لأهل الإساءة على الإساءة و ألزم كلا منهم ما
ألزم نفسه . و اعلم أنّه ليس شي ء بأدعى إلى حسن ظنّ راع برعيّته من إحسانه
إليهم ، و تخفيفه المؤونات عليهم ، و ترك استكراهه إيّاهم على ما ليس له قبلهم . و اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه
شخصك ، و تجلس لهم مجلسا عامّا ، فتتواضع فيه للّه الّذي خلقك ، و تقعد عنهم
جندك و أعوانك ، من أحراسك و شرطك ، حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع ، فإنّي
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول
في غير موطن : « لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها
حقّه من القويّ غير متتعتع » . ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ ( الخرق العنف ، و العي العجز عن النطق ) ، و نحّ عنهم
الضّيق و الأنف ، يبسط اللّه عليك بذلك أكناف رحمته ، و يوجب لك ثواب طاعته . و
أعط ما أعطيت هنيئا ، و امنع في إجمال و إعذار . و إذا قمت في صلاتك للنّاس ، فلا تكوننّ
منفّرا و لا مضيّعا ، فإنّ في النّاس من به العلّة و له الحاجة . و قد سألت رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين وجّهني
إلى اليمن كيف أصلّي بهم ؟ فقال : « صلّ بهم كصلاة أضعفهم ، و كن بالمؤمنين
رحيما » . ( الخطبة 292
، 4 ، 534 ) و أمّا بعد ، فلا تطوّلنّ احتجابك عن رعيّتك ،
فإنّ احتجاب الولاة عن الرّعيّة شعبة من الضّيق ، و قلّة علم بالأمور . و
الإحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه ، فيصغر عندهم الكبير ، و يعظم
الصّغير ، و يقبح الحسن ، و يحسن القبيح ، و يشاب الحقّ بالباطل . و إنّما
الوالي ، بشر لا يعرف ما توارى عنه النّاس به من الأمور ، و ليست على الحقّ سمات
تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب . و إنّما أنت أحد رجلين
: إمّا امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحقّ ، ففيما احتجابك من واجب حقّ تعطيه
، أو فعل كريم تسديه أو مبتلى بالمنع ، فما أسرع كفّ النّاس عن مسألتك إذا أيسوا
من بذلك مع أنّ أكثر حاجات النّاس إليك ممّا لا مؤونة فيه عليك ، من شكاة مظلمة
، أو طلب إنصاف في معاملة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 534 ) و ألزم الحقّ من لزمه من القريب و البعيد ، و
كن في ذلك صابرا محتسبا ، واقعا ذلك من قرابتك و خاصّتك حيث وقع . و ابتغ عاقبته
بما يثقل عليك منه . فإنّ مغبّة ذلك محمودة . و إن ظنّت الرّعيّة بك حيفا ،
فأصحر ( أي أبرز ) لهم بعذرك ، و اعدل عنك
ظنونهم باصحارك . فإنّ في ذلك رياضة منك لنفسك و رفقا برعيّتك ، و إعذارا تبلغ
به حاجتك من تقويمهم على الحقّ . ( الخطبة 292 ، 4 ،
535 ) إيّاك و الدّماء ، و سفكها بغير حلّها . فإنّه
ليس شي ء أدنى لنقمة ، و لا أعظم لتبعة ، و لا أحرى بزوال نعمة و انقطاع مدّة ،
من سفك الدّماء بغير حقّها . و اللّه سبحانه مبتدي ء بالحكم بين العباد فيما
تسافكوا من الدّماء يوم القيامة ، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام ، فإنّ ذلك
ممّا يضعفه و يوهنه ، بل يزيله و ينقله ، و لا عذر لك عند اللّه و لا عندي في
قتل العمد ، لأنّ فيه قود ( أي قصاص ) البدن . و
إن ابتليت بخطأ و أفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة ، فإنّ في الوكزة ( الضربة بجمع الكف ) فما فوقها مقتلة ، فلا تطمحنّ بك
نخوة سلطانك عن أن تؤدّي إلى أولياء المقتول حقّهم . (
الخطبة 292 ، 5 ، 537 ) و إيّاك و المنّ على رعيّتك بإحسانك أو
التّزيّد فيما كان من فعلك ، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك ، فإنّ المنّ يبطل
الإحسان ، و التّزيّد يذهب بنور الحقّ ، و الخلف يوجب المقت عند اللّه و النّاس
. قال اللّه تعالى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ
تَفْعَلُونَ ( الخطبة 292 ، 5 ، 538 ) . من كتاب له ( ع ) الى الاسود بن قطيبة صاحب
جند حلوان ( في فارس ) : أمّا بعد فإنّ
الوالي إذا اختلف هواه ، منعه ذلك كثيرا من العدل ، فليكن أمر النّاس عندك في
الحقّ سواء . فإنّه ليس في الجور عوض من العدل . فاجتنب ما تنكر أمثاله ( المقصود : من غيرك ) و ابتذل نفسك فيما افترض اللّه
عليك ، راجيا ثوابه ، و متخوّفا عقابه . من كتاب له ( ع ) الى قثم بن العباس و هو
عامله على مكة : و لا يكن لك إلى
النّاس سفير إلاّ لسانك ، و لا حاجب إلاّ وجهك . و لا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك
بها ، فإنّها إن ذيدت عن أبوابك في أوّل وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها . ( الخطبة 306 ، 555 ) من
وصية له ( ع ) لعبد اللّه بن العباس ، عند استخلافه اياه على البصرة : سع النّاس بوجهك و مجلسك و حكمك . و إيّاك و الغضب فإنّه
طيرة من الشّيطان ( أي يتفاءل به الشيطان ) . و اعلم أنّ ما قرّبك من اللّه يباعدك من
النّار ، و ما باعدك من اللّه يقرّبك من النّار . (
الخطبة 315 ، 563 ) |
|
( 227 )
اختيار العيون و المخبرين
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) في موضع آخر من عهده : و تفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ، ممّن تقتحمه العيون ( أي تحتقره ) و تحقره الرّجال . ففرّغ لأولئك ثقتك من
أهل الخشية و التّواضع ، فليرفع إليك أمورهم . ( الخطبة
292 ، 4 ، 532 ) |
|
( 228 ) ما
كتب الامام ( ع ) من احلاف
|
|
من حلف له ( ع )
كتبه بين ربيعة و اليمن : هذا ما اجتمع
عليه أهل اليمن حاضرها و باديها ، و ربيعة حاضرها و باديها ( الحاضر : ساكن المدينة ، و البادي : المتردد في البادية )
، أنّهم على كتاب اللّه ، يدعون إليه و يأمرون به ، و يجيبون من دعا إليه و أمر
به ، لا يشترون به ثمنا و لا يرضون به بدلا ، و أنّهم يد واحدة على من خالف ذلك
و تركه ، و أنصار بعضهم لبعض : دعوتهم واحدة ، لا ينقضون عهدهم ، لمعتبة عاتب ،
و لا لغضب غاضب ، ( أي لا يعودون للتقاتل عند غضب بعضهم
من بعض ) و لا لاستذلال قوم قوما ، و لا لمسبّة قوم قوما على ذلك شاهدهم
و غائبهم ، و سفيههم و عالمهم ، و حليمهم و جاهلهم . ثمّ إنّ عليهم بذلك عهد
اللّه و ميثاقه إِنَّ عَهْدَ اللّهِ كَانَ مَسْؤُولاً . ( الخطبة 313 ، 561 ) |
|
الفصل السابع و العشرون نظام الإدارة
|
|
( 214 ) طبقات
الرعية و تكاملها
|
|
من كتاب للامام
علي ( ع ) كتبه لمالك الاشتر النخعي ، لما ولاه على مصر و أعمالها ، حين اضطرب
أمر محمد بن أبي بكر . و هو أطول عهد و أجمع كتبه للمحاسن . يقول فيه : |
|
( 215 )
الغوغاء
|
|
و قال
الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) و قد أتي بجان و معه غوغاء : لا مرحبا بوجوه لا ترى إلاّ عند كلّ سوأة . ( 200 ح ، 603 |
|
( 216 ) سياسة
الخاصة و اختيار البطانة الصالحة
|
|
يراجع
من هذا الفصل المبحث ( 220 ) سياسة القضاة و المبحث ( 221 ) سياسة العمال على
البلاد . و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : إنّ شرّ وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا ، و من شركهم
في الآثام ، فلا يكوننّ لك بطانة . فإنّهم أعوان الأثمة ، و إخوان الظّلمة . فاتّخذ أولئك
خاصّة لخلواتك و حفلاتك . ثمّ ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرّ الحقّ لك ( أي الحق الذي قوله مر ) و أقلّهم مساعدة فيما يكون
منك ، ممّا كره اللّه لأوليائه ، واقعا ذلك من هواك حيث وقع . و الصق بأهل الورع
و الصّدق ، ثمّ رضهم على أن لا يطروك و لا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فإنّ كثرة
الإطراء تحدث الزّهو و تدني من العزّة . ( الخطبة 292 ،
1 ، 520 ) و من كتابه ( ع ) لمالك الاشتر : ثم الصق بذوي المروءات و الأحساب و أهل البيوتات
الصّالحة و السّوابق الحسنة ، ثمّ أهل النّجدة و الشّجاعة و السّخاء و السّماحة
، فإنّهم جماع من الكرم ، و شعب من العرف ( أي المعروف
) . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) و من كتابه ( ع )
لمالك الاشتر : ثمّ إنّ للوالي خاصّة و بطانة ، فيهم استئثار و تطاول و
قلّة إنصاف في معاملة ، فاحسم مادّة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال . و لا تقطعنّ
لأحد من حاشيتك و حامّتك ( أي قرابتك ) قطيعة ( أي منحة من الارض ) ، و لا يطمعنّ منك في اعتقاد
عقدة ، تضرّ بمن يليها من النّاس ، في شرب أو عمل مشترك ، يحملون مؤونته على
غيرهم ، فيكون مهنأ ذلك لهم دونك ، و عيبه عليك في الدّنيا و الآخرة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 535 ) |
|
( 217 )
المشيرون
|
|
يراجع المبحث ( 399
) المشاورة . و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل
، و يعدك الفقر . و لا جبانا يضعفك عن الأمور . و لا حريصا يزيّن لك الشّره
بالجور . فإنّ البخل و الجبن و الحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظّنّ باللّه . ( الخطبة 292 ، 1 ، 520 ) و أكثر مدارسة العلماء ، و منافثة الحكماء ، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك
، و إقامة ما استقام به النّاس قبلك . ( الخطبة 292 ، 1
، 522 ) و قال ( ع ) لعبد
اللّه بن العباس : لك أن تشير عليّ و أرى ، فإن عصيتك فأطعني . ( 321 ح ، 630 ) |
|
( 218 )
معاملة ذوي المروءات و الاحساب
|
|
و من
كتابه ( ع ) لمالك الاشتر ، لما ولاه مصر : ثمّ الصق بذوي المروءات و الأحساب و أهل البيوتات الصّالحة و السّوابق
الحسنة ، ثمّ أهل النّجدة و الشّجاعة و السّخاء و السّماحة ، فإنّهم جماع من
الكرم ، و شعب من العرف ( أي المعروف ) . ثمّ
تفقّد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما ، و لا يتفاقمنّ في نفسك شي ء
قوّيتهم به ، و لا تحقرنّ لطفا تعاهدتهم به و إن قلّ ، فإنّه داعية لهم إلى بذل
النّصيحة لك ، و حسن الظّنّ بك . و لا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالا على جسيمها
، فإنّ لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به ، و للجسيم موقعا لا يستغنون عنه . ( الخطبة 292 ، 2 ، 524 ) |
|
( 219 ) سياسة
( الجنود )
|
|
و يتابع الامام ( ع
) كتابه لمالك الاشتر قائلا : و ليكن آثر رؤوس جندك عندك ، من واساهم في
معونته ، و أفضل عليهم من جدته . بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف أهليهم ،
حتّى يكون همّهم هما واحدا في جهاد العدوّ . فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك .
و إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد ، و ظهور مودّة الرّعيّة .
و إنّه لا تظهر مودّتهم إلاّ بسلامة صدورهم ، و لا تصحّ نصيحتهم إلاّ بحيطتهم
على ولاة الأمور ، و قلّة استثقال دولهم ، و ترك استبطاء انقطاع مدّتهم . فافسح
في آمالهم ، و واصل في حسن الثّناء عليهم ، و تعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم ،
فإنّ كثرة الذّكر لحسن أفعالهم تهزّ الشّجاع ، و تحرّض النّاكل ، إن شاء اللّه . |
|
( 220 ) سياسة
( القضاة )
|
|
و يتابع الامام ( ع
) كتابه لمالك الاشتر قائلا : |
|
( 221 ) سياسة
( العمال على البلاد )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ انظر في أمور عمّالك فاستعملهم اختبارا ( أي و
لهم الاعمال بعد الامتحان ) ، و لا تولّهم محاباة و أثرة ، فإنّهما جماع
من شعب الجور و الخيانة . و توخّ منهم أهل التّجربة و الحياء ، من أهل البيوتات
الصّالحة و القدم في الإسلام المتقدّمة ، فإنّهم أكرم أخلاقا و أصحّ أعراضا ، و
أقلّ في المطامع إشراقا ، و أغلب في عواقب الأمور نظرا . ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق
، فإنّ ذلك قوّة لهم على استصلاح أنفسهم ، و غنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، و
حجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك . ثمّ تفقّد أعمالهم و ابعث العيون
من أهل الصّدق و الوفاء عليهم ، فإنّ تعاهدك في السّرّ لأمورهم حدوة لهم على
استعمال الأمانة و الرّفق بالرّعيّة . و تحفّظ من الأعوان ، فإن أحد منهم بسط
يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك ، اكتفيت بذلك شاهدا ، فبسطت
عليه العقوبة في بدنه ، و أخذته بما أصاب من عمله . ثمّ نصبته بمقام المذلّة ، و
وسمته بالخيانة ، و قلّدته عار التّهمة . ( الخطبة 292
، 3 ، 527 ) |
|
( 222 ) سياسة
( جباية الخراج و عمارة الارض )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : و تفقّد أمر الخراج بما يصلح أهله ، فإنّ في صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن
سواهم ، و لا صلاح لمن سواهم إلاّ بهم . لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج و
أهله . و ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأنّ ذلك
لا يدرك إلاّ بالعمارة . و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد و أهلك العباد
، و لم يستقم أمره إلاّ قليلا . فإن شكوا ثقلا أو علّة أو انقطاع شرب أو بالّة ( أي مطر تبل الارض ) ، أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو
أجحف بها عطش ، خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم ، و لا يثقلنّ عليك شي ء
خفّفت به المؤونة عنهم ، فإنّه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك ، و تزيين
ولايتك ، مع استجلابك حسن ثنائهم ، و تبجّحك باستفاضة العدل فيهم ، معتمدا فضل
قوّتهم ، بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم ( أي اراحتك لهم
) و الثّقة منهم بما عوّدتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم ، فربّما حدث من
الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به . فإنّ العمران
محتمل ما حمّلته ، و إنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها ، و إنّما يعوز أهلها
لإشراف أنفس الولاة على الجمع ، و سوء ظنّهم بالبقاء ، و قلّة انتفاعهم بالعبر .
( الخطبة 292 ، 3 ، 528 ) |
|
( 223 ) سياسة
( الكتّاب )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ انظر في حال كتّابك ، فولّ على أمورك خيرهم ، و اخصص رسائلك الّتي تدخل
فيها مكائدك و أسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق ، ممّن لا تبطره الكرامة ،
فيجتري ء بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ ، و لا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات
عمّالك عليك ، و إصدار جواباتها على الصّواب عنك ، فيما يأخذ لك و يعطي منك ، و
لا يضعف عقدا اعتقده لك ، و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك . و لا يجهل مبلغ قدر
نفسه في الأمور ، فإنّ الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل . ثمّ لا يكن
اختيارك إيّاهم على فراستك و استنامتك ( أي ثقتك )
و حسن الظّنّ منك ، فإنّ الرّجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم و حسن خدمتهم
، و ليس وراء ذلك من النّصيحة و الأمانة شي ء . و لكن اختبرهم بما ولّوا
للصّالحين قبلك ، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا ، و أعرفهم بالأمانة وجها ،
فإنّ ذلك دليل على نصيحتك للّه و لمن ولّيت أمره . و اجعل لرأس كلّ أمر من أمورك
رأسا منهم ، لا يقهره كبيرها ، و لا يتشتّت عليه كثيرها ، و مهما كان في كتّابك
من عيب فتغابيت عنه ألزمته . ( الخطبة 292 ، 3 ، 529 ) |
|
( 224 ) سياسة
( التجار و ذوي الصناعات )
|
|
و
يتابع الامام ( ع ) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ استوص بالتّجّار و ذوي الصّناعات و أوص بهم خيرا : المقيم منهم و
المضطرب بماله و المترفّق ببدنه ، فإنّهم موادّ المنافع ، و أسباب المرافق ، و
جلاّبها من المباعد و المطارح ، في برّك و بحرك و سهلك و جبلك ، و حيث لا يلتئم
النّاس لمواضعها و لا يجترؤون عليها ، فإنّهم سلم لا تخاف بائقته ، و صلح لا
تخشى غائلته . و تفقّد أمورهم بحضرتك و في حواشي بلادك . |
|
( 225 )
معاملة الطبقة السفلى ( المحرومين )
|
|
و يتابع الامام ( ع
) كتابه لمالك الاشتر قائلا : ثمّ
اللّه اللّه في الطّبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين
و أهل البؤسى و الزّمنى ( أي أصحاب العاهات المانعة من
الكسب ) ، فإنّ في هذه الطّبقة قانعا ( أي سائلا
) و معترا ( أي يعطى بلا سؤال ) . و احفظ
للّه ما استحفظك من حقّه فيهم ، و اجعل لهم قسما من بيت مالك ، و قسما من غلاّت
صوافي الإسلام في كلّ بلد ، فإنّ للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى ، و كلّ قد
استرعيت حقّه ، فلا يشغلنّك عنهم بطر ، فإنّك لا تعذر بتضييعك التّافه ، لإحكامك
الكثير المهمّ . فلا تشخص ( أي لا تصرف ) همّك
عنهم ، |
|
( 226 ) سياسة
الرعية ( العامة )
|
|
يراجع
المبحث ( 214 ) : وصايا الامام ( ع ) لأصحابه و حكامه و ولاته و عماله و قضاته . و من عهد له ( ع ) الى محمد بن أبي بكر يوصيه
بالرعية : فاخفض لهم جناحك ، و ألن لهم جانبك ، و أبسط لهم وجهك
. و آس ( أي سوّ ) بينهم في اللّحظة و النّظرة .
حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم ، و لا ييأس الضّعفاء من عدلك عليهم . فإنّ
اللّه تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم و الكبيرة ، و الظّاهرة
و المستورة ، فإن يعذّب فأنتم أظلم ، و إن يعف فهو أكرم . . . ( الخطبة 266 ، 465 ) و من كتاب له ( ع ) الى بعض عماله : أمّا بعد ، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدّين ، و
أقمع به نخوة الأثيم ، و أسدّ به لهاة الثّغر المخوف . فاستعن باللّه على ما
أهمّك ، و اخلط الشّدّة بضغث من اللّين ، و ارفق ما كان الرّفق أرفق ، و اعتزم
بالشّدّة حين لا يغني عنك إلاّ الشّدّة . و اخفض للرّعيّة جناحك ، و ابسط لهم
وجهك ، و ألن لهم جانبك و آس ( أي سوّ ) بينهم
في اللّحظة و النّظرة ، و الإشارة و التّحيّة ، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك ،
و لا ييأس الضّعفاء من عدلك ، و السّلام ( الخطبة 285 ،
510 ) من كتاب له ( ع ) كتبه لمالك الاشتر لما ولاه
مصر : ثمّ اعلم يا مالك ، أنّي قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت
عليها دول قبلك من عدل و جور ، و أنّ النّاس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر
فيه من أمور الولاة قبلك ، و يقولون فيك ما كنت تقول فيهم ، و إنّما يستدلّ على
الصّالحين بما يجري اللّه لهم على ألسن عباده . فليكن أحبّ الذّخائر إليك ذخيرة
العمل الصّالح . فاملك هواك و شحّ بنفسك عمّا لا يحلّ لك ، فإنّ الشّحّ بالنّفس
الإنصاف منها فيما أحبّت أو كرهت . و أشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة ، و المحبّة
لهم ، و اللّطف بهم ، و لا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان
: إمّا أخ لك في الدّين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزّلل ( أي يسبق منهم الخطأ ) ، و تعرض لهم العلل ، و يؤتى
على أيديهم في العمد و الخطإ . فأعطهم من عفوك و صفحك مثل الّذي تحبّ أن يعطيك
اللّه من عفوه و صفحه ، فإنّك فوقهم ، و والي الأمر عليك فوقك ، و اللّه فوق من
ولاّك و قد استكفاك أمرهم و ابتلاك بهم . و لا تنصبنّ نفسك لحرب اللّه ، فإنّه
لا يد لك بنقمته ، و لا غنى بك عن عفوه و رحمته ، و لا تندمنّ على عفو ، و لا
تبجحنّ ( أي تفرحن ) بعقوبة ، و لا تسرعنّ إلى
بادرة وجدت منها مندوحة ، و لا تقولنّ إنّي مؤمّر آمر فأطاع ، فإنّ ذلك إدغال في
القلب ، و منهكة للدّين ، و تقرّب من الغير ( نوائب الدهر ) . ( الخطبة 292 ، 1 ، 517 ) أنصف اللّه و أنصف النّاس من نفسك و من خاصّة
أهلك و من لك فيه هوى من رعيّتك ، فإنّك إلاّ تفعل تظلم و من ظلم عباد اللّه كان
اللّه خصمه دون عباده ، و من خاصمه اللّه أدحض حجّته ، و كان للّه حربا حتّى
ينزع أو يتوب . و ليس شي ء أدعى إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته من إقامة
على ظلم ، فإنّ اللّه سميع دعوة المضطهدين و هو للظّالمين بالمرصاد . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و ليكن أبعد رعيّتك منك و أشنأهم عندك ( أي أبغضهم ) أطلبهم لمعائب النّاس ، فإنّ في النّاس
عيوبا ، الوالي أحقّ من سترها . فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها ، فإنّما عليك
تطهير ما ظهر لك . و اللّه يحكم على ما غاب عنك . فاستر العورة ما استطعت يستر
اللّه منك ما تحبّ ستره من رعيّتك . أطلق عن النّاس عقدة كلّ حقد ، و اقطع عنك
سبب كلّ وتر ، و تغاب ( أي تغافل ) عن كلّ ما لا
يصحّ لك ، و لا تعجلنّ إلى تصديق ساع ، فإنّ السّاعي غاشّ ، و إن تشبّه
بالنّاصحين . و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر . و لا
جبانا يضعفك عن الأمور . و لا حريصا يزيّن لك الشّره بالجور . فإنّ البخل و
الجبن و الحرص غرائز شتّى ، يجمعها سوء الظّنّ باللّه . ( الخطبة 292 ، 1 ، 520 ) و إنّما عماد الدّين ، و جماع المسلمين ، و
العدّة للأعداء العامّة من الأمّة ، فليكن صغوك لهم ، و ميلك معهم . ( 292 ، 1 ، 520 ) و لا يكوننّ المحسن و المسي ء عندك بمنزلة سواء ، فإنّ في ذلك تزهيدا لأهل
الإحسان في الإحسان ، و تدريبا لأهل الإساءة على الإساءة و ألزم كلا منهم ما
ألزم نفسه . و اعلم أنّه ليس شي ء بأدعى إلى حسن ظنّ راع برعيّته من إحسانه
إليهم ، و تخفيفه المؤونات عليهم ، و ترك استكراهه إيّاهم على ما ليس له قبلهم . و اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه
شخصك ، و تجلس لهم مجلسا عامّا ، فتتواضع فيه للّه الّذي خلقك ، و تقعد عنهم
جندك و أعوانك ، من أحراسك و شرطك ، حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع ، فإنّي
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول
في غير موطن : « لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها
حقّه من القويّ غير متتعتع » . ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ ( الخرق العنف ، و العي العجز عن النطق ) ، و نحّ عنهم
الضّيق و الأنف ، يبسط اللّه عليك بذلك أكناف رحمته ، و يوجب لك ثواب طاعته . و
أعط ما أعطيت هنيئا ، و امنع في إجمال و إعذار . و إذا قمت في صلاتك للنّاس ، فلا تكوننّ
منفّرا و لا مضيّعا ، فإنّ في النّاس من به العلّة و له الحاجة . و قد سألت رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين وجّهني
إلى اليمن كيف أصلّي بهم ؟ فقال : « صلّ بهم كصلاة أضعفهم ، و كن بالمؤمنين
رحيما » . ( الخطبة 292
، 4 ، 534 ) و أمّا بعد ، فلا تطوّلنّ احتجابك عن رعيّتك ،
فإنّ احتجاب الولاة عن الرّعيّة شعبة من الضّيق ، و قلّة علم بالأمور . و
الإحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه ، فيصغر عندهم الكبير ، و يعظم
الصّغير ، و يقبح الحسن ، و يحسن القبيح ، و يشاب الحقّ بالباطل . و إنّما
الوالي ، بشر لا يعرف ما توارى عنه النّاس به من الأمور ، و ليست على الحقّ سمات
تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب . و إنّما أنت أحد رجلين
: إمّا امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحقّ ، ففيما احتجابك من واجب حقّ تعطيه
، أو فعل كريم تسديه أو مبتلى بالمنع ، فما أسرع كفّ النّاس عن مسألتك إذا أيسوا
من بذلك مع أنّ أكثر حاجات النّاس إليك ممّا لا مؤونة فيه عليك ، من شكاة مظلمة
، أو طلب إنصاف في معاملة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 534 ) و ألزم الحقّ من لزمه من القريب و البعيد ، و
كن في ذلك صابرا محتسبا ، واقعا ذلك من قرابتك و خاصّتك حيث وقع . و ابتغ عاقبته
بما يثقل عليك منه . فإنّ مغبّة ذلك محمودة . و إن ظنّت الرّعيّة بك حيفا ،
فأصحر ( أي أبرز ) لهم بعذرك ، و اعدل عنك
ظنونهم باصحارك . فإنّ في ذلك رياضة منك لنفسك و رفقا برعيّتك ، و إعذارا تبلغ
به حاجتك من تقويمهم على الحقّ . ( الخطبة 292 ، 4 ،
535 ) إيّاك و الدّماء ، و سفكها بغير حلّها . فإنّه
ليس شي ء أدنى لنقمة ، و لا أعظم لتبعة ، و لا أحرى بزوال نعمة و انقطاع مدّة ،
من سفك الدّماء بغير حقّها . و اللّه سبحانه مبتدي ء بالحكم بين العباد فيما
تسافكوا من الدّماء يوم القيامة ، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام ، فإنّ ذلك
ممّا يضعفه و يوهنه ، بل يزيله و ينقله ، و لا عذر لك عند اللّه و لا عندي في
قتل العمد ، لأنّ فيه قود ( أي قصاص ) البدن . و
إن ابتليت بخطأ و أفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة ، فإنّ في الوكزة ( الضربة بجمع الكف ) فما فوقها مقتلة ، فلا تطمحنّ بك
نخوة سلطانك عن أن تؤدّي إلى أولياء المقتول حقّهم . (
الخطبة 292 ، 5 ، 537 ) و إيّاك و المنّ على رعيّتك بإحسانك أو
التّزيّد فيما كان من فعلك ، أو أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك ، فإنّ المنّ يبطل
الإحسان ، و التّزيّد يذهب بنور الحقّ ، و الخلف يوجب المقت عند اللّه و النّاس
. قال اللّه تعالى كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ
تَفْعَلُونَ ( الخطبة 292 ، 5 ، 538 ) . من كتاب له ( ع ) الى الاسود بن قطيبة صاحب
جند حلوان ( في فارس ) : أمّا بعد فإنّ
الوالي إذا اختلف هواه ، منعه ذلك كثيرا من العدل ، فليكن أمر النّاس عندك في
الحقّ سواء . فإنّه ليس في الجور عوض من العدل . فاجتنب ما تنكر أمثاله ( المقصود : من غيرك ) و ابتذل نفسك فيما افترض اللّه
عليك ، راجيا ثوابه ، و متخوّفا عقابه . من كتاب له ( ع ) الى قثم بن العباس و هو
عامله على مكة : و لا يكن لك إلى
النّاس سفير إلاّ لسانك ، و لا حاجب إلاّ وجهك . و لا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك
بها ، فإنّها إن ذيدت عن أبوابك في أوّل وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها . ( الخطبة 306 ، 555 ) من
وصية له ( ع ) لعبد اللّه بن العباس ، عند استخلافه اياه على البصرة : سع النّاس بوجهك و مجلسك و حكمك . و إيّاك و الغضب فإنّه
طيرة من الشّيطان ( أي يتفاءل به الشيطان ) . و اعلم أنّ ما قرّبك من اللّه يباعدك من
النّار ، و ما باعدك من اللّه يقرّبك من النّار . (
الخطبة 315 ، 563 ) |
|
( 227 )
اختيار العيون و المخبرين
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : و قال ( ع ) في موضع آخر من عهده : و تفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ، ممّن تقتحمه العيون ( أي تحتقره ) و تحقره الرّجال . ففرّغ لأولئك ثقتك من
أهل الخشية و التّواضع ، فليرفع إليك أمورهم . ( الخطبة
292 ، 4 ، 532 ) |
|
( 228 ) ما
كتب الامام ( ع ) من احلاف
|
|
من حلف له ( ع )
كتبه بين ربيعة و اليمن : هذا ما اجتمع
عليه أهل اليمن حاضرها و باديها ، و ربيعة حاضرها و باديها ( الحاضر : ساكن المدينة ، و البادي : المتردد في البادية )
، أنّهم على كتاب اللّه ، يدعون إليه و يأمرون به ، و يجيبون من دعا إليه و أمر
به ، لا يشترون به ثمنا و لا يرضون به بدلا ، و أنّهم يد واحدة على من خالف ذلك
و تركه ، و أنصار بعضهم لبعض : دعوتهم واحدة ، لا ينقضون عهدهم ، لمعتبة عاتب ،
و لا لغضب غاضب ، ( أي لا يعودون للتقاتل عند غضب بعضهم
من بعض ) و لا لاستذلال قوم قوما ، و لا لمسبّة قوم قوما على ذلك شاهدهم
و غائبهم ، و سفيههم و عالمهم ، و حليمهم و جاهلهم . ثمّ إنّ عليهم بذلك عهد
اللّه و ميثاقه إِنَّ عَهْدَ اللّهِ كَانَ مَسْؤُولاً . ( الخطبة 313 ، 561 ) |