- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل الرابع العدل الإلهي و التكليف
|
|
( 34 ) العدل الإلهي اللّه منزّه
عن فعل القبيح الخير من اللّه و الشر من أنفسنا
|
|
مدخل :
|
|
العدل : بعد إيماننا بوحدانية اللّه تعالى نؤمن بأنّه عادل . و ( العدل ) هو ثاني الأصول الاعتقادية عند الشيعة بعد
التوحيد . و هو من صفات اللّه الثبوتية الحقيقية ، التي تنطلق من كماله المطلق .
و العدل يعني أنه منزه عن فعل القبيح ، و لا يفعل إلاّ الحسن و لا يأمر إلاّ به
، و لا تصدر أعماله سبحانه إلاّ عن مصلحة و حكمة رَبَّنَا ما خَلَقْتَ هذا
باطِلاً سُبْحانَكَ . الخير
من اللّه و الشرّ من أنفسنا : إذن فاللّه
سبحانه لا يصنع الظلم و لا يفعل القبيح . و ان كلّ ما نتوهم أنّه ظلم من اللّه
تعالى ، فهو نتيجة قصورنا عن معرفة المصلحة المترتبة عليه . لأن اللّه لا يفعل
بالانسان إلاّ ما فيه صلاحه و خيره إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً
وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ . فاذا اختار سبحانه لعبد من عباده
الفقر ، فلعلمه بأن الغنى يفسده ، و إن أصاب عبدا مؤمنا بمحنة من مرض أو بلاء ،
فصبر عليها ، كان ذلك سببا لتكفير ذنوبه . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و قدّر الأرزاق
فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و السّعة ، فعدل فيها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) و وسعهم عدله ، و
غمرهم فضله ، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله . ( الخطبة
89 ، 4 ، 177 ) أيّها النّاس ، إنّ اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم ، و
لم يعذكم من أن يبتليكم . و قد قال جلّ من قائل إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ وَ إِنْ
كُنَّا لَمُبْتَلِينَ . ( الخطبة 101 ، 198 ) و أيم اللّه ما
كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها ، لأنّ اللّه ليس
بظلاّم للعبيد . و لو أنّ النّاس حين تنزل بهم النّقم ، و تزول عنهم النّعم ،
فزعوا إلى ربّهم بصدق من نيّاتهم ، و وله من قلوبهم ، لردّ عليهم كلّ شارد ، و
أصلح لهم كلّ فاسد . ( الخطبة 176 ، 319 ) الّذي صدق في
ميعاده ، و ارتفع عن ظلم عباده . و قام بالقسط في خلقه ، و عدل عليهم في حكمه . ( الخطبة 183 ، 334 ) الّذي عظم حلمه
فعفا ، و عدل في كلّ ما قضى ، و علم ما يمضي و ما مضى . ( الخطبة 189 ، 353 ) فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته ؟ كلاّ ، ما
كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا . إنّ حكمه في أهل
السّماء و أهل الأرض لواحد . و ما بين اللّه و بين أحد من خلقه هواده ، في إباحة
حمى حرّمه على العالمين . ( الخطبة 190 ، 1 ، 358 )
و لا يشغله غضب عن رحمة ، و لا تولهه رحمة عن عقاب . ( الخطبة 193 ، 383 ) و أشهد أنّه عدل
عدل ، و حكم فصل . ( الخطبة 212 ، 406 ) و لو كان لأحد أن يجري له و لا يجري عليه ، لكان ذلك
خالصا للّه سبحانه دون خلقه ، لقدرته على عباده ، و لعدله في كلّ ما جرت عليه
صروف قضائه . ( الخطبة 214 ، 410 ) . . . فلم يجز في عدله و قسطه يومئذ (
أي يوم القيامة ) خرق بصر في الهواء ، و لا همس قدم في الأرض ، إلاّ
بحقّه . ( الخطبة 221 ، 425 ) اللهمّ احملني
على عفوك ، و لا تحملني على عدلك . ( الخطبة 225 ، 430
) فإنّ اللّه تعالى
يسائلكم معشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم و الكبيرة ، و الظّاهرة و المستورة .
فإن يعذّب فأنتم أظلم ، و إن يعف فهو أكرم . ( الخطبة
266 ، 465 ) . . . فإنّه لم يأمرك إلاّ بحسن ، و لم ينهك إلاّ عن قبيح . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) و ربّما سألت الشّي ء فلا تؤتاه ، و أوتيت خيرا منه عاجلا
أو آجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك . فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو
أوتيته . فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله ، و ينفى عنك وباله . فالمال لا يبقى
لك و لا تبقى له . ( الخطبة 270 ، 2 ، 482 ) ألأقاويل محفوظة
و السّرائر مبلوّة ( أي بلاها اللّه و اختبرها و علمها
) و كلّ نفس بما كسبت رهينة . ( 343 ح ، 634 ) إنّ اللّه سبحانه
وضع الثّواب على طاعته ، و العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، و حياشة
لهم إلى جنّته . ( 368 ح ، 640 ) إنّ للّه عبادا
يختصّهم اللّه بالنّعم لمنافع العباد ، فيقرّها في أيديهم ما بذلوها ، فإذا
منعوها نزعها منهم ، ثمّ حوّلها إلى غيرهم . ( 425 ح ،
652 ) و سئل
( ع ) عن التوحيد و العدل ، فقال عليه
السلام : التّوحيد أن لا تتوهّمه ، و العدل أن لا تتهمه ( أي في أفعال تظنّ عدم الحكمة فيها ) . ( 470 ح ، 660 ) |
|
( 35 ) تكليف الانسان ( لم
يخلقكم عبثا )
|
|
مدخل :
|
|
بعد أن خلق اللّه الانسان و لم يكن شيئا مذكورا ، شاء أن
يبوئه منزلة رفيعة ، و يفضّله على كثير من مخلوقاته ، و ذلك بأن يجعله خليفته في
الأرض ، فأعطاه العقل و التمييز و الارادة و الاختيار ، و كلّفه بحمل الأمانة ،
ليستحق تلك المنزلة بجدارة . إذن فوجود الانسان في الدنيا لم يكن عبثا ، و انّما
كان بتكليف إلهي و عناية ربانية . |
|
النصوص :
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : فإنّ اللّه
سبحانه لم يخلقكم عبثا ، و لم يترككم سدى . ( الخطبة 62
، 117 ) فإنّ اللّه سبحانه لم يخلقكم عبثا ، و لم
يترككم سدى ، و لم يدعكم في جهالة و لا عمى . الخطبة 84
، 151 ) و قال ( ع ) قبل
وفاته : حمّل كلّ امرى ء منكم مجهوده ، و خفّف عن الجهلة . ربّ رحيم ، و
دين قويم ، و إمام عليم . ( الخطبة 147 ، 261 ) و اعلموا عباد اللّه ، أنّه لم يخلقكم عبثا ،
و لم يرسلكم هملا . ( الخطبة 193 ، 383 ) و اعلموا أنّ ما كلّفتم به يسير ، و أنّ ثوابه
كثير . ( الخطبة 290 ، 515 ) و كلّف يسيرا ، و لم يكلّف عسيرا . و أعطى على
القليل كثيرا ، و لم يعص مغلوبا ، و لم يطع مكرها ، و لم يرسل الأنبياء لعبا ، و
لم ينزل الكتاب للعباد عبثا ، و لا خلق السّموات و الأرض و ما بينهما باطلا
ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ
. ( 78 ح ، 578 ) و روي أنه ( ع ) قلّما
اعتدل به المنبر ، إلاّ قال أمام الخطبة : أيّها
النّاس ، اتّقوا اللّه فما خلق امروء عبثا فيلهو ، و لا ترك سدى فيلغو ( اللغو : ما لا فائدة فيه ) . ( 370 ح ، 640 ) و قال ( ع ) لما
سئل عن معنى قولهم « لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه » :
إنّا لا نملك مع اللّه شيئا ، و لا نملك إلاّ ما ملّكنا . فمتى ملّكنا ما هو
أملك به منّا كلّفنا ، و متى أخذه منّا وضع تكليفه عنّا . ( 404 ح ، 648 ) |
|
( 36 ) الهداية الى الخير و قيام
الحجّة على الخلق
|
|
مدخل :
|
|
من مظاهر عدل اللّه تعالى ، أنّه وهبنا العقل الذي نميز
به بين الخير و الشرّ ، ثمّ أرسل لنا الأنبياء ليوضحوا لنا طريق الخير ، و أمرنا
باتباع هذا الطريق ، ثمّ أعدّ الجنة ثوابا للمطيع و النار عقابا للمسي ء . |
|
النصوص :
|
|
يراجع المبحث ( 49 ) سبب ارسال الأنبياء . فبعث فيهم رسله ، و واتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق
فطرته ، و يذكّروهم منسيّ نعمته ، و يحتجّوا عليهم بالتّبليغ . . ( الخطبة 1 ، 31 ) و لم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل ، أو كتاب منزل ، أو
حجّة لازمة ، أو محجّة قائمة . ( الخطبة 1 ، 32 )
فقبضه إليه كريما
صلّى اللّه عليه و آله ، و خلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في اممها إذ لم يتركوهم
هملا ، بغير طريق واضح ، و لا علم قائم كتاب ربّكم فيكم . ( الخطبة 1 ، 33 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بالدّين المشهور
. ازاحة للشّبهات ، و احتجاجا بالبيّنات ، و تحذيرا بالآيات ، و تخويفا بالمثلات
( أي العقوبات ) . ( الخطبة 2 ، 36 ) و قال الامام ( ع ) ينفر أصحابه من الغفلة : و لقد
بصّرتم إن أبصرتم ، و اسمعتم إن سمعتم ، و هديتم إن اهتديتم ، و بحقّ أقول لكم :
لقد جاهرتكم العبر ، و زجرتم بما فيه مزدجر . و ما يبلّغ عن اللّه بعد رسل
السّماء ( أي الملائكة ) إلاّ البشر ( أي الرسل ) . ( الخطبة 20 ،
65 ) و إنّي لراض
بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم . ( الخطبة 22 ، 67 ) و قال
( ع ) في معرض حديثه عن الناكثين ببيعته : و تاللّه لو انماثت قلوبكم انمياثا ( أي ذابت )
. . . ما جزت أعمالكم عنكم و لو لم تبقوا شيئا
من جهدكم أنعمه عليكم العظام ، و هداه إيّاكم للإيمان . ( الخطبة 52 ، 109 ) فيالها حسرة على
كلّ ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجّة . ( الخطبة 62 ،
118 ) فقد أعذر اللّه
إليكم بحجج مسفرة ظاهرة ، و كتب بارزة العذر واضحة . (
الخطبة 79 ، 134 ) و من خطبة له ( ع ) و تسمّى الخطبة الغرّاء : و أشهد
أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله ، أرسله لإنفاذ أمره ، و إنهاء
عذره ، و تقديم نذره . ( الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) . . . و أنذركم بالحجج البوالغ . ( الخطبة 81 ، 1 ، 137
) و هدوا سبيل المنهج . . . و
كشفت عنهم سدف الرّيب ( أي ظلم الشبهات ) . ( الخطبة 81 ، 1 ، 140 ) و كفى بالكتاب ( أي القرآن ) حجيجا و خصيما . ( الخطبة 81 ، 2 ، 145 ) أوصيكم بتقوى
اللّه الّذي أعذر بما أنذر ، و احتجّ بما نهج ، و حذّركم عدوّا نفذ في الصّدور
خفيّا ( أي الشيطان ) . ( الخطبة 81 ، 2 ، 145 ) . . . ثمّ منحه ( أي الانسان ) قلبا حافظا ، و لسانا لافظا ، و
بصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، و يقصّر مزدجرا . حتّى إذا قام اعتداله ، و استوى
مثاله ( بعد قيام الحجة عليه ) نفر مستكبرا ، و
خبط سادرا ( أي متحيّرا ) ، ماتحا في غرب هواه ،
كادحا سعيا لدنياه . و ألقى إليكم
المعذرة ، و اتّخذ عليكم الحجّة ، و قدّم إليكم بالوعيد ، و أنذركم بين يدي عذاب
شديد . ( الخطبة 84 ، 151 ) أمّا بعد ، فإنّ
اللّه لم يقصم جبّاري دهر قطّ ، إلاّ بعد تمهيل و رخاء . و لم يجبر عظم أحد من
الأمم إلاّ بعد أزل ( أي شدة ) و بلاء . ( الخطبة 86 ، 156 ) و اللّه ما
أسمعكم الرّسول شيئا إلاّ و ها أنا ذا مسمعكموه ، و ما أسماعكم اليوم بدون
أسماعكم بالأمس . و لا شقّت لهم الأبصار ، و لا جعلت لهم الأفئدة في ذلك الزّمان
إلاّ و قد أعطيتم مثلها في هذا الزّمان ، و و اللّه ما بصّرتم بعدهم شيئا جهلوه
، و لا أصفيتم به و حرموه . ( الخطبة 87 ، 158 ) فأهبطه ( أي آدم ) بعد التّوبة ، ليعمر أرضه بنسله ، و ليقيم
الحجّة به على عباده ، و لم يخلهم بعد أن قبضه ، ممّا يؤكّد عليهم حجّة ربوبيّته
، و يصل بينهم و بين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ، و
متحمّلي ودائع رسالاته . قرنا فقرنا ، حتّى تمّت بنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم حجّته و بلغ المقطع عذره و نذره . (
الخطبة 89 ، 3 ، 174 ) و إنّ العالم
العامل بغير علمه ، كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق من جهله . بل الحجّة عليه
أعظم . ( الخطبة 108 ، 214 ) بعث اللّه رسله بما خصّهم به من وحيه ، و جعلهم حجّة له
على خلقه ، لئلا تجب الحجّة لهم بترك الإعذار إليهم . (
الخطبة 142 ، 255 ) عباد اللّه ،
اللّه اللّه في أعزّ الأنفس عليكم ، و أحبّها إليكم . فإنّ اللّه قد أوضح لكم
سبيل الحقّ و أنار طرقه . فشقوة لازمة ، أو سعادة دائمة . ( الخطبة 155 ، 277 ) انتفعوا ببيان اللّه ، و اتّعظوا بمواعظ اللّه ، و اقبلوا
نصيحة اللّه . فإنّ اللّه قد أعذر إليكم بالجليّة ، و اتّخذ عليكم الحجّة . و
بيّن لكم محابّه من الأعمال و مكارهه منها ، لتتّبعوا هذه و تجتنبوا هذه . ( الخطبة 174 ، 312 ) . . . فإنّه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، و لم يترك شيئا رضيه
أو كرهه ، إلاّ و جعل له علما باديا ، و آية محكمة ، تزجر عنه أو تدعو إليه . ( الخطبة 181 ، 330 ) |
|
( 37 ) أ الدنيا دار ابتلاء و اختبار ليبلوكم أيّكم
أحسن عملاً
|
|
مدخل :
|
|
جعل اللّه سبحانه هذه الدنيا دار ابتلاء و اختبار و
امتحان للانسان . قال تعالى في أول سورة الملك الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ
الْحَياةَ ، لِيَبْلُوَكُمْ أيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً . |
|
النصوص :
|
|
يراجع المبحث ( 41 ) الثواب و العقاب . في قرار خبرة ، و دار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون
عليها . ( الخطبة 81 ، 1 ، 137 ) و قدّر الأرزاق
فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و السّعة ، فعدل فيها ، ليبتلي من أراد
بميسورها و معسورها ، و ليختبر بذلك الشّكر و الصّبر من غنيّها و فقيرها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) أيّها النّاس ،
إنّ اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم ، و لم يعذكم من أن يبتليكم ، و قد قال جلّ من قائل : إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ ، وَ
إِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ . ( الخطبة 101 ، 198 ) و قال
( ع ) عن فتنة بني أمية : راية ضلال . . . . تعرككم عرك الأديم ، و تدوسكم دوس الحصيد ، و
تستخلص المؤمن بينكم استخلاص الطّير الحبّة البطينة من بين هزيل الحبّ . ( الخطبة 106 ، 206 ) دار هانت على
ربّها ، فخلط حلالها بحرامها ، و خيرها بشرّها . (
الخطبة 111 ، 218 ) و من خطبة له ( ع ) في سبب مبعث الرسل : ألا و إنّ
اللّه تعالى قد كشف الخلق كشفة ، لا أنّه جهل ما أخفوه من مصون اسرارهم و مكنون
ضمائرهم ، و لكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا ، فيكون الثّواب جزاء ، و العقاب بواء ( أي يبوء به صاحبه ) . (
الخطبة 142 ، 252 ) فقد
قال اللّه سبحانه إِنْ
تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ و قال تعالى مَنْ ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ، وَ لَهُ أَجْرٌ
كَرِيمٌ فلم يستنصركم من ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . استنصركم و لَهُ جُنُودُ
السَّمواتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . و لكنّ اللّه
سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله ، تمييزا بالإختبار لهم ، و نفيا
للإستكبار عنهم ، و إبعادا للخيلاء منهم . ( الخطبة 190
، 1 ، 357 ) قد اختبرهم اللّه
بالمخمصة ، و ابتلاهم بالمجهدة ، و امتحنهم بالمخاوف ، و مخضهم بالمكاره . فلا
تعتبروا الرّضا و السّخط بالمال و الولد ، جهلا بمواقع الفتنة ، و الإختبار في
موضع الغنى و الإقتدار . فقد قال سبحانه و تعالى
أَيْحسَبُونَ اَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ ، نُسارِعُ لَهُمْ
فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ . فإنّ اللّه سبحانه يختبر عباده
المستكبرين في أنفسهم ، بأوليائه المستضعفين في أعينهم . ( الخطبة 190 ، 2 ، 362 ) . . . و لو أراد اللّه سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم
كنوز الذّهبان ، و معادن العقيان ، و مغارس الجنان . و أن يحشر معهم طيور
السّماء و وحوش الأرضين ، لفعل . ألا ترون أنّ
اللّه سبحانه ، اختبر الأوّلين من لدن آدم صلوات اللّه عليه إلى الآخرين من هذا
العالم ، بأحجار لا تضرّ و لا تنفع ، و لا تبصر و لا تسمع ( يعني الكعبة المشرفة ) . .
. فجعلها بيته الحرام الّذي جعله للنّاس قياما . ثمّ وضعه بأوعر بقاع
الأرض حجرا . . . ثمّ أمر آدم عليه السّلام و
ولده أنّ يثنوا أعطافهم نحوه . . ابتلاء عظيما و امتحانا شديدا ، و اختبارا
مبينا و تمحيصا بليغا ، جعله اللّه سببا لرحمته ، و وصلة إلى جنّته . و لو أراد
سبحانه أن يضع بيته الحرام و مشاعره العظام ، بين جنّات و أنهار و سهل و قرار ،
جمّ الأشجار داني الثّمار ملتفّ البنى متّصل القرى ، بين برّة سمراء و روضة
خضراء ، و أرياف محدقة و عراص مغدقة ، و رياض ناضرة و طرق عامرة ، لكان قد صغر
قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء . و لو كان الأساس المحمول عليها ، و الأحجار
المرفوع بها ، بين زمرّدة خضراء ، و ياقوتة حمراء ، و نور و ضياء ، لخفّف ذلك مصارعة
الشّكّ في الصّدور ، و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، و لنفى معتلج الرّيب من
النّاس . و لكنّ اللّه يختبر عباده بأنواع الشّدائد ، و يتعبّدهم بأنواع المجاهد
، و يبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتّكبّر من قلوبهم ، و إسكانا للتّذلّل في
نفوسهم ، و ليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله ، و أسبابا ذللا لعفوه . ( الخطبة 190 ، 2 ، 364 ) و تدبّروا أحوال
الماضين من المؤمنين قبلكم ، كيف كانوا في حال التّمحيص و البلاء . ألم يكونوا
أثقل الخلائق أعباء ، و أجهد العباد بلاء ، و أضيق أهل الدّنيا حالا . . . حتّى إذا رأى اللّه سبحانه جدّ الصّبر منهم على
الأذى في محبّته ، و الإحتمال للمكروه من خوفه ، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا ،
فأبدلهم العزّ مكان الذّلّ ، و الأمن مكان الخوف ، فصاروا ملوكا حكّاما ، و
أئمّة أعلاما . و قد بلغت الكرامة من اللّه لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم . الخطبة 190 ، 3 ، 369 ) فتفهّم يا بنيّ وصيّتي . و اعلم أنّ مالك الموت هو
مالك الحياة ، و أنّ الخالق هو المميت ، و أنّ المفني هو المعيد ، و أنّ المبتلي
هو المعافي . و أنّ الدّنيا لم تكن لتستقرّ إلاّ على ما جعلها اللّه عليه من
النّعماء و الإبتلاء ، و الجزاء في المعاد ، أو ما شاء ممّا لا تعلم . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) و من
كتاب له ( ع ) الى معاوية : أمّا بعد ،
فإنّ اللّه سبحانه قد جعل الدّنيا لما بعدها ، و ابتلى فيها أهلها ، ليعلم أيّهم
أحسن عملا . و لسنا للدّنيا خلقنا ، و لا بالسّعي فيها أمرنا . و إنّما وضعنا
فيها لنبتلى بها . ( الخطبة 294 ، 541 ) و من كتاب له ( ع ) الى الأسود بن قطيبة : و اعلم أنّ
الدّنيا دار بليّة ، لم يفرغ صاحبها فيها قطّ ساعة إلاّ كانت فرغته عليه حسرة
يوم القيامة . ( الخطبة 298 ، 545 ) و قال
( ع ) : لا يقولنّ أحدكم « اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة »
لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة ( أي الاختبار
) . و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلاّت الفتن ، فإنّ
اللّه سبحانه يقول وَ اعْلَمُوا انَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ
فِتْنَةٌ و معنى ذلك أنّه يختبرهم بالأموال و الأولاد ليتبيّن السّاخط لرزقه ، و
الرّاضي بقسمه . و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم . و لكن لتظهر الأفعال
الّتي بها يستحقّ الثّواب و العقاب . لأنّ بعضهم يحبّ الذّكور و يكره الإناث ، و
بعضهم يحبّ تثمير المال ، و يكره انثلام الحال . ( 93 ح
، 581 ) كم من مستدرج بالإحسان إليه ، و مغرور بالسّتر عليه ، و
مفتون بحسن القول فيه . . . . و ربّ منعم عليه مستدرج بالنّعمى . و ربّ مبتلى مصنوع له
بالبلوى . ( 273 ح ، 622 ) الأقاويل محفوظة ، و السّرائر مبلوّة ، و كلّ نفس بما
كسبت رهينة . ( 343 ح ، 634 ) و قال ( ع ) : أيّها النّاس ، ليركم اللّه من النّعمة
وجلين ، كما يراكم من النّقمة فرقين ( أي فزعين )
. إنّه من وسّع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا ، و من ضيّق
عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيّع مأمولا . (
358 ح ، 637 ) |
|
( 37 ) ب المؤمن أشد ابتلاء و امتحانا
|
|
قال
الإمام ( ع ) : |
|
( 38 ) فضل اللّه و نعمه و شكره
عليها
|
|
يراجع المبحث ( 17 ) اللّه الرازق المنعم
الجواد الرزق . قال ( ع ) : و تاللّه لو انماثت ( أي ذابت ) قلوبكم انمياثا ، و سالت عيونكم من رغبة
إليه أو رهبة منه دما ، ثمّ عمّرتم في الدّنيا ما الدّنيا باقية ، ما جزت
أعمالكم عنكم و لو لم تبقوا شيئا من جهدكم أنعمه عليكم العظام ، و هداه إيّاكم
للإيمان . . ( الخطبة
52 ، 109 ) المأمول مع
النّقم ، المرهوب مع النّعم . ( الخطبة 63 ، 120 ) أيّها النّاس ،
الزّهادة قصر الأمل ، و الشّكر عند النّعم ، و التّورّع عند المحارم . فإن عزب
ذلك عنكم ، فلا يغلب الحرام صبركم ، و لا تنسوا عند النّعم شكركم . ( الخطبة 79 ، 134 ) و قال
( ع ) في الخطبة الغرّاء : الحمد للّه
الّذي علا بحوله ، و دنا بطوله . مانح كلّ غنيمة و فضل ، و كاشف كلّ عظيمة و أزل
. أحمده على عواطف كرمه ، و سوابغ نعمه . ( الخطبة 81 ،
1 ، 136 ) أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه ، الّذي ضرب الأمثال ، و وقّت لكم الآجال ، و ألبسكم الرّياش
، و أرفغ لكم المعاش ، و أحاط بكم الإحصاء ، و أرصد لكم الجزاء ، و آثركم
بالنّعم السّوابغ ، و الرّفد الرّوافغ ، و أنذركم بالحجج البوالغ ، فأحصاكم عددا
، و وظّف لكم مددا . في قرار خبرة ، و دار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون
عليها . ( الخطبة 81 ، 1 ، 137 ) جعل لكم أسماعا
لتعي ما عناها ، و أبصارا لتجلوعن عشاها ، و أشلاء جامعة لأعضائها ، ملائمة
لأحنائها ، في تركيب صورها ، و مدد عمرها ، بأبدان قائمة بأرفاقها ( أي منافعها ) ، و قلوب رائدة لأرزاقها . في مجلّلات
نعمه ، و موجبات مننه ، و حواجز عافيته . ( الخطبة 81 ،
2 ، 142 ) و قال
( ع ) معددا بعض نعم اللّه على الانسان و كيف أنّه يقابلها بالفسوق و النكران : أم هذا الّذي أنشأه في ظلمات الأرحام ، و شغف الأستار ،
نطفة دهاقا ، و علقة محاقا ، و جنينا و راضعا ، و وليدا و يافعا . ثمّ منحه قلبا
حافظا ، و لسانا لافظا ، و بصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، و يقصّر مزدجرا . حتّى
إذا قام اعتداله ، و استوى مثاله ، نفر مستكبرا ، و خبط سادرا ، ماتحا في غرب
هواه ، كادحا سعيا لدنياه ، في لذّات طربه ، و بدوات أربه . لا يحتسب رزيّة ، و
لا يخشع تقيّة ( أي خوفا من اللّه تعالى ) . ( الخطبة 81 ، 3 ، 146 ) و قال ( ع ) يخاطب أصحابه لائما لهم : و قد بلغتم من
كرامة اللّه تعالى لكم منزلة تكرم بها إماؤكم ، و توصل بها جيرانكم ، و يعظّمكم
من لا فضل لكم عليه ، و لا يد لكم عنده ، و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة ، و لا
لكم عليه إمرة . و قد ترون عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون . . . « تراجع تتمة الكلام في المبحث ( 185 ) تذمر الامام من
أصحابه » . ( الخطبة 104 ، 203 ) ما أسبغ نعمك في
الدّنيا ، و ما أصغرها في نعم الآخرة . ( الخطبة 107 ،
208 ) و قال ( ع ) في النهي عن عيب المسي ء : و إنّما ينبغي لأهل العصمة ، و المصنوع إليهم في
السّلامة ، أن يرحموا أهل الذّنوب و المعصية، و يكون الشّكر هو الغالب عليهم ، و
الحاجز لهم عنهم . ( الخطبة 138 ، 251 ) فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه ، و ليكن
الشّكر شاغلا له على معافاته ممّا ابتلي به غيره . (
الخطبة 138 ، 252 ) ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت ، فاتّقوا سكرات النّعمة ، و احذروا بوائق النّقمة
. ( الخطبة 149 ، 264 ) و استتمّوا نعمة
اللّه عليكم بالصّبر على طاعة اللّه و المحافظة على ما استحفظكم من كتابه . . ( الخطبة 171 ، 309 ) قد كفاكم مؤونة دنياكم ، و حثّكم على الشّكر ، و افترض من
ألسنتكم الذّكر . ( الخطبة 181 ، 331 ) ذاك حيث تسكرون
من غير شراب ، بل من النّعمة و النّعيم . ( الخطبة 185
، 346 ) و استتمّوا نعم اللّه عليكم بالصّبر على طاعته و المجانبة
لمعصيته . ( الخطبة 186 ، 348 ) إنّ من حقّ من
عظم جلال اللّه سبحانه في نفسه ، و جلّ موضعه من قلبه ، أن يصغر عنده لعظم ذلك
كلّ ما سواه . و إنّ أحقّ من كان كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه ، و لطف إحسانه
إليه . فإنّه لم تعظم نعمة اللّه على أحد إلاّ ازداد حقّ اللّه عليه عظما . ( الخطبة 214 ، 411 ) . . . فإنّما أنا و أنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره . يملك
منّا ما لا نمك من أنفسنا ، و أخرجنا ممّا كنّا فيه إلى ما صلحنا عليه . فأبدلنا
بعد الضّلالة بالهدى ، و أعطانا البصيرة بعد العمى . (
الخطبة 214 ، 413 ) و من
كلام له ( ع ) عند تلاوته قول اللّه تعالى : يا أَيُّها الإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ
الْكَرِيمِ . . . و تمثّل في حال تولّيك عنه إقباله عليك ، يدعوك إلى
عفوه ، و يتغمّدك بفضله ، و أنت متولّ عنه إلى غيره . فتعالى من قويّ ما أكرمه . . . ( الخطبة 221 ، 423 ) فلم يمنعك ( أي اللّه ) فضله ، و لم يهتك عنك ستره . بل لم تخل
من لطفه مطرف عين ، في نعمة يحدثها لك ، أو سيّئة يسترها عليك أو بليّة يصرفها
عنك . ( الخطبة 221 ، 424 ) و ليس شي ء أدعى
إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته من إقامة على ظلم . فإنّ اللّه سميع دعوة
المضطهدين و هو للظّالمين بالمرصاد . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و استصلح كلّ
نعمة أنعمها اللّه عليك ، و لا تضيّعنّ نعمة من نعم اللّه عندك . و لير عليك أثر
ما أنعم اللّه به عليك . . . و أكثر أن تنظر إلى
من فضّلت عليه ، فإنّ ذلك من أبواب الشّكر . ( الخطبة
308 ، 557 ) إذا وصلت إليكم أطراف النّعم ، فلا تنفّروا أقصاها بقلّة
الشّكر . ( 12 ح ، 566 ) استنزلوا الرّزق
بالصّدقة . ( 137 ح ، 592 ) إنّ للّه في كلّ
نعمة حقّا ، فمن أدّاه حفظها ، و من قصّر عنه خاطر بزوال نعمته . ( 244 ح ، 610 ) احذروا نفار النّعم ، فما كلّ شارد بمردود . ( 246 ح ، 610 ) لو لم يتوعّد
اللّه على معصيته ، لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمه . (
290 ح ، 625 ) أقلّ ما يلزمكم للّه ، أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه .
( 330 ح ، 632 ) و قال ( ع ) لجابر بن عبد اللّه الأنصاري : يا جابر ،
من كثرت نعم اللّه عليه كثرت حوائج النّاس إليه . فمن قام للّه فيها بما يجب
فيها عرّضها للدّوام و البقاء ، و من لم يقم فيها بما يجب عرّضها للزّوال و
الفناء . 372 ح ، 641 ) ألا و إنّ من البلاء الفاقة ، و أشدّ من الفاقة مرض البدن
، و أشدّ من مرض البدن مرض القلب . ألا و إنّ من النّعم سعة المال ، و أفضل من
سعة المال صحّة البدن ، و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب . ( 388 ح ، 645 ) ما كان اللّه
ليفتح على عبد باب الشّكر و يغلق عنه باب الزّيادة . (
435 ح ، 654 ) |
|
( 39 ) الصبر ( و الجزع )
|
|
يراجع المبحث ( 145 ) سكوت الإمام ( ع ) عن
حقّه صبر جميل و لكنه مرّ . ما يزيدنا ذلك
إلاّ إيمانا و تسليما ، و مضيّا على اللّقم ( أي على
جادة الطريق ) ، و صبرا على مضض الألم . (
الخطبة 56 ، 112 ) رحم اللّه امرأ . . . جعل الصّبر مطيّة نجاته ، و التّقوى عدّة وفاته
. ( الخطبة 74 ، 130 ) أيّها النّاس ، الزّهادة قصر الأمل ، و الشّكر عند النّعم
، و التّورّع عند المحارم . فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم ، و لا
تنسوا عند النّعم شكركم . ( الخطبة 79 ، 134 ) فاستدركوا بقيّة
أيّامكم ، و اصبروا لها أنفسكم . ( الخطبة 84 ، 152 )
و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و
السّعة ، فعدل فيها ، ليبتلي من أراد بميسورها و معسورها ، و ليختبر بذلك الشّكر
و الصّبر من غنيّها و فقيرها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) فإن أتاكم اللّه
بعافية فاقبلوا ، و إن ابتليتم فاصبروا ، فإنّ العاقبة للمتّقين . ( الخطبة 96 ، 191 ) و قال
( ع ) عن الإسلام : و جنّة لمن
صبر . ( الخطبة 104 ، 202 ) و يقلقكم اليسير من الدّنيا يفوتكم ، حتّى يتبيّن ذلك في
وجوهكم ، و قلّة صبركم عمّا زوي منها عنكم . ( الخطبة
111 ، 219 ) فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة إلاّ إيمانا و مضيّا على
الحقّ ، و تسليما للأمر ، و صبرا على مضض الجراح . (
الخطبة 120 ، 231 ) و من
كلام له ( ع ) في حثّ أصحابه على القتال : فإنّ الصّابرين على نزول الحقائق هم الّذين يحفّون براياتهم ، و يكتنفونها
: حفافيها و وراءها و أمامها . لا يتأخّرون عنها فيسلموها ، و لا يتقدّمون عليها
فيفردوها . ( الخطبة 122 ، 233 ) فمن آتاه اللّه مالا فليصل به القرابة . . و ليصبر نفسه على الحقوق و النّوائب ، ابتغاء
الثّواب . الخطبة 140 ، 253 ) و ذكر ( ع ) قول النبي ( ص ) له : « إنّ ذلك لكذلك ،
فكيف صبرك إذن ؟ « فقلت : يا رسول اللّه ، ليس
هذا من مواطن الصّبر ، و لكن من مواطن البشرى و الشّكر . و قال : « يا عليّ إنّ القوم سيفتنون بأموالهم . . . » ( الخطبة 154 ، 275 ) و استتمّوا نعمة اللّه عليكم بالصّبر على طاعة اللّه ، و
المحافظة على ما استحفظكم من كتابه . ( الخطبة 171 ،
309 ) و اعلموا أنّه
ليس لهذا الجلد الرّقيق صبر على النّار ، فارحموا نفوسكم ، فإنّكم قد جرّبتموها
في مصائب الدّنيا . أفرأيتم جزع أحدكم من الشّوكة تصيبه ، و العثرة تدميه ، و
الرّمضاء تحرقه ؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار . . .
( الخطبة 181 ، 331 ) إلزموا الأرض ، و
اصبروا على البلاء . ( الخطبة 188 ، 352 ) و قال
( ع ) عن أحوال الماضين من المؤمنين : حتّى إذا رأى اللّه سبحانه جدّ الصّبر منهم على الأذى في محبّته ، و
الإحتمال للمكروه من خوفه ، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا ، فأبدلهم العزّ مكان
الذّلّ ، و الأمن مكان الخوف . فصاروا ملوكا حكّاما ، و أئمّة أعلاما . و قد
بلغت الكرامة من اللّه لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم . ( الخطبة 190 ، 3 369 ) صبروا أيّاما
قصيرة أعقبتهم راحة طويلة . ( الخطبة 191 ، 377 ) فمن علامة أحدهم
أنّك ترى له قوّة في دين . . . و تجمّلا في فاقة
، و صبرا في شدّة . ( الخطبة 191 ، 378 ) و في المكاره
صبور ، و في الرّخاء شكور . ( الخطبة 191 ، 379 ) و إن بغي عليه
صبر حتّى يكون اللّه هو الّذي ينتقم له . ( الخطبة 191
، 379 ) و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نصبا بالصّلاة
بعد التّبشير له بالجنّة ، لقول اللّه سبحانه : وَ
امُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها ، فكان يأمر بها أهله
و يصبر عليها نفسه . ( الخطبة 197 ، 393 ) و قال ( ع ) يرثي زوجته الزهراء ( ع ) : قلّ يا رسول
اللّه عن صفيّتك صبري ، و رقّ عنها تجلّدي . ( الخطبة
200 ، 395 ) فإن أنصرف فلا عن
ملالة ، و إن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد اللّه الصّابرين . ( الخطبة 200 ، 396 ) و قال
( ع ) و هو يلي غسل النبي ( ص ) و تجهيزه : و لو لا أنّك أمرت بالصّبر ، و نهيت عن الجزع ، لأنفذنا عليك ماء الشّؤون ،
و لكان الدّاء مماطلا ، و الكمد محالفا ، و قلاّ لك و لكنّه ما لا يملك ردّه ، و
لا يستطاع دفعه . ( الخطبة 233 ، 436 ) و عوّد نفسك
التّصبّر على المكروه ، و نعم الخلق التّصبّر في الحقّ . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) و إن كنت جازعا
على ما تفلّت من يديك ، فاجزع على كلّ ما لم يصل إليك . ( الخطبة 270 ، 4 ، 488 ) اطرح عنك واردات
الهموم بعزائم الصّبر و حسن اليقين . ( الخطبة 270 ، 4
، 488 ) فأنصفوا النّاس
من أنفسكم ، و اصبروا لحوائجهم . ( الخطبة 290 ، 515 ) و قال ( ع ) في عهده لمالك الأشتر : و ليس أحد من
الرّعيّة أثقل على الوالي مؤونة في الرّخاء . . .
و أضعف صبرا عند ملمّات الدّهر من أهل الخاصّة . (
الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و ليس يخرج
الوالي من حقيقة ما ألزمه اللّه من ذلك إلاّ بالإهتمام و الاستعانة باللّه ، و
توطين نفسه على لزوم الحقّ ، و الصّبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل . ( الخطبة 292 ، 1 523 ) و الحقّ كلّه
ثقيل . و قد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم ، و وثقوا
بصدق موعود اللّه لهم . ( الخطبة 292 ، 4 ، 532 ) و ألزم الحقّ من
لزمه من القريب و البعيد ، و كن في ذلك صابرا محتسبا ، واقعا ذلك من قرابتك و
خاصّتك حيث وقع . و ابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه ، فإنّ مغبّة ذلك محمودة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 535 ) و لا يدعونّك ضيق
أمر ، لزمك فيه عهد اللّه ، إلى طلب انفساخه بغير الحقّ . فإنّ صبرك على ضيق أمر
ترجو انفراجه و فضل عاقبته ، خير من غدر تخاف تبعته . (
الخطبة 292 ، 5 537 ) و الصّبر شجاعة . ( 3 ح ، 565 ) و سئل ( ع ) عن الإيمان ، فقال : الإيمان على أربع دعائم :
على الصّبر و اليقين و العدل و الجهاد . و الصّبر منها
على أربع شعب : على الشّوق و الشّفق و الزّهد و التّرقّب ، فمن اشتاق إلى
الجنّة سلا عن الشّهوات ، و من أشفق من النّار اجتنب المحرّمات ، و من زهد في
الدّنيا استهان بالمصيبات ، و من ارتقب الموت سارع إلى الخيرات . . . ( 30 ح ، 569 ) الصّبر صبران : صبر على ما تكره و صبر عمّا تحبّ . ( 55 ح ، 575 ) و عليكم بالصّبر
، فإنّ الصّبر من الإيمان كالرّأس من الجسد ، و لا خير في جسد لا رأس معه ، و لا
في إيمان لا صبر معه . ( 82 ح ، 579 ) و لا إيمان كالحياء و الصّبر . (
113 ح ، 586 ) ينزل الصّبر على قدر المصيبة ، و من ضرب يده على فخذه عند
مصيبته حبط عمله . ( 144 ح ، 593 ) لا يعدم الصّبور
الظّفر و إن طال به الزّمان . ( 153 ح ، 597 ) من لم ينجه
الصّبر أهلكه الجزع . ( 189 ح ، 601 ) و الصّبر يناضل الحدثان ( أي
نوائب الدهر ) ، و الجزع من أعوان الزّمان . (
211 ح ، 605 ) قال (
ع ) و قد عزى الأشعث بن قيس عن ابن له : يا أشعث ، إن تحزن على ابنك فقد استحقّت منك ذلك الرّحم ، و إن تصبر ففي
اللّه من كلّ مصيبة خلف . يا أشعث ، إن صبرت جرى عليك القدر و أنت مأجور ، و إن
جزعت جرى عليك القدر و أنت مأزور ( من الوزر و هو الذنب
) . يا أشعث ، ابنك سرّك و هو بلاء و فتنة ، و حزنك و هو ثواب و رحمة . ( 291 ح ، 625 ) و قال ( ع ) على قبر النبي ( ص ) ساعة دفنه : إنّ
الصّبر لجميل إلاّ عنك ، و إنّ الجزع لقبيح إلاّ عليك ، و إنّ المصاب بك لجليل ،
و إنّه قبلك و بعدك لجلل ( أي قليل ) . ( 292 ح ، 625 ) و قال ( ع ) في صفة المؤمن : شكور صبور . ( 333 ، 633 ) من صبر صبر
الأحرار ، و إلاّ سلا سلوّ الأغمار ( جمع غمر ، و هو
الجاهل الذي لم يجرب الأمور ) . 413 ح ، 649 و في خبر آخر انّه ( ع ) قال للأشعث بن قيس معزيّا : إن صبرت صبر الأكارم ، و إلاّ سلوت سلوّ البهائم . ( 414 ح ، 649 ) و كان
( ع ) إذا عزّى قوما قال : إن
تجزعوا فأهل ذلك الرّحم ، و إن تصبروا ففي ثواب اللّه عوض عن كلّ فائت . ( مستدرك 164 ) |
|
الفصل الرابع العدل الإلهي و التكليف
|
|
( 34 ) العدل الإلهي اللّه منزّه
عن فعل القبيح الخير من اللّه و الشر من أنفسنا
|
|
مدخل :
|
|
العدل : بعد إيماننا بوحدانية اللّه تعالى نؤمن بأنّه عادل . و ( العدل ) هو ثاني الأصول الاعتقادية عند الشيعة بعد
التوحيد . و هو من صفات اللّه الثبوتية الحقيقية ، التي تنطلق من كماله المطلق .
و العدل يعني أنه منزه عن فعل القبيح ، و لا يفعل إلاّ الحسن و لا يأمر إلاّ به
، و لا تصدر أعماله سبحانه إلاّ عن مصلحة و حكمة رَبَّنَا ما خَلَقْتَ هذا
باطِلاً سُبْحانَكَ . الخير
من اللّه و الشرّ من أنفسنا : إذن فاللّه
سبحانه لا يصنع الظلم و لا يفعل القبيح . و ان كلّ ما نتوهم أنّه ظلم من اللّه
تعالى ، فهو نتيجة قصورنا عن معرفة المصلحة المترتبة عليه . لأن اللّه لا يفعل
بالانسان إلاّ ما فيه صلاحه و خيره إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً
وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ . فاذا اختار سبحانه لعبد من عباده
الفقر ، فلعلمه بأن الغنى يفسده ، و إن أصاب عبدا مؤمنا بمحنة من مرض أو بلاء ،
فصبر عليها ، كان ذلك سببا لتكفير ذنوبه . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و قدّر الأرزاق
فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و السّعة ، فعدل فيها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) و وسعهم عدله ، و
غمرهم فضله ، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله . ( الخطبة
89 ، 4 ، 177 ) أيّها النّاس ، إنّ اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم ، و
لم يعذكم من أن يبتليكم . و قد قال جلّ من قائل إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ وَ إِنْ
كُنَّا لَمُبْتَلِينَ . ( الخطبة 101 ، 198 ) و أيم اللّه ما
كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم إلاّ بذنوب اجترحوها ، لأنّ اللّه ليس
بظلاّم للعبيد . و لو أنّ النّاس حين تنزل بهم النّقم ، و تزول عنهم النّعم ،
فزعوا إلى ربّهم بصدق من نيّاتهم ، و وله من قلوبهم ، لردّ عليهم كلّ شارد ، و
أصلح لهم كلّ فاسد . ( الخطبة 176 ، 319 ) الّذي صدق في
ميعاده ، و ارتفع عن ظلم عباده . و قام بالقسط في خلقه ، و عدل عليهم في حكمه . ( الخطبة 183 ، 334 ) الّذي عظم حلمه
فعفا ، و عدل في كلّ ما قضى ، و علم ما يمضي و ما مضى . ( الخطبة 189 ، 353 ) فمن ذا بعد إبليس يسلم على اللّه بمثل معصيته ؟ كلاّ ، ما
كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا . إنّ حكمه في أهل
السّماء و أهل الأرض لواحد . و ما بين اللّه و بين أحد من خلقه هواده ، في إباحة
حمى حرّمه على العالمين . ( الخطبة 190 ، 1 ، 358 )
و لا يشغله غضب عن رحمة ، و لا تولهه رحمة عن عقاب . ( الخطبة 193 ، 383 ) و أشهد أنّه عدل
عدل ، و حكم فصل . ( الخطبة 212 ، 406 ) و لو كان لأحد أن يجري له و لا يجري عليه ، لكان ذلك
خالصا للّه سبحانه دون خلقه ، لقدرته على عباده ، و لعدله في كلّ ما جرت عليه
صروف قضائه . ( الخطبة 214 ، 410 ) . . . فلم يجز في عدله و قسطه يومئذ (
أي يوم القيامة ) خرق بصر في الهواء ، و لا همس قدم في الأرض ، إلاّ
بحقّه . ( الخطبة 221 ، 425 ) اللهمّ احملني
على عفوك ، و لا تحملني على عدلك . ( الخطبة 225 ، 430
) فإنّ اللّه تعالى
يسائلكم معشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم و الكبيرة ، و الظّاهرة و المستورة .
فإن يعذّب فأنتم أظلم ، و إن يعف فهو أكرم . ( الخطبة
266 ، 465 ) . . . فإنّه لم يأمرك إلاّ بحسن ، و لم ينهك إلاّ عن قبيح . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) و ربّما سألت الشّي ء فلا تؤتاه ، و أوتيت خيرا منه عاجلا
أو آجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك . فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو
أوتيته . فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله ، و ينفى عنك وباله . فالمال لا يبقى
لك و لا تبقى له . ( الخطبة 270 ، 2 ، 482 ) ألأقاويل محفوظة
و السّرائر مبلوّة ( أي بلاها اللّه و اختبرها و علمها
) و كلّ نفس بما كسبت رهينة . ( 343 ح ، 634 ) إنّ اللّه سبحانه
وضع الثّواب على طاعته ، و العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، و حياشة
لهم إلى جنّته . ( 368 ح ، 640 ) إنّ للّه عبادا
يختصّهم اللّه بالنّعم لمنافع العباد ، فيقرّها في أيديهم ما بذلوها ، فإذا
منعوها نزعها منهم ، ثمّ حوّلها إلى غيرهم . ( 425 ح ،
652 ) و سئل
( ع ) عن التوحيد و العدل ، فقال عليه
السلام : التّوحيد أن لا تتوهّمه ، و العدل أن لا تتهمه ( أي في أفعال تظنّ عدم الحكمة فيها ) . ( 470 ح ، 660 ) |
|
( 35 ) تكليف الانسان ( لم
يخلقكم عبثا )
|
|
مدخل :
|
|
بعد أن خلق اللّه الانسان و لم يكن شيئا مذكورا ، شاء أن
يبوئه منزلة رفيعة ، و يفضّله على كثير من مخلوقاته ، و ذلك بأن يجعله خليفته في
الأرض ، فأعطاه العقل و التمييز و الارادة و الاختيار ، و كلّفه بحمل الأمانة ،
ليستحق تلك المنزلة بجدارة . إذن فوجود الانسان في الدنيا لم يكن عبثا ، و انّما
كان بتكليف إلهي و عناية ربانية . |
|
النصوص :
|
|
قال
الامام علي ( ع ) : فإنّ اللّه
سبحانه لم يخلقكم عبثا ، و لم يترككم سدى . ( الخطبة 62
، 117 ) فإنّ اللّه سبحانه لم يخلقكم عبثا ، و لم
يترككم سدى ، و لم يدعكم في جهالة و لا عمى . الخطبة 84
، 151 ) و قال ( ع ) قبل
وفاته : حمّل كلّ امرى ء منكم مجهوده ، و خفّف عن الجهلة . ربّ رحيم ، و
دين قويم ، و إمام عليم . ( الخطبة 147 ، 261 ) و اعلموا عباد اللّه ، أنّه لم يخلقكم عبثا ،
و لم يرسلكم هملا . ( الخطبة 193 ، 383 ) و اعلموا أنّ ما كلّفتم به يسير ، و أنّ ثوابه
كثير . ( الخطبة 290 ، 515 ) و كلّف يسيرا ، و لم يكلّف عسيرا . و أعطى على
القليل كثيرا ، و لم يعص مغلوبا ، و لم يطع مكرها ، و لم يرسل الأنبياء لعبا ، و
لم ينزل الكتاب للعباد عبثا ، و لا خلق السّموات و الأرض و ما بينهما باطلا
ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ
. ( 78 ح ، 578 ) و روي أنه ( ع ) قلّما
اعتدل به المنبر ، إلاّ قال أمام الخطبة : أيّها
النّاس ، اتّقوا اللّه فما خلق امروء عبثا فيلهو ، و لا ترك سدى فيلغو ( اللغو : ما لا فائدة فيه ) . ( 370 ح ، 640 ) و قال ( ع ) لما
سئل عن معنى قولهم « لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه » :
إنّا لا نملك مع اللّه شيئا ، و لا نملك إلاّ ما ملّكنا . فمتى ملّكنا ما هو
أملك به منّا كلّفنا ، و متى أخذه منّا وضع تكليفه عنّا . ( 404 ح ، 648 ) |
|
( 36 ) الهداية الى الخير و قيام
الحجّة على الخلق
|
|
مدخل :
|
|
من مظاهر عدل اللّه تعالى ، أنّه وهبنا العقل الذي نميز
به بين الخير و الشرّ ، ثمّ أرسل لنا الأنبياء ليوضحوا لنا طريق الخير ، و أمرنا
باتباع هذا الطريق ، ثمّ أعدّ الجنة ثوابا للمطيع و النار عقابا للمسي ء . |
|
النصوص :
|
|
يراجع المبحث ( 49 ) سبب ارسال الأنبياء . فبعث فيهم رسله ، و واتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق
فطرته ، و يذكّروهم منسيّ نعمته ، و يحتجّوا عليهم بالتّبليغ . . ( الخطبة 1 ، 31 ) و لم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل ، أو كتاب منزل ، أو
حجّة لازمة ، أو محجّة قائمة . ( الخطبة 1 ، 32 )
فقبضه إليه كريما
صلّى اللّه عليه و آله ، و خلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في اممها إذ لم يتركوهم
هملا ، بغير طريق واضح ، و لا علم قائم كتاب ربّكم فيكم . ( الخطبة 1 ، 33 ) و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ، أرسله بالدّين المشهور
. ازاحة للشّبهات ، و احتجاجا بالبيّنات ، و تحذيرا بالآيات ، و تخويفا بالمثلات
( أي العقوبات ) . ( الخطبة 2 ، 36 ) و قال الامام ( ع ) ينفر أصحابه من الغفلة : و لقد
بصّرتم إن أبصرتم ، و اسمعتم إن سمعتم ، و هديتم إن اهتديتم ، و بحقّ أقول لكم :
لقد جاهرتكم العبر ، و زجرتم بما فيه مزدجر . و ما يبلّغ عن اللّه بعد رسل
السّماء ( أي الملائكة ) إلاّ البشر ( أي الرسل ) . ( الخطبة 20 ،
65 ) و إنّي لراض
بحجّة اللّه عليهم و علمه فيهم . ( الخطبة 22 ، 67 ) و قال
( ع ) في معرض حديثه عن الناكثين ببيعته : و تاللّه لو انماثت قلوبكم انمياثا ( أي ذابت )
. . . ما جزت أعمالكم عنكم و لو لم تبقوا شيئا
من جهدكم أنعمه عليكم العظام ، و هداه إيّاكم للإيمان . ( الخطبة 52 ، 109 ) فيالها حسرة على
كلّ ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجّة . ( الخطبة 62 ،
118 ) فقد أعذر اللّه
إليكم بحجج مسفرة ظاهرة ، و كتب بارزة العذر واضحة . (
الخطبة 79 ، 134 ) و من خطبة له ( ع ) و تسمّى الخطبة الغرّاء : و أشهد
أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه و آله عبده و رسوله ، أرسله لإنفاذ أمره ، و إنهاء
عذره ، و تقديم نذره . ( الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) . . . و أنذركم بالحجج البوالغ . ( الخطبة 81 ، 1 ، 137
) و هدوا سبيل المنهج . . . و
كشفت عنهم سدف الرّيب ( أي ظلم الشبهات ) . ( الخطبة 81 ، 1 ، 140 ) و كفى بالكتاب ( أي القرآن ) حجيجا و خصيما . ( الخطبة 81 ، 2 ، 145 ) أوصيكم بتقوى
اللّه الّذي أعذر بما أنذر ، و احتجّ بما نهج ، و حذّركم عدوّا نفذ في الصّدور
خفيّا ( أي الشيطان ) . ( الخطبة 81 ، 2 ، 145 ) . . . ثمّ منحه ( أي الانسان ) قلبا حافظا ، و لسانا لافظا ، و
بصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، و يقصّر مزدجرا . حتّى إذا قام اعتداله ، و استوى
مثاله ( بعد قيام الحجة عليه ) نفر مستكبرا ، و
خبط سادرا ( أي متحيّرا ) ، ماتحا في غرب هواه ،
كادحا سعيا لدنياه . و ألقى إليكم
المعذرة ، و اتّخذ عليكم الحجّة ، و قدّم إليكم بالوعيد ، و أنذركم بين يدي عذاب
شديد . ( الخطبة 84 ، 151 ) أمّا بعد ، فإنّ
اللّه لم يقصم جبّاري دهر قطّ ، إلاّ بعد تمهيل و رخاء . و لم يجبر عظم أحد من
الأمم إلاّ بعد أزل ( أي شدة ) و بلاء . ( الخطبة 86 ، 156 ) و اللّه ما
أسمعكم الرّسول شيئا إلاّ و ها أنا ذا مسمعكموه ، و ما أسماعكم اليوم بدون
أسماعكم بالأمس . و لا شقّت لهم الأبصار ، و لا جعلت لهم الأفئدة في ذلك الزّمان
إلاّ و قد أعطيتم مثلها في هذا الزّمان ، و و اللّه ما بصّرتم بعدهم شيئا جهلوه
، و لا أصفيتم به و حرموه . ( الخطبة 87 ، 158 ) فأهبطه ( أي آدم ) بعد التّوبة ، ليعمر أرضه بنسله ، و ليقيم
الحجّة به على عباده ، و لم يخلهم بعد أن قبضه ، ممّا يؤكّد عليهم حجّة ربوبيّته
، و يصل بينهم و بين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ، و
متحمّلي ودائع رسالاته . قرنا فقرنا ، حتّى تمّت بنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم حجّته و بلغ المقطع عذره و نذره . (
الخطبة 89 ، 3 ، 174 ) و إنّ العالم
العامل بغير علمه ، كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق من جهله . بل الحجّة عليه
أعظم . ( الخطبة 108 ، 214 ) بعث اللّه رسله بما خصّهم به من وحيه ، و جعلهم حجّة له
على خلقه ، لئلا تجب الحجّة لهم بترك الإعذار إليهم . (
الخطبة 142 ، 255 ) عباد اللّه ،
اللّه اللّه في أعزّ الأنفس عليكم ، و أحبّها إليكم . فإنّ اللّه قد أوضح لكم
سبيل الحقّ و أنار طرقه . فشقوة لازمة ، أو سعادة دائمة . ( الخطبة 155 ، 277 ) انتفعوا ببيان اللّه ، و اتّعظوا بمواعظ اللّه ، و اقبلوا
نصيحة اللّه . فإنّ اللّه قد أعذر إليكم بالجليّة ، و اتّخذ عليكم الحجّة . و
بيّن لكم محابّه من الأعمال و مكارهه منها ، لتتّبعوا هذه و تجتنبوا هذه . ( الخطبة 174 ، 312 ) . . . فإنّه لم يخف عنكم شيئا من دينه ، و لم يترك شيئا رضيه
أو كرهه ، إلاّ و جعل له علما باديا ، و آية محكمة ، تزجر عنه أو تدعو إليه . ( الخطبة 181 ، 330 ) |
|
( 37 ) أ الدنيا دار ابتلاء و اختبار ليبلوكم أيّكم
أحسن عملاً
|
|
مدخل :
|
|
جعل اللّه سبحانه هذه الدنيا دار ابتلاء و اختبار و
امتحان للانسان . قال تعالى في أول سورة الملك الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَ
الْحَياةَ ، لِيَبْلُوَكُمْ أيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً . |
|
النصوص :
|
|
يراجع المبحث ( 41 ) الثواب و العقاب . في قرار خبرة ، و دار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون
عليها . ( الخطبة 81 ، 1 ، 137 ) و قدّر الأرزاق
فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و السّعة ، فعدل فيها ، ليبتلي من أراد
بميسورها و معسورها ، و ليختبر بذلك الشّكر و الصّبر من غنيّها و فقيرها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) أيّها النّاس ،
إنّ اللّه قد أعاذكم من أن يجور عليكم ، و لم يعذكم من أن يبتليكم ، و قد قال جلّ من قائل : إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ ، وَ
إِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ . ( الخطبة 101 ، 198 ) و قال
( ع ) عن فتنة بني أمية : راية ضلال . . . . تعرككم عرك الأديم ، و تدوسكم دوس الحصيد ، و
تستخلص المؤمن بينكم استخلاص الطّير الحبّة البطينة من بين هزيل الحبّ . ( الخطبة 106 ، 206 ) دار هانت على
ربّها ، فخلط حلالها بحرامها ، و خيرها بشرّها . (
الخطبة 111 ، 218 ) و من خطبة له ( ع ) في سبب مبعث الرسل : ألا و إنّ
اللّه تعالى قد كشف الخلق كشفة ، لا أنّه جهل ما أخفوه من مصون اسرارهم و مكنون
ضمائرهم ، و لكن ليبلوهم أيّهم أحسن عملا ، فيكون الثّواب جزاء ، و العقاب بواء ( أي يبوء به صاحبه ) . (
الخطبة 142 ، 252 ) فقد
قال اللّه سبحانه إِنْ
تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ و قال تعالى مَنْ ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ، وَ لَهُ أَجْرٌ
كَرِيمٌ فلم يستنصركم من ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . استنصركم و لَهُ جُنُودُ
السَّمواتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . و لكنّ اللّه
سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله ، تمييزا بالإختبار لهم ، و نفيا
للإستكبار عنهم ، و إبعادا للخيلاء منهم . ( الخطبة 190
، 1 ، 357 ) قد اختبرهم اللّه
بالمخمصة ، و ابتلاهم بالمجهدة ، و امتحنهم بالمخاوف ، و مخضهم بالمكاره . فلا
تعتبروا الرّضا و السّخط بالمال و الولد ، جهلا بمواقع الفتنة ، و الإختبار في
موضع الغنى و الإقتدار . فقد قال سبحانه و تعالى
أَيْحسَبُونَ اَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ ، نُسارِعُ لَهُمْ
فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ . فإنّ اللّه سبحانه يختبر عباده
المستكبرين في أنفسهم ، بأوليائه المستضعفين في أعينهم . ( الخطبة 190 ، 2 ، 362 ) . . . و لو أراد اللّه سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم
كنوز الذّهبان ، و معادن العقيان ، و مغارس الجنان . و أن يحشر معهم طيور
السّماء و وحوش الأرضين ، لفعل . ألا ترون أنّ
اللّه سبحانه ، اختبر الأوّلين من لدن آدم صلوات اللّه عليه إلى الآخرين من هذا
العالم ، بأحجار لا تضرّ و لا تنفع ، و لا تبصر و لا تسمع ( يعني الكعبة المشرفة ) . .
. فجعلها بيته الحرام الّذي جعله للنّاس قياما . ثمّ وضعه بأوعر بقاع
الأرض حجرا . . . ثمّ أمر آدم عليه السّلام و
ولده أنّ يثنوا أعطافهم نحوه . . ابتلاء عظيما و امتحانا شديدا ، و اختبارا
مبينا و تمحيصا بليغا ، جعله اللّه سببا لرحمته ، و وصلة إلى جنّته . و لو أراد
سبحانه أن يضع بيته الحرام و مشاعره العظام ، بين جنّات و أنهار و سهل و قرار ،
جمّ الأشجار داني الثّمار ملتفّ البنى متّصل القرى ، بين برّة سمراء و روضة
خضراء ، و أرياف محدقة و عراص مغدقة ، و رياض ناضرة و طرق عامرة ، لكان قد صغر
قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء . و لو كان الأساس المحمول عليها ، و الأحجار
المرفوع بها ، بين زمرّدة خضراء ، و ياقوتة حمراء ، و نور و ضياء ، لخفّف ذلك مصارعة
الشّكّ في الصّدور ، و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ، و لنفى معتلج الرّيب من
النّاس . و لكنّ اللّه يختبر عباده بأنواع الشّدائد ، و يتعبّدهم بأنواع المجاهد
، و يبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتّكبّر من قلوبهم ، و إسكانا للتّذلّل في
نفوسهم ، و ليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله ، و أسبابا ذللا لعفوه . ( الخطبة 190 ، 2 ، 364 ) و تدبّروا أحوال
الماضين من المؤمنين قبلكم ، كيف كانوا في حال التّمحيص و البلاء . ألم يكونوا
أثقل الخلائق أعباء ، و أجهد العباد بلاء ، و أضيق أهل الدّنيا حالا . . . حتّى إذا رأى اللّه سبحانه جدّ الصّبر منهم على
الأذى في محبّته ، و الإحتمال للمكروه من خوفه ، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا ،
فأبدلهم العزّ مكان الذّلّ ، و الأمن مكان الخوف ، فصاروا ملوكا حكّاما ، و
أئمّة أعلاما . و قد بلغت الكرامة من اللّه لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم . الخطبة 190 ، 3 ، 369 ) فتفهّم يا بنيّ وصيّتي . و اعلم أنّ مالك الموت هو
مالك الحياة ، و أنّ الخالق هو المميت ، و أنّ المفني هو المعيد ، و أنّ المبتلي
هو المعافي . و أنّ الدّنيا لم تكن لتستقرّ إلاّ على ما جعلها اللّه عليه من
النّعماء و الإبتلاء ، و الجزاء في المعاد ، أو ما شاء ممّا لا تعلم . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) و من
كتاب له ( ع ) الى معاوية : أمّا بعد ،
فإنّ اللّه سبحانه قد جعل الدّنيا لما بعدها ، و ابتلى فيها أهلها ، ليعلم أيّهم
أحسن عملا . و لسنا للدّنيا خلقنا ، و لا بالسّعي فيها أمرنا . و إنّما وضعنا
فيها لنبتلى بها . ( الخطبة 294 ، 541 ) و من كتاب له ( ع ) الى الأسود بن قطيبة : و اعلم أنّ
الدّنيا دار بليّة ، لم يفرغ صاحبها فيها قطّ ساعة إلاّ كانت فرغته عليه حسرة
يوم القيامة . ( الخطبة 298 ، 545 ) و قال
( ع ) : لا يقولنّ أحدكم « اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة »
لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة ( أي الاختبار
) . و لكن من استعاذ فليستعذ من مضلاّت الفتن ، فإنّ
اللّه سبحانه يقول وَ اعْلَمُوا انَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ
فِتْنَةٌ و معنى ذلك أنّه يختبرهم بالأموال و الأولاد ليتبيّن السّاخط لرزقه ، و
الرّاضي بقسمه . و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم . و لكن لتظهر الأفعال
الّتي بها يستحقّ الثّواب و العقاب . لأنّ بعضهم يحبّ الذّكور و يكره الإناث ، و
بعضهم يحبّ تثمير المال ، و يكره انثلام الحال . ( 93 ح
، 581 ) كم من مستدرج بالإحسان إليه ، و مغرور بالسّتر عليه ، و
مفتون بحسن القول فيه . . . . و ربّ منعم عليه مستدرج بالنّعمى . و ربّ مبتلى مصنوع له
بالبلوى . ( 273 ح ، 622 ) الأقاويل محفوظة ، و السّرائر مبلوّة ، و كلّ نفس بما
كسبت رهينة . ( 343 ح ، 634 ) و قال ( ع ) : أيّها النّاس ، ليركم اللّه من النّعمة
وجلين ، كما يراكم من النّقمة فرقين ( أي فزعين )
. إنّه من وسّع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفا ، و من ضيّق
عليه في ذات يده فلم ير ذلك اختبارا فقد ضيّع مأمولا . (
358 ح ، 637 ) |
|
( 37 ) ب المؤمن أشد ابتلاء و امتحانا
|
|
قال
الإمام ( ع ) : |
|
( 38 ) فضل اللّه و نعمه و شكره
عليها
|
|
يراجع المبحث ( 17 ) اللّه الرازق المنعم
الجواد الرزق . قال ( ع ) : و تاللّه لو انماثت ( أي ذابت ) قلوبكم انمياثا ، و سالت عيونكم من رغبة
إليه أو رهبة منه دما ، ثمّ عمّرتم في الدّنيا ما الدّنيا باقية ، ما جزت
أعمالكم عنكم و لو لم تبقوا شيئا من جهدكم أنعمه عليكم العظام ، و هداه إيّاكم
للإيمان . . ( الخطبة
52 ، 109 ) المأمول مع
النّقم ، المرهوب مع النّعم . ( الخطبة 63 ، 120 ) أيّها النّاس ،
الزّهادة قصر الأمل ، و الشّكر عند النّعم ، و التّورّع عند المحارم . فإن عزب
ذلك عنكم ، فلا يغلب الحرام صبركم ، و لا تنسوا عند النّعم شكركم . ( الخطبة 79 ، 134 ) و قال
( ع ) في الخطبة الغرّاء : الحمد للّه
الّذي علا بحوله ، و دنا بطوله . مانح كلّ غنيمة و فضل ، و كاشف كلّ عظيمة و أزل
. أحمده على عواطف كرمه ، و سوابغ نعمه . ( الخطبة 81 ،
1 ، 136 ) أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه ، الّذي ضرب الأمثال ، و وقّت لكم الآجال ، و ألبسكم الرّياش
، و أرفغ لكم المعاش ، و أحاط بكم الإحصاء ، و أرصد لكم الجزاء ، و آثركم
بالنّعم السّوابغ ، و الرّفد الرّوافغ ، و أنذركم بالحجج البوالغ ، فأحصاكم عددا
، و وظّف لكم مددا . في قرار خبرة ، و دار عبرة ، أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون
عليها . ( الخطبة 81 ، 1 ، 137 ) جعل لكم أسماعا
لتعي ما عناها ، و أبصارا لتجلوعن عشاها ، و أشلاء جامعة لأعضائها ، ملائمة
لأحنائها ، في تركيب صورها ، و مدد عمرها ، بأبدان قائمة بأرفاقها ( أي منافعها ) ، و قلوب رائدة لأرزاقها . في مجلّلات
نعمه ، و موجبات مننه ، و حواجز عافيته . ( الخطبة 81 ،
2 ، 142 ) و قال
( ع ) معددا بعض نعم اللّه على الانسان و كيف أنّه يقابلها بالفسوق و النكران : أم هذا الّذي أنشأه في ظلمات الأرحام ، و شغف الأستار ،
نطفة دهاقا ، و علقة محاقا ، و جنينا و راضعا ، و وليدا و يافعا . ثمّ منحه قلبا
حافظا ، و لسانا لافظا ، و بصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، و يقصّر مزدجرا . حتّى
إذا قام اعتداله ، و استوى مثاله ، نفر مستكبرا ، و خبط سادرا ، ماتحا في غرب
هواه ، كادحا سعيا لدنياه ، في لذّات طربه ، و بدوات أربه . لا يحتسب رزيّة ، و
لا يخشع تقيّة ( أي خوفا من اللّه تعالى ) . ( الخطبة 81 ، 3 ، 146 ) و قال ( ع ) يخاطب أصحابه لائما لهم : و قد بلغتم من
كرامة اللّه تعالى لكم منزلة تكرم بها إماؤكم ، و توصل بها جيرانكم ، و يعظّمكم
من لا فضل لكم عليه ، و لا يد لكم عنده ، و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة ، و لا
لكم عليه إمرة . و قد ترون عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون . . . « تراجع تتمة الكلام في المبحث ( 185 ) تذمر الامام من
أصحابه » . ( الخطبة 104 ، 203 ) ما أسبغ نعمك في
الدّنيا ، و ما أصغرها في نعم الآخرة . ( الخطبة 107 ،
208 ) و قال ( ع ) في النهي عن عيب المسي ء : و إنّما ينبغي لأهل العصمة ، و المصنوع إليهم في
السّلامة ، أن يرحموا أهل الذّنوب و المعصية، و يكون الشّكر هو الغالب عليهم ، و
الحاجز لهم عنهم . ( الخطبة 138 ، 251 ) فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه ، و ليكن
الشّكر شاغلا له على معافاته ممّا ابتلي به غيره . (
الخطبة 138 ، 252 ) ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت ، فاتّقوا سكرات النّعمة ، و احذروا بوائق النّقمة
. ( الخطبة 149 ، 264 ) و استتمّوا نعمة
اللّه عليكم بالصّبر على طاعة اللّه و المحافظة على ما استحفظكم من كتابه . . ( الخطبة 171 ، 309 ) قد كفاكم مؤونة دنياكم ، و حثّكم على الشّكر ، و افترض من
ألسنتكم الذّكر . ( الخطبة 181 ، 331 ) ذاك حيث تسكرون
من غير شراب ، بل من النّعمة و النّعيم . ( الخطبة 185
، 346 ) و استتمّوا نعم اللّه عليكم بالصّبر على طاعته و المجانبة
لمعصيته . ( الخطبة 186 ، 348 ) إنّ من حقّ من
عظم جلال اللّه سبحانه في نفسه ، و جلّ موضعه من قلبه ، أن يصغر عنده لعظم ذلك
كلّ ما سواه . و إنّ أحقّ من كان كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه ، و لطف إحسانه
إليه . فإنّه لم تعظم نعمة اللّه على أحد إلاّ ازداد حقّ اللّه عليه عظما . ( الخطبة 214 ، 411 ) . . . فإنّما أنا و أنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره . يملك
منّا ما لا نمك من أنفسنا ، و أخرجنا ممّا كنّا فيه إلى ما صلحنا عليه . فأبدلنا
بعد الضّلالة بالهدى ، و أعطانا البصيرة بعد العمى . (
الخطبة 214 ، 413 ) و من
كلام له ( ع ) عند تلاوته قول اللّه تعالى : يا أَيُّها الإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ
الْكَرِيمِ . . . و تمثّل في حال تولّيك عنه إقباله عليك ، يدعوك إلى
عفوه ، و يتغمّدك بفضله ، و أنت متولّ عنه إلى غيره . فتعالى من قويّ ما أكرمه . . . ( الخطبة 221 ، 423 ) فلم يمنعك ( أي اللّه ) فضله ، و لم يهتك عنك ستره . بل لم تخل
من لطفه مطرف عين ، في نعمة يحدثها لك ، أو سيّئة يسترها عليك أو بليّة يصرفها
عنك . ( الخطبة 221 ، 424 ) و ليس شي ء أدعى
إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته من إقامة على ظلم . فإنّ اللّه سميع دعوة
المضطهدين و هو للظّالمين بالمرصاد . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و استصلح كلّ
نعمة أنعمها اللّه عليك ، و لا تضيّعنّ نعمة من نعم اللّه عندك . و لير عليك أثر
ما أنعم اللّه به عليك . . . و أكثر أن تنظر إلى
من فضّلت عليه ، فإنّ ذلك من أبواب الشّكر . ( الخطبة
308 ، 557 ) إذا وصلت إليكم أطراف النّعم ، فلا تنفّروا أقصاها بقلّة
الشّكر . ( 12 ح ، 566 ) استنزلوا الرّزق
بالصّدقة . ( 137 ح ، 592 ) إنّ للّه في كلّ
نعمة حقّا ، فمن أدّاه حفظها ، و من قصّر عنه خاطر بزوال نعمته . ( 244 ح ، 610 ) احذروا نفار النّعم ، فما كلّ شارد بمردود . ( 246 ح ، 610 ) لو لم يتوعّد
اللّه على معصيته ، لكان يجب أن لا يعصى شكرا لنعمه . (
290 ح ، 625 ) أقلّ ما يلزمكم للّه ، أن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه .
( 330 ح ، 632 ) و قال ( ع ) لجابر بن عبد اللّه الأنصاري : يا جابر ،
من كثرت نعم اللّه عليه كثرت حوائج النّاس إليه . فمن قام للّه فيها بما يجب
فيها عرّضها للدّوام و البقاء ، و من لم يقم فيها بما يجب عرّضها للزّوال و
الفناء . 372 ح ، 641 ) ألا و إنّ من البلاء الفاقة ، و أشدّ من الفاقة مرض البدن
، و أشدّ من مرض البدن مرض القلب . ألا و إنّ من النّعم سعة المال ، و أفضل من
سعة المال صحّة البدن ، و أفضل من صحّة البدن تقوى القلب . ( 388 ح ، 645 ) ما كان اللّه
ليفتح على عبد باب الشّكر و يغلق عنه باب الزّيادة . (
435 ح ، 654 ) |
|
( 39 ) الصبر ( و الجزع )
|
|
يراجع المبحث ( 145 ) سكوت الإمام ( ع ) عن
حقّه صبر جميل و لكنه مرّ . ما يزيدنا ذلك
إلاّ إيمانا و تسليما ، و مضيّا على اللّقم ( أي على
جادة الطريق ) ، و صبرا على مضض الألم . (
الخطبة 56 ، 112 ) رحم اللّه امرأ . . . جعل الصّبر مطيّة نجاته ، و التّقوى عدّة وفاته
. ( الخطبة 74 ، 130 ) أيّها النّاس ، الزّهادة قصر الأمل ، و الشّكر عند النّعم
، و التّورّع عند المحارم . فإن عزب ذلك عنكم فلا يغلب الحرام صبركم ، و لا
تنسوا عند النّعم شكركم . ( الخطبة 79 ، 134 ) فاستدركوا بقيّة
أيّامكم ، و اصبروا لها أنفسكم . ( الخطبة 84 ، 152 )
و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و
السّعة ، فعدل فيها ، ليبتلي من أراد بميسورها و معسورها ، و ليختبر بذلك الشّكر
و الصّبر من غنيّها و فقيرها . ( الخطبة 89 ، 4 175 ) فإن أتاكم اللّه
بعافية فاقبلوا ، و إن ابتليتم فاصبروا ، فإنّ العاقبة للمتّقين . ( الخطبة 96 ، 191 ) و قال
( ع ) عن الإسلام : و جنّة لمن
صبر . ( الخطبة 104 ، 202 ) و يقلقكم اليسير من الدّنيا يفوتكم ، حتّى يتبيّن ذلك في
وجوهكم ، و قلّة صبركم عمّا زوي منها عنكم . ( الخطبة
111 ، 219 ) فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة إلاّ إيمانا و مضيّا على
الحقّ ، و تسليما للأمر ، و صبرا على مضض الجراح . (
الخطبة 120 ، 231 ) و من
كلام له ( ع ) في حثّ أصحابه على القتال : فإنّ الصّابرين على نزول الحقائق هم الّذين يحفّون براياتهم ، و يكتنفونها
: حفافيها و وراءها و أمامها . لا يتأخّرون عنها فيسلموها ، و لا يتقدّمون عليها
فيفردوها . ( الخطبة 122 ، 233 ) فمن آتاه اللّه مالا فليصل به القرابة . . و ليصبر نفسه على الحقوق و النّوائب ، ابتغاء
الثّواب . الخطبة 140 ، 253 ) و ذكر ( ع ) قول النبي ( ص ) له : « إنّ ذلك لكذلك ،
فكيف صبرك إذن ؟ « فقلت : يا رسول اللّه ، ليس
هذا من مواطن الصّبر ، و لكن من مواطن البشرى و الشّكر . و قال : « يا عليّ إنّ القوم سيفتنون بأموالهم . . . » ( الخطبة 154 ، 275 ) و استتمّوا نعمة اللّه عليكم بالصّبر على طاعة اللّه ، و
المحافظة على ما استحفظكم من كتابه . ( الخطبة 171 ،
309 ) و اعلموا أنّه
ليس لهذا الجلد الرّقيق صبر على النّار ، فارحموا نفوسكم ، فإنّكم قد جرّبتموها
في مصائب الدّنيا . أفرأيتم جزع أحدكم من الشّوكة تصيبه ، و العثرة تدميه ، و
الرّمضاء تحرقه ؟ فكيف إذا كان بين طابقين من نار . . .
( الخطبة 181 ، 331 ) إلزموا الأرض ، و
اصبروا على البلاء . ( الخطبة 188 ، 352 ) و قال
( ع ) عن أحوال الماضين من المؤمنين : حتّى إذا رأى اللّه سبحانه جدّ الصّبر منهم على الأذى في محبّته ، و
الإحتمال للمكروه من خوفه ، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا ، فأبدلهم العزّ مكان
الذّلّ ، و الأمن مكان الخوف . فصاروا ملوكا حكّاما ، و أئمّة أعلاما . و قد
بلغت الكرامة من اللّه لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم . ( الخطبة 190 ، 3 369 ) صبروا أيّاما
قصيرة أعقبتهم راحة طويلة . ( الخطبة 191 ، 377 ) فمن علامة أحدهم
أنّك ترى له قوّة في دين . . . و تجمّلا في فاقة
، و صبرا في شدّة . ( الخطبة 191 ، 378 ) و في المكاره
صبور ، و في الرّخاء شكور . ( الخطبة 191 ، 379 ) و إن بغي عليه
صبر حتّى يكون اللّه هو الّذي ينتقم له . ( الخطبة 191
، 379 ) و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نصبا بالصّلاة
بعد التّبشير له بالجنّة ، لقول اللّه سبحانه : وَ
امُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها ، فكان يأمر بها أهله
و يصبر عليها نفسه . ( الخطبة 197 ، 393 ) و قال ( ع ) يرثي زوجته الزهراء ( ع ) : قلّ يا رسول
اللّه عن صفيّتك صبري ، و رقّ عنها تجلّدي . ( الخطبة
200 ، 395 ) فإن أنصرف فلا عن
ملالة ، و إن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد اللّه الصّابرين . ( الخطبة 200 ، 396 ) و قال
( ع ) و هو يلي غسل النبي ( ص ) و تجهيزه : و لو لا أنّك أمرت بالصّبر ، و نهيت عن الجزع ، لأنفذنا عليك ماء الشّؤون ،
و لكان الدّاء مماطلا ، و الكمد محالفا ، و قلاّ لك و لكنّه ما لا يملك ردّه ، و
لا يستطاع دفعه . ( الخطبة 233 ، 436 ) و عوّد نفسك
التّصبّر على المكروه ، و نعم الخلق التّصبّر في الحقّ . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) و إن كنت جازعا
على ما تفلّت من يديك ، فاجزع على كلّ ما لم يصل إليك . ( الخطبة 270 ، 4 ، 488 ) اطرح عنك واردات
الهموم بعزائم الصّبر و حسن اليقين . ( الخطبة 270 ، 4
، 488 ) فأنصفوا النّاس
من أنفسكم ، و اصبروا لحوائجهم . ( الخطبة 290 ، 515 ) و قال ( ع ) في عهده لمالك الأشتر : و ليس أحد من
الرّعيّة أثقل على الوالي مؤونة في الرّخاء . . .
و أضعف صبرا عند ملمّات الدّهر من أهل الخاصّة . (
الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) و ليس يخرج
الوالي من حقيقة ما ألزمه اللّه من ذلك إلاّ بالإهتمام و الاستعانة باللّه ، و
توطين نفسه على لزوم الحقّ ، و الصّبر عليه فيما خفّ عليه أو ثقل . ( الخطبة 292 ، 1 523 ) و الحقّ كلّه
ثقيل . و قد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم ، و وثقوا
بصدق موعود اللّه لهم . ( الخطبة 292 ، 4 ، 532 ) و ألزم الحقّ من
لزمه من القريب و البعيد ، و كن في ذلك صابرا محتسبا ، واقعا ذلك من قرابتك و
خاصّتك حيث وقع . و ابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه ، فإنّ مغبّة ذلك محمودة . ( الخطبة 292 ، 4 ، 535 ) و لا يدعونّك ضيق
أمر ، لزمك فيه عهد اللّه ، إلى طلب انفساخه بغير الحقّ . فإنّ صبرك على ضيق أمر
ترجو انفراجه و فضل عاقبته ، خير من غدر تخاف تبعته . (
الخطبة 292 ، 5 537 ) و الصّبر شجاعة . ( 3 ح ، 565 ) و سئل ( ع ) عن الإيمان ، فقال : الإيمان على أربع دعائم :
على الصّبر و اليقين و العدل و الجهاد . و الصّبر منها
على أربع شعب : على الشّوق و الشّفق و الزّهد و التّرقّب ، فمن اشتاق إلى
الجنّة سلا عن الشّهوات ، و من أشفق من النّار اجتنب المحرّمات ، و من زهد في
الدّنيا استهان بالمصيبات ، و من ارتقب الموت سارع إلى الخيرات . . . ( 30 ح ، 569 ) الصّبر صبران : صبر على ما تكره و صبر عمّا تحبّ . ( 55 ح ، 575 ) و عليكم بالصّبر
، فإنّ الصّبر من الإيمان كالرّأس من الجسد ، و لا خير في جسد لا رأس معه ، و لا
في إيمان لا صبر معه . ( 82 ح ، 579 ) و لا إيمان كالحياء و الصّبر . (
113 ح ، 586 ) ينزل الصّبر على قدر المصيبة ، و من ضرب يده على فخذه عند
مصيبته حبط عمله . ( 144 ح ، 593 ) لا يعدم الصّبور
الظّفر و إن طال به الزّمان . ( 153 ح ، 597 ) من لم ينجه
الصّبر أهلكه الجزع . ( 189 ح ، 601 ) و الصّبر يناضل الحدثان ( أي
نوائب الدهر ) ، و الجزع من أعوان الزّمان . (
211 ح ، 605 ) قال (
ع ) و قد عزى الأشعث بن قيس عن ابن له : يا أشعث ، إن تحزن على ابنك فقد استحقّت منك ذلك الرّحم ، و إن تصبر ففي
اللّه من كلّ مصيبة خلف . يا أشعث ، إن صبرت جرى عليك القدر و أنت مأجور ، و إن
جزعت جرى عليك القدر و أنت مأزور ( من الوزر و هو الذنب
) . يا أشعث ، ابنك سرّك و هو بلاء و فتنة ، و حزنك و هو ثواب و رحمة . ( 291 ح ، 625 ) و قال ( ع ) على قبر النبي ( ص ) ساعة دفنه : إنّ
الصّبر لجميل إلاّ عنك ، و إنّ الجزع لقبيح إلاّ عليك ، و إنّ المصاب بك لجليل ،
و إنّه قبلك و بعدك لجلل ( أي قليل ) . ( 292 ح ، 625 ) و قال ( ع ) في صفة المؤمن : شكور صبور . ( 333 ، 633 ) من صبر صبر
الأحرار ، و إلاّ سلا سلوّ الأغمار ( جمع غمر ، و هو
الجاهل الذي لم يجرب الأمور ) . 413 ح ، 649 و في خبر آخر انّه ( ع ) قال للأشعث بن قيس معزيّا : إن صبرت صبر الأكارم ، و إلاّ سلوت سلوّ البهائم . ( 414 ح ، 649 ) و كان
( ع ) إذا عزّى قوما قال : إن
تجزعوا فأهل ذلك الرّحم ، و إن تصبروا ففي ثواب اللّه عوض عن كلّ فائت . ( مستدرك 164 ) |