- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل الثالث و العشرون موقعة صفين
|
|
مدخل : موقعة صفين« قرب الرقة على نهر الفرات »
|
|
بعد أن اندحر رؤوس الفتنة في
موقعة الجمل ، و انهزم أتباعهم انهزاما بالغا ، بعث الامام علي ( ع ) من الكوفة كتابا الى معاوية يدعوه الى البيعة .
فكان ردّ معاوية أن بعث إليه جيشا جرارا من الشام ، فأرسل الامام ( ع ) اليه بجيش آخر من العراق ، يزيد تعداده على مائة
ألف مقاتل ، و التقى الجيشان في أرض صفين قرب الرقة على
نهر الفرات . |
|
( 195 ) بنو
أمية ( و فتنة بني أمية )
|
|
يراجع المبحث ( 130
) إخبار الامام ( ع ) بالمغيبات . من كلام له ( ع ) و ذلك حين منعه سعيد بن
العاص حقه : إنّ بني أميّة ليفوّقونني
تراث محمّد صلّى اللّه عليه و آله ، تفويقا . و
اللّه لئن بقيت لهم لأنفضنّهم نفض اللّحّام الوذام التّربة . ( الخطبة 75 ، 131 ) حتّى يظنّ الظّانّ أنّ الدّنيا معقولة على بني
أميّة ، تمنحهم درّها ، و توردهم صفوها ، و لا يرفع عن هذه الأمّة سوطها و لا
سيفها ، و كذب الظّانّ لذلك . بل هي مجّة من لذيذ العيش يتطعّمونها برهة ، ثمّ
يلفظونها جملة . ( الخطبة 85 ، 156 ) أيّها
النّاس ، فإنّي فقأت عين الفتنة ، و لم يكن ليجتري ء عليها أحد غيري ، بعد أن
ماج غيهبها ، و اشتدّ كلبها . . . إنّ الفتن إذا
أقبلت شبّهت ، و إذا أدبرت نبّهت . نحن أهل البيت منها بمنجاة ،
و لسنا فيها بدعاة . ثمّ يفرّجها اللّه عنكم كتفريج الأديم : بمن يسومهم خسفا ،
و يسوقهم عنفا ، و يسقيهم بكأس مصبّرة ، لا يعطيهم إلاّ السّيف ، و لا يحلسهم
إلاّ الخوف ( يشير بذلك الى الدولة العباسية ) .
( الخطبة 91 ، 183 ) و اللّه لا يزالون حتّى لا يدعوا للّه محرّما
إلاّ استحلوه ، و لا عقدا إلاّ حلّوه ، و حتّى لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلاّ
دخله ظلمهم ، و نبا به سوء رعيهم ، و حتّى يقوم الباكيان يبكيان : باك يبكي
لدينه ، و باك يبكي لدنياه ، و حتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم ، كنصرة العبد من
سيّده ، إذا شهد أطاعه ، و إذا غاب اغتابه ، و حتّى يكون أعظمكم فيها عناء ،
أحسنكم باللّه ظنّا . ( الخطبة 96 ، 190 ) و قال ( ع ) في تهديد بني أمية : فما احلولت لكم الدّنيا في لذّتها ، و لا تمكّنتم من
رضاع أخلافها ، إلاّ من بعد ما صادفتموها ، جائلا خطامها ، قلقا وضينها ( يشبه الدنيا بالناقة ، و الكلام كناية عن صعوبة القياد )
، قد صار حرامها عند أقوام بمنزلة السّدر المخضود ، و حلالها بعيدا غير موجود ،
و صادفتموها و اللّه ، ظلا ممدوا إلى أجل معدود . فالأرض لكم شاغرة و أيديكم
فيها مبسوطة ، و أيدي القادة عنكم مكفوفة ، و سيوفكم عليهم مسلّطة ، و سيوفهم
عنكم مقبوضة . . . فأقسم باللّه يا بني أميّة
عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم و في دار عدوّكم (
الخطبة 103 ، 199 ) راية ضلال قد قامت على قطبها ، و تفرّقت
بشعبها ، تكيلكم بصاعها ، و تخبطكم بباعها . قائدها خارج من الملّة ، قائم على
الضّلّة ، فلا يبقى يومئذ منكم إلاّ ثفالة كثفالة القدر ، أو نفاضة كنفاضة العكم
، تعرككم عرك الأديم ، و تدوسكم دوس الحصيد ، و تستخلص المؤمن من بينكم استخلاص
الطّير الحبّة البطينة من بين هزيل الحبّ . . . « تراجع تتمة الكلام في المبحث ( 130 ) اخبار الامام ( ع )
بالمغيبات » . ( الخطبة 106 ، 206 ) فعند ذلك لا يبقى بيت مدر و لا وبر ، إلاّ و
أدخله الظّلمة ترحة ، و أولجوا فيه نقمة . و قال ( ع ) عن مصير بني أمية : افترقوا بعد ألفتهم و تشتّتوا عن أصلهم فمنهم آخذ بغصن
أينما مال مال معه . على أنّ اللّه تعالى سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة ، كما
تجتمع قزع الخريف ، يؤلّف اللّه بينهم ، ثمّ يجمعهم ركاما كركام السّحاب . ثمّ
يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين . حيث لم تسلم عليه قارة ، و
لم تثبت عليه أكمة ، و لم يردّ سننه رصّ طود ، و لا حداب أرض . يزعزعهم اللّه في
بطون أوديته ، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض . يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، و يمكّن
لقوم في ديار قوم . و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين ،
كما تذوب الألية على النّار . ( الخطبة 164 ، 300 ) . . . و إنّي لعلى المنهاج الّذي تركتموه طائعين ، و دخلتم فيه مكرهين ( و ذلك ان أبا سفيان و معاوية لم يسلما الا بعد فتح مكة كرها
) . ( الخطبة
249 ، 450 ) فو الّذي فلق الحبّة ، و برأ النّسمة ، ما
أسلموا و لكن استسلموا . و أسرّوا الكفر . فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه . ( الخطبة 255 ، 454 ) و من كتاب له ( ع ) يخاطب فيه معاوية : و أمّا قولك : إنّا بنو عبد مناف ، فكذلك نحن و لكن ليس أميّة كهاشم ، و لا حرب كعبد
المطّلب ، و لا أبو سفيان كأبي طالب ، و لا المهاجر كالطّليق ، و لا الصّريح
كاللّصيق ، و لا المحقّ كالمبطل ، و لا المؤمن كالمدغل . و لبئس الخلف خلف يتبع
سلفا هوى في نار جهنّم . . . و لمّا أدخل اللّه
العرب في دينه أفواجا ، و أسلمت له هذه الأمّة طوعا و كرها ، كنتم ممّن دخل في
الدّين : إمّا رغبة ، و إمّا رهبة . . . ( الخطبة 256 ،
455 ) من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : . . . لم يمنعنا قديم عزّنا و
لا عاديّ طولنا على قومك ، أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا و أنكحنا فعل الأكفاء .
و لستم هناك و أنّى يكون ذلك ، و منّا النّبيّ و منكم المكذّب ( يعني أبا جهل ) ، و منّا أسد اللّه ( أي الحمزة ) و منكم أسد الأحلاف ( يعني أبا سفيان ) ، و منّا سيّدا شباب أهل الجنّة ،
و منكم صبيّة النّار ( يقصد بهم اولاد مروان بن الحكم ،
و قد اخبر النبي ( ص ) بأنهم من اهل النار ) ، و منّا خير نساء العالمين
، و منكم حمّالة الحطب ( هي عمة معاوية و زوجة أبي لهب
) . في كثير ممّا لنا و عليكم . ( الخطبة 267 ،
469 ) و من كتاب له ( ع )
الى أهل مصر ، مع مالك الاشتر لما ولاه إمارتها : إنّي و اللّه لو لقيتهم
واحدا ، و هم طلاّع الأرض كلّها ، ما باليت و لا استوحشت . و إنّي من ضلالهم
الّذي هم فيه ، و الهدى الّذي أنا عليه ، لعلى بصيرة من نفسي و يقين من ربّي . و
إنّي إلى لقاء اللّه لمشتاق و حسن ثوابه لمنتظر راج . و لكنّي آسى أن يلي أمر
هذه الأمّة سفهاؤها و فجّارها ، فيتّخذوا مال اللّه دولا ، و عباده خولا ( أي عبيدا ) ، و الصّالحين حربا ، و الفاسقين حزبا .
فإنّ منهم الّذي قد شرب فيكم الحرام ( هو عتبة بن أبي
سفيان ) ، و جلد حدّا في الإسلام . و إنّ منهم من لم يسلم حتّى رضخت له
على الإسلام الرّضائخ ( هو عمرو بن العاص شرط على النبي
« ص » عطاء حتى يسلم ، فلما أعطاه ذلك أسلم ) . فلو لا ذلك ما أكثرت
تأليبكم و تأنيبكم ، و جمعكم و تحريضكم ، و لتركتكم إذ أبيتم و ونيتم . ( الخطبة 301 ، 548 ) و سئل ( ع ) عن قريش
فقال : و أمّا بنو عبد شمس فأبعدها رأيا
، و أمنعها لما وراء ظهورها . و أمّا نحن ( أي بني هاشم
، و هاشم أخو عبد شمس ) فأبذل لما في أيدينا ، و أسمح عند الموت بنفوسنا
. و هم أكثر و أمكر و أنكر ، و نحن أفصح و أنصح و أصبح ( 120 ح ،
587 ) إنّ لبني أميّة مرودا يجرون فيه ، و لو قد اختلفوا فيما بينهم ثمّ كادتهم
الضّباع لغلبتهم . 464 ح ، 659 ) |
|
( 196 )
معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص
|
|
من
خطبة للامام ( ع ) : و لم يبايع ( أي عمرو بن العاص ) حتّى شرط أن يؤتيه ( أي معاوية ) على البيعة ثمنا ، فلا ظفرت يد البائع ،
و خزيت أمانة المبتاع . ( الخطبة 26 ، 74 ) ألا و إنّ معاوية قاد لمة من الغواة . و عمّس ( أي اخفى ) عليهم الخبر ، حتّى جعلوا نحورهم أغراض
المنيّة . ( الخطبة 51 ، 108 ) و بشّر ( ع ) بظهور رجل مذموم ، قيل انه
معاوية ، فقال : أمّا إنّه سيظهر
عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، و يطلب ما لا يجد ،
فاقتلوه ، و لن تقتلوه . ألا و إنّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي . فأمّا
السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة ، و لكم نجاة ، و أمّا البراءة فلا تتبرّأوا
منّي ، فإنّي ولدت على الفطرة ، و سبقت إلى الايمان و الهجرة . ( الخطبة 57 ، 113 ) و من كلام له ( ع ) خاطب به اصحابه ليلة
الهرير بصفين : و عليكم بهذا السّواد الأعظم
( يعني أهل الشام ) ، و الرّواق المطنّب ( أي رواق معاوية ) ، فاضربوا ثبجه ( أي وسطه ) ، فإنّ الشّيطان (
أي معاوية ) كامن في كسره ، و قد قدّم للوثبة يدا ، و أخّر للنّكوص رجلا
. ( الخطبة 64 ، 121 ) و من كلام له ( ع )
في ذكر عمرو بن العاص : عجبا لابن النّابغة يزعم لأهل الشّام أنّ فيّ
دعابة ، و أنّي امروء تلعابة : أعافس و أمارس لقد قال باطلا ، و نطق آثما
. أما و شرّ القول الكذب إنّه ليقول فيكذب ، و يعد فيخلف ، و يسأل فيبخل ، و
يسأل فيلحف ، و يخون العهد ، و يقطع الإلّ ، فإذا كان عند الحرب فأيّ زاجر و آمر
هو ما لم تأخذ السّيوف مآخذها . فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القرم
سبّته ( أي ان يكشف سؤته للامام ) . أما و اللّه
إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت ، و إنّه ليمنعه من قول الحقّ نسيان الاخرة .
إنّه لم يبايع معاوية حتّى شرط أن يؤتيه أتيّة ( أي
عطية ) ، و يرضخ له على ترك الدّين رضيخة (
المقصود بالعطية و الرضيخة ولاية مصر ) . (
الخطبة 82 ، 149 ) أما و الّذي نفسي بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ، ليس لأنّهم أولى
بالحقّ منكم ، و لكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم ، و إبطائكم عن حقّي . ( الخطبة 95 ، 188 ) أيّها القوم . . . صاحبكم
يطيع اللّه و أنتم تعصونه ، و صاحب أهل الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه . لوددت
و اللّه أنّ معاوية صارفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم ، فأخذ منّي عشرة منكم و
أعطاني رجلا منهم . ( الخطبة 95 ، 189 ) و قال ( ع ) عن فتنة
بني أمية : قائدها خارج من الملّة ، قائم على الضّلّة . ( الخطبة 106 ، 206 ) و من
كلام له ( ع ) قاله للخوارج : و لا
تلتفتوا إلى ناعق نعق ( يعني عمرو بن العاص ) :
إن أجيب أضلّ ، و إن ترك ذلّ . ( الخطبة 120 ، 231 ) و هلمّ الخطب في ابن أبي سفيان ، فلقد أضحكني
الدّهر بعد إبكائه . و لا غرو و اللّه ، فيا له خطبا يستفرغ العجب ، و يكثر
الأود . حاول القوم إطفاء نور اللّه من مصباحه ، و سدّ فوّاره من ينبوعه ، و
جدحوا ( أي خلطوا ) بيني و بينهم شربا وبيئا .
فإن ترتفع عنّا و عنهم محن البلوى ، أحملهم من الحقّ على محضه ، و إن تكن الأخرى
فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ، إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ . ( الخطبة 160 ، 288 ) أو ليس عجبا أنّ معاوية يدعو الجفاة الطّغام ،
فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء . و أنا أدعوكم ، و أنتم تريكة الإسلام و
بقيّة النّاس ، إلى المعونة أو طائفة من العطاء ، فتفرّقون عنّي و تختلفون عليّ
. ( الخطبة 178 ، 321 ) و أقرب بقوم من الجهل باللّه قائدهم معاوية ،
و مؤدّبهم ابن النّابغة ( هو عمرو بن العاص ) . ( الخطبة 178 ، 322 ) و اللّه ما معاوية بأدهى منّي ، و لكنّه يغدر
و يفجر . و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى النّاس . .
. ( الخطبة 198 ، 394 ) و من كتاب له ( ع )
الى جرير بن عبد اللّه البجلي لما أرسله الى معاوية : أمّا بعد ، فإذا
أتاك كتابي فاحمل معاوية على الفصل ( أي الحكم القاطع )
و خذه بالأمر الجزم . فيا عجبا للدّهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع
بقدمي ، و لم تكن له كسابقتي الّتي لا يدلي أحد بمثلها . ( الخطبة 248 ، 448 ) و من كتاب له ( ع )
الى معاوية : و كيف أنت صانع إذا تكشّفت عنك جلابيب ما أنت فيه من دنيا ،
قد تبهّجت بزينتها ، و خدعت بلذّتها . دعتك فأجبتها ، و قادتك فاتّبعتها ، و
أمرتك فأطعتها . و إنّه يوشك أن يقفك واقف على ما لا ينجيك منه مجنّ ( أي ترس تحتمي به ) فاقعس (
أي تأخر ) عن هذا الأمر ، و خذ أهبة الحساب . و شمّر لما قد نزل بك ، و
لا تمكّن الغواة من سمعك . و إلاّ تفعل أعلمك ما أغفلت من نفسك . و متى كنتم يا
معاوية ساسة الرّعيّة و ولاة أمر الأمّة ؟ بغير قدم سابق ، و لا شرف باسق . و
نعوذ باللّه من لزوم سوابق الشّقاء . و أحذّرك أن تكون متماديا في غرّة الأمنيّة
، مختلف العلانية و السّريرة . كتب معاوية الى الامام علي ( ع ) ان يترك له
الشام فأجابه الامام بهذا الكتاب : و أمّا طلبك إليّ الشّام ، فإنّي لم أكن
لأعطيك اليوم ما منعتك أمس . و أمّا قولك إنّ
الحرب قد أكلت العرب إلاّ حشاشات أنفس بقيت ، ألا و من أكله الحقّ فإلى الجنّة ،
و من أكله الباطل فإلى النّار . و أمّا استواؤنا في
الحرب و الرّجال فلست بأمضى على الشّكّ منّي على اليقين . و ليس أهل الشّام
بأحرص على الدّنيا من أهل العراق على الآخرة . و أمّا
قولك : إنّا بنو عبد مناف فكذلك نحن ، و
لكن ليس أميّة كهاشم ، و لا حرب كعبد المطّلب ، و لا أبو سفيان كأبي طالب . و لا
المهاجر كالطّليق ( يقصد بذلك أبا سفيان و معاوية كانا
من الطلقاء يوم الفتح ) و لا الصّريح كاللّصيق (
يقصد به معاوية الذي الصق بأبي سفيان و لم يعرف أبوه ) . و لا المحقّ
كالمبطل . و لا المؤمن كالمدغل . و لبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى في نار جهنّم و
في أيدينا بعد فضل النّبوّة الّتي أذللنا بها العزيز ، و نعشنا بها الذّليل . و
لمّا أدخل اللّه العرب في دينه أفواجا ، و أسلمت له هذه الأمّة طوعا و كرها ،
كنتم ممّن دخل في الدّين : إمّا رغبة و إمّا رهبة . على حين فاز أهل السّبق
بسبقهم ، و ذهب المهاجرون الأوّلون بفضلهم . فلا تجعلنّ للشّيطان فيك نصيبا ، و
لا على نفسك سبيلا . و السّلام . ( الخطبة 256 ، 455 ) من كتاب له ( ع ) الى
معاوية جوابا على كتاب : أمّا بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء اللّه
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله لدينه ، و تأييده
إيّاه بمن أيّده من أصحابه . فلقد خبّأ لنا
الدّهر منك عجبا ، إذ طفقت تخبرنا ببلاء اللّه تعالى عندنا ، و نعمته علينا في
نبيّنا . فكنت في ذلك كناقل التّمر إلى هجر ( مدينة
بالبحرين كثيرة النخيل ) أو داعي مسدّده إلى النّضال . و زعمت أنّ أفضل
النّاس في الإسلام فلان و فلان ( أي أبو بكر و عمر )
، فذكرت أمرا إن تمّ اعتزلك كلّه ( أي ليس لك حظ منه )
و إن نقص لم يلحقك ثلمه ( أي عيبه ) . و ما أنت
و الفاضل و المفضول و السّائس و المسوس و ما للطّلقاء و أبناء الطّلقاء ، و
التّمييز بين المهاجرين الأوّلين و ترتيب درجاتهم ، و تعريف طبقاتهم هيهات لقد
حنّ قدح ليس منها ، و طفق يحكم فيها من عليه الحكم لها ألا تربع أيّها الإنسان
على ظلعك ( أي تقف عند حدك ) ، و تعرف قصور ذرعك
، و تتأخّر حيث أخّرك القدر فما عليك غلبة المغلوب ، و لا ظفر الظّافر . ثمّ ذكرت ما كان من أمري و أمر عثمان ، فلك أن
تجاب عن هذه لرحمك منه . فأيّنا كان أعدى له ، و أهدى إلى مقاتله ( وجوه القتال ) . أمن بذل له نصرته فاستقعده و
استكفّه ( و ذلك ان الامام بذل النصرة فاستقعده عثمان و
لم يقبل نصرته ) ، أم من استنصره فتراخى عنه و بثّ المنون إليه ( يقصد بذلك معاوية الذي خذل عثمان و لم ينصره بعد ما كانت
بينهما معاهدة على النصرة ) حتّى أتى قدره عليه . كلاّ و اللّه ل قَدْ
يَعْلمُ اللّهُ المُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَ الْقَائِلِينَ لإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا ، وَ لاَ يَأَْتُونَ الْبَأْسَ إلاَّ قَلِيْلاً . من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : فاتّق اللّه فيما لديك ، و انظر في حقّه عليك . و ارجع إلى
معرفة ما لا تعذر بجهالته . فإنّ للطّاعة أعلاما واضحة ، و سبلا نيّرة . و محجّة
نهجة ، و غاية مطّلبة . يردها الأكياس ، و يخالفها الأنكاس . من نكب عنها جار عن
الحقّ ، و خبط في التّيه ، و غيّر اللّه نعمته ، و أحلّ به نقمته . فنفسك نفسك ،
فقد بيّن اللّه لك سبيلك ، و حيث تناهت بك أمورك ، فقد أجريت إلى غاية خسر ، و
محلّة كفر . فإنّ نفسك قد أولجتك شرّا ، و أقحمتك غيّا . و أوردتك المهالك ، و
أوعرت عليك المسالك . ( الخطبة 269 ، 473 ) و من كلام له ( ع ) الى معاوية : من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : فسبحان اللّه ما أشدّ لزومك للأهواء المبتدعة ، و الحيرة
المتعبة ، مع تضييع الحقائق و اطّراح الوثائق ، الّتي هي للّه طلبة و على عباده
حجّة . من
كتاب له ( ع ) الى عمرو بن العاص : فإنّك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرى ء ظاهر غيّه (
يقصد به معاوية ) ، مهتوك ستره ، يشين الكريم بمجلسه ، و يسفّه الحليم
بخلطته . فاتّبعت أثره ، و طلبت فضله ، اتّباع الكلب للضّرغام ، يلوذ بمخالبه ،
و ينتظر ما يلقى إليه من فضل فريسته ، فأذهبت دنياك و آخرتك . و لو بالحقّ أخذت
أدركت ما طلبت . فإن يمكّنّي اللّه منك و من ابن أبي سفيان أجزكما بما قدّمتما ،
و إن تعجزا و تبقيا ، فما أمامكما شرّ لكما ، و السّلام . ( الخطبة 278 ، 496 ) من كتاب له ( ع ) الى زياد بن أبيه ، و قد
بلغه أن معاوية كتب اليه يريد خديعته باستلحاقه : و قد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك ، و يستفلّ غربك ( أي يثلم حدتك و نشاطك ) فاحذره ، فإنّما هو الشّيطان
: يأتي المرء من بين يديه و من خلفه ، و عن يمينه و عن شماله ، ليقتحم غفلته ، و
يستلب غرّته ( العقل الغرّ هو الساذج ) . من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : و إنّ البغي و الزّور يذيعان بالمرء (
أي يفضحانه ) في دينه و دنياه ، و يبديان خلله عند من يعيبه . و قد علمت
أنّك غير مدرك ما قضي فواته ( يعني دم عثمان ) و
قد رام أقوام أمرا بغير الحقّ فتأوّلوا على اللّه فأكذبهم ( يقصد اصحاب الجمل ) . فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد
عاقبة عمله ، و يندم من أمكن الشّيطان من قياده فلم يجاذبه . و قد دعوتنا إلى
حكم القرآن و لست من أهله ، و لسنا إيّاك أجبنا ، و لكنّا أجبنا القرآن في حكمه
، و السّلام . ( الخطبة 287 ، 512 ) من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : أمّا بعد ، فإنّ اللّه سبحانه قد جعل الدّنيا لما بعدها ، و
ابتلى فيها أهلها ، ليعلم أيّهم أحسن عملا . و لسنا للدّنيا خلقنا ، و لا
بالسّعي فيها أمرنا ، و إنّما وضعنا فيها لنبتلى بها . و قد ابتلاني اللّه بك و
ابتلاك بي ، فجعل أحدنا حجّة على الآخر ، فعدوت على الدّنيا بتأويل القرآن ( يقصد بذلك تأويل معاوية بعض آيات القصاص على غير معناها
ليقنع أهل الشام بأحقيته في الطلب بدم عثمان ) ، من كتاب له ( ع ) الى
معاوية جوابا : أمّا بعد ، فإنّا كنّا نحن و أنتم على ما ذكرت من الألفة
و الجماعة ، ففرّق بيننا و بينكم أمس أنّا آمنّا و كفرتم ، و اليوم أنّا استقمنا
و فتنتم ، و ما أسلم مسلمكم إلاّ كرها ، و بعد أن كان أنف الإسلام كلّه لرسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حزبا . و ذكرت أنّك زائري في المهاجرين و الأنصار ، و
قد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك ( يقصد به عمرو بن أبي
سفيان ، اسر يوم بدر ) ، فإن كان فيه عجل فاسترفه ( أي استح و لا تستعجل ) ، فإنّي إن أزرك فذلك جدير أن
يكون اللّه إنّما بعثني إليك للنّقمة منك و إن تزرني فكما
قال أخو بني أسد : من كتاب ( ع ) الى
معاوية ايضا : أمّا بعد ، فقد آن لك أن تنتفع باللّمح الباصر من عيان
الأمور ، فقد سلكت مدارج أسلافك بادّعائك الأباطيل ، و إقحامك غرور المين ( أي الكذب ) و الأكاذيب . و بانتحالك ما قد علا عنك ،
و ابتزازك لما اختزن دونك ، فرارا من الحقّ ، و جحودا لما هو ألزم لك من لحمك و
دمك ، ممّا قد وعاه سمعك ، و ملي ء به صدرك ، فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال
المبين ، و بعد البيان إلاّ اللّبس ؟ فاحذر الشّبهة و اشتمالها على لبستها ،
فإنّ الفتنة طالما أغدفت جلابيبها ( أي طالما اسدلت
الفتنة أغطية الباطل فأخفت الحق ) ، و أغشت الأبصار ظلمتها . من
كتاب له ( ع ) الى سهل بن حنيف الانصاري ، و هو عامله على المدينة ، في معنى قوم
من أهلها لحقوا بمعاوية : إنّهم و اللّه لم
ينفروا من جور ، و لم يلحقوا بعدل ، و إنّا لنطمع في هذا الأمر أن يذلّل اللّه
لنا صعبه ، و يسهّل لنا حزنه ( أي ما فيه من اشياء خشنة
) إن شاء اللّه ، و السّلام . ( الخطبة 309 ،
558 ) من
كتاب له ( ع ) الى معاوية يستحثه على الرجوع الى الطاعة : أمّا بعد ، فإنّي على التّردّد في جوابك ( أي الرجوع الى جوابك ) ، و الإستماع إلى كتابك ،
لموهّن رأيي ، و مخطي ء فراستي ( أي كان الاجدر بي عدم
الرجوع الى جوابك و عدم استماع ما تكتبه ) . و إنّك إذ تحاولني الأمور ( أي تطالبني ببعض مآربك كولاية الشام ) و تراجعني
السّطور ، كالمستثقل النائم تكذبه أحلامه ، و المتحيّر القائم يبهظه ( أي يثقله
) مقامه ، لا يدري أله ما يأتي أم عليه . و لست به ، غير أنّه بك شبيه ( يقول عليه السلام : أنت في محاولتك هذه كالنائم الثقيل نومه
، يحلم انه نال شيئا ، فاذا انتبه وجد الرؤيا كذبت . و انت أيضا كالمتحير في
أمره القائم في شكّه ، يثقله مقامه من الحيرة . و انك لست بالمتحير لمعرفتك الحق
معنا و لكن المتحير شبيه بك ، فأنت أشد منه عناء ) . و أقسم باللّه إنّه
لو لا بعض الاستبقاء ( أي لولا ابقائي لك ، و عدم
ارادتي لاهلاكك ) لوصلت إليك منّي قوارع ، تقرع العظم ، و تهلس اللّحم ( أي دواهي تصدم العظم و تذيب اللحم ) . و اعلم أنّ
الشّيطان قد ثبّطك عن أن تراجع أحسن أمورك ( أي الرجوع
الى الطاعة ) و تأذن لمقال نصيحتك ، و السّلام لأهله . ( الخطبة 312 ، 560 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية في أول ما بويع
له عليه السلام : من عبد اللّه
عليّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان : أمّا بعد ، فقد علمت إعذاري فيكم
و إعراضي عنكم ( أي اقامتي على العذر في أمر عثمان
صاحبكم ، و اعراضي عنه بعدم التعرض له بسوء حتى كان مقتله ) ، حتّى كان
ما لا بدّ منه و لا دفع له ، و الحديث طويل ، و الكلام كثير . و قد أدبر ما أدبر
، و أقبل ما أقبل ، فبايع من قبلك ( أي الذين عندك )
و أقبل إليّ في وفد من أصحابك . ( 314 ، 562 ) |
|
( 197 ) جند
معاوية و أهل الشام
|
|
من
كلام له ( ع ) و قد اشار عليه اصحابه بالاستعداد للحرب بعد ارساله جريرا بن عبد
اللّه البجلي الى معاوية ، و لم ينزل معاوية على بيعته : إنّ استعدادي لحرب أهل الشّام و جرير عندهم ، إغلاق
للشّام ، و صرف لأهله عن خير إن أرادوه . ( الخطبة 43 ،
101 ) من كلام له ( ع ) و
قد استبطأ اصحابه اذنه لهم في القتال بصفين : و أمّا قولكم شكّا في أهل
الشّام فو اللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي
، و تعشو إلى ضوئي ، و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها ، و إن كانت تبوء
بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و قال ( ع ) يخاطب أصحابه : أما و الّذي نفسي بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ،
ليس لأنّهم ( أي أهل الشام ) أولى بالحقّ منكم ،
و لكن لاسراعهم إلى باطل صاحبهم ، و إبطائكم عن حقّي . . أيّها القوم . . صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه ، و صاحب أهل
الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه . لوددت و اللّه أنّ معاوية صارفني بكم صرف
الدّينار بالدّرهم ، فأخذ منّي عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم . ( الخطبة 95 ، 188 ) و قال ( ع ) و قد سمع
قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : و قال ( ع ) في أهل
الشام : جفاة طغام ، و عبيد أقزام . جمعوا من كلّ أوب ، و تلقّطوا من كلّ
شوب ( أي خلط ) ، ممّن ينبغي أن يفقّه و يؤدّب ،
و يعلّم و يدرّب ، و يولّى عليه ، و يؤخذ على يديه . ليسوا من المهاجرين و
الأنصار ، و لا من الّذين تبوّؤا الدّار و الإيمان . (
الخطبة 236 ، 438 ) . . . و ليس أهل الشّام بأحرص على الدّنيا ، من أهل العراق على الآخرة . ( الخطبة 256 ، 455 ) و من كتاب له ( ع )
الى قثم بن العباس و هو عامله على مكة : أمّا بعد ، فإنّ عيني بالمغرب
كتب إليّ يعلمني أنّه وجّه إلى الموسم أناس من أهل الشّام العمي القلوب ، الصّمّ
الأسماع ، الكمه الأبصار . الّذين يلتمسون الحقّ بالباطل ، و يطيعون المخلوق في
معصية الخالق . و يحتلبون الدّنيا درّها بالدّين ، و يشترون عاجلها بآجل الأبرار
المتّقين . و لن يفوز بالخير إلاّ عامله ، و لا يجزى جزاء الشّرّ إلاّ فاعله . ( الخطبة 272 ، 491 ) |
|
( 198 ) موقعة
صفين
|
|
من
خطبة خطبها ( ع ) و هو بالنخيلة خارجا من الكوفة الى صفين : أمّا بعد ، فقد بعثت مقدّمتي ، و أمرتهم بلزوم هذا
الملطاط ، حتّى يأتيهم أمري ، و قد رأيت أن أقطع هذه النّطفة ( ماء الفرات ) إلى شرذمة منكم ، موطّنين أكناف دجلة ،
فأنهضهم معكم إلى عدوّكم ، و أجعلهم من أمداد القوّة لكم . ( الخطبة 48 ، 105 ) و من
خطبة له ( ع ) لما غلب أصحاب معاوية على شريعة الفرات بصفين و منعوا أصحابه
الماء : قد استطعموكم القتال ، فأقّروا على مذلّة ، و تأخير
محلّة ، أو روّوا السّيوف من الدّماء ترووا من الماء ، فالموت في حياتكم مقهورين
، و الحياة في موتكم قاهرين . ألا و إنّ معاوية قادلمّة من الغواة . و عمّس
عليهم الخبر حتّى جعلوا نحورهم أغراض المنيّة . (
الخطبة 51 ، 107 ) من خطبة له ( ع ) يصف
فيها مبايعة أصحابه له بصفين : فتداكّوا عليّ تداكّ الإبل الهيم ( أي العطشى ) يوم وردها ، و قد أرسلها راعيها ، و
خلعت مثانيها ، حتّى ظننت أنّهم قاتليّ ، أو بعضهم قاتل بعض لديّ . و قد قلّبت
هذا الأمر بطنه و ظهره حتّى منعني النّوم ، فما وجدتني يسعني إلاّ قتالهم أو
الجحود بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
، فكانت معالجة القتال أهون عليّ من معالجة العقاب ، و موتات الدّنيا أهون عليّ
من موتات الآخرة ( أي أهوالها ) . ( الخطبة 54 ، 110 ) و من كلام له ( ع ) و
قد استبطأ أصحابه اذنه لهم في القتال بصفين : أمّا قولكم : أكلّ ذلك
كراهية الموت ؟ فو اللّه ما أبالي : دخلت إلى الموت أو خرج الموت إليّ . و أمّا
قولكم شكّا في أهل الشّام فو اللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق
بي طائفة فتهتدي بي ، و تعشو إلى ضوئي . و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على
ضلالها ، و إن كانت تبوء بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و من كلام له ( ع )
في بعض أيام صفين : و قد رأيت جولتكم ، و انحيازكم عن صفوفكم ، تحوزكم
الجفاة الطّغام ، و أعراب أهل الشّام ، و أنتم لهاميم العرب ، و يآفيخ الشّرف ،
و الأنف المقدّم ، و السّنام الأعظم . و لقد شفى وحاوح صدري ، أن رأيتكم بأخرة
تحوزونهم كما حازوكم ، و تزيلونهم عن مواقفهم كما أزالوكم ، حسّا بالنّضال ( أي المباراة في الرمي ) ، و شجرا بالرّماح ، تركب
أولاهم أخراهم ، كالإبل الهيم المطرودة ، ترمى عن حياضها ، و تذاد عن مواردها . ( الخطبة 105 ، 204 ) و قال ( ع ) لما عزم على لقاء القوم بصفين : اللّهمّ . . إن أظهرتنا على عدوّنا ، فجنّبنا البغي و
سدّدنا للحقّ . و إن أظهرتهم علينا فارزقنا الشّهادة ، و اعصمنا من الفتنة . و من
خطبة له ( ع ) بالكوفة قال : ما ضرّ إخواننا
الّذين سفكت دماؤهم و هم بصفّين ألا يكونوا اليوم أحياء ؟ يسيغون الغصص و يشربون
الرّنق ( أي الكدر ) . قد و اللّه لقوا اللّه
فوفّاهم أجورهم ، و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم . قال نوف : و عقد للحسين ( ع ) في عشرة آلاف ،
و لقيس بن سعد في عشرة آلاف ، و لأبي أيوب الانصاري في عشرة آلاف ، و لغيرهم على
أعداد أخر ، و هو يريد الرجعة الى صفين . و من
كلام له ( ع ) و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين . . . ( الخطبة 204 ، 398 ) و من كلام له ( ع )
في بعض أيام صفين ، و قد رأى الحسن ( ع ) يتسرع الى الحرب : أملكوا عنّي
هذا الغلام لا يهدّني ، فإنّي أنفس بهذين ( يعني الحسن
و الحسين عليهما السلام ) على الموت ، لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . ( الخطبة 205 ، 399 ) و من كتاب له ( ع ) كتبه الى أهل الامصار ،
يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين : |
|
الفصل الثالث و العشرون موقعة صفين
|
|
مدخل : موقعة صفين« قرب الرقة على نهر الفرات »
|
|
بعد أن اندحر رؤوس الفتنة في
موقعة الجمل ، و انهزم أتباعهم انهزاما بالغا ، بعث الامام علي ( ع ) من الكوفة كتابا الى معاوية يدعوه الى البيعة .
فكان ردّ معاوية أن بعث إليه جيشا جرارا من الشام ، فأرسل الامام ( ع ) اليه بجيش آخر من العراق ، يزيد تعداده على مائة
ألف مقاتل ، و التقى الجيشان في أرض صفين قرب الرقة على
نهر الفرات . |
|
( 195 ) بنو
أمية ( و فتنة بني أمية )
|
|
يراجع المبحث ( 130
) إخبار الامام ( ع ) بالمغيبات . من كلام له ( ع ) و ذلك حين منعه سعيد بن
العاص حقه : إنّ بني أميّة ليفوّقونني
تراث محمّد صلّى اللّه عليه و آله ، تفويقا . و
اللّه لئن بقيت لهم لأنفضنّهم نفض اللّحّام الوذام التّربة . ( الخطبة 75 ، 131 ) حتّى يظنّ الظّانّ أنّ الدّنيا معقولة على بني
أميّة ، تمنحهم درّها ، و توردهم صفوها ، و لا يرفع عن هذه الأمّة سوطها و لا
سيفها ، و كذب الظّانّ لذلك . بل هي مجّة من لذيذ العيش يتطعّمونها برهة ، ثمّ
يلفظونها جملة . ( الخطبة 85 ، 156 ) أيّها
النّاس ، فإنّي فقأت عين الفتنة ، و لم يكن ليجتري ء عليها أحد غيري ، بعد أن
ماج غيهبها ، و اشتدّ كلبها . . . إنّ الفتن إذا
أقبلت شبّهت ، و إذا أدبرت نبّهت . نحن أهل البيت منها بمنجاة ،
و لسنا فيها بدعاة . ثمّ يفرّجها اللّه عنكم كتفريج الأديم : بمن يسومهم خسفا ،
و يسوقهم عنفا ، و يسقيهم بكأس مصبّرة ، لا يعطيهم إلاّ السّيف ، و لا يحلسهم
إلاّ الخوف ( يشير بذلك الى الدولة العباسية ) .
( الخطبة 91 ، 183 ) و اللّه لا يزالون حتّى لا يدعوا للّه محرّما
إلاّ استحلوه ، و لا عقدا إلاّ حلّوه ، و حتّى لا يبقى بيت مدر و لا وبر إلاّ
دخله ظلمهم ، و نبا به سوء رعيهم ، و حتّى يقوم الباكيان يبكيان : باك يبكي
لدينه ، و باك يبكي لدنياه ، و حتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم ، كنصرة العبد من
سيّده ، إذا شهد أطاعه ، و إذا غاب اغتابه ، و حتّى يكون أعظمكم فيها عناء ،
أحسنكم باللّه ظنّا . ( الخطبة 96 ، 190 ) و قال ( ع ) في تهديد بني أمية : فما احلولت لكم الدّنيا في لذّتها ، و لا تمكّنتم من
رضاع أخلافها ، إلاّ من بعد ما صادفتموها ، جائلا خطامها ، قلقا وضينها ( يشبه الدنيا بالناقة ، و الكلام كناية عن صعوبة القياد )
، قد صار حرامها عند أقوام بمنزلة السّدر المخضود ، و حلالها بعيدا غير موجود ،
و صادفتموها و اللّه ، ظلا ممدوا إلى أجل معدود . فالأرض لكم شاغرة و أيديكم
فيها مبسوطة ، و أيدي القادة عنكم مكفوفة ، و سيوفكم عليهم مسلّطة ، و سيوفهم
عنكم مقبوضة . . . فأقسم باللّه يا بني أميّة
عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم و في دار عدوّكم (
الخطبة 103 ، 199 ) راية ضلال قد قامت على قطبها ، و تفرّقت
بشعبها ، تكيلكم بصاعها ، و تخبطكم بباعها . قائدها خارج من الملّة ، قائم على
الضّلّة ، فلا يبقى يومئذ منكم إلاّ ثفالة كثفالة القدر ، أو نفاضة كنفاضة العكم
، تعرككم عرك الأديم ، و تدوسكم دوس الحصيد ، و تستخلص المؤمن من بينكم استخلاص
الطّير الحبّة البطينة من بين هزيل الحبّ . . . « تراجع تتمة الكلام في المبحث ( 130 ) اخبار الامام ( ع )
بالمغيبات » . ( الخطبة 106 ، 206 ) فعند ذلك لا يبقى بيت مدر و لا وبر ، إلاّ و
أدخله الظّلمة ترحة ، و أولجوا فيه نقمة . و قال ( ع ) عن مصير بني أمية : افترقوا بعد ألفتهم و تشتّتوا عن أصلهم فمنهم آخذ بغصن
أينما مال مال معه . على أنّ اللّه تعالى سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة ، كما
تجتمع قزع الخريف ، يؤلّف اللّه بينهم ، ثمّ يجمعهم ركاما كركام السّحاب . ثمّ
يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين . حيث لم تسلم عليه قارة ، و
لم تثبت عليه أكمة ، و لم يردّ سننه رصّ طود ، و لا حداب أرض . يزعزعهم اللّه في
بطون أوديته ، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض . يأخذ بهم من قوم حقوق قوم ، و يمكّن
لقوم في ديار قوم . و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين ،
كما تذوب الألية على النّار . ( الخطبة 164 ، 300 ) . . . و إنّي لعلى المنهاج الّذي تركتموه طائعين ، و دخلتم فيه مكرهين ( و ذلك ان أبا سفيان و معاوية لم يسلما الا بعد فتح مكة كرها
) . ( الخطبة
249 ، 450 ) فو الّذي فلق الحبّة ، و برأ النّسمة ، ما
أسلموا و لكن استسلموا . و أسرّوا الكفر . فلمّا وجدوا أعوانا عليه أظهروه . ( الخطبة 255 ، 454 ) و من كتاب له ( ع ) يخاطب فيه معاوية : و أمّا قولك : إنّا بنو عبد مناف ، فكذلك نحن و لكن ليس أميّة كهاشم ، و لا حرب كعبد
المطّلب ، و لا أبو سفيان كأبي طالب ، و لا المهاجر كالطّليق ، و لا الصّريح
كاللّصيق ، و لا المحقّ كالمبطل ، و لا المؤمن كالمدغل . و لبئس الخلف خلف يتبع
سلفا هوى في نار جهنّم . . . و لمّا أدخل اللّه
العرب في دينه أفواجا ، و أسلمت له هذه الأمّة طوعا و كرها ، كنتم ممّن دخل في
الدّين : إمّا رغبة ، و إمّا رهبة . . . ( الخطبة 256 ،
455 ) من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : . . . لم يمنعنا قديم عزّنا و
لا عاديّ طولنا على قومك ، أن خلطناكم بأنفسنا ، فنكحنا و أنكحنا فعل الأكفاء .
و لستم هناك و أنّى يكون ذلك ، و منّا النّبيّ و منكم المكذّب ( يعني أبا جهل ) ، و منّا أسد اللّه ( أي الحمزة ) و منكم أسد الأحلاف ( يعني أبا سفيان ) ، و منّا سيّدا شباب أهل الجنّة ،
و منكم صبيّة النّار ( يقصد بهم اولاد مروان بن الحكم ،
و قد اخبر النبي ( ص ) بأنهم من اهل النار ) ، و منّا خير نساء العالمين
، و منكم حمّالة الحطب ( هي عمة معاوية و زوجة أبي لهب
) . في كثير ممّا لنا و عليكم . ( الخطبة 267 ،
469 ) و من كتاب له ( ع )
الى أهل مصر ، مع مالك الاشتر لما ولاه إمارتها : إنّي و اللّه لو لقيتهم
واحدا ، و هم طلاّع الأرض كلّها ، ما باليت و لا استوحشت . و إنّي من ضلالهم
الّذي هم فيه ، و الهدى الّذي أنا عليه ، لعلى بصيرة من نفسي و يقين من ربّي . و
إنّي إلى لقاء اللّه لمشتاق و حسن ثوابه لمنتظر راج . و لكنّي آسى أن يلي أمر
هذه الأمّة سفهاؤها و فجّارها ، فيتّخذوا مال اللّه دولا ، و عباده خولا ( أي عبيدا ) ، و الصّالحين حربا ، و الفاسقين حزبا .
فإنّ منهم الّذي قد شرب فيكم الحرام ( هو عتبة بن أبي
سفيان ) ، و جلد حدّا في الإسلام . و إنّ منهم من لم يسلم حتّى رضخت له
على الإسلام الرّضائخ ( هو عمرو بن العاص شرط على النبي
« ص » عطاء حتى يسلم ، فلما أعطاه ذلك أسلم ) . فلو لا ذلك ما أكثرت
تأليبكم و تأنيبكم ، و جمعكم و تحريضكم ، و لتركتكم إذ أبيتم و ونيتم . ( الخطبة 301 ، 548 ) و سئل ( ع ) عن قريش
فقال : و أمّا بنو عبد شمس فأبعدها رأيا
، و أمنعها لما وراء ظهورها . و أمّا نحن ( أي بني هاشم
، و هاشم أخو عبد شمس ) فأبذل لما في أيدينا ، و أسمح عند الموت بنفوسنا
. و هم أكثر و أمكر و أنكر ، و نحن أفصح و أنصح و أصبح ( 120 ح ،
587 ) إنّ لبني أميّة مرودا يجرون فيه ، و لو قد اختلفوا فيما بينهم ثمّ كادتهم
الضّباع لغلبتهم . 464 ح ، 659 ) |
|
( 196 )
معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص
|
|
من
خطبة للامام ( ع ) : و لم يبايع ( أي عمرو بن العاص ) حتّى شرط أن يؤتيه ( أي معاوية ) على البيعة ثمنا ، فلا ظفرت يد البائع ،
و خزيت أمانة المبتاع . ( الخطبة 26 ، 74 ) ألا و إنّ معاوية قاد لمة من الغواة . و عمّس ( أي اخفى ) عليهم الخبر ، حتّى جعلوا نحورهم أغراض
المنيّة . ( الخطبة 51 ، 108 ) و بشّر ( ع ) بظهور رجل مذموم ، قيل انه
معاوية ، فقال : أمّا إنّه سيظهر
عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، و يطلب ما لا يجد ،
فاقتلوه ، و لن تقتلوه . ألا و إنّه سيأمركم بسبّي و البراءة منّي . فأمّا
السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة ، و لكم نجاة ، و أمّا البراءة فلا تتبرّأوا
منّي ، فإنّي ولدت على الفطرة ، و سبقت إلى الايمان و الهجرة . ( الخطبة 57 ، 113 ) و من كلام له ( ع ) خاطب به اصحابه ليلة
الهرير بصفين : و عليكم بهذا السّواد الأعظم
( يعني أهل الشام ) ، و الرّواق المطنّب ( أي رواق معاوية ) ، فاضربوا ثبجه ( أي وسطه ) ، فإنّ الشّيطان (
أي معاوية ) كامن في كسره ، و قد قدّم للوثبة يدا ، و أخّر للنّكوص رجلا
. ( الخطبة 64 ، 121 ) و من كلام له ( ع )
في ذكر عمرو بن العاص : عجبا لابن النّابغة يزعم لأهل الشّام أنّ فيّ
دعابة ، و أنّي امروء تلعابة : أعافس و أمارس لقد قال باطلا ، و نطق آثما
. أما و شرّ القول الكذب إنّه ليقول فيكذب ، و يعد فيخلف ، و يسأل فيبخل ، و
يسأل فيلحف ، و يخون العهد ، و يقطع الإلّ ، فإذا كان عند الحرب فأيّ زاجر و آمر
هو ما لم تأخذ السّيوف مآخذها . فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القرم
سبّته ( أي ان يكشف سؤته للامام ) . أما و اللّه
إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت ، و إنّه ليمنعه من قول الحقّ نسيان الاخرة .
إنّه لم يبايع معاوية حتّى شرط أن يؤتيه أتيّة ( أي
عطية ) ، و يرضخ له على ترك الدّين رضيخة (
المقصود بالعطية و الرضيخة ولاية مصر ) . (
الخطبة 82 ، 149 ) أما و الّذي نفسي بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ، ليس لأنّهم أولى
بالحقّ منكم ، و لكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم ، و إبطائكم عن حقّي . ( الخطبة 95 ، 188 ) أيّها القوم . . . صاحبكم
يطيع اللّه و أنتم تعصونه ، و صاحب أهل الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه . لوددت
و اللّه أنّ معاوية صارفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم ، فأخذ منّي عشرة منكم و
أعطاني رجلا منهم . ( الخطبة 95 ، 189 ) و قال ( ع ) عن فتنة
بني أمية : قائدها خارج من الملّة ، قائم على الضّلّة . ( الخطبة 106 ، 206 ) و من
كلام له ( ع ) قاله للخوارج : و لا
تلتفتوا إلى ناعق نعق ( يعني عمرو بن العاص ) :
إن أجيب أضلّ ، و إن ترك ذلّ . ( الخطبة 120 ، 231 ) و هلمّ الخطب في ابن أبي سفيان ، فلقد أضحكني
الدّهر بعد إبكائه . و لا غرو و اللّه ، فيا له خطبا يستفرغ العجب ، و يكثر
الأود . حاول القوم إطفاء نور اللّه من مصباحه ، و سدّ فوّاره من ينبوعه ، و
جدحوا ( أي خلطوا ) بيني و بينهم شربا وبيئا .
فإن ترتفع عنّا و عنهم محن البلوى ، أحملهم من الحقّ على محضه ، و إن تكن الأخرى
فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ، إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ . ( الخطبة 160 ، 288 ) أو ليس عجبا أنّ معاوية يدعو الجفاة الطّغام ،
فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء . و أنا أدعوكم ، و أنتم تريكة الإسلام و
بقيّة النّاس ، إلى المعونة أو طائفة من العطاء ، فتفرّقون عنّي و تختلفون عليّ
. ( الخطبة 178 ، 321 ) و أقرب بقوم من الجهل باللّه قائدهم معاوية ،
و مؤدّبهم ابن النّابغة ( هو عمرو بن العاص ) . ( الخطبة 178 ، 322 ) و اللّه ما معاوية بأدهى منّي ، و لكنّه يغدر
و يفجر . و لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى النّاس . .
. ( الخطبة 198 ، 394 ) و من كتاب له ( ع )
الى جرير بن عبد اللّه البجلي لما أرسله الى معاوية : أمّا بعد ، فإذا
أتاك كتابي فاحمل معاوية على الفصل ( أي الحكم القاطع )
و خذه بالأمر الجزم . فيا عجبا للدّهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع
بقدمي ، و لم تكن له كسابقتي الّتي لا يدلي أحد بمثلها . ( الخطبة 248 ، 448 ) و من كتاب له ( ع )
الى معاوية : و كيف أنت صانع إذا تكشّفت عنك جلابيب ما أنت فيه من دنيا ،
قد تبهّجت بزينتها ، و خدعت بلذّتها . دعتك فأجبتها ، و قادتك فاتّبعتها ، و
أمرتك فأطعتها . و إنّه يوشك أن يقفك واقف على ما لا ينجيك منه مجنّ ( أي ترس تحتمي به ) فاقعس (
أي تأخر ) عن هذا الأمر ، و خذ أهبة الحساب . و شمّر لما قد نزل بك ، و
لا تمكّن الغواة من سمعك . و إلاّ تفعل أعلمك ما أغفلت من نفسك . و متى كنتم يا
معاوية ساسة الرّعيّة و ولاة أمر الأمّة ؟ بغير قدم سابق ، و لا شرف باسق . و
نعوذ باللّه من لزوم سوابق الشّقاء . و أحذّرك أن تكون متماديا في غرّة الأمنيّة
، مختلف العلانية و السّريرة . كتب معاوية الى الامام علي ( ع ) ان يترك له
الشام فأجابه الامام بهذا الكتاب : و أمّا طلبك إليّ الشّام ، فإنّي لم أكن
لأعطيك اليوم ما منعتك أمس . و أمّا قولك إنّ
الحرب قد أكلت العرب إلاّ حشاشات أنفس بقيت ، ألا و من أكله الحقّ فإلى الجنّة ،
و من أكله الباطل فإلى النّار . و أمّا استواؤنا في
الحرب و الرّجال فلست بأمضى على الشّكّ منّي على اليقين . و ليس أهل الشّام
بأحرص على الدّنيا من أهل العراق على الآخرة . و أمّا
قولك : إنّا بنو عبد مناف فكذلك نحن ، و
لكن ليس أميّة كهاشم ، و لا حرب كعبد المطّلب ، و لا أبو سفيان كأبي طالب . و لا
المهاجر كالطّليق ( يقصد بذلك أبا سفيان و معاوية كانا
من الطلقاء يوم الفتح ) و لا الصّريح كاللّصيق (
يقصد به معاوية الذي الصق بأبي سفيان و لم يعرف أبوه ) . و لا المحقّ
كالمبطل . و لا المؤمن كالمدغل . و لبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى في نار جهنّم و
في أيدينا بعد فضل النّبوّة الّتي أذللنا بها العزيز ، و نعشنا بها الذّليل . و
لمّا أدخل اللّه العرب في دينه أفواجا ، و أسلمت له هذه الأمّة طوعا و كرها ،
كنتم ممّن دخل في الدّين : إمّا رغبة و إمّا رهبة . على حين فاز أهل السّبق
بسبقهم ، و ذهب المهاجرون الأوّلون بفضلهم . فلا تجعلنّ للشّيطان فيك نصيبا ، و
لا على نفسك سبيلا . و السّلام . ( الخطبة 256 ، 455 ) من كتاب له ( ع ) الى
معاوية جوابا على كتاب : أمّا بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه اصطفاء اللّه
محمّدا صلّى اللّه عليه و آله لدينه ، و تأييده
إيّاه بمن أيّده من أصحابه . فلقد خبّأ لنا
الدّهر منك عجبا ، إذ طفقت تخبرنا ببلاء اللّه تعالى عندنا ، و نعمته علينا في
نبيّنا . فكنت في ذلك كناقل التّمر إلى هجر ( مدينة
بالبحرين كثيرة النخيل ) أو داعي مسدّده إلى النّضال . و زعمت أنّ أفضل
النّاس في الإسلام فلان و فلان ( أي أبو بكر و عمر )
، فذكرت أمرا إن تمّ اعتزلك كلّه ( أي ليس لك حظ منه )
و إن نقص لم يلحقك ثلمه ( أي عيبه ) . و ما أنت
و الفاضل و المفضول و السّائس و المسوس و ما للطّلقاء و أبناء الطّلقاء ، و
التّمييز بين المهاجرين الأوّلين و ترتيب درجاتهم ، و تعريف طبقاتهم هيهات لقد
حنّ قدح ليس منها ، و طفق يحكم فيها من عليه الحكم لها ألا تربع أيّها الإنسان
على ظلعك ( أي تقف عند حدك ) ، و تعرف قصور ذرعك
، و تتأخّر حيث أخّرك القدر فما عليك غلبة المغلوب ، و لا ظفر الظّافر . ثمّ ذكرت ما كان من أمري و أمر عثمان ، فلك أن
تجاب عن هذه لرحمك منه . فأيّنا كان أعدى له ، و أهدى إلى مقاتله ( وجوه القتال ) . أمن بذل له نصرته فاستقعده و
استكفّه ( و ذلك ان الامام بذل النصرة فاستقعده عثمان و
لم يقبل نصرته ) ، أم من استنصره فتراخى عنه و بثّ المنون إليه ( يقصد بذلك معاوية الذي خذل عثمان و لم ينصره بعد ما كانت
بينهما معاهدة على النصرة ) حتّى أتى قدره عليه . كلاّ و اللّه ل قَدْ
يَعْلمُ اللّهُ المُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَ الْقَائِلِينَ لإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ
إِلَيْنَا ، وَ لاَ يَأَْتُونَ الْبَأْسَ إلاَّ قَلِيْلاً . من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : فاتّق اللّه فيما لديك ، و انظر في حقّه عليك . و ارجع إلى
معرفة ما لا تعذر بجهالته . فإنّ للطّاعة أعلاما واضحة ، و سبلا نيّرة . و محجّة
نهجة ، و غاية مطّلبة . يردها الأكياس ، و يخالفها الأنكاس . من نكب عنها جار عن
الحقّ ، و خبط في التّيه ، و غيّر اللّه نعمته ، و أحلّ به نقمته . فنفسك نفسك ،
فقد بيّن اللّه لك سبيلك ، و حيث تناهت بك أمورك ، فقد أجريت إلى غاية خسر ، و
محلّة كفر . فإنّ نفسك قد أولجتك شرّا ، و أقحمتك غيّا . و أوردتك المهالك ، و
أوعرت عليك المسالك . ( الخطبة 269 ، 473 ) و من كلام له ( ع ) الى معاوية : من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : فسبحان اللّه ما أشدّ لزومك للأهواء المبتدعة ، و الحيرة
المتعبة ، مع تضييع الحقائق و اطّراح الوثائق ، الّتي هي للّه طلبة و على عباده
حجّة . من
كتاب له ( ع ) الى عمرو بن العاص : فإنّك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرى ء ظاهر غيّه (
يقصد به معاوية ) ، مهتوك ستره ، يشين الكريم بمجلسه ، و يسفّه الحليم
بخلطته . فاتّبعت أثره ، و طلبت فضله ، اتّباع الكلب للضّرغام ، يلوذ بمخالبه ،
و ينتظر ما يلقى إليه من فضل فريسته ، فأذهبت دنياك و آخرتك . و لو بالحقّ أخذت
أدركت ما طلبت . فإن يمكّنّي اللّه منك و من ابن أبي سفيان أجزكما بما قدّمتما ،
و إن تعجزا و تبقيا ، فما أمامكما شرّ لكما ، و السّلام . ( الخطبة 278 ، 496 ) من كتاب له ( ع ) الى زياد بن أبيه ، و قد
بلغه أن معاوية كتب اليه يريد خديعته باستلحاقه : و قد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك ، و يستفلّ غربك ( أي يثلم حدتك و نشاطك ) فاحذره ، فإنّما هو الشّيطان
: يأتي المرء من بين يديه و من خلفه ، و عن يمينه و عن شماله ، ليقتحم غفلته ، و
يستلب غرّته ( العقل الغرّ هو الساذج ) . من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : و إنّ البغي و الزّور يذيعان بالمرء (
أي يفضحانه ) في دينه و دنياه ، و يبديان خلله عند من يعيبه . و قد علمت
أنّك غير مدرك ما قضي فواته ( يعني دم عثمان ) و
قد رام أقوام أمرا بغير الحقّ فتأوّلوا على اللّه فأكذبهم ( يقصد اصحاب الجمل ) . فاحذر يوما يغتبط فيه من أحمد
عاقبة عمله ، و يندم من أمكن الشّيطان من قياده فلم يجاذبه . و قد دعوتنا إلى
حكم القرآن و لست من أهله ، و لسنا إيّاك أجبنا ، و لكنّا أجبنا القرآن في حكمه
، و السّلام . ( الخطبة 287 ، 512 ) من كتاب له ( ع ) الى
معاوية : أمّا بعد ، فإنّ اللّه سبحانه قد جعل الدّنيا لما بعدها ، و
ابتلى فيها أهلها ، ليعلم أيّهم أحسن عملا . و لسنا للدّنيا خلقنا ، و لا
بالسّعي فيها أمرنا ، و إنّما وضعنا فيها لنبتلى بها . و قد ابتلاني اللّه بك و
ابتلاك بي ، فجعل أحدنا حجّة على الآخر ، فعدوت على الدّنيا بتأويل القرآن ( يقصد بذلك تأويل معاوية بعض آيات القصاص على غير معناها
ليقنع أهل الشام بأحقيته في الطلب بدم عثمان ) ، من كتاب له ( ع ) الى
معاوية جوابا : أمّا بعد ، فإنّا كنّا نحن و أنتم على ما ذكرت من الألفة
و الجماعة ، ففرّق بيننا و بينكم أمس أنّا آمنّا و كفرتم ، و اليوم أنّا استقمنا
و فتنتم ، و ما أسلم مسلمكم إلاّ كرها ، و بعد أن كان أنف الإسلام كلّه لرسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حزبا . و ذكرت أنّك زائري في المهاجرين و الأنصار ، و
قد انقطعت الهجرة يوم أسر أخوك ( يقصد به عمرو بن أبي
سفيان ، اسر يوم بدر ) ، فإن كان فيه عجل فاسترفه ( أي استح و لا تستعجل ) ، فإنّي إن أزرك فذلك جدير أن
يكون اللّه إنّما بعثني إليك للنّقمة منك و إن تزرني فكما
قال أخو بني أسد : من كتاب ( ع ) الى
معاوية ايضا : أمّا بعد ، فقد آن لك أن تنتفع باللّمح الباصر من عيان
الأمور ، فقد سلكت مدارج أسلافك بادّعائك الأباطيل ، و إقحامك غرور المين ( أي الكذب ) و الأكاذيب . و بانتحالك ما قد علا عنك ،
و ابتزازك لما اختزن دونك ، فرارا من الحقّ ، و جحودا لما هو ألزم لك من لحمك و
دمك ، ممّا قد وعاه سمعك ، و ملي ء به صدرك ، فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال
المبين ، و بعد البيان إلاّ اللّبس ؟ فاحذر الشّبهة و اشتمالها على لبستها ،
فإنّ الفتنة طالما أغدفت جلابيبها ( أي طالما اسدلت
الفتنة أغطية الباطل فأخفت الحق ) ، و أغشت الأبصار ظلمتها . من
كتاب له ( ع ) الى سهل بن حنيف الانصاري ، و هو عامله على المدينة ، في معنى قوم
من أهلها لحقوا بمعاوية : إنّهم و اللّه لم
ينفروا من جور ، و لم يلحقوا بعدل ، و إنّا لنطمع في هذا الأمر أن يذلّل اللّه
لنا صعبه ، و يسهّل لنا حزنه ( أي ما فيه من اشياء خشنة
) إن شاء اللّه ، و السّلام . ( الخطبة 309 ،
558 ) من
كتاب له ( ع ) الى معاوية يستحثه على الرجوع الى الطاعة : أمّا بعد ، فإنّي على التّردّد في جوابك ( أي الرجوع الى جوابك ) ، و الإستماع إلى كتابك ،
لموهّن رأيي ، و مخطي ء فراستي ( أي كان الاجدر بي عدم
الرجوع الى جوابك و عدم استماع ما تكتبه ) . و إنّك إذ تحاولني الأمور ( أي تطالبني ببعض مآربك كولاية الشام ) و تراجعني
السّطور ، كالمستثقل النائم تكذبه أحلامه ، و المتحيّر القائم يبهظه ( أي يثقله
) مقامه ، لا يدري أله ما يأتي أم عليه . و لست به ، غير أنّه بك شبيه ( يقول عليه السلام : أنت في محاولتك هذه كالنائم الثقيل نومه
، يحلم انه نال شيئا ، فاذا انتبه وجد الرؤيا كذبت . و انت أيضا كالمتحير في
أمره القائم في شكّه ، يثقله مقامه من الحيرة . و انك لست بالمتحير لمعرفتك الحق
معنا و لكن المتحير شبيه بك ، فأنت أشد منه عناء ) . و أقسم باللّه إنّه
لو لا بعض الاستبقاء ( أي لولا ابقائي لك ، و عدم
ارادتي لاهلاكك ) لوصلت إليك منّي قوارع ، تقرع العظم ، و تهلس اللّحم ( أي دواهي تصدم العظم و تذيب اللحم ) . و اعلم أنّ
الشّيطان قد ثبّطك عن أن تراجع أحسن أمورك ( أي الرجوع
الى الطاعة ) و تأذن لمقال نصيحتك ، و السّلام لأهله . ( الخطبة 312 ، 560 ) و من كتاب له ( ع ) الى معاوية في أول ما بويع
له عليه السلام : من عبد اللّه
عليّ أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان : أمّا بعد ، فقد علمت إعذاري فيكم
و إعراضي عنكم ( أي اقامتي على العذر في أمر عثمان
صاحبكم ، و اعراضي عنه بعدم التعرض له بسوء حتى كان مقتله ) ، حتّى كان
ما لا بدّ منه و لا دفع له ، و الحديث طويل ، و الكلام كثير . و قد أدبر ما أدبر
، و أقبل ما أقبل ، فبايع من قبلك ( أي الذين عندك )
و أقبل إليّ في وفد من أصحابك . ( 314 ، 562 ) |
|
( 197 ) جند
معاوية و أهل الشام
|
|
من
كلام له ( ع ) و قد اشار عليه اصحابه بالاستعداد للحرب بعد ارساله جريرا بن عبد
اللّه البجلي الى معاوية ، و لم ينزل معاوية على بيعته : إنّ استعدادي لحرب أهل الشّام و جرير عندهم ، إغلاق
للشّام ، و صرف لأهله عن خير إن أرادوه . ( الخطبة 43 ،
101 ) من كلام له ( ع ) و
قد استبطأ اصحابه اذنه لهم في القتال بصفين : و أمّا قولكم شكّا في أهل
الشّام فو اللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي
، و تعشو إلى ضوئي ، و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها ، و إن كانت تبوء
بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و قال ( ع ) يخاطب أصحابه : أما و الّذي نفسي بيده ، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم ،
ليس لأنّهم ( أي أهل الشام ) أولى بالحقّ منكم ،
و لكن لاسراعهم إلى باطل صاحبهم ، و إبطائكم عن حقّي . . أيّها القوم . . صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه ، و صاحب أهل
الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه . لوددت و اللّه أنّ معاوية صارفني بكم صرف
الدّينار بالدّرهم ، فأخذ منّي عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم . ( الخطبة 95 ، 188 ) و قال ( ع ) و قد سمع
قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : و قال ( ع ) في أهل
الشام : جفاة طغام ، و عبيد أقزام . جمعوا من كلّ أوب ، و تلقّطوا من كلّ
شوب ( أي خلط ) ، ممّن ينبغي أن يفقّه و يؤدّب ،
و يعلّم و يدرّب ، و يولّى عليه ، و يؤخذ على يديه . ليسوا من المهاجرين و
الأنصار ، و لا من الّذين تبوّؤا الدّار و الإيمان . (
الخطبة 236 ، 438 ) . . . و ليس أهل الشّام بأحرص على الدّنيا ، من أهل العراق على الآخرة . ( الخطبة 256 ، 455 ) و من كتاب له ( ع )
الى قثم بن العباس و هو عامله على مكة : أمّا بعد ، فإنّ عيني بالمغرب
كتب إليّ يعلمني أنّه وجّه إلى الموسم أناس من أهل الشّام العمي القلوب ، الصّمّ
الأسماع ، الكمه الأبصار . الّذين يلتمسون الحقّ بالباطل ، و يطيعون المخلوق في
معصية الخالق . و يحتلبون الدّنيا درّها بالدّين ، و يشترون عاجلها بآجل الأبرار
المتّقين . و لن يفوز بالخير إلاّ عامله ، و لا يجزى جزاء الشّرّ إلاّ فاعله . ( الخطبة 272 ، 491 ) |
|
( 198 ) موقعة
صفين
|
|
من
خطبة خطبها ( ع ) و هو بالنخيلة خارجا من الكوفة الى صفين : أمّا بعد ، فقد بعثت مقدّمتي ، و أمرتهم بلزوم هذا
الملطاط ، حتّى يأتيهم أمري ، و قد رأيت أن أقطع هذه النّطفة ( ماء الفرات ) إلى شرذمة منكم ، موطّنين أكناف دجلة ،
فأنهضهم معكم إلى عدوّكم ، و أجعلهم من أمداد القوّة لكم . ( الخطبة 48 ، 105 ) و من
خطبة له ( ع ) لما غلب أصحاب معاوية على شريعة الفرات بصفين و منعوا أصحابه
الماء : قد استطعموكم القتال ، فأقّروا على مذلّة ، و تأخير
محلّة ، أو روّوا السّيوف من الدّماء ترووا من الماء ، فالموت في حياتكم مقهورين
، و الحياة في موتكم قاهرين . ألا و إنّ معاوية قادلمّة من الغواة . و عمّس
عليهم الخبر حتّى جعلوا نحورهم أغراض المنيّة . (
الخطبة 51 ، 107 ) من خطبة له ( ع ) يصف
فيها مبايعة أصحابه له بصفين : فتداكّوا عليّ تداكّ الإبل الهيم ( أي العطشى ) يوم وردها ، و قد أرسلها راعيها ، و
خلعت مثانيها ، حتّى ظننت أنّهم قاتليّ ، أو بعضهم قاتل بعض لديّ . و قد قلّبت
هذا الأمر بطنه و ظهره حتّى منعني النّوم ، فما وجدتني يسعني إلاّ قتالهم أو
الجحود بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
، فكانت معالجة القتال أهون عليّ من معالجة العقاب ، و موتات الدّنيا أهون عليّ
من موتات الآخرة ( أي أهوالها ) . ( الخطبة 54 ، 110 ) و من كلام له ( ع ) و
قد استبطأ أصحابه اذنه لهم في القتال بصفين : أمّا قولكم : أكلّ ذلك
كراهية الموت ؟ فو اللّه ما أبالي : دخلت إلى الموت أو خرج الموت إليّ . و أمّا
قولكم شكّا في أهل الشّام فو اللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق
بي طائفة فتهتدي بي ، و تعشو إلى ضوئي . و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على
ضلالها ، و إن كانت تبوء بآثامها . ( الخطبة 55 ، 111 ) و من كلام له ( ع )
في بعض أيام صفين : و قد رأيت جولتكم ، و انحيازكم عن صفوفكم ، تحوزكم
الجفاة الطّغام ، و أعراب أهل الشّام ، و أنتم لهاميم العرب ، و يآفيخ الشّرف ،
و الأنف المقدّم ، و السّنام الأعظم . و لقد شفى وحاوح صدري ، أن رأيتكم بأخرة
تحوزونهم كما حازوكم ، و تزيلونهم عن مواقفهم كما أزالوكم ، حسّا بالنّضال ( أي المباراة في الرمي ) ، و شجرا بالرّماح ، تركب
أولاهم أخراهم ، كالإبل الهيم المطرودة ، ترمى عن حياضها ، و تذاد عن مواردها . ( الخطبة 105 ، 204 ) و قال ( ع ) لما عزم على لقاء القوم بصفين : اللّهمّ . . إن أظهرتنا على عدوّنا ، فجنّبنا البغي و
سدّدنا للحقّ . و إن أظهرتهم علينا فارزقنا الشّهادة ، و اعصمنا من الفتنة . و من
خطبة له ( ع ) بالكوفة قال : ما ضرّ إخواننا
الّذين سفكت دماؤهم و هم بصفّين ألا يكونوا اليوم أحياء ؟ يسيغون الغصص و يشربون
الرّنق ( أي الكدر ) . قد و اللّه لقوا اللّه
فوفّاهم أجورهم ، و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم . قال نوف : و عقد للحسين ( ع ) في عشرة آلاف ،
و لقيس بن سعد في عشرة آلاف ، و لأبي أيوب الانصاري في عشرة آلاف ، و لغيرهم على
أعداد أخر ، و هو يريد الرجعة الى صفين . و من
كلام له ( ع ) و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين : إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين . . . ( الخطبة 204 ، 398 ) و من كلام له ( ع )
في بعض أيام صفين ، و قد رأى الحسن ( ع ) يتسرع الى الحرب : أملكوا عنّي
هذا الغلام لا يهدّني ، فإنّي أنفس بهذين ( يعني الحسن
و الحسين عليهما السلام ) على الموت ، لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم . ( الخطبة 205 ، 399 ) و من كتاب له ( ع ) كتبه الى أهل الامصار ،
يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين : |