- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل الثالث الخلق و المخلوقات
|
|
( 22 ) السموات و النجوم و
الكواكب
|
|
يراجع الفصل 40 ( علوم الطبيعة ) . ألا و إنّ الأرض
الّتي تقلّكم ، و السّماء الّتي تظلّكم ، مطيعتان لربّكم ، و ما أصبحتا تجودان
لكم ببركتهما توجّعا لكم ، و لا زلفة إليكم ، و لا لخير ترجوانه منكم ، و لكن
أمرتا بمنافعكم فأطاعتا ، و أقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا . ( الخطبة 141 ، 253 ) فمن فرّغ قلبه ،
و أعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في الهواء
سمواتك ، و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و
سمعه والها ، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ، 281 ) و علمه بما في
السّموات العلى كعلمه بما في الأرضين السّفلى . (
الخطبة 161 ، 290 ) اللهمّ ربّ
السّقف المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ، و مجرى
للشّمس و القمر ، و مختلفا للنّجوم السّيّارة ، و جعلت سكّانه سبطا من ملائكتك ،
لا يسأمون من عبادتك . ( الخطبة 169 ، 305 ) فمن شواهد خلقه
خلق السّموات موطّدات بلا عمد ، قائمات بلا سند . دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات ،
غير متلكّئات و لا مبطئات . و لو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة و إذعانهنّ
بالطّواعيّة ، لما جعلهنّ موضعا لعرشه ، و لا مسكنا لملائكته ، و لا مصعدا للكلم
الطّيّب و العمل الصّالح من خلقه . جعل نجومها أعلاما يستدلّ بها الحيران في
مختلف فجاج الأقطار . لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف اللّيل المظلم . و لا
استطاعت جلابيب سواد الحنادس ( جمع حندس و هو الليل
المظلم ) أن تردّ ما شاع في السّموات من تلألؤ نور القمر . ( الخطبة 180 ، 324 ) فلم يستنصركم من
ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . استنصركم و لَهُ جُنُودُ السَّمواتِ وَ الأَرْضِ ،
وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . و استقرضكم و لَهُ خَزائِنُ السَّمواتِ وَ
الأَرْضِ ، وَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . ( الخطبة
181 ، 332 ) و كان من اقتدار جبروته ، و بديع لطائف صنعته ، ان جعل من
ماء البحر الزّاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا ، ثمّ فطر منه اطباقا ، ففتقها
سبع سموات بعد ارتتاقها ، فاستمسكت بامره ، و قامت على حدّه . ( الخطبة 209 ، 403 ) و لا خلق السّموات و الأرض و ما بينهما باطلا ذلِكَ ظَنُّ
الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ . ( 78 ح ، 578 ) |
|
( 23 ) الشمس و القمر و الليل و
النهار
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : و الشّمس و القمر دائبان في مرضاته ، يبليان كلّ جديد ، و
يقرّبان كلّ بعيد . ( الخطبة 88 ، 159 ) و جعل شمسها آية
مبصرة لنهارها ، و قمرها آية ممحوّة من ليلها ، و أجراهما في مناقل مجراهما ، و
قدّر سيرهما في مدارج درجهما ، ليميّز بين اللّيل و النّهار بهما ، و ليعلم عدد
السّنين و الحساب بمقاديرهما . ( الخطبة 89 ، 2 ، 166 )
يتفيّأ عليه القمر المنير ، و تعقبه الشّمس ذات النّور ،
في الأفول و الكرور ، و تقلّب الأزمنة و الدّهور . من إقبال ليل مقبل ، و إدبار
نهار مدبر . ( الخطبة 161 ، 289 ) اللهمّ ربّ السّقف
المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ، و مجرى للشّمس
و القمر . . . ( الخطبة
169 ، 305 ) فانظر إلى الشّمس
و القمر ، و النّبات و الشّجر ، و الماء و الحجر . و اختلاف هذا اللّيل و
النّهار . ( الخطبة 183 ، 336 )
|
|
( 24 ) الأرض و الجبال و السحب و
الأمطار و العيون و الأنهار و الأمواج و البحار
|
|
يراجع المبحث ( 22 ) السموات . و قال
( ع ) في صفة الأرض و دحوها على الماء : كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة ، و لجج بحار زاخرة ، تلتطم أواذيّ ( جمع آذي و هو أعلى الموج ) أمواجها ، و تصطفق
متقاذفات أثباجها ( استعارة لأعالي الموج ) ، و
ترغو زبدا كالفحول عند هياجها . فخضع جماح الماء المتلاطم لثقل حملها ، و سكن
هيج ارتمائه إذ وطئته بكلكلها ، و ذلّ مستخذيا ( أي
منكسرا مسترخيا ) إذ تمعّكت عليه بكواهلها . فأصبح بعد اصطخاب أمواجه ،
ساجيا مقهورا ، و في حكمة الذّلّ منقادا أسيرا ، و سكنت الأرض مدحوّة في لجّة
تيّاره ، و ردّت من نخوة بأوه و اعتلائه ( البأو :
الزهو ) و شموخ أنفه و سموّ غلوائه ، و كعمته (
كعم البعير : شدّ فاه لئلا يعض ) على كظّة جريته ، فهمد بعد نزقاته ، و
لبد بعد زيفان ( التبختر في المشية ) و ثباته .
فلمّا سكن هيج الماء من تحت أكنافها ، و حمل شواهق الجبال الشّمّخ البذّخ على
أكتافها ، فجّرّ ينابيع العيون من عرانين أنوفها ، و فرّقها في سهوب بيدها و
أخاديدها ، و عدّل حركاتها بالرّاسيات من جلاميدها ، و ذوات الشّناخيب ( جمع شنخوب و هو رأس الجبل ) الشّمّ من صياخيدها ( جمع صيخود و هي الصخرة الشديدة ) . فسكنت من الميدان
( أي الاضطراب ) لرسوب الجبال في قطع أديمها ، و
تغلغلها متسرّبة في جوبات خياشيمها ، و ركوبها أعناق سهول الأرضين و جراثيمها .
و فسح بين الجوّ و بينها ، و أعدّ الهواء متنسّما لساكنها ، و أخرج إليها أهلها
على تمام مرافقها . ثمّ لم يدع جرز الأرض ( أي الأرض
التي تنبت عند مرور مياه العيون عليها ) الّتي تقصر مياه العيون عن
روابيها ، و لا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها ، حتّى أنشأ لها ناشئة سحاب
تحيي مواتها ، و تستخرج نباتها . و قذفت إليه
السّموات و الأرضون مقاليدها ، و سجدت له بالغدوّ و الآصال الأشجار النّاضرة ، و
قدحت له من قضبانها النّيران المضيئة ، و آتت أكلها بكلماته الثّمار اليانعة . ( الخطبة 131 ، 244 ) و ربّ هذه الأرض
الّتي جعلتها قرارا للأنام ، و مدرجا للهوامّ و الأنعام ، و ما لا يحصى ممّا يرى
و ما لا يرى . و ربّ الجبال الرّواسي الّتي جعلتها للأرض أوتادا ، و للخلق
اعتمادا . ( الخطبة 169 ، 305 ) فسبحان من لا
يخفى عليه سواد غسق داج ، و لا ليل ساج ، في بقاع الأرضين المتطأطئات ، و لا في
يفاع السّفع المتجاورات ( اليفاع التل ، و السفع الجبال
السود ) . و كذلك السّماء و
الهواء و الرّياح و الماء . فانظر إلى الشّمس و القمر و النّبات و الشّجر و
الماء و الحجر ، و اختلاف هذا اللّيل و النّهار ، و تفجّر هذه البحار ، و كثرة
هذه الجبال ، و طول هذه القلال ( القلة : رأس الجبل )
، و تفرّق هذه اللّغات و الألسن المختلفات . و أنشأ السّحاب
الثّقال فأهطل ديمها ، و عدّد قسمها ، قبل الأرض بعد جفوفها ، و أخرج نبتها بعد
جذوبها . ( الخطبة 183 ، 337 ) و أنشأ الأرض
فأمسكها من غير اشتغال ، و أرساها على غير قرار . و أقامها بغير قوائم ، و رفعها
بغير دعائم . و حصّنها من الأود و الإعوجاج ، و منعها من التهافت و الإنفراج .
أرسى أوتادها ، و ضرب أسدادها . و استفاض عيونها ، و خدّ أوديتها . فلم يهن ما
بناه ، و لا ضعف ما قوّاه . ( الخطبة 184 ، 344 ) ثمّ أداء الأمانة
، فقد خاب من ليس من أهلها . إنّها عرضت على السّموات المبنيّة و الأرضين
المدحوّة ( أي المبسوطة ) و الجبال ذات الطّول
المنصوبة ، فلا أطول و لا أعرض ، و لا أعلى و لا أعظم منها . و لو امتنع شي ء
بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ ، لامتنعن ، و لكن أشفقن من العقوبة ، و عقلن ما جهل
من هو أضعف منهنّ ، و هو الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً . ( الخطبة 197 ، 393 ) . . . و أرسى أرضا يحملها الأخضر المثعنجر ( أي معظم
البحر ) و القمقام ( البحر أيضا )
المسخّر . قد ذلّ لأمره و أذعن لهيبته . و وقف الجاري منه لخشيته . و جبل
جلاميدها ، و نشوز متونها و أطوادها ، فأرساها في مراسيها ، و ألزمها قراراتها .
فمضت رؤوسها في الهواء ، و رست أصولها في الماء . فأنهد جبالها عن سهولها ، و
أساخ قواعدها في متون أقطارها و مواضع أنصابها . فأشهق قلالها ، و أطال أنشازها ( متونها المرتفعة في جوانب الأرض ) ، و جعلها للأرض
عمادا . و أرّزها فيها ( أي ثبتها ) أوتادا .
فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها ، أو تسيخ بحملها ، أو تزول عن مواضعها .
فسبحان من أمسكها بعد موجان مياهها ، و أجمدها بعد رطوبة أكنافها . فجعلها لخلقه
مهادا ، و بسطها لهم فراشا . فوق بحر لجّيّ راكد لا يجري و قائم لا يسري .
تكركره الرّياح العواصف ( أي أن الرياح تذهب بماء البحر
و تعود ) و تمخضه الغمام الذّوارف ( أي أن
السحاب يستخلص من ماء البحر خلاصته و هو البخار ، كما تستخلص الزبدة من الحليب
بمخضه ) ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى . ( الخطبة 209 ، 404 ) |
|
( 25 ) الملائكة و صفاتهم
|
|
يراجع المبحث ( 26 ) خلق آدم و السجود له . و استأدى اللّه
سبحانه الملائكة وديعته لديهم ( أي آدم ) و عهد
وصيّته إليهم ، في الإذعان بالسّجود له ، و الخشوع لتكرمته ، فقال سبحانه
اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجدُوا ، إِلاَّ إِبْلِيسَ . (
الخطبة 1 ، 30 ) و وصف
( ع ) الطائفين بالبيت الحرام : و تشبّهوا
بملائكته المطيفين بعرشه . ( الخطبة 1 ، 35 ) و من
خطبة الأشباح في صفة الملائكة : ثمّ خلق
سبحانه لإسكان سمواته ، و عمارة الصّفيح الأعلى من ملكوته ، خلقا بديعا من
ملائكته . و ملأ بهم فروج فجاجها ، و حشا بهم فتوق أجوائها ، و بين فجوات تلك
الفروج زجل المسبّحين منهم في حظائر القدس ، و سترات الحجب ، و سرادقات المجد .
و وراء ذلك الرّجيح الّذي تستكّ منه الأسماع ، سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها
، فتقف خاسئة على حدودها . من ملائكة
أسكنتهم سمواتك ، و رفعتهم عن أرضك . هم أعلم خلقك بك ، و أخوفهم لك ، و أقربهم
منك . لم يسكنوا الأصلاب ، و لم يضمّنوا الأرحام ، و لم يخلقوا من ماء مهين ، و
لم يتشعبهم ريب المنون ، و إنّهم على مكانهم منك ، و منزلتهم عندك ، و استجماع
أهوائهم فيك ، و كثرة طاعتهم لك ، و قلّة غفلتهم عن أمرك ، لو عاينوا كنه ما خفي
عليهم منك ، لحقّروا أعمالهم ، و لزروا ( أي عابوا )
على أنفسهم ، و لعرفوا أنّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك ، و لم يطيعوك حقّ طاعتك . ( الخطبة 107 ، 209 ) و قال ( ع ) عن ملك الموت : هل تحسّ به إذا دخل منزلا ؟ أم هل تراه إذا توفّى أحدا ؟
بل كيف يتوفّى الجنين في بطن أمّه ؟ أيلج عليه من بعض جوارحها ؟ أم الرّوح
أجابته بإذن ربّها ؟ أم هو ساكن معه في أحشائها ؟ (
الخطبة 110 ، 217 ) اعلموا عباد
اللّه أنّ عليكم رصدا من أنفسكم ، و عيونا من جوارحكم ، و حفّاظ صدق يحفطون
أعمالكم و عدد أنفاسكم . لا تستركم منهم ظلمة ليل داج ، و لا يكنّكم منهم باب ذو
رتاج . و إنّ غدا من اليوم قريب . ( الخطبة 155 ، 278 ) اللهمّ ربّ
السّقف المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ، و مجرى
للشّمس و القمر ، و مختلفا للنّجوم السّيّارة . و جعلت سكّانه سبطا من ملائكتك ،
لا يسأمون من عبادتك . ( الخطبة 169 ، 305 ) فمن شواهد خلقه
خلق السّموات ، موطّدات بلا عمد ، قائمات بلا سند . دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات
، غير متلكّئات و لا مبطئات . و لو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة و إذعانهنّ
بالطّواعية ، لما جعلهنّ موضعا لعرشه ، و لا مسكنا لملائكته ، و لا مصعدا للكلم
الطّيّب و العمل الصّالح من خلقه . ( الخطبة 180 ، 324
) بل إن كنت صادقا
أيّها المتكلّف لوصف ربّك ، فصف جبرائيل و ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين ،
في حجرات القدس مرجحنّين ( أي يتمايلن بانحناء لعظمة
اللّه ) ، متولّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين . ( الخطبة 180 ، 326 ) إن أسررتم علمه ،
و إن أعلنتم كتبه . قد وكّل بذلك حفظة كراما ، لا يسقطون حقّا ، و لا يثبتون
باطلا . . . في دار اصطنعها لنفسه ، ظلّها عرشه
، و نورها بهجته ، و زوّارها ملائكته ، و رفقاؤها رسله . ( الخطبة 181 ، 331 ) فبادروا بأعمالكم
تكونوا مع جيران اللّه في داره . رافق بهم رسله ، و أزارهم ملائكته . ( الخطبة 181 ، 333 ) ثمّ اختبر بذلك
ملائكته المقرّبين ، ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ، فقال سبحانه و هو
العالم بمضمرات القلوب ، و محجوبات الغيوب إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طين
فَإذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اعترضته الحميّة
، فافتخر على آدم بخلقه ، و تعصّب عليه لأصله . (
الخطبة 190 ، 1 357 ) و لخفّت البلوى
فيه على الملائكة . ( الخطبة 190 ، 1 ، 357 ) و لقد قرن اللّه
به صلّى اللّه عليه و آله من لدن أن كان فطيما ، أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به
طريق المكارم ، و محاسن أخلاق العالم ، ليله و نهاره . (
الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و قال ( ع ) عمّا حصل عند احتضار النبي ( ص ) في حجره :
و لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّ رأسه لعلى صدري . و لقد سالت
نفسه في كفّي ، فأمررتها على وجهي . و لقد ولّيت غسله صلّى اللّه عليه و آله و
الملائكة أعواني ، فضجّت الدّار و الأفنية : ملاء يهبط ، و ملاء يعرج . و ما
فارقت سمعي هينمة منهم ، يصلّون عليه حتّى واريناه في ضريحه . ( الخطبة 195 ، 386 ) إنّ
المرء إذا هلك ، قال النّاس : ما ترك ؟ و
قالت الملائكة : ما قدّم ؟ . ( الخطبة 201 ، 396 ) و قال
( ع ) عن أهل الذكر : قد حفّت
بهم الملائكة ، و تنزّلت عليهم السّكينة . ( الخطبة 220
، 422 ) فاعملوا . . . قبل أن يخمد العمل ، و ينقطع المهل ، و ينقضي
الأجل ، و يسدّ باب التّوبة ، و تصعد الملائكة . (
الخطبة 235 ، 437 ) و قال ( ع ) عن الدنيا : مسجد أحبّاء اللّه ، و مصلّى
ملائكة اللّه ، و مهبط وحي اللّه ، و متجر أولياء اللّه . ( 131 ح ، 591 ) إنّ للّه ملكا ينادي في كلّ يوم : لدوا للموت ، و
اجمعوا للفناء ، و ابنوا للخراب . ( 132 ح ، 591 ) إنّ مع كلّ إنسان
ملكين يحفظانه ، فإذا جاء القدر خلّيا بينه و بينه . و إنّ الأجل جنّة حصينة . ( 201 ح ، 603 ) ما المجاهد
الشّهيد في سبيل اللّه ، بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ : لكاد العفيف أن يكون ملكا
من الملائكة . ( 474 ح ، 662 ) إنّ اللّه ركّب
في الملائكة عقلا بلا شهوة ، و ركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، و ركّب في بني
آدم كليهما . فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، و من غلبت شهوته عقله
فهو شرّ من البهائم . ( مستدرك 172 )
|
|
( 26 ) خلق آدم ( ع ) و السجود
له آدم و ابليس جنة آدم ( ع ) و هبوطه منها
|
|
قال
الامام علي ( ع ) :
.
. . فلمّا مهد أرضه ، و أنفذ أمره ، اختار آدم عليه السّلام
، خيرة من خلقه . و جعله أوّل جبلّته ، و أسكنه جنّته ، و أرغد فيها أكله ، و
أوعز إليه فيما نهاه عنه ، و أعلمه أنّ في الإقدام عليه التّعرّض لمعصيته ، و
المخاطرة بمنزلته فأقدم على ما نهاه عنه موافاة لسابق علمه فأهبطه بعد التّوبة
ليعمر أرضه بنسله ، و ليقيم الحجّة به على عباده . (
الخطبة 89 ، 3 ، 174 ) و قال علي ( ع ) في
الخطبة القاصعة : الحمد للّه الّذي لبس العزّ و الكبرياء ، و اختارهما
لنفسه دون خلقه ، و جعلهما حمى و حرما على غيره ، و اصطفاهما لجلاله ، و جعل
اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده . ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ،
ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين . فقال سبحانه ، و هو العالم بمضمرات
القلوب و محجوبات الغيوب إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإذَا سَوَّيْتُهُ
وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ . فَسَجَدَ
الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اعترضته الحميّة ، فافتخر
على آدم بخلقه ، و تعصّب عليه لأصله . فعدوّ اللّه ( أي
إبليس ) إمام المتعصّبين ، و سلف المستكبرين . الّذي وضع أساس العصبيّة ،
و نازع اللّه رداء الجبريّة . و ادّرع لباس التّعزّز ، و خلع قناع التّذلّل .
ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره ، و وضّعه بترفعّه . فجعله في الدّنيا مدحورا
، و أعدّ له في الآخرة سعيرا ؟ و لو أراد اللّه أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار
ضياؤه ، و يبهر العقول رواؤه ( أي منظره ) ، و
طيب يأخذ الأنفاس عرفه ، لفعل . و لو فعل لظلّت له الأعناق خاضعة ، و لخفّت
البلوى فيه على الملائكة . و لكنّ اللّه سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله
، تمييزا بالإختبار لهم ، و نفيا للإستكبار عنهم ، و إبعادا للخيلاء منهم .
فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس ، إذ أحبط عمله الطّويل و جهده الجهيد ، و
كان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة ، لا يدرى أمن سنيّ الدّنيا أم من سنيّ الآخرة ،
عن كبر ساعة واحدة . ( الخطبة 190 ، 1 ، 356 ) ألا ترون أنّ اللّه سبحانه ، اختبر الأوّلين
من لدن آدم صلوات اللّه عليه ، إلى الآخرين من هذا العالم ، بأحجار لا تضرّ و لا
تنفع ، و لا تبصر و لا تسمع ، فجعلها بيته الحرام ، الّذي جعله للنّاس قياما . . . . ثمّ أمر آدم عليه السّلام و ولده أن يثنوا
أعطافهم نحوه . ( الخطبة 190 ، 2 ، 364 ) أمّا إبليس
فتعصّب على آدم لأصله ، و طعن عليه في خلقته ، فقال : أنا ناريّ و أنت طينيّ . الخطبة 190 ، 2 ، 367 |
|
( خلق الحيوانات و صفتها ) :
|
|
( 27 ) الخفاش
|
|
قال الامام علي ( ع ) عن خلقة الخفاش : و من لطائف صنعته و عجائب خلقته ، ما أرانا من غوامض
الحكمة في هذه الخفافيش ، الّتي يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شي ء ، و يبسطها
الظّلام القابض لكلّ حيّ ، و كيف عشيت أعينها ( أي ضعفت
عن الرؤية ) عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ،
و تتّصل بعلانيّة برهان الشّمس إلى معارفها . و ردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ
في سبحات إشراقها ( أي درجاته و أطواره ) ، و
أكنّها في مكامنها ، عن الذّهاب في بلج ائتلاقها ( أي
وضوح لمعانها ) . |
|
( 28 ) الطيور
|
|
و قال الامام علي ( ع ) عن عجيب خلقة الطيور : إبتدعهم خلقا عجيبا من حيوان و موات ، و ساكن و ذي حركات
. و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته و عظيم قدرته ، ما انقادت له العقول
معترفة به و مسلّمة له . و نعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته . و ما ذرأ من
مختلف صور الأطيار ، الّتي أسكنها أخاديد الأرض ، و خروق فجاجها و رواسي أعلامها
. من ذات أجنحة مختلفة و هيئات متباينة ، مصرّفة في زمام التّسخير ، و مرفرفة
بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح ، و الفضاء المنفرج . كوّنها بعد إذ لم تكن ،
في عجائب صور ظاهرة ، و ركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ، و منع بعضها بعبالة خلقه ( أي ضخامته ) أن يسمو في الهواء خفوفا ، و جعله يدفّ
دفيفا ( الدفيف : تحريك الجناحين و الرجلين على الأرض )
. و نسقها على اختلافها في الأصابيغ ، بلطيف قدرته و دقيق صنعته . فمنها مغموس
في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، و منها مغموس في لون صبغ قد طوّق
بخلاف ما صبغ به . ( الخطبة 163 ، 293 ) فتبارك اللّه
الّذي يسجد له من في السّموات و الأرض طوعا و كرها ، و يعفّر له خدّا و وجها ، و
يلقي إليه بالطّاعة سلما و ضعفا ، و يعطي له القياد رهبة و خوفا . فالطّير
مسخّرة لأمره . أحصى عدد الرّيش منها و النّفس ، و أرسى قوائمها على النّدى و
اليبس . و قدّر أقواتها ، و أحصى أجناسها . فهذا غراب و هذا عقاب . و هذا حمام و
هذا نعام . دعا كلّ طائر باسمه ، و كفل له برزقه . (
الخطبة 183 ، 337 ) |
|
( 29 ) الطاووس
|
|
و قال الامام علي ( ع ) عن عجيب خلقة الطاووس : أحيلك من ذلك على
معاينة ، لا كمن يحيل على ضعيف إسناده . و لو كان كزعم من يزعم إنّه يلقح بدمعة
تسفحها مدامعه ، فتقف في ضفّتي جفونه ، و إنّ أنثاه تطعم ذلك ، ثمّ تبيض لا من
لقاح فحل سوى الدّمع المنبجس ، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب ( أي أن هذا الزعم كائن أيضا في الغراب إذ قالوا أن تلقيحه
يكون بانتقال جزء من الماء المستقر في قانصة الذكر الى الأنثى فتتناوله من
منقاره . و منشأ هذا الزعم في الغراب اخفاؤه تلقيحه ) . تخال قصبه مداري
من فضّة ( المدراة أداة لها أسنان كالمشط ) و ما
أنبت عليها من عجيب داراته و شموسه خالص العقيان و فلذ الزّبرجد ( يشبّه بياض القصب بالفضة ، و صفرة الريش بالعقيان و هو
الذهب ، و خضرته بالزبرجد و هو حجر كريم أخضر ) . فإن شبّهته بما أنبتت
الأرض قلت : جنيّ جني من زهرة كلّ ربيع . و إن ضاهيته بالملابس فهو كموشيّ الحلل
، أو كمونق عصب اليمن ( ضرب من البرود المنقوشة )
. و إن شاكلته بالحليّ فهو كفصوص ذات ألوان ، قد نطّقت (
من النطاق و هو الحزام ) باللّجين ( أي الفضة ) المكلّل
. يمشي مشي المرح المختال ، و يتصفّح ذنبه و جناحيه ، فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله
( أي ما يلبسه ) ، و أصابيغ و شاحه . فإذا رمى
ببصره إلى قوائمه زقا ( أي صاح ) معولا بصوت
يكاد يبين عن استغاثته ، و يشهد بصادق توجّعه ، لأنّ قوائمه حمش ( أي دقيقة ) ، كقوائم الدّيكة الخلاسيّة ( الديك الخلاسي هو المتولد بين دجاجتين هندية و فارسية )
. و قد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفيّة ( و هي شوكة
تكون في رجل الديك ) . و له في موضع العرف قنزعة خضراء موشّاة . و مخرج
عنقه كالإبريق . و مغرزها ( أي عنقه ) إلى حيث
بطنه كصبغ الوسمة اليمانيّة ( يقصد اللون النيلي )
، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال . و كأنّه متلفّع بمعجر ( المعجر : ما تشده المرأة على رأسها كالرداء ) أسحم ( أي أسود ) إلاّ أنّه يخيّل لكثرة مائه و شدّة بريقه
، أنّ الخضرة النّاضرة ممتزجة به . و مع فتق سمعه خطّ كمستدقّ القلم في لون
الأقحوان ( أي اللون الأصفر ) ، أبيض يقق ( خالص البياض ) . فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق ( أي يلمع ) . و قلّ صبغ إلاّ و قد أخذ منه بقسط ، و
علاه بكثرة صقاله و بريقه و بصيص ديباجه و رونقه ، فهو كالأزاهير المبثوثة ، لم
تربّها ( من التربية ) أمطار ربيع و لا شموس قيظ
. و قد يتحسّر من ريشه ، و يعرى من لباسه ، فيسقط تترى ، و ينبت تباعا ، فينحت
من قصبه انحتات أوراق الأغصان ، ثمّ يتلاحق ناميا حتّى يعود كهيئته قبل سقوطه .
لا يخالف سالف ألوانه ، و لا يقع لون في غير مكانه . و إذا تصفّحت شعرة من شعرات
قصبه أرتك حمرة ورديّة ، و تارة خضرة زبرجديّة ، و أحيانا صفرة عسجديّة ( أي ذهبيّة ) . فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن ،
أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين . |
|
( 30 ) الجرادة
|
|
و قال الامام علي ( ع ) في صفة خلق الجرادة : |
|
( 31 ) النملة و صغار المخلوقات
|
|
و
قال الامام علي ( ع ) عن خلقة النملة : سبحان من أدمج قوائم الذّرّة ( أي النملة ) و الهمجة ( أي
الذبابة الصغيرة ) إلى ما فوقهما من خلق الحيتان و الفيلة . و وأى على
نفسه ألاّ يضطرب شبح ممّا أولج فيه الرّوح ، إلاّ و جعل الحمام موعده ، و الفناء
غايته . الخطبة 163 ، 297 |
|
( 32 ) الوحوش و الحيتان و كبار
المخلوقات
|
|
و
قال الامام علي ( ع ) : يعلم عجيج
الوحوش في الفلوات ، و معاصي العباد في الخلوات ، و اختلاف النّينان ( جمع نون و هو الحوت ) في البحار الغامرات ، و تلاطم
الماء بالرّياح العاصفات . ( الخطبة 196 ، 387 ) |
|
( 33 ) العدم و إفناء المخلوقات
|
|
و
قال الامام علي ( ع ) عن صغار المخلوقات و كبارها : فإنّما يدرك بالصّفات ذوو الهيئات و الأدوات ،
و من ينقضي إذا بلغ أمد حدّه بالفناء ، فلا إله إلاّ هو . ( الخطبة 180 ، 326 ) مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته ، و بما وسمها به من العجز على قدرته ، و
بما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه . ( الخطبة 183 ،
334 ) هو المفني لها بعد وجودها ، حتّى يصير موجودها
كمفقودها . و ليس فناء الدّنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها و اختراعها . ( الخطبة 184 ، 344 ) و إنّ اللّه سبحانه ، يعود بعد فناء الدّنيا
وحده لا شي ء معه . كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها . بلا وقت و لا
مكان ، و لا حين و لا زمان . عدمت عند ذلك الآجال و الأوقات ، و زالت السّنون و
السّاعات . فلا شي ء إلاّ اللّه الواحد القهّار ، الّذي إليه مصير جميع الأمور .
بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، و بغير امتناع منها كان فناؤها . و لو قدرت
على الإمتناع لدام بقاؤها . . . ( الخطبة 184 ، 345 ) ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها ، لالسأم دخل عليه
في تصريفها و تدبيرها ، و لا لراحة واصلة إليه ، و لا لثقل شي ء منها عليه . لا
يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها . و لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و
أمسكها بأمره ، و أتقنها بقدرته . ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها
. ( الخطبة 184 ، 345 ) |
|
الفصل الثالث الخلق و المخلوقات
|
|
( 22 ) السموات و النجوم و
الكواكب
|
|
يراجع الفصل 40 ( علوم الطبيعة ) . ألا و إنّ الأرض
الّتي تقلّكم ، و السّماء الّتي تظلّكم ، مطيعتان لربّكم ، و ما أصبحتا تجودان
لكم ببركتهما توجّعا لكم ، و لا زلفة إليكم ، و لا لخير ترجوانه منكم ، و لكن
أمرتا بمنافعكم فأطاعتا ، و أقيمتا على حدود مصالحكم فقامتا . ( الخطبة 141 ، 253 ) فمن فرّغ قلبه ،
و أعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في الهواء
سمواتك ، و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و
سمعه والها ، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ، 281 ) و علمه بما في
السّموات العلى كعلمه بما في الأرضين السّفلى . (
الخطبة 161 ، 290 ) اللهمّ ربّ
السّقف المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ، و مجرى
للشّمس و القمر ، و مختلفا للنّجوم السّيّارة ، و جعلت سكّانه سبطا من ملائكتك ،
لا يسأمون من عبادتك . ( الخطبة 169 ، 305 ) فمن شواهد خلقه
خلق السّموات موطّدات بلا عمد ، قائمات بلا سند . دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات ،
غير متلكّئات و لا مبطئات . و لو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة و إذعانهنّ
بالطّواعيّة ، لما جعلهنّ موضعا لعرشه ، و لا مسكنا لملائكته ، و لا مصعدا للكلم
الطّيّب و العمل الصّالح من خلقه . جعل نجومها أعلاما يستدلّ بها الحيران في
مختلف فجاج الأقطار . لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف اللّيل المظلم . و لا
استطاعت جلابيب سواد الحنادس ( جمع حندس و هو الليل
المظلم ) أن تردّ ما شاع في السّموات من تلألؤ نور القمر . ( الخطبة 180 ، 324 ) فلم يستنصركم من
ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . استنصركم و لَهُ جُنُودُ السَّمواتِ وَ الأَرْضِ ،
وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . و استقرضكم و لَهُ خَزائِنُ السَّمواتِ وَ
الأَرْضِ ، وَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ . ( الخطبة
181 ، 332 ) و كان من اقتدار جبروته ، و بديع لطائف صنعته ، ان جعل من
ماء البحر الزّاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا ، ثمّ فطر منه اطباقا ، ففتقها
سبع سموات بعد ارتتاقها ، فاستمسكت بامره ، و قامت على حدّه . ( الخطبة 209 ، 403 ) و لا خلق السّموات و الأرض و ما بينهما باطلا ذلِكَ ظَنُّ
الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ . ( 78 ح ، 578 ) |
|
( 23 ) الشمس و القمر و الليل و
النهار
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : و الشّمس و القمر دائبان في مرضاته ، يبليان كلّ جديد ، و
يقرّبان كلّ بعيد . ( الخطبة 88 ، 159 ) و جعل شمسها آية
مبصرة لنهارها ، و قمرها آية ممحوّة من ليلها ، و أجراهما في مناقل مجراهما ، و
قدّر سيرهما في مدارج درجهما ، ليميّز بين اللّيل و النّهار بهما ، و ليعلم عدد
السّنين و الحساب بمقاديرهما . ( الخطبة 89 ، 2 ، 166 )
يتفيّأ عليه القمر المنير ، و تعقبه الشّمس ذات النّور ،
في الأفول و الكرور ، و تقلّب الأزمنة و الدّهور . من إقبال ليل مقبل ، و إدبار
نهار مدبر . ( الخطبة 161 ، 289 ) اللهمّ ربّ السّقف
المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ، و مجرى للشّمس
و القمر . . . ( الخطبة
169 ، 305 ) فانظر إلى الشّمس
و القمر ، و النّبات و الشّجر ، و الماء و الحجر . و اختلاف هذا اللّيل و
النّهار . ( الخطبة 183 ، 336 )
|
|
( 24 ) الأرض و الجبال و السحب و
الأمطار و العيون و الأنهار و الأمواج و البحار
|
|
يراجع المبحث ( 22 ) السموات . و قال
( ع ) في صفة الأرض و دحوها على الماء : كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة ، و لجج بحار زاخرة ، تلتطم أواذيّ ( جمع آذي و هو أعلى الموج ) أمواجها ، و تصطفق
متقاذفات أثباجها ( استعارة لأعالي الموج ) ، و
ترغو زبدا كالفحول عند هياجها . فخضع جماح الماء المتلاطم لثقل حملها ، و سكن
هيج ارتمائه إذ وطئته بكلكلها ، و ذلّ مستخذيا ( أي
منكسرا مسترخيا ) إذ تمعّكت عليه بكواهلها . فأصبح بعد اصطخاب أمواجه ،
ساجيا مقهورا ، و في حكمة الذّلّ منقادا أسيرا ، و سكنت الأرض مدحوّة في لجّة
تيّاره ، و ردّت من نخوة بأوه و اعتلائه ( البأو :
الزهو ) و شموخ أنفه و سموّ غلوائه ، و كعمته (
كعم البعير : شدّ فاه لئلا يعض ) على كظّة جريته ، فهمد بعد نزقاته ، و
لبد بعد زيفان ( التبختر في المشية ) و ثباته .
فلمّا سكن هيج الماء من تحت أكنافها ، و حمل شواهق الجبال الشّمّخ البذّخ على
أكتافها ، فجّرّ ينابيع العيون من عرانين أنوفها ، و فرّقها في سهوب بيدها و
أخاديدها ، و عدّل حركاتها بالرّاسيات من جلاميدها ، و ذوات الشّناخيب ( جمع شنخوب و هو رأس الجبل ) الشّمّ من صياخيدها ( جمع صيخود و هي الصخرة الشديدة ) . فسكنت من الميدان
( أي الاضطراب ) لرسوب الجبال في قطع أديمها ، و
تغلغلها متسرّبة في جوبات خياشيمها ، و ركوبها أعناق سهول الأرضين و جراثيمها .
و فسح بين الجوّ و بينها ، و أعدّ الهواء متنسّما لساكنها ، و أخرج إليها أهلها
على تمام مرافقها . ثمّ لم يدع جرز الأرض ( أي الأرض
التي تنبت عند مرور مياه العيون عليها ) الّتي تقصر مياه العيون عن
روابيها ، و لا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها ، حتّى أنشأ لها ناشئة سحاب
تحيي مواتها ، و تستخرج نباتها . و قذفت إليه
السّموات و الأرضون مقاليدها ، و سجدت له بالغدوّ و الآصال الأشجار النّاضرة ، و
قدحت له من قضبانها النّيران المضيئة ، و آتت أكلها بكلماته الثّمار اليانعة . ( الخطبة 131 ، 244 ) و ربّ هذه الأرض
الّتي جعلتها قرارا للأنام ، و مدرجا للهوامّ و الأنعام ، و ما لا يحصى ممّا يرى
و ما لا يرى . و ربّ الجبال الرّواسي الّتي جعلتها للأرض أوتادا ، و للخلق
اعتمادا . ( الخطبة 169 ، 305 ) فسبحان من لا
يخفى عليه سواد غسق داج ، و لا ليل ساج ، في بقاع الأرضين المتطأطئات ، و لا في
يفاع السّفع المتجاورات ( اليفاع التل ، و السفع الجبال
السود ) . و كذلك السّماء و
الهواء و الرّياح و الماء . فانظر إلى الشّمس و القمر و النّبات و الشّجر و
الماء و الحجر ، و اختلاف هذا اللّيل و النّهار ، و تفجّر هذه البحار ، و كثرة
هذه الجبال ، و طول هذه القلال ( القلة : رأس الجبل )
، و تفرّق هذه اللّغات و الألسن المختلفات . و أنشأ السّحاب
الثّقال فأهطل ديمها ، و عدّد قسمها ، قبل الأرض بعد جفوفها ، و أخرج نبتها بعد
جذوبها . ( الخطبة 183 ، 337 ) و أنشأ الأرض
فأمسكها من غير اشتغال ، و أرساها على غير قرار . و أقامها بغير قوائم ، و رفعها
بغير دعائم . و حصّنها من الأود و الإعوجاج ، و منعها من التهافت و الإنفراج .
أرسى أوتادها ، و ضرب أسدادها . و استفاض عيونها ، و خدّ أوديتها . فلم يهن ما
بناه ، و لا ضعف ما قوّاه . ( الخطبة 184 ، 344 ) ثمّ أداء الأمانة
، فقد خاب من ليس من أهلها . إنّها عرضت على السّموات المبنيّة و الأرضين
المدحوّة ( أي المبسوطة ) و الجبال ذات الطّول
المنصوبة ، فلا أطول و لا أعرض ، و لا أعلى و لا أعظم منها . و لو امتنع شي ء
بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ ، لامتنعن ، و لكن أشفقن من العقوبة ، و عقلن ما جهل
من هو أضعف منهنّ ، و هو الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً . ( الخطبة 197 ، 393 ) . . . و أرسى أرضا يحملها الأخضر المثعنجر ( أي معظم
البحر ) و القمقام ( البحر أيضا )
المسخّر . قد ذلّ لأمره و أذعن لهيبته . و وقف الجاري منه لخشيته . و جبل
جلاميدها ، و نشوز متونها و أطوادها ، فأرساها في مراسيها ، و ألزمها قراراتها .
فمضت رؤوسها في الهواء ، و رست أصولها في الماء . فأنهد جبالها عن سهولها ، و
أساخ قواعدها في متون أقطارها و مواضع أنصابها . فأشهق قلالها ، و أطال أنشازها ( متونها المرتفعة في جوانب الأرض ) ، و جعلها للأرض
عمادا . و أرّزها فيها ( أي ثبتها ) أوتادا .
فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها ، أو تسيخ بحملها ، أو تزول عن مواضعها .
فسبحان من أمسكها بعد موجان مياهها ، و أجمدها بعد رطوبة أكنافها . فجعلها لخلقه
مهادا ، و بسطها لهم فراشا . فوق بحر لجّيّ راكد لا يجري و قائم لا يسري .
تكركره الرّياح العواصف ( أي أن الرياح تذهب بماء البحر
و تعود ) و تمخضه الغمام الذّوارف ( أي أن
السحاب يستخلص من ماء البحر خلاصته و هو البخار ، كما تستخلص الزبدة من الحليب
بمخضه ) ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى . ( الخطبة 209 ، 404 ) |
|
( 25 ) الملائكة و صفاتهم
|
|
يراجع المبحث ( 26 ) خلق آدم و السجود له . و استأدى اللّه
سبحانه الملائكة وديعته لديهم ( أي آدم ) و عهد
وصيّته إليهم ، في الإذعان بالسّجود له ، و الخشوع لتكرمته ، فقال سبحانه
اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجدُوا ، إِلاَّ إِبْلِيسَ . (
الخطبة 1 ، 30 ) و وصف
( ع ) الطائفين بالبيت الحرام : و تشبّهوا
بملائكته المطيفين بعرشه . ( الخطبة 1 ، 35 ) و من
خطبة الأشباح في صفة الملائكة : ثمّ خلق
سبحانه لإسكان سمواته ، و عمارة الصّفيح الأعلى من ملكوته ، خلقا بديعا من
ملائكته . و ملأ بهم فروج فجاجها ، و حشا بهم فتوق أجوائها ، و بين فجوات تلك
الفروج زجل المسبّحين منهم في حظائر القدس ، و سترات الحجب ، و سرادقات المجد .
و وراء ذلك الرّجيح الّذي تستكّ منه الأسماع ، سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها
، فتقف خاسئة على حدودها . من ملائكة
أسكنتهم سمواتك ، و رفعتهم عن أرضك . هم أعلم خلقك بك ، و أخوفهم لك ، و أقربهم
منك . لم يسكنوا الأصلاب ، و لم يضمّنوا الأرحام ، و لم يخلقوا من ماء مهين ، و
لم يتشعبهم ريب المنون ، و إنّهم على مكانهم منك ، و منزلتهم عندك ، و استجماع
أهوائهم فيك ، و كثرة طاعتهم لك ، و قلّة غفلتهم عن أمرك ، لو عاينوا كنه ما خفي
عليهم منك ، لحقّروا أعمالهم ، و لزروا ( أي عابوا )
على أنفسهم ، و لعرفوا أنّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك ، و لم يطيعوك حقّ طاعتك . ( الخطبة 107 ، 209 ) و قال ( ع ) عن ملك الموت : هل تحسّ به إذا دخل منزلا ؟ أم هل تراه إذا توفّى أحدا ؟
بل كيف يتوفّى الجنين في بطن أمّه ؟ أيلج عليه من بعض جوارحها ؟ أم الرّوح
أجابته بإذن ربّها ؟ أم هو ساكن معه في أحشائها ؟ (
الخطبة 110 ، 217 ) اعلموا عباد
اللّه أنّ عليكم رصدا من أنفسكم ، و عيونا من جوارحكم ، و حفّاظ صدق يحفطون
أعمالكم و عدد أنفاسكم . لا تستركم منهم ظلمة ليل داج ، و لا يكنّكم منهم باب ذو
رتاج . و إنّ غدا من اليوم قريب . ( الخطبة 155 ، 278 ) اللهمّ ربّ
السّقف المرفوع ، و الجوّ المكفوف ، الّذي جعلته مغيضا للّيل و النّهار ، و مجرى
للشّمس و القمر ، و مختلفا للنّجوم السّيّارة . و جعلت سكّانه سبطا من ملائكتك ،
لا يسأمون من عبادتك . ( الخطبة 169 ، 305 ) فمن شواهد خلقه
خلق السّموات ، موطّدات بلا عمد ، قائمات بلا سند . دعاهنّ فأجبن طائعات مذعنات
، غير متلكّئات و لا مبطئات . و لو لا إقرارهنّ له بالرّبوبيّة و إذعانهنّ
بالطّواعية ، لما جعلهنّ موضعا لعرشه ، و لا مسكنا لملائكته ، و لا مصعدا للكلم
الطّيّب و العمل الصّالح من خلقه . ( الخطبة 180 ، 324
) بل إن كنت صادقا
أيّها المتكلّف لوصف ربّك ، فصف جبرائيل و ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين ،
في حجرات القدس مرجحنّين ( أي يتمايلن بانحناء لعظمة
اللّه ) ، متولّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين . ( الخطبة 180 ، 326 ) إن أسررتم علمه ،
و إن أعلنتم كتبه . قد وكّل بذلك حفظة كراما ، لا يسقطون حقّا ، و لا يثبتون
باطلا . . . في دار اصطنعها لنفسه ، ظلّها عرشه
، و نورها بهجته ، و زوّارها ملائكته ، و رفقاؤها رسله . ( الخطبة 181 ، 331 ) فبادروا بأعمالكم
تكونوا مع جيران اللّه في داره . رافق بهم رسله ، و أزارهم ملائكته . ( الخطبة 181 ، 333 ) ثمّ اختبر بذلك
ملائكته المقرّبين ، ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين ، فقال سبحانه و هو
العالم بمضمرات القلوب ، و محجوبات الغيوب إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طين
فَإذَا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اعترضته الحميّة
، فافتخر على آدم بخلقه ، و تعصّب عليه لأصله . (
الخطبة 190 ، 1 357 ) و لخفّت البلوى
فيه على الملائكة . ( الخطبة 190 ، 1 ، 357 ) و لقد قرن اللّه
به صلّى اللّه عليه و آله من لدن أن كان فطيما ، أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به
طريق المكارم ، و محاسن أخلاق العالم ، ليله و نهاره . (
الخطبة 190 ، 4 ، 373 ) و قال ( ع ) عمّا حصل عند احتضار النبي ( ص ) في حجره :
و لقد قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّ رأسه لعلى صدري . و لقد سالت
نفسه في كفّي ، فأمررتها على وجهي . و لقد ولّيت غسله صلّى اللّه عليه و آله و
الملائكة أعواني ، فضجّت الدّار و الأفنية : ملاء يهبط ، و ملاء يعرج . و ما
فارقت سمعي هينمة منهم ، يصلّون عليه حتّى واريناه في ضريحه . ( الخطبة 195 ، 386 ) إنّ
المرء إذا هلك ، قال النّاس : ما ترك ؟ و
قالت الملائكة : ما قدّم ؟ . ( الخطبة 201 ، 396 ) و قال
( ع ) عن أهل الذكر : قد حفّت
بهم الملائكة ، و تنزّلت عليهم السّكينة . ( الخطبة 220
، 422 ) فاعملوا . . . قبل أن يخمد العمل ، و ينقطع المهل ، و ينقضي
الأجل ، و يسدّ باب التّوبة ، و تصعد الملائكة . (
الخطبة 235 ، 437 ) و قال ( ع ) عن الدنيا : مسجد أحبّاء اللّه ، و مصلّى
ملائكة اللّه ، و مهبط وحي اللّه ، و متجر أولياء اللّه . ( 131 ح ، 591 ) إنّ للّه ملكا ينادي في كلّ يوم : لدوا للموت ، و
اجمعوا للفناء ، و ابنوا للخراب . ( 132 ح ، 591 ) إنّ مع كلّ إنسان
ملكين يحفظانه ، فإذا جاء القدر خلّيا بينه و بينه . و إنّ الأجل جنّة حصينة . ( 201 ح ، 603 ) ما المجاهد
الشّهيد في سبيل اللّه ، بأعظم أجرا ممّن قدر فعفّ : لكاد العفيف أن يكون ملكا
من الملائكة . ( 474 ح ، 662 ) إنّ اللّه ركّب
في الملائكة عقلا بلا شهوة ، و ركّب في البهائم شهوة بلا عقل ، و ركّب في بني
آدم كليهما . فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة ، و من غلبت شهوته عقله
فهو شرّ من البهائم . ( مستدرك 172 )
|
|
( 26 ) خلق آدم ( ع ) و السجود
له آدم و ابليس جنة آدم ( ع ) و هبوطه منها
|
|
قال
الامام علي ( ع ) :
.
. . فلمّا مهد أرضه ، و أنفذ أمره ، اختار آدم عليه السّلام
، خيرة من خلقه . و جعله أوّل جبلّته ، و أسكنه جنّته ، و أرغد فيها أكله ، و
أوعز إليه فيما نهاه عنه ، و أعلمه أنّ في الإقدام عليه التّعرّض لمعصيته ، و
المخاطرة بمنزلته فأقدم على ما نهاه عنه موافاة لسابق علمه فأهبطه بعد التّوبة
ليعمر أرضه بنسله ، و ليقيم الحجّة به على عباده . (
الخطبة 89 ، 3 ، 174 ) و قال علي ( ع ) في
الخطبة القاصعة : الحمد للّه الّذي لبس العزّ و الكبرياء ، و اختارهما
لنفسه دون خلقه ، و جعلهما حمى و حرما على غيره ، و اصطفاهما لجلاله ، و جعل
اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده . ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين ،
ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين . فقال سبحانه ، و هو العالم بمضمرات
القلوب و محجوبات الغيوب إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإذَا سَوَّيْتُهُ
وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ . فَسَجَدَ
الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اعترضته الحميّة ، فافتخر
على آدم بخلقه ، و تعصّب عليه لأصله . فعدوّ اللّه ( أي
إبليس ) إمام المتعصّبين ، و سلف المستكبرين . الّذي وضع أساس العصبيّة ،
و نازع اللّه رداء الجبريّة . و ادّرع لباس التّعزّز ، و خلع قناع التّذلّل .
ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره ، و وضّعه بترفعّه . فجعله في الدّنيا مدحورا
، و أعدّ له في الآخرة سعيرا ؟ و لو أراد اللّه أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار
ضياؤه ، و يبهر العقول رواؤه ( أي منظره ) ، و
طيب يأخذ الأنفاس عرفه ، لفعل . و لو فعل لظلّت له الأعناق خاضعة ، و لخفّت
البلوى فيه على الملائكة . و لكنّ اللّه سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله
، تمييزا بالإختبار لهم ، و نفيا للإستكبار عنهم ، و إبعادا للخيلاء منهم .
فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس ، إذ أحبط عمله الطّويل و جهده الجهيد ، و
كان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة ، لا يدرى أمن سنيّ الدّنيا أم من سنيّ الآخرة ،
عن كبر ساعة واحدة . ( الخطبة 190 ، 1 ، 356 ) ألا ترون أنّ اللّه سبحانه ، اختبر الأوّلين
من لدن آدم صلوات اللّه عليه ، إلى الآخرين من هذا العالم ، بأحجار لا تضرّ و لا
تنفع ، و لا تبصر و لا تسمع ، فجعلها بيته الحرام ، الّذي جعله للنّاس قياما . . . . ثمّ أمر آدم عليه السّلام و ولده أن يثنوا
أعطافهم نحوه . ( الخطبة 190 ، 2 ، 364 ) أمّا إبليس
فتعصّب على آدم لأصله ، و طعن عليه في خلقته ، فقال : أنا ناريّ و أنت طينيّ . الخطبة 190 ، 2 ، 367 |
|
( خلق الحيوانات و صفتها ) :
|
|
( 27 ) الخفاش
|
|
قال الامام علي ( ع ) عن خلقة الخفاش : و من لطائف صنعته و عجائب خلقته ، ما أرانا من غوامض
الحكمة في هذه الخفافيش ، الّتي يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شي ء ، و يبسطها
الظّلام القابض لكلّ حيّ ، و كيف عشيت أعينها ( أي ضعفت
عن الرؤية ) عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ،
و تتّصل بعلانيّة برهان الشّمس إلى معارفها . و ردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ
في سبحات إشراقها ( أي درجاته و أطواره ) ، و
أكنّها في مكامنها ، عن الذّهاب في بلج ائتلاقها ( أي
وضوح لمعانها ) . |
|
( 28 ) الطيور
|
|
و قال الامام علي ( ع ) عن عجيب خلقة الطيور : إبتدعهم خلقا عجيبا من حيوان و موات ، و ساكن و ذي حركات
. و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته و عظيم قدرته ، ما انقادت له العقول
معترفة به و مسلّمة له . و نعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته . و ما ذرأ من
مختلف صور الأطيار ، الّتي أسكنها أخاديد الأرض ، و خروق فجاجها و رواسي أعلامها
. من ذات أجنحة مختلفة و هيئات متباينة ، مصرّفة في زمام التّسخير ، و مرفرفة
بأجنحتها في مخارق الجوّ المنفسح ، و الفضاء المنفرج . كوّنها بعد إذ لم تكن ،
في عجائب صور ظاهرة ، و ركّبها في حقاق مفاصل محتجبة ، و منع بعضها بعبالة خلقه ( أي ضخامته ) أن يسمو في الهواء خفوفا ، و جعله يدفّ
دفيفا ( الدفيف : تحريك الجناحين و الرجلين على الأرض )
. و نسقها على اختلافها في الأصابيغ ، بلطيف قدرته و دقيق صنعته . فمنها مغموس
في قالب لون لا يشوبه غير لون ما غمس فيه ، و منها مغموس في لون صبغ قد طوّق
بخلاف ما صبغ به . ( الخطبة 163 ، 293 ) فتبارك اللّه
الّذي يسجد له من في السّموات و الأرض طوعا و كرها ، و يعفّر له خدّا و وجها ، و
يلقي إليه بالطّاعة سلما و ضعفا ، و يعطي له القياد رهبة و خوفا . فالطّير
مسخّرة لأمره . أحصى عدد الرّيش منها و النّفس ، و أرسى قوائمها على النّدى و
اليبس . و قدّر أقواتها ، و أحصى أجناسها . فهذا غراب و هذا عقاب . و هذا حمام و
هذا نعام . دعا كلّ طائر باسمه ، و كفل له برزقه . (
الخطبة 183 ، 337 ) |
|
( 29 ) الطاووس
|
|
و قال الامام علي ( ع ) عن عجيب خلقة الطاووس : أحيلك من ذلك على
معاينة ، لا كمن يحيل على ضعيف إسناده . و لو كان كزعم من يزعم إنّه يلقح بدمعة
تسفحها مدامعه ، فتقف في ضفّتي جفونه ، و إنّ أنثاه تطعم ذلك ، ثمّ تبيض لا من
لقاح فحل سوى الدّمع المنبجس ، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب ( أي أن هذا الزعم كائن أيضا في الغراب إذ قالوا أن تلقيحه
يكون بانتقال جزء من الماء المستقر في قانصة الذكر الى الأنثى فتتناوله من
منقاره . و منشأ هذا الزعم في الغراب اخفاؤه تلقيحه ) . تخال قصبه مداري
من فضّة ( المدراة أداة لها أسنان كالمشط ) و ما
أنبت عليها من عجيب داراته و شموسه خالص العقيان و فلذ الزّبرجد ( يشبّه بياض القصب بالفضة ، و صفرة الريش بالعقيان و هو
الذهب ، و خضرته بالزبرجد و هو حجر كريم أخضر ) . فإن شبّهته بما أنبتت
الأرض قلت : جنيّ جني من زهرة كلّ ربيع . و إن ضاهيته بالملابس فهو كموشيّ الحلل
، أو كمونق عصب اليمن ( ضرب من البرود المنقوشة )
. و إن شاكلته بالحليّ فهو كفصوص ذات ألوان ، قد نطّقت (
من النطاق و هو الحزام ) باللّجين ( أي الفضة ) المكلّل
. يمشي مشي المرح المختال ، و يتصفّح ذنبه و جناحيه ، فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله
( أي ما يلبسه ) ، و أصابيغ و شاحه . فإذا رمى
ببصره إلى قوائمه زقا ( أي صاح ) معولا بصوت
يكاد يبين عن استغاثته ، و يشهد بصادق توجّعه ، لأنّ قوائمه حمش ( أي دقيقة ) ، كقوائم الدّيكة الخلاسيّة ( الديك الخلاسي هو المتولد بين دجاجتين هندية و فارسية )
. و قد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفيّة ( و هي شوكة
تكون في رجل الديك ) . و له في موضع العرف قنزعة خضراء موشّاة . و مخرج
عنقه كالإبريق . و مغرزها ( أي عنقه ) إلى حيث
بطنه كصبغ الوسمة اليمانيّة ( يقصد اللون النيلي )
، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال . و كأنّه متلفّع بمعجر ( المعجر : ما تشده المرأة على رأسها كالرداء ) أسحم ( أي أسود ) إلاّ أنّه يخيّل لكثرة مائه و شدّة بريقه
، أنّ الخضرة النّاضرة ممتزجة به . و مع فتق سمعه خطّ كمستدقّ القلم في لون
الأقحوان ( أي اللون الأصفر ) ، أبيض يقق ( خالص البياض ) . فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق ( أي يلمع ) . و قلّ صبغ إلاّ و قد أخذ منه بقسط ، و
علاه بكثرة صقاله و بريقه و بصيص ديباجه و رونقه ، فهو كالأزاهير المبثوثة ، لم
تربّها ( من التربية ) أمطار ربيع و لا شموس قيظ
. و قد يتحسّر من ريشه ، و يعرى من لباسه ، فيسقط تترى ، و ينبت تباعا ، فينحت
من قصبه انحتات أوراق الأغصان ، ثمّ يتلاحق ناميا حتّى يعود كهيئته قبل سقوطه .
لا يخالف سالف ألوانه ، و لا يقع لون في غير مكانه . و إذا تصفّحت شعرة من شعرات
قصبه أرتك حمرة ورديّة ، و تارة خضرة زبرجديّة ، و أحيانا صفرة عسجديّة ( أي ذهبيّة ) . فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن ،
أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين . |
|
( 30 ) الجرادة
|
|
و قال الامام علي ( ع ) في صفة خلق الجرادة : |
|
( 31 ) النملة و صغار المخلوقات
|
|
و
قال الامام علي ( ع ) عن خلقة النملة : سبحان من أدمج قوائم الذّرّة ( أي النملة ) و الهمجة ( أي
الذبابة الصغيرة ) إلى ما فوقهما من خلق الحيتان و الفيلة . و وأى على
نفسه ألاّ يضطرب شبح ممّا أولج فيه الرّوح ، إلاّ و جعل الحمام موعده ، و الفناء
غايته . الخطبة 163 ، 297 |
|
( 32 ) الوحوش و الحيتان و كبار
المخلوقات
|
|
و
قال الامام علي ( ع ) : يعلم عجيج
الوحوش في الفلوات ، و معاصي العباد في الخلوات ، و اختلاف النّينان ( جمع نون و هو الحوت ) في البحار الغامرات ، و تلاطم
الماء بالرّياح العاصفات . ( الخطبة 196 ، 387 ) |
|
( 33 ) العدم و إفناء المخلوقات
|
|
و
قال الامام علي ( ع ) عن صغار المخلوقات و كبارها : فإنّما يدرك بالصّفات ذوو الهيئات و الأدوات ،
و من ينقضي إذا بلغ أمد حدّه بالفناء ، فلا إله إلاّ هو . ( الخطبة 180 ، 326 ) مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته ، و بما وسمها به من العجز على قدرته ، و
بما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه . ( الخطبة 183 ،
334 ) هو المفني لها بعد وجودها ، حتّى يصير موجودها
كمفقودها . و ليس فناء الدّنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها و اختراعها . ( الخطبة 184 ، 344 ) و إنّ اللّه سبحانه ، يعود بعد فناء الدّنيا
وحده لا شي ء معه . كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها . بلا وقت و لا
مكان ، و لا حين و لا زمان . عدمت عند ذلك الآجال و الأوقات ، و زالت السّنون و
السّاعات . فلا شي ء إلاّ اللّه الواحد القهّار ، الّذي إليه مصير جميع الأمور .
بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، و بغير امتناع منها كان فناؤها . و لو قدرت
على الإمتناع لدام بقاؤها . . . ( الخطبة 184 ، 345 ) ثمّ هو يفنيها بعد تكوينها ، لالسأم دخل عليه
في تصريفها و تدبيرها ، و لا لراحة واصلة إليه ، و لا لثقل شي ء منها عليه . لا
يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها . و لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و
أمسكها بأمره ، و أتقنها بقدرته . ثمّ يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها
. ( الخطبة 184 ، 345 ) |