- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الفصل الأول التوحيد
و معرفة اللّه
|
|
( 1 ) معرفة اللّه دلائل وجوده
مظاهر التقدير و التدبير
|
|
مدخل :
|
|
تنقسم
معرفة اللّه تعالى الى قسمين : |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي بن أبي طالب « ع » : و قال « ع » عن الملائكة : لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير ، و لا يجرون عليه صفات
المصنوعين ، و لا يحدّونه بالأماكن ، و لا يشيرون إليه بالنّظائر . ( الخطبة 1 ، 28 ) الحمد للّه الّذي
بطن خفيّات الأمور ، و دلّت عليه أعلام الظّهور ، و امتنع على عين البصير ، فلا
عين من لم يره تنكره ، و لا قلب من أثبته يبصره . . . .
لم يطلع العقول على تحديد صفته ، و لم يحجبها عن واجب معرفته . فهو الّذي تشهد
له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذي الجحود ( أي أن قلب
الجاحد يقرّ بوجود اللّه و إن أنكره بلسانه ) . تعالى اللّه عمّا يقوله
المشبّهون به و الجاحدون له علوّا كبيرا . ( الخطبة 49
، 106 ) و أشهد ألاّ إله إلاّ اللّه ، وحده لا شريك له . ( الخطبة 83 ، 150 ) الحمد للّه
المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير رويّة . (
الخطبة 88 ، 159 ) الّذي ابتدع
الخلق على غير مثال امتثله ، و لا مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله .
و أرانا من ملكوت قدرته ، و عجائب ما نطقت به آثار حكمته ، و اعتراف الحاجة من
الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوّته ، ما دلّنا بأضطرار قيام الحجّة له على معرفته
، فظهرت في البدائع الّتي أحدثها آثار صنعته ، و أعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق
حجّة له و دليلا عليه . و إن كان خلقا صامتا ، فحجّته بالتّدبير ناطقة ، و
دلالته على المبدع قائمة . ( الخطبة 89 ، 1 ، 163 )
و لم يخلهم بعد أن قبضه ( أي آدم
) ، ممّا يؤكّد عليهم حجّة ربوبيّته ، و يصل بينهم و بين معرفته ، بل
تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ، و متحمّلي ودائع رسالاته ، قرنا
فقرنا ، حتّى تمّت بنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حجّته و بلغ
المقطع عذره و نذره . ( الخطبة 89 ، 174 ) الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه ، و الظّاهر لقلوبهم
بحجّته . ( الخطبة 106 ، 204 ) فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه ، بما
أراهم من قدرته ، و خوّفهم من سطوته . و كيف محق من محق بالمثلات ( أي العقوبات ) ، و احتصد من احتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145 ، 258 ) الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه . ( الخطبة 150 ، 266 ) أيّها المخلوق السّويّ ، و المنشأ المرعيّ ، في ظلمات
الأرحام و مضاعفات الأستار . بدئت من سلالة من طين ، و وضعت في قرار مكين ، إلى
قدر معلوم و أجل مقسوم . تمور في بطن أمّك جنينا ، لا تحير دعاء ، و لا تسمع
نداء . ثمّ أخرجت من مقرّك إلى دار لم تشهدها ، و لم تعرف سبل منافعها . فمن هداك
لاجترار الغذاء من ثدي أمّك ؟ و عرّفك عند الحاجة مواضع طلبك و إرادتك ؟ هيهات
إنّ من يعجز عن صفات ذي الهيئة و الأدوات ( أي الأشياء
المخلوقة ) ، فهو عن صفات خالقه أعجز و من تناوله بحدود المخلوقين أبعد .
الخطبة ( 161 ، 290 ) و قال « ع » عن عجيب خلق الطيور : إبتدعهم خلقا عجيبا
من حيوان و موات و ساكن و ذي حركات . و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته ،
و عظيم قدرته ، ما انقادت له العقول معترفة به و مسلّمة له . و نعقت في أسماعنا
دلائله على وحدانيّته . ( الخطبة 163 ، 293 ) بل ظهر للعقول
بما أرانا من علامات التدبير المتقن ، و القضاء المبرم . فمن شواهد خلقه خلق
السّموات . . . (
الخطبة 180 ، 324 ) الحمد للّه
المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير منصبة . (
الخطبة 181 ، 329 ) و قال « ع » عن خلقة النملة : و لو فكّروا في عظيم
القدرة و جسيم النّعمة ، لرجعوا إلى الطّريق ، و خافوا عذاب الحريق ، و لكن
القلوب عليلة ، و البصائر مدخولة . الحمد للّه الّذي
أظهر من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و
ردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة
193 ، 382 ) الحمد للّه . . . الظّاهر
بعجائب تدبيره للنّاظرين ، و الباطن بجلال عزّته عن فكر المتوهّمين . . . ( الخطبة 211 ، 406 ) وعجبت لمن شكّ في اللّه ، و هو يرى خلق اللّه . ( 126 ح ، 589 ) عرفّت اللّه سبحانه بفسخ العزائم ( أي نقض ما يعزم الانسان على فعله ، لأن فوق قدرته قدرة أعلى ) ، و
حلّ العقود ( جمع عقد و هو النيّة ) و نقض الهمم
. ( 250 ح ، 610 ) من عرف نفسه فقد عرف ربّه . (
مستدرك 186 ) من عجز عن معرفة نفسه ، فهو عن معرفة خالقه أعجز . ( مستدرك 188 ) و سئل « ع » : بماذا عرفت ربّك ؟ فقال : بفسخ العزائم ، و
نقض الهمم . لمّا هممت فحيل بيني و بين همّي ، و عزمت فخالف القضاء و القدر عزمي
، علمت أنّ المدبّر غيري . ( مستدرك 170 ) |
|
( 2 ) عدم إدراك كنه اللّه تعالى
|
|
مدخل :
|
|
رغم أننا لا نعرف حقيقة كنه اللّه ، إلا أننا نعلم أنه
سبحانه وجود مطلق غير محدود ، و أنه لا يتطرق اليه أي حدّ أو قيد ، و أنه لا
يخلو عنه مكان و لا زمان و لا أي شي ء ، و أنه مع كلّ شي ء و ليس معه شي ء . و
كلّ شي ء منه ، و إليه مرجع كلّ شي ء ، و هو أول الأولين و آخر الآخرين . و حيث
أنه مطلق بلا حدّ ، فهو متقدم على كلّ شي ء ، حتى على الزمان و المكان و العدد و
الحد و المقدار و الماهية ، فان هذه الاشياء منتزعة من أفعاله سبحانه و صنعه . و سنرى في الفقرات الآتية من كلام الإمام ( ع ) بعض صفات
اللّه تعالى ، مثل كون الخالق أولا في آخريته ، و آخرا في أوليّته ، و
ظاهرا في باطنيته ، و باطنا في ظاهريته ، و أنه أعلى من الزمان و أسمى من العدد
، و أن قدمه ليس قدما زمانيا ، و وحدته ليست وحدة عددية . كما سنرى بعض الصفات
السلبية ، مثل سلب الجسمية عنه تعالى و الحركة و السكون و التغير و المكان و
الزمان و المثل و الضد و الشريك و الشبيه و استخدام الآلة و المحدودية و
المعدودية . |
|
النصوص :
|
|
قال الإمام علي « ع » : و امتنع على عين البصير . (
الخطبة 49 ، 106 ) لم يطلع العقول على تحديد صفته . ( الخطبة 49 ، 106 ) لا تقع الأوهام له على صفة ، و لا تعقد القلوب منه على
كيفيّة . و لا تناله التّجزئة و التّبعيض ، و لا تحيط به الأبصار و القلوب . ( الخطبة 83 ، 150 ) و الرّادع أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه . ( الخطبة 89 ، 161 ) هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و
حاول الفكر المبرّأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت
القلوب إليه لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه
الصّفات ،لتناول علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب ، متخلّصة إليه
سبحانه ،فرجعت إذ جبهت معترفة ، بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ، و لا
تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . (
الخطبة 89 ، 1 ، 162 ) فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم ، و لا يناله حدس
الفطن . ( الخطبة 92 ، 185 ) لم ترك العيون فتخبر عنك ، بل كنت قبل الواصفين من خلقك .
( الخطبة 107 ، 208 ) و قال ( ع ) بعد ذكر ملك الموت : كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله ؟ . ( الخطبة 110 ، 218 ) الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، و ردعت
عظمته العقول ، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته . (
الخطبة 153 ، 271 ) فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم ،
لا تأخذك سنة و لا نوم . لم ينته إليك نظر ، و لم يدركك بصر . أدركت الأبصار ، و
أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و الأقدام . و ما الّذي نرى من خلقك ، و نعجب
له من قدرتك ، و نصفه من عظيم سلطانك ، و ما تغيّب عنّا منه ، و قصرت أبصارنا
عنه ، و انتهت عقولنا دونه ، و حالت ستور الغيوب بيننا و بينه أعظم . فمن فرّغ
قلبه ، و أعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في
الهواء سمواتك ، و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله
مبهورا ، و سمعه والها ، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ،
280 ) لا تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات ، و لا بالجوارح و
الأدوات . ( الخطبة 161 ، 289 ) هيهات ، إنّ من
يعجز عن صفات ذي الهيئة و الأدوات ، فهو عن صفات خالقه أعجز ، و من تناوله بحدود
المخلوقين أبعد . ( الخطبة 161 ، 291 ) و قال ( ع ) عن خلقه الطاووس ، و كيف ان من يعجز عن صفة حيوان صغير مثله هو عن صفة ربّه
أعجز : فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم
وصفه أقوال الواصفين . و أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه ، و الألسنة أن
تصفه فسبحان الّذي بهر العقول عن وصف خلق جلاّه للعيون ، فأدركته محدودا مكوّنا
، و مؤلّفا ملوّنا . و أعجز الألسن عن تلخيص صفته ، و قعد بها عن تأدية نعته ( الخطبة 163 ، 297 ) لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، و لكن تدركه القلوب
بحقائق الأيمان . ( الخطبة 177 ، 320 ) و لا يدرك بالحواسّ ، و لا يقاس بالنّاس . ( الخطبة 180 ، 326 ) الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد ، و لا تحويه المشاهد
، و لا تراه النّواظر ، و لا تحجبه السّواتر . ( الخطبة
183 ، 334 ) لم تحط به الأوهام ، بل تجلّى لها بها ، و بها امتنع منها
، و إليها حاكمها . ( الخطبة 183 ، 334 ) بها ( أي المخلوقات )
تجلّى صانعها للعقول ، و بها امتنع عن نظر العيون . (
الخطبة 184 ، 342 ) لا تناله الأوهام فتقدّره ، و لا تتوهّمه الفطن فتصوّره .
و لا تدركه الحواس فتحسّه ، و لا تلمسه الأيدي فتمسّه . ( الخطبة 184 ، 343 ) الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ،
ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و ردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه
صفته . ( الخطبة 193 ، 382 ) عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) من عجز عن معرفة
نفسه ، فهو عن معرفة خالقه أعجز . ( مستدرك 188 ) |
|
( 3 ) المقارنة و المباينة
|
|
قال
الإمام علي ( ع ) : سبق في العلوّ فلا شي ء أعلى منه ، و قرب في الدّنوّ فلا شي ء أقرب منه .
فلا إستعلاؤه باعده عن شي ء من خلقه ، و لا قربه ساواهم في المكان به . ( الخطبة 49 ، 106 ) لم يحلل في الأشياء فيقال هو كائن ، و لم ينأ
عنها فيقال هو منها بائن . ( الخطبة 63 ، 120 ) و البائن لا بتراخي مسافة . . . بان من الأشياء بالقهر لها و القدرة عليها ، و
بانت الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه . ( الخطبة
150 ، 267 ) لم يقرب من الأشياء بالتصاق ، و لم يبعد عنها
بافتراق . ( الخطبة 161 ، 289 ) قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير
مباين . ( الخطبة 177 ، 320 ) ليس في الأشياء بوالج ، و لا عنها بخارج . ( الخطبة 184 ، 343 ) |
|
( 4 ) الأوليّة و الآخريّة
|
|
مدخل :
|
|
انّ اللّه تعالى أول لا أول الزمان حتى يغاير آخريته ، و
ظاهر لا بمعنى أنه محسوس بالحواس حتى يختلف مع معنى باطنيته . فأوليته هي آخريته
، و ظاهريته هي باطنيته . |
|
النصوص :
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : الأوّل لا شي ء قبله ، و الآخر لا غاية له . ( الخطبة 83 ، 150 ) ألأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شي ء قبله ، و الآخر
الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده ( الخطبة 89 ، 1 ، 161 ) الأوّل الّذي لا غاية له فينتهي ، و لا آخر له فينقضي . ( الخطبة 92 ، 185 ) الحمد للّه الأوّل فلا شي ء قبله ، و الآخر فلا شي ء بعده
. ( الخطبة 94 ، 187 ) الحمد للّه الأوّل قبل كلّ أوّل ، و الآخر بعد كلّ آخر ،
و بأوّليّته وجب أن لا أوّل له ، و بآخريّته وجب أن لا آخر له . ( الخطبة 99 ، 194 ) الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه ، و بمحدث خلقه على
أزليّته ، و باشتباههم على أن لا شبه له ، لا تستلمه المشاعر ، و لا تحجبه
السّواتر . ( الخطبة 150 ، 266 ) ليس لأوّليّته ابتداء ، و لا لأزليّته انقضاء . هو الأوّل
و لم يزل ، و الباقي بلا أجل . ( الخطبة 161 ، 289 ) لا تصحبه الأوقات ، و لا ترفده الأدوات . سبق الأوقات
كونه ، و العدم وجوده ، و الإبتداء أزله . الخطبة 184 ،
341 ) و لم يزل أوّل
قبل الأشياء بلا أوّليّة ، و آخر بعد الأشياء بلا نهاية . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) |
|
( 5 ) الظاهرية و الباطنية
|
|
مدخل :
|
|
ان اللّه
سبحانه ظاهر و باطن ، فماذا يعني ذلك ، و هما صفتان متضادتان ؟ . أما الظاهر
فيعني أنه ظاهر في ذاته ، لأنّ الوجود يساوي الظهور ، و كلما كان الوجود أقوى و
أكمل كان أظهر ، و كلما كان أضعف كان أخفى . و أما الباطن فيعني أنه باطن عن
حواس الانسان ، و باطنيته عن حواس الانسان ناتجة عن محدودية حواسنا لا من ذاته
سبحانه . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : الحمد للّه الّذي لم تسبق له حال حالا ، فيكون أوّلا قبل
أن يكون آخرا ، و يكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا . . .
و كلّ ظاهر غيره غير باطن ، و كلّ باطن غيره غير ظاهر . ( الخطبة 63 ، 118 ) و الظّاهر فلا شي ء فوقه ، و الباطن فلا شي ء دونه . ( الخطبة 94 ، 187 ) و الظّاهر لا برؤية ، و الباطن لا بلطافة . ( الخطبة 150 ، 267 ) الظّاهر لا يقال ( ممّا ؟ ) و الباطن لا يقال (
فيم ؟ ) . لا شبح فيتقصّى ، و لا محجوب فيحوى . الخطبة
161 ، 289 ) هو الظّاهر عليها
بسلطانه و عظمته ، و هو الباطن لها بعلمه و معرفته . (
الخطبة 184 ، 344 ) و لا يجنّه ( أي يستره ) البطون عن الظّهور ، و لا يقطعه الظّهور
عن البطون . قرب فنأى ، و علا فدنا . و ظهر فبطن ، و بطن فعلن ، و دان و لم يدن .
( الخطبة 193 ، 383 ) الحمد للّه . . . الظّاهر بعجائب تدبيره للنّاظرين ، و الباطن
بجلال عزّته عن فكر المتوهّمين . ( الخطبة 211 ، 406 ) |
|
( 6 ) وحدة اللّه ليست وحدة
عدديّة
|
مدخل :
|
|
ان الوحدة العددية تصحّ فيما يمكن تكرر وجوده ، فالواحد
في هذا المورد يعني غير الاثنين و الثلاثة . و يوصف هذا النوع من الوحدة بصفة
القلة الكيفية . |
|
النصوص :
|
|
|
قال الامام علي ( ع ) : كلّ مسمّى
بالوحدة غيره قليل ( أي كل شي ء غير ذات اللّه إذا كان
واحدا كان قليلا . أما ذات اللّه فمع أنه واحد ، فهو لا يوصف بالقلة ) . ( الخطبة 63 ، 119 ) الأحد بلا تأويل
عدد . ( الخطبة 150 ، 266 ) من وصفه فقد حدّه ، و من حدّه فقد عدّه ، و من عدّه فقد
أبطل أزله . ( الخطبة 150 ، 267 ) لا يشمل بحدّ ، و لا يحسب بعدّ . ( الخطبة 184 ، 342 ) |
|
( 7 ) توحيد اللّه و نفي الصفات
عنه
|
|
مدخل :
|
|
التوحيد
: الاعتقاد بالتوحيد يكون على مراتب أربع : توحيد الذات و توحيد الصفات و توحيد الأفعال و توحيد الآثار .
فتوحيد الذات هو الاعتقاد بأنه واحد في ذاته لا
شريك له . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : أوّل الدّين معرفته ، و كمال معرفته التّصديق به ، و كمال
التّصديق به توحيده ، و كمال توحيده الأخلاص له ، و كمال الأخلاص له نفي الصّفات
عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، و شهادة كلّ موصوف أنّه غير الصّفة ( نفي الصفات يعني الاعتقاد بأن صفاته تعالى هي عين ذاته ، و
ليست صفاتا زائدة على ذاته كما هو الأمر بالنسبة للمخلوقات ، فتكون شيئا منفصلا
عنها . فمن قال بأن صفة اللّه هي كصفة المخلوق ، فقد جعل صفات اللّه جزءا منفصلا
عن اللّه ، و يكون بذلك قد أشرك به ، لأنه ثنّاه و جزّأه ) . لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم ، فجهلوا حقّه ، و
اتّخذوا الأنداد معه . ( الخطبة 1 ، 31 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، شهادة
ممتحنا إخلاصها ، معتقدا مصاصها ( المصاص من كل شي ء
خالصه ) . نتمسّك بها أبدا ما أبقانا ، و ندّخرها لأهاويل ما يلقانا . الأصنام فيكم
منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة . ( الخطبة 26 ، 74 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه لا شريك له ، ليس معه إله
غيره . ( الخطبة 35 ، 93 ) كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل . (
الخطبة 63 ، 119 ) لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، و لا تخوّف من عواقب زمان
، و لا استعانة على ندّ مثاور ، و لا شريك مكاثر ، و لا ضدّ منافر . ( الخطبة 63 ، 119 ) و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه وحده لا شريك له . ( الخطبة 83 ، 150 ) و لا تناله التّجزئة و التّبعيض . ( الخطبة 83 ، 150 ) و قال ( ع ) في خطبة الأشباح : الأوّل الّذي لم يكن له
قبل فيكون شي ء قبله ، و الآخر الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده . ( الخطبة 89 ، 1 ، 161 ) لم يعقد غيب
ضميره على معرفتك ، و لم يباشر قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك ، و كأنّه لم يسمع
تبرّؤ التّابعين من المتبوعين إذ يقولون : تَاللّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ
مُبِينٍ . إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمين . كذب العادلون بك ، إذ شبّهوك
بأصنامهم ، و نحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم ، و جزّؤوك تجزئة المجسّمات
بخواطرهم ، و قدّروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم . و أشهد أنّ من
ساواك بشي ء من خلقك فقد عدل بك ، و العادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك
، و نطقت عنه شواهد حجج بيّناتك . ( الخطبة 89 ، 1 ،
163 ) الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، و لا مقدار
احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله . ( الخطبة 89 ، 1
، 163 ) و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) وفتح لهم أبوابا ذللا إلى تماجيده ، و نصب لهم منارا
واضحة على أعلام توحيده ( الخطبة 89 ، 1 ، 168 ) اللّهمّ و هذا مقام من أفردك بالتّوحيد الّذي هو لك ، و
لم ير مستحقّا لهذه المحامد و الممادح غيرك . ( الخطبة
89 ، 4 ، 178 ) الأوّل الّذي لا غاية له فينتهي ، و لا آخر له فينقضي . ( الخطبة 92 ، 185 ) الحمد للّه
الأوّل فلا شي ء قبله ، و الآخر فلا شي ء بعده . (
الخطبة 94 ، 187 ) و نشهد أن لا إله غيره . (
الخطبة 98 ، 193 ) و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه ، شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان ، و القلب اللّسان . ( الخطبة 99 ، 194 ) و نؤمن به إيمان
من عاين الغيوب ، و وقف على الموعود ، إيمانا نفى إخلاصه الشّرك ، و يقينه
الشّكّ . و نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له . ( الخطبة 112 ، 220 ) و نشهد أن لا إله غيره ، و أنّ محمّدا نجيبه و بعيثه ،
شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان ، و القلب اللّسان . (
الخطبة 130 ، 243 ) أمّا وصيّتي : فاللّه لا تشركوا به شيئا . ( الخطبة 147 ، 261 ) الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه ، و بمحدث خلقه على
أزليّته ، و باشتباههم على أن لا شبه له . لا تستلمه المشاعر ، و لا تحجبه
السّواتر . لافتراق الصّانع و المصنوع ، و الحادّ و المحدود ، و الرّبّ و
المربوب . الأحد بلا تأويل عدد ، و الخالق لا بمعنى حركة و نصب . ( الخطبة 150 ، 266 ) من وصفه فقد حدّه
، و من حدّه فقد عدّه ، و من عدّه فقد أبطل أزله . و من قال ( كيف ؟ ) فقد استوصفه ، و من قال ( أين ؟ ) فقد حيّزه . (
الخطبة 150 ، 267 ) إنّ من عزائم اللّه في الذّكر الحكيم ، الّتي عليها يثيب
و يعاقب ، و لها يرضى و يسخط ، أنّه لا ينفع عبدا و إن أجهد نفسه و أخلص فعله أن
يخرج من الدّنيا ، لاقيا ربّه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها : أن يشرك باللّه
فيما افترض عليه من عبادته . . . ( الخطبة 151 ، 269 ) خرّت له الجباه ، و وحّدته الشّفاه . حدّ الأشياء عند
خلقه لها إبانة له من شبهها . لا تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات ، و لا
بالجوارح و الأدوات . لا يقال له ( متى ؟ ) و لا
يضرب له أمد ( بحتّى ) . الظّاهر لا يقال ( ممّا ؟ ) ، و الباطن لا يقال ( فيم ؟ ) . ( الخطبة 161 ، 289 ) و نعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته . ( الخطبة 163 ، 293 ) ألا و إنّ الظّلم ثلاثة : فظلم لا يغفر ، و ظلم لا يترك و
ظلم مغفور لا يطلب . فأمّا الظّلم الّذي لا يغفر فالشّرك باللّه . قال اللّه
تعالى : إِنَّ اللّهَ لا يَغفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
. . . ( الخطبة 174 ، 317 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، غير معدول به ، و لا مشكوك
فيه ، و لا مكفور دينه ، و لا مجحود تكوينه ( أي خلقه للخلق ) . شهادة من صدقت
نيّته ، و صفت دخلته ، و خلص يقينه ، و ثقلت موازينه . (
الخطبة 176 ، 319 ) لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا ، و لم يلد فيكون
موروثا هالكا . و لم يتقدّمه وقت و لا زمان ، و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان . ( الخطبة 180 ، 324 ) الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد ، و لا تحويه المشاهد
، و لا تراه النّواظر ، و لا تحجبه السّواتر . الدّال على قدمه بحدوث خلقه ، و
بحدوث خلقه على وجوده ، و باشتباههم على أن لا شبه له . . . مستشهد بحدوث
الأشياء على أزليّته . ( الخطبة 183 ، 334 ) واحد لا بعدد ، و دائم لا بأمد ، و قائم لا بعمد . ( الخطبة 183 ، 334 ) لم يشركه في فطرتها فاطر ، و لم يعنه على خلقها قادر . ( الخطبة 183 ، 335 ) و من خطبة له ( ع ) في التوحيد : ما وحّده من كيّفه ، و لا حقيقته أصاب من مثّله . و لا
إيّاه عنى من شبّهه ، و لا صمده ( أي قصده ) من
أشار إليه و توهّمه . كلّ معروف بنفسه مصنوع ، و كلّ قائم في سواه معلول . ( الخطبة 184 ، 341 ) سبق الأوقات كونه ، و العدم وجوده ، و الإبتداء أزله .
بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ( أي حاسة يشعر بها ) ، و بمضادّته بين
الأمور عرف أن لا ضدّ له ، و بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له . ( الخطبة 184 ، 341 ) لا يشمل بحدّ ، و لا يحسب بعدّ . ( الخطبة 184 ، 342 ) لم يلد فيكون مولودا ، و لم يولد فيصير محدودا . حلّ عن
اتّخاذ الأبناء ، و طهر عن ملامسة النّساء . ( الخطبة
184 ، 342 ) و يقول ( ع ) مؤكدا على فكرة خلق القرآن و عدم
قدمه : و إنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه و مثّله ، لم يكن من
قبل ذلك كائنا ، و لو كان قديما لكان إلها ثانيا . (
الخطبة 184 ، 343 ) و إنّ اللّه سبحانه يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شي ء
معه . . . فلا شي ء إلاّ اللّه الواحد القهّار ،
الّذي إليه مصير جميع الأمور . ( الخطبة 184 ، 345 ) و لم يكوّنها لتشديد سلطان ، و لا لخوف من زوال و نقصان .
و لا للإستعانة بها على ندّ مكاثر ، و لا للاحتراز بها من ضدّ مثاور . و لا
للازدياد بها في ملكه ، و لا لمكاثرة شريك في شركه . و لا لوحشة كانت منه ،
فأراد أن يستأنس إليها . ( الخطبة 184 ، 345 ) من بنات موؤودة ، و أصنام معبودة ، و أرحام مقطوعة ، و
غارات مشنونة . ( الخطبة 190 ، 3 ، 370 ) فقلت أنا : لا إله إلاّ اللّه ، إنّي أوّل مؤمن بك يا
رسول اللّه . ( الخطبة 190 ، 4 ، 375 ) وصيّتي لكم : أن لا تشركوا باللّه شيئا . ( الخطبة 262 ، 459 ) انطلق على تقوى اللّه ، وحده لا شريك له . ( الخطبة 264 ، 461 ) و لقد قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
: « إنّي لا أخاف على أمّتي مؤمنا و لا مشركا . أمّا
المؤمن فيمنعه اللّه بإيمانه ، و أمّا المشرك فيقمعه اللّه بشركه » . ( الخطبة 266 ، 467 ) و اعلم يا بنيّ
أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، و لرأيت آثار ملكه و سلطانه ، و لعرفت
أفعاله و صفاته . و لكنّه إله واحد كما وصف نفسه . لا يضادّه في ملكه أحد ، و لا
يزول أبدا . و لم يزل أوّل قبل الأشياء بلا أوّليّة ، و آخر بعد الأشياء بلا
نهاية . عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر . (
الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) فرض اللّه الإيمان تطهيرا من الشّرك . ( 252 ح ، 611 ) و كان
( ع ) يقول : أحلفوا
الظّالم إذا أردتم يمينه بأنّه بري ء من حول اللّه و قوّته ، فإنّه إذا حلف بها
كاذبا عوجل العقوبة ، و إذا حلف باللّه الّذي لا إله إلاّ هو لم يعاجل ، لأنّه
قد وحّد اللّه تعالى . ( 253 ح ، 612 ) و سئل ( ع ) عن التوحيد و العدل ، فقال عليه
السلام : التّوحيد أن لا تتوهّمه ، و العدل أن لا تتّهمه . 470 ح ، 660 ) و قال له أعرابيّ يوم الجمل : يا
أمير المؤمنين ، أتقول : إنّ اللّه واحد ؟ فحمل
النّاس عليه و قالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين ( ع ) من تقسيم القلب ؟ فقال
أمير المؤمنين : |
|
( 8 ) صفات اللّه تعالى
|
|
مدخل :
|
|
اللّه سبحانه و تعالى هو الكمال المطلق ، له الصفات
الحسنى التي هي عين ذاته . و هو في كلّ صفاته لا يشبه صفة المخلوقين ، لأنّه ليس
كمثله شي ء . فهو كائن لا بمعنى أنه لم يكن ثم حدث ، و هو موجود لا بمعنى أنه
كان معدوما ثم وجد . و هو بصير و سميع و عليم بدون حاجة الى عين و أذن و حواس .
و هو فاعل بدون حاجة الى آلة أو أداة أو إجالة فكر أو اختبار ، |
|
النصوص :
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم . مع كلّ شي ء لا
بمقارنة ، و غير كلّ شي ء لا بمزايلة ( أي مفارقة و مباينة ) . فاعل لا بمعنى
الحركات و الآلة . بصير إذ لا منظور إليه من خلقه . متوحّد إذ لا سكن يستأنس به
و لا يستوحش لفقده . ( كل هذه الأمثلة لبيان أن ما
نتّخذه من ألفاظ و عبارات في وصف اللّه سبحانه ، لا نقصد بها أبدا ما تعارفنا
عليه من دلالتها ، حال اطلاقها على المخلوقين ) . ( الخطبة 1 ، 25 ) و قال ( ع ) في صفة الملائكة : لا يتوهّمون ربّهم
بالتّصوير ، و لا يجرون عليه صفات المصنوعين ، و لا يحدّونه بالأماكن ، و لا
يشيرون إليه بالنّظائر ( الخطبة 1 ، 28 ) إنّه لا يضلّ من
هداه ، و لا يئلّ من عاداه ، و لا يفتقر من كفاه . (
الخطبة 2 ، 35 ) الّذي لا تبرح
منه رحمة ، و لا تفقد له نعمة . ( الخطبة 45 ، 103 ) الحمد للّه الّذي
بطن خفيّات الأمور ، و دلّت عليه أعلام الظّهور ، و امتنع على عين البصير ، فلا
عين من لم يره تنكره : و لا قلب من أثبته يبصره . . .
لم يطلع العقول على تحديد صفته ، و لم يحجبها عن واجب معرفته . فهو الّذي تشهد
له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذي الجحود ( أي أن قلب
الجاحد يقرّ بوجود اللّه و إن أنكره بلسانه ) . تعالى اللّه عمّا يقوله
المشبّهون به و الجاحدون له علوّا كبيرا . ( الخطبة 49
، 106 ) الحمد للّه الّذي
لم تسبق له حال حالا ، فيكون أوّلا قبل أن يكون آخرا ، و يكون ظاهرا قبل أن يكون
باطنا ، كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل ، و كلّ عزيز غيره ذليل ، و كلّ قويّ غيره
ضعيف ، و كلّ مالك غيره مملوك ، و كلّ عالم غيره متعلّم ، و كلّ قادر غيره يقدر
و يعجز ، و كلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات ، و يصمّه كبيرها ، و يذهب عنه
ما بعد منها ، و كلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان و لطيف الأجسام ، و كلّ
ظاهر غيره غير باطن ، و كلّ باطن غيره غير ظاهر . لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان
، و لا تخوّف من عواقب زمان ، و لا استعانة على ندّ مثاور ، و لا شريك مكاثر ، و
لا ضدّ منافر ، و لكن خلائق مربوبون ، و عباد داخرون (
أي أذلاّء ) . لم يحلل في الأشياء فيقال : هو كائن ، و لم ينأ عنها فيقال
: هو منها بائن . لم يؤده ( أي يتعبه ) خلق ما
ابتدأ ، و لا تدبير ما ذرأ ، و لا وقف به عجز عمّا خلق ، و لا ولجت عليه شبهة
فيما قضى و قدّر . بل قضاء متقن ، و علم محكم ، و أمر مبرم . المأمول مع النّقم
، المرهوب مع النّعم . ( الخطبة 63 ، 118 ) اللّهمّ داحي المدحوّات ( أي
الأرضين ) و داعم المسموكات ، و جابل القلوب على فطرتها : شقيّها و
سعيدها . ( الخطبة 70 ، 125 ) الحمد للّه الّذي
علا بحوله ، و دنا بطوله ، مانح كلّ غنيمة و فضل ، و كاشف كلّ عظيمة و أزل ( أي ضيق ) . أحمده على عواطف كرمه ، و سوابغ نعمه . و
أومن به أولا باديا ، و أستهديه قريبا هاديا ، و أستعينه قاهرا قادرا ، و أتوكّل
عليه كافيا ناصرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه ، الّذي ضرب الأمثال ، و وقّت لكم الآجال ، و ألبسكم الرّياش
، و أرفغ لكم المعاش ، و أحاط بكم الإحصاء ، و أرصد لكم الجزاء ، و آثركم
بالنّعم السّوابغ ، و الرّفد الرّوافغ ، و أنذركم بالحجج البوالغ . فأحصاكم عددا
، و وظّف لكم مددا . في قرار خبرة ، و دار عبرة . أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون
عليها . ( الخطبة81 ، 1 ، 137 ) عباد مخلوقون
اقتدارا ، و مربوبون اقتسارا ( أي عباد خلقهم اللّه
بقدرته و ملكهم بسطوته ) . ( الخطبة 81 ، 1 ،
139 ) و كفى باللّه منتقما و نصيرا . (
الخطبة 81 ، 2 ، 145 ) لا تقع الأوهام له على صفة ، و لا تعقد القلوب منه على
كيفيّة ، و لا تناله التّجزئة و التّبعيض ، و لا تحيط به الأبصار و القلوب . ( الخطبة 83 ، 150 ) قد علم السّرائر
، و خبر الضّمائر . له الإحاطة بكلّ شي ء ، و الغلبة لكلّ شي ء ، و القوّة على
كلّ شي ء . ( الخطبة 84 ، 151 ) الحمد للّه المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير رويّة
، الّذي لم يزل قائما دائما ، إذ لا سماء ذات أبراج ، و لا حجب ذات إرتاج ، و لا
ليل داج ، و لا بحر ساج ، و لا جبل ذو فجاج ، و لا فجّ ذو اعوجاج ، و لا أرض ذات
مهاد ، و لا خلق ذو اعتماد . ذلك مبتدع الخلق و وارثه ، و إله الخلق و رازقه ، و
الشّمس و القمر دائبان في مرضاته ، يبليان كلّ جديد ، و يقرّبان كلّ بعيد . قسم
أرزاقهم ، و أحصى آثارهم و أعمالهم ، و عدد أنفسهم ، و خائنة أعينهم ، و ما تخفي
صدورهم من الضّمير ، و مستقرّهم و مستودعهم من الأرحام و الظّهور ، إلى أن
تتناهى بهم الغايات . هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته ، و اتّسعت
رحمته لأوليائه في شدّة نقمته . قاهر من عازّه ( أي رام مشاركته في عزته ) ، و
مدمّر من شاقّه ، و مذلّ من ناواه ، و غالب من عاداه . من توكّل عليه كفاه ، و
من سأله أعطاه ، و من أقرضه قضاه ، و من شكره جزاه . (
الخطبة 88 ، 159 ) و من خطبة له ( ع ) تعرف بخطبة الأشباح ، و هي
من جلائل خطبه : الأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شي ء قبله ، و الآخر الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده ، و الرّادع
أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه . ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال ، و
لا كان في مكان فيجوز عليه الإنتقال . ( الخطبة 89 ، 1
، 161 ) و ردّ على سائل سأله أن يصف اللّه تعالى حتى كأنّه يراه عيانا
فقال : فانظر أيّها السّائل فما دلّك القرآن عليه من صفته فائتمّ به ، و
استضي ء بنور هدايته ، و ما كلّفك الشّيطان علمه ممّا ليس في الكتاب عليك فرضه ،
و لا في سنّة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أئمّة الهدى أثره ، فكل علمه إلى
اللّه سبحانه ، فإنّ ذلك منتهى حقّ اللّه عليك . و اعلم أنّ
الرّاسخين في العلم هم الّذين أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب ،
الأقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح اللّه تعالى اعترافهم
بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم
البحث عن كنهه رسوخا . فاقتصر على ذلك ، و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر
عقلك فتكون من الهالكين . هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته
، و حاول الفكر المبرّأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و
تولّهت القلوب إليه لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا
تبلغه الصّفات ، لتناول علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب ، متخلّصة
إليه سبحانه ، فرجعت إذ جبهت معترفة ، بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ،
و لا تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . فأشهد أنّ من شبّهك بتباين أعضاء خلقك ، و تلاحم حقاق
مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك ، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك ، و لم يباشر
قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك ، و كأنّه لم يسمع تبرّؤ التّابعين من المتبوعين إذ
يقولون : تَاللّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ
بِرَبِّ الْعالَمِينَ كذب العادلون بك ، إذ شبّهوك بأصنامهم ، و نحلوك حلية
المخلوقين بأوهامهم ، و جزّؤوك تجزئة المجسّمات بخواطرهم ، و قدّروك على الخلقة
المختلفة القوى بقرائح عقولهم . و أشهد أنّ من ساواك بشي ء من خلقك فقد عدل بك ،
و العادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك ، و نطقت عنه شواهد حجج بيّناتك و
إنّك أنت اللّه الّذي لم تتناه في العقول ، فتكون في مهبّ فكرها مكيّفا ، و لا
في رويّات خواطرها فتكون محدودا مصرّفا . ( الخطبة 89 ،
1 ، 163 ) قدّر ما خلق
فأحكم تقديره ، و دبّره فألطف تدبيره ، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته ،
و لم يقصر دون الإنتهاء إلى غايته ، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته ،
فكيف و إنّما صدرت الأمور عن مشيئته ؟ المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل
إليها ، و لا قريحة غريزة أضمر عليها ، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و
لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور ، فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، و
أجاب إلى دعوته ، لم يعترض دونه ريث المبطي ء ، و لا أناة المتلكّى ء . فأقام من
الأشياء أودها ، و نهج حدودها ، و لاءم بقدرته بين متضادّها ، و وصل أسباب
قرائنها ، و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ،
بدايا ( جمع بدي ء أي مصنوع ) خلائق . أحكم
صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ،
1 ، 164 ) و جاء
في خطبة الأشباح : و قدّر
الأرزاق فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و السّعة فعدل فيها ، ليبتلي من
أراد بميسورها و معسورها ، و ليختبر بذلك الشّكر و الصّبر من غنيّها و فقيرها .
ثمّ قرن بسعتها عقابيل ( أي شدائد ) فاقتها ، و
بسلامتها طوارق آفاتها ، و بفرج أفراحها غصص أتراحها . و خلق الآجال فأطالها و
قصّرها ، و قدّمها و أخّرها و وصل
بالموت أسبابها ، و جعله خالجا لأشطانها ، و قاطعا لمرائر أقرانها ( أي حبالها الشديدة الفتل ) . ( 89 ، 4 ، 175 ) اللّهمّ أنت أهل
الوصف الجميل ، و التّعداد الكثير . إن تؤمّل فخير مأمول ، و إن ترج فخير مرجوّ
. ( 89 ، 4 ، 177 ) الحمد للّه النّاشر في الخلق فضله ، و الباسط فيهم بالجود
يده . نحمده في جميع أموره ، و نستعينه على رعاية حقوقه ، و نشهد أن لا إله غيره
. ( 98 ، 193 ) الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه ، و الظّاهر لقلوبهم
بحجّته . خلق الخلق من غير رويّة ، إذ كانت الرّويّات لا تليق إلاّ بذوي
الضّمائر ، و ليس بذي ضمير في نفسه . و قال
( ع ) في بيان قدرة اللّه و انفراده بالعظمة : كلّ شي ء خاشع له ، و كلّ شي ء قائم به : سبحانك خالقا و معبودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت دارا ،
و جعلت فيها مأدبة : مشربا و مطعما ، و أزواجا و خدما و قصورا ، و أنهارا و
زروعا و ثمارا ، ثمّ أرسلت داعيا يدعو إليها . ( 107 ،
209 ) أفيضوا في ذكر اللّه فإنّه أحسن الذّكر ، و ارغبوا فيما
وعد المتّقين ، فإنّ وعده أصدق الوعد . ( 108 ، 213 )
و قد توكّل اللّه لأهل هذا الدّين بإعزاز الحوزة ، و ستر
العورة . و الّذي نصرهم و هم قليل لا ينتصرون ، و منعهم و هم قليل لا يمتنعون .
حيّ لا يموت . ( 132 ، 246 ) الحمد للّه
الدّال على وجوده بخلقه ، و بمحدث خلقه على أزليّته ، و باشتباههم على أن لا شبه
له . لا تستلمه المشاعر ( أي لا تصل إليه ) ، و
لا تحجبه السّواتر . لافتراق الصّانع و المصنوع ، و الحادّ و المحدود ، و الرّبّ
و المربوب . الأحد بلا تأويل عدد ، و الخالق لا بمعنى حركة و نصب . و السّميع لا
بأداة ، و البصير لا بتفريق آلة . و الشّاهد لا بمماسّة ، و البائن لا بتراخي
مسافة . و الظّاهر لا برؤية ، و الباطن لا بلطافة . بان من الأشياء بالقهر لها ،
و القدرة عليها . و بانت الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه . الحمد للّه الّذي
انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، و ردعت عظمته العقول ، فلم تجد مساغا إلى بلوغ
غاية ملكوته . هو اللّه الملك الحقّ المبين ، أحقّ و أبين ممّا ترى العيون . لم
تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبّها . و لم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثّلا
. خلق الخلق على غير تمثيل ، و لا مشورة مشير ، و لا معونة معين . فتمّ خلقه
بأمره ، و أذعن لطاعته ، فأجاب و لم يدافع ، و انقاد و لم ينازع . ( الخطبة 153 ، 271 ) أمره قضاء و حكمة
، و رضاه أمان و رحمة . يقضي بعلم ، و يعفو بحلم . (
الخطبة 158 ، 280 ) فلسنا نعلم كنه
عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم ، لا تأخذك سنة و لا نوم . لم ينته إليك
نظر ، و لم يدركك بصر . أدركت الأبصار ، و أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و
الأقدام . و ما الّذي نرى من خلقك ، و نعجب له من قدرتك ، و نصفه من عظيم سلطانك
، و ما تغيّب عنّا منه ، و قصرت أبصارنا عنه ، و انتهت عقولنا دونه ، و حالت
ستور الغيوب بيننا و بينه ، أعظم . فمن فرّغ قلبه ، و أعمل فكره ، ليعلم كيف
أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في الهواء سمواتك ، و كيف مددت على
مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و سمعه والها ، و فكره حائرا
. ( الخطبة 158 ، 280 ) الحمد للّه خالق
العباد ، و ساطح المهاد ، و مسيل الوهاد ، و مخصب النّجاد . ليس لأوّليّته
ابتداء ، و لا لأزليّته انقضاء . هو الأوّل و لم يزل و الباقي بلا أجل . خرّت له
الجباه و وحّدته الشّفاه . حدّ الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها . لا
تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات ، و لا بالجوارح و الأدوات . لا يقال له ( متى ؟ ) و لا يضرب له أمد (
بحتّى ) . الظّاهر لا يقال ( ممّا ؟ ) و
الباطن لا يقال ( فيم ؟ ) . لا شبح فيتقصّى ، و
لا محجوب فيحوى . لم يقرب من الأشياء بالتصاق ، و لم يبعد عنها بافتراق . و لا
يخفى عليه من عباده شخوص لحظة و لا كرور لفظة ، و لا ازدلاف ربوة و لا انبساط
خطوة . في ليل داج و لا غسق ساج ، يتفيّأ عليه القمر المنير ، و تعقبه الشّمس
ذات النّور في الأفول و الكرور ، و تقلّب الأزمنة و الدّهور . من إقبال ليل مقبل
، و إدبار نهار مدبر . قبل كلّ غاية و مدّة ، و كلّ إحصاء و عدّة . تعالى عمّا
ينحله المحدّدون من صفات الأقدار ، و نهايات الأقطار . و تأثّل المساكن و تمكّن
الأماكن . فالحدّ لخلقه مضروب و إلى غيره منسوب . (
الخطبة 161 ، 288 ) لم يخلق الأشياء
من أصول أزليّة ، و لا من أوائل أبديّة ، بل خلق ما خلق فأقام حدّه ، و صوّر ما
صوّر فأحسن صورته . ليس لشي ء منه إمتناع ، و لا له بطاعة شي ء انتفاع . علمه
بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين . و علمه بما في السّموات العلى كعلمه
بما في الأرضين السّفلى . ( الخطبة 161 ، 290 ) لا يشغله شأن و لا يغيّره زمان ، و لا يحويه مكان ، و لا
يصفه لسان . و لا يعزب عنه عدد قطر الماء و لا نجوم السّماء ، و لا سوافي الرّيح
في الهواء ، و لا دبيب النّمل على الصّفا ، و لا مقيل الذّرّ ( صغار النمل ) في اللّيلة الظّلماء . يعلم مساقط
الأوراق و خفيّ طرف الأحداق . و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه غير معدول به ، و لا
مشكوك فيه ، و لا مكفور دينه ، و لا مجحود تكوينه ( أي
خلقه للخلق ) . ( الخطبة 176 ، 318 ) أراد ذعلب اليماني أن يقحم أمير المؤمنين ( ع ) فقال له :
هل رأيت ربك ؟ فقال ( ع ) أفأعبد ما لا أرى ؟ فقال : و كيف تراه ؟ فقال ( ع
) : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، و لكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان
. قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين . متكلّم لا برويّة ، مريد
لا بهمّة ، صانع لا بجارحة . لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ،
بصير لا يوصف بالحاسّة ، رحيم لا يوصف بالرّقّة . تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب ( أي تخفق ) القلوب من مخافته . ( الخطبة 177 ، 320 ) لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا . . و لم يلد فيكون موروثا هالكا . و لم يتقدّمه وقت و
لا زمان . و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان . بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات
التّدبير المتقن و القضاء المبرم . فمن شواهد خلقه خلق السّموات . . . ( الخطبة ، 180 ، 324 )
الحمد للّه
الكائن قبل أن يكون كرسيّ أو عرش ، أو سماء أو أرض ، أو جانّ أو إنس . لا يدرك
بوهم ، و لا يقدّر بفهم . و لا يشغله سائل ، و لا ينقصه نائل ( أي عطاء ) . و لا ينظر بعين ، و لا يحدّ بأين . و لا
يوصف بالأزواج ، و لا يخلق بعلاج . و لا يدرك بالحواسّ ، و لا يقاس بالنّاس .
الّذي كلّم موسى تكليما ، و أراه من آياته عظيما . بلا جوارح و لا أدوات ، و لا
نطق و لا لهوات . بل إن كنت صادقا أيّها المتكلّف لوصف ربّك ، فصف جبرائيل و
ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين في حجرات القدّس مرجحنّين ( أي متحركين ، كناية عن الإنحناء لعظمة اللّه )
متولّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين . فإنّما يدرك بالصّفات ذوو الهيئات و
الأدوات ، و من ينقضي إذا بلغ أمد حدّه بالفناء . فلا إله إلاّ هو ، أضاء بنوره
كلّ ظلام ، و أظلم بظلمته كلّ نور ( الخطبة 180 ، 325 ) الحمد للّه
المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير منصبة ( أي تعب
) . خلق الخلائق بقدرته ، و استعبد الأرباب بعزّته ، و ساد العظماء بجوده
. و هو الّذي أسكن الدّنيا خلقه ، و بعث إلى الجنّ و الإنس رسله . . ( الخطبة 181 ، 329 ) الحمد للّه الّذي
لا تدركه الشّواهد ، و لا تحويه المشاهد ، و لا تراه النّواظر ، و لا تحجبه
السّواتر . الدّال على قدمه بحدوث خلقه ، و بحدوث خلقه على وجوده ، و باشتباههم
على أن لا شبه له . الّذي صدق في ميعاده و ارتفع عن ظلم عباده . و قام بالقسط في
خلقه ، و عدل عليهم في حكمه . مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته ، و بما وسمها
به من العجز على قدرته ، و بما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه . واحد لا بعدد
، و دائم لا بأمد ، و قائم لا بعمد . تتلقّاه الأذهان لا بمشاعرة ، و تشهد له
المرائي لا بمحاضرة . لم تحط به الأوهام ، بل تجلّى لها بها ، و بها امتنع منها
، و إليها حاكمها . فاعل لا باضطراب
آلة . مقدّر لا بجول فكرة ، غنيّ لا باستفادة . لا تصحبه الأوقات ، و لا ترفده
الأدوات . سبق الأوقات كونه ، و العدم وجوده ، و الإبتداء أزله . بتشعيره
المشاعر عرف أن لا مشعر له ، و بمضادّته بين الأمور عرف أن لا ضدّ له . و
بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ، ضادّ النّور بالظّلمة ، و الوضوح
بالبهمة . و الجمود بالبلل ، و الحرور بالصّرد ( أي
البرد ) . مؤلّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها . مقرّب بين
متباعداتها ، مفرّق بين متدانياتها . لا يشمل بحدّ ، و لا يحسب بعدّ . و إنّما
تحدّ الأدوات أنفسها ، و تشير الآلات إلى نظائرها . منعتها ( منذ ) القدمة ، و حمتها (
قد ) الأزليّة . و جنّبتها ( لولا )
التّكملة . بها تجلّى صانعها للعقول ، و بها امتنع عن نظر العيون ، و لا يجري
عليه السّكون و الحركة . و كيف يجري عليه ما هو أجراه ، و يعود فيه ما هو أبداه
. و يحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ، و لتجزّأ كنهه ، و لامتنع من الأزل
معناه . و لكان له وراء إذ وجد له أمام . و لالتمس التّمام إذ لزمه النّقصان . و
إذا لقامت آية المصنوع فيه ، و لتحوّل دليلا بعد أن كان مدلولا عليه . و خرج
بسلطان الإمتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر في غيره . الّذي لا يحول و لا يزول ،
و لا يجوز عليه الأفول . لم يلد فيكون مولودا ، و لم يولد فيصير محدودا . جلّ عن
اتّخاذ الأبناء ، و طهر عن ملامسة النّساء . لا تناله الأوهام فتقدّره ، و لا
تتوهّمه الفطن فتصوّره . و لا تدركه الحواسّ فتحسّه ، و لا تلمسه الأيدي فتمسّه
. و لا يتغيّر بحال ، و لا يتبدّل في الأحوال . لا يقال كان بعد
أن لم يكن ، فتجري عليه الصّفات المحدثات . و لا يكون بينها و بينه فصل ، و لا
له عليها فضل . فيستوي الصّانع و المصنوع ، و يتكافأ المبتدع و البديع . خلق
الخلائق على غير مثال خلا من غيره . و لم يستعن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 343 ) و إن اللّه
سبحانه يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شي ء معه . كما كان قبل ابتدائها ،كذلك
يكون بعد فنائها . بلا وقت و لا مكان ، و لا حين و لا زمان . عدمت عند ذلك
الآجال و الأوقات ، و زالت السّنون و السّاعات . فلا شي ء إلاّ اللّه الواحد
القهّار ، الّذي إليه مصير جميع الأمور . بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، و
بغير امتناع منها كان فناؤها ، و لو قدرت على الإمتناع لدام بقاؤها . لم يتكاءده
صنع شي ء منها إذ صنعه ، و لم يؤده منها خلق ما خلقه و برأه . و لم يكوّنها
لتشديد سلطان ، و لا لخوف من زوال و نقصان . و لا للإستعانة بها على ندّ مكاثر ،
و لا للإحتراز بها من ضدّ مثاور . و لا للإزدياد بها في ملكه ، و لا لمكاثرة
شريك في شركه . و لا لوحشة كانت منه ، فأراد أن يستأنس إليها . أمّا بعد فإنّ
اللّه سبحانه و تعالى ، خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم .
لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه ، و لا تنفعه طاعة من أطاعه . فقسم بينهم معايشهم
و وضعهم من الدّنيا مواضعهم . ( الخطبة 191 ، 376 )
« راجع تتمة الكلام في المبحث 363 صفات المتّقين »
. و اعلموا عباد اللّه ، أنّه لم يخلقكم عبثا و لم يرسلكم
هملا . علم مبلغ نعمه عليكم ، و أحصى إحسانه إليكم . فاستفتحوه و استنجحوه . و
اطلبوا إليه و استمنحوه . فما قطعكم عنه حجاب ، و لا أغلق عنكم دونه باب . و
إنّه لبكلّ مكان ، و في كلّ حين و أوان ، و مع كلّ إنس و جانّ . لا يثلمه العطاء
و لا ينقصه الجباء . و لا يستنفده سائل و لا يستقصيه نائل . و لا يلويه شخص عن
شخص . و لا يلهيه صوت عن صوت . و لا تحجزه هبة عن سلب . و لا يشغله غضب عن رحمة
. و لا تولهه رحمة عن عقاب . و لا يجنّه ( أي يستره )
البطون عن الظّهور . و لا يقطعه الظّهور عن البطون . قرب فنأى ، و علا فدنا . و
ظهر فبطن ، و بطن فعلن . و دان و لم يدن . لم يذرإ الخلق باحتيال ، و لا استعان
بهم لكلال . ( الخطبة 193 ، 383 ) الحمد للّه
العليّ عن شبه المخلوقين . الغالب لمقال الواصفين . الظّاهر بعجائب تدبيره
للنّاظرين . و الباطن بجلال عزّته عن فكر المتوهّمين . العالم بلا اكتساب و لا
ازدياد ، و لا علم مستفاد . المقدّر لجميع الأمور بلا رويّة و لا ضمير . الّذي
لا تغشاه الظّلم ، و لا يستضي ء بالأنوار . و لا يرهقه ليل ، و لا يجري عليه
نهار . ليس إدراكه بالإبصار ، و لا علمه بالإخبار . (
الخطبة 211 ، 406 ) فتفهّم
يا بنيّ وصيّتي . و اعلم
أنّ مالك الموت هو مالك الحياة . و أنّ الخالق هو المميت ، و أنّ المفني هو
المعيد ، و أنّ المبتلي هو المعافي . ( الخطبة 270 ، 2
، 478 ) و اعلم يا بنيّ أنّ أحدا لم ينبئ عن اللّه سبحانه كما
أنبأ عنه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فأرض به رائدا ، و إلى النّجاة قائدا ،
فإنّي لم آلك نصيحة . و إنّك لن تبلغ في النّظر لنفسك و إن اجتهدت مبلغ نظري لك
. |
( 9 ) علم اللّه تعالى
|
|
مدخل :
|
|
من أول صفات اللّه تعالى الثبوتية أنه عالم مدرك ، بصير
سميع ، محيط بكل الأشياء و الأفعال . و يمتد علمه ليشمل كلّ زمان و مكان ، و
يحيط بكلّ شي ء صغير و كبير ، و يطلع حتى على نجوى المتخافتين ، و أسرار خواطر
المضمرين ، و هو القائل : يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى . |
|
النصوص :
|
|
|
قال الامام علي ( ع ) : الحمد للّه الّذي
بطن خفيّات الأمور ( أي علم الأمور من باطنها ) . (
الخطبة 49 ، 106 ) و كلّ عالم غيره
متعلّم . ( الخطبة 63 ، 119 ) بل قضاء متقن ، و
علم محكم ، و أمر مبرم . ( الخطبة 63 ، 120 ) قد علم السّرائر
، و خبر الضّمائر . له الإحاطة بكلّ شي ء ، و الغلبة لكلّ شي ء ، و القوّة على
كلّ شي ء . ( الخطبة 84 ، 151 ) قسم أرزاقهم ، و
أحصى آثارهم و أعمالهم ، و عدد أنفسهم ، و خائنة أعينهم ، و ما تخفي صدورهم من
الضّمير ، و مستقرّهم و مستودعهم من الأرحام و الظّهور ، إلى أن تتناهى بهم
الغايات . ( الخطبة 88 ، 159 ) و جاء في خطبة الأشباح في بيان علم اللّه تعالى
: خرق علمه باطن غيب السّترات ، و أحاط بغموض عقائد
السّريرات . ( الخطبة 106 ، 205 ) من تكلّم سمع
نطقه ، و من سكت علم سرّه . ( الخطبة 107 ، 208 ) كلّ سرّ عندك
علانية ، و كلّ غيب عندك شهادة . ( الخطبة 107 ، 208 ) و نستغفره ممّا أحاط به علمه ، و أحصاه كتابه ، علم غير
قاصر ، و كتاب غير مغادر . ( الخطبة 112 ، 219 ) . . . و إنّما علم الغيب علم السّاعة ، و ما عدّده اللّه
سبحانه بقوله إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية . فيعلم اللّه
سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى و قبيح أو جميل ، و سخيّ أو بخيل ، و شقيّ
أو سعيد ، و من يكون في النّار حطبا ، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا . فهذا علم
الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه . ( الخطبة 126 ،
239 ) الباطن لكلّ
خفيّة ، و الحاضر لكلّ سريرة . العالم بما تكنّ الصّدور و ما تخون العيون . ( الخطبة 130 ، 243 ) ألا إنّ اللّه
تعالى قد كشف الخلق كشفة ( أي علم حالهم في جميع
أطوارهم ) ، لا أنّه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم و مكنون ضمائرهم ، و
لكن لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً . فيكون الثّواب جزاء ، و العقاب
بواء . ( الخطبة 142 ، 255 ) و عالم إذ لا معلوم ، و ربّ إذ لا مربوب ، و قادر إذ لا
مقدور . ( الخطبة 150 ، 267 ) يقضي بعلم ، و
يعفو بحلم . ( الخطبة 158 ، 280 ) أدركت الأبصار ،
و أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و الأقدام . (
الخطبة 158 ، 280 ) و لا يخفى عليه
من عباده شخوص لحظة و لا كرور لفظة ، و لا ازدلاف ربوة و لا انبساط خطوة . في
ليل داج و لا غسق ساج ، يتفيّأ عليه القمر المنير ، و تعقبه الشّمس ذات النّور
في الأفول و الكرور ، و تقلّب الأزمنة و الدّهور . من إقبال ليل مقبل ، و إدبار
نهار مدبر . قبل كلّ غاية و مدّة ، و كلّ إحصاء و عدّة . ( الخطبة 161 ، 289 ) علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين . و علمه
بما في السّموات العلى كعلمه بما في الأرضين السّفلى . (
الخطبة 161 ، 290 ) و لا يعزب عنه عدد قطر الماء و لا نجوم السّماء ، و لا
سوافي الرّيح في الهواء ، و لا دبيب النّمل على الصّفا ، و لا مقيل الذّرّ ( صغار النمل ) في اللّيلة الظّلماء . يعلم مساقط
الأوراق و خفيّ طرف الأحداق . ( الخطبة 176 ، 319 ) فسبحان من لا
يخفى عليه سواد غسق داج ، و لا ليل ساج ، في بقاع الأرضين المتطأطئات ، و لا في
يفاع السّفع المتجاورات ( اليّفاع التل ، و السفع
الجبال السود ) . و ما يتجلجل به الرّعد في أفق السّماء ، و ما تلاشت عنه
بروق الغمام . و ما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء و انهطال
السّماء و يعلم مسقط القطرة و مقرّها ، و مسحب الذّرّة و مجرّها ، و ما يكفي
البعوضة من قوتها ، و ما تحمل الأنثى في بطنها . ( الخطبة
180 ، 325 ) فاتّقوا اللّه الّذي أنتم بعينه ، و نواصيكم بيده ، و
تقلّبكم في قبضته . إن أسررتم علمه ، و إن أعلنتم كتبه . قد وكّل بذلك حفظة
كراما ، لا يسقطون حقّا ، و لا يثبتون باطلا . ( الخطبة
181 ، 331 ) فالطّير مسخّرة
لأمره . أحصى عدد الرّيش منها و النّفس ، و أرسى قوائمها على النّدى و اليبس . و
قدّر أقواتها و أحصى أجناسها : فهذا غراب و هذا عقاب ، و هذا حمام و هذا نعام . ( الخطبة 183 ، 337 ) هو الظّاهر عليها
بسلطانه و عظمته ، و هو الباطن لها بعلمه و معرفته . . . ( الخطبة 184 ، 344 ) الّذي عظم حلمه فعفا ، و عدل في كلّ ما قضى ، و علم ما
يمضي و ما مضى . مبتدع الخلائق بعلمه ، و منشئهم بحكمه . بلا اقتداء و لا تعليم
، و لا احتذاء لمثال صانع حكيم . و لا إصابة خطأ ، و لا حضرة ملأ . ( الخطبة 189 ، 353 ) يعلم عجيج الوحوش
في الفلوات ، و معاصي العباد في الخلوات ، و اختلاف النّينان ( جمع نون و هو الحوت ) في البحار الغامرات ، و تلاطم
الماء بالرّياح العاصفات . ( الخطبة 196 ، 387 ) إنّ اللّه سبحانه
و تعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم و نهارهم . لطف به خبرا ، و
أحاط به علما . أعضاؤكم شهوده ، و جوارحكم جنوده . وضمائركم عيونه ، و خلواتكم
عيانه . ( الخطبة 197 ، 394 ) فخذوا من ممرّكم
لمقرّكم ، و لا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم . (
الخطبة 201 ، 396 ) العالم بلا
اكتساب و لا ازدياد ، و لا علم مستفاد . . . ليس
إدراكه بالإبصار ، و لا علمه بالإخبار . ( الخطبة 211 ،
406 ) اللهمّ إنّك آنس
الآنسين لأوليائك ، و أحضرهم بالكفاية للمتوكّلين عليك . تشاهدهم في سرائرهم ، و
تطّلع عليهم في ضمائرهم ، و تعلم مبلغ بصائرهم . فأسرارهم لك مكشوفة ، و قلوبهم
إليك ملهوفة . ( الخطبة 225 ، 429 ) فإذا ناديته سمع
نداك ، و إذا ناجيته علم نجواك . ( الخطبة 270 ، 2 ،
482 ) أيّها النّاس ، اتّقوا اللّه الّذي إن قلتم سمع ، و إن
أضمرتم علم . ( الخطبة 203 ح ، 603 ) اللهمّ إنّي أعوذ بك من أن تحسن في لامعة العيون علانيتي
، و تقبّح فيما أبطن لك سريرتي ، محافظا على رئاء النّاس من نفسي ، بجميع ما أنت
مطّلع عليه منّي . ( 276 ح ، 622 ) اتّقوا معاصي اللّه في الخلوات ، فإنّ الشّاهد هو الحاكم
. ( 324 ح ، 631 ) |
|
( 10 ) هيمنة اللّه و جبروته
عزته و كبرياؤه
|
|
مدخل :
|
|
من
صفات اللّه تعالى أنه
المهيمن ذو الجبروت . أما هيمنته فتتجلى في أنه
المسيطر على كل شي ء و الحافظ له ، فكل شي ء قائم بوجوده . و أما الجبروت فيعني القهر ، أي أنه سبحانه قاهر لكل
شي ء و لا يعجزه شي ء ، و كل شي ء خاضع لمشيئته ، و ذلك مصداق قوله تعالى : وَ للّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَ الأَرْضِ طَوْعاً
وَ كَرْهاً « الرعد 15 » . و قوله جلّ من قائل : المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ، الْعَزِيزُ
الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) عن الحجّ : و كلّ عزيز غيره ذليل ، و كلّ قويّ غيره ضعيف ، و كلّ
مالك غيره مملوك . ( الخطبة 63 ، 119 ) و لكن خلائق
مربوبون ، و عباد داخرون ( أي أذلاء ) . ( الخطبة 63 ، 120 ) و أستعينه قاهرا قادرا . (
الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) عباد مخلوقون اقتدارا ، و مربوبون اقتسارا ( أي عباد خلقهم اللّه بقدرته و ملكهم بسطوته ) . ( الخطبة 81 ، 1 ، 139 ) قد علم السّرائر ، و خبر الضّمائر . له الإحاطة بكلّ شي ء
، و الغلبة لكلّ شي ء ، و القوّة على كلّ شي ء . (
الخطبة 84 ، 151 ) هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته ، و
اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته . قاهر من عازّه (
أي رام مشاركته في عزته ) ، و مدمّر من شاقّه ، و مذلّ من ناواه ، و غالب
من عاداه . من توكّل عليه كفاه ، و من سأله أعطاه ، و من أقرضه قضاه ، و من شكره
جزاه . ( الخطبة 88 ، 159 ) فتمّ خلقه بأمره
، و أذعن لطاعته ، و أجاب إلى دعوته . ( الخطبة 89 ، 1
، 165 ) لم يلحقه في ذلك
كلفة ، و لا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة ، و لا اعتورته في تنفيذ
الأمور و تدابير المخلوقين ملالة و لا فترة . بل نفذهم علمه ، و أحصاهم عدده ، و
وسعهم عدله ، و غمرهم فضله ، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله . ( الخطبة 89 ، 4 177 ) و لئن أمهل
الظّالم فلن يفوت أخذه ، و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه ، و بموضع الشّجى من
مساغ ريقه ( أي ممره من الحلق ) . ( الخطبة 95 ، 188 ) و هو اللّه الّذي
لا يعجزه من طلب ، و لا يفوته من هرب . ( الخطبة 103 ،
200 ) كلّ شي ء خاشع له
، و كلّ شي ء قائم به : غنى كلّ فقير ، و عزّ كلّ ذليل ، و قوّة كلّ ضعيف ، و
مفزع كلّ ملهوف . من تكلّم سمع نطقه ، و من سكت علم سرّه ، و من عاش فعليه رزقه
، و من مات فإليه منقلبه . ( الخطبة 107 ، 208 ) أنت الأبد لا أمد
لك ، و أنت المنتهى فلا محيص عنك ، و أنت الموعد فلا منجى منك إلاّ إليك . بيدك
ناصية كلّ دابّة ، و إليك مصير كلّ نسمة . ( الخطبة 107
، 208 ) و انقادت له الدّنيا و الآخرة بأزمّتها ، و قذفت إليه
السّموات و الأرضون مقاليدها ، و سجدت له بالغدوّ و الآصال الأشجار النّاضرة ، و
قدحت له من قضبانها النّيران المضيئة ، و آتت أكلها بكلماته الثّمار اليانعة . الخطبة 131 ، 244 بان من الأشياء بالقهر لها ، و القدرة عليها . و بانت
الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه . الخطبة 150 ،
267 ) فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، فأجاب و لم يدافع ، و
انقاد و لم ينازع . ( الخطبة 153 ، 271 ) أدركت الأبصار ،
و أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و الأقدام . (
الخطبة 158 ، 280 ) خرّت له الجباه ، و وحّدته الشّفاه . ( الخطبة 161 ، 289 ) ليس لشي ء منه
امتناع ، و لا له بطاعة شي ء انتفاع . ( الخطبة 161 ،
290 ) تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب ( أي
تخفق ) القلوب من مخافته . ( الخطبة 177 ، 320 ) خلق الخلائق
بقدرته ، و استعبد الأرباب بعزّته ، و ساد العظماء بجوده . ( الخطبة 181 ، 329 ) ليس بذي كبر
امتدّت به النّهايات فكبّرته تجسيما ، و لا بذي عظم تناهت به الغايات فعظّمته
تجسيدا . بل كبر شأنا ، و عظم سلطانا . ( الخطبة 183 ،
334 ) فتبارك اللّه الّذي يسجد له من في السّموات و الأرض طوعا
و كرها ، و يعفّر له خدّا و وجها ، و يلقي إليه بالطّاعة سلما و ضعفا ، و يعطي
له القياد رهبة و خوفا . ( الخطبة 183 ، 337 ) و قال
( ع ) في مطلع الخطبة القاصعة : الحمد للّه
الّذي لبس العزّ و الكبرياء ، و اختارهما لنفسه دون خلقه ، و جعلهما حمى و حرما
على غيره ، و اصطفاهما لجلاله . و جعل اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده . الخطبة 190 ، 1 ، 356 و كان من اقتدار
جبروته ، و بديع لطائف صنعته ، أن جعل من ماء البحر الزاخر المتراكم المتقاصف ،
يبسا جامدا . ( الخطبة 209 ، 403 ) . . . و لو كان لأحد أن يجري له و لا يجري عليه ، لكان ذلك خالصا للّه سبحانه دون
خلقه ، لقدرته على عباده ، و لعدله في كلّ ما جرت عليه صروف قضائه . و لكنّه
سبحانه جعل حقّه على العباد أن يطيعوه ، و جعل جزاءهم عليه مضاعفة الثّواب
تفضّلا منه ، و توسّعا بما هو من المزيد أهله . (
الخطبة 214 ، 410 ) إيّاك و مساماة اللّه في عظمته ، و التشبّه به في جبروته
، فإنّ اللّه يذلّ كلّ جبّار ، و يهين كلّ مختال . (
الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) |
|
( 11 ) نصرة اللّه
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و اعلم أنّ النّصر من عند اللّه سبحانه . ( الخطبة 11 ، 52 ) منيت بمن لا يطيع إذا أمرت ، و لا يجيب إذا دعوت . لا أبا
لكم ما تنتظرون بنصركم ربّكم ؟. ( الخطبة 39 ، 97 ) و كفى باللّه
منتقما و نصيرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 145 ) و الّذي نصرهم و
هم قليل لا ينتصرون ، و منعهم و هم قليل لا يمتنعون حيّ لا يموت . ( الخطبة 132 ، 246 ) أسهروا عيونكم ،
و أضمروا بطونكم ، و استعملوا أقدامكم ، و أنفقوا أموالكم ، و خذوا من أجسادكم
فجودوا بها على أنفسكم ، و لا تبخلوا بها عنها ، فقد قال اللّه سبحانه : إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ
أَقْدامَكُمْ . و قال تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ، وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ .
فلم يستنصركم من ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . اللهمّ أيّما عبد
من عبادك سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة ، و المصلحة غير المفسدة ، في الدّين
و الدّنيا ، فأبى بعد سمعه لها ، إلاّ النّكوص عن نصرتك ، و الإبطاء عن إعزاز
دينك ، فإنّا نستشهدك عليه يا أكبر الشّاهدين شهادة ، و نستشهد عليه جميع ما
أسكنته أرضك و سماواتك ، ثمّ أنت بعد المغني عن نصره ، و الآخذ له بذنبه . ( الخطبة 210 ، 405 ) فإنّ اللّه سبحانه ، قد اصطنع عندنا و عندكم ، أن نشكره
بجهدنا ، و أن ننصره بما بلغت قوّتنا ، و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم . ( الخطبة 290 ، 516 ) و قال
( ع ) في عهده لمالك الاشتر : و أن ينصر
اللّه سبحانه بقلبه و يده و لسانه ، فإنّه جلّ اسمه ، قد تكفّل بنصر من نصره ، و
إعزاز من أعزّه . ( الخطبة 292 ، 2 ، 517 ) |
|
( 12 ) نقمة اللّه و انتقامه
|
|
قال الامام علي ( ع ) : المأمول مع النّقم ، المرهوب مع النّعم ( الخطبة 63 ، 120 ) و أستعينه قاهرا
قادرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) و كفى باللّه
منتقما و نصيرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 145 ) هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته ، و
اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته . قاهر من عازّه ، و مدمّر من شاقّه ، و
مذلّ من ناواه ، و غالب من عاداه . ( الخطبة 88 ، 159 ) فويل لك يا بصرة
عند ذلك ، من جيش من نقم اللّه . ( الخطبة 100 ، 196 ) و جعلهم فريقين :
أنعم على هؤلاء و انتقم من هؤلاء . ( الخطبة 107 ، 211
) و كيف محق من محق
بالمثلات ، و أحتصد من أحتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145
، 258 ) حتّى نزل بهم
الموعود ، الّذي تردّ عنه المعذرة ، و ترفع عنه التّوبة ، و تحلّ معه القارعة و
النّقمة . الخطبة 145 ، 259 و سينتقم اللّه
ممّن ظلم ، مأكلا بمأكل ، و مشربا بمشرب ، من مطاعم العلقم ، و مشارب الصّبر و
المقر ، و لباس شعار الخوف ، و دثار السّيف . ( الخطبة
156 ، 279 ) و ليس شي ء أدعى إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته ، من
إقامة على ظلم . فإنّ اللّه سميع دعوة المضطهدين ، و هو للظّالمين بالمرصاد . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) أيّها النّاس ،
ليركم اللّه من النّعمة وجلين ، كما يراكم من النّقمة فريقين ( أي فزعين ) . ( 358 ح ، 637
) إنّ اللّه سبحانه وضع الثّواب على طاعته ، و العقاب على
معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، و حياشة لهم إلى جنّته . ( 368 ح ، 640 ) |
|
( 13 ) عظمة اللّه و قصور
الانسان
|
|
يراجع
المبحث ( 21 ) التواضع للّه . و اعلم أنّ الرّاسخين في العلم هم الّذين
أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره
من الغيب المحجوب ، فمدح اللّه تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به
علما ، و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا . فاقتصر على
ذلك ، و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين . هو القادر
الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و حاول الفكر المبرّأ من خطرات
الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت القلوب إليه لتجري في
كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات ، لتناول علم ذاته
، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب ، متخلّصة إليه سبحانه ، فرجعت إذ جبهت
معترفة ، بأنّه لا ينال بجور الأعتساف كنه معرفته ، و لا تخطر ببال أولي
الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . ( الخطبة 89 ، 1
، 162 ) سبحانك ما
أعظم شأنك سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك و ما أصغر عظيمة في جنب قدرتك و ما
أهول ما نرى من ملكوتك و ما أحقر ذلك فيما غاب عنّا من سلطانك . ( الخطبة 107 ، 208 ) و قال ( ع ) في معرض
حديثه عن الملائكة : لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك ، لحقّروا أعمالهم ،
و لزروا ( أي عابوا ) على أنفسهم ، و لعرفوا
أنّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك ، و لم يطيعوك حقّ طاعتك . (
الخطبة 107 ، 209 ) الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف عن كنه
معرفته ، و ردعت عظمته العقول ، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته . ( الخطبة 153 ، 271 ) فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم ، لا تأخذك سنة و لا
نوم . لم ينته إليك نظر ، و لم يدركك بصر . أدركت الأبصار ، و أحصيت الأعمال ، و
أخذت بالنّواصي و الأقدام . و ما الّذي نرى من خلقك ، و نعجب له من قدرتك ، و
نصفه من عظيم سلطانك ؟ و ما تغيّب عنّا منه ، و قصرت أبصارنا عنه ، و انتهت
عقولنا دونه ، و حالت ستور الغيوب بيننا و بينه أعظم . فمن فرّغ قلبه ، و أعمل
فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في الهواء سمواتك ،
و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و سمعه والها
، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ، 280 ) هيهات إنّ من يعجز عن صفات ذي الهيئة و
الأدوات ( أي الأشياء المخلوقة ) ، فهو عن صفات
خالقه أعجز و من تناوله بحدود المخلوقين أبعد ( الخطبة
161 ، 291 ) و قال ( ع ) عن عجيب خلقة الطاووس : و إذا تصفّحت شعرة من شعرات قصبه ، أرتك حمرة و رديّة ،
و تارة خضرة زبرجديّة ، و أحيانا صفرة عسجديّة . فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق
الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين . و أقلّ أجزائه
قد أعجز الأوهام أن تدركه ، و الألسنة أن تصفه فسبحان الّذي بهر العقول عن وصف
خلق جلاّه للعيون ، فأدركته محدودا مكوّنا ، و مؤلّفا ملوّنا . و أعجز الألسن عن
تلخيص صفته ، و قعد بها عن تأدية نعته ( الخطبة 163 ،
297 ) تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب ( أي تخفق ) القلوب من مخافته . ( الخطبة 177 ، 320 ) ليس بذي كبر امتدّت به النّهايات فكبّرته
تجسيما ، و لا بذي عظم تناهت به الغايات فعظّمته تجسيدا . بل كبر شأنا ، و عظم
سلطانا . ( الخطبة 183 ، 334 ) و ليس فناء الدّنيا بعد ابتداعها بأعجب من
إنشائها و اختراعها ، و كيف و لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها و بهائمها ، و ما
كان من مراحها و سائمها ، و أصناف أسناخها و أجناسها ، و متبلّدة أممها ( أي الغيبة ) و أكياسها (
جمع كيّس و هو العاقل الحاذق ) على إحداث بعوضة ، ما قدرت على إحداثها ،
و لا عرفت كيف السّبيل إلى إيجادها . الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه ، و
جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و ردع خطرات هماهم النّفوس
عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة 193 ، 382 ) إنّ من حقّ من عظم جلال اللّه سبحانه في نفسه
، و جلّ موضعه من قلبه ، أن يصغر عنده لعظم ذلك كلّ ما سواه . و إنّ أحقّ من كان
كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه ، و لطف إحسانه إليه . فإنّه لم تعظم نعمة اللّه
على أحد إلاّ ازداد حقّ اللّه عليه عظما . ( الخطبة 214
، 411 ) .
. . و إن استطعتم أن يشتدّ خوفكم من اللّه ، و أن يحسن ظنّكم
به ، فاجمعوا بينهما . عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر
فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره ، و قلّة مقدرته ، و
كثرة عجزه ، و عظيم حاجته إلى ربّه . ( الخطبة 270 ، 2
، 479 ) و من كتاب له ( ع )
لمالك الأشتر لما ولاه مصر : و إذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة
أو مخيلة ( أي خيلاء ) فانظر إلى عظم ملك اللّه
فوقك و قدرته منك ، على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإنّ ذلك يطامن ( أي يخفف ) إليك من طماحك ، و يكفّ عنك من غربك ( أي حدتك ) ، و يفي ء إليك بما عزب ( أي غاب ) عنك من عقلك . عظم الخالق
عندك ، يصغّر المخلوق في عينك . ( 129 ح ، 589 ) |
|
( 14 ) قدرة اللّه
|
|
يراجع
الفصل الثالث : خلق المخلوقات . و قال ( ع ) في خطبة
الأشباح : و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين
. هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و حاول الفكر المبرّأ
من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت القلوب إليه
لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات لتناول
علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلّصة إليه سبحانه ، فرجعت إذ
جبهت معترفة بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ، و لا تخطر ببال أولي
الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ،
و لا مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله ، و أرانا من ملكوت قدرته ، و
عجائب ما نطقت به آثار حكمته ، و اعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك
قوّته ، ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته ، فظهرت في البدائع الّتي
أحدثها آثار صنعته ، و أعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق حجّة له و دليلا عليه . و
إن كان خلقا صامتا ، فحجّته بالتّدبير ناطقة ، و دلالته على المبدع قائمة . ( الخطبة 89 ، 1 ، 162 )
قدّر ما خلق فأحكم تقديره ، و دبّره فألطف
تدبيره ، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته ، و لم يقصر دون الإنتهاء إلى
غايته ، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته ، فكيف و إنّما صدرت الأمور عن
مشيئته ؟ المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها ، و لا قريحة غريزة
أضمر عليها ، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و لا شريك أعانه على ابتداع
عجائب الأمور ، فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، و أجاب إلى دعوته ، لم يعترض
دونه ريث المبطى ء ، و لا أناة المتلكّى ء . فأقام من الأشياء أودها ، و نهج
حدودها ، و لاءم بقدرته بين متضادّها ، و وصل أسباب قرائنها ، و فرّقها أجناسا
مختلفات في الحدود و الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ، بدايا ( جمع بدي ء أي
مصنوع ) خلائق . أحكم صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) حتّى إذا
بلغ الكتاب أجله ، و الأمر مقاديره . و ألحق آخر الخلق بأوّله ، و جاء من أمر
اللّه ما يريده من تجديد خلقه ، أماد السّماء و فطرها و أرجّ الأرض و أرجفها ، و
قلع جبالها و نسفها . و دكّ بعضها بعضا من هيبة جلالته و مخوف سطوته . و أخرج من
فيها ، فجدّدهم بعد إخلاقهم ، و جمعهم بعد تفرّقهم . (
الخطبة 107 ، 211 ) فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا
رأوه ، بما أراهم من قدرته ، و خوّفهم من سطوته ، و كيف محق من محق بالمثلات ، و
احتصد من احتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145 ، 258 ) ضادّ النور بالظّلمة ، و الوضوح بالبهمة ، و الجمود بالبلل ، و الحرور
بالصّرد . مؤلّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مقرّب بين متباعداتها
، مفرّق بين متدانياتها . ( الخطبة 184 ، 341 ) يقول
لمن أراد كونه : ( كن فيكون ) . لا بصوت يقرع ، و لا بنداء يسمع . ( الخطبة 184 ، 343 ) خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، و لم
يستعن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 344 ) و لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و أمسكها بأمره
، و أتقنها بقدرته . ( الخطبة 184 ، 346 ) الّذي أظهر
من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و ردع
خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة 193
، 382 ) |
|
( 15 ) اللّه الغني
|
|
مدخل :
|
|
قال تعالى في كتابه العزيز :
قَالُوا : اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً ، سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ « يونس 68 » . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ، و لا يستوحش لفقده . ( الخطبة 1 ، 25 ) لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، و لا تخوّف من عواقب زمان
، و لا استعانة على ندّ مشاور ، و لا شريك مكاثر ، و لا ضدّ منافر ، و لكن خلائق
مربوبون ، و عباد داخرون ( أي أذلاء ) . ( الخطبة 63 ،
119 ) و قال
( ع ) في خطبة الاشباح : الحمد للّه
الّذي لا يفره المنع و الجمود ، و لا يكديه الإعطاء و الجود . ( الخطبة 89 ، 1 ، 160 ) لم تخلق الخلق
لوحشة ، و لا استعملتهم لمنفعة ، و لا يسبقك من طلبت ، و لا يفلتك من أخذت ، و
لا ينقص سلطانك من عصاك ، و لا يزيد في ملكك من أطاعك . و لا يردّ أمرك من سخط
قضاءك ، و لا يستغني عنك من تولّى عن أمرك . ( الخطبة
107 ، 208 ) خلق الخلق على غير تمثيل ، و لا مشورة مشير ، و لا معونة
معين . ( الخطبة 153 ، 271 ) غنيّ لا باستفادة
. ( الخطبة 184 ، 341 ) خلق الخلائق على
غير مثال خلا من غيره ، و لم يستغن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 344 ) و لم يكوّنها
لتشديد سلطان ، و لا لخوف من زوال و نقصان . و لا للإستعانة بها على ندّ مكاثر ،
و لا للإحتراز بها من ضدّ مثاور ( أي مهاجم ) .
و لا للإزدياد بها في ملكه ، و لا لمكاثرة شريك في شركه . و لا لوحشة كانت منه ،
فأراد أن يستأنس إليها . ( الخطبة 184 ، 345 ) ثمّ هو يفنيها
بعد تكوينها ، لا لسأم دخل عليه في تصريفها و تدبيرها ، و لا لراحة واصلة إليه ،
و لا لثقل شي ء منها عليه . لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها . و
لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و أمسكها بأمره ، و أتقنها بقدرته . ثمّ يعيدها بعد
الفناء من غير حاجة منه إليها . و لا استعانة بشي ء منها عليها . و لا لإنصراف
من حال وحشة إلى حال استئناس ، و لا من حال جهل و عمى ، إلى حال علم و التماس .
و لا من فقر و حاجة ، إلى غنى و كثرة . و لا من ذلّ و ضعة ، إلى عزّ و قدرة . ( الخطبة 184 ، 345 ) أمّا بعد ، فإنّ
اللّه سبحانه و تعالى ، خلق الخلق حين خلقهم ، غنيّا عن طاعتهم ، آمنا من
معصيتهم ، لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه ، و لا تنفعه طاعة من أطاعه . ( الخطبة 191 ، 376 ) لا يثلمه العطاء ، و لا ينقصه الحباء . و لا يستنفده سائل
، و لا يستقصيه نائل . ( الخطبة 193 ، 383 ) ودان و لم يدن .
لم يذرإ الخلق باحتيال ، و لا استعان بهم لكلال . (
الخطبة 193 ، 384 ) |
|
( 16 ) اللّه الخالق
|
|
قال
الامام علي ( ع ) في الخطبة الأولى من نهج البلاغة : ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء و شقّ الأرجاء « تراجع تتمة الفقرة في المبحث ( 22 ) السموات » ( الخطبة 1 ، 26 ) ثمّ فتق ما بين السّموات العلا ، فملأهنّ
أطوارا من ملائكته « تراجع تتمة الفقرة في المبحث ( 25
) الملائكة » . (
الخطبة 1 ، 27 ) ثمّ جمع
سبحانه من حزن الأرض و سهلها ، و عذبها و سبخها « تراجع
تتمة الفقرة في المبحث ( 26 ) خلق آدم ( ع ) » . ( الخطبة 1 ، 28 ) و قال ( ع ) في آخر الخطبة الشقشقيّة : أمّا و الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة . . . ( الخطبة 3 ، 44 ) لم يخلق ما
خلقه لتشديد سلطان ، و لا تخوّف من عواقب زمان . . .
( الخطبة 63 ، 119 ) لم يؤده ( أي يتعبه ) خلق ما ابتدأ ، و لا تدبير ما ذرأ ، و لا
وقف به عجز عمّا خلق . . . ( الخطبة 63 ، 120 ) اللهمّ داحي
المدحوّات ( أي الأرضين ) و داعم المسموكات ، و
جابل القلوب على فطرتها : شقيّها و سعيدها . ( الخطبة
70 ، 125 ) عباد
مخلوقون اقتدارا ، و مربوبون اقتسارا ( أي عباد خلقهم
اللّه بقدرته ، و ملكهم بسطوته ) . الخطبة 81 ،
1 ، 139 جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها ، و أبصارا
لتجلو عن عشاها ، و أشلاء جامعة لأعضائها ، ملائمة لأحنائها ، في تركيب صورها ،
و مدد عمرها ، بأبدان قائمة بأرفاقها ، و قلوب رائدة لأرزاقها ، في مجلّلات نعمه
، و موجبات مننه ، و حواجز عافيته . ( الخطبة 81 ، 2 ،
142 ) أم هذا الّذي أنشأه في ظلمات الأرحام ، و شغف
الأستار ، نطفة دهاقا ، و علقة محاقا ، و جنينا و راضعا ، و وليدا و يافعا . ثمّ
منحه قلبا حافظا ، و لسانا لافظا ، و بصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، و يقصّر
مزدجرا . ( الخطبة 81 ، 3 ، 146 ) ذلك مبتدع الخلق و وارثه ، و إله الخلق و
رازقه . ( الخطبة 88 ، 159 ) الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، و لا
مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله . الخطبة 89
، 1 ، 163 المنشى ء
أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها ، و لا قريحة غريزة أضمر عليها ، و لا
تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور ،
فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، و أجاب إلى دعوته ، لم يعترض دونه ريث المبطئ
، و لا أناة المتلكّئ . فأقام من الأشياء أودها ، و نهج حدودها ، و لاءم بقدرته
بين متضادّها ، و وصل أسباب قرائنها ، و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و
الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ، بدايا ( جمع بدي ء أي
مصنوع ) خلائق أحكم صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه ، و الظّاهر
لقلوبهم بحجّته . خلق الخلق من غير رويّة ، إذ كانت الرّويّات لا تليق إلاّ بذوي
الضّمائر ، و ليس بذي ضمير في نفسه . ( الخطبة 106 ،
204 ) لم تخلق الخلق لوحشة ، و لا استعملتهم لمنفعة
. ( الخطبة 107 ، 208 ) و قال ( ع ) عن الجنة : سبحانك خالقا و معبودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت دارا
، و جعلت فيها مأدبة : مشربا و مطعما ، و أزواجا و قصورا ، و أنهارا و زروعا و
ثمارا ، ثمّ أرسلت داعيا يدعو إليها . . . ( الخطبة 107
، 209 ) و الخالق لا بمعنى حركة و نصب . ( الخطبة 150 ، 266 ) خلق الخلق على غير تمثيل ، و لا مشورة مشير ، و لا معونة معين . فتمّ خلقه
بأمره ، و أذعن لطاعته ، فأجاب و لم يدافع ، و انقاد و لم ينازع . ( الخطبة 153 ، 271 ) فسبحان البارئ لكلّ شي ء ، على غير مثال خلا
من غيره . ( الخطبة 153 ، 273 ) الحمد للّه
خالق العباد ، و ساطح المهاد ، و مسيل الوهاد ، و مخصب النّجاد . ( الخطبة 161 ، 288 ) لم يخلق الأشياء من أصول أزليّة ، و لا من
أوائل أبديّة . بل خلق ما خلق فأقام حدّه ، و صوّر ما صوّر فأحسن صورته . ( الخطبة 161 ، 290 ) الحمد للّه المعروف من غير رؤية ، و الخالق
من غير منصبة ( أي تعب ) . خلق الخلائق بقدرته ،
و استعبد الأرباب بعزّته ، و ساد العظماء بجوده . (
الخطبة 181 ، 329 ) يقول
لمن أراد كونه : ( كن فيكون ) ، لا بصوت يقرع ، و لا بنداء يسمع . ( الخطبة 184 ، 343 ) خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره . و لم
يستعن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 344 ) . . . مبتدع الخلائق بعلمه ، و منشئهم بحكمه . بلا اقتداء و لا تعليم ، و لا
احتذاء لمثال صانع حكيم ، و لا إصابة خطأ ، و لا حضرة ملأ . ( الخطبة 189 ، 353 ) و قال ( ع ) لابنه الحسن ( ع ) : فتفهّم يا بنيّ وصيّتي . و اعلم أنّ مالك الموت هو مالك
الحياة . و أنّ الخالق هو المميت ، و أنّ المفني هو المعيد ، و أنّ المبتلي هو
المعافي . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) فاعتصم بالّذي خلقك و رزقك و سوّاك . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) |
|
( 17 ) اللّه الرازق المنعم
الجواد الرزق
|
|
يراجع
المبحث ( 38 ) فضل اللّه و نعمه و شكره عليها . و كذلك المرء المسلم البري ء من الخيانة ،
ينتظر من اللّه إحدى الحسنيين : إمّا داعي اللّه فما عند اللّه خير له ، و إمّا
رزق اللّه ، فإذا هو ذو أهل و مال ، و معه دينه و حسبه . ( الخطبة 23 ، 69 ) جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها ، و أبصارا
لتجلو عن عشاها ، و أشلاء جامعة لأعضائها ، ملائمة لأحنائها ، في تركيب صورها ،
و مدد عمرها ، بأبدان قائمة بأرفاقها ( أي منافعها )
، و قلوب رائدة لأرزاقها . في مجلّلات نعمه ، و موجبات مننه ، و حواجز عافيته . ( الخطبة 81 ، 2 ، 142 ) ذلك مبتدع الخلق و وارثه ، و إله الخلق و
رازقه . ( الخطبة 88 ، 159 ) و
قال ( ع ) في مطلع خطبة الاشباح : الحمد للّه
الّذي لا يفره المنع و الجمود ، و لا يكديه الإعطاء و الجود ، إذ كلّ معط منتقص
سواه ، و كلّ مانع مذموم ما خلاه ، و هو المنّان بفوائد النّعم ، و عوائد المزيد
و القسم . عياله الخلائق ، ضمن أرزاقهم ، و قدّر أقواتهم ، و نهج سبيل الرّاغبين
إليه ، و الطّالبين ما لديه ، و ليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل . ( الخطبة 89 ، 1 ، 160 ) و لو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال ، و ضحكت
عنه أصداف البحار ، من فلزّ اللّجين و العقيان ، و نثارة الدّرّ و حصيد المرجان
، ما أثّر ذلك في جوده ، و لا أنفد سعة ما عنده ، و لكان عنده من ذخائر الأنعام
، ما لا تنفده مطالب الأنام ، لأنّه الجواد الّذي لا يغيضه سؤال السّائلين ، و
لا يبخله إلحاح الملحّين . ( الخطبة 89 ، 1 ، 161 ) و جعل ذلك بلاغا للأنام ، و رزقا للأنعام . (
الخطبة 89 ، 3 ، 174 ) و
قال ( ع ) في آخر خطبة الأشباح يدعو ربّه : و بي فاقة إليك ، لا يجبر مسكنتها إلاّ فضلك ، و لا ينعش من خلّتها إلاّ
منّك و جودك . فهب لنا في هذا المقام رضاك ، و أغننا عن مدّ الأيدي إلى سواك ،
إنّك على كلّ شي ء قدير . ( الخطبة 89 ، 4 ، 178 ) الحمد للّه الناشر في الخلق فضله ، و الباسط
فيهم بالجود يده . ( الخطبة 98 ، 193 ) قد تكفّل لكم بالرّزق و أمرتم بالعمل ، فلا
يكوننّ المضمون لكم طلبه أولى بكم من المفروض عليكم عمله ، مع أنّه و اللّه لقد
اعترض الشّكّ ، و دخل اليقين ، حتى كأنّ الّذي ضمن لكم قد فرض عليكم ، و كأنّ
الّذي قد فرض عليكم قد وضع عنكم . و قد جعل اللّه سبحانه الإستغفار سببا لدرور
الرّزق و رحمة الخلق ، فقال سبحانه
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ
مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ، وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ
وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ( الخطبة 141 ، 253 ) و قال ( ع ) عن
النملة : مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنّان ، و لا
يحرمها الدّيّان . الخطبة 183 ، 335 و أخلص في المسألة لربّك ، فإنّ بيده العطاء و
الحرمان . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) فاعتصم
بالّذي خلقك و رزقك و سوّاك ، و ليكن له تعبّدك ، و إليه رغبتك ، و منه شفقتك . الخطبة 270 ، 2 ، 478 و سألته من
خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره ، من زيادة الأعمار ، و صحّة الأبدان ،
و سعة الأرزاق . ( الخطبة 270 ، 2 ، 482 ) استنزلوا الرّزق بالصّدقة . ( 137 ح ، 592 ) شاركوا
الّذي قد أقبل عليه الرّزق ، فإنّه أخلق للغنى ، و أجدر بإقبال الحظّ عليه . ( 230 ح ، 607 ) و الزّكاة تسبيبا للرّزق . ( 252 ح ، 611 ) و سئل عليه السلام : كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم ؟ فقال ( ع ): كما يرزقهم على كثرتهم . فقيل : كيف يحاسبهم و لا يرونه ؟ فقال عليه السلام : كما يرزقهم و لا يرونه ( 300 ح ، 627 ) و
قيل له ( ع ) : لو سدّ على
رجل باب بيته و ترك فيه ، من أين كان يأتيه رزقه ؟ فقال
( ع ) : من حيث يأتيه أجله . ( 356 ح ،
637 ) فارج لمن
مضى رحمة اللّه ، و لمن بقي رزق اللّه . ( 416 ح ، 650
) سعة الأخلاق
كيمياء الأرزاق ( 884 حديد ) . |
|
الفصل الأول التوحيد
و معرفة اللّه
|
|
( 1 ) معرفة اللّه دلائل وجوده
مظاهر التقدير و التدبير
|
|
مدخل :
|
|
تنقسم
معرفة اللّه تعالى الى قسمين : |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي بن أبي طالب « ع » : و قال « ع » عن الملائكة : لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير ، و لا يجرون عليه صفات
المصنوعين ، و لا يحدّونه بالأماكن ، و لا يشيرون إليه بالنّظائر . ( الخطبة 1 ، 28 ) الحمد للّه الّذي
بطن خفيّات الأمور ، و دلّت عليه أعلام الظّهور ، و امتنع على عين البصير ، فلا
عين من لم يره تنكره ، و لا قلب من أثبته يبصره . . . .
لم يطلع العقول على تحديد صفته ، و لم يحجبها عن واجب معرفته . فهو الّذي تشهد
له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذي الجحود ( أي أن قلب
الجاحد يقرّ بوجود اللّه و إن أنكره بلسانه ) . تعالى اللّه عمّا يقوله
المشبّهون به و الجاحدون له علوّا كبيرا . ( الخطبة 49
، 106 ) و أشهد ألاّ إله إلاّ اللّه ، وحده لا شريك له . ( الخطبة 83 ، 150 ) الحمد للّه
المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير رويّة . (
الخطبة 88 ، 159 ) الّذي ابتدع
الخلق على غير مثال امتثله ، و لا مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله .
و أرانا من ملكوت قدرته ، و عجائب ما نطقت به آثار حكمته ، و اعتراف الحاجة من
الخلق إلى أن يقيمها بمساك قوّته ، ما دلّنا بأضطرار قيام الحجّة له على معرفته
، فظهرت في البدائع الّتي أحدثها آثار صنعته ، و أعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق
حجّة له و دليلا عليه . و إن كان خلقا صامتا ، فحجّته بالتّدبير ناطقة ، و
دلالته على المبدع قائمة . ( الخطبة 89 ، 1 ، 163 )
و لم يخلهم بعد أن قبضه ( أي آدم
) ، ممّا يؤكّد عليهم حجّة ربوبيّته ، و يصل بينهم و بين معرفته ، بل
تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ، و متحمّلي ودائع رسالاته ، قرنا
فقرنا ، حتّى تمّت بنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حجّته و بلغ
المقطع عذره و نذره . ( الخطبة 89 ، 174 ) الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه ، و الظّاهر لقلوبهم
بحجّته . ( الخطبة 106 ، 204 ) فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا رأوه ، بما
أراهم من قدرته ، و خوّفهم من سطوته . و كيف محق من محق بالمثلات ( أي العقوبات ) ، و احتصد من احتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145 ، 258 ) الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه . ( الخطبة 150 ، 266 ) أيّها المخلوق السّويّ ، و المنشأ المرعيّ ، في ظلمات
الأرحام و مضاعفات الأستار . بدئت من سلالة من طين ، و وضعت في قرار مكين ، إلى
قدر معلوم و أجل مقسوم . تمور في بطن أمّك جنينا ، لا تحير دعاء ، و لا تسمع
نداء . ثمّ أخرجت من مقرّك إلى دار لم تشهدها ، و لم تعرف سبل منافعها . فمن هداك
لاجترار الغذاء من ثدي أمّك ؟ و عرّفك عند الحاجة مواضع طلبك و إرادتك ؟ هيهات
إنّ من يعجز عن صفات ذي الهيئة و الأدوات ( أي الأشياء
المخلوقة ) ، فهو عن صفات خالقه أعجز و من تناوله بحدود المخلوقين أبعد .
الخطبة ( 161 ، 290 ) و قال « ع » عن عجيب خلق الطيور : إبتدعهم خلقا عجيبا
من حيوان و موات و ساكن و ذي حركات . و أقام من شواهد البيّنات على لطيف صنعته ،
و عظيم قدرته ، ما انقادت له العقول معترفة به و مسلّمة له . و نعقت في أسماعنا
دلائله على وحدانيّته . ( الخطبة 163 ، 293 ) بل ظهر للعقول
بما أرانا من علامات التدبير المتقن ، و القضاء المبرم . فمن شواهد خلقه خلق
السّموات . . . (
الخطبة 180 ، 324 ) الحمد للّه
المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير منصبة . (
الخطبة 181 ، 329 ) و قال « ع » عن خلقة النملة : و لو فكّروا في عظيم
القدرة و جسيم النّعمة ، لرجعوا إلى الطّريق ، و خافوا عذاب الحريق ، و لكن
القلوب عليلة ، و البصائر مدخولة . الحمد للّه الّذي
أظهر من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و
ردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة
193 ، 382 ) الحمد للّه . . . الظّاهر
بعجائب تدبيره للنّاظرين ، و الباطن بجلال عزّته عن فكر المتوهّمين . . . ( الخطبة 211 ، 406 ) وعجبت لمن شكّ في اللّه ، و هو يرى خلق اللّه . ( 126 ح ، 589 ) عرفّت اللّه سبحانه بفسخ العزائم ( أي نقض ما يعزم الانسان على فعله ، لأن فوق قدرته قدرة أعلى ) ، و
حلّ العقود ( جمع عقد و هو النيّة ) و نقض الهمم
. ( 250 ح ، 610 ) من عرف نفسه فقد عرف ربّه . (
مستدرك 186 ) من عجز عن معرفة نفسه ، فهو عن معرفة خالقه أعجز . ( مستدرك 188 ) و سئل « ع » : بماذا عرفت ربّك ؟ فقال : بفسخ العزائم ، و
نقض الهمم . لمّا هممت فحيل بيني و بين همّي ، و عزمت فخالف القضاء و القدر عزمي
، علمت أنّ المدبّر غيري . ( مستدرك 170 ) |
|
( 2 ) عدم إدراك كنه اللّه تعالى
|
|
مدخل :
|
|
رغم أننا لا نعرف حقيقة كنه اللّه ، إلا أننا نعلم أنه
سبحانه وجود مطلق غير محدود ، و أنه لا يتطرق اليه أي حدّ أو قيد ، و أنه لا
يخلو عنه مكان و لا زمان و لا أي شي ء ، و أنه مع كلّ شي ء و ليس معه شي ء . و
كلّ شي ء منه ، و إليه مرجع كلّ شي ء ، و هو أول الأولين و آخر الآخرين . و حيث
أنه مطلق بلا حدّ ، فهو متقدم على كلّ شي ء ، حتى على الزمان و المكان و العدد و
الحد و المقدار و الماهية ، فان هذه الاشياء منتزعة من أفعاله سبحانه و صنعه . و سنرى في الفقرات الآتية من كلام الإمام ( ع ) بعض صفات
اللّه تعالى ، مثل كون الخالق أولا في آخريته ، و آخرا في أوليّته ، و
ظاهرا في باطنيته ، و باطنا في ظاهريته ، و أنه أعلى من الزمان و أسمى من العدد
، و أن قدمه ليس قدما زمانيا ، و وحدته ليست وحدة عددية . كما سنرى بعض الصفات
السلبية ، مثل سلب الجسمية عنه تعالى و الحركة و السكون و التغير و المكان و
الزمان و المثل و الضد و الشريك و الشبيه و استخدام الآلة و المحدودية و
المعدودية . |
|
النصوص :
|
|
قال الإمام علي « ع » : و امتنع على عين البصير . (
الخطبة 49 ، 106 ) لم يطلع العقول على تحديد صفته . ( الخطبة 49 ، 106 ) لا تقع الأوهام له على صفة ، و لا تعقد القلوب منه على
كيفيّة . و لا تناله التّجزئة و التّبعيض ، و لا تحيط به الأبصار و القلوب . ( الخطبة 83 ، 150 ) و الرّادع أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه . ( الخطبة 89 ، 161 ) هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و
حاول الفكر المبرّأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت
القلوب إليه لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه
الصّفات ،لتناول علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب ، متخلّصة إليه
سبحانه ،فرجعت إذ جبهت معترفة ، بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ، و لا
تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . (
الخطبة 89 ، 1 ، 162 ) فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم ، و لا يناله حدس
الفطن . ( الخطبة 92 ، 185 ) لم ترك العيون فتخبر عنك ، بل كنت قبل الواصفين من خلقك .
( الخطبة 107 ، 208 ) و قال ( ع ) بعد ذكر ملك الموت : كيف يصف إلهه من يعجز عن صفة مخلوق مثله ؟ . ( الخطبة 110 ، 218 ) الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، و ردعت
عظمته العقول ، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته . (
الخطبة 153 ، 271 ) فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم ،
لا تأخذك سنة و لا نوم . لم ينته إليك نظر ، و لم يدركك بصر . أدركت الأبصار ، و
أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و الأقدام . و ما الّذي نرى من خلقك ، و نعجب
له من قدرتك ، و نصفه من عظيم سلطانك ، و ما تغيّب عنّا منه ، و قصرت أبصارنا
عنه ، و انتهت عقولنا دونه ، و حالت ستور الغيوب بيننا و بينه أعظم . فمن فرّغ
قلبه ، و أعمل فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في
الهواء سمواتك ، و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله
مبهورا ، و سمعه والها ، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ،
280 ) لا تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات ، و لا بالجوارح و
الأدوات . ( الخطبة 161 ، 289 ) هيهات ، إنّ من
يعجز عن صفات ذي الهيئة و الأدوات ، فهو عن صفات خالقه أعجز ، و من تناوله بحدود
المخلوقين أبعد . ( الخطبة 161 ، 291 ) و قال ( ع ) عن خلقه الطاووس ، و كيف ان من يعجز عن صفة حيوان صغير مثله هو عن صفة ربّه
أعجز : فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم
وصفه أقوال الواصفين . و أقلّ أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه ، و الألسنة أن
تصفه فسبحان الّذي بهر العقول عن وصف خلق جلاّه للعيون ، فأدركته محدودا مكوّنا
، و مؤلّفا ملوّنا . و أعجز الألسن عن تلخيص صفته ، و قعد بها عن تأدية نعته ( الخطبة 163 ، 297 ) لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، و لكن تدركه القلوب
بحقائق الأيمان . ( الخطبة 177 ، 320 ) و لا يدرك بالحواسّ ، و لا يقاس بالنّاس . ( الخطبة 180 ، 326 ) الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد ، و لا تحويه المشاهد
، و لا تراه النّواظر ، و لا تحجبه السّواتر . ( الخطبة
183 ، 334 ) لم تحط به الأوهام ، بل تجلّى لها بها ، و بها امتنع منها
، و إليها حاكمها . ( الخطبة 183 ، 334 ) بها ( أي المخلوقات )
تجلّى صانعها للعقول ، و بها امتنع عن نظر العيون . (
الخطبة 184 ، 342 ) لا تناله الأوهام فتقدّره ، و لا تتوهّمه الفطن فتصوّره .
و لا تدركه الحواس فتحسّه ، و لا تلمسه الأيدي فتمسّه . ( الخطبة 184 ، 343 ) الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ،
ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و ردع خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه
صفته . ( الخطبة 193 ، 382 ) عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) من عجز عن معرفة
نفسه ، فهو عن معرفة خالقه أعجز . ( مستدرك 188 ) |
|
( 3 ) المقارنة و المباينة
|
|
قال
الإمام علي ( ع ) : سبق في العلوّ فلا شي ء أعلى منه ، و قرب في الدّنوّ فلا شي ء أقرب منه .
فلا إستعلاؤه باعده عن شي ء من خلقه ، و لا قربه ساواهم في المكان به . ( الخطبة 49 ، 106 ) لم يحلل في الأشياء فيقال هو كائن ، و لم ينأ
عنها فيقال هو منها بائن . ( الخطبة 63 ، 120 ) و البائن لا بتراخي مسافة . . . بان من الأشياء بالقهر لها و القدرة عليها ، و
بانت الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه . ( الخطبة
150 ، 267 ) لم يقرب من الأشياء بالتصاق ، و لم يبعد عنها
بافتراق . ( الخطبة 161 ، 289 ) قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير
مباين . ( الخطبة 177 ، 320 ) ليس في الأشياء بوالج ، و لا عنها بخارج . ( الخطبة 184 ، 343 ) |
|
( 4 ) الأوليّة و الآخريّة
|
|
مدخل :
|
|
انّ اللّه تعالى أول لا أول الزمان حتى يغاير آخريته ، و
ظاهر لا بمعنى أنه محسوس بالحواس حتى يختلف مع معنى باطنيته . فأوليته هي آخريته
، و ظاهريته هي باطنيته . |
|
النصوص :
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : الأوّل لا شي ء قبله ، و الآخر لا غاية له . ( الخطبة 83 ، 150 ) ألأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شي ء قبله ، و الآخر
الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده ( الخطبة 89 ، 1 ، 161 ) الأوّل الّذي لا غاية له فينتهي ، و لا آخر له فينقضي . ( الخطبة 92 ، 185 ) الحمد للّه الأوّل فلا شي ء قبله ، و الآخر فلا شي ء بعده
. ( الخطبة 94 ، 187 ) الحمد للّه الأوّل قبل كلّ أوّل ، و الآخر بعد كلّ آخر ،
و بأوّليّته وجب أن لا أوّل له ، و بآخريّته وجب أن لا آخر له . ( الخطبة 99 ، 194 ) الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه ، و بمحدث خلقه على
أزليّته ، و باشتباههم على أن لا شبه له ، لا تستلمه المشاعر ، و لا تحجبه
السّواتر . ( الخطبة 150 ، 266 ) ليس لأوّليّته ابتداء ، و لا لأزليّته انقضاء . هو الأوّل
و لم يزل ، و الباقي بلا أجل . ( الخطبة 161 ، 289 ) لا تصحبه الأوقات ، و لا ترفده الأدوات . سبق الأوقات
كونه ، و العدم وجوده ، و الإبتداء أزله . الخطبة 184 ،
341 ) و لم يزل أوّل
قبل الأشياء بلا أوّليّة ، و آخر بعد الأشياء بلا نهاية . ( الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) |
|
( 5 ) الظاهرية و الباطنية
|
|
مدخل :
|
|
ان اللّه
سبحانه ظاهر و باطن ، فماذا يعني ذلك ، و هما صفتان متضادتان ؟ . أما الظاهر
فيعني أنه ظاهر في ذاته ، لأنّ الوجود يساوي الظهور ، و كلما كان الوجود أقوى و
أكمل كان أظهر ، و كلما كان أضعف كان أخفى . و أما الباطن فيعني أنه باطن عن
حواس الانسان ، و باطنيته عن حواس الانسان ناتجة عن محدودية حواسنا لا من ذاته
سبحانه . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : الحمد للّه الّذي لم تسبق له حال حالا ، فيكون أوّلا قبل
أن يكون آخرا ، و يكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا . . .
و كلّ ظاهر غيره غير باطن ، و كلّ باطن غيره غير ظاهر . ( الخطبة 63 ، 118 ) و الظّاهر فلا شي ء فوقه ، و الباطن فلا شي ء دونه . ( الخطبة 94 ، 187 ) و الظّاهر لا برؤية ، و الباطن لا بلطافة . ( الخطبة 150 ، 267 ) الظّاهر لا يقال ( ممّا ؟ ) و الباطن لا يقال (
فيم ؟ ) . لا شبح فيتقصّى ، و لا محجوب فيحوى . الخطبة
161 ، 289 ) هو الظّاهر عليها
بسلطانه و عظمته ، و هو الباطن لها بعلمه و معرفته . (
الخطبة 184 ، 344 ) و لا يجنّه ( أي يستره ) البطون عن الظّهور ، و لا يقطعه الظّهور
عن البطون . قرب فنأى ، و علا فدنا . و ظهر فبطن ، و بطن فعلن ، و دان و لم يدن .
( الخطبة 193 ، 383 ) الحمد للّه . . . الظّاهر بعجائب تدبيره للنّاظرين ، و الباطن
بجلال عزّته عن فكر المتوهّمين . ( الخطبة 211 ، 406 ) |
|
( 6 ) وحدة اللّه ليست وحدة
عدديّة
|
مدخل :
|
|
ان الوحدة العددية تصحّ فيما يمكن تكرر وجوده ، فالواحد
في هذا المورد يعني غير الاثنين و الثلاثة . و يوصف هذا النوع من الوحدة بصفة
القلة الكيفية . |
|
النصوص :
|
|
|
قال الامام علي ( ع ) : كلّ مسمّى
بالوحدة غيره قليل ( أي كل شي ء غير ذات اللّه إذا كان
واحدا كان قليلا . أما ذات اللّه فمع أنه واحد ، فهو لا يوصف بالقلة ) . ( الخطبة 63 ، 119 ) الأحد بلا تأويل
عدد . ( الخطبة 150 ، 266 ) من وصفه فقد حدّه ، و من حدّه فقد عدّه ، و من عدّه فقد
أبطل أزله . ( الخطبة 150 ، 267 ) لا يشمل بحدّ ، و لا يحسب بعدّ . ( الخطبة 184 ، 342 ) |
|
( 7 ) توحيد اللّه و نفي الصفات
عنه
|
|
مدخل :
|
|
التوحيد
: الاعتقاد بالتوحيد يكون على مراتب أربع : توحيد الذات و توحيد الصفات و توحيد الأفعال و توحيد الآثار .
فتوحيد الذات هو الاعتقاد بأنه واحد في ذاته لا
شريك له . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : أوّل الدّين معرفته ، و كمال معرفته التّصديق به ، و كمال
التّصديق به توحيده ، و كمال توحيده الأخلاص له ، و كمال الأخلاص له نفي الصّفات
عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، و شهادة كلّ موصوف أنّه غير الصّفة ( نفي الصفات يعني الاعتقاد بأن صفاته تعالى هي عين ذاته ، و
ليست صفاتا زائدة على ذاته كما هو الأمر بالنسبة للمخلوقات ، فتكون شيئا منفصلا
عنها . فمن قال بأن صفة اللّه هي كصفة المخلوق ، فقد جعل صفات اللّه جزءا منفصلا
عن اللّه ، و يكون بذلك قد أشرك به ، لأنه ثنّاه و جزّأه ) . لمّا بدّل أكثر خلقه عهد اللّه إليهم ، فجهلوا حقّه ، و
اتّخذوا الأنداد معه . ( الخطبة 1 ، 31 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، شهادة
ممتحنا إخلاصها ، معتقدا مصاصها ( المصاص من كل شي ء
خالصه ) . نتمسّك بها أبدا ما أبقانا ، و ندّخرها لأهاويل ما يلقانا . الأصنام فيكم
منصوبة ، و الآثام بكم معصوبة . ( الخطبة 26 ، 74 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه لا شريك له ، ليس معه إله
غيره . ( الخطبة 35 ، 93 ) كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل . (
الخطبة 63 ، 119 ) لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، و لا تخوّف من عواقب زمان
، و لا استعانة على ندّ مثاور ، و لا شريك مكاثر ، و لا ضدّ منافر . ( الخطبة 63 ، 119 ) و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه وحده لا شريك له . ( الخطبة 83 ، 150 ) و لا تناله التّجزئة و التّبعيض . ( الخطبة 83 ، 150 ) و قال ( ع ) في خطبة الأشباح : الأوّل الّذي لم يكن له
قبل فيكون شي ء قبله ، و الآخر الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده . ( الخطبة 89 ، 1 ، 161 ) لم يعقد غيب
ضميره على معرفتك ، و لم يباشر قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك ، و كأنّه لم يسمع
تبرّؤ التّابعين من المتبوعين إذ يقولون : تَاللّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ
مُبِينٍ . إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمين . كذب العادلون بك ، إذ شبّهوك
بأصنامهم ، و نحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم ، و جزّؤوك تجزئة المجسّمات
بخواطرهم ، و قدّروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم . و أشهد أنّ من
ساواك بشي ء من خلقك فقد عدل بك ، و العادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك
، و نطقت عنه شواهد حجج بيّناتك . ( الخطبة 89 ، 1 ،
163 ) الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، و لا مقدار
احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله . ( الخطبة 89 ، 1
، 163 ) و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) وفتح لهم أبوابا ذللا إلى تماجيده ، و نصب لهم منارا
واضحة على أعلام توحيده ( الخطبة 89 ، 1 ، 168 ) اللّهمّ و هذا مقام من أفردك بالتّوحيد الّذي هو لك ، و
لم ير مستحقّا لهذه المحامد و الممادح غيرك . ( الخطبة
89 ، 4 ، 178 ) الأوّل الّذي لا غاية له فينتهي ، و لا آخر له فينقضي . ( الخطبة 92 ، 185 ) الحمد للّه
الأوّل فلا شي ء قبله ، و الآخر فلا شي ء بعده . (
الخطبة 94 ، 187 ) و نشهد أن لا إله غيره . (
الخطبة 98 ، 193 ) و أشهد أن لا إله
إلاّ اللّه ، شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان ، و القلب اللّسان . ( الخطبة 99 ، 194 ) و نؤمن به إيمان
من عاين الغيوب ، و وقف على الموعود ، إيمانا نفى إخلاصه الشّرك ، و يقينه
الشّكّ . و نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له . ( الخطبة 112 ، 220 ) و نشهد أن لا إله غيره ، و أنّ محمّدا نجيبه و بعيثه ،
شهادة يوافق فيها السّرّ الإعلان ، و القلب اللّسان . (
الخطبة 130 ، 243 ) أمّا وصيّتي : فاللّه لا تشركوا به شيئا . ( الخطبة 147 ، 261 ) الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه ، و بمحدث خلقه على
أزليّته ، و باشتباههم على أن لا شبه له . لا تستلمه المشاعر ، و لا تحجبه
السّواتر . لافتراق الصّانع و المصنوع ، و الحادّ و المحدود ، و الرّبّ و
المربوب . الأحد بلا تأويل عدد ، و الخالق لا بمعنى حركة و نصب . ( الخطبة 150 ، 266 ) من وصفه فقد حدّه
، و من حدّه فقد عدّه ، و من عدّه فقد أبطل أزله . و من قال ( كيف ؟ ) فقد استوصفه ، و من قال ( أين ؟ ) فقد حيّزه . (
الخطبة 150 ، 267 ) إنّ من عزائم اللّه في الذّكر الحكيم ، الّتي عليها يثيب
و يعاقب ، و لها يرضى و يسخط ، أنّه لا ينفع عبدا و إن أجهد نفسه و أخلص فعله أن
يخرج من الدّنيا ، لاقيا ربّه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها : أن يشرك باللّه
فيما افترض عليه من عبادته . . . ( الخطبة 151 ، 269 ) خرّت له الجباه ، و وحّدته الشّفاه . حدّ الأشياء عند
خلقه لها إبانة له من شبهها . لا تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات ، و لا
بالجوارح و الأدوات . لا يقال له ( متى ؟ ) و لا
يضرب له أمد ( بحتّى ) . الظّاهر لا يقال ( ممّا ؟ ) ، و الباطن لا يقال ( فيم ؟ ) . ( الخطبة 161 ، 289 ) و نعقت في أسماعنا دلائله على وحدانيّته . ( الخطبة 163 ، 293 ) ألا و إنّ الظّلم ثلاثة : فظلم لا يغفر ، و ظلم لا يترك و
ظلم مغفور لا يطلب . فأمّا الظّلم الّذي لا يغفر فالشّرك باللّه . قال اللّه
تعالى : إِنَّ اللّهَ لا يَغفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
. . . ( الخطبة 174 ، 317 ) و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، غير معدول به ، و لا مشكوك
فيه ، و لا مكفور دينه ، و لا مجحود تكوينه ( أي خلقه للخلق ) . شهادة من صدقت
نيّته ، و صفت دخلته ، و خلص يقينه ، و ثقلت موازينه . (
الخطبة 176 ، 319 ) لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا ، و لم يلد فيكون
موروثا هالكا . و لم يتقدّمه وقت و لا زمان ، و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان . ( الخطبة 180 ، 324 ) الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد ، و لا تحويه المشاهد
، و لا تراه النّواظر ، و لا تحجبه السّواتر . الدّال على قدمه بحدوث خلقه ، و
بحدوث خلقه على وجوده ، و باشتباههم على أن لا شبه له . . . مستشهد بحدوث
الأشياء على أزليّته . ( الخطبة 183 ، 334 ) واحد لا بعدد ، و دائم لا بأمد ، و قائم لا بعمد . ( الخطبة 183 ، 334 ) لم يشركه في فطرتها فاطر ، و لم يعنه على خلقها قادر . ( الخطبة 183 ، 335 ) و من خطبة له ( ع ) في التوحيد : ما وحّده من كيّفه ، و لا حقيقته أصاب من مثّله . و لا
إيّاه عنى من شبّهه ، و لا صمده ( أي قصده ) من
أشار إليه و توهّمه . كلّ معروف بنفسه مصنوع ، و كلّ قائم في سواه معلول . ( الخطبة 184 ، 341 ) سبق الأوقات كونه ، و العدم وجوده ، و الإبتداء أزله .
بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له ( أي حاسة يشعر بها ) ، و بمضادّته بين
الأمور عرف أن لا ضدّ له ، و بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له . ( الخطبة 184 ، 341 ) لا يشمل بحدّ ، و لا يحسب بعدّ . ( الخطبة 184 ، 342 ) لم يلد فيكون مولودا ، و لم يولد فيصير محدودا . حلّ عن
اتّخاذ الأبناء ، و طهر عن ملامسة النّساء . ( الخطبة
184 ، 342 ) و يقول ( ع ) مؤكدا على فكرة خلق القرآن و عدم
قدمه : و إنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه و مثّله ، لم يكن من
قبل ذلك كائنا ، و لو كان قديما لكان إلها ثانيا . (
الخطبة 184 ، 343 ) و إنّ اللّه سبحانه يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شي ء
معه . . . فلا شي ء إلاّ اللّه الواحد القهّار ،
الّذي إليه مصير جميع الأمور . ( الخطبة 184 ، 345 ) و لم يكوّنها لتشديد سلطان ، و لا لخوف من زوال و نقصان .
و لا للإستعانة بها على ندّ مكاثر ، و لا للاحتراز بها من ضدّ مثاور . و لا
للازدياد بها في ملكه ، و لا لمكاثرة شريك في شركه . و لا لوحشة كانت منه ،
فأراد أن يستأنس إليها . ( الخطبة 184 ، 345 ) من بنات موؤودة ، و أصنام معبودة ، و أرحام مقطوعة ، و
غارات مشنونة . ( الخطبة 190 ، 3 ، 370 ) فقلت أنا : لا إله إلاّ اللّه ، إنّي أوّل مؤمن بك يا
رسول اللّه . ( الخطبة 190 ، 4 ، 375 ) وصيّتي لكم : أن لا تشركوا باللّه شيئا . ( الخطبة 262 ، 459 ) انطلق على تقوى اللّه ، وحده لا شريك له . ( الخطبة 264 ، 461 ) و لقد قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
: « إنّي لا أخاف على أمّتي مؤمنا و لا مشركا . أمّا
المؤمن فيمنعه اللّه بإيمانه ، و أمّا المشرك فيقمعه اللّه بشركه » . ( الخطبة 266 ، 467 ) و اعلم يا بنيّ
أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، و لرأيت آثار ملكه و سلطانه ، و لعرفت
أفعاله و صفاته . و لكنّه إله واحد كما وصف نفسه . لا يضادّه في ملكه أحد ، و لا
يزول أبدا . و لم يزل أوّل قبل الأشياء بلا أوّليّة ، و آخر بعد الأشياء بلا
نهاية . عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر . (
الخطبة 270 ، 2 ، 479 ) فرض اللّه الإيمان تطهيرا من الشّرك . ( 252 ح ، 611 ) و كان
( ع ) يقول : أحلفوا
الظّالم إذا أردتم يمينه بأنّه بري ء من حول اللّه و قوّته ، فإنّه إذا حلف بها
كاذبا عوجل العقوبة ، و إذا حلف باللّه الّذي لا إله إلاّ هو لم يعاجل ، لأنّه
قد وحّد اللّه تعالى . ( 253 ح ، 612 ) و سئل ( ع ) عن التوحيد و العدل ، فقال عليه
السلام : التّوحيد أن لا تتوهّمه ، و العدل أن لا تتّهمه . 470 ح ، 660 ) و قال له أعرابيّ يوم الجمل : يا
أمير المؤمنين ، أتقول : إنّ اللّه واحد ؟ فحمل
النّاس عليه و قالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين ( ع ) من تقسيم القلب ؟ فقال
أمير المؤمنين : |
|
( 8 ) صفات اللّه تعالى
|
|
مدخل :
|
|
اللّه سبحانه و تعالى هو الكمال المطلق ، له الصفات
الحسنى التي هي عين ذاته . و هو في كلّ صفاته لا يشبه صفة المخلوقين ، لأنّه ليس
كمثله شي ء . فهو كائن لا بمعنى أنه لم يكن ثم حدث ، و هو موجود لا بمعنى أنه
كان معدوما ثم وجد . و هو بصير و سميع و عليم بدون حاجة الى عين و أذن و حواس .
و هو فاعل بدون حاجة الى آلة أو أداة أو إجالة فكر أو اختبار ، |
|
النصوص :
|
|
قال الإمام علي ( ع ) : كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم . مع كلّ شي ء لا
بمقارنة ، و غير كلّ شي ء لا بمزايلة ( أي مفارقة و مباينة ) . فاعل لا بمعنى
الحركات و الآلة . بصير إذ لا منظور إليه من خلقه . متوحّد إذ لا سكن يستأنس به
و لا يستوحش لفقده . ( كل هذه الأمثلة لبيان أن ما
نتّخذه من ألفاظ و عبارات في وصف اللّه سبحانه ، لا نقصد بها أبدا ما تعارفنا
عليه من دلالتها ، حال اطلاقها على المخلوقين ) . ( الخطبة 1 ، 25 ) و قال ( ع ) في صفة الملائكة : لا يتوهّمون ربّهم
بالتّصوير ، و لا يجرون عليه صفات المصنوعين ، و لا يحدّونه بالأماكن ، و لا
يشيرون إليه بالنّظائر ( الخطبة 1 ، 28 ) إنّه لا يضلّ من
هداه ، و لا يئلّ من عاداه ، و لا يفتقر من كفاه . (
الخطبة 2 ، 35 ) الّذي لا تبرح
منه رحمة ، و لا تفقد له نعمة . ( الخطبة 45 ، 103 ) الحمد للّه الّذي
بطن خفيّات الأمور ، و دلّت عليه أعلام الظّهور ، و امتنع على عين البصير ، فلا
عين من لم يره تنكره : و لا قلب من أثبته يبصره . . .
لم يطلع العقول على تحديد صفته ، و لم يحجبها عن واجب معرفته . فهو الّذي تشهد
له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذي الجحود ( أي أن قلب
الجاحد يقرّ بوجود اللّه و إن أنكره بلسانه ) . تعالى اللّه عمّا يقوله
المشبّهون به و الجاحدون له علوّا كبيرا . ( الخطبة 49
، 106 ) الحمد للّه الّذي
لم تسبق له حال حالا ، فيكون أوّلا قبل أن يكون آخرا ، و يكون ظاهرا قبل أن يكون
باطنا ، كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل ، و كلّ عزيز غيره ذليل ، و كلّ قويّ غيره
ضعيف ، و كلّ مالك غيره مملوك ، و كلّ عالم غيره متعلّم ، و كلّ قادر غيره يقدر
و يعجز ، و كلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات ، و يصمّه كبيرها ، و يذهب عنه
ما بعد منها ، و كلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان و لطيف الأجسام ، و كلّ
ظاهر غيره غير باطن ، و كلّ باطن غيره غير ظاهر . لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان
، و لا تخوّف من عواقب زمان ، و لا استعانة على ندّ مثاور ، و لا شريك مكاثر ، و
لا ضدّ منافر ، و لكن خلائق مربوبون ، و عباد داخرون (
أي أذلاّء ) . لم يحلل في الأشياء فيقال : هو كائن ، و لم ينأ عنها فيقال
: هو منها بائن . لم يؤده ( أي يتعبه ) خلق ما
ابتدأ ، و لا تدبير ما ذرأ ، و لا وقف به عجز عمّا خلق ، و لا ولجت عليه شبهة
فيما قضى و قدّر . بل قضاء متقن ، و علم محكم ، و أمر مبرم . المأمول مع النّقم
، المرهوب مع النّعم . ( الخطبة 63 ، 118 ) اللّهمّ داحي المدحوّات ( أي
الأرضين ) و داعم المسموكات ، و جابل القلوب على فطرتها : شقيّها و
سعيدها . ( الخطبة 70 ، 125 ) الحمد للّه الّذي
علا بحوله ، و دنا بطوله ، مانح كلّ غنيمة و فضل ، و كاشف كلّ عظيمة و أزل ( أي ضيق ) . أحمده على عواطف كرمه ، و سوابغ نعمه . و
أومن به أولا باديا ، و أستهديه قريبا هاديا ، و أستعينه قاهرا قادرا ، و أتوكّل
عليه كافيا ناصرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) أوصيكم عباد
اللّه بتقوى اللّه ، الّذي ضرب الأمثال ، و وقّت لكم الآجال ، و ألبسكم الرّياش
، و أرفغ لكم المعاش ، و أحاط بكم الإحصاء ، و أرصد لكم الجزاء ، و آثركم
بالنّعم السّوابغ ، و الرّفد الرّوافغ ، و أنذركم بالحجج البوالغ . فأحصاكم عددا
، و وظّف لكم مددا . في قرار خبرة ، و دار عبرة . أنتم مختبرون فيها ، و محاسبون
عليها . ( الخطبة81 ، 1 ، 137 ) عباد مخلوقون
اقتدارا ، و مربوبون اقتسارا ( أي عباد خلقهم اللّه
بقدرته و ملكهم بسطوته ) . ( الخطبة 81 ، 1 ،
139 ) و كفى باللّه منتقما و نصيرا . (
الخطبة 81 ، 2 ، 145 ) لا تقع الأوهام له على صفة ، و لا تعقد القلوب منه على
كيفيّة ، و لا تناله التّجزئة و التّبعيض ، و لا تحيط به الأبصار و القلوب . ( الخطبة 83 ، 150 ) قد علم السّرائر
، و خبر الضّمائر . له الإحاطة بكلّ شي ء ، و الغلبة لكلّ شي ء ، و القوّة على
كلّ شي ء . ( الخطبة 84 ، 151 ) الحمد للّه المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير رويّة
، الّذي لم يزل قائما دائما ، إذ لا سماء ذات أبراج ، و لا حجب ذات إرتاج ، و لا
ليل داج ، و لا بحر ساج ، و لا جبل ذو فجاج ، و لا فجّ ذو اعوجاج ، و لا أرض ذات
مهاد ، و لا خلق ذو اعتماد . ذلك مبتدع الخلق و وارثه ، و إله الخلق و رازقه ، و
الشّمس و القمر دائبان في مرضاته ، يبليان كلّ جديد ، و يقرّبان كلّ بعيد . قسم
أرزاقهم ، و أحصى آثارهم و أعمالهم ، و عدد أنفسهم ، و خائنة أعينهم ، و ما تخفي
صدورهم من الضّمير ، و مستقرّهم و مستودعهم من الأرحام و الظّهور ، إلى أن
تتناهى بهم الغايات . هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته ، و اتّسعت
رحمته لأوليائه في شدّة نقمته . قاهر من عازّه ( أي رام مشاركته في عزته ) ، و
مدمّر من شاقّه ، و مذلّ من ناواه ، و غالب من عاداه . من توكّل عليه كفاه ، و
من سأله أعطاه ، و من أقرضه قضاه ، و من شكره جزاه . (
الخطبة 88 ، 159 ) و من خطبة له ( ع ) تعرف بخطبة الأشباح ، و هي
من جلائل خطبه : الأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شي ء قبله ، و الآخر الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده ، و الرّادع
أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه . ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال ، و
لا كان في مكان فيجوز عليه الإنتقال . ( الخطبة 89 ، 1
، 161 ) و ردّ على سائل سأله أن يصف اللّه تعالى حتى كأنّه يراه عيانا
فقال : فانظر أيّها السّائل فما دلّك القرآن عليه من صفته فائتمّ به ، و
استضي ء بنور هدايته ، و ما كلّفك الشّيطان علمه ممّا ليس في الكتاب عليك فرضه ،
و لا في سنّة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أئمّة الهدى أثره ، فكل علمه إلى
اللّه سبحانه ، فإنّ ذلك منتهى حقّ اللّه عليك . و اعلم أنّ
الرّاسخين في العلم هم الّذين أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب ،
الأقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح اللّه تعالى اعترافهم
بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم
البحث عن كنهه رسوخا . فاقتصر على ذلك ، و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر
عقلك فتكون من الهالكين . هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته
، و حاول الفكر المبرّأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و
تولّهت القلوب إليه لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا
تبلغه الصّفات ، لتناول علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب ، متخلّصة
إليه سبحانه ، فرجعت إذ جبهت معترفة ، بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ،
و لا تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . فأشهد أنّ من شبّهك بتباين أعضاء خلقك ، و تلاحم حقاق
مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك ، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك ، و لم يباشر
قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك ، و كأنّه لم يسمع تبرّؤ التّابعين من المتبوعين إذ
يقولون : تَاللّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ
بِرَبِّ الْعالَمِينَ كذب العادلون بك ، إذ شبّهوك بأصنامهم ، و نحلوك حلية
المخلوقين بأوهامهم ، و جزّؤوك تجزئة المجسّمات بخواطرهم ، و قدّروك على الخلقة
المختلفة القوى بقرائح عقولهم . و أشهد أنّ من ساواك بشي ء من خلقك فقد عدل بك ،
و العادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك ، و نطقت عنه شواهد حجج بيّناتك و
إنّك أنت اللّه الّذي لم تتناه في العقول ، فتكون في مهبّ فكرها مكيّفا ، و لا
في رويّات خواطرها فتكون محدودا مصرّفا . ( الخطبة 89 ،
1 ، 163 ) قدّر ما خلق
فأحكم تقديره ، و دبّره فألطف تدبيره ، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته ،
و لم يقصر دون الإنتهاء إلى غايته ، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته ،
فكيف و إنّما صدرت الأمور عن مشيئته ؟ المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل
إليها ، و لا قريحة غريزة أضمر عليها ، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و
لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور ، فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، و
أجاب إلى دعوته ، لم يعترض دونه ريث المبطي ء ، و لا أناة المتلكّى ء . فأقام من
الأشياء أودها ، و نهج حدودها ، و لاءم بقدرته بين متضادّها ، و وصل أسباب
قرائنها ، و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ،
بدايا ( جمع بدي ء أي مصنوع ) خلائق . أحكم
صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ،
1 ، 164 ) و جاء
في خطبة الأشباح : و قدّر
الأرزاق فكثّرها و قلّلها ، و قسّمها على الضّيق و السّعة فعدل فيها ، ليبتلي من
أراد بميسورها و معسورها ، و ليختبر بذلك الشّكر و الصّبر من غنيّها و فقيرها .
ثمّ قرن بسعتها عقابيل ( أي شدائد ) فاقتها ، و
بسلامتها طوارق آفاتها ، و بفرج أفراحها غصص أتراحها . و خلق الآجال فأطالها و
قصّرها ، و قدّمها و أخّرها و وصل
بالموت أسبابها ، و جعله خالجا لأشطانها ، و قاطعا لمرائر أقرانها ( أي حبالها الشديدة الفتل ) . ( 89 ، 4 ، 175 ) اللّهمّ أنت أهل
الوصف الجميل ، و التّعداد الكثير . إن تؤمّل فخير مأمول ، و إن ترج فخير مرجوّ
. ( 89 ، 4 ، 177 ) الحمد للّه النّاشر في الخلق فضله ، و الباسط فيهم بالجود
يده . نحمده في جميع أموره ، و نستعينه على رعاية حقوقه ، و نشهد أن لا إله غيره
. ( 98 ، 193 ) الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه ، و الظّاهر لقلوبهم
بحجّته . خلق الخلق من غير رويّة ، إذ كانت الرّويّات لا تليق إلاّ بذوي
الضّمائر ، و ليس بذي ضمير في نفسه . و قال
( ع ) في بيان قدرة اللّه و انفراده بالعظمة : كلّ شي ء خاشع له ، و كلّ شي ء قائم به : سبحانك خالقا و معبودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت دارا ،
و جعلت فيها مأدبة : مشربا و مطعما ، و أزواجا و خدما و قصورا ، و أنهارا و
زروعا و ثمارا ، ثمّ أرسلت داعيا يدعو إليها . ( 107 ،
209 ) أفيضوا في ذكر اللّه فإنّه أحسن الذّكر ، و ارغبوا فيما
وعد المتّقين ، فإنّ وعده أصدق الوعد . ( 108 ، 213 )
و قد توكّل اللّه لأهل هذا الدّين بإعزاز الحوزة ، و ستر
العورة . و الّذي نصرهم و هم قليل لا ينتصرون ، و منعهم و هم قليل لا يمتنعون .
حيّ لا يموت . ( 132 ، 246 ) الحمد للّه
الدّال على وجوده بخلقه ، و بمحدث خلقه على أزليّته ، و باشتباههم على أن لا شبه
له . لا تستلمه المشاعر ( أي لا تصل إليه ) ، و
لا تحجبه السّواتر . لافتراق الصّانع و المصنوع ، و الحادّ و المحدود ، و الرّبّ
و المربوب . الأحد بلا تأويل عدد ، و الخالق لا بمعنى حركة و نصب . و السّميع لا
بأداة ، و البصير لا بتفريق آلة . و الشّاهد لا بمماسّة ، و البائن لا بتراخي
مسافة . و الظّاهر لا برؤية ، و الباطن لا بلطافة . بان من الأشياء بالقهر لها ،
و القدرة عليها . و بانت الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه . الحمد للّه الّذي
انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته ، و ردعت عظمته العقول ، فلم تجد مساغا إلى بلوغ
غاية ملكوته . هو اللّه الملك الحقّ المبين ، أحقّ و أبين ممّا ترى العيون . لم
تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبّها . و لم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثّلا
. خلق الخلق على غير تمثيل ، و لا مشورة مشير ، و لا معونة معين . فتمّ خلقه
بأمره ، و أذعن لطاعته ، فأجاب و لم يدافع ، و انقاد و لم ينازع . ( الخطبة 153 ، 271 ) أمره قضاء و حكمة
، و رضاه أمان و رحمة . يقضي بعلم ، و يعفو بحلم . (
الخطبة 158 ، 280 ) فلسنا نعلم كنه
عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم ، لا تأخذك سنة و لا نوم . لم ينته إليك
نظر ، و لم يدركك بصر . أدركت الأبصار ، و أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و
الأقدام . و ما الّذي نرى من خلقك ، و نعجب له من قدرتك ، و نصفه من عظيم سلطانك
، و ما تغيّب عنّا منه ، و قصرت أبصارنا عنه ، و انتهت عقولنا دونه ، و حالت
ستور الغيوب بيننا و بينه ، أعظم . فمن فرّغ قلبه ، و أعمل فكره ، ليعلم كيف
أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في الهواء سمواتك ، و كيف مددت على
مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و سمعه والها ، و فكره حائرا
. ( الخطبة 158 ، 280 ) الحمد للّه خالق
العباد ، و ساطح المهاد ، و مسيل الوهاد ، و مخصب النّجاد . ليس لأوّليّته
ابتداء ، و لا لأزليّته انقضاء . هو الأوّل و لم يزل و الباقي بلا أجل . خرّت له
الجباه و وحّدته الشّفاه . حدّ الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها . لا
تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات ، و لا بالجوارح و الأدوات . لا يقال له ( متى ؟ ) و لا يضرب له أمد (
بحتّى ) . الظّاهر لا يقال ( ممّا ؟ ) و
الباطن لا يقال ( فيم ؟ ) . لا شبح فيتقصّى ، و
لا محجوب فيحوى . لم يقرب من الأشياء بالتصاق ، و لم يبعد عنها بافتراق . و لا
يخفى عليه من عباده شخوص لحظة و لا كرور لفظة ، و لا ازدلاف ربوة و لا انبساط
خطوة . في ليل داج و لا غسق ساج ، يتفيّأ عليه القمر المنير ، و تعقبه الشّمس
ذات النّور في الأفول و الكرور ، و تقلّب الأزمنة و الدّهور . من إقبال ليل مقبل
، و إدبار نهار مدبر . قبل كلّ غاية و مدّة ، و كلّ إحصاء و عدّة . تعالى عمّا
ينحله المحدّدون من صفات الأقدار ، و نهايات الأقطار . و تأثّل المساكن و تمكّن
الأماكن . فالحدّ لخلقه مضروب و إلى غيره منسوب . (
الخطبة 161 ، 288 ) لم يخلق الأشياء
من أصول أزليّة ، و لا من أوائل أبديّة ، بل خلق ما خلق فأقام حدّه ، و صوّر ما
صوّر فأحسن صورته . ليس لشي ء منه إمتناع ، و لا له بطاعة شي ء انتفاع . علمه
بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين . و علمه بما في السّموات العلى كعلمه
بما في الأرضين السّفلى . ( الخطبة 161 ، 290 ) لا يشغله شأن و لا يغيّره زمان ، و لا يحويه مكان ، و لا
يصفه لسان . و لا يعزب عنه عدد قطر الماء و لا نجوم السّماء ، و لا سوافي الرّيح
في الهواء ، و لا دبيب النّمل على الصّفا ، و لا مقيل الذّرّ ( صغار النمل ) في اللّيلة الظّلماء . يعلم مساقط
الأوراق و خفيّ طرف الأحداق . و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه غير معدول به ، و لا
مشكوك فيه ، و لا مكفور دينه ، و لا مجحود تكوينه ( أي
خلقه للخلق ) . ( الخطبة 176 ، 318 ) أراد ذعلب اليماني أن يقحم أمير المؤمنين ( ع ) فقال له :
هل رأيت ربك ؟ فقال ( ع ) أفأعبد ما لا أرى ؟ فقال : و كيف تراه ؟ فقال ( ع
) : لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ، و لكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان
. قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين . متكلّم لا برويّة ، مريد
لا بهمّة ، صانع لا بجارحة . لطيف لا يوصف بالخفاء ، كبير لا يوصف بالجفاء ،
بصير لا يوصف بالحاسّة ، رحيم لا يوصف بالرّقّة . تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب ( أي تخفق ) القلوب من مخافته . ( الخطبة 177 ، 320 ) لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا . . و لم يلد فيكون موروثا هالكا . و لم يتقدّمه وقت و
لا زمان . و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان . بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات
التّدبير المتقن و القضاء المبرم . فمن شواهد خلقه خلق السّموات . . . ( الخطبة ، 180 ، 324 )
الحمد للّه
الكائن قبل أن يكون كرسيّ أو عرش ، أو سماء أو أرض ، أو جانّ أو إنس . لا يدرك
بوهم ، و لا يقدّر بفهم . و لا يشغله سائل ، و لا ينقصه نائل ( أي عطاء ) . و لا ينظر بعين ، و لا يحدّ بأين . و لا
يوصف بالأزواج ، و لا يخلق بعلاج . و لا يدرك بالحواسّ ، و لا يقاس بالنّاس .
الّذي كلّم موسى تكليما ، و أراه من آياته عظيما . بلا جوارح و لا أدوات ، و لا
نطق و لا لهوات . بل إن كنت صادقا أيّها المتكلّف لوصف ربّك ، فصف جبرائيل و
ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين في حجرات القدّس مرجحنّين ( أي متحركين ، كناية عن الإنحناء لعظمة اللّه )
متولّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين . فإنّما يدرك بالصّفات ذوو الهيئات و
الأدوات ، و من ينقضي إذا بلغ أمد حدّه بالفناء . فلا إله إلاّ هو ، أضاء بنوره
كلّ ظلام ، و أظلم بظلمته كلّ نور ( الخطبة 180 ، 325 ) الحمد للّه
المعروف من غير رؤية ، و الخالق من غير منصبة ( أي تعب
) . خلق الخلائق بقدرته ، و استعبد الأرباب بعزّته ، و ساد العظماء بجوده
. و هو الّذي أسكن الدّنيا خلقه ، و بعث إلى الجنّ و الإنس رسله . . ( الخطبة 181 ، 329 ) الحمد للّه الّذي
لا تدركه الشّواهد ، و لا تحويه المشاهد ، و لا تراه النّواظر ، و لا تحجبه
السّواتر . الدّال على قدمه بحدوث خلقه ، و بحدوث خلقه على وجوده ، و باشتباههم
على أن لا شبه له . الّذي صدق في ميعاده و ارتفع عن ظلم عباده . و قام بالقسط في
خلقه ، و عدل عليهم في حكمه . مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته ، و بما وسمها
به من العجز على قدرته ، و بما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه . واحد لا بعدد
، و دائم لا بأمد ، و قائم لا بعمد . تتلقّاه الأذهان لا بمشاعرة ، و تشهد له
المرائي لا بمحاضرة . لم تحط به الأوهام ، بل تجلّى لها بها ، و بها امتنع منها
، و إليها حاكمها . فاعل لا باضطراب
آلة . مقدّر لا بجول فكرة ، غنيّ لا باستفادة . لا تصحبه الأوقات ، و لا ترفده
الأدوات . سبق الأوقات كونه ، و العدم وجوده ، و الإبتداء أزله . بتشعيره
المشاعر عرف أن لا مشعر له ، و بمضادّته بين الأمور عرف أن لا ضدّ له . و
بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له ، ضادّ النّور بالظّلمة ، و الوضوح
بالبهمة . و الجمود بالبلل ، و الحرور بالصّرد ( أي
البرد ) . مؤلّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها . مقرّب بين
متباعداتها ، مفرّق بين متدانياتها . لا يشمل بحدّ ، و لا يحسب بعدّ . و إنّما
تحدّ الأدوات أنفسها ، و تشير الآلات إلى نظائرها . منعتها ( منذ ) القدمة ، و حمتها (
قد ) الأزليّة . و جنّبتها ( لولا )
التّكملة . بها تجلّى صانعها للعقول ، و بها امتنع عن نظر العيون ، و لا يجري
عليه السّكون و الحركة . و كيف يجري عليه ما هو أجراه ، و يعود فيه ما هو أبداه
. و يحدث فيه ما هو أحدثه إذا لتفاوتت ذاته ، و لتجزّأ كنهه ، و لامتنع من الأزل
معناه . و لكان له وراء إذ وجد له أمام . و لالتمس التّمام إذ لزمه النّقصان . و
إذا لقامت آية المصنوع فيه ، و لتحوّل دليلا بعد أن كان مدلولا عليه . و خرج
بسلطان الإمتناع من أن يؤثّر فيه ما يؤثّر في غيره . الّذي لا يحول و لا يزول ،
و لا يجوز عليه الأفول . لم يلد فيكون مولودا ، و لم يولد فيصير محدودا . جلّ عن
اتّخاذ الأبناء ، و طهر عن ملامسة النّساء . لا تناله الأوهام فتقدّره ، و لا
تتوهّمه الفطن فتصوّره . و لا تدركه الحواسّ فتحسّه ، و لا تلمسه الأيدي فتمسّه
. و لا يتغيّر بحال ، و لا يتبدّل في الأحوال . لا يقال كان بعد
أن لم يكن ، فتجري عليه الصّفات المحدثات . و لا يكون بينها و بينه فصل ، و لا
له عليها فضل . فيستوي الصّانع و المصنوع ، و يتكافأ المبتدع و البديع . خلق
الخلائق على غير مثال خلا من غيره . و لم يستعن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 343 ) و إن اللّه
سبحانه يعود بعد فناء الدّنيا وحده لا شي ء معه . كما كان قبل ابتدائها ،كذلك
يكون بعد فنائها . بلا وقت و لا مكان ، و لا حين و لا زمان . عدمت عند ذلك
الآجال و الأوقات ، و زالت السّنون و السّاعات . فلا شي ء إلاّ اللّه الواحد
القهّار ، الّذي إليه مصير جميع الأمور . بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، و
بغير امتناع منها كان فناؤها ، و لو قدرت على الإمتناع لدام بقاؤها . لم يتكاءده
صنع شي ء منها إذ صنعه ، و لم يؤده منها خلق ما خلقه و برأه . و لم يكوّنها
لتشديد سلطان ، و لا لخوف من زوال و نقصان . و لا للإستعانة بها على ندّ مكاثر ،
و لا للإحتراز بها من ضدّ مثاور . و لا للإزدياد بها في ملكه ، و لا لمكاثرة
شريك في شركه . و لا لوحشة كانت منه ، فأراد أن يستأنس إليها . أمّا بعد فإنّ
اللّه سبحانه و تعالى ، خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم .
لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه ، و لا تنفعه طاعة من أطاعه . فقسم بينهم معايشهم
و وضعهم من الدّنيا مواضعهم . ( الخطبة 191 ، 376 )
« راجع تتمة الكلام في المبحث 363 صفات المتّقين »
. و اعلموا عباد اللّه ، أنّه لم يخلقكم عبثا و لم يرسلكم
هملا . علم مبلغ نعمه عليكم ، و أحصى إحسانه إليكم . فاستفتحوه و استنجحوه . و
اطلبوا إليه و استمنحوه . فما قطعكم عنه حجاب ، و لا أغلق عنكم دونه باب . و
إنّه لبكلّ مكان ، و في كلّ حين و أوان ، و مع كلّ إنس و جانّ . لا يثلمه العطاء
و لا ينقصه الجباء . و لا يستنفده سائل و لا يستقصيه نائل . و لا يلويه شخص عن
شخص . و لا يلهيه صوت عن صوت . و لا تحجزه هبة عن سلب . و لا يشغله غضب عن رحمة
. و لا تولهه رحمة عن عقاب . و لا يجنّه ( أي يستره )
البطون عن الظّهور . و لا يقطعه الظّهور عن البطون . قرب فنأى ، و علا فدنا . و
ظهر فبطن ، و بطن فعلن . و دان و لم يدن . لم يذرإ الخلق باحتيال ، و لا استعان
بهم لكلال . ( الخطبة 193 ، 383 ) الحمد للّه
العليّ عن شبه المخلوقين . الغالب لمقال الواصفين . الظّاهر بعجائب تدبيره
للنّاظرين . و الباطن بجلال عزّته عن فكر المتوهّمين . العالم بلا اكتساب و لا
ازدياد ، و لا علم مستفاد . المقدّر لجميع الأمور بلا رويّة و لا ضمير . الّذي
لا تغشاه الظّلم ، و لا يستضي ء بالأنوار . و لا يرهقه ليل ، و لا يجري عليه
نهار . ليس إدراكه بالإبصار ، و لا علمه بالإخبار . (
الخطبة 211 ، 406 ) فتفهّم
يا بنيّ وصيّتي . و اعلم
أنّ مالك الموت هو مالك الحياة . و أنّ الخالق هو المميت ، و أنّ المفني هو
المعيد ، و أنّ المبتلي هو المعافي . ( الخطبة 270 ، 2
، 478 ) و اعلم يا بنيّ أنّ أحدا لم ينبئ عن اللّه سبحانه كما
أنبأ عنه الرّسول صلّى اللّه عليه و آله فأرض به رائدا ، و إلى النّجاة قائدا ،
فإنّي لم آلك نصيحة . و إنّك لن تبلغ في النّظر لنفسك و إن اجتهدت مبلغ نظري لك
. |
( 9 ) علم اللّه تعالى
|
|
مدخل :
|
|
من أول صفات اللّه تعالى الثبوتية أنه عالم مدرك ، بصير
سميع ، محيط بكل الأشياء و الأفعال . و يمتد علمه ليشمل كلّ زمان و مكان ، و
يحيط بكلّ شي ء صغير و كبير ، و يطلع حتى على نجوى المتخافتين ، و أسرار خواطر
المضمرين ، و هو القائل : يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى . |
|
النصوص :
|
|
|
قال الامام علي ( ع ) : الحمد للّه الّذي
بطن خفيّات الأمور ( أي علم الأمور من باطنها ) . (
الخطبة 49 ، 106 ) و كلّ عالم غيره
متعلّم . ( الخطبة 63 ، 119 ) بل قضاء متقن ، و
علم محكم ، و أمر مبرم . ( الخطبة 63 ، 120 ) قد علم السّرائر
، و خبر الضّمائر . له الإحاطة بكلّ شي ء ، و الغلبة لكلّ شي ء ، و القوّة على
كلّ شي ء . ( الخطبة 84 ، 151 ) قسم أرزاقهم ، و
أحصى آثارهم و أعمالهم ، و عدد أنفسهم ، و خائنة أعينهم ، و ما تخفي صدورهم من
الضّمير ، و مستقرّهم و مستودعهم من الأرحام و الظّهور ، إلى أن تتناهى بهم
الغايات . ( الخطبة 88 ، 159 ) و جاء في خطبة الأشباح في بيان علم اللّه تعالى
: خرق علمه باطن غيب السّترات ، و أحاط بغموض عقائد
السّريرات . ( الخطبة 106 ، 205 ) من تكلّم سمع
نطقه ، و من سكت علم سرّه . ( الخطبة 107 ، 208 ) كلّ سرّ عندك
علانية ، و كلّ غيب عندك شهادة . ( الخطبة 107 ، 208 ) و نستغفره ممّا أحاط به علمه ، و أحصاه كتابه ، علم غير
قاصر ، و كتاب غير مغادر . ( الخطبة 112 ، 219 ) . . . و إنّما علم الغيب علم السّاعة ، و ما عدّده اللّه
سبحانه بقوله إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية . فيعلم اللّه
سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى و قبيح أو جميل ، و سخيّ أو بخيل ، و شقيّ
أو سعيد ، و من يكون في النّار حطبا ، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا . فهذا علم
الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه . ( الخطبة 126 ،
239 ) الباطن لكلّ
خفيّة ، و الحاضر لكلّ سريرة . العالم بما تكنّ الصّدور و ما تخون العيون . ( الخطبة 130 ، 243 ) ألا إنّ اللّه
تعالى قد كشف الخلق كشفة ( أي علم حالهم في جميع
أطوارهم ) ، لا أنّه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم و مكنون ضمائرهم ، و
لكن لِيَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً . فيكون الثّواب جزاء ، و العقاب
بواء . ( الخطبة 142 ، 255 ) و عالم إذ لا معلوم ، و ربّ إذ لا مربوب ، و قادر إذ لا
مقدور . ( الخطبة 150 ، 267 ) يقضي بعلم ، و
يعفو بحلم . ( الخطبة 158 ، 280 ) أدركت الأبصار ،
و أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و الأقدام . (
الخطبة 158 ، 280 ) و لا يخفى عليه
من عباده شخوص لحظة و لا كرور لفظة ، و لا ازدلاف ربوة و لا انبساط خطوة . في
ليل داج و لا غسق ساج ، يتفيّأ عليه القمر المنير ، و تعقبه الشّمس ذات النّور
في الأفول و الكرور ، و تقلّب الأزمنة و الدّهور . من إقبال ليل مقبل ، و إدبار
نهار مدبر . قبل كلّ غاية و مدّة ، و كلّ إحصاء و عدّة . ( الخطبة 161 ، 289 ) علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين . و علمه
بما في السّموات العلى كعلمه بما في الأرضين السّفلى . (
الخطبة 161 ، 290 ) و لا يعزب عنه عدد قطر الماء و لا نجوم السّماء ، و لا
سوافي الرّيح في الهواء ، و لا دبيب النّمل على الصّفا ، و لا مقيل الذّرّ ( صغار النمل ) في اللّيلة الظّلماء . يعلم مساقط
الأوراق و خفيّ طرف الأحداق . ( الخطبة 176 ، 319 ) فسبحان من لا
يخفى عليه سواد غسق داج ، و لا ليل ساج ، في بقاع الأرضين المتطأطئات ، و لا في
يفاع السّفع المتجاورات ( اليّفاع التل ، و السفع
الجبال السود ) . و ما يتجلجل به الرّعد في أفق السّماء ، و ما تلاشت عنه
بروق الغمام . و ما تسقط من ورقة تزيلها عن مسقطها عواصف الأنواء و انهطال
السّماء و يعلم مسقط القطرة و مقرّها ، و مسحب الذّرّة و مجرّها ، و ما يكفي
البعوضة من قوتها ، و ما تحمل الأنثى في بطنها . ( الخطبة
180 ، 325 ) فاتّقوا اللّه الّذي أنتم بعينه ، و نواصيكم بيده ، و
تقلّبكم في قبضته . إن أسررتم علمه ، و إن أعلنتم كتبه . قد وكّل بذلك حفظة
كراما ، لا يسقطون حقّا ، و لا يثبتون باطلا . ( الخطبة
181 ، 331 ) فالطّير مسخّرة
لأمره . أحصى عدد الرّيش منها و النّفس ، و أرسى قوائمها على النّدى و اليبس . و
قدّر أقواتها و أحصى أجناسها : فهذا غراب و هذا عقاب ، و هذا حمام و هذا نعام . ( الخطبة 183 ، 337 ) هو الظّاهر عليها
بسلطانه و عظمته ، و هو الباطن لها بعلمه و معرفته . . . ( الخطبة 184 ، 344 ) الّذي عظم حلمه فعفا ، و عدل في كلّ ما قضى ، و علم ما
يمضي و ما مضى . مبتدع الخلائق بعلمه ، و منشئهم بحكمه . بلا اقتداء و لا تعليم
، و لا احتذاء لمثال صانع حكيم . و لا إصابة خطأ ، و لا حضرة ملأ . ( الخطبة 189 ، 353 ) يعلم عجيج الوحوش
في الفلوات ، و معاصي العباد في الخلوات ، و اختلاف النّينان ( جمع نون و هو الحوت ) في البحار الغامرات ، و تلاطم
الماء بالرّياح العاصفات . ( الخطبة 196 ، 387 ) إنّ اللّه سبحانه
و تعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم و نهارهم . لطف به خبرا ، و
أحاط به علما . أعضاؤكم شهوده ، و جوارحكم جنوده . وضمائركم عيونه ، و خلواتكم
عيانه . ( الخطبة 197 ، 394 ) فخذوا من ممرّكم
لمقرّكم ، و لا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم . (
الخطبة 201 ، 396 ) العالم بلا
اكتساب و لا ازدياد ، و لا علم مستفاد . . . ليس
إدراكه بالإبصار ، و لا علمه بالإخبار . ( الخطبة 211 ،
406 ) اللهمّ إنّك آنس
الآنسين لأوليائك ، و أحضرهم بالكفاية للمتوكّلين عليك . تشاهدهم في سرائرهم ، و
تطّلع عليهم في ضمائرهم ، و تعلم مبلغ بصائرهم . فأسرارهم لك مكشوفة ، و قلوبهم
إليك ملهوفة . ( الخطبة 225 ، 429 ) فإذا ناديته سمع
نداك ، و إذا ناجيته علم نجواك . ( الخطبة 270 ، 2 ،
482 ) أيّها النّاس ، اتّقوا اللّه الّذي إن قلتم سمع ، و إن
أضمرتم علم . ( الخطبة 203 ح ، 603 ) اللهمّ إنّي أعوذ بك من أن تحسن في لامعة العيون علانيتي
، و تقبّح فيما أبطن لك سريرتي ، محافظا على رئاء النّاس من نفسي ، بجميع ما أنت
مطّلع عليه منّي . ( 276 ح ، 622 ) اتّقوا معاصي اللّه في الخلوات ، فإنّ الشّاهد هو الحاكم
. ( 324 ح ، 631 ) |
|
( 10 ) هيمنة اللّه و جبروته
عزته و كبرياؤه
|
|
مدخل :
|
|
من
صفات اللّه تعالى أنه
المهيمن ذو الجبروت . أما هيمنته فتتجلى في أنه
المسيطر على كل شي ء و الحافظ له ، فكل شي ء قائم بوجوده . و أما الجبروت فيعني القهر ، أي أنه سبحانه قاهر لكل
شي ء و لا يعجزه شي ء ، و كل شي ء خاضع لمشيئته ، و ذلك مصداق قوله تعالى : وَ للّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَ الأَرْضِ طَوْعاً
وَ كَرْهاً « الرعد 15 » . و قوله جلّ من قائل : المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ، الْعَزِيزُ
الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) عن الحجّ : و كلّ عزيز غيره ذليل ، و كلّ قويّ غيره ضعيف ، و كلّ
مالك غيره مملوك . ( الخطبة 63 ، 119 ) و لكن خلائق
مربوبون ، و عباد داخرون ( أي أذلاء ) . ( الخطبة 63 ، 120 ) و أستعينه قاهرا قادرا . (
الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) عباد مخلوقون اقتدارا ، و مربوبون اقتسارا ( أي عباد خلقهم اللّه بقدرته و ملكهم بسطوته ) . ( الخطبة 81 ، 1 ، 139 ) قد علم السّرائر ، و خبر الضّمائر . له الإحاطة بكلّ شي ء
، و الغلبة لكلّ شي ء ، و القوّة على كلّ شي ء . (
الخطبة 84 ، 151 ) هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته ، و
اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته . قاهر من عازّه (
أي رام مشاركته في عزته ) ، و مدمّر من شاقّه ، و مذلّ من ناواه ، و غالب
من عاداه . من توكّل عليه كفاه ، و من سأله أعطاه ، و من أقرضه قضاه ، و من شكره
جزاه . ( الخطبة 88 ، 159 ) فتمّ خلقه بأمره
، و أذعن لطاعته ، و أجاب إلى دعوته . ( الخطبة 89 ، 1
، 165 ) لم يلحقه في ذلك
كلفة ، و لا اعترضته في حفظ ما ابتدع من خلقه عارضة ، و لا اعتورته في تنفيذ
الأمور و تدابير المخلوقين ملالة و لا فترة . بل نفذهم علمه ، و أحصاهم عدده ، و
وسعهم عدله ، و غمرهم فضله ، مع تقصيرهم عن كنه ما هو أهله . ( الخطبة 89 ، 4 177 ) و لئن أمهل
الظّالم فلن يفوت أخذه ، و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه ، و بموضع الشّجى من
مساغ ريقه ( أي ممره من الحلق ) . ( الخطبة 95 ، 188 ) و هو اللّه الّذي
لا يعجزه من طلب ، و لا يفوته من هرب . ( الخطبة 103 ،
200 ) كلّ شي ء خاشع له
، و كلّ شي ء قائم به : غنى كلّ فقير ، و عزّ كلّ ذليل ، و قوّة كلّ ضعيف ، و
مفزع كلّ ملهوف . من تكلّم سمع نطقه ، و من سكت علم سرّه ، و من عاش فعليه رزقه
، و من مات فإليه منقلبه . ( الخطبة 107 ، 208 ) أنت الأبد لا أمد
لك ، و أنت المنتهى فلا محيص عنك ، و أنت الموعد فلا منجى منك إلاّ إليك . بيدك
ناصية كلّ دابّة ، و إليك مصير كلّ نسمة . ( الخطبة 107
، 208 ) و انقادت له الدّنيا و الآخرة بأزمّتها ، و قذفت إليه
السّموات و الأرضون مقاليدها ، و سجدت له بالغدوّ و الآصال الأشجار النّاضرة ، و
قدحت له من قضبانها النّيران المضيئة ، و آتت أكلها بكلماته الثّمار اليانعة . الخطبة 131 ، 244 بان من الأشياء بالقهر لها ، و القدرة عليها . و بانت
الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه . الخطبة 150 ،
267 ) فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، فأجاب و لم يدافع ، و
انقاد و لم ينازع . ( الخطبة 153 ، 271 ) أدركت الأبصار ،
و أحصيت الأعمال ، و أخذت بالنّواصي و الأقدام . (
الخطبة 158 ، 280 ) خرّت له الجباه ، و وحّدته الشّفاه . ( الخطبة 161 ، 289 ) ليس لشي ء منه
امتناع ، و لا له بطاعة شي ء انتفاع . ( الخطبة 161 ،
290 ) تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب ( أي
تخفق ) القلوب من مخافته . ( الخطبة 177 ، 320 ) خلق الخلائق
بقدرته ، و استعبد الأرباب بعزّته ، و ساد العظماء بجوده . ( الخطبة 181 ، 329 ) ليس بذي كبر
امتدّت به النّهايات فكبّرته تجسيما ، و لا بذي عظم تناهت به الغايات فعظّمته
تجسيدا . بل كبر شأنا ، و عظم سلطانا . ( الخطبة 183 ،
334 ) فتبارك اللّه الّذي يسجد له من في السّموات و الأرض طوعا
و كرها ، و يعفّر له خدّا و وجها ، و يلقي إليه بالطّاعة سلما و ضعفا ، و يعطي
له القياد رهبة و خوفا . ( الخطبة 183 ، 337 ) و قال
( ع ) في مطلع الخطبة القاصعة : الحمد للّه
الّذي لبس العزّ و الكبرياء ، و اختارهما لنفسه دون خلقه ، و جعلهما حمى و حرما
على غيره ، و اصطفاهما لجلاله . و جعل اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده . الخطبة 190 ، 1 ، 356 و كان من اقتدار
جبروته ، و بديع لطائف صنعته ، أن جعل من ماء البحر الزاخر المتراكم المتقاصف ،
يبسا جامدا . ( الخطبة 209 ، 403 ) . . . و لو كان لأحد أن يجري له و لا يجري عليه ، لكان ذلك خالصا للّه سبحانه دون
خلقه ، لقدرته على عباده ، و لعدله في كلّ ما جرت عليه صروف قضائه . و لكنّه
سبحانه جعل حقّه على العباد أن يطيعوه ، و جعل جزاءهم عليه مضاعفة الثّواب
تفضّلا منه ، و توسّعا بما هو من المزيد أهله . (
الخطبة 214 ، 410 ) إيّاك و مساماة اللّه في عظمته ، و التشبّه به في جبروته
، فإنّ اللّه يذلّ كلّ جبّار ، و يهين كلّ مختال . (
الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) |
|
( 11 ) نصرة اللّه
|
|
قال الامام علي ( ع ) : و اعلم أنّ النّصر من عند اللّه سبحانه . ( الخطبة 11 ، 52 ) منيت بمن لا يطيع إذا أمرت ، و لا يجيب إذا دعوت . لا أبا
لكم ما تنتظرون بنصركم ربّكم ؟. ( الخطبة 39 ، 97 ) و كفى باللّه
منتقما و نصيرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 145 ) و الّذي نصرهم و
هم قليل لا ينتصرون ، و منعهم و هم قليل لا يمتنعون حيّ لا يموت . ( الخطبة 132 ، 246 ) أسهروا عيونكم ،
و أضمروا بطونكم ، و استعملوا أقدامكم ، و أنفقوا أموالكم ، و خذوا من أجسادكم
فجودوا بها على أنفسكم ، و لا تبخلوا بها عنها ، فقد قال اللّه سبحانه : إِنْ تَنْصُرُوا اللّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ
أَقْدامَكُمْ . و قال تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ، وَ لَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ .
فلم يستنصركم من ذلّ ، و لم يستقرضكم من قلّ . اللهمّ أيّما عبد
من عبادك سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة ، و المصلحة غير المفسدة ، في الدّين
و الدّنيا ، فأبى بعد سمعه لها ، إلاّ النّكوص عن نصرتك ، و الإبطاء عن إعزاز
دينك ، فإنّا نستشهدك عليه يا أكبر الشّاهدين شهادة ، و نستشهد عليه جميع ما
أسكنته أرضك و سماواتك ، ثمّ أنت بعد المغني عن نصره ، و الآخذ له بذنبه . ( الخطبة 210 ، 405 ) فإنّ اللّه سبحانه ، قد اصطنع عندنا و عندكم ، أن نشكره
بجهدنا ، و أن ننصره بما بلغت قوّتنا ، و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم . ( الخطبة 290 ، 516 ) و قال
( ع ) في عهده لمالك الاشتر : و أن ينصر
اللّه سبحانه بقلبه و يده و لسانه ، فإنّه جلّ اسمه ، قد تكفّل بنصر من نصره ، و
إعزاز من أعزّه . ( الخطبة 292 ، 2 ، 517 ) |
|
( 12 ) نقمة اللّه و انتقامه
|
|
قال الامام علي ( ع ) : المأمول مع النّقم ، المرهوب مع النّعم ( الخطبة 63 ، 120 ) و أستعينه قاهرا
قادرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 136 ) و كفى باللّه
منتقما و نصيرا . ( الخطبة 81 ، 1 ، 145 ) هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته ، و
اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته . قاهر من عازّه ، و مدمّر من شاقّه ، و
مذلّ من ناواه ، و غالب من عاداه . ( الخطبة 88 ، 159 ) فويل لك يا بصرة
عند ذلك ، من جيش من نقم اللّه . ( الخطبة 100 ، 196 ) و جعلهم فريقين :
أنعم على هؤلاء و انتقم من هؤلاء . ( الخطبة 107 ، 211
) و كيف محق من محق
بالمثلات ، و أحتصد من أحتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145
، 258 ) حتّى نزل بهم
الموعود ، الّذي تردّ عنه المعذرة ، و ترفع عنه التّوبة ، و تحلّ معه القارعة و
النّقمة . الخطبة 145 ، 259 و سينتقم اللّه
ممّن ظلم ، مأكلا بمأكل ، و مشربا بمشرب ، من مطاعم العلقم ، و مشارب الصّبر و
المقر ، و لباس شعار الخوف ، و دثار السّيف . ( الخطبة
156 ، 279 ) و ليس شي ء أدعى إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته ، من
إقامة على ظلم . فإنّ اللّه سميع دعوة المضطهدين ، و هو للظّالمين بالمرصاد . ( الخطبة 292 ، 1 ، 519 ) أيّها النّاس ،
ليركم اللّه من النّعمة وجلين ، كما يراكم من النّقمة فريقين ( أي فزعين ) . ( 358 ح ، 637
) إنّ اللّه سبحانه وضع الثّواب على طاعته ، و العقاب على
معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، و حياشة لهم إلى جنّته . ( 368 ح ، 640 ) |
|
( 13 ) عظمة اللّه و قصور
الانسان
|
|
يراجع
المبحث ( 21 ) التواضع للّه . و اعلم أنّ الرّاسخين في العلم هم الّذين
أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره
من الغيب المحجوب ، فمدح اللّه تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به
علما ، و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا . فاقتصر على
ذلك ، و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين . هو القادر
الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و حاول الفكر المبرّأ من خطرات
الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت القلوب إليه لتجري في
كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات ، لتناول علم ذاته
، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب ، متخلّصة إليه سبحانه ، فرجعت إذ جبهت
معترفة ، بأنّه لا ينال بجور الأعتساف كنه معرفته ، و لا تخطر ببال أولي
الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . ( الخطبة 89 ، 1
، 162 ) سبحانك ما
أعظم شأنك سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك و ما أصغر عظيمة في جنب قدرتك و ما
أهول ما نرى من ملكوتك و ما أحقر ذلك فيما غاب عنّا من سلطانك . ( الخطبة 107 ، 208 ) و قال ( ع ) في معرض
حديثه عن الملائكة : لو عاينوا كنه ما خفي عليهم منك ، لحقّروا أعمالهم ،
و لزروا ( أي عابوا ) على أنفسهم ، و لعرفوا
أنّهم لم يعبدوك حقّ عبادتك ، و لم يطيعوك حقّ طاعتك . (
الخطبة 107 ، 209 ) الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف عن كنه
معرفته ، و ردعت عظمته العقول ، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته . ( الخطبة 153 ، 271 ) فلسنا نعلم كنه عظمتك ، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم ، لا تأخذك سنة و لا
نوم . لم ينته إليك نظر ، و لم يدركك بصر . أدركت الأبصار ، و أحصيت الأعمال ، و
أخذت بالنّواصي و الأقدام . و ما الّذي نرى من خلقك ، و نعجب له من قدرتك ، و
نصفه من عظيم سلطانك ؟ و ما تغيّب عنّا منه ، و قصرت أبصارنا عنه ، و انتهت
عقولنا دونه ، و حالت ستور الغيوب بيننا و بينه أعظم . فمن فرّغ قلبه ، و أعمل
فكره ، ليعلم كيف أقمت عرشك ، و كيف ذرأت خلقك ، و كيف علّقت في الهواء سمواتك ،
و كيف مددت على مور الماء أرضك ، رجع طرفه حسيرا ، و عقله مبهورا ، و سمعه والها
، و فكره حائرا . ( الخطبة 158 ، 280 ) هيهات إنّ من يعجز عن صفات ذي الهيئة و
الأدوات ( أي الأشياء المخلوقة ) ، فهو عن صفات
خالقه أعجز و من تناوله بحدود المخلوقين أبعد ( الخطبة
161 ، 291 ) و قال ( ع ) عن عجيب خلقة الطاووس : و إذا تصفّحت شعرة من شعرات قصبه ، أرتك حمرة و رديّة ،
و تارة خضرة زبرجديّة ، و أحيانا صفرة عسجديّة . فكيف تصل إلى صفة هذا عمائق
الفطن ، أو تبلغه قرائح العقول ، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين . و أقلّ أجزائه
قد أعجز الأوهام أن تدركه ، و الألسنة أن تصفه فسبحان الّذي بهر العقول عن وصف
خلق جلاّه للعيون ، فأدركته محدودا مكوّنا ، و مؤلّفا ملوّنا . و أعجز الألسن عن
تلخيص صفته ، و قعد بها عن تأدية نعته ( الخطبة 163 ،
297 ) تعنو الوجوه لعظمته ، و تجب ( أي تخفق ) القلوب من مخافته . ( الخطبة 177 ، 320 ) ليس بذي كبر امتدّت به النّهايات فكبّرته
تجسيما ، و لا بذي عظم تناهت به الغايات فعظّمته تجسيدا . بل كبر شأنا ، و عظم
سلطانا . ( الخطبة 183 ، 334 ) و ليس فناء الدّنيا بعد ابتداعها بأعجب من
إنشائها و اختراعها ، و كيف و لو اجتمع جميع حيوانها من طيرها و بهائمها ، و ما
كان من مراحها و سائمها ، و أصناف أسناخها و أجناسها ، و متبلّدة أممها ( أي الغيبة ) و أكياسها (
جمع كيّس و هو العاقل الحاذق ) على إحداث بعوضة ، ما قدرت على إحداثها ،
و لا عرفت كيف السّبيل إلى إيجادها . الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه ، و
جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و ردع خطرات هماهم النّفوس
عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة 193 ، 382 ) إنّ من حقّ من عظم جلال اللّه سبحانه في نفسه
، و جلّ موضعه من قلبه ، أن يصغر عنده لعظم ذلك كلّ ما سواه . و إنّ أحقّ من كان
كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه ، و لطف إحسانه إليه . فإنّه لم تعظم نعمة اللّه
على أحد إلاّ ازداد حقّ اللّه عليه عظما . ( الخطبة 214
، 411 ) .
. . و إن استطعتم أن يشتدّ خوفكم من اللّه ، و أن يحسن ظنّكم
به ، فاجمعوا بينهما . عظم عن أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بصر
فإذا عرفت ذلك فافعل كما ينبغي لمثلك أن يفعله في صغر خطره ، و قلّة مقدرته ، و
كثرة عجزه ، و عظيم حاجته إلى ربّه . ( الخطبة 270 ، 2
، 479 ) و من كتاب له ( ع )
لمالك الأشتر لما ولاه مصر : و إذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبّهة
أو مخيلة ( أي خيلاء ) فانظر إلى عظم ملك اللّه
فوقك و قدرته منك ، على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإنّ ذلك يطامن ( أي يخفف ) إليك من طماحك ، و يكفّ عنك من غربك ( أي حدتك ) ، و يفي ء إليك بما عزب ( أي غاب ) عنك من عقلك . عظم الخالق
عندك ، يصغّر المخلوق في عينك . ( 129 ح ، 589 ) |
|
( 14 ) قدرة اللّه
|
|
يراجع
الفصل الثالث : خلق المخلوقات . و قال ( ع ) في خطبة
الأشباح : و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين
. هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته ، و حاول الفكر المبرّأ
من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، و تولّهت القلوب إليه
لتجري في كيفيّة صفاته ، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات لتناول
علم ذاته ، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلّصة إليه سبحانه ، فرجعت إذ
جبهت معترفة بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته ، و لا تخطر ببال أولي
الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته . الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ،
و لا مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله ، و أرانا من ملكوت قدرته ، و
عجائب ما نطقت به آثار حكمته ، و اعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك
قوّته ، ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته ، فظهرت في البدائع الّتي
أحدثها آثار صنعته ، و أعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق حجّة له و دليلا عليه . و
إن كان خلقا صامتا ، فحجّته بالتّدبير ناطقة ، و دلالته على المبدع قائمة . ( الخطبة 89 ، 1 ، 162 )
قدّر ما خلق فأحكم تقديره ، و دبّره فألطف
تدبيره ، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته ، و لم يقصر دون الإنتهاء إلى
غايته ، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته ، فكيف و إنّما صدرت الأمور عن
مشيئته ؟ المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها ، و لا قريحة غريزة
أضمر عليها ، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و لا شريك أعانه على ابتداع
عجائب الأمور ، فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، و أجاب إلى دعوته ، لم يعترض
دونه ريث المبطى ء ، و لا أناة المتلكّى ء . فأقام من الأشياء أودها ، و نهج
حدودها ، و لاءم بقدرته بين متضادّها ، و وصل أسباب قرائنها ، و فرّقها أجناسا
مختلفات في الحدود و الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ، بدايا ( جمع بدي ء أي
مصنوع ) خلائق . أحكم صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) حتّى إذا
بلغ الكتاب أجله ، و الأمر مقاديره . و ألحق آخر الخلق بأوّله ، و جاء من أمر
اللّه ما يريده من تجديد خلقه ، أماد السّماء و فطرها و أرجّ الأرض و أرجفها ، و
قلع جبالها و نسفها . و دكّ بعضها بعضا من هيبة جلالته و مخوف سطوته . و أخرج من
فيها ، فجدّدهم بعد إخلاقهم ، و جمعهم بعد تفرّقهم . (
الخطبة 107 ، 211 ) فتجلّى لهم سبحانه في كتابه من غير أن يكونوا
رأوه ، بما أراهم من قدرته ، و خوّفهم من سطوته ، و كيف محق من محق بالمثلات ، و
احتصد من احتصد بالنّقمات . ( الخطبة 145 ، 258 ) ضادّ النور بالظّلمة ، و الوضوح بالبهمة ، و الجمود بالبلل ، و الحرور
بالصّرد . مؤلّف بين متعادياتها ، مقارن بين متبايناتها ، مقرّب بين متباعداتها
، مفرّق بين متدانياتها . ( الخطبة 184 ، 341 ) يقول
لمن أراد كونه : ( كن فيكون ) . لا بصوت يقرع ، و لا بنداء يسمع . ( الخطبة 184 ، 343 ) خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، و لم
يستعن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 344 ) و لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و أمسكها بأمره
، و أتقنها بقدرته . ( الخطبة 184 ، 346 ) الّذي أظهر
من آثار سلطانه ، و جلال كبريائه ، ما حيّر مقل العيون من عجائب قدرته ، و ردع
خطرات هماهم النّفوس عن عرفان كنه صفته . ( الخطبة 193
، 382 ) |
|
( 15 ) اللّه الغني
|
|
مدخل :
|
|
قال تعالى في كتابه العزيز :
قَالُوا : اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً ، سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ « يونس 68 » . |
|
النصوص :
|
|
قال الامام علي ( ع ) : متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ، و لا يستوحش لفقده . ( الخطبة 1 ، 25 ) لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، و لا تخوّف من عواقب زمان
، و لا استعانة على ندّ مشاور ، و لا شريك مكاثر ، و لا ضدّ منافر ، و لكن خلائق
مربوبون ، و عباد داخرون ( أي أذلاء ) . ( الخطبة 63 ،
119 ) و قال
( ع ) في خطبة الاشباح : الحمد للّه
الّذي لا يفره المنع و الجمود ، و لا يكديه الإعطاء و الجود . ( الخطبة 89 ، 1 ، 160 ) لم تخلق الخلق
لوحشة ، و لا استعملتهم لمنفعة ، و لا يسبقك من طلبت ، و لا يفلتك من أخذت ، و
لا ينقص سلطانك من عصاك ، و لا يزيد في ملكك من أطاعك . و لا يردّ أمرك من سخط
قضاءك ، و لا يستغني عنك من تولّى عن أمرك . ( الخطبة
107 ، 208 ) خلق الخلق على غير تمثيل ، و لا مشورة مشير ، و لا معونة
معين . ( الخطبة 153 ، 271 ) غنيّ لا باستفادة
. ( الخطبة 184 ، 341 ) خلق الخلائق على
غير مثال خلا من غيره ، و لم يستغن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 344 ) و لم يكوّنها
لتشديد سلطان ، و لا لخوف من زوال و نقصان . و لا للإستعانة بها على ندّ مكاثر ،
و لا للإحتراز بها من ضدّ مثاور ( أي مهاجم ) .
و لا للإزدياد بها في ملكه ، و لا لمكاثرة شريك في شركه . و لا لوحشة كانت منه ،
فأراد أن يستأنس إليها . ( الخطبة 184 ، 345 ) ثمّ هو يفنيها
بعد تكوينها ، لا لسأم دخل عليه في تصريفها و تدبيرها ، و لا لراحة واصلة إليه ،
و لا لثقل شي ء منها عليه . لا يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها . و
لكنّه سبحانه دبّرها بلطفه ، و أمسكها بأمره ، و أتقنها بقدرته . ثمّ يعيدها بعد
الفناء من غير حاجة منه إليها . و لا استعانة بشي ء منها عليها . و لا لإنصراف
من حال وحشة إلى حال استئناس ، و لا من حال جهل و عمى ، إلى حال علم و التماس .
و لا من فقر و حاجة ، إلى غنى و كثرة . و لا من ذلّ و ضعة ، إلى عزّ و قدرة . ( الخطبة 184 ، 345 ) أمّا بعد ، فإنّ
اللّه سبحانه و تعالى ، خلق الخلق حين خلقهم ، غنيّا عن طاعتهم ، آمنا من
معصيتهم ، لأنّه لا تضرّه معصية من عصاه ، و لا تنفعه طاعة من أطاعه . ( الخطبة 191 ، 376 ) لا يثلمه العطاء ، و لا ينقصه الحباء . و لا يستنفده سائل
، و لا يستقصيه نائل . ( الخطبة 193 ، 383 ) ودان و لم يدن .
لم يذرإ الخلق باحتيال ، و لا استعان بهم لكلال . (
الخطبة 193 ، 384 ) |
|
( 16 ) اللّه الخالق
|
|
قال
الامام علي ( ع ) في الخطبة الأولى من نهج البلاغة : ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء و شقّ الأرجاء « تراجع تتمة الفقرة في المبحث ( 22 ) السموات » ( الخطبة 1 ، 26 ) ثمّ فتق ما بين السّموات العلا ، فملأهنّ
أطوارا من ملائكته « تراجع تتمة الفقرة في المبحث ( 25
) الملائكة » . (
الخطبة 1 ، 27 ) ثمّ جمع
سبحانه من حزن الأرض و سهلها ، و عذبها و سبخها « تراجع
تتمة الفقرة في المبحث ( 26 ) خلق آدم ( ع ) » . ( الخطبة 1 ، 28 ) و قال ( ع ) في آخر الخطبة الشقشقيّة : أمّا و الّذي فلق الحبّة و برأ النّسمة . . . ( الخطبة 3 ، 44 ) لم يخلق ما
خلقه لتشديد سلطان ، و لا تخوّف من عواقب زمان . . .
( الخطبة 63 ، 119 ) لم يؤده ( أي يتعبه ) خلق ما ابتدأ ، و لا تدبير ما ذرأ ، و لا
وقف به عجز عمّا خلق . . . ( الخطبة 63 ، 120 ) اللهمّ داحي
المدحوّات ( أي الأرضين ) و داعم المسموكات ، و
جابل القلوب على فطرتها : شقيّها و سعيدها . ( الخطبة
70 ، 125 ) عباد
مخلوقون اقتدارا ، و مربوبون اقتسارا ( أي عباد خلقهم
اللّه بقدرته ، و ملكهم بسطوته ) . الخطبة 81 ،
1 ، 139 جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها ، و أبصارا
لتجلو عن عشاها ، و أشلاء جامعة لأعضائها ، ملائمة لأحنائها ، في تركيب صورها ،
و مدد عمرها ، بأبدان قائمة بأرفاقها ، و قلوب رائدة لأرزاقها ، في مجلّلات نعمه
، و موجبات مننه ، و حواجز عافيته . ( الخطبة 81 ، 2 ،
142 ) أم هذا الّذي أنشأه في ظلمات الأرحام ، و شغف
الأستار ، نطفة دهاقا ، و علقة محاقا ، و جنينا و راضعا ، و وليدا و يافعا . ثمّ
منحه قلبا حافظا ، و لسانا لافظا ، و بصرا لاحظا ، ليفهم معتبرا ، و يقصّر
مزدجرا . ( الخطبة 81 ، 3 ، 146 ) ذلك مبتدع الخلق و وارثه ، و إله الخلق و
رازقه . ( الخطبة 88 ، 159 ) الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ، و لا
مقدار احتذى عليه ، من خالق معبود كان قبله . الخطبة 89
، 1 ، 163 المنشى ء
أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها ، و لا قريحة غريزة أضمر عليها ، و لا
تجربة أفادها من حوادث الدّهور ، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور ،
فتمّ خلقه بأمره ، و أذعن لطاعته ، و أجاب إلى دعوته ، لم يعترض دونه ريث المبطئ
، و لا أناة المتلكّئ . فأقام من الأشياء أودها ، و نهج حدودها ، و لاءم بقدرته
بين متضادّها ، و وصل أسباب قرائنها ، و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و
الأقدار ، و الغرائز و الهيئات ، بدايا ( جمع بدي ء أي
مصنوع ) خلائق أحكم صنعها ، و فطرها على ما أراد و ابتدعها . ( الخطبة 89 ، 1 ، 164 ) الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه ، و الظّاهر
لقلوبهم بحجّته . خلق الخلق من غير رويّة ، إذ كانت الرّويّات لا تليق إلاّ بذوي
الضّمائر ، و ليس بذي ضمير في نفسه . ( الخطبة 106 ،
204 ) لم تخلق الخلق لوحشة ، و لا استعملتهم لمنفعة
. ( الخطبة 107 ، 208 ) و قال ( ع ) عن الجنة : سبحانك خالقا و معبودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت دارا
، و جعلت فيها مأدبة : مشربا و مطعما ، و أزواجا و قصورا ، و أنهارا و زروعا و
ثمارا ، ثمّ أرسلت داعيا يدعو إليها . . . ( الخطبة 107
، 209 ) و الخالق لا بمعنى حركة و نصب . ( الخطبة 150 ، 266 ) خلق الخلق على غير تمثيل ، و لا مشورة مشير ، و لا معونة معين . فتمّ خلقه
بأمره ، و أذعن لطاعته ، فأجاب و لم يدافع ، و انقاد و لم ينازع . ( الخطبة 153 ، 271 ) فسبحان البارئ لكلّ شي ء ، على غير مثال خلا
من غيره . ( الخطبة 153 ، 273 ) الحمد للّه
خالق العباد ، و ساطح المهاد ، و مسيل الوهاد ، و مخصب النّجاد . ( الخطبة 161 ، 288 ) لم يخلق الأشياء من أصول أزليّة ، و لا من
أوائل أبديّة . بل خلق ما خلق فأقام حدّه ، و صوّر ما صوّر فأحسن صورته . ( الخطبة 161 ، 290 ) الحمد للّه المعروف من غير رؤية ، و الخالق
من غير منصبة ( أي تعب ) . خلق الخلائق بقدرته ،
و استعبد الأرباب بعزّته ، و ساد العظماء بجوده . (
الخطبة 181 ، 329 ) يقول
لمن أراد كونه : ( كن فيكون ) ، لا بصوت يقرع ، و لا بنداء يسمع . ( الخطبة 184 ، 343 ) خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره . و لم
يستعن على خلقها بأحد من خلقه . ( الخطبة 184 ، 344 ) . . . مبتدع الخلائق بعلمه ، و منشئهم بحكمه . بلا اقتداء و لا تعليم ، و لا
احتذاء لمثال صانع حكيم ، و لا إصابة خطأ ، و لا حضرة ملأ . ( الخطبة 189 ، 353 ) و قال ( ع ) لابنه الحسن ( ع ) : فتفهّم يا بنيّ وصيّتي . و اعلم أنّ مالك الموت هو مالك
الحياة . و أنّ الخالق هو المميت ، و أنّ المفني هو المعيد ، و أنّ المبتلي هو
المعافي . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) فاعتصم بالّذي خلقك و رزقك و سوّاك . ( الخطبة 270 ، 2 ، 478 ) |
|
( 17 ) اللّه الرازق المنعم
الجواد الرزق
|
|
يراجع
المبحث ( 38 ) فضل اللّه و نعمه و شكره عليها . و كذلك المرء المسلم البري ء من الخيانة ،
ينتظر من اللّه إحدى الحسنيين : إمّا داعي اللّه فما عند اللّه خير له ، و إمّا
رزق اللّه ، فإذا هو ذو أهل و مال ، و معه دينه و حسبه . ( الخطبة 23 ، 69 ) جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها ، و أبصارا
لتجلو عن عشاها ، و أشلاء جامعة لأعضائها ، ملائمة لأحنائها ، في تركيب صورها ،
و مدد عمرها ، بأبدان قائمة بأرفاقها ( أي منافعها )
، و قلوب رائدة لأرزاقها . في مجلّلات نعمه ، و موجبات مننه ، و حواجز عافيته . ( الخطبة 81 ، 2 ، 142 ) ذلك مبتدع الخلق و وارثه ، و إله الخلق و
رازقه . ( الخطبة 88 ، 159 ) و
قال ( ع ) في مطلع خطبة الاشباح : الحمد للّه
الّذي لا يفره المنع و الجمود ، و لا يكديه الإعطاء و الجود ، إذ كلّ معط منتقص
سواه ، و كلّ مانع مذموم ما خلاه ، و هو المنّان بفوائد النّعم ، و عوائد المزيد
و القسم . عياله الخلائق ، ضمن أرزاقهم ، و قدّر أقواتهم ، و نهج سبيل الرّاغبين
إليه ، و الطّالبين ما لديه ، و ليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل . ( الخطبة 89 ، 1 ، 160 ) و لو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال ، و ضحكت
عنه أصداف البحار ، من فلزّ اللّجين و العقيان ، و نثارة الدّرّ و حصيد المرجان
، ما أثّر ذلك في جوده ، و لا أنفد سعة ما عنده ، و لكان عنده من ذخائر الأنعام
، ما لا تنفده مطالب الأنام ، لأنّه الجواد الّذي لا يغيضه سؤال السّائلين ، و
لا يبخله إلحاح الملحّين . ( الخطبة 89 ، 1 ، 161 ) و جعل ذلك بلاغا للأنام ، و رزقا للأنعام . (
الخطبة 89 ، 3 ، 174 ) و
قال ( ع ) في آخر خطبة الأشباح يدعو ربّه : و بي فاقة إليك ، لا يجبر مسكنتها إلاّ فضلك ، و لا ينعش من خلّتها إلاّ
منّك و جودك . فهب لنا في هذا المقام رضاك ، و أغننا عن مدّ الأيدي إلى سواك ،
إنّك على كلّ شي ء قدير . ( الخطبة 89 ، 4 ، 178 ) الحمد للّه الناشر في الخلق فضله ، و الباسط
فيهم بالجود يده . ( الخطبة 98 ، 193 ) قد تكفّل لكم بالرّزق و أمرتم بالعمل ، فلا
يكوننّ المضمون لكم طلبه أولى بكم من المفروض عليكم عمله ، مع أنّه و اللّه لقد
اعترض الشّكّ ، و دخل اليقين ، حتى كأنّ الّذي ضمن لكم قد فرض عليكم ، و كأنّ
الّذي قد فرض عليكم قد وضع عنكم . و قد جعل اللّه سبحانه الإستغفار سببا لدرور
الرّزق و رحمة الخلق ، فقال سبحانه
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ
مِدْراراً وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ ، وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ
وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ( الخطبة 141 ، 253 ) و قال ( ع ) عن
النملة : مكفول برزقها ، مرزوقة بوفقها ، لا يغفلها المنّان ، و لا
يحرمها الدّيّان . الخطبة 183 ، 335 و أخلص في المسألة لربّك ، فإنّ بيده العطاء و
الحرمان . ( الخطبة 270 ، 1 ، 475 ) فاعتصم
بالّذي خلقك و رزقك و سوّاك ، و ليكن له تعبّدك ، و إليه رغبتك ، و منه شفقتك . الخطبة 270 ، 2 ، 478 و سألته من
خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره ، من زيادة الأعمار ، و صحّة الأبدان ،
و سعة الأرزاق . ( الخطبة 270 ، 2 ، 482 ) استنزلوا الرّزق بالصّدقة . ( 137 ح ، 592 ) شاركوا
الّذي قد أقبل عليه الرّزق ، فإنّه أخلق للغنى ، و أجدر بإقبال الحظّ عليه . ( 230 ح ، 607 ) و الزّكاة تسبيبا للرّزق . ( 252 ح ، 611 ) و سئل عليه السلام : كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم ؟ فقال ( ع ): كما يرزقهم على كثرتهم . فقيل : كيف يحاسبهم و لا يرونه ؟ فقال عليه السلام : كما يرزقهم و لا يرونه ( 300 ح ، 627 ) و
قيل له ( ع ) : لو سدّ على
رجل باب بيته و ترك فيه ، من أين كان يأتيه رزقه ؟ فقال
( ع ) : من حيث يأتيه أجله . ( 356 ح ،
637 ) فارج لمن
مضى رحمة اللّه ، و لمن بقي رزق اللّه . ( 416 ح ، 650
) سعة الأخلاق
كيمياء الأرزاق ( 884 حديد ) . |