- القرآن الكريم
- سور القرآن الكريم
- 1- سورة الفاتحة
- 2- سورة البقرة
- 3- سورة آل عمران
- 4- سورة النساء
- 5- سورة المائدة
- 6- سورة الأنعام
- 7- سورة الأعراف
- 8- سورة الأنفال
- 9- سورة التوبة
- 10- سورة يونس
- 11- سورة هود
- 12- سورة يوسف
- 13- سورة الرعد
- 14- سورة إبراهيم
- 15- سورة الحجر
- 16- سورة النحل
- 17- سورة الإسراء
- 18- سورة الكهف
- 19- سورة مريم
- 20- سورة طه
- 21- سورة الأنبياء
- 22- سورة الحج
- 23- سورة المؤمنون
- 24- سورة النور
- 25- سورة الفرقان
- 26- سورة الشعراء
- 27- سورة النمل
- 28- سورة القصص
- 29- سورة العنكبوت
- 30- سورة الروم
- 31- سورة لقمان
- 32- سورة السجدة
- 33- سورة الأحزاب
- 34- سورة سبأ
- 35- سورة فاطر
- 36- سورة يس
- 37- سورة الصافات
- 38- سورة ص
- 39- سورة الزمر
- 40- سورة غافر
- 41- سورة فصلت
- 42- سورة الشورى
- 43- سورة الزخرف
- 44- سورة الدخان
- 45- سورة الجاثية
- 46- سورة الأحقاف
- 47- سورة محمد
- 48- سورة الفتح
- 49- سورة الحجرات
- 50- سورة ق
- 51- سورة الذاريات
- 52- سورة الطور
- 53- سورة النجم
- 54- سورة القمر
- 55- سورة الرحمن
- 56- سورة الواقعة
- 57- سورة الحديد
- 58- سورة المجادلة
- 59- سورة الحشر
- 60- سورة الممتحنة
- 61- سورة الصف
- 62- سورة الجمعة
- 63- سورة المنافقون
- 64- سورة التغابن
- 65- سورة الطلاق
- 66- سورة التحريم
- 67- سورة الملك
- 68- سورة القلم
- 69- سورة الحاقة
- 70- سورة المعارج
- 71- سورة نوح
- 72- سورة الجن
- 73- سورة المزمل
- 74- سورة المدثر
- 75- سورة القيامة
- 76- سورة الإنسان
- 77- سورة المرسلات
- 78- سورة النبأ
- 79- سورة النازعات
- 80- سورة عبس
- 81- سورة التكوير
- 82- سورة الانفطار
- 83- سورة المطففين
- 84- سورة الانشقاق
- 85- سورة البروج
- 86- سورة الطارق
- 87- سورة الأعلى
- 88- سورة الغاشية
- 89- سورة الفجر
- 90- سورة البلد
- 91- سورة الشمس
- 92- سورة الليل
- 93- سورة الضحى
- 94- سورة الشرح
- 95- سورة التين
- 96- سورة العلق
- 97- سورة القدر
- 98- سورة البينة
- 99- سورة الزلزلة
- 100- سورة العاديات
- 101- سورة القارعة
- 102- سورة التكاثر
- 103- سورة العصر
- 104- سورة الهمزة
- 105- سورة الفيل
- 106- سورة قريش
- 107- سورة الماعون
- 108- سورة الكوثر
- 109- سورة الكافرون
- 110- سورة النصر
- 111- سورة المسد
- 112- سورة الإخلاص
- 113- سورة الفلق
- 114- سورة الناس
- سور القرآن الكريم
- تفسير القرآن الكريم
- تصنيف القرآن الكريم
- آيات العقيدة
- آيات الشريعة
- آيات القوانين والتشريع
- آيات المفاهيم الأخلاقية
- آيات الآفاق والأنفس
- آيات الأنبياء والرسل
- آيات الانبياء والرسل عليهم الصلاة السلام
- سيدنا آدم عليه السلام
- سيدنا إدريس عليه السلام
- سيدنا نوح عليه السلام
- سيدنا هود عليه السلام
- سيدنا صالح عليه السلام
- سيدنا إبراهيم عليه السلام
- سيدنا إسماعيل عليه السلام
- سيدنا إسحاق عليه السلام
- سيدنا لوط عليه السلام
- سيدنا يعقوب عليه السلام
- سيدنا يوسف عليه السلام
- سيدنا شعيب عليه السلام
- سيدنا موسى عليه السلام
- بنو إسرائيل
- سيدنا هارون عليه السلام
- سيدنا داود عليه السلام
- سيدنا سليمان عليه السلام
- سيدنا أيوب عليه السلام
- سيدنا يونس عليه السلام
- سيدنا إلياس عليه السلام
- سيدنا اليسع عليه السلام
- سيدنا ذي الكفل عليه السلام
- سيدنا لقمان عليه السلام
- سيدنا زكريا عليه السلام
- سيدنا يحي عليه السلام
- سيدنا عيسى عليه السلام
- أهل الكتاب اليهود النصارى
- الصابئون والمجوس
- الاتعاظ بالسابقين
- النظر في عاقبة الماضين
- السيدة مريم عليها السلام ملحق
- آيات الناس وصفاتهم
- أنواع الناس
- صفات الإنسان
- صفات الأبراروجزائهم
- صفات الأثمين وجزائهم
- صفات الأشقى وجزائه
- صفات أعداء الرسل عليهم السلام
- صفات الأعراب
- صفات أصحاب الجحيم وجزائهم
- صفات أصحاب الجنة وحياتهم فيها
- صفات أصحاب الشمال وجزائهم
- صفات أصحاب النار وجزائهم
- صفات أصحاب اليمين وجزائهم
- صفات أولياءالشيطان وجزائهم
- صفات أولياء الله وجزائهم
- صفات أولي الألباب وجزائهم
- صفات الجاحدين وجزائهم
- صفات حزب الشيطان وجزائهم
- صفات حزب الله تعالى وجزائهم
- صفات الخائفين من الله ومن عذابه وجزائهم
- صفات الخائنين في الحرب وجزائهم
- صفات الخائنين في الغنيمة وجزائهم
- صفات الخائنين للعهود وجزائهم
- صفات الخائنين للناس وجزائهم
- صفات الخاسرين وجزائهم
- صفات الخاشعين وجزائهم
- صفات الخاشين الله تعالى وجزائهم
- صفات الخاضعين لله تعالى وجزائهم
- صفات الذاكرين الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يتبعون أهواءهم وجزائهم
- صفات الذين يريدون الحياة الدنيا وجزائهم
- صفات الذين يحبهم الله تعالى
- صفات الذين لايحبهم الله تعالى
- صفات الذين يشترون بآيات الله وبعهده
- صفات الذين يصدون عن سبيل الله تعالى وجزائهم
- صفات الذين يعملون السيئات وجزائهم
- صفات الذين لايفلحون
- صفات الذين يهديهم الله تعالى
- صفات الذين لا يهديهم الله تعالى
- صفات الراشدين وجزائهم
- صفات الرسل عليهم السلام
- صفات الشاكرين وجزائهم
- صفات الشهداء وجزائهم وحياتهم عند ربهم
- صفات الصالحين وجزائهم
- صفات الصائمين وجزائهم
- صفات الصابرين وجزائهم
- صفات الصادقين وجزائهم
- صفات الصدِّقين وجزائهم
- صفات الضالين وجزائهم
- صفات المُضَّلّين وجزائهم
- صفات المُضِلّين. وجزائهم
- صفات الطاغين وجزائهم
- صفات الظالمين وجزائهم
- صفات العابدين وجزائهم
- صفات عباد الرحمن وجزائهم
- صفات الغافلين وجزائهم
- صفات الغاوين وجزائهم
- صفات الفائزين وجزائهم
- صفات الفارّين من القتال وجزائهم
- صفات الفاسقين وجزائهم
- صفات الفجار وجزائهم
- صفات الفخورين وجزائهم
- صفات القانتين وجزائهم
- صفات الكاذبين وجزائهم
- صفات المكذِّبين وجزائهم
- صفات الكافرين وجزائهم
- صفات اللامزين والهامزين وجزائهم
- صفات المؤمنين بالأديان السماوية وجزائهم
- صفات المبطلين وجزائهم
- صفات المتذكرين وجزائهم
- صفات المترفين وجزائهم
- صفات المتصدقين وجزائهم
- صفات المتقين وجزائهم
- صفات المتكبرين وجزائهم
- صفات المتوكلين على الله وجزائهم
- صفات المرتدين وجزائهم
- صفات المجاهدين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المجرمين وجزائهم
- صفات المحسنين وجزائهم
- صفات المخبتين وجزائهم
- صفات المختلفين والمتفرقين من أهل الكتاب وجزائهم
- صفات المُخلَصين وجزائهم
- صفات المستقيمين وجزائهم
- صفات المستكبرين وجزائهم
- صفات المستهزئين بآيات الله وجزائهم
- صفات المستهزئين بالدين وجزائهم
- صفات المسرفين وجزائهم
- صفات المسلمين وجزائهم
- صفات المشركين وجزائهم
- صفات المصَدِّقين وجزائهم
- صفات المصلحين وجزائهم
- صفات المصلين وجزائهم
- صفات المضعفين وجزائهم
- صفات المطففين للكيل والميزان وجزائهم
- صفات المعتدين وجزائهم
- صفات المعتدين على الكعبة وجزائهم
- صفات المعرضين وجزائهم
- صفات المغضوب عليهم وجزائهم
- صفات المُفترين وجزائهم
- صفات المفسدين إجتماعياَ وجزائهم
- صفات المفسدين دينيًا وجزائهم
- صفات المفلحين وجزائهم
- صفات المقاتلين في سبيل الله وجزائهم
- صفات المقربين الى الله تعالى وجزائهم
- صفات المقسطين وجزائهم
- صفات المقلدين وجزائهم
- صفات الملحدين وجزائهم
- صفات الملحدين في آياته
- صفات الملعونين وجزائهم
- صفات المنافقين ومثلهم ومواقفهم وجزائهم
- صفات المهتدين وجزائهم
- صفات ناقضي العهود وجزائهم
- صفات النصارى
- صفات اليهود و النصارى
- آيات الرسول محمد (ص) والقرآن الكريم
- آيات المحاورات المختلفة - الأمثال - التشبيهات والمقارنة بين الأضداد
- نهج البلاغة
- تصنيف نهج البلاغة
- دراسات حول نهج البلاغة
- الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة السجادية
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- الباب السابع : باب الاخلاق
- الباب الثامن : باب الطاعات
- الباب التاسع: باب الذكر والدعاء
- الباب العاشر: باب السياسة
- الباب الحادي عشر:باب الإقتصاد
- الباب الثاني عشر: باب الإنسان
- الباب الثالث عشر: باب الكون
- الباب الرابع عشر: باب الإجتماع
- الباب الخامس عشر: باب العلم
- الباب السادس عشر: باب الزمن
- الباب السابع عشر: باب التاريخ
- الباب الثامن عشر: باب الصحة
- الباب التاسع عشر: باب العسكرية
- الباب الاول : باب التوحيد
- الباب الثاني : باب النبوة
- الباب الثالث : باب الإمامة
- الباب الرابع : باب المعاد
- الباب الخامس: باب الإسلام
- الباب السادس : باب الملائكة
- تصنيف الصحيفة بالموضوعات
- أسماء الله الحسنى
- أعلام الهداية
- النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
- الإمام علي بن أبي طالب (عليه السَّلام)
- السيدة فاطمة الزهراء (عليها السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسين بن علي (عليه السَّلام)
- لإمام علي بن الحسين (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السَّلام)
- الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السَّلام)
- الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السَّلام)
- الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السَّلام)
- الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السَّلام)
- الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجَّل الله فرَجَه)
- تاريخ وسيرة
- "تحميل كتب بصيغة "بي دي أف
- تحميل كتب حول الأخلاق
- تحميل كتب حول الشيعة
- تحميل كتب حول الثقافة
- تحميل كتب الشهيد آية الله مطهري
- تحميل كتب التصنيف
- تحميل كتب التفسير
- تحميل كتب حول نهج البلاغة
- تحميل كتب حول الأسرة
- تحميل الصحيفة السجادية وتصنيفه
- تحميل كتب حول العقيدة
- قصص الأنبياء ، وقصص تربويَّة
- تحميل كتب السيرة النبوية والأئمة عليهم السلام
- تحميل كتب غلم الفقه والحديث
- تحميل كتب الوهابية وابن تيمية
- تحميل كتب حول التاريخ الإسلامي
- تحميل كتب أدب الطف
- تحميل كتب المجالس الحسينية
- تحميل كتب الركب الحسيني
- تحميل كتب دراسات وعلوم فرآنية
- تحميل كتب متنوعة
- تحميل كتب حول اليهود واليهودية والصهيونية
- المحقق جعفر السبحاني
- تحميل كتب اللغة العربية
- الفرقان في تفسير القرآن -الدكتور محمد الصادقي
- وقعة الجمل صفين والنهروان
|
الأمثال في نهج البلاغة
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
محمد
الغروي
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مدخل
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
بسم الله الرحمن
الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله
على محمد خاتم النبيّين، ووصيّه عليّ أمير المؤمنين، وآلهما المعصومين. سبقت
دراسة موضوعيّة منّا حول الأمثال المرويّة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه
السّلام)، ونحن إذ ندرس
(الأمثال في نهج البلاغة) نخصّص
الموضوع هنا من
معطياتها السائرة ونترك التفصيل إلى كتاب (الأمثال العلويّة). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الأمثالُ تنقسم الأمثال إلى: ـ مثل: سائر. ـ ومثل: قياسي. والسائر: ما قالته العرب في مناسبات ثم جرى
على الألسن يتمثّل به إذا وجد شيء يشارك تلك المناسبات. والقياسي: هو تصوير يخلقه المصوّر لتوضيح فكرة
عن طريق تشبيه يسمّيه البلاغيّون (التمثيل المركب)، أو إبداع يجمع بذلك بين جمال
التصوير وما ينشده المتمثّل من أغراض. بوسعنا أن نصنّف الأمثال في نهج
البلاغة إلى: قرآنيّة، وسائرة، وقياسيّة. وإلى: نثريّة وشعريّة. وإلى: جاهليّة وإسلاميّة ومخضرمة. ... وإلى سواها من صنوف. فوائد الأمثال قد استوفينا الكثير
منها في مقدّمة (الأمثال النبويّة) و(البصائر)، وكذلك تعاريف القوم لها فلا نعيد. ثم الكتب المؤلّفة في (الأمثال
العلويّة) و(الأمثال في نهج البلاغة) منها كما يلي: ١٠٠ حكمة ومثل، غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي، حكم ابن دريد، أمثال
منسوبة إلى الجاحظ، حكم الإمام علي (مجلة المشرق/ ج ٥/ بيروت)، شذرات الأدب
للشيخ الرئيس، نثر اللآلئ (مجموعة ثانية من فلايشر)، كلمات علي بن أبي طالب شرح
الشيخ محمد عبده، أقوال أمير المؤمنين ـ علي بخاري، صد كلمة مولاي متقيان ترجمة
روليم يول إلى الإنجليزية، ألف كلمة مجردة من شرح ابن أبي الحديد على نهج
البلاغة... وبغية الوقوف على مخطوطات ومطبوعات هذه المؤلفات يرجع إلى الجزء
الأول من (تاريخ الأدب العربي) تأليف بروكلمان تحت عنوان (أمثال سيدنا علي) كما
في رسالة الإسلام عدد ٧ ـ ٨ (١٣٨٨هـ) الأزهر ١٩٦٨م. الأمثال السائرة، وغير السائرة الموزّعة على أبواب الحروف: |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الأمثال
السائرة، وغير السائرة الموزّعة على أبواب الحروف:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الهمزة:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة
مع الألف:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١-
آخرُ الدّواء الكيّ[١]النهج: ٩ : ٢٩١ ط ١٦٩.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل به (عليه السّلام) في كتاب له
جواباً لقوم سألوه عقاب من أجلب على عثمان بعد ما بويع: (يَا إِخْوَتَاهْ إِنِّي
لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ... وسَأُمْسِكُ الأمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ،
وإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَـ «آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ»). (لأنه إنّما يقدم عليه بعد أن لا
ينفع كلّ دواء... أي إذا أعضل وأبى قبول كلّ دواء حُسم بالكيّ)[٢]
المستقصي ١ : ٣.، وقيل: (آخر الدواء الكيّ). وردّ أنّه من غلط العامّة إذ الكيّ
ليس من الداء ليكون آخره، قيل: أوّل من قال المثل لقمان بن عاد في قصّة امرأة
غازلت رجلاً تزعمه أخاها حتى لقى لقمان زوجها ـ اسمه هانئ ـ يسوق إبله ويقول:
فهتف به لقمان: يا هانئ ! وقال: يا ذا البجاد[٣]البجاد: الكساء. الحلكة[٤]الحلك: الأسود. = والزوجة المشتركة عشّ رويداً إبلكه = لست لمن ليس لكه قال هانئ: نور نور لله أبوك ؟ قال
لقمان: عليّ التنوير وعليك التغيير، مررت بها تغازل رجلاً زعمته أخاها. قال: فما
الرأي ؟ قال: أن تقلب الظهر بطناً حتى يستبين لك الأمر. قال: أعالجها بكيّة توردها المنيّة.
قال: (آخر الدواء الكيّ)، يضرب فيمن يستعمل في أوّل ما يجب استعماله في آخره وفي
إعمال المخاشنة مع العدوّ إذا لم يجدِ معه اللين والمداراة[٥]المستقصي ١: ٥٣ [نقلٌ بتلخيص].. صدقت القصّة أم لا فإنّه يساعده
الاعتبار. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢
ـ اتباع الكلب للضرغام يلوذ إلى مخالبه[٦]النهج ١٦: ١٦٠، ٣٩/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتاب له (عليه السّلام) إلى عمرو بن
العاص: (فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ
تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ، مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ، يَشِينُ
الْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ، ويُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ. فَاتَّبَعْتَ
أَثَرَهُ، وطَلَبْتَ فَضْلَهُ «اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ
بِمَخَالِبِهِ»، ويَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ،
فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وآخِرَتَكَ، ولَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا
طَلَبْتَ...). إذا دنئت نفس المرء غربت عنها
المكارم الإنسانيّة والأخلاق المرضيّة، ورسخت فيها أضدادها واستحكمت خِلال
البهائم والسباع فيها إلى الغاية، فإذا استولى الغضب عليها فأسدٌ مفترسٌ لا همّ
له سوى الافتراس، وإذا ملكها الطمع فصاحبها كلب لائذ ينتظر ما يلقى إليه، أو
الاحتيال فثعلب.. وهلمّ جرّاً في كلّ خصلة تختصلها السباع والحيوانات، تنكشف
لذوي البصائر من الناس فضلاً عن أمير المؤمنين الذي يرى الأشياء كما هي. إذا وصف
شيئاً منحه نعوته الجديرة به؛ لأنّه (عليه السّلام) الحَكَم العدْل الذي يعطي
كلّ ذي حق حقّه، فمن نظر إلى معاوية وابن العاص وجد الخلال التي بيّنها الإمام
(عليه السّلام) من الفسق وشين الكريم وتسفيه الحليم فيهما، وأنّهما يجريان مجرى
الكلاب والأسود عند الفريسة، تابعة متبوعة. وعن ابن مزاحم في كتاب صفّين بلفظ: (أمّا بعد فإنّك تركت مروءتك لامرئ
فاسق مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه ويسفّه الحليم بخلطته، فصار قلبك لقلبه
تبعاً كما قيل: (وافق شن طبقة)[٧]
من الأمثال السائرة: مجمع الأمثال ٢: ٣٥٩ حرف الواو.. فسلبك دينك وأمانتك ودنياك
وآخرتك... فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما لليل دجى أو أتى الصبح، يلتمس فاضل
سؤره وحوايا فريسته، ولكن لا نجاة من القدر...)[٨]
شرح النهج ١٦: ١٦٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣ـ
أحببْ حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما[٩]النهج ١٩: ١٥٦، ٢٧٤/ح.، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك
يوماً ما. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلمات الإمام (عليه السّلام)
الحكميّة، عدّه أبو هلال العسكري من الأمثال في جمهرته، وقال: المثل لأمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالب (كرّم الله وجهه). وهوناً أي قصداً غير إفراط، وهو من
قول النمر بن تولب:
ومن أجود ما قيل في هذا المعنى قول
بعضهم: (لا تكن مكثراً ثمّ تكون مقلاّ فيعرف سرفك في الإكثار وجفاؤك في الإقلال)[١٠]
على هامش مجمع الأمثال ١: ١٥٦ [نقل بتلخيص وتصرُّف].. قال الشارح: (الهَون بالفتح: التأني، والبغيض:
المبغض. وخلاصة هذه الكلمة: النهي عن الإسراف في المودّة والبغضة؛ فربّما انقلب
مَن تودّ فصار عدّواً، وربّما انقلب مَن تعاديه فصار صديقاً... وقال بعض
الحكماء: توقّ الإفراط في المحبّة فإنّ الإفراط فيها داعٍ إلى التقصير منها،
ولأن تكون الحال بينك وبين حبيبك نامية أولى من أن تكون متناهية... وقال الشاعر:
وقال عديّ بن زيد: ولا تأمنن من مبغض قرب داره = ولا من
محبّ أن يملّ فيبعد)[١١]
شرح النهج ١٩: ١٥٦. وقد قيل: صرعة الاسترسال لا تستقال،
نعم إذا كان الحبّ مع الله (عَزَّ وجلَّ) فأحبب حبّاً إلى الغاية بدون إقلال، بل
إلى حدّ العشق، وهو الحبّ المفرط وأبغض الشيطان والنّفس وما يصدّك عنه تعالى. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع اللاّم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤
ـ الآن رجع الحقّ إلى أهله[١٢]النهج ١: ١٣١ ـ ١٣٩, ٢/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
(لَا
يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ،
ولَا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً، هُمْ أَسَاسُ
الدِّينِ، وعِمَادُ الْيَقِينِ. إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي، وبِهِمْ يُلْحَقُ
التَّالِي، ولَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ، وفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ
والْوِرَاثَةُ «الْآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ» ونُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ). هذا فصل من فصول خطبة له (عليه
السّلام) بعد انصرافه من صفّين، وفي معنى المثل المذكور ما جاء من أمثال العرب: (عاد السهم إلى النزعة: أي رجع الحق
إلى أهله. والنزعة الرماة من (نزع في قوسه) أي رمى، فإذا قالوا: (عاد الرمي على
النزعة) كان المعنى عاد عاقبة الظلم على الظالم، ويكنّى بها عن الهزيمة تقع على
القوم)[١٣]
مجمع الأمثال ٢: ١٨ حرف العين.. ومنها: (عاد الأمر إلى نصابه: يضرب
في الأمر يتولاّه أربابه)[١٤ المصدر ٢: ٣٥.]. يريد (عليه السّلام) بذلك رجوع
الخلافة بعد اغتصابها إليه أيّام خلافته، وتأوّل الكلام المعتزليُ بما يأباه
العقل والنقل، قال: (وهذا يقتضي أن يكون فيما قبل في غير
أهله، ونحن نتأوّل ذلك على غير ما تذكره الإماميّة ونقول: إنّه (عليه السّلام)
كان أولى بالأمر وأحقّ لا على وجه النصّ على الخلافة، بل على وجه الأفضليّة...
لكنّه ترك حقّه لِمَا علمه من المصلحة...)[١٥]
شرح النهج ١: ١٤٠.. ليتني دريت ما حمل المعتزلي على سحق
عقله حتى يتناقض في القول ! إن كان (عليه السّلام) كما يقول: إنّه الأحقّ
بالخلافة من جميع المسلمين بحكم العقل، وإنه أفضل البشر، فكيف يهمل رسول الله
(صلّى الله عليه وآله) النصّ عليه حتّى يختاروا من هو أدنى ؟! وهل هذا إلاّ
تغرير منفيّ عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟! وهل يشكّ عربيّ في معنى (رجع
الحق إلى أهله) أنّ فيما قبله غير أهل له ؟! والكلام المتقدم ينصّ على انحصار
الوصاية والوراثة، وهي الخلافة المنصوصة. قال المعتزلي: (ولسنا نعني بالوصيّة النصَ
على الخلافة، ولكن أمور أخرى)[١٦]
المصدر.. نعم، أمور أخرى
حملتك على ذلك.. والحديث ذو شجون. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع الميم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥
ـ أمرتكم أمري بمنُعَرِجِ اللّوى = فلم تستبينوا النُّصحَ إلاّ ضُحى الغد[١٧]النهج ٢: ٢٠٤, ٣٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من أخطر خطبة له (عليه السّلام) بعد
التحكيم: (... فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ،
والْمُنَابِذِينَ الْعُصَاةِ، حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وضَنَّ
الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ، فَكُنْتُ أَنَا وإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو
هَوَازِنَ:«أَمَرْتُكُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى = فَلَمْ تَسْتَبِينُوا
النُّصْحَ إِلَّا ضُحَى الْغَدِ» ) (وأخو هوازن صاحب الشعر هو دريد بن
الصَمَّة، والأبيات مذكورة في الحماسة، وأوّلها:
شرح النهج ٢: ٢٠٥. حادثة التحكيم، عند مخالفة أصحابه
(عليه السّلام)، يعرف عظمها من كلامه حيث يقول: (فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ
الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ...) والكلّ يدري ما يصنع المخالف الجاف والمنابذ
العاصي على أميره، وهو ناصحه حتّى ارتاب بنصحه. وقوله (عليه السّلام): (وضَنَّ
الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ) أي (لم يقدح لي بعد ذلك رأي صالح لشدّة ما لقيت منكم من
الإباء والخلاف والعصيان... لأنّ المشير الناصح إذا اتّهم واستغشّ،
عمى قلبه وفسد رأيه)[١٩]
المصدر.. نعم، بالإضافة إلى الإمام لم يَعْمَ
قلبه ولم يَفسد رأيه ويصبر على البلوى والأمر بطبعه الأوّلي كذلك. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع الياء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٦
ـ أَيَادِيَ سَبَأ[٢٠]النهج ٧: ٧٠, ٩٦/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام): (...
فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ «أَيَادِيَ
سَبَأ»...). اختُلف في أنّ المثل إسلاميّ، أصله
قوله تعالى: (وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)[٢١]
سبأ: ١٩. في قصّة أهل سبأ وتفرّقهم المذكورة في القرآن الكريم وروايات أهل
البيت (عليهم السّلام)، أو جاهليّ كما ذهب إليه الدكتور صفا خلوصي؛ لأنّ سبأ
وجدت قبل الإسلام[٢٢]دراسة في الأمثال العربيّة القديمة، انظر: هامش رسالة الإسلام عدد ٧
ـ ٨/١١٦.؟ وهل وجود قوم
سبأ قبل الإسلام يصيّر المثل جاهليّاً أو لابدّ من ضربه فيه لتلك الحالة لا وجود
الحالة ؟ قال ابن أبي الحديد: (وأيادي سبأ مثل يضرب لمتفرّقين،
وأصله قوله تعالى عن أهل سبأ: (وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ). وسبأ مهموز،
وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. ويقال: ذهبوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ. الياء
ساكنة وكذلك الألف، وهكذا نقل المثل: أي ذهبوا متفرّقين، وهما اسمان جعلا واحداً
مثل: معد كرب)[٢٣]
شرح النهج ٧: ٧٤ـ٧٥.. يضرب المثل المذكور لبيان تفرّق
الجمع المقصود بهم وللدعاء عليهم، أي لا تفارقهم الفرقة، ولعلّ الثاني أولى
بكلام الإمام (عليه السّلام) ليكون جملة (أيادي سبأ) دعاء عليهم، إلاّ أنّ ظهور
الجملة في تشبيه تفرّق أصحابه (عليه السّلام) عند خطابه بتفرّق قوم سبأ يردّ الدعاء
المذكور فتدبّر جيداً. ولقد كان أمير المؤمنين (عليه
السّلام) يعاني من تفرّق الأصحاب، والفُرقة هي السبب لإبادة الجماعة، وقد نهى
الله جلّ جلاله عنها وأمر بالاعتصام بقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا)[٢٤]
سورة آل عمران الآية ١٠٣.، وهو (عليه السّلام) الحبل المتين الذي أمر العباد بالتمسّك به.
ولا ينافي أن يكون حبل الله القرآن أو الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فإنّ كلّ
ذلك شيء واحد يدعو إلى الواحد وهو الله تعالى. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٧ـ
إِيّاك وما يُعتذَرُ منهُ[٢٥]النهج ١٦: ١٣٨, ٣٣/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جاء المثل في كتاب له (عليه السّلام)
إلى قثم بن عبّاس، وهو عامله على مكّة. قال الميداني بعد المثل المذكور: (أي
لا ترتكب أمراً تحتاج فيه إلى الاعتذار منه)[٢٦]
مجمع الأمثال ١: ٤٤ حرف الهمزة.. وهو من الأمثال المرسلة وإن لم يرسله
الإمام (عليه السّلام). ثم الاعتذار، ممّا يوجبه، إنّما هو
من صنع الجاهل، حيث يقدم على ما لا يدري مغبّته ولا حسنه من قبحه أو خيره من
شرّه، فإذا انكشف الحال ندم واعتذر. أمّا العاقل، فلا يترأّى قبل أن يتروّى، ولا
يقدم على عمل إلاّ بعد التثبّت والعلم بمغبّته. وقد قالوا المثل: (شر الرأي
الدُّبري: والدّبري الذي يجيء بعد ما يفوت الأمر)[٢٧]
الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ١: ١٣ حرف الشين.. ومن أجله رُغّبت المشورة وأُمر
الجاهل بالسؤال من أهل الذكر في الكتاب والسنّة في أمور الدّين والدّنيا،
والمستبدّ برأيه هالك، والتثبّت في كلّ شيء حتّى لا يقع فيما لا يحمد عقباه،
وعدم جواز الأخذ بنبأ الفاسق إلاّ بعد التبيّن؛ لئلاّ يصيب إنساناً بجهالة فيصبح
على ما فعل نادماً كما قال تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[٢٨]
سورة الحجرات الآية ٦.. والمورد لا يخصَّص فيجري فيما ماثله من نوعه. ثم المثل يشمل كلّ ما ذكر وما لم
يذكر من الموارد الّتي تورث الاعتذار بعدها، سواء كان من قول أو عمل، بل مطلق
السّكون والحركة التي لا يخلو منهما الإنسان. فلابدّ من التفكر فيه أوّلاً، فإن
عَلِم أنّ في ذلك رشداً أقدم، أو غيّاً أحجم عنه. ويقف عند الشبهة لئلاّ يهلك من
حيث لا يعلم كما جاء فيه حديث التثليث: (الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتّبع،
وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وشبهات بين ذلك، فمن أخذ بها هلك من حيث لا يعلم ومن وقف
نجا)[٢٩] الوسائل ١٨: ١١٤.ما مضمون الحديث فراجع. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الباء والتاء والحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الباء
مع العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٨
ـ بعدَ اللُتَّيّا والَّتي[١].النهج
١: ٢١٣, ٥/ط. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام) في خطبة له:
(فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ! وإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا
جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ! هَيْهَاتَ! «بَعْدَ اللَّتَيَّا والَّتِي» واللَّهِ
لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّه ِ...). اللُّتيا تصغير الّتي، كما أنّ
اللُّذيا تصغير الّذي، وفي القاموس: بفتح اللام المشدّدة وضمّها. و((هَيْهَاتَ): لظنّهم فيه الجزع.
أي: أَبَعْدَ اللّتيا والّتي أجزعُ ؟! أبَعْدَ أن قاسيتُ الأهوال، الكبار
والصغار، ومُنيت بكلّ داهية عظيمة وصغيرة ؟! فاللّتيا للصغيرة، والّتي للكبيرة)[٢]
شرح النهج ١: ٢١٤ [نقل بتلخيص وتصرُّف].. (بعد اللّتيا والّتي): (هما الداهية
الكبيرة والصغيرة، وكنّى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيهاً بالحيّة فإنّها إذا
كثر سمّها صغرت؛ لأنّ السمّ يأكل جسدها. وقيل: الأصل فيه أنّ رجلاً من حديس
تزوّج امرأة قصيرة، فقاسى منها الشدائد وكان يعبّر عنها بالتصغير، فتزوّج امرأة
طويلة فقاسى منها ضعف ما قاسى من الصغيرة، فطلّقها وقال: بعَدْ اللُّتيا والّتي لا
أتزوّج أبداً،فجرى ذلك على الداهية. وقيل: إنّ العرب تصغّر الشيء العظيم كالدهيم
واللهيم وذلك منهم رمز)[٣]
مجمع الأمثال ١: ٩٢ حرف الباء.. وهو مثل سائر يضرب لأمرين داهيتين
إحداها أدهى من الأخرى. يريد (عليه السّلام) بالقول مطالبة
الخلافة من الشيخين. إذا طالبهما بها، قال الناس حرص على الملك الدنيوي! أترى
حين تقمّصاها لمَ لا يقولوا لهما حرصتما على الملك ويقولون ذلك لأمير المؤمنين
(عليه السّلام) ؟! وهو على حدّ أن يقولوه لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّ
النبوّة والخلافة كلتيهما أمر سماوي. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب التاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
التّاء مع القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٩ـ
تَقْصِرُ دُونَها الأَنْوَقُ؛ وَيُحاذى العَيُّوقُ[٤]النهج ١٨: ٢٢, ٦٥/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتابه (عليه السّلام) إلى معاوية: (... وقَدْ أَتَانِي كِتَابٌ مِنْكَ
ذُو أَفَانِينَ مِنَ الْقَوْلِ، ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ، وأَسَاطِيرَ
لَمْ يَحُكْهَا مِنْكَ عِلْمٌ ولَا حِلْمٌ، أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِي
الدَّهَاسِ والْخَابِطِ فِي الدِّيمَاسِ، وتَرَقَّيْتَ إِلَى مَرْقَبَةٍ
بَعِيدَةِ الْمَرَامِ نَازِحَةِ الْأَعْلَامِ «تَقْصُرُ دُونَهَا الْأَنُوقُ
ويُحَاذَى بِهَا الْعَيُّوقُ»). في كلامه (عليه السّلام) أكثر من
تمثيل يظهر بعد شرح مفرداته: أفانين القول: أساليبه المتنوّعة. وضعف قوى الأفانين عن السّلم: أي
الإسلام، أي عدم صدورها عن مسلم، حيث طَلَبَ تولّيه العهد وإبقائه بالشام
رئيساً. والأساطير، جمع أسطورة: الأباطيل. حوكها: نظها. والدِّهاس (بالكسر): جمع دهس
و(بالفتح) مفرد، وهو المكان السهل، ليس هو بتراب ولا طين. والدِّيماس (بالكسر): السر المظلم
تحت الأرض. والمرقبة: الموضع العالي يراقب عليه. والأعلام، جمع علم: ما يهتدى به في
الطرقات. والأنوق (بالفتح): (طائر، وهو
الرخمة، وفي المثل: أعزّ من بيض الأنوق[٥]مجمع الأمثال ٢: ٤٤ حرف العين [ هذا المثل ورد في مجمع الأمثال كما
أشار المؤلف، ولكن جميع العبارة، وقد وضعناها بين قوسين، هي لابن أبي الحديد
المدائني في شرح النهج ]. والعيّوق: كوكب فوق زحل في العلو. ؛ لأنّها تُحرزِه فلا يظفر به أحد). أي: أنت بكتابك المشتمل على دعاوٍ
باطلة لا تصدر عن مسلم، ولا يحكي عن علم وحلم كاتبه، لستَ إلاّ كالخائض في أرض
رخوة تقوم وتقع، والخابط في نفق مظلم لا يهتدي الطريق، سَمَتْ همتَّك إلى
الخلافة وهي منك بموضع مرتفع عال لا سبيل إليه، ولا أعلام تَهتدي بها، وهي
كالرخمة الّتي لا يُظفر ببيضها؛ والكوكبِ الذي فوق الكواكب كلّها.. فكيف ترومها
؟![٦]
تلخيص من شرح النهج ١٨: ٢٥ـ٢٧. ضربت هذه الأمثال لبُعد معاوية عن
الخلافة الّتي يريدها، ويضرب المثل المذكور لقصور طالب الشيء. وفي معنى
المثْلَين قولهم: (دونه بيض الأنوق) و(دونه العيّوق)[٧]
مجمع الأمثال ١: ٢٦٥ حرف الدال.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٠ـ حَدْوَ الزّاجِرِ بِشَوْلِه[٨]النهج ٩: ٢٠٩, ١٥٨/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): (... عِبَادَ
اللَّهِ إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِهِ بِالْمَاضِينَ: لا
يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْهُ، ولا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيهِ. آخِرُ
فَعَالِهِ كَأَوَّلِهِ. مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُهُ، مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلامُهُ،
فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ «حَدْو الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ»). قال ابن الأثير: (وهي الناقَةُ التي
شالَ لبَنُها: أي ارْتَفع. وتُسمَّى الشَّوْلَ: أي ذات شَوْلٍ؛ لأنه لم يَبْقَ
في ضَرْعها إلاّ شَولٌ من لبنٍ: أي بَقيَّة. ويكون ذلك بَعد سَبعة أشهُر من
حَمْلها، ومنه حديث عليّ (فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْو
الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ) أي الذي يزجُرُ إبلَه لتَسِير)[٩]
النهاية في (شول).. والتاء في (شولة) تأنيث أو مصدر، أي ذات شول. والشائلة: واحدة الشوائل. (وشُوَّل كرُكَّع: جمع شائل، وهي الناقة الّتي تشول بذنبها للّقاح، ولا لبن لها
أصلاً، وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. وشوّلت الناقة...: أي صارت
شائلة. وشوّال أحد فصول السّنة... سمّى بذلك لشَوَلان الإبل بأذنابها في ذلك
الوقت لشدّة شهوة الضّراب؛ ولذلك كرهت العرب التّزويج فيه، وعن النّبي (صلّى
الله عليه وآله): (سمّي شوّالاً لأنّ فيه شالت ذنوب المؤمنين) أي ارتفعت وذهبت)[١٠]
مجمع البحرين في (شول) [نقل بتصرُّف].. والحَدْو: سوق الإبل. والحادي: السائق لها. والحدّي: التغنّي لجدّ السير. وإنّما شبّه (عليه السّلام) اندفاع
النّاس بالسّاعة ـ أي القيامة ـ بسائق الناقة، القليلة اللّبن أو عديمته، في
سرعة سيرها؛ لخفّتها ولزجرها، أي أنّ السّاعة تقهركم على الموقف لمحاسبتكم على
أعمالكم: إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ. وكرّر منه (عليه السّلام) التّعبير
بالحَدْو، ومنه: (وَرَاءَكُمُ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ)[١١] النهج ١: ٣٠١, ٢١/ط. (وإِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ)؛ بل (بَلْ السَّاعَةُ
مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)[١٢] سورة القمر الآية ٤٦.من الزجر والقتل والأسر وأفظع من كلّ فظيع وأدهى من الدّواهي
كلّها. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء مع السّين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١١ـ
الحَسَدُ يأكلُ الإيمان كَما يأكُل النّارُ الحَطَب[١٣]النهج ٦: ٣٥٤, ٨٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من التمثيلات صادرة عن الإمام (عليه
السّلام) في إحدى خطبه، قال فيها: (وتَحَاسَدُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ
الإيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ). من الإيمان أن يعقد المؤمن قلبه على
أنّه تعالى يؤتي الملك من يشاء وينزعه عمّن يشاء، ويؤتي الفضل من رزق وغيره، كما
قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ)[١٤]
سورة النساء الآية ٥٤.. فإذا تمنّى زوال ذلك وانفجر من وجوده فقد عارض إلهه في قضائه
وعطائه، وهو مناف للإيمان بها، فكيف يبقى الإيمان ؟! بلى يفنى كما تفني النّارُ
الحطب. ثم الحسد جاء الأمر بالتعوّذ من شرّه
كما قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)[١٥]،
سورة الفلق الآية ٥. وفي النبويّ: (... وكاد الحسد أن يغلب القدر)، والصادقيّ: (آفة
الدّين الحسد والعجب والفخر)، والنبويّ: (قال الله (عَزَّ وجَلَّ) لموسى بن
عمران: يا ابن عمران، لا تحسدنّ النّاس على ما آتيهم من فضلي، ولا تمدّن عينيك
إلى ذلك ولا تتبعه نفسك، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي، صادّ لقسمي الذي قسّمت بين
عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي)[١٦]
أصول الكافي ٢: ٣٠٧.. وهو من داعية الذنوب، قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): (...
الحرص والكبر والحسد دواعٍ إلى التقحّم في الذنوب)[١٧]
النهج ١٩: ٣٠١.. وكما لا يسلم له إيمان لم تبق صحّة البدن معه، قال (عليه السّلام):
(العجبُ لغفلة الحسّاد عن سلامة الأجساد)[١٨]
النهج ١٩: ٤٩.. وقال (عليه السّلام): (صحّة الجسد من
قلّة الحسد)[١٩]
المصدر ٩٧.. والحسد غلّ في عنق صاحبه وقد نفاه (عليه السّلام) عن الملائكة عند
وصفهم: (ولا تَوَلاهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ)[٢٠] المصدر ٦: ٤٢٥.وأيّ فرق بين من على عنقه غلّ ظاهريّ ومن شغل قلبه وملك عقله الحسد
؟! والجامع بينهما سلب الاستطاعة والراحة. وكرّر هذا التمثيل المذكور في كلامه
(عليه السّلام) في أكل الحسد الإيمان بأكل النّار الحطب في الأحاديث ومنها
النبويّ[٢١]في (الأمثال النبويّة حرف الحاء).. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء مَعَ الكاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٢ـ
الحكمةُ ضالةُ المؤُمنِ[٢٢]النهج ١٨: ٢٢٩, ٧٧/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): (خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ،
فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ فِي صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِهِ
حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ). قال
الرضي (رحمه الله): وقد قال عليّ (عليه السّلام) في مثل ذلك: (الْحِكْمَةُ
ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَخُذِ الْحِكْمَةَ ولَومِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ). قال الميداني: (يعني أنّ المؤمن يحرص
على جمع الحكم من أين يجدها يأخذها)[٢٣].
المجمع ١: ٢١٤ حرف الحاء. يمكن أن لا يعلم أنّه لأمير المؤمنين
(عليه السّلام)، أو كونه مثلاً نبويّاً، ولكن بعيد من مثله، ونحن عددناه من
الأمثال النبويّة والعلويّة ولا تنافي ذلك. قيل: (خطب الحجّاج فقال: إنّ الله
أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مئونة الدنيا، فليتنا كفينا مئونة الآخرة وأمرنا بطلب
الدنيا. فسمعها الحسن [ البصري ] فقال: هذه ضالّة المؤمن خرجت من قلب المنافق)[٢٤]
شرح النهج ١٨: ٢٢٩.. [ تعريف الحكمة: ] عرفت الحكمة
بتعاريف، فقيل: هي فهم المعاني، وطاعة الله ومعرفة الإمام، وإتقان الأمور. وأجمع
تعريف: هي العلم بشرائع السماء والعمل بها. وقيل: العلم بمصالح الدارين
ومفاسدهما. وقيل: النبوّة. وقيل غير ذلك.. ذكرنا نبذة من الأقوال في حرف الحاء
من الأمثال النبويّة جاء في الحديث: (من أخلص لله أربعين صباحاً جرت ينابيع
الحكمة من قلبه على لسانه)[٢٥]
السفينة ١: ٤٠٨ في خلص.. [ عوامل حصول الحكمة: ]
من عوامل حصول الحكمة قلّة الكلام، ونوم القيلولة، وقلّة الأكل، ومجالسة
الأتقياء، وصلاة الليل، وقراءة القرآن الكريم، وإخلاص العمل لله (عَزَّ وجَلَّ)،
ومعرفة الله والنبيّ والأئمّة (صلّى الله عليهم أجمعين)، والطاعة له تعالى.
وليست الحكمة المرضيّة هي المصطلحة عند قوم. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء
مع النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٣ـ
حَنَّ قِدْحٌ لَيْس مِنْها[٢٦]النهج ١٥: ١٨١, ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من أمثال سائرة تمثّل به أمير
المؤمنين (عليه السّلام) في جواب كتاب معاوية (... وما لِلطُّلَقَاءِ وأَبْناءِ
الطُّلَقاءِ! وَالتَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُهاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وتَرْتِيبَ
دَرَجاتِهِمْ، وتَعْرِيفَ طَبَقاتِهِمْ ؟! هَيْهاتَ! لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ
مِنْها، وطَفِقَ يَحْكُمُ فِيها مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَها). (حنّ) من الحنين، وهو نوع صوت. و( قِدْح: أصله من القداح، من عود
واحد يجعل فيها قدح من غير ذلك الخشب فيصوّت إذا أرادها المفيض، فذلك الصوت هو
حنينه. هذا مثل يضرب لمن يدخل نفسه بين قوم ليس له أن يدخل بينهم)[٢٧]
. شرح النهج ١٥: ١٩١ [العبارة لابن أبي الحديد والمؤلف تصرَّف في تقديم بعضها
على بعض].، أو لمن يفتخر بقوم
ليس منهم؛ أو يمتدح بما لا يوجد فيه. قيل: المثل لعمر أجاب به عقبة بن أبي
معيط حينما قال له: (أأقتل من بين قريش ؟!). قال الزمخشري: وقيل: بني الحنان، وهم
بطن من بلحارث، أنّ جدّهم ألقى قِدْحاً في قداح قوم يضربون بالميسر وكان يضرب
لهم رجل أعمى، فلما وقع قِدْحه في يده قال: (حنّ قِدْح ليس منها) فلقب الحنان
لذلك. ومنه يظهر: أنّ المثل ليس لعمر،
ويؤيّد ذلك قول الميداني إنّ عمر تمثّل به[٢٨]رسالة الإسلام ١١٧ ـ ١١٨ العدد ٧ـ ٨.. والقِدْح السهم من أقداح الميسر،
وعند إجالتها خالف صوت القِدح الذي ليس من مادّة بقية القداح صوتها، فيعرف أنّه
ليس من جملتها. قيل: إنّ كلام الإمام (عليه السّلام)
تصديق للشيخين لأنّهما من المهاجرين ذوي الرتب والدرجات التي لم يكن لمعاوية
صلوح التمييز لها، بل لابدّ من مثل الإمام (عليه السّلام) يميّزها لأنهما في
درجته في الفضل. والجواب: أنّ الكلام جاء كمقياس كليّ
لا ينطق إلاّ على موارده الحقيقية بدون تعيين. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الدال والراء والسين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الدال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الدّال مَعَ العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٤ـ
دَعْ عَنْكَ مَنْ مالَتْ بِهِ الرَّمْيَّةُ[١]النهج ١٥ : ١٨٢, ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) في جواب
لكتاب معاوية الذي يذكر فيه بعض الناس، قال (عليه السّلام): (... فَدَعْ عَنْكَ
مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِيَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا والنَّاسُ بَعْدُ
صَنَائِعُ لَنَا...). الرَّمْيَّةُ بمعنى الرمي، والباء
للإلصاق: أي دع من رمته الدنيا بسهامها وصار غرضاً لها لإقباله عليها. ويشهد
لذلك ما جاء في بعض خطبه (عليه السّلام) (تَرْمِيهِمْ بِسِهامِها، وتُفْنِيهِمْ
بِحِمامِها)[٢]
النهج ١١ : ٢٥٧, ٢٢١/ط.. ويصحّ ذلك أيضاً رميه بسهام النفس
وإبليس، إذ استعارة رمي السهام فيها بجامع التأثير السريع على حدّ سواء، وقد جاء
(النظرة سهم مسموم من سهام الشيطان)[٣]
الوسائل ١٤ : ١٣٨ ـ ١٤٠.. وقيل الرَّمْيَّةُ: الطريدة
المرميّة. (يقال للصيد: يرمي هذه الرَّمْيَّة، وهي (فَعْليَّة) بمعنى مفعولة،
والأصل في مثلها أن لا تلحقها الهاء نحو: (كفّ خضيب، وعين كحيل) إلاّ أنّهم
أجروها مجرى الأسماء لا النعوت كالقصيدة والقطيعة، والمعنى: دع ذكر من مال إلى
الدنيا ومالت به، أي أمالته إليها)[٤]
شرح النهج ١٥ : ١٩٤.. عن الشيخ محمد عبده: (يضرب لمن أعوّج
غرضه فمال عن الاستقامة لطلبه)[٥]
رسالة الإسلام ١١٨ ـ عدد ٧ ـ ٢٠٨.. قيل: المراد من الموصول في المثل هو
عثمان لا الشيخان؛ لأنّه (عليه السّلام) لم يذكرهما بقدح والمثل يضرب لذلك،
فلابدّ من صرفه إلى غيرهما[٦].شرح
النهج ١٥: ١٩٤. يجاب عنه: أنّ الكلام مقياس كليّ له
اطّراده في جميع الناس إذا تحقّقت فيه الرّمية مهما كان نوعه، ومعاوية المخاطب
من أجلى مصاديقه، ومن تدبّر صدر الكلام عرف الحق. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الدّال مَعَ الهاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٥ـ
الدَّهرُ يَومَانِ: يَوْمٌ لكَ وَيَوْمٌ عَليْكَ[٧]النهج ١٩: ٣٦٤, ٤٠٦/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام الإمام (عليه السّلام)
الجاري مجرى الأمثال: (الدَّهْرُ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لَكَ، ويَوْمٌ عَلَيْكَ.
فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلاَ تَبْطَرْ، وإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ). قال الشارح: (قديماً قيل هذا المعنى: الدّهر
يومان: يوم بلاء ويوم رخاء، والدّهر: ضربان: حبرة وعبرة؛ والدّهر وقتان: وقت
سرور ووقت ثبور. وقال أبو سفيان يوم أحد: يوم بيوم بدر، والدّنيا دول. ويحمل ذمّ
البطر هاهنا على محملين: أحدهما البطر بمعنى الأشر وشدّة المرح. بَطِر الرجل
(بالكسر) يبطر وقد أبطره المال، وقالوا: بطر فلان معيشته، كما قالوا: رشد فلان
أمره. والثاني البطر بمعنى الحيرة والدّهش، أي إذا كان الوقت لك فلا تقطعنّ
زمانك بالحيرة والدّهش عن شكر الله، ومكافأة النعمة بالطّاعة والعبادة، والمحمل
الأوّل أوضح)[٨]
المصدر.. الدّهر هو ما سوى الله جلّ جلاله
برمّته، الممتدّ من البداية إلى النهاية. وربّما يتخيّل أنّه المنتزع من
الحدّين، وواقع المنتزع ـ كمّا تقدّم ـ هو المجزوم، ولامتداده ظنّ قِدَمه حتّى
زعم الدّهريّون أنّه منشأ الحياة والهلاك كما حكى عنهم الله (جلّ جلاله): (وَمَا
يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ)[٩]
سورة الجاثية الآية ٢٤.. فإن أرادوا به الله تعالى وجهلوا أنّه هو، أو أجروا عليه تعالى اسم
الدّهر، فهذا أهون من الأوّل.. والبحث في محلّه. يريد (عليه السّلام) أنّ للدّنيا إقبالاً
وإدباراً، فإن أقبلت عليك فلا تغترّ بها فتنسى كلّ شيء، وإن أدبرت فاصبر. وقد
جاء في الحديث القدسي: (يا موسى، إن أقبلت الدّنيا فعقوبة عُجّلت، وإن أدبرت فقل
مرحباً بشعار الصّالحين)[١٠]
مجموعة ورّام ٢: ٤٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الراء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الباء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٦
ـ رُبَّ قولٍ أَنْفَذُ من صَوْلٍ[١١]النهج ١٩: ٣٥٩, ٤٠٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
وهذا المثل ذكره جمع، منهم: المفضّل[١٢]الفاخر ٢٦٥.. والميداني بعد إيراده بلفظ (ربّ قول أشدّ من صول)، وكذا الزمخشري[١٣]المستقصي ٢: ٩٨.، قال: (يضرب عند الكلام يؤثِّر فيمَن يواجَه به، قال أبو عبيد: وقد
يضرب هذا المثل فيما يتّقي من العار. وقال أبو الهيثم: (أشدّ) في موضع خفضٍ؛
لأنّه تابع للقول. وما جاء بعد (ربّ) فالنّعت تابع له)[١٤]
مجمع الأمثال ١: ٢٩٠ حرف الراء.. قال الشارح: (قد قيل هذا المعنى
كثيراً (والقول ينفذ ما لا تنفذ الإبر)، ومن ذلك: (القول لا تملكه إذا نما،
كالسّهم لا تملكه إذا رمى)، وقال الشاعر:
وقال محمود الورّاق:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٧
ـ رُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ[١٦]النهج ١٥: ١٨٣, ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في جواب لكتاب معاوية: (وما كُنْتُ
لِأََعْتَذِرَ مِنْ أنِّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أحْداثاً، فَإِنْ كانَ
الذَّنْبُ إِلَيْهِ إِرْشادِي وهِدايَتِي لَهُ، فَـ «رُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ
». وقَدْ يَسْتَفِيدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ وما أَرَدْتُ إِلا الْإِصْلاحَ
مَا اسْتَطَعْتُ، وما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ
أُنِيبُ). هذا جزء من كلام له (عليه السّلام)
بهذا الصدد حيث اتّهم معاوية الإمام (عليه السّلام) بالاشتراك في قتل عثمان
فأجاب عنه: بأني كنت ناقماً عليه لأحداث ارتكبها. وليست هذه النقمة شركة في قتل
عثمان، بل كانت هداية له وإرشاداً، فإن كنت ـ يا معاوية ـ تلومني على ذلك (فربّ
ملومٍ لا ذنب له) وما أنا ذا ملوم، بلا ذنب ركبته. قال الزمخشري: (ربَّ ملومٍ لا ذنب
له: قاله الأحنف لرجل ذمّ عنده الكمأة مع السمن، قال (بحر المتقارب):
و(رُبَّ لاَئِمٍ مُلِيْمٌ)[١٨] المصدر ٢: ٩٨.وهو معاوية وأضرابه من قالة الباطل. قيل:
(قائل: (ربّ ملوم لا ذنب له) هو أكثم بن صيفي، يقول قد ظهر للناس منه أمر أنكروه
عليه وهم لا يعرفون حجّته وعذره، فهو يلام عليه. وذكروا أنّ رجلاً في مجلس
الأحنف بن قيس قال: ليس شيء أبغض إليّ من التمر والزبد، فقال الأحنف: ربّ ملوم
لا ذنب له)[١٩]
مجمع الأمثال ١: ٣٠٥ حرف الراء [بتصرف طفيف].. تقدّم
انتماء المثل إلى الأحنف من صاحب المستقصي. ثم الملامة أشدّ مراتب العتاب، وهي
تخطيء وتصيب. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٨ـ
رُدُّوا الحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ[٢٠]النهج ١٩: ٢٢١, ٣٢٠/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): (رُدُّوا
الْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ فَإِنَّ الشَّرَّ لا يَدْفَعُهُ إِلاَّ الشَّرُّ). قال الشارح: (هذا مثل قولُهم في المثل: إنّ الحديد
بالحديد يفلح[٢١]مجمع الأمثال ١: ١١ حرف الهمزة.. وقال عمرو بن كلثوم:
وقال الفند الزّماني:
وقال الأحنف:
من أمثال متناسبة: (الشرّ بالشرّ
ملحق)[٢٣]
النهج ١٨: ٤١.؛ (الشرّ للشرّ خلق)[٢٤]
مجمع الأمثال ١: ٣٦٦ حرف السين.. وقد جاء في صادقيّ: (إن اللعنة إذا
خرجت من فيِّ صاحبها تردَّدت فإن وجدت مساغاً وإلاّ رجعت على صاحبها)[٢٥]
السفينة ١: ٥١٢ في (لعن).. والغرض من ردّ الحجر منع تجاوز
الظالم الغاشم بردّ ظلمه إليه، فإنّ الظلم شرّ وشر منه صاحبه كالظالم كما تقدّم
المثل [٢٦]فاعل الخير خير منه؛ وفاعل الشرّ شرّ منه.. فإذا لم يردّ على المتجاوز تجاوزه
ازداد تجاوزاً، وإذا عومل بمثل ما صنع ارتدع. فصبر المظلوم زيادة في ظلم الظالم،
ولا ينافيه ما جاء في الصّبر؛ فإن ذلك فيما لم يكن الردّ عليه. وحمْلُ الحجر على معناه الظاهري لا
يمنع من معناه المثلي، أي من ردّ ظلم الظالم إليه. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الفاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٩ـ
الرَّفيقُ قَبلَ الطَّريقِ، وَالجارُ قَبلَ الدّارِ[٢٧]النهج ١٦: ١١٣، ٣١/الوصيّة.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من وصيّته للحسن (عليهما السّلام)
المطوّلة، قال فيها: (سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ، وعَنِ الْجَارِ
قَبْلَ الدَّارِ). وفي المثل:(الرفيق إمّا رحيق أو
حريق)، وفي المثل: (جار السوء كلب هارش وأفعى ناهش)[٢٨]
شرح النهج ١٦: ١٢١.. قوله (عليه السّلام): (الرَّفِيقِ
قَبْلَ الطَّرِيقِ) من الأمثال، ذكره بعض الأدباء، منهم الميداني، قال بعد ذكر
المثل: (أي حَصِّلِ الرفيق أولاً واخْبُرْهُ، فربَّما لم يكن موافقاً ولم تتمكّن
من الاستبدال به)[٢٩]
المجمع ١: ٣٠٣ حرف الراء. و[ قال: الميداني ] بعد مثل (الجار
ثم الدار) بذكر (ثمّ)، قال: (هذا كقولهم: (الرفيق قبل الطريق) وكلاهما يروي عن
النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم). قال أبو عبيد: كان بعض فقهاء أهل الشام يحدّث
بهذا الحديث ويقول: معناه إذا أردت شراء دار فسَلْ عن جوارها قبل شرائها)[٣٠]
المجمع ١: ١٧٢ (حرف الجيم).. ثم الجار نذكر شيئاً من حقوقه لأدنى
مناسبة:اهتمّ الشرع الإسلامي بالجار حتّى قال الإمام (عليه السّلام) في وصيّة
له: (واللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ)[٣١]
النهج ١٧: ٥، ٤٧/الوصيّة.، وقال تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ...)[٣٢]
سورة النساء الآية ٣٦.. الجار إمّا قريب أو بعيد، وهما إمّا
قريب أو أجنبيّ، فهذه أربعة: فالجار ذو الرحم، قريباً كان أو بعيداً، داخل في
(وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى). والأجنبي، القريب والبعيد، في (وَالْجَارِ
الْجُنُبِ). (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) هو الذي يصحبك في السفر جنباً إلى جنب. ثم ليس حسن الجوار كفّ الأذى عنه
فقط، بل بتحمّل الأذى والصبر على ما يرى، قال القائل:
[٣٣]ذكرناه في الأمثال النبويّة حرف الجيم. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الكاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٠ـ
رَكِبْنا أعْجازَ الإِبِل وإِنْ طَالَ السُّرى[٣٤]
النهج ١٨: ١٣٢، ٢٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
والأصل فيه قوله (عليه السّلام):
(لَنَا حَقٌّ فَإِنْ أُعْطِينَاهُ وإِلا رَكِبْنَا أَعْجَازَ الإبِلِ وإِنْ
طَالَ السُّرَى). قال الرضي (رحمه الله تعالى): (وهذا القول من لطيف الكلام وفصيحه،
ومعناه: أنّا إن لم نعط حقّنا كنّا أذلاّء؛ وذلك أن الرديف يركب عجز البعير،
كالعبد والأسير ومن يجري مجراهما). قال بعض الشرَّاح: (له تفسيران: أحدهما: أنّ راكب عجز البعير يلحقه مشقّة
وضرر، فأراد: أنّا إذا منعنا حقّنا صبرنا على المشقّة والمضرّة كما يصبر راكب
عجز البعير. وهذا التفسير قريب مما فسّره الرّضي، والوجه الثاني: أنّ راكب عجز البعير إنّما يكون إذا
كان غيره قد ركب على ظهر البعير، وراكب ظهر البعير متقدّم على راكب عجز البعير،
فأراد: أنّا إذا منعنا حقّنا تأخّرنا وتقدّم غيرنا علينا فكنّا كالراكب رديفاً
لغيره. وأكّد المعنى على كلا التفسيرين بقوله: (وإِنْ طَالَ السُّرَى)؛ لأنّه
إذا طال السُّرى كانت المشقّة على راكب البعير أعظم، وكان الصبر على تأخّر راكب
عجز البعير عن الراكب على ظهره أشدّ وأصعب.. قاله يوم الشُّورى)[٣٥]
المصدر.. وقال آخر: (عليّ (رضي الله تعالى عنه) قال يوم
الشورى: (لنا حقّ إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السُّرى).
هذا مثل لركوبه الذلّ والمشقّة وصبره عليه وإن تطاول ذلك، وأصله أن الراكب إذا
اِعْرَوْرى البعير ركب عجزه من أصل السنام، فلا يطمئنّ ويحتمل المشقّة. وأراد
بركوب أعجاز الإبل كونه ردفاً تابعاً، وأنّه يصبر على ذلك وإن تطاول به. ويجوز أن يريد: وإن نمنعه نبذلِ الجهد في طلبه فعل
من يضرب في ابتغاء طلبته أكباد الإبل ولا يبالي باحتمال طول السُّرى)[٣٦]
الفائق [ في غريب الحديث، جار الله الزمخشري] ٢: ٣٩٧ ـ ٣٩٨.. وهكذا غيرهما من الجمهور، قد خصّصوا
كلامه (عليه السّلام) بيوم الشُّورى بعد وفاة عمر واجتماع الجماعة لاختيار واحد
من الستّة. وليت شعري لِمَ خصّصوه بذلك ؟! وهل كان منْع القوم الإمام (عليه
السّلام) عن حق الخلافة من بعد عمر وكان له ولصاحبه الحق وليس له (عليه السّلام)
منه نصيب ؟! أو خصّصهما الله ورسوله به دونه [ مـا ] أو أنّه خاصّ به تقّمصه القوم
؟! اختر ما شئت! |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب السين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
السّين مَعَ الرّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢١ـ
سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ[٣٧]النهج ١٦: ٨٩ ـ ٩٠، ٣١/الوصية.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
أحد الأمثال الّتي ضربها في وصيّته
لابنه الحسن (عليهما السّلام)، قال فيها: (وإِيَّاكَ
أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلادِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا،
وتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا؛ فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا ونَعَتَتْ
نَفْسِهَا وتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوئهَا. فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلابٌ
عَاوِيَةٌ وسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، ويَأْكُلُ
عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، ويَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا. نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ
وأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا ورَكِبَتْ مَجْهُولَهَا
«سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ »، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا ولا مُسِيمٌ
يُسِيمُهَا...). وهي وصيّة مطوّلة أخذنا منها ما يربط
المثل الجاري. قال الشارح:(ثلاثة أمثال محرّكة لمن
عنده استعداد، واستقرأني أبو أفرج محمد بن عبّاد (رحمه الله) وأنا يومئذٍ حَدَثٌ
هذه الوصيّة، فقرأتها عليه من حفظي، فلمّا وصلت إلى هذا الموضع صاح صيحة شديدة
وسقط، وكان جباراً قاسي القلب. (سُرُوحُ عَاهَةٍ) والسروح: جمع سرح،
وهو المال السارح. والعاهة: الآفة.... ووادٍ وعثٍ لا يثبت الحافر والخفّ فيه، بل
يغيب فيه ويشقّ على من يمشي فيه)[٣٨]
شرح النهج ١٦: ٩٠ ـ ٩١.. أو السروح: الأغنام. يقول (عليه السّلام) أهل الدّنيا
كلاب عاوية وسباع جائعة يتناهشن على جيف أو أغنام سائمة ترعى، ومعقّلة متحيّرة
في أودية لا يثبت فيها خفّ ولا خافر. لا راعي يرعاها، وقد اعتورها الآفات من كلّ
جوانبها. برزت في كلامه (عليه السّلام) حقائق
أهل الدّنيا وبوائق ما طالت الأيّام تخفينها، وسوف يحشر الناس على ما هم فيه من
صفات الحيوانات كما جاء في تفسير (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)[٣٩]
سورة التكوير الآية ٥. يأتون يوم القيامة على صور ما كانوا يزاولون من صفات الكلاب
والسّباع وغيرها. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الشين والصاد والضاد
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الشين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الشّين مَعَ التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٢
ـ شَتَّانَ مَا يَومي على كُورِها = وَيَومَ حَيّانَ أَخي جَابِر[١]النهج ١ : ١٦٢ ، ٣/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل (عليه السّلام) بالبيت في
خطبته المعروفة بـ (الشِقْشِقِّية). قال المعتزلي إنّ البيت للأعشى الكبير أعشى قيس، وهو أبو بصير
ميمون بن قيس بن جندل من القصيدة التي قالها في منافرة علقمة بن علاثة وعامر بن
الطفيل[٢]شرح النهج ١: ١٦٦.، وأوّلها:
والضمير في كورها في البيت المتمثّل
به يعود على الناقة في بيت متقدّم عليه:
[٣]الجسرة العظيمة من الإبل والدوسرة
الناقة الضخيمة. وحيّان اسم رجل من بني حنيفة كان
سيّداً مطاعاً وذا نعمة وافرة وكان الأعشى ينادمه. وجابر: أخو حيّان أصغر منه
ذكره الشاعر للقافية. ومعنى البيت: فرق كبير ما بين سفري على ناقتي وبين يوم
حيّان في نعمته الوافرة. يشير (عليه السّلام) به إلى أنّ هناك
فرقاً بين يومه في الخلافة مع ما انتقض عليه من الأمر مع يوم عمر حيث ولّها على
قاعدة ممهّدة[٤]رسالة الإسلام ١٢٠ ـ ١٢١ (عدد ٧ ـ ٨).. وحصيلة ذلك: أنّ الفرق بين راكب الناقة الراقلة
به وحيّان المتنعّم بنعمة ناعمة وراحة هو الفرق بيني في خلافتي الّتي انتقض
أمرها وبين عمر الذي مهّدت له الأمور كما أراد وأرادها الأوّل، وهذا من دلالات
مظلوميّته (عليه السّلام) واغتصاب حقه الثابت ؛ فلو كان الأمر على ضوء وصاية
النبيّ (صلّى الله عليه وآله) سائراً لما اغتصب حقّ الخلافة منه ولا حقّ إلى يوم
القيامة. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الشّين مَعَ الرّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٣
ـ الشَّرُّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ[٥]النهج ١٨: ٤١، ٦٩/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قاله (عليه السّلام) في كتاب له كتبه
إلى الحارث الهمداني: (... وإِيَّاكَ ومُصَاحَبَةَ
الْفُسَّاقِ فَإِنَّ الشَّرَّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ...). قال الشارح: يقول: (إنّ الطّباع ينزع بعضها إلى
بعض فلا تصحبنّ الفسّاق فإنّه ينزع بك ما فيك من طبع الشر إلى مساعدتهم على
الفسوق والمعصية وما هو إلاّ كالنّار فإذا لم تجاورها وتمازجها نار كانت إلى
الانطفاء والخمود أقرب. وروى (ملحِق) (بكسر الحاء) وقد جاء في الخبر النبويّ:
(عذابك بالكفار ملحِق) بالكسر)[٦]
شرح النهج ١٨: ٥٠ ـ ٥١.. قوله (عليه السّلام): (الشرّ بالشرّ
ملحق). معدود من الأمثال، نظير قولهم: (الشرّ
للشرّ خلق) و(الحديد بالحديد يفلح)[٧]
السفينة ٢: ٨ في (صحب).. والإنسان المغفّل إذا صاحب الفاسق أثّر فسقه فيه وزاد هو في فسقه،
وإن لم يكن على حذر منه فلا محالة جاء التأثير وزيادة الفسق بزيادة أفراد
الفسّاق، وهو المصاحب، إذ المصاحبة مؤثّرة إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ. وجاء
في حديث الإمام السّجاد (عليه السّلام) النهي عن مصاحبة خمسة ومحادثتهم
ومرافقتهم في طريق، وهم: الكذّاب والفاسق والبخيل والأحمق والقاطع لرحمه. ونسب إلى أمير المؤمنين (عليه
السّلام) ما يلي:
[٨]الديوان المنسوب إليه (عليه السّلام). ومن آثار سوء مصاحبة الفاسق أنّه
مظنّة سخط الله (عزّ وجلّ)، وعذابه إذا نزل عمّ من معه. كما كان عكس ذلك مصاحبة
المتّقي الذي هو عرضة رحمة الله تعالى، فإنّها إن نزلت عمّت. والفسق هو الخروج
عن طاعة الله تعالى الذي هو منشأ الشرور ؛ إذ لا يأمن معه من ركوب المعاصي كلّها
من الاجتماعيّة وغيرها الّتي تجب الشّرور. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الشّين مَعَ القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٤ـ
شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ[٩]النهج ١: ٢٠٣ ط ٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مثل سائر أجاب به الإمام (عليه
السّلام) ابن عبّاس عندما سأله استرساله في كلام له من خطبة معروفة بالشقشقيّة
لاشتمالها على الشقشقة، وقد ناوله رجل من أهل العراق كتاباً لينظر فيه فقطع
(عليه السّلام) الخطبة ولم يعد إليها، فتأسّف ابن عباس عمّا فاته من إكمالها ؛ لأنّها
تبيّن مواقف الخلفاء الثلاثة مع الإمام (عليه السّلام) والخلال التي لا تليق
بمنصب الخلافة. ومن العجيب من ابن أبي الحديد وغيره حيث أوّلوا الكلمات فيها إلى ما لا تنطبق عليه اللغة العربيّة،
ومن له أدنى إلمام بها لم يرتب في مراد الإمام (عليه السّلام). قال النيسابوري: (الشِقشِقة: شيء كالرئة يخرجها
البعير من فيه إذا هاج. وإذا قالوا للخطيب: (ذو شقشقة) فإنّما يشبّه بالفحل)[١٠]
مجمع الأمثال ١: ٣٦٩ حرف الشين.. وبعضُ مؤلفي كتب الأمثال لم يذكر المثل في كتابه ولا تمثّل
الإمام (عليه السّلام) به لئلاّ يواجه مشكلة التأويل لكلامه (عليه السّلام)،
وآخرٌ قد ذكر التمثّل به دون أن يزيد عليه، وثالثٌ نفي الخطبة عن أن تكون صادرة
عن الإمام (عليه السّلام) فضلاً عن تمثّله به. والمعتزلي ممّن يقول بالصدور ويتصدّى للتأويل، قال: إن قيل: بيّنوا لنا ما عندكم في هذا
الكلام، أليس صريحه دالاًّ على تظليم القوم ونسبتهم إلى اغتصاب الأمر، فما قولكم
في ذلك ؟ إن حكمتم عليهم بذلك فقد طعنتم فيهم، وإن لم تحكموا عليهم بذلك فقد
طعنتم في المتظلّم المتكلّم عليهم ؟ قيل: أمّا الإماميّة من الشيعة فتجري هذه الألفاظ على ظواهرها،
وتذهب إلى أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) نصّ على أمير المؤمنين (عليه
السّلام) وأنّه غصب حقّه. وأمّا أصحابنا (رحمهم الله)، فلهم أن
يقولوا:...[١١]
شرح النهج ١: ١٥٦ ـ ١٥٩.. فراح يلّقنهم ما يلّفقونه لصرف
الظهور.. والحديث ذو شجون. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الصاد
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الصّاد مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٥
ـ صَاحِبُ السُّلطانِ كَراكِبِ الأَسَدِ[١٢]النهج ١٩: ١٤٩، ٢٦٩/ح.. من تمثيلات الإمام (عليه
السّلام):(صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الأسَدِ يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ
وهُوأَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ). قال بعض الشّراح: (قد جاء في صحبة السلطان أمثال
حكميّة مستحسنة تناسب هذا المعنى أو تجري مجراه، نحو قولهم: (صاحب السلطان كراكب
الأسد يهابه الناس وهو لمركوبه أهيب) [...] (إذا صحبت السلطان فليكن مداراتك له
مداراة المرأة القبيحة لبعلها المبغض لها، فإنّها لا تدع التصنّع له على حال)
[...] (العاقل من طلب السلامة من عمل السلطان) ؛ لأنّه إن عفّ حنى عليه العفاف
عداوة الخاصّة، وإن بسط يده جنى عليه البسط ألسنة العامّة...)[١٣]
شرح النهج ١٩: ١٤٩ ـ ١٥٠.. جاء التحذير البالغ في أحاديثهم
(عليهم السّلام) من الدخول إلى دواوين الظلمة والسلاطين وإعانتهم ولو بقطّ قلم.
ففي النبويّ: (إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين أعوان الظلمة ومن لاق لهم
دواتاً أو ربط كيساً أو مّدّ لهم قلماً فاحشروهم معهم)[١٤] الوسائل ١٢: ١٣٠.إذ لا يُأمن معهم من المعاصي وقتل النفس المحترمة واغتصاب أموال
الناس، بل وترك جميع ما أوجبه الله (عزّ وجلّ) وركوب ما نهاه. ولا فرق بين
العامل بالظلم والمعين والراضي به كما في الحديث[١٥]الوسائل ١١: ٣٤٥. نعم إذا قصد قضاء حوائج المؤمنين
ونجاتهم من المهلكة، جاز. إلاّ أن يغلب عليه فلا يستطيع دفعاً عن نفسه، فضلاً عن
غيره من النفوس. وعلي بن يقطين من النوع الجائز. ثمّ الإمام (عليه السّلام) أراد من
التمثيل براكب الأسد خطورة الأمر، حيث لا يأمن راكبه من الهلاك ؛ ولعلّه يعمّ
كلّ متسلّط لم يقيّده الإيمان ومقتدر وإن لم يكن بسلطان. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الضاد
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الضّاد مَعَ الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٦ـ
ضَحِّ رُوَيْداً[١٦]النهج ١٦: ١٦٨، ٤١/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من الأمثال السائرة يستعمل للرفق
وترك العجلة، جاء في كلام له (عليه السّلام) لابن عبّاس: (... وأُقْسِمُ
بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ حَلالٌ لِي أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي، فَضَحِّ
رُوَيْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى ودُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى، وعُرِضَتْ
عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ
بِالْحَسْرَةِ...). قال الشارح: (فضّح رويداً: كلمة تقال
لمن يؤمر بالتؤدة والأناة والسكون، وأصلها الرجل يطعم إبله ضحى، ويسيّرها مسرعاً
ليسير، فلا يشبعها، فيقال له: ضحّ رويداً)[١٧]
شرح النهج ١٦: ١٦٩.. قال الزمخشري: (ضحّ رويداً: أي ترّفق
ولا تعجل وأصله أنّ الأعراب في باديتها تسير بالظعن فإذا عثرت على لمح من العشب
قالت ذلك وغرضها أن يرعى الإبل قليلاً قليلاً وهي سائرة حتى إذا بلغت مقصدها
شبعت فلمّا كان من الترّفق في هذا توسّعوا فقالوا: في كلّ موضع (ضّح) بمعنى ارفق
والأصل ذاك قال زيد الخيل:
[١٨]المستقصي ٢: ١٤٥. أي يا عمرو. وغرض الإمام (عليه السّلام) من الأمر
بالترّفق أن ينبّه ابن عبّاس مغّبة الخيانة، ولابّد من الدخول في القبر والحشر
والعرض على الله بالأعمال يوم ينادي الظالم بالحسرة ويعضّ على يديه وينادي
بالويل والثبور، والأمر أفضح من ذلك (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا
يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)[١٩]
سورة الزلزلة الآية ٧ ـ ٨.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب العين والفاء والقاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
العين مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٧ـ عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ
القَوْمُ السُّرى[١]النهج ٩ : ٢٣٣ ، ١٦١/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة آخرها: (واللَّهِ لَقَدْ
رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا. ولَقَدْ
قَالَ لِي قَائِلٌ: أَلا تَنْبِذُهَا عَنْكَ ؟! فَقُلْتُ: اغْرُبْ عَنِّي
فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى). قال المفضل: (أول من قال ذلك خالد بن
الوليد...:
[٢]الفاخر ١٩٣ ـ ١٩٤. قال الزمخشري: (أي إذا أصبح الذين
قاسوا كدّ السّرى وقد خلّفوا تبجحوا بذلك وحمدوا ما فعلوا، يضرب في الحّث على
مزاولة الأمر بالصبر وتوطين النفس حتّى تحمد عاقبته، قال الجليح:
وتنجلي عنه عمايَّات الكرى[٣]المستقصي ٢: ١٦٨. (يضرب للرجل يحتمل المشقّة رجاء
الراحة)[٤]
المجمع ٢: ٣ حرف العين.. (مثل يضرب لمتحمل المشقّة العاجلة رجاء الراحة الآجلة)[٥]
شرح النهج ٩: ٢٣٤.. اختلف في قائله وقد عرفت نسبته إلى الخالد، وقيل: هو للجليح،
وقيل: للأغلب العجلي، أو غيرهم. بان معنى المثل في مورده الأول.
وأمّا تمثّل الإمام (عليه السّلام) به عند ترقيع مدرعته التي تعدل جبب السلاطين
وألبستهم المزيّفة، بل لا قياس بينها وجميع ما في الدنيا، فلوهن المادّة وصغرها
في عينه ولاقتداء الفقراء به قال ذلك، قيل له لِمَ ترقّع قميصك ؟! قال (عليه
السّلام): (ليخشع القلب ويقتدي به المؤمنون)[٦]
المصدر: ٢٣٥.. قيل: كان راقعه ابنه الحسن (عليه
السّلام)، أو أهله، ومن هنا قال (عليه السّلام): (حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ
رَاقِعِهَا). لا يستطيع واصف يصف زهده، فعلى شيعته الاقتداء به والاستضاءة بنور
علمه وتقوى الله (عزّ وجلّ) كما كان هو كذلك. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الفاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الفاء مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٨
ـ فاعِلُ الخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ، وفاعِلُ الشَّرِ شَرٌّ مِنْهُ[٧]النهج ١٨: ١٤٩، ٣٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يماثل المثل الذي ضربه (عليه
السّلام) أو هو هو بتغيير ما ما ذكره الميداني: (إنّ خيراً من الخير فاعله، وإنّ
شراً من الشّر فاعله) وقال: هذا المثل لأخ للنعمان بن المنذر يقال له علقمة،
قاله لعمرو بن هند في مواعظ كثيرة، كذا ذكره أبو عبيد في كتابه)[٨]
مجمع الأمثال ١: ٥٨ حرف الهمزة.. وللشارح شعر وبيان، قال: (قد نظمت
أنا هذا اللفظ والمعنى فقلت في جملة أبيات لي:
فإن قلت: كيف يكون فاعل الخير خيراً
من الخير وفاعل الشّر شراً من الشّر، مع أنّ فاعل الخير إنّما كان ممدوحاً لأجل
الخير، وفاعل الشّر إنّما كان مذموماً لأجل الشّر، فإذا كان الخير والشّر هما
سببا المدح والذّم، وهما الأصل في ذلك، فكيف يكون فاعلاهما خيراً وشرّاً منهما ؟ قلت: لأنّ الخير والشّر ليسا عبارة
عن ذات حيّة قادرة، وإنّما هما فعلان، أو فعل وعدم فعل، أو عدمان. فلو قطع النظر
عن الذات الحيّة القادرة التي يصدران عنها، لما انتفع أحدٌ بهما ولا استضّر،
فالنفع والضّر إنما حصلا من الحيّ الموصوف بهما لا منهما على انفرادهما، فلذلك
كان فاعل الخير خيراً من الخير، وفاعل الشّر شر من الشّر)[٩]
شرح النهج ١٨: ١٤٩.. ويؤيّده من بعض الوجوه أنّ العلم
إنّما يقوم بأهله، وكذا الجهل لا يكون إلاّ بالجاهل، فالعلم والجهل بما هما لا
وجود لهما، وهكذا الصدق والكذب، وقد جاء: (أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير
فاعله)[١٠]
السفينة ١: ٤٣٢ في (خير).، (وهل الخير قبل الشّر) كما في الخبر[١١]مصابيح الأنوار ١: ١١١ فيه إشارة إليه.. وهنا بحوث لا تسع المقام. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
القاف مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٩ـ
قَدْ أضَاءَ الصُّبحُ لِذي عَينَيْنِ[١٢]النهج ١٨: ٣٩٥، ١٧١/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
(هذا
الكلام جار مجرى المثل ومثله: (والشمس لا تخفى عن الإبصار)، ومثله: (إن الغزالة
لا تخفى عن البصر). وقال ابن هانئ يمدح المعتز:
[١٣]المصدر. قال الميداني: (قد بَيَّنَ الصبح لذي
عينين: بَيَّنَ هنا بمعنى تَبَيَّنَ، يضرب للأمر يظهر كلّ الظهور)[١٤]
مجمع الأمثال ٢: ٩٩ حرف القاف.. وذكره العسكري أيضاً وقال: (يضرب
مثلاً للأمر ينكشف ويظهر)[١٥]
الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ٢: ١٣٥ حرف القاف.. فالمثل الجاري الذّي ضربه الإمام
(عليه السّلام) متّحد مع المثل السائر مع تغيير ما في لفظه. وهل المقصود من
الانكشاف لجميع خلافتُه الكبرى المنصوص عليها بنصّ الغدير، حيث جمع الرّسول
(صلّى الله عليه وآله) الناس عند الوصول إلى هذا المكان، وقد نزل عليه جبرائيل
بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ
مِنْ النَّاسِ)[١٦]
سورة المائدة الآية ٦٧.، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً
وَعُلُوًّا)[١٧]
سورة النمل الآية ١٤.. وهكذا ولْده الأحد عشر الأوصياء
المعصومون، نصّت على وصايتهم النصوص المعتبرة كما ذكرها علماؤنا في مجامعهم
والجمهور: (أنّ الأئمة من قريش يملكها اثنا عشر منهم)[١٨]
مسند أحمد ٥: ٨٦ ـ ٨٨.، وحديث الثقلين الدالّ على أنّ من لم يتمسّك بالكتاب وعترته أهل
بيته ضالّ والمتمسّك غير ضالّ، ذلك بأنّ أهل البيت (عليهم السّلام) معهم الشرائع
من الحلال والحرام، بل وجميع أحكام الإسلام، وبعد ذلك على الأمّة الرجوع إليهم
والأخذ عنهم (عليهم السّلام) في كلّ شيء ؟ |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الكاف واللام
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الكاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الكاف مَعَ اللاّم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٠ـ
كَلَعْقَةِ لاعِقٍ[١]نهج البلاغة الخطبة رقم: ٤٥.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتاب له (عليه السّلام) إلى أهل
البصرة أوّله: (وقَدْ كَانَ مِنِ انْتِشَارِ حَبْلِكُمْ وشِقَاقِكُمْ مَا لَمْ
تَغْبَوْا عَنْهُ، فَعَفَوْتُ عَنْ مُجْرِمِكُمْ... ولَئِنْ أَلْجَأْتُمُونِي
إِلَى الْمَسِيرِ إِلَيْكُمْ لأوقِعَنَّ بِكُمْ وَقْعَةً لا يَكُونُ يَوْمُ
الْجَمَلِ إِلَيْهَا إِلاَّ كَلَعْقَةِ لاعِقٍ...). شقاق أهل البصرة مع أمير المؤمنين
معروف وجاء ذمّهم على لسانه (عليه السّلام) غير مرّة، وكفى شقاقاً يوم الجمل.
والكلام تهديد لتكرير الشقاق والخلاف منهم أنّه (عليه السّلام) يوقع وقعة هي
أمّر وأدهى من يوم الجمل، بل لا يكون القياس إلى الوقعة المتوّقعة إلاّ بمثل
لعقة لاعق. قال الشارح: (كَلَعْقَةِ لاعِقٍ: مثل
يضرب للشيء الحقير التافه، ويروى بضّم اللام، وهي ما تأخذه الملعقة)[٢]. في الحديث: (الويل لمَن باع معاده
بلعقة لم تبق). اللعقة (بالفتح) المرة، من لعِقتُ الشيء (بالكسر) ألعقه لعقاً،
أي لحسته، ومنه الأصابع. ومن كلام له (عليه السّلام) في أمر
الخلافة وتأخيره عنها: ( وهل هي إلاّ كلعقة الآكل ومذقة الشارب وخفقة الوسنان،
ثم تلزمهم المعرات)، ومثله قوله (عليه السّلام): (مصادرين أحدكم لعقة على لسانه،
صنيع من قد فرغ من عمله وأحرز رضى سيّده)، ومثله قوله (عليه السّلام) في خلافة
مروان (إنّ له إمرةً كلعقة الكلبِ أنْفَهُ) لأنّ خلافته كانت ستة أشهر من ذلك
كلّه عرف أنّ المثل المذكور يضرب للأمر التافه وللقلّة. وقد يأتي من لفظه لما لم
يكن له حقيقة ثابتة، كقول الإمام الحسين (عليه السّلام) في كلام له: (الدين لعق
على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محصّوا بالبلاء قلّ الدّيانون)[٣]
حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣: ٩٧.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الكاف مَعَ الميم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣١ـ
كَما تَدِينُ تُدانُ[٤]النهج ٩: ١٥٨، ١٥٣/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة له (عليه السّلام) أوّلها:
(وهُو فِي مُهْلَةٍ مِنَ اللَّهِ يَهْوِي مَعَ الْغَافِلِينَ... وضَعْ فَخْرَكَ،
واحْطُطْ كِبْرَكَ، واذْكُرْ قَبْرَكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَمَرَّكَ، وكَمَا
تَدِينُ تُدَانُ، وكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ...). عن الإمام الصادق (عليه السّلام)
قال: (كانت امرأة على عهد داود يأتيها رجل يستكرهها على نفسها فألقى الله (عزّ
وجلّ) في قلبها فقالت له: إنّك لا تأتيني مرّة إلاّ وعند أهلك من يأتيهم، قال:
فذهب إلى أهله فوجد عند أهله رجلاً، فأتى به داود (عليه السّلام) فقال: يا نبيّ
الله، وجدت هذا الرجل عند أهلي، فأوحى الله إلى داود قل له: كما تدين تدان)[٥]
الوسائل ١٤: ٢٦٩.. وعنه (عليه السّلام) أنّ الله أوحى
إلى موسى (عليه السّلام) (لا تزنوا فتزني نسائكم، ومن وطئ فراش امرئ وُطِئ
فراشُه: كما تدين تدان)[٦]
الوسائل ١٤: ٢٣٦. و٢٧١.. من هنا يعلم أنه مثل سماويّ،
وأثبتناه نحن في الأمثال النبويّة[٧]في حرف الكاف.. وأثبته الأدباء عن ابن دريد، عن أبي
حاتم، عن أبي عبيدة، قال: (كان ملك من ملوك غسّان ينقدر النساء، لا يبلغه عن
امرأةٍ جمالُ إلاّ أخذها، فأخذ ابنة يزيد بن الصعق وكان أبوها غائباً، فلمّا
قَدِم أُخبّر، فوفد على الملك فصادفه منتدياً، وكان الملك إذا تبدّى لم يحجب عنه
أحد، فوقف منذ تحيّته يسمع كلامه، فقال: يا أيّها الملك المقيت، أما ترى ليلاً
وصبحاً كيف يختلفان ؟! هل تستطيع الشمس أن تؤتى بها ليلاً وهل لك بالمليك يدان ؟!
واعلم وايقن أنّ ملكك زائل ! واعلم بأنّ كما تدين تدان، فأجابه الملك:
ثم نادى: إنّ هذه سنة مرفوضة. قال أبو عبيدة: ما أنشدت هذه الأبيات
ملكاً ظالماً إلاّ كفته عن غربه ومعنى المثل كما تفعل يفعل بك)[٨]
هامش المستقصي ٢: ٢٣١. [نقل بتلخيص وتصرّف] قوله: ينقدر النساء في نفس المصدر:
لعلّه يقذّر النساء. أقول: لعلّه يغدر بالنساء.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٢
ـ كَمْ مِنْ أكْلَةٍ تَمنَعُ أَكلاتٍ[٩]المهج ١٨: ٣٩٧، ١٧٣/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلمات الإمام القصار المعدودة من
الأمثال جاءت بلفظ(ربّ أكلة تمنع أكلات) في كتب الأمثال. قال المفضّل: (أوّل من قال ذلك عامر بن الظرب
العدواني، وكان من حديثه أنّه كان يدفع النّاس في الحج، فرآه ملك من ملوك غسّان
فقال: لا أترك هذا العدواني حتّى أذلّه. فلمّا رجع ذلك الملك إلى منزله أرسل
إليه: أحبّ أن تزورني فأحبوك وأكرمك وأتخذّك خليلاً. فأتاه قومه فقالوا: تفد
ويفد معك قومك فيصيبون في جنبك ويتجيهون بجاهك. فخرج وأخرج معه نفراً من قومه،
فلمّا قدم بلاد الملك أكرمه وأكرم قومه، ثم انكشف له رأى الملك، فجمع أصحابه
وقال: الرأي نائم والهوى يقظان، ومن أجل ذلك يغلب الهوى الرأي. عجلتُ حين عجلتم،
ولن أعود بعدها. إنّا قد تورّطنا بلاد هذا الملك فلا تسبقوني بريث أمر أقيم
عليه، ولا بعجلة رأي أخفّ معه، فإنّ رأيي لكم. فقال قومه: قد أكْرَمَنا كما ترى،
وبعد هذا ما هو خير منه. فقال: لا تعجلوا فإنّ لكلّ عام طعاماً وربّ أكلة تمنع
أكلات...)[١٠]
الفاخر ١٧٤.. والميداني: (يضرب في ذمّ حرص الطعام...)
وسَرَدَ القصة[١١]المجمع ١ / ٢٩٧ حرف الراء.. والعسكري: (يضرب مثلاً للخصلة من الخير تنال
على غير وجه الصواب فتكون سبباً لمنع أمثالها) ثم أشار إلى ما تقدّم من قول
المفضّل[١٢]الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ١: ٣١٩.. من وجوه منع الأكلة الأكلات عدم
مضغها كما ينبغي، والمضغ مما يمري الطعام الذي لا يجّر مرضاً معه. إذا الطاعم
أكل عند الجوع ورفع اليد عنه وهو يشتهي،وأجاد المضغ، لم يشتك وجعاً. ومنها: كبر اللقمة. ومنها: العجلة في الأكل وسرعة الابتلاع. ومنها عدم
التعّهد لما يأكل (ربّ أكلة هاضت الآكل ومنعته مآكل):
شرح النهج ١٨: ٣٩٧. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الكاف
مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٣
ـ كَناقِشِ الشَّوكَةِ بِالشَّوْكَةِ[١٤]النهج ٧: ٢٩١، ١٣٠/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) وقد قام
إليه رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها ! فما ندري أي
الأمرين أرشد. فصفق (عليه السّلام) إحدى يديه على الأخرى ثم قال: (هَذَا جَزَاءُ
مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ. أَمَا واللَّهِ لَو أَنِّي حِينَ أَمَرْتُكُمْ بِمَا
أَمَرْتُكُمْ، حَمَلْتُكُمْ عَلَى الْمَكْرُوهِ الَّذِي يَجْعَلُ اللَّهُ فِيهِ
خَيْراً: فَإِنِ اسْتَقَمْتُمْ هَدَيْتُكُمْ، وإِنِ اعْوَجَجْتُمْ
قَوَّمْتُكُمْ، وإِنْ أَبَيْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ، لَكَانَتِ الْوُثْقَى،
ولَكِنْ بِمَنْ وإِلَى مَنْ أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي
«كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ» وهُو يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا
!!). أثبتنا صدر الكلام لربط التمثيل. قال المعتزلي: (وهذا مثل مشهور: (لا تنقش الشوكة
بالشوكة، فإنّ ضلعها معها) والضلع الميل، يقول: لا تستخرج الشوكة الناشبة في
رجلك بشوكة مثلها فإنّ إحداهما في القوة والضعف كالأخرى، فكما أنّ الأولى انكسرت
لمّا وطئتها فدخلت في لحمك فالثانية إذا حاولت استخراج الأولى بها تنكسر وتلج في
لحمك)[١٥]
شرح النهج ٧: ٢٩٤.. قال الزمخشري بعد المثل: (ويروي: فإنّ (ألبها). والمعنى
ميلها: يضرب في النهي عن الاستعانة بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنصح منه للطالب)[١٦]
المستقصي ٢: ٢٦٠.. أوردناه في الأمثال النبوّية[١٧]في حرف اللام مع الألف.. والغرض من التمثيل به هنا يعرف من
قبله، حيث قال (عليه
السّلام): (أَنْ أُدَاوِيَ
بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي) فأصحابه يزيدون في علّته بدل أن يرفعونها؛ لأنّ حادثة
التحكيم لم تحدث إلاّ من قبلهم فكيف يعمل في رفعها بسبب هؤلاء وهم قد أوجدوها،
فحالهم وحال الإمام (عليه السّلام) كمعالجة إخراج الشوكة أخرى تزيدها ولوجاً. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٤
ـ كَناقِلِ التَّمْرِ إلى هَجَرَ[١٨]النهج ١٥: ١٨١، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مثل سائر. من كتاب له (عليه السّلام) جواباً إلى معاوية، وهو من محاسن
الكتب، أوّله: (أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي
كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ مُحَمَّداً...). ثم قال (عليه السّلام): (فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ
مِنْكَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاءِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا،
ونِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا، فَكُنْتَ فِي ذَلِكَ كَنَاقِلِ التَّمْرِ
إِلَى هَجَرَ أَو دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ...). وإنّما تمثّل الإمام (عليه السّلام)
في جواب معاوية المعدِّد لنعم الله تعالى على أهل البيت (عليهم السّلام)، ردّاً
له بأنّ: (أهل البيت أدرى بما فيه) و(أهل مكّة أعرف بشعابها)، وليس معاوية في بيان نعم الله على آل
محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتعدادها إلاّ كمستبضع التمر إلى بلدة
(هجر)، التّي ينقل منها
التمر لا إليها كما عبّر بعض عن المثل الجاري بـ (كمستبضع التمر إلى هجر). قال النيسابوري بعد المثل بلفظه
الأخير: قال أبو عبيد:
هذا من الأمثال المبتذلة ومن قديمها، وذلك أنّ (هجر) معدن التمر، والمستبضع إليه
مخطئ... قال النابغة الجعدي:
[١٩]مجمع الأمثال ٢: ١٥٢ ـ ١٥٣ حرف الكاف. قال المعتزلي: (مثل قديم. وهَجَر اسم مدينة لا
ينصرف للتعريف والتأنيث. وقيل: هو اسم مذكّر مصروف... والنسبة: هاجريّ، على غير
قياس. وهي بلدة كثيرة النخل يحمل منها التمر إلى غيرها، قال الشاعر في هذا
المعنى:
(قوله (عليه السّلام): (أَو دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ) أي معلّمه الرمي، وهذا
إشارة إلى قول القائل الأوّل: أعلّمه الرماية كلّ يوم = فلمّا
استدّ ساعده رماني)[٢٠]
شرح النهج ١٥: ١٨٨ ـ ١٨٩. من كلمة السديد لا الشديد. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب اللاَّم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٥
ـ لا رَأيَ لِمَنْ لا يُطاعُ[٢١]النهج ٢: ٧٥، ٢٧/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة له (عليه السّلام) في الجهاد
أوّلها: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ...
نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ وهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ
عَلَى السِّتِّينَ، ولَكِنْ «لا رَأْيَ لِمَنْ لا يُطَاعُ»). أول من قاله عتبة بن ربيعة حين
اجتمعت قريش للمسير إلى بدر، وهو مأخوذ من قول الشاعر:
[٢٢]الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ٢: ٢٧٦
حرف اللام. والمراد من نفي الرأي عند عدم الطاعة
الغرض المترتّب على اتّباعه لا نفيه رأساً. وكلمة (لا) النافية للجنس تقتضي
النفي رأساً، ولكن لأجل القرينة الخارجيّة من عقل أو نقل يصرف ظهورها عن
اقتضائها في ذلك كما قال الفقهاء في: (لا صلاة لمن جاره المسجد) أنّ المنفي
فيها الكمال، لا الصلاة رأساً حتى يحكم عليها بالبطلان إذا صلاّها المصلّي في
غير المسجد. فكأنّ الذي لم يتّبع رأيه ولم يطع، فاقد له رأساً. وكان (عليه السلام) في طوال خمس وعشرين
سنة جليس بيته لم يُطع رأيه، وهو (عليه السّلام) واجد له بالذات، فالمثل جاء من باب
المبالغة في عدم تحقّق الأهداف السامية عند تركهم طاعة الإمام (عليه السّلام) من
أمرهم بجهاد العدوّ الألدّ كمعاوية بن أبي سفيان ومن يحذو حذوه، وفي جميع الأدوار
والعصور لم تحصل للأنبياء من أممهم الطاعة على سبيل العموم. وهكذا أوصياهم
(عليهم السّلام)، وإلاّ لازدهرت الأيّام ولعمّت السعادة، فقد جرى في هذه الأمّة
ما جرى في السلف (القّذة بالقّذة) كما جاء الحديث في تفسير قوله تعالى:
(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ)[٢٣]
الانشقاق ٨٤: ١٩، تفسير البرهان ٤: ٤٤٣.، فلا جرم أنّ صاحب الخلافة الكبرى أمير المؤمنين (عليه السّلام)
قال هذه المقالة تحسّراً عليهم من قلب ملؤه حبّ وحنان، وعن يقين أنّ في الطاعة
نجاتهم وفي الخلاف هلاكهم. ولا يقول قائل هذا الكلام إلاّ تحسّراً على فوت الهدف
الأفضل بالعصيان، وعلماً منه بالعاقبة المحمودة بالطّاعة. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الباء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٦ـ
لَبِّثْ قَليْلاً يَلْحَقِ الهَيْجا حَمَلُ[٢٤]النهج ١٥: ١٨٤، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل (عليه السّلام) بالرجز لكلام
له في جواب معاوية من فقرة: (وذَكَرْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي ولِأَصْحَابِي
عِنْدَكَ إِلاَّ السَّيْفُ، فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ، مَتَى
أَلْفَيْتَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الأعْدَاءِ نَاكِلِينَ وبِالسَّيْفِ
مُخَوَّفِينَ ؟! «فَلَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ
الْهَيْجَا حَمَلْ» =.................................) والرجز لحمل بن بدر القشيري صاحب
الغبراء ـ أغير على إبله في الجاهليّة فاستنقذها وقال:
[٢٥]رسالة الإسلام: ١٢٦ (عدد ٧ ـ ٨). وفي لفظ:
(قالوا في (حمل) هو اسم رجل شجاع كان يُستظهر به في الحرب. ولا
يبعد أن يراد به: حمل بن بدر صاحب الغبراء، يضربه من ناصِرُه وراءه)[٢٦]
المستقصي ٢: ٢٧٨..لم يرْتَب اثنان من البشر في شجاعة أمير المؤمنين (عليه السّلام)،
تشهد لها حروبه ومواقفه الجبّارة في حياة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)
وبعد مماته. وكيف لا وهو معلّم الشجعان فنون الحرب ؟! ومعاوية يقول هذه المقالة
وهو يعلم أن لا مقاومة له ولا لجنوده وعشيرته للمقتولين بيد الإمام (عليه
السّلام)، بل ولا العرب كلّها عند ضربة عليّ (عليه السّلام)، وهو القائل:
(واللَّهِ، لَو تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا
ولَو أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا...)[٢٧]
النهج ١٦: ٢٨٩.. وإنما قالها لتخذير أفكار أصحابه
المغفّلين، بل معاوية يدري أنّ صاحب أمير المؤمنين (عليه السّلام) مالك الأشتر
مبيد له وما يملك من أهل الشام، وكان الأمر كذلك لولا حادثة التحكيم من جهلة
الأصحاب من زهاء عشرين ألف نهرواني.. والحديث ذو شجون. وقد شابهت محنته (عليه
السّلام) محنة هارون حيث طلب أصحاب موسى (عليه السّلام) منه أن يجعل العجل لهم
إلهاً كما لهم آلهة... ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الجيم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٧ـ
لَجَمَلُ أَهْلِكَ، وشَسْعُ نَعْلِكَ، خَيْرٌ مِنْكَ[٢٨]النهج ١٨: ٥٤، ٧١/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل الإمام (عليه السّلام) بالمثل
المذكور من كتاب له إلى المنذر بن الجارود العبدي، وقد كان استعمله على بعض
النواحي، فخان الأمانة في بعض ما وّلاه من أعماله: (... ولَئِنْ كَانَ مَا
بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً، «لَجَمَلُ أَهْلِكَ وشِسْعُ نَعْلِكَ خَيْرٌ
مِنْكَ»...). قال الشريف الرضي (طاب ثراه): (المنذر بن الجارود هذا هو الذي قال
فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) (إنّه لنَظَّارٌ في عَطْفَيْه، مُخْتَالٌ في
بُرْدَيْه، تَفّالٌ في شِرَاكَيه). استعرض جمع من أرباب التراجم ترجمته،
ولئن لم يكن في قدحه إلاّ ما جاء في كلام الإمام (عليه السّلام) لكفى. ولا
يهّمنا الترجمة. وكلّ من كان على صفته وشاكلته شملَه القدحُ المذكور: أنّ جَمَل
أهله، وشسع نعله، خير منه. ونظيره المثل النبوّي المروّي:
(رُبَّ مَرْكُوْبٍ خَيْرٌ مِن رَاكِبِه)[٢٩]
المجازات النبويّة ٣١٥ رقم ٣٥٥. فخائن الأمانة، الراكب الجمل أو النعل، مركوبه خير منه؛ لأنه لم
يخن. قال المعتزلي في الشرح: (العرب تضرب بالجمل المثل في
الهوان، قال:
فأمّا شسع النعل، فضرب المثل بها في
الاستهانة مشهور لابتذالها ووطئها الأقدام في التراب)[٣٠]
شرح النهج ١٨: ٥٨.. ثم وجوب ردّ الأمانة، وحرمة الخيانة
ثابت بالأدّلة الأربعة: الكتاب والسّنة والعقل والإجماع. ولا فرق في ذلك بين
القّلة والكثرة، ولو كان كمثل إبرة أو أقلّ منها. وما قاله (عليه السّلام)[٣١] النهج ١٦: ١٦٧ ـ ١٦٨، ٤١/ك.لابن عبّاس لما بلغه منه أن لو كان من الحسن والحسين (عليهما
السّلام) لانتقم منهما، يغني عن البحث. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٨
ـ لِعَمْرِ أَبيكَ الخَيْرُ يا عَمْروُ إِنَّني=عَلى وَضَرٍ مِنْ ذا الإِناءِ قَليلٌ[٣٢]النهج ١: ٣٣٢، ٢٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة له (عليه السّلام) وقد
تواترت عليه الأخبار باستئلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على
اليمن وهما عبيد الله بن عبّاس وسعيد بن نمران لمّا غلب عليهما بسر بن أرطاة
فقام على المنبر ضجراً بتثاقل أصحابه عن الجهاد، ومخالفتهم له في الرأي فقال: (مَا هِيَ إِلاَّ الْكُوفَةُ
أَقْبِضُهَا وأَبْسُطُهَا إِنْ لَمْ تَكُونِي إِلاَّ أَنْتِ تَهُبُّ
أَعَاصِيرُكِ فَقَبَّحَكِ اللَّهُ). وتمثّل بقول الشاعر:
والبيت من الطويل. والغرض من التمثّل به يُعرف من كلامه
(عليه السّلام) قبله، أي قبل البيت: (مَا هِيَ إِلاَّ الْكُوفَةُ...) أنّها لديه
(عليه السّلام) كالوضَرَ القليل في الإناء، وهو غسالة الشيء وبقيّة الدسم، أي لم
يبق من البلاد والعباد له سوى الكوفة، وهي مهدّدة بجيش الشام؛ لخذلان أصحابه
بنهوضهم للجهاد مع العدّو، واستيلاء ابن أرطاة من قبل معاوية على اليمن وقتل
أهلها، وهي من الحوادث الممضّة. وهكذا كان (أرواحنا فداه) أيّام خلافته ممتحناً
بالفتن وخذلان صحبه، وأهل الكوفة أهل الغدر والتخذيل، وكثيراً ما كان (عليه
السّلام) يستنهضهم لجهاد العدّو فلم ينهضوا بالحرّ والقرّ. كانوا يقولون: حتّى
تنقضي حمّارة الحرّ أو قرص البرد. وهو يخوّفهم نار جهّنم وغيرها من ألوان عذاب
الله الأكبر فلم يتخوّفوا، فهو (عليه السّلام) أوّل مظلوم في العالم قبل خلافته
وبعدها (عليه السّلام). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الواو
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٩
ـ لَوْ يُطاعُ لِقصيرٍ أَمْرٌ[٣٣]النهج ٢: ٢٠٤، ٣٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة أولّها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ وإِنْ أَتَى
الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ). إلى قوله (عليه السّلام): (وقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي
هَذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِي،ونَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي،«لَو كَانَ
يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أَمْرٌ»...). والمثل من قصّة مشهورة ضربت فيها
عدّة أمثال هو منها، ذكرها الأدباء بتفصيل. منها صاحب (رسالة الإسلام)، قال: (قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة
الأبرش عندما أشار عليه ألاّ يستجيب إلى الزباء ـ ملكة الجزيرة ـ حينما كتبتْ
إليه في أن يقبل إليها لتضّم ملكها إلى ملكه، وكانت تنوي من وراء ذلك الغدر به
لأنّه كان قد وترها بقتله أباها، فلم يقبل جذيمة مشورة قصير وذهب إليها، فقال
قصير: لو يطاع لقصير أمر. وكانت نهاية الأمر أن قتلت الزباء جذيمة وأدركت ثأرها[٣٤]مجمع الأمثال حروف الخاء.. والقصّة هذه من أحفل القصص في
الأمثال التي قيلت خلال حوادثها، فقد بلغت واحداً وعشرين مثلاً:... رأيٌ فاتر
وغدرٌ حاضر، رَأْيُكَ في الْكِنِّ لا في الضحِّ، لا يطاع لقصير أمر، ببقَّةَ
خَلَّفْتُ الرأي، القول رداف، خطب يسير، لا يشّق غباره، ويل أمّه... خير ما جاءت
به العصا... واستشهد الإمام (عليه السّلام) بالمثل المذكور حيث نصح جماعته بعدم قبول التحكيم
في وقعة صفّين وأبوا عليه ذلك [٣٥].العدد
السابع والثمن وسنة ثانية ص ١١٤ ـ ١١٥. والمحدّث القمّي (رحمه الله) أثبت
المثل وقصّته من نصح قصير مولى جذيمة وبعثة الزباء إليه ليتزّوج بها فخرج في ألف فارس
وخلّف باقي جنوده مع ابن أخيه..[٣٦]
السفينة ٢: ٤٣١. وهو مثل يضرب لمن خالف نصح الناصح،
وما أكثر من نزول الويل على من ترك نصح ذي الحجى وحلول الندامة عند معصية ذوي
الرأي والإشفاق ؟! وهل كان أحد أسدّ من الأمير (عليه السّلام) رأياً وأكثر
إشفاقاً على الرعيّة. وإنّ حادثة التحكيم المفروض منهم على الإمام (عليه
السّلام) لمن أمرِّ الحوادث وأشدّها على الإسلام والمسلمين من جرّاء العصيان
والتمرّد. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الميم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٠
ـ مَا عَدا مِمَّا بَدا[١]النهج ٢ : ١٦٢ ، ٣١/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جاء المثل في آخر كلام له (عليه
السّلام) لما أنفذ عبد الله بن عبّاس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل
ليستفيئه إلى طاعته: (لا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ فَإِنَّكَ
إِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَهُ، يَرْكَبُ الصَّعْبَ، ويَقُولُ
هُو الذَّلُولُ. ولَكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ فَإِنَّهُ أَلْيَنُ عَرِيكَةً،
فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ
وأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ «فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا»). قال الرضي (رحمه الله): «وهو (عليه
السّلام) أوّل من سمعت منه هذه الكلمة أعني: (فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا)». كتبها كلّ من الميداني[٢] المجمع ٢: ٢٩٦ حرف الميم.والمفضل[٣]الفاخر ١ ـ ٣. وغيرهما ناسبين لها إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وهي صالحة
للمثل، بل هي هو. قال القطب الراوندي: «قوله: (فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا)
له معنيان: أحدهما: ما الذي منعك مما كان قد بدا منك من
البيعة قبل هذه الحالة. الثاني: ما الذي عاقك، ويكون المفعول الثاني
لـ (عدا) محذوفاً يدل عليه الكلام، أي ما عداك. يريد: ما شغلك وما منعك ممّا كان
بدا لك من نصرتي»[٤]
شرح النهج ٢: ١٦٤.. وقيل: «المعنى: ما الذي صدّك عن
طاعتي بعد إظهارك لها. وحذفُ الضمير المفعول المنصوب كثيرٌ جدّاً، كقوله تعالى:
(وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا)[٥]
سورة الزخرف: الآية ٤٥.: أي أرسلناه»[٦]
شرح النهج ٢: ١٦٤.. يمكن كونه مثلاً سائراً تمثّل الإمام
به، أو من باب توارد الخواطر، أو من كلمات قصار صالحة للمثل كما تقدم. قيل: أجاب
زبير بعد إبلاغه: (أبلغه سلامي وقل له: عهد خليفة،
ودَم خليفة، وإجماع ثلاثة، وانفراد واحد وأمّ مبرورة، ومشاورة العشيرة...)[٧]
الفاخر ٣٠١ (بتصرف طفيف).. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤١
ـ والْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ والنَّوْطِ الْمُذَبْذَبِ[٨]النهج ١٦: ١٧٧، ٤٤/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتاب له (عليه السّلام) إلى زياد
بن أبيه وقد بلغه أنّ معاوية كتب إليه يريد خديعته باستخلافه: (وقَدْ كَانَ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ
فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلْتَةٌ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، ونَزْغَةٌ
مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ،لا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ ولا يُسْتَحَقُّ بِهَا
إِرْثٌ و«الْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ والنَّوْطِ
الْمُذَبْذَبِ»). قال الرّضي (رحمه الله): (قوله (عليه السّلام): (الْوَاغِل) هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم
وليس منهم فلا يزال مدّفعاً محاجزاً، و(النَّوْط الْمُذَبْذَبِ): هو ما يناط
برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك، فهو أبداً يتقلقل إذا حثّ ظهره
واستعجل سيره. وقيل: (الواغل: غير المدعوّ إلى وليمة، المعبّر عنه بـ: الطفيل. لا يزال
يدفع بإخراجه عن ذلك)[٩]
هامش بعض نسخ النهج.. قوله (عليه السّلام) (فَلْتَةٌ): (الفلتة: وقوع الأمر من غير تدّبر
ولا روّية، وكلّ شيء يفعله الإنسان فجأة من غير تدبّر ولا روّية، ومنه قول عمر:
كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها[١٠]مجمع البحرين في (فلت) [بتصرُّف].. ومراده (عليه السّلام) من فلتة أبي
سفيان قَولته في تبنّي زياد وأنه ولده. لا يثبت بهذا القول بنّوةٌ في ظاهر
الشرع، يتوارث عليها. فشبّهه (عليه السلام) المتعلّق بها كمن يهجم على ورد ماء
ليس من أصحابه، فيدفع عنه ويمنع عن ورود الورد أشّد المنع، أو كمن علّق على
دابته قعباً أو قدحاً متقلقلاً أبداً، وكِلا التمثيلين لمدّعى بنوّة من لا يكون
له، كأبي سفيان بدعوة بنوّة زياد ولزياد نفسه. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ الثّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٢
ـ مَثَلُ آلِ مُحمَّدٍ كمَثَلِ نُجومِ السَّماءِ[١١]النهج ٧: ٨٤، ٩٩/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في آخر خطبة له (عليه السّلام) (...
أَلا إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ «إِذَا خَوَى
نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ»). تمثيلهم (عليهم السّلام) بالنجوم
تكرّر في أحاديثهم، كما جاء عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ما يطابق ذلك. روى الشيخ الصدوق بسنده إلى ابن
عبّاس في حديث قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه
وآله): (... ومثلكم مثل النجوم كلمّا غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة)[١٢]
الأمالي ٢٣٨.. إذا جهل السالكون الطريق في الليل
المظلم اهتدوا بنجوم السماء كما قال تعالى: (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)[١٣] سورة النحل الآية ١٦.بإضاءتها وانتظام الساكنة والسائرة منها، حيث يستدلّ بوضعها على
قطاع الأرض المنقسمة إلى أقاليمها السبعة، وعلى أبعاض الليل وساعاته. والناس إذا
جهلوا، والجهل أصلهم حيث أخرجوا من بطون أمّهاتهم لا يعلمون شيئاً كما في الآية[١٤]سورة النحل الآية ٧٨.، افتقروا إلى الإضاءة في السلوك إلى الله تعالى إلى هداة يهدونهم
سبل السلام؛ من هنا جاء تمثيلهم (عليهم السّلام) بالنجوم ووقع في محلّه! والمشابهة بين أهل البيت (عليهم
السّلام) والنجوم من وجوه: هي الإضاءة، وامتدادها بقيام إمام عند موت إمام كطلوع نجم إذا خوى
نجم، والرفعة المختصة بهم (عليهم السّلام) التّي اختارها الله تعالى لهم لا
يشاركهم غيرهم فيها، وسرور الناظر إلى نجوم الولاية كما يسُرّه إذا نظر إلى نجوم
السماء، وغيرها من وجوه لا تحصل بتمثيل الشمس والقمر وإن جاء في دعاء الندبة:
(أين الشموس الطالعة، والأقمار المنيرة)[١٥] مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمي.وغير الدعاء، لاختلاف وجهة الأهداف من التمثيل. وإن شئت الوصول إلى
واقع التمثيل، فابحثْ عن لزوم الحجّة في الأرض واستحالة خلّوها عند العقول
والفطرة السليمة التّي تؤيّدها صحاح الأخبار أنّه لو خلت عن الحجّة لساخت بأهلها[١٦]أصول الكافي ١: ١٧٨.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٣
ـ مَثَلُ الدُّنيَا كَمَثلِ الْحَيَّةِ[١٧]النهج ١٨: ٢٨٤، ١١٥/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): ("مَثَلُ
الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ" لَيِّنٌ مَسُّهَا والسَّمُّ النَّاقِعُ
فِي جَوْفِهَا يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ ويَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ
الْعَاقِلُ). يشابه المثل المثلَ الآخر منه (عليه
السّلام) في كتاب له كتبه إلى سلمان الفارسي (رحمه الله) قبل أيّام خلافته:
(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ الْحَيَّةِ: لَيِّنٌ
مَسُّهَا، قَاتِلٌ سَمُّهَا. فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا
يَصْحَبُكَ مِنْهَا، وضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا...)[١٨]
النهج ١٨: ٣٤، ٦٨/ك.. لا يفتقر المثلان إلى توضيح بعد
القدر المشترك بين الحيّة والدّنيا في إهلاك مزاولهما وأنّهما عدّو الإنسان
والعاقل يكون على حذر دائماً منهما. يقول أبو العتاهية:
[١٩]شرح النهج ١٨: ٢٨٤. وتجد الإمام (عليه السّلام) يمثّل
الدنيا بما يحذّر الناس من اعتناقها إلاّ بقدر الحاجة، والقرآن الكريم والسنّة
النبويّة وتمام روايات أهل البيت (عليهم السّلام) تحذّرهم عنها غاية التحذير،
وقد جاء في الحديث: (حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة)[٢٠]
الوسائل ١١: ٣٠٨.. وجاءت في الكتاب والسنّة تمثيلاتٌ
للدّنيا ببيت العنكبوت، والعجوز، والبحر العميق، وفصول السنة، والماء النازل من
السماء، والخضرة.... وكلّ ذلك يشهد له الواقع، وكان عمل الإمام (عليه السّلام)
وزهده في الدنيا، بل وعمل أهل البيت (عليهم السّلام) وزهدهم فيها يجسّد التحذير
عنها أكثر منه من القول؛ لأنّ العمل يترك في النفوس من الأثر غير الوصف. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٤
ـ مَثَلُ مَنْ خَبَرَ الدُّنْيا كمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ[٢١]النهج ١٦: ٨٢، ٣١/الوصية.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في وصيّته لابنه الحسن (عليهما
السّلام) مثلان ضربهما لمن خبر الدنيا ولمن اعتّر بها. قال (عليه السّلام): (إِنَّمَا "مَثَلُ مَنْ خَبَرَ
الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ" نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ
فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصِيباً وجَنَاباً مَرِيعاً، فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ
الطَّرِيقِ وفِرَاقَ الصَّدِيقِ وخُشُونَةَ السَّفَرِ وجُشُوبَةَ المَطْعَمِ
لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ ومَنْزِلَ قَرَارِهِمْ، فَلَيْسَ يَجِدُونَ
لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً، ولا يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً، ولا
شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وأَدْنَاهُمْ
مِنْ مَحَلَّتِهِمْ. ومَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا
بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ، فَلَيْسَ شَيْءٌ
أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ، ولا أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ، مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا
فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ ويَصِيرُونَ إِلَيْهِ). في المثلين شرح كافٍ، وقد كثر ضرب
الأمثال للدنيا وأهلها في الكتاب والسنّة؛ تحذيراً عن سوء المغّبة وترغيباً إلى
رفضها والإقبال على الله (عَزَّ وجَلَّ). وفي ضرب المثل في التحذير أو الترغيب
بما يجسّد المحذَّر منه أو المرغَّب فيه ما لا يحصل بغيره، وهكذا سائر الدّواعي
والأغراض. قوله (عليه السّلام): ( (نَبَا):
يقال: نبا عنه بصره ينبو: أي تجافى ولم ينظر إليه. وبنا به منزله، إذا لم يوافقه)[٢٢]
نهاية ابن الأثير في (نبا).. (يقول: مثل من عرف الدنيا وعمل فيها
للآخرة كمن سافر من منزل جدب إلى منزل خصيب فلقى في طريقه مشقّة، فإنّه لا يكترث
بذلك في جنب ما يطلب. وبالعكس من عَمَل للدنيا وأهمل أمر الآخرة، فإنّه كمن سافر
إلى منزل ضنك ويهجر منزلاً رحيباً طيّباً)[٢٣]
شرح النهج ١٦: ٨٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ الرّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٥
ـ المَرأْةُ رَيحَانةٌ وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ[٢٤]النهج ١٦: ١٢٢، ٣١/الوصية.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جاء المثل في وصيّته لابنه الحسن
(عليهما السّلام): (ولا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا
فَإِنَّ «الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ ولَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ» ولا تَعْدُ
بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا ولا تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا). في الوصيّة عدّة أمور ترتبط بالمرأة: منها: المنع من إدخالها في الشئون
المعاشيّة التي يقوم بها الرجل؛ تبنى على الأغلب على صعوبة وخشونة لا تلائم
نعومة المرأة وضعفها الذّاتيّ؛ ولأجلها قال (عليه السّلام): (فَإِنَّ
الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ ولَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ). ومنها: المنع عمّا يمسّ كرامتها من
ذهابها إلى اجتماعات رجاليّة أو نسائيّة، فإنّ المرأة تسعى غالباً فيما فيه
زينتها وتسويل نفسها. ومنها: المنع عن الشفاعة لغيرها؛ إذ
لا تكون فكرتها ترجع إلى دين المشفوعة. ومنها: ترك مشاركتها في المشورة،
والأمر بشّدة حجابها. وإلى الأخيرَيْن أشار (عليه السّلام)
في الوصيّة بقوله: (وإِيَّاكَ ومُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ
إِلَى أَفْنٍ، وعَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ. واكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقَى
عَلَيْهِنَّ. ولَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لا يُوثَقُ
بِهِ عَلَيْهِنَّ. وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ)[٢٥]
المصدر.. ثم التمثيل بالريحانة يقصد منه
اللّذة والتّمتع وسكون الرجل إليها، وضمان حياته الثانية بالولد الذي يبقى
الوالد به وإن كان ميّتاً. فلأمرٍ أهمّ خُلقت: من تربية أولاد، وإدارة شئون
داخليّة هي وسائل الثقة، وفراغ البال لعبادة الله تعالى، الغاية من الخلق كما قال
(عزّ وجلّ): (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[٢٦] سورة والذاريات: الآية ٥٦.؛ ومن هنا وجبت النفقة على الرجل حتّى لا تهتمّ بشيء سوى ما تقدّم. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٦ـ
الْمَرأةُ عَقْرَبٌ حُلوَةُ اللَّسِبَةِ[٢٧]النهج ١٨: ١٩٨، ٥٩/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من تمثيلاته (عليه السّلام). اللّسبة: اللسعة. لَسَبَتْه العقربُ
(بالفتح): لَسَعَتْهُ. ولَسِبْتُ العسلَ، أي لَعِقْتَه)[٢٨]
المصدر.. جاءت عدّة تمثيلات في مدح المرأة وقدحها: من الأوّل: (المرأة ريحانة وليست بقهرمانة)[٢٩]
عيون ابن قتيبة ٤: ٧٩.، (المرأة لعبة)[٣٠]
الوسائل ١٤: ١١٩.، (النساء شقائق الرجال)[٣١]
نهاية ابن الأثير في (شفق).. ومن الثاني: (المرأة مثل الضلع المعوّج إن تركته
انتفعت به)[٣٢]
الوسائل ١٤: ١٢٣..
(المرأة شرّ كلّها، وشرّ ما فيها أنّه لابدّ منها)[٣٣]
النهج ١٩: ٦٩، ٢٣٥/ح..
[٣٤]النهج ١٨: ٢٠٠. قيل: إنّ كيد النساء أعظم من كيد
الشيطان لأنّ الله تعالى ذكر الشيطان فقال: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ
ضَعِيفًا)[٣٥]،
سورة النساء الآية ٧٦. وذكر النساء فقال: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ
عَظِيمٌ)[٣٦]
سورة يوسف الآية ٢٨.. والجواب: أنّ ضعف كيد الشيطان إنّما
هو في جنب الله تعالى، وعظم كيد النساء بالقياس إلى الرجال. وبعد ذلك كلّه، أنّه لولا النساء لما
كان الرجال وإنْ افترقن عنهم بفروق. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ السّين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
[٣٧] النهج ١٧: ٢٥٠، ٦٤/ ك. مثلّ (عليه السّلام) بهذا البيت في
كتابه إلى معاوية جواباً عن كتابه: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا كُنَّا
نَحْنُ وأَنْتُمْ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنَ الأُلْفَةِ والْجَمَاعَةِ، فَفَرَّقَ
بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ أَمْسِ أَنَّا آمَنَّا وكَفَرْتُمْ... وذَكَرْتَ أَنَّكَ
زَائِرِي فِي الْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، وقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ
يَوْمَ أُسِرَ أَخُوكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ، فَإِنِّي إِنْ
أَزُرْكَ فَذَلِكَ جَدِيرٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِي إِلَيْكَ
لِلنِّقْمَةِ مِنْكَ، وإِنْ تَزُرْنِي فَكَمَا قَالَ أَخُو بَنِي أَسَدٍ:
(الحاصب لقوم لوط، وهي ريح عاصف فيها حصباء، والحصباء: صغار الحصى.
والأغوار: جمع غور، والغور: ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة، فتهامة أوّلها
ذات عرق من قبل نجد إلى مرحلتين من وراء مكّة وما وراء ذلك فهو الغور. وجلمود أو
جلمد كجعفر وعصفور: الصخر، ميمه زائدة)[٣٨]
مجمع البحرين: في (حصب، وغور، وجلمد) [ملخَّصاً]. وقيل: الغور الغبار. وحصيلة كلام الإمام (عليه السّلام)
تكذيب معاوية أن يكون معه مهاجر أو ناصر بانقطاع الهجرة بأسر أخيه يزيد بن أبي
سفيان في باب الخندمة، بل الذين معه هم أبناء الطلقاء، فإن زرتك فأنا نقمة الله
عليك وإن زرتني فأنت كأرياح الصيف لا فائدة فيها سوى ضرب الوجوه بصغار الحصى
والغبار، أو بين الصخور من أراضي تهامة، أي زيارتك شرّ كلّها. قال المعتزلي: (كنت أسمع قديماً أنّ هذا البيت من
شعر بشر بن أبي حازم الأسدي والآن قد تصفحت شعره فلم أجده ولا وقفت على قائله)[٣٩]
رسالة الإسلام ١٢٧ (عدد ٧ ـ ٨).. وكيف كان فالمثل منطبق على كلّ من
فيه صفة معاوية مهما كان نوعه فزيارة المنافقين كلّها شرّ لا خير فيها، إذ لم
يرد بها وجه الله (عَزَّ وجَلَّ)، وليست هي من رَوْح الله كزيارة المؤمنين. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٨
ـ مَنْ سَلَكَ الطَّريقَ الواضِحَ وَرَدَ المَاءَ[٤٠].النهج
١٠: ٢٦١، ١٩٤/كلام. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) يجري مجرى
الأمثال: (... أَيُّهَا النَّاسُ، «مَنْ
سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ»، ومَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي
التِّيهِ). والتيه: المفازة لا يهتدي سالكها. ونظير المثل المثل: ( (مَنْ سَلَكَ
الجَدَدَ أمِنَ العِثَار) الجدد الأرض المستوية. ويروى: (مَنْ تَجَنَّبَ
الخَبَار..)، وهي أرض رخوة تتعتع فيها الدّوابّ، يضرب لطالب العافية)[٤١]
المستقصي ٢: ٣٥٦.. إرشاد منه (عليه السّلام) يلمسه كلّ
أحد يرشد به أصحابه ويحذّرهم عن سلوك ما يعطبون به. وأمره (عليه السّلام) أوضح
من كلّ واضح، إن تمسّك متمسّك به نجا ومن خالفه هلك، وقد جاء الحديث النبويّ:
(مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق)[٤٢]
حرف الميم من الأمثال النبويّة.. والمراد بالتمثيل ليس هو مجرّد
الولاء لأهل البيت (عليهم السّلام) فقط، بل لابدّ من العمل بما يقولون ويحبّون
والاتباع المورث لحبّ الله تعالى كما قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ)[٤٣]
سورة البلد الآية ١٠.. وعليه فالمثل واقع موقعه؛ إذ إنّ السالك الطريق الواضح يصل إلى ما
يقصده من سلوكه، والمنحرف عنه يفوته وليس له إلاّ التعب أو العطب. وقد أتمّ الله الحجّة على النّاس
وبلّغها أنبياؤه وبلغ إيّاها الرّسول وأوصياؤه المعصومون (سلام الله علیهم)،
وبعد ذلك كلّه إمّا أن يشكروا أو يكفروا كما قال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ)، هما طريق الشّر والخير. وقال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ
إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)[٤٤]
سورة الإنسان الآية ٣.، (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ)[٤٥]
سورة الأنعام الآية ١٤٩.. الأنبياء والأوصياء والشّرائع السماويّة هي الحجج الظاهرة،
والعقول الموهبة للنّاس وما فطروا عليه من المعرفة به تعالى ودينه الحجج
الباطنة، فقد تمّت رسل الله من خارج وداخل (لئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى
اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)[٤٦]
سورة النساء الآية ١٦٥.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٩
ـ مَنْ لاَنَ عُودُه كَثُفَتْ أَغْصانُهُ[٤٧]النهج ١٩: ٣٥، ٢١٠/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
ذكروا: (أنّ من حَسُنَ خلقُه ولاَنتْ
كلمته كَثُر محبّوه وأعوانه وأتباعه، ونحوه: (مَنْ لاَنتْ كلِمَتْهُ وَجَبَتْ
مَحَبَّتُهُ)؛ وقال تعالى: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ
لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[٤٨]
سورة آل عمران الآية ١٥٩.. وأصل هذه الكلمة مطابق للقواعد
الحكميّة ـ أعني الشجرة ذات الأغصان ـ حقيقة، وذلك لأنّ النبات كالحيوان في
القوى النفسانيّة، أعني الغاذّية والمنميّة، وما يخدم الغاذّية من القوى الأربع،
وهي: الجاذبة والماسكة والدافعة والهاضمة، فإذا كان اليَبْس غالباً على شجرة،
كانت أغصانها أخفّ وكان عودها أدّق. وإذا كانت الرطوبة غالبة، كانت أغصانها أكثر
وعودها أغلظ، وذلك لاقتضاء اليبس الذبول، واقتضاء الرّطوبة الغلظ والعبالة
والضخامة، ألا ترى أنّ الإنسان الذي غلب اليبس على مزاجه لا يزال مهلوساً
نحيفاً، والذي غلبت الرطوبة عليه لا يزال ضخماً عبلاً)[٤٩]
شرح النهج ١٩: ٣٥.. في الصادقيّ: (يا شيعة آل محمّد،
اعلموا أنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صُحبةَ من صحبه،
ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة من مالحه. يا
شيعة آل محمّد، اتقوا الله ما استطعتم ولا قوّة إلاّ بالله). وعنه (عليه السّلام) في قول الله
(عَزَّ وجَلَّ): (إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)[٥٠]
سورة يوسف الآية ٣٦.، قال: (كان يوسِّع المجلس، ويستقرض للمحتاج، ويعين الضعيف)[٥١]
أصول الكافي ٢: ٦٣٧.. والقرآن الكريم يأمر بحسن القول
ويرّغب إلى فضائل ومكارم الأخلاق، قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)[٥٢]،
سورة البقرة الآية ٨٣. (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[٥٣]
سورة القلم الآية ٤.، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[٥٤]
سورة الأحزاب الآية ٢١.. وكلام الإمام (عليه السّلام) ترغيب إلى ذلك مع بيان الوجه فيه كما
تقدّم بتفصيل لسرّ التمثيل. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٠
ـ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ[٥٥]النهج ١٨: ٣٨١، ١٦٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من الأمثال السائرة، جاء به الإمام
(عليه السّلام) لإرشاد ذوي المناصب أو من تصدّى أمراً من الأمور المخوّلة إليه. قال الميداني:( (مَنْ مَلَكَ
اسْتَأثَرَ) يضرب لمن يلي أمراً فيُفْضِل على نفسه وأهله فيُعَابُ عليه فعله)[٥٦]مجمع الأمثال ٢: ٣٢ حرف الميم.. قال الشارح: (المعنى: أنّ الأغلب في كلّ مَلِكٍ
يستأثر على الرّعية بالمال والعزّ والجاه. ونحو هذا المعنى قولهم: (مَنْ غَلَبَ
سَلَبَ)، و(مَنْ عَزَّ بَزَّ)[٥٧]
المستقصي ٢: ٣٥٧.. ونحوه قول أبي الطيّب:
شرح النهج ١٨: ٣٨١. ومن ثَمَّ الإمام أمير المؤمنين
(عليه السّلام) عندما ولى الخلافة ونصب ولاته على الأقطار والأمصار كانت كتبه
ورسائله تترى عليهم في حين، وحين يحذّرهم عن الاستيثار أشدّ التحذير ويحاسبهم
على الذّرة والدّرة. وإذا بلغه عنهم أمر يخالف ما أراد وما أمرهم به، عزل
المخالف من ساعته وعاقبه عقاب الله (عَزَّ وجَلَّ) وأجرى عليه حدوده ولا تأخذه
في الله لومة لائم. ومن طالع سيرته (عليه السّلام) مع الولاة المنصوبين من قبله
علم صدق ذلك كلّه، ويكفيك قضيّة واليه ابن عبّاس وما بلغه من تصرّفه من بيت
المال: (وواللَّهِ لَو أَنَّ الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ فَعَلا مِثْلَ الَّذِي
فَعَلْتَ، مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ ولا ظَفِرَا مِنِّي
بِإِرَادَةٍ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا وأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ
مَظْلَمَتِهِمَا)[٥٩]
النهج ١٦: ١٦٨.. ولينظر الناظر إلى مالك الأشتر حين
ولاّه على مصر وما شرح له من وظائف الولاة وطبقات الرّعية[٦٠]النهج ١٧: ٣٠ ـ ١١٧، ٥٣/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥١ـ
مَنهُومانِ لا يَشْبَعانِ: طالِبُ عِلمٍ، وَطالِبُ دُنْياً[٦١]النهج ٢٠: ١٧٤، ٤٦٦/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يطابق الكلمة ما روي عن النّبي (صلّى
الله عليه وآله) وتمامه: (فمن اقتصر من الدنيا على ما حلّ الله له سلم، ومن
تناولها من غير حلّها هلك إلاّ أن يتوب أو يراجع. ومن أخذ العلم من أهله وعمل
بعلمه نجا، ومن أراد به الدّنيا فهي حظّه)[٦٢]
أصول الكافي ١: ٤٦.. «النَّهْمة: بلوغ الهِمَّة في الشيء،
ومنه (النَّهَمُ من الجُوع)»[٦٣]
نهاية ابن الأثير. (والنَّهم (بالفتح): إفراط الشهوة في الطعام)[٦٤]
شرح النهج ٢٠: ١٧٤.. والكلمة جارية. من الأحاديث
المَثَليّة، يلهج بها المسلمون عند رؤية طالب علم أو دنيا واستمرار طلبهما،
يجدّان طيلة الحياة كأنّهما جائعان لا يشبعان. هذا ليس له همّ إلاّ دنيا يصيبها
وتصيبه، لم يأتلف إلاّ مع من يعتلف منها، ولا عشيق له غيرها، قد أشرب قلبه من
حبّها فاغترّ بغرورها حتّى مات وصار إلى جهنّم وبئس المصير. أمّا طالب العلم، فهو ممّن أُلقى في
روعه داعية الخير وطلبه، قد قصر همّه وهمته على معرفة الحقائق والحقوق، وأحقّها
من بين ذلك كلّه معرفة الباري (عَزَّ وجَلَّ) وصفاته وأفعاله وأسمائه الجلاليّة
والجماليّة، ومعرفة أنبيائه وأوصيائهم، وشرائهم النازلة من السماء الّتي تضمن
بيان دنيا الإنسان ودينه. ولو أحبّ أحد أن يعرف جوع طالبي
الدنيا والعلم على امتداد حياتهما، نظر إلى العلماء وما نقل عنهم من سهر الليالي
في مطالعة الكتب. وكان أحدهم ربّما ذهب الليل كلّه وهو مكبّ على الكتاب لم يحسّ
بذهابه. وإنّي لأعرف من كان يقوم من ثلثي الليل في كلّ ليله يقضيه بين مطالعة
وكتابة وتهجّد والقوم نائمون، ومن أهل الدنيا من اشتدّ طلبه لها، لم ينم كلّ
الليل بين كتابة ومحاسبة من أخذ منه أو أعطى أو على ظهر السفر في برّ أو بحر،
وقد أُمر الناس بإجمال طلب الرزق لا التفاني فيه. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٢ـ
مَنْ وَثَقَ بِالماءِ لَمْ يَظْمأْ[٦٥]النهج ١: ٢٠٧، ٤/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
هذا المثل من خطبة نصّها: (بِنَا اهْتَدَيْتُمْ فِي
الظَّلْمَاءِ وتَسَنَّمْتُمْ ذُرْوَةَ الْعَلْيَاءِ، وبِنَا أَفْجَرْتُمْ عَنِ
السِّرَارِ. وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ يَفْقَهِ الْوَاعِيَةَ. وكَيْفَ يُرَاعِي
النَّبْأَةَ مَنْ أَصَمَّتْهُ الصَّيْحَةُ ؟! رُبَّ جَنَانٌ لَمْ يُفَارِقْهُ
الْخَفَقَانُ. مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ
وأَتَوَسَّمُكُمْ بِحِلْيَةِ الْمُغْتَرِّينَ... الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ
الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَيَانِ. عَزَبَ رَأْيُ امْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّي. مَا
شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ. لَمْ يُوجِسْ مُوسَى ( عليه السلام)
خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ ودُوَلِ
الضَّلالِ. الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ والْبَاطِلِ.
"مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ"... ). اشتملت الخطبة الشريفة على عدّة
أمثال لا تخفى على الأريب. قيل: «إنّ هذه الأمثال ملتقطة من
خطبة طويلة منسوبة إليه (عليه السّلام)». ـ قوله (عليه السّلام) (وبِنَا
أَفْجَرْتُمْ عَنِ السِّرَارِ) إسرار: الليلة والليلتان يستتر فيهما القمر في
آخر الشهر فلا يظهر. ـ (وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ يَفْقَهِ
الْوَاعِيَةَ) دعاء على السمع الذي لا يسمع الصرخة، أي العبر والمواعظ. ـ (كَيْفَ يُرَاعِي النَّبْأَةَ مَنْ
أَصَمَّتْهُ الصَّيْحَةُ ؟!) مثل آخر. النبأة: الصوت الضعيف، أي من لم ينتفع
بالمواعظ الجلية كيف ينتفع بالخفيّة منها. ـ (رُبَّ جَنَانٌ لَمْ يُفَارِقْهُ
الْخَفَقَانُ) مثل آخر، وهو دعاء لقلب لم يفارقه الخفقان من خشية الله تعالى. ـ (الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ
الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَيَانِ) مثل آخر، يريد (عليه السّلام) تمثيل الرموز
الخفيّة الغامضة في كلامه ـ وهي مع غموضها جليّة لذوي النهي ـ بالبهم الصامتة
الناطقة بدلائل الصنع ووجود بارئها (جلّ جلاله). نظير المثل: رسل الأرض، من شق أنهارك
وأخرج ثمارك ؟، فإن لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً. ـ قوله (عليه السّلام): (لَمْ
يُوجِسْ مُوسَى خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ) تمثّل بقوله تعالى: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ
خِيفَةً مُوسَى)[٦٦]
سورة طه الآية ٦٧.. يقول (عليه السّلام): كما خاف موسى
(عليه السّلام) على ضلال قومه كذلك أنا خائف على تغلّب الجهالة على قومي وإحاطة
الضلالة بهم. وهذا مثل قرآني. ـ (الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلَى
سَبِيلِ الْحَقِّ والْبَاطِلِ) بقراءة تقديم القاف على الفاء، أي اتّضح الحق
والباطل ووقفنا عليهما نحن وأنتم وعرفناهما حقّ المعرفة. ـ قوله (عليه السّلام): (مَنْ وَثِقَ
بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ) لم يرد (عليه السّلام) نفي الظمأ إطلاقاً؛ لأنّ الواثق
بالماء قد يظمأ كالعطشان الواجد للماء، وقد تمثّل لهذا المعنى بقول أبي الطيب:
والصائم في شهر الله يصبح جائعاً تنازعه
نفسه إلى الطعام، وفي أيام فطره لا يجد تلك المنازعة في نفسه؛ ذلك بأنّ النفس
حريصة على ما منعت منه. وهذا المثل من الأمثال الرفيعة
السائرة، يريد (عليه السّلام) بالماء: الموثوق به نفسه الشريفة المقدّسة. إنّه
الماء المعين الزلال للواثقين به (عليه السّلام) السالكين مسلكه، والمعوّل في
كلّ المعضلات، حتى قال قائل عندما دهمته معضلة: (إنّها معضلة لها أبو الحسن)، أو
(ليس لها إلاّ أبا الحسن عليّ (عليه السّلام)). وإنّه الهداية لا ضلال بعدها،
والنصير الذي لا يخذل مستنصِره. والبحر الزاخر. عن أبي هريرة قال: كنت عند
النّبي (صلّى الله عليه وآله) إذ أقبل عليّ بن أبي طالب، فقال النّبي: (هذا
البحر الزاخر، هذا الشمس الطالعة. أسخى من
الفرات كفاً، وأوسع من الدنيا قلباً، ومن أبغضه فعليه لعنة الله)[٦٧]
السفينة ٢: ٧١٢ في هرر.. إنه الوسيلة إلى الله تعالى في نجح
الطلبات والفوز بالمهمّات، والثقة الكاملة في جميع أمور الدين والدنيا حيّاً
وميّتاً على ما ذهبت إليه الشيعة الإماميّة. وكذا بقيّة الأئمّة الأحد عشر من
نسله الطاهر والصديقة الطاهرة، الحجج المعصومين (صلوات الله عليهم وسلّم)،
والنهر العظيم رسول الله (صلّى الله عليه وآله). ويعجبني الحديث الآتي: روى الشيخ الكليني (طاب ثراه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد، عن علي بن النعمان رفعه، عن أبي جعفر
(عليه السّلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام): (يمصّون الثماد ويدعون النهر
العظيم). قيل له: و ما النهر العظيم ؟ قال: (رسول الله والعلم الذي أعطاه الله.
إنّ الله (عزّ وجلّ) جمع لمحمد سُنن النبيّين من آدم وهلّم جرّاً إلى محمد). قيل
له: وما تلك السنن ؟ قال: (علم النبيين بأسره وأنّ رسول الله صيّر ذلك كلّه عند
أمير المؤمنين). فقال له رجل: يا ابن رسول الله، فأمير المؤمنين أعلم أم بعض
النبيّين ؟ فقال أبو جعفر: (اسمعوا ما يقول ؟! إنّ الله يفتح مسامع من يشاء !!
إنّي حدّثته أنّ الله جمع لمحمد علم النبيّين وأنّه جمع ذلك كلّه عند أمير المؤمنين،
وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيّين!!)[٦٨]
الكافي ٢: ٢٢٢ ـ ٢٢٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٣
ـ المِنَيَّةُ وَلاَ الدَّنْيَّةُ[٦٩]النهج ١٩: ٣٦٢، ٤٠٤/ح.. قال (عليه السّلام): (المنّية ولا
الدنيّة، والتقلقل ولا التوسّل) قال الشاعر:
وقال أيضاً:
[٧٠]شرح النهج ١٩: ٣٦٢. ذكر المثل جمع، منهم الميداني، قال:
(المنيّة ولا الدنيّة) أي أختارُ المنيّة على العار. ويجوز الرفع، أي: المنيّة
أحبّ إليّ ولا الدنيّة، أي: وليستُ ممّا أحبّ واختارُ. قيل المثل: لأوس بن حارثة[٧١]مجمع الأمثال ٢: ٣٠٣ حرف الميم.. وممّن أصدقها قولاً وفعلاً الحسين بن
علي كأبيه (عليهما السّلام)، قال (عليه السّلام) يوم كربلاء: (ألا وإنّ الدّعي ابن الدّعي قد ركز
بين اثنتين: بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذّلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله
والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة ونفوس أبيّة أن نؤثر طاعة اللئام على
مصارع الكرام)[٧٢]
اللهوف ٣٨.. وقال (عليه السّلام) أيضاً: (لا أرى
الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما)[٧٣]
اللهوف ٣٠.. وإنّ ذلك من شيم أصحابهم فضلاً عنهم
(عليهم السّلام)، ولم تكن الدنيّة توجد إلاّ عند أهلها أهل الأطماع محتملي
الضيم. وأمّا من لا يحتمل ضيماً، ففيه قال القائل:
[٧٤]الجمهرة على مجمع الأمثال ٢: ٢١٠ |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الهاء والواو
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الهاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهاء مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٤
ـ هُنالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أتاكَ مِنْهُمْ = فَوارِسُ مِثْلَ أَرْمِيَةِ الحَميمِ[١]النهج ١ : ٣٣٣ ، ٢٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من آخر خطبة له (عليه السّلام) وقد
تواترت عليه الأخبار باستيلاء معاوية على البلاد، حيث قال (عليه السّلام) في
آخرها: (اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ
مَلِلْتُهُمْ ومَلُّونِي، وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي، فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ
خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي. اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ
كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ. أَمَا واللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي
بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ:
قال بعض الشراح: نسبه ابن منظور في
لسان العرب إلى (الهذلي) مع مغايرة بسيطة. قال: قال الهذلي:
ووجه استشهاد الإمام (عليه السّلام)
به أنّه كان يتمنّى لو أنّ لديه بدل أهل الكوفة من إذا دعوا أجابوا مسرعين، ومن
إذا استغيث بهم أغاثوا؛ فقد جاء قبله: (أَمَا واللَّهِ...). وبنو فرس بن غنم، أو فراس بن غنم:
حيّ عربيّ مشهور بالشجاعة. وأرمية الحميم: سُحُب الصيف، ويضرب بها المثل لأنّها
أخّف وأسرع في الانتقال[٢]رسالة الإسلام ١٢٢ (عدد ٧ ـ ٨).. ووجه الخفة لأنّها لا ماء فيها،
والتي فيها لا تكون إلاّ في الشتاء. يريد بذلك: أنّ فوارس بني غنم مسرعون إذا
دعوا وللإغاثة إذا استغيثوا. فلولا أن مع الإمام من يستنهِض بهم
ويُستغاث لما تجرّي من أمثال معاوية لتسنّم عرش الرئاسة، ولكن قد خلا له الجوّ
فطفق يصفر ويجول. وتمنّى الإمام (عليه السّلام) لفوارس بني غنم هو أحد تمنّياته
وقد تمنّى استبدال كلّ عشر من أصحابه بواحد من أذناب معاوية، حيث إنّ أهل الشام
يثبتون إذا دعوا وإن كان على أمر باطل. وأما أصحابه، فهم على الحق ولا ثبات لهم
كما جاء في كلام له (عليه السّلام)[٣]
النهج ٧ : ٧٠ ـ ٧١ ، ٩٦/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الواو
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٥
ـ وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً[٤]النهج ١٦: ١٦٠ ـ ١٦٣، ٣٩/كتاب.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
برواية نصر بن مزاحم في كتاب (صفّين)
في كتابه (عليه السّلام) إلى عمرو بن عاص، ولم يذكر الزيادة المثليّة الشريف
الرضي (طاب ثراه). ولفظ رواية نصر: (من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى
الأبتر ابن الأبتر عمرو بن العاص بن وائل، شانئ محمّد وآل محمّد في الجاهليّة
والإسلام:سلام على من اتّبع الهدى أمّا بعد، فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ
تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ فاسق مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ، يَشِينُ الْكَرِيمَ
بِمَجْلِسِهِ، ويُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ، فَصَارَ قَلْبُكَ لِقَلْبِهِ
تَبَعَاً، كَمَا قِيْلَ: "وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً"...). أقول: ذكرنا[٥] انظر: ص ٢١ من هذا الكتاب.رواية الرضي (رحمه الله) تحت المثل: (اتِّبَاعَ الْكَلْبِ
لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ). قال ابن الأثير: (هذا مثل للعرب يضرب
لكلّ اثنين أو أمرين جمعتهما حالة واحدة اتّصف بهما كلّ منهما، وأصله فيما قيل:
إنّ شنّاً قبيلة من عبد القيس، وطبقاً حيّ من إياد، اتفقوا على أمرٍ فقيل لهما
ذلك؛ لأنّ كلّ واحد منهما وافق شكله ونظيره. وقيل: شنّ رجل من دهاة العرب، وطبقة
امرأة من جنسه زُوّجت منه ولهما قصّة، وقيل: الشّن وعاء من أدم تشّنن، أي أخلِق،
فجعلوا له طبقاً من فوقه فوافقه، فتكون الهاء في الأوّل للتأنيث، وفي الثاني
ضمير الشّن)[٦]
النهاية في (طبق).. أثبت المثل جمعٌ، منهم الميداني.
قال: (قال ابن الكلبي: طبقةُ قبيلةٌ من
إياد كانت لا تطاق، فوقع بها شّن بن أفصى... فانتصف منها وأصابت منه، فصار مثلاً
للمتفقَيْن في الشّدة وغيرها. قال الشاعر:
[٧]مجمع الأمثال ٢: ٣٦٠ حرف الواو. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٦
ـ وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عَنْكَ عَارُها[٨]النهج ١٥: ١٨٣، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
(من
الطويل) من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بها
نشيبة بن محرث الهذلي، أوّلها:
[٩]رسالة الإسلام ١٢٤ ـ ١٢٥ عدد ٧ ـ ٨. تمثّل به الإمام (عليه السّلام) في
جوابه لمعاوية: (وزَعَمْتَ أَنِّي لِكُلِّ
الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ ! وعَلَى كُلِّهِمْ بَغَيْتُ ! فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ
كَذَلِكَ فَلَيْسَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْكَ فَيَكُونَ الْعُذْرُ إِلَيْكَ:
أي إن كنت حاسداً لهم وباغياً كما
رعمت، فليس ذنب ذلك عليك وأنت على عذر منه. وفي نفي الجناية عن معاوية إن صدق في
رمي الحسد والبغي إليه (عليه السّلام) إبطال لاستمساكه بذلك لرئاسته، وأنّه ليس
بكفيل لهم ولا حقّ له ولا ولاية عليهم، أو أنّ من يطلب حقّاً ثابتاً على الآخرين
ليس بجناية وإن أوهمها. وكم من مواطن فيها مطالبة الحقوق معدودة من الجناية عند
قوم وليست كذلك، ولا يرتاب المطّلع على حادثة السقيفة والشورى وما نصّ الرسول
(صلّى الله عليه وآله) على إقامة الإمام (عليه السّلام) مقامه من بعده يوم غدير
خم: أنّ الخلافة من حقّه الثابت، فمطالبة الحقّ ليست جناية ولا حسداً ولا بغياً
منه عليهم. ومن هوان الدنيا مخاطبة أمير
المؤمنين (عليه السّلام) أمثال معاوية كما نسب إليه (عليه السّلام): (إنّ الدّهر
أنزلني حتّى قيل: عليّ ومعاوية). ولعلّ من أهمّ الغصص وأمضّها مواجهة
الأنذال ومكالمتهم. ومن ذلك قول زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) مخاطبة
ليزيد بن معاوية: (ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك إنّي لأستصغر قدرك وأستعظم
تقريعك وأستكثر توبيخك...)[١٠] اللهوف ٧١.عند دخول حرم الحسين (عليه السّلام) عليه (لعنة الله). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
[١١]النهج ١٦: ٢٨٦، ٢٨/ك. من أبيات منسوبة إلى حاتم الطائي
تمثّل به الإمام (عليه السّلام) في كتاب له إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة
عندما بلغه أنّه دعى إلى مأدبة فأجاب إليها. وفي لفظ المعتزلي بدل (وحسبك) (كفى
بك عاراً أن تبيت ببطنة). وأوّلها:
[١٢]شرح النهج ١٦: ٢٨٨. ليس أمير المؤمنين (عليه السّلام)
ليحذّر الناس عن شيء وهو يأتي به ككثير من الوعّاظ والآمرين بالمعروف منهم،
ويأمر بشيء ويتركه، فإذا هو يندّد عن البطنة بقوله:
لم تكن صفته ذلك. يقول (عليه
السّلام): (أَوأَبِيتَ مِبْطَاناً وحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وأَكْبَادٌ حَرَّى
؟!). كان (عليه السّلام) يطوى الليل طوياً
بالبكاء والعبادة لله تعالى وغشْيَته من خشية الله (عزّ وجلّ) في الليالي في
حديقة بني النجار. وقوله (عليه السّلام): (آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ
وبُعْدِ السَّفَرِ...) معروفة. وهو القائل في نفس الخطبة المعنيّة: (وإِنَّ
إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، ومِنْ طُعْمِهِ
بِقُرْصَيْهِ) أي قرصان يفطر عليهما لا ثالث لهما. والطمر: الثوب الخلق البالي
من إزار ورداء يستر بهما جسده الشريف. أيا مَنْ نصبتَ نفسك رأساً على الناس انظر
إلى إمام الرؤساء ! إلى لبسته وطعمته، إلى محبّته وشفقته، إلى زهده وعبادته. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٨
ـ وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صيحَ في حُجَراتِهِ[١٣النهج ٩: ٢٤١، ١٦٣/كلام.]. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) لبعض
أصحابه وقد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحقّ به ؟! فقال (عليه
السّلام): (يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ، إِنَّكَ
لَقَلِقُ الْوَضِينِ، تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ. ولَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ
الصِّهْرِ وحَقُّ الْمَسْأَلَةِ، وقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ: أَمَّا
الِاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ ونَحْنُ الأعْلَوْنَ نَسَباً
والأشَدُّونَ بِالرَّسُولِ (صلَّى الله عليه وآله) نَوْطاً، فَإِنَّهَا كَانَتْ
أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ
والْحَكَمُ اللَّهُ والْمَعْوَدُ إِلَيْهِ الْقِيَامَةُ.
قال المعتزلي: (وأمّا البيت، فهو لامرئ القيس بن
حجر الكندي. ورُوى أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم يستشهد إلاّ بصدره فقط
وأتمّه الرواة)[١٤]
شرح النهج ٩: ٢٤٣.. (قيل: إنّ امرئ القيس امتدح بالبيت
جارية بن مرّ الثعلي بعد أن تحوّل إليه من جوار خالد بن سدوس النهباني. في حينها
نهب بعض بني جديلة إبل امرئ القيس، وأراد أن يسترجعها منهم خالد وهو على رواحل
امرئ القيس فنهبوها أيضاً) [١٥]
رسالة الإسلام ١٢٤ (عدد ٧ ـ ٨).. أقول: ظاهر كلامه (عليه السّلام):
(ولَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ) أنّ السائل من بني أسد، وكانت مصاهرة منه
(عليه السّلام) معهم. فما أنكره المعتزلي ـ ردّاً على
القطب الراوندي ـ في غير محلّه، فراجع[١٦]شرح النهج ٩: ٢٤٢.. يريد (عليه السّلام) من التمثل
بالبيت المذكور: أنّ نهب هؤلاء القوم لحقوقنا الثابتة كنهب الآبال مع أنّ الناهب
راكب على رواحل منهوبة، وحال القوم كذلك !! قد غصبوا حقّ الخلافة وبعدها يعاملون
معه (عليه السّلام) من لا حقّ له مذكور في الدهور. ولا غرو في ذلك فإنّ شأن
الدّهر ذلك. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو
مَعَ القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٩
ـ وَقَدْ يَستَفيدُ الظِنَّةَ المتَنَصِّحُ[١٧]النهج ١٥: ١٨٣، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل به (عليه السّلام) في أثناء
جوابه لكتاب معاوية: (ومَا كُنْتُ لِأَعْتَذِرَ مِنْ
أَنِّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أَحْدَاثاً. فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ إِلَيْهِ
إِرْشَادِي وهِدَايَتِي لَهُ، فَرُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ.
وهذه الفقرة ذكرناها عند المثل:
(رُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ) والإعادة لأجل ربط المثل الجاري، وهو من
(الطويل). قال بعض: صدره: (وكم سقتُ في آثاركم
من نصيحةٍ). والظّنة: التهمة. والمتنصّح: المبالغ في النصح لمن لا ينتصَّح.
وربما كان مأخوذاً من قولهم: (سقطتَ من النصيحةِ على الظَّنَّةَ)[١٨] المستقصي ٣: ١١٩.ومعناها: أنّ المتنصّح قد تأتيه التهمة بسبب إخلاصه النصيحة إلى
من لا ينتصح بها[١٩]رسالة الإسلام ١٢٥ (عدد ٧ ـ ٨).. أقول: لقد قضى الناصح ما عليه من أداء
رسالته، ويكون السامع مخاطباً بقوله تعالى: (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ
تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)[٢٠]
سورة الأعراف الآية ٧٩.. وقد جاء في "الأمثال
النبويّة": (إنّ الدّين النصيحة) بتمام معنى الكلمة. من نصح قوليّ وعمليّ
للخالق (عزّ وجلّ) والخَلق وأمير المؤمنين (عليه السّلام) نصح الخلائق، سواء
كانوا في زمانه أو الأزمنة المتأخّرة إلى يوم القيامة، ببلوغ كتابه الذي بعد
كلام الخالق تعالى وفوق كلام المخلوق. وليس هو إلاّ شرحاً وتفسيراً له. ثم التعبير باستفادة الظّنة، وهي
التهمة، لأجل حصولها في سبيل الله تعالى. فكلّ ما أتى المؤمن في طريق أداء
الرسالة عدّ من الفوائد وإن كان بظاهره من نوع الأذى والأمر المكروه، ويتحقّق
فيه قوله تعالى: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)[٢١]
سورة البقرة الآية ٢١٦.. وعليه، فلا وجه لحمله على المجاز أو التهكّم.. وقد شرحنا باقي
الفقرة فيما تقدّم فراجع[٢٢]تحت رقم: المثل ١١، ص ٤٥.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الياء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٦٠
ـ وَيْلَ أُمِّهِ[٢٣]النهج ٦: ١٢٧، ٧٠/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
هذه الكلمة استعملها الإمام (عليه
السّلام) في كلام له (عليه السّلام) في ذمّ أهل العراق، أوّله: (أَمَّا بَعْدُ، يَا أَهْلَ
الْعِرَاقِ... ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ !
قَاتَلَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى !! فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَعَلَى اللَّهِ ؟!
فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ. أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ ؟! فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ
صَدَّقَهُ. كَلا واللَّهِ، لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا ولَمْ
تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا. "وَيْلُ أُمِّهِ" كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَنٍ
لَو كَانَ لَهُ وِعَاءٌ.. ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ). إنّما أثبتنا أكثر كلامه (عليه
السّلام) لربط الكلمة به. قال المعتزلي في شرحها:
(وَيْلُُمِّه: الضمير راجع إلى ما دلّ عليه معنى الكلام من العلم؛ لأنّه لمّا
ذكر اللهجة وشهوده إيّاها وغيبوبتهم عنها دلّ ذلك على علم له خصّه به الرسول
(عليه السّلام)، فقال: (ويلمّه)، وهذه الكلمة تقال للتعجّب والاستعظام، يقال:
(ويلمّه فارساً)، وتكتب موصولة كما هي بهذه الصورة، وأصله (وَيْلُ أُمِّهِ)
مرادهم التعظيم والمدح وإن كان اللفظ موضوعاً لضدّ ذلك كقوله (عليه الصلاة
والسلام): (فاظْفَرْ بذاتِ الدِّين ترُبَتْ يدُاك)[٢٤]
أثبتناه في حرف التاء من الأمثال النبويّة.، وكقولهم لرجل يصفونه ويفرّطونه: (لا أباً له)[٢٥]
شرح النهج ٦: ١٣٣.. جاءت كلمة (ويل أمّه) في قصّة جذيمة
مع الزباء ومولاه قصير، أشرنا[٢٦] راجع: ص ١٢٠.إلى إجمالها عند المثل (لو كان يطاع لقصير أمر)، وفيها أنْ نَصَحَ
قصير جذيمة فلقيته الخيول والكتائب فحالت بينه وبين العصا (والعصا فرس جذيمة)
فركبها قصير ونظر إليه جذيمة على متن العصا مولِّياً. قال: (ويل أمّه حزماً على متن العصا)
فذهبت مثلاً... [٢٧ ]
مجمع الأمثال ١: ٢٣٤ حرف الخاء.والقصّة طويلة اختصرناها لموضع المثل. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الياء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الياء مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٦١
ـ يَدُ اللهِ عَلى الجَماعَةِ[٢٨]النهج ٨: ١١٢، ١٢٧/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) قاله
للخوارج، ومنه قوله (روحي فداه): (والْزَمُوا السَّوَادَ الأعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ
اللَّهِ على الْجَمَاعَةِ،وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ
النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ ).. أقول: قد صحّ هذا المثل عن النّبي (صلّى
الله عليه وآله) أيضاً بلفظ: (يد الله مع الجماعة) رواه جمع من المحدثين
والأدباء من الشيعة والسنة[٢٩]جامع الأصول ٦: ٥٦٤ المحاضرة والتمثيل ٢٧.، أي أنّ الجماعة المتّفقة من أهل
الإسلام في كنف الله ووقايته فوقهم، وهم بعيدون من الأذى والخوف، فأقيموا بين
ظهرانيهم. وفي حديث: (عليكم بالجماعة فإنّ يد
الله على الفسطاط) (الفسطاط: المصر الجامع، ويد الله كناية عن الحفظ والدفاع عن
أهل المصر، كأنّهم خصوا بوقاية الله تعالى وحسن دفاعه[٣٠]النهاية في (يد).. والإمام (عليه السّلام) حذّر القوم
من الفرقة ومثّل لهم مغّبتها بالغنم المتخلّف من الأغنام التي هي تحت رعاية
الراعي، فكما هو للذئب لا محالة كذلك المتخلّف عن الجماعة للذئاب الإنسيّة
والجنيّة من الشياطين. وفي حديث الإمام الرضا (عليه
السّلام) قال: (إنّما جعلت الجماعة لئّلا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام
والعبادة لله إلاّ طاهراً مكشوفاً مشهوراً؛ لأنّ في إظهاره حجّة على أهل الشرق
والغرب لله وحده، وليكون المنافق والمستخّف مؤدّياً لما أقرّ به يظهر الإسلام
والمراقبة، وليكون شهادات الناس بالإسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة، مع ما فيه من
المساعدة على البّر والتقوى، والزجر عن كثير من معاصي الله )عزّ وجلّ[٣١]الوسائل ٥: ٣٧٥.. ومن أمر الله تعالى بالاعتصام بحبله
والنهي عن التفرقة يعرف الاهتمام البالغ بهذا الصدد، كما يعلم ذلك من رواية
الإحراق بالنار لدار من لم يحضر جماعة المسلمين[٣٢]الوسائل ١٨: ٢٨٩ ـ ٢٩٠.. ولا ينافي لزوم الجماعة ما جاء من
النهي في أحاديث أهل البيت (عليهم السّلام) عن أن يقول الرجل: أنا أحد من الناس،
وأنا مع الناس، فقد روى الصدوق عن الصادق (عليه السّلام) قوله: ( ولا تكن
إمَّعة)[٣٣]
معاني الأخبار ٢٦٦.. وذلك يراد به في الأمر المحرّم شرعاً
وعقلاً، وهم الهمج من الناس يميلون مع كلّ ريح. هذا آخر ما أردناه هنا. والحمد لله تعالى أوّلاً وآخراً،
وصلّى الله على محمّد وآله، لا سيَّما الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه
الشريف). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في الختام
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يعجبني ذكر خمسة أبيات وجدتها على
هامش بعض نسخ النهج المطبوعة، وهي:
والله (عزّ وجلّ) نسأل أن يسلك بنا
منهج مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولاده الأحد عشر المعصومين. انتهى منقول بتصرف من شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث
والفكر الإسلامي |
|
الأمثال في نهج البلاغة
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
محمد
الغروي
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مدخل
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
بسم الله الرحمن
الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله
على محمد خاتم النبيّين، ووصيّه عليّ أمير المؤمنين، وآلهما المعصومين. سبقت
دراسة موضوعيّة منّا حول الأمثال المرويّة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه
السّلام)، ونحن إذ ندرس
(الأمثال في نهج البلاغة) نخصّص
الموضوع هنا من
معطياتها السائرة ونترك التفصيل إلى كتاب (الأمثال العلويّة). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الأمثالُ تنقسم الأمثال إلى: ـ مثل: سائر. ـ ومثل: قياسي. والسائر: ما قالته العرب في مناسبات ثم جرى
على الألسن يتمثّل به إذا وجد شيء يشارك تلك المناسبات. والقياسي: هو تصوير يخلقه المصوّر لتوضيح فكرة
عن طريق تشبيه يسمّيه البلاغيّون (التمثيل المركب)، أو إبداع يجمع بذلك بين جمال
التصوير وما ينشده المتمثّل من أغراض. بوسعنا أن نصنّف الأمثال في نهج
البلاغة إلى: قرآنيّة، وسائرة، وقياسيّة. وإلى: نثريّة وشعريّة. وإلى: جاهليّة وإسلاميّة ومخضرمة. ... وإلى سواها من صنوف. فوائد الأمثال قد استوفينا الكثير
منها في مقدّمة (الأمثال النبويّة) و(البصائر)، وكذلك تعاريف القوم لها فلا نعيد. ثم الكتب المؤلّفة في (الأمثال
العلويّة) و(الأمثال في نهج البلاغة) منها كما يلي: ١٠٠ حكمة ومثل، غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي، حكم ابن دريد، أمثال
منسوبة إلى الجاحظ، حكم الإمام علي (مجلة المشرق/ ج ٥/ بيروت)، شذرات الأدب
للشيخ الرئيس، نثر اللآلئ (مجموعة ثانية من فلايشر)، كلمات علي بن أبي طالب شرح
الشيخ محمد عبده، أقوال أمير المؤمنين ـ علي بخاري، صد كلمة مولاي متقيان ترجمة
روليم يول إلى الإنجليزية، ألف كلمة مجردة من شرح ابن أبي الحديد على نهج
البلاغة... وبغية الوقوف على مخطوطات ومطبوعات هذه المؤلفات يرجع إلى الجزء
الأول من (تاريخ الأدب العربي) تأليف بروكلمان تحت عنوان (أمثال سيدنا علي) كما
في رسالة الإسلام عدد ٧ ـ ٨ (١٣٨٨هـ) الأزهر ١٩٦٨م. الأمثال السائرة، وغير السائرة الموزّعة على أبواب الحروف: |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الأمثال
السائرة، وغير السائرة الموزّعة على أبواب الحروف:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الهمزة:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة
مع الألف:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١-
آخرُ الدّواء الكيّ[١]النهج: ٩ : ٢٩١ ط ١٦٩.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل به (عليه السّلام) في كتاب له
جواباً لقوم سألوه عقاب من أجلب على عثمان بعد ما بويع: (يَا إِخْوَتَاهْ إِنِّي
لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ... وسَأُمْسِكُ الأمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ،
وإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَـ «آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ»). (لأنه إنّما يقدم عليه بعد أن لا
ينفع كلّ دواء... أي إذا أعضل وأبى قبول كلّ دواء حُسم بالكيّ)[٢]
المستقصي ١ : ٣.، وقيل: (آخر الدواء الكيّ). وردّ أنّه من غلط العامّة إذ الكيّ
ليس من الداء ليكون آخره، قيل: أوّل من قال المثل لقمان بن عاد في قصّة امرأة
غازلت رجلاً تزعمه أخاها حتى لقى لقمان زوجها ـ اسمه هانئ ـ يسوق إبله ويقول:
فهتف به لقمان: يا هانئ ! وقال: يا ذا البجاد[٣]البجاد: الكساء. الحلكة[٤]الحلك: الأسود. = والزوجة المشتركة عشّ رويداً إبلكه = لست لمن ليس لكه قال هانئ: نور نور لله أبوك ؟ قال
لقمان: عليّ التنوير وعليك التغيير، مررت بها تغازل رجلاً زعمته أخاها. قال: فما
الرأي ؟ قال: أن تقلب الظهر بطناً حتى يستبين لك الأمر. قال: أعالجها بكيّة توردها المنيّة.
قال: (آخر الدواء الكيّ)، يضرب فيمن يستعمل في أوّل ما يجب استعماله في آخره وفي
إعمال المخاشنة مع العدوّ إذا لم يجدِ معه اللين والمداراة[٥]المستقصي ١: ٥٣ [نقلٌ بتلخيص].. صدقت القصّة أم لا فإنّه يساعده
الاعتبار. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢
ـ اتباع الكلب للضرغام يلوذ إلى مخالبه[٦]النهج ١٦: ١٦٠، ٣٩/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتاب له (عليه السّلام) إلى عمرو بن
العاص: (فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ
تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ، مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ، يَشِينُ
الْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ، ويُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ. فَاتَّبَعْتَ
أَثَرَهُ، وطَلَبْتَ فَضْلَهُ «اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ
بِمَخَالِبِهِ»، ويَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ،
فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وآخِرَتَكَ، ولَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا
طَلَبْتَ...). إذا دنئت نفس المرء غربت عنها
المكارم الإنسانيّة والأخلاق المرضيّة، ورسخت فيها أضدادها واستحكمت خِلال
البهائم والسباع فيها إلى الغاية، فإذا استولى الغضب عليها فأسدٌ مفترسٌ لا همّ
له سوى الافتراس، وإذا ملكها الطمع فصاحبها كلب لائذ ينتظر ما يلقى إليه، أو
الاحتيال فثعلب.. وهلمّ جرّاً في كلّ خصلة تختصلها السباع والحيوانات، تنكشف
لذوي البصائر من الناس فضلاً عن أمير المؤمنين الذي يرى الأشياء كما هي. إذا وصف
شيئاً منحه نعوته الجديرة به؛ لأنّه (عليه السّلام) الحَكَم العدْل الذي يعطي
كلّ ذي حق حقّه، فمن نظر إلى معاوية وابن العاص وجد الخلال التي بيّنها الإمام
(عليه السّلام) من الفسق وشين الكريم وتسفيه الحليم فيهما، وأنّهما يجريان مجرى
الكلاب والأسود عند الفريسة، تابعة متبوعة. وعن ابن مزاحم في كتاب صفّين بلفظ: (أمّا بعد فإنّك تركت مروءتك لامرئ
فاسق مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه ويسفّه الحليم بخلطته، فصار قلبك لقلبه
تبعاً كما قيل: (وافق شن طبقة)[٧]
من الأمثال السائرة: مجمع الأمثال ٢: ٣٥٩ حرف الواو.. فسلبك دينك وأمانتك ودنياك
وآخرتك... فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما لليل دجى أو أتى الصبح، يلتمس فاضل
سؤره وحوايا فريسته، ولكن لا نجاة من القدر...)[٨]
شرح النهج ١٦: ١٦٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣ـ
أحببْ حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما[٩]النهج ١٩: ١٥٦، ٢٧٤/ح.، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك
يوماً ما. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلمات الإمام (عليه السّلام)
الحكميّة، عدّه أبو هلال العسكري من الأمثال في جمهرته، وقال: المثل لأمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالب (كرّم الله وجهه). وهوناً أي قصداً غير إفراط، وهو من
قول النمر بن تولب:
ومن أجود ما قيل في هذا المعنى قول
بعضهم: (لا تكن مكثراً ثمّ تكون مقلاّ فيعرف سرفك في الإكثار وجفاؤك في الإقلال)[١٠]
على هامش مجمع الأمثال ١: ١٥٦ [نقل بتلخيص وتصرُّف].. قال الشارح: (الهَون بالفتح: التأني، والبغيض:
المبغض. وخلاصة هذه الكلمة: النهي عن الإسراف في المودّة والبغضة؛ فربّما انقلب
مَن تودّ فصار عدّواً، وربّما انقلب مَن تعاديه فصار صديقاً... وقال بعض
الحكماء: توقّ الإفراط في المحبّة فإنّ الإفراط فيها داعٍ إلى التقصير منها،
ولأن تكون الحال بينك وبين حبيبك نامية أولى من أن تكون متناهية... وقال الشاعر:
وقال عديّ بن زيد: ولا تأمنن من مبغض قرب داره = ولا من
محبّ أن يملّ فيبعد)[١١]
شرح النهج ١٩: ١٥٦. وقد قيل: صرعة الاسترسال لا تستقال،
نعم إذا كان الحبّ مع الله (عَزَّ وجلَّ) فأحبب حبّاً إلى الغاية بدون إقلال، بل
إلى حدّ العشق، وهو الحبّ المفرط وأبغض الشيطان والنّفس وما يصدّك عنه تعالى. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع اللاّم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤
ـ الآن رجع الحقّ إلى أهله[١٢]النهج ١: ١٣١ ـ ١٣٩, ٢/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
(لَا
يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ،
ولَا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً، هُمْ أَسَاسُ
الدِّينِ، وعِمَادُ الْيَقِينِ. إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي، وبِهِمْ يُلْحَقُ
التَّالِي، ولَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ، وفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ
والْوِرَاثَةُ «الْآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ» ونُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ). هذا فصل من فصول خطبة له (عليه
السّلام) بعد انصرافه من صفّين، وفي معنى المثل المذكور ما جاء من أمثال العرب: (عاد السهم إلى النزعة: أي رجع الحق
إلى أهله. والنزعة الرماة من (نزع في قوسه) أي رمى، فإذا قالوا: (عاد الرمي على
النزعة) كان المعنى عاد عاقبة الظلم على الظالم، ويكنّى بها عن الهزيمة تقع على
القوم)[١٣]
مجمع الأمثال ٢: ١٨ حرف العين.. ومنها: (عاد الأمر إلى نصابه: يضرب
في الأمر يتولاّه أربابه)[١٤ المصدر ٢: ٣٥.]. يريد (عليه السّلام) بذلك رجوع
الخلافة بعد اغتصابها إليه أيّام خلافته، وتأوّل الكلام المعتزليُ بما يأباه
العقل والنقل، قال: (وهذا يقتضي أن يكون فيما قبل في غير
أهله، ونحن نتأوّل ذلك على غير ما تذكره الإماميّة ونقول: إنّه (عليه السّلام)
كان أولى بالأمر وأحقّ لا على وجه النصّ على الخلافة، بل على وجه الأفضليّة...
لكنّه ترك حقّه لِمَا علمه من المصلحة...)[١٥]
شرح النهج ١: ١٤٠.. ليتني دريت ما حمل المعتزلي على سحق
عقله حتى يتناقض في القول ! إن كان (عليه السّلام) كما يقول: إنّه الأحقّ
بالخلافة من جميع المسلمين بحكم العقل، وإنه أفضل البشر، فكيف يهمل رسول الله
(صلّى الله عليه وآله) النصّ عليه حتّى يختاروا من هو أدنى ؟! وهل هذا إلاّ
تغرير منفيّ عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟! وهل يشكّ عربيّ في معنى (رجع
الحق إلى أهله) أنّ فيما قبله غير أهل له ؟! والكلام المتقدم ينصّ على انحصار
الوصاية والوراثة، وهي الخلافة المنصوصة. قال المعتزلي: (ولسنا نعني بالوصيّة النصَ
على الخلافة، ولكن أمور أخرى)[١٦]
المصدر.. نعم، أمور أخرى
حملتك على ذلك.. والحديث ذو شجون. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع الميم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥
ـ أمرتكم أمري بمنُعَرِجِ اللّوى = فلم تستبينوا النُّصحَ إلاّ ضُحى الغد[١٧]النهج ٢: ٢٠٤, ٣٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من أخطر خطبة له (عليه السّلام) بعد
التحكيم: (... فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ،
والْمُنَابِذِينَ الْعُصَاةِ، حَتَّى ارْتَابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وضَنَّ
الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ، فَكُنْتُ أَنَا وإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو
هَوَازِنَ:«أَمَرْتُكُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى = فَلَمْ تَسْتَبِينُوا
النُّصْحَ إِلَّا ضُحَى الْغَدِ» ) (وأخو هوازن صاحب الشعر هو دريد بن
الصَمَّة، والأبيات مذكورة في الحماسة، وأوّلها:
شرح النهج ٢: ٢٠٥. حادثة التحكيم، عند مخالفة أصحابه
(عليه السّلام)، يعرف عظمها من كلامه حيث يقول: (فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِبَاءَ
الْمُخَالِفِينَ الْجُفَاةِ...) والكلّ يدري ما يصنع المخالف الجاف والمنابذ
العاصي على أميره، وهو ناصحه حتّى ارتاب بنصحه. وقوله (عليه السّلام): (وضَنَّ
الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ) أي (لم يقدح لي بعد ذلك رأي صالح لشدّة ما لقيت منكم من
الإباء والخلاف والعصيان... لأنّ المشير الناصح إذا اتّهم واستغشّ،
عمى قلبه وفسد رأيه)[١٩]
المصدر.. نعم، بالإضافة إلى الإمام لم يَعْمَ
قلبه ولم يَفسد رأيه ويصبر على البلوى والأمر بطبعه الأوّلي كذلك. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهمزة مع الياء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٦
ـ أَيَادِيَ سَبَأ[٢٠]النهج ٧: ٧٠, ٩٦/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام): (...
فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلِي حَتَّى أَرَاكُمْ مُتَفَرِّقِينَ «أَيَادِيَ
سَبَأ»...). اختُلف في أنّ المثل إسلاميّ، أصله
قوله تعالى: (وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ)[٢١]
سبأ: ١٩. في قصّة أهل سبأ وتفرّقهم المذكورة في القرآن الكريم وروايات أهل
البيت (عليهم السّلام)، أو جاهليّ كما ذهب إليه الدكتور صفا خلوصي؛ لأنّ سبأ
وجدت قبل الإسلام[٢٢]دراسة في الأمثال العربيّة القديمة، انظر: هامش رسالة الإسلام عدد ٧
ـ ٨/١١٦.؟ وهل وجود قوم
سبأ قبل الإسلام يصيّر المثل جاهليّاً أو لابدّ من ضربه فيه لتلك الحالة لا وجود
الحالة ؟ قال ابن أبي الحديد: (وأيادي سبأ مثل يضرب لمتفرّقين،
وأصله قوله تعالى عن أهل سبأ: (وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ). وسبأ مهموز،
وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. ويقال: ذهبوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ. الياء
ساكنة وكذلك الألف، وهكذا نقل المثل: أي ذهبوا متفرّقين، وهما اسمان جعلا واحداً
مثل: معد كرب)[٢٣]
شرح النهج ٧: ٧٤ـ٧٥.. يضرب المثل المذكور لبيان تفرّق
الجمع المقصود بهم وللدعاء عليهم، أي لا تفارقهم الفرقة، ولعلّ الثاني أولى
بكلام الإمام (عليه السّلام) ليكون جملة (أيادي سبأ) دعاء عليهم، إلاّ أنّ ظهور
الجملة في تشبيه تفرّق أصحابه (عليه السّلام) عند خطابه بتفرّق قوم سبأ يردّ الدعاء
المذكور فتدبّر جيداً. ولقد كان أمير المؤمنين (عليه
السّلام) يعاني من تفرّق الأصحاب، والفُرقة هي السبب لإبادة الجماعة، وقد نهى
الله جلّ جلاله عنها وأمر بالاعتصام بقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ
اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا)[٢٤]
سورة آل عمران الآية ١٠٣.، وهو (عليه السّلام) الحبل المتين الذي أمر العباد بالتمسّك به.
ولا ينافي أن يكون حبل الله القرآن أو الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فإنّ كلّ
ذلك شيء واحد يدعو إلى الواحد وهو الله تعالى. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٧ـ
إِيّاك وما يُعتذَرُ منهُ[٢٥]النهج ١٦: ١٣٨, ٣٣/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جاء المثل في كتاب له (عليه السّلام)
إلى قثم بن عبّاس، وهو عامله على مكّة. قال الميداني بعد المثل المذكور: (أي
لا ترتكب أمراً تحتاج فيه إلى الاعتذار منه)[٢٦]
مجمع الأمثال ١: ٤٤ حرف الهمزة.. وهو من الأمثال المرسلة وإن لم يرسله
الإمام (عليه السّلام). ثم الاعتذار، ممّا يوجبه، إنّما هو
من صنع الجاهل، حيث يقدم على ما لا يدري مغبّته ولا حسنه من قبحه أو خيره من
شرّه، فإذا انكشف الحال ندم واعتذر. أمّا العاقل، فلا يترأّى قبل أن يتروّى، ولا
يقدم على عمل إلاّ بعد التثبّت والعلم بمغبّته. وقد قالوا المثل: (شر الرأي
الدُّبري: والدّبري الذي يجيء بعد ما يفوت الأمر)[٢٧]
الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ١: ١٣ حرف الشين.. ومن أجله رُغّبت المشورة وأُمر
الجاهل بالسؤال من أهل الذكر في الكتاب والسنّة في أمور الدّين والدّنيا،
والمستبدّ برأيه هالك، والتثبّت في كلّ شيء حتّى لا يقع فيما لا يحمد عقباه،
وعدم جواز الأخذ بنبأ الفاسق إلاّ بعد التبيّن؛ لئلاّ يصيب إنساناً بجهالة فيصبح
على ما فعل نادماً كما قال تعالى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا
فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)[٢٨]
سورة الحجرات الآية ٦.. والمورد لا يخصَّص فيجري فيما ماثله من نوعه. ثم المثل يشمل كلّ ما ذكر وما لم
يذكر من الموارد الّتي تورث الاعتذار بعدها، سواء كان من قول أو عمل، بل مطلق
السّكون والحركة التي لا يخلو منهما الإنسان. فلابدّ من التفكر فيه أوّلاً، فإن
عَلِم أنّ في ذلك رشداً أقدم، أو غيّاً أحجم عنه. ويقف عند الشبهة لئلاّ يهلك من
حيث لا يعلم كما جاء فيه حديث التثليث: (الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتّبع،
وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وشبهات بين ذلك، فمن أخذ بها هلك من حيث لا يعلم ومن وقف
نجا)[٢٩] الوسائل ١٨: ١١٤.ما مضمون الحديث فراجع. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الباء والتاء والحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الباء
مع العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٨
ـ بعدَ اللُتَّيّا والَّتي[١].النهج
١: ٢١٣, ٥/ط. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام) في خطبة له:
(فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ! وإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا
جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ! هَيْهَاتَ! «بَعْدَ اللَّتَيَّا والَّتِي» واللَّهِ
لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّه ِ...). اللُّتيا تصغير الّتي، كما أنّ
اللُّذيا تصغير الّذي، وفي القاموس: بفتح اللام المشدّدة وضمّها. و((هَيْهَاتَ): لظنّهم فيه الجزع.
أي: أَبَعْدَ اللّتيا والّتي أجزعُ ؟! أبَعْدَ أن قاسيتُ الأهوال، الكبار
والصغار، ومُنيت بكلّ داهية عظيمة وصغيرة ؟! فاللّتيا للصغيرة، والّتي للكبيرة)[٢]
شرح النهج ١: ٢١٤ [نقل بتلخيص وتصرُّف].. (بعد اللّتيا والّتي): (هما الداهية
الكبيرة والصغيرة، وكنّى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيهاً بالحيّة فإنّها إذا
كثر سمّها صغرت؛ لأنّ السمّ يأكل جسدها. وقيل: الأصل فيه أنّ رجلاً من حديس
تزوّج امرأة قصيرة، فقاسى منها الشدائد وكان يعبّر عنها بالتصغير، فتزوّج امرأة
طويلة فقاسى منها ضعف ما قاسى من الصغيرة، فطلّقها وقال: بعَدْ اللُّتيا والّتي لا
أتزوّج أبداً،فجرى ذلك على الداهية. وقيل: إنّ العرب تصغّر الشيء العظيم كالدهيم
واللهيم وذلك منهم رمز)[٣]
مجمع الأمثال ١: ٩٢ حرف الباء.. وهو مثل سائر يضرب لأمرين داهيتين
إحداها أدهى من الأخرى. يريد (عليه السّلام) بالقول مطالبة
الخلافة من الشيخين. إذا طالبهما بها، قال الناس حرص على الملك الدنيوي! أترى
حين تقمّصاها لمَ لا يقولوا لهما حرصتما على الملك ويقولون ذلك لأمير المؤمنين
(عليه السّلام) ؟! وهو على حدّ أن يقولوه لرسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّ
النبوّة والخلافة كلتيهما أمر سماوي. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب التاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
التّاء مع القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٩ـ
تَقْصِرُ دُونَها الأَنْوَقُ؛ وَيُحاذى العَيُّوقُ[٤]النهج ١٨: ٢٢, ٦٥/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتابه (عليه السّلام) إلى معاوية: (... وقَدْ أَتَانِي كِتَابٌ مِنْكَ
ذُو أَفَانِينَ مِنَ الْقَوْلِ، ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ، وأَسَاطِيرَ
لَمْ يَحُكْهَا مِنْكَ عِلْمٌ ولَا حِلْمٌ، أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِي
الدَّهَاسِ والْخَابِطِ فِي الدِّيمَاسِ، وتَرَقَّيْتَ إِلَى مَرْقَبَةٍ
بَعِيدَةِ الْمَرَامِ نَازِحَةِ الْأَعْلَامِ «تَقْصُرُ دُونَهَا الْأَنُوقُ
ويُحَاذَى بِهَا الْعَيُّوقُ»). في كلامه (عليه السّلام) أكثر من
تمثيل يظهر بعد شرح مفرداته: أفانين القول: أساليبه المتنوّعة. وضعف قوى الأفانين عن السّلم: أي
الإسلام، أي عدم صدورها عن مسلم، حيث طَلَبَ تولّيه العهد وإبقائه بالشام
رئيساً. والأساطير، جمع أسطورة: الأباطيل. حوكها: نظها. والدِّهاس (بالكسر): جمع دهس
و(بالفتح) مفرد، وهو المكان السهل، ليس هو بتراب ولا طين. والدِّيماس (بالكسر): السر المظلم
تحت الأرض. والمرقبة: الموضع العالي يراقب عليه. والأعلام، جمع علم: ما يهتدى به في
الطرقات. والأنوق (بالفتح): (طائر، وهو
الرخمة، وفي المثل: أعزّ من بيض الأنوق[٥]مجمع الأمثال ٢: ٤٤ حرف العين [ هذا المثل ورد في مجمع الأمثال كما
أشار المؤلف، ولكن جميع العبارة، وقد وضعناها بين قوسين، هي لابن أبي الحديد
المدائني في شرح النهج ]. والعيّوق: كوكب فوق زحل في العلو. ؛ لأنّها تُحرزِه فلا يظفر به أحد). أي: أنت بكتابك المشتمل على دعاوٍ
باطلة لا تصدر عن مسلم، ولا يحكي عن علم وحلم كاتبه، لستَ إلاّ كالخائض في أرض
رخوة تقوم وتقع، والخابط في نفق مظلم لا يهتدي الطريق، سَمَتْ همتَّك إلى
الخلافة وهي منك بموضع مرتفع عال لا سبيل إليه، ولا أعلام تَهتدي بها، وهي
كالرخمة الّتي لا يُظفر ببيضها؛ والكوكبِ الذي فوق الكواكب كلّها.. فكيف ترومها
؟![٦]
تلخيص من شرح النهج ١٨: ٢٥ـ٢٧. ضربت هذه الأمثال لبُعد معاوية عن
الخلافة الّتي يريدها، ويضرب المثل المذكور لقصور طالب الشيء. وفي معنى
المثْلَين قولهم: (دونه بيض الأنوق) و(دونه العيّوق)[٧]
مجمع الأمثال ١: ٢٦٥ حرف الدال.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٠ـ حَدْوَ الزّاجِرِ بِشَوْلِه[٨]النهج ٩: ٢٠٩, ١٥٨/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): (... عِبَادَ
اللَّهِ إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِهِ بِالْمَاضِينَ: لا
يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْهُ، ولا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيهِ. آخِرُ
فَعَالِهِ كَأَوَّلِهِ. مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُهُ، مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلامُهُ،
فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ «حَدْو الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ»). قال ابن الأثير: (وهي الناقَةُ التي
شالَ لبَنُها: أي ارْتَفع. وتُسمَّى الشَّوْلَ: أي ذات شَوْلٍ؛ لأنه لم يَبْقَ
في ضَرْعها إلاّ شَولٌ من لبنٍ: أي بَقيَّة. ويكون ذلك بَعد سَبعة أشهُر من
حَمْلها، ومنه حديث عليّ (فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْو
الزَّاجِرِ بِشَوْلِهِ) أي الذي يزجُرُ إبلَه لتَسِير)[٩]
النهاية في (شول).. والتاء في (شولة) تأنيث أو مصدر، أي ذات شول. والشائلة: واحدة الشوائل. (وشُوَّل كرُكَّع: جمع شائل، وهي الناقة الّتي تشول بذنبها للّقاح، ولا لبن لها
أصلاً، وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. وشوّلت الناقة...: أي صارت
شائلة. وشوّال أحد فصول السّنة... سمّى بذلك لشَوَلان الإبل بأذنابها في ذلك
الوقت لشدّة شهوة الضّراب؛ ولذلك كرهت العرب التّزويج فيه، وعن النّبي (صلّى
الله عليه وآله): (سمّي شوّالاً لأنّ فيه شالت ذنوب المؤمنين) أي ارتفعت وذهبت)[١٠]
مجمع البحرين في (شول) [نقل بتصرُّف].. والحَدْو: سوق الإبل. والحادي: السائق لها. والحدّي: التغنّي لجدّ السير. وإنّما شبّه (عليه السّلام) اندفاع
النّاس بالسّاعة ـ أي القيامة ـ بسائق الناقة، القليلة اللّبن أو عديمته، في
سرعة سيرها؛ لخفّتها ولزجرها، أي أنّ السّاعة تقهركم على الموقف لمحاسبتكم على
أعمالكم: إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ. وكرّر منه (عليه السّلام) التّعبير
بالحَدْو، ومنه: (وَرَاءَكُمُ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ)[١١] النهج ١: ٣٠١, ٢١/ط. (وإِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ)؛ بل (بَلْ السَّاعَةُ
مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)[١٢] سورة القمر الآية ٤٦.من الزجر والقتل والأسر وأفظع من كلّ فظيع وأدهى من الدّواهي
كلّها. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء مع السّين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١١ـ
الحَسَدُ يأكلُ الإيمان كَما يأكُل النّارُ الحَطَب[١٣]النهج ٦: ٣٥٤, ٨٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من التمثيلات صادرة عن الإمام (عليه
السّلام) في إحدى خطبه، قال فيها: (وتَحَاسَدُوا فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ
الإيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ). من الإيمان أن يعقد المؤمن قلبه على
أنّه تعالى يؤتي الملك من يشاء وينزعه عمّن يشاء، ويؤتي الفضل من رزق وغيره، كما
قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ)[١٤]
سورة النساء الآية ٥٤.. فإذا تمنّى زوال ذلك وانفجر من وجوده فقد عارض إلهه في قضائه
وعطائه، وهو مناف للإيمان بها، فكيف يبقى الإيمان ؟! بلى يفنى كما تفني النّارُ
الحطب. ثم الحسد جاء الأمر بالتعوّذ من شرّه
كما قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)[١٥]،
سورة الفلق الآية ٥. وفي النبويّ: (... وكاد الحسد أن يغلب القدر)، والصادقيّ: (آفة
الدّين الحسد والعجب والفخر)، والنبويّ: (قال الله (عَزَّ وجَلَّ) لموسى بن
عمران: يا ابن عمران، لا تحسدنّ النّاس على ما آتيهم من فضلي، ولا تمدّن عينيك
إلى ذلك ولا تتبعه نفسك، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي، صادّ لقسمي الذي قسّمت بين
عبادي، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي)[١٦]
أصول الكافي ٢: ٣٠٧.. وهو من داعية الذنوب، قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): (...
الحرص والكبر والحسد دواعٍ إلى التقحّم في الذنوب)[١٧]
النهج ١٩: ٣٠١.. وكما لا يسلم له إيمان لم تبق صحّة البدن معه، قال (عليه السّلام):
(العجبُ لغفلة الحسّاد عن سلامة الأجساد)[١٨]
النهج ١٩: ٤٩.. وقال (عليه السّلام): (صحّة الجسد من
قلّة الحسد)[١٩]
المصدر ٩٧.. والحسد غلّ في عنق صاحبه وقد نفاه (عليه السّلام) عن الملائكة عند
وصفهم: (ولا تَوَلاهُمْ غِلُّ التَّحَاسُدِ)[٢٠] المصدر ٦: ٤٢٥.وأيّ فرق بين من على عنقه غلّ ظاهريّ ومن شغل قلبه وملك عقله الحسد
؟! والجامع بينهما سلب الاستطاعة والراحة. وكرّر هذا التمثيل المذكور في كلامه
(عليه السّلام) في أكل الحسد الإيمان بأكل النّار الحطب في الأحاديث ومنها
النبويّ[٢١]في (الأمثال النبويّة حرف الحاء).. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء مَعَ الكاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٢ـ
الحكمةُ ضالةُ المؤُمنِ[٢٢]النهج ١٨: ٢٢٩, ٧٧/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): (خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ،
فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ فِي صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَلَجْلَجُ فِي صَدْرِهِ
حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ). قال
الرضي (رحمه الله): وقد قال عليّ (عليه السّلام) في مثل ذلك: (الْحِكْمَةُ
ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَخُذِ الْحِكْمَةَ ولَومِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ). قال الميداني: (يعني أنّ المؤمن يحرص
على جمع الحكم من أين يجدها يأخذها)[٢٣].
المجمع ١: ٢١٤ حرف الحاء. يمكن أن لا يعلم أنّه لأمير المؤمنين
(عليه السّلام)، أو كونه مثلاً نبويّاً، ولكن بعيد من مثله، ونحن عددناه من
الأمثال النبويّة والعلويّة ولا تنافي ذلك. قيل: (خطب الحجّاج فقال: إنّ الله
أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مئونة الدنيا، فليتنا كفينا مئونة الآخرة وأمرنا بطلب
الدنيا. فسمعها الحسن [ البصري ] فقال: هذه ضالّة المؤمن خرجت من قلب المنافق)[٢٤]
شرح النهج ١٨: ٢٢٩.. [ تعريف الحكمة: ] عرفت الحكمة
بتعاريف، فقيل: هي فهم المعاني، وطاعة الله ومعرفة الإمام، وإتقان الأمور. وأجمع
تعريف: هي العلم بشرائع السماء والعمل بها. وقيل: العلم بمصالح الدارين
ومفاسدهما. وقيل: النبوّة. وقيل غير ذلك.. ذكرنا نبذة من الأقوال في حرف الحاء
من الأمثال النبويّة جاء في الحديث: (من أخلص لله أربعين صباحاً جرت ينابيع
الحكمة من قلبه على لسانه)[٢٥]
السفينة ١: ٤٠٨ في خلص.. [ عوامل حصول الحكمة: ]
من عوامل حصول الحكمة قلّة الكلام، ونوم القيلولة، وقلّة الأكل، ومجالسة
الأتقياء، وصلاة الليل، وقراءة القرآن الكريم، وإخلاص العمل لله (عَزَّ وجَلَّ)،
ومعرفة الله والنبيّ والأئمّة (صلّى الله عليهم أجمعين)، والطاعة له تعالى.
وليست الحكمة المرضيّة هي المصطلحة عند قوم. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحاء
مع النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٣ـ
حَنَّ قِدْحٌ لَيْس مِنْها[٢٦]النهج ١٥: ١٨١, ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من أمثال سائرة تمثّل به أمير
المؤمنين (عليه السّلام) في جواب كتاب معاوية (... وما لِلطُّلَقَاءِ وأَبْناءِ
الطُّلَقاءِ! وَالتَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُهاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وتَرْتِيبَ
دَرَجاتِهِمْ، وتَعْرِيفَ طَبَقاتِهِمْ ؟! هَيْهاتَ! لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ
مِنْها، وطَفِقَ يَحْكُمُ فِيها مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَها). (حنّ) من الحنين، وهو نوع صوت. و( قِدْح: أصله من القداح، من عود
واحد يجعل فيها قدح من غير ذلك الخشب فيصوّت إذا أرادها المفيض، فذلك الصوت هو
حنينه. هذا مثل يضرب لمن يدخل نفسه بين قوم ليس له أن يدخل بينهم)[٢٧]
. شرح النهج ١٥: ١٩١ [العبارة لابن أبي الحديد والمؤلف تصرَّف في تقديم بعضها
على بعض].، أو لمن يفتخر بقوم
ليس منهم؛ أو يمتدح بما لا يوجد فيه. قيل: المثل لعمر أجاب به عقبة بن أبي
معيط حينما قال له: (أأقتل من بين قريش ؟!). قال الزمخشري: وقيل: بني الحنان، وهم
بطن من بلحارث، أنّ جدّهم ألقى قِدْحاً في قداح قوم يضربون بالميسر وكان يضرب
لهم رجل أعمى، فلما وقع قِدْحه في يده قال: (حنّ قِدْح ليس منها) فلقب الحنان
لذلك. ومنه يظهر: أنّ المثل ليس لعمر،
ويؤيّد ذلك قول الميداني إنّ عمر تمثّل به[٢٨]رسالة الإسلام ١١٧ ـ ١١٨ العدد ٧ـ ٨.. والقِدْح السهم من أقداح الميسر،
وعند إجالتها خالف صوت القِدح الذي ليس من مادّة بقية القداح صوتها، فيعرف أنّه
ليس من جملتها. قيل: إنّ كلام الإمام (عليه السّلام)
تصديق للشيخين لأنّهما من المهاجرين ذوي الرتب والدرجات التي لم يكن لمعاوية
صلوح التمييز لها، بل لابدّ من مثل الإمام (عليه السّلام) يميّزها لأنهما في
درجته في الفضل. والجواب: أنّ الكلام جاء كمقياس كليّ
لا ينطق إلاّ على موارده الحقيقية بدون تعيين. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الدال والراء والسين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الدال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الدّال مَعَ العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٤ـ
دَعْ عَنْكَ مَنْ مالَتْ بِهِ الرَّمْيَّةُ[١]النهج ١٥ : ١٨٢, ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) في جواب
لكتاب معاوية الذي يذكر فيه بعض الناس، قال (عليه السّلام): (... فَدَعْ عَنْكَ
مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِيَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا والنَّاسُ بَعْدُ
صَنَائِعُ لَنَا...). الرَّمْيَّةُ بمعنى الرمي، والباء
للإلصاق: أي دع من رمته الدنيا بسهامها وصار غرضاً لها لإقباله عليها. ويشهد
لذلك ما جاء في بعض خطبه (عليه السّلام) (تَرْمِيهِمْ بِسِهامِها، وتُفْنِيهِمْ
بِحِمامِها)[٢]
النهج ١١ : ٢٥٧, ٢٢١/ط.. ويصحّ ذلك أيضاً رميه بسهام النفس
وإبليس، إذ استعارة رمي السهام فيها بجامع التأثير السريع على حدّ سواء، وقد جاء
(النظرة سهم مسموم من سهام الشيطان)[٣]
الوسائل ١٤ : ١٣٨ ـ ١٤٠.. وقيل الرَّمْيَّةُ: الطريدة
المرميّة. (يقال للصيد: يرمي هذه الرَّمْيَّة، وهي (فَعْليَّة) بمعنى مفعولة،
والأصل في مثلها أن لا تلحقها الهاء نحو: (كفّ خضيب، وعين كحيل) إلاّ أنّهم
أجروها مجرى الأسماء لا النعوت كالقصيدة والقطيعة، والمعنى: دع ذكر من مال إلى
الدنيا ومالت به، أي أمالته إليها)[٤]
شرح النهج ١٥ : ١٩٤.. عن الشيخ محمد عبده: (يضرب لمن أعوّج
غرضه فمال عن الاستقامة لطلبه)[٥]
رسالة الإسلام ١١٨ ـ عدد ٧ ـ ٢٠٨.. قيل: المراد من الموصول في المثل هو
عثمان لا الشيخان؛ لأنّه (عليه السّلام) لم يذكرهما بقدح والمثل يضرب لذلك،
فلابدّ من صرفه إلى غيرهما[٦].شرح
النهج ١٥: ١٩٤. يجاب عنه: أنّ الكلام مقياس كليّ له
اطّراده في جميع الناس إذا تحقّقت فيه الرّمية مهما كان نوعه، ومعاوية المخاطب
من أجلى مصاديقه، ومن تدبّر صدر الكلام عرف الحق. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الدّال مَعَ الهاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٥ـ
الدَّهرُ يَومَانِ: يَوْمٌ لكَ وَيَوْمٌ عَليْكَ[٧]النهج ١٩: ٣٦٤, ٤٠٦/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام الإمام (عليه السّلام)
الجاري مجرى الأمثال: (الدَّهْرُ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لَكَ، ويَوْمٌ عَلَيْكَ.
فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلاَ تَبْطَرْ، وإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ). قال الشارح: (قديماً قيل هذا المعنى: الدّهر
يومان: يوم بلاء ويوم رخاء، والدّهر: ضربان: حبرة وعبرة؛ والدّهر وقتان: وقت
سرور ووقت ثبور. وقال أبو سفيان يوم أحد: يوم بيوم بدر، والدّنيا دول. ويحمل ذمّ
البطر هاهنا على محملين: أحدهما البطر بمعنى الأشر وشدّة المرح. بَطِر الرجل
(بالكسر) يبطر وقد أبطره المال، وقالوا: بطر فلان معيشته، كما قالوا: رشد فلان
أمره. والثاني البطر بمعنى الحيرة والدّهش، أي إذا كان الوقت لك فلا تقطعنّ
زمانك بالحيرة والدّهش عن شكر الله، ومكافأة النعمة بالطّاعة والعبادة، والمحمل
الأوّل أوضح)[٨]
المصدر.. الدّهر هو ما سوى الله جلّ جلاله
برمّته، الممتدّ من البداية إلى النهاية. وربّما يتخيّل أنّه المنتزع من
الحدّين، وواقع المنتزع ـ كمّا تقدّم ـ هو المجزوم، ولامتداده ظنّ قِدَمه حتّى
زعم الدّهريّون أنّه منشأ الحياة والهلاك كما حكى عنهم الله (جلّ جلاله): (وَمَا
يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ)[٩]
سورة الجاثية الآية ٢٤.. فإن أرادوا به الله تعالى وجهلوا أنّه هو، أو أجروا عليه تعالى اسم
الدّهر، فهذا أهون من الأوّل.. والبحث في محلّه. يريد (عليه السّلام) أنّ للدّنيا إقبالاً
وإدباراً، فإن أقبلت عليك فلا تغترّ بها فتنسى كلّ شيء، وإن أدبرت فاصبر. وقد
جاء في الحديث القدسي: (يا موسى، إن أقبلت الدّنيا فعقوبة عُجّلت، وإن أدبرت فقل
مرحباً بشعار الصّالحين)[١٠]
مجموعة ورّام ٢: ٤٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الراء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الباء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٦
ـ رُبَّ قولٍ أَنْفَذُ من صَوْلٍ[١١]النهج ١٩: ٣٥٩, ٤٠٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
وهذا المثل ذكره جمع، منهم: المفضّل[١٢]الفاخر ٢٦٥.. والميداني بعد إيراده بلفظ (ربّ قول أشدّ من صول)، وكذا الزمخشري[١٣]المستقصي ٢: ٩٨.، قال: (يضرب عند الكلام يؤثِّر فيمَن يواجَه به، قال أبو عبيد: وقد
يضرب هذا المثل فيما يتّقي من العار. وقال أبو الهيثم: (أشدّ) في موضع خفضٍ؛
لأنّه تابع للقول. وما جاء بعد (ربّ) فالنّعت تابع له)[١٤]
مجمع الأمثال ١: ٢٩٠ حرف الراء.. قال الشارح: (قد قيل هذا المعنى
كثيراً (والقول ينفذ ما لا تنفذ الإبر)، ومن ذلك: (القول لا تملكه إذا نما،
كالسّهم لا تملكه إذا رمى)، وقال الشاعر:
وقال محمود الورّاق:
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٧
ـ رُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ[١٦]النهج ١٥: ١٨٣, ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في جواب لكتاب معاوية: (وما كُنْتُ
لِأََعْتَذِرَ مِنْ أنِّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أحْداثاً، فَإِنْ كانَ
الذَّنْبُ إِلَيْهِ إِرْشادِي وهِدايَتِي لَهُ، فَـ «رُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ
». وقَدْ يَسْتَفِيدُ الظِّنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ وما أَرَدْتُ إِلا الْإِصْلاحَ
مَا اسْتَطَعْتُ، وما تَوْفِيقِي إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ
أُنِيبُ). هذا جزء من كلام له (عليه السّلام)
بهذا الصدد حيث اتّهم معاوية الإمام (عليه السّلام) بالاشتراك في قتل عثمان
فأجاب عنه: بأني كنت ناقماً عليه لأحداث ارتكبها. وليست هذه النقمة شركة في قتل
عثمان، بل كانت هداية له وإرشاداً، فإن كنت ـ يا معاوية ـ تلومني على ذلك (فربّ
ملومٍ لا ذنب له) وما أنا ذا ملوم، بلا ذنب ركبته. قال الزمخشري: (ربَّ ملومٍ لا ذنب
له: قاله الأحنف لرجل ذمّ عنده الكمأة مع السمن، قال (بحر المتقارب):
و(رُبَّ لاَئِمٍ مُلِيْمٌ)[١٨] المصدر ٢: ٩٨.وهو معاوية وأضرابه من قالة الباطل. قيل:
(قائل: (ربّ ملوم لا ذنب له) هو أكثم بن صيفي، يقول قد ظهر للناس منه أمر أنكروه
عليه وهم لا يعرفون حجّته وعذره، فهو يلام عليه. وذكروا أنّ رجلاً في مجلس
الأحنف بن قيس قال: ليس شيء أبغض إليّ من التمر والزبد، فقال الأحنف: ربّ ملوم
لا ذنب له)[١٩]
مجمع الأمثال ١: ٣٠٥ حرف الراء [بتصرف طفيف].. تقدّم
انتماء المثل إلى الأحنف من صاحب المستقصي. ثم الملامة أشدّ مراتب العتاب، وهي
تخطيء وتصيب. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٨ـ
رُدُّوا الحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ[٢٠]النهج ١٩: ٢٢١, ٣٢٠/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): (رُدُّوا
الْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ فَإِنَّ الشَّرَّ لا يَدْفَعُهُ إِلاَّ الشَّرُّ). قال الشارح: (هذا مثل قولُهم في المثل: إنّ الحديد
بالحديد يفلح[٢١]مجمع الأمثال ١: ١١ حرف الهمزة.. وقال عمرو بن كلثوم:
وقال الفند الزّماني:
وقال الأحنف:
من أمثال متناسبة: (الشرّ بالشرّ
ملحق)[٢٣]
النهج ١٨: ٤١.؛ (الشرّ للشرّ خلق)[٢٤]
مجمع الأمثال ١: ٣٦٦ حرف السين.. وقد جاء في صادقيّ: (إن اللعنة إذا
خرجت من فيِّ صاحبها تردَّدت فإن وجدت مساغاً وإلاّ رجعت على صاحبها)[٢٥]
السفينة ١: ٥١٢ في (لعن).. والغرض من ردّ الحجر منع تجاوز
الظالم الغاشم بردّ ظلمه إليه، فإنّ الظلم شرّ وشر منه صاحبه كالظالم كما تقدّم
المثل [٢٦]فاعل الخير خير منه؛ وفاعل الشرّ شرّ منه.. فإذا لم يردّ على المتجاوز تجاوزه
ازداد تجاوزاً، وإذا عومل بمثل ما صنع ارتدع. فصبر المظلوم زيادة في ظلم الظالم،
ولا ينافيه ما جاء في الصّبر؛ فإن ذلك فيما لم يكن الردّ عليه. وحمْلُ الحجر على معناه الظاهري لا
يمنع من معناه المثلي، أي من ردّ ظلم الظالم إليه. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الفاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
١٩ـ
الرَّفيقُ قَبلَ الطَّريقِ، وَالجارُ قَبلَ الدّارِ[٢٧]النهج ١٦: ١١٣، ٣١/الوصيّة.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من وصيّته للحسن (عليهما السّلام)
المطوّلة، قال فيها: (سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ، وعَنِ الْجَارِ
قَبْلَ الدَّارِ). وفي المثل:(الرفيق إمّا رحيق أو
حريق)، وفي المثل: (جار السوء كلب هارش وأفعى ناهش)[٢٨]
شرح النهج ١٦: ١٢١.. قوله (عليه السّلام): (الرَّفِيقِ
قَبْلَ الطَّرِيقِ) من الأمثال، ذكره بعض الأدباء، منهم الميداني، قال بعد ذكر
المثل: (أي حَصِّلِ الرفيق أولاً واخْبُرْهُ، فربَّما لم يكن موافقاً ولم تتمكّن
من الاستبدال به)[٢٩]
المجمع ١: ٣٠٣ حرف الراء. و[ قال: الميداني ] بعد مثل (الجار
ثم الدار) بذكر (ثمّ)، قال: (هذا كقولهم: (الرفيق قبل الطريق) وكلاهما يروي عن
النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم). قال أبو عبيد: كان بعض فقهاء أهل الشام يحدّث
بهذا الحديث ويقول: معناه إذا أردت شراء دار فسَلْ عن جوارها قبل شرائها)[٣٠]
المجمع ١: ١٧٢ (حرف الجيم).. ثم الجار نذكر شيئاً من حقوقه لأدنى
مناسبة:اهتمّ الشرع الإسلامي بالجار حتّى قال الإمام (عليه السّلام) في وصيّة
له: (واللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ)[٣١]
النهج ١٧: ٥، ٤٧/الوصيّة.، وقال تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ...)[٣٢]
سورة النساء الآية ٣٦.. الجار إمّا قريب أو بعيد، وهما إمّا
قريب أو أجنبيّ، فهذه أربعة: فالجار ذو الرحم، قريباً كان أو بعيداً، داخل في
(وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى). والأجنبي، القريب والبعيد، في (وَالْجَارِ
الْجُنُبِ). (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) هو الذي يصحبك في السفر جنباً إلى جنب. ثم ليس حسن الجوار كفّ الأذى عنه
فقط، بل بتحمّل الأذى والصبر على ما يرى، قال القائل:
[٣٣]ذكرناه في الأمثال النبويّة حرف الجيم. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الرّاء مَعَ الكاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٠ـ
رَكِبْنا أعْجازَ الإِبِل وإِنْ طَالَ السُّرى[٣٤]
النهج ١٨: ١٣٢، ٢٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
والأصل فيه قوله (عليه السّلام):
(لَنَا حَقٌّ فَإِنْ أُعْطِينَاهُ وإِلا رَكِبْنَا أَعْجَازَ الإبِلِ وإِنْ
طَالَ السُّرَى). قال الرضي (رحمه الله تعالى): (وهذا القول من لطيف الكلام وفصيحه،
ومعناه: أنّا إن لم نعط حقّنا كنّا أذلاّء؛ وذلك أن الرديف يركب عجز البعير،
كالعبد والأسير ومن يجري مجراهما). قال بعض الشرَّاح: (له تفسيران: أحدهما: أنّ راكب عجز البعير يلحقه مشقّة
وضرر، فأراد: أنّا إذا منعنا حقّنا صبرنا على المشقّة والمضرّة كما يصبر راكب
عجز البعير. وهذا التفسير قريب مما فسّره الرّضي، والوجه الثاني: أنّ راكب عجز البعير إنّما يكون إذا
كان غيره قد ركب على ظهر البعير، وراكب ظهر البعير متقدّم على راكب عجز البعير،
فأراد: أنّا إذا منعنا حقّنا تأخّرنا وتقدّم غيرنا علينا فكنّا كالراكب رديفاً
لغيره. وأكّد المعنى على كلا التفسيرين بقوله: (وإِنْ طَالَ السُّرَى)؛ لأنّه
إذا طال السُّرى كانت المشقّة على راكب البعير أعظم، وكان الصبر على تأخّر راكب
عجز البعير عن الراكب على ظهره أشدّ وأصعب.. قاله يوم الشُّورى)[٣٥]
المصدر.. وقال آخر: (عليّ (رضي الله تعالى عنه) قال يوم
الشورى: (لنا حقّ إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السُّرى).
هذا مثل لركوبه الذلّ والمشقّة وصبره عليه وإن تطاول ذلك، وأصله أن الراكب إذا
اِعْرَوْرى البعير ركب عجزه من أصل السنام، فلا يطمئنّ ويحتمل المشقّة. وأراد
بركوب أعجاز الإبل كونه ردفاً تابعاً، وأنّه يصبر على ذلك وإن تطاول به. ويجوز أن يريد: وإن نمنعه نبذلِ الجهد في طلبه فعل
من يضرب في ابتغاء طلبته أكباد الإبل ولا يبالي باحتمال طول السُّرى)[٣٦]
الفائق [ في غريب الحديث، جار الله الزمخشري] ٢: ٣٩٧ ـ ٣٩٨.. وهكذا غيرهما من الجمهور، قد خصّصوا
كلامه (عليه السّلام) بيوم الشُّورى بعد وفاة عمر واجتماع الجماعة لاختيار واحد
من الستّة. وليت شعري لِمَ خصّصوه بذلك ؟! وهل كان منْع القوم الإمام (عليه
السّلام) عن حق الخلافة من بعد عمر وكان له ولصاحبه الحق وليس له (عليه السّلام)
منه نصيب ؟! أو خصّصهما الله ورسوله به دونه [ مـا ] أو أنّه خاصّ به تقّمصه القوم
؟! اختر ما شئت! |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب السين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
السّين مَعَ الرّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢١ـ
سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ[٣٧]النهج ١٦: ٨٩ ـ ٩٠، ٣١/الوصية.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
أحد الأمثال الّتي ضربها في وصيّته
لابنه الحسن (عليهما السّلام)، قال فيها: (وإِيَّاكَ
أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلادِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا،
وتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا؛ فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا ونَعَتَتْ
نَفْسِهَا وتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوئهَا. فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلابٌ
عَاوِيَةٌ وسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، ويَأْكُلُ
عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، ويَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا. نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ
وأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا ورَكِبَتْ مَجْهُولَهَا
«سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ »، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا ولا مُسِيمٌ
يُسِيمُهَا...). وهي وصيّة مطوّلة أخذنا منها ما يربط
المثل الجاري. قال الشارح:(ثلاثة أمثال محرّكة لمن
عنده استعداد، واستقرأني أبو أفرج محمد بن عبّاد (رحمه الله) وأنا يومئذٍ حَدَثٌ
هذه الوصيّة، فقرأتها عليه من حفظي، فلمّا وصلت إلى هذا الموضع صاح صيحة شديدة
وسقط، وكان جباراً قاسي القلب. (سُرُوحُ عَاهَةٍ) والسروح: جمع سرح،
وهو المال السارح. والعاهة: الآفة.... ووادٍ وعثٍ لا يثبت الحافر والخفّ فيه، بل
يغيب فيه ويشقّ على من يمشي فيه)[٣٨]
شرح النهج ١٦: ٩٠ ـ ٩١.. أو السروح: الأغنام. يقول (عليه السّلام) أهل الدّنيا
كلاب عاوية وسباع جائعة يتناهشن على جيف أو أغنام سائمة ترعى، ومعقّلة متحيّرة
في أودية لا يثبت فيها خفّ ولا خافر. لا راعي يرعاها، وقد اعتورها الآفات من كلّ
جوانبها. برزت في كلامه (عليه السّلام) حقائق
أهل الدّنيا وبوائق ما طالت الأيّام تخفينها، وسوف يحشر الناس على ما هم فيه من
صفات الحيوانات كما جاء في تفسير (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)[٣٩]
سورة التكوير الآية ٥. يأتون يوم القيامة على صور ما كانوا يزاولون من صفات الكلاب
والسّباع وغيرها. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الشين والصاد والضاد
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الشين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الشّين مَعَ التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٢
ـ شَتَّانَ مَا يَومي على كُورِها = وَيَومَ حَيّانَ أَخي جَابِر[١]النهج ١ : ١٦٢ ، ٣/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل (عليه السّلام) بالبيت في
خطبته المعروفة بـ (الشِقْشِقِّية). قال المعتزلي إنّ البيت للأعشى الكبير أعشى قيس، وهو أبو بصير
ميمون بن قيس بن جندل من القصيدة التي قالها في منافرة علقمة بن علاثة وعامر بن
الطفيل[٢]شرح النهج ١: ١٦٦.، وأوّلها:
والضمير في كورها في البيت المتمثّل
به يعود على الناقة في بيت متقدّم عليه:
[٣]الجسرة العظيمة من الإبل والدوسرة
الناقة الضخيمة. وحيّان اسم رجل من بني حنيفة كان
سيّداً مطاعاً وذا نعمة وافرة وكان الأعشى ينادمه. وجابر: أخو حيّان أصغر منه
ذكره الشاعر للقافية. ومعنى البيت: فرق كبير ما بين سفري على ناقتي وبين يوم
حيّان في نعمته الوافرة. يشير (عليه السّلام) به إلى أنّ هناك
فرقاً بين يومه في الخلافة مع ما انتقض عليه من الأمر مع يوم عمر حيث ولّها على
قاعدة ممهّدة[٤]رسالة الإسلام ١٢٠ ـ ١٢١ (عدد ٧ ـ ٨).. وحصيلة ذلك: أنّ الفرق بين راكب الناقة الراقلة
به وحيّان المتنعّم بنعمة ناعمة وراحة هو الفرق بيني في خلافتي الّتي انتقض
أمرها وبين عمر الذي مهّدت له الأمور كما أراد وأرادها الأوّل، وهذا من دلالات
مظلوميّته (عليه السّلام) واغتصاب حقه الثابت ؛ فلو كان الأمر على ضوء وصاية
النبيّ (صلّى الله عليه وآله) سائراً لما اغتصب حقّ الخلافة منه ولا حقّ إلى يوم
القيامة. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الشّين مَعَ الرّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٣
ـ الشَّرُّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ[٥]النهج ١٨: ٤١، ٦٩/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قاله (عليه السّلام) في كتاب له كتبه
إلى الحارث الهمداني: (... وإِيَّاكَ ومُصَاحَبَةَ
الْفُسَّاقِ فَإِنَّ الشَّرَّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ...). قال الشارح: يقول: (إنّ الطّباع ينزع بعضها إلى
بعض فلا تصحبنّ الفسّاق فإنّه ينزع بك ما فيك من طبع الشر إلى مساعدتهم على
الفسوق والمعصية وما هو إلاّ كالنّار فإذا لم تجاورها وتمازجها نار كانت إلى
الانطفاء والخمود أقرب. وروى (ملحِق) (بكسر الحاء) وقد جاء في الخبر النبويّ:
(عذابك بالكفار ملحِق) بالكسر)[٦]
شرح النهج ١٨: ٥٠ ـ ٥١.. قوله (عليه السّلام): (الشرّ بالشرّ
ملحق). معدود من الأمثال، نظير قولهم: (الشرّ
للشرّ خلق) و(الحديد بالحديد يفلح)[٧]
السفينة ٢: ٨ في (صحب).. والإنسان المغفّل إذا صاحب الفاسق أثّر فسقه فيه وزاد هو في فسقه،
وإن لم يكن على حذر منه فلا محالة جاء التأثير وزيادة الفسق بزيادة أفراد
الفسّاق، وهو المصاحب، إذ المصاحبة مؤثّرة إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ. وجاء
في حديث الإمام السّجاد (عليه السّلام) النهي عن مصاحبة خمسة ومحادثتهم
ومرافقتهم في طريق، وهم: الكذّاب والفاسق والبخيل والأحمق والقاطع لرحمه. ونسب إلى أمير المؤمنين (عليه
السّلام) ما يلي:
[٨]الديوان المنسوب إليه (عليه السّلام). ومن آثار سوء مصاحبة الفاسق أنّه
مظنّة سخط الله (عزّ وجلّ)، وعذابه إذا نزل عمّ من معه. كما كان عكس ذلك مصاحبة
المتّقي الذي هو عرضة رحمة الله تعالى، فإنّها إن نزلت عمّت. والفسق هو الخروج
عن طاعة الله تعالى الذي هو منشأ الشرور ؛ إذ لا يأمن معه من ركوب المعاصي كلّها
من الاجتماعيّة وغيرها الّتي تجب الشّرور. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الشّين مَعَ القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٤ـ
شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ[٩]النهج ١: ٢٠٣ ط ٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مثل سائر أجاب به الإمام (عليه
السّلام) ابن عبّاس عندما سأله استرساله في كلام له من خطبة معروفة بالشقشقيّة
لاشتمالها على الشقشقة، وقد ناوله رجل من أهل العراق كتاباً لينظر فيه فقطع
(عليه السّلام) الخطبة ولم يعد إليها، فتأسّف ابن عباس عمّا فاته من إكمالها ؛ لأنّها
تبيّن مواقف الخلفاء الثلاثة مع الإمام (عليه السّلام) والخلال التي لا تليق
بمنصب الخلافة. ومن العجيب من ابن أبي الحديد وغيره حيث أوّلوا الكلمات فيها إلى ما لا تنطبق عليه اللغة العربيّة،
ومن له أدنى إلمام بها لم يرتب في مراد الإمام (عليه السّلام). قال النيسابوري: (الشِقشِقة: شيء كالرئة يخرجها
البعير من فيه إذا هاج. وإذا قالوا للخطيب: (ذو شقشقة) فإنّما يشبّه بالفحل)[١٠]
مجمع الأمثال ١: ٣٦٩ حرف الشين.. وبعضُ مؤلفي كتب الأمثال لم يذكر المثل في كتابه ولا تمثّل
الإمام (عليه السّلام) به لئلاّ يواجه مشكلة التأويل لكلامه (عليه السّلام)،
وآخرٌ قد ذكر التمثّل به دون أن يزيد عليه، وثالثٌ نفي الخطبة عن أن تكون صادرة
عن الإمام (عليه السّلام) فضلاً عن تمثّله به. والمعتزلي ممّن يقول بالصدور ويتصدّى للتأويل، قال: إن قيل: بيّنوا لنا ما عندكم في هذا
الكلام، أليس صريحه دالاًّ على تظليم القوم ونسبتهم إلى اغتصاب الأمر، فما قولكم
في ذلك ؟ إن حكمتم عليهم بذلك فقد طعنتم فيهم، وإن لم تحكموا عليهم بذلك فقد
طعنتم في المتظلّم المتكلّم عليهم ؟ قيل: أمّا الإماميّة من الشيعة فتجري هذه الألفاظ على ظواهرها،
وتذهب إلى أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) نصّ على أمير المؤمنين (عليه
السّلام) وأنّه غصب حقّه. وأمّا أصحابنا (رحمهم الله)، فلهم أن
يقولوا:...[١١]
شرح النهج ١: ١٥٦ ـ ١٥٩.. فراح يلّقنهم ما يلّفقونه لصرف
الظهور.. والحديث ذو شجون. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الصاد
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الصّاد مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٥
ـ صَاحِبُ السُّلطانِ كَراكِبِ الأَسَدِ[١٢]النهج ١٩: ١٤٩، ٢٦٩/ح.. من تمثيلات الإمام (عليه
السّلام):(صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الأسَدِ يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ
وهُوأَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ). قال بعض الشّراح: (قد جاء في صحبة السلطان أمثال
حكميّة مستحسنة تناسب هذا المعنى أو تجري مجراه، نحو قولهم: (صاحب السلطان كراكب
الأسد يهابه الناس وهو لمركوبه أهيب) [...] (إذا صحبت السلطان فليكن مداراتك له
مداراة المرأة القبيحة لبعلها المبغض لها، فإنّها لا تدع التصنّع له على حال)
[...] (العاقل من طلب السلامة من عمل السلطان) ؛ لأنّه إن عفّ حنى عليه العفاف
عداوة الخاصّة، وإن بسط يده جنى عليه البسط ألسنة العامّة...)[١٣]
شرح النهج ١٩: ١٤٩ ـ ١٥٠.. جاء التحذير البالغ في أحاديثهم
(عليهم السّلام) من الدخول إلى دواوين الظلمة والسلاطين وإعانتهم ولو بقطّ قلم.
ففي النبويّ: (إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين أعوان الظلمة ومن لاق لهم
دواتاً أو ربط كيساً أو مّدّ لهم قلماً فاحشروهم معهم)[١٤] الوسائل ١٢: ١٣٠.إذ لا يُأمن معهم من المعاصي وقتل النفس المحترمة واغتصاب أموال
الناس، بل وترك جميع ما أوجبه الله (عزّ وجلّ) وركوب ما نهاه. ولا فرق بين
العامل بالظلم والمعين والراضي به كما في الحديث[١٥]الوسائل ١١: ٣٤٥. نعم إذا قصد قضاء حوائج المؤمنين
ونجاتهم من المهلكة، جاز. إلاّ أن يغلب عليه فلا يستطيع دفعاً عن نفسه، فضلاً عن
غيره من النفوس. وعلي بن يقطين من النوع الجائز. ثمّ الإمام (عليه السّلام) أراد من
التمثيل براكب الأسد خطورة الأمر، حيث لا يأمن راكبه من الهلاك ؛ ولعلّه يعمّ
كلّ متسلّط لم يقيّده الإيمان ومقتدر وإن لم يكن بسلطان. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الضاد
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الضّاد مَعَ الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٦ـ
ضَحِّ رُوَيْداً[١٦]النهج ١٦: ١٦٨، ٤١/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من الأمثال السائرة يستعمل للرفق
وترك العجلة، جاء في كلام له (عليه السّلام) لابن عبّاس: (... وأُقْسِمُ
بِاللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ حَلالٌ لِي أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي، فَضَحِّ
رُوَيْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى ودُفِنْتَ تَحْتَ الثَّرَى، وعُرِضَتْ
عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الظَّالِمُ فِيهِ
بِالْحَسْرَةِ...). قال الشارح: (فضّح رويداً: كلمة تقال
لمن يؤمر بالتؤدة والأناة والسكون، وأصلها الرجل يطعم إبله ضحى، ويسيّرها مسرعاً
ليسير، فلا يشبعها، فيقال له: ضحّ رويداً)[١٧]
شرح النهج ١٦: ١٦٩.. قال الزمخشري: (ضحّ رويداً: أي ترّفق
ولا تعجل وأصله أنّ الأعراب في باديتها تسير بالظعن فإذا عثرت على لمح من العشب
قالت ذلك وغرضها أن يرعى الإبل قليلاً قليلاً وهي سائرة حتى إذا بلغت مقصدها
شبعت فلمّا كان من الترّفق في هذا توسّعوا فقالوا: في كلّ موضع (ضّح) بمعنى ارفق
والأصل ذاك قال زيد الخيل:
[١٨]المستقصي ٢: ١٤٥. أي يا عمرو. وغرض الإمام (عليه السّلام) من الأمر
بالترّفق أن ينبّه ابن عبّاس مغّبة الخيانة، ولابّد من الدخول في القبر والحشر
والعرض على الله بالأعمال يوم ينادي الظالم بالحسرة ويعضّ على يديه وينادي
بالويل والثبور، والأمر أفضح من ذلك (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا
يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)[١٩]
سورة الزلزلة الآية ٧ ـ ٨.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب العين والفاء والقاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
العين مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٧ـ عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ
القَوْمُ السُّرى[١]النهج ٩ : ٢٣٣ ، ١٦١/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة آخرها: (واللَّهِ لَقَدْ
رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا. ولَقَدْ
قَالَ لِي قَائِلٌ: أَلا تَنْبِذُهَا عَنْكَ ؟! فَقُلْتُ: اغْرُبْ عَنِّي
فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى). قال المفضل: (أول من قال ذلك خالد بن
الوليد...:
[٢]الفاخر ١٩٣ ـ ١٩٤. قال الزمخشري: (أي إذا أصبح الذين
قاسوا كدّ السّرى وقد خلّفوا تبجحوا بذلك وحمدوا ما فعلوا، يضرب في الحّث على
مزاولة الأمر بالصبر وتوطين النفس حتّى تحمد عاقبته، قال الجليح:
وتنجلي عنه عمايَّات الكرى[٣]المستقصي ٢: ١٦٨. (يضرب للرجل يحتمل المشقّة رجاء
الراحة)[٤]
المجمع ٢: ٣ حرف العين.. (مثل يضرب لمتحمل المشقّة العاجلة رجاء الراحة الآجلة)[٥]
شرح النهج ٩: ٢٣٤.. اختلف في قائله وقد عرفت نسبته إلى الخالد، وقيل: هو للجليح،
وقيل: للأغلب العجلي، أو غيرهم. بان معنى المثل في مورده الأول.
وأمّا تمثّل الإمام (عليه السّلام) به عند ترقيع مدرعته التي تعدل جبب السلاطين
وألبستهم المزيّفة، بل لا قياس بينها وجميع ما في الدنيا، فلوهن المادّة وصغرها
في عينه ولاقتداء الفقراء به قال ذلك، قيل له لِمَ ترقّع قميصك ؟! قال (عليه
السّلام): (ليخشع القلب ويقتدي به المؤمنون)[٦]
المصدر: ٢٣٥.. قيل: كان راقعه ابنه الحسن (عليه
السّلام)، أو أهله، ومن هنا قال (عليه السّلام): (حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ
رَاقِعِهَا). لا يستطيع واصف يصف زهده، فعلى شيعته الاقتداء به والاستضاءة بنور
علمه وتقوى الله (عزّ وجلّ) كما كان هو كذلك. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الفاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الفاء مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٨
ـ فاعِلُ الخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ، وفاعِلُ الشَّرِ شَرٌّ مِنْهُ[٧]النهج ١٨: ١٤٩، ٣٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يماثل المثل الذي ضربه (عليه
السّلام) أو هو هو بتغيير ما ما ذكره الميداني: (إنّ خيراً من الخير فاعله، وإنّ
شراً من الشّر فاعله) وقال: هذا المثل لأخ للنعمان بن المنذر يقال له علقمة،
قاله لعمرو بن هند في مواعظ كثيرة، كذا ذكره أبو عبيد في كتابه)[٨]
مجمع الأمثال ١: ٥٨ حرف الهمزة.. وللشارح شعر وبيان، قال: (قد نظمت
أنا هذا اللفظ والمعنى فقلت في جملة أبيات لي:
فإن قلت: كيف يكون فاعل الخير خيراً
من الخير وفاعل الشّر شراً من الشّر، مع أنّ فاعل الخير إنّما كان ممدوحاً لأجل
الخير، وفاعل الشّر إنّما كان مذموماً لأجل الشّر، فإذا كان الخير والشّر هما
سببا المدح والذّم، وهما الأصل في ذلك، فكيف يكون فاعلاهما خيراً وشرّاً منهما ؟ قلت: لأنّ الخير والشّر ليسا عبارة
عن ذات حيّة قادرة، وإنّما هما فعلان، أو فعل وعدم فعل، أو عدمان. فلو قطع النظر
عن الذات الحيّة القادرة التي يصدران عنها، لما انتفع أحدٌ بهما ولا استضّر،
فالنفع والضّر إنما حصلا من الحيّ الموصوف بهما لا منهما على انفرادهما، فلذلك
كان فاعل الخير خيراً من الخير، وفاعل الشّر شر من الشّر)[٩]
شرح النهج ١٨: ١٤٩.. ويؤيّده من بعض الوجوه أنّ العلم
إنّما يقوم بأهله، وكذا الجهل لا يكون إلاّ بالجاهل، فالعلم والجهل بما هما لا
وجود لهما، وهكذا الصدق والكذب، وقد جاء: (أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير
فاعله)[١٠]
السفينة ١: ٤٣٢ في (خير).، (وهل الخير قبل الشّر) كما في الخبر[١١]مصابيح الأنوار ١: ١١١ فيه إشارة إليه.. وهنا بحوث لا تسع المقام. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
القاف مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٢٩ـ
قَدْ أضَاءَ الصُّبحُ لِذي عَينَيْنِ[١٢]النهج ١٨: ٣٩٥، ١٧١/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
(هذا
الكلام جار مجرى المثل ومثله: (والشمس لا تخفى عن الإبصار)، ومثله: (إن الغزالة
لا تخفى عن البصر). وقال ابن هانئ يمدح المعتز:
[١٣]المصدر. قال الميداني: (قد بَيَّنَ الصبح لذي
عينين: بَيَّنَ هنا بمعنى تَبَيَّنَ، يضرب للأمر يظهر كلّ الظهور)[١٤]
مجمع الأمثال ٢: ٩٩ حرف القاف.. وذكره العسكري أيضاً وقال: (يضرب
مثلاً للأمر ينكشف ويظهر)[١٥]
الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ٢: ١٣٥ حرف القاف.. فالمثل الجاري الذّي ضربه الإمام
(عليه السّلام) متّحد مع المثل السائر مع تغيير ما في لفظه. وهل المقصود من
الانكشاف لجميع خلافتُه الكبرى المنصوص عليها بنصّ الغدير، حيث جمع الرّسول
(صلّى الله عليه وآله) الناس عند الوصول إلى هذا المكان، وقد نزل عليه جبرائيل
بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ
مِنْ النَّاسِ)[١٦]
سورة المائدة الآية ٦٧.، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً
وَعُلُوًّا)[١٧]
سورة النمل الآية ١٤.. وهكذا ولْده الأحد عشر الأوصياء
المعصومون، نصّت على وصايتهم النصوص المعتبرة كما ذكرها علماؤنا في مجامعهم
والجمهور: (أنّ الأئمة من قريش يملكها اثنا عشر منهم)[١٨]
مسند أحمد ٥: ٨٦ ـ ٨٨.، وحديث الثقلين الدالّ على أنّ من لم يتمسّك بالكتاب وعترته أهل
بيته ضالّ والمتمسّك غير ضالّ، ذلك بأنّ أهل البيت (عليهم السّلام) معهم الشرائع
من الحلال والحرام، بل وجميع أحكام الإسلام، وبعد ذلك على الأمّة الرجوع إليهم
والأخذ عنهم (عليهم السّلام) في كلّ شيء ؟ |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الكاف واللام
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الكاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الكاف مَعَ اللاّم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٠ـ
كَلَعْقَةِ لاعِقٍ[١]نهج البلاغة الخطبة رقم: ٤٥.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتاب له (عليه السّلام) إلى أهل
البصرة أوّله: (وقَدْ كَانَ مِنِ انْتِشَارِ حَبْلِكُمْ وشِقَاقِكُمْ مَا لَمْ
تَغْبَوْا عَنْهُ، فَعَفَوْتُ عَنْ مُجْرِمِكُمْ... ولَئِنْ أَلْجَأْتُمُونِي
إِلَى الْمَسِيرِ إِلَيْكُمْ لأوقِعَنَّ بِكُمْ وَقْعَةً لا يَكُونُ يَوْمُ
الْجَمَلِ إِلَيْهَا إِلاَّ كَلَعْقَةِ لاعِقٍ...). شقاق أهل البصرة مع أمير المؤمنين
معروف وجاء ذمّهم على لسانه (عليه السّلام) غير مرّة، وكفى شقاقاً يوم الجمل.
والكلام تهديد لتكرير الشقاق والخلاف منهم أنّه (عليه السّلام) يوقع وقعة هي
أمّر وأدهى من يوم الجمل، بل لا يكون القياس إلى الوقعة المتوّقعة إلاّ بمثل
لعقة لاعق. قال الشارح: (كَلَعْقَةِ لاعِقٍ: مثل
يضرب للشيء الحقير التافه، ويروى بضّم اللام، وهي ما تأخذه الملعقة)[٢]. في الحديث: (الويل لمَن باع معاده
بلعقة لم تبق). اللعقة (بالفتح) المرة، من لعِقتُ الشيء (بالكسر) ألعقه لعقاً،
أي لحسته، ومنه الأصابع. ومن كلام له (عليه السّلام) في أمر
الخلافة وتأخيره عنها: ( وهل هي إلاّ كلعقة الآكل ومذقة الشارب وخفقة الوسنان،
ثم تلزمهم المعرات)، ومثله قوله (عليه السّلام): (مصادرين أحدكم لعقة على لسانه،
صنيع من قد فرغ من عمله وأحرز رضى سيّده)، ومثله قوله (عليه السّلام) في خلافة
مروان (إنّ له إمرةً كلعقة الكلبِ أنْفَهُ) لأنّ خلافته كانت ستة أشهر من ذلك
كلّه عرف أنّ المثل المذكور يضرب للأمر التافه وللقلّة. وقد يأتي من لفظه لما لم
يكن له حقيقة ثابتة، كقول الإمام الحسين (عليه السّلام) في كلام له: (الدين لعق
على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معائشهم، فإذا محصّوا بالبلاء قلّ الدّيانون)[٣]
حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣: ٩٧.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الكاف مَعَ الميم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣١ـ
كَما تَدِينُ تُدانُ[٤]النهج ٩: ١٥٨، ١٥٣/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة له (عليه السّلام) أوّلها:
(وهُو فِي مُهْلَةٍ مِنَ اللَّهِ يَهْوِي مَعَ الْغَافِلِينَ... وضَعْ فَخْرَكَ،
واحْطُطْ كِبْرَكَ، واذْكُرْ قَبْرَكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَمَرَّكَ، وكَمَا
تَدِينُ تُدَانُ، وكَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ...). عن الإمام الصادق (عليه السّلام)
قال: (كانت امرأة على عهد داود يأتيها رجل يستكرهها على نفسها فألقى الله (عزّ
وجلّ) في قلبها فقالت له: إنّك لا تأتيني مرّة إلاّ وعند أهلك من يأتيهم، قال:
فذهب إلى أهله فوجد عند أهله رجلاً، فأتى به داود (عليه السّلام) فقال: يا نبيّ
الله، وجدت هذا الرجل عند أهلي، فأوحى الله إلى داود قل له: كما تدين تدان)[٥]
الوسائل ١٤: ٢٦٩.. وعنه (عليه السّلام) أنّ الله أوحى
إلى موسى (عليه السّلام) (لا تزنوا فتزني نسائكم، ومن وطئ فراش امرئ وُطِئ
فراشُه: كما تدين تدان)[٦]
الوسائل ١٤: ٢٣٦. و٢٧١.. من هنا يعلم أنه مثل سماويّ،
وأثبتناه نحن في الأمثال النبويّة[٧]في حرف الكاف.. وأثبته الأدباء عن ابن دريد، عن أبي
حاتم، عن أبي عبيدة، قال: (كان ملك من ملوك غسّان ينقدر النساء، لا يبلغه عن
امرأةٍ جمالُ إلاّ أخذها، فأخذ ابنة يزيد بن الصعق وكان أبوها غائباً، فلمّا
قَدِم أُخبّر، فوفد على الملك فصادفه منتدياً، وكان الملك إذا تبدّى لم يحجب عنه
أحد، فوقف منذ تحيّته يسمع كلامه، فقال: يا أيّها الملك المقيت، أما ترى ليلاً
وصبحاً كيف يختلفان ؟! هل تستطيع الشمس أن تؤتى بها ليلاً وهل لك بالمليك يدان ؟!
واعلم وايقن أنّ ملكك زائل ! واعلم بأنّ كما تدين تدان، فأجابه الملك:
ثم نادى: إنّ هذه سنة مرفوضة. قال أبو عبيدة: ما أنشدت هذه الأبيات
ملكاً ظالماً إلاّ كفته عن غربه ومعنى المثل كما تفعل يفعل بك)[٨]
هامش المستقصي ٢: ٢٣١. [نقل بتلخيص وتصرّف] قوله: ينقدر النساء في نفس المصدر:
لعلّه يقذّر النساء. أقول: لعلّه يغدر بالنساء.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٢
ـ كَمْ مِنْ أكْلَةٍ تَمنَعُ أَكلاتٍ[٩]المهج ١٨: ٣٩٧، ١٧٣/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلمات الإمام القصار المعدودة من
الأمثال جاءت بلفظ(ربّ أكلة تمنع أكلات) في كتب الأمثال. قال المفضّل: (أوّل من قال ذلك عامر بن الظرب
العدواني، وكان من حديثه أنّه كان يدفع النّاس في الحج، فرآه ملك من ملوك غسّان
فقال: لا أترك هذا العدواني حتّى أذلّه. فلمّا رجع ذلك الملك إلى منزله أرسل
إليه: أحبّ أن تزورني فأحبوك وأكرمك وأتخذّك خليلاً. فأتاه قومه فقالوا: تفد
ويفد معك قومك فيصيبون في جنبك ويتجيهون بجاهك. فخرج وأخرج معه نفراً من قومه،
فلمّا قدم بلاد الملك أكرمه وأكرم قومه، ثم انكشف له رأى الملك، فجمع أصحابه
وقال: الرأي نائم والهوى يقظان، ومن أجل ذلك يغلب الهوى الرأي. عجلتُ حين عجلتم،
ولن أعود بعدها. إنّا قد تورّطنا بلاد هذا الملك فلا تسبقوني بريث أمر أقيم
عليه، ولا بعجلة رأي أخفّ معه، فإنّ رأيي لكم. فقال قومه: قد أكْرَمَنا كما ترى،
وبعد هذا ما هو خير منه. فقال: لا تعجلوا فإنّ لكلّ عام طعاماً وربّ أكلة تمنع
أكلات...)[١٠]
الفاخر ١٧٤.. والميداني: (يضرب في ذمّ حرص الطعام...)
وسَرَدَ القصة[١١]المجمع ١ / ٢٩٧ حرف الراء.. والعسكري: (يضرب مثلاً للخصلة من الخير تنال
على غير وجه الصواب فتكون سبباً لمنع أمثالها) ثم أشار إلى ما تقدّم من قول
المفضّل[١٢]الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ١: ٣١٩.. من وجوه منع الأكلة الأكلات عدم
مضغها كما ينبغي، والمضغ مما يمري الطعام الذي لا يجّر مرضاً معه. إذا الطاعم
أكل عند الجوع ورفع اليد عنه وهو يشتهي،وأجاد المضغ، لم يشتك وجعاً. ومنها: كبر اللقمة. ومنها: العجلة في الأكل وسرعة الابتلاع. ومنها عدم
التعّهد لما يأكل (ربّ أكلة هاضت الآكل ومنعته مآكل):
شرح النهج ١٨: ٣٩٧. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الكاف
مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٣
ـ كَناقِشِ الشَّوكَةِ بِالشَّوْكَةِ[١٤]النهج ٧: ٢٩١، ١٣٠/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) وقد قام
إليه رجل من أصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها ! فما ندري أي
الأمرين أرشد. فصفق (عليه السّلام) إحدى يديه على الأخرى ثم قال: (هَذَا جَزَاءُ
مَنْ تَرَكَ الْعُقْدَةَ. أَمَا واللَّهِ لَو أَنِّي حِينَ أَمَرْتُكُمْ بِمَا
أَمَرْتُكُمْ، حَمَلْتُكُمْ عَلَى الْمَكْرُوهِ الَّذِي يَجْعَلُ اللَّهُ فِيهِ
خَيْراً: فَإِنِ اسْتَقَمْتُمْ هَدَيْتُكُمْ، وإِنِ اعْوَجَجْتُمْ
قَوَّمْتُكُمْ، وإِنْ أَبَيْتُمْ تَدَارَكْتُكُمْ، لَكَانَتِ الْوُثْقَى،
ولَكِنْ بِمَنْ وإِلَى مَنْ أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي
«كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ» وهُو يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا
!!). أثبتنا صدر الكلام لربط التمثيل. قال المعتزلي: (وهذا مثل مشهور: (لا تنقش الشوكة
بالشوكة، فإنّ ضلعها معها) والضلع الميل، يقول: لا تستخرج الشوكة الناشبة في
رجلك بشوكة مثلها فإنّ إحداهما في القوة والضعف كالأخرى، فكما أنّ الأولى انكسرت
لمّا وطئتها فدخلت في لحمك فالثانية إذا حاولت استخراج الأولى بها تنكسر وتلج في
لحمك)[١٥]
شرح النهج ٧: ٢٩٤.. قال الزمخشري بعد المثل: (ويروي: فإنّ (ألبها). والمعنى
ميلها: يضرب في النهي عن الاستعانة بمن هو للمطلوب منه الحاجة أنصح منه للطالب)[١٦]
المستقصي ٢: ٢٦٠.. أوردناه في الأمثال النبوّية[١٧]في حرف اللام مع الألف.. والغرض من التمثيل به هنا يعرف من
قبله، حيث قال (عليه
السّلام): (أَنْ أُدَاوِيَ
بِكُمْ وأَنْتُمْ دَائِي) فأصحابه يزيدون في علّته بدل أن يرفعونها؛ لأنّ حادثة
التحكيم لم تحدث إلاّ من قبلهم فكيف يعمل في رفعها بسبب هؤلاء وهم قد أوجدوها،
فحالهم وحال الإمام (عليه السّلام) كمعالجة إخراج الشوكة أخرى تزيدها ولوجاً. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٤
ـ كَناقِلِ التَّمْرِ إلى هَجَرَ[١٨]النهج ١٥: ١٨١، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مثل سائر. من كتاب له (عليه السّلام) جواباً إلى معاوية، وهو من محاسن
الكتب، أوّله: (أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَتَانِي
كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ مُحَمَّداً...). ثم قال (عليه السّلام): (فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ
مِنْكَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلاءِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا،
ونِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا، فَكُنْتَ فِي ذَلِكَ كَنَاقِلِ التَّمْرِ
إِلَى هَجَرَ أَو دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ...). وإنّما تمثّل الإمام (عليه السّلام)
في جواب معاوية المعدِّد لنعم الله تعالى على أهل البيت (عليهم السّلام)، ردّاً
له بأنّ: (أهل البيت أدرى بما فيه) و(أهل مكّة أعرف بشعابها)، وليس معاوية في بيان نعم الله على آل
محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتعدادها إلاّ كمستبضع التمر إلى بلدة
(هجر)، التّي ينقل منها
التمر لا إليها كما عبّر بعض عن المثل الجاري بـ (كمستبضع التمر إلى هجر). قال النيسابوري بعد المثل بلفظه
الأخير: قال أبو عبيد:
هذا من الأمثال المبتذلة ومن قديمها، وذلك أنّ (هجر) معدن التمر، والمستبضع إليه
مخطئ... قال النابغة الجعدي:
[١٩]مجمع الأمثال ٢: ١٥٢ ـ ١٥٣ حرف الكاف. قال المعتزلي: (مثل قديم. وهَجَر اسم مدينة لا
ينصرف للتعريف والتأنيث. وقيل: هو اسم مذكّر مصروف... والنسبة: هاجريّ، على غير
قياس. وهي بلدة كثيرة النخل يحمل منها التمر إلى غيرها، قال الشاعر في هذا
المعنى:
(قوله (عليه السّلام): (أَو دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ) أي معلّمه الرمي، وهذا
إشارة إلى قول القائل الأوّل: أعلّمه الرماية كلّ يوم = فلمّا
استدّ ساعده رماني)[٢٠]
شرح النهج ١٥: ١٨٨ ـ ١٨٩. من كلمة السديد لا الشديد. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب اللاَّم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٥
ـ لا رَأيَ لِمَنْ لا يُطاعُ[٢١]النهج ٢: ٧٥، ٢٧/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة له (عليه السّلام) في الجهاد
أوّلها: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ...
نَهَضْتُ فِيهَا ومَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ وهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرَّفْتُ
عَلَى السِّتِّينَ، ولَكِنْ «لا رَأْيَ لِمَنْ لا يُطَاعُ»). أول من قاله عتبة بن ربيعة حين
اجتمعت قريش للمسير إلى بدر، وهو مأخوذ من قول الشاعر:
[٢٢]الجمهرة على هامش مجمع الأمثال ٢: ٢٧٦
حرف اللام. والمراد من نفي الرأي عند عدم الطاعة
الغرض المترتّب على اتّباعه لا نفيه رأساً. وكلمة (لا) النافية للجنس تقتضي
النفي رأساً، ولكن لأجل القرينة الخارجيّة من عقل أو نقل يصرف ظهورها عن
اقتضائها في ذلك كما قال الفقهاء في: (لا صلاة لمن جاره المسجد) أنّ المنفي
فيها الكمال، لا الصلاة رأساً حتى يحكم عليها بالبطلان إذا صلاّها المصلّي في
غير المسجد. فكأنّ الذي لم يتّبع رأيه ولم يطع، فاقد له رأساً. وكان (عليه السلام) في طوال خمس وعشرين
سنة جليس بيته لم يُطع رأيه، وهو (عليه السّلام) واجد له بالذات، فالمثل جاء من باب
المبالغة في عدم تحقّق الأهداف السامية عند تركهم طاعة الإمام (عليه السّلام) من
أمرهم بجهاد العدوّ الألدّ كمعاوية بن أبي سفيان ومن يحذو حذوه، وفي جميع الأدوار
والعصور لم تحصل للأنبياء من أممهم الطاعة على سبيل العموم. وهكذا أوصياهم
(عليهم السّلام)، وإلاّ لازدهرت الأيّام ولعمّت السعادة، فقد جرى في هذه الأمّة
ما جرى في السلف (القّذة بالقّذة) كما جاء الحديث في تفسير قوله تعالى:
(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ)[٢٣]
الانشقاق ٨٤: ١٩، تفسير البرهان ٤: ٤٤٣.، فلا جرم أنّ صاحب الخلافة الكبرى أمير المؤمنين (عليه السّلام)
قال هذه المقالة تحسّراً عليهم من قلب ملؤه حبّ وحنان، وعن يقين أنّ في الطاعة
نجاتهم وفي الخلاف هلاكهم. ولا يقول قائل هذا الكلام إلاّ تحسّراً على فوت الهدف
الأفضل بالعصيان، وعلماً منه بالعاقبة المحمودة بالطّاعة. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الباء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٦ـ
لَبِّثْ قَليْلاً يَلْحَقِ الهَيْجا حَمَلُ[٢٤]النهج ١٥: ١٨٤، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل (عليه السّلام) بالرجز لكلام
له في جواب معاوية من فقرة: (وذَكَرْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي ولِأَصْحَابِي
عِنْدَكَ إِلاَّ السَّيْفُ، فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَارٍ، مَتَى
أَلْفَيْتَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنِ الأعْدَاءِ نَاكِلِينَ وبِالسَّيْفِ
مُخَوَّفِينَ ؟! «فَلَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ
الْهَيْجَا حَمَلْ» =.................................) والرجز لحمل بن بدر القشيري صاحب
الغبراء ـ أغير على إبله في الجاهليّة فاستنقذها وقال:
[٢٥]رسالة الإسلام: ١٢٦ (عدد ٧ ـ ٨). وفي لفظ:
(قالوا في (حمل) هو اسم رجل شجاع كان يُستظهر به في الحرب. ولا
يبعد أن يراد به: حمل بن بدر صاحب الغبراء، يضربه من ناصِرُه وراءه)[٢٦]
المستقصي ٢: ٢٧٨..لم يرْتَب اثنان من البشر في شجاعة أمير المؤمنين (عليه السّلام)،
تشهد لها حروبه ومواقفه الجبّارة في حياة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)
وبعد مماته. وكيف لا وهو معلّم الشجعان فنون الحرب ؟! ومعاوية يقول هذه المقالة
وهو يعلم أن لا مقاومة له ولا لجنوده وعشيرته للمقتولين بيد الإمام (عليه
السّلام)، بل ولا العرب كلّها عند ضربة عليّ (عليه السّلام)، وهو القائل:
(واللَّهِ، لَو تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلَّيْتُ عَنْهَا
ولَو أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا...)[٢٧]
النهج ١٦: ٢٨٩.. وإنما قالها لتخذير أفكار أصحابه
المغفّلين، بل معاوية يدري أنّ صاحب أمير المؤمنين (عليه السّلام) مالك الأشتر
مبيد له وما يملك من أهل الشام، وكان الأمر كذلك لولا حادثة التحكيم من جهلة
الأصحاب من زهاء عشرين ألف نهرواني.. والحديث ذو شجون. وقد شابهت محنته (عليه
السّلام) محنة هارون حيث طلب أصحاب موسى (عليه السّلام) منه أن يجعل العجل لهم
إلهاً كما لهم آلهة... ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الجيم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٧ـ
لَجَمَلُ أَهْلِكَ، وشَسْعُ نَعْلِكَ، خَيْرٌ مِنْكَ[٢٨]النهج ١٨: ٥٤، ٧١/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل الإمام (عليه السّلام) بالمثل
المذكور من كتاب له إلى المنذر بن الجارود العبدي، وقد كان استعمله على بعض
النواحي، فخان الأمانة في بعض ما وّلاه من أعماله: (... ولَئِنْ كَانَ مَا
بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً، «لَجَمَلُ أَهْلِكَ وشِسْعُ نَعْلِكَ خَيْرٌ
مِنْكَ»...). قال الشريف الرضي (طاب ثراه): (المنذر بن الجارود هذا هو الذي قال
فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام) (إنّه لنَظَّارٌ في عَطْفَيْه، مُخْتَالٌ في
بُرْدَيْه، تَفّالٌ في شِرَاكَيه). استعرض جمع من أرباب التراجم ترجمته،
ولئن لم يكن في قدحه إلاّ ما جاء في كلام الإمام (عليه السّلام) لكفى. ولا
يهّمنا الترجمة. وكلّ من كان على صفته وشاكلته شملَه القدحُ المذكور: أنّ جَمَل
أهله، وشسع نعله، خير منه. ونظيره المثل النبوّي المروّي:
(رُبَّ مَرْكُوْبٍ خَيْرٌ مِن رَاكِبِه)[٢٩]
المجازات النبويّة ٣١٥ رقم ٣٥٥. فخائن الأمانة، الراكب الجمل أو النعل، مركوبه خير منه؛ لأنه لم
يخن. قال المعتزلي في الشرح: (العرب تضرب بالجمل المثل في
الهوان، قال:
فأمّا شسع النعل، فضرب المثل بها في
الاستهانة مشهور لابتذالها ووطئها الأقدام في التراب)[٣٠]
شرح النهج ١٨: ٥٨.. ثم وجوب ردّ الأمانة، وحرمة الخيانة
ثابت بالأدّلة الأربعة: الكتاب والسّنة والعقل والإجماع. ولا فرق في ذلك بين
القّلة والكثرة، ولو كان كمثل إبرة أو أقلّ منها. وما قاله (عليه السّلام)[٣١] النهج ١٦: ١٦٧ ـ ١٦٨، ٤١/ك.لابن عبّاس لما بلغه منه أن لو كان من الحسن والحسين (عليهما
السّلام) لانتقم منهما، يغني عن البحث. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ العين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٨
ـ لِعَمْرِ أَبيكَ الخَيْرُ يا عَمْروُ إِنَّني=عَلى وَضَرٍ مِنْ ذا الإِناءِ قَليلٌ[٣٢]النهج ١: ٣٣٢، ٢٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة له (عليه السّلام) وقد
تواترت عليه الأخبار باستئلاء أصحاب معاوية على البلاد وقدم عليه عاملاه على
اليمن وهما عبيد الله بن عبّاس وسعيد بن نمران لمّا غلب عليهما بسر بن أرطاة
فقام على المنبر ضجراً بتثاقل أصحابه عن الجهاد، ومخالفتهم له في الرأي فقال: (مَا هِيَ إِلاَّ الْكُوفَةُ
أَقْبِضُهَا وأَبْسُطُهَا إِنْ لَمْ تَكُونِي إِلاَّ أَنْتِ تَهُبُّ
أَعَاصِيرُكِ فَقَبَّحَكِ اللَّهُ). وتمثّل بقول الشاعر:
والبيت من الطويل. والغرض من التمثّل به يُعرف من كلامه
(عليه السّلام) قبله، أي قبل البيت: (مَا هِيَ إِلاَّ الْكُوفَةُ...) أنّها لديه
(عليه السّلام) كالوضَرَ القليل في الإناء، وهو غسالة الشيء وبقيّة الدسم، أي لم
يبق من البلاد والعباد له سوى الكوفة، وهي مهدّدة بجيش الشام؛ لخذلان أصحابه
بنهوضهم للجهاد مع العدّو، واستيلاء ابن أرطاة من قبل معاوية على اليمن وقتل
أهلها، وهي من الحوادث الممضّة. وهكذا كان (أرواحنا فداه) أيّام خلافته ممتحناً
بالفتن وخذلان صحبه، وأهل الكوفة أهل الغدر والتخذيل، وكثيراً ما كان (عليه
السّلام) يستنهضهم لجهاد العدّو فلم ينهضوا بالحرّ والقرّ. كانوا يقولون: حتّى
تنقضي حمّارة الحرّ أو قرص البرد. وهو يخوّفهم نار جهّنم وغيرها من ألوان عذاب
الله الأكبر فلم يتخوّفوا، فهو (عليه السّلام) أوّل مظلوم في العالم قبل خلافته
وبعدها (عليه السّلام). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
اللاّم مَعَ الواو
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٣٩
ـ لَوْ يُطاعُ لِقصيرٍ أَمْرٌ[٣٣]النهج ٢: ٢٠٤، ٣٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من خطبة أولّها: (الْحَمْدُ لِلَّهِ وإِنْ أَتَى
الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ). إلى قوله (عليه السّلام): (وقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي
هَذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِي،ونَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي،«لَو كَانَ
يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أَمْرٌ»...). والمثل من قصّة مشهورة ضربت فيها
عدّة أمثال هو منها، ذكرها الأدباء بتفصيل. منها صاحب (رسالة الإسلام)، قال: (قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة
الأبرش عندما أشار عليه ألاّ يستجيب إلى الزباء ـ ملكة الجزيرة ـ حينما كتبتْ
إليه في أن يقبل إليها لتضّم ملكها إلى ملكه، وكانت تنوي من وراء ذلك الغدر به
لأنّه كان قد وترها بقتله أباها، فلم يقبل جذيمة مشورة قصير وذهب إليها، فقال
قصير: لو يطاع لقصير أمر. وكانت نهاية الأمر أن قتلت الزباء جذيمة وأدركت ثأرها[٣٤]مجمع الأمثال حروف الخاء.. والقصّة هذه من أحفل القصص في
الأمثال التي قيلت خلال حوادثها، فقد بلغت واحداً وعشرين مثلاً:... رأيٌ فاتر
وغدرٌ حاضر، رَأْيُكَ في الْكِنِّ لا في الضحِّ، لا يطاع لقصير أمر، ببقَّةَ
خَلَّفْتُ الرأي، القول رداف، خطب يسير، لا يشّق غباره، ويل أمّه... خير ما جاءت
به العصا... واستشهد الإمام (عليه السّلام) بالمثل المذكور حيث نصح جماعته بعدم قبول التحكيم
في وقعة صفّين وأبوا عليه ذلك [٣٥].العدد
السابع والثمن وسنة ثانية ص ١١٤ ـ ١١٥. والمحدّث القمّي (رحمه الله) أثبت
المثل وقصّته من نصح قصير مولى جذيمة وبعثة الزباء إليه ليتزّوج بها فخرج في ألف فارس
وخلّف باقي جنوده مع ابن أخيه..[٣٦]
السفينة ٢: ٤٣١. وهو مثل يضرب لمن خالف نصح الناصح،
وما أكثر من نزول الويل على من ترك نصح ذي الحجى وحلول الندامة عند معصية ذوي
الرأي والإشفاق ؟! وهل كان أحد أسدّ من الأمير (عليه السّلام) رأياً وأكثر
إشفاقاً على الرعيّة. وإنّ حادثة التحكيم المفروض منهم على الإمام (عليه
السّلام) لمن أمرِّ الحوادث وأشدّها على الإسلام والمسلمين من جرّاء العصيان
والتمرّد. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الميم
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٠
ـ مَا عَدا مِمَّا بَدا[١]النهج ٢ : ١٦٢ ، ٣١/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جاء المثل في آخر كلام له (عليه
السّلام) لما أنفذ عبد الله بن عبّاس إلى الزبير قبل وقوع الحرب يوم الجمل
ليستفيئه إلى طاعته: (لا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ فَإِنَّكَ
إِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَهُ، يَرْكَبُ الصَّعْبَ، ويَقُولُ
هُو الذَّلُولُ. ولَكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ فَإِنَّهُ أَلْيَنُ عَرِيكَةً،
فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ
وأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ «فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا»). قال الرضي (رحمه الله): «وهو (عليه
السّلام) أوّل من سمعت منه هذه الكلمة أعني: (فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا)». كتبها كلّ من الميداني[٢] المجمع ٢: ٢٩٦ حرف الميم.والمفضل[٣]الفاخر ١ ـ ٣. وغيرهما ناسبين لها إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وهي صالحة
للمثل، بل هي هو. قال القطب الراوندي: «قوله: (فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا)
له معنيان: أحدهما: ما الذي منعك مما كان قد بدا منك من
البيعة قبل هذه الحالة. الثاني: ما الذي عاقك، ويكون المفعول الثاني
لـ (عدا) محذوفاً يدل عليه الكلام، أي ما عداك. يريد: ما شغلك وما منعك ممّا كان
بدا لك من نصرتي»[٤]
شرح النهج ٢: ١٦٤.. وقيل: «المعنى: ما الذي صدّك عن
طاعتي بعد إظهارك لها. وحذفُ الضمير المفعول المنصوب كثيرٌ جدّاً، كقوله تعالى:
(وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا)[٥]
سورة الزخرف: الآية ٤٥.: أي أرسلناه»[٦]
شرح النهج ٢: ١٦٤.. يمكن كونه مثلاً سائراً تمثّل الإمام
به، أو من باب توارد الخواطر، أو من كلمات قصار صالحة للمثل كما تقدم. قيل: أجاب
زبير بعد إبلاغه: (أبلغه سلامي وقل له: عهد خليفة،
ودَم خليفة، وإجماع ثلاثة، وانفراد واحد وأمّ مبرورة، ومشاورة العشيرة...)[٧]
الفاخر ٣٠١ (بتصرف طفيف).. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤١
ـ والْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ والنَّوْطِ الْمُذَبْذَبِ[٨]النهج ١٦: ١٧٧، ٤٤/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كتاب له (عليه السّلام) إلى زياد
بن أبيه وقد بلغه أنّ معاوية كتب إليه يريد خديعته باستخلافه: (وقَدْ كَانَ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ
فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلْتَةٌ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، ونَزْغَةٌ
مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ،لا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ ولا يُسْتَحَقُّ بِهَا
إِرْثٌ و«الْمُتَعَلِّقُ بِهَا كَالْوَاغِلِ الْمُدَفَّعِ والنَّوْطِ
الْمُذَبْذَبِ»). قال الرّضي (رحمه الله): (قوله (عليه السّلام): (الْوَاغِل) هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم
وليس منهم فلا يزال مدّفعاً محاجزاً، و(النَّوْط الْمُذَبْذَبِ): هو ما يناط
برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك، فهو أبداً يتقلقل إذا حثّ ظهره
واستعجل سيره. وقيل: (الواغل: غير المدعوّ إلى وليمة، المعبّر عنه بـ: الطفيل. لا يزال
يدفع بإخراجه عن ذلك)[٩]
هامش بعض نسخ النهج.. قوله (عليه السّلام) (فَلْتَةٌ): (الفلتة: وقوع الأمر من غير تدّبر
ولا روّية، وكلّ شيء يفعله الإنسان فجأة من غير تدبّر ولا روّية، ومنه قول عمر:
كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها[١٠]مجمع البحرين في (فلت) [بتصرُّف].. ومراده (عليه السّلام) من فلتة أبي
سفيان قَولته في تبنّي زياد وأنه ولده. لا يثبت بهذا القول بنّوةٌ في ظاهر
الشرع، يتوارث عليها. فشبّهه (عليه السلام) المتعلّق بها كمن يهجم على ورد ماء
ليس من أصحابه، فيدفع عنه ويمنع عن ورود الورد أشّد المنع، أو كمن علّق على
دابته قعباً أو قدحاً متقلقلاً أبداً، وكِلا التمثيلين لمدّعى بنوّة من لا يكون
له، كأبي سفيان بدعوة بنوّة زياد ولزياد نفسه. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ الثّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٢
ـ مَثَلُ آلِ مُحمَّدٍ كمَثَلِ نُجومِ السَّماءِ[١١]النهج ٧: ٨٤، ٩٩/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في آخر خطبة له (عليه السّلام) (...
أَلا إِنَّ مَثَلَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ «إِذَا خَوَى
نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ»). تمثيلهم (عليهم السّلام) بالنجوم
تكرّر في أحاديثهم، كما جاء عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ما يطابق ذلك. روى الشيخ الصدوق بسنده إلى ابن
عبّاس في حديث قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه
وآله): (... ومثلكم مثل النجوم كلمّا غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة)[١٢]
الأمالي ٢٣٨.. إذا جهل السالكون الطريق في الليل
المظلم اهتدوا بنجوم السماء كما قال تعالى: (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)[١٣] سورة النحل الآية ١٦.بإضاءتها وانتظام الساكنة والسائرة منها، حيث يستدلّ بوضعها على
قطاع الأرض المنقسمة إلى أقاليمها السبعة، وعلى أبعاض الليل وساعاته. والناس إذا
جهلوا، والجهل أصلهم حيث أخرجوا من بطون أمّهاتهم لا يعلمون شيئاً كما في الآية[١٤]سورة النحل الآية ٧٨.، افتقروا إلى الإضاءة في السلوك إلى الله تعالى إلى هداة يهدونهم
سبل السلام؛ من هنا جاء تمثيلهم (عليهم السّلام) بالنجوم ووقع في محلّه! والمشابهة بين أهل البيت (عليهم
السّلام) والنجوم من وجوه: هي الإضاءة، وامتدادها بقيام إمام عند موت إمام كطلوع نجم إذا خوى
نجم، والرفعة المختصة بهم (عليهم السّلام) التّي اختارها الله تعالى لهم لا
يشاركهم غيرهم فيها، وسرور الناظر إلى نجوم الولاية كما يسُرّه إذا نظر إلى نجوم
السماء، وغيرها من وجوه لا تحصل بتمثيل الشمس والقمر وإن جاء في دعاء الندبة:
(أين الشموس الطالعة، والأقمار المنيرة)[١٥] مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمي.وغير الدعاء، لاختلاف وجهة الأهداف من التمثيل. وإن شئت الوصول إلى
واقع التمثيل، فابحثْ عن لزوم الحجّة في الأرض واستحالة خلّوها عند العقول
والفطرة السليمة التّي تؤيّدها صحاح الأخبار أنّه لو خلت عن الحجّة لساخت بأهلها[١٦]أصول الكافي ١: ١٧٨.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٣
ـ مَثَلُ الدُّنيَا كَمَثلِ الْحَيَّةِ[١٧]النهج ١٨: ٢٨٤، ١١٥/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قال (عليه السّلام): ("مَثَلُ
الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ" لَيِّنٌ مَسُّهَا والسَّمُّ النَّاقِعُ
فِي جَوْفِهَا يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ ويَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ
الْعَاقِلُ). يشابه المثل المثلَ الآخر منه (عليه
السّلام) في كتاب له كتبه إلى سلمان الفارسي (رحمه الله) قبل أيّام خلافته:
(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا مَثَلُ الْحَيَّةِ: لَيِّنٌ
مَسُّهَا، قَاتِلٌ سَمُّهَا. فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا
يَصْحَبُكَ مِنْهَا، وضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا...)[١٨]
النهج ١٨: ٣٤، ٦٨/ك.. لا يفتقر المثلان إلى توضيح بعد
القدر المشترك بين الحيّة والدّنيا في إهلاك مزاولهما وأنّهما عدّو الإنسان
والعاقل يكون على حذر دائماً منهما. يقول أبو العتاهية:
[١٩]شرح النهج ١٨: ٢٨٤. وتجد الإمام (عليه السّلام) يمثّل
الدنيا بما يحذّر الناس من اعتناقها إلاّ بقدر الحاجة، والقرآن الكريم والسنّة
النبويّة وتمام روايات أهل البيت (عليهم السّلام) تحذّرهم عنها غاية التحذير،
وقد جاء في الحديث: (حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة)[٢٠]
الوسائل ١١: ٣٠٨.. وجاءت في الكتاب والسنّة تمثيلاتٌ
للدّنيا ببيت العنكبوت، والعجوز، والبحر العميق، وفصول السنة، والماء النازل من
السماء، والخضرة.... وكلّ ذلك يشهد له الواقع، وكان عمل الإمام (عليه السّلام)
وزهده في الدنيا، بل وعمل أهل البيت (عليهم السّلام) وزهدهم فيها يجسّد التحذير
عنها أكثر منه من القول؛ لأنّ العمل يترك في النفوس من الأثر غير الوصف. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٤
ـ مَثَلُ مَنْ خَبَرَ الدُّنْيا كمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ[٢١]النهج ١٦: ٨٢، ٣١/الوصية.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في وصيّته لابنه الحسن (عليهما
السّلام) مثلان ضربهما لمن خبر الدنيا ولمن اعتّر بها. قال (عليه السّلام): (إِنَّمَا "مَثَلُ مَنْ خَبَرَ
الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَفْرٍ" نَبَا بِهِمْ مَنْزِلٌ جَدِيبٌ
فَأَمُّوا مَنْزِلاً خَصِيباً وجَنَاباً مَرِيعاً، فَاحْتَمَلُوا وَعْثَاءَ
الطَّرِيقِ وفِرَاقَ الصَّدِيقِ وخُشُونَةَ السَّفَرِ وجُشُوبَةَ المَطْعَمِ
لِيَأْتُوا سَعَةَ دَارِهِمْ ومَنْزِلَ قَرَارِهِمْ، فَلَيْسَ يَجِدُونَ
لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَلَماً، ولا يَرَوْنَ نَفَقَةً فِيهِ مَغْرَماً، ولا
شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِمَّا قَرَّبَهُمْ مِنْ مَنْزِلِهِمْ وأَدْنَاهُمْ
مِنْ مَحَلَّتِهِمْ. ومَثَلُ مَنِ اغْتَرَّ بِهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ كَانُوا
بِمَنْزِلٍ خَصِيبٍ فَنَبَا بِهِمْ إِلَى مَنْزِلٍ جَدِيبٍ، فَلَيْسَ شَيْءٌ
أَكْرَهَ إِلَيْهِمْ، ولا أَفْظَعَ عِنْدَهُمْ، مِنْ مُفَارَقَةِ مَا كَانُوا
فِيهِ إِلَى مَا يَهْجُمُونَ عَلَيْهِ ويَصِيرُونَ إِلَيْهِ). في المثلين شرح كافٍ، وقد كثر ضرب
الأمثال للدنيا وأهلها في الكتاب والسنّة؛ تحذيراً عن سوء المغّبة وترغيباً إلى
رفضها والإقبال على الله (عَزَّ وجَلَّ). وفي ضرب المثل في التحذير أو الترغيب
بما يجسّد المحذَّر منه أو المرغَّب فيه ما لا يحصل بغيره، وهكذا سائر الدّواعي
والأغراض. قوله (عليه السّلام): ( (نَبَا):
يقال: نبا عنه بصره ينبو: أي تجافى ولم ينظر إليه. وبنا به منزله، إذا لم يوافقه)[٢٢]
نهاية ابن الأثير في (نبا).. (يقول: مثل من عرف الدنيا وعمل فيها
للآخرة كمن سافر من منزل جدب إلى منزل خصيب فلقى في طريقه مشقّة، فإنّه لا يكترث
بذلك في جنب ما يطلب. وبالعكس من عَمَل للدنيا وأهمل أمر الآخرة، فإنّه كمن سافر
إلى منزل ضنك ويهجر منزلاً رحيباً طيّباً)[٢٣]
شرح النهج ١٦: ٨٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ الرّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٥
ـ المَرأْةُ رَيحَانةٌ وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ[٢٤]النهج ١٦: ١٢٢، ٣١/الوصية.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
جاء المثل في وصيّته لابنه الحسن
(عليهما السّلام): (ولا تُمَلِّكِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا
فَإِنَّ «الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ ولَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ» ولا تَعْدُ
بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا ولا تُطْمِعْهَا فِي أَنْ تَشْفَعَ لِغَيْرِهَا). في الوصيّة عدّة أمور ترتبط بالمرأة: منها: المنع من إدخالها في الشئون
المعاشيّة التي يقوم بها الرجل؛ تبنى على الأغلب على صعوبة وخشونة لا تلائم
نعومة المرأة وضعفها الذّاتيّ؛ ولأجلها قال (عليه السّلام): (فَإِنَّ
الْمَرْأَةَ رَيْحَانَةٌ ولَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ). ومنها: المنع عمّا يمسّ كرامتها من
ذهابها إلى اجتماعات رجاليّة أو نسائيّة، فإنّ المرأة تسعى غالباً فيما فيه
زينتها وتسويل نفسها. ومنها: المنع عن الشفاعة لغيرها؛ إذ
لا تكون فكرتها ترجع إلى دين المشفوعة. ومنها: ترك مشاركتها في المشورة،
والأمر بشّدة حجابها. وإلى الأخيرَيْن أشار (عليه السّلام)
في الوصيّة بقوله: (وإِيَّاكَ ومُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّ رَأْيَهُنَّ
إِلَى أَفْنٍ، وعَزْمَهُنَّ إِلَى وَهْنٍ. واكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقَى
عَلَيْهِنَّ. ولَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لا يُوثَقُ
بِهِ عَلَيْهِنَّ. وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ)[٢٥]
المصدر.. ثم التمثيل بالريحانة يقصد منه
اللّذة والتّمتع وسكون الرجل إليها، وضمان حياته الثانية بالولد الذي يبقى
الوالد به وإن كان ميّتاً. فلأمرٍ أهمّ خُلقت: من تربية أولاد، وإدارة شئون
داخليّة هي وسائل الثقة، وفراغ البال لعبادة الله تعالى، الغاية من الخلق كما قال
(عزّ وجلّ): (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[٢٦] سورة والذاريات: الآية ٥٦.؛ ومن هنا وجبت النفقة على الرجل حتّى لا تهتمّ بشيء سوى ما تقدّم. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٦ـ
الْمَرأةُ عَقْرَبٌ حُلوَةُ اللَّسِبَةِ[٢٧]النهج ١٨: ١٩٨، ٥٩/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من تمثيلاته (عليه السّلام). اللّسبة: اللسعة. لَسَبَتْه العقربُ
(بالفتح): لَسَعَتْهُ. ولَسِبْتُ العسلَ، أي لَعِقْتَه)[٢٨]
المصدر.. جاءت عدّة تمثيلات في مدح المرأة وقدحها: من الأوّل: (المرأة ريحانة وليست بقهرمانة)[٢٩]
عيون ابن قتيبة ٤: ٧٩.، (المرأة لعبة)[٣٠]
الوسائل ١٤: ١١٩.، (النساء شقائق الرجال)[٣١]
نهاية ابن الأثير في (شفق).. ومن الثاني: (المرأة مثل الضلع المعوّج إن تركته
انتفعت به)[٣٢]
الوسائل ١٤: ١٢٣..
(المرأة شرّ كلّها، وشرّ ما فيها أنّه لابدّ منها)[٣٣]
النهج ١٩: ٦٩، ٢٣٥/ح..
[٣٤]النهج ١٨: ٢٠٠. قيل: إنّ كيد النساء أعظم من كيد
الشيطان لأنّ الله تعالى ذكر الشيطان فقال: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ
ضَعِيفًا)[٣٥]،
سورة النساء الآية ٧٦. وذكر النساء فقال: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ
عَظِيمٌ)[٣٦]
سورة يوسف الآية ٢٨.. والجواب: أنّ ضعف كيد الشيطان إنّما
هو في جنب الله تعالى، وعظم كيد النساء بالقياس إلى الرجال. وبعد ذلك كلّه، أنّه لولا النساء لما
كان الرجال وإنْ افترقن عنهم بفروق. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ السّين
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
[٣٧] النهج ١٧: ٢٥٠، ٦٤/ ك. مثلّ (عليه السّلام) بهذا البيت في
كتابه إلى معاوية جواباً عن كتابه: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا كُنَّا
نَحْنُ وأَنْتُمْ عَلَى مَا ذَكَرْتَ مِنَ الأُلْفَةِ والْجَمَاعَةِ، فَفَرَّقَ
بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ أَمْسِ أَنَّا آمَنَّا وكَفَرْتُمْ... وذَكَرْتَ أَنَّكَ
زَائِرِي فِي الْمُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، وقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ
يَوْمَ أُسِرَ أَخُوكَ فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَجَلٌ فَاسْتَرْفِهْ، فَإِنِّي إِنْ
أَزُرْكَ فَذَلِكَ جَدِيرٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ إِنَّمَا بَعَثَنِي إِلَيْكَ
لِلنِّقْمَةِ مِنْكَ، وإِنْ تَزُرْنِي فَكَمَا قَالَ أَخُو بَنِي أَسَدٍ:
(الحاصب لقوم لوط، وهي ريح عاصف فيها حصباء، والحصباء: صغار الحصى.
والأغوار: جمع غور، والغور: ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة، فتهامة أوّلها
ذات عرق من قبل نجد إلى مرحلتين من وراء مكّة وما وراء ذلك فهو الغور. وجلمود أو
جلمد كجعفر وعصفور: الصخر، ميمه زائدة)[٣٨]
مجمع البحرين: في (حصب، وغور، وجلمد) [ملخَّصاً]. وقيل: الغور الغبار. وحصيلة كلام الإمام (عليه السّلام)
تكذيب معاوية أن يكون معه مهاجر أو ناصر بانقطاع الهجرة بأسر أخيه يزيد بن أبي
سفيان في باب الخندمة، بل الذين معه هم أبناء الطلقاء، فإن زرتك فأنا نقمة الله
عليك وإن زرتني فأنت كأرياح الصيف لا فائدة فيها سوى ضرب الوجوه بصغار الحصى
والغبار، أو بين الصخور من أراضي تهامة، أي زيارتك شرّ كلّها. قال المعتزلي: (كنت أسمع قديماً أنّ هذا البيت من
شعر بشر بن أبي حازم الأسدي والآن قد تصفحت شعره فلم أجده ولا وقفت على قائله)[٣٩]
رسالة الإسلام ١٢٧ (عدد ٧ ـ ٨).. وكيف كان فالمثل منطبق على كلّ من
فيه صفة معاوية مهما كان نوعه فزيارة المنافقين كلّها شرّ لا خير فيها، إذ لم
يرد بها وجه الله (عَزَّ وجَلَّ)، وليست هي من رَوْح الله كزيارة المؤمنين. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الميم مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٨
ـ مَنْ سَلَكَ الطَّريقَ الواضِحَ وَرَدَ المَاءَ[٤٠].النهج
١٠: ٢٦١، ١٩٤/كلام. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) يجري مجرى
الأمثال: (... أَيُّهَا النَّاسُ، «مَنْ
سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ»، ومَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي
التِّيهِ). والتيه: المفازة لا يهتدي سالكها. ونظير المثل المثل: ( (مَنْ سَلَكَ
الجَدَدَ أمِنَ العِثَار) الجدد الأرض المستوية. ويروى: (مَنْ تَجَنَّبَ
الخَبَار..)، وهي أرض رخوة تتعتع فيها الدّوابّ، يضرب لطالب العافية)[٤١]
المستقصي ٢: ٣٥٦.. إرشاد منه (عليه السّلام) يلمسه كلّ
أحد يرشد به أصحابه ويحذّرهم عن سلوك ما يعطبون به. وأمره (عليه السّلام) أوضح
من كلّ واضح، إن تمسّك متمسّك به نجا ومن خالفه هلك، وقد جاء الحديث النبويّ:
(مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق)[٤٢]
حرف الميم من الأمثال النبويّة.. والمراد بالتمثيل ليس هو مجرّد
الولاء لأهل البيت (عليهم السّلام) فقط، بل لابدّ من العمل بما يقولون ويحبّون
والاتباع المورث لحبّ الله تعالى كما قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ)[٤٣]
سورة البلد الآية ١٠.. وعليه فالمثل واقع موقعه؛ إذ إنّ السالك الطريق الواضح يصل إلى ما
يقصده من سلوكه، والمنحرف عنه يفوته وليس له إلاّ التعب أو العطب. وقد أتمّ الله الحجّة على النّاس
وبلّغها أنبياؤه وبلغ إيّاها الرّسول وأوصياؤه المعصومون (سلام الله علیهم)،
وبعد ذلك كلّه إمّا أن يشكروا أو يكفروا كما قال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ)، هما طريق الشّر والخير. وقال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ
إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)[٤٤]
سورة الإنسان الآية ٣.، (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ)[٤٥]
سورة الأنعام الآية ١٤٩.. الأنبياء والأوصياء والشّرائع السماويّة هي الحجج الظاهرة،
والعقول الموهبة للنّاس وما فطروا عليه من المعرفة به تعالى ودينه الحجج
الباطنة، فقد تمّت رسل الله من خارج وداخل (لئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى
اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)[٤٦]
سورة النساء الآية ١٦٥.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٤٩
ـ مَنْ لاَنَ عُودُه كَثُفَتْ أَغْصانُهُ[٤٧]النهج ١٩: ٣٥، ٢١٠/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
ذكروا: (أنّ من حَسُنَ خلقُه ولاَنتْ
كلمته كَثُر محبّوه وأعوانه وأتباعه، ونحوه: (مَنْ لاَنتْ كلِمَتْهُ وَجَبَتْ
مَحَبَّتُهُ)؛ وقال تعالى: (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ
لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)[٤٨]
سورة آل عمران الآية ١٥٩.. وأصل هذه الكلمة مطابق للقواعد
الحكميّة ـ أعني الشجرة ذات الأغصان ـ حقيقة، وذلك لأنّ النبات كالحيوان في
القوى النفسانيّة، أعني الغاذّية والمنميّة، وما يخدم الغاذّية من القوى الأربع،
وهي: الجاذبة والماسكة والدافعة والهاضمة، فإذا كان اليَبْس غالباً على شجرة،
كانت أغصانها أخفّ وكان عودها أدّق. وإذا كانت الرطوبة غالبة، كانت أغصانها أكثر
وعودها أغلظ، وذلك لاقتضاء اليبس الذبول، واقتضاء الرّطوبة الغلظ والعبالة
والضخامة، ألا ترى أنّ الإنسان الذي غلب اليبس على مزاجه لا يزال مهلوساً
نحيفاً، والذي غلبت الرطوبة عليه لا يزال ضخماً عبلاً)[٤٩]
شرح النهج ١٩: ٣٥.. في الصادقيّ: (يا شيعة آل محمّد،
اعلموا أنّه ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صُحبةَ من صحبه،
ومخالقة من خالقه، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة من مالحه. يا
شيعة آل محمّد، اتقوا الله ما استطعتم ولا قوّة إلاّ بالله). وعنه (عليه السّلام) في قول الله
(عَزَّ وجَلَّ): (إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)[٥٠]
سورة يوسف الآية ٣٦.، قال: (كان يوسِّع المجلس، ويستقرض للمحتاج، ويعين الضعيف)[٥١]
أصول الكافي ٢: ٦٣٧.. والقرآن الكريم يأمر بحسن القول
ويرّغب إلى فضائل ومكارم الأخلاق، قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)[٥٢]،
سورة البقرة الآية ٨٣. (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[٥٣]
سورة القلم الآية ٤.، (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[٥٤]
سورة الأحزاب الآية ٢١.. وكلام الإمام (عليه السّلام) ترغيب إلى ذلك مع بيان الوجه فيه كما
تقدّم بتفصيل لسرّ التمثيل. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٠
ـ مَنْ مَلَكَ اسْتَأْثَرَ[٥٥]النهج ١٨: ٣٨١، ١٦٢/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من الأمثال السائرة، جاء به الإمام
(عليه السّلام) لإرشاد ذوي المناصب أو من تصدّى أمراً من الأمور المخوّلة إليه. قال الميداني:( (مَنْ مَلَكَ
اسْتَأثَرَ) يضرب لمن يلي أمراً فيُفْضِل على نفسه وأهله فيُعَابُ عليه فعله)[٥٦]مجمع الأمثال ٢: ٣٢ حرف الميم.. قال الشارح: (المعنى: أنّ الأغلب في كلّ مَلِكٍ
يستأثر على الرّعية بالمال والعزّ والجاه. ونحو هذا المعنى قولهم: (مَنْ غَلَبَ
سَلَبَ)، و(مَنْ عَزَّ بَزَّ)[٥٧]
المستقصي ٢: ٣٥٧.. ونحوه قول أبي الطيّب:
شرح النهج ١٨: ٣٨١. ومن ثَمَّ الإمام أمير المؤمنين
(عليه السّلام) عندما ولى الخلافة ونصب ولاته على الأقطار والأمصار كانت كتبه
ورسائله تترى عليهم في حين، وحين يحذّرهم عن الاستيثار أشدّ التحذير ويحاسبهم
على الذّرة والدّرة. وإذا بلغه عنهم أمر يخالف ما أراد وما أمرهم به، عزل
المخالف من ساعته وعاقبه عقاب الله (عَزَّ وجَلَّ) وأجرى عليه حدوده ولا تأخذه
في الله لومة لائم. ومن طالع سيرته (عليه السّلام) مع الولاة المنصوبين من قبله
علم صدق ذلك كلّه، ويكفيك قضيّة واليه ابن عبّاس وما بلغه من تصرّفه من بيت
المال: (وواللَّهِ لَو أَنَّ الْحَسَنَ والْحُسَيْنَ فَعَلا مِثْلَ الَّذِي
فَعَلْتَ، مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ ولا ظَفِرَا مِنِّي
بِإِرَادَةٍ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُمَا وأُزِيحَ الْبَاطِلَ عَنْ
مَظْلَمَتِهِمَا)[٥٩]
النهج ١٦: ١٦٨.. ولينظر الناظر إلى مالك الأشتر حين
ولاّه على مصر وما شرح له من وظائف الولاة وطبقات الرّعية[٦٠]النهج ١٧: ٣٠ ـ ١١٧، ٥٣/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥١ـ
مَنهُومانِ لا يَشْبَعانِ: طالِبُ عِلمٍ، وَطالِبُ دُنْياً[٦١]النهج ٢٠: ١٧٤، ٤٦٦/ح.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يطابق الكلمة ما روي عن النّبي (صلّى
الله عليه وآله) وتمامه: (فمن اقتصر من الدنيا على ما حلّ الله له سلم، ومن
تناولها من غير حلّها هلك إلاّ أن يتوب أو يراجع. ومن أخذ العلم من أهله وعمل
بعلمه نجا، ومن أراد به الدّنيا فهي حظّه)[٦٢]
أصول الكافي ١: ٤٦.. «النَّهْمة: بلوغ الهِمَّة في الشيء،
ومنه (النَّهَمُ من الجُوع)»[٦٣]
نهاية ابن الأثير. (والنَّهم (بالفتح): إفراط الشهوة في الطعام)[٦٤]
شرح النهج ٢٠: ١٧٤.. والكلمة جارية. من الأحاديث
المَثَليّة، يلهج بها المسلمون عند رؤية طالب علم أو دنيا واستمرار طلبهما،
يجدّان طيلة الحياة كأنّهما جائعان لا يشبعان. هذا ليس له همّ إلاّ دنيا يصيبها
وتصيبه، لم يأتلف إلاّ مع من يعتلف منها، ولا عشيق له غيرها، قد أشرب قلبه من
حبّها فاغترّ بغرورها حتّى مات وصار إلى جهنّم وبئس المصير. أمّا طالب العلم، فهو ممّن أُلقى في
روعه داعية الخير وطلبه، قد قصر همّه وهمته على معرفة الحقائق والحقوق، وأحقّها
من بين ذلك كلّه معرفة الباري (عَزَّ وجَلَّ) وصفاته وأفعاله وأسمائه الجلاليّة
والجماليّة، ومعرفة أنبيائه وأوصيائهم، وشرائهم النازلة من السماء الّتي تضمن
بيان دنيا الإنسان ودينه. ولو أحبّ أحد أن يعرف جوع طالبي
الدنيا والعلم على امتداد حياتهما، نظر إلى العلماء وما نقل عنهم من سهر الليالي
في مطالعة الكتب. وكان أحدهم ربّما ذهب الليل كلّه وهو مكبّ على الكتاب لم يحسّ
بذهابه. وإنّي لأعرف من كان يقوم من ثلثي الليل في كلّ ليله يقضيه بين مطالعة
وكتابة وتهجّد والقوم نائمون، ومن أهل الدنيا من اشتدّ طلبه لها، لم ينم كلّ
الليل بين كتابة ومحاسبة من أخذ منه أو أعطى أو على ظهر السفر في برّ أو بحر،
وقد أُمر الناس بإجمال طلب الرزق لا التفاني فيه. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٢ـ
مَنْ وَثَقَ بِالماءِ لَمْ يَظْمأْ[٦٥]النهج ١: ٢٠٧، ٤/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
هذا المثل من خطبة نصّها: (بِنَا اهْتَدَيْتُمْ فِي
الظَّلْمَاءِ وتَسَنَّمْتُمْ ذُرْوَةَ الْعَلْيَاءِ، وبِنَا أَفْجَرْتُمْ عَنِ
السِّرَارِ. وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ يَفْقَهِ الْوَاعِيَةَ. وكَيْفَ يُرَاعِي
النَّبْأَةَ مَنْ أَصَمَّتْهُ الصَّيْحَةُ ؟! رُبَّ جَنَانٌ لَمْ يُفَارِقْهُ
الْخَفَقَانُ. مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ بِكُمْ عَوَاقِبَ الْغَدْرِ
وأَتَوَسَّمُكُمْ بِحِلْيَةِ الْمُغْتَرِّينَ... الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ
الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَيَانِ. عَزَبَ رَأْيُ امْرِئٍ تَخَلَّفَ عَنِّي. مَا
شَكَكْتُ فِي الْحَقِّ مُذْ أُرِيتُهُ. لَمْ يُوجِسْ مُوسَى ( عليه السلام)
خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الْجُهَّالِ ودُوَلِ
الضَّلالِ. الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلَى سَبِيلِ الْحَقِّ والْبَاطِلِ.
"مَنْ وَثِقَ بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ"... ). اشتملت الخطبة الشريفة على عدّة
أمثال لا تخفى على الأريب. قيل: «إنّ هذه الأمثال ملتقطة من
خطبة طويلة منسوبة إليه (عليه السّلام)». ـ قوله (عليه السّلام) (وبِنَا
أَفْجَرْتُمْ عَنِ السِّرَارِ) إسرار: الليلة والليلتان يستتر فيهما القمر في
آخر الشهر فلا يظهر. ـ (وُقِرَ سَمْعٌ لَمْ يَفْقَهِ
الْوَاعِيَةَ) دعاء على السمع الذي لا يسمع الصرخة، أي العبر والمواعظ. ـ (كَيْفَ يُرَاعِي النَّبْأَةَ مَنْ
أَصَمَّتْهُ الصَّيْحَةُ ؟!) مثل آخر. النبأة: الصوت الضعيف، أي من لم ينتفع
بالمواعظ الجلية كيف ينتفع بالخفيّة منها. ـ (رُبَّ جَنَانٌ لَمْ يُفَارِقْهُ
الْخَفَقَانُ) مثل آخر، وهو دعاء لقلب لم يفارقه الخفقان من خشية الله تعالى. ـ (الْيَوْمَ أُنْطِقُ لَكُمُ
الْعَجْمَاءَ ذَاتَ الْبَيَانِ) مثل آخر، يريد (عليه السّلام) تمثيل الرموز
الخفيّة الغامضة في كلامه ـ وهي مع غموضها جليّة لذوي النهي ـ بالبهم الصامتة
الناطقة بدلائل الصنع ووجود بارئها (جلّ جلاله). نظير المثل: رسل الأرض، من شق أنهارك
وأخرج ثمارك ؟، فإن لم تجبك حواراً أجابتك اعتباراً. ـ قوله (عليه السّلام): (لَمْ
يُوجِسْ مُوسَى خِيفَةً عَلَى نَفْسِهِ) تمثّل بقوله تعالى: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ
خِيفَةً مُوسَى)[٦٦]
سورة طه الآية ٦٧.. يقول (عليه السّلام): كما خاف موسى
(عليه السّلام) على ضلال قومه كذلك أنا خائف على تغلّب الجهالة على قومي وإحاطة
الضلالة بهم. وهذا مثل قرآني. ـ (الْيَوْمَ تَوَاقَفْنَا عَلَى
سَبِيلِ الْحَقِّ والْبَاطِلِ) بقراءة تقديم القاف على الفاء، أي اتّضح الحق
والباطل ووقفنا عليهما نحن وأنتم وعرفناهما حقّ المعرفة. ـ قوله (عليه السّلام): (مَنْ وَثِقَ
بِمَاءٍ لَمْ يَظْمَأْ) لم يرد (عليه السّلام) نفي الظمأ إطلاقاً؛ لأنّ الواثق
بالماء قد يظمأ كالعطشان الواجد للماء، وقد تمثّل لهذا المعنى بقول أبي الطيب:
والصائم في شهر الله يصبح جائعاً تنازعه
نفسه إلى الطعام، وفي أيام فطره لا يجد تلك المنازعة في نفسه؛ ذلك بأنّ النفس
حريصة على ما منعت منه. وهذا المثل من الأمثال الرفيعة
السائرة، يريد (عليه السّلام) بالماء: الموثوق به نفسه الشريفة المقدّسة. إنّه
الماء المعين الزلال للواثقين به (عليه السّلام) السالكين مسلكه، والمعوّل في
كلّ المعضلات، حتى قال قائل عندما دهمته معضلة: (إنّها معضلة لها أبو الحسن)، أو
(ليس لها إلاّ أبا الحسن عليّ (عليه السّلام)). وإنّه الهداية لا ضلال بعدها،
والنصير الذي لا يخذل مستنصِره. والبحر الزاخر. عن أبي هريرة قال: كنت عند
النّبي (صلّى الله عليه وآله) إذ أقبل عليّ بن أبي طالب، فقال النّبي: (هذا
البحر الزاخر، هذا الشمس الطالعة. أسخى من
الفرات كفاً، وأوسع من الدنيا قلباً، ومن أبغضه فعليه لعنة الله)[٦٧]
السفينة ٢: ٧١٢ في هرر.. إنه الوسيلة إلى الله تعالى في نجح
الطلبات والفوز بالمهمّات، والثقة الكاملة في جميع أمور الدين والدنيا حيّاً
وميّتاً على ما ذهبت إليه الشيعة الإماميّة. وكذا بقيّة الأئمّة الأحد عشر من
نسله الطاهر والصديقة الطاهرة، الحجج المعصومين (صلوات الله عليهم وسلّم)،
والنهر العظيم رسول الله (صلّى الله عليه وآله). ويعجبني الحديث الآتي: روى الشيخ الكليني (طاب ثراه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد، عن علي بن النعمان رفعه، عن أبي جعفر
(عليه السّلام)، قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام): (يمصّون الثماد ويدعون النهر
العظيم). قيل له: و ما النهر العظيم ؟ قال: (رسول الله والعلم الذي أعطاه الله.
إنّ الله (عزّ وجلّ) جمع لمحمد سُنن النبيّين من آدم وهلّم جرّاً إلى محمد). قيل
له: وما تلك السنن ؟ قال: (علم النبيين بأسره وأنّ رسول الله صيّر ذلك كلّه عند
أمير المؤمنين). فقال له رجل: يا ابن رسول الله، فأمير المؤمنين أعلم أم بعض
النبيّين ؟ فقال أبو جعفر: (اسمعوا ما يقول ؟! إنّ الله يفتح مسامع من يشاء !!
إنّي حدّثته أنّ الله جمع لمحمد علم النبيّين وأنّه جمع ذلك كلّه عند أمير المؤمنين،
وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيّين!!)[٦٨]
الكافي ٢: ٢٢٢ ـ ٢٢٣.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٣
ـ المِنَيَّةُ وَلاَ الدَّنْيَّةُ[٦٩]النهج ١٩: ٣٦٢، ٤٠٤/ح.. قال (عليه السّلام): (المنّية ولا
الدنيّة، والتقلقل ولا التوسّل) قال الشاعر:
وقال أيضاً:
[٧٠]شرح النهج ١٩: ٣٦٢. ذكر المثل جمع، منهم الميداني، قال:
(المنيّة ولا الدنيّة) أي أختارُ المنيّة على العار. ويجوز الرفع، أي: المنيّة
أحبّ إليّ ولا الدنيّة، أي: وليستُ ممّا أحبّ واختارُ. قيل المثل: لأوس بن حارثة[٧١]مجمع الأمثال ٢: ٣٠٣ حرف الميم.. وممّن أصدقها قولاً وفعلاً الحسين بن
علي كأبيه (عليهما السّلام)، قال (عليه السّلام) يوم كربلاء: (ألا وإنّ الدّعي ابن الدّعي قد ركز
بين اثنتين: بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذّلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله
والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة ونفوس أبيّة أن نؤثر طاعة اللئام على
مصارع الكرام)[٧٢]
اللهوف ٣٨.. وقال (عليه السّلام) أيضاً: (لا أرى
الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما)[٧٣]
اللهوف ٣٠.. وإنّ ذلك من شيم أصحابهم فضلاً عنهم
(عليهم السّلام)، ولم تكن الدنيّة توجد إلاّ عند أهلها أهل الأطماع محتملي
الضيم. وأمّا من لا يحتمل ضيماً، ففيه قال القائل:
[٧٤]الجمهرة على مجمع الأمثال ٢: ٢١٠ |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الهاء والواو
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الهاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الهاء مَعَ النّون
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٤
ـ هُنالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أتاكَ مِنْهُمْ = فَوارِسُ مِثْلَ أَرْمِيَةِ الحَميمِ[١]النهج ١ : ٣٣٣ ، ٢٥/ط.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من آخر خطبة له (عليه السّلام) وقد
تواترت عليه الأخبار باستيلاء معاوية على البلاد، حيث قال (عليه السّلام) في
آخرها: (اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ
مَلِلْتُهُمْ ومَلُّونِي، وسَئِمْتُهُمْ وسَئِمُونِي، فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ
خَيْراً مِنْهُمْ وأَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي. اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ
كَمَا يُمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ. أَمَا واللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي
بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ:
قال بعض الشراح: نسبه ابن منظور في
لسان العرب إلى (الهذلي) مع مغايرة بسيطة. قال: قال الهذلي:
ووجه استشهاد الإمام (عليه السّلام)
به أنّه كان يتمنّى لو أنّ لديه بدل أهل الكوفة من إذا دعوا أجابوا مسرعين، ومن
إذا استغيث بهم أغاثوا؛ فقد جاء قبله: (أَمَا واللَّهِ...). وبنو فرس بن غنم، أو فراس بن غنم:
حيّ عربيّ مشهور بالشجاعة. وأرمية الحميم: سُحُب الصيف، ويضرب بها المثل لأنّها
أخّف وأسرع في الانتقال[٢]رسالة الإسلام ١٢٢ (عدد ٧ ـ ٨).. ووجه الخفة لأنّها لا ماء فيها،
والتي فيها لا تكون إلاّ في الشتاء. يريد بذلك: أنّ فوارس بني غنم مسرعون إذا
دعوا وللإغاثة إذا استغيثوا. فلولا أن مع الإمام من يستنهِض بهم
ويُستغاث لما تجرّي من أمثال معاوية لتسنّم عرش الرئاسة، ولكن قد خلا له الجوّ
فطفق يصفر ويجول. وتمنّى الإمام (عليه السّلام) لفوارس بني غنم هو أحد تمنّياته
وقد تمنّى استبدال كلّ عشر من أصحابه بواحد من أذناب معاوية، حيث إنّ أهل الشام
يثبتون إذا دعوا وإن كان على أمر باطل. وأما أصحابه، فهم على الحق ولا ثبات لهم
كما جاء في كلام له (عليه السّلام)[٣]
النهج ٧ : ٧٠ ـ ٧١ ، ٩٦/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الواو
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الألف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٥
ـ وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً[٤]النهج ١٦: ١٦٠ ـ ١٦٣، ٣٩/كتاب.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
برواية نصر بن مزاحم في كتاب (صفّين)
في كتابه (عليه السّلام) إلى عمرو بن عاص، ولم يذكر الزيادة المثليّة الشريف
الرضي (طاب ثراه). ولفظ رواية نصر: (من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى
الأبتر ابن الأبتر عمرو بن العاص بن وائل، شانئ محمّد وآل محمّد في الجاهليّة
والإسلام:سلام على من اتّبع الهدى أمّا بعد، فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ
تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ فاسق مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ، يَشِينُ الْكَرِيمَ
بِمَجْلِسِهِ، ويُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ، فَصَارَ قَلْبُكَ لِقَلْبِهِ
تَبَعَاً، كَمَا قِيْلَ: "وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً"...). أقول: ذكرنا[٥] انظر: ص ٢١ من هذا الكتاب.رواية الرضي (رحمه الله) تحت المثل: (اتِّبَاعَ الْكَلْبِ
لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ). قال ابن الأثير: (هذا مثل للعرب يضرب
لكلّ اثنين أو أمرين جمعتهما حالة واحدة اتّصف بهما كلّ منهما، وأصله فيما قيل:
إنّ شنّاً قبيلة من عبد القيس، وطبقاً حيّ من إياد، اتفقوا على أمرٍ فقيل لهما
ذلك؛ لأنّ كلّ واحد منهما وافق شكله ونظيره. وقيل: شنّ رجل من دهاة العرب، وطبقة
امرأة من جنسه زُوّجت منه ولهما قصّة، وقيل: الشّن وعاء من أدم تشّنن، أي أخلِق،
فجعلوا له طبقاً من فوقه فوافقه، فتكون الهاء في الأوّل للتأنيث، وفي الثاني
ضمير الشّن)[٦]
النهاية في (طبق).. أثبت المثل جمعٌ، منهم الميداني.
قال: (قال ابن الكلبي: طبقةُ قبيلةٌ من
إياد كانت لا تطاق، فوقع بها شّن بن أفصى... فانتصف منها وأصابت منه، فصار مثلاً
للمتفقَيْن في الشّدة وغيرها. قال الشاعر:
[٧]مجمع الأمثال ٢: ٣٦٠ حرف الواو. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ التّاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٦
ـ وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عَنْكَ عَارُها[٨]النهج ١٥: ١٨٣، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
(من
الطويل) من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بها
نشيبة بن محرث الهذلي، أوّلها:
[٩]رسالة الإسلام ١٢٤ ـ ١٢٥ عدد ٧ ـ ٨. تمثّل به الإمام (عليه السّلام) في
جوابه لمعاوية: (وزَعَمْتَ أَنِّي لِكُلِّ
الْخُلَفَاءِ حَسَدْتُ ! وعَلَى كُلِّهِمْ بَغَيْتُ ! فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ
كَذَلِكَ فَلَيْسَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْكَ فَيَكُونَ الْعُذْرُ إِلَيْكَ:
أي إن كنت حاسداً لهم وباغياً كما
رعمت، فليس ذنب ذلك عليك وأنت على عذر منه. وفي نفي الجناية عن معاوية إن صدق في
رمي الحسد والبغي إليه (عليه السّلام) إبطال لاستمساكه بذلك لرئاسته، وأنّه ليس
بكفيل لهم ولا حقّ له ولا ولاية عليهم، أو أنّ من يطلب حقّاً ثابتاً على الآخرين
ليس بجناية وإن أوهمها. وكم من مواطن فيها مطالبة الحقوق معدودة من الجناية عند
قوم وليست كذلك، ولا يرتاب المطّلع على حادثة السقيفة والشورى وما نصّ الرسول
(صلّى الله عليه وآله) على إقامة الإمام (عليه السّلام) مقامه من بعده يوم غدير
خم: أنّ الخلافة من حقّه الثابت، فمطالبة الحقّ ليست جناية ولا حسداً ولا بغياً
منه عليهم. ومن هوان الدنيا مخاطبة أمير
المؤمنين (عليه السّلام) أمثال معاوية كما نسب إليه (عليه السّلام): (إنّ الدّهر
أنزلني حتّى قيل: عليّ ومعاوية). ولعلّ من أهمّ الغصص وأمضّها مواجهة
الأنذال ومكالمتهم. ومن ذلك قول زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السّلام) مخاطبة
ليزيد بن معاوية: (ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك إنّي لأستصغر قدرك وأستعظم
تقريعك وأستكثر توبيخك...)[١٠] اللهوف ٧١.عند دخول حرم الحسين (عليه السّلام) عليه (لعنة الله). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الحاء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
[١١]النهج ١٦: ٢٨٦، ٢٨/ك. من أبيات منسوبة إلى حاتم الطائي
تمثّل به الإمام (عليه السّلام) في كتاب له إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة
عندما بلغه أنّه دعى إلى مأدبة فأجاب إليها. وفي لفظ المعتزلي بدل (وحسبك) (كفى
بك عاراً أن تبيت ببطنة). وأوّلها:
[١٢]شرح النهج ١٦: ٢٨٨. ليس أمير المؤمنين (عليه السّلام)
ليحذّر الناس عن شيء وهو يأتي به ككثير من الوعّاظ والآمرين بالمعروف منهم،
ويأمر بشيء ويتركه، فإذا هو يندّد عن البطنة بقوله:
لم تكن صفته ذلك. يقول (عليه
السّلام): (أَوأَبِيتَ مِبْطَاناً وحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وأَكْبَادٌ حَرَّى
؟!). كان (عليه السّلام) يطوى الليل طوياً
بالبكاء والعبادة لله تعالى وغشْيَته من خشية الله (عزّ وجلّ) في الليالي في
حديقة بني النجار. وقوله (عليه السّلام): (آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ
وبُعْدِ السَّفَرِ...) معروفة. وهو القائل في نفس الخطبة المعنيّة: (وإِنَّ
إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، ومِنْ طُعْمِهِ
بِقُرْصَيْهِ) أي قرصان يفطر عليهما لا ثالث لهما. والطمر: الثوب الخلق البالي
من إزار ورداء يستر بهما جسده الشريف. أيا مَنْ نصبتَ نفسك رأساً على الناس انظر
إلى إمام الرؤساء ! إلى لبسته وطعمته، إلى محبّته وشفقته، إلى زهده وعبادته. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٨
ـ وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صيحَ في حُجَراتِهِ[١٣النهج ٩: ٢٤١، ١٦٣/كلام.]. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) لبعض
أصحابه وقد سأله كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحقّ به ؟! فقال (عليه
السّلام): (يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ، إِنَّكَ
لَقَلِقُ الْوَضِينِ، تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ. ولَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ
الصِّهْرِ وحَقُّ الْمَسْأَلَةِ، وقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ: أَمَّا
الِاسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهَذَا الْمَقَامِ ونَحْنُ الأعْلَوْنَ نَسَباً
والأشَدُّونَ بِالرَّسُولِ (صلَّى الله عليه وآله) نَوْطاً، فَإِنَّهَا كَانَتْ
أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ
والْحَكَمُ اللَّهُ والْمَعْوَدُ إِلَيْهِ الْقِيَامَةُ.
قال المعتزلي: (وأمّا البيت، فهو لامرئ القيس بن
حجر الكندي. ورُوى أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم يستشهد إلاّ بصدره فقط
وأتمّه الرواة)[١٤]
شرح النهج ٩: ٢٤٣.. (قيل: إنّ امرئ القيس امتدح بالبيت
جارية بن مرّ الثعلي بعد أن تحوّل إليه من جوار خالد بن سدوس النهباني. في حينها
نهب بعض بني جديلة إبل امرئ القيس، وأراد أن يسترجعها منهم خالد وهو على رواحل
امرئ القيس فنهبوها أيضاً) [١٥]
رسالة الإسلام ١٢٤ (عدد ٧ ـ ٨).. أقول: ظاهر كلامه (عليه السّلام):
(ولَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ) أنّ السائل من بني أسد، وكانت مصاهرة منه
(عليه السّلام) معهم. فما أنكره المعتزلي ـ ردّاً على
القطب الراوندي ـ في غير محلّه، فراجع[١٦]شرح النهج ٩: ٢٤٢.. يريد (عليه السّلام) من التمثل
بالبيت المذكور: أنّ نهب هؤلاء القوم لحقوقنا الثابتة كنهب الآبال مع أنّ الناهب
راكب على رواحل منهوبة، وحال القوم كذلك !! قد غصبوا حقّ الخلافة وبعدها يعاملون
معه (عليه السّلام) من لا حقّ له مذكور في الدهور. ولا غرو في ذلك فإنّ شأن
الدّهر ذلك. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو
مَعَ القاف
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٥٩
ـ وَقَدْ يَستَفيدُ الظِنَّةَ المتَنَصِّحُ[١٧]النهج ١٥: ١٨٣، ٢٨/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمثّل به (عليه السّلام) في أثناء
جوابه لكتاب معاوية: (ومَا كُنْتُ لِأَعْتَذِرَ مِنْ
أَنِّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أَحْدَاثاً. فَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ إِلَيْهِ
إِرْشَادِي وهِدَايَتِي لَهُ، فَرُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ.
وهذه الفقرة ذكرناها عند المثل:
(رُبَّ مَلُومٍ لا ذَنْبَ لَهُ) والإعادة لأجل ربط المثل الجاري، وهو من
(الطويل). قال بعض: صدره: (وكم سقتُ في آثاركم
من نصيحةٍ). والظّنة: التهمة. والمتنصّح: المبالغ في النصح لمن لا ينتصَّح.
وربما كان مأخوذاً من قولهم: (سقطتَ من النصيحةِ على الظَّنَّةَ)[١٨] المستقصي ٣: ١١٩.ومعناها: أنّ المتنصّح قد تأتيه التهمة بسبب إخلاصه النصيحة إلى
من لا ينتصح بها[١٩]رسالة الإسلام ١٢٥ (عدد ٧ ـ ٨).. أقول: لقد قضى الناصح ما عليه من أداء
رسالته، ويكون السامع مخاطباً بقوله تعالى: (وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ
تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ)[٢٠]
سورة الأعراف الآية ٧٩.. وقد جاء في "الأمثال
النبويّة": (إنّ الدّين النصيحة) بتمام معنى الكلمة. من نصح قوليّ وعمليّ
للخالق (عزّ وجلّ) والخَلق وأمير المؤمنين (عليه السّلام) نصح الخلائق، سواء
كانوا في زمانه أو الأزمنة المتأخّرة إلى يوم القيامة، ببلوغ كتابه الذي بعد
كلام الخالق تعالى وفوق كلام المخلوق. وليس هو إلاّ شرحاً وتفسيراً له. ثم التعبير باستفادة الظّنة، وهي
التهمة، لأجل حصولها في سبيل الله تعالى. فكلّ ما أتى المؤمن في طريق أداء
الرسالة عدّ من الفوائد وإن كان بظاهره من نوع الأذى والأمر المكروه، ويتحقّق
فيه قوله تعالى: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)[٢١]
سورة البقرة الآية ٢١٦.. وعليه، فلا وجه لحمله على المجاز أو التهكّم.. وقد شرحنا باقي
الفقرة فيما تقدّم فراجع[٢٢]تحت رقم: المثل ١١، ص ٤٥.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الواو مَعَ الياء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٦٠
ـ وَيْلَ أُمِّهِ[٢٣]النهج ٦: ١٢٧، ٧٠/ك.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
هذه الكلمة استعملها الإمام (عليه
السّلام) في كلام له (عليه السّلام) في ذمّ أهل العراق، أوّله: (أَمَّا بَعْدُ، يَا أَهْلَ
الْعِرَاقِ... ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ !
قَاتَلَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى !! فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَعَلَى اللَّهِ ؟!
فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ. أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ ؟! فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ
صَدَّقَهُ. كَلا واللَّهِ، لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا ولَمْ
تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا. "وَيْلُ أُمِّهِ" كَيْلاً بِغَيْرِ ثَمَنٍ
لَو كَانَ لَهُ وِعَاءٌ.. ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ). إنّما أثبتنا أكثر كلامه (عليه
السّلام) لربط الكلمة به. قال المعتزلي في شرحها:
(وَيْلُُمِّه: الضمير راجع إلى ما دلّ عليه معنى الكلام من العلم؛ لأنّه لمّا
ذكر اللهجة وشهوده إيّاها وغيبوبتهم عنها دلّ ذلك على علم له خصّه به الرسول
(عليه السّلام)، فقال: (ويلمّه)، وهذه الكلمة تقال للتعجّب والاستعظام، يقال:
(ويلمّه فارساً)، وتكتب موصولة كما هي بهذه الصورة، وأصله (وَيْلُ أُمِّهِ)
مرادهم التعظيم والمدح وإن كان اللفظ موضوعاً لضدّ ذلك كقوله (عليه الصلاة
والسلام): (فاظْفَرْ بذاتِ الدِّين ترُبَتْ يدُاك)[٢٤]
أثبتناه في حرف التاء من الأمثال النبويّة.، وكقولهم لرجل يصفونه ويفرّطونه: (لا أباً له)[٢٥]
شرح النهج ٦: ١٣٣.. جاءت كلمة (ويل أمّه) في قصّة جذيمة
مع الزباء ومولاه قصير، أشرنا[٢٦] راجع: ص ١٢٠.إلى إجمالها عند المثل (لو كان يطاع لقصير أمر)، وفيها أنْ نَصَحَ
قصير جذيمة فلقيته الخيول والكتائب فحالت بينه وبين العصا (والعصا فرس جذيمة)
فركبها قصير ونظر إليه جذيمة على متن العصا مولِّياً. قال: (ويل أمّه حزماً على متن العصا)
فذهبت مثلاً... [٢٧ ]
مجمع الأمثال ١: ٢٣٤ حرف الخاء.والقصّة طويلة اختصرناها لموضع المثل. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
باب الياء
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الياء مَعَ الدّال
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
٦١
ـ يَدُ اللهِ عَلى الجَماعَةِ[٢٨]النهج ٨: ١١٢، ١٢٧/كلام.. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
من كلام له (عليه السّلام) قاله
للخوارج، ومنه قوله (روحي فداه): (والْزَمُوا السَّوَادَ الأعْظَمَ فَإِنَّ يَدَ
اللَّهِ على الْجَمَاعَةِ،وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّاذَّ مِنَ
النَّاسِ لِلشَّيْطَانِ كَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ ).. أقول: قد صحّ هذا المثل عن النّبي (صلّى
الله عليه وآله) أيضاً بلفظ: (يد الله مع الجماعة) رواه جمع من المحدثين
والأدباء من الشيعة والسنة[٢٩]جامع الأصول ٦: ٥٦٤ المحاضرة والتمثيل ٢٧.، أي أنّ الجماعة المتّفقة من أهل
الإسلام في كنف الله ووقايته فوقهم، وهم بعيدون من الأذى والخوف، فأقيموا بين
ظهرانيهم. وفي حديث: (عليكم بالجماعة فإنّ يد
الله على الفسطاط) (الفسطاط: المصر الجامع، ويد الله كناية عن الحفظ والدفاع عن
أهل المصر، كأنّهم خصوا بوقاية الله تعالى وحسن دفاعه[٣٠]النهاية في (يد).. والإمام (عليه السّلام) حذّر القوم
من الفرقة ومثّل لهم مغّبتها بالغنم المتخلّف من الأغنام التي هي تحت رعاية
الراعي، فكما هو للذئب لا محالة كذلك المتخلّف عن الجماعة للذئاب الإنسيّة
والجنيّة من الشياطين. وفي حديث الإمام الرضا (عليه
السّلام) قال: (إنّما جعلت الجماعة لئّلا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام
والعبادة لله إلاّ طاهراً مكشوفاً مشهوراً؛ لأنّ في إظهاره حجّة على أهل الشرق
والغرب لله وحده، وليكون المنافق والمستخّف مؤدّياً لما أقرّ به يظهر الإسلام
والمراقبة، وليكون شهادات الناس بالإسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة، مع ما فيه من
المساعدة على البّر والتقوى، والزجر عن كثير من معاصي الله )عزّ وجلّ[٣١]الوسائل ٥: ٣٧٥.. ومن أمر الله تعالى بالاعتصام بحبله
والنهي عن التفرقة يعرف الاهتمام البالغ بهذا الصدد، كما يعلم ذلك من رواية
الإحراق بالنار لدار من لم يحضر جماعة المسلمين[٣٢]الوسائل ١٨: ٢٨٩ ـ ٢٩٠.. ولا ينافي لزوم الجماعة ما جاء من
النهي في أحاديث أهل البيت (عليهم السّلام) عن أن يقول الرجل: أنا أحد من الناس،
وأنا مع الناس، فقد روى الصدوق عن الصادق (عليه السّلام) قوله: ( ولا تكن
إمَّعة)[٣٣]
معاني الأخبار ٢٦٦.. وذلك يراد به في الأمر المحرّم شرعاً
وعقلاً، وهم الهمج من الناس يميلون مع كلّ ريح. هذا آخر ما أردناه هنا. والحمد لله تعالى أوّلاً وآخراً،
وصلّى الله على محمّد وآله، لا سيَّما الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه
الشريف). |
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
في الختام
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
|
يعجبني ذكر خمسة أبيات وجدتها على
هامش بعض نسخ النهج المطبوعة، وهي:
والله (عزّ وجلّ) نسأل أن يسلك بنا
منهج مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولاده الأحد عشر المعصومين. انتهى منقول بتصرف من شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث
والفكر الإسلامي |